الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 13 مارس 2023

الطعن 502 لسنة 35 ق جلسة 13 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 13 ص 70

جلسة 13 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وعباس حلمي عبد الجواد، وحسين زاكي، ومحمد أسعد محمود.

----------------

(13)
الطعن رقم 502 لسنة 35 القضائية

( أ ) دعوى. "انقطاع سير الخصومة". استئناف. "الخصوم في الاستئناف". نيابة. "نيابة اتفاقية". وكالة.
بلوغ القصر سن الرشد أثناء سير الدعوى. استمرار والدهم في تمثيلهم دون تنبيه المحكمة. قيام صفته في تمثيلهم بعد البلوغ باعتبار أن نيابته عنهم أصبحت اتفاقية بعد أن كانت قانونية. صحة اختصامه كممثل لهم في الاستئناف.
(ب) دعوى. "الخصوم في الدعوى". حكم. "بيانات الحكم". بطلان. "بطلان الأحكام".
خطأ الحكم في ذكر اسم من توفى من الخصوم قبل صدور الحكم. ليس من شأنه التشكيك في حقيقة الخصوم واتصالهم بالخصومة. لا بطلان.
(ج، د) محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير الدليل. إثبات. "البينة". "القرائن". حكم.
(ج) تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها هو مما يستقل به قاضي الموضوع.
(د) قيام الحكم على جملة قرائن متساندة. عدم جواز مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها.
(هـ) عقد. "إبطال العقد". أهلية. "تصرف المعتوه". بطلان. "بطلان التصرفات".
إبطال تصرف المعتوه قبل تسجيل قرار الحجر. شرطه. شيوع حالة العته وقت التعاقد أو علم المتصرف إليه بها. عدم اشتراط أن يكون التصرف نتيجة استغلال أو تواطؤ.

----------------
1 - مؤدى نص المادة 294 من قانون المرافعات السابق - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن مجرد وفاة الخصم أو فقده أهلية الخصومة يترتب عليه لذاته انقطاع سير الخصومة، أما بلوغ الخصم سن الرشد فإنه لا يؤدي بذاته إلى انقطاع سير الخصومة، وإنما يحصل هذا الانقطاع بسبب ما يترتب على هذا البلوغ من زوال صفة من كان يباشر الخصومة عن القاصر. ولما كان الثابت أن الدعوى رفعت ابتداء من الطاعن الأول بصفته ولياً طبيعياً على أولاده جميعاً باعتبار أنهم قصر، وصدر الحكم الابتدائي لصالحه بهذه الصفة، وكانت المطعون ضدها قد اختصمتهم في الاستئناف ممثلين في والدهم (الطاعن الأول) باعتباره ولياً طبيعياً عليهم، وهي ذات الصفة التي أقيمت الدعوى الابتدائية بها، فإن الاستئناف يكون قد رفع صحيحاً، ويعتبر هؤلاء الطاعنون عالمين به. وإذ لم ينبهوا هم أو والدهم - الذي كان ولياً عليهم - المحكمة إلى التغيير الذي طرأ على حالتهم وتركوا والدهم يحضر عنهم بعد البلوغ إلى أن صدر الحكم في الاستئناف فإن حضور الوالد يكون في هذه الحالة بقبولهم ورضائهم فتظل صفته قائمة في تمثيلهم في الخصومة بعد بلوغهم سن الرشد على اعتبار أن نيابته عنهم أصبحت اتفاقية بعد أن كانت قانونية، وبالتالي ينتج هذا التمثيل كل آثاره القانونية (1).
2 - إنه وإن أخطأ الحكم في ذكر اسم من توفى من الخصوم - قبل صدور الحكم - إلا أن هذا الخطأ لا يختفي به وجه الحق في التعريف بأشخاص الخصوم وليس من شأنه التشكك في حقيقتهم من حيث اتصالهم بالخصومة المرددة في الدعوى، فإنه لا يعتبر خطأ جسيماً مما قصدت المادة 349 من قانون المرافعات السابق أن ترتب عليه البطلان (2).
3 - تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها، مما يستقل به قاضي الموضوع، ولا معقب عليه في تكوين عقيدته مما يدلي به شهود أحد الطرفين ما دام لا يخرج في ذلك عما تحتمله أقوالهم.
4 - إذا كانت القرائن التي استند إليها الحكم من شأنها أن تؤدي متساندة فيما بينها إلى النتيجة التي انتهى إليها، فلا يجوز معه للطاعنين أن يناقشوا كل قرينة على حدة للتدليل على عدم كفايتها في ذاتها.
5 - لم يستلزم المشرع لإبطال تصرف المعتوه الصادر قبل تسجيل قرار الحجر ما استلزمه في إبطال تصرف السفيه وذي الغفلة من أن يكون التصرف نتيجة استغلال أو تواطؤ، بل اكتفى باشتراط شيوع حالة العته وقت التعاقد أو علم المتصرف إليه بها، فثبوت أحد هذين الأمرين يكفي لإبطال التصرف (3).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن الأول بصفته ولياً طبيعياً على أولاده القصر أحمد وأمين وعبد الفتاح ومحمد ماجد ومحمد وأبو سريع ومصطفى وبهية وبركة أقام على المطعون ضدها وأخرى الدعوى رقم 382 سنة 1960 مدني كلي الجيزة وطلب فيها الحكم بتثبيت ملكيته إلى العقارات المبينة بصحيفة تلك الدعوى، وقال بياناً لها إن المرحومة فاطمة حسن زلابية "مورثة المطعون ضدها" باعت له العقارات المذكورة بعقدي بيع سجل أولهما في 7/ 11/ 1954 وثانيهما في 5/ 2/ 1956. وإذ نازعته المطعون ضدها والمدعى عليها الأخرى في ملكية هذه العقارات فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان. دفعت المطعون ضدها ببطلان التصرفين الصادرين من مورثتها بالعقدين المشار إليهما لصدورهما وهي في حالة عته وأن المتصرف إليه "الطاعن بصفته" كان على علم بهذه الحالة. ومحكمة أول درجة قضت في 9/ 5/ 1962 بثبوت ملكية الطاعن بصفته إلى العقارات المبينة بصحيفة الدعوى. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1739 سنة 79 ق. واختصمت فيه الطاعن بصفته. وأثناء نظر الاستئناف توفى أحمد ومصطفى ولدا الطاعن فقضت المحكمة بتاريخ 30/ 11/ 1963 بانقطاع سير الخصومة بوفاتهما، ثم استأنفت الخصومة سيرها بعد ذلك في مواجهة الطاعن باعتباره الوارث الوحيد لولديه المذكورين وبصفته ولياً طبيعياً على الباقين من أولاده، وفي 31/ 10/ 1964 حكمت المحكمة بندب الطبيب الشرعي لتحديد بدء قيام حالة العته بالبائعة، وبعد أن قدم الطبيب تقريره عادت المحكمة وقضت في 21 فبراير سنة 1965 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها أن حالة العته بالبائعة قد بدأ ظهورها عليها قبل يوليه سنة 1954 وقد سمعت محكمة الاستئناف شهود الطرفين ثم حكمت في 22/ 5/ 1965 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه البطلان من ثلاثة أوجه - يتحصل الأول منها في أن المطعون ضدها وجهت الاستئناف إلى الطاعنين من الثاني إلى السابع باعتبارهم قصراً مشمولين بولاية والدهم الطاعن الأول وصدر الحكم ضدهم على هذا الأساس، في حين أنهم كانوا قد بلغوا جميعاً سن الرشد قبل رفع الاستئناف - كما هو ثابت من المستندات المقدمة منهم أمام هذه المحكمة، مما يترتب عليه بطلان الحكم بالنسبة لهم لعدم تمثيلهم تمثيلاً صحيحاً.
وحيث إن المادة 294 من قانون المرافعات السابق التي تنطبق على واقعة الدعوى، تنص على أن ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم أو بفقده أهلية الخصومة أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من النائبين، ومفاد ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مجرد وفاة الخصم أو فقده أهلية الخصومة يترتب عليه لذاته انقطاع سير الخصومة، أما بلوغ الخصم سن الرشد فإنه لا يؤدي بذاته إلى انقطاع سير الخصومة وإنما يحصل هذا الانقطاع بسبب ما يترتب على البلوغ من زوال صفة من كان يباشر الخصومة عن القاصر. ولما كان الثابت أن الدعوى رفعت ابتداء من الطاعن الأول بصفته ولياً طبيعياً على أولاده جميعاً باعتبار أنهم قصر، وصدر الحكم الابتدائي لصالحه بهذه الصفة، وكانت المطعون ضدها قد اختصمتهم في الاستئناف ممثلين في والدهم الطاعن الأول باعتباره ولياً طبيعياً عليهم وهي ذات الصفة التي أقيمت الدعوى الابتدائية بها، فإن الاستئناف يكون قد رفع صحيحاً ويعتبر هؤلاء الطاعنون عالمين به. وإذ لم ينبهوا هم أو والدهم الذي كان ولياً عليهم المحكمة إلى التغيير الذي طرأ على حالتهم وتركوا والدهم يحضر عنهم بعد البلوغ إلى أن صدر الحكم في الاستئناف، فإن حضور الوالد يكون في هذه الحالة بقبولهم ورضائهم فتظل صفته قائمة في تمثيلهم في الخصومة بعد بلوغهم سن الرشد على اعتبار أن نيابته عنهم أصبحت اتفاقية بعد أن كانت قانونية، وبالتالي ينتج هذا التمثيل كل آثاره القانونية ويكون الحكم الصادر في الدعوى كما لو كان القصر قد حضروا بأنفسهم في الخصومة بعد بلوغهم. لما كان ذلك وكان الطاعنون لم يتمسكوا أمام محكمة الاستئناف - وعلى ما سلف البيان - بعدم صحة تمثيل والدهم لهم بعد بلوغهم سن الرشد، وكان الأصل أن ليس للخصم أن يفيد من خطئه ولا أن ينقض ما تم على يديه، فإن الحكم يكون قد صدر ضدهم في الاستئناف كما لو كانوا قد حضروا بأنفسهم الخصومة فيه، ويكون بذلك النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني من السبب الأول، أن الحكم المطعون فيه أغفل اسم الطاعن السابع "محمد محمد حسن الجاولي" الذي اختصم في الدعوى ممثلاً في شخص والده باعتباره قاصراً مما يترتب عليه بطلان الحكم.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه يبين من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه أنه ورد في ديباجته اسم الطاعن السابع ضمن أسماء الخصوم المحكوم عليهم، ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الوجه الثالث من السبب الأول، يتحصل في أن الحكم المطعون فيه ذكر اسم مصطفى محمد محمد الجاولي بين أسماء الخصوم المحكوم عليهم في حين أنه قد توفى قبل صدور الحكم وقضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة بوفاته.
وحيث إن النعي بهذا الوجه مردود بأنه لما كان الثابت من تدوينات الحكم المطعون فيه، أن مصطفى محمد محمد الجاولي اختصم في الاستئناف في شخص والده وقد قضى بتاريخ 30/ 11/ 1965 بانقطاع سير الخصومة بوفاته ثم استأنفت الخصومة سيرها بعد ذلك في مواجهة الطاعن الأول بصفته وباعتباره وارثاً لابنه المذكور فإنه وإن أخطأ الحكم في ذكر اسمه، إلا أن هذا الخطأ لا يختفي به وجه الحق في التعريف بأشخاص الخصوم، وليس من شأنه التشكك في حقيقتهم من حيث اتصالهم بالخصومة المرددة في الدعوى، ومن ثم فإنه لا يعتبر خطأ جسيماً مما قصدت المادة 349 من قانون المرافعات السابق أن ترتب عليه البطلان، ويكون بذلك النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم استند في إثبات علم المتصرف إليه بقيام حالة العته بالبائعة إلى أقوال شاهدي المطعون ضدها وأطرح أقوال شهود الطاعنين، في حين أن شاهدي المطعون ضدها تربطهما بها صلة القربى الوثيقة وأن ما اعتمد عليه الحكم من أن البائعة كانت تقيم مع الطاعن الأول لم يثبت على وجه اليقين، والحقيقة أنها كانت تقيم بمنزلها وقت التعاقد وبعده كما هو ثابت من جواز سفرها إلى الأقطار الحجازية، ومن شهادة شهود الطاعن الطاعنين وأن ما قاله الحكم من أن شاهدي المطعون ضدها قد أيدا في شهادتهما ما قرره الطبيب الشرعي من أن قيام حالة العته بالبائعة يرجع إلى ما قبل التعاقد الأول في يونيه سنة 1954 يخالف الواقع، إذ أن هذين الشاهدين لم يذكرا على وجه التحديد تاريخاً لبدء ظهور حالة العته وإنما جاءت أقوالهما على سبيل الظن، كما أن الطبيب انتهى في تقريره إلى أنه يتعذر فنياً تحديد بدء ظهور حالة العته بالبائعة. هذا إلى أن الحكم قد أهدر الشهادة الطبية الصادرة من مفتش الصحة الذي أوقع الكشف الطبي على البائعة، بحجة أنه غير مختص ومع ذلك فإنه افترض علم الطاعن بقيام حالة العته بالبائعة مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال فوق ما يشوبه من قصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه أورد في خصوص ما يثيره الطاعن بسبب النعي قوله "إن المحكمة تطمئن إلى ما شهد به شاهدا الإثبات وترجح أقوالهما على أقوال شهود النفي فهما فضلاً عما يربطهما بالبائعة المتوفاة من وشائج القربى الوثيقة إذ أحدهما شقيقها والآخر ابن شقيقها وهما بحكم هذه الصلة أقدر على العلم بحقيقة حالتها العقلية وأصدق من الغير في الحكم على مدى سلامتها، فإن في ظروف الدعوى وما قدم فيها من مستندات ما يظاهر أقوالهما بعكس الحال بالنسبة لشهود النفي فهم لا يعدون أن يكونوا جيراناً لا يمكن الاطمئنان إلى أقوالهم في هذا الصدد، وترجيحه على قول أقرب الناس إليها فالثابت ابتداء أن البائعة عند التصرف كانت سيدة طاعنة في السن منيت بفقد ولديها قبل التصرفين المطعون عليهما، فلا عجب والحالة هذه من أن أثر المصاب تساعده عوامل السن على إخلال قواها العقلية الأمر الذي يؤيد أقوال شاهدي الإثبات التي جاءت بدورها مؤيدة الدليل الفني المستمد من تقرير الطبيب الشرعي نتيجة اطلاعه على أوراق القضية وتقريره السابق. ومما يزيد المحكمة اطمئناناً إلى ما ثبت من أقوال شهود الإثبات المؤيدة بتقرير الطبيب الشرعي ما استبان من الاطلاع على قضية الأحوال الشخصية رقم 2 لسنة 1956 كلي الجيزة، فالثابت من هذه القضية أن المستأنفة "المطعون ضدها" إذ نما إلى علمها أمر العقد الأول المؤرخ 2/ 9/ 1954 بادرت بتقديم طلب إلى لجنة المساعدة القضائية لإعفائها من رسوم دعوى الحجر وإذ أقيمت هذه الدعوى أحيلت البائعة إلى الطبيب الشرعي الذي أثبت إصابتها بالمرض العقلي بعد توقيعه الكشف عليها في 15/ 11/ 1954 وانتهى الأمر بتوقيع الحجر عليها في 14/ 2/ 1956. وأنه وقد اطمأنت المحكمة إلى أقوال شاهدي الإثبات من ثبوت إصابة البائعة بالمرض العقلي في تاريخ سابق على تاريخ العقدين المطعون عليهما وثبوت إقامتها لدى المستأنف ضده "الطاعن الأول" وهو الأمر الذي لم يجحده، فليس له أن يتعلل بأنه كان يجهل حالة البائعة الفعلية عند صدور التصرف إليه فضلاً عن أن العقد الثاني قد صدر في 26/ 1/ 1956 أي بعد رفع دعوى الحجر على البائعة المذكورة وما اتخذ فيها من إجراءات تحقيق وكشف طبي، الأمر الذي يدحض ما يدعيه من جهل لهذه الحالة.... إلخ وبالتالي فإن التصرف الذي صدر من هذه البائعة إلى المستأنف ضده قد وقع باطلاً لصدوره من بائعة يعتور إرادتها عيب الأهلية ثبت علم المتصرف إليه بقيامه" ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه اعتمد في قضائه، على ما قرره شاهدا المطعون ضدها من أن حالة العته كانت تقوم بالبائعة منذ زمن سابق على حصول التعاقد الذي تم في يوليه سنة 1954، وساق المبررات التي تؤدي إلى ترجيح أقوال هذين الشاهدين كما اعتمد على ما أورده من قرائن واستخلص الحكم من ذلك كله علم المتصرف إليه بقيام حالة العته بالبائعة وقت حصول التعاقد. ولما كان تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها مما يستقل به قاضي الموضوع ولا معقب عليه في تكوين عقيدته مما يدلي به شهود أحد الطرفين ما دام لا يخرج في ذلك عما تحتمله أقوالهم، وكان ما استخلصه الحكم من أقوال شاهدي المطعون ضدها من شأنه - وعلى ما سلف البيان - أن يؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم من قيام حالة العته بالبائعة وعلم المتصرف إليه بهذه الحالة وقت تصرفها إليه، وكانت القرائن التي استند إليها الحكم من شأنها أن تؤدي متساندة فيما بينها إلى النتيجة التي انتهى إليها، مما لا يجوز معه للطاعنين أن يناقشوا كل قرينة على حدة للتدليل على عدم كفايتها في ذاتها. لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعنون بسبب النعي لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير المحكمة للأدلة وترجيح بينة على أخرى، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إنه يشترط لإبطال التصرف الصادر من معتوه قبل تسجيل قرار الحجر أن تكون حالة العته شائعة أو أن يكون المتصرف إليه على علم بقيام حالة العته وقت التعاقد واستغلاله إياها، أو أن التصرف كان نتيجة تواطؤ دون ما تأثير لاستظهار تاريخ بدء حالة العته. وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه ببطلان التصرف على أن قيام حالة العته بالبائعة بدأ ظهورها قبل حصول التعاقد، دون أن يثبت أن هذه الحالة كانت شائعة وأن المتصرف إليه كان على علم بها وأن التصرف كان نتيجة تواطؤ فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المشرع لم يستلزم لإبطال تصرف المعتوه الصادر قبل تسجيل قرار الحجر ما استلزمه من إبطال تصرف السفيه وذي الغفلة من أن يكون التصرف نتيجة استغلال أو تواطؤ، بل اكتفى باشتراط شيوع حالة العته وقت التعاقد أو علم المتصرف إليه بها، فثبوت أحد هذين الأمرين يكفي لإبطال التصرف. ولما كان الحكم المطعون فيه انتهى بأسباب سائغة - وعلى ما سلف بيانه في الرد به على السبب الثاني - إلى علم الطاعن بحالة العته، فقد كان هذا حسبه لإبطال التصرف طبقاً للفقرة الثانية من المادة 114 من القانون المدني، ولم يكن على الحكم بعد ذلك أن يثبت أن حالة عته المتصرفة كانت شائعة وقت تصرفها إلى الطاعن، أو أن هذا التصرف كان نتيجة استغلال أو تواطؤ، لأن ثبوت علم المتصرف إليه بحالة العته يغني عن إثبات شيوع هذه الحالة كما أن الاستغلال غير لازم قانوناً في مقام إبطال تصرف المعتوه. لما كان ذلك فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.


(1) نقض 6 يونيه 1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 1125.
نقض 23 فبراير 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 485.
نقض 15 نوفمبر 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 1680.
(2) نقض 4 ديسمبر 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 1258.
(3) نقض 15 يونيه 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 1298.
نقض 11 نوفمبر 1965 مجموعة المكتب الفني السنة 16 ص 1031.

الطعن 447 لسنة 35 ق جلسة 13 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 12 ص 65

جلسة 13 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد نور الدين عويس، وأحمد حسن هيكل، ومحمد أسعد محمود.

---------------

(12)
الطعن رقم 447 لسنة 35 القضائية

نزع الملكية للمنفعة العامة. "تقدير التعويض". تعويض.
نزع ملكية جزء من العقار. وجوب مراعاة ما طرأ على قيمة الجزء الباقي من نقص أو زيادة بسبب أعمال المنفعة العامة. المبلغ الواجب خصمه أو إضافته إلى قيمة التعويض لا يزيد عن نصف القيمة المستحقة للمالك.

-------------
مؤدى نص المادتين 13 و14 من قانون نزع الملكية رقم 5 لسنة 1907 المعدل بالمرسوم بقانون رقم 14 لسنة 1931، أنه يجب مراعاة ما يكون قد طرأ على قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته بسبب أعمال المنفعة العامة من نقص أو زيادة، بخصمه أو إضافته إلى ثمن الجزء المستولى عليه بحيث لا يزيد المبلغ الواجب خصمه أو إضافته عن نصف القيمة التي يستحقها المالك، فإذا تبين أن تقدير ثمن الجزء المستولى عليه لم يراع فيه ما طرأ من نقص أو زيادة على قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته إعمالاً لحكم المادة 14 المشار إليها، فإنه يتعين على المحكمة أن تستكمل تحقيق هذا العنصر بالطريق الذي رسمه القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 18/ 5/ 1950 صدر مرسوم لصالح مصلحة السكة الحديد - المطعون عليها - بنزع ملكية 6 ف و9 ط و1/ 2 س مملوكة للطاعنة وكائنة بمنية السيرج وعرضت المصلحة على الطاعنة مبلغ 900 ج ثمناً للفدان. ولما لم تقبله عرض الأمر على رئيس محكمة بنها الابتدائية فأصدر قراراً بندب مكتب الخبراء بوزارة العدل لتقدير ثمن الأرض المستولى عليها وقدم الخبير المنتدب وهو المهندس محمد كمال حسين تقريراً انتهى فيه إلى أن هذه الأرض تقع في قطعتين وقدر ثمن المتر في القطعة الأولى بمبلغ 75 قرشاً وفي القطعة الثانية بمبلغ 150 قرشاً فيكون الثمن جميعه على هذا الأساس مبلغ 38827 ج و555 م، وفي 10/ 2/ 1952 دفعت المطعون عليها إلى الطاعنة مبلغ 5732 ج و812 م على أساس الثمن الذي عرضته وهو 900 ج للفدان. عارض الطرفان في تقرير الخبير وقيدت معارضة الطاعن برقم 63 سنة 1952 بنها الابتدائية ومعارضة المطعون عليها برقم 136 سنة 1952 بنها الابتدائية، واستندت الطاعنة في معارضتها إلى أن تقدير الخبير لا يتناسب مع القيمة الحقيقية للأرض المستولى عليها وهي لا تقل عن أربعة جنيهات للمتر، وإلى أن الخبير أغفل تقدير قيمة الضرر الذي أصاب الجزء الباقي من ملكها بعد نزع الملكية وتقدره بمبلغ جنيهين للمتر، وطلبت مبلغ 114861 ج و360 م تعويضاً لها عن هذين الأمرين، وبتاريخ 31/ 12/ 1952 حكمت المحكمة بعدم قبول معارضة المصلحة المطعون عليها شكلاً وبإلزامها بأن تودع خزانة المحكمة لحساب الطاعنة 33094 ج و743 م مع فوائده ويمثل قيمة الفرق بين ما دفعته المطعون عليها وبين مجموع الثمن الذي قدره الخبير وبإلزامها بأن تدفع هذا الفرق للطاعنة في حالة عدم الإيداع، وبندب ثلاثة خبراء من مكتب خبراء وزارة العدل لتقدير ثمن الأرض المنزوعة ملكيتها. وبعد أن قدم الخبراء تقريرهم حكمت المحكمة بتاريخ 3/ 4/ 1956 بندب الخبير المهندس محمد كمال حسين لبيان المساحة الباقية من أرض الطاعنة بعد تنفيذ مرسوم نزع الملكية الصادر في 18/ 5/ 1950 وما إذا كان قد ترتب على نزع الملكية نقص في قيمة هذه المساحة ومقداره في المتر الواحد، وبرفض معارضة الطاعنة موضوعاً بالنسبة لمنازعتها في قيمة الجزء المستولى عليه. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 854 سنة 75 ق القاهرة واستأنفته المطعون عليها بالاستئنافات رقم 226 سنة 70 ق و1160 سنة 75 ق و1178 سنة 75 ق القاهرة، وبتاريخ 26/ 5/ 1959 حكمت محكمة الاستئناف بإلزام المطعون عليها بأن تدفع للطاعنة مبلغ 33094 ج و743 م وهو المودع على ذمتها بخزانة محكمة بنها الابتدائية ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. وبعد أن قدم الخبير المهندس محمد كمال حسين تقريره بشأن تحقيق الضرر الذي لحق المساحة الباقية من أرض الطاعنة بعد نزع الملكية حكمت محكمة أول درجة بتاريخ 30/ 5/ 1962 بإلزام المطعون عليها بأن تدفع للطاعنة مبلغ 2937 ج تعويضاً لها عن هذا الضرر. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 109 سنة 14 ق طنطا. وبتاريخ 19/ 5/ 1965 حكما محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنة. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه برفض دعواها بشأن تعويض الضرر الذي لحق الجزء الذي لم تنزع ملكيته من أرضها تأسيساً على أن مفاد نص المادتين 13 و14 من القانون رقم 5 لسنة 1907 المعدل بالمرسوم بقانون 94 لسنة 1931 هو أن نزع الملكية بسبب أعمال المنفعة العامة إذا كان قاصراً على جزء من العقار فإنه يتعين عند تقدير ثمنه مراعاة ما يكون قد طرأ من زيادة أو نقص على قيمة الجزء الباقي الذي لم تنزع ملكيته بحيث يكون التقدير شاملاً العنصرين معاً، وأن تقدير ثمن الأرض المنزوعة ملكيتها قد أصبح نهائياً بالحكم الصادر بتاريخ 26/ 5/ 1959 في الاستئنافات رقم 226 سنة 70 ق و1160 سنة 75 ق و1178 سنة 75 ق و854 سنة 75 ق القاهرة سواء أدخل أو لم يدخل في التقدير ما أصاب باقي الملك من ضرر. وهذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون لأن قانون نزع الملكية للمنفعة العامة إذ يمنح المالك حقاً يتمثل في قيمة العين المنزوعة ملكيتها وما أصاب باقي الملك من ضرر لم يحتم أن يكون الحكم بتقدير التعويض شاملاً الأمرين معاً، ذلك أن عناصر أحد الأمرين قد تستلزم تحقيقاً يطول مداه كما هو الحال في الدعوى الحالية إذ قضت المحكمة بثمن العين المنزوعة ملكيتها ثم ندبت خبيراً لتحقيق الضرر الذي لحق باقي الملك، هذا إلى أن الحكم الصادر في 26/ 5/ 1959 لم يحز قوة الأمر المقضي في الدعوى الحالية لعدم توافر وحدة الموضوع والسبب بين الدعويين، فضلاً عن أن ما قرره الحكم على النحو سالف البيان يخالف الثابت بالأوراق ذلك أن الخبير الذي قدر التعويض قرر عند مناقشته أمام محكمة أول درجة بجلسة 17/ 9/ 1952 أنه لم يدخل في تقديره قيمة الضرر الذي لحق باقي المساحة المتخلفة بعد نزع الملكية. كما أن محكمة الاستئناف لم تفصل في حكمها الصادر بتاريخ 26/ 5/ 1959 في تعويض هذا الضرر.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كانت المادة 13 من قانون نزع الملكية رقم 5 لسنة 1907 المعدل بالمرسوم بقانون رقم 94 لسنة 1931 المنطبق على الواقعة قد نصت على أنه "يقدر ثمن العقار في حالة نزع ملكيته بدون مراعاة زيادة القيمة الناشئة أو التي يمكن أن تنشأ من نزع الملكية, أما إذا كان نزع الملكية قاصراً على جزء منه فيكون تقدير ثمن هذا الجزء باعتبار الفرق بين قيمة العقار جميعه وبين قيمة الجزء الباقي منه للمالك" ونصت المادة 14 من هذا القانون على أنه "إذا زادت أو نقصت قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته بسبب أعمال المنفعة العمومية فيجب مراعاة هذه الزيادة أو هذا النقصان. ولكن المبلغ الواجب إسقاطه أو إضافته لا يجوز أن يزيد في أي حال عن نصف القيمة التي يستحقها المالك بحسب أحكام المادة السابقة"، فإن مؤدى ذلك أنه يجب مراعاة ما يكون قد طرأ على قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته بسبب أعمال المنفعة العامة من نقص أو زيادة بخصمه أو إضافته إلى ثمن الجزء المستولى عليه بحيث لا يزيد المبلغ الواجب خصمه أو إضافته عن نصف القيمة التي يستحقها المالك، فإذا تبين أن تقدير ثمن الجزء المستولى عليه لم يراع فيه ما طرأ من نقص أو زيادة على قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته إعمالاً لحكم المادة 14 المشار إليها، فإنه يتعين على المحكمة أن تستكمل تحقيق هذا العنصر بالطريق الذي رسمه القانون. لما كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أن الطاعنة عارضت في تقرير الخبير الذي ندبه رئيس محكمة بنها الابتدائية تأسيساً على أن هذا التقدير ليس متناسباً مع القيمة الحقيقية للأرض المستولى عليها، فحسب بل وعلى أن الخبير أغفل تقدير قيمة الضرر الذي أصاب باقي ملكها بسبب نزع الملكية وطالبت بمبلغ 114861 ج و360 م تعويضاً لها عن هذين الأمرين، وكانت المحكمة التي طرحت عليها المعارضة - بعد أن حكمت بتاريخ 31/ 12/ 1952 بندب مكتب الخبراء لتقدير ثمن الأرض المنزوعة ملكيتها وأودع المكتب تقريره - حكمت بتاريخ 3/ 4/ 1956 برفض معارضة الطاعنة بالنسبة لتقدير ثمن الجزء المستولى عليه استناداً إلى أنها تعتمد تقرير الخبير محمد كمال حسين الذي ندبه رئيس المحكمة دون تقرير مكتب الخبراء كما حكمت بندب هذا الخبير لتحقيق ما لحق الجزء المتخلف من ضرر لأنه كما تبين من مناقشته بجلسة 17/ 9/ 1957 لم يتناول هذا الشق في تقريره السابق، وكان الطرفان قد استأنفا هذا الحكم بالاستئنافات رقم 854 سنة 75 ق و226 سنة 70 ق و1160 سنة 75 ق و1175 سنة 75 ق القاهرة، وحكمت المحكمة بتاريخ 26/ 5/ 1959 في هذه الاستئنافات بإلزام المطعون عليها بأن تدفع للطاعنة مبلغ 33094 ج 743 م قيمة الجزء المستولى عليه، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، ولم يتعرض هذا الحكم ولم يفصل في قيمة ما عسى أن يكون قد لحق الجزء الذي لم تنزع ملكيته من ضرر بسبب أعمال المنفعة العامة والذي كانت محكمة أول درجة قد ندبت خبيراً لتحقيقه. لما كان ما تقدم وكان يشترط لتطبيق قاعدة قوة الأمر المقضي أن تتوافر في الدعويين وحدة الموضوع والسبب والخصوم، فإنه لا محل للتمسك بحجية الحكم الصادر في 26/ 5/ 1959 بالنسبة لطلب التعويض عن الضرر المشار إليه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقرر أن تقدير ثمن الأرض المنزوعة ملكيتها قد أصبح نهائياً بالحكم الصادر بتاريخ 26/ 5/ 1959 سواء أدخل هذا الحكم أو لم يدخل في التقدير ما لحق باقي الملك من ضرر، ورتب الحكم المطعون فيه على ذلك قضاءه برفض طلب التعويض في هذا الخصوص، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 18 لسنة 31 ق جلسة 15 / 4 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 أحوال شخصية ق 89 ص 550

جلسة 15 من إبريل سنة 1964

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد زكي محمد، وأحمد أحمد الشامي، ومحمد ممتاز محمد نصار، وإبراهيم محمد عمر هندي.

----------------

(89)
الطعن رقم 18 لسنة 31 ق "أحوال شخصية"

( أ ) حكم. "بياناته". أحوال شخصية. دعوى. "تدخل النيابة العامة". نيابة عامة. بطلان.
رأي النيابة العامة. اقتصاره على عدم قبول طلبات المدعي. سير المحكمة في الدعوى وعدم إعادة القضية إلى النيابة لإبداء رأي جديد. لا بطلان.
(ب) وقف. "النظر عليه". وكالة. "مدى وكالة ناظر الوقف عن المستحقين".
الحكم الصادر ضد ناظر الوقف. مساسه باستحقاق مستحقين لم يمثلوا بأشخاصهم في الخصومة. لا حجية للحكم عليهم.
(جـ) أحوال شخصية. حكم "الطعن في الأحكام". "اعتراض الخارج عن الخصومة".
الطعن على الحكم بطريق الاعتراض ممن يتعدى أثره إليه طبقاً للمادة 341 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية. طريق اختياري. لمن يتعدى إليه أثر الحكم الاستغناء عنه والاكتفاء بإنكار حجية الحكم عند الاحتجاج به أو تنفيذه عليه. طلب تقرير حقه بدعوى أصلية.

---------------
1 - إذا اقتصر رأي النيابة العامة على أن طلبات المدعي غير مقبولة ورأت المحكمة غير ذلك وسارت في الدعوى، فلا عليها إن هي لم تعدها إلى النيابة لإبداء رأي جديد، والقول بأن النيابة لم تكن آخر من تكلم ليس من شأنه إبطال الحكم إذ أن البطلان هنا لا يكون إلا إذا طلبت النيابة العامة الكلمة الأخيرة وحيل بينها وبين ما أرادت (1).
2 - الحكم الذي يصدر ضد ناظر الوقف ماساً باستحقاق مستحقين لم يمثلوا بأشخاصهم في الخصومة لا يلزم هؤلاء المستحقين ولا يعتبر حجة عليهم (2).
3 - الطعن على الحكم بطريق الاعتراض ممن يتعدى أثره إليه طبقاً للمادة 341 من المرسوم بقانون 78 لسنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية هو طريق اختياري يجوز له أن يسلكه أو أن يستغنى عنه ويكتفي بإنكار حجية الحكم كلما أريد الاحتجاج به أو تنفيذه عليه، كما يجوز له أن يتجاهل الحكم ويطلب تقرير حقه بدعوى أصلية (3).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 353 سنة 1958 كلي القاهرة أحوال شخصية ضد الطاعنين والمطعون عليهما الأخيرين وذكر في صحيفتها أن المرحومة والدته السيدة ديلبسنت المتوفاة في سنة 1927 م هي إحدى ثمانية عتقاء للمرحوم عنبر أغا سنة 1300 هـ وأنه رغم ثبوت عتقاء هذا الأخير في أوراق رسمية قد وقع تبديل في أسمائهم فأسقط منهم ثلاثة وأضيف اثنان ثم ثلاثة وجرى التوزيع على هؤلاء العشرة باعتبارهم خلفاء في وقف المرحومة السيدة مهتاب قادن البيضاء والدة عباس الأول الصادر في 27 شعبان سنة 1271 وأن أحد المستحقين وهو محمد أحمد حمودة بن نظله بنت عبد الرحمن عنبر أقام الدعوى رقم 417 سنة 44/ 1945 القاهرة الشرعية بطلب الحكم باستحقاقه قيراطين من أربعة وعشرين قيراطاً من حصة عنبر أغا مدعياً أن هذا الأخير توفى عن ثلاثة عتقاء فقط وقضت المحكمة بعدم سماع دعواه وأيدت المحكمة العليا هذا الحكم في الاستئناف رقم 121 سنة 46/ 1947 استئناف العليا الشرعية إلا أنه عاد وأقام دعوى أخرى برقم 117 سنة 1953 القاهرة الشرعية ضد وزارة الأوقاف طالباً تعديل حصته إلى قيراط على أساس أن جده عبد الرحمن عنبر يستحق الثلث من القدر الموقوف على عنبر أغا فحكمت المحكمة في 17 يونيه سنة 1953 بذلك وأيدت المحكمة العليا الشرعية هذا الحكم في الاستئناف رقم 108 سنة 1953 بتاريخ 23 يونيو سنة 1954 ثم أقام محمد عبد اللطيف القللي وسيد أدريس عبد النور وهما من ذريه عبد الرحمن عنبر الدعوى رقم 284 سنة 1953 القاهرة الشرعية على وزارة الأوقاف بطلب تعديل حصتهما في الاستحقاق على أساس الحكم الصادر لصالح محمد أحمد حمودة فقضت المحكمة لهما بذلك في 11 ديسمبر سنة 1954 ثم عاد بعض ذرية عبد الرحمن عنبر إلى إقامة دعوى جديدة أمام محكمة القاهرة للأحوال الشخصية برقم 62 سنة 1955 ضد وزارة الأوقاف يطلبون تعديل حصتهم في الوقف استناداً إلى الأحكام المتقدمة وقد تدخل فيها المطعون عليهما الأولان بناء على إخطار وزارة الأوقاف لهما كما تدخل المطعون عليهما المذكوران في دعوى أخرى أقامها محمد عبد اللطيف القللي وسيد أدريس عبد النور برقم 330 سنة 1957 القاهرة وعندما تبين للمطعون عليهما أن المدعين في الدعاوى المذكورة يستندون إلى الحكمين السابق صدورهما في القضيتين رقم 117 سنة 1953 القاهرة الابتدائية الشرعية والمؤيد بالاستئناف رقم 108 سنة 1953 العليا الشرعية والقضية رقم 284 سنة 1953 القاهرة الشرعية فقد انتهى المطعون عليه الأول في دعواه إلى طلب الحكم بإبطال أثر هذه الأحكام الثلاثة واعتبارها كأن لم تكن بالنسبة له لصدورها على غير ذي صفة مع إلزام وزارة الأوقاف بإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل صدور هذه الأحكام بالنسبة لحصته في القدر الموقوف على عنبر أغا وقد تدخل المطعون عليه الثاني في الدعوى منضماً لأخيه رافعها فقضت المحكمة بجلسة 7/ 12/ 1957 بقبول تدخله ودفع الطاعنون بعدم قبولها تأسيساً على أن الطعن في هذه الأحكام يكون بالطريقة المنصوص عليها في المادة 341 من اللائحة الشرعية فقضت المحكمة في 17 مايو سنة 1959 برفض الدفع وبعد جواز احتجاج الطاعنين بالأحكام المذكورة على المطعون عليهما وباعتبار أنها ليست مما يتعدى أثرها إليهما وطعن الطاعنون على هذا الحكم بالاستئناف رقم 109 لسنة 76 ق استئناف القاهرة للأحوال الشخصية ورفع المطعون عليهما الأولان استئنافاً مقابلاً طلباً فيه إلغاء الحكم فيما لم يقض لهما به من طلباتهما وقضت محكمة الاستئناف في 26 يناير سنة 1961 برفض الاستئنافين فقرر الطاعنون في 25/ 2/ 1961 بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وطلبوا نقضه للأسباب الواردة في تقرير الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت في 28 أكتوبر سنة 1962 إحالته على هذه الدائرة حيث صمم الطاعنون على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهما الأولان رفضه وصممت النيابة العامة على طلب نقض الحكم.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب يتحصل السببان الأول والرابع منها في أن الحكم قد شابه بطلان وإخلال بحق الدفاع ذلك أن حكم أول درجة الذي أيدته محكمة الاستئناف قد قضى في الدعوى دون أن تبدي النيابة العامة رأيها في موضوعها إذ أنها طلبت في المذكرة المقدمة منها بعض البيانات ثم إعادة القضية إليها لإبداء الرأي ولكن المحكمة لم تجبها إلى ذلك وسمعت مرافعات الطرفين وقبلت مستنداتهم ثم حكمت في الدعوى دون أن تبدي النيابة رأيها فيها ولم تكن آخر من تكلم طبقاً للمادة 107 مرافعات وقد دفع الطاعنون بذلك أمام محكمة الاستئناف ولكن المحكمة قررت أن النيابة أبدت رأيها في مذكرتها وهذا غير صحيح إذ أنها لم تتعرض للموضوع كما أن المطعون عليه الثاني تدخل خصماً في الدعوى في جلسة النطق بالحكم ولم تبد النيابة رأيها في طلبه كما لم تطلب المحكمة من الطاعنين الجواب على هذا الطلب الذي يختلف عن مجرد الانضمام للمطعون عليه الأول.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه "أن النيابة العامة قد أبدت رأيها أمام المحكمة الابتدائية حين ذكرت أن الدعوى إنما تكون مقبولة من المستحق في أي وقت إذا طلب فيها الحكم له باستحقاقه وعدم تعرض المستحقين الآخرين له فيه ولقد صاغت النيابة العامة قولها هذا في قالب النصح للمدعي بتعديل طلباته إلى ذلك ولهذا رأت محكمة الدرجة الأولى الالتفات عن قول النيابة قائلة في حكمها المستأنف إنه ليس من حقها ولا من حق المحكمة أن تطلب إلى المدعي أن يترك الدعوى التي أقامها ليقيم دعوى جديدة" وهذا الذي أورده الحكم كاف لتحقيق ما أوجبه القانون من بيان رأي النيابة العامة لأن مقتضى ما ذكرته النيابة أن طلبات المدعي غير مقبولة، وقد رأت المحكمة غير ذلك وسارت في الدعوى فلا عليها إن هي لم تعد القضية إلى النيابة لإبداء رأي جديد أما القول بأن النيابة لم تكن آخر من تكلم فهذا ليس من شأنه إبطال الحكم إذ أن البطلان لا يكون، كما جرى به قضاء هذه المحكمة، إلا إذا طلبت النيابة العامة الكلمة الأخيرة وحيل بينها وبين ما أرادت، وهذا ما لم يقع في الدعوى لما كان ذلك وكان يبين مما أورده الحكم المطعون فيه أن مركز المطعون عليه الثاني في الخصومة لا يختلف عن مركز المطعون عليه الأول فإنه لا وجه للقول بوجوب إبداء رأي النيابة بالنسبة لهذا الخصم أيضاً - كما أنه لا وجه لما يثيره الطاعنون من الإخلال بحق دفاعهم بالنسبة للمطعون عليه الثاني إذ أنه قد ثبت من الأوراق أنه قد طلب قبول تدخله في الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى بجلسة 11/ 5/ 1958 منضماً لأخيه وحضر بالجلسات التالية ثم قررت المحكمة قبوله بجلسة 7/ 12/ 1958 وظلت القضية متداولة في الجلسات حتى صدر فيها الحكم من محكمة أول درجة بجلسة 17/ 5/ 1959. ولم يطالب هذا الخصم لنفسه بشيء أكثر مما طلبه المطعون عليه الأول ومن ثم فإن هذا النعي يكون على غير أساس مما يوجب رفضه.
وحيث إن السبب الثاني من أسباب الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ تطبيق القانون إذ أنه قضى بما لم يطلبه المطعون عليهما الأولان إذ أنهما طلبا في دعواهما إبطال الأحكام الصادرة للطاعنين واعتبارها كأن لم تكن ودفع الطاعنون بعدم قبول الدعوى لأن الأحكام لا يطعن عليها بالبطلان ولكن الحكم الابتدائي رفض الدفع وقضى بعدم الاحتجاج على المطعون عليهما الأولين بالأحكام محل النزاع وهذا غير ما طلباه وكان يتعين على المحكمة إذا رأت تعديل الدعوى على نحو ما قضت به أن تنبه الطاعنين إلى ما رأت وتطلب منهم ومن النيابة إبداء الرأي في ذلك لأن دفاع الطاعنين كان مقصوراً على دعوى البطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الثابت من الأوراق أن المطعون عليهما الأولين طلبا إبطال أثر الأحكام الثلاثة المبينة في الدعوى واعتبارها كأن لم تكن بالنسبة لهما لأنهما لم يكونا طرفاً فيها وقد قضت المحكمة بعدم جواز احتجاج الطاعنين بالأحكام المذكورة عليهما وأنها ليست مما يتعدى أثرها إليهما وليس في ذلك قضاء بما لم يطلبه المطعون عليهما الأولان لأن طلبهما إبطال أثر الأحكام بالنسبة لهما معناه عدم جواز الاحتجاج بها عليهما ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن السبب الثالث من أسباب الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ تطبيق القانون ذلك أنه قضى بأن الأحكام التي صدرت للطاعنين ليست حجة على المطعون عليهما لعدم تمثيلهما فيها في حين أن الأحكام بالاستحقاق التي تصدر ضد ناظر الوقف تظل نافذة حتى يقضي في الطعن عليها بالتعدي طبقا للمادة 341 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وهذا هو طريق الطعن الوحيد فيها إذ لا يجوز الطعن فيها بدعوى مبتدأة كما أخطأ الحكم المطعون فيه إذ قرر أن الأحكام التي صدرت ضد الحارس على الوقف بعد إلغائه هي أحكام لا حجية لها على أحد لصدورها على غير خصم إذ أن هذا يخالف ما استقر عليه القضاء الشرعي.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الحكم الذي يصدر ضد ناظر الوقف ماساً باستحقاق مستحقين لم يمثلوا بأشخاصهم في الخصومة لا يلزم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هؤلاء المستحقين، ولا يعتبر حجة عليهم وأن الطعن على هذه الأحكام بطريق الاعتراض ممن يتعدى أثرها إليه طبقاً للمادة 341 من اللائحة الشرعية هو طريق اختياري يجوز له أن يسلكه كما يجوز له أن يستغنى عنه مطلقاً ويكتفي بإنكار حجية الحكم كلما أريد الاحتجاج به في حقه أو تنفيذه عليه كما له أن يتجاهل الحكم وأن يطلب تقرير حقه بدعوى أصلية، ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 19/ 6/ 1963 الطعن 40 س 29 ق أحوال شخصية السنة 14 ص 843.
(2) راجع نقض 5/ 3/ 1959 الطعن 30 س 27 ق أحوال شخصية السنة 10 ص 214.
(3) راجع نقض 5/ 12/ 1962 الطعن 22 س 29 ق أحوال شخصية السنة 13 ص 1088.

الطعن 264 لسنة 29 ق جلسة 15 / 4 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 88 ص 545

جلسة 15 من إبريل سنة 1964

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد زكي محمد، ومحمد ممتاز نصار، وإبراهيم محمد عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس.

-------------

(88)
الطعن رقم 264 لسنة 29 القضائية

ضرائب. "الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية". "وعاء الضريبة". "تقديره". "التقدير الحكمي".
الربط الحكمي. النشاط المستحدث. المقصود به. كل نشاط يختلف نوعياً عن النشاط الأصلي ويصلح بذاته أن يكون أساساً لربط مستقل. مثال.

--------------
النشاط المستحدث الذي استثناه الشارع من الربط الحكمي طبقاً لما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة الثانية من القانون رقم 587 لسنة 1954 والفقرة الثالثة من المادة الثانية من القانون رقم 206 لسنة 1955 هو كل نشاط يختلف نوعياً عن النشاط الأصلي ويصلح بذاته أن يكون أساساً لربط مستقل. وإذ كان المستفاد من استقراء القرارات الوزارية الخاصة بتنظيم "عملية غلال التموين" أن الشارع لم يعهد بها إلا إلى أصحاب المطاحن وحدهم فإنه بذلك يكون قد دل على أن استغلال المطاحن هو الأساس في إسناد عهدة تموين الدقيق إليهم ولم يشأ أن يجعل منها نشاطاً مغايراً، ومن ثم فإن مثل هذا النشاط يكون تابعاً للنشاط الأصلي في استغلال المطاحن وبالتالي لا يصلح بذاته أن يكون أساساً لربط مستقل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب جرجا قدرت صافي أرباح المطعون عليه من استغلال المطاحن في كل من السنوات من سنة 1951 إلى سنة 1954 بمبلغ 78 ج 334 م قياساً على أرباح سنة 1947 وبالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 والقانون رقم 587 لسنة 1954 كما قدرت صافي أرباحه من استغلال عهدة تموين الدقيق (شراء القمح وطحنه ثم بيعه دقيقاً) في الفترة من أغسطس إلى ديسمبر سنة 1951 بمبلغ 294 ج و600 م وفي كل من السنوات من 1952 إلى 1954 بمبلغ 880 ج وإذ اعترض المطعون عليه على هذه التقديرات أحيل الخلاف على لجنة الطعن المختصة وبتاريخ 12/ 6/ 1956 قررت اللجنة "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتطبيق المرسوم بقانون 240 لسنة 1952 والقانون 587 لسنة 1954 باتخاذ أرباحه عن نشاطه في استغلال مطاحنه في سنة 1947 وقدرها 78 ج و334 م أساساً للربط عليه عن كل من السنوات من سنة 1951 إلى سنة 1954 وإلغاء الربط الذي أجرته المأمورية عن نشاطه في عهدة تموين الدقيق باعتبار أنها تعدد في النشاط" فأقامت مصلحة الضرائب الدعوى رقم 670 لسنة 1956 تجاري كلي سوهاج ضد المطعون عليه بطلب الحكم "بإلغاء قرار اللجنة فيما قضى به من إلغاء الربط الذي أجرته المأمورية عن نشاط المطعون ضده في استغلال عهدة تموين الدقيق باعتبارها تعدداً في النشاط والقضاء بتأييد ما ذهبت إليه المأمورية من اعتبار نشاط الممول في عهدة تموين الدقيق نشاطاً متنوعاً عن نشاط المطاحن الأصلي مما يتطلب إجراء ربط مستقل عن هذا النشاط الأخير والأخذ بأرقام الأرباح التي قدرتها المأمورية في هذا الشأن مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف" وبتاريخ 30/ 12/ 1956 حكمت المحكمة برفض الطعن وتأييد قرار اللجنة - واستأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط طالبة إلغاءه والقضاء لها بطلباتها أمام محكمة الدرجة الأولى وقيد الاستئناف برقم 149 سنة 32 قضائية - وبتاريخ 10 نوفمبر سنة 1957 حكمت المحكمة في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وقد طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بإحالته على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم. ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً. وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن نشاط المطعون عليه الجديد من عهدة التموين يعتبر تعدداً لنشاطه الأصلي في استغلال مطاحنه بل أنه وفي نظر الحكم المطعون فيه ذات النشاط - وهو خطأ ومخالفة للقانون في تحديد معنى الربح الصناعي والربح التجاري. وذلك أن نشاط الطاعن الأصلي عملية صناعية تحويلية بحتة تنحصر في طحن الحبوب لحساب الأهالي مقابل أجر - أما النشاط الجديد وقوامه شراء القمح لحساب الممول وطحنه لاستخراج الدقيق والردة وبيعهما لحسابه في حدود ما تقضى به قرارات وزارة التموين فهو نشاط تجاري مستقل بذاته يغلب فيه عنصر المضاربة التجارية تحقيقاً للربح ويختلف في طبيعته عن الاستغلال الصناعي ومن مؤدى أحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 أنه إذا تنوع النشاط يتعين إخضاع النشاط الجديد للقواعد العامة بتقديره تقديراً مستقلاً عن النشاط الأصلي وتطبيق أحكام ذلك المرسوم بقانون إذا توافرت شرائطه.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته بما أورده الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص من أن "البادي من الأوراق أن عملية استغلال غلال التموين بمطاحن المستأنف عليه وشرائه للغلال وتحويلها إلى دقيق وبيعها إنما الهدف الرئيسي منها هو تشغيل المطحن بطحنه للغلال المذكورة وأجرة الطحن تتمثل في الربح الناتج من البيع خاصة وأن من المسلم به أن عملية شراء الغلال من التموين والطحن والبيع مقيدة تماماً وتجرى تحت إشراف وزارة التموين وفقاً لنسب معينة وبشروط مقررة مما يؤكد أن النشاط الذي يقوم به المستأنف عليه لا يعتبر نشاطاً مختلفاً عن ذات النشاط الذي حوسب عليه في سنة 1947 طالما كان الواضح أن الهدف من عملية استغلال التموين سالفة الذكر هو الحصول على أكبر كمية ممكنة من الغلال لطحنها بمطاحن المستأنف عليه دون التفات إلى مسألة بيع الناتج من الغلال بعد طحنها وتحويلها إلى دقيق لأن هذا يعد أمراً تبعياً للأصل وهو عملية طحن الغلال في ذاتها وأن أجرة الطحن تتمثل في الربح الناتج من البيع على ما سلف بيانه وقد أشار قرار لجنة الطعن الصادر في 12/ 6/ 1956 إلى هذا حيث قال في أسبابه. إنه لما كانت عملية طحن غلال التموين ليست إلا نوعاً من أنواع استغلال الطاعن ولا يعتبر تنوعاً في النشاط بل تعدداً فيه ولا عبره بقيامه بشراء غلال التموين لحسابه الخاص وبيع الدقيق لحسابه أيضاً لأن هذا الشراء وذلك البيع لا يتم إلا تحت إشراف وزارة التموين بأسعار محددة ومن جهات محددة ويتم البيع بأسعار معينة لجهات معينة والإنتاج كذلك لا يكون إلا على أساس معين - ولهذا يكون قصد الطاعن هو استغلال المطحن لطحن غلال التموين ولا يعتبر إطلاقاً شراء الغلال بقصد بيعها لتحقيق الربح، وأن عملية بيع دقيق التموين بعد تحويله من غلال يعتبر العنصر الأساسي فيه هو عملية الطحن وهي التي بموجبها يتحقق الربح للطاعن. وأنه بثبوت أن نشاط الطاعن في عملية غلال التموين هو في واقعة ذات النشاط الذي يقوم به الطاعن والذي على أساسه تمت المحاسبة في سنة 1947 وهو استغلال المطحن وبذلك فإن أرباحه عن سنتي النزاع تخضع لأحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 والقانون رقم 587 لسنة 1954". وهذا الذي أورده الحكم لا مخالفة فيه للقانون، ذلك أن النشاط المستحدث الذي استثناه الشارع من الربط الحكمي طبقاً لما نصت عليه المادة 2/ 3 من القانون رقم 587 لسنة 1954 والمادة 2/ 3 من القانون رقم 206 لسنة 1955 "كل نشاط يختلف نوعياً عن النشاط الأصلي ويصلح بذاته أن يكون أساساً لربط مستقل". لما كان ذلك، وكان المستفاد من استقراء مختلف القرارات الوزارية الخاصة بتنظيم عملية غلال التموين أن الشارع لم يعهد بها إلا على أصحاب المطاحن وحدهم فدل بذلك على أن النشاط في استغلال المطاحن هو الأساس في إسناد عهدة تموين الدقيق ولم يشأ الشارع لاعتبارات عملية وفنية قدرها - أن يجعل منها نشاط مغايراً يزاوله من عدا أصحاب المطاحن، ومن ثم فإن مثل هذا النشاط يكون بهذه المثابة نشاطاً تابعاً للنشاط الأصلي في استغلال المطاحن وبالتالي لا يصلح بذاته أن يكون أساساً لربط مستقل وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يتعين رفض الطعن.

الطعن 482 لسنة 35 ق جلسة 8 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 11 ص 62

جلسة 8 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

---------------

(11)
الطعن رقم 482 لسنة 35 القضائية

إفلاس. "دعوى إشهار الإفلاس". حكم. "الطعن في الحكم". نقض. "الخصوم في الطعن". تجزئة. بطلان.
الطعن في الحكم الصادر بإشهار الإفلاس يجب توجيهه إلى الدائن طالب الإفلاس ووكيل الدائنين. اقتصار الطعن على الشركة الدائنة. بطلان الطعن. لا يغير من ذلك نص المادة 384/ 2 مرافعات. وجوب اختصام من لم يختصم في الدعوى غير القابلة للتجزئة ولو بعد فوات الميعاد مقيد في الطعن بالنقض. المادة 7 من القانون رقم 57 لسنة 1959 توجب اشتمال تقرير الطعن على جميع الخصوم الواجب اختصامهم فيه.

----------------
لم يضع القانون التجاري قواعد خاصة في بيان من يوجه إليه الطعن في الحكم الصادر بإشهار الإفلاس، بما يوجب الرجوع إلى القواعد العامة في قانون المرافعات في هذا الخصوص، وهي توجب توجيه الطعن إلى المحكوم له، ولازم ذلك أن الطعن في الحكم الصادر بإشهار الإفلاس يجب أن يوجه إلى الدائن طالب إشهار الإفلاس، لأنه من المحكوم لهم بإشهار إفلاس مدينهم كما يجب توجيهه أيضاً إلى وكيل الدائنين باعتباره ممثل جماعة الدائنين. وإذ كان الطاعن قد اقتصر على توجيه الطعن إلى الشركة الدائنة طالبة إشهار الإفلاس، ولم يختصم وكيل الدائنين فإن الطعن يكون باطلاً ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 384/ 2 من قانون المرافعات، من أنه إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة، أو في التزام بالتضامن، أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، ورفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد وجب اختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة لهم، ذلك أنه وإن كانت دعوى الإفلاس من الدعاوى التي لا تقبل التجزئة إلا أن حكم هذا النص - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - مقيد في الطعن بطريق النقض بما أوجبته المادة 7 من القانون رقم 57 لسنة 1959 من وجوب اشتمال تقرير الطعن على أسماء جميع الخصوم الواجب اختصامهم فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - علي ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن راغب مرزوق بصفته أقام الدعوى رقم 19 سنة 1963 تجاري كلي (إفلاس) قنا ضد بسطورس ميخائيل وآخر هو موريس غطاس بسطورس. طالباً الحكم بشهر إفلاسهما وتحديد يوم 1/ 5/ 1962 تاريخاً مؤقتاً للتوقف عن الدفع وتعيين مأمور للتفليسة ووكيل للدائنين، وفي 28 إبريل سنة 1964 حكمت المحكمة برفض الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الثاني (الطاعن) وبإشهار إفلاس المدعى عليه الأول موريس غطاس بسطورس واعتبار أول مايو سنة 1962 تاريخاً مؤقتاً لتوقفه عن الدفع وعينت السيد رئيس الدائرة مأمور للتفليسة والسيد رفلة تاوضروس وكيلاً مؤقتاً للدائنين واستأنف موريس غطاس بسطورس هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 56 سنة 39 ق مختصماً في صحيفته المعلنة في 20/ 5/ 1964 كلاً من الطاعن والمطعون عليه وطلب فيه إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. وبإعلان تاريخه 15/ 6/ 1964 أدخل السيد رفله تاوضروس وكيل الدائنين خصماً في الاستئناف ليسمع الحكم بطلباته سالفة الذكر وبجلسة 17/ 10/ 1963 رفع المطعون عليه استئنافاً مقابلاً قيد برقم 101 سنة 39 ق وطلب فيه إلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لما قضى به من رفض دعواه قبل غطاس بسطورس (الطاعن) والحكم بشهر إفلاسه واعتباره متوقفاً عن الدفع من أول مايو سنة 1962 ودفع الطاعن بعدم قبول هذا الاستئناف لأنه رفع بغير الطريق القانوني وفي 13/ 5/ 1965 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين الأصلي والمقابل شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف بشقيه والحكم برفض الدعوى بالنسبة للمستأنف، موريس غطاس بسطورس وبشهر إفلاس المستأنف عليه الثاني غطاس بسطورس واعتبار يوم أول مايو سنة 1962 تاريخاً مؤقتاً لتوقفه عن الدفع وعينت السيد/ رئيس دائرة الإفلاس بمحكمة قنا مأموراً للتفليسة والسيد/ رفلة تاوضروس وكيلاً مؤقتاً للدائنين وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون ضده ولم يبد دفاعاً وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها وطلبت أصلياً عدم قبول الطعن شكلاً واحتياطياً وفي حالة قبوله شكلاً نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة أن دعوى الإفلاس من الدعاوى التي لا تقبل التجزئة وأنه يجب توجيه الطعن في الحكم الصادر فيها بإشهار الإفلاس إلى كل من وكيل الدائنين والدائن طالباً إشهار الإفلاس وإذ كان الطاعن قد اقتصر على اختصام الشركة الدائنة طالبة إشهار الإفلاس ولم يختصم وكيل الدائنين فإن الطعن يكون غير مقبول.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أن القانون التجاري لم يضع قواعد خاصة في بيان من يوجه إليه الطعن في الحكم الصادر بإشهار الإفلاس بما يوجب الرجوع إلى القواعد العامة في قانون المرافعات في هذا الخصوص وهي توجب توجيه الطعن إلى المحكوم له، ولازم ذلك أن الطعن في الحكم الصادر بإشهار الإفلاس يجب أن يوجه إلى الدائن طالب إشهار الإفلاس لأنه من المحكوم لهم بإشهار إفلاس مدينهم كما يجب توجيهه أيضاً إلى وكيل الدائنين باعتباره يمثل جماعة الدائنين, وإذ كان الطاعن قد اقتصر على توجيه الطعن إلى الشركة الدائنة طالبة إشهار الإفلاس ولم يختصم وكيل الدائنين، فإن الطعن يكون باطلاً ولا يغير من هذا النظر ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 384 من قانون المرافعات من أنه إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في إلزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين ورفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد وجب اختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة لهم ذلك أنه وإن كانت دعوى الإفلاس من الدعاوى التي لا تقبل التجزئة إلا أن حكم هذا النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مقيد في الطعن بطريق النقض بما أوجبته المادة 7 من القانون رقم 57 سنة 1959 من وجوب اشتمال تقرير الطعن على أسماء جميع الخصوم الواجب اختصامهم فيه.

الطعن 443 لسنة 29 ق جلسة 9 / 4 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 87 ص 541

جلسة 9 من إبريل سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

---------------

(87)
الطعن رقم 443 لسنة 29 القضائية

حكم. "إصداره". "تقديم مستندات في فترة حجز الدعوى للحكم". دفاع. "الإخلال به".
تقديم مستندات في فترة حجز الدعوى للحكم. شرطه. تصريح المحكمة بذلك أو اطلاع الخصم عليها - تقديم مستند في فترة حجز الدعوى للحكم. إقامة الحكم قضاءه على ما جاء في هذا المستند دون أن يكون مصرحاً بتقديم مستندات ودون أن يثبت اطلاع الطاعن على هذا المستند - مخالفة الحكم القانون وإخلاله بحق الدفاع. لا يغير من ذلك تأشير الخصم أو وكيله على المذكرة المصرح بتقديمها والمرفق بهذا المستند بما يفيد استلامه صورتها أو أن يكون مشاراً فيها إلى فحوى المستند ما دام أنه لم يثبت اطلاع الخصم على المستند ذاته.

----------------
تقضي المادة 340 من قانون المرافعات بأنه لا يجوز للمحكمة أثناء المداولة قبول أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على ما جاء بمستند قدم في فترة حجز الدعوى للحكم دون أن يكون مصرحاً فيها بتقديم مستندات ودون أن يثبت اطلاع الطاعنين على هذا المستند، فإنه يكون قد خالف القانون وأخل بحق الطاعنين في الدفاع. ولا يغير من هذا النظر أن يكون الخصم أو وكيله قد أشر على المذكرة المصرح بتقديمها والتي أرفق بها ذلك المستند بما يفيد استلامه صورتها أو أن يكون مشاراً فيها إلى فحوى السند ما دام لم يثبت اطلاع الخصم على المستند ذاته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول رفع الدعوى رقم 327 سنة 1953 مدني كلي الزقازيق ضد الطاعنين وباقي المطعون عليهم من الثاني للأخيرة وكان من بين طلباته فيها الحكم بإثبات صحة التعاقد عن عقد البيع الابتدائي المؤرخ في 22 من فبراير سنة 1952 المتضمن بيع الطاعنين له بضمانة وتضامن المطعون عليهم من الثاني للأخيرة مقدار أربعة قراريط من أربعة وعشرين قيراطاً في العقارات المبينة بصحيفة الدعوى وذلك نظير ثمن قدره 1650 جنيهاً - وبتاريخ 6 من فبراير سنة 1957 حكمت المحكمة بإثبات صحة التعاقد المبرم بين المطعون عليه الأول والطاعنين بضمانة باقي المطعون عليهم والمؤرخ في 22 من فبراير سنة 1952 والمتضمن بيعهما له أربعة قراريط من أربعة وعشرين قيراطاً من العقار الموضح الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وعقد البيع المذكور بالثمن المدفوع وقدره 1650 ج - استأنف الطاعنان هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد استئنافهما برقم 252 سنة 9 ق وطلبا إلغاء الحكم المستأنف لصدور العقد منهما وقت أن كان قاصرين وذكرا أنهما لم يبلغا سن الرشد إلا في 17 من نوفمبر سنة 1952 - وبتاريخ 8 من يونيه سنة 1959 حكمت محكمة الاستئناف برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف وأقامت قضاءها على أن الطاعنين أجازا هذا العقد بعد بلوغهما سن الرشد - طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكره برأيها متضمناً نقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأمامها تمسكت النيابة بما جاء بمذكرتها وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 26 من مارس سنة 1964 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه بطلانه لإخلاله بحقهما في الدفاع وفي بيان ذلك يقولان إن المطعون عليه الأول قدم في فترة حجز القضية للحكم صورة عرفية من مذكرة قال إنها قدمت من الطاعنين في الدعوى رقم 14 سنة 1954 مدني كلي الزقازيق وقد اعتمد الحكم المطعون فيه على هذه الصورة في قضائه واعتبر أن ما جاء بها يتضمن إجازة الطاعنين بعد بلوغهما سن الرشد للتصرف الصادر منهما للمطعون عليه الأول وذلك دون أن يكون مصرحاً بتقديم مستندات في فترة حجز القضية للحكم ودون أن تمكنهما المحكمة من الاطلاع عليها وإبداء رأيهما فيها - وفي ذلك مخالفة للمادة 340 مرافعات مما يعتبر إخلالاً بحقهما في الدفاع هذا إلى أن المذكرة سالفة الذكر لا أصل لها في الدعوى رقم 14 سنة 1954 كلي الزقازيق إذ أن الطاعنين لم يحضرا فيها ولم يقدما فيها مذكرات.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على ما ورد في هذا المستند الذي قدمه المطعون ضده الأول في فترة حجز القضية للحكم إذ قال "وحيث إنه يبين مما تقدم من وقائع أن مدار النزاع بين الطرفين يدور في جوهرة حول ما إذا كان المستأنفان (الطاعنان) قد أجازا التصرف الصادر منهما بعد بلوغ سن الرشد أم لا، فبينما يقرر المستأنف عليه الأول (المطعون عليه الأول) أن الإجازة قد تمت في الدعوى رقم 14 لسنة 1954 كلي الزقازيق التي أقامها ضد المستأنفين وآخرين بطلب إيراد العقار المبيع يقول المستأنفان إن العقد قابل للإبطال لقصرهما وقت البيع وأن من حقهما طلب إبطاله وأن إجازة لم تلحقه، وحيث إنه وإن كان الثابت في هذه المنازعة أن المستأنفين قد بلغا سن الرشد في 17/ 11/ 1952 وأن البيع موضوع النزاع قد أبرماه في فبراير سنة 1952 وقت أن كانا قاصرين إلا أن القانون المدني في المادة 111 منه نص على التمسك بالإبطال إذا أجاز القاصر التصرف بعد بلوغه سن الرشد، ومن المقرر فقهاً وقضاء أن الإجازة كما تكون صريحة قد تكون ضمنية تستنتج من تصرفات ومواقف تنبئ عن ثبوتها، وحيث إن الثابت من مطالعة صورة المذكرة المعلنة للمستأنف عليه الأول من وكيل المستأنفين في الدعوى رقم 14 لسنة 1954 كلي الزقازيق والمقدمة ضمن مفردات هذا الاستئناف من المستأنف عليه الأول أن المستأنفين فيها لم ينازعا في صحة البيع وانحصرت منازعتها في طلب ثمن زيادة المساحة في المقدار المبيع وتأخذ هذه المحكمة من موقف المستأنفين في الدعوى رقم 14 لسنة 1954 كلي الزقازيق ما ينبئ بإجازة التصرف الصادر منهما وهذه الإجازة قد تمت بعد بلوغهما سن الرشد وهي تسقط حقهما في التمسك بإبطال العقد موضوع المطالبة" - ولما كانت المادة 340 من قانون المرافعات تنص على أنه "لا يجوز للمحكمة أثناء المداولة أن تسمع أحد الخصوم أو وكيله إلا بحضور خصمه كذلك لا يجوز قبول أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها" - وكان الثابت من الأوراق أن محكمة الاستئناف قررت بجلسة 6/ 5/ 1959 حجز القضية للحكم لجلسة 8/ 6/ 1959 وصرحت بتقديم مذكرات إلى ما قبل الجلسة بأسبوع والمدة مناصفة وقدم المطعون عليه الأول في فترة حجز القضية للحكم مذكرة بدفاعه أرفق بها مستنداً هو صورة المذكرة التي قال إنها قدمت من الطاعنين في الدعوى رقم 14 لسنة 1954 كلي الزقازيق وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بإجازة الطاعنين البيع على ما جاء في هذا المستند دون أن يكون مصرحاً بتقديم مستندات في فترة حجز الدعوى للحكم ودون أن يثبت اطلاع الطاعنين على هذا المستند فإنه يكون قد خالف ما تقضى به المادة 340 مرافعات وأخل بحق الطاعنين في الدفاع - ولا يغير من هذا النظر أن يكون الخصم أو وكيله قد أشر على المذكرة المصرح بتقديمها بما يفيد استلامه صورتها أو أن يكون مشاراً في المذكرة إلى فحوى المستند ما دام أنه لم يثبت اطلاع الخصم على المستند ذاته وهو ما تستلزمه المادة 340 مرافعات لجواز قبول أوراق من أحد الخصوم في فترة حجز القضية - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه بطلان يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 471 لسنة 35 ق جلسة 8 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 10 ص 58

جلسة 8 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد وعلي عبد الرحمن.

----------------

(10)
الطعن رقم 471 لسنة 35 القضائية

شفعة. "سقوط الحق في رفع الدعوى". "تقديم صحيفة دعوى الشفعة لقلم المحضرين". دعوى. "رفع الدعوى". "انقطاع مدة السقوط".
ميعاد الثلاثين يوماً المحدد في المادة 943 مدني لرفع دعوى الشفعة ميعاد سقوط. تقديم صحيفة دعوى الشفعة إلى قلم المحضرين يقطع مدة هذا السقوط وفقاً للمادة 75 مرافعات.

----------------
مؤدى نص المادة 75 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون 100 لسنة 1962 أن تقديم صحيفة الدعوى إلى قلم المحضرين بعد أداء الرسم كاملاً يقطع مدة السقوط، وإذ كانت مدة الثلاثين يوماً المنصوص عليها في المادة 943 من القانون المدني هي مدة سقوط، فإن تقديم صحيفة دعوى الشفعة إلى قلم المحضرين بعد أداء الرسم كاملاً خلالها - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - يكون قاطعاً لمدة السقوط (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيد/ مصطفى مصطفى إبراهيم الشيشيني عن نفسه وبصفته وآخرين أقاموا الدعوى 57 سنة 1964 كلي طنطا ضد محمود وهبة علام وآخرين طلبوا فيها الحكم بأحقيتهم في أخذ العقار المبين بصحيفة دعواهم بالشفعة مع تسليم العقار مقابل التصريح للمشتري المشفوع منه بأن يصرف مبلغ 6607 ج التي أودعها المدعون خزانة المحكمة في 16 يناير سنة 1964، وقالوا شرحاً لدعواهم بأن أولهم يملك بطريق الميراث 4 ف و19 و1/ 5 س شائعة في أرض وبناء العقارين رقمي 14 أ، 14 ب المكونين للملك رقم 14 شارع الاسبتالية بحوض الحياني رقم 16 ويملك باقيهم 19 ط و4 و4/ 5 س بعقد البيع المشهر في 24/ 8/ 1959 رقم 4469 غربية، وأن المدعى عليهما الثاني والثالث باعا للمدعى عليه الأول 22 ط شائعة في أرض فضاء معدة للبناء مساحتها 1 ف و19 ط 23 س بثمن قدره 2 جنيه للمتر المربع الواحد، كما باع له المدعى عليه الثالث نصيبه الشائع في ذات القطعة حتى أصبح المبيع 3303.5 متراً مربعاً ثمنها 6607 ج، وأنه لما كانت العين المبيعة ملاصقة لعقارهم سالف الذكر ويحق لهم بذلك أن أخذها بالشفعة، فقد أعلنوا رغبتهم في هذا للبائعين والمشتري بتاريخ 18، 19، 22 من ديسمبر سنة 1963 مشهرين هذا الإعلان في 29 ديسمبر سنة 1963 برقم 7614 غربية، وإذ لم يستجيبوا إلى طلبهم فقد أقاموا هذه الدعوى وأعلنوا صحيفتها للمدعى عليه الأول في 20 يناير والثاني في 22 يناير والثالث في 28 يناير سنة 1964، ودفع المدعى عليه الأول بدفوع ثلاثة، أولها سقوط حق المدعين في طلب الشفعة لعدم مراعاة ما نصت عليه المادة 943 من القانون المدني من وجوب إعلان صحيفة دعوى الشفعة لجميع الخصوم خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الرغبة، وثانيها بانعدام سبب الشفعة لأن تاريخ البيع أسبق من تاريخ تملك المدعين للأرض المشفوع بها، ولأن الأرض المشفوع فيها مقسمة إلى عدة قطع منفصلة بحيث لا تتحقق شروط الشفعة لها جميعاً، وثالثها أن حق المدعين في الأخذ بالشفعة قد سقط بالنزول عنه ضمنياً. وبتاريخ 30 نوفمبر سنة 1964 حكمت المحكمة بقبول الدفع الأول ورفض الدعوى لسقوط حق المدعين في دعوى الشفعة. واستأنف المدعون هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا طالبين إلغاءه والحكم لهم بطلباتهم وقيد هذا الاستئناف برقم 295 سنة 14 ق طنطا. وبتاريخ 21 يونيه سنة 1965 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على نقض الحكم. ولم يحضر المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد بمذكرتها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن حاصل سبب الطعن، أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بسقوط الحق في دعوى الشفعة على ما ارتآه من عدم جواز الأخذ في دعوى الشفعة بالأثر الذي يترتب قانوناً على تقديم صحيفة الدعوى إلى قلم المحضرين وهو انقطاع مدة السقوط وفقاً لنص المادة 75/ 3 المعدلة بالقانون 100 لسنة 1962، وهذا من الحكم مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه لأن إعمال هذه المادة واجب لا محيد عنه في كافة الدعاوى ولا تستثنى منها دعوى الشفعة إذ تنص على أن "تعتبر الدعوى قاطعة لمدة التقادم أو السقوط من وقت تقديم صحيفتها إلى قلم المحضرين بعد سداد الرسم كاملاً أما باقي الآثار التي تترتب على رفع الدعوى فلا تسري إلا من وقت إعلان المدعى عليه بصحيفتها". وعبارة النص تتحدث عن الدعوى وعن مدة التقادم والسقوط ولفظ الدعوى يعبر عن الجنس وهو عام ولا يستفاد منه لغة أنه خاص بدعوى بذاتها كذلك عبارة مدة التقادم أو السقوط غير مخصصة بمدة تقادم أو مدة سقوط معينة فهي مطلقة والمطلق يجرى على إطلاقه ما لم يرد ما يخصصه، وبذلك يكون تقديم صحيفة دعوى الشفعة إلى قلم المحضرين في 16 يناير سنة 1964 قاطعاً لمدة السقوط التي نصت عليها المادة 943 من القانون المدني لرفع الدعوى، فتسقط الفترة السابقة مع استفتاح فترة ثلاثين يوماً جديدة تبدأ من 17 يناير سنة 1964 وتنتهي في 15 فبراير سنة 1964 حيث كان قد تم إعلان الدعوى إلى جميع الخصوم من قبل في 28 يناير سنة 1964 لأن المدة الجديدة هي بذاتها المدة الأولى طبقاً لأحكام المادة 385 من القانون المدني في خصوص انقطاع التقادم وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه قد بنى على مخالفة لنص صريح في القانون، بل وعلى مخالفة واضحة لحكمة التشريع التي أشارت إليها المذكرة الإيضاحية لنص المادة 75 المستحدث بالقانون رقم 100 لسنة 1962 بقولها إن المشرع شاء بهذا النص ألا تحمل رافع الدعوى مغبة بطلان صحيفتها نتيجة إهمال المحضر أو تراخيه أو تواطئه مع المدعى عليه، ولا وجه لاستثناء دعوى الشفعة من تلك القاعدة المطلقة في عباراتها وفي الحكمة من تشريعها والتحدي بارتباط إجراءات الشفعة ومواعيدها - وهي الحجة التي ساقها الحكم المطعون فيه - لا يحول تطبيقه هذه القاعدة على المدة المقررة لرفع دعوى الشفعة إذ ليس في ذلك ما يخل بتماسك الإجراءات وارتباطها بذات الحق، كما أنه ليس في ورود قاعدة سقوط الحق في دعوى الشفعة في القانون المدني ما يخرج هذه الدعوى عن نطاق القاعدة المطلقة التي استحدثها المشرع لانقطاع مدة السقوط، لأنه ليس في نصوص هذا القانون ما يمنع من انقطاع مواعيد إجراءات طلب الشفعة ومنها المدة التي يجب أن ترفع الدعوى خلالها، ومن ذلك يبدو خطأ الحكم فيما قرره من أن نصوص القانون المدني هي وحدها الواجبة التطبيق في دعوى الشفعة دون المادة 75/ 3 التي استحدثها قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المادة 75 من قانون المرافعات بعد تعديلها بالقانون 100 لسنة 1962 إذ نصت في فقرتها الأخيرة على أن تعتبر الدعوى قاطعة لمدة التقادم أو السقوط من وقت تقديم صحيفتها إلى قلم المحضرين بعد أداء الرسم كاملاً، فقد دلت على أن تقديم صحيفة الدعوى إلى قلم المحضرين يقطع مدة السقوط. وإذ كانت مدة الثلاثين يوماً المنصوص عليها في المادة 943 من القانون المدني هي مدة سقوط، فإن تقديم صحيفة دعوى الشفعة إلى قلم المحضرين بعد أداء الرسم كاملاً خلالها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون قاطعاً لمدة السقوط وإذ كان الثابت في الأوراق أن إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ثم في 22/ 12/ 1963 وأن صحيفة الدعوى قدمت إلى قلم المحضرين في 16 يناير سنة 1964 بعد التأشير عليها من قلم الكتاب في ذات التاريخ بأداء الرسم كاملاً، فإن الثلاثين يوماً المحددة في المادة 943 من القانون المدني لرفع دعوى الشفعة تنقطع اعتباراً من هذا التاريخ، فلا يكون الحق في الأخذ بالشفعة قد سقط. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.


(1) الطعن رقم 161 لسنة 34 ق 29/ 6/ 1967 السنة 18 ص 1420.

الطعن 469 لسنة 35 ق جلسة 8 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 9 ص 51

جلسة 8 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وأحمد ضياء الدين مصطفى.

--------------

(9)
الطعن رقم 469 لسنة 35 القضائية

( أ ) نقض. "السبب المجهل".
عدم بيان الطاعن في تقرير الطعن أوجه الدفاع المقول بأن الحكم أغفل الرد عليها. اعتبار النعي مجهلاً وغير مقبول.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في تفسير العقد". نقض. "سلطة محكمة النقض". عقد.
لمحكمة الموضوع سلطة تفسير عبارات العقد وتفهم نية العاقدين. لا رقابة لمحكمة النقض متى كانت عبارة العقد تحتمل المعنى الذي حصلته محكمة الموضوع.
(ج) حكر. "حقوق المحتكر". عقد. "تكييف العقد". وقف.
يعطي الحكر في الشريعة الإسلامية للمحتكر الحق في الانتفاع بالعقار المحتكر إلى الأبد أو لمدة طويلة وحق البناء عليه والتصرف في ذات الحق وفي البناء. وهو من أعمال التصرف وليس من أعمال الإدارة. عدم جواز عطاء الوقف بالحكر بغير إذن القاضي.

---------------
1 - إذا كانت الطاعنة لم تبين في تقرير الطعن أوجه الدفاع التي تقول بأن الحكم أغفل الرد عليها فإن النعي في هذا السبب يكون مجهلاً وغير مقبول.
2 - لقاضي الموضوع السلطة التامة في تفسير عبارات العقد، وتفهم نية العاقدين لاستنباط حقيقة الواقع فيها وتكييفها التكييف الصحيح، ولا رقابة لمحكمة النقض عليه متى كانت عبارة العقد تحتمل المعنى الذي حصله وكان قد برر قوله بما يحمله.
3 - لما كان القانون المدني القديم لم يقنن أحكام حق الحكر، وكان منشأ هذا الحق الشريعة الإسلامية فقد استقر الرأي على الأخذ بأحكامها التي تعطي للمحتكر الحق في الانتفاع بالعقار المحتكر إلى الأبد أو لمدة طويلة، وحق البناء عليه والتصرف في ذات الحق وفي البناء - وهو حق يعتبر من أعمال التصرف لا من أعمال الإدارة - وإذ كان من المقرر أن ناظر الوقف ليس له أن يعطي الوقف بالحكر بغير إذن القاضي، وكان العقد الذي استند إليه الطاعن قد صدر من ناظرة الوقف وتحددت مدته بثلاث سنوات وحرم المحتكر من التصرف في حق الحكر وفيما يقيمه على العقار المحتكر من بناء، فإن تفسير محكمة الموضوع لعبارات العقد وتكييفها له بأنه عقد إيجار لا عقد حكر يكون صحيحاً في القانون، ولا ينال منه عنونة العقد بأنه عقد إيجار حكر ولا وصف المؤجر فيه بأنه محكر والمستأجر بأنه محتكر ولا النص في العقد على تجديده لمدة أخرى وسريانه على المحتكر وذريته طبقة بعد طبقة ومن يرثهم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن نجية إبراهيم جليدان عن نفسها وبصفتها حارسة على وقف إبراهيم جليدان أقامت الدعوى رقم 10 سنة 1963 كلي السويس ضد أنصاف إبراهيم غاياتي عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها عبد الله ورقية وكريمة وزعفرانة قصر المرحوم عباس حامد أحمد وآخرين طالبة الحكم بإزالة العقار المبين بالصحيفة في مدى خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانهم بالحكم وإلا قامت بإزالته على حسابهم وقالت في بيان دعواها إن مورث المدعى عليهم المرحوم عباس حامد استحكر بعقد مؤرخ 1/ 8/ 1930 قطعة أرض فضاء من وقف المرحوم إبراهيم أحمد جليدان تبلغ مساحتها 330.90 متراً مربعاً وبنى عليها منزلاً كلفه باسمه يحمل رقم 23 عوائد وقد أنهى وقف تلك القطعة وانبنى على إنهائه زوال كل حكر كان مترتباً عليها عملاً بالمادة 7 من القانون 180 سنة 1952 وإذ نبهت على المدعى عليهم بإزالة ما عليها من مبان وتسليمها إليها خالية عملاً بالمادتين 1008، 1010 من القانون المدني ولم يستجيبوا لهذا الطلب فقد أقامت هذه الدعوى للحكم لها بطلباتها. وطلب المدعى عليهم رفض طلب الإزالة استناداً إلى أن قطعة الأرض المقام عليها البناء المطلوب إزالته لم تقع في نصيب المدعية إذ أن اللجنة التي رفعت إليها دعوى قسمة هذا الوقف لم تفصل فيها بعد. وبتاريخ 24/ 11/ 1964 حكمت المحكمة برفض الدعوى. واستأنفت المدعية هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها، وقيد استئنافها برقم 124 سنة 82 ق. وبتاريخ 9/ 5/ 1965 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً. وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب تنعى الطاعنة في أولها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها ضمنت صحيفة استئنافها والمذكرة المقدمة منها لمحكمة الاستئناف وجهي دفاع جديدين رداً على تكييف الحكم الابتدائي للعقد بأنه ليس حكراً إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد عليهما، بل ولم يشر إلى وجه الدفاع الذي أبدته في المذكرة واقتصر في تأييد الحكم الابتدائي على القول بأن العقد لا يعتبر حكراً مستوفياً لأركان انعقاده، ودون أن يبين تلك الأركان مما يعيبه بالقصور بل ويجعله خالياً من الأسباب.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الطاعنة لم تبين في تقرير الطعن أوجه الدفاع التي تقول بأن الحكم أغفل الرد عليها مما يجعل النعي في هذا السبب مجهلاً وغير مقبول، هذا إلى أن الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه قد بين أركان عقد الحكر وشروط صحته وخلص إلى أن تلك الأركان والشروط ولا تنطبق على العقد المقدم من المدعية والذي كيفته بأنه عقد إيجار لا عقد حكر بقولها "إن العقد الذي بموجبه أقيم البناء على أرض النزاع تحرر سنة 1930 ولم تكن المجموعة المدنية المعمول بها وقتئذ قد تضمنت نصوصاً تحكم الأوضاع الخاصة بالحكر وكان المستقر عليه أن منشأ نظام الحكر هو الشريعة الإسلامية، ولبيان ماهيته وأحكامه يجب الرجوع إلى قواعدها وقد عرفه الفقهاء بأن الحكر عقد إيجار يبيح للمستأجر الانتفاع بالعقار المؤجر إلى أجل غير محدود أو إلى أجل طويل معين مقابل دفع أجرة شهرية أو سنوية للمؤجر، وهو يكون عادة في أراضي البناء الموقوفة ويجوز ألا تكون الأرض وقفاً ويجب أن يكون مكتوباً وإن كانت الأرض وقفاً وجب ترخيص القاضي وللمستأجر حق عيني على العقار هو حق الانتفاع والأصل في الحكر أنه لأجل غير مسمى ويلاحظ مما تقدم أن الحكر منشئ لحق عيني ولا يكفي الإيجاب والقبول لانعقاده إذا كانت العين المحكرة موقوفة بل يجب أن يكون عقد الحكر بالكتابة وأن يأذن به القاضي وكان المعمول به أن يسجل في المحكمة الشرعية، ولقد استقى المشرع في القانون المدني الجديد أحكام المواد 999 وما بعدها في الفصل الخاص بحق الحكر من أحكام الشريعة الإسلامية على الوجه الذي قرره القضاء المصري، ولذا ضمن المشرع المادة 100 شرط انعقاد الحكر بإذن المحكمة الابتدائية الشرعية التي تقع في دائرتها الأرض ويجب أن يصدر به عقد على يد رئيس المحكمة أو من يحيله عليه من القضاة أو الموثقين، وبهذا كله يختلف عقد الحكر عن عقد الإيجار من نواحي مختلفة وإن تشابهت بعض خصائصها ويتميز الحكر بأمور منها أنه حق عيني، بينما الإيجار حق شخصي كذلك عقد الإيجار مؤقت أما الحكر فمؤبداً أو لمدة طويلة كما وأن الأجرة في الحكر هي أجرة المثل فتزيد وتنقص أما في عقد الإيجار فالأجرة ثابتة وأخيراً يلاحظ أن الحكر يتجزأ معه الملكية ويكون للمحتكر الانتفاع بالبناء فإذا أقامه كان له أن يبيعه أو يهبه ويورث عنه باعتباره ملكاً خاصاً له، وإذ يبين من عقد المدعية أنه عقد عرفي تحرر بين الطرفين دون إذن من القاضي، ولم يثبت إجراؤه بالمحكمة الشرعية وهو محدد المدة بثلاث سنوات قابلة للتجديد وتضمن العقد التزام الباني بألا يبيع هذا البناء أو يتنازل عنه للغير أو تأجيره من الباطن، وهي أمور ينتفي معها القول بأن هذا العقد قد أنشأ حكراً وإنما هو عقد إيجار أرض موقوفة، وأنه لما تقدم لا محل لإعمال نص المادتين 1008، 1010 من القانون المدني بخصوص وقائع هذه القضية وأحكامها قاصرة على الأراضي المحكرة، ويضحى التطبيق القانوني الصحيح لهذه العلاقة ما تضمنته القواعد المقررة قانوناً بشأن عقد الإيجار وما التزم به الطرفان في مشارطة التأجير". وإذ كان هذا الذي قرره الحكم فيه بيان كاف لأركان وشروط عقد الحكر فإن النعي عليه بالقصور يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه من وجهين (أولهما) أن عبارات العقد كلها تدل على أن القصد منه إنشاء حكر بين جهة الوقف والمستحكر وتأبيده، إذ عنون بأنه عقد إيجار حكر وترددت عبارات الحكر والمحتكر وقيمة الحكر وشروط الحكر في البنود الثاني والثالث والرابع من العقد وتأكد هذا القصد في البند الحادي عشر، إذ اتفق المتعاقدان فيه على سريان العقد على المحتكر وذريته طبقة بعد طبقة ومن يرثهم، ورغم ذلك فقد خالف الحكم مدلول هذه العبارات فخالف بذلك المادة 150 من القانون المدني التي لا تجيز الانحراف عن عبارة العقد متى كانت واضحة عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين (وثانيهما) أنه كيف العقد بأنه عقد إيجار لا عقد حكر استناداً إلى ما جاء بالبندين الثالث والعاشر دون باقي البنود، مع أن الهدف مما جاء بالبند الثالث من حظر التصرف في المباني إلا بإذن الواقف المحكر وعدم جواز التحكير من الباطن على الوقف بواقعة البيع للتعاقد مع المشتري من المحتكر وتقرير ما هو مقرر من أن التحكير لا يكون إلا من جهة الوقف، وأنه وإن حددت مدة العقد بثلاث سنوات على ما جاء بالبند العاشر إلا أن المحتكر قد التزم فيه بتجديده لمدة أخرى وهكذا إلى ما شاء الله مما ينفي عن العقد صفة التوقيت ويجعل القصد من التجديد مراقبة تصقيع الأرض المحكرة، وإذ كان ذلك وكان قد نص في البند الحادي عشر على سريان العقد على المحتكر وذريته طبقة بعد طبقة مما يؤكد تأييده فإن ما ورد بالبندين الثالث والعاشر مما لا يتفق مع طبيعة عقد الحكر يصبح لغواً ولا يعول عليه عملاً بالقاعدة القائلة بأنه إذا خالف الشرط طبيعة العقد صح العقد وبطل الشرط وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وكيف العقد بأنه عقد إيجار لا عقد حكر فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن النعي بهذين السببين غير سديد، ذلك أنه لما كان لقاضي الموضوع السلطة التامة في تفسير عبارات العقد وتفهم نية العاقدين لاستنباط حقيقة الواقع فيها وتكييفها التكييف الصحيح ولا رقابة لمحكمة النقض عليه متى كانت عبارة العقد تحتمل المعنى الذي حصله، وكان قد برر قوله بما يحمله ويؤدي إليه، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه - على ما جاء في الرد على السبب الأول - قد استخلص من صدور العقد بغير إذن المحكمة، ومن النص في البندين الثالث والعاشر منه على حرمان مورث الطاعنة من التنازل عن حقه أو التصرف فيه وفيما تقيمه من بناء ومن تحديد مدته بثلاث سنوات أنه عقد إيجار لا عقد حكر، وكان هذا الذي استخلصه صحيحاً في القانون وسائغاً ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، ذلك لأنه لما كان القانون المدني القديم الذي انعقد العقد أثناء سريانه لم يقنن أحكام حق الحكر وكان منشأ هذا الحق الشريعة الإسلامية، فقد استقر الرأي على الأخذ بأحكامها، وإذ كانت قواعد الشريعة تعطي للمحتكر الحق في الانتفاع بالعقار المحتكر إلى الأبد أو لمدة طويلة وحق البناء عليه والتصرف في ذات الحق وفي البناء وكان هذا الحق يعتبر من أعمال التصرف لا من أعمال الإدارة. إذ كان ذلك وكان العقد الذي تستند إليه الطاعنة قد صدر من ناظرة الوقف، وكان لا يجوز للناظرة أن تعطي الوقف بالحكر بغير إذن القاضي وكان العقد فضلاً عن ذلك قد حددت مدته بثلاث سنوات وحرم المحتكر من التصرف في حق الحكر وفيما يقيمه على العقار المحتكر من بناء فإن تفسير محكمة الموضوع لعبارات العقد وتكييفها له بأنه عقد إيجار لا عقد حكر يكون صحيحاً في القانون، ولا ينال منه عنونة العقد بأنه عقد إيجار حكر ولا وصف المؤجر فيه بأنه محكر ولا المستأجر بأنه محتكر ولا النص في البندين العاشر والحادي عشر على تجديد العقد لمدة أخرى وسريانه على المحتكر وذريته طبقة بعد طبقة ومن يرثهم، ومن ثم فإن النعي في هذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إن تكييف الحكم للعقد بأنه عقد إيجار لا عقد حكر استناداً إلى أن عقد الحكر ما كان يقوم قبل 15/ 10/ 1949 إلا بتوثيقه أمام المحكمة الشرعية مع أن عقد الحكر لم يكن عقداً شكلياً حينذاك بل عقداً رضائياً وإذ انعقد العقد في سنة 1930 فقد قام بغير حاجة إلى أي إجراء وبفرض أنه كان يشترط توثيقه أمام القاضي قبل 15/ 10/ 1949 فإنه لا يجوز للمحتكر ولا للمحكمة من تلقاء نفسها التعرض لذلك، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بما سبق الرد به على السببين الثاني والثالث، والنعي مردود في شقه الثاني بأنه ما دام النزاع أمام محكمة الموضوع قد جرى حول تفسير العقد وتكييفه إذ بينما أصرت الطاعنة على أن العقد عقد حكر ونازعها المستأنف عليهم في هذا التكييف على ما ثبت من مذكرتهم رقم 6 من الملف الاستئنافي فلا على المحكمة إن هي بحثت هذا النزاع وفصلت فيه، وبالتالي فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 400 لسنة 29 ق جلسة 9 / 4 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 85 ص 531

جلسة 9 من إبريل سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وحافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

-------------

(85)
الطعن رقم 400 لسنة 29 القضائية

( أ ) إفلاس. "التوقف عن الدفع". "المنازعة الجدية في الدين".
الدين الذي يشهر الإفلاس عند الوقوف عن دفعه. شرطه، خلوه من النزاع. على محكمة الموضوع عند الفصل في طلب الإفلاس فحص جميع المنازعات التي يثيرها المدين حول صحة الدين لتقدير مدى جديتها.
(ب) إفلاس "غل يد المفلس".
غل يد المفلس على أن يوفي ديونه بنفسه. شرطه، صدور حكم نهائي بالإفلاس. للمحكوم ابتدائياً بشهر إفلاسه أن يزيل حالة التوقف عن الدفع إلى ما قبل صدور الحكم النهائي في الاستئناف المرفوع منه.

---------------
1 - يشترط في الدين الذي يشهر الإفلاس عند الوقوف عن دفعه أن يكون خالياً من النزاع، ويجب على محكمة الموضوع عند الفصل في طلب الإفلاس أن تفحص جميع المنازعات التي يثيرها المدين حول صحة الدين لتقدير مدى جديتها وعلى هدى هذا التقدير يكون قضاؤها في الدعوى (1).
2 - حالة الإفلاس التي تغل يد المفلس على أن يوفي ديونه بنفسه لا تتقرر إلا بالحكم النهائي الصادر بشهر الإفلاس، وعلى ذلك يجوز للمحكوم ابتدائياً بشهر إفلاسه أن يزيل حالة التوقف التي انتابته إلى ما قبل صدور الحكم النهائي في الاستئناف المرفوع منه (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 294 سنة 28 تجاري كلي إفلاس القاهرة بطلب الحكم بشهر إفلاس شركة مقلة التحرير وإفلاس الطاعنين باعتبارهما الشريكين المتضامنين فيها، وقد أسس دعواه على أنه يداين الشركة المذكورة وصاحبها في مبلغ 500 ج بمقتضى سند إذني مؤرخ 3/ 4/ 1958 ومستحق الأداء في 1/ 5/ 1958 ومؤجل إلى 31/ 5/ 1958 وعمل عنه محضر احتجاج في 21/ 6/ 1958 وأن الطاعنين قد وقفا عن الوفاء بهذا الدين ولدى نظر الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى قرر الطاعن الأول أن الإمضاء المنسوب صدوره إليه على السند مزور، وقدم شواهد التزوير، وبعد أن أجرت المحكمة المذكورة المضاهاة بين توقيع الطاعن الأول على بطاقته الشخصية والتوقيع المنسوب إليه على السند، حكمت بجلسة 14/ 3/ 1959: أولاً - بقبول الإدعاء بالتزوير شكلاً ورفضه موضوعاً وبصحة السند المؤرخ 3/ 4/ 1958 المطعون فيه وألزمت الطاعن الأول مصاريف هذا الإدعاء مع تغريمه 25 ج للخزانة. ثانياً - بشهر إفلاس شركة مقلة التحرير والشريكين المتضامنين فيها واعتبار يوم 22/ 6/ 1958 تاريخاً مؤقتاً للتوقف عن الدفع. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 154 سنة 76 ق القاهرة وبتاريخ 26 مايو سنة 1959 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض في 13 يونيه سنة 1959 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 12 فبراير سنة 1963 وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التي طلبت فيها نقض الحكم وأصدرت دائرة الفحص قرارها بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية التجارية، وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة لهذا القرار حدد لنظر الطعن جلسة 16/ 3/ 1964 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه يجب للحكم بإفلاس المدين أن يكون الدين خالياً من النزاع، وقد طعن الطاعنان في سند الدين بالتزوير وطلبا ندب خبير لتحقيق ذلك، وكان على محكمة الاستئناف وقد رفضت هذا الطلب أن تتحقق من مدى جدية هذا الطعن وأن تبين الأدلة التي استندت إليها في تكوين عقيدتها بصحة السند ولكنها لم تفعل شيئاً من ذلك واكتفت بالقول بأنه لا تثريب على محكمة أول درجة إذا هي أجرت المضاهاة بنفسها دون الاستعانة بخبير الدعوى، وهذا القول ليس فيه ما يفيد أن محكمة الاستئناف قد محصت السند بنفسها أو أنها استعملت سلطتها في مراقبة الحكم الابتدائي واطمأنت إلى عملية المضاهاة التي أجرتها المحكمة الابتدائية وفي هذا ما يجعل الحكم مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه يشترط في الدين الذي يشهر الإفلاس عند الوقوف عن دفعه أن يكون خالياً من النزاع، ويجب على محكمة الموضوع عند الفصل في طلب الإفلاس أن تفحص جميع المنازعات التي يثيرها أمامها المدين حول صحة الدين لتقدير مدى جديتها وعلى هدى هذا التقدير يكون قضاؤها في الدعوى، ولما كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين قد نازعا في صحة الدين، طاعنين في سنده بالتزوير، وطلباً تحقيق هذا الإدعاء، وقد رد الحكم على ذلك بأنه لا تثريب على محكمة الدرجة الأولى إذ هي أجرت المضاهاة بنفسها دون الاستعانة بخبير في الدعوى لبحث أدلة التزوير. وهذا الذي قرره الحكم لا يفيد أن محكمة الاستئناف بحثت مدى جدية المنازعة في صحة سند الدين وإنما اكتفت بتقرير سلطة المحكمة الابتدائية في إجراء المضاهاة بنفسها، دون أن تعمل هي رقابتها الموضوعية على المضاهاة التي أجرتها محكمة الدرجة الأولى وتقول كلمتها فيها وإذ كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف لم تبحث المنازعة التي أثارها الطاعنان في شأن هذا الدين لتقدير مبلغ الجد فيها، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون في محله.
وحيث إن الطاعنين ينعيان أيضاً على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب، وذلك أنه عند نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف بجلسة 7/ 4/ 1959 أبدى الطاعنان استعدادهما لإيداع المبلغ المدعى بتوقفهما عن دفعه ومقداره 500 ج على ذمة الفصل في صحة الدين وقد وافق المطعون ضده الأول على ذلك أن يخصص له المبلغ المودع كما قرر السنديك بأنه لم يتقدم له دائنون آخرون في التفليسة لا قبل النشر ولا بعده، فأجلت المحكمة الدعوى لجلسة 27/ 4/ 1959 وصرحت للطاعنين بإيداع المبلغ، وقام الطاعن الأول بإيداعه فعلاً، ورغم ذلك فإن المحكمة لم تعرض في أسباب حكمها لهذا الإيداع وقضت بتأييد الحكم المستأنف.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن حالة الإفلاس التي تغل يد المفلس على أن يوفي ديونه بنفسه لا تتقرر إلا بالحكم النهائي الصادر بشهر الإفلاس، وعلى ذلك يجوز للمحكوم ابتدائياً بشهر إفلاسه أن يزيل حالة التوقف التي انتابته إلى ما قبل صدور الحكم النهائي في الاستئناف المرفوع منه، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعنين أبديا بجلسة 20/ 4/ 1959 استعدادهما لإيداع المبلغ المدعى بتوقفهما عن دفعة خزانة المحكمة على ذمة الفصل في الدين، ووافقهما المطعون ضده الأول على ذلك أن يخصص له هذا المبلغ على ذمة الفصل في الاستئناف، وقرر السنديك أنه لم يتقدم له في التفليسة دائنون آخرون للطاعنين وقد تم هذا الإيداع فعلاً خزانة محكمة استئناف القاهرة في 22/ 4/ 1959 وذكر في محضر الإيداع أن للمطعون ضده الأول صرف المبلغ المذكور إذ قضى لصالحه في الاستئناف بصحة سند الدين لما كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف لم تبحث أثر هذا الإيداع وما إذا كان من شأنه أن يزيل حالة التوقف عن الدفع بالنسبة للطاعنين أم لا، فإن حكمها يكون قد شابه قصور في هذا الخصوص.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


(1) راجع نقض 28/ 4/ 1962 الطعن 362 س 26 ق السنة 13 ص 528، 18/ 5/ 1961 الطعن 180 س 26 ق، 2/ 2/ 1961 الطعن 622 س 25 ق السنة 12 ص 489، 106.
(2) راجع نقض 9/ 12/ 1948 الطعن 17 ص 17 ق مجموعة 25 سنة جزء 1 ص 243.

الطعن 468 لسنة 35 ق جلسة 8 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 8 ص 43

جلسة 8 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وأحمد ضياء الدين مصطفى.

---------------

(8)
الطعن رقم 468 لسنة 35 القضائية

( أ ) تأمين. "التأمين الإجباري من حوادث السيارات". تقادم. "تقادم مسقط". دعوى.
الدعوى المباشرة للمضرور قبل المؤمن في التأمين الإجباري من حوادث السيارات. خضوعها للتقادم الثلاثي الوارد بالمادة 752 مدني.
(ب) تقادم. "وقف التقادم". تأمين. "دعوى المضرور قبل المؤمن". دعوى.
دعوى المضرور قبل المؤمن إذا كان أساس الفعل غير المشروع فيها جريمة رفعت عنها الدعوى الجنائية. أثره. وقف سريان التقادم بالنسبة للمضرور قبل المؤمن طوال مدة المحاكمة الجنائية. عودة سريانه منذ صدور الحكم الجنائي أو انتهاء المحاكمة الجنائية لسبب آخر. رفع الدعوى الجنائية مانع قانوني في معنى المادة 382/ 1 مدني.
(ج) تأمين. "شرط إلزام شركة التأمين بالتعويض". حكم. "حجية الحكم". دعوى. تعويض. قوة الأمر المقضي.
نفاذ حكم التعويض قبل شركة التأمين. شرطه. أن يكون محكوماً به بحكم قضائي نهائي. لا يدخل ذلك في نسبية الأحكام وعدم تمثيل شركة التأمين في الدعوى التي صدر فيها الحكم الجنائي. مصدر إلزامها هو المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 وتحقق شرطه وليس المادة 405 مدني المتعلقة بحجية الأحكام.

--------------
1 - الدعوى المباشرة التي أنشأها المشرع للمضرور قبل المؤمن بمقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات خاضعة للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 752 من القانون المدني والذي تبدأ مدته من وقت وقوع الفعل غير المشروع الذي سبب الضرر.
2 - إذا كان الفعل غير المشروع الذي يستند إليه المضرور في دعواه قبل المؤمن يكون جريمة، وكانت الدعوى الجنائية قد رفعت على مقارفها سواء كان هو المؤمن له أو كان غيره ممن يعتبر مسئولاً عن الحقوق المدنية المترتبة على فعلهم فإن سريان التقادم بالنسبة للمضرور قبل المؤمن يقف طوال المدة التي تدوم فيها المحاكمة الجنائية ولا يعود إلى السريان إلا منذ صدور الحكم الجنائي أو انتهاء المحاكمة الجنائية لسبب آخر وذلك على أساس أن رفع الدعوى الجنائية يكون في هذه الحالة مانعاً قانونياً في معنى المادة 382/ 1 من القانون المدني يتعذر معه على المضرور مطالبة المؤمن بحقه.
3 - مقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 أنه لا يشترط لإلزام شركة التأمين بمبلغ التعويض سوى أن يكون محكوماً به بحكم قضائي نهائي وإذ كان المبلغ الذي حكم به للمطعون عليه - المضرور - هو تعويض صدر به حكم نهائي من محكمة الجنح المستأنفة فإنه يتحقق بذلك موجب تطبيق تلك المادة ولا يدخل هذا البحث في نسبية الأحكام وفي أن شركة التأمين لم تكن ممثلة في الدعوى التي صدر فيها الحكم الجنائي لأن التزامها بتغطية مبلغ التعويض ليس مصدره المادة 405 من القانون المدني المتعلقة بحجية الأحكام وإنما مصدره المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 وتحقق الشرط الذي نصت عليه، والقول بأن لشركة التأمين أن تنازع في مقدار التعويض المحكوم به مؤداه أن تحدد مسئوليتها بما يحكم به عليها وقد يقل عما حكم به ضد المؤمن له وفي ذلك مخالفة لصريح نص المادة الخامسة المشار إليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن أحمد حامد أحمد أقام الدعوى رقم 475 سنة 1963 كلي القاهرة ضد شركة روبى جنرال للتأمين طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 2105 ج و800 م وقال بياناً للدعوى إن ابنه المرحوم محمد فوزي توفى في يوم 12/ 2/ 1957 من مصادمة سيارة كان يقودها السائق عبد العظيم خليل وتملكها شركة فؤاد درويش وحرر عن هذا الحادث محضر الجنحة رقم 981 سنة 1957 السيدة زينب وأقامت النيابة العامة الدعوى الجنائية على السائق بتهمة القتل الخطأ ولدى محكمة الجنح ادعى مدنياً قبل السائق والشركة مالكة السيارة وشركة روبى جنرال للتأمين باعتبارها الشركة المؤمن لديها عن حوادث تلك السيارة طبقاً لقانون التأمين الإجباري وطلب الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا له مبلغ 5000 ج على سبيل التعويض وقضت محكمة الجنح حضورياً في 20/ 2/ 1960 بحبس السائق سنة مع الشغل وبإلزام المتهم وشركة فؤاد درويش المسئولة عن الحقوق المدنية بأن يدفعا له مبلغ 2000 ج على سبيل التعويض وبعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى المدنية قبل شركة التأمين. واستأنف كل من المتهم وشركة فؤاد درويش هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 1777 سنة 1960 جنح مستأنف القاهرة وبتاريخ 11/ 4/ 1962 قضت محكمة الجنح المستأنفة حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف, وإذ كانت مسئولية السائق الجنائية ومسئوليته المدنية مع شركة فؤاد درويش قد ثبتتا بهذا الحكم النهائي، وكان مقدار التعويض الكامل قد حدد فيه وكان مؤمناً عن المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث تلك السيارة طبقاً لقانون التأمين الإجباري رقم 652 لسنة 1955 لدى شركة روبى جنرال للتأمين ومن حقه أن يرجع عليها بقيمة هذا التعويض وما تكبده من مصروفات لعدم أداء المحكوم عليهما لهذا التعويض فقد اضطر لإقامة الدعوى بطلباته سالفة الذكر. ودفعت شركة التأمين بعم قبول الدعوى لأن المدعي لم يقدم الإعلام الشرعي الدال على الوراثة. كما دفعت بتقادم حق المضرور في الرجوع عليها بالدعوى المباشرة لمضي أكثر من ثلاث سنوات من يوم وقوع الحادث إلى يوم إعلانها بصحيفة الدعوى الحالية، وطلبت في الموضوع تحقيق قدر مساهمة المجني عليه ومصلحة السكة الحديد بخطئهما في وقوع الحادث وخصم ما يقابل ذلك من مقدار التعويض المحكوم به من المحكمة الجنائية. وبتاريخ 19/ 1/ 1964 قضت محكمة القاهرة الابتدائية برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبرفض الدفع بالتقادم وبإلزام شركة التأمين بأن تدفع للمدعي مبلغ 2000 ج. واستأنفت شركة التأمين هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم وفقاً للدفاع الذي أبدته أمام محكمة أول درجة وقيد استئنافها برقم 417 سنة 81 قضائية. وبتاريخ 11/ 5/ 1965 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. وطعنت شركة التأمين في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في تقرير الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب تنعى الشركة الطاعنة على السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إنها كانت قد دفعت أمام محكمة أول درجة بتقادم حق المضرور في الرجوع عليها على أساس أنه قد انقضت من يوم وقوع الحادث إلى يوم اختصامها لدى محكمة الجنح مدة سنتين وتسعة وسبعين يوماً وأنه يضم هذه المدة إلى المدة التي مضت بعد اليوم الذي صار فيه حكم محكمة الجنح بعدم الاختصاص نهائياً بعدم استئنافه إلى اليوم الذي أعلنت فيه الدعوى الحالية يكون قد انقضى أكثر من ثلاث سنوات، غير أن محكمة أول درجة رفضت هذا الدفع بمقولة إن المدة السابقة على اختصام شركة التأمين أمام محكمة الجنح لا تعتبر في حساب التقادم وأن هذا التقادم لا يبدأ إلا من اليوم الذي صار فيه حكم تلك المحكمة نهائياً وإذ لم ينقض من ذلك اليوم حتى تاريخ رفع الدفع الحالية ثلاث سنوات فإن مدة التقادم لا تكون قد اكتملت، ولما استأنفت هذا الحكم عابت عليه خطأه في حساب مدة التقادم ولكن محكمة الاستئناف ردت على ذلك بقولها إن التقادم المسقط لحق المضرور في الرجوع على شركة التأمين بمبلغ التعويض لا يبدأ إلا من يوم 2/ 3/ 1960 وهو اليوم الذي صار فيه حكم محكمة الجنح بعدم الاختصاص نهائياً وأنه ما دامت شركة التأمين قد أعلنت بالدعوى الحالية في 26/ 1/ 1963 فإن مدة التقادم لا تكون قد اكتملت ورتبت على هذا رفض الدفع. وهذا الذي ذكرته محكمة الاستئناف ينطوي على الخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن مخالفة الثابت بالأوراق لأن الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن صحيفة الدعوى الحالية قد أعلنت إلى الشركة في 26/ 1/ 1963 وذلك بتسليم الإعلان للنيابة لإرسال صورته لوزارة الخارجية لتوصيلها بالطرق السياسية باعتبار أن الشركة أجنبية وموطنها الهند وذلك استناداً إلى الفقرة العاشرة من المادة 24 من قانون المرافعات في حين أن الفقرة السادسة من تلك المادة هي التي يجب تطبيقها لأن للشركة وكيلاً في مصر وكان ينبغي أن يوجه الإعلان إليه, وعلى فرض أن الفقرة العاشرة هي المنطبقة, فإن هذا الإعلان الذي زعمت المحكمة إنه تم في يوم 26/ 1/ 1963 لم يتم لأن المحضر رده دون أن يسلمه للنيابة ولم تعلن الشركة بعد ذلك إعلاناً صحيحاً إلا في يوم 29/ 4/ 1963 وإذ انقضى بين اليوم الذي أصبح حكم محكمة الجنح بعدم الاختصاص بنظر الدعوى قبل شركة التأمين نهائياً وهو مبدأ سريان التقادم، وبين هذا الإعلان الصحيح المؤرخ في 29/ 4/ 1963 أكثر من ثلاث سنوات فإن مدة التقادم تكون قد اكتملت وبالتالي يكون رفض الحكم المطعون فيه للدفع بالتقادم خطأ في القانون ومخالفة للثابت في الأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه بفرض خطأ الحكم المطعون فيه فيما قرره من أن الشركة الطاعنة قد أعلنت بالدعوى الحالية في 26/ 1/ 1963، فإن مدة التقادم لا تكون قد اكتملت في 29/ 4/ 1963 وهو اليوم الذي تقول الشركة الطاعنة إنها أعلنت فيه بالدعوى إعلاناً صحيحاً لأنه وإن كانت الدعوى المباشرة التي أنشأها المشرع للمضرور قبل المؤمن بمقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات خاضعة للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 752 من القانون المدني والذي تبدأ مدته من وقت وقوع الفعل غير المشروع الذي سبب الضرر إلا أنه من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان الفعل غير المشروع الذي يستند إليه المضرور في دعواه قبل المؤمن يكون جريمة وكانت الدعوى الجنائية قد رفعت على مقارفها سواء كان هو المؤمن له أو كان غيره ممن يعتبر مسئولاً عن الحقوق المدنية المترتبة على فعلهم فإن سريان التقادم بالنسبة للمضرور قبل المؤمن يقف طوال المدة التي تدوم فيها المحاكمة الجنائية. ولا يعود إلى السريان إلا منذ صدور الحكم الجنائي أو انتهاء المحاكمة الجنائية لسبب آخر وذلك على أساس أن رفع الدعوى الجنائية يكون في هذه الحالة مانعاً قانونياً في معنى المادة 382/ 1 من القانون المدني يتعذر معه على المضرور مطالبة المؤمن بحقه. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الفعل الذي سبب الضرر للمضرور جريمة وأن المؤمن له مسئول عن الحقوق المدنية عنه وإن المحاكمة الجنائية لمرتكب هذه الجريمة لم تنته إلا في يوم 11/ 4/ 1962 بصدور الحكم النهائي من محكمة الجنح المستأنفة فإن التقادم الثلاثي المسقط لحق المضرور في الرجوع على المؤمن لا يبدأ في السريان إلا منذ ذلك التاريخ وإذ كانت الشركة الطاعنة قد قررت إنها أعلنت بالدعوى الحالية إعلاناً صحيحاً في 29/ 4/ 1963 فإنها تكون قد أعلنت قبل مضي ثلاث سنوات من تاريخ انتهاء المحاكمة الجنائية ويكون الحكم المطعون فيه إذ رفض الدفع بالتقادم قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير منتج ولا جدوى فيه.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى في الأسباب الثاني والثالث والرابع وفي الوجه الأول من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم ذكر في أسبابه أنه ليس لشركة التأمين أن تثير النزاع حول مدى المسئولية مرة أخرى بعد أن قضى فيها بحكم نهائي في قضية الجنحة واستند في ذلك إلى نص المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 الذي يقضي بإلزام المؤمن بقيمة ما يحكم به قضائياً من التعويض للمضرور وهو من الحكم خطأ في القانون لأن مؤدى القاعدة التي قررها الحكم هو أن شركة التأمين تلتزم بحكم لم تكن طرفاً فيه وهو ما يخالف مبدأ نسبية الأحكام ولأن المشرع لم يقصد من تلك المادة إلا أن يمنع ما كانت شركات التأمين قد درجت عليه من الحد من مقدار التعويض الذي تلتزم بتغطيته بجعله قاصراً على المبلغ الوارد في الجدول الملحق بوثيقة التأمين دون المبلغ المحكوم به قضائياً، وتقول الشركة الطاعنة إن محكمة الاستئناف تحجبت بهذا الخطأ عن بحث دفاعها الذي طلبت فيه إثبات ما ارتكبه المجني عليه من خطأ ساهم في وقوع الضرر وذلك بسيره في منتصف الطريق وبعبوره مزلقان السكة الحديد حيث وقع الحادث دون تحفظ، كما رفضت بحث ما أثارته من اشتراك مصلحة السكة الحديد بخطئها في وقوع الحادث وما طالبت به نتيجة لذلك من وجوب خصم ما يقابل هذين الخطأين من التعويض المحكوم به من المحكمة الجنائية، مما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور كذلك.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 إذ نصت على أنه "يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارة إذا وقعت في جمهورية مصر وذلك في الأحوال المنصوص عليها في المادة 6 من القانون رقم 449 لسنة 1955 ويكون التزام المؤمن بقيمة ما يحكم به قضائياً من تعويض مهما بلغت قيمته ويؤدي المؤمن مبلغ التعويض إلى صاحب الحق فيه". فقد أفصحت عن أنه لا يشترط لإلزام شركة التأمين بمبلغ التعويض سوى أن يكون محكوماً به بحكم قضائي نهائي. وإذ كان المبلغ الذي حكم به للمطعون عليه هو تعويض صدر به حكم نهائي من محكمة الجنح المستأنفة فإنه يتحقق بذلك موجب تطبيق تلك المادة ولا يدخل في هذا البحث في نسبية الأحكام وفي أن شركة التأمين لم تكن ممثلة في الدعوى التي صدر فيها الحكم الجنائي لأن إلزامها بتغطية مبلغ التعويض ليس مصدره المادة 405 من القانون المدني المتعلقة بحجية الأحكام وإنما مصدره المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 وتحقق الشرط الذي نصت عليه، والقول بأن لشركة التأمين أن تنازع في مقدار التعويض المحكوم به مؤداه أن تحدد مسئوليتها بما يحكم به عليها وقد يقل عما حكم به ضد المؤمن له وفي ذلك مخالفة لصريح نص المادة الخامسة المشار إليها. ومما يؤكد أيضاً أن للحكم الصادر بالتعويض قبل المؤمن له حجية في حق شركة التأمين ما نصت عليه المادة السادسة من قانون التأمين الإجباري بقولها "إذا أدى التعويض عن طريق تسوية ودية بين المؤمن له والمضرور دون الحصول على موافقة المؤمن فلا تكون هذه التسوية حجة قبله" - إذ رأى المشرع في صدور حكم قضائي نهائي بالتعويض ما يكفل المحافظة على حقوق الشركة باعتبار أنه يمثل حقيقة المسئولية خلافاً للتسوية التي لا يتوافر فيها هذا الضمان وذلك كله في علاقة المضرور بشركة التأمين وهي العلاقة المطروحة في النزاع الحالي. لما كان ذلك فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى في الوجه الثاني من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول إنها كانت قد طلبت من محكمة الموضوع تكليف المطعون عليه بتقديم إعلان الوراثة الدال على صفته في اقتضاء التعويض منها ولكنها رفضت ذلك الطلب بناء على ما قررته من أن تلك الصفة قد ثبتت أمام محكمة الجنح وأن الشركة الطاعنة كانت مختصمة أمام تلك المحكمة ومع ذلك فإنها لم تطلب منها هذا الطلب، وهذا الذي ذكرته المحكمة مخالف للقانون لأن اختصام شركة التأمين أمام المحكمة الجنائية غير جائز قانوناً، ومن ثم فقد كان حسب الشركة لدى تلك المحكمة لتنهي الخصومة أمامها أن تكتفي بالدفع بعدم الاختصاص.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الحكم المستأنف الذي أحال إلى أسبابه الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في خصوص إنكار الشركة الطاعنة لصفة المطعون عليه على قوله "إن الثابت من الحكم في القضية رقم 891 سنة 1957 جنح السيدة زينب الجزئية واستئنافها رقم 1777 سنة 1961 استئناف مصر أن المحكمة قضت للمدعي بالتعويض قبل المتهم وشركة فؤاد درويش بالتضامن بعد أن ثبتت لها صفته في طلب التعويض كوالد للمجني عليه ولم تدفع الشركة المدعى عليها عند توجيه دعوى الضمان قبلها أمام محكمة الجنح بهذا الدفع الأمر الذي ينبئ عن صفته الصحيحة في رفع الدعوى" وهذا الذي ذكره الحكم وإن كان قد أخطأ في استدلاله على صفة المطعون عليه كوالد للمجني عليه من أن الشركة لم تدفع بإنكار صفته لدى محكمة الجنح إلا أنه وقد استخلص صفة المطعون عليه كوالد للمجني عليه من الحكم الجنائي وكان استخلاصه سائغاً ولا مخالفة فيه للقانون فإن حسبه هذا للرد على دفع الشركة ويكون خطؤه فيما تزيد فيه غير مؤثر في سلامته.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 467 لسنة 35 ق جلسة 8 / 1 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 7 ص 39

جلسة 8 من يناير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي. وأحمد ضياء الدين مصطفى.

-----------

(7)
الطعن رقم 467 لسنة 35 القضائية

حكم. "الطعن في الحكم". "الأحكام غير الجائز الطعن فيها". نقض. تزوير. نظام عام.
الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع. الطعن فيها. مناطه. انتهاء الخصومة كلها أو بعضها. الخصومة التي ينظر إلى انتهائها هي الخصومة الأصلية لا تلك التي تثار عرضاً في خصوص دفع شكلي أو مسألة فرعية متعلقة بالإثبات. الحكم في الادعاء بالتزوير برد وبطلان الورقة المثبتة لوفاء جزء من الدين لا تنتهي به الخصومة. عدم جواز الطعن فيه على استقلال. محكمة النقض تقضي به من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام.

--------------
إن المشرع إذ نص في المادة 378 من قانون المرافعات السابق الذي تم الطعن في ظله والمقابلة للمادة 212 من القانون الحالي على أن الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع قد قصد إلى أن الخصومة التي ينظر إلى انتهائها وفقاً لهذا النص هي الخصومة الأصلية المنعقدة بين الطرفين لا تلك التي تثار عرضاً في خصوص دفع شكلي في الدعوى أو مسألة فرعية متعلقة بالإثبات فيها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على الفصل في الادعاء بالتزوير برد وبطلان الورقة المطعون فيها المثبتة لوفاء جزء من الدين المطالب به. وكان هذا القضاء لا تنتهي به الخصومة الأصلية المرددة بين الطرفين كلها أو بعضها، بل لا زال لمحكمة الاستئناف بعد صدور الحكم المطعون فيه أن تستمر في نظر الموضوع وهو مطروح عليها برمته ولم تفصل فيه، إذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه لا يجوز الطعن فيه استقلالاً ويتعين على محكمة النقض أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم جواز الطعن لتعلقه بالنظام العام.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الخواجة نقولا لونديدي وشركاه أقام الدعوى 147 سنة 1953 مدني المنيا الابتدائية ضد بشرى رزق الله خليل بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 1136 ج و764 م والفوائد بواقع 7% من أول أكتوبر سنة 1952 حتى السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال شرحاً لها إنه بموجب عقدين مؤرخين في 2/ 2/ 1952 تعهد المدعى عليه أن يورد له 175 قنطاراً من القطن الأشموني محصول سنة 1952 في ميعاد ينتهي في أول أكتوبر سنة 1952 وفي مقابل ذلك تسلم منه مبالغ على دفعات مجموعها 1167 ج و330 م بما فيها 1 ج و330 م قيمة تكاليف النقل إلا أنه لم يورد سوى 21 قنطاراً و77 رطلاً ثمنها 240 ج و260 م فيكون الباقي في ذمته 927 ج و70 م فإذا أضيف إليه ثمن الأكياس والتعويض المستحق عن الأقطان التي لم تورد طبقاً لشروط العقدين وفرق السعر ورسم الإنذار يصبح المبلغ المستحق قبله 1136 ج و764 م وإذ امتنع عن السداد رغم مطالبته فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته. ورد المدعى عليه بأن زراعته القطنية كانت قد أصيبت بآفة سماوية مما ترتب عليه عجزه عن توريد جميع المقدار المتعاقد عليه وأنه على استعداد لرد الأكياس الفارغة السابق استلامها، هذا بالإضافة إلى أن المدعي لم يقدم شهادة رسمية من بورصة البضاعة الحاضرة بقيمة فرق الرتب، وبتاريخ 12/ 12/ 1954 حكمت المحكمة حضورياً وقبل الفصل في الموضوع بندب الخبير الحسابي المختص بمكتب خبراء وزارة العدل بالمنيا لأداء المأمورية المبينة بمنطوق هذا الحكم. وقد باشر الخبير مأموريته وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن مجموع المبالغ التي تسلمها المدعى عليه بلغت 1166 ج وأن ثمن القطن المورد منه هو مبلغ 240 ج و280 م وبذلك يكون الرصيد المدين للمدعى عليه مبلغ 925 ج و730 م. وفي أثناء سير الدعوى توفى المدعي فعجلها ورثته الذين عدلوا طلباتهم إلى المبلغ الذي انتهى إليه الخبير في تقريره ومقداره 925 ج و720 م والفوائد بواقع 6% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 15/ 4/ 1953 حتى السداد مع حفظ حقهم في المطالبة بدعوى مستقلة بما استبعد من طلباتهم الأصلية. وبتاريخ 21/ 12/ 1959 حكمت المحكمة حضورياً بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعين مبلغ 925 ج و720 م والمصروفات المناسبة لهذا المبلغ. واستأنف المدعى عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف طالباً إلغاءه ورفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 14 سنة 1 قضائية وكان من بين ما استند إليه في أسباب استئنافه أن لديه ورقة محاسبة مؤرخة 28/ 3/ 1952 موقعاً عليها من مورث المستأنف عليهما تفيد مديونيته للمستأنف بمبلغ 593 ج و800 م يرجع إلى اشتراكهما معاً في معاملات زراعية خاصة لا علاقة لها بشركة الأقطان التي كان يديرها المورث وأن محكمة أول درجة قد أغفلت هذه المحاسبة، وبتاريخ 20/ 1/ 1961 قرر وكيل المستأنف عليهما بالطعن بالتزوير في الورقة المتضمنة لهذه المحاسبة وأعلن شواهد التزوير التي تتضمن أن الإمضاء الموقع بها على الورقة المطعون عليها والمنسوبة للمورث لم تصدر منه وأنها مزورة عليه. وفي 16/ 1/ 1962 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبقبول شواهد التزوير وقبل الفصل في الموضوع بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لأداء المأمورية المبينة بمنطوق هذا الحكم. وبعد أن باشر الخبير مأمورية قدم تقريراً انتهى فيه إلى أن التوقيع المذيل لعبارات المحاسبة موضوع الطعن مزور ولم يصدر من يد صاحبه، وقدم المستأنف تقريراً استشارياً يفيد صحة الإمضاء المطعون عليها. وبتاريخ 8 مايو سنة 1952 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) برد وبطلان ورقة المحاسبة المؤرخة 28 مارس سنة 1952 المقدمة من المستأنف والمطعون عليها بالتزوير. (ثانياً) حددت لنظر الموضوع جلسة 6/ 10/ 1965 وصرحت للطرفين بتبادل المذكرات والمستندات وعلى قلم الكتاب إعلان من لم يحضر من الخصوم النطق بالحكم بالجلسة المحددة. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليهما ولم يبديا دفاعاً وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن المشرع إذ نص في المادة 378 من قانون المرافعات السابق الذي تم الطعن في ظله والمقابلة للمادة 212 من القانون الحالي على أن الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع، قد قصد إلى أن الخصومة التي ينظر إلى انتهائها وفقاً لهذا النص هي الخصومة الأصلية المنعقدة بين الطرفين لا تلك التي تثار عرضاً في خصوص دفع شكلي في الدعوى أو مسألة فرعية متعلقة بالإثبات فيها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على الفصل في الادعاء بتزوير ورقة المحاسبة المؤرخة 28/ 3/ 1952 والتي قدمها الطاعن لإثبات وفائه لجزء من الدين المطالب به بأن قضى برد وبطلان هذه الورقة. وكان هذا القضاء لا تنتهي به الخصومة الأصلية المرددة بين الطرفين كلها أو بعضها وهي المطالبة برد المبالغ التي تسلمها الطاعن ولم يورد في مقابلها أقطاناً بل لا زال لمحكمة الاستئناف بعد صدور الحكم المطعون فيه أن تستمر في نظر الموضوع وهو مطروح عليها برمته ولم تفصل فيه، إذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه لا يجوز الطعن فيه استقلالاً ويتعين على محكمة النقض أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم جواز الطعن لتعلقه بالنظام العام.