الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 14 أبريل 2022

الطعن 3907 لسنة 56 ق جلسة 18 / 12 / 1986 مكتب فني 37 ق 206 ص 1085

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1986

برياسة السيد المستشار: حسن جمعة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة ومصطفى طاهر وصلاح البرجي وحسن عشيش.

-----------------

(206)
الطعن رقم 3907 لسنة 56 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
القضاء بالإدانة استناداً إلى أقوال شهود الإثبات. مؤداه؟
حق محكمة الموضوع بيان حقيقة الواقعة وردها إلى صورتها الصحيحة من جماع الأدلة المطروحة عليها. المجادلة في ذلك. غير مقبولة.
 (2)تفتيش "إذن التفتيش. بياناته" "إصداره". نيابة عامة. اختصاص "الاختصاص المحلي". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بيان اختصاص وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش. غير لازم. كفاية ذكر صفته ملحقة باسمه.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". مواد مخدرة. دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لاستخلاص سائغ لصدور إذن التفتيش لضبط جريمة تحقق وقوعها لا لضبط جريمة مستقبلة في جريمة إحراز وحيازة مخدر بقصد الإتجار.
 (4)تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". مأمور الضبط القضائي. مواد مخدرة.
لرجل الضبط القضائي المنتدب لتنفيذ إذن النيابة تخير الظرف والوقت المناسبين خلال الفترة المحددة بالإذن لإجرائه بطريقة مثمرة.
 (5)تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". "بياناته". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم اشتراط القانون عبارات خاصة لصياغة إذن التفتيش.
استعمال عبارة "ما قد يحوزه أو يحرزه المتهم من مخدر" في إصدار الإذن لا ينصرف إلى احتمال وقوع جريمة إحراز وحيازة المخدر أو عدم وقوعها قبل صدوره إنما تنصرف إلى نتيجة التفتيش وهي دائماً احتمالية.
(6) استدلالات. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "بياناته". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير التحريات". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
عدم ذكر المحل التجاري الخاص بالطاعن في محضر التحريات لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحر.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "تنفيذه". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مواد مخدرة.
حق محكمة الموضوع في تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى.
مثال:
(8) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً.
(9) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم من شأن محكمة الموضوع. حقها في الاطمئنان إليها قبل متهم دون آخر.
وزن أقول الشهود. موضوعي. للمحكمة أن تأخذ منها بما تطمئن إليه في حق متهم وتطرح ما لا تطمئن إليه في حق آخر.
(10) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟

-------------
1 - لما كان من المقرر أن مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعن استناداً إلى أقوال شهود الإثبات هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها في وزن عناصر الدعوى وأدلتها أن تبين الواقعة على حقيقتها كما ارتسمت في وجدانها وتردها إلى صورتها الصحيحة من جماع الأدلة المطروحة عليها فإذا هي أطرحت دفاع الطاعن المخالف لهذا التصوير - الذي أيده فيه شهود نفيه فلا يقبل منه مجادلتها في عناصر اطمئنانها.
2 - بحسب وكيل النيابة مصدر إذن التفتيش أن يذكر صفته هذه ملحقة باسمه في الإذن وهو ما لم ينازع فيه الطاعن. وكان ما قاله الحكم من أن العبرة في الاختصاص المكاني لوكيل النيابة إنما تكون بحقيقة الواقع هو قول صحيح وكانت المحكمة قد تحققت من أن مصدر الإذن هو من وكلاء نيابة المخدرات فإنه لا عيب يشوب الإجراءات إذ ليس في القانون ما يوجب ذكر هذا الاختصاص مقروناً باسم وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته - بما لا ينازع الطاعن في صحة إسناد الحكم بشأنه - أن المقدم.... قد استصدر إذن النيابة بالتفتيش لضبط ما قد يحوزه أو يحرزه الطاعن من مخدر بعد أن دلت التحريات على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ويحوز ويحرز كميات منها لهذا الغرض ويستخدم السيارة... ملاكي إسكندرية في ترويجها فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة.
4 - لرجل الضبطية القضائية المنتدب لتنفيذ إذن النيابة بالتفتيش تخير الظرف المناسب لإجرائه بطريقة مثمرة وفي الوقت الذي يراه مناسباً ما دام أن ذلك يتم في خلال الفترة المحددة بالإذن.
5 - من المقرر أن القانون لا يشترط عبارات خاصة يصاغ بها إذن التفتيش فلا يؤثر في سلامة الإذن أن يكون مصدره قد استعمل عبارة "ما قد يحوزه أو يحرزه المتهم من مخدر" التي أولها الطاعن بأنها تنم عن أن الإذن ينصب على جريمة مستقبلة لم تكن قد وقعت بالفعل في حين أن لفظ "قد" وإن كان يفيد في اللغة معنى الاحتمال إلا أنه في سياقه الذي ورد فيه لا يدع مجالاً للشك في أنه لا ينصرف إلى احتمال وقوع جريمة إحراز وحيازة المخدر أو عدم وقوعهاقبل صدوره وإنما ينصرف إلى نتيجة التفتيش وهي دائماً احتمالية إذ لا يمكن الجزم مقدماً بما إذا كان التفتيش سيسفر فعلاً عن ضبط المخدر أو عدم ضبطه مع المتهم. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رده على الدفع ببطلان إذن التفتيش وانتهى إلى أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
6 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلان لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلها الثابت في الأوراق، وكان عدم ذكر المحل التجاري الخاص بالطاعن في محضر التحريات لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحر.
7 - لما كان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى، وكانت المحكمة قد اطمأنت للأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها إلى أن المسكن الثاني الذي صدر إذن النيابة بتفتيشه وأسفر التفتيش عن ضبط المخدر به هو مسكن الطاعن وفي حيازته وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية دفاع الطاعن في هذا الصدد فإن منعى الطاعن يضحى ولا محل له.
8 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
9 -  من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين اعتقادها حسب تقديرها تلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها نفسها بالنسبة إلى متهم آخر، كما أن لها أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها.
10 - التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: حاز وأحرز بقصد الإتجار جواهر مخدرة "أفيون - حشيش - هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7، 34/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 66، 61 لسنة 1977 والبنود أرقام 9، 57، 103 من الجدول رقم واحد الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم (الطاعن) بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه عما نسب إليه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة والسيارة المستعملة رقم... ملاكي إسكندرية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز وحيازة جواهر مخدرة بقصد الإتجار قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون وران عليه التناقض ذلك بأنه اعتنق تصويراً للواقعة كما رواها شهود الإثبات بأن الطاعن ضبط أثناء نزوله من السيارة حاملاً لفافة تحوي طرب الحشيش والتفت عن دفاعه بأنه ضبط في مسكنه وكانت السيارة مودعة بالحظيرة وأيده في ذلك أفراد أسرته كما دفع المدافع عن الطاعن ببطلان إذن التفتيش لخلوه من تحديد الاختصاص الوظيفي والمكاني لمصدره ولصدوره عن جريمة مستقبلة بدليل أن الضابط قد تراخى في تنفيذ الإذن وقام بضبط جريمة لم تكن وقعت وقت صدوره كما أن عبارة الإذن تفيد احتمال وقوع الجريمة لا ثبوت وقوعها بالفعل، كما دفع ببطلان الإذن أيضاً لعدم جدية التحريات التي بني عليها لخلو محضرها من بيان سن الطاعن وعمله ومحله التجاري ولعدم صلة الطاعن بالمسكن الثاني الموضح بالتحريات الذي ضبط فيه مخدر الهيروين والأفيون لأنه مخلف عن والده وينازعه شقيقه في حيازته وقدم إيصالات سداد أجرة هذا المسكن صادرة باسم آخر إلا أن الحكم رد على هذه الدفوع جمعيها بما لا يتفق وصحيح القانون ودون أن يفند المستندات المقدمة من الطاعن كما التفت عن الشكوى الإداري التي قدم الطاعن صورتها تدليلاً على تلفيق التهمة، هذا إلى أن الحكم اعتمد في قضائه بإدانة الطاعن على أقوال شهود الإثبات وأطرحها بالنسبة للمتهمين الآخرين اللذين قضى ببرائتهما كما أن ما أورده في أسبابه التي أقام عليها قضاءه ببراءة المتهم الثاني ينفي عن الطاعن حمل المخدر والخروج به من السيارة وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز وحيازة جواهر مخدرة بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعن استناداً إلى أقوال شهود الإثبات هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها في وزن عناصر الدعوى وأدلتها أن تبين الواقعة على حقيقتها كما ارتسمت في وجدانها وتردها إلى صورتها الصحيحة من جماع الأدلة المطروحة عليها فإذا هي أطرحت دفاع الطاعن المخالف لهذا التصوير - الذي أيده فيه شهود نفيه فلا يقبل منه مجادلتها في عناصر اطمئنانها. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لخلوه من تحديد الاختصاص الوظيفي والمكاني لمصدره ورد عليه بقوله "أن البادي من مطالعة إذن النيابة أنه صدر من الأستاذ.... وكيل النيابة في.... الساعة 1.45 ص وتوقع منه على الإذن بعد أن ضمنه كل عناصر التسبيب ولم ينازع الدفاع في هذه الصفة ولم يأت بما يخالف هذا الواقع الصحيح من أن مصدره هو أحد وكلاء النائب العام واختصاصه نيابة المخدرات في زمان ومكان إصداره" وما أورده الحكم فيما تقدم يستقيم به الرد على ذلك الدفع ذلك أنه بحسب وكيل النيابة مصدر إذن التفتيش أن ينكر صفته هذه ملحقة باسمه في الإذن وهو ما لم ينازع فيه الطاعن. وكان ما قاله الحكم من أن العبرة في الاختصاص المكاني لوكيل النيابة مصدر الإذن إنما تكون بحقيقة الواقع هو قول صحيح وكانت المحكمة قد تحققت من أن مصدر الإذن هو من وكلاء نيابة المخدرات فإنه لا عيب يشوب الإجراءات إذ ليس في القانون ما يوجب ذكر هذا الاختصاص مقروناً باسم وكيل النيابة مصدر الإذن بالتفتيش ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته - بما لا ينازع الطاعن في صحة إسناد الحكم بشأنه - أن المقدم... قد استصدر إذن النيابة بالتفتيش لضبط ما قد يحوزه أو يحرزه الطاعن من مخدر بعد أن دلت التحريات على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ويحوز ويحرز كميات منها لهذا الغرض ويستخدم السيارة... ملاكي إسكندرية في ترويجها فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة. ولا يغير من ذلك أن يكون الضابط قد تراخى في تنفيذ الإذن إذ أن لرجل الضبطية القضائية المنتدب لتنفيذ إذن النيابة بالتفتيش تخير الظرف المناسب لإجرائه بطريقة مثمرة وفي الوقت الذي يراه مناسباً ما دام أن ذلك يتم في خلال الفترة المحددة بالإذن. كما أنه من المقرر أن القانون لا يشترط عبارات خاصة يصاغ بها إذن التفتيش فلا يؤثر في سلامة الإذن أن يكون مصدره قد استعمل عبارة "ما قد يحوزه أو يحرزه المتهم من مخدر" التي أولها الطاعن بأنها تنم عن أن الإذن ينصب على جريمة مستقبلة لم تكن قد وقعت بالفعل في حين أن لفظ "قد" وإن كان يفيد في اللغة معنى الاحتمال إلا أنه في سياقه الذي ورد فيه لا يدع مجالاً للشك في أنه لا ينصرف إلى احتمال وقوع جريمة إحراز وحيازة المخدر أو عدم وقوعها. قبل صدوره وإنما ينصرف إلى نتيجة التفتيش وهي دائماً احتمالية إذ لا يمكن الجزم مقدماً بما إذا كان التفتيش سيسفر فعلاً عن ضبط المخدر أو عدم ضبطه مع المتهم. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رده على الدفع ببطلان إذن التفتيش وانتهى إلى أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. ويكون النعي عليه في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافعين عن الطاعن دفعا ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات لخلو محضر الاستدلالات من بيان المحل التجاري للطاعن ولانتفاء صلة الطاعن بالمسكن الثاني الموضح بالتحريات ولم يثر أيهما شيئاً عن خلو محضر التحريات من بيان سن الطاعن وعمله وقد رد الحكم على هذا الدفع بقوله: أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن بالتفتيش أمر موضوعي تقدره سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومن ثم فلا ترى المحكمة في عدم اشتمال محضر التحريات على ذكر محل المتهم الكائن أسفل العقار الذي يقيم به.... ما يعد دليلاً على عدم جدية التحريات سيما وإن محضر التحريات قد أشتمل على اسم المتهم رباعياً وكذا اسم شهرته فضلاً عن اسمي ولديه وعنوانه في مسكنه بما يؤكد أنه هو المقصود بالتحريات ومن ثم تنتهي المحكمة إلى رفض الدفع المبدئ "ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن بعدم صلته بالمسكن الثاني الذي ضبط فيه المخدر ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن القول بعدم اختصاص المتهم بالمسكن الكائن بشارع... وانعدام صلته به مردود عليه بتوافر حيازة المسكن للمتهم امتداد لحيازة والده دلالة ذلك أن أحد لم ينازع المتهم في حيازة العين بشكل جدي ويستقر في وجدان المحكمة توافر الصلة بين المتهم وتلك الشقة ولا يغير من هذا وجود أثاث بسيط بها أو تعدد مساكن المتهم أو وجود مسكن آخر للمتهم بشارع.... "ولما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على الدفع ببطلان لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلها الثابت في الأوراق، وكان عدم ذكر المحل التجاري الخاص بالطاعن في محضر التحريات لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحر. وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى، وكانت المحكمة قد اطمأنت للأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها إلى أن المسكن الثاني الذي صدر إذن النيابة بتفتيشه وأسفر التفتيش عن ضبط المخدر به هو مسكن الطاعن وفي حيازته وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية دفاع الطاعن في هذا الصدد فإن منعى الطاعن يضحى ولا محل له. إذ هو لا يعدو أن يكون عوداً إلى المجادلة في أدلة الدعوى التي استنبطت منها المحكمة معتقدها في حدود سلطتها الموضوعية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم التفاته عن الشكوى الإداري التي تفيد تلفيق التهمة إذ لا تلتزم المحكمة في هذا الصدد بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من شأن محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين اعتقادها حسب تقديرها تلك الأدلة واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إليها نفسها بالنسبة إلى متهم آخر، كما أن لها أن تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن إليه في حق متهم آخر دون أن يكون هذا تناقضاً يعيب حكمها ما دام يصح في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر منها وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دلل تدليلاً سائغاً على إدانة الطاعن بجريمة إحراز وحيازة جواهر مخدرة بقصد الاتجار فإن قضاء الحكم ببراءة ولديه المتهمين الآخرين استناداً إلى عدم الاطمئنان إلى أقوال الشهود في شأن مساهمتهما مع والدهما الطاعن في الجريمة للأسباب التي أوردها الحكم لا يتعارض مع قضاء الحكم بالإدانة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان مفاد ما أورده الحكم في إحدى دعاماته التي بني عليها قضائه ببراءة المتهم الثاني الذي كان يرافق والده الطاعن في السيارة أنه لو صح اشتراكه معه في تجارة المخدرات لترك له والده مهمة الخروج من السيارة ومعه طرب الحشيش لتسليمها لعميله - وما أورده الحكم من ذلك - لا يتعارض مع ما أثبته في حق الطاعن من أنه هو الذي ترجل من السيارة حاملاً اللفافة التي تحوي طرب الحشيش المضبوطة أخذاً بأقوال شهود الإثبات التي اطمأن إليها ومن ثم فإن قالة التناقض والتخاذل تنحسر عن الحكم المطعون فيه. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 3928 لسنة 56 ق جلسة 18 / 12 / 1986 مكتب فني 37 ق 207 ص 1095

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1986

برياسة السيد المستشار: حسن جمعة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة ومصطفى طاهر وصلاح البرجي ومحمد حسام الدين الغرياني.

-----------------

(207)
الطعن رقم 3928 لسنة 56 القضائية

(1) إيجار الأماكن. خلو رجل. عقوبة "تطبيقها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
الإعفاء من العقوبة المنصوص عليها في المادة 24 من القانون 136 لسنة 1981. شرطه؟
إلزام الطاعن برد المبلغ المدفوع رغم ثبوت تخالصه مع المجني عليه. خطأ في القانون.
(2) دعوى مدنية "انقضاؤها بالتنازل". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
تنازل المدعي بالحقوق المدنية عن دعواه. يوجب على المحكمة إثباته. مخالفة ذلك خطأ في القانون.
(3) نقض "نظر الطعن والفصل فيه". محكمة النقض "سلطتها".
كون الخطأ الذي شاب الحكم. لا يخضع لأي تقدير الموضوعي. يوجب نقضه وتصحيحه وفقاً للقانون.
(4) عقوبة "وقف تنفيذها". وقف تنفيذ. محكمة النقض "سلطتها".
مناط وقف تنفيذ العقوبة طبقاً للمادة 55 إجراءات؟

-------------------
1 - لما كان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أسس ما انتهى إليه من عدم تمتع الطاعن بالإعفاء من العقاب المنصوص عليه في المادة 24 من القانون 136 لسنة 1981، على أن شرطي الإعفاء هما رد مبلغ الخلو، وأداء مثلى المبلغ لصندوق تمويل الإسكان بالمحافظة وأن الطاعن نفذ الشرط الأول على النحو الثابت بمحضر الصلح المؤرخ 25 من يونيه سنة 1980... ويفيد تخالصه، إلا أنه لم ينفذ الشرط الثاني. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم في هذا الشأن صحيح ويتفق وحكم المادة السادسة من القانون آنف البيان، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده تخالص مع الطاعن على النحو الثابت بمحضر الصلح المقدم من الأخير، فإنه ما كان للمحكمة أن تلزمه برد المبلغ المدفوع مرة أخرى - بعد أن تخالص عليه مع المطعون ضده أما وأنها قد فعلت فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون.
2 - لما كان الثابت من المفردات المضمومة - أن المطعون ضده تنازل عن دعواه المدنية على النحو الثابت بمحضر الصلح أنف البيان، فإنه كان يتعين على المحكمة أن تقضي بإثبات هذا التنازل، أما وأنها لم تفعل، وقضت بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به بشأن الدعوى المدنية فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون.
3 - لما كان الخطأ الذي بني عليه الحكم لا يخضع لأي تقدير موضوعي ما دامت المحكمة قد قالت كلمتها من حيث صحة إسناد الاتهام مادياً إلى المطعون ضده، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه وفقاً للقانون.
4 - متى كانت الظروف التي ارتكبت فيها الجريمة تبعث على الاعتقاد بأن المحكوم عليه لن يعود إلى مخالفة القانون، فإن المحكمة تأمر بإيقاف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة المقضي بهما لمدة ثلاث سنوات عملاً بالمادة 55 من قانون الإجراءات الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: - تقاضى المبالغ المبينة بالمحضر خارج نطاق عقد الإيجار. وطلبت عقابه بالمواد 1، 24، 25، 26، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والمادة 1/ 5 من قرار وزير العدل أرقام 2، 3 لسنة 1978. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيه على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة جنح قسم... قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه مع إلزامه برد مبلغ ألف وخمسمائة جنيه للمجني عليه وقدرت مبلغ خمسون جنيهاً لوقف التنفيذ لعقوبة الحبس المقضي بها وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، فاستأنف المحكوم عليه ومحكمة... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (وقيد بجدولها برقم 6748 لسنة 52 القضائية) وقضى فيه بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة.... الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى، والمحكمة الأخيرة قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ... المحامي نيابة عن المحكوم عليه (للمرة الثانية) في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار كخلو رجل قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه اعتبر أداء الطاعن مثلي مبلغ الخلو لصندوق تمويل الإسكان الاقتصادي بالمحافظة تطبيقاً لنص المادة 24 من القانون 136 لسنة 1981 شرطاً ثانياً للإعفاء من العقاب، بالإضافة إلى شرط رد مبلغ الخلو إلى صاحب الشأن، مع أن القانون لم يستلزم ذلك، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أسس ما انتهى إليه من عدم تمتع الطاعن بالإعفاء من العقاب المنصوص عليه في المادة 24 من القانون 136 لسنة 1981، على أن شرطي الإعفاء هما رد مبلغ الخلو، وأداء مثلى المبلغ لصندوق تمويل الإسكان بالمحافظة وأن الطاعن نفذ الشرط الأول على النحو الثابت بمحضر الصلح المؤرخ 25 من يونيه سنة 1980.. ويفيد تخالصه، إلا أنه لم ينفذ الشرط الثاني. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم في هذا الشأن صحيح ويتفق وحكم المادة السادسة من القانون آنف البيان، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده تخالص مع الطاعن على النحو الثابت بمحضر الصلح المقدم من الأخير، فإنه ما كان للمحكمة أن تلزمه برد المبلغ المدفوع مرة أخرى - بعد أن تخالص عليه مع المطعون ضده أما وأنها قد فعلت فإنها تكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان الثابت من المفردات المضمومة - أن المطعون ضده تنازل عن دعواه المدنية على النحو الثابت بمحضر الصلح أنف البيان، فإنه يتعين على المحكمة أن تقضي بإثبات التنازل، أما وأنها لم تفعل، وقضت بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به بشأن الدعوى المدنية فإنها تكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان الخطأ الذي بني عليه الحكم لا يخضع لأي تقدير موضوعي ما دامت المحكمة قد قالت كلمتها من حيث صحة إسناد الاتهام مادياً إلى المطعون ضده، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه وفقاً للقانون بإلغاء ما قضى به من عقوبة الرد وبإثبات تنازل المدعي بالحق المدني عن دعواه المدنية وإلزامه مصاريفها غير أنه بالنظر إلى أن الظروف التي ارتكبت فيها الجريمة تبعث على الاعتقاد بأن المحكوم عليه لن يعود إلى مخالفة القانون، فإن المحكمة تأمر بإيقاف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة المقضي بهما لمدة ثلاث سنوات عملاً بالمادة 55 من قانون الإجراءات الجنائية.

الطعن 3966 لسنة 56 ق جلسة 18 / 12 / 1986 مكتب فني 37 ق 208 ص 1099

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1986

برياسة السيد المستشار: قيس الرأي عطيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد نجيب صالح وعوض جادو نائبي رئيس المحكمة وصلاح عطيه وعبد اللطيف أبو النيل.

--------------

(208)
الطعن رقم 3966 لسنة 56 القضائية

(1) اختلاس أموال أميرية. قانون "تفسيره". موظفون عموميون. جريمة "أركانها". قصد جنائي. عقوبة "توقيعها". ظروف مشددة. الإخلال العمدي بنظام توزيع السلع. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مجال تطبيق المادة 112 عقوبات؟
تمام الاختلاس بانصراف نية الجاني إلى التصرف فيما يحوزه من مال على اعتبار أنه مملوك له وأن لم يتم التصرف فيه فعلاً.
وجوب معاقبة الجاني بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 112 عقوبات. متى كان من الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة.
مناط التفرقة بين جريمة الاختلاس والجريمة المنصوص عليها في المادة 116 عقوبات.
 (2)أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". عقوبة "الإعفاء منها". اختلاس أموال أميرية. اشتراك.
الإعفاء من العقوبات المقررة لجرائم الاختلاس. قصره على الشركاء في الجريمة من غير المحرضين. المادة 118 مكرراً "ب" عقوبات.
 (3)استيلاء. اختلاس أموال أميرية. ارتباط. عقوبة "عقوبة الجريمة الأشد". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الحكم فيما تساند إليه في خصوص جريمة تسهيل الاستيلاء.
عدم جدواه. طالما جاء براء من العوار في جريمة الاختلاس المرتبطة بها ذات العقوبة الأشد.
(4) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
خطأ الحكم الذي لا يؤثر في عقيدة المحكمة أو النتيجة التي انتهى إليها. لا يعيبه.

----------------
1 - لما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات يشمل كل موظف أو مستخدم عمومي ومن في حكمهم مما نصت عليهم المادة 119 من ذات القانون يختلس مالاً تحت يده متى كان قد وجد في حيازته بسبب وظيفته، ويتم الاختلاس في هذه الصورة متى انصرفت نية الجاني إلى التصرف فيما يحوزه بصفة قانونية على اعتبار أنه مملوك له، فإذا كان الجاني من الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة تعين معاقبته بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 112 سالفة البيان. وهذه الصورة من الاختلاس هي صورة خاصة من صور خيانة الأمانة - أما الجريمة المنصوص عليها في المادة 116 من قانون العقوبات فيقوم ركنها المادي على مجرد الإخلال العمدي من الموظف العام بنظام توزيع السلع كما حددته الجهة المختصة بأن ينتهج أسلوباً معيناً خلافاً لنظام توزيع السلع فيحرم طائفة من الناس من بعض السلع أو يعلق التوزيع بوجه عام أو بالنسبة لبعض الأشخاص على شروط معينة مخالفة للنظام. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في تدليل سائغ أن الطاعن وهو أمين مخازن الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بمحافظة دمياط قد قام في الفترة من أول يناير سنة 1984 حتى 31 ديسمبر سنة 1984 باختلاس كميات من الأسمنت الذي كان في عهدته بسبب وظيفته بلغت قيمتها 4621.400 مليمجـ بأن قام ببيعها والاحتفاظ بقيمتها لنفسه وهو ما تتحقق به جناية الاختلاس بكافة أركانها القانونية فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
2 - لما كان البين من استقراء نص المادة 118 مكرراً "ب" أن الشارع قصر حق التمتع بالإعفاء من العقوبات المقررة لجرائم اختلاس المال العام على الشركاء في الجريمة من غير المحرضين على ارتكابها متى تحققت موجباته فلا يستفيد منه الفاعل الأصلي أو الشريك بالتحريض، وكان مؤدى ما ساقه الحكم في بيان واقعة الدعوى يصدق به اعتبار الطاعن فاعلاً أصلياً في جريمة الاختلاس التي دين بها فإنه لا محل لتعييب الحكم في هذا الصدد.
3 - لا جدوى لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حقه مقارفته جريمة تسهيل استيلاء المتهم الثالث على كمية الأسمنت البالغ قيمتها 2222 جنيه بغير حق ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة الاختلاس التي أثبتها الحكم في حقه.
4 - لما كان خطأ الحكم في تحديد شخص المالك للأسمنت المختلس وبفرض أنه ليس بنك ناصر الاجتماعي وإنما الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير لا ينال من سلامته إذ لم تكن له أثر في عقيدة المحكمة أو النتيجة التي انتهى إليها الحكم. ومن ثم فإن دعوى الخطأ في الإسناد لا يكون لها وجه - لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن - وآخرين بأنهم: المتهم الأول (الطاعن) أولاً: بصفته موظفاً عمومياً (أمين مخازن الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بدمياط) اختلس كميات الأسمنت المبينة بالتحقيقات والبالغ قيمتها 4621.400 مليمجـ المملوكة لبنك ناصر الاجتماعي فرع دمياط والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع وسلمت إليه بهذه الصفة. ثانياً: بصفته سالفة الذكر سهل لمتهم آخر الاستيلاء بغير حق على 400 طن أسمنت مخلوط والبالغ قيمتها 2222 جنيهاً والمملوكة لبنك ناصر الاجتماعي فرع دمياط بأن سلمه كميات الأسمنت المذكورة دون توريد قيمتها للبنك سالف الذكر. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2 - 3، 41، 112/ أ، 113/ 1، 118 مكرراً، 119/ د 119 مكرراً هـ من قانون العقوبات مع تطبيق المواد 32/ 2، 17، 55/ 1، 56/ 1 من ذات القانون بمعاقبة المتهم (الطاعن) بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ 46210.400 مليمجـ وبعزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجناية الاختلاس وآخذه بحكم المادة 112 من قانون العقوبات قد شابه القصور في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد ذلك بأنه رد على دفاع الطاعن القائم على انطباق المادة 116 من قانون العقوبات على الواقعة بما لا يصلح رداً، كما لم يعمل في حقه الإعفاء المقرر بالمادة 118 من القانون المذكور على الرغم من توافر موجبه، ودانه عن التهمة الثانية - تسهيل الاستيلاء - رغم عدم توافر القصد الجنائي لدى المتهم الثالث..... بدلالة استلامه كمية الأسمنت المقال باختلاسه لها بموجب إيصال مؤقت وفقاً للنظام المتبع وسداده الثمن كاملاً مما ينفي عنه نية التملك، وأخيراً فقد أورد الحكم في مدوناته أن الأسمنت المختلس مملوك لبنك ناصر الاجتماعي حال كونه مملوكاً للجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير. كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاختلاس التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات يشمل كل موظف أو مستخدم عمومي ومن في حكمهم مما نصت عليهم المادة 119 من ذات القانون يختلس مالاً تحت يده متى كان قد وجد في حيازته بسبب وظيفته، ويتم الاختلاس في هذه الصورة متى انصرفت نية الجاني إلى التصرف فيما يحوزه بصفة قانونية على اعتبار أنه مملوك له، فإذا كان الجاني من الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة تعين معاقبته بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 112 سالفة البيان. وهذه الصورة من الاختلاس هي صورة خاصة من صور خيانة الأمانة - أما الجريمة المنصوص عليها في المادة 116 من قانون العقوبات فيقوم ركنها المادي على مجرد الإخلال العمدي من الموظف العام بنظام توزيع السلع كما حددته الجهة المختصة بأن ينتهج أسلوباً معيناً خلافاً لنظام توزيع السلع فيحرم طائفة من الناس من بعض السلع أو يعلق التوزيع بوجه عام أو بالنسبة لبعض الأشخاص على شروط معينة مخالفة للنظام. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في تدليل سائغ أن الطاعن وهو أمين مخازن الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بمحافظة دمياط قد قام في الفترة من أول يناير سنة 1984 حتى 31 ديسمبر سنة 1984 باختلاس كميات من الأسمنت الذي كان في عهدته بسبب وظيفته بلغت قيمتها 4621.400 مليمجـ بأن قام ببيعها والاحتفاظ بقيمتها لنفسه وهو ما يتحقق به جناية الاختلاس بكافة أركانها القانونية فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من استقراء نص المادة 118 مكرراً "ب" أن الشارع قصر حق التمتع بالإعفاء من العقوبات المقررة لجرائم اختلاس المال العام على الشركاء في الجريمة من غير المحرضين على ارتكابها متى تحققت موجباته فلا يستفيد منه الفاعل الأصلي أو الشريك بالتحريض، وكان مؤدى ما ساقه الحكم في بيان واقعة الدعوى يصدق به اعتبار الطاعن فاعلاً أصلياً في جريمة الاختلاس التي دين بها فإنه لا محل لتعييب الحكم في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان لا جدوى لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حقه مقارفته جريمة تسهيل استيلاء المتهم الثالث على كمية الأسمنت البالغ قيمتها 2222 جنيه بغير حق ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة الاختلاس التي أثبتها الحكم في حقه. لما كان ذلك، وكان خطأ الحكم في تحديد شخص المالك للأسمنت المختلس وبفرض أنه ليس بنك ناصر الاجتماعي وإنما الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير لا ينال من سلامته إذ لم يكن له أثر في عقيدة المحكمة أو النتيجة التي انتهى إليها الحكم. ومن ثم فإن دعوى الخطأ في الإسناد لا يكون لها وجه - لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الجمعة، 8 أبريل 2022

الطعن 12103 لسنة 82 ق جلسة 4 / 3 / 2020 مكتب فني 71 ق 50 ص 383

جلسة 4 من مارس سنة 2020

برئاسة السيد القاضي/ محمد أبو الليل "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ أمين محمد طموم، حمادة عبد الحفيظ إبراهيم، سامح سمير عامر "نواب رئيس المحكمة"، ومحمد أحمد إسماعيل.

----------------

(50)
الطعن 12103 لسنة 82 ق
(1 ، 2) بنوك "البنك المركزي: دمج البنوك".
(1) البنك الدائن المرتهن. الاتفاق على حقه في بيع الأوراق المالية المرهونة في حالة عدم الوفاء بمستحقاته بحلول أجلها. جواز بيعها بعد مضي عشرة أيام من تكليف المدين بالوفاء وفق أحكام التداول بالبورصة. م 105 ق 88 لسنة 2003.

(2) اندماج بنك إلى آخر. أثره. انقضاء البنك المندمج ومحو شخصيته الاعتبارية وذمته المالية وحلول البنك الدامج محله في الحقوق والالتزامات. إدماج الشركات بطريق الضم. أثرة حلول الشركة الدامجة محل الشركة المندمجة في حقوقها والتزاماتها. خلافتها في ذلك خلافة عامة. م 133 ق 159 لسنة 1981.

(3) بنوك "عمليات البنوك: رهن الأوراق المالية لصالح البنك".
عدم قيد الأسهم المرهونة في البورصة لا أثر له على صحة صفة البنك الدامج في بيع الأسهم المرهونة ابتداء للبنك المدمج. م 105 ق 88 لسنة 2003.

(4 ، 5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
(4) محكمة الموضوع. سلطتها في فهم الواقع وتقدير الأدلة المطروحة عليها والموازنة بينها. لها أن تأخذ بتقرير الخبير محمولا على أسبابه وعدم التزامها بتتبع أقوال الخصوم وحججهم والرد عليها استقلالا. علة ذلك. مثال.

(5) محكمة الموضوع. سلطتها في فهم الواقع في الدعوي وفي تقدير الأدلة وسائر المحررات لاستخلاص الواقع الصحيح في الدعوى.

(6) قانون "تفسير القانون".
تفسير النصوص التشريعية لفهم مرماها وأعمال أحكامها. وجوب الأخذ بمجموع ما ورد بها وذلك للتعرف على القصد الشامل منها. مؤداه. عدم جواز إفراد أجزاء منها بمفهوم مستقل عن سائر مجموع نصوصها ما لم يكن مستمدا من نص صريح فيها.

(7) شركات "شركة المساهمة: إدارة الشركة: الجمعية العمومية، مجلس الإدارة".
منح المشرع مجلس إدارة شركات المساهمة حق تعيين رئيس المجلس من بين أعضائه وحق توزيع العمل بين أعضائه. المادتان 79، 85 من القانون 159 لسنة 1981. لا تعارض مع اختصاصات الجمعية العامة للشركة. المواد من 59 إلى 76. علة ذلك. مثال.

--------------

1 - المقرر بنص المادة 105 من القانون 88 لسنة 2003 بشأن إصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد في حالة وجود اتفاق يعطى البنك بصفته دائنا مرتهنا الحق في بيع الأوراق المالية المرهونة إذا لم يقم المدين بالوفاء بمستحقات البنك المضمونة بالرهن عند حلول أجلها، يجوز للبنك بيع تلك الأوراق وفق الأحكام المنظمة لتداول الأوراق المالية في البورصة، وذلك بعد مضي عشرة أيام عمل من تكليف المدين بالوفاء بموجب ورقة من أوراق المحضرين ودون التقيد بالأحكام المنصوص عليها في المادتين (126 و129) من قانون التجارة والمادة (8) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992 والمواد "59 و60 و61 و61 مكررا (1) ومكررا (3) ومكررا (4) ومكررا (5) من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن اندماج بنك يتمتع بالشخصية الاعتبارية بطريق الضم إلى بنك آخر ينقضي به البنك المندمج وتمحى شخصيته الاعتبارية وذمته المالية ويحل محله البنك الدامج بما له من حقوق وما عليه من التزامات ويخلفه في ذلك خلافة عامة، وتؤول إليه جميع عناصر ذمته المالية. وهو ما أكدته المادة 133 من القانون رقم 159 لسنة 1981 بإصدار قانون الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة ويحل محله بمقتضى نص في القانون، وعليه فإن الالتزامات المترتبة على الدمج يكون مصدرها القانون.

3 - إذ كان الواقع في الدعوى حسبما حصله الحكم المطعون فيه من سائر الأوراق، بصدور قرار بدمج بنك ... - الدائن المرتهن - في البنك ... يترتب عليه حلول البنك الدامج محل البنك المدمج حلولا قانونيا في كافة ما له من حقوق وما عليه من التزامات عملا بنص المادة 133 من القانون رقم 159 لسنة 1981 وانتقال الأسهم المرهونة إليه. و كان ذلك ليس من شأنه أن يؤثر على صحة إجراءات بيع تلك الأسهم ويستتبع بطلان البيع لأن البنك الدامج أصبح هو الدائن المرتهن للطاعن وإذ استمر في مباشرة إجراءات بيع الأسهم المرهونة بهذه الصفة وانتهى الحكم إلى صحة إجراءات البيع التي قام بها البنك وفقا للمادة 105 سالفة الذكر - المنطبقة على الواقع في الدعوى - فإنه يكون انتهى وفق صحيح القانون ولا ينال من ذلك ما يثيره الطاعن بعدم انطباق تلك المادة لعدم قيد الأسهم في البورصة لأنها جاءت عامة تنطبق على الأوراق المقيدة والغير مقيدة بالبورصة أو دفعه بعدم دستوريتها لعدم تمسكه بذلك أمام محكمة الموضوع ويكون تمسك الطاعن بذلك وبسقوط الإنذارات الموجهة له بالوفاء أو بيع الأسهم من البنك المندمج والتي تمت صحيحة وانتقلت إلي البنك الدامج وبطلان بيع الأسهم لمخالفته نص المادة 105 سالفة البيان على غير أساس.

4 - جرى قضاء محكمة النقض على أنه لما كان لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الأدلة والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها أن تأخذ بتقرير الخبير المعين في الدعوى لاقتناعها بصحة أسبابه، فإنها لا تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالا على الطعون التي وجهت إلى هذا التقرير لأن في أخذها به محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير، وكان الحكم المطعون فيه استخلص من تقرير لجنة الخبراء المنتدبة التي قامت بتصفية الحساب بين الطرفين أن ذمة الطاعن بصفته مشغولة بالمبلغ المقضي به بعد خصم قيمة الأسهم المملوكة له والمرهونة للبنك فإذا ألزمه بها وأجري عليها العائد المتفق عليه في عقد الاتفاق المؤرخ 3/ 10/ 2000 فإنه يكون انتهى سائغا ووفق صحيح القانون ويكون النعي عليه بأنه لم يرد على اعتراضاته على تقرير الخبير لا يعدو أن يكون جدلا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديره تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة ويكون غير مقبول.

5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات وسائر المحررات المقدمة فيها واستخلاص ما ترى أنه الواقع الصحيح في الدعوى.

6 - لدى تفسير النصوص القانونية يجب الأخذ في فهم مرماها وإعمال أحكامها بمجموع ما ورد بها للتعرف على القصد الشامل منها وعدم إفراد أجزاء منها بمفهوم مستقل عن سائرها ما لم يكن ذلك مستمدا من عبارة النص الصريح.

7 - مفاد المادتين 79، 85 من القانون رقم 159 لسنة 1981 أن المشرع منح مجلس إدارة شركات المساهمة حق تعيين رئيس المجلس من بين أعضائه وأجاز له تعيين نائبا للرئيس يحل محل الرئيس حال غيابه، وأن يعهد للرئيس بأعمال العضو المنتدب، كما يوزع المجلس العمل بين أعضائه ويندب عضوا أو أكثر لأعمال الإدارة الفعلية، وهذا كله لا يتعارض مع ما قرره القانون ذاته للجمعية العامة من اختصاصات في المواد من 59 إلى 76 منه إذ إن قيام المجلس بممارسة اختصاصه الذي خوله المشرع إياه بتعيين رئيسه أو العضو المنتدب من بين أعضائه لا يعد عزلاً لمن تم استبداله طالما ظل محتفظا بعضوية المجلس حتى وإن كان قد سبق تسميته رئيسا أو عضوا منتدبا من قبل الجمعية العامة، ذلك لأن اختصاص الجمعية العامة المقرر بالمادة 63 (أ) من قانون الشركات بانتخاب أعضاء مجلس الإدارة وعزلهم لا يترتب عليه، ولا يجوز أن يترتب عليه، إلغاء النصوص التشريعية التي تقرر اختصاصا لمجلس الإدارة في سبيل القيام بمهمته بتسيير أعمال الشركة وفقا لما يراه محققأ لهدفها طالما أنه في النهاية يظل مسئولا أمام جميع المساهمين في جمعيتهم العامة، وهو ما يتفق مع التفسير الصحيح للأحكام الواردة بالقانون المشار إليه بشأن اختصاص كل من الجمعية العامة ومجلس الإدارة والتي يجب أن تؤخذ في مجموعها للوصول إلى قصد الشارع منها دون أن يؤدي إعمال حكم منها إلى إلغاء الأحكام الأخرى أو تعطيل آثارها. ويؤيد هذا النظر - أن مجلس إدارة الشركة المساهمة هو صاحب السلطة في تعيين رئيسه ونائبه من بين أعضائه وتنحية أي منها عن منصبه - أن اللائحة التنفيذية للقانون رقم 159 لسنة 1981 الصادرة بقرار وزير الاستثمار والتعاون الدولي رقم 16 لسنة 1982 نصت في المادة 246 منها على أنه "يعين مجلس الإدارة من بين أعضائه رئيسا، كما يجوز له أن يعين نائبا للرئيس يحل محل الرئيس حال غيابه، ويكون التعيين في منصب رئيس المجلس أو نائب الرئيس لمدة لا تجاوز مدة عضويته بالمجلس ويجوز تجديد التعيين في تلك المناصب كما يجوز للمجلس أن ينحى أيهما عن منصبه في أي وقت". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى بصحة قرار مجلس إدارة الشركة ... المعقود بتاريخ 20/ 10/ 2008 الذي عين رئيس مجلس إدارة جديد بدلا من الطاعن مع بقاء الطاعن بصفته عضوا بالمجلس استنادا إلى أن الدعوة إلى الاجتماع تمت من ثلث أعضاء المجلس وموافقة الهيئة العامة للاستثمار عليه واعتماده، فإذ انتهى إلى رفض دعوى الطاعن رقم ... لسنة 1 ق القاهرة الاقتصادية فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بما ورد بهذا الوجه على غير أساس.

-------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم من الأول حتى الثامن الدعوى رقم... لسنة 1 ق القاهرة الاقتصادية - الدائرة الاستئنافية - بطلب الحكم ببطلان قرار مجلس إدارة الشركة المطعون ضدها الثانية - ... - الصادر بتاريخ 20/ 10/ 2008 والمؤشر به في السجل التجاري للشركة والمتضمن عزله من رئاسة مجلس الإدارة وتعيين آخر بدلا منه وإلغاءه وما ترتب عليه من آثار وخاصة التصرفات والبيوع التي تمت بمعرفة رئيس مجلس الإدارة الجديد وإلزام الشركتين المطعون ضدهما الأولى والثانية متضامنين بأن يؤديا له مبلغ ثلاثة ملايين جنيه عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء هذا القرار على سند من أنه تم تعيينه رئيسا لمجلس إدارة الشركة المطعون ضدها الثانية من الجمعية العمومية بتاريخ 25/ 9/ 2008 وفوجىء بصدور قرار من مجلس الإدارة بالإجماع بعزله وتعيين آخر مكانه ولما كان هذا القرار مخالفا للقانون ولم يصدر من الجمعية العامة للشركة صاحبة الاختصاص أو يعرض عليها بما يبطله ويبطل كل ما صدر عن رئيس مجلس الإدارة الجديد من تصرفات فأقام الدعوى، تدخل المطعون ضده التاسع - رئيس مجلس إدارة ... - منضما إلى المطعون ضدهما الثاني والثالث، وأقام الطاعن عن نفسه وبصفته الدعوى التي قيدت فيما بعد برقم ... لسنة 1 ق لدى ذات المحكمة على المطعون ضدهم من العاشر حتى الثالث عشر بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف جميع الإجراءات الخاصة بالأسهم المرهونة إلى البنك المطعون ضده - ... - المملوكة له شخصيا حتى الفصل في الدعوى، وندب خبير لبيان قيمة أصل الدين والتسهيلات الائتمانية والتسديدات والتحويلات التي تمت من الشركة والضمانات المأخوذة وخصم ما تم سدادة من التسهيلات واحتساب الفوائد التي عليها وبيان المستحق للبنك وعدم الاعتداد بمطالبة البنك على سند أنه بتاريخ 8/ 2/ 1996 شب حريق في الشركة الطاعنة أدى الى إتلافها وتوقف العمل بها وكان رصيدها المدين في 1/ 2/ 1996 مبلغ 87, 265، 788 جنيه وتم عمل قرض في فبراير 1996 وتم سداد القرض ورهن الطاعن عدد 2333 سهم من أسهمه الشخصية في الشركة المطعون ضدها التاسعة - ... - للبنك سالف الذكر ووقع سندات إذنيه بقيمة الاعتماد ضمانا لمبلغ مائة وخمسون ألف دولار وبتاريخ 4/ 10/ 2000 تم الاتفاق على جدولة المديونية والتوقيع على عقود وشيكات وسندات أخرى وتم إصدار سلفيات جديدة ورغم إيداع مبالغ نقدية وتحصيل البنك فواتير من عملاء الشركة إلا أنه رفض إعطائه كشوف حساب فأقام الدعوي، ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره قدم البنك طلبا عارضا بإلزام الطاعن عن نفسه وبصفته بأن يؤدي له مبلغ 24، 104، 729 دولار حتى 31/ 5/ 2005 بخلاف ما يستجد من فوائد وخلافه حتى تمام السداد، وأضاف الطاعن طلبا مضافا بطلب الحكم بإلزام البنك بأن يقدم أصل الشيكات وإيصالات سحب القرض المؤرخ 30/ 10/ 2000 بمبلغ 305 ألف دولار وبطلان تلك المستندات لتزويرها لأنه لم يوقع عليها، كما أقام الطاعن على المطعون ضدهم الأول والثاني والعاشر بصفاتهم لدي ذات المحكمة الدعوى رقم ... لسنة 1 ق بطلب الحكم ببطلان التفويض المؤرخ 3/ 10/ 2000 الصادر منه للبنك لبيع الأسهم المملوكة له في الشركة ... بطلانا مطلقا وما ترتب عليه من أثار وهي بيع الأسهم البالغ عددها 2333 سهم بمبلغ 9، 3851724 جنيه وإلزامهم بأن يؤدوا له متضامنين مبلغ خمسة ملايين جنيه تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء بيع الأسهم بأقل من ثمنها وبالتواطؤ والغش والمخالفة للمادتين 126 و 129 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 لأن هذه الأسهم غير مقيدة بالبورصة ولما كان ذلك للإضرار به أقام الدعوى وأقام البنك المطعون ضده العاشر - ... - على الطاعن عن نفسه وبصفته الدعوى التي قيدت فيما بعد لدى المحكمة سالفة البيان برقم ... لسنة 1 ق بإلزامهما ضامنين ومتضامنين بأن يؤديا له مبلغ 60، 712613 دولار حتى 30/ 9/ 2004 والعوائد بواقع 7% من تاريخ إقامة الدعوى حتى تمام السداد على سند من أن الشركة التي يمثلها حصلت منه على تسهيلات ائتمانية أسفر عنها الرصيد المطالب به وإذ لم تقم بالسداد رغم إقرارها بالمديونية في 3/ 10/ 2000 وتعهدها بالسداد وإنذارها أقام الدعوى. أقام الطاعن دعوي فرعية بطلب الحكم بإلزام البنك بتقديم أصل الشيكات وإيصالات سحب القرض والحكم بردها وبطلانها وندب خبير لحساب المديونية ووقف احتساب الفوائد المركبة بعد قفل الحساب لأن المستندات مزورة عليه ولم يتسلم القرض، ضمت المحكمة الدعاوى وندبت خبيرا فيهم وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 17/ 5/ 2012 في الدعويين رقمي ... و ... لسنة 1 ق برفضهما وفي الدعويين رقمي ...، ... لسنة 1 ق بإلزام الطاعن عن نفسه وبصفته في الأولى بأن يؤدى للبنك المطعون ضده العاشر مبلغ 135995 دولار أمريكي حتى 30/ 11/ 2008 وعائد سنوي بسيط بسعر تكلفة الحصول على الدولار الأمريكي حتى تمام السداد ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. طعن الطاعن عن نفسه وبصفته في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية لهذه المحكمة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

----------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالشق الأول من الوجه الأول من السبب الأول والوجه الأول من السبب الرابع والسبب الخامس الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنه لما كانت إجراءات بيع الأسهم المملوكة له والمرهونة للبنك المطعون ضده الثاني عشر باطلة لعدم إنذاره بالوفاء قبل البيع وفقا للمادة 105 من القانون رقم 88 لسنة 2003 بشأن البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد بعد سقوط إنذاري بنك ... المؤرخين 21/ 4 و13/ 6/ 2002 لاندماجه في البنك الأول بتاريخ 19/ 9/ 2005 وإذ تمسك أمام محكمة الموضوع بذلك وبأن البيع تم بثمن بخس وبعدم انطباق المادة سالفة البيان على بيع الأسهم لكونها غير مقيدة بالبورصة وأن هذا البيع يؤدي إلى الإضرار بالدائن والمدين إلا أن الحكم طبق هذه المادة رغم عدم دستوريتها لمخالفتها مبدأ المساواة بين مالكي الأوراق المالية المقيدة بالبورصة وغير المقيدة وتكافؤ الفرص بين المواطنين المنصوص عليها في الدستور، ولما كانت لازمة للفصل في موضوع الدعوى فإن الطاعن يدفع بعدم دستوريتها، وإذ انتهى الحكم إلى صحة البيع فإنه يكون أخطأ بما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأنه من المقرر بنص المادة 105 من القانون 88 لسنة 2003 بشأن إصدار قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد أنه "في حالة وجود اتفاق يعطى البنك بصفته دائنا مرتهنا الحق في بيع الأوراق المالية المرهونة إذا لم يقم المدين بالوفاء بمستحقات البنك المضمونة بالرهن عند حلول أجلها، يجوز للبنك بيع تلك الأوراق وفق الأحكام المنظمة لتداول الأوراق المالية في البورصة، وذلك بعد مضي عشرة أيام عمل من تكليف المدين بالوفاء بموجب ورقة من أوراق المحضرين ودون التقيد بالأحكام المنصوص عليها في المادتين (126 و129) من قانون التجارة والمادة (8) من قانون سوق رأس المال الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1992 والمواد "59 و60 و61 و61 مكررا (1) ومكررا (3) ومكررا (4) ومكررا (5)" من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه"، وكان من المقرر أن اندماج بنك يتمتع بالشخصية الاعتبارية بطريق الضم إلى بنك آخر ينقضي به البنك المندمج وتمحى شخصيته الاعتبارية وذمته المالية ويحل محله البنك الدامج بما له من حقوق وما عليه من التزامات ويخلفه في ذلك خلافة عامة، وتؤول إليه جميع عناصر ذمته المالية، وهو ما أكدته المادة 133 من القانون رقم 159 لسنة 1981 بإصدار قانون الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة ويحل محله بمقتضى نص في القانون، وعليه فإن الالتزامات المترتبة على الدمج يكون مصدرها القانون. لما كان ما تقدم، وكان الواقع في الدعوى حسبما حصله الحكم المطعون فيه من سائر الأوراق، أنه بصدور قرار بدمج بنك ... - الدائن المرتهن - في البنك ... يترتب عليه حلول البنك الدامج محل البنك المدمج حلولا قانونيا في كافة ما له من حقوق وما عليه من التزامات عملا بنص المادة 133 من القانون رقم 159 لسنة 1981 وانتقال الأسهم المرهونة إليه. وكان ذلك ليس من شأنه أن يؤثر على صحة إجراءات بيع تلك الأسهم ويستتبع بطلان البيع لأن البنك الدامج أصبح هو الدائن المرتهن للطاعن وإذ استمر في مباشرة إجراءات بيع الأسهم المرهونة بهذه الصفة وانتهى الحكم إلى صحة إجراءات البيع التي قام بها البنك وفقا للمادة 105 سالفة الذكر - المنطبقة على الواقع في الدعوى - فإنه يكون انتهى وفق صحيح القانون ولا ينال من ذلك ما يثيره الطاعن بعدم انطباق تلك المادة لعدم قيد الأسهم في البورصة لأنها جاءت عامة تنطبق على الأوراق المقيدة وغير المقيدة بالبورصة أو دفعه بعدم دستوريتها لعدم تمسكه بذلك أمام محكمة الموضوع ويكون تمسك الطاعن بذلك وبسقوط الإنذارات الموجهة له بالوفاء أو بيع الأسهم من البنك المندمج والتي تمت صحيحة وانتقلت إلى البنك الدامج وبطلان بيع الأسهم لمخالفته نص المادة 105 سالفة البيان على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه بالشق الثاني من الوجه الأول من السبب الأول والسبب الثالث والوجهين الثاني والثالث من السبب الرابع الإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال إذ استند في قضائه إلى تقرير لجنة الخبراء رغم اعتراضه عليه لأنه لم يعتبر تاريخ قفل الحساب الجاري من تاريخ الحريق في 1996 مما ترتب عليه احتساب فوائد بالمخالفة للقانون واحتسب القرض المؤرخ 2/ 10/ 2000 الذي لم يحصل عليه ضمن المديونية ولم ترد اللجنة على اعتراضه على إجراءات بيع الأسهم وثمنها ولم تعتد بالضرر الذي أصابه من جراء عزله من مجلس الإدارة ولم تحتسب أرباح الأسهم المرهونة لدى البنك حتى تاريخ البيع وخصمها من المديونية بما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لما كان لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الأدلة والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها أن تأخذ بتقرير الخبير المعين في الدعوى لاقتناعها بصحة أسبابه، فإنها لا تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالا على الطعون التي وجهت إلى هذا التقرير لأن في أخذها به محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير، وكان الحكم المطعون فيه استخلص من تقرير لجنة الخبراء المنتدبة التي قامت بتصفية الحساب بين الطرفين أن ذمة الطاعن بصفته مشغولة بالمبلغ المقضي به بعد خصم قيمة الأسهم المملوكة له والمرهونة للبنك فإذا ألزمه بها وأجرى عليها العائد المتفق عليه في عقد الاتفاق المؤرخ 3/ 10/ 2000 فإنه يكون انتهي سائغا ووفق صحيح القانون ويكون النعي عليه بأنه لم يرد على اعتراضاته على تقرير الخبير لا يعدو أن يكون جدلا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديره تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة ويكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الثاني من السبب الأول القصور في التسبيب لأنه طلب بطلان القرار الصادر من مجلس إدارة الشركة ... المنعقد بتاريخ 20/ 10/ 2008 بعزله من مجلس الإدارة استنادا إلى المادة 44 من النظام الأساسي للشركة والمادة 13 من القانون رقم 159 لسنة 1981 لعدم عرضه على الجمعية العامة للشركة صاحبة الاختصاص بذلك وقدم المستندات الدالة على عزله والإبقاء عليه عضوا بمجلس الإدارة إلا أن الحكم لم يبحثها مما حجبه عن القضاء له بالتعويض عن العزل بما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات وسائر المحررات المقدمة فيها واستخلاص ما ترى أنه الواقع الصحيح في الدعوى، وأنه لدى تفسير النصوص القانونية يجب الأخذ في فهم مرماها وأعمال أحكامها بمجموع ما ورد بها للتعرف على القصد الشامل منها وعدم إفراد أجزاء منها بمفهوم مستقل عن سائرها ما لم يكن ذلك مستمدا من عبارة النص الصريح. لما كان ذلك، وكان مفاد المادتين 79، 85 من القانون رقم 159 لسنة 1981 أن المشرع منح مجلس إدارة شركات المساهمة حق تعيين رئيس المجلس من بين أعضائه وأجاز له تعيين نائبا للرئيس يحل محل الرئيس حال غيابه، وأن يعهد للرئيس بأعمال العضو المنتدب، كما يوزع المجلس العمل بين أعضائه ويندب عضوا أو أكثر لأعمال الإدارة الفعلية، وهذا كله لا يتعارض مع ما قرره القانون ذاته للجمعية العامة من اختصاصات في المواد من 59 إلى 76 منه إذ إن قيام المجلس بممارسة اختصاصه الذي خوله المشرع إياه بتعيين رئيسه أو العضو المنتدب من بين أعضائه لا يعد عزلا لمن تم استبداله طالما ظل محتفظا بعضوية المجلس حتى وإن كان قد سبق تسميته رئيسا أو عضوا منتدبا من قبل الجمعية العامة، ذلك لأن اختصاص الجمعية العامة المقرر بالمادة 63 (أ) من قانون الشركات بانتخاب أعضاء مجلس الإدارة وعزلهم لا يترتب عليه، ولا يجوز أن يترتب عليه، إلغاء النصوص التشريعية التي تقرر اختصاصا لمجلس الإدارة في سبيل القيام بمهمته بتسيير أعمال الشركة وفقا لما يراه محققا لهدفها طالما أنه في النهاية يظل مسئولا أمام جميع المساهمين في جمعيتهم العامة، وهو ما يتفق مع التفسير الصحيح للأحكام الواردة بالقانون المشار إليه بشأن اختصاص كل من الجمعية العامة ومجلس الإدارة والتي يجب أن تؤخذ في مجموعها للوصول إلى قصد الشارع منها دون أن يؤدي إعمال حكم منها إلى إلغاء الأحكام الأخرى أو تعطيل آثارها. ويؤيد هذا النظر - أن مجلس إدارة الشركة المساهمة هو صاحب السلطة في تعيين رئيسه ونائبه من بين أعضائه وتنحية أي منهما عن منصبه - أن اللائحة التنفيذية للقانون رقم 159 لسنة 1981 الصادرة بقرار وزير الاستثمار والتعاون الدولي رقم 16 لسنة 1982 نصت في المادة 246 منها على أنه "يعين مجلس الإدارة من بين أعضائه رئيسا، كما يجوز له أن يعين نائبا للرئيس يحل محل الرئيس حال غيابه، ويكون التعيين في منصب رئيس المجلس أو نائب الرئيس لمدة لا تجاوز مدة عضويته بالمجلس ويجوز تجديد التعيين في تلك المناصب كما يجوز للمجلس أن ينحى أيهما عن منصبه في أي وقت". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى بصحة قرار مجلس أدارة الشركة ... للاستثمارات المعقود بتاريخ 20/ 10/ 2008 الذي عين رئيس مجلس إدارة جديد بدلا من الطاعن مع بقاء الطاعن بصفته عضوا بالمجلس استنادا إلى أن الدعوة إلى الاجتماع تمت من ثلث أعضاء المجلس وموافقة الهيئة العامة للاستثمار عليه واعتماده، فإذ انتهى إلى رفض دعوى الطاعن رقم ... لسنة 1 ق القاهرة الاقتصادية فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بما ورد بهذا الوجه على غير أساس.