الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 13 مارس 2023

الطعن 6597 لسنة 45 ق جلسة 8 / 3 / 2005 إدارية عليا مكتب فني 50 ج 1 ق 104 ص 730

(104)
جلسة 8 من مارس سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمود إبراهيم محمود على عطا الله، ويحيى خضري نوبي محمد عبد المجيد، وعبد المجيد أحمد حسن المقنن، وعمر ضاحي عمر ضاحي نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ محمد إبراهيم عبد الصمد مفوض الدولة
وحضور السيد/ محمد عويس عوض الله سكرتير المحكمة

-------------

الطعن رقم 6597 لسنة 45 قضائية. عليا:

أموال الدولة العامة - الانتفاع بها - ضوابطه.
المال المملوك للإدارة يكتسب صفة العمومية بتخصيصه لمنفعة عامة بإحدى الطرق المقررة قانونًا - ملكية الأموال العامة تكون للدولة ومن حق الملكية حق استعمال المال واستثماره والتصرف فيه بمراعاة أغراض المنفعة العامة المخصص لها المال، ويحول هذا التخصيص دون التصرف في المال العام إلا إذا انطوى ذلك على نية تجريده من صفة العمومية فيه - يجرى ترتيب سبل الانتفاع بالمال العام وفقًا للأوضاع والإجراءات المنظمة لذلك قانونًا - مؤدى ذلك: المال العام لا يمكن أن يكون محلاً لتصرفات مدنية ومنها عقود الإيجار المعروفة في القانون الخاص لأن هذه الاتفاقات والعقود المدنية لا تتفق وطبيعة الأغراض التي يخصص لها المال العام، وهو الاستعمال والانتفاع العام من الكافة - لجهة الإدارة أن تتحفظ على المال العام بسلطتها كاملة بأن تنظم الانتفاع بالمال العام بترخيص يصدر بقرار إداري منها أو أن تفرغ الاتفاق في صورة عقد إداري تكون الإدارة أحد طرفيه بوصفها سلطة عامة؛ حيث يتصل العقد بنشاط مرفق عام ويقصد تسييره أو تنظيمه ويتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية بما تتضمنه من شروط استثنائية متميزة تتفق مع طبيعة الانتفاع بالمال العام وتحكم ذلك العقد الشروط الواردة فيه والقواعد القانونية التي تنظم هذا النوع من الانتفاع – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 7/ 7/ 1999 أودع الأستاذ/ علي عبد القوي محسن (المحامي) نائبًا عن الأستاذ الدكتور/ محمد عصفور (المحامي) بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها العمومي تحت رقم 6597 لسنة 45 ق. في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية "الدائرة الأولى" في الدعوى رقم 4565 لسنة 1 ق بجلسة 17/ 5/ 1999، والقاضي منطوقه أولاً: بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإنهاء الترخيص الصادر من هيئة قناة السويس برقم 744 وإلزام....... بتسليم الأرض محل الترخيص بالحالة التي تسلمها عليها أثناء الترخيص للهيئة. ثانيًا: رفض طلب إلغاء القرار الصادر بإنهاء الترخيص في 7/ 4/ 1993م وألزمته المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار والحكم مجددًا بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى وبإحالتها إلى القضاء المدني، وبالنسبة لدعوى الطاعن الحكم مجددًا بإلغاء القرار الصادر بإنهاء الترخيص في 7/ 4/ 1993، وفي جميع الأحوال بإلزام الهيئة المطعون ضدها المصاريف شاملة أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي. وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم بصفاتهم على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الطاعن مصروفات الطعن.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 5/ 3/ 2003 وتدوول بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 15/ 10/ 2003 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثالثة - موضوع" وحددت لنظره أمامها جلسة 9/ 3/ 2004 ونظرت المحكمة الطعن على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات.
وبجلسة 21/ 12/ 2004 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 8/ 3/ 2005 وفيها صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع سبق بيانها بالحكم المطعون فيه وهو ما تحيل معه المحكمة في شأن هذه الوقائع إلى الحكم المذكور وتعتبره مكملاً لقضائها، فيما عدا ما يقتضيه حكمها من بيان موجز حاصله أن الهيئة المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 108 لسنة 1988 أمام محكمة بورسعيد الابتدائية "مستعجل" بموجب صحيفة مودعة قلم كتابها بتاريخ 28/ 8/ 1988 طالبة في ختامها الحكم في مادة مستعجلة بإلزام المدعى عليه "الطاعن" بأن يخلي الأرض المرخص له بشغلها الواقعة بشمال الحوض الصناعي بشارع رقم 100 ببورسعيد وأن يسلمها خالية من أية منشآت مقامة عليها وإلزامه المصروفات على سند من القول إن الطاعن يشغل الأرض المملوكة لها رقم 744 ومساحتها 753.75م2 المشار إليها وذلك بموجب ترخيص إشغال مؤرخ في 29/ 5/ 1976 يسري اعتبارًا من 1/ 7/ 1976 وحتى 30/ 6/ 1977 وتتجدد مدته سنويًا ما لم يخطر أحد الطرفين الآخر برغبته في إنهاء الترخيص قبل انتهاء المدة الجارية بشهرين على الأقل وقد قررت الهيئة المطعون ضدها إنهاء هذا الترخيص اعتبارًا من 30/ 6/ 1988 واستلام الأرض لإقامة مشروعات سكنية للعاملين بها فأخطرت المدعي بذلك بكتاب موصى عليه برقم 1456 في 27/ 4/ 1988 مشفوعًا بإنذار على يد محضر في ذات التاريخ إلا أن الطاعن لم يستجب لطلب الإخلاء.
وبجلسة 21/ 11/ 1988 قضت المحكمة المذكورة بصفة مستعجلة أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة مكانيًا بنظر الدعوى وباختصاصها. ثانيًا: بطرد المدعى عليه من الأرض موضوع التداعي وتسليمها للمدعي بصفته بالحالة التي كانت عليها وقت التعاقد وإلزام المدعى عليه المصروفات فطعن على هذا الحكم بالاستئناف رقم 143 لسنة 1988 مستأنف مستعجل بورسعيد، وبجلسة 19/ 1/ 1989 قضت محكمة الاستئناف: أولاً: برفض الدفع المبدى من المستأنف ضده ببطلان صحيفة الاستئناف وبقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة وأبقت الفصل في المصروفات.
ونفاذًا لهذا الحكم أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة وقيدت بجدولها برقم 939 لسنة 11 ق.
وتدوولت بالجلسات أمامها وبجلستها المنعقدة في 24/ 4/ 1991 قضت برفض طلب المدعي العاجل وألزمته مصروفات هذا الطلب وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها، ونفاذًا لقرار رئيس مجلس الدولة بإنشاء محكمة القضاء الإداري ببورسعيد أحيلت الدعوى إليها وقيدت بجدولها برقم 1725 لسنة 1 ق. ثم أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية نفاذاً لقرار رئيس مجلس الدولة بإنشاء محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية وقيدت هذه الدعوى مع الدعويين التاليتين برقم واحد هو 4565 لسنة 1 ق.
وعن الدعوى الثانية فإن الطاعن أقام الدعوى رقم 1199 لسنة 2 ق. أمام محكمة القضاء الإداري ببورسعيد بموجب عريضة مودعة قلم كتابها بتاريخ 18/ 8/ 1993 بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إزالة البناء المؤجر له، مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها استمرار العلاقة الإيجارية بينه وبين الهيئة المدعى عليها وإلزام المدعى عليه المصروفات على سند من القول إنه يستأجر من الهيئة المدعى عليها قطعة أرض مقام عليها مخزن بموجب عقود إيجار بدأت مع الشركة الفرنسية القائمة على إدارة قناة السويس وتجددت تلك العقود بعد نقل اختصاصات قناة السويس إلى الهيئة وآخر تلك العقود كان بتاريخ 29/ 5/ 1976 ويتجدد هذا العقد تلقائيًا حتى الآن إلا أن الهيئة المدعى عليها أرادت إنهاء التعاقد وأقامت لذلك الدعوى رقم 180 لسنة 1988 مستعجل بورسعيد والتي تدوول نظرها طبقًا لما سلف بيانه ثم فوجئ بصدور قرارها المطعون فيه متضمنًا إنهاء العقد المبرم معه بالطريق الإداري، وأرسل القرار لقسم شرطة العرب لتنفيذه إداريًا وإزالة المبنى الخاص به والذي يزاول فيه أعمالاً تجارية ناعيًا على القرار المطعون فيه بعيب مخالفته القانون والانحراف بالسلطة، وتدوول نظر الشق العاجل من الدعوى أمام المحكمة المذكورة، وبجلستها المنعقدة في 6/ 11/ 1993 قررت ضم هذه الدعوى إلى الدعوى رقم 1725 لسنة 1 ق. للارتباط وأمرت بإحالتهما إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير واحد فيهما.
وعن الدعوى الثالثة فأقامها الطاعن أمام محكمة بورسعيد الجزئية بموجب صحيفة مودعة قلم كتابها بتاريخ 17/ 8/ 1993 وقيدت بجدولها برقم 214 لسنة 1993 بطلب الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر من الهيئة المدعى عليها فيما تضمنه من إنهاء العقد المبرم معه وإلزامه المصروفات مستندًا إلى ذات الأسباب الواردة بعريضة دعواه رقم 1199 لسنة 2 ق. المشار إليها سلفًا.
وبجلسة 1/ 1/ 1994 قضت محكمة بورسعيد الجزئية في مادة تنفيذ وبصفة مستعجلة بقبول الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري ببورسعيد وأبقت الفصل في المصروفات، ونفاذًا لهذا الحكم أحيلت الدعوى إلى المحكمة الأخيرة وقيدت بجدولها برقم 640 لسنة 3 ق. وتدوول نظر الشق العاجل من الدعوى أمامها بالجلسات على النحو الموضح بمحاضرها، وبجلستها المنعقدة في 6/ 8/ 1994 قررت ضم هذه الدعوى إلى الدعوى رقم 1725 لسنة 1 ق. وأمرت بإحالتها إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها مع الدعويين رقمي 1275 لسنة 1 ق. و1199 لسنة 3 ق. وإعداد تقرير واحد في الدعاوى الثلاث، ونفاذًا لقرار رئيس مجلس الدولة بإنشاء محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية أحيلت الدعاوى الثلاث إلى المحكمة الأخيرة وقيدت بجدولها برقم واحد "4565 لسنة 1 ق".
وبجلسة 17/ 5/ 1999 أصدرت محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية "الدائرة الأولى" حكمها المطعون فيه وشيدت المحكمة قضاءها بالنسبة لطلب هيئة قناة السويس المطعون ضدها الأولى في دعواها المشار إليها الحكم بإلزام المدعى عليه "الطاعن" بإخلاء الأرض المرخص له بشغلها.. وبأن يسلمها إليها خالية من أية منشآت أقامها عليها .. على أن الترخيص محل هذه المنازعة هو من قبيل الانتفاع العادي بجزء من المال العام ومن ثم يصطبغ بصبغة العقد الإداري وتحكم هذا الترخيص الشروط الواردة فيه، وأن الثابت من العقد المبرم بين الطرفين أن مدة الترخيص سنة تبدأ من 1/ 7/ 1976 وتنتهي في 30/ 6/ 1977 ويجدد لمدة سنة أخرى ما لم يخطر أحد الطرفين الآخر بخطاب موصى عليه بعلم الوصول قبل انتهاء المدة الجارية بشهرين على الأقل، وظل هذا العقد يجدد تلقائيًا حتى أعلنت الهيئة عن رغبتها في إنهاء العقد بكتابها المسجل بعلم الوصول رقم 1456 بتاريخ 27/ 4/ 1988 بأنها قررت إنهاء الترخيص الصادر لورثة..... اعتبارًا من 30/ 6/ 1988 ومن ثم فإنه إعمالاً لنصوص العقد التي تنظم الانتفاع بالمال العام فقد انتهت المدة المتفق عليها ويتعين على المدعى عليه "الطاعن" إنهاء العقد وإخلاء المكان وتسليمه إلى الهيئة المدعية بالحالة التي تسلمتها عليها وهي أرض فضاء طبقًا لما نص عليه في البند الأول من العقد. وقد قررت الهيئة أن إلغاء الترخيص يرجع لرغبتها في إنشاء مساكن على الأرض محل الترخيص للعاملين بها، وبناءً على ذلك قضت بانتهاء الترخيص الصادر من هيئة قناة السويس للمدعى عليه رقم 744 وإلزام المدعى عليه بتسليم الأرض محل الترخيص بالحالة التي تسلمها عليها أثناء الترخيص.
كما أقامت المحكمة قضاءها بالنسبة لطلب الطاعن الحكم بإلغاء القرار الصادر من الهيئة المطعون ضدها بتاريخ 7/ 4/ 1993 المتضمن إنهاء العلاقة الإيجارية بالطريق الإداري وإخلاء الأرض من شاغليها على أساس ما سبق أن انتهت إليه في الدعوى المقامة من الهيئة ضد المدعى عليه "الطاعن" هو ما صدر به القرار المطعون فيه والذي أصدرته الهيئة بما لها من حق طبقًا للبند الحادي عشر من الترخيص المبرم بين الطرفين، وبذلك يكون هذا القرار قد صدر قائمًا على سببه الصحيح مطابقًا للقانون.
وإذ لم يلقَ هذا الحكم قبولاً لدى الطاعن فقد أقام الطعن الماثل ناعيًا على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ومجحفًا بحقوقه، كما شابه عيب الفساد في الاستدلال فضلاً عن أنه هدر دفاع الطاعن وذلك للأسباب المبينة تفصيلاً بتقرير الطعن، وتوجز في أن الحكم الطعين أخطأ حينما اعتبر علاقة الطاعن بالهيئة علاقة منتفع عادي بجزء من المال العام في حين أن تلك العلاقة ترجع إلى تاريخ سابق على تأميم شركة قناة السويس التي قامت بتأجير قطعة من أراضيها إلى الطاعن ويستحيل أن يتحول المال الخاص إلى مال عام لمجرد تأميم الشركة، كما خالف شروط هذا العقد التي تؤكد الطبيعة المدنية للعقد موضوع النزاع، ويترتب على ذلك أن علاقة الإيجار موضوع هذا العقد يحكمها القانون المدني دون غيره، وأن القضاء المختص بنظر هذا النزاع هو القضاء المدني، وحتى مع التسليم بأن النزاع محكم بحكم إحالة من القضاء المدني للقضاء الإداري، فإنه كان يجب على القضاء الإداري أن يطبق أحكام القانون المدني على المنازعة.
وأضاف الطاعن أن الحكم المطعون فيه أهدر المستندات المقدمة في الدعوى والتي تتمثل في أن العين المؤجرة للطاعن يرجع شغلها إلى أكثر من أربعين عامًا، وأن الشركة العالمية لقناة السويس البحرية مالكة العين آنذاك قد رخصت للطاعن المستأجر ببناء مخزن، وظل هذا المبنى منذ إنشائه عام 1948 إلى أن تم تأميم تلك الشركة عام 1956 وحلت محلها هيئة قناة السويس، ومؤدى ذلك: أن عين النزاع لم تعد أرضًا فضاءً منذ عام 1948، بل أصبحت مكانًا مؤجرًا خاضعًا لأحكام قوانين الإسكان ومنها أحكام الامتداد القانوني، ويظل هذا العقد ساريًا لمدد غير محددة ولا تملك الجهة المؤجرة أية سلطة في قبول التجديد أو رفضه، ومع هذا الامتداد القانوني لا يجوز طلب الإخلاء إلا لأحد الأسباب التي أوضحتها المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 باعتباره القانون الواجب التطبيق.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة أوراق الطعن أن قطعة الأرض مثار النزاع الماثل كائنة بشمال القناة الداخلية (الحوض الصناعي) والمتصلة بقناة السويس وميناء بورسعيد - ومساحتها 753.75م2 - تقع ضمن أملاك هيئة قناة السويس المخصصة للمنفعة العامة وأنشأت هذه القناة لتخفيف عبء تكدس البضائع بالميناء الرئيسي وذلك بسحب هذه البضائع إلى هذه القناة الداخلية، وتم تخصيص الأرض الكائنة على شواطئها لتخزين البضائع بالمخازن التي أنشئت لهذا الغرض، ومن حيث إن المادة (87) من القانون المدني تنص على أنه"
1 - تُعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص...
2 - وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المال المملوك للإدارة يكتسب صفة العمومية بتخصيصه لمنفعة عامة بإحدى الطرق المقررة قانونًا ولما كانت ملكية الأموال العامة تكون للدولة ومن حق الملكية حق استعمال المال واستثماره والتصرف فيه بمراعاة أغراض المنفعة العامة المخصص لها المال، ويحول هذا التخصيص دون التصرف في المال العام إلا إذا انطوى ذلك على نية تجريده من صفة العمومية فيه، ويجرى ترتيب سبل الانتفاع بالمال العام وفقًا للأوضاع والإجراءات المنظمة قانونًا للانتفاع بالمال العام، ومعنى ذلك أن المال العام لا يمكن أن يكون محلاً لتصرفات مدنية ومنها عقود الإيجار المعروفة في القانون الخاص لأن هذه الاتفاقات والعقود المدنية لا تتفق وطبيعة الأغراض التي يخصص لها المال العام وهو الاستعمال والانتفاع العام من الكافة، ومن ثم فإن لجهة الإدارة أن تتحفظ على المال العام بسلطتها كاملة طبقًا للنظام القانوني الذي يحدد قواعد الانتفاع بالمال العام بأن تنظم الانتفاع بالمال العام بترخيص يصدر بقرار إداري منها، كما أن لها أن تفرغ الاتفاق في صورة عقد إداري تكون الإدارة أحد طرفيه بوصفها سلطة عامة؛ حيث يتصل العقد بنشاط مرفق عام وبقصد تسييره أو تنظيمه ويتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية وهو انتهاج أسلوب القانون العام فيما تتضمنه شروط هذه العقود من شروط استثنائية متميزة تتفق مع طبيعة الانتفاع بالمال العام وتحكم ذلك العقد الشروط الواردة فيه والقواعد القانونية التي تنظم هذا النوع من الانتفاع، وهي ترتب للمنتفع على المال العام حقوقًا يختلف في مداها وقوتها بحسب طبيعة الانتفاع وطبيعة المال المقرر عليه وتتسم بطابع من الاستقرار في نطاق المدة المحددة بالترخيص بشرط أن يقوم المنتفع بالالتزامات الملقاة على عاتقه، وتلتزم الإدارة باحترام حقوق المرخص له في الانتفاع، فلا يسوغ لها إلغاء الترخيص إلا إذا اقتضت المصلحة العامة إنهاء تخصيص المال لهذا النوع من الانتفاع.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الترخيص محل هذه المنازعة أن هيئة قناة السويس رخصت لمورث الطاعن بجزء من الأموال العامة لانتفاعه الخاص مقابل مبلغ معين وبشروط محددة تخرج عن نطاق القواعد المقررة في القانون الخاص خاصة ما تعلق منها بالأسعار مقابل الأشغال أو ما يقدمه من خدمات أو في طبيعة المنشآت التي يقيمها وتقرير حق الهيئة في أن تشغل الأرض موضوع هذا العقد بصفة مؤقتة أو أن تباشر فيها أعمالاً متعلقة بنشاطها ولا يجوز للمنتفع أن يعترض على شغلها لهذه الأرض أو على هذه الأعمال أو أن يطالبها بأي تعويض بسبب التعرض له في الأشغال، وأنه في حالة التأخير في دفع مقابل الأشغال عن ميعاد استحقاقه يعتبر الترخيص لاغيًا فورًا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار من جانب الهيئة، وكذا في حالة مخالفة الشروط والبنود الواردة بهذا الترخيص، ولا سيما ما يتعلق منها بالاستعمال الذي من أجله رخص بشغل هذه الأرض، ويعتبر الترخيص لاغيًا إذا لم يقم المنتفع بإزالة المخالفة في المهلة التي تحددها له الهيئة بخطاب موصى عليه وعندئذ يحق للهيئة أن تسترد في الحال بالطريق الإداري العين المرخص بشغلها مع إلزام المنتفع بدفع مقابل الأشغال عن باقي مدة الترخيص وإعادة المكان إلى ما كان عليه وإزالة أسباب المخالفة، فضلاً عن إلزامه بكافة التعويضات التي تترتب على ذلك، وأيضًا جاء بهذا الترخيص أنه بمجرد انتهاء هذا الترخيص أو فسخه يلتزم المنتفع بأن يعيد إلى الهيئة العين المرخص بشغلها وإلا ألزم بدفع تعويض عن مدة التأجير ... وذلك دون حاجة لأي تنبيه أو إنذار مع عدم الإخلال بحق الهيئة المطعون ضدها في طرد الشاغل بالطريق الإداري، وتعاد العين خالية من كافة المباني، وبالحالة التي سلمت بها إليه وإلا فإن الهيئة تقوم بنفسها أو بواسطة غيرها ودون أية مسئولية عليها وبمصاريف على عاتق المنتفع بإزالة كافة المنشآت المقامة على الأرض المرخص بإشغالها وإعادة الأرض إلى حالتها وذلك دون الإخلال بحقها في مطالبة الشاغل بالتضمينات التي تترتب على ذلك.
ومن حيث إنه ترتيبًا على ما تقدم فإن الترخيص للطاعن بالانتفاع بقطعة الأرض فضاء من أملاك الدولة العامة كائنة على ضفاف القناة الداخلية المشار إليها لا يعدو أن يكون عقدًا إداريًا استوفى مقومات وخصائص العقود الإدارية، وحيث إنه لا خلاف بين أطراف الخصومة في أن الترخيص مثار النزاع الماثل كانت مدته سنة وكان يجدد سنويًا بين الهيئة ومورث الطاعن ثم جدد مع ورثته من بعده بذات الشروط الواردة بالترخيص السابق وبذات رقم الترخيص 744 وذلك بتاريخ 1/ 7/ 1976 - ناصًا في البند الثاني منه (مدة هذا الترخيص اثنا عشر شهرًا تبدأ من أول يوليو سنة 1976 وتنتهي في 30 يونيه سنة 1977 ويجدد لمدة سنة أخرى ما لم يخطر أحد الطرفين الآخر بخطاب موصى عليه برغبته في إنهاء الترخيص قبل انتهاء المدة الجارية بشهرين على الأقل). كما نص البند الحادي عشر من هذا العقد على أن (بمجرد انتهاء هذا الترخيص أو فسخه يلزم الطرف الثاني بأن يعيد إلى الطرف الأول العين المرخص بشغلها....).
ومن حيث إن سلطة جهة الإدارة في تعديل العقد بما يشمله من إنهائه أو في تعديل طريقة تنفيذه هي الطابع الرئيسي لنظام العقود الإدارية، بل هي أبرز الخصائص التي تميز العقود الإدارية عن نظام العقود المدنية، ومقتضى هذه السلطة أن للإدارة دائمًا سلطة إنهاء العقد إذا قدرت أن ظروفًا استجدت تستدعى هذا الإنهاء، كما إذا أصبح العقد غير ذي فائدة للمرفق العام أو أضحى لا يحقق المصلحة العامة المقصودة في ظل من تغير ظروف الحال عنها وقت التعاقد مع المنتفع، وهو ما ينطبق على العقد الماثل محل النزاع؛ حيث تم استغناء جهة الإدارة عن القناة الداخلية: "الحوض الصناعي" بعد زيادة أرصفة الميناء الرئيسي بما يسمح باستيعاب البضائع الواردة، كما قامت محافظة بورسعيد بردم القنال الداخلي وترتب على ذلك عدم الحاجة إلى وجود المخازن التي رخص بإنشائها على الأراضي التابعة لهيئة قناة السويس والمطلة على القناة الداخلي، فضلاً عن حاجة الهيئة لهذه الأراضي لإنشاء مساكن إدارية للعاملين بها.
ومن حيث إنه متى ثبت أن الهيئة المطعون ضدها أخطرت الطاعن بخطاب موصى عليه بعلم الوصول برقم 1456 في 27/ 4/ 1988 بأنها قررت إنهاء الترخيص المشار إليه اعتبارًا من 30/ 6/ 1988، وطالبته بتسليم الأرض بالحالة التي كانت عليها عند منح الترخيص، وذلك في الموعد المحدد سابقًا مع إزالة أي منشآت قد تكون على هذه الأرض قبل التسليم وإلا ستضطر للقيام بإزالتها على نفقته، ثم أصدرت قرارها الطعين بتاريخ 7/ 4/ 1993 متضمنًا إنهاء العلاقة الإيجارية بالطريق الإداري وإخلاء الأرض من شاغليها، وفي حالة الامتناع عن الإخلاء طوعًا يتم الإخلاء بالقوة الجبرية.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان الثابت مما تقدم أن الهيئة المطعون ضدها قد بادرت بإنهاء هذا العقد بمقتضى السلطة المخولة قانونًا لها؛ حيث تترخص في تجديد العقد أو عدم تجديده طبقًا لما تراه محققًا للمصلحة العامة إعمالاً لنص البند الثاني من الترخيص المشار إليه - ومن ثم أضحت يد الطاعن يدًا متعدية على أموال عامة مملوكة للدولة تستوجب إزالتها إداريًا وبناءً عليه أصدرت جهة الإدارة قرارها المطعون فيه المتضمن إنهاء العلاقة الإيجارية بالطريق الإداري وفقًا لما يقتضيه صحيح حكم القانون بما لا يمثل أي مطعن على مسلكها هذا.
من حيث إنه يبين مما سلف جميعه أن الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح حكم القانون فيما قضى به للأسباب التي استند إليها والنتيجة التي خلص إليها ويكون الطعن عليه غير سديد وفي غير محله متعينًا رفضه وإلزام الطاعن بالمصاريف طبقًا لحكم المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 2041 لسنة 49 ق جلسة 6 / 3 / 2005 إدارية عليا مكتب فني 50 ج 1 ق 103 ص 725

(103)
جلسة 6 من مارس سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود زكي فرغلي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد الشيخ علي أبو زيد، وعبد المنعم أحمد عامر، ود. سمير عبد الملاك منصور، وأحمد منصور محمد علي نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ إيهاب السعدني مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ خالد عثمان محمد حسن سكرتير المحكمة

-------------------

الطعن رقم 2041 لسنة 47 قضائية. عليا:

هيئة قضايا الدولة - انتهاء الخدمة - استقالة - الشروط الواجب توافرها في طلب الاستقالة.
طلب الاستقالة هو ركن السبب في القرار الإداري الصادر بقبولها, ويلزم لصحة هذا القرار أن يكون الطلب قائمًا لحين صدور القرار مستوفيًا شروط صحته الشكلية والموضوعية, ومنها أن طلب الاستقالة باعتباره مظهرًا من مظاهر إرادة الموظف اعتزال الخدمة, يجب أن يصدر برضاء صحيح, ومن ثم يفسده كل ما يفسد الرضا من عيوب, وأهمها الإكراه إن توافرت عناصره, بأن يقدم الموظف الطلب تحت سلطان رهبة تبعثها الإدارة في نفسه دون حق أو أن تقوم هذه الرهبة على أساس بأن تكون ظروف الحال تصور له خطرًا جسيمًا محدقًا يهدده هو أو غيره في النفس أو الجسم أو الشرف أو المال, على أن يراعى في تقدير هذا الإكراه جنس من وقع عليه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامته, والمرجع في هذا التقدير إلى القضاء في حدود رقابته على القرارات الإدارية ووزنها بميزان المشروعية, بحسبان أن الإكراه يؤثر في صحة القرار الإداري بقبول الاستقالة في هذه الحالة - مؤدى ذلك: قرار وزير العدل بقبول استقالة عضو هيئة قضايا الدولة استنادًا إلى طلبه المكتوب بقبول استقالته يكون قد قام على سببه الذي يبرره وينتج أثره في إنهاء خدمته طالما لم يقم دليل بالأوراق أنه قدم هذا الطلب تحت تأثير إكراه من الجهة الإدارية بوسائل مادية أو معنوية مما يفسد الإرادة - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 17/ 12/ 2002 أودع الأستاذ/ إبراهيم على حسن المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا عريضة الطعن طالبًا فيها الحكم أصليًا بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار قبول استقالته، وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار وبصفة احتياطية وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع المطعون ضده الثاني عن قبول طلب العدول عن الاستقالة المقدم من الطاعن بتاريخ 20/ 8/ 2002 وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وقد تم إعلان عريضة الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق.
وقد جرى تحضير الطعن بهيئة مفوض الدولة، وقدم مفوض الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأى فيه الحكم بعدم قبول الطلب الأول شكلاً وبصفة احتياطية بقبول الطلب شكلاً ورفضه موضوعًا.
وقد نظرت المحكمة الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 30/ 1/ 2005 قررت حجز الطعن لإصدار الحكم فيه بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات في خلال أسبوعين، وبتاريخ 12/ 2/ 2005 قدم الطاعن مذكرة ختامية بدفاعه وقد صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن حقيقة ما يهدف إليه الطاعن في طعنه الماثل سواء في طلباته الأصلية أو الاحتياطية، هو إصدار الحكم بإلغاء القرار رقم 3655 لسنة 2002 الصادر بقبول استقالته وما يترتب على ذلك من آثار، ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه قد صدر بتاريخ 25/ 7/ 2002 وبتاريخ 20/ 8/ 2002 تقدم الطاعن بطلب إلى المطعون ضده الثاني يعدل فيه عن الاستقالة، مما يعني أنه يطلب سحب قرار قبول استقالته المطعون فيه وعلى هذا فإن طلبه يعد تظلمًا بقطع المواعيد وإذا لم يرد على تظلمه خلال الستين يومًا التالية على تقديم هذا الطلب فإنه في يوم 21/ 10/ 2002 يقوم قرار ضمني برفض تظلمه يحق للطاعن أن يطعن عليه خلال الستين يومًا التالية على تاريخ قيام هذا القرار وإذ أقام الطاعن طعنه الماثل في 17/ 12/ 2002 فإن طعنه يكون قد أقيم في خلال المواعيد المقررة قانونًا وإذ استوفى سائر أوضاعه الشكلية ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن واقعات النزاع في الطعن الماثل تخلص حسبما يبين من الاطلاع على الأوراق، في أن الطاعن قد ذكر في عريضة الطعن بأنه قد عين بهيئة قضايا الدولة في وظيفة مندوب مساعد بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 198 لسنة 1993 وتدرج في الوظائف حتى شغل وظيفة نائب وبتاريخ 22/ 7/ 2002 استدعاه المطعون ضده الثاني إلى مكتبه وأحاطه علمًا ببعض الأمور المنسوبة إليه توجب عليه الاستقالة وخيره بين تقديم الاستقالة أو الإحالة إلى مجلس التأديب لفصله من الخدمة، ومن هول الصدمة على الطاعن وإصرار المطعون ضده انهارت إرادة الطاعن أمام هذا الإجبار والإكراه فتقدم بطلب استقالة، وقد علم الطاعن أن وزير العدل أصدر قراره المطعون فيه بقبول استقالته وبتاريخ 20/ 8/ 2002 وعندما تبين للطاعن عدم سلامة ما وجه إليه تقدم بطلب للمطعون ضده الثاني للعدول عن الاستقالة إلا أنه لم يتلقَ ردًا على طلبه هذا حتى انقضت ستون يومًا على تقديمه لهذا الطلب مما يعد بمثابة رفض لهذا الطلب.
وقد نعى الطاعن على قرار قبول استقالته المطعون فيه، بأنه صدر بالمخالفة لأحكام القانون لأن تقدمه بطلب الاستقالة كان بناء على إكراه مادي وأدبي مارسه المطعون ضده الثاني عليه مما دفعه إلى تقديم طلب الاستقالة، وبذلك تكون استقالته التي تقدم بها غير قائمة على رضاء صحيح منه مما يفسدها ويفسد القرار الطعين الصادر بقبولها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن طلب الاستقالة هو ركن السبب في القرار الإداري الصادر بقبولها، وأنه يلزم لصحة هذا القرار أن يكون الطلب قائمًا لحين صدور القرار مستوفيًا شروط صحته الشكلية والموضوعية، ومنها أن طلب الاستقالة باعتباره مظهرًا من مظاهر إرادة الموظف اعتزال الخدمة يجب أن يصدر برضاء صحيح ومن ثم يفسده كل ما يفسد الرضا من عيوب وأهمها الإكراه إن توافرت عناصره بأن يقدم الموظف الطلب تحت سلطان رهبة تبعثها الإدارة في نفسه دون حق أو أن تقوم هذه الرهبة على أساس بأن تكون ظروف الحال تصور له خطر جسيمًا محدقًا يهدده هو أو غيره في النفس أو الجسم أو الشرف أو المال، على أن يراعى في تقدير هذا الإكراه جنس من وقع عليه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامته، والمرجع في هذا التقدير إلى القضاء في حدود رقابته على القرارات الإدارية ووزنها بميزان المشروعية بحسبان أن الإكراه يؤثر في صحة القرار الإداري بقبول الاستقالة في هذه الحالة.
ومن حيث إنه وعلى هدي ما تقدم، وكان قرار وزير العدل رقم 3655 لسنة 2002 المطعون فيه الصادر بقبول استقالة الطاعن قد استند إلى طلبه المكتوب المؤرخ 22/ 7/ 2002 بقبول استقالته، فإن هذا القرار يكون قد قام على سببه الذي يبرره وينتج أثره في إنهاء خدمة الطاعن طالما لم يقم دليل بالأوراق أنه قدم هذا الطلب تحت تأثير إكراه من الجهة الإدارية بوسائل مادية أو معنوية مما يفسد الإرادة ويترتب عليه بطلان القرار الطعين الصادر بقبول الاستقالة، ولا يعد إكراها ما يدعيه الطاعن من أن المطعون ضده الثاني أحضره إلى مكتبه وأحاطه علماً بما يثار حوله وخيره بين الاستقالة أو الإحالة لمجلس التأديب مما دفعه إلى تقديم طلب الاستقالة، ذلك لأن هذا الذي يدعيه الطاعن لا يعدم إرادة الطاعن وإنما له، بفرض صحة ما يدعيه وهو عضو هيئة قضائية على فهم كامل بحقوقه التي كفلها له القانون، أن يختار بإرادته الحرة بين البقاء في الخدمة ومواجهة إجراءات التحقيق والتي تكفل له حق الدفاع عن نفسه لإظهار براءته وتطهير ما ران على ثوبه من شوائب قد تسئ إلى سمعته وسمعة الهيئة التي ينتمي إليها، وبين تقديم طلب الاستقالة إن ارتأى وجهًا لصحة ما أثير حوله من اتهامات. وقد اختار الطاعن تقديم طلب الاستقالة عن إرادة حرة واعية مقدرًا النتائج المترتبة على تقديمها ومن ثم تكون الاستقالة المقدمة منه صحيحة ويكون قبولها واجبًا فور صدورها عن عضو هيئة قضائية.
ومن حيث إنه ومتى كان ما تقدم فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر متفقًا وصحيح أحكام القانون ويكون النعي عليه بالطعن الماثل غير قائم على سند من القانون خليقًا بالرفض.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن الماثل شكلاً، ورفضه موضوعًا.

الطعن 10057 لسنة 47 ق جلسة 6 / 3 / 2005 إدارية عليا مكتب فني 50 ج 1 ق 102 ص 717

(102)
جلسة 6 من مارس سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود زكي فرغلي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ حمدي محمد أمين الوكيل، ومحمد الشيخ علي أبو زيد نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار المساعد/ إيهاب السعدني مفوض الدولة
وحضور السيد/ خالد عثمان محمد حسن سكرتير المحكمة

--------------

الطعن رقم 10057 لسنة 47 قضائية. عليا:

موظف - طوائف خاصة - عاملون بالهيئة القومية لسكك حديد مصر - إنهاء خدمة - عدم لزوم الإنذار.
المادة (1) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978, المادتان (112, 118) من لائحة العاملين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحري رقم 17 لسنة 1982.
- أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة لا تسري على العاملين بالهيئات العامة إلا فيما لم تنص عليه اللوائح الخاصة بهم - نظمت المادة (112) من لائحة العاملين بالهيئة المطعون ضدها ضوابط الانقطاع عن العمل وما يعد تقديم استقالة ولم تشترط لصحة إنهاء الخدمة ضرورة إنذار العامل قبل إنهاء خدمته للانقطاع مثلما تطلبت المادة (98) من القانون رقم 47 لسنة 1978 التي لا تسري على العاملين بالهيئة المطعون ضدها لكون لائحة العاملين بالهيئة تناولت موضوع الانقطاع بتنظيم خاص له أحكام وقواعد على نحو لا يجوز معه استدعاء أحكام القانون العام وإلا كان ذلك مخالفًا لإرادة الشارع – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الخميس الموافق 26/ 7/ 2001 أودع الأستاذ/ غبريال إبراهيم غبريال المحامي نائبًا عن الأستاذ/ محمد البكري عبد البديع المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط في الدعوى رقم 2032 لسنة 8 ق بجلسة 23/ 5/ 2001 القاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعًا وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار رقم 35 لسنة 1996 المطعون فيه فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن اعتبارًا من 27/ 12/ 1996 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وقد جرى تحضير الطعن بهيئة مفوضي الدولة وقدم مفوض الدولة تقريرًا بالرأي القانوني ارتأى فيه الحكم أصليًا: بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد واحتياطيًا برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد نظرت المحكمة الطعن بعد إحالته إليها من دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 28/ 11/ 2004 قررت حجز الطعن لإصدار الحكم فيه بجلسة اليوم وقد صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 23/ 5/ 2001 وأقيم الطعن بتاريخ 26/ 7/ 2001 أي أن الطعن قد أقيم في اليوم الحادي والستين، ولما كان الطاعن يقيم في مدينة أسيوط فإن ميعاد مسافة يمتد لصالحه لا يجاوز أربعة أيام عملاً بأحكام المادة (16) من قانون المرافعات وبذلك يكون الطعن الماثل قد أقيم في المواعيد المقررة قانونًا وإذ استوفى سائر أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن واقعات النزاع في الطعن تخلص حسبما يبين من الاطلاع على الأوراق في أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 2032 لسنة 8 ق ضد المطعون ضده أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط، بأن أودع بتاريخ 25/ 8/ 1997 قلم كتاب المحكمة المذكورة عريضة دعواه طالبًا الحكم بإلغاء القرار رقم 35 لسنة 1996 المطعون فيه فيما تضمنه من إنهاء خدمته للانقطاع اعتبارًا من 27/ 12/ 1995 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقال شرحًا لدعواه إنه كان يعمل بإدارة المنطقة الوسطى بالهيئة المدعى عليها بالدرجة الثانية، وقد حصل على إجازة بدون مرتب لمدة عام اعتبارًا من 27/ 12/ 1992 حتى 26/ 12/ 1993، كمرافق لزوجته المتعاقدة للعمل بالمملكة العربية السعودية، وجددت الإجازة له لعام ثان وثالث، وقد تقدم بطلب تجديدها لعام رابع، ولم يتلقَ ردًا على طلبه، واعتبر أن ذلك يعد موافقة ضمنية وتقدم بطلب تجديدها العام الخامس ولم يتلقَ ردًا على طلبه ولدى عودته إلى أرض الوطن فوجئ بعدم الترخيص له بالإجازة للعامين الرابع والخامس وبصدور القرار المطعون فيه رقم 35 لسنة 1996 بإنهاء خدمته للانقطاع اعتبارًا من 27/ 12/ 1995، وقد تظلم من هذا القرار بتاريخ 10/ 8/ 1997 وقد نعى الطاعن على القرار المطعون فيه بأنه صدر على خلاف القانون؛ ذلك لأن جهة الإدارة ليست لها سلطة تقديرية في منح الزوج أو الزوجة إجازة بدون مرتب لمرافقة الزوج المرخص له بالعمل بالخارج، ومع ذلك كان يتعين على جهة الإدارة الموافقة على منحه الإجازة بدون مرتب لمرافقة زوجته التي تعمل بالمملكة العربية السعودية وبذلك فإن الطاعن لا يعد منقطعًا عن العمل، كما أن الطاعن لم تتوافر في شأنه نية الاستقالة ولم يوجه إليه إنذارًا قبل إنهاء خدمته بموجب القرار المطعون فيه، ولم يتم منحه مهلة الستة شهور المقررة بقرار رئيس مجلس الوزراء المؤرخ 6/ 8/ 1975، فضلاً عما تقدم فإن القرار المطعون فيه وإذ صدر من رئيس المنطقة الوسطى بأسيوط فإنه يكون صادرًا من غير مختص، واختتم الطاعن عريضة دعواه بطلب الحكم له بطلباته آنفة الذكر.
وقد نظرت محكمة القضاء الإداري بأسيوط الدعوى المشار إليها، وبجلسة 23/ 5/ 2001 أصدرت حكمها المطعون فيه الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعًا، وقد شيدت المحكمة قضاءها المتقدم على أساس أن الثابت من الأوراق أن المدعي انقطع عن العمل اعتبارًا من 27/ 12/ 1995 عقب انتهاء الإجازة بدون مرتب الممنوحة له، وقد تم إنذاره في 15/ 1/ 1996 وفي 22/ 1/ 1996 على عنوانه ومحل إقامته داخل مصر وتحذيره من مغبة انقطاعه بتعرضه لإنهاء خدمته إذا لم يعد إلى عمله، وإصدار رئيس الإدارة المركزية لشئون المنطقة الوسطى بأسيوط القرار المطعون فيه بناء على قرار التفويض المدون بديباجة القرار بإنهاء خدمة المدعي اعتبارًا من 27/ 12/ 1995 لانقطاعه عن العمل طبقًا للمادة (112) من لائحة العاملين بالهيئة الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحري رقم 17 لسنة 1982، وبذلك يكون هذا القرار وقد صدر ممن يملك إصداره وقائمًا على سببه الذي يبرره قانوناً متفقًا وأحكام القانون ولا وجه للطعن عليه بصدوره ممن لا يملك إصداره، فذلك يدحض ما جاء في ديباجة القرار من صدوره بناء على قرار رئيس مجلس الإدارة بالتفويض في بعض اختصاصاته، كما أنه لا ينال من سلامة هذا القرار قول المدعي بأنه تقدم بطلب للحصول على إجازة بدون مرتب لمرافقة الزوجة، ولم ترد جهة الإدارة على طلبه مما يعد موافقة ضمنية على منحه الإجازة، خاصة وأن جهة الإدارة لا تملك سلطة تقديرية بشأن هذه الإجازة، مما يعني أنه لم يكن منقطعًا وإنما مرخص له بإجازة؛ ذلك لأن المدعي في خلال الفترة من تاريخ انتهاء الإجازة المرخص له بها في 27/ 12/ 1995 حتى تاريخ صدوره القرار المطعون فيه في 28/ 2/ 1996 لم يتقدم بطلب الحصول على إجازة لمرافقة الزوجة إذ لم يتقدم بهذا الطلب بمعرفة نجله إلا في 24/ 3/ 1996، كما أنه لا ينال - أيضًا - من سلامة القرار الطعين قول المدعي إنه لم يوجه إليه إنذار قبل صدور القرار المطعون فيه؛ ذلك لأنه فضلاً عن أن المادة (112) من لائحة العاملين بالهيئة لم تتطلب ضرورة إنذار العامل المنقطع قبل إنهاء خدمته للانقطاع فقد قامت الجهة الإدارية بتوجيه إنذارين إليه قبل إنهاء خدمته وخلصت محكمة القضاء الإداري مما تقدم إلى أن الدعوى التي أقامها الطاعن تكون غير قائمة على سند صحيح من القانون جديرة بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد صدر على خلاف أحكام القانون للأسباب التي تخلص في الآتي:
أولاً: إن الطاعن لم ينقطع عن العمل بدون إذن ذلك لأن المادة (85) من لائحة العاملين بالهيئة المطعون ضدها قد نصت على وجوب منح العامل المرخص لزوجته بالسفر للخارج لعمل إجازة بدون مرتب، ولما كانت زوجة الطاعن كانت تعمل بالمملكة العربية السعودية وقد تقدم بطلب منحه إجازة بدون مرتب لمرافقة زوجته، فإنه كان يتعين على الهيئة المطعون ضدها الترخيص له بإجازة بدون مرتب لمرافقة زوجته وبذلك لا يكون منقطعًا عن العمل وبالتالي لا يحق إنهاء خدمته للانقطاع، وعلى فرض أن الطاعن قد تقدم بطلب الإجازة بعد صدور قرار إنهاء خدمته الطعين فإنه كان يتعين على جهة الإدارة سحب قرار إنهاء خدمته والترخيص له بإجازة لمرافقة زوجته.
ثانيًا: إنه لما كانت المادة (112) من لائحة العاملين بالهيئة لم ينص فيها على ضرورة إنذار العامل قبل إنهاء خدمته للانقطاع، فإنه يتعين الرجوع إلى أحكام المادة (98) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة التي نصت صراحة على ضرورة إنذار العامل المنقطع عن العمل قبل إنهاء خدمته للانقطاع، وهو إجراء جوهري تتأكد به جهة الإدارة من إصرار العامل وعزوفه على ترك وظيفته. وعلى ذلك ولما كان الثابت أن الهيئة المطعون ضدها لم توجه إلى الطاعن إنذارًا على عنوانه بالخارج وإنما وجهت إليه الإنذارات على محل إقامته بداخل مصر وهذه الإنذارات لا تنتج أثرها القانوني، وبذلك يكون القرار المطعون فيه الصادر بإنهاء خدمة الطاعن قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون واجب الإلغاء.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن، فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن قد انقطع عن العمل بدون إذن اعتبارًا من 27/ 12/ 1995 عقب انتهاء الإجازة المرخص له بها وبتاريخ 28/ 2/ 1996 صدر القرار المطعون فيه متضمنًا إنهاء خدمته اعتبارًا من تاريخ انقطاعه عن العمل، وثابت من الأوراق أن الطاعن لم يتقدم بطلب لمنحه إجازة لمرافقة زوجته التي تعمل بالسعودية إلا في 24/ 3/ 1996 وبعد صدور القرار المطعون فيه بمعرفة نجله، فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر في تاريخ صدوره متفقًا وأحكام القانون لكون الطاعن منقطعًا عن العمل بدون إذن وغير مرخص له بإجازة وقت صدور القرار الطعين، ولا وجه لما يدعيه الطاعن من أنه قد تقدم بطلب للحصول على الإجازة بعد صدور القرار المطعون فيه وهي إجازة لا تملك جهة الإدارة حيالها سلطة تقديرية، فكان يتعين عليها أن تسحب قرار إنهاء خدمته، ذلك أنه ولئن كان صحيحًا أن الجهة الإدارية، ملزمة بالموافقة على طلب العامل مرافقة زوجته بالخارج بالشروط التي قررتها اللائحة، إلا أن مناط ذلك أن تقوم العلاقة الوظيفية بين العامل والجهة الإدارية التي يتبعها، فإذا كان الثابت من الأوراق أن الهيئة قد أجابته إلى طلبه ورخصت له في مرافقة زوجته لمدة ثلاثة أعوام متتالية انتهت في 26/ 12/ 1995 إلا أنه لم يتقدم إليها قبل هذا التاريخ أو بعد انتهائه بطلب جديد للترخيص بالإجازة حتى اتخذت الهيئة الإجراءات الخاصة بإنذاره وتحذيره من مغبة انقطاعه عن العمل خلال الفترة المقررة قانونًا حتى صدر قرار إنهاء خدمته، وانقضت بذلك عرى العلاقة الوظيفية بينه وبين الهيئة وأضحى خارجًا عن عداد العاملين بها، ومن ثم فإن تقدمه بطلب الترخيص له بإجازة بعد شهر مارس لسنة 1996 لا يجديه في إجبار الهيئة على قبول طلبه، بعد أن فقدت ولايتها في البت في الطلب المذكور بالقبول أو الرفض، الأمر الذي يتعين معه الالتفات عن هذا الوجه من أوجه الطعن.
ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الثاني من أوجه الطعن فإن المادة (1) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أن: "يعمل في المسائل المتعلقة بنظام العاملين المدنيين بالدولة بالأحكام الواردة بهذا القانون وتسري أحكامه على: (2) العاملين بالهيئات العامة فيما لم تنص عليه اللوائح الخاصة بهم ... وتنص المادة (112) من لائحة العاملين بالهيئة المطعون ضدها الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات والنقل البحري رقم 17 لسنة 1982 على أنه (يعتبر العامل مقدمًا استقالته في الحالات الآتية: (1) إذا انقطع عن العمل بغير إذن أكثر من ثلاثين يومًا متتالية ما لم يقم خلال الخمسة عشر يومًا التالية بإثبات أن انقطاعه كان خارجًا عن إرادته وبعذر مقبول .. (2) إذا انقطع عن عمله بغير إذن مددًا تبلغ أكثر من خمسة وأربعين يومًا غير متصلة في السنة ولم يقدم عذرًا تقبله الهيئة (3) إذا التحق بخدمة جهة أجنبية بغير ترخيص.. وفي جميع الأحوال لا يجوز اعتبار العامل مستقيلا إذا كان قد اتخذت ضده أية إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل أو لالتحاقه بالخدمة في الجهة الأجنبية أيهما أسبق، وتنص المادة (118) من اللائحة المشار إليها على أنه "تسري أحكام هذه اللائحة على العاملين بالهيئة، كما تسري فيما تضمنته من مزايا أفضل على من تنظم شئونه الوظيفية منهم قوانين خاصة، وتسري أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة فيما لم يرد به نص في هذه اللائحة بما لا يتعارض مع أحكامها".
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 لا تسري على العاملين بالهيئات العامة إلا فيما لم تنص عليه اللوائح الخاصة بهم، وقد نصت المادة (112) من لائحة العاملين بالهيئة المطعون ضدها على اعتبار أن العامل الذي ينقطع عن العمل مدة أكثر من ثلاثين يومًا متتالية أو أكثر من خمسة وأربعين يومًا غير متصلة بغير عذر أو يلتحق بخدمة جهة أجنبية بغير ترخيص مقدمًا استقالته، ويجوز إنهاء خدمته ولم تشترط هذه المادة لصحة إنهاء الخدمة ضرورة إنذار العامل قبل إنهاء خدمته للانقطاع مثلما تطلبت المادة (98) من القانون رقم 47 لسنة 1978 التي لا تسري على العاملين بالهيئة المطعون ضدها؛ لكون لائحة العاملين بالهيئة قد تناولت موضوع الانقطاع بتنظيم خاص له أحكامه وقواعده على نحو لا يجوز معه استدعاء أحكام القانون العام، وهو قانون العاملين المدنيين بالدولة، وإلا كان ذلك مخالفًا لإرادة الشارع، وعلى هذا فإنه لا يتطلب لصحة قرار إنهاء خدمة العامل بالهيئة المطعون ضدها للانقطاع عن العمل بدون إذن أو عذر ضرورة إنذار العامل قبل إنهاء خدمته، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه وعلى الرغم من أن جهة الإدارة قد وجهت إنذارات إلى الطاعن على عنوانه ومحل إقامته داخل مصر، ومن ثم تكون الجهة الإدارية قد أحاطت الطاعن إحاطة كاملة بوضعه الوظيفي إزاء انقطاعه عن العمل ولكنه أبى الامتثال إلى تحذيراتها الأمر الذي أكد إليها القرينة التي أقامتها اللائحة من اعتباره مقدمًا استقالته مما يتعين معه رفع اسمه من عداد موظفيها استجابة لإرادته الضمنية بالاستقالة والمنبثقة من انقطاعه بغير عذر أو مبرر، ولا يجوز التحدي بأن الهيئة قد أنذرته على عنوانه داخل الجمهورية رغم علمها بأنه مقيم بالخارج ولا يسوغ ذلك إلا بالنسبة للعامل المعار من الهيئة، أما المرخص له في إجازة لمرافقة زوجته التي لا تعلم الهيئة محل إقامتها بالخارج، فلا يسوغ إجبارها على إعلامه على عنوان بالخارج لا علم لها به، ويكون القرار المطعون فيه قد صدر متفقًا وصحيح أحكام اللائحة المشار إليها التي لم تتطلب أصلاً إنذار العامل المنقطع عن العمل أو إنذاره بالنتائج الحتمية التي تترتب على انقطاعه عن العمل ويكون الطعن عليه خليقًا الالتفات عنه.
ومن حيث إنه ومتى كان ما تقدم فإن الطعن الماثل يكون غير قائم على سند من القانون خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن الطاعن قد أصابه الخسر في طعنه فيلزم بمصروفاته عملاً بأحكام المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 7424 لسنة 47 ق جلسة 5 / 3 / 2005 إدارية عليا مكتب فني 50 ج 1 ق 101 ص 709

(101)
جلسة 5 من مارس سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان, وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم , وحسن سلامة أحمد محمود, وأحمد عبد الحميد حسن عبود نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة

----------------

الطعن رقم 7424 لسنة 47 قضائية. عليا:

براءة اختراع - تسجيل النموذج الصناعي - حمايته.
المواد (37)، (38)، (39)، (40)، (41)، (46)، (48)، من القانون رقم 132 لسنة 1949 بشأن براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية وتعديلاته.
- القانون المشار إليه لم يأخذ بنظام الفحص السابق سواء بالنسبة لبراءات الاختراع أو الرسوم والنماذج الصناعية - مؤدى ذلك: القانون لا يطالب الإدارة المختصة بأن تتحقق من جدة الصنف المقدم للتسجيل, وهل يطابق أو لا يطابق المصنفات السابق تقديمها للإدارة أو السابق تسجيلها بمعرفتها, ولا يكون التسجيل سوى مجرد قرينة على حيازة الطالب لمصنفات معينة فضلاً عن جدتها - المشرع في القانون المذكور أخذ بالنسبة للرسوم والنماذج الصناعية بنظام الإبداع المطلق ودون أي فحص سابق, وأن إدارة الرسوم والنماذج الصناعية تقوم بتسجيل الطلب على مسئولية طالب التسجيل متى توافرت شروطه الشكلية ولا تلزمه بتقديم الدليل على ملكيته للرسم أو النموذج, ومن ثَمَّ فإن التسجيل في حد ذاته لا ينشئ الملكية على الرسم أو النموذج وإنما تنشأ الملكية من الابتكار وحده وأن التسجيل وإن يكن قرينة على الملكية وعلى أن من قام بالتسجيل هو المبتكر إلا أن هذه القرينة قابلة لإثبات العكس.
- أجاز القانون لذوي الشأن الالتجاء إلى محكمة القضاء الإداري للحصول على حكم بشطب التسجيل إذا لم يكن الرسم أو النموذج جديدًا وقت التسجيل, أو إذا تم التسجيل باسم شخص غير المالك الحقيقي, فضلاً عما كفله من حماية جنائية تجيز للمبتكر أو المالك أن يقيم الدعوى الجنائية على كل من قلد موضوع رسم أو نموذج صناعي تم تسجيله وهذه الحماية المزدوجة التي كفلها القانون للمبتكر توجب عليه أن ينشط للدفاع عما يراه حقًا له بإثبات هذا التقليد وإقامة الدليل عليه إذ عليه وحده عبء الإثبات – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الخميس الموافق 10/ 5/ 2001 أودع الأستاذ كامل ملاك حنا المحامي نائبًا عن الأستاذ مصطفى عبد الفتاح الطويل المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 7424 لسنة 47 ق. ع في الحكم المشار إليه القاضي بقبول الدعوى شكلاً، وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا بشطب النموذج الصناعي المسجل لصالح شركة أرما للصناعات الغذائية تحت رقم 14937 بتاريخ 13/ 10/ 1996 مع إلزام الشركة المدعى عليها الأولى بالمصروفات عن درجتي التقاضي. وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن بصفته المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 19/ 5/ 2003، وبجلسة 5/ 4/ 2004 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتي نظرته بجلساتها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن أقام الدعوى المشار إليها بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 27/ 4/ 1999 وطلب في ختامها الحكم بشطب النموذج الصناعي المسجل برقم 14937 بتاريخ 13/ 10/ 1996 وذلك في مواجهة المدعي عليهما الثاني والثالث مع إلزام الشركة المدعى عليها الأولى بالمصاريف والأتعاب، وقال شرحًا للدعوى إن شركة ليسيور اليمنتير الفرنسية التي يمثلها من أكبر الشركات المصدرة والمنتجة والمعبئة للزيوت منذ أكثر من عشر سنوات، وأنها تقدمت في عام 1996 لإدارة الملكية الصناعية في مصر لتسجيل نموذج صناعي له شكل معين يختلف عن مثيله بما يميزه عن غيره عبارة عن زجاجة بلاستيك شفافة سعة (1) لتر وتم تسجيل ذلك النموذج محليًا بتاريخ 8/ 7/ 1996 رقم 14563 وذلك بغرض تعبئة زيوت الطعام غير أنها فوجئت عقب تسجيل نموذجها الصناعي سالف الذكر بأن شركة أرما للصناعات الغذائية (المدعى عليها الأولى) وهى إحدى الشركات المستوردة لهذا المنتج بهذا النموذج من الشركة المدعية تقوم بتقليد ذات النموذج الخاص بالشركة المدعية وقامت بتسجيله بتاريخ 13/ 10/ 1996 تحت رقم 14937 بعد قيام الشركة المدعية بتسجيل نموذجها، وأن النموذج الصناعي الذي سجلته الشركة المدعى عليها الأولى لم يكن مملوكًا لها، ولا يتضمن أي جديد يغاير النموذج المتداول بالأسواق والخاص بالشركة المدعية أو يزيد عليه، ومن ثم ينتفي عنه شرط الجدة والابتكار ويحق بالتالي للشركة المدعية اللجوء للقضاء بطلب شطب هذا التسجيل ومحوه واعتباره كأن لم يكن.
وبجلسة 11/ 3/ 2001 صدر الحكم المطعون فيه برفض الدعوى تأسيسًا على أن القانون رقم 132 لسنة 1946 بشأن براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية معدلاً بالقانون رقم 650 لسنة 1955 لم يأخذ بنظام الفحص السابق سواء بالنسبة لبراءات الاختراع أو الرسوم والنماذج الصناعية فلم يلزم الإدارة المختصة أن تتحقق من جدة الرسم أو النموذج المقدم للتسجيل وبيان مطابقته أو عدم مطابقته لما سجل من قبل، وتقوم الإدارة بتسجيل الطلب المقدم إليها بالرسم أو النموذج الصناعي على مسئولية طالب التسجيل متى توافرت الشروط الشكلية المطلوبة في طلب التسجيل ولا تلزمه بتقديم الدليل على ملكيته للرسم أو النموذج، ومن ثم فإن التسجيل في ذاته لا ينشئ الملكية، وإنما تنشأ من الابتكار وحده، وأن التسجيل وإن كان قرينة على الملكية وعلى أن من قام بالتسجيل هو المبتكر فإن هذه القرينة قابلة لإثبات العكس، وأنه لما كانت الأوراق قد أجدبت عن أن النموذج الذي تم تسجيله باسم الشركة التي ينوب عنها المدعي هو ذات النموذج الذي تم تسجيله باسم الشركة المدعى عليها الأولى الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه قائمًا على سبب يبرره ومتفقًا مع القانون مما يجعله بمنأى من الإلغاء.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع وذلك على النحو التالي: أولاً: جاء الحكم المطعون فيه مخلاً بحق الطاعن في الدفاع حين رفض دعواه تأسيسًا على أن المدعي هو الملتزم بإقامة الدليل على دعواه في حين أن الطاعن أقام دعواه بطلب شطب النموذج الصناعي المسجل برقم 14937 بتاريخ 13/ 10/ 1996 استنادًا إلى أن هذه الشركة قامت بتقليد ذلك النموذج المملوك للشركة الطاعنة، وقد مثل المطعون ضدهم في الدعوى كل بوكيله ولم يبدوا أي دفاع ردًا على الدعوى مما يعتبر تسليمًا منهم للمدعي (الطاعن) بطلباته التي لم ينكرها المطعون ضدهم.
ثانيًا: إن إثبات واقعة تقليد النموذج الصناعي وعدم اشتماله على أي ابتكار أو تجديد هي واقعة فنية واقعية لا يمكن للمحكمة تحقيقها إلا من خلال مناظرة المحكمة للنموذجين، ولما كان الطاعن لا يستطيع تقديم لوحة النموذج الخاص بالشركة المطعون ضدها الأولى لهيئة المحكمة لأنها ليست تحت سيطرته ولا يملك استخراج صورة من لوحة النموذج المسجل باسمها لأن المادة (80) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 132 لسنة 1949 الخاص ببراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية لم تمنح هذا الحق إلا لمالك النموذج أو من يندبه أو بناءً على طلب المحكمة، ومن ثم فكان يتعين على جهة الإدارة تقديم هذا النموذج أمام المحكمة حتى يمكنها الفصل في الدعوى على الوجه الصحيح لا سيما وأنها مختصمة في الدعوى اختصامًا صحيحًا وكان يتعين على المحكمة أن تندب خبيرًا في الدعوى للتحقق من هذه المسألة الفنية حسبما ذهب إلى ذلك تقرير هيئة مفوضي الدولة لا سيما وأن الطاعن قد تمسك أمام المحكمة بطلب ندب خبير، وكان يتعين على المحكمة إجابته إلى طلبه.
ثالثاً: بطلان الحكم المطعون فيه لإغفاله بيان اسم الشركة المدعية وموطنها وهي شركة ليسيور أليمنتير الفرنسية واكتفى فقط ببيان اسم وكيلها مما يعد نقصًا جسيمًا في الحكم يرتب البطلان طبقًا للمادة (178) من قانون المرافعات.
رابعًا: بطلان إجراءات نظر الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه لعدم إيداع الجهة الإدارية المختصة البيانات والملاحظات المتعلقة بالدعوى والمستندات والأوراق الخاصة بها بالمخالفة لنص المادة (26) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
خامسًا: بطلان الحكم المطعون فيه لقصوره في التسبيب؛ حيث لم تبحث المحكمة أسباب القرار الطعين وتبين صحتها من عدمه.
ومن حيث إن المادة (37) من القانون رقم 132 لسنة 1949 وتعديلاته بشأن براءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية (قبل إلغائه بالقانون رقم 82 لسنة 2002) والذي ينطبق على النزاع الماثل تنص على أنه: "فيما يتعلق بتطبيق هذا القانون يعتبر رسمًا أو نموذجًا صناعيًا كل ترتيب للخطوط أو كل شكل أو جسم بألوان أو بغير ألوان لاستخدامه في الإنتاج الصناعي بوسيلة آلية أو يدوية أو كيماوية" وتنص المادة (38) على أن (يعد بوزارة التجارة والصناعة سجل يسمى "سجل الرسوم والنماذج" تسجل فيه الرسوم والنماذج الصناعية وجميع البيانات المتعلقة بها وفقًا لأحكام هذا القانون والقرارات التي تصدر تنفيذًا له) وتنص المادة (39) على أن "يقدم طلب تسجيل الرسم أو النموذج إلى إدارة الرسوم والنماذج الصناعية بالأوضاع والشروط المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية لهذا القانون. ويجوز أن يشتمل الطلب على عدد من الرسوم أو النماذج لا يتجاوز الخمسين بشرط أن تكون في مجموعها وحدة متجانسة" وتنص المادة (40) على أنه "لا يجوز رفض طلب التسجيل إلا لعدم استيفائه الأوضاع والشروط المشار إليها في المادة السابقة"، وتنص المادة (41) على أن "مدة الحماية القانونية المترتبة على تسجيل الرسم أو النموذج خمس سنوات تبدأ من تاريخ طلب التسجيل........".
وتنص المادة (46) على أنه "لكل ذي شأن أن يطلب من محكمة القضاء الإداري شطب تسجيل الرسم أو النموذج إذا لم يكن جديدًا وقت التسجيل أو إذا تم التسجيل باسم شخص آخر غير المالك الحقيقي للرسم أو النموذج، وتقوم إدارة الرسوم والنماذج الصناعية بهذا الشطب متى تقدم لها حكم بذلك حائز لقوة الشيء المقضي به".
وتنص المادة (48) من القانون ذاته على أن "يعاقب بالحبس....... كل من قلد موضوع رسم أو نموذج صناعي تم تسجيله وفقًا لهذا القانون ويعتبر الرسم أو النموذج مقلدًا إذا كان يثير اللبس والتشابه بين الرسم الحقيقي بحيث يتعذر تمييز كل منها عن الآخر.
ومن حيث إن لهذه المحكمة قضاء سابقًا أن القانون المشار إليه قد صدر ولم يأخذ بنظام الفحص السابق سواء بالنسبة لبراءات الاختراع أو الرسوم والنماذج الصناعية، ومؤدى ذلك أن القانون لا يطالب الإدارة المختصة بأن تتحقق من جدة الصنف المقدم للتسجيل وهل يطابق أو لا يطابق المصنفات السابق تقديمها للإدارة أو السابق تسجيلها بمعرفتها, وبمقتضى هذا النظام لا يكون التسجيل سوى مجرد قرينة على حيازة الطالب لمصنفات معينة فضلاً عن جدتها, هذا بخلاف النظام المعروف بالفحص السابق - وهو ما ابتعد عنه المشرع المصري - والذي يطالب الإدارة المختصة بأن تتحقق قبل التسجيل بأن الصنف مبتكر وأن الطالب هو المبتكر الأول له أو ممن آلت إليه حقوق المصنف, فالمشرع في القانون المذكور أخذ بالنسبة للرسوم والنماذج الصناعية بنظام الإبداع المطلق ودون أي فحص سابق, وأن إدارة الرسم والنماذج الصناعية المختصة تقوم بتسجيل الطلب المقدم إليها بالرسم أو النموذج الصناعي على مسئولية طالب التسجيل متى توافرت الشروط الشكلية المطلوبة في طلب التسجيل ولا تلزمه بتقديم الدليل على ملكيته للرسم أو النموذج، ومن ثم فإن التسجيل في حد ذاته لا ينشئ الملكية على الرسم أو النموذج وإنما تنشأ الملكية من الابتكار وحده, وأن التسجيل وإن يكن قرينة على الملكية وعلى أن من قام بالتسجيل هو المبتكر, غير أن هذه القرينة قابلة لإثبات العكس، ولهذا أجاز القانون لذوي الشأن الالتجاء إلى محكمة القضاء الإداري للحصول على حكم بشطب التسجيل إذا لم يكن الرسم أو النموذج جديداً وقت التسجيل أو إذا تم التسجيل باسم شخص غير المالك الحقيقي, هذا فضلاً عما كفله القانون المذكور من حماية جنائية تجيز للمبتكر المالك لرسم أو نموذج صناعي أن يقيم الدعوى الجنائية على كل من قلد موضوع رسم أو نموذج صناعي تم تسجيله, وهذه الحماية المزدوجة التي كفلها القانون للمبتكر توجب عليه أن ينشط للدفاع عما يراه حقًا له بإثبات هذا التقليد وإقامة الدليل عليه إذ عليه وحده يقع عبء الإثبات، وهو ما لم يفعله الطاعن بصفته وكيلاً عن الشركة الفرنسية المشار إليها طوال نظر الدعوى والطعن بل إن الجهة الإدارية قدمت بجلسة المرافعة أمام هذه المحكمة المنعقدة بتاريخ 3/ 11/ 2003 صورة طبق الأصل من ملف النموذج الصناعي برقم 14937 المسجل بالشركة المطعون ضدها الأولى والذي يذهب الطاعن إلى أنه قلّّد مبتكَرَهُ ولم يقدم الطاعن ثمة ملاحظات أو مستندات تناقض ما ورد بهذا الملف ولم يقم الدليل على أنه تم تقليد مبتكره كما يذهب ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إزاء عدم إقامة الطاعن الدليل على دعواه أن رفض الدعوى دون الإحالة إلى خبير, كما أن ما أشار إليه الطاعن في تقرير طعنه برضاء المطعون ضدهم وتسليمهم بما ورد بدعواه إنما هو قول يجانبه الصواب إذ يتعين أن يكون هذا التسليم - في هذا الخصوص - صريحًا, كما أن ما ذكره الطاعن من إغفال الحكم ذكر اسم الشركة المدعية وموطنها واكتفى بذكر اسم وكيلها أو لعدم إيداع الجهة الإدارية البيانات والملاحظات والمستندات المتعلقة بالدعوى مردود بأن ذكر من له الصفة في تمثيل الشركة المدعية كافٍ بذاته لانتفاء التجهيل في أسماء الخصوم, كما أن الإدارة قدمت مستنداتها ومذكراتها في الدعوى والطعن ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قائمًا على صحيح أسبابه ومتفقًا والقانون ويكون الطعن عليه على غير أساس جديرًا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الشركة الطاعنة المصروفات.

الطعن 3654 لسنة 47 ق جلسة 5 / 3 / 2005 إدارية عليا مكتب فني 50 ج 1 ق 100 ص 703

(100)
جلسة 5 من مارس سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د.عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان, وأحمد عبد الحميد حسن عبود, ود. محمد كمال الدين منير أحمد, ومحمد أحمد محمود محمد نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ فريد نزيه حكيم تناغو نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة

الطعن رقم 3654 لسنة 47 قضائية. عليا:

أملاك الدولة الخاصة - قواعد التصرف فيها - السلطة المختصة بتقدير الثمن، ورقابة القضاء على ذلك.
ناط المشرع بوحدات الإدارة المحلية كل في نطاق اختصاصها سلطة الإدارة والاستغلال والتصرف في الأراضي المعدة للبناء المملوكة للدولة، وناط بالمحافظ المختص سلطة وضع قواعد التصرف في هذه الأراضي بعد موافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة في ضوء القواعد العامة التي يضعها مجلس الوزراء - لذوي الشأن التظلم من تقدير الثمن أو القيمة الإيجارية، وتحال هذه الطلبات لنظرها بمعرفة لجنة التظلمات، ولا يكون قرارها نهائيًا إلا بعد موافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة ثم اعتماده من المحافظ - القول بأن السلطة المختصة في إجراء البيع وتحديد الثمن من عدمه سلطة جوازية لأن عقد البيع من العقود الرضائية وبالتالي لا يجوز للقضاء التدخل في تحديد الثمن في هذا العقد ولا محل لتقديره إلا باتفاق الطرفين، هذا القول يتعارض مع حق ذوي الشأن في اللجوء إلى القضاء إذا ما تعسفت الجهة الإدارية في تقدير الثمن – تطبيق.


الإجراءات

في يوم السبت الموافق 2/ 1/ 2001 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبًا عن الطاعنين، قلم كتاب هذه المحكمة، تقرير طعن، قيد في جدولها بالرقم عاليه، في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بأسيوط في الدعوى رقم 1063 لسنة 6 ق، بجلسة 22/ 11/ 2000 والقاضي في منطوقه بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تقدير سعر المتر من الأرض محل الدعوى بما يزيد على 250 جنيهًا (مائتان وخمسون جنيهًا) وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وطلبت الهيئة الطاعنة - للأسباب الواردة في تقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة لنظر هذا الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتأمر:
أولاً: بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة.
ثانيًا: بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا، لتقضي بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي.
وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا برأيها القانوني في الطعن ارتأت في ختامه قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلغاء القرار الطعين، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية والمطعون ضده الأول المصروفات مناصفة.
وعينت جلسة 17/ 2/ 2003 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وتداولت نظره بالجلسات، على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 5/ 4/ 2004 قررت إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 22/ 5/ 2004 حيث نظرته على الوجه الموضح بمحاضر الجلسات، وبجلسة 11/ 12/ 2004 قررت النطق بالحكم بجلسة اليوم، مع التصريح بمذكرات في شهر.
وبجلسة: اليوم صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضده الأول أحمد محمد أبو طالب, كان قد أقام - بداءة - الدعوى المطعون على حكمها أمام محكمة سوهاج الابتدائية بتاريخ 21/ 12/ 1994. حيث كان قد قيدت بجدولها العام برقم 1282 سنة 1994م. ك سوهاج، بطلب الحكم بندب خبير تكون مهمته إعادة تقدير سعر المتر المربع، وتخفيضه لحالات المثل، والقضاء بما يقدره الخبير في تقريره لتلك المساحة الكائنة بشارع أسيوط بسوهاج عن طريق الشراء بموجب عقد البيع العرفي المؤرخ بينه وبين المدعى عليهما الرابع والخامس (محمد محمد السيد سعد الشاذلي, وآمنة عوض أحمد).
وذكر - شرحًا لدعواه أنه ورد إليه خطاب من مديرية الإسكان والمرافق - إدارة الأملاك بمحافظة سوهاج، متضمنًا أن الأرض المقام عليها منزله الواقع بشارع أسيوط بسوهاج من الواجهة الغربية مملوكة للدولة ومساحتها 97.17 مترًا مربعًا ضمن أرض مخلفات ترعة الطهطا، وأنه تم تحديد سعر المتر بمعرفة اللجان القانونية بواقع 300 جنيه للمتر وأنه سبق أن اشترى هذه المساحة من المدعى عليهما الرابع والخامس، وأن سعر المتر في هذه الأرض لا يتعدى 25 جنيهًا، الأمر الذي حدا به إلى إقامة الدعوى، وبجلسة 21/ 4/ 1995 قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بأسيوط، وأبقت الفصل في المصروفات، حيث قيدت الدعوى برقمها الذي صدر به الحكم المطعون فيه.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا برأيها، ونظرت المحكمة الدعوى، وبجلسة 8/ 2/ 1998 حكمت بإحالة الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل بسوهاج ليندب بدوره أحد خبرائه المتخصصين لأداء المأمورية المبينة بأسباب الحكم.
وبجلسة 22/ 11/ 2000 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيسًا على أن لجنة التقدير الابتدائية قامت بتقدير سعر متر الأرض محل النزاع بمبلغ 300 جنيه وقد وافقها على هذا التقدير لجنة التقدير العليا بتاريخ 21/ 10/ 1991 واعتمد هذا التقرير من محافظ سوهاج في 13/ 11/ 1991 وكان هذا التقدير طبقًا للضوابط والمعايير الواردة بقرار محافظ سوهاج المشار إليه، إلا أنه ولما كان الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن سعر المتر المسطح من الأرض محل النزاع طبقًا لحالات المثل ووفقًا للضوابط المبينة بقرار محافظ سوهاج رقم 226 لسنة 1984 يقدر بمائتين وخمسين جنيهًا، وأن المحكمة تطمئن إلى تقدير الخبير المنتدب في الدعوى وتأخذ به محمولاً على أسبابه، الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك بتقدير سعر المتر لمسطح أرض التداعي بواقع 250 جنيهًا للمتر، ويتعين تبعًا لذلك تحديد مستحقات جهة الإدارة قبل المدعي.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لقيامه بتقدير الأرض المملوكة للدولة على ضوء ما انتهى إليه تقرير الخبير في الدعوى عند التصرف فيها لواضع اليد عليها بالمخالفة للقواعد القانونية وما استقرت عليه أحكام القضاء وذلك على التفصيل الوارد بتقرير الطعن والذي تحيل إليه المحكمة منعًا من التكرار.
ومن حيث إن الثابت في يقين المحكمة أن الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق فيما انتهى إليه من أن تقدير الأرض تم وفقًا للضوابط والمعايير المقررة بقرار محافظ سوهاج رقم 226 لسنة 1984 ولم يشذ عما تواترت عليه أحكام القضاء في هذا المضمار من أن المشرع ناط بوحدات الإدارة المحلية كل في نطاق اختصاصها سلطة الإدارة والاستغلال والتصرف في الأرض المعدة للبناء المملوكة للدولة وأنه ناط بالمحافظ المختص سلطة وضع قواعد التصرف في هذه الأرض بعد الحصول على موافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة وفي ضوء القواعد العامة التي يضعها مجلس الوزراء، كما وأن لذوي الشأن التظلم من تقدير الثمن أو القيمة الإيجارية وتحال هذه الطلبات لنظرها بمعرفة لجنة التظلمات .. ولا يكون قرارها نهائياً إلا بعد موافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة ثم اعتماده من المحافظ - بيد أن الحكم المطعون فيه ارتكن على ما جاء بتقرير الخبير من أن ثمن المتر المسطح من الأرض محل النزاع طبقًا لحالات المثل ووفقًا للضوابط المبينة بقرار محافظ سوهاج رقم 226 لسنة 1984 يقدر بمائتين وخمسين جنيهًا، وتلك مسألة فنية تخضع لمطلق تقدير المحكمة، ما دام أن هذا التقدير لم تشبه شائبة، كما أن الجهة الإدارية الطاعنة ذاتها لم تدحض ما جاء بتقرير الخبير بأسباب من شأنها أن تنال من سلامة الحكم المطعون فيه الأمر الذي يغدو معه طعنها. وقد افتقر سنده من الواقع أو القانون خليقًا بالرفض، وهو ما تقضي به المحكمة.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم ما ساقته جهة الإدارة في تقرير طعنها من أن السلطة في إجراء البيع وتحديد الثمن من عدمه هي سلطة جوازية حسبما جاء بنصوص القوانين وأن مرجع ذلك أن عقد البيع من العقود الرضائية وبالتالي فلا يجوز قانونًا للقضاء التدخل في تحديد الثمن في هذا العقد لأنه لا محل لتقديره إلا باتفاق الطرفين ذلك أن مثل هذا القول يتعارض مع ما أجازه المشرع لذي الشأن من التظلم من تقدير الثمن أو القيمة الإيجارية للجهة الإدارية دون الوقوف على التقدير الذي تم تحديده بداءة، كما أنه يتعارض مع حق ذوي الشأن في اللجوء إلى القضاء إذا ما تعسفت الجهة الإدارية في تقدير هذا الثمن دون أن يحاج في ذلك بأن عقد البيع من العقود الرضائية ما دامت جهة الإدارة قد أفصحت عن نيتها في البيع فعلاً وفقاً لقواعد معينة إذا ما ثبت أن هذه القواعد قد خولفت في حالات المثل شأن الطعن الماثل على نحو ما أورده الخبير.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

الطعن 12748 لسنة 48 ق جلسة 1 / 3 / 2005 إدارية عليا مكتب فني 50 ج 1 ق 99 ص 694

(99)
جلسة 1 من مارس سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكي عبد الرحمن اللمعي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ يحيي خضري نوبي محمد, ومنير صدقي يوسف خليل, وعبد المجيد أحمد حسن المقنن, وعمر ضاحي عمر ضاحي نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ حسين محمد صابر مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ محمد عويس عوض الله سكرتير المحكمة

--------------

الطعن رقم 12748 لسنة 48 قضائية. عليا:

عقد إداري - صور من العقود الإدارية - التعهد بخدمة مرفق عام - الشرطة - الالتزام برد النفقات عند الإخلال بهذا التعهد.
طبقًا للمادة (33) من قانون أكاديمية الشرطة رقم 91 لسنة 1975, التعهد بخدمة مرفق عام لمدة محددة مع التزام المتعهد برد ما أنفقه المرفق على تدريبه علميًا وعمليًا في حالة إخلاله بالتزامه هو عقد إداري تتوافر فيه خصائص ومميزات هذا العقد, وأن الأصل في تفسير العقود - إدارية أو مدنية - هو التعرف على النية المشتركة للمتعاقدين حسبما تفصح عنها عبارات العقد فإن كانت واضحة تكشف بذاتها عن هذه النية فلا وجه للحيد عنها أو مخالفتها أو الاجتهاد في تفسيرها بما ينأى عن صراحتها وعن وضوح عباراتها ومقتضى دلالتها ومتى ثبت أن هذه النية واضحة في الالتزام بخدمة مرفق عام مدة محددة سلفًا مع التزام المتعهد في حالة إخلاله بهذا الالتزام برد ما أنفق على تدريبه علميًا وعمليًا - مفاد ذلك: - قيام التزام أصلي يقع على عاتق المتعاقد مع المرفق محله أداء الخدمة للمدة المتفق عليها والتزام بديل محله دفع ما أنفق عليه في تدريبه علميًا وعمليًا, ويحل الالتزام البديل فور الإخلال بالالتزام الأصيل ويتحقق الإخلال بالالتزام الأصلي بعدم أداء الخدمة كامل المدة المتفق عليها, ولا تبرأ ذمة المتعاقد من التزامه إلا بأداء كامل الالتزام البديل وهو كامل النفقات التي أنفقت عليه – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأحد الموافق 18/ 8/ 2002 أودع الأستاذ/ صلاح الدين أنور، المستشار بهيئة قضايا الدولة نائبًا عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها العمومي تحت رقم 12748 لسنة 48 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - الدائرة السادسة - في الدعوى رقم 9874 لسنة 55 ق بجلسة 10/ 7/ 2002، والقاضي منطوقه "بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي إلى المدعي بصفته بأن يؤدي إلى المدعى مبلغ 46602.40 (ستة وأربعون ألفًا وستمائة واثني جنيه وأربعون قرشًا) والمصروفات".
وطلب الطاعن بصفته - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه والقضاء مجددًا برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الإدارة المصروفات ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة عليا بجلستها المنعقدة في 7/ 12/ 2003 وما تلاها من جلسات على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 3/ 3/ 2004 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة "الثالثة - موضوع" وحددت لنظره أمامها جلسة 29/ 6/ 2004 وقد تدوول نظر الطعن أمام هذه الدائرة بالجلسة المذكورة والجلسات التالية لها على النحو الثابت بمحاضرها حيث أودع محامي الدولة مذكرة بدفاع الجهة الإدارية الطاعنة صممت في ختامها على الطلبات الواردة بتقرير الطعن، كما أودع الحاضر عن المطعون ضده مذكرة بالدفاع التمس في ختامها الحكم برفض الطعن مع إلزام جهة الإدارة الطاعنة المصروفات.
وبجلسة 19/ 10/ 2004 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم فيه بجلسة 28/ 12/ 2004، وبتلك الجلسة تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 1/ 3/ 2005 لاستمرار المداولة، وبهذه الجلسة تم النطق بالحكم علنًا وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونًا، فمن ثم يتعين الحكم بقبوله شكلاً.
ومن حيث إن عناصر النزاع تخلص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 9874 لسنة 55 ق أمام محكمة القضاء الإداري - بموجب عريضة مودعة قلم كتابها بتاريخ 26/ 8/ 2001 طالبًا في ختامها الحكم بقبولها شكلاً وفي موضوعها بأحقيته في استرداد المبلغ الذي دفعه لوزارة الداخلية دون وجه حق. مع إلزام جهة الإدارة المصروفات على سند من القول إنه تخرج في كلية الشرطة وعين ضابطًا بهيئة الشرطة، ثم تقدم للتعيين بمجلس الدولة، وصدر قرار جمهوري تضمن تعيينه به واشترطت الوزارة لقبول استقالته من خدمتها أن يدفع مبلغ 46602 جنيه بمقولة إنه يمثل النفقات الدراسية التي تكبدتها أكاديمية الشرطة وإزاء إصرار الوزارة على هذا الموقف اضطر إلى دفع هذا المبلغ، ثم طالب برده ولكن دون جدوى وتقدم بطلب إلى لجنة التوفيق لفض المنازعات فأصدرت توصيتها بتاريخ 20/ 6/ 2001 بإعفائه من كل المصروفات واستحقاقه لاسترداد ما سبق دفعه ولم توافق الوزارة على تنفيذ التوصية مما حدا به على رفع دعواه الماثلة استنادًا إلى نص المادة (33) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة وكتاب وزير الداخلية إلى وزير العدل رقم 121 في 22/ 9/ 1999 وكتاب مساعد وزير الداخلية رقم 7615 المؤرخ 20/ 6/ 1996 إلى هيئة قضايا الدولة بشأن إعفاء دفعات من ضباط الشرطة الذين عينوا بهيئات قضائية من سداد مبالغ مماثلة وعلى ذلك فإنه لا يجوز لجهة الإدارة التفرقة في المعاملة بين ذوي المراكز القانونية المتماثلة وأن مخالفة هذا المبدأ يشكل مساسًا بمبدأ المساواة وهو مبدأ دستوري ويجعل مسلك الإدارة مشوبًا بالانحراف وأنه ليس مقبولاً بعد أن استعمل وزير الداخلية الرخصة المخولة له في عجُز المادة (33) سالفة الذكر بإعفاء من عُيّنوا بالهيئات القضائية من النفقات الدراسية باعتبار أنهم سيخدمون الوطن في موقع آخر يتصل بتطبيق القانون واستتباب الأمن وتحقيق العدالة - أن تغاير جهة الإدارة في المعاملة بالنسبة للمدعي مختتماً عريضة دعواه بطلب الحكم بما تقدم.
وبعد أن تدوولت الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري أصدرت الحكم المطعون فيه وشيدت قضاءها على أسباب حاصلها أنه وإن كان لا يوجد ما يحول بين الجهة الإدارية وهي بصدد مباشرتها لسلطتها التقديرية أن تحدد هي بذاتها مقدمًا ضوابط ممارستها التي تحكم ما يصدر منها من قرارات فردية استنادًا لهذه السلطة تسهيلاً لمهمتها وتجنبًا لاختلاف التعامل بين الحالات الفردية وإصدار قرارات تتنكر لمبدأ المساواة، وإذا كانت الوزارة تستند في تحصيل المبلغ المشار إليه من المدعي إلى قرار وزير الداخلية الصادر بالتصديق على ما قرره المجلس الأعلى للشرطة بجلسته المعقودة بتاريخ 28/ 10/ 1998 بإلزام ضابط الشرطة الذي ينقل إلى أية جهة حكومية بسداد النفقات الدراسية إذا لم يكن قد أمضى عشر سنوات بخدمة الوزارة من تاريخ تخرجه، فإن هذا القرار لا يصح سندًا لتحميل المدعي في الحالة المعروضة بضعف نفقات الدراسة بأكاديمية الشرطة، إذ إن قرار وزير الداخلية في هذا الشأن يستند إلى نص المادة (33) من القانون رقم 91 لسنة 1975 المشار إليه التي جعلت للوزير سلطة تقديرية في الإعفاء من كل أو بعض هذه النفقات، أي أن ذلك القرار صدر في مجال سلطة تقديرية ولا يتعلق بحالة أو حالات فردية، ومن ثم فهو من قبيل التعليمات التي لا ترقى إلى مستوى القرار اللائحي أو التنظيمي بالمعنى الدقيق له، لأنه لم يصدر بناءً على تفويض من المشرع، حيث خلا القانون سالف الذكر من نص يخول وزير الداخلية إصدار قرار تنظيمي أو لائحي في هذا المجال، ولا يجوز لجهة الإدارة أن يصل بها تنظيمها لهذه السلطة إلى حد التخلي عنها حسبما يفيد ما صدر عن المجلس الأعلى للشرطة في 28/ 10/ 1998 الذي أطلق إلزام خريج الشرطة بالنفقات حتى ولو كان عدم وفائه بالتزام الخدمة بهيئة الشرطة بسبب النقل إلى أية جهة حكومية، وفضلاً عن ذلك فإن هذه التعليمات مخالفة لنص القانون وتعطل حكمه في جواز الإعفاء من النفقات في هذه الحالات، كما خالف هذا القرار واقع التطبيق العملي، حيث ثبت من الأوراق ومذكرات دفاع الجهة الإدارية أنه تم بالفعل إعفاء خريجين من هذه النفقات رغم تركهم الخدمة بهيئة الشرطة قبل مضي عشر سنوات من التخرج والتحاقهم بالمخابرات العامة بعد صدور التعليمات المشار إليها من المجلس الأعلى للشرطة.
وخلصت محكمة القضاء الإداري إلى أنه بناءً على ما تقدم يحق للمدعي (المطعون ضده) التمسك بعدم انطباق تلك التعليمات عليه وبأن يظل مخاطبًا بكامل أحكام المادة (33) من قانون أكاديمية الشرطة ومن بينها تخويل وزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة سلطة تقديرية في الإعفاء من ضعف نفقات الدراسة بالأكاديمية وهو ما سبق إعماله في شأن المنقولين للعمل بإحدى الهيئات القضائية، حيث تم إعفاؤهم من هذه النفقات بقرار المجلس الأعلى للشرطة في 12/ 6/ 1996، وإذ خالفت جهة الإدارة هذا القرار وقامت بتحصيل النفقات المشار إليها من المدعي رغم توافر ضوابط الإعفاء في شأنه، فإن هذا التحصيل يكون على غير أساس صحيح من القانون ويتعين إلزامها بردها.
وحيث إن وزارة الداخلية لم ترتضِ ذلك الحكم فطعنت عليه بالطعن الماثل استنادًا لأسباب حاصلها أن الحكم مخالف للقانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، إذ إن الإلزام برد النفقات الدراسية في النزاع المعروض يجد سنده في نص المادة (33) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة وكذلك في التعهد الذي يوقع عند الالتحاق بكلية الشرطة بأن يرد الضابط ضعف هذه النفقات إذا أخل بالتزام بالخدمة بالشرطة مدة لا تقل عن عشر سنوات وهذا التعهد بمثابة عقد إداري. ولا تثريب على الجهة الإدارية إن هي استندت إليه في تحصيل هذه النفقات. كما خرج الحكم على ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا وعلى المجال المقرر لرقابة القضاء الإداري على السلطة التقديرية لجهة الإدارة. سيما وأن ما أشار إليه الحكم من أن إعمال وزير الداخلية لسلطته في الإعفاء من النفقات الدراسية يجب أن يكون دون تمييز بين حالتي النقل للعمل بهيئة قضائية وبين العمل في المخابرات العامة إعمالاً لمبدأ المساواة - هذا الذي أورده الحكم - جاء في غير موضعه لأن المساواة التي نص عليها الدستور بالمادة (40) منه ليست مساواة حسابية؛ إذ يملك المشرع تحقيقًا لمقتضيات الصالح العام وضع شروطًا موضوعية تتحدد بها المراكز القانونية وإذا كانت ظروف معينة دفعت الإدارة إلى إعمال سلطتها التقديرية في الإعفاء من النفقات الدراسية، فذلك لا ينهض قاعدة عامة تطبق على جميع الحالات في الحال والمآل، خاصة وأن لجهة الإدارة وضع القواعد التنظيمية لسير المرفق الذي تقوم على شئونه. ولها في أي وقت حق تعديل هذه القواعد وإلغائها. وفقًا لما تراه الأفضل لضمان حسن سير المرفق. وبالتالي فإن قرار وزير الداخلية بشأن الإعفاء من النفقات المشار إليها وفيما تضمنه من قواعد عامة مجردة هو قرار تنظيمي لائحي واجب الاتباع وصدر في نطاق السلطة المخولة له قانونًا وما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن هذا القرار من قبيل التعليمات لا سند له من القانون.
من حيث إنه من المقرر أن للمحكمة السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في النزاع المطروح عليها وتقدير ما يقدم فيه من الأدلة والبيانات، والقاضي الإداري بما له من هيمنة إيجابية على الدعوى الإدارية يملك التعرف على حقيقة الواقع فيها مما يقدمه الطرفان من دفاع ومستندات ثم يستظهر طبيعة النزاع ويسبغ عليه الوصف الحق والتكييف القانوني الصحيح ويرد ما حصله من فهم للواقع إلى حكم القانون فيبسط رقابته عليه ويعمل في شأنه حكم القانون حسمًا للنزاع القائم بشأنه.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن النزاع الماثل وفقًا للتكييف القانوني الصحيح له هو منازعة تتعلق بعقد إداري وتدور حول تنفيذ أحد الحقوق والالتزامات الناشئة عنه، ذلك أن المطعون ضده - لدى التحاقه بكلية الشرطة - وقع على تعهد يلتزم فيه بعدم ترك الخدمة بوزارة الداخلية قبل عشر سنوات من تاريخ التخرج وأنه إذا ترك الخدمة قبل انقضاء هذه المدة التزم بدفع ضعف النفقات الدراسية عن المدة التي قضاها بالكلية - ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة على ما قضت به دائرة توحيد المبادئ المنصوص عليها في المادة (54) مكرر من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 المضافة بالقانون رقم 136 لسنة 1984 في الطعن رقم 7 لسنة 1 ق بجلسة 15/ 12/ 1985 أن التعهد بخدمة مرفق عام لمدة محددة مع التزام المتعهد برد ما أنفقه المرفق على تدريبه علميًا وعمليًا في حالة إخلاله بالتزامه هو عقد إداري تتوافر فيه خصائص ومميزات هذا العقد، وأن الأصل في تفسير العقود - إدارية أو مدنية - هو التعرف على النية المشتركة للمتعاقدين حسبما تفصح عنها عبارات العقد، فإن كانت واضحة تكشف بذاتها عن هذه النية فلا وجه للحيد عنها أو مخالفتها أو الاجتهاد في تفسيرها بما ينأى عن صراحتها وعن وضوح عباراتها ومقتضى دلالتها، ومتى ثبت أن هذه النية واضحة في الالتزام بخدمة مرفق عام مدة محددة سلفًا مع التزام المتعهد في حالة إخلاله بهذا الالتزام برد ما أنفق على تدريبه علميًا وعمليًا فإن مفاد ذلك قيام التزام أصلي يقع على عاتق المتعاقد مع المرفق محله أداء الخدمة للمدة المتفق عليها والتزام بديل محله دفع ما أنفق عليه في تدريبه علميًا وعمليًا، ويحل الالتزام البديل فور الإخلال بالالتزام الأصيل ويتحقق الإخلال بالالتزام الأصلي بعدم أداء الخدمة كامل المدة المتفق عليها ولا تبرأ ذمة المتعاقد من التزامه إلا بأداء كامل الالتزام البديل وهو كامل النفقات التي أنفقت عليه.
ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده بعد أن تخرج في كلية الشرطة وعين ضابطًا بهيئة الشرطة بوزارة الداخلية ترك الخدمة بها لسبب يرجع إليه قبل انقضاء المدة المنصوص عليها بالتعهد المشار إليه، حيث قدم استقالته وصدر قرار جمهوري برقم 300 لسنة 2000 بتعيينه في وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة فإنه يكون قد أخل بالتزامه الأصلي بالخدمة في الوزارة المدة المتفق عليها وبالتالي يلتزم بأن يؤدي لها الالتزام البديل وهو ضعف النفقات الدراسية التي أنفقت عليه مدة دراسته، وإذ تبين للوزارة أن قيمة هذه النفقات هي مبلغ 46602 جنيه فألزمته بسداده قبل نقله إلى الجهة المذكورة فإن تصرفها يكون صحيحًا ويجد سند مشروعيته في العقد الإداري سالف الذكر.
ومن حيث إن المطعون ضده لا يجادل في التزامه بسداد هذه النفقات طبقًا للتعهد المذكور وإنما يدور الخلاف بينه وبين الوزارة حول مدى أحقيته في الاستفادة مما سبق أن قرره وزير الداخلية عام 1996 بإعفاء الضباط المنقولين إلى الهيئات القضائية من أي التزام مالي نظير نقلهم من هيئة الشرطة بمقولة توافر الضوابط الواردة به في شأنه وبالتالي لا يجوز للوزارة أن تلزمه بهذه النفقات على سند مما قرره وزير الداخلية عام 1998 بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة بتاريخ 28/ 10/ 1998 بإلزام الضباط المنقولين لأية جهة حكومية (هيئات قضائية أو .........) بتسديد المبالغ المستحقة عليهم لعدم تمضيتهم عشر سنوات بالخدمة مع استنزال نسبة عشر المبلغ عن كل سنة خدمة إعمالاً لنص المادة (33) من قانون أكاديمية الشرطة 91 لسنة 1975 لأن الوزارة تكون بذلك قد خالفت القانون وعطلت حكمه وألغت السلطة التقديرية التي منحها لها المشرع بالنص سالف الذكر الذي يجيز لوزير الداخلية بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للشرطة إعفاء الضابط المنقول إلى أي جهة حكومية من هذه النفقات أو جزء منها، فذلك القول مردود بأن ما صدر عن وزارة الداخلية سواء عام 1996 أو عام 1998 لا ينطوي على مخالفة للقانون أو خروج على أحكامه بحسبان أن الالتزام بسداد هذه النفقات هو التزام عقدي على ما سلف بيانه وما يصدر عن الوزارة في شأن تنفيذه ليس من قبيل القرارات الإدارية بمعناها المقرر فقهًا وقضاءً وإنما هو إجراء عقدي اتخذ في إطار علاقة عقدية وإن كان قد صدر طبقًا للرخصة المقررة في المادة (33) من قانون أكاديمية هيئة الشرطة المشار إليه. باعتبار أن هذا النص قد اندمج في أحكام التعاقد، وبالتالي فلا تثريب على الوزارة إن عدلت عما وضعته عام 1996 من ضوابط وشروط للإعفاء الكلي من هذا الالتزام ووضعت ضوابط أخرى عام 1998 قررت فيها الإعفاء الجزئي من هذه النفقات فهي في الحالين استخدمت حقًا مقررًا لها وهي بصدد تنفيذ العقد وليس ثمة مخالفة إذا قدرت في فترة زمنية معينة الإعفاء من هذه النفقات وفق ضوابط وشروط محددة، ثم عدلت عنها في فترة زمنية لاحقة فوضعت غيرها بعد أن قدرت تغيرًا في المعطيات والظروف التي كانت محلاً لتقديرها الأول ولا مجال حينئذ للقول بانحرافها في استعمال سلطتها أو إخلالها بمبدأ المساواة بين ذوي المراكز القانونية المتماثلة لما هو مقرر من أن الالتزامات التي تترتب على العقد الإداري هي التزامات شخصية أو ذاتية ولا تبرأ ذمة المتعاقد مع الإدارة منها إلا بالوفاء بها، كما لا تسأل الإدارة في نطاقها إلا عن خطئها العقدي حين تخل بالتزام عقدي كان يتعين عليها القيام به ولم تفعل - إذا ترتب على ذلك إلحاق ضرر بالطرف الآخر، ولا وجه للقول بأن ذلك يمثل إخلالاً بمبدأ المساواة وإلا تحول هذا المبدأ من ضابط يحقق العدالة إلى سد حائل دون مسايرة تغير الظروف والأحوال ومقتضيات حاجات المرفق.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم فإن تحصيل وزارة الداخلية للمبلغ المشار إليه من المطعون ضده نتيجة إخلاله بالتزامه الأصلي هو إجراء سليم يتفق مع التعهد المشار إليه، فضلاً عن موافقته للضوابط التي قررتها الوزارة عام 1988.
وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في فهم الواقع والقانون، الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.

الطعن 3265 لسنة 48 ق جلسة 27 / 2 / 2005 إدارية عليا مكتب فني 50 ج 1 ق 98 ص 687

(98)
جلسة 27 من فبراير سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود زكي فرغلي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد الشيخ على أبو زيد, وعبد المنعم أحمد عامر, ود. سمير عبد الملاك منصور, وأحمد منصور محمد على نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ أحمد يسري زين العابدين مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ خالد عثمان محمد حسن سكرتير المحكمة

--------------

الطعن رقم 3265 لسنة 48 قضائية. عليا:

جامعات - لجنة معادلة الدرجات العلمية - سلطتها التقديرية - حدودها.
طبقًا لأحكام اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 809 لسنة 1975 المعدلة بالقرار الجمهوري رقم 470 لسنة 1999.
اللجنة العلمية التي يشكلها المجلس الأعلى للجامعات هي صاحبة الاختصاص في تقرير معادلة الدرجات العلمية الأجنبية بالدرجات العلمية التي تمنحها الجامعات المصرية, وتتمتع هذه اللجنة بسلطة تقديرية واسعة عند قيامها بمعادلة الدرجات العلمية بحسبان أن ما تقوم به هو عمل فني بحت, ومن ثَمَّ فإن القضاء لا يستطيع أن يحل نفسه محل اللجنة المذكورة في القيام بهذا العمل ذي الطبيعة الفنية - رقابة القضاء الإداري على أعمال تلك اللجنة تقف عند حد خلو القرار الإداري الصادر في هذا الشأن من الانحراف بالسلطة أو التعسف في استعمالها - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأربعاء الموافق 30/ 1/ 2002 أودع الأستاذ/ جمال تاج الدين حسن المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - الدائرة الثانية - بجلسة 2/ 12/ 2001 في الدعوى رقم 2798 لسنة 55 ق، وطلب في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار مع تنفيذ الحكم بمسودته الأصلية وبدون إعلان، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه - للأسباب المبينة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، وبجلسة 5/ 11/ 2003 قررت الدائرة إحالته إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 21/ 12/ 2003، وقد تدوول نظر الطعن أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات.
وبجلسة 30/ 1/ 2005 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وبهذه الجلسة صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعنة قد أقامت الدعوى رقم 2798 لسنة 55 ق أمام محكمة القضاء الإداري - الدائرة الثانية - بتاريخ 28/ 1/ 2001 طالبة الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم معادلة دبلوم الدراسات المتعمقة الحاصلة عليه من جامعة رين بفرنسا في أكتوبر 1999 بالماجستير بالجامعات المصرية مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها اعتبارها حاصلة على الماجستير في الفيزياء الحيوية.
وذكرت المدعية (الطاعنة) - شرحًا لدعواها - أنها حاصلة على بكالوريوس العلوم - شعبة الفيزياء الحيوية - دور مايو 1995 بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف من كلية العلوم جامعة القاهرة، وقد تم تعيينها بوظيفة معيدة بقسم الفيزياء الحيوية في شهر نوفمبر 1995، وقد اجتازت بنجاح الدراسات التمهيدية للماجستير في ذات القسم في دور أكتوبر 1996، وقد سافرت إلى فرنسا كمرافق لزوجها، وفي نهاية عام 1998 حصلت على دبلوم الدراسات المتعمقة بجامعة رين بفرنسا، وقد بدأت الدراسة في هذا الدبلوم في سبتمبر 1998، وانتهت في أكتوبر 1999، وقد تقدمت بطلب في شهر نوفمبر 1999 لكلية العلوم جامعة القاهرة - لمعادلة دبلوم الدراسات المتعمقة الحاصلة عليه من فرنسا بالماجستير بكلية العلوم أسوة بحالات سابقة لكن دون جدوى، رغم أن مجلس القسم بالكلية قد وافق بتاريخ 8/ 10/ 2000 على مد إجازة المدعية (الطاعنة) لمدة ثلاث سنوات للحصول على الدكتوراه من قسم الفيزياء الحيوية - جامعة رين بفرنسا - مما يعني موافقته على معادلة الدبلوم الذي حصلت عليه المدعية بالماجستير في الجامعات المصرية.
وتنعى المدعية على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون على سند من أن الجامعة المدعى عليها قد رفضت مساواتها بزملائها ممن تمت معادلة الدبلومات العليا الحاصلين عليها من جامعات أجنبية مختلفة مع الماجستير في الجامعات المصرية.
وبجلسة 2/ 12/ 2001 قضت المحكمة في الشق العاجل من الدعوى بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعية المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها - بعد أن استعرضت نص المادة (6) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات - على أن المستقر عليه أن اللجنة المنوط بها معادلة الدرجات العلمية وهي بصدد القيام بعملها تتمتع بسلطة تقديرية واسعة بلا معقب عليها من القضاء ما دام أن قرارها قد خلا من إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، ولما كانت اللجنة المذكورة قد أعملت سلطتها التقديرية المخولة لها، وانتهت إلى أن الدبلوم الذي حصلت عليه المدعية لا يرقى إلى مستوى درجة الماجستير في الفيزياء الحيوية الطبية التي تمنحها الجامعات المصرية فإن قرارها يكون قد صار متفقًا مع حكم القانون، مما يتخلف معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه.
وأضافت المحكمة في قضائها المقدم أنه لا ينال مما تقدم أن المجلس الأعلى للجامعات قد سبق له أن أصدر قرارات بمعادلة دبلوم الدراسات المتعمقة من الجامعات الفرنسية بدرجة الماجستير؛ لأن ذلك قد تم في كليات أخرى لا تتماثل مع الكلية التي تعمل بها المدعية معيدة وهي كلية العلوم.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف أحكام القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله كما شابه القصور في الأسباب والفساد في الاستدلال وذلك لأسباب حاصلها أن اللجنة المنوط بها معادلة دبلوم الدراسات المتعمقة لم تشر إلى ماهية المدة الواجبة أو التي كان من المفترض توافرها في ذلك الدبلوم حتى يمكن معادلته بالماجستير في الفيزياء الحيوية بكلية العلوم، ولم تشر كذلك إلى ماهية الشروط الواجب توافرها في مثل هذه الدبلومات من حيث الموضوع أو خطة الدراسة حتى تتم معادلتها بالماجستير في الفيزياء الطبيعية، وبالتالي يكون القرار المطعون فيه غير قائم على سبب يبرره، كما أن الحكم المطعون فيه عند رده على ما دفعت به الطاعنة من وجود حالات مماثلة تمت معادلتها تماثل حالة الطاعنة ومن ضمنها القرار رقم 157 بتاريخ 5/ 3/ 1987 الصادر من المجلس الأعلى للجامعات باعتماده توصية لجنة المعادلات بمعادلة دبلوم الدراسات المتعمقة في العلوم الزراعية من جامعة العلوم والتكنيك - لونجدوك - مونبيليه - فرنسا بدرجة الماجستير في العلوم (نبات) التي تمنحها الجامعات المصرية، ذكر الحكم المطعون فيه أن تلك الحالة قد تمت في كلية أخرى لا تتماثل مع الكلية التي تعمل بها الطاعنة معيدة وهي كلية العلوم، رغم أن الحالة قد تم معادلتها بالماجستير من كلية العلوم، مما يعني أن الحكم المطعون فيه لم يُعن ببحث أحد الدفوع الجوهرية للطاعنة وجاء مستخلصًا قضاءه بما يخالف الثابت من الأوراق.
ومن حيث إن المادة (6) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 809 لسنة 1975 والمعدلة بالقرار الجمهوري رقم 470 لسنة 1999 تنص على أن "يشكل المجلس الأعلى للجامعات لجنة لمعادلة الدرجات العلمية تتولى بحث الدرجات الجامعية والدبلومات التي تمنحها الجامعة والمعاهد غير الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 أو غيرها في مستويات الدراسة المختلفة ومعادلتها بالدرجات العلمية التي تمنحها الجامعات المصرية الخاضعة لهذا القانون".
ومن حيث إن مؤدى النص المتقدم أن اللجنة العلمية التي يشكلها المجلس الأعلى للجامعات هي صاحبة الاختصاص في تقرير معادلة الدرجات العلمية الأجنبية بالدرجات العلمية التي تمنحها الجامعات المصرية، وتتمتع هذه اللجنة بسلطة تقديرية واسعة عند قيامها بمعادلة الدرجات العلمية بحسبان أن ما تقوم به هو عمل فني بحت، ومن ثم فإن القضاء لا يستطيع أن يحل نفسه محل اللجنة المذكورة في القيام بهذا العمل ذي الطبيعة الفنية، ورقابة القضاء الإداري على أعمال تلك اللجنة تقف عند حد خلو القرار الإداري الصادر في هذا الشأن من الانحراف بالسلطة أو التعسف في استعمالها.
ومن حيث إن البين من ظاهر الأوراق أن الطاعنة قد تقدمت بطلب للمجلس الأعلى للجامعات لمعادلة دبلوم الدراسات المتعمقة في الدلالات والأشعات في مجال الأحياء والطب الحاصلة عليه من كلية الطب والصيدلة - جامعة رين (1) بفرنسا عام 1999 بدرجة الماجستير في الفيزياء الحيوية الطبية التي تمنحها الجامعات المصرية من كليات العلوم، وبعرض الموضوع على لجنة قطاع دراسات العلوم الأساسية بجلستها المنعقدة بتاريخ 10/ 2/ 2000 انتهت إلى أن خطة الدراسة ومدتها والهدف الموضوع لهذا الدبلوم لا يعادل ولا يرقى إلى مستوى درجة الماجستير في الفيزياء الحيوية الطبية التي تمنحها الجامعات المصرية من كليات العلوم، وبعرض الموضوع على لجنة المعادلات بجلستها المنعقدة بتاريخ 24/ 2/ 2000 أوصت بالموافقة على رأي لجنة قطاع دراسات العلوم الأساسية في هذا الشأن، وبناءً على ذلك صدر قرار رئيس المجلس الأعلى للجامعات رقم (13) بتاريخ 25/ 3/ 2000 بعدم معاملة دبلوم الدراسات المتعمقة في الدلالات والأشعات في مجال الأحياء والطب الحاصلة عليه الطاعنة من جامعة رين (1) - كلية الطب والصيدلة بفرنسا بدرجة الماجستير في الفيزياء الحيوية التي تمنحها الجامعات المصرية، ثم تقدمت الطاعنة بالتماس لأمانة المجلس الأعلى للجامعات لإعادة النظر في القرار المطعون فيه مرفقًا به خطابًا معتمدًا من جامعة رين (1) بفرنسا متضمنًا الآتي:
1 - إن البحث المقدم هو عمل فردي وأن الأسماء الأخرى المذكورة بجانب اسم الطالبة على خلاف البحث هي أسماء الأساتذة المشرفين على البحث وليست أسماء دارسين آخرين اشتركوا معها في البحث.
2 - إنه قد تم نشر ورقة من البحث الذي تقدمت به الطالبة للحصول على الدرجة في أحد المؤتمرات العلمية.
3 - إن هذا الدبلوم معادل لدرجة الماجستير في العلوم التي تمنحها الجامعات البريطانية، وبعرض الموضوع على لجنة قطاع دراسات العلوم الأساسية بتاريخ 26/ 10/ 2000 أوصت اللجنة بتأكيد قرارها السابق بعدم معادلة الدبلوم محل النزاع بدرجة الماجستير في الفيزياء الحيوية الممنوحة من كليات العلوم بالجامعات المصرية، وبالعرض على لجنة المعادلات انتهت بتاريخ 8/ 11/ 2000 بالموافقة على التوصية سالفة الذكر.
ومن حيث إنه لما كان البين مما تقدم أن الجهة المنوط بها معادلة الدرجات العلمية الأجنبية بالدرجات التي تمنحها الجامعات المصرية قد أعملت سلطتها التقديرية في هذا الشأن وفقًا لأحكام القانون وقد خلت الأوراق مما يفيد أن الجهة الإدارية قد انحرفت بسلطتها أو تعسفت في استعمالها أو أنها قصدت تحقيق غاية أخرى غير الصالح العام، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه بحسب الظاهر من الأوراق وقد قام على أسباب صحيحة تبرره متفقًا وصحيح أحكام القانون مما ينتفي معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه.
ولا ينال مما تقدم ما دفعت به الطاعنة من أن المجلس الأعلى للجامعات قد سبق له أن أصدر قرارات بمعادلة دبلوم الدراسات المتعمقة من الجامعات الفرنسية بدرجة الماجستير التي تمنحها الجامعات المصرية، فذلك مردود بأن الحالات التي تحتج بها الطاعنة تتعلق بدبلومات صادرة عن جامعات أخرى غير الجامعة التي حصلت منها الطاعنة على دبلومها محل النزاع، كما أن تلك الدبلومات تختلف في موضوعها عن موضوع الدبلوم الصادر في شأنه القرار المطعون فيه، ومن ثم لا يكون ثمة تماثل بين حالة الطاعنة والحالات التي أشارت إليها في دفاعها يمكن أن تحتج به للنعي على قرار الجهة الإدارية المشار إليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر، فيكون قد أصابه وجه الحق فيما انتهى إليه ويضحى الطعن عليه قائمًا على غير أساس سليم من القانون خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الطاعنة المصروفات.

الطعن 8635 لسنة 46 ق جلسة 27 / 2 / 2005 إدارية عليا مكتب فني 50 ج 1 ق 97 ص 678

(97)
جلسة 27 من فبراير سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود زكي فرغلي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد الشيخ على أبو زيد, وعبد المنعم أحمد عامر, ود/ سمير عبد الملاك منصور, وأحمد منصور محمد على نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ أحمد يسري زين العابدين مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ خالد عثمان محمد حسن سكرتير المحكمة

---------------

الطعن رقم 8635 لسنة 46 قضائية. عليا:

( أ ) سلك دبلوماسي وقنصلي - تعويض النقل المفاجئ - مناطه.
المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 913 لسنة 1970 بشأن أعضاء البعثات الدبلوماسية, المواد (1), (2), (3) من قرار وزير الخارجية رقم 2213 لسنة 1972, المادة (37) من نظام السلك الدبلوماسي والقنصلي الصادر بالقانون رقم 45 لسنة 1982.
المشرع ربط بين النقل المفاجئ وبين التعويض المقرر في صورة منحة توازي أجر ثلاثة أشهر فإذا ما تحقق النقل المفاجئ بشروطه المنصوص عليها في القانون ولائحته التنفيذية استحقت المنحة - ويتحقق النقل المفاجئ كلما كان النقل قبل انقضاء المدة المقررة بقرار الإرسال أي قبل المدة التي عول عليها عضو البعثة طبقًا للقرار الصادر بإرساله إلى الخارج والعرف الذي استقر عليه العمل في وزارة الخارجية - كلما كان النقل قبل المدة المقرر قضاؤها بالخارج ولم يكن للعضو دخل فيه تحققت المفاجأة واستحق التعويض مهما كانت مدة المهلة الممنوحة له مادامت تلك المدة لا تبلغ به المدة المقررة للبقاء في الخارج أو تكملها حتى نهايتها - لا يؤثر في كون نقل عضو البعثة نقلاً فجائيًا خلو القرار الصادر بهذا النقل من اعتباره مفاجئًا - تطبيق.
(ب) دعوى - تقادم - الحقوق التي تسقط بالتقادم الطويل - المنحة عند النقل المفاجئ لأعضاء البعثات الدبلوماسية.
طبقًا للمادتين (374), (375) من القانون المدني فإن الالتزامات المدنية تسقط بحسب الأصل بالتقادم الطويل أي انقضاء خمس عشرة سنة على الواقعة المنشئة لها ما لم ينص القانون صراحة وعلى سبيل الاستثناء على مدة أقصر لتقادم الالتزام - يتقادم بخمس سنوات كل حق دوري متجدد ولو أقر به المدين - ضابط خضوع الحق للتقادم المسقط بمضي خمس سنوات هو أن يكون الحق دوريًا ومتجددًا والدورية تعني أن يكون الحق مستحقًا في مواعيد دورية من الناحية الزمنية أي في كل أسبوع أو شهر أو سنة أما المتجدد فينبغي أن يكون الحق بطبيعته مستمرًا لا ينقطع ومتكررًا لا منفردًا - المنحة المقررة بقانون السلك الدبلوماسي كتعويض عن النقل المفاجئ لا تعدو أن تكون تعويضًا متجمداً لا متجددًا ويمنح دفعة واحدة وإن أقام المشرع تقديره على أساس قيمة الراتب الشهري للعضو ومن ثم لا ينطبق عليها وصف الحق الدوري المتجدد وتخضع للتقادم الطويل - أثر ذلك:- لا يسقط الحق في المطالبة بها إلا بانقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ استحقاقها - تطبيق.


الإجراءات

في يوم الاثنين الموافق 10/ 7/ 2000 أودع الأستاذ/ زكريا يونس إمبابي المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة نائبًا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 8635 لسنة 46 ق.عليا طلب في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً أصليًا:- بإعادة الدعوى رقم 5793 لسنة 50 ق. إلى محكمة القضاء الإداري لإعادة نظرها والفصل فيها مجددًا من هيئة أخرى وإلزام المطعون ضدها بالمصروفات.
واحتياطيًا:- بسقوط الحق المطالب به بالتقادم الخمسي، وإلزام المطعون ضدها بالمصروفات ومن باب الاحتياط الكلي برفض دعوى المطعون ضدها، وإلزامها بالمصروفات.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه - للأسباب المبينة به - الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعن بصفته بالمصروفات.
وقد أعلن الطعن على الوجه الثابت بالأوراق.
وجرى نظر الطعن أمام هذه المحكمة فحصًا وموضوعًا على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 21/ 11/ 2004 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 6/ 2/ 2005 ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 21/ 4/ 1996 أقامت المطعون ضدها الدعوى رقم 5793 لسنة 50 ق. أمام محكمة القضاء الإداري - دائرة العقود والتعويضات - طالبة الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بأحقيتها في صرف تعويض النقل المفاجئ بما يعادل مرتبها ورواتبها الإضافية عن مدة ثلاثة أشهر بفئة استكهولم على سند من أنها قد عينت سكرتير ثالث بمكتب التمثيل التجاري بسفارة مصر في استكهولم (السويد) بموجب القرار رقم 199 لسنة 1983، وتسلمت عملها بتاريخ 26/ 9/ 1983، ثم فوجئت بصدور القرار رقم 327 لسنة 1986 بنقلها إلى ديوان عام الوزارة بالقاهرة، وتم تنفيذ قرار النقل بتاريخ 29/ 11/ 1986، ولما كان قرار النقل قد صدر قبل انقضاء المدة المقررة قانونًا للعمل الدبلوماسي بالخارج، فإنه يعد نقلاً فجائيًا طبقًا لنص المادة (37) من القانون رقم 45 لسنة 1982 بشأن السلك الدبلوماسي والقنصلي والقرار الجمهوري رقم 913 لسنة 1970، والقرار الوزاري رقم 2213 لسنة 1972.
وبجلسة 21/ 5/ 2000 أصدرت محكمة القضاء الإداري - دائرة العقود والتعويضات - حكمها المطعون فيه الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلزام جهة الإدارة بأن تؤدي إلى المدعية تعويضًا يعادل مرتبها ورواتبها الإضافية عن مدة ثلاثة أشهر بفئة الخارج والمصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها - بعد أن استعرضت أحكام المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 913 لسنة 1970 بمنح أعضاء البعثات الدبلوماسية والمكاتب الفنية في الخارج مرتب ثلاثة أشهر بفئة الخارج، والمادة الثانية من قرار وزير الخارجية رقم 2213 لسنة 1972، بشأن القواعد المنفذة للقرار الجمهوري المشار إليه، والمادة (37) من القانون رقم 45 لسنة 1982 بإصدار قانون نظام السلك الدبلوماسي والقنصلي - على أن الثابت من الأوراق أنه قد صدر القرار رقم 327 لسنة 1986 بتاريخ 12/ 8/ 1986 بنقل المدعية من عملها باستكهولم إلى ديوان عام الوزارة بالقاهرة، وتم تنفيذ النقل في 29/ 11/ 1986، ومن ثم فإنه يعد نقلاً فجائيًا مما يتحقق معه مناط استحقاق المدعية (المطعون ضدها) التعويض المقرر لهذا النقل.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف أحكام القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله واعتراه القصور الشديد في التسبيب والإخلال بحق الدفاع تأسيسًا على أن جهة الإدارة قد منحت المطعون ضدها مهلة تزيد على ثلاثة أشهر ونصف لتنفيذ قرار النقل مما ينتفي معه عنصر المفاجأة كشرط لاستحقاق منحة الثلاثة أشهر، كما أنه لم يستبين من أسباب الحكم المطعون فيه وجه الرأي الذي تبنته المحكمة وجعلته أساسًا لقضائها، كذلك فإن المحكمة لم ترد على الدفع المبدى من الطاعن بسقوط الحق المطالب به بالتقادم الخمسي وفقًا لحكم المادة (29) من القانون رقم 127 لسنة 1981 بشأن المحاسبة الحكومية.
ومن حيث إن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 913 لسنة 1970 بمنح أعضاء البعثات الدبلوماسية والمكاتب الفنية في الخارج مرتب ثلاثة أشهر بفئة الخارج في بعض الحالات وبمنح الورثة الشرعيين المرتب المذكور في حالة وفاة العضو تنص على أن "يمنح أعضاء البعثات الدبلوماسية والمكاتب الفنية في الخارج مرتب ثلاثة أشهر بفئة الخارج في إحدى الحالات التالية.
1 - قطع العلاقات الدبلوماسية. 2- النقل المفاجئ قبل قضاء المدة المقررة.
3 - .............................
4 - .............................
وقد أصدر وزير الخارجية القرار رقم 2213 لسنة 1972 ونص في المادة الأولى منه على أن "تسري أحكام القرار الجمهوري رقم 913 لسنة 1970 على أعضاء البعثات الدبلوماسية اعتبارًا من 19/ 5/ 1970." ونص في المادة الثانية على أن"يمنح الأعضاء منحة تعادل مرتب ثلاثة شهور بفئة الخارج لمواجهة التزامات النقل المفاجئ في إحدى الحالات الآتية:
أ - قطع العلاقات الدبلوماسية.
ب - النقل المفاجئ قبل قضاء المدة المقررة.
ج - .......................
د - ......................، وفي كل الأحوال يشترط النص في القرار التنفيذي على اعتباره نقلاً مفاجئاً.....".
وتنص المادة الثالثة من قرار وزير الخارجية المشار إليه على أنه "لا تسري القواعد السابقة في الحالات الآتية:
أ - الأعضاء الذين يعودون إلى جمهورية مصر العربية نتيجة ارتكابهم مخالفات أو أخطاء يثبت التحقيق إدانتهم فيها.
ب - الأعضاء الذين يعودون إلى جمهورية مصر العربية بناء على طلبهم قبل قضاء المدة المقررة للخدمة في الخارج.
ج - الأعضاء الذين ينقلون من بعثات إلى بعثات أخرى في الخارج".
ثم صدر القانون رقم 45 لسنة 1982 بنظام السلك الدبلوماسي والقنصلي ونص في المادة (37) منه على أن "يصرف لرؤساء وأعضاء البعثات الدبلوماسية والقنصلية والمكاتب الفنية الملحقة بها تعويض يعادل ما كان يتقاضاه العضو فعلاً من مرتب ورواتب إضافية عن مدة ثلاثة أشهر وذلك في حالات النقل المفاجئ التي يقررها وزير الخارجية ووفقًا للشروط والقواعد التي تحددها اللائحة التنظيمية للخدمة بوزارة الخارجية".
وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المذكور تعليقًا على المادة (37) "أنه تضمن حكمًا خاصًا يتم بمقتضاه صرف تعويض عن النقل المفاجئ وفقًا للقواعد والشروط التي تحددها لائحة الخدمة بوزارة الخارجية وهو الحكم المقرر وفقًا للقرار الجمهوري رقم 913 لسنة 1970 ولا شك أن هذا الحكم من شأنه زيادة الضمانات المتاحة لأعضاء السلك وعدم الأضرار بهم إذا كان النقل بسبب غير راجع إليهم".
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع قد ربط بين النقل المفاجئ وبين التعويض المقرر في صورة منحة توازي أجر ثلاثة أشهر، فإذا ما تحقق النقل المفاجئ بشروطه المنصوص عليها في القانون ولائحته التنفيذية استحقت المنحة، ويتحقق النقل المفاجئ طبقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة كلما كان النقل قبل انقضاء المدة المقررة بقرار الإرسال أي قبل المدة التي عول عليها عضو البعثة طبقًا للقرار الصادر بإرساله إلى الخارج والعرف الذي استقر عليه العمل في وزارة الخارجية عن مدة بقاء العضو بالخارج والذي تقرر تحقيقًا للضمانات المتاحة لأعضاء السلك وتأكيدًا للأمن والأمان الذي شاء المشرع أن يتمتعوا به خلال حياتهم الوظيفية التي تقتضي تنقلهم بين دول العالم في الخارج وبين الديوان العام في الداخل - فكلما كان النقل قبل انقضاء المدة المقرر قضاؤها بالخارج، ولم يكن للعضو دخل فيها تحققت المفاجأة، واستحق التعويض مهما كانت مدة المهلة الممنوحة له ما دامت تلك المدة لا تبلغ به المدة المقررة للبقاء في الخارج أو تكملها حتى نهايتها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها قد تم تعيينها في وظيفة سكرتير ثالث بمكتب التمثيل التجاري بسفارة مصر في استكهولم (السويد) بموجب القرار رقم 199 لسنة 1983، وتسلمت عملها بتاريخ 29/ 9/ 1983، إلا أنه وقبل انقضاء المدة المقررة قانونًا لعمل الدبلوماسي بالخارج صدر القرار رقم 327 لسنة 1986 بنقلها إلى ديوان عام الوزارة بالقاهرة "وتم تنفيذ النقل في 29/ 11/ 1986" ولما كان هذا النقل قد تم على خلاف إرادة المطعون ضدها أو توقعها قبل انقضاء المدة المقررة لبقائها في الخارج، فإن هذا النقل يتحقق في شأنه وصف النقل المفاجئ ومن ثم فإن المطعون ضدها تستحق صرف منحة الثلاثة أشهر المقررة قانونًا.
ولا يؤثر في وصف نقل المطعون ضدها بأنه مفاجئ قصر أو طول المهلة الممنوحة لها لتنفيذ قرار النقل، إذ أنه يكفي أن يتم النقل قبل انقضاء المدة المحددة للعمل بالخارج، وعلى غير رغبة العامل، ودون أن ينسب له ثمة مخالفة، وألا يكون النقل إلى بعثة أخرى للخارج، حتى يعد نقلاً فجائيًا، كما لا يؤثر في كون نقل المطعون ضدها نقلاً فجائيًا خلو القرار الصادر بهذا النقل من اعتباره مفاجئًا، ذلك أن إغفال قرار النقل من النص على اعتباره مفاجئاً يخضع لرقابة القضاء الإداري، وهو لا يعدو أن يكون وصفًا لواقع وليس عنصرًا يدخل في تكوين الواقعة المبررة لاستحقاق المنحة.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى من الطاعن أمام محكمة القضاء الإداري بسقوط الحق المطالب به بالتقادم الخمسي، فإنه ولئن كان الحكم المطعون فيه لم يتضمن الرد على هذا الدفع، فإن الطعن في هذا الحكم ينقل النزاع برمته إلى المحكمة الإدارية العليا التي لها أن تتصدى للفصل في هذا الدفع ما دام قد سبق للطاعن التمسك به أمام محكمة أول درجة.
ومن حيث إنه قد أضحى مسلمًا أن الالتزامات المدنية تسقط بحسب الأصل بالتقادم الطويل أي انقضاء خمس عشرة سنة على الواقعة المنشئة لها طبقًا لما نصت عليه المادة (374) من القانون المدني ما لم ينص القانون صراحة وعلى سبيل الاستثناء على مدة أقصر لتقادم الالتزام كما هو الحال في المواد (375) وما بعدها فقد نصت المادة (375) المشار إليها على أن يتقادم بخمس سنوات كل حق دوري متجدد ولو أقر به المدين كأجرة المباني والأراضي الزراعية ومقابل حكر والفوائد والإيرادات المرتبة والمهايا والأجور والمعاشات، ......." وهو ما أخذ به قانون المحاسبة الحكومية رقم 127/ 1981 فنصت المادة (29) منه على أن: "تؤول إلى الخزانة العامة مرتبات العاملين بالدولة وكذلك المكافآت والبدلات التي تستحق لهم بصفة دورية إذا لم يطالب بها صاحب الحق خلال خمس سنوات من تاريخ الاستحقاق".
ومقتضى ذلك أن ضابط خضوع الحق للتقادم المسقط بمضي خمس سنوات هو أن يكون الحق دوريًا ومتجددًا، والدورية تعني أن يكون الحق مستحقًا في مواعيد دورية من الناحية الزمنية أي في كل أسبوع أو شهر أو سنة..... الخ أما المتجدد فينبغي أن يكون الحق بطبيعته مستمرًا لا ينقطع ومتكررًا لا منفردًا.
ومن حيث إن المنحة المشار إليها بقانون السلك الدبلوماسي والقنصلي لا تعدو أن تكون تعويضًا متجمدًا لا متجددًا ويمنح دفعة واحدة وإن أقام المشرع تقديره على أساس قيمة الراتب الشهري للعضو ومن ثم فإنه لا ينطبق عليه وصف الحق الدوري المتجدد وتخضع من ثم للتقادم الطويل المنصوص عليه في المادة (374) مدني فلا يسقط الحق في المطالبة بها إلا بانقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ استحقاقها.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها قد أقامت دعواها أمام محكمة القضاء الإداري قبل انقضاء خمس عشرة سنة على تاريخ استحقاقها للمنحة المقررة للنقل المفاجئ ومن ثم فإن الدفع بالتقادم المسقط لا يكون له محل في النزاع الماثل، مما يتعين الالتفات عنه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ذات النتيجة وقضى بإلزام جهة الإدارة بأن تؤدي إلى المدعية (المطعون ضدها) تعويضًا متجمدًا يعادل مرتبها ورواتبها الإضافية عن مدة ثلاثة أشهر بفئة الخارج، فإنه يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه وجاء متفقًا مع صحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه خليقًا بالرفض.
ومن حيث إن المصروفات يلزم بها من أصابه الخسر في الطعن عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعًا، وألزمت الطاعن المصروفات.

الأحد، 12 مارس 2023

الطعن 8665 لسنة 49 ق جلسة 26 / 2 / 2005 إدارية عليا مكتب فني 50 ج 1 ق 96 ص 673

(96)
جلسة 26 من فبراير سنة 2005م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان, وأحمد عبد الحميد حسن عبود, ود. محمد كمال الدين منير أحمد, ومحمد أحمد محمود محمد. نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ رضا محمد عثمان مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة

------------

الطعن رقم 8665 لسنة 49 قضائية. عليا:

اختصاص - ما يخرج عن اختصاص المحكمة الإدارية العليا - المنازعات المتعلقة بأعضاء هيئة قضايا الدولة في شئونهم الخاصة.
المادة 25 مكررًا من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقانون رقم 75 لسنة 1963 والمضافة بالقانون رقم 2 لسنة 2002 أناطت بالمحكمة الإدارية العليا كمحكمة أول وآخر درجة الفصل ابتداء وانتهاء في الطلبات التي يقدمها أعضاء هيئة قضايا الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم، وذلك إذا كان مبنى الطلب أحد الأسباب التي عينها النص، كما اختصها بطلب التعويض عن هذه القرارات، وكذلك الفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لأعضاء هيئة قضايا الدولة أو للمستحقين عنهم - المقصود بعبارة المتعلقة بأي شأن من شئونهم - تلك الخاصة بشئونهم الوظيفية بصفتهم من أعضاء هيئة قضايا الدولة - أثر ذلك:- لا يدخل في هذه الشئون وبالتالي يخرج عن اختصاص هذه المحكمة الحالات المتعلقة بحقوق الأعضاء الصحية والعائلية وغيرها حيث تتبع القواعد العامة في الاختصاص بشأنها – تطبيق.


الإجراءات

في يوم الأحد الموافق 18/ 5/ 2003 أودع الأستاذ/ محمد عبد الباقي (المحامي) نائبًا عن الأستاذ/ فاروق أحمد دياب المحامي بالنقض والإدارية العليا، بصفته وكيلاً عن الطاعن الأستاذ المستشار/ عبد العاطي محمد محمد الطحاوي, بهيئة قضايا الدولة قلم كتاب هذه المحكمة، تقرير طعن قيد بجدولها بالرقم عاليه طالبًا الحكم بوقف تنفيذ قرار وزير الصحة المتضمن الامتناع عن مقابلة الطاعن ورفض الالتقاء به، وأيضاً قراره المتضمن رفض الإبقاء على الأطباء الصينيين والكوريين والامتناع عن التجديد، لهم والاستمرار في علاج الطاعن من أمراضه المزمنة والمستحكمة مع أقرانه من المواطنين المرضى بمستشفى الهرم بطريق الطب الطبيعي البديل مع ما يترتب على ذلك من آثار، وفي الموضوع بإلغاء القرارين، وبإلزام المطعون ضدهم بصفاتهم الوظيفية والشخصية ضامنين متضامنين بمبلغ التعويض المقضي به عليهم، نظرًا لإصدار تلك القرارات ببواعث شخصية مردها الإمعان في الكيد وقصد الامتهان والإيذاء والإضرار وتعمد العدوان على الحقوق الدستورية مع الحكم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذلك على سند من القول أنه كان يعالج بمستشفى الهرم من أمراض مزمنة على يد مجموعة من الأطباء الصينيين والكوريين بما يسمى بالطب البديل، وإزاء عدم تجديد مدة عملهم بالمستشفى لجأ الطاعن إلى وزير الصحة طالبًا مقابلته في شأن هذا الموضوع بيد أنه لم يتلق ردًا مما حدا به إلى إقامة طعنه.
وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق.
أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا برأيها القانوني في الطعن ارتأت في ختامه الحكم أصليًا: بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا نوعيًا بنظر الطعن وإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري دائرة منازعات الأفراد مع إبقاء الفصل في المصروفات واحتياطيًا:
(1) عدم قبول طلب إلغاء قرار وزير الصحة بالامتناع عن مقابلة الطاعن لانتفاء القرار الإداري.
(2) قبول طلب إلغاء قرار وزير الصحة بعدم التجديد للخبراء الصينيين والكوريين شكلاً ورفضه موضوعًا.
(3) قبول طلب التعويض شكلاً ورفضه موضوعًا، وإلزام الطاعن المصروفات.
وعين لنظر الطعن جلسة 4/ 4/ 2004 أمام الدائرة السابعة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا، وفيها أمرت بإحالة الطعن إلى هذه الدائرة للاختصاص، حيث نظرته بجلستي 16/ 10/ 2004 و4/ 12/ 2004 وبهذه الجلسة الأخيرة أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها طلبت في ختامها الحكم أصليًا: بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا نوعيًا بنظر الطعن، وإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، مع إبقاء الفصل في المصروفات. واحتياطيًا بعدم قبول طلبي إلغاء القرارين المطعون عليهما لانتفاء القرار الإداري بمفهومه القانوني السليم ومن باب الاحتياط الكلي. برفض طلبي إلغاء القرارين المطعون عليهما وبرفض طلب التعويض، وفي أية حالة من الحالتين الاحتياطيتين إلزام الطاعن المصروفات.
وبذات جلسة 4/ 12/ 2004 قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات في شهر.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونًا.
من حيث إنه من المستقر عليه أن البحث في الاختصاص ينبغي أن يكون سابقًا على بحث شكل الدعوى أو الطعن وموضوعها باعتبار أن ذلك من المسائل المتعلقة بالنظام العام.
ومن حيث إنه ولئن كان الأصل أن المحكمة الإدارية العليا هي محكمة طعن، تمارس اختصاصها وفقًا للنصوص المنظمة للطعن أمامها، إلا أن المشرع قد خرج على هذا الأصل العام في حالات استثنائية، وناط بها الاختصاص كمحكمة أول وآخر درجة بنظر الطعون في هذه الحالات، ومن بينها ذلك الاختصاص المنصوص عليه في المادة (25) مكررًا من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقانون رقم 75 لسنة 1963 والمضافة بالقانون رقم 2 لسنة 2002 والتي يجرى نصها على أن "تختص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا - دون غيرها - بالفصل في الطلبات التي يقدمها أعضاء هيئة قضايا الدولة، بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم الوظيفية متى كان مبنى الطلب عيبًا في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة، كما تختص الدائرة المذكورة - دون غيرها - بالفصل في طلبات التعويض عن تلك القرارات وتختص أيضًا - ودون غيرها - بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لأعضاء هيئة قضايا الدولة أو للمستحقين عنهم ولا تستحق رسومًا على هذه الطلبات.
وواضح من هذا النص الاستثنائي أنه (ناط بالمحكمة الإدارية العليا كمحكمة أول وآخر درجة بالفصل ابتداء وانتهاء في الطلبات التي يقدمها أعضاء هيئة قضايا الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم، وذلك إذا كان مبنى الطلب أحد الأسباب التي عينها النص، كما اختصها بطلب التعويض عن هذه القرارات وكذلك الفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لأعضاء هيئة قضايا الدولة أو للمستحقين عنهم.
ومن حيث إن المقصود بعبارة "المتعلقة بأي شأن من شئونهم" تلك الخاصة بشئونهم الوظيفية بصفتهم من أعضاء هيئة قضايا الدولة، ومن ثم فلا يدخل في هذه الشئون، وبالتالي يخرج عن اختصاص هذه الدائرة - عملاً بقاعدة الاستثناء لا يتوسع فيه ولا يقاس عليه - جميع الحالات المتعلقة بهؤلاء الأعضاء دون أن تتعلق بشئونهم الوظيفية، كتلك المتعلقة بحقوقهم الصحية والعائلية وغيرها حيث تتبع القواعد العامة في الاختصاص بشأنها.
لما كان ذلك وكان واقع المنازعة في الطعن الماثل وإن تعلق بأحد أعضاء هيئة قضايا الدولة، إلا أنه في غير شئونه الوظيفية التي عناها المشرع، ومن ثم يخرج عن الاختصاص الاستثنائي للمحكمة الإدارية العليا المنصوص عليه في المادة (25) مكررًا سالفة الذكر، وينعقد الاختصاص بشأنه لمحكمة القضاء الإداري طبقًا للقواعد العامة في الاختصاص، وهو ما تقضي به هذه المحكمة مع إبقاء الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة

بعدم اختصاصها بنظر الطعن الماثل، وبإحالته إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للاختصاص، وأبقت الفصل في المصروفات.