جلسة 17 من مايو سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ محمد حسن العبادي نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة/ يحيى عبد اللطيف موميه، أمين محمد طموم، مصطفى ثابت عبد العال
وأحمد كمال حمدي نواب رئيس المحكمة.
------------------
(101)
الطعنان رقما 219، 685 لسنة 84 القضائية
(1) حكم" الطعن في الحكم: الأحكام التي
لا يجوز الطعن فيها".
الحكم في طلب رد الخبير. انتهائي. مؤداه. عدم جواز الطعن فيه. مثال.
(2) خبرة "رد الخبير".
طلب رد الخبير لا يوقف عمله. عدم جواز القياس على حالة رد القضاة. علة
ذلك. عدم وجود نص يقضي بالوقف. مؤداه. صحة عمل الخبير الذي لم يقض بقبول رده.
(3) إثبات" خبرة: دور الخبير".
خلو تقرير الخبرة من تاريخ إيداعه لا يؤدي إلى بطلانه. علة ذلك. عدم
وجود نص يقضي بذلك. عدم جواز التمسك بالبطلان استنادا لهذا السبب أمام محكمة
النقض. علة ذلك.
(4) حكم" إصدار الأحكام: منطوق الحكم:
الحكم بما لم يطلبه الخصوم".
قضاء الحكم المطعون فيه بالإلزام بمبلغ المديونية والعائد وفقا
للطلبات الختامية. صحيح. النعي عليه بالقضاء بما لم يطلبه الخصوم. غير مقبول.
(5) خبرة" سلطة محكمة الموضوع في تقدير
عمل الخبير".
تقدير عمل أهل الخبرة من سلطة محكمة الموضوع. أخذها به لاقتناعها
بالأسباب التي بني عليها نتيجته. مؤداه. اعتباره جزءا مكملا لأسباب حكمها. عدم
التزامها بإعادة الدعوى للخبير أو ندب خبير آخر متى وجدت في التقرير المقدم إليها
وفي عناصر الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها. مثال.
(6) بنوك "تحصيل البنك حقوق العميل لدى
الغير".
التزام البنك بتحصيل حقوق العميل لدى الغير الثابتة في مستندات أو
أوراق تجارية التزام ببذل عناية. ماهيته. اتخاذ الإجراءات اللازمة لقبض قيمتها
وإخطار العميل بها. مثال.
(7) عقد" آثار العقد: أثر العقد بالنسبة
للمتعاقدين".
العقد شريعة المتعاقدين. التزام عاقديه بما يرد الاتفاق عليه. عدم
استقلال أي من طرفيه أو القاضي بنقضه أو تعديله.
(8 - 12) بنوك" العلاقة بين البنوك
عملائها" "عمليات البنوك: الحساب الجاري: قفل الحساب الجاري".
فوائد" فوائد العمليات المصرفية". عرف "العرف التجاري".
(8) العلاقة بين البنوك وعملائها. خضوعها
لمبدأ سلطان الإرادة.
(9) العمليات المصرفية. استثناؤها من قيد
الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية. الترخيص لمجلس إدارة البنك المركزي في تحديد أسعار
الفوائد التي يجوز للبنوك التعاقد في حدودها عن هذه العمليات. م 7/ د من القانون
120 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 37 لسنة 1992.
(10) قفل الحساب الجاري وتصفيته. يكون بتوقف
المدفوعات المتبادلة بين طرفيه وعدم الاستمرار فيها وفقا لاستخلاص محكمة الموضوع.
أثره. وقوع المقاصة العامة فورا وتلقائيا بين مفرداته الموجودة في جانبيه لتحديد
الرصيد النهائي الذي يحدد حقوق طرفيه كل في مواجهة الآخر.
(11) قفل الحساب الجاري وتسويته. أثره.
اعتبار الرصيد مستحقا بأكمله وصيرورته دينا عاديا محدد المقدار وحال الأداء.
مؤداه. عدم جواز تقاضي فوائد مركبة الاستثناء وجود عادة أو قاعدة تجارية تقضي
بخلاف ذلك.
(12) استحقاق العائد على التأخير في الوفاء
بالديون التجارية. مناطه. تاريخ الاستحقاق ما لم ينص القانون أو الاتفاق على خلاف
ذلك. م 64 قانون التجارة الجديد. مثال.
-----------------
1 - الحكم في طلب رد الخبير على ما تقضي به المادة 145 من قانون
الإثبات هو حكم انتهائي غير جائز الطعن فيه، وسواء كان صادرا بالقبول أو بالرفض،
وإذ كان الحكم المطعون فيه قد ضمن أسبابه قضاء برفض طلب الرد بعد أن استظهر منه
قصد الطاعن تعطيل الفصل في الدعوى، فإن قضاءه في هذا الطلب يكون انتهائيا غير جائز
الطعن فيه.
2 - لا يترتب على طلب رد الخبير وقف الخبير
عمله ولا يجوز القياس في ذلك على حالة رد القضاة لعدم وجود نص يقضي بالوقف ومن ثم
فإن الخبير متى لم يقض بقبول رده يكون عمله صحيحا مبرئا من عيب البطلان.
3 - خلو التقرير "تقرير الخبرة" من
تاريخ إيداعه لا يؤدي إلى بطلانه لعدم النص على ذلك البطلان، كما أن الطاعن لم
يتمسك بهذا البطلان أمام محكمة الموضوع فلا يجوز له- من بعد- التحدي به لأول مرة
أمام محكمة النقض.
4 - إذ كان البين من مدونات الحكم المطعون
فيه أن الطلبات الختامية للبنك المطعون ضده في دعواه المبتدأة، هي الحكم له بإلزام
الطاعن بأن يؤدي له مبلغ 15054463.66 جنيه حق 31/8/2004 والفوائد بواقع 14.5%
سنويا حتى تمام السداد، فإن الحكم إذ قضى له بالعائد على المبلغ المحكوم به فإنه
لا يكون قد تجاوز نطاق الطلبات المعروضة في الدعوى وقضى بما لم يطلبه الخصوم ويضحى
النعي في هذا الخصوص غير مقبول.
5 - المقرر- في قضاء محكمة النقض– أن تقدير
عمل أهل الخبرة والموازنة بين آرائهم فيما يختلفون فيه مما تستقل به محكمة الموضوع
وأنه متى أخذت به محمولا على أسبابه وأحالت إليه اعتبر جزءا مكملا لأسباب حكمها
دون حاجة لتدعيمه بأسباب خاصة وهي غير ملزمة بإعادة الدعوى للخبير أو ندب خبير آخر
متى وجدت في تقرير الخبير الذي اعتمدته وفي عناصر الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها
للفصل فيها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وفي نطاق سلطته التقديرية في فهم
الواقع وتقدير المستندات والأدلة المقدمة فيها والموازنة فيما بينها قد عول على
تقرير اللجنة التي انتدبتها المحكمة من الجهاز المركزي للمحاسبات وأحال إليه في
أسبابه فإن هذا التقرير يعتبر جزءا مكملا للحكم الذي لا يعيبه عدم إيراد النتيجة
النهائية للتقرير الذي اعتنقه متى لم يدع الطاعن أن ما خلص إليه الحكم استنادا
لهذا التقرير مخالف لما هو ثابت به، كما لا عليه- كذلك- إن لم يجب الطاعن إلى طلب
إعادة الدعوى للخبير وقد وجد في أوراقها ما يكفي لتكوين عقيدته للفصل فيه ويضحى
النعي برمته غير مقبول.
6 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن البنك
الذي يعهد إليه عميله بتحصيل حقوقه لدى الغير والثابتة في مستندات أو أوراق تجارية
عليه أن يبذل عناية الرجل المعتاد وذلك باتخاذ الإجراءات اللازمة لقبض قيمتها خلال
آجال مناسبة وإخطار العميل بها حتى يتسنى له اتخاذ ما يراه مناسبا من إجراءات
للمحافظة على حقوقه لدى الغير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص مما له
من سلطة في تقدير أدلة الدعوى إلى الأخذ بتقرير لجنة الخبراء المنتدبين من الجهاز
المركزي للمحاسبات الذي انتهى إلى أن قيمة الأوراق التجارية المرتدة التي لم يقدم
البنك الطاعن ما يفيد اتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها رغم أنها كانت مظهرة إليه
مما أدى إلى سقوطها وضياع قيمتها على المطعون ضده بلغت 2800000 جنيه ورتب على ذلك
استنزال ذلك المبلغ من مديونية المطعون ضده لدى البنك الطاعن، وكان ما انتهى إليه
الحكم وأقام عليه قضاءه- في هذا الخصوص- سائغا ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليه
بغير مخالفة للقانون أو للثابت بالأوراق فإن النعي عليه في هذا الصدد لا يعدو أن
يكون جدلا في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومدى إخلال البنك
بالتزاماته التعاقدية لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة ويضحى غير مقبول.
7 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن العقد
شريعة المتعاقدين ويلزم عاقديه بما تم الاتفاق عليه دون استقلال أي من طرفيه أو
القاضي بنقضه أو تعديله.
8 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- العلاقة
بين البنوك وعملائها تخضع بحسب الأصل لمبدأ سلطان الإرادة.
9 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- الأصل في
استحقاق الفوائد الاتفاقية هو اتفاق الدائن مع المدين فإذا اتفق الطرفان على سعر
معين فلا يجوز للدائن أن يستقل برفعه وأن المشرع قد حرم بنص المادة 227 من القانون
المدني- في غير عمليات البنوك- زيادة سعر الفوائد على حد أقصى معلوم مقداره 7% ونص
على تخفيضها إليه وحرم على الدائن قبض الزيادة وألزمه برد ما قبضه منها، غير أن
المشرع أجاز في الفقرة (د) من المادة السابعة من القانون رقم 37 لسنة 1992 بتعديل
بعض أحكام قانون البنك المركزي المصري والجهاز المصرفي "لمجلس إدارة هذا
البنك تحديد أسعار الخصم وأسعار الفائدة الدائنة والمدينة على العمليات المصرفية
حسب طبيعة هذه العمليات وآجالها ومقدار الحاجة إليها وفقا لسياسة النقد والائتمان
دون التقيد بالحدود المنصوص عليها في أي تشريع آخر، وهو ما يدل على اتجاه قصد
الشارع- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- إلى استثناء العمليات المصرفية من قيد
الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية المنصوص عليه في المادة 227 من القانون المدني.
10 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن الحساب
الجاري ينتهي بتوقف المدفوعات المتبادلة بين طرفيه وعدم الاستمرار فيها وذلك وفقا
لما تستخلصه محكمة الموضوع من ظروف الدعوى وملابساتها ويترتب على ذلك قفل الحساب
وتصفيته وإجراء المقاصة تلقائيا بين مفرداته الموجودة على جانبيه لتحديد الرصيد
النهائي الذي يحدد حقوق كل من الطرفين في مواجهة الآخر.
11 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- يعتبر
الرصيد النهائي مستحقا بأكمله بمجرد قفل الحساب وتسويته ويصبح دينا عاديا محدد
المقدار وحال الأداء مما لا يجوز وفقا لمادة 232 مدني تقاضي فوائد مركبة عليه
وتسري عليه الفوائد القانونية إلا إذا أثبت الدائن وجود عادة أو قاعدة تجارية تقضي
بخلاف ذلك أو كان هناك اتفاق بين الطرفين على سريان فوائد معينة بعد قفل الحساب
فإنه يتعين الأخذ بهذه الفوائد الاتفاقية ما دامت في نطاق تعليمات البنك المركزي.
12 - الأصل- على ما جرى به العرف المصرفي- أن
العوائد على التأخير في الوفاء بالقروض التي تمنحها البنوك في نطاق نشاطها المعتاد
أن تستحق من تاريخ استحقاقها أي بحلول آجال الوفاء بها والتأخير في هذا الوفاء وهو
ما قننه المشرع في قانون التجارة الجديد بالنص في المادة 64 منه على أن يستحق
العائد على التأخير على الوفاء بالديون التجارية بمجرد استحقاقها ما لم ينص
القانون أو الاتفاق على غير ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن لجنة
خبراء الجهاز المركزي للمحاسبات التي اتخذها الحكم أساسا لقضائه اطلعت على عقود
التسهيلات محل النزاع والمؤرخة 19/11/1998 والتي نص فيها على أن يسري على
الاعتمادات عائد مدين مركب بواقع 13.5% سنويا يضاف إلى الرصيد شهريا وأنه في حالة
عدم سداد رصيد حساب الاعتماد بالكامل يضاف عائد تأخير مركب بواقع 1% زيادة على
معدل العائد المتفق عليه إلى الأصل شهريا من تاريخ الاستحقاق أو قفل الحساب وحتى
تمام السداد ومن ثم كان يتوجب على الحكم حساب العائد المتفق عليه اعتبارا من تاريخ
الاستحقاق في 19/11/1998 وحتى تمام السداد بيد أنه اعتمد تقرير لجنة الخبراء سالف
الذكر الذي أجرى حساب العائد الاتفاقي سالف الذكر حتى تاريخ قفل الحساب في
31/1/2004 وأجرى حساب عائد قانوني بواقع 5% اعتبارا من 1/2/2004 وحتى 31/12/2012
ومن تاريخ صدور الحكم حتى تمام السداد حال أنه كان يتعين استمرار حساب العائد
الاتفاقي حتى تمام السداد على النحو الوارد بعقود فتح الاعتماد بغض النظر عما إذا
كان الحساب الجاري قد تم قفله أم لا يزال مفتوحا بيد أن هذا العائد الاتفاقي يكون
بسيطا في حالة قفل الحساب لعدم النص في عقود الائتمان على أن يكون مركبا في حالة
قفل الحساب ومن ثم يتعين إعمال عائد اتفاقي بسيط بواقع 14.5% سنويا من تاريخ قفل
الحساب في التاريخ سالف الذكر وحتى تمام السداد إعمالا لمبدأ سلطان الإرادة بعد أن
ثبت تخلف الشركة المطعون ضدها عن سداد الرصيد المدين في مواعيد استحقاقه وإذ خالف
الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا مما يوجب نقضه- جزئيا- في خصوص سعر
العائد المقضي به وتاريخ استحقاقه على المبلغ المحكوم به وقدره 1324183.16 جنيه
بجعله بواقع 14.5% سنويا اعتبارا من 1/2/2004 وحتى تمام السداد على أن يستنزل من
هذا العائد نسبة العائد القانوني بواقع 5% عن الفترة من 1/2/2004 حتى 31/12/2012
والذي تم حسابه ضمن المبلغ المحكوم به ليصبح العائد المستحق في خلال تلك الفترة
بواقع 9.5% سنويا وبواقع 14.5% سنويا اعتبارا من 1/1/2013 وحتى تمام السداد.
-------------
الوقائع
حيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق-
تتحصل في أن الطاعن في الطعن الأول- 219 لسنة 84ق- عن نفسه وبصفته صاحب شركة .....
أقام على البنك المطعون ضده الأول - ...... - الدعوى رقم ..... لسنة 2002 جنوب
القاهرة الابتدائية بطلب الحكم- وفقا لطلباته الختامية- بإلزامه برد مبلغ 2335290
جنيه وكذا مبلغ 7400000 جنيه قيمة الأوراق التجارية التي ظهرها له تظهيرا ناقلا
للملكية وقال بيانا لذلك إن البنك المطعون ضده منحه تسهيلات ائتمانية بضمان بضائع
واعتمادات مستندية وعلى إثر سوء حالة السوق التجاري تقدم للبنك بطلب إنهاء تلك
التسهيلات وتسوية المديونية بيد أنه فوجئ بعد ذلك بحساب البنك فوائد وعمولات
ومصاريف على المديونية دون وجه حق فأقام الدعوى، كما أقام البنك المطعون ضده –
..... - على الطاعن الدعوى رقم ..... لسنة 2002 تجاري جنوب القاهرة التي قيدت
فيما بعد برقم ..... لسنة 2006 مدني جنوب القاهرة بطلب الحكم - وفقا لطلباته
الختامية - بإلزامه بسداد مبلغ 15054463.66 جنيه حق 31/8/2004 وما يستجد من فوائد
بواقع 14.5% وقال بيانا لذلك إنه تخلفت في حق الطاعن المديونية المطالب بها بموجب
عقدي فتح اعتماد حساب جاري مدين مستحق السداد في 18/11/1999 بعائد مركب بواقع
13.5% يضاف إليه عائد تأخير بواقع 1% وإذ امتنع عن السداد كانت الدعوى، ندبت
المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريريه ضمت الدعويين وحكمت بتاريخ 22/1/2008 في
الدعوى ..... لسنة 2002 بإلزام البنك المطعون ضده الأول - ..... - برد مبلغ
2335290 جنيه ومبلغ 7400000 جنيه قيمة الأوراق التجارية المسلمة إليه وفي الدعوى
رقم 9461 لسنة 2006 برفضها، استأنف البنك هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة
بالاستئنافين رقمي ......، ...... لسنة 125، تدخل البنك المطعون ضده الثاني في
الطعن الأول رقم 219 لسنة 84ق - .... - انضماميا للبنك المطعون ضده الأول- ......
- ندبت المحكمة لجنة خبراء ثلاثية من أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات، وبعد أن
أودعت تقريرها قضت بتاريخ 19/11/2013 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن
يؤدي للبنك مبلغ 13241831.16 جنيه والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ صدور
الحكم وحتى تمام السداد، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 219 لسنة
84ق، كما طعن فيه بذات الطريق البنك - ..... - بالطعن رقم 685 لسنة 84ق وأودعت
النيابة مذكرة في كل من الطعنين أبدت فيها الرأي برفض كل منهما، وإذ عرض الطعنان
على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما وفيها أمرت بضم الطعن الثاني
للأول للارتباط والتزمت النيابة رأيها.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر, والمرافعة, وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
أولا: الطعن رقم 219 لسنة 84ق.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بالوجه الأول للسبب الأول
والوجه السابع للسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في
تطبيقه إذ رفض طلب رد لجنة الخبراء المنتدبين من الجهاز المركزي للمحاسبات تأسيسا
على أنه تقدم بطلب الرد بعد الميعاد المحدد بالمادة 142 من قانون الإثبات في حين
أن أسباب الرد التي استند إليها طرأت بعد ذلك الميعاد وأنه لم يعلم بها إلا بعد
انقضائه، كما أن تقرير تلك اللجنة شابه البطلان لمباشرتها عملها رغم علمها بطلب
الرد ولخلو تقريرها من تاريخ إيداعه وإذ عول الحكم- رغم ذلك- على هذا التقرير يكون
معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن الحكم في طلب رد الخبير على ما تقضي
به المادة 145 من قانون الإثبات هو حكم انتهائي غير جائز الطعن فيه، وسواء كان
صادرا بالقبول أو بالرفض، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد ضمن أسبابه قضاء برفض طلب
الرد بعد أن استظهر منه قصد الطاعن تعطيل الفصل في الدعوى، فإن قضاءه في هذا الطلب
يكون انتهائيا غير جائز الطعن فيه، كما أنه لا يترتب على طلب الرد وقف الخبير عمله
ولا يجوز القياس في ذلك على حالة رد القضاة لعدم وجود نص يقضي بالوقف ومن ثم فإن
الخبير متى لم يقض بقبول رده يكون عمله صحيحا مبرئا من عيب البطلان، كما أن خلو
التقرير من تاريخ إيداعه لا يؤدي إلى بطلانه لعدم النص على ذلك البطلان، كما أن
الطاعن لم يتمسك بهذا البطلان أمام محكمة الموضوع فلا يجوز له- من بعد– التحدي به
لأول مرة أمام محكمة النقض ويضحى النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون بقضائه
للبنك المطعون ضده بأكثر مما طلب إذ اعتمد في قضائه على تقرير لجنة خبراء الجهاز
المركزي للمحاسبات الذي أجرى حساب عائد اتفاقي بواقع 14.5% على الرصيد المدين بعد
انتهاء عقود التسهيلات بالرغم من أن البنك لم يطلب الحكم له بثمة عوائد كما أنه لم
يعترض على حساب عائد قانوني بواقع 5% على الرصيد وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك بأن البين من مدونات الحكم المطعون
فيه أن الطلبات الختامية للبنك المطعون ضده في دعواه المبتدأة، هي الحكم له بإلزام
الطاعن بأن يؤدي له مبلغ 15054463.66 جنيه حق 31/8/2004 والفوائد بواقع 14.5%
سنويا حتى تمام السداد، فإن الحكم إذ قضى له بالعائد على المبلغ المحكوم به فإنه
لا يكون قد تجاوز نطاق الطلبات المعروضة في الدعوى وقضى بما لم يطلبه الخصوم ويضحى
النعي في هذا الخصوص غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بباقي سببي الطعن على الحكم المطعون فيه القصور
في التسبيب والإخلال بحق الدفاع إذ اعتمد في قضائه على تقرير لجنة الخبراء
المنتدبين من الجهاز المركزي للمحاسبات وأطرح تقارير الخبرة السابقة عليه دون أن
يبحث اعتراضاته على هذا التقرير أو يبين سبب اطراحه آراء ما عداه من الخبراء كما لم
يجبه إلى طلب إعادة المأمورية للخبير وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن من المقرر- في قضاء هذه
المحكمة- أن تقدير عمل أهل الخبرة والموازنة بين آرائهم فيما يختلفون فيه مما
تستقل به محكمة الموضوع وأنه متى أخذت به محمولا على أسبابه وأحالت إليه اعتبر
جزءا مكملا لأسباب حكمها دون حاجة لتدعيمه بأسباب خاصة وهي غير ملزمة بإعادة
الدعوى للخبير أو ندب خبير آخر متى وجدت في تقرير الخبير الذي اعتمدته وفي عناصر
الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه
وفي نطاق سلطته التقديرية في فهم الواقع وتقدير المستندات والأدلة المقدمة فيها
والموازنة فيما بينها قد عول على تقرير اللجنة التي انتدبتها المحكمة من الجهاز
المركزي للمحاسبات وأحال إليه في أسبابه فإن هذا التقرير يعتبر جزءا مكملا للحكم
الذي لا يعيبه عدم إيراد النتيجة النهائية للتقرير الذي اعتنقه متى لم يدع الطاعن
أن ما خلص إليه الحكم استنادا لهذا التقرير مخالف لما هو ثابت به، كما لا عليه -
كذلك - إن لم يجب الطاعن إلى طلب إعادة الدعوى للخبير وقد وجد في أوراقها ما يكفي
لتكوين عقيدته للفصل فيه ويضحى النعي برمته غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ثانيا: الطعن رقم 685 لسنة 84ق
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي البنك الطاعن بالشق الثاني من
الوجه الأول من السبب الأول من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون
والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب إذ استنزل من رصيد المطعون ضده المدين قيمة
الأوراق التجارية المرتدة بغير تحصيل دون أن يسبب قضاءه تسبيبا كافيا بالرغم من
تمسكه في دفاعه بأنه أرسل إخطارات للمطعون ضده لاستلام الأوراق المرتدة ولتقديم
ضمانات أخرى بديلة مما تنقضي به مسئوليته عن عدم تحصيلها وهو ما يعيب الحكم ويستوجب
نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن من المقرر أن البنك الذي يعهد
إليه عميله بتحصيل حقوقه لدى الغير والثابتة في مستندات أو أوراق تجارية عليه أن
يبذل عناية الرجل المعتاد وذلك باتخاذ الإجراءات اللازمة لقبض قيمتها خلال آجال
مناسبة وإخطار العميل بها حتى يتسنى له اتخاذ ما يراه مناسبا من إجراءات للمحافظة
على حقوقه لدى الغير. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص مما له من سلطة
في تقدير أدلة الدعوى إلى الأخذ بتقرير لجنة الخبراء المنتدبين من الجهاز المركزي
للمحاسبات الذي انتهى إلى أن قيمة الأوراق التجارية المرتدة التي لم يقدم البنك
الطاعن ما يفيد اتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها رغم أنها كانت مظهرة إليه مما
أدى إلى سقوطها وضياع قيمتها على المطعون ضده بلغت 2800000 جنيه ورتب على ذلك
استنزال ذلك المبلغ من مديونية المطعون ضده لدى البنك الطاعن، وكان ما انتهى إليه
الحكم وأقام عليه قضاءه- في هذا الخصوص- سائغا ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليه
بغير مخالفة للقانون أو للثابت بالأوراق فإن النعي عليه في هذا الصدد لا يعدو أن
يكون جدلا في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومدى إخلال البنك
بالتزاماته التعاقدية لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة ويضحى غير مقبول.
وحيث إن مما ينعاه البنك الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون
والخطأ في تطبيقه إذ قضى بفائدة 5% سنويا على المبلغ المحكوم به من تاريخ صدوره
حتى تمام السداد مخالفا عقود الاعتماد التي تضمنت في بنديها الثاني والخامس النص
على عائد اتفاقي بواقع 13% سنويا بالإضافة لعائد تأخير 1 % تبدأ من تاريخ الاستحقاق
وحتى تمام السداد مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأن من المقرر- في قضاء هذه المحكمة-
أن العقد شريعة المتعاقدين ويلزم عاقديه بما تم الاتفاق عليه دون استقلال أي من
طرفيه أو القاضي بنقضه أو تعديله، وأن العلاقة بين البنوك وعملائها تخضع بحسب
الأصل لمبدأ سلطان الإرادة، وأنه وإن كان الأصل في استحقاق الفوائد الاتفاقية هو
اتفاق الدائن مع المدين فإذا اتفق الطرفان على سعر معين فلا يجوز للدائن أن يستقل
برفعه وأن المشرع قد حرم بنص المادة 227 من القانون المدني- في غير عمليات البنوك-
زيادة سعر الفوائد على حد أقصى معلوم مقداره 7% ونص على تخفيضها إليه وحرم على
الدائن قبض الزيادة وألزمه برد ما قبضه منها، غير أن المشرع أجاز في الفقرة (د) من
المادة السابعة من القانون رقم 37 لسنة 1992 بتعديل بعض أحكام قانون البنك المركزي
المصري والجهاز المصرفي لمجلس إدارة هذا البنك تحديد أسعار الخصم وأسعار الفائدة
الدائنة والمدينة على العمليات المصرفية حسب طبيعة هذه العمليات وأجالها ومقدار
الحاجة إليها وفقا لسياسة النقد والائتمان دون التقيد بالحدود المنصوص عليها في أي
تشريع آخر، وهو ما يدل على اتجاه قصد الشارع- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة-
إلى استثناء العمليات المصرفية من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية المنصوص عليه
في المادة 227 من القانون المدني، وكان من المقرر أن الحساب الجاري ينتهي بتوقف
المدفوعات المتبادلة بين طرفيه وعدم الاستمرار فيها وذلك وفقا لما تستخلصه محكمة
الموضوع من ظروف الدعوى وملابساتها ويترتب على ذلك قفل الحساب وتصفيته وإجراء
المقاصة تلقائيا بين مفرداته الموجودة على جانبيه لتحديد الرصيد النهائي الذي يحدد
حقوق كل من الطرفين في مواجهة الآخر، وأن الرصيد النهائي يعتبر مستحقا بأكمله
بمجرد قفل الحساب وتسويته ويصبح دينا عاديا محدد المقدار وحال الأداء مما لا يجوز
وفقا لمادة 232 مدني تقاضي فوائد مركبة عليه وتسري عليه الفوائد القانونية إلا إذا
أثبت الدائن وجود عادة أو قاعدة تجارية تقضي بخلاف ذلك أو كان هناك اتفاق بين
الطرفين على سريان فوائد معينة بعد قفل الحساب فإنه يتعين الأخذ بهذه الفوائد
الاتفاقية ما دامت في نطاق تعليمات البنك المركزي، وأن الأصل- على ما جرى به العرف
المصرفي- أن العوائد على التأخير في الوفاء بالقروض التي تمنحها البنوك في نطاق
نشاطها المعتاد أن تستحق من تاريخ استحقاقها أي بحلول آجال الوفاء بها والتأخير في
هذا الوفاء وهو ما قننه المشرع في قانون التجارة الجديد بالنص في المادة 64 منه
على أن يستحق العائد على التأخير على الوفاء بالديون التجارية بمجرد استحقاقها ما
لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه
أن لجنة خبراء الجهاز المركزي للمحاسبات التي اتخذها الحكم أساسا لقضائه اطلعت على
عقود التسهيلات محل النزاع والمؤرخة 19/11/1998 والتي نص فيها على أن يسري على
الاعتمادات عائد مدين مركب بواقع 13.5% سنويا يضاف إلى الرصيد شهريا وأنه في حالة
عدم سداد رصيد حساب الاعتماد بالكامل يضاف عائد تأخير مركب بواقع 1% زيادة على
معدل العائد المتفق عليه إلى الأصل شهريا من تاريخ الاستحقاق أو قفل الحساب وحتى
تمام السداد ومن ثم كان يتوجب على الحكم حساب العائد المتفق عليه اعتبارا من تاريخ
الاستحقاق في 19/11/1998 وحتى تمام السداد بيد أنه اعتمد تقرير لجنة الخبراء سالف
الذكر الذي أجرى حساب العائد الاتفاقي سالف الذكر حتى تاريخ قفل الحساب في
31/1/2004 وأجرى حساب عائد قانوني بواقع 5% اعتبارا من 1/2/2004 وحتى 31/12/2012
ومن تاريخ صدور الحكم حتى تمام السداد حال أنه كان يتعين استمرار حساب العائد
الاتفاقي حتى تمام السداد على النحو الوارد بعقود فتح الاعتماد بغض النظر عما إذا
كان الحساب الجاري قد تم قفله أم لا يزال مفتوحا بيد أن هذا العائد الاتفاقي يكون
بسيطا في حالة قفل الحساب لعدم النص في عقود الائتمان على أن يكون مركبا في حالة
قفل الحساب ومن ثم يتعين إعمال عائد اتفاقي بسيط بواقع 14.5% سنويا من تاريخ قفل
الحساب في التاريخ سالف الذكر وحتى تمام السداد إعمالا لمبدأ سلطان الإرادة بعد أن
ثبت تخلف الشركة المطعون ضدها عن سداد الرصيد المدين في مواعيد استحقاقه وإذ خالف
الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا مما يوجب نقضه- جزئيا- في خصوص سعر
العائد المقضي به وتاريخ استحقاقه على المبلغ المحكوم به وقدره 1324183.16 جنيه
بجعله بواقع 14.5% سنويا اعتبارا من 1/2/2004 وحتى تمام السداد على أن يستنزل من
هذا العائد نسبة العائد القانوني بواقع 5 % عن الفترة من 1/2/2004 حتى 31/12/2012
والذي تم حسابه ضمن المبلغ المحكوم به ليصبح العائد المستحق في خلال تلك الفترة بواقع
9.5 % سنويا وبواقع 14.5 % سنويا اعتبارا من 1/1/2013 وحتى تمام السداد.