الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 18 مارس 2022

الطعون 9458 ، 9599 ، 9761 لسنة 89 ق جلسة 9 / 6 / 2020 مكتب فني 71 ق 66 ص 508

جلسة 9 من يونيو سنة 2020
برئاسة السيد القاضي/ نبيل عمران "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوي، د. مصطفى سالمان، د. محمد رجاء "نواب رئيس المحكمة"، وياسر بهاء الدين.

----------------

(66)

الطعون 9458 ، 9599 ، 9761 لسنة 89 ق

(1 ، 2) قانون "تطبيق القانون".
(1) تطبيق القانون على وجهه الصحيح. التزام القاضي باستظهار الحكم القانوني الصحيح المنطبق على الواقعة المطروحة عليه. خضوعه لرقابة محكمة النقض.

(2) محكمة النقض. عدم اقتصار مهمتها على وصف الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون. التزامها ببيان التطبيق القانوني الصحيح. عله ذلك.

(3 ، 4) نقل" نقل جوي: خروج المواد البريدية من نطاق تطبيق اتفاقية مونتريال".
(3) أحكام اتفاقية مونتريال. سريانها فقط على النقل الجوي الدولي للأشخاص أو الأمتعة أو البضائع سواء كان القائم بالنقل الدولي الدولة أو شخص من أشخاص القانون العام أو الأفراد أو الشركات والمؤسسات الخاصة. شرطه. كون النقل تجاريا. لازمه. استهداف الناقل منه تحقيق الربح مما يحصل عليه من أجر من المسافرين أو أصحاب البضائع سواء تحقق الربح أو لم يتحقق. قيام النقل بالمجان بواسطة إحدى طائرات مؤسسات النقل الجوي. مقتضاه. خضوعه لقواعد الاتفاقية. استبعاد اتفاقية النقل الجوي الدولي للرسائل والطرود البريدية من نطاق تطبيقها صراحة. مؤداه. عدم مسئولية الناقل في حالة نقل المواد البريدية إلا في مواجهة هيئة البريد المختصة وطبقا لقواعد العلاقة بينهما. عله ذلك. الفقرة الأولى م1 وم2 اتفاقية مونتريال.

(4) إقامة الطاعن الدعوى بطلب إلزام الهيئة المطعون ضدها الأولى والشركة المطعون ضدها الثانية بالتعويض المطالب به لعدم اتخاذهما الإجراءات اللازمة لضمان سلامة وصول الطرد البريدي الخاص به إلى المرسل إليه في وقت مناسب مما ألحق به أضرارا جسيمة. مناطها. نقل مواد بريدية. خروجها من نطاق تطبيق اتفاقية مونتريال. الفقرة الثالثة من م2 من الاتفاقية. مؤداه. لا محل لتقدير تعويض وفقا لأحكامها. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك. خطأ. عله ذلك.

(5 ، 6) دعوى" صحيفة الدعوى: بيان أسماء الخصوم".
(5) الخطأ في بيان الممثل للشخص الاعتباري أو إغفال هذا البيان. لا يؤثر في صحة اختصامه متى ذكر بصحيفة الدعوى اسمه المميز له. م115/ 3 مرافعات. عله ذلك.

(6) ذكر اسم الشركة الطاعنة بصحيفة الدعوى باعتبارها الأصيلة المقصودة بذاتها في الخصومة دون ممثلها. كافيا لصحتها دون اعتداد بما وقع فيها من خطأ في بيان صاحب الصفة في تمثيلها.

(7) نقض" أسباب الطعن بالنقض: السبب المجهل".
عدم تحديد الطاعنة لماهية أوجه دفوعها المنعى على التفات الحكم المطعون فيه عن الرد عليها وأثرها في الفصل في الدعوى. عدم كفاية ذكرها بأنها دفوع جوهرية. تعميم وتجهيل. نعي غير مقبول.

(8 ، 9) دعوى" شروط قبول الدعوى: العرض على لجان التوفيق المنصوص عليها بالقانون 7 لسنة 2000".
(8) عرض النزاع ابتداء على لجان التوفيق في المنازعات المنصوص عليها بالمادة الأولى من ق 7 لسنة 2000. لازمه. أن يكون جميع أطرافه ممن عددتهم هذه المادة. المادتان 1، 11 من القانون المشار إليه.

(9) الشركة المطعون ضدها الثانية من شركات قطاع الأعمال العام. خروجها من نطاق نص المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000. مؤداه. للمطعون ضده الأول رفع دعواه مباشرة أمام القضاء دون أن يسبقها تقديم طلب لعرض النزاع على لجان التوفيق. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه برفض الدفع المبدى من الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون. صحيح.

(10 - 12) نقض" أسباب الطعن بالنقض: السبب المجهل".
(10) وجوب اشتمال صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلا. م253 مرافعات. مقصوده. تحديد أسباب الطعن وتعريفها تعريفا دقيقا نافيا عنه الغموض أو الجهالة يبين منها العيب الذي يعزوه إلى الحكم وموضعه وأثره في قضائه.

(11) محكمة النقض. ليس من مهمتها أن تتقصى بنفسها وجوه الخطأ في القانون وأن تستخرج من الأوراق ما تعيب به الحكم المطعون فيه. عبء ذلك يقع على عاتق الطاعن نفسه ومحله صحيفة طعنه ذاتها.

(12) نعي الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه. شرطه. بيان ماهية الاتفاقيات الدولية للبريد والقواعد التنظيمية للاتحاد الدولي للبريد المنظمة للعلاقة بينها وبين المطعون ضده الأول وانضمام جمهورية مصر العربية إلى هذه الاتفاقيات وتصديقها عليها وكيفية تنظيم القانون رقم 16 لسنة 1970 بشأن نظام البريد وماهية مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وموطنه من الحكم وأثره فيه. إغفالها ذلك. عبارة النهي مبهمة غامضة. أثره. نعي مجهل وغير مقبول.

(13 ، 14) هيئات "هيئة البريد".
(13) هيئة البريد. مسئوليتها. نقل الرسائل والطرود وسلامة وصولها وتسليمها للمرسل إليهم وتحمل مسئولية الهلاك والتلف والتأخير في التسليم. مؤداه. اعتبارها أمينة للنقل ووكيلة بالعمولة في الوقت نفسه ولو استعانت بغيرها فهي الآمرة والمسيطرة عليها. ضمانها لخطأ أمين النقل الذي اختارته بغير تداخل المرسل. اعتبار عملها عملا تجاريا. م5 (ح)، والمواد 208 وما بعدها، والمواد 273 وما بعدها ق التجارة. عله ذلك. طبيعة مسئوليتها. تعاقدية تنشأ عن إخلالها بواجبها في تنفيذ عقد النقل. لازمه. الالتزام بالتعويض طبقا لقواعد ق المدني. نطاقه. مشروعية شروط الإعفاء من المسئولية أو تحديدها.

(14) قيام الهيئة الطاعنة بنقل الطرد الخاص بالمطعون ضده الأول بصفتها أمينة للنقل ووكيلة بالعمولة عن طريق أمين نقل هو الشركة المطعون ضدها الثانية. مقتضاه. تكون الهيئة ضامنة للخطأ الذي يقع من الأخيرة. مؤداه. عدم استطاعتها الدفع عن نفسها المسئولية بخطأ أمين النقل الذي اختارته هي بغير تدخل من صاحب الطرد.

-----------------

1 - المقرر في قضاء محكمة النقض أنه يتعين على قاضي الموضوع استظهار حكم القانون الصحيح المنطبق على الواقعة المطروحة عليه وهو في ذلك يخضع لرقابة محكمة النقض.

2 - إن واجب محكمة النقض لا يقتصر على مجرد وصف الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وإنما عليها أن تبين في حكمها التطبيق القانوني الصحيح لأن تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب الخصوم بل هو واجب القاضي.

3 - إذ كانت اتفاقية توحيد بعض قواعد النقل الجوي الدولي، مونتريال لسنة 1999، التي أصبحت تشريعا داخليا- بعد الموافقة عليها بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 276 لسنة 2004 الصادر بتاريخ 28/ 8/ 2004 والمنشور بتاريخ 23/ 4/ 2005 في الجريدة الرسمية- والتي دخلت حيز النفاذ بتاريخ 25/ 4/ 2005، وبمقتضاها تم تحديث اتفاقية وارسو لعام 1929 والوثائق المتصلة بها، قد نصت في الفقرة الأولى من المادة الأولى منها على أنه "تسري هذه الاتفاقية على كل نقل دولي للأشخاص أو الأمتعة أو البضائع تقوم به طائرة بمقابل وتسري أيضا على النقل المجاني بطائرة الذي تقوم به مؤسسة للنقل الجوي". وفي المادة الثانية منه على أن "1- تسري هذه الاتفاقية على النقل الذي تقوم به الدولة أو الأشخاص الاعتباريون الآخرون الخاضعون للقانون العام وفقا للشروط المنصوص عليها في المادة (1). 2- عند نقل المواد البريدية يكون الناقل مسئولا فقط تجاه إدارة البريد المختصة طبقا للقواعد التي تنطبق على العلاقة بين الناقلين وإدارات البريد. 3- فيما عدا ما ورد في الفقرة (2) من هذه المادة لا تسري أحكام هذه الاتفاقية على نقل المواد البريدية"، يدل على أن أحكام اتفاقية مونتريال لسنة 1999 لا تسري إلا على النقل الجوي الدولي للأشخاص أو الأمتعة أو البضائع، ويشترط أن يكون النقل تجاريا؛ أي ذلك النقل الذي يستهدف الناقل منه تحقيق الربح مما يحصل عليه من أجر من المسافرين أو أصحاب البضائع، وسواء تحقق الربح أو لم يتحقق، ومع ذلك يخضع النقل بالمجان لقواعد الاتفاقية المذكورة إذا قامت به طائرة إحدى مؤسسات النقل الجوي، وأنه تسري أحكام هذه الاتفاقية سواء كان القائم بالنقل الدولي هو الدولة أو شخص من أشخاص القانون العام أو الأفراد أو الشركات والمؤسسات الخاصة وفقا للشروط الواردة في المادة الأولى، وقد استبعدت اتفاقية النقل الجوي الدولي الرسائل والطرود البريدية من نطاق تطبيقها، ونصت صراحة على عدم مسئولية الناقل في حالة نقل المواد البريدية إلا في مواجهة هيئة البريد المختصة وطبقا لقواعد العلاقة بينهما. وهذا الذي نصت عليه اتفاقية مونتريال لسنة 1999 بشأن استبعاد نقل المواد البريدية من نطاق تطبيقها لم يكن جديدا وإنما هو امتداد لما انتهجته ابتداء اتفاقية وارسو (فارسوفيا) لسنة 1929 بشأن توحيد بعض قواعد النقل الجوي الدولي.

4 - إذ كان البين من الأوراق أن الطاعن قد أقام دعواه الماثلة بطلب إلزام الهيئة المطعون ضدها الأولى والشركة المطعون ضدها الثانية بالتعويض المطالب به على سند من عدم اتخاذهما الإجراءات اللازمة لضمان سلامة وصول الطرد البريدي الخاص به إلى المرسل إليه في وقت مناسب مما ألحق به أضرارا جسيمة، فإن الدعوى الماثلة تكون متعلقة بنقل مواد بريدية والتي تخرج من نطاق تطبيق اتفاقية مونتريال لسنة 1999 وفقا لصريح نص الفقرة الثالثة من المادة الثانية منها على النحو السالف بيانه، وبالتالي فلا يكون هناك أي محل لتقدير التعويض وفقا لأحكامها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد الحكم الابتدائي الذي قدر التعويض المقضي به للطاعن بما يعادل 17 وحدة حقوق سحب خاصة عن كل كيلو جرام طبقا لوزن الطرد المرسل محل التداعي وفقا لقيمتها بالجنيه المصري لدى البنك المركزي وقت صدور الحكم استنادا إلى المعايير المنصوص عليها في هذه الاتفاقية، كما قضى له بمبلغ مائة ألف جنيه تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية وفقا للمادة 22 (6) من ذات الاتفاقية، على الرغم من عدم انطباقها على وقائع الدعوى الماثلة وخضوع تقدير التعويض لأحكام القواعد العامة في القانون المدني بالنظر إلى المسئولية التعاقدية الناشئة عن عقد النقل فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وقد حجبه هذا الخطأ عن تحقيق عناصر الضرر الذي أصاب الطاعن وتقدير التعويض الجابر له.

5 - يدل النص في الفقرة الثالثة من المادة 115 من قانون المرافعات وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية على أنه نظرا لتعدد صور الشخص الاعتباري العام وتنوعها ما بين هيئات ومؤسسات وشركات عامة وغيرها وما قد يحدث من إدماج بعضها أو تغيير تبعيتها أو تعديل شخص من يمثلها فقد ارتأى المشرع تخفيفا عن المتقاضين ومنعا لتعثر خصوماتهم صحة اختصام الشخص الاعتباري متى ذكر بصحيفة الدعوى اسمه المميز له دون أن يؤثر في ذلك الخطأ في بيان ممثله أو اسم هذا الممثل أو إغفال هذا البيان كلية.

6 - إذ كان البين من الأوراق أن الدعوى قد وجهت إلى الشركة الطاعنة كشخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية ممثلها القانوني، باعتبارها الأصيلة المقصودة بذاتها في الخصومة دون ممثلها، فإن ذكر اسمها في صحيفة الدعوى يكون كافيا لصحتها دون اعتداد بما يكون قد وقع فيها من خطأ في بيان صاحب الصفة في تمثيلها، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.

7 - إذ كانت الطاعنة لم تحدد ماهية أوجه دفوعها التي تقول إن الحكم المطعون فيه التفت عن الرد عليها وأثرها في الفصل في الدعوى، وكان لا يكفي في تحديدها مجرد ما قالته من أنها دفوع جوهرية إذ في هذه العبارة من التعميم والتجهيل ما لا يمكن أن يفهم معه ماهية هذه الدفوع ومدى جوهريتها وأثرها في قضاء الحكم، فإن النعي بهذا السبب يكون مجهلا وبالتالي غير مقبول.

8 - مؤدى النص في المادتين الأولى والحادية عشرة من القانون رقم 7 لسنة 2000، أنه يلزم لعرض النزاع ابتداء على تلك اللجان (التوفيق في بعض المنازعات) أن يكون جميع أطراف النزاع ممن عددتهم المادة الأولى من القانون المشار إليه.

9 - إذ كان البين من الأوراق أن المطعون ضده الأول أقام دعواه الماثلة بطلب الحكم بإلزام الهيئة الطاعنة والشركة المطعون ضدها الثانية بمبلغ التعويض المطالب به، وكانت الشركة الأخيرة باعتبارها من شركات قطاع الأعمال العام، من غير من عناهم الشارع بنص المادة الأولى المشار إليها، فإن شرط تطبيق أحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 سالف البيان يكون غير متوافر ومن ثم يحق للمدعي (المطعون ضده الأول) رفع دعواه مباشرة أمام القضاء دون أن يسبقها تقديم طلب لعرض النزاع على اللجان آنفة البيان، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويضحى النعي بهذا الوجه على غير أساس.

10 - العبرة في تفصيل أسباب الطعن وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض- هي بما جاء بصحيفة الطعن وحدها، ذلك أن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض بذاتها على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن، قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرفه تعريفا واضحا كاشفا عن المقصود منها كشفا وافيا نافيا عنها الغموض والجهالة وأن يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه، ومن ثم فإن كل سبب يراد التحدي به يجب أن يكون مبينا بيانا دقيقا، وأن تقدم معه لمحكمة النقض المستندات الدالة عليه وإلا كان النعي به غير مقبول.

11 - إذ كان من الأصول المقررة أنه ليس من مهمة محكمة النقض أن تتقصى بنفسها وجوه الخطأ في القانون، وأن تستخرج من الأوراق ما تعيب به الحكم المطعون فيه، وإنما يقع عبء ذلك على عاتق الطاعن نفسه، ومحله صحيفة طعنه ذاتها.

12 - إذ كان البين من صحيفة الطعن أن الطاعنة نعت على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه وساقت نعيها بعبارة مبهمة غامضة؛ فلم تبين ماهية الاتفاقيات الدولية للبريد والقواعد التنظيمية للاتحاد الدولي للبريد التي تقول إنها تنظم العلاقة بينها وبين المطعون ضده الأول، وما إذا كانت جمهورية مصر العربية قد انضمت إلى هذه الاتفاقيات وتم التصديق عليها من قبلها من عدمه، كما لم تبين كيف أن ذات العلاقة ينظمها القانون رقم 16 لسنة 1970 بشأن نظام البريد، وبغير تحديد لماهية مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وموطنه من الحكم وأثره فيه، فلا تكون الطاعنة بذلك قد أوردت سبب الطعن على النحو الذي يتحقق به غرض الشارع، ومن ثم يكون النعي بهذا الشق نعيا مجهلا غير مقبول.

13 - المقرر في قضاء محكمة النقض أن هيئة البريد وهي تباشر ضمن عملياتها نقل الرسائل والطرود تعتبر أمينة للنقل ووكيلة بالعمولة في الوقت نفسه، فهي تتسلم الرسائل والطرود من أصحابها ثم تقوم بنقلها بواسطة عمالها وسياراتها أو بواسطة قطارات السكة الحديد أو طائرات الرحلات الداخلية إلى المرسل إليهم داخل مصر، أو تقوم بنقلها بواسطة طائرات الرحلات الخارجية إن كان المرسل إليهم في الخارج، وكل هؤلاء أمناء نقل كل منهم في دائرة عمله واختصاصه، وتتولى هيئة البريد الاتفاق معهم بغير تداخل من المرسل. وعلى ذلك فإن هيئة البريد حين تنقل الرسائل والطرود بنفسها ووسائلها الخاصة تبقى دائما أمينا للنقل، وإن استعانت بغيرها واختارت هي هذا الغير صارت وكيلا بالعمولة للنقل لأنها هي المشرفة على العملية من بدايتها إلى نهايتها، أو بمعنى آخر هي الآمرة والمسيطرة عليها بغير تداخل من المرسل، ويعتبر عملها هذا عملا تجاريا تحكمه المادة 5(ح)، والمواد 208 وما بعدها، والمواد 273 وما بعدها من قانون التجارة التي توجب عليها نقل الرسائل والطرود وسلامة وصولها وتسليمها للمرسل إليهم وتحمل مسئولية الهلاك والتلف والتأخير في التسليم. والمسئولية هنا بطبيعتها مسئولية تعاقدية تنشأ عن إخلالها بواجبها في تنفيذ عقد النقل، فتلتزم بالتعويض طبقا للقواعد المقررة في القانون المدني وفي نطاق مشروعية شروط الإعفاء من المسئولية أو تحديدها.

14 - إذ كانت الهيئة الطاعنة بوصفها أمينة للنقل ووكيلة بالعمولة على النحو السالف بيانه قد قامت بنقل الطرد الخاص بالمطعون ضده الأول عن طريق أمين نقل هو الشركة المطعون ضدها الثانية، فإن هذه الهيئة تكون ضامنة للخطأ الذي يقع من الأخيرة، ولذلك فلا تستطيع هيئة البريد أن تدفع عن نفسها المسئولية بخطأ أمين النقل الذي اختارته هي بغير تداخل من صاحب الطرد، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الشق على غير أساس.

-----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن الطاعن في الطعن الأول أقام على الهيئة المطعون ضدها الأولى والشركة المطعون ضدها الثانية في ذات الطعن الدعوى رقم .... لسنة 2012 تعويضات كلي شمال القاهرة بطلب الحكم بإلزامهما أن يؤديا له مبلغ 3.500.000 جنيه تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء خطئهما المتمثل في عدم اتخاذهما الإجراءات اللازمة التي تضمن سلامة وصول الطرد الخاص به إلى المرسل إليه في الميعاد المناسب، وبيانا لذلك قال إنه أرسل عن طريق هيئة البريد السريع المصري طردا اشتمل على أوراق الاختبار لإحدى الدورات المعقودة بالمركز الخاص به إلى هيئة الممتحنين بإنجلترا، وبتاريخ 7/ 7/ 2011 وصل الطرد إلى قسم التصدير الرئيسي بالبريد السريع، وبتاريخ 8/ 7/ 2011 وردت له رسالة بريد إلكتروني من شركة .... للشحن الجوي تفيد وضع الطرد ضمن إرسالية عامة إلى لندن على متن الرحلة رقم .....، إلا إنه فوجئ بوصول الطرد إلى الجهة المرسل إليها بتاريخ 4/ 1/ 2012، ولما كان ذلك التأخير قد ألحق أضرارا مادية وأدبية بالمركز الخاص به، ومن ثم كانت الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا لأداء المأمورية المبينة بمنطوق حكمها وبعد أن أودع تقريره، أقامت الشركة المطعون ضدها الثانية دعوى ضمان فرعية ضد الشركة المطعون ضدها الثالثة، وبتاريخ 6/ 7/ 2017 حكمت المحكمة (أولا) بعدم قبول دعوى الضمان شكلا. (ثانيا) بإلزام الهيئة المطعون ضدها الأولى والشركة المطعون ضدها الثانية بالتضامن أن يؤديا للطاعن ما يعادل 17 وحدة حقوق سحب خاصة عن كل كيلو جرام طبقا لوزن الطرد المرسل محل التداعي وفقا لقيمتها بالجنيه المصري لدى البنك المركزي وقت صدور الحكم وكذا مبلغ مائة ألف جنيه تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم ...... لسنة 21ق أمام محكمة استئناف القاهرة، كما استأنفته الهيئة المطعون ضدها الأولى والشركة المطعون ضدها الثانية بالاستئنافين رقمي ......، ..... لسنة 21ق أمام ذات المحكمة، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين الثاني والثالث إلى الأول قضت بتاريخ 13/ 3/ 2018 بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض برقم 9458 لسنة 88ق، كما طعنت عليه الشركة المطعون ضدها الثانية والهيئة المطعون ضدها الأولى في الطعن الأول بذات الطريق بالطعنين رقمي 9599، 9761 لسنة 88ق، وقدمت النيابة العامة ثلاث مذكرات أبدت فيها الرأي بالرفض، وإذ عرضت الطعون الثلاثة على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظرهم، وفيها ضمت الطعنين الثاني والثالث إلى الأول ليصدر فيها حكم واحد، والتزمت النيابة رأيها.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعون الثلاث استوفت أوضاعها الشكلية.
أولا- عن الطعن رقم 9458 لسنة 88ق
حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بسببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم ولئن انتهى صحيحا إلى ثبوت خطأ الهيئة المطعون ضدها الأولى والشركة المطعون ضدها الثانية، إلا أنه عند تقدير التعويض المقضي به استند إلى اتفاقية مونتريال الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 276 لسنة 2004 بتاريخ 28/ 8/ 2004، في حين أن تلك الاتفاقية قد نصت في الفقرة الثالثة من المادة الثانية منها على عدم سريانها على نقل الرسائل والطرود البريدية وتركت تطبيق أحكامها للقانون الوطني للدولة، فضلا عن أن الحكم قد التفت عن مستنداته التي تثبت تكبده خسائر جسيمة من جراء خطأ الهيئة المطعون ضدها الأولى والشركة المطعون ضدها الثانية، وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أنه يتعين على قاضي الموضوع استظهار حكم القانون الصحيح المنطبق على الواقعة المطروحة عليه وهو في ذلك يخضع لرقابة محكمة النقض، وأن واجب محكمة النقض لا يقتصر على مجرد وصف الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وإنما عليها أن تبين في حكمها التطبيق القانوني الصحيح لأن تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى طلب الخصوم بل هو واجب القاضي. وكانت اتفاقية توحيد بعض قواعد النقل الجوي الدولي، مونتريال لسنة 1999، التي أصبحت تشريعا داخليا- بعد الموافقة عليها بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 276 لسنة 2004 الصادر بتاريخ 28/ 8/ 2004 والمنشور بتاريخ 23/ 4/ 2005 في الجريدة الرسمية- والتي دخلت حيز النفاذ بتاريخ 25/ 4/ 2005، وبمقتضاها تم تحديث اتفاقية وارسو لعام 1929 والوثائق المتصلة بها، قد نصت في الفقرة الأولى من المادة الأولى منها على أنه "تسري هذه الاتفاقية على كل نقل دولي للأشخاص أو الأمتعة أو البضائع تقوم به طائرة بمقابل وتسري أيضا على النقل المجاني بطائرة الذي تقوم به مؤسسة للنقل الجوي". وفي المادة الثانية منه على أن "1- تسري هذه الاتفاقية على النقل الذي تقوم به الدولة أو الأشخاص الاعتباريون الآخرون الخاضعون للقانون العام وفقا للشروط المنصوص عليها في المادة (1). 2- عند نقل المواد البريدية يكون الناقل مسئولا فقط تجاه إدارة البريد المختصة طبقا للقواعد التي تنطبق على العلاقة بين الناقلين وإدارات البريد. 3- فيما عدا ما ورد في الفقرة (2) من هذه المادة لا تسري أحكام هذه الاتفاقية على نقل المواد البريدية"، يدل على أن أحكام اتفاقية مونتريال لسنة 1999 لا تسري إلا على النقل الجوي الدولي للأشخاص أو الأمتعة أو البضائع، ويشترط أن يكون النقل تجاريا؛ أي ذلك النقل الذي يستهدف الناقل منه تحقيق الربح مما يحصل عليه من أجر من المسافرين أو أصحاب البضائع، وسواء تحقق الربح أو لم يتحقق، ومع ذلك يخضع النقل بالمجان لقواعد الاتفاقية المذكورة إذا قامت به طائرة إحدى مؤسسات النقل الجوي، وأنه تسري أحكام هذه الاتفاقية سواء كان القائم بالنقل الدولي هو الدولة أو شخص من أشخاص القانون العام أو الأفراد أو الشركات والمؤسسات الخاصة وفقا للشروط الواردة في المادة الأولى، وقد استبعدت اتفاقية النقل الجوي الدولي الرسائل والطرود البريدية من نطاق تطبيقها، ونصت صراحة على عدم مسئولية الناقل في حالة نقل المواد البريدية إلا في مواجهة هيئة البريد المختصة وطبقا لقواعد العلاقة بينهما. وهذا الذي نصت عليه اتفاقية مونتريال لسنة 1999 بشأن استبعاد نقل المواد البريدية من نطاق تطبيقها لم يكن جديدا وإنما هو امتداد لما انتهجته ابتداء اتفاقية وارسو (فارسوفيا) لسنة 1929 بشأن توحيد بعض قواعد النقل الجوي الدولي. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن قد أقام دعواه الماثلة بطلب إلزام الهيئة المطعون ضدها الأولى والشركة المطعون ضدها الثانية بالتعويض المطالب به على سند من عدم اتخاذهما الإجراءات اللازمة لضمان سلامة وصول الطرد البريدي الخاص به إلى المرسل إليه في وقت مناسب مما ألحق به أضرارا جسيمة، فإن الدعوى الماثلة تكون متعلقة بنقل مواد بريدية والتي تخرج من نطاق تطبيق اتفاقية مونتريال لسنة 1999 وفقا لصريح نص الفقرة الثالثة من المادة الثانية منها على النحو السالف بيانه، وبالتالي فلا يكون هناك أي محل لتقدير التعويض وفقا لأحكامها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد الحكم الابتدائي الذي قدر التعويض المقضي به للطاعن بما يعادل 17 وحدة حقوق سحب خاصة عن كل كيلو جرام طبقا لوزن الطرد المرسل محل التداعي وفقا لقيمتها بالجنيه المصري لدى البنك المركزي وقت صدور الحكم استنادا إلى المعايير المنصوص عليها في هذه الاتفاقية، كما قضى له بمبلغ مائة ألف جنيه تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية وفقا للمادة 22 (6) من ذات الاتفاقية، على الرغم من عدم انطباقها على وقائع الدعوى الماثلة وخضوع تقدير التعويض لأحكام القواعد العامة في القانون المدني بالنظر إلى المسئولية التعاقدية الناشئة عن عقد النقل فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وقد حجبه هذا الخطأ عن تحقيق عناصر الضرر الذي أصاب الطاعن وتقدير التعويض الجابر له، بما يوجب نقضه في هذا الخصوص على أن يكون مع النقض الإحالة.

ثانيا- عن الطعن رقم 9599 لسنة 88ق
حيث إن الشركة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن المطعون ضده الأول قد اختصم في دعواه رئيس مجلس إدارة الشركة على الرغم من انعدام صفته في تمثيلها قانونا، إذ إن صاحب الصفة في تمثيلها بوصفها إحدى شركات قطاع الأعمال العام هو عضو مجلس الإدارة المنتدب عملا بالمادتين 23، 24 من القانون رقم 203 لسنة 1991، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في الفقرة الثالثة من المادة 115 من قانون المرافعات على أنه "وإذ تعلق الأمر بإحدى الوزارات، أو الهيئات العامة، أو مصلحة من المصالح، أو بشخص اعتباري عام، أو خاص، فيكفي في تحديد الصفة أن يذكر اسم الجهة المدعى عليها في صحيفة الدعوى"، يدل وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية على أنه نظرا لتعدد صور الشخص الاعتباري العام وتنوعها ما بين هيئات ومؤسسات وشركات عامة وغيرها وما قد يحدث من إدماج بعضها أو تغيير تبعيتها أو تعديل شخص من يمثلها فقد ارتأى المشرع تخفيفا عن المتقاضين ومنعا لتعثر خصوماتهم صحة اختصام الشخص الاعتباري متى ذكر بصحيفة الدعوى اسمه المميز له دون أن يؤثر في ذلك الخطأ في بيان ممثله أو اسم هذا الممثل أو إغفال هذا البيان كلية. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الدعوى قد وجهت إلى الشركة الطاعنة كشخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية ممثلها القانوني، باعتبارها الأصيلة المقصودة بذاتها في الخصومة دون ممثلها، فإن ذكر اسمها في صحيفة الدعوى يكون كافيا لصحتها دون اعتداد بما يكون قد وقع فيها من خطأ في بيان صاحب الصفة في تمثيلها، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها قد تمسكت أمام محكمة الاستئناف بدفوع جوهرية، إلا إن الحكم المطعون فيه التفت عن الرد عليها مكتفيا بالإحالة في قضائه إلى الحكم الابتدائي والذي جاء خاليا من الرد على هذه الدفوع، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كانت الطاعنة لم تحدد ماهية أوجه دفوعها التي تقول إن الحكم المطعون فيه التفت عن الرد عليها وأثرها في الفصل في الدعوى، وكان لا يكفي في تحديدها مجرد ما قالته من أنها دفوع جوهرية إذ في هذه العبارة من التعميم والتجهيل ما لا يمكن أن يفهم معه ماهية هذه الدفوع ومدى جوهريتها وأثرها في قضاء الحكم، فإن النعي بهذا السبب يكون مجهلا وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث من أسباب الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إنه أسس قضاءه على أحكام قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999، في حين إن اتفاقية مونتريال لسنة 1999 هي الواجبة التطبيق على الدعوى الماثلة، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك بأن الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه لم يعمل أحكام قانون التجارة المصري بالنسبة إلى الطاعنة وإنما طبق أحكام اتفاقية مونتريال- دون تعييب أو نعي من جانبها على ذلك التطبيق على أي نحو- وفق ما سلف بيانه من رد على سببي الطعن الأول رقم 9458 لسنة 88ق.
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.

ثالثا- عن الطعن رقم 9761 لسنة 88ق
وحيث إن الهيئة الطاعنة تنعى بالوجه الأول من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ قضى برفض الدفع المبدي منها بعدم قبول الدعوى لعدم سبق اللجوء إلى لجان التوفيق في المنازعات المنصوص عليها في القانون رقم 7 لسنة 2000 قبل رفع الدعوى رغم أن الخصومة لا تندرج ضمن الأنزعة المستثناة من اللجوء فيها إلى تلك اللجان، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها على أن "ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة"، وفي المادة الحادية عشرة منه على أنه "... لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول ..."، مؤداه أنه يلزم لعرض النزاع ابتداء على تلك اللجان أن يكون جميع أطراف النزاع ممن عددتهم المادة الأولى من القانون المشار إليه. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده الأول أقام دعواه الماثلة بطلب الحكم بإلزام الهيئة الطاعنة والشركة المطعون ضدها الثانية بمبلغ التعويض المطالب به، وكانت الشركة الأخيرة باعتبارها من شركات قطاع الأعمال العام، من غير من عناهم الشارع بنص المادة الأولى المشار إليها، فإن شرط تطبيق أحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 سالف البيان يكون غير متوافر ومن ثم يحق للمدعي (المطعون ضده الأول) رفع دعواه مباشرة أمام القضاء دون أن يسبقها تقديم طلب لعرض النزاع على اللجان آنفة البيان، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدي من الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويضحى النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الهيئة الطاعنة تنعى بالشق الأول من الوجه الثاني من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إن العلاقة بينها والمطعون ضده الأول تنظمها الاتفاقيات الدولية للبريد والقواعد التنظيمية للاتحاد الدولي للبريد والقانون رقم 16 لسنة 1970 الخاص بنظام البريد غير أن الحكم المطعون فيه خالف ذلك كله وقام بتطبيق اتفاقية مونتريال 1999، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن العبرة في تفصيل أسباب الطعن- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- هي بما جاء بصحيفة الطعن وحدها، ذلك أن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض بذاتها على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن، قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرفه تعريفا واضحا كاشفا عن المقصود منها كشفا وافيا نافيا عنها الغموض والجهالة وأن يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه، ومن ثم فإن كل سبب يراد التحدي به يجب أن يكون مبينا بيانا دقيقا، وأن تقدم معه لمحكمة النقض المستندات الدالة عليه وإلا كان النعي به غير مقبول. وكان من الأصول المقررة أنه ليس من مهمة محكمة النقض أن تتقصى بنفسها وجوه الخطأ في القانون، وأن تستخرج من الأوراق ما تعيب به الحكم المطعون فيه، وإنما يقع عبء ذلك على عاتق الطاعن نفسه، ومحله صحيفة طعنه ذاتها. لما كان ذلك، وكان البين من صحيفة الطعن أن الطاعنة نعت على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه وساقت نعيها بعبارة مبهمة غامضة؛ فلم تبين ماهية الاتفاقيات الدولية للبريد والقواعد التنظيمية للاتحاد الدولي للبريد التي تقول إنها تنظم العلاقة بينها وبين المطعون ضده الأول، وما إذا كانت جمهورية مصر العربية قد انضمت إلى هذه الاتفاقيات وتم التصديق عليها من قبلها من عدمه، كما لم تبين كيف أن ذات العلاقة ينظمها القانون رقم 16 لسنة 1970 بشأن نظام البريد، وبغير تحديد لماهية مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وموطنه من الحكم وأثره فيه، فلا تكون الطاعنة بذلك قد أوردت سبب الطعن على النحو الذي يتحقق به غرض الشارع، ومن ثم يكون النعي بهذا الشق نعيا مجهلا غير مقبول.
وحيث إن الهيئة الطاعنة تنعى بالشق الثاني من الوجه الثاني من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ ألزمها بالتعويض المقضي به على الرغم من انتفاء الخطأ في جانبها لقيامها بتسليم الطرد محل النزاع- بعد يومين فقط من تاريخ استلامها له- للشركة المطعون ضدها الثانية التي تقع عليها وحدها مسئولية التعويض عن الضرر المزعوم في حالة تحققه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن هيئة البريد وهي تباشر ضمن عملياتها نقل الرسائل والطرود تعتبر أمينة للنقل ووكيلة بالعمولة في الوقت نفسه، فهي تتسلم الرسائل والطرود من أصحابها ثم تقوم بنقلها بواسطة عمالها وسياراتها أو بواسطة قطارات السكة الحديد أو طائرات الرحلات الداخلية إلى المرسل إليهم داخل مصر، أو تقوم بنقلها بواسطة طائرات الرحلات الخارجية إن كان المرسل إليهم في الخارج، وكل هؤلاء أمناء نقل كل منهم في دائرة عمله واختصاصه، وتتولى هيئة البريد الاتفاق معهم بغير تداخل من المرسل. وعلى ذلك فإن هيئة البريد حين تنقل الرسائل والطرود بنفسها ووسائلها الخاصة تبقى دائما أمينا للنقل، وإن استعانت بغيرها واختارت هي هذا الغير صارت وكيلا بالعمولة للنقل لأنها هي المشرفة على العملية من بدايتها إلى نهايتها، أو بمعنى آخر هي الآمرة والمسيطرة عليها بغير تداخل من المرسل، ويعتبر عملها هذا عملا تجاريا تحكمه المادة 5 (ح)، والمواد 208 وما بعدها، والمواد 273 وما بعدها من قانون التجارة التي توجب عليها نقل الرسائل والطرود وسلامة وصولها وتسليمها للمرسل إليهم وتحمل مسئولية الهلاك والتلف والتأخير في التسليم. والمسئولية هنا بطبيعتها مسئولية تعاقدية تنشأ عن إخلالها بواجبها في تنفيذ عقد النقل، فتلتزم بالتعويض طبقا للقواعد المقررة في القانون المدني وفي نطاق مشروعية شروط الإعفاء من المسئولية أو تحديدها. لما كان ذلك، وكانت الهيئة الطاعنة بوصفها أمينة للنقل ووكيلة بالعمولة على النحو السالف بيانه قد قامت بنقل الطرد الخاص بالمطعون ضده الأول عن طريق أمين نقل هو الشركة المطعون ضدها الثانية، فإن هذه الهيئة تكون ضامنة للخطأ الذي يقع من الأخيرة، ولذلك فلا تستطيع هيئة البريد أن تدفع عن نفسها المسئولية بخطأ أمين النقل الذي اختارته هي بغير تداخل من صاحب الطرد، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الشق على غير أساس.
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.

الطعن 2130 لسنة 36 ق جلسة 11 / 10 /1997 إدارية عليا مكتب فني 43 ج 1 ق 1 ص 5

جلسة 11 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد جودت أحمد الملط نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدى محمد خليل، والسيد محمد العوضي، ومحمود سامى الجوادي، ومحمد عبد الحميد مسعود نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(1)
الطعن رقم 2130 لسنة 36 قضائية عليا

دعوى - الحكم في الدعوى - حجية الأحكام.
المادة رقم 101 من قانون الإثبات في المواد المدينة والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968.
من المسلمات أن الحكم متى كان قطعياً فاصلاً في النزاع كله أو بعضه فإنه يكون له حجية يكتسبها من لحظة صدوره وهى حجية تستنفد بها المحكمة ولايتها ويمتنع على الخصوم معاودة النزاع في ذات المسألة التي فصل الحكم فيها بقضاء حاسم - ليس من ريب في أن القول بغير ذلك يقضي إلى تأييد المنازعات وعدم وقوفها عند حد وهو ما يتنافى وضرورة استقرار الأوضاع وتفادى تناقض الأحكام - فالأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية - لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتعلق بذات الحق محلاً وسبباً وتقضى المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها. تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 12/ 5/ 1990 أودع الأستاذ/ ...... المحامي بصفته وكيلا عن السيد ...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2130 لسنة 36 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات) بجلسة 12/ 4/ 1990 في الدعوى رقم 642 لسنة 37 ق. ع المرفوعة من الطاعن ضد السادة/ محافظ القاهرة ورئيس حي الوايلى ورئيس مجلس الوزراء بصفتهم، والذى قضى، أولاً: بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 2918 لسنة 1979. ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 861 لسنة 1982. ثالثاً: بإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار رقم 2918 لسنة 1979 الصادر من سكرتير عام محافظة القاهرة فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى، وإلغاء القرار رقم 861 لسنة 1982 الصادر من رئيس مجلس الوزراء فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة مدير عام وما يترتب على ذلك من آثار اعتباراً من تاريخ نفاذه مع إلزام المطعون ضده الأول المصروفات وأتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وبعد إعلان تقرير الطعن قانوناً أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً في الطعن ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت بجلسة 27/ 2/ 1995 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية وحددت لنظره أمامها جلسة 25/ 3/ 1995 وبتلك الجلسة وما تلاها من جلسات جرى تداول الطعن على الوجه المبين بمحاضرها وبعد أن سمعت المحكمة ما ارتأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوى الشأن تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم فصدر هذا الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 642 لسنة 37 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 20/ 11/ 1982 ضد المطعون ضدهم طالباً الحكم - بعد تعديل طلباته بعريضة أودعها قلم الكتاب في 22/ 11/ 1986 بإلغاء القرار الصادر من محافظ القاهرة برقم 2918 لسنة 1979 بتاريخ 22/ 9/ 1979 بترقية السيدة/ ...... إلى الدرجة الأولى فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى تلك الدرجة باعتباره أقدم منها تعييناً وكذلك في الدرجات السابقة، وهو الطلب الذي أقام به الدعوى رقم 751 لسنة 36 ق، وبإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر تنفيذاً له قرار محافظ القاهرة رقم 165 لسنة 1982 بتاريخ 24/ 8/ 1982 والمتضمن ترقية السيدة المذكورة إلى درجة مدير عام فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى تلك الدرجة، ومن باب الاحتياط بإيقاف الدعوى إلى ما بعد الحكم في الدعوى رقم 751 لسنة 36 ق سالفة الذكر، وقال شرحاً لدعواه أنه علم من إحدى الصحف الصادرة بتاريخ 24/ 8/ 1982 بصدور قرار رئيس مجلس الوزراء بترقية بعض العاملين بمحافظة القاهرة إلى درجة مدير عام ومن بينهم/ ...... التي سبق أن طعن على ترقيتها إلى الدرجة الأولى بالدعوى رقم 751 لسنة 36 ق وإذ تعتبر ترقيتها إلى مدير عام إهداراً لحقوقه نظراً لأقدميته عليها وبمراعاة مؤهلاته العلمية فقد أقام دعواه ابتغاء الحكم بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 12/ 4/ 1990 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه والذى تقدم إيراد منطوقه، وأقامت قضاءها على أسباب حاصلها أنه وقد قضت المحكمة - في الجلسة ذاتها - في الدعوى رقم 751 لسنة 36 ق التي تنصب على اختصام القرار رقم 2918 لسنة 1979 المشار إليه بقبولها شكلا ورفضها موضوعا فمن ثم يتعين الحكم بعدم جواز نظر الدعوى الماثلة بالنسبة لطلب إلغاء ذلك القرار لسابقة الفصل فيها وذلك عملاً بالمادة 101 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، أما عن طلب إلغاء القرار رقم 861 لسنة 1982 فبعد إذ أوردت المحكمة نص المادة 37 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة أشارت إلى أن أحدث من تمت ترقيتهم بموجب هذا القرار وهي/ ......... ترجع أقدميتها في الدرجة الأولى إلى 19/ 9/ 1979 على حين ترجع أقدمية المدعى في الدرجة ذاتها إلى 26/ 1/ 1980 نفاذاً لحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر لصالحه في الطعن رقم 947 لسنة 30 ق. عليا الصادر بجلسة 17/ 4/ 1988، ولما كان الجميع يتساوون في مضمار الكفاية فمن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر على أساس صحيح من القانون مما يتعين معه الحكم برفض الدعوى.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، ذلك أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 751 لسنة 36 ق في ذات الجلسة التي صدر فيها الحكم الطعين لم يكن حائزاً قوة الأمر المقضي حيث لم يكن حكماً نهائياً حتى تستند إليه المحكمة في تطبيق المادة 101 من قانون الإثبات لتقضى بعدم جواز نظر طلب إلغاء القرار رقم 2918 لسنة 1979 لسابقة الفصل فيه، هذا فضلاً عن أن المحكمة بقضائها بأن المدعى أحدث في أقدمية الدرجة الأولى من السيدة/ ....... توصلت إلى نتيجة خاطئة برفض طلب إلغاء القرار رقم 861 لسنة 1982 موضوعاً، وأضاف الطاعن أن الحكم المطعون فيه جانب الصواب لصدوره رغم عدم قيام الجهة الإدارية بتنفيذ قرار المحكمة الصادر بجلسة 26/ 5/ 1988 بتكليفها بتقديم بيان والرد على ما أثاره المدعى في مذكراته، كما أغفلت المحكمة الرد على دفاع جوهري أبداه في مذكرة له قدمت بجلسة 11/ 5/ 1989 ولم تطلع على ملف خدمة المطعون على ترقيتها الذي كان مودعاً في الدعوى رقم 751 لسنة 36 ق.
ومن حيث إن من المسلمات أن الحكم متى كان قطعياً فاصلاً في النزاع كله أو بعضه فإنه يكون له حجية يكتسبها من لحظة صدوره وهي حجية تستنفد بها المحكمة ولايتها ويمتنع على الخصوم معاودة النزاع في ذات المسألة التي فصل الحكم فيها بقضاء حاسم، ليس من ريب في أن القول بغير ذلك يفضي إلى تأييد المنازعات وعدم وقوفها عند حد وهو ما يتنافى وضرورة استقرار الأوضاع وتفادى تناقض الأحكام، ومن أجل ذلك ونزولاً على هذه الاعتبارات، نصت المادة 101 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 على أن "الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتعلق بذات الحق محلاً وسبباً وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها.
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم وإذ كان الثابت أن طلب المدعى إلغاء القرار رقم 2918 لسنة 1979 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى كان موضوعاً لدعوى مستقلة هي الدعوى رقم 751 لسنة 36 ق والتي صدر الحكم فيها بجلسة 12/ 4/ 1990 برفضها موضوعاً، فإن المحكمة إذ قضت في ذلك الطلب بحكمها المطعون فيه والصادر في الجلسة ذاتها بعدم جواز نظر هذا الطلب لسابقة الفصل فيه فإنها تكون قد أعملت حكم المادة 101 من قانون الإثبات إعمالا سليماً ووافق قضاءها في ذلك صحيح حكم القانون، ويغدو الطعن عليه في هذا الشق منه غير سديد.
ومن حيث إن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون ومجانبة الصواب لعدول المحكمة عن قرار سابق لها بتكليف الجهة الإدارية إيداع بعض البيانات وعدم اطلاعها - أي المحكمة - على ملف خدمة المطعون على ترقيتها، هذا النعي مردود بما هو مقرر في قضاء كل من هذه المحكمة ومحكمة النقض من أنه لا جناح على المحكمة إن هي عدلت عن قرار لها من هذا القبيل متى قررت أن في أوراق الدعوى ومفرداتها ما يكفى لتكوين عقيدتها، أما عن الاطلاع على ملف الخدمة فإن الأمر في طلب ضمه إلى الدعوى أو عدم طلبه مرده إلى تقدير المحكمة مدى لزوم هذا الضم لجلاء وجه الحق فيها، وبالتالي فإن هذا الوجه من أوجه النعي على الحكم يضحى بدوره على غير سند.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بما أثاره الطاعن خاصاً بإغفال المحكمة الرد على دفاع جوهري أبداه في إحدى مذكرات دفاعه فإن ما أثير من ذلك مردود بأنه لا إلزام على المحكمة أن تتعقب حجج الخصوم ومناحي دفاعهم حجة حجة والرد على كل جزئية أبدوها، فحسب المحكمة أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تؤدى إلى النتيجة التي خلصت إليها في قضاءها، وغنى عن البيان أن ما يقدره ذوو الشأن دفاعاً جوهرياً لهم قد لا يكون كذلك في تقدير المحكمة، كذلك فإن سكوت المحكمة عن الرد على إحدى النقاط إنما يعنى التفاتها عنها وعدم التعويل عليها.
ومن حيث إنه متى كان المستفاد من جماع ما سلف أن الحكم المطعون فيه جاء مصادفاً صحيح حكم القانون في قضائه وإن الطعن عليه بجميع أشطاره على غير أساس، فقد تعين القضاء بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات عملاً بالمادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 2341 لسنة 39 ق جلسة 11 / 10 /1997 مكتب فني 43 ج 1 ق 3 ص 17

جلسة 11 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدى محمد خليل، وعويس عبد الوهاب عويس، والسيد محمد العوضي، ومحمود سامى الجوادي نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------------

(3)
الطعن رقم 2341 لسنة 39 قضائية عليا

طوائف خاصة من العاملين - عاملون بالهيئة القومية للبريد - ترقيتهم إلى الدرجة الأولى - ترقية العامل المعار.
لائحة نظام العاملين بالهيئة القومية للبريد الصادر بها قرار وزير النقل والمواصلات رقم 70 لسنة 1982.
المشرع أخضع جميع العاملين بالهيئة القومية للبريد لنظام تقارير الكفاية وذلك فيما عدا شاغلي الوظائف العليا - الترقية إلى وظائف الدرجة الأولى والوظائف العليا إنما تتم بوسيلة الاختيار دون غيرها خلافاً للوظائف الأدنى التي تتم الترقية إليها بالأقدمية والاختيار معاً بمراعاة النسب المبينة في الجدول المرافق للائحة - المشرع في تلك اللائحة الخاصة سلك مسلكاً مغايراً لما ورد بالشريعة العامة للتوظف نزولاً على اعتبارات قدرها وذلك فيما يتعلق بترقية العامل المعار، ويأخذ حكم العامل المعار الحاصل على إجازة بدون مرتب، أثناء مدة الإعارة فلم يجز ترقيته إلا مرة واحدة إبان الإعارة أو الإجازة طوال مدة خدمته وفى النسبة المحددة للترقية بالأقدمية فأفاد بمفهوم المخالفة أن الترقية بالنسبة إلى هؤلاء لا تجوز البتة إذا كانت الترقية بالاختيار - ليس من ريب في أن ما قرره المشرع من ذلك إنما يتعلق بصميم ولايته وتقديره أخذاً في الاعتبار ما ورد النص عليه في المادة 16 من القانون رقم 19 لسنة 1982 بإنشاء الهيئة القومية للبريد من أن لمجلس إدارة الهيئة اقتراح وضع اللائحة المتعلقة بالعاملين دون التقيد بنظام العاملين المدنيين بالدولة وهو ما لا يدع بحال إلى تطبيق أحكام هذا النظام على العاملين إلا فيما سكتت اللائحة عن تنظيمه من شئون توظفهم وبما لا يتعارض مع ما أوردته من أحكام. تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 18/ 4/ 1984 أودع الأستاذ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2341 لسنة 39 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الترقيات) بجلسة 25/ 2/ 1993 في الدعوى رقم 5048 لسنة 43 ق المرفوعة من ........ ضد الطاعن، والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 1370 لسنة 1988 فيما تضمنه من تخطى المدعى في الترقية إلى وظيفة من الدرجة الأولى بمجموعة وظائف التنمية الإدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وبعد إعلان تقرير الطعن قانوناً أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن اقترحت في ختامه الحكم بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت المحكمة بجلسة 14/ 4/ 1997 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) وحددت لنظره أمامها جلسة 17/ 5/ 1997 وفيها نظر الطعن وسمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوى الشأن وتقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم فصدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المدعى (المطعون ضده) أقام الدعوى رقم 5048 لسنة 43 ق أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 17/ 5/ 1989 ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد بصفته طالباً في ختام عريضتها الحكم بإلغاء القرار رقم 1370 الصادر بتاريخ 22/ 11/ 1988 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى بالمجموعة النوعية لوظائف التنمية الإدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات، وقال شرحا لدعواه أنه يعمل بوظيفة معلم بمركز التدريب والبحوث البريدية بالهيئة المدعى عليها من الدرجة الثانية بمجموعة وظائف التنمية الإدارية وترجع أقدميته فيها إلى 31/ 12/ 1972، وبتاريخ 24/ 1/ 1989 أخطر بصدور القرار المطعون فيه متضمناً ترقية بعض زملائه الأحدث في الأقدمية إلى وظائف من الدرجة الأولى بتلك المجموعة متخطياً إياه في الترقية، وعلم أن سبب التخطي يرجع إلى حصوله على إجازة خاصة بدون مرتب في المدة من 3/ 4/ 1986 إلى 2/ 4/ 1989 فتظلم من هذا القرار في 11/ 2/ 1989 دون أن يتلقى ردا ثم أتبع بإقامة دعواه، ونعى على القرار المطعون فيه مخالفة القانون بمقولة أنه رخص له من السلطة المختصة في إعارة لدولة قطر لمدة لم تجاوز ثلاث سنوات متقطعة آخرها لمدة عام ينتهى في 2/ 4/ 1989 بموجب القرار رقم 878 لسنة 1988 وأضاف يقول أنه ليس من المخاطبين بأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 68 من لائحة نظام العاملين بالهيئة الصادرة بقرار وزير النقل والمواصلات رقم 70 لسنة 1982 وأنه تتوافر في حقه كافة اشتراطات الترقية وأقدم من زملائه المرقين بالقرار المطعون فيه وخلص من هذا السرد للواقعات إلى طلب الحكم بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 25/ 2/ 1993 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وأقامت قضاءها على أسباب حاصلها أن وجود المدعى في إجازة بدون مرتب وقت صدور القرار المطعون فيه بتاريخ 22/ 11/ 1988 لا يعد سبباً لحرمانه من الترقية إزاء ما ثبت من أن جميع تقارير كفايته السابقة على قيامه بالإجازة بمرتبة ممتاز، وأنه ما كان يجوز للهيئة المدعى عليها وضع ضوابط إضافية للترقية مؤداها استلزام وجود العامل قائما بالعمل فعلاً في تاريخ انعقاد اللجنة التي تتقرر فيها الترقية، وبعد إذ أشارت المحكمة إلى المواد 44 و71 و84 من لائحة نظام العاملين بالهيئة المدعى عليها وما انتهت إليه وهى في معرض تفسيرها إلى أن الترقية إلى الدرجة الأولى بالاختيار تكون في حدود نسبة 50% وتأسيساً على ما استبان من أن المدعى لم يسبق ترقيته خلال مدة إجارته بدون مرتب المشار إليها فقد خلصت إلى أن تخطيه في الترقية جاء مخالفاً للقانون مما يتعين معه إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من ذلك.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف صحيح القانون وأخطأ في تطبيقه، ذلك أنه طبقاً للائحة نظام العاملين بالهيئة الصادر بها قرار وزير النقل والموصلات رقم 70 لسنة 1982 استناداً إلى المادة 16 من القانون رقم 19 لسنة 1982 بإنشاء الهيئة القومية للبريد فإن الترقية إلى الدرجة الأولى بالاختيار بنسبة 100% اعتداداً بتقارير الكفاية، ولما كان المدعى معارا لدولة قطر وقت صدور القرار المطعون فيه فإنه ما كان يجوز ترقيته بالاختيار خلال مدة الإعارة نزولاً على حكم الفقرة الأخيرة من المادة 71 من اللائحة المشار إليها.
ومن حيث إنه بمطالعة أحكام لائحة نظام العاملين بالهيئة القومية للبريد الصادر بها قرار وزير النقل والمواصلات رقم 70 لسنة 1982 بناء على التفويض التشريعي المنصوص عليه في المادة 16 من القانون رقم 19 لسنة 1982 بإنشاء الهيئة القومية للبريد يبين أن المادة 31 منها حددت في الفقرة الأولى منها العاملين الذين يخضعون لنظام تقارير الكفاية فنصت على أن "يخضع لنظام تقارير الكفاية جميع العاملين عدا شاغلي الوظائف العليا" وقضت المادة 25 في فقرتها السادسة بأنه "لا يوضع تقرير كفاية عن العامل المعار أو الموفد في بعثة أو الحاصل على إجازة خاصة أو إجازة دراسية عن مدة الإعارة أو البعثة أو الإجازة المشار إليها، ويستصحب آثار آخر تقرير كفاية حصل عليه قبل الإعارة أو البعثة أو الأجازة المذكورة، ومع ذلك فإذا كانت الإعارة إلى إحدى جهات الحكومة أو القطاع العام فيؤخذ التقرير الذي تضعه الجهة المستعيرة في الاعتبار عند منح العلاوات الدورية أو الترقية أثناء مدة الإعارة كما يجوز للجنة شئون العاملين بعد انتهاء مدة الإعارة الاعتداد به" ثم نصت المادة 44 من اللائحة على أن "تكون الترقية للدرجة الأولى والوظائف العليا بالاختيار على أساس ما يبديه الرؤساء بشأن المرشحين لشغل هذه الوظائف وبما ورد بملفات خدمتهم وغيرها من الأوراق المتصلة بعملهم والتي تكشف عن عناصر الامتياز.
وتكون الترقية إلى الوظائف الأخرى بالأقدمية أو بالاختيار في حدود النسب المبينة في الجدول المرافق...
ويشترط للترقية بالاختيار في حدود النسب المشار إليها أن يكون العامل قد قدرت كفايته بمرتبة ممتاز في العامين الأخيرين ويفضل من حصل على مرتبة ممتاز في العام السابق مباشرة عليها، فإن لم يوجد من بين المرشحين...... ولرئيس مجلس الإدارة بناء على اقتراح لجنة شئون العاملين بالهيئة إضافة ضوابط أخرى للترقية......." وقضت المادة 71 بأن "يستحق العامل العلاوات الدورية التي تحل خلال مدة الإعارة كاملة.
ولا تجوز ترقيته خلال مجموع مدد الإعارة طوال مدة خدمته إلا مرة واحدة وفى نسبة الأقدمية، كما لا تجوز ترقيته بعد انتهاء الإعارة إلا بعد تقدير كفايته عن مدة لا تقل عن ستة أشهر"
وأضافت المادة 84 من اللائحة قولها "تسرى في شأن العامل الذي يحصل على أجازات بدون مرتب وفقاً لحكم المادة 82 فقرة 1 و2 والمادة 83 من هذه اللائحة الأحكام المقررة في شأن التقرير والعلاوة والترقية بالنسبة إلى العامل المعار".،
ومن حيث إن المستفاد من صريح هذه النصوص أن جميع العاملين بالهيئة القومية للبريد يخضعون لنظام تقارير الكفاية وذلك فيما عدا شاغلي الوظائف العليا، وأن الترقية إلى وظائف الدرجة الأولى والوظائف العليا إنما تتم بوسيلة الاختيار دون غيرها خلافاً للوظائف الأدنى التي تتم الترقية إليها بالأقدمية والاختيار معاً بمراعاة النسب المبينة في الجدول المرافق للائحة، وباد أن المشرع في تلك اللائحة الخاصة سلك مسلكاً مغايراً لما ورد بالشريعة العامة للتوظف لحكمة صدر عنها ونزولاً على اعتبارات قدرها وذلك فيما يتعلق بترقية العامل المعار - ويأخذ حكمه الحاصل على إجازة بدون مرتب - أثناء مدة الإعارة، فلم يجز ترقيته إلا مرة واحدة إبان الإعارة أو الإجازة طوال مدة خدمته وفى النسبة المحددة للترقية بالأقدمية فأفاد بمفهوم المخالفة أن الترقية بالنسبة إلى هؤلاء لا تجوز البتة إذا كانت الترقية بالاختيار، ليس من ريب في أن ما قرره المشرع من ذلك إنما يتعلق بصميم ولايته وتقديره أخذاً في الاعتبار ما ورد النص عليه في المادة 16 من القانون رقم 19 لسنة 1982 بادى الذكر من أن لمجلس إدارة الهيئة اقتراح وضع اللائحة المتعلقة بالعاملين دون التقيد بنظام العاملين المدنيين بالدولة، وهو ما لا يدع مجالاً لتطبيق أحكام هذا النظام على العاملين بالهيئة إلا فيما سكتت اللائحة عن تنظيمه من شئون توظفهم وبما لا يتعارض مع ما أوردته من أحكام.
ومن حيث إنه ترتيباً على جماع ما تقدم فإنه متى كان الثابت أن المطعون ضده كان معاراً وقت صدور القرار المطعون فيه بتاريخ 22/ 11/ 1988 فإنه ما كان لهذا القرار أن يشمله بالترقية إلى الدرجة الأولى نزولاً على مقتضى الحظر المقرر السالف بيانه، وإذ صدر القرار المذكور متخطياً إياه في الترقية لهذا السبب فإنه يكون قد وافق صحيح القانون وبرئ من أية شائبة وتضحى الدعوى بطلب إلغائه والحالة هذه منهارة الأساس متعينا رفضها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ذهب مذهباً مناقضاً فخالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع الزام المطعون ضده المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، والزمت المطعون ضده المصروفات.