جلسة 26 من مارس سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ عبد الجواد موسى نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة/ محمد أبو الليل، محمد الجديلي، حسين توفيق نواب رئيس المحكمة وأحمد
مطر.
----------------
(64)
الطعن رقم 6872 لسنة 85 القضائية
(1) نقض "الخصوم في الطعن بالنقض".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه. أن يكون المختصم خصما حقيقيا في
النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه. مثال.
(2) تقادم "التقادم المسقط".
الدفع بالتقادم. عدم تعلقه بالنظام العام. وجوب التمسك به أمام محكمة
الموضوع. التمسك بنوع من التقادم لا يغني عن التمسك بنوع آخر. لكل تقادم شروطه
وأحكامه.
(3) نقل" نقل بحري: عقد النقل البحري".
الدعاوى الناشئة عن عقد نقل البضائع بالبحر. تقادمها بمضي سنتين. م
244/1 ق 8 لسنة 1990. علة ذلك. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر والقضاء برفض
الدفع بالتقادم الخمسي. صحيح. اشتماله على تقريرات قانونية خاطئة. لمحكمة النقض
تصحيحها دون نقضه.
(4) نقض" أسباب الطعن بالنقض: السبب
المجهل".
أسباب الطعن. وجوب تعريفها تعريفا واضحا نافيا عنها الغموض والجهالة
وأن يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه. م
253 مرافعات. مثال.
(5) دعوى" شروط قبول الدعوى: الصفة:
الصفة الموضوعية: استخلاص توافر الصفة في الدعوى".
استخلاص توافر الصفة في الدعوى. من قبيل فهم الواقع فيها. مؤداه.
استقلال قاضي الموضوع به. مناطه.
(6 ، 7) إثبات "قواعد عامة"
"طرق الإثبات: الكتابة: الأوراق العرفية: حجية الترجمة العرفية للمستندات
المدونة بلغة أجنبية".
(6) ترجمة المستندات. اشتراط أن تكون رسمية.
مناطه.
(7) قواعد الإثبات. عدم تعلقها بالنظام
العام. أثره. عدم الاعتراض على الإجراء. اعتباره قبولا ضمنيا له. مثال.
(8 - 12) نقل" نقل بحري: أشخاص الملاحة
البحرية: المقاول البحري".
(8) انقضاء التزام الناقل البحري. شرطه. تمام
التسليم الفعلي للبضاعة. علة ذلك.
(9) التزام الناقل البحري بتفريغ البضاعة
وتسليمها إلى أصحابها. أثره. اعتبار مقاول التفريغ في مركز التابع للسفينة.
(10) وظيفة المقاول البحري. ماهيتها. جواز
تكليفه بالقيام بأعمال إضافية. دخول هذه الأعمال ضمن أعمال وظيفته. شرطه. الأصل
قيامه بالأعمال الأصلية والإضافية لحساب الناقل. نشأة العلاقة القانونية بينه وبين
صاحب الشأن في البضاعة تجيز لأحدهما الرجوع على الآخر بدعوى مباشرة. شرطه.
المادتين 148، 149 ق 8 لسنة 1990.
(11) تخزين المقاول البحري للبضائع والمحافظة
عليها وحراستها بعد تفريغها لحين تسليمها للمرسل إليه. اعتبارها من العمليات
المتصلة بالشحن والتفريغ. علة ذلك.
(12) التكليف الصادر من الناقل البحري إلى
المقاول البحري بتخزين البضائع بعد وصولها ميناء التفريغ لحين تسليمها إلى
الطاعنة. خلو الأوراق من صدور التكليف نيابة عن الطاعنة. مؤداه. عدم انصراف آثار
هذا التصرف إليها. أثره. عدم جواز رجوع المقاول البحري عليها بأي التزامات ناشئة
عن هذا التصرف. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ وقصور.
----------------
1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن
بالنقض إلا من كان خصما حقيقيا في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، وكان
البين من الأوراق أن محكمة أول درجة قضت بعدم قبول طلب إدخال المطعون ضده الثاني
بصفته لرفعه على غير ذي صفة، وإذ لم يستأنف طرفا الخصومة الحكم المطعون فيه في
خصوص هذه المسألة فتحوز قوة الأمر المقضي، ومن ثم لا يعد المطعون ضده الثاني بصفته
خصما حقيقيا في النزاع المطروح أمام محكمة الاستئناف، ويضحى اختصامه في الطعن غير
مقبول.
2 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن الدفع
بالتقادم لا يتعلق بالنظام العام وينبغي التمسك به أمام محكمة الموضوع وأن التمسك
بنوع من التقادم لا يغني عن التمسك بنوع آخر من أنواع التقادم لأن لكل تقادم شروطه
وأحكامه.
3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن النص في
المادة 244/1 من قانون التجارة البحرية رقم 8 لسنة 1990 يدل- على ما يبين من
المذكرة الإيضاحية لهذا القانون- أن المشرع قرر تقادما قصيرا مدته سنتان لجميع
الدعاوى التي تستند إلى حق ينشئه عقد نقل البضائع بالبحر رغبة منه في تصفية عملية
النقل بأسرع وقت لكي لا تتراكم الدعاوى، وكان النزاع المطروح متفرعا من عقد نقل
بحري لبضائع، ويتعلق بحق ناشئ عنه، من ثم يسري عليه التقادم الوارد في هذه المادة،
وإذ لم يعمل الحكم المطعون فيه هذا التقادم من تلقاء نفسه، ورفض الدفع بالتقادم
الخمسي المنصوص عليه في المادة 377 من القانون المدني فإنه يكون قد أصاب صحيح
القانون، ولا يعيبه ما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة
النقض تصحيحها دون نقضه.
4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن النص في
المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجب أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان
الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلا إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب
الطعن وتعرفه تعريفا واضحا كاشفا عن المقصود منها كشفا وافيا نافيا عنها الغموض
والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه
منه وأثره في قضائه وإلا كان النعي غير مقبول، وكانت الطاعنة لم تبين ماهية
القاعدة القانونية التي أوردها نص المادة 20 من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن نقل
البضائع بحرا والمزعوم تخلي الحكم المطعون فيه عن تطبيقها وأثر ذلك في قضائه فإن
النعي يكون مجهلا ومن ثم غير مقبول.
5 - المقرر- في قضاء محكمة النقض أن استخلاص
توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها وهو ما يستقل به قاضي الموضوع
وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله.
6 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن الرسمية
لا تشترط في ترجمة المستندات إلا حيث لا يسلم الخصوم بصحة الترجمة العرفية
ويتنازعون في أمرها.
7 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن قواعد
الإثبات ليست من النظام العام فيجوز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمنا كما يجوز
لصاحب الحق في التمسك بها أن يتنازل عنه، ويعتبر سكوت الخصم عن الاعتراض على
الإجراء مع قدرته على إبدائه قبولا ضمنيا له، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون
ضدها قدمت للخبير المنتدب أمام محكمة أول درجة صورة ضوئية من الإنذار المؤرخ
12/10/2006، وأصل الترجمة العرفية للمنافيستو، وإذ لم تعترض الطاعنة سواء أمام
الخبير أو محكمة أول درجة على هذين المستندين أو تنازع في صحتهما، فإن ذلك يعد
نزولا منها عن حقها في التمسك بإنكار حجيتهما، ولا تجوز لها إثارة هذا الدفع أمام
محكمة الاستئناف، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استخلص في
حدود سلطته التقديرية ملكيتها للرسالة من شهادة الإدارة المركزية لمصلحة جمارك
بورسعيد، وتقرير الخبير الذي اعتد بالمستندين آنفي البيان، وكان استخلاصه سائغا
وله أصله الثابت في الأوراق وكافيا لحمل قضائه، فإن النعي في هذا الخصوص يضحى محض
جدل في سلطة محكمة الموضوع التقديرية تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
8 - المقرر- في قضاء محكمة النقض– أن عقد
النقل البحري لا ينقضي ولا تنتهي معه مسئولية الناقل البحري عن البضاعة المشحونة
إلا بتسليمها للمرسل إليه تسليما فعليا ذلك بأن التزام الناقل هو التزام بتحقيق
غاية هي تسليم الرسالة كاملة وسليمة للمرسل إليه، ويظل الناقل البحري مسئولا عن
البضاعة المشحونة وسلامتها حتى يتم تسليمها لأصحاب الحق فيها.
9 - المقرر- في قضاء محكمة النقض– أنه إذا
كان التسليم يستلزم تفريغ البضاعة فالأصل أن تدخل مقاول التفريغ إنما يكون لحساب
الناقل وتحت مسئوليته ويكون مركزه مركز التابع للسفينة.
10 - النص في المادتين 148، 149 من قانون
التجارة البحرية رقم 8 لسنة 1990 يدل على أن وظيفة المقاول البحري- وعلى ما أفصحت
عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون- " القيام بعمليات الشحن والتفريغ لحساب
المجهز أو صاحب الشأن في البضاعة شاحنا كان أو مرسلا إليه ...، ويجوز أن يقوم
بجانب هذا العمل الأصلي بعمليات أخرى إضافية ومن أمثلتها تسلم البضائع على البر
والمحافظة عليها حتى يتم شحنها أو تسليمها إلى المرسل إليه، ويقوم بهذه العمليات
سواء الأصلية أو الإضافية لحساب من كلفه بها، بيد أن هذه الأعمال لا تدخل في وظيفة
المقاول البحري إلا إذا كلف بها باتفاق صريح"، ومؤدى ذلك كله أنه إذا ما عهد
إليه الناقل بالقيام بهذه الأعمال فالأصل أنها تتم لحسابه ولا تنشأ علاقة قانونية
بين المقاول وصاحب الشأن في البضاعة تجيز لأحدهما الرجوع على الآخر بدعوى مباشرة،
ما لم يكن تكليف الناقل قد تم بناء على تعليمات صاحب الشأن شاحنا كان أو مرسلا
إليه أو تضمن سند الشحن أو عقد إيجار السفينة نصا يفوض الناقل في اختيار المقاول
البحري والتعاقد معه نيابة عنه، ويتوجب على الناقل في هذه الحالة إخطاره بذلك
ليعلم لحساب من يعمل وتجاه من هو مسئول.
11 - المقصود بالعمليات المتصلة بالشحن أو
التفريغ- وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض- هي العمليات التي تقع على البضاعة قبل
بدء شحنها على السفينة أو بعد انتهاء تفريغها منها، ومن ثم فإن عملية تخزين
المقاول البحري للبضائع والمحافظة عليها وحراستها بعد تفريغها لحين تسليمها للمرسل
إليه تعد من هذه العمليات.
12 - إذ كان الثابت من أوراق الدعوى وتقرير
الخبير المنتدب فيها- وبلا خلاف بين الخصوم- أن الناقل البحري عن طريق وكيله
الملاحي هو الذي كلف المطعون ضدها- المقاول البحري- بتخزين البضائع محل التداعي
بعد وصولها لميناء التفريغ لحين تسليمها إلى الطاعنة- المرسل إليه-، ولا توجد ثمة
علاقة مباشرة تربط طرفي الخصومة في هذا الخصوص، وخلت الأوراق من سند الشحن، أو ما
يدل على أن الناقل كلفها بذلك نيابة عن الطاعنة، ومن ثم لا ينصرف إلى الأخيرة آثار
هذا التصرف، ولا يجوز للمطعون ضدها الرجوع عليها بأي التزامات ناشئة عنه والتي
منها رسوم التخزين محل النزاع، وإنما يكون الرجوع بها على الناقل الذي لم يختصم في
الدعوى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وألزم الطاعنة لمجرد أنها المرسل
إليه هذه البضائع دون أن يبين سنده في ذلك، فإنه يكون معيبا بالقصور في التسبيب
الذي جره للخطأ في تطبيق القانون.
---------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق-
تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت على الشركة الطاعنة الدعوى رقم ... لسنة
2008 تجاري الإسكندرية الابتدائية طلبا للحكم بإلزامها بمبلغ جنيه 352324.5 جنيه
وفوائده بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية بالإضافة إلى مبلغ 132 جنيها عن كل
يوم تأخير حتى إعدام الرسالة، وقالت بيانا لذلك إنه بتاريخ 2/5/2000 وردت للطاعنة
رسالة فول سوداني داخل خمس حاويات على الباخرة ......، وإذ تم تخزينها منذ ذلك
التاريخ بساحات المطعون ضدها- المقاول البحري- إلى أن خرجت لإعدامها بتاريخ
21/8/2007 فاستحق عليها رسوم التخزين والحراسة المطالب بها، أقامت دعواها وأدخلت
فيها المطعون ضده الثاني بصفته ليقدم ما تحت يده من مستندات، ندبت المحكمة خبيرا،
وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 26 من أبريل 2013 أولا: بعدم قبول طلب إدخال
المطعون ضده الثاني بصفته لرفعه على غير ذي صفة. ثانيا: بإلزام الطاعنة بمبلغ
352324.5 جنيه وفوائده القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية ورفضت ما
عدا ذلك من طلبات. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 68ق الإسكندرية،
كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم ... لسنة 68 ق لدى ذات المحكمة التي ضمت
الاستئنافين للارتباط، وندبت خبيرا آخر، وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 10 من
فبراير 2015 برفض الاستئنافين. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت
النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني
بصفته، وأبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة
حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن لرفعه على غير
ذي صفة بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته فإنه في محله، ذلك أن المقرر- في قضاء
هذه المحكمة- أنه لا يجوز أن يختصم في الطعن بالنقض إلا من كان خصما حقيقيا في
النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، وكان البين من الأوراق أن محكمة أول درجة
قضت بعدم قبول طلب إدخال المطعون ضده الثاني بصفته لرفعه على غير ذي صفة، وإذ لم
يستأنف طرفا الخصومة الحكم المطعون فيه في خصوص هذه المسألة فتحوز قوة الأمر
المقضي، ومن ثم لا يعد المطعون ضده الثاني بصفته خصما حقيقيا في النزاع المطروح
أمام محكمة الاستئناف، ويضحى اختصامه في الطعن غير مقبول.
وحيث إن الطعن فيما عدا ما تقدم استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بالوجه الأول من السبب
الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله إذ قضى
برفض الدفع بسقوط الحق في اقتضاء رسوم التداعي بالتقادم الخمسي على قالة أن
المطعون ضدها إحدى شركات قطاع الأعمال العام والتي تعد من أشخاص القانون الخاص في
حين أن الدولة تملك أكثر من نصف رأس مال هذه الشركات ولها حق إدارتها فتعامل
أموالها معاملة المال العام، وبالتالي يسري على الرسوم المستحقة لها هذا التقادم
طبقا لنص المادة 377 من القانون المدني مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة -
أن الدفع بالتقادم لا يتعلق بالنظام العام وينبغي التمسك به أمام محكمة الموضوع
وأن التمسك بنوع من التقادم لا يغني عن التمسك بنوع آخر من أنواع التقادم لأن لكل
تقادم شروطه وأحكامه. وكان النص في المادة 244 /1 من قانون التجارة البحرية رقم 8
لسنة 1990 على أنه "تنقضي الدعاوى الناشئة عن عقد نقل البضائع بالبحر بمضي
سنتين من تاريخ تسليم البضائع أو من التاريخ الذي كان يجب أن يتم فيه
التسليم". يدل - على ما يبين من المذكرة الإيضاحية لهذا القانون- أن المشرع
قرر تقادما قصيرا مدته سنتان لجميع الدعاوى التي تستند إلى حق ينشؤه عقد نقل
البضائع بالبحر رغبة منه في تصفية عملية النقل بأسرع وقت لكي لا تتراكم الدعاوى،
وكان النزاع المطروح متفرعا من عقد نقل بحري لبضائع، ويتعلق بحق ناشئ عنه، من ثم يسري
عليه التقادم الوارد في هذه المادة، وإذ لم يعمل الحكم المطعون فيه هذا التقادم من
تلقاء نفسه، ورفض الدفع بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 377 من القانون
المدني فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ولا يعيبه ما اشتملت عليه أسبابه من
تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة النقض تصحيحها دون نقضه، ومن ثم يكون النعي على
غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثاني من السبب الأول مخالفة القانون
والخطأ في تطبيقه وتأويله إذ استبعد إعمال نص المادة 20 من اتفاقية الأمم المتحدة
بشأن نقل البضائع بحرا على سند من نص المادة 244 /1 من قانون التجارة البحرية وهو
مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن
النص في المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجب أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على
بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلا إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد
أسباب الطعن وتعرفه تعريفا واضحا كاشفا عن المقصود منها كشفا وافيا نافيا عنها
الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه
وموضعه منه وأثره في قضائه وإلا كان النعي غير مقبول، وكانت الطاعنة لم تبين ماهية
القاعدة القانونية التي أوردها نص المادة 20 من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن نقل
البضائع بحرا والمزعوم تخلي الحكم المطعون فيه عن تطبيقها وأثر ذلك في قضائه فإن
النعي يكون مجهلا ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثالث من السبب الأول، والوجه الأول من
السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله
والقصور في التسبيب وفساد الاستدلال إذ قضى برفض دفعها بانعدام صفتها في الدعوى
استنادا إلى تقرير خبير الدعوى الذي استخلص أنها مالكة الرسالة المستوردة من أصل
الشهادة الصادرة من الإدارة المركزية لجمارك الدخيلة، وصورة الترجمة العرفية
لمانفيستو الرسالة، وخطاب تشغيل السفينة، وصورة الإنذار المؤرخ 12/10/2006 في حين
أن هذه الشهادة لا تصلح سندا للملكية التي لا تثبت إلا بموجب سند الشحن، كما ورد
في تلك الترجمة وذلك الخطاب اسمها كجهة إخطار فقط، والمرسل إليه (لأمر)، فضلا عن
أنها جحدت صورة الترجمة والإنذار آنفي البيان بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن
استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها وهو ما يستقل به قاضي
الموضوع وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة
تكفي لحمله، وأن الرسمية لا تشترط في ترجمة المستندات إلا حيث لا يسلم الخصوم بصحة
الترجمة العرفية ويتنازعون في أمرها، وأن قواعد الإثبات ليست من النظام العام
فيجوز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمنا كما يجوز لصاحب الحق في التمسك بها أن
يتنازل عنه، ويعتبر سكوت الخصم عن الاعتراض على الإجراء مع قدرته على إبدائه قبولا
ضمنيا له، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها قدمت للخبير المنتدب أمام محكمة
أول درجة صورة ضوئية من الإنذار المؤرخ 12/10/2006، وأصل الترجمة العرفية
للمنافيستو، وإذ لم تعترض الطاعنة سواء أمام الخبير أو محكمة أول درجة على هذين
المستندين أو تنازع في صحتهما، فإن ذلك يعد نزولا منها عن حقها في التمسك بإنكار
حجيتهما، ولا تجوز لها إثارة هذا الدفع أمام محكمة الاستئناف، وكان الحكم
الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استخلص في حدود سلطته التقديرية ملكيتها
للرسالة من شهادة الإدارة المركزية لمصلحة جمارك بورسعيد، وتقرير الخبير الذي اعتد
بالمستندين آنفي البيان، وكان استخلاصه سائغا وله أصله الثابت في الأوراق وكافيا
لحمل قضائه، فإن النعي في هذا الخصوص يضحى محض جدل في سلطة محكمة الموضوع
التقديرية تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة بالوجه الرابع من السبب الأول والوجه
الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه
وتأويله والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ ألزمها بأن تؤدي للمطعون
ضدها- المقاول البحري- رسوم تخزين البضائع المستوردة تأسيسا على أنها المرسل إليه
هذه الرسالة في حين أن الثابت بأوراق الدعوى وتقرير الخبير المنتدب فيها أنه لا
تربطهما علاقة تعاقدية مباشرة، وأن الناقل باعتباره المسئول عن أعمال الشحن
والتفريغ هو الذي عهد إلى المطعون ضدها بهذه الأعمال عن طريق الوكيل الملاحي
وبالتالي يتحمل رسومها، وخلت الأوراق من تكليفها كتابة بالقيام بهذه الأعمال
المتصلة بالشحن والتفريغ أو إخطار الناقل بأنها تتم لحساب الطاعنة وفق نص المادتين
148، 149 من قانون التجارة البحرية، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن
عقد النقل البحري لا ينقضي ولا تنتهي معه مسئولية الناقل البحري عن البضاعة
المشحونة إلا بتسليمها للمرسل إليه تسليما فعليا ذلك بأن التزام الناقل هو التزام
بتحقيق غاية هي تسليم الرسالة كاملة وسليمة للمرسل إليه، ويظل الناقل البحري
مسئولا عن البضاعة المشحونة وسلامتها حتى يتم تسليمها لأصحاب الحق فيها، وكان من
المقرر أنه إذا كان التسليم يستلزم تفريغ البضاعة فالأصل أن تدخل مقاول التفريغ
إنما يكون لحساب الناقل وتحت مسئوليته ويكون مركزه مركز التابع للسفينة، وكان النص
في المادة 148 من قانون التجارة البحرية رقم 8 لسنة 1990 على أن "(1) يقوم
المقاول البحري بجميع العمليات المادية الخاصة بشحن البضائع على السفينة أو
تفريغها منها. (2) ويجوز أن يعهد إلى المقاول البحري بالقيام لحساب المجهز أو
الشاحن أو المرسل إليه بعمليات أخرى متصلة بالشحن أو التفريغ بشرط أن يكلف بها
باتفاق كتابي صريح من وكيل السفينة أو وكيل الشحنة" والنص في المادة 149 من
ذات القانون على أن "(1) يقوم المقاول البحري بعمليات الشحن أو التفريغ وبالعمليات
الإضافية الأخرى لحساب من كلفه بالقيام بها، ولا يسأل في هذا الشأن إلا قبل هذا
الشخص الذي يكون له وحده توجيه الدعوى إليه. (2) وإذا كان الناقل هو الذي عهد إلى
المقاول البحري بالقيام بالعمل بناء على تعليمات من صاحب الشأن أو بناء على شرط في
سند الشحن أو في عقد إيجار السفينة، وجب على الناقل إخطار المقاول البحري
بذلك" يدل على أن وظيفة المقاول البحري- وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية
لهذا القانون- "القيام بعمليات الشحن والتفريغ لحساب المجهز أو صاحب الشأن في
البضاعة شاحنا كان أو مرسلا إليه ...، ويجوز أن يقوم بجانب هذا العمل الأصلي
بعمليات أخرى إضافية ومن أمثلتها تسلم البضائع على البر والمحافظة عليها حتى يتم
شحنها أو تسليمها إلى المرسل إليه، ويقوم بهذه العمليات سواء الأصلية أو الإضافية
لحساب من كلفه بها، بيد أن هذه الأعمال لا تدخل في وظيفة المقاول البحري إلا إذا
كلف بها باتفاق صريح"، ومؤدى ذلك كله أنه إذا ما عهد إليه الناقل بالقيام
بهذه الأعمال فالأصل أنها تتم لحسابه ولا تنشأ علاقة قانونية بين المقاول وصاحب
الشأن في البضاعة تجيز لأحدهما الرجوع على الآخر بدعوى مباشرة، ما لم يكن تكليف
الناقل قد تم بناء على تعليمات صاحب الشأن شاحنا كان أو مرسلا إليه أو تضمن سند
الشحن أو عقد إيجار السفينة نصا يفوض الناقل في اختيار المقاول البحري والتعاقد
معه نيابة عنه، ويتوجب على الناقل في هذه الحالة إخطاره بذلك ليعلم لحساب من يعمل
وتجاه من هو مسئول، وكان المقصود بالعمليات المتصلة بالشحن أو التفريغ- وعلى ما
جرى به قضاء هذه المحكمة- هي العمليات التي تقع على البضاعة قبل بدء شحنها على
السفينة أو بعد انتهاء تفريغها منها، ومن ثم فإن عملية تخزين المقاول البحري
للبضائع والمحافظة عليها وحراستها بعد تفريغها لحين تسليمها للمرسل إليه تعد من
هذه العمليات، وكان الثابت من أوراق الدعوى وتقرير الخبير المنتدب فيها- وبلا خلاف
بين الخصوم- أن الناقل البحري عن طريق وكيله الملاحي هو الذي كلف المطعون ضدها-
المقاول البحري- بتخزين البضائع محل التداعي بعد وصولها لميناء التفريغ لحين
تسليمها إلى الطاعنة- المرسل إليه-، ولا توجد ثمة علاقة مباشرة تربط طرفي الخصومة
في هذا الخصوص، وخلت الأوراق من سند الشحن، أو ما يدل على أن الناقل كلفها بذلك
نيابة عن الطاعنة، ومن ثم لا ينصرف إلى الأخيرة آثار هذا التصرف، ولا يجوز للمطعون
ضدها الرجوع عليها بأي التزامات ناشئة عنه والتي منها رسوم التخزين محل النزاع،
وإنما يكون الرجوع بها على الناقل الذي لم يختصم في الدعوى، وإذ خالف الحكم
المطعون فيه هذا النظر، وألزم الطاعنة لمجرد أنها المرسل إليه هذه البضائع دون أن
يبين سنده في ذلك، فإنه يكون معيبا بالقصور في التسبيب الذي جره للخطأ في تطبيق
القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، فإنه يتعين القضاء في
موضوع الاستئناف رقم .... لسنة 68ق الإسكندرية بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.