جلسة 18 من فبراير سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/
مصطفى صالح سليم - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم زغو، محمد
عبد المنعم - نائبي رئيس المحكمة، ممدوح السعيد وإبراهيم بركات.
----------------
(57)
الطعن رقم 1969 لسنة 53
القضائية
(1) مسئولية "مسئولية حارس الشيء".
مسئولية حارس الشيء.
أساسها. خطأ مفترض. جواز دفعها بإثبات السبب الأجنبي. م 178 مدني.
(2) مسئولية "مسئولية المتبوع". كفالة.
تعويض.
مسئولية المتبوع.
ماهيتها. اعتباره في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون لا العقد. م 174/ 1
مدني. له حق الرجوع على تابعه بما أوفاه من تعويض للمضرور. م 175مدني.
(3) مسئولية "مسئولية تقصيرية". "دعوى
المسئولية: تقادمها". تعويض. تقادم "تقادم مسقط".
دعوى المسئولية الناشئة
عن عمل الغير أو عن حراسة الأشياء. بدء سريان تقادمها الثلاثي من يوم العلم
الحقيقي - لا الظني - بوقوع الضرر وبشخص المسئول قانوناً عنه. م 172 مدني. علة ذلك.
(4) حكم "حجية الحكم
الجنائي". مسئولية. تعويض.
حجية الحكم الجنائي أمام
المحكمة المدنية. نطاقها. المادتان 102 ق الإثبات. 456. إجراءات جنائية.
(5)حكم "حجية الحكم". محكمة الموضوع. مسئولية
"الخطأ". "مسئولية المتبوع". تعويض.
القضاء ببراءة التابع
لانتفاء الخطأ في جانبه. لا يمنع المحكمة المدنية من إلزام المتبوع بالتعويض على
أساس مسئولية حارس الشيء. م 178 مدني. نفيها بإثبات الحارس أن وقوع الضرر كان بسبب
أجنبي.
وقوع الضرر نتيجة عيب في
الشيء ولو كان خفياً. لا يعد سبباً أجنبياً. (مثال).
(6)دعوى "دعوى الضمان". "رفع الدعوى". مسئولية
"دعوى الضمان". بطلان. نظام عام.
دعوى الضمان الفرعية.
استقلالها عن الدعوى الأصلية. أثر ذلك. وجوب رفعها بالإجراءات المعتادة لرفع
الدعوى. عدم جواز إبدائها لعيب عارض أو رفعها بإعلان إلى المحضرين مباشرة. وجوب
قيدها بقلم الكتاب. مخالفة ذلك. أثره. اعتبار دعوى الضمان غير مقبولة. تعلق ذلك
بالنظام العام. المادتان 63، 119 مرافعات.
--------------
1 - مسئولية حارس الشيء المقرر بالمادة 178 من القانون
المدني تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء افتراضاً لا يقبل إثبات العكس
وترفع عنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذا أثبت أن وقوع الضرر كان بسبب
أجنبي لا يد له فيه وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير.
2 - مسئولية المتبوع عن
أعمال تابعه غير المشروعة المقررة بالمادة 174/ 1 من القانون المدني - وعلى ما هو
مقرر في قضاء هذه المحكمة - هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور
تقوم على فكرة الضمان القانوني فالمتبوع يعتبر في حكم الكفيل المتضامن كفالة
مصدرها القانون وليس العقد وللمتبوع عملاً بنص المادة 175 من القانون المدني الحق
في الرجوع على تابعه محدث الضرر بما يفي به من التعويض للمضرور لا على أساس أنه
مسئول معه بل لأنه مسئول عنه.
3 - تقادم دعوى المسئولية
عن عمل الغير ودعوى المسئولية عن الأشياء عملاً بنص المادة 172 من القانون المدني
بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول
قانوناً عنه ولا يؤثر في ذلك كون المسئولية الأولى تقوم على خطأ ثابت وكون الثانية
تقوم على خطأ مفترض لا يقبل إثبات العكس إذ كليهما مصدره الفعل غير المشروع الذي
تترتب عليه المسئولية والتي لا يتأثر تقادم دعواها بطريقة إثبات الخطأ فيها،
والمراد بالعلم بدء سريان التقادم الثلاثي المقرر بالمادة سالفة الذكر - وعلى ما
جرى به قضاء هذه المحكمة - هو العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر وبشخص المسئول
قانوناً عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم هذا العلم ينطوي على تنازل
المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على الملتزم دون إرادته مما يستتبع سقوط
دعوى التعويض بمضي مدة التقادم ولا وجه لافتراض هذا التنازل من جانب المضرور
وترتيب حكم السقوط في حالة العلم الظني الذي لا يحيط بوقوع الضرر أو بشخص المسئول
عنه وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى أن بدء سريان التقادم يكون من تاريخ صدور الحكم
الجنائي النهائي وهو اليوم الذي علم فيه المضرور يقيناً بالضرر وبشخص المسئول عنه
فإن النعي يكون على غير أساس.
4 - مفاد نص المادتين 456
من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة - أن الحكم الجنائي تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية
كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون الأساس المشترك بين الدعويين
الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت
المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها
ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون
حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له.
5 - حجية الحكم الجنائي
أمام المحاكم المدنية مقصورة على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو بالبراءة وعلى
أسبابه المؤدية إليه بالنسبة لما كان موضع المحاكمة، وإذ قضى الحكم الصادر في قضية
الجنحة ببراءة المتهم من تهمة القتل الخطأ لانتفاء الخطأ في جانبه تأسيساً على أن
تلف الفرامل المفاجئ الذي أسهمت في حدوثه زيادة حمولة السيارة عن العدد المقرر
ودخول السيارة في منحدر يعتبر أمراً خارجاً عن إرادة المتهم ويعد سبباً أجنبياً
للحادث لا يحول دون مطالبة الطاعنة بالتعويض أمام المحكمة المدنية باعتبارها حارسة
للسيارة ذلك أن مسئولية حارس الشيء عملاً بنص المادة 178 مدني تقوم على أساس خطأ
مفترض وقوعه من حارس الشيء افتراضاً لا يقبل إثبات العكس ومن ثم فإن هذه المسئولية
لا تدرأ عن هذا الحارس بإثبات أنه لم يرتكب خطأ ما وأنه قام بما ينبغي من العناية
والحيطة حتى لا يقع الضرر من الشيء الذي في حراسته، وإنما ترتفع هذه المسئولية إذا
أثبت الحارس أو وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه بأن يكون الفعل خارجاً عن
الشيء فلا يكون متصلاً بداخليته أو تكوينه، فإذا كان الضرر راجعاً إلى عيب في
الشيء فإنه لا يعتبر ناشئاً عن سبب أجنبي ولو كان هذا العيب خفياً.
6 - دعوى الضمان مستقلة
عن الدعوى الأصلية ولا يعتبر دفاعاً أو دفعاً فيها وقد نصت المادة 119 من قانون
المرافعات في فقرتها الأخيرة على أن يكون إدخال الخصم للضامن بالإجراءات المعتادة
لرفع الدعوى بما مفاده أن دعوى الضمان الفرعية تعتبر كالدعوى الأصلية من حيث
إجراءات رفعها وبالتالي لا يجوز إبداؤها بطلب عارض في الجلسة كما لا يجوز رفعها
بإعلان يقدم إلى قلم المحضرين مباشرة بل ينبغي إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة وفق
ما نصت عليه المادة 63 مرافعات وإلا كانت غير مقبولة وإذ أقامت الطاعنة دعوى
الضمان بصحيفة أعلنت للمطعون ضدها الثالثة دون الالتزام بإتباع الطريق الذي رسمته
المادة 119 مرافعات المشار إليها، وكانت مخالفة أوضاع التقاضي الأساسية وإجراءاته
المقررة في شأن رفع الدعاوى - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تفترض الضرر
ويترتب عليها البطلان لتعلقها بالنظام العام، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا
النظر وانتهى إلى عدم قبول تلك الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني إذ أقيمت أمام المحكمة
الابتدائية بصحيفة غير مودعة قلم الكتاب، وكان هذا الإجراء لا يجزئ عن وجوب اتباع
السبيل الذي استند القانون لاتصال المحكمة بدعوى الضمان الفرعية وبالتالي فلا على
الحكم المطعون فيه إن هو لم يعرض لاختصاص هيئات التحكيم بنظرها عملاً بنص المادة
60 من القانون رقم 60 لسنة 1971.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهما الاثنين
الأولين عن نفسيهما وبصفتيهما أقاما الدعوى رقم 5438 سنة 1975 مدني جنوب القاهرة
الابتدائي ضد الهيئة الطاعنة والشركة المطعون ضدها الثالثة بطلب الحكم بإلزامهما
بمبلغ 15000 جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً وقالا بياناً لها أن تابع
الطاعنة تسبب في قتل مورثهما المرحوم....... أثناء قيادته للسيارة المملوكة للطاعن
وأنه ضبطت عن هذه الواقعة قضية الجنحة رقم 5634 سنة 1967 جنح الخليفة التي قضى
فيها نهائياً ببراءة المتهم تأسيساً على أن الحادث وقع نتيجة لانقطاع خرطوم الباكم
الخلفي وأنه يحق لهما المطالبة بالتعويض عما لحق بهما من ضرر وذلك طبقاً لقواعد
المسئولية عن حراسة الأشياء المنصوص عليها في المادة 178 من القانون المدني
بالنسبة للهيئة الطاعنة، وأثناء سير الدعوى أدخلت الطاعنة المطعون ضدها الثالثة
خصماً فيها للحكم عليها بما عساه أن يحكم به ضدها ودفعت بسقوط الدعوى الأصلية
بالتقادم وترك المطعون ضدهما الاثنين الأولين الخصومة بالنسبة للمطعون ضدها
الثالثة وبتاريخ 7/ 12/ 1980 قضت المحكمة أولاً: في الدعوى الأصلية بإثبات ترك
المدعين الخصومة في الدعوى بالنسبة للمطعون ضدها الثالثة، وبرفض الدفع بالتقادم
وللمطعون ضدهما الأولين عن نفسيهما وبصفتيهما بالتعويض المبين بمنطوق الحكم
وثانياً في دعوى الضمان الفرعية بعدم قبولها لرفعها بغير الطريق القانوني. استأنفت
الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف برقم 383 سنة 98 ق كما
أقام المطعون ضدهما الأولين استئنافاً فرعياً قيد برقم 1827 لسنة 100 ق وبتاريخ 6/
6/ 1983 قضت محكمة الاستئناف في موضوع الاستئنافين بإلغاء حكم محكمة أول درجة فيما
قضى به من رفض الفوائد واحتسابها بواقع 4% من تاريخ الحكم حتى السداد وبتأييد
الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت
النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة
فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
حيث إن الطعن أقيم على
ثلاث أسباب تنعى الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب
والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه لم يرد على الدفع
بالتقادم وأخذ بأسباب الحكم الابتدائي الذي أقام قضاءه برفض ذلك الدفع على أسباب
أن الحكم الجنائي النهائي كان قد صدر بتاريخ 1/ 4/ 1973 بينما رفعت دعوى التعويض
بتاريخ 12/ 10/ 1975 أي قبل مضي مدة الثلاث سنوات اللازمة للقضاء بالسقوط بينما
المقرر أن بدء سريان التقادم يكون من اليوم الذي علم فيه المضرور بالضرر وبالشخص
المسئول عنه وأنه طبقاً للمسئولية عن حراسة الأشياء التي تقوم على الخطأ المفترض
فإن ذلك يكون متحققاً منذ 25/ 11/ 67 تاريخ وقوع الحادث ولا تكون بذلك الدعوى
الجنائية مانعاً قانونياً ليترتب عليه وقف التقادم بالنسبة لدعوى المسئولية الناشئة
عن الأشياء.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أن مسئولية حارس الشيء المقررة بالمادة 178 من القانون المدني تقوم على أساس
خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء افتراضاً لا يقبل إثبات العكس وترتفع عنه - وعلى ما
جرى به قضاء هذه المحكمة - إذا أثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه
وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير، وكانت مسئولية
المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة المقررة بالمادة 174/ 1 من القانون المدني -
وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة أيضاً - هي مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون
لمصلحة المضرور تقوم على فكرة الضمان القانوني فالمتبوع يعتبر في حكم الكفيل
المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد وللمتبوع عملاً بنص المادة 175 من
القانون المدني الحق في الرجوع على تابعه محدث الضرر بما يفي به من التعويض
للمضرور لا على أساس أنه مسئول معه بل لأنه مسئول عنه، وكان تقادم دعوى المسئولية
عن عمل الغير ودعوى المسئولية الناشئة عن الأشياء عملاً بنص المادة 172 من القانون
المدني بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص
المسئول قانوناً عنه ولا يؤثر في ذلك كون المسئولية الأولى تقوم على خطأ ثابت وكون
الثانية تقوم على خطأ مفترض لا يقبل إثبات العكس إذ أن كليهما مصدره الفعل غير
المشروع الذي تترتب عليه المسئولية والتي لا يتأثر تقادم دعواها بطريقة إثبات
الخطأ فيها، وكان المراد بالعلم لبدء سريان التقادم الثلاثي المقرر بالمادة سالفة
الذكر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر
وبشخص المسئول قانوناً عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم هذا العلم ينطوي
على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على الملتزم دون إرادته مما
يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التقادم ولا وجه لافتراض هذا التنازل من جانب
المضرور وترتيب حكم السقوط في حالة العلم الظني الذي لا يحيط بوقوع الضرر أو بشخص
المسئول عنه وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وخلص إلى بدء سريان التقادم
يكون اعتباراً من 1/ 4/ 1973 من تاريخ صدور الحكم الجنائي النهائي وهو اليوم الذي
علم فيه المطعون ضدهما الأولان يقيناً بالضرر وبشخص المسئول عنه فإن النعي يكون
على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى
بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان
ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بانتفاء مسئوليتها عن الحادث تأسيساً على
أن وقوع الضرر كان بسبب قوة قاهرة إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع على
أساس أن قطع خرطوم فرامل الإطار الخلفي لا يعد قوة قاهرة لأنه يرجع إلى شيء متصل
بالسيارة ذاتها وليس خارجاً عنها في حين أنه لا محل لهذه التفرقة كما أن الحكم
الجنائي إذ قضى ببراءة التابع تأسيساً على أن الحادث يرجع إلى قوة قاهرة تكون له
قوة الشيء المحكوم به في الدعوى المدنية المطروحة وتنتفي تبعاً لذلك مسئولية
الطاعنة عن الحادث غير أن الحكم المطعون فيه أهدر هذه الحجية وقضى بإلزامها
بالتعويض وهو ما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد، ذلك أنه لما كانت المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه
"يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية
بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي
لم يكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها
إلى فاعلها ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بني على انتفاء التهمة أو على عدم
كفاية الأدلة..." وكانت المادة 102 من قانون الإثبات تنص على أن لا يرتبط
القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله
فيها ضرورياً، فإن مفاد ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم الجنائي
تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية كلما كان قد فصل فصلاً
لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي
الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه
الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها
وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم
الجنائي السابق له ولما كان الثابت من الحكم الصادر في قضية الجنحة رقم 5634 سنة
67 الخليفة أن الدعوى أقيمت ضد تابع الطاعنة لأنه تسبب خطأ في قتل مورث المطعون
ضدهما الاثنين الأول بأن قاد السيارة بسرعة تجاوز السرعة المقررة وفرامل القدم بها
تالفة....... وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمادة 238 من قانون العقوبات وقد
حكمت محكمة الجنح ببراءته مما أسند إليه فإن مؤدى ذلك أن المحكمة الجنائية لم تفصل
في الأساس المشترك بين الدعوى الجنائية والدعوى المدنية الحالية لأن قوام الأولى
خطأ جنائي واجب الإثبات ومنسوب إلى التباع في حين أن قوام الثانية خطأ مفترض في حق
الطاعنة باعتبارها حارسة للسيارة فمسئوليتها تتحقق ولو لم يقع منها أي خطأ لأنها
مسئولية ناشئة عن الشيء ذاته وليست مسئولية ناشئة عن الجريمة - إذ كان ذلك، وكانت
حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية مقصورة على منطوق الحكم الصادر بالإدانة
أو البراءة وعلى أسبابه المؤدية إليه بالنسبة لما جاء موضع المحاكمة، ولما كان
يبين من الحكم الصادر في قضية الجنحة المشار إليها إذ أنه وقد قضى ببراءة المتهم
من تهمة القتل الخطأ لانتفاء الخطأ في جانبه تأسيساً على أن تلف الفرامل المفاجئ -
الذي أسهمت في صدمته زيادة حمولة السيارة عن العدد المقرر ودخول السيارة في منحدر
يعتبر أمراً خارجاً عن إرادة المتهم ويعد سبباً أجنبياً للحادث لا يحول دون مطالبة
الطاعنة بالتعويض أمام المحكمة المدنية باعتبارها حارسة للسيارة ذلك أن مسئولية
حارس الشيء عملاً بنص المادة 178 تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء
افتراضاً لا يقبل إثبات العكس ومن ثم فإن هذه المسئولية لا تدرأ عن هذا الحادث
بإثبات أنه لم يرتكب خطأ ما وأنه قام بما ينبغي من العناية والحيطة حتى لا يقع
الضرر من الشيء الذي في حراسته، وإنما ترتفع هذه المسئولية إذا أثبت الحارس أو
وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه بأن يكون الفعل خارجاً عن الشيء فلا يكون
متصلاً بداخليته أو تكوينه، فإذا كان الضرر راجعاً إلى عيب في الشيء فإنه لا يعتبر
ناشئاً عن سبب أجنبي ولو كان هذا العيب خفياً وإذ أخذ الحكم الابتدائي المؤيد
لأسبابه بالحكم المطعون فيه بهذا النظر ولم يعتد بحجية الحكم الجنائي في هذا
الخصوص وناقش مسئولية الطاعنة المفترضة طبقاً للمادة 178 من القانون المدني وانتهى
إلى قيامها للأسباب الصحيحة التي أوردها فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي
بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول
أنها تمسكت أمام المحكمة الاستئنافية بأن المطعون ضدها الثالثة كانت مختصمة في
الدعوى الأصلية بما يغني عند اختصامها في دعوى الضمان الفرعية - إيداع صحيفتها قلم
الكتاب - ويكتفي في هذه الحالة بتوجيه طلب الضمان إليها في الجلسة وإثباته في
محضرها خاصة وأن المطعون ضدها الثالثة قد قبلت توجيه دعوى الضمان إليها لهذا
الإجراء مما كان يتعين معه قبول هذه الدعوى والحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً
بنظرها وإحالتها إلى هيئات التحكيم.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد ذلك أنه لما كانت دعوى الضمان مستقلة عن الدعوى الأصلية ولا تعتبر دفاعاً أو
دفعاً فيها وكانت المادة 119 من قانون المرافعات إذ نصت في فقرتها الأخيرة على أن
يكون إدخال الخصم للضامن بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى فإن مفاد ذلك أن دعوى
الضمان الفرعية تعتبر كالدعوى الأصلية من حيث إجراءات رفعها وبالتالي لا يكون
إبداؤها بطلب عارض في الجلسة كما لا يجوز رفعها بإعلان يقدم إلى قلم المحضرين
مباشرة بل ينبغي إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة وفق ما نصت عليه المادة 63
مرافعات وإلا كانت غير مقبولة وكانت الطاعنة وعلى ما هو ثابت من مدونات الحكم
المطعون فيه قد أقامت دعوى الضمان بصحيفة أعلنت للمطعون ضدها الثالثة دون الالتزام
باتباع الطريق الذي رسمته المادة 119 مرافعات المشار إليها ولما كانت مخالفة أوضاع
التقاضي الأساسية وإجراءاته المقررة في شأن رفع الدعاوى - على ما جرى به قضاء هذه
المحكمة - تفترض الضرر ويترتب عليها البطلان لتعلقها بالنظام العام وكان الحكم
المطعون فيه قد التزم هذا النظر وانتهى إلى عدم قبول تلك الدعوى لرفعها بغير
الطريق القانوني إذ أقيمت أمام المحكمة الابتدائية بصحيفة غير مودعة قلم الكتاب
وكان هذا الإجراء لا يجزئ عن وجوب إتباع السبب الذي استنه القانون لاتصال المحكمة
بدعوى الضمان الفرعية وبالتالي فلا على الحكم المطعون فيه إن هو لم يعرض لاختصاص
هيئات التحكيم بنظرها عملاً بنص المادة 60 من القانون رقم 60 سنة 1971 ويكون النعي
على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض
الطعن.