الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 29 ديسمبر 2021

القضية 131 لسنة 22 ق جلسة 7 / 7 / 2002 دستورية عليا مكتب فني 10 دستورية ق 76 ص 508

جلسة 7 يوليه سنة 2002

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحي نجيب - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وعبد الوهاب عبد الرازق

وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعي عمرو - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

--------------

قاعدة رقم (76)
القضية رقم 131 لسنة 22 قضائية "دستورية"

(1) دعوى دستورية "المصلحة: شرطها: الصفة فيها".
المصلحة في الدعوى الدستورية. شرطها أن يكون الحكم الذي يصدر فيها مؤثراً على الحكم في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة في الدعوى الموضوعية. صدور القانون رقم 82 لسنة 2000 المعدل لقانون تنظيم الجامعات حال نظر الدعوى الموضوعية. مؤداه: اختصاص المجلس الأعلى للجامعات بوضع الضوابط العامة لتوزيع العمل بين أعضاء هيئة التدريس، والأساتذة المتفرغين وغير المتفرغين وإنها خدمة الأستاذ المتفرغ ببلوغه سن السبعين. إعمال أثر هذا الحكم الجديد في شأن الأساتذة المتفرغين الذين كانوا قد بلغوا هذه السن وقت العمل بالقانون الطعين يؤثر على الصفة التي أقام بها المدعي دعواه الموضوعية، ويتوافر به شرط المصلحة.
(2) تشريع "المادة (121) من قانون تنظيم الجامعات قبل تعديلها بالقانون رقم 82 لسنة 2000".
مؤدى نص المادة (121) من قانون تنظيم الجامعات أن الأستاذ الجامعي إذ يبلغ سن انتهاء الخدمة فإنه كان يصبح بقوة القانون أستاذاً متفرغاً مدى الحياة، ما لم يطلب هو عدم الاستمرار في العمل. أحكام القانون رقم 82 لسنة 2000 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات تناولت تعديل المادة (121) المشار إليها، وبموجب المادة الرابعة من هذا القانون يرتد حكمها إلى الأساتذة المتفرغين الذين عينوا قبل تاريخ العمل به.
(3) دعوى دستورية "نطاقها: تشريع: القانون رقم 822 لسنة 2000 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات".
نطاق الدعوى الراهنة - بمقدار ارتباطها بالنزاع الموضوعي - يتحدد بثلاثة أحكام مما نص عليه القانون رقم 82 لسنة 2000 المطعون فيه، هي: جعل سن السبعين حداً ينتهي ببلوغه عمل الأستاذ المتفرغ، وتخويل المجلس الأعلى للجامعات الاختصاص بوضع الضوابط العامة لتوزيع العمل بين أعضاء هيئة التدريس والأساتذة المتفرغين وغير المتفرغين، وآخرها سريان القانون الطعين على أعضاء هيئة التدريس الذين عينوا أساتذة متفرغين قبل العمل به، فيما انطوى عليه من إنهاء عمل الأساتذة المتفرغين الذين جاوزوا سن السبعين عند العمل بالقانون.
(4) الموظف العام "تعيينه: علاقته بجهة عمله".
الموظف العام هو الذي يكون تعيينه بأداة قانونية لأداء عمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام بطريق مباشر، علاقته بجهة عمله علاقة تنظيمية يخضع فيها لأحكام القوانين واللوائح المنظمة بهذا المرفق ولأوضاع العاملين فيه، ويجوز تعديلها في كل وقت، ليس للموظف العام الاحتجاج بالحق المكتسب لكي يعامل بمقتضى النظام القديم الذي عُين في ظل أحكامه أو الذي طبق عليه لفترة طالت أو قصرت. شرطه: عدم انطواء التعديل على مخالفة لنص دستوري.
(5) علاقة تنظيمية "أستاذ الجامعة".
أستاذ الجامعة - عاملاً كان أو متفرغاً - يرتبط بالجامعة بعلاقة وظيفية تنظيمية يخضع فيها لأحكام قانون تنظيم الجامعات.
(6) تشريع "تعديل تشريعي: الخطاب فيه: سلطة المشرع في تنظيم الحقوق: حق التقاضي".
الخطاب في التعديل الذي أدخله المشرع على نص المادة (121) من قانون تنظيم الجامعات، ينصرف إلى أعضاء هيئة التدريس والأساتذة المتفرغين الذين لم يبلغوا سن السبعين وقت العمل بالقانون الطعين. وضع النص حداً تنتهي عنده علاقة الأساتذة الوظيفة بالجامعة لا يعد خروجاً عن حدود السلطة التقديرية للمشرع في تنظيم أوضاع الجامعات المصرية وأوضاع أعضاء هيئات التدريس فيها بما رآه محققاً لأغراض الدولة في تطوير الجامعات وتمكينها من النهوض بأعبائها العلمية، التزامه بالأوضاع الدستورية المقررة في كيفية وأداة إصداره، عدم تضمنه ما يمس حق التقاضي.
(7) دستور "استقلال الجامعات".
تكفل المادة (18) من الدستور استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمي، وهو استقلال لا ينفصم عن حاجات المجتمع والإنتاج، والاختصاص الذي عهد به النص الطعين إلى المجلس الأعلى للجامعات لوضع ضوابط عامة تدور في إطار الأعداد الكلية لأعضاء هيئات التدريس والأساتذة المتفرعين وغير المتفرعين، وفقاً للأوضاع الخاصة بالكليات الجامعية المختلفة، وفي نطاق المقاصد العليا للقانون التي تستهدف تطوير التعليم الجامعي وتمكين الجامعات من النهوض بأعبائها العلمية. لا ينطوي أو يخل بسلطة مجلس الكليات في إعمال شئونها.
(8) دستور "تكافؤ الفرص: الحق في العمل: المساواة".
بقاء الأستاذ المتفرع في عمله بعد بلوغه سن انتهاء الخدمة، مؤداه: أن العلاقة التي تربطه بالجامعة هي علاقة وظيفية تنظيمية شأنه فيها شأن عضو هيئة التدريس الذي لم يبلغ سن انتهاء الخدمة. كلاهما خاضع لأحكام قانون تنظيم الجامعات، استنهاض قواعد عامة مجردة تستهدف توزيع أعباء العمل بين القائمين عليه بما يحقق - في تقدير المشرع - أنسب الوسائل لتسيير الجامعات المصرية. لا يهدر حق الأساتذة المتفرعين في العمل، ولا إخلال فيه بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص.
(9) المحكمة الدستورية العليا "رقابة دستورية".
استيفاء القانون رقم 82 لسنة 2000 عند عرضه على مجلس الشعب شكلية أخذ الرأي النهائي عليه نداء بالاسم وحصوله على الأغلبية الخاصة المنصوص عليها في المادة (178) من الدستور لإعمال حكمه بأثر رجعي، لا يترتب عليه عصمة أحكامه الموضوعية من الخضوع للرقابة التي تباشر هذه المحكمة على دستورية القوانين.
(10) تشريع "الأثر الرجعي للقانون: نطاقه
إنهاء خدمة الأساتذة المتفرغين الذين جاوزوا سن السبعين وقت العمل بالقانون رقم 82 لسنة 2000 بعد اكتمال مركزهم القانوني كأساتذة متفرغين قبل العمل به. مخالفة دستورية. النطاق الذين يمكن أن يرتد إليه الأثر الرجعي للقانون هو الذي يعدل فيه التشريع من مراكز قانونية لم تتكامل حلقاتها ولم تبلغ غايتها النهائية، إذ في هذا النطاق يبقى المركز القانوني قابلاً للتدخل التشريعي. تقرير الأثر الرجعي في غير هذا النطاق، وامتداده إلى إلغاء حقوق ثم اكتسابها فعلاً. مؤداه: تحول الأثر الرجعي للقانون أداة لإهدار قوة القوانين السابقة ومكانتها من الاحترام الواجب كفالته لها طول فترة نفاذها. تصادمه مع أحكام المادتين (64، 65) من الدستور.
(11) دستور "المادة (49): حرية البحث العلمي: جوهرها: الالتزام بها".
حرية البحث العلمي لا تنفصل عن شخص الباحث العلمي. جوهرها. إطلاقها على نحو غير نهائي. أي قيد عليها مهما هان وأية عقبة في طريقها ولو ضؤلت رفض لها وعدواناً عليها. إعمال حكم النص الطعين بأثر رجعي في حق مجموعة من الأساتذة المتفرغين - بحسبانهم باحثين علميين - أمر من شأنه زعزعة أوضاعهم العلمية، وزلزلة كياناتهم العلمية ويتصادم مع نص المادة (49) من الدستور الذي أضاف التزام الدولة بتوفير وسائل التشجيع اللازمة لتحقيقها تقديراً من المشرع الدستوري بأن ثمرة هذه الحرية هي التقدم العلمي السبيل الوحيد لاستعادة مصر مكانتها الحضرية.

--------------
1 - أقام المدعي دعواه الموضوعية بصفة أستاذاً متفرغاً بجامعة الإسكندرية، طعناًً على قرار المجلس الأعلى للجامعات المؤرخ 20/ 4/ 2000 الذي أسند إلى الأساتذة المتفرغين بصفة أساسية مهمة القيام بأعباء مرحلة الدراسات العليا إلى جانب المساهمة في أعباء التدريس في المرحلة الجامعية الأولى في حدود الساعات الزائدة عن مجموع أنصبة أعضاء هيئة التدريس العاملين، وأثناء نظر هذه الدعوى صدر القانون الطعين رقم 82 لسنة 2000 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات الذي يترتب على إعمال أحكامه من ناحية زوال الصفة التي أقام بها المدعي دعواه الموضوعية ومن ناحية أخرى تخويل المجلس الأعلى للجامعات الاختصاص بوضع الضوابط العامة لتوزيع العمل بين أعضاء هيئة التدريس والأساتذة متفرغين وغير متفرغين، بما مؤداه أن الفصل في المسألة الدستورية المطروحة، وهي في هذا النطاق اختصاص المجلس الأعلى للجامعات بوضع الضوابط العامة لتوزيع العمل بين أعضاء هيئة التدريس والأساتذة المتفرغين وغير المتفرغين وإنهاء خدمة الأستاذ المتفرغ ببلوغه سن السبعين وإعمال أثر هذا الحكم الجديد في شأن الأساتذة المتفرغين الذين كانوا قد بلغوا هذه السن وقت العمل بالقانون الطعين، كل هذا من شأنه أن يؤثر على الصفة التي أقام بها المدعي دعواه الموضوعية وعلى مدى مشروعية القرار محل تلك الدعوى، إذ كان ذلك، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة في الدعوى الدستورية يتوافر إذا كان الحكم الذي يصدر فيها مؤثراً على الحكم في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة في الدعوى الموضوعية، فإن المدعي بذلك يكون قد توافرت له مصلحة في إقامة دعواه الدستورية.
2 - المادة (121) من قانون تنظيم الجامعات - قبل تعديلها بالقانون رقم 82 لسنة 2000 - تنص على أنه: "مع مراعاة حكم المادة (113) من هذا القانون يعين بصفة شخصية في ذات الكلية أو المعهد جميع من يلغون سن انتهاء الخدمة ويصبحون أساتذة متفرغين وذلك ما لم يطلبوا عدم الاستمرار في العمل، ولا تحسب هذه المدة في المعاش، ويتقاضون مكافأة مالية إجمالية توازي الفرق بين المرتب مضافاً إليه الرواتب والبدلات الأخرى المقررة وبين المعاش مع الجمع بين المكافأة والمعاش". بما مؤداه أن الأستاذ الجامعي إذ يبلغ سن انتهاء الخدمة، فإنه كان يصبح بقوة القانون أستاذاً متفرغاً مدى الحياة، ما لم يطلب هو عدم الاستمرار في العمل، وبالمخالفة لذلك، جاءت أحكام القانون رقم 82 لسنة 2000 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات، ليتناول التعديل حكم المادة (121) المشار إليه، وبموجب المادة الرابعة من هذا القانون يرتد هذا الحكم بأثره إلى الأساتذة المتفرغين الذين عينوا قبل تاريخ العمل به.
3 - نطاق الدعوى - بقدر ارتباطها بالنزاع الموضوعي - يتحدد بثلاثة أحكام مما نص عليه القانون المطعون فيه، أولها: ذلك الذي جعل سن السبعين حداً ينتهي ببلوغه عمل الأستاذ المتفرغ، وثانيها: الحكم الخاص بتخويل المجلس الأعلى للجامعات الاختصاص بوضع الضوابط العامة لتوزيع العمل بين أعضاء هيئة التدريس والأساتذة المتفرعين وغير المتفرغين، وآخرها: الحكم الخاص بسريان القانون الطعين على أعضاء هيئة التدريس الذين عينوا أساتذة متفرعين قبل العمل به، فيما انطوى عليه من إنهاء عمل الأساتذة المتفرعين الذين جاوزوا سن السبعين عند العمل بالقانون، وهذه الأحكام الثلاثة هي التي تضمنتها بالتتابع نصوص المواد الأولى والثالثة والرابعة من القانون المطعون عليه.
4 - النعي بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون الطعين فيما تضمنه من تعديل لأحكام المادة (121) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972، فإنه مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الموظف العام هو الذي يكون تعيينه بأداة قانونية لأداء عمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام بطريق مباشر، وأن علاقة الموظف العام بالمرفق الذي تديره الدولة هي علاقة تنظيمية يخضع فيها لأحكام القوانين واللوائح المنظمة لهذا المرفق ولأوضاع العاملين فيه، وفي ذلك فهو يستمد حقوقه من نظام الوظيفة العامة ويلتزم بالواجبات التي يقررها هذا النظام، وهو نظام يجوز تعديله في كل وقت، ويخضع الموظف العام لكل تعديل يرد عليه، ويطبق عليه بأثر مباشر، ولا يجوز له أن يحتج بأن له حقاً مكتسباً في أن يعامل بمقتضى النظام القديم الذي عين في ظل أحكامه أو الذي طبق عليه لفترة طالت أو قصرت، ما لم يكن التعديل قد انطوى على مخالفة لنص دستوري، فهنا يكون الاحتجاج على التعديل بمخالفته للدستور، وليس بمساسه بالأوضاع التنظيمية للموظف العام.
5 - المقرر أن أستاذ الجامعة – سواء أكان عاملاً أو متفرغاً - إنما تربطه بالجامعة علاقة وظيفية تنظيمية يخضع فيها لأحكام قانون تنظيم الجامعات.
6 - التعديل الذي أدخله نص المادة الأولى من القانون الطعين على نص المادة (121)، إنما ينصرف خطابه إلى أعضاء هيئة التدريس والأساتذة المتفرغين الذين لم يبلغوا سن السبعين وقت العمل بالقانون الطعين، ليضع حداً تنتهي عنده علاقتهم الوظيفية بالجامعة - ما لم يجر تعيينهم أساتذة غير متفرغين وفقاً لأوضاع تخرج من نطاق هذه الدعوى - فإن النص الطعين لا يكون بذلك قد خرج عن حدود السلطة التقديرية المقررة للمشرع في تنظيم أوضاع الجامعات المصرية وأوضاع أعضاء هيئات التدريس فيها بما رآه محققاً لأغراض الدولة في تطوير الجامعات وتمكينها من النهوض بأعبائها العلمية، وقد التزم النص الطعين الأوضاع الدستورية المقررة في كيفية وأداة، إصداره، واستهدف تقرير قواعد عامة مجردة تناولت بالتنظيم الأوضاع الخاصة باثنتي عشر جامعة وأكثر من خمسة وخمسين ألفاً من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة المصرية، ولم يتضمن من الأحكام ما يمس حق التقاضي، فإن النعي عليه من بعد بالانحراف في استعمال السلطة التشريعية بدعوى أنه صدر لمجابهة قضية واحدة منظورة أمام القضاء، وأنه خالف نصوص المواد (64 و65 و68) من الدستور يكون عارياً عن دليله، وإذ كان النص الطعين لا يخالف أي نص دستوري آخر، فإنه يتعين رفض الطعن عليه.
7 - يجرى نص المادة (18) من الدستور على أن: "التعليم حق تكفله الدولة، وهو إلزامي في المرحلة الابتدائية، وتعمل الدولة على مد الإلزام إلى مراحل أخرى. وتشرف على التعليم كله، وتكفل استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمي، وذلك كله بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج". بما مؤداه أن استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمي هو استقلال لا ينفصم ولا ينفصل عن حاجات المجتمع والإنتاج، وإذ كانت غاية الاختصاص الذي عهد به النص إلى المجلس الأعلى للجامعات هو وضع ضوابط عامة تدور في إطار الأعداد الكلية لأعضاء هيئات التدريس والأساتذة المتفرغين وغير المتفرغين، وفقاً لما تمليه الأوضاع الخاصة بالكليات الجامعية المختلفة، وفي نطاق المقاصد العليا للقانون التي تستهدف تطوير التعليم الجامعي وتمكين الجامعات من النهوض بأعبائها العلمية، وهو اختصاص لا ينطوي على تدخل في اختصاص مجالس الأقسام بالكليات الجامعية باقتراح توزيع الدروس والمحاضرات والتدريبات العملية والندب المتبادل بين الأقسام، كما أنه لا يخل بسلطة مجالس الكليات بالنظر في الاقتراحات المقدمة من مجالس الأقسام وإصدار ما تراه مناسباً من قرارات، إذ لا تعارض بين قواعد كلية يتم على أساسها توزيع العمل على نحو مجرد يسري على المخاطبين بها جميعهم، وبين وضع هذه القواعد موضع التطبيق العملي على هؤلاء المخاطبين محددين بأشخاصهم، ومن ثم، فإن النعي على النص الطعين بمخالفة حكم المادة (18) من الدستور يكون فاقد الأساس خليقاً بالرفض.
8 - النعي على النص ذاته بأنه سيؤول في التطبيق إلى حرمان الأستاذة المتفرغين من التدريس في المرحلة الجامعية الأولى لينفرد بها أعضاء هيئة التدريس العاملون، بما ينطوي على إهدار لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص وللحق في العمل المنصوص عليها في المواد (8 و13 و40) من الدستور، فإنه نعي مردود، ذلك أن الأستاذ المتفرغ إذ يبقى في العمل بهذه الصفة بعد بلوغه سن انتهاء الخدمة، فإن العلاقة التي تربطه بالجامعة هي علاقة وظيفية تنظيمية شأنه فيها شأن عضو هيئة التدريس الذي لم يبلغ سن انتهاء الخدمة، وكلاهما سواء في خضوعهما لأحكام قانون تنظيم الجامعات، باعتباره النظام القانوني الذي يستمدان منه حقوقهما ويلتزمان بالواجبات التي يقررها، فإذا استنهض هذا النظام قواعد عامة مجردة تستهدف توزيع أعباء العمل بين القائمين عليه بما يحقق - في تقدير المشرع - أنسب الوسائل لتسيير الجامعات المصرية، فإنه لا يمكن النعي عليه بأنه يهدر حق الأساتذة المتفرغين في العمل حين يعهد إليهم بعمل بعينه، كما أنه لا يمكن أن ينعي عليه الإخلال بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص في مجال قوامة هو اختيار أفضل السبل لتسيير المرفق العام والارتقاء به، وليس إطاره المصالح الخاصة.
9 - لئن كان القانون رقم 82 لسنة 2000، ومن أحكامه النص الطعين، عند عرضه كمشروع قانون على مجلس الشعب، قد أُخذ الرأي النهائي عليه نداء بالاسم وحصل على الأغلبية الخاصة المنصوص عليها في المادة (187) من الدستور لإعمال حكمه بأثر رجعي، فإن استيفاءه هذه الشكلية لا يترتب عليه، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة عصمة أحكامه الموضوعية من الخضوع للرقابة التي تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين.
10 - الحكم الموضوعي الذي تضمنه نص المادة الرابعة من القانون رقم 82 لسنة 2000 هو إنهاء خدمة الأساتذة المتفرغين الذين جاوزوا سن السبعين وقت العمل بالقانون 82 لسنة 2000 بعد أن كان قد اكتمل مركزهم القانوني كأساتذة متفرغين قبل العمل به. وحيث إن النعي على هذا الحكم الموضوعي بمخالفته للدستور هو نعي صحيح، ذلك أن هذا الحكم قد وقع في حمأة المخالفة الدستورية من وجهين متساندين، الأول: هو أن النطاق الذي يمكن أن يرتد إليه الأثر الرجعي للقانون، هو ذلك الذي يعدل فيه التشريع من مراكز قانونية لم تتكامل حلقاتها، وبالتالي لم تبلغ غايتها النهائية متمثلة في حقوق تم اكتسابها وصار يحتج بها تسانداً إلى أحكام قانونية كانت نافذة، إذ في هذا النطاق يبقى المركز القانوني قابلاً للتدخل التشريعي، تدخلاً قد يزيد أو يزيل من آمال يبنى عليها صاحب المركز توقعاته، فإذا تقرر الأثر الرجعي في غير هذا النطاق، وامتد إلى إلغاء حقوق تم اكتسابها فعلاً وصارت لصيقة بأصحابها وفقاً لأحكام قانونية كفلت حمايتها والاحتجاج بها في مواجهة الكافة، كأثر لنفاذ هذه الأحكام، فإن الأثر الرجعي للقانون يكون بذلك قد تحول إلى أداة لإهدار قوة القوانين السابقة ومكانتها من الاحترام الذي يجب كفالته لها طوال الفترة التي كانت نافذة فيها وهو الأمر الذي يتصادم مع أحكام المادتين (64 و65) من الدستور اللتين تنصان على أن "سيادة القانون أساس الحكم في الدولة" وأن "تخضع الدولة للقانون.....".
11 - الوجه الثاني لمخالفة النص الطعين للدستور، فهو مساسه بإحدى الحريات الأساسية التي كفلها الدستور للمواطنين كافة وهي حرية البحث العلمي، ذلك أن هذه الحرية هي من الحريات التي لا تنفصل ولا تنفصم عن شخص الباحث العلمي، فلا مفارقة بينها وبينه ولا يتصور لها كيان أو وجود استقلالاً عنه، وإذا كان جوهر هذه الحرية هو مطلق الحرية على نحو غير نهائي، لأن أي قيد عليها مهما هان، إن هو إلا نفي لها، وأية عقبة في طريقها ولو ضَؤلَت ليست إلا عدواناً عليها، ولازم ذلك أن إعمال حكم النص الطعين بأثر رجعي في حق مجموعة من الأساتذة المتفرغين - بحسبانهم باحثين علميين - وهم بذلك محور وكيان حرية البحث العلمي، وإنهاء خدمتهم بعد كسبهم للحق في البقاء في خدمة الجامعات بعد سن السبعين، هو أمر من شأنه زعزعة أوضاعهم العملية، وزلزلة كياناتهم العلمية، وهو ما يتصادم مع نص المادة (49) من الدستور الذي لم يكتف بكفالة حرية البحث العلمي للمواطنين قاطبة، وعلى نحو مطلق، وبلا أي قيد، وإنما أضاف إلى ذلك تقرير التزام على الدولة بتوفير وسائل التشجيع اللازمة لتحقيق حرية البحث العلمي، تقديراً من المشرع الدستوري بأن ثمرة هذه الحرية هي التقدم العلمي كمفتاح أمل واحد ووحيد لاستعادة مصر مكانها ومكانتها الحضارية، فإذا جاء النص الطعين واستبدل بكفالة وسائل تشجيع البحث العلمي، زعزعة وزلزلة أوضاع فئة بارزة من الباحثين العلميين، فإنه يكون قد خالف موجبات الدستور، ويتعين القضاء بعدم دستوريته في نطاق ما وقع فيه من مخالفة.


الإجراءات

بتاريخ السابع والعشرين من يوليه سنة 2000، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعم دستورية القانون رقم 82 لسنة 2000 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 في جميع مواده.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم أصلياً: بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة، واحتياطياً: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 8706 لسنة 54 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد المدعى عليه الأخير ابتغاء القضاء بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار المجلس الأعلى للجامعات رقم 379 الصادر بجلسته المعقودة في 20/ 4/ 2000، وقال شرحاً لها إنه يعمل أستاذاً متفرغاً بقسم القانون العام بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية؛ وأن المادة (121) من قانون تنظيم الجامعات بعد تعديلها بالقانون رقم 142 لسنة 1994، والمادة (56) من لائحته التنفيذية خولتا الأستاذ المتفرغ وضعاً يماثل وضع الأستاذ العامل تماماً فيما عدا تقلد الوظائف الإدارية، وجاء قرار المجلس الأعلى للجامعات سالف الذكر ليهدر إهداراً كاملاً مبدأ المساواة بينهما، إذ يحرم الأستاذة المتفرغين من التدريس بالمرحلة الجامعية الأولى، ومضى ناعياً على ذلك القرار أنه مشوب بعيب عدم الاختصاص لاغتصابه سلطة مجلسي القسم والكلية فضلاً عن عيب مخالفة القانون؛ وأثناء نظر الدعوى صدر القانون رقم 82 لسنة 2000 المعدل لقانون تنظيم الجامعات، فدفع المدعي بعدم دستورية هذا القانون بجميع مواده، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت له باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة، دفعت بعدم قبول الدعوى، تأسيساً على أن الضرر المدعي به مرده إلى القرار رقم 379 الصادر من المجلس الأعلى للجامعات في جلسته المعقودة بتاريخ 20/ 4/ 2000، وليس إلى القانون المطعون بعدم دستوريته الذي كان صدوره لاحقاً لذلك القرار؛ ومن ثم يتخلف شرط المصلحة في الدعوى.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أن المدعي قد أقام المدعي دعواه الموضوعية بصفته أستاذاً متفرغاً بجامعة الإسكندرية، طعناً على قرار المجلس الأعلى للجامعات المؤرخ 20/ 4/ 2000 الذي أسند إلى الأساتذة المتفرغين بصفة أساسية مهمة القيام بأعباء مرحلة الدراسات العليا إلى جانب المساهمة في أعباء التدريس في المرحلة الجامعية الأولى في حدود الساعات الزائدة عن مجموع أنصبة أعضاء هيئة التدريس العاملين، وأثناء نظر هذه الدعوى صدر الدعوى صدر القانون الطعين رقم 82 لسنة 2000 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات الذي يترتب على إعمال أحكامه من ناحية زوال الصفة التي أقام بها المدعي دعواه الموضوعية ومن ناحية أخري تخويل المجلس الأعلى للجامعات الاختصاص بوضع الضوابط العامة لتوزيع العمل بين أعضاء هيئة التدريس والأساتذة متفرغين وغير متفرغين، بما مؤداه أن الفصل في المسألة الدستورية المطروحة، وهي في هذا النطاق اختصاص المجلس الأعلى للجامعات بوضع الضوابط العامة لتوزيع العمل بين أعضاء هيئة التدريس والأساتذة المتفرغين وغير المتفرغين وإنهاء خدمة الأستاذ المتفرغ ببلوغه سن السبعين وإعمال أثر هذا الحكم الجديد في شأن الأساتذة المتفرغين الذين كانوا قد بلغوا هذه السن وقت العمل بالقانون الطعين، كل هذا من شأنه أن يؤثر على الصفة التي أقام بها المدعي دعواه الموضوعية وعلى مدى مشروعية القرار محل تلك الدعوى، إذ كان ذلك، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة في الدعوى الدستورية يتوافر إذا كان الحكم الذي يصدر فيها مؤثراً على الحكم في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة في الدعوى الموضوعية، فإن المدعي بذلك يكون قد توافرت له مصلحة في إقامة دعواه الدستورية، ويكون الدفع بعدم قبولها، خليقاً بالرفض.
وحيث إنه إذ كانت المادة (131) من قانون تنظيم الجامعات - قبل تعديلها بالقانون رقم 82 لسنة 2000 - تنص على أنه:
"مع مراعاة حكم المادة (113) من هذا القانون يعين بصفة شخصية في ذات الكلية أو المعهد جميع من يبلغون سن انتهاء الخدمة ويصبحون أساتذة متفرغين وذلك ما لم يطلبوا عدم الاستمرار في العمل، ولا تحسب هذه المدة في المعاش، ويتقاضون مكافأة مالية إجمالية توازي الفرق بين المرتب مضافاً إليه الرواتب والبدلات الأخرى المقررة وبين المعاش مع الجمع بين المكافأة والمعاش".
بما مؤداه أن الأستاذ الجامعي إذ يبلغ سن انتهاء الخدمة، فإنه كان يصبح بقوة القانون أستاذاً متفرغاً مدى الحياة، ما لم يطلب هو عدم الاستمرار في العمل، وبالمخالفة لذلك، جاءت أحكام القانون رقم 82 لسنة 2000 بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم الجامعات، ليتناول التعديل حكم المادة (121) المشار إليه، وبموجب المادة الرابعة من هذا القانون يرتد هذا الحكم بأثره إلى الأساتذة المتفرغين الذين عينوا قبل تاريخ العمل به وعلى صعيد آخر يرد تعديل بالإضافة إلى بنود المادة (19) من قانون تنظيم الجامعات ومادة جديدة برقم (195 مكرراً)، لتجرى نصوص القانون رقم 82 لسنة 2000 على النحو الآتي:
المادة الأولى:
"يستبدل بنص المادة (121) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972، النص الآتي:
مادة 121: "مع مراعاة حكم المادة (113) من هذا القانون يعين بصفة شخصية في ذات الكلية أو المعهد جميع من يبلغون سن انتهاء الخدمة ويصبحون أساتذة متفرغين حتى بلوغهم سن السبعين وذلك ما لم يطلبوا عدم الاستمرار في العمل، ولا تحسب هذه المدة في المعاش، ويتقاضون مكافأة مالية إجمالية توازي الفرق بين المرتب مضافاً إليه الرواتب والبدلات الأخرى المقررة وبين المعاش مع الجمع بين المكافأة والمعاش".
المادة الثانية:
يضاف إلى قانون تنظيم الجامعات المشار إليه مادة جديدة برقم (195 مكرراً)، نصها الآتي:
مادة 195 مكرراً: "ينشأ بالمجلس الأعلى للجامعات صندوق لتمويل وكفالة الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء هيئة التدريس السابقين الذين بلغوا سن السبعين وأسرهم. وتكون للصندوق الشخصية الاعتبارية.
تتكون موارد الصندوق من:
( أ ) المبالغ التي تخصصها الدولة للصندوق لتحقق أغراضه.
(ب) المبالغ التي تساهم بها الجامعات من مواردها الذاتية لأداء الخدمات اللازمة لتحقيق أغراض الصندوق وذلك وفقاً لما يقرره المجلس الأعلى للجامعات.
(ج) التبرعات التي يقبلها مجلس إدارة الصندوق.
(د) حصيلة استثمار أموال الصندوق وناتج نشاطه.
يكون للصندوق موازنة خاصة ويرحل الفائض بموازنة الصندوق من سنة إلى أخرى.
ويعفى نشاط الصندوق وكافة الخدمات التي يقدمها من جميع أنواع الضرائب والرسوم.
ويصدر بتنظيم الصندوق وقواعد الإنفاق منه قرار من وزير التعليم العالي بعد موافقة المجلس الأعلى للجامعات".
المادة الثالثة:
"يضاف إلى المادة (19) من قانون تنظيم الجامعات بند جديد برقم 13 مكرراً (1)، نصه الآتي:
بند 13 مكرراً (1) وضع الضوابط العامة لتوزيع العمل بين أعضاء هيئة التدريس والأساتذة والأساتذة غير المتفرغين على نحو يحقق الاستفادة الكاملة من خبرتهم جميعاً، وبالصورة التي تحقق التطوير المستمر للتعليم في المرحلة الجامعية الأولى وفي مرحلة الدراسات العليا و الماجستير والدكتوراه".
المادة الرابعة:
"ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به اعتباراً من أول يوليو سنة 2000، وتسرى أحكامه على أعضاء هيئة التدريس الذين عينوا أساتذة متفرغين قبل تاريخ العمل به".
وحيث إن نطاق الدعوى - بقدر ارتباطها بالنزاع الموضوعي - يتحدد بثلاثة أحكام مما نص عليه القانون المطعون فيه، أولها: ذلك الذي جعل سن السبعين حداً ينتهي ببلوغه عمل الأستاذ المتفرغ، وثانيها: الحكم الخاص بتخويل المجلس الأعلى للجامعات الاختصاص بوضع الضوابط العامة لتوزيع العمل بين أعضاء هيئة التدريس والأساتذة المتفرعين وغير المتفرغين، وآخرها: الحكم الخاص بسريان القانون الطعين على أعضاء هيئة التدريس الذين عينوا أساتذة متفرغين قبل العمل به، فيما انطوى عليه من إنهاء عمل الأساتذة المتفرغين الذين جاوزوا سن السبعين عند العمل بالقانون، وهذه الأحكام الثلاثة هي التي تضمنتها بالتتابع نصوص المواد الأولى والثالثة والرابعة من القانون المطعون عليه.
وحيث إن المدعي ينعي على النصوص الطعينة- محددة نطاقاً على النحو المتقدم - أنها جاءت مشوبة بعيب الانحراف في استعمال السلطة التشريعية بالمخالفة لنصوص المواد (64 و65 و68) من الدستور، واعتداءها على استقلال الجامعات بالمخالفة لنص المادة (18) من الدستور، وكذلك مناقضتها لمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص وللحق في العمل المنصوص عليها في المواد (40 و8 و13) من الدستور، ثم مخالفتها لنص المادة (187) من الدستور بحكم انطوائها على أثر رجعي.
وحيث إنه عن النعي بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون الطعين فيما تضمنه من تعديل لأحكام المادة (121) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972، فإنه مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الموظف العام هو الذي يكون تعيينه بأداة قانونية لأداء عمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام بطريق مباشر، وأن علاقة الموظف العام بالمرفق الذي تديره الدولة هي علاقة تنظيمية يخضع فيها لأحكام القوانين واللوائح المنظمة لهذا المرفق ولأوضاع العاملين فيه، وفي ذلك فهو يستمد حقوقه من نظام الوظيفة العامة ويلتزم بالواجبات التي يقررها هذا النظام، وهو نظام يجوز تعديله في كل وقت، ويخضع الموظف العام لكل تعديل يرد عليه، ويطبق عليه بأثر مباشر، ولا يجوز له أن يحتج بأن له حقاً مكتسباً في أن يعامل بمقتضى النظام القديم الذي عين في ظل أحكامه أو الذي طبق عليه لفترة طالت أو قصرت، ما لم يكن التعديل قد انطوى على مخالفة لنص دستوري، فهنا يكون الاحتجاج على التعديل بمخالفة للدستور، وليس بمساسه بالأوضاع التنظيمية للموظف العام. إذ كان ذلك؛ وكان المقرر أن أستاذ الجامعة – سواء أكان عاملاً أو متفرغاً - إنما تربطه بالجامعة علاقة وظيفية تنظيمية يخضع فيها لأحكام قانون تنظيم الجامعات، وكان التعديل الذي أدخله النص سالف الذكر على نص المادة (121) إنما ينصرف خطابه إلى أعضاء هيئة التدريس والأساتذة المتفرغين الذين لم يبلغوا سن السبعين وقت العمل بالقانون الطعين، ليضع حداً تنتهي عنده علاقاتهم الوظيفية بالجامعة - ما لم يجر تعيينهم أساتذة غير متفرغين وفقاً لأوضاع تخرج من نطاق هذه الدعوى - فإن النص الطعين لا يكون بذلك قد خرج عن حدود السلطة التقديرية المقررة للمشرع في تنظيم أوضاع الجامعات المصرية وأوضاع أعضاء هيئات التدريس فيها بما رآه محققاً لأغراض الدولة في تطوير الجامعات وتمكينها من النهوض بأعبائها العلمية، وقد التزم النص الطعين الأوضاع الدستورية المقررة في كيفية وأداة إصداره، واستهدف تقرير قواعد عامة مجردة تناولت بالتنظيم الأوضاع الخاصة باثنتى عشر جامعة وأكثر من خمسة وخمسين ألفاً من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة المصرية، ولم يتضمن من الأحكام ما يمس حق التقاضي، فإن النعي عليه من بعد بالانحراف في استعمال السلطة التشريعية بدعوى أنه صدر لمجابهة قضية واحدة منظورة أمام القضاء، وأنه خالف نصوص المواد (46، 65، 68) من الدستور يكون عارياً عن دليله، وإذ كان النص الطعين لا يخالف أي نص دستوري آخر، فإنه يتعين رفض الطعن عليه.
وحيث إنه عن النعي بأن حكم البند (13) مكرراً (1) الذي أضافه القانون الطعين إلى المادة (19) من قانون تنظيم الجامعات، إنما ينطوي على اعتداء على استقلال الجامعات، فإنه نعي مردود، ذلك أنه إذ يجرى هذا النص على أن يكون من اختصاص المجلس الأعلى للجامعات:
"13مكرراً (1) - وضع الضوابط العامة لتوزيع العمل بين أعضاء هيئة التدريس والأساتذة المتفرغين والأساتذة غير المتفرغين على نحو يحقق الاستفادة الكاملة من خبرتهم جميعاً، وبالصورة التي تحقق التطوير المستمر للتعليم في المرحلة الجامعية الأولى وفي مرحلة الدراسات العليا والماجستير والدكتوراه".
وإذ يجرى نص المادة (18) من الدستور على أن:
"التعليم حق تكفله الدولة، وهو إلزامي في المرحلة الابتدائية، وتعمل الدولة على مد الإلزام إلى مراحل أخرى. وتشرف على التعليم كله، وتكفل استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمي، وذلك كله بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج". بما مؤداه أن استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمي هو استقلال لا ينفصم ولا ينفصل عن حاجات المجتمع والإنتاج، وإذ كانت غاية الاختصاص الذي عهد به النص إلى المجلس الأعلى للجامعات هو وضع ضوابط عامة تدور في إطار الأعداد الكلية لأعضاء هيئات التدريس والأساتذة المتفرغين وغير المتفرغين، وفقاً لما تمليه الأوضاع الخاصة بالكليات الجامعية المختلفة، وفي نطاق المقاصد العليا للقانون التي تستهدف تطوير التعليم الجامعي وتمكين الجامعات من النهوض بأعبائها العلمية، وهو اختصاص لا ينطوي على تدخل في اختصاص مجالس الأقسام بالكليات الجامعية باقتراح توزيع الدروس والمحاضرات والتدريبات العملية والندب المتبادل بين الأقسام، كما لا يخل بسلطة مجالس الكليات بالنظر في الاقتراحات المقدمة من مجالس الأقسام وإصدار ما تراه مناسباً من قرارات، إذ لا تعارض بين قواعد كلية يتم على أساسها توزيع العمل على نحو مجرد يسرى على المخاطبين بها جميعهم، وبين وضع هذه القواعد موضع التطبيق العملي على هؤلاء المخاطبين محددين بأشخاصهم، ومن ثم فإن النعي على النص الطعين بمخالفة حكم المادة (18) من الدستور يكون فاقد الأساس خليقاً بالرفض.
وحيث إنه عن النعي على النص ذاته بأنه سيؤول في التطبيق إلى حرمان الأستاذة المتفرغين من التدريس في المرحلة الجامعية الأولى لينفرد بها أعضاء هيئة التدريس العاملون، بما ينطوي على إهدار لمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص وللحق في العمل المنصوص عليها في المواد (8 و13 و40) من الدستور، فإنه نعي مردود، ذلك أن الأستاذ المتفرغ إذ يبقى في العمل بهذه الصفة بعد بلوغه سن انتهاء الخدمة، فإن العلاقة التي تربطه بالجامعة هي علاقة وظيفية شأنه فيها شأن عضو هيئة التدريس الذي لم يبلغ سن انتهاء الخدمة، وكلاهما سواء في خضوعهما لأحكام قانون تنظيم الجامعات، باعتباره النظام القانوني الذي يستمدان منه حقوقهما ويلتزمان بالواجبات التي يقررها، فإذا استنهض هذا النظام قواعد عامة حقوقهما ويلتزمان بالواجبات التي يقررها، فإذا استنهض هذا النظام قواعد عامة مجردة تستهدف توزيع أعباء العمل بين القائمين عليه بما يحقق - في تقدير المشرع - أنسب الوسائل لتيسير الجامعات المصرية، فإنه لا يمكن النعي عليه بأنه يهدر حق الأساتذة المتفرغين في العمل حين يعهد إليهم بعمل بعينه، كما لا يمكن أن ينعي عليه الإخلال بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص في مجال قوامه هو اختيار أفضل السبل لتسيير المرفق العام والارتقاء به، وليس إطاره المصالح الخاصة.
وحيث إن نص البند 13 مكرراً (1) من المادة (19) من قانون تنظيم الجامعات لا يخالف أي نص دستوري آخر، فإنه يتعين رفض الطعن عليه بعدم الدستورية.
وحيث إنه عن النعي بعدم دستورية نص المادة الرابعة من القانون رقم 82 لسنة 2000 فيما نصت عليه من سريان أحكام هذا القانون "على أعضاء هيئة التدريس الذين عينوا أساتذة متفرغين قبل تاريخ العمل به"، فإن مؤدى هذا النص - وبعد أن قررت المادة الأولى من هذا القانون تعديل حكم المادة (121) من قانون تنظيم الجامعات المشار إليه، وكان هذا التعديل يسرى بأثره الفوري المباشر، على الأستاذ المتفرغ ليصبح بقاؤه في العمل موقوتاً ببلوغه سن السبعين – هو إنهاء خدمة الأساتذة المتفرغين الذين جاوزوا سن السبعين عند العمل بالقانون رقم 82 لسنة 2000، أي إعمال حكم النص الطعين بأثر رجعي على من كان قد استفاد مركزه القانوني كأستاذ متفرغ بعد سن السبعين.
وحيث إنه، ولئن كان القانون رقم 82 لسنة 2000، ومن أحكامه النص الطعين، عند عرضه كمشرع قانوني على مجلس الشعب، قد أُخذ الرأي النهائي عليه نداء بالاسم وحصل على الأغلبية الخاصة المنصوص عليها في المادة (187) من الدستور لإعمال حكمه بأثر رجعي، فإن استيفاءه هذه الشكلية لا يترتب عليه، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة عصمة أحكامه الموضوعية من الخضوع للرقابة التي تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين.
وحيث إن الحكم الموضوعي الذي تضمنه هذا النص هو إنهاء خدمة الأساتذة المتفرغين الذين جاوزوا سن السبعين وقت العمل بالقانون 82 لسنة 2000 بعد أن كان قد اكتمل مركزهم القانوني كأساتذة متفرغين قبل العمل به
وحيث إن النعي على هذا الحكم الموضوعي بمخالفته للدستور هو نعي صحيح، ذلك أن هذا الحكم قد وقع في حمأة المخالفة الدستورية من وجهين متساندين، الأول: هو أن النطاق الذي يمكن أن يرتد إليه الأثر الرجعي للقانون، هو ذلك الذي يعدل فيه التشريع من مراكز قانونية لم تتكامل حلقاتها، وبالتالي لم تبلغ غايتها النهائية متمثلة في حقوق تم اكتسابها وصار يحتج بها تسانداً إلى أحكام قانونية كانت نافذة، إذ في هذا النطاق يبقى المركز القانوني قابلاً للتدخل التشريعي، تدخلاً قد يزيد أو يزيل من آمال يبنى عليها صاحب المركز توقعاته، فإذا تقرر الأثر الرجعي في غير هذا النطاق، وامتد إلى إلغاء حقوق تم اكتسابها فعلاً وصارت لصيقة بأصحابها، وفقاً لأحكام قانونية كفلت حمايتها والاحتجاج بها في مواجهة الكافة، كأثر لنفاذ هذه الأحكام، فإن الأثر الرجعي للقانون يكون بذلك قد تحول إلى أداة لإهدار قوة القوانين السابقة ومكانتها من الاحترام الذي يجب كفالته لها طوال الفترة التي كانت نافذة فيها وهو الأمر الذي يتصادم مع أحكام المادتين (64 و65) من الدستور اللتين تنصان على أن "سيادة القانون أساس الحكم في الدولة" وأن "تخضع الدولة للقانون.......".
أما الوجه الثاني لمخالفة النص الطعين للدستور، فهو مساسه بإحدى الحريات الأساسية التي كفلها الدستور للمواطنين كافة وهي حرية البحث العلمي، ذلك أن هذه الحرية هي من الحريات التي لا تنفصل ولا تنفصم عن شخص الباحث العلمي، فلا مفارقة بينها وبينه ولا يتصور لها كيان أو وجود استقلالاً عنه، وإذا كان جوهر هذه الحرية هو مطلق الحرية على نحو غير نهائي، لأن أي قيد عليها مهما هان، إن هو إلا نفي لها، وأية عقبة في طريقها ولو ضَؤلَت ليست إلا عدواناً عليها، ولازم ذلك أن إعمال حكم النص الطعين بأثر رجعي في حق مجموعة من الأساتذة المتفرغين - بحسبانهم باحثين علميين - وهم بذلك محور وكيان حرية البحث العلمي، وإنهاء خدمتهم بعد كسبهم للحق في البقاء في خدمة الجامعات بعد سن السبعين، هو أمر من شأنه زعزعة أوضاعهم العملية، وزلزلة كياناتهم العلمية، وهو ما يتصادم مع نص المادة (49) من الدستور الذي لم يكتف بكفالة حرية البحث العلمي للمواطنين قاطبة، وعلى نحو مطلق، وبلا أي قيد، وإنما أضاف إلى ذلك تقرير التزام على الدولة بتوفير وسائل التشجيع اللازمة لتحقيق حرية البحث العلمي، تقديراً من المشرع الدستوري بأن ثمرة هذه الحرية هي التقدم العلمي كمفتاح أمل واحد ووحيد لاستعادة مصر مكانها ومكانتها الحضارية، فإذا جاء النص الطعين واستبدل بكفالة وسائل تشجيع البحث العلمي، زعزعة وزلزلة أوضاع فئة بارزة من الباحثين العلميين، فإنه يكون قد خالف موجبات الدستور، ويتعين القضاء بعدم دستوريته في نطاق ما وقع فيه من مخالفة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:
أولاً: بعدم قبول الدعوى في شقها المتعلق بالمادة (195 مكرراً) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 82 لسنة 2000.
ثانياً: بعدم دستورية عجز المادة الرابعة من القانون رقم 82 لسنة 2000 فيما تضمنته من سريان أحكام هذا القانون على الأساتذة المتفرغين الذين أكملوا سن السبعين قبل العمل به.
ثالثاً: برفض ما عدا ذلك من الطلبات، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

القضية 66 لسنة 21 ق جلسة 9 / 6 / 2002 دستورية عليا مكتب فني 10 دستورية ق 62 ص 405

جلسة 9 يونيو سنة 2002

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحي نجيب - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والدكتور حنفي علي جبالي وإلهام نجيب نوار ومحمد عبد العزيز الشناوي والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيري طه

وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعي عمرو - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

----------------

قاعدة رقم (62)
القضية رقم 66 لسنة 21 قضائية "دستورية"

دعوى دستورية "نطاقها". تطبيق "القانون رقم 157 لسنة 1981 بإصدار قانون الضرائب على الدخل".
نطاق الخصومة في الدعوى الدستورية يتحدد بنطاق الدفع المبدى أمام محكمة الموضوع، وفي الحدود التي تقدر فيها هذه المحكمة جديته. قصر محكمة الموضوع نطاق الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعي على المادتين (31 و96) من القانون رقم 157 لسنة 1981 بإصدار قانون الضرائب على الدخل. أثره: عدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على المادة (95) من ذات القانون.

-----------------
حيث إن الحكم الصادر من محكمة الموضوع بجلسة 31/ 7/ 1999، قد جاء قاطعاً في أن المادتين اللتين قدرت المحكمة بشأنهما جدية الدفع المثار من المدعي هما المادتان (31 و96) من قانون الضرائب على الدخل سالف الذكر، ولذا كان التصريح بإقامة الدعوى الدستورية متعلقاً بهما وحدهما، إلا أن طلبات المدعي في صحيفة دعواه الدستورية تضمنت طعناً بعدم دستورية المادة (95) من القانون المذكور دون أن يكون قد دفع بذلك أمام محكمة الموضوع فلم يشملها تصريح المحكمة، لما كان ذلك، وكان نطاق الدعوى الدستورية التي أتاح المشرع للخصم إقامتها يتحدد - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - بنطاق الدفع الذي أثير أمام محكمة الموضوع وفي الحدود التي تقدر فيها جديته، وإذ كان الثابت، أن المدعي اقتصر في دفعه بعدم الدستورية لدى تلك المحكمة على المادتين (31 و96) من القانون رقم 157 لسنة 1981 فصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية في هذا النطاق، فإن الدعوى الماثلة تتعلق فقط بهاتين المادتين دون غيرهما من النصوص القانونية التي تضمنها هذا القانون، ولا تمتد بالتالي إلى نص المادة (95) سالفة الذكر، وتغدو بذلك الدعوى الدستورية غير مقبولة لعدم اتصال هذه المادة بالمحكمة الدستورية العليا اتصالاً مطابقاً للأوضاع النصوص عليها في المادة (29/ ب) من قانونها، ولا ينال مما تقدم ما طلبه المدعي من القضاء بسقوط حكم المادة (96) من القانون المذكور كأثر للحكم بسقوط المادة (95)، لأن هذا الطلب يستوجب بداءة اتصال المحكمة الدستورية العليا بنص المادة (95) اتصالاً صحيحاً، وهو ما تخلف في هذه الدعوى، الأمر يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بأكملها.


الإجراءات

بتاريخ 26/ 4/ 1999 أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية المادة (95) من قانون الضرائب على الدخل رقم 157 لسنة 1981 فيما تضمنته من فرض ضريبة عامة على صافي الإيراد الكلي الذي يحصل عليه الأشخاص الطبيعيون، مع إسقاط حكم المادة (96) من ذات القانون فيما نصت عليه من تحديد سعر الضريبة على الدخل السنوي.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 1311 لسنة 1999 مدني كلي الإسكندرية طالباً الحكم ببراءة ذمته من مبلغ (9، 236، 520، 1) جنية قيمة ضريبتي الإيراد العام ورسم تنمية الموارد المطالب بهما عن نشاطه في بيع وحدات عقارية، وقصر المطالبة على ضريبة الأرباح التجارية، وذلك لعدم دستورية المادتين (31 و96) من قانون الضرائب على الدخل رقم 157 لسنة1981 قبل تعديله بالقانون رقم 187 لسنة 1993، وقال شرحاً لدعواه أن مأمورية الضرائب المختلفة قامت بمحاسبته ضريبياً وفقاً لأحكام ضريبة الأرباح التجارية والصناعية بأسعارها المحددة بالمادة (31) من القانون رقم 157 لسنة 1981، ثم عادت وطالبته بسداد الضريبة العامة على الدخل بالأسعار المقررة بالمادة (96) من القانون المذكور، وهو ما يمثل مصادرة لأرباحه، لتجاوز مقدار الضريبتين مجموع ما حققه من أرباح، ويتعارض مع المادتين (36 و38) من الدستور. وأثناء نظر الدعوى دفع المدعي بعدم دستورية المادتين (31 و96) من القانون رقم 157 لسنة 1981، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع فقد صرحت له بإقامة الدعوى الدستورية. وبجلسة 31/ 7/ 1999 قضت بوقف الدعوى تعليقاً إلى أن يتم الفصل في الدعوى الدستورية وأقامت حكمها على أن المادتين محل الدفع بعدم الدستورية هما المادتان (31 و96) من القانون رقم 157 لسنة 1981 آنف البيان.
وحيث إن المدعي ضمّن صحيفة دعواه الدستورية الطعن بعدم دستورية المادة (95) من قانون الضرائب على الدخل رقم 157 لسنة 1981، فيما تضمنته من فرض ضريبة على صافي الإيراد الكلي للأشخاص الطبيعيين مع إسقاط حكم المادة (96) من ذات القانون مما ورد بها من تحديد سعر الضريبة على الدخل السنوي.
وحيث إن المادة (95) من قانون الضرائب على الدخل رقم 157 لسنة 1981 تنص في فقرتها الأولى على أنه: - "تفرض ضريبة عامة على صافي الإيراد الكلي الذي يحصل عليه الأشخاص الطبيعيون".
كما تنص الفقرة الأولى من المادة (96) من ذات القانون على أنه: "يحدد سعر الضريبة سنوياً على الوجه الآتي..............".
وحيث إن الحكم الصادر من محكمة الموضوع بجلسة 31/ 7/ 1999، قد جاء قاطعاً في أن المادتين اللتين قدرت المحكمة بشأنهما جدية الدفع المثار من المدعي هما المادتان (31 و96) من قانون الضرائب على الدخل سالف الذكر، ولذا كان التصريح بإقامة الدعوى الدستورية متعلقاً بهما وحدهما، إلا أن طلبات المدعي في صحيفة دعواه الدستورية تضمنت طعناً بعدم دستورية المادة (95) من القانون المذكور دون أن يكون قد دفع بذلك أمام محكمة الموضوع فلم يشملها تصريح المحكمة. لما كان ذلك، وكان نطاق الدعوى الدستورية التي أتاح المشرع للخصم إقامتها يتحدد - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - بنطاق الدفع الذي أثير أمام محكمة الموضوع وفي الحدود التي تقدر فيها جديته، وإذ كان الثابت، أن المدعي اقتصر في دفعه بعدم الدستورية لدى تلك المحكمة على المادتين (31 و96) من القانون رقم 157 لسنة 1981 فصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية في هذا النطاق، فإن الدعوى الماثلة تتعلق فقط بهاتين المادتين دون غيرهما من النصوص القانونية التي تضمنها هذا القانون، ولا تمتد بالتالي إلى نص المادة (95) سالفة الذكر، وتغدو بذلك الدعوى الدستورية غير مقبولة لعدم اتصال هذه المادة بالمحكمة الدستورية العليا اتصالاً مطابقاً للأوضاع المنصوص عليها في المادة (29/ ب) من قانونها، ولا ينال مما تقدم ما طلبه المدعي من القضاء بسقوط حكم المادة (96) من القانون المذكور كأثر للحكم بسقوط المادة (95)، لأن هذا الطلب يستوجب بداءة اتصال المحكمة الدستورية العليا بنص المادة (95) اتصالاً صحيحاً، وهو ما تخلف في هذه الدعوى، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بأكملها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

القضية 69 لسنة 21 ق جلسة 10 / 3 / 2002 دستورية عليا مكتب فني 10 دستورية ق 35 ص 202

جلسة 10 مارس سنة 2002

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحي نجيب - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أنور رشاد العاصي والدكتور حنفي علي جبالي وإلهام نجيب نوار ومحمد عبد العزيز الشناوي وماهر سامي يوسف ومحمد خيري طه

وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعي عمرو - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

-------------

قاعدة رقم (35)
القضية رقم 69 لسنة 21 قضائية "دستورية"

(1 ، 2) الشريعة الإسلامية - "نفقة المتعة: مقدارها" "تشريع: المادة (18) مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون 100 لسنة 1985" دعوى دستورية "الحكم فيها حجيته: عدم قبول الدعوى".
(1) تحديد مقدار نفقة المتعة بمراعاة حالة المطلق يسراً وعسراً وظروف الطلاق ومدة الزوجية. المادة (18) مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985.
(2) قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية يحوز حجية مُطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة للدولة بسلطاتها المختلفة. مؤدى ذلك: عدم المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد. أثره: عدم قبول الدعوى إذا سبق القضاء برفض دعوى بالطعن على النصوص ذاتها.
(3) طلب تفسير "اتصاله: عدم قبول".
يقتصر الحق في تقديم طلب تفسير نصوص القوانين والقرارات على الجهات المحددة في المادة (33) من قانون المحكمة الدستورية العليا عن طريق وزير العدل. تقديم طلب التفسير مباشرة من المدعي لا يؤدي إلى اتصاله بالمحكمة اتصالاً مطابقاً للقانون. أثره: عدم قبول الطلب.

---------------
1 - إن المادة الطعينة - وهي المادة (18) مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 تنص على أن "الزوجة المدخول بها في زواج صحيح إذا طلقها زوجها بدون رضاها ولا بسبب من قبلها، تستحق فوق نفقة عدتها متعة تقدر بنفقة سنتين على الأقل، وبمراعاة حال المطلق يسراً وعسراً وظروف الطلاق ومدة الزوجية، ويجوز أن يرخص للمطلق في سداد هذه المتعة على أقساط".
2 - سبق أن تناولت المحكمة الدستورية العليا المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الماثلة، بحكميها الصادرين بجلسة 15/ 5/ 1993؛ الأول في القضية رقم 7 لسنة 8 قضائية "دستورية" والثاني في القضية رقم 18 لسنة 10 قضائية "دستورية" واللذين قضيا برفض الدعوى، وإذ نُشر الحكم الأول في الجريدة الرسمية بتاريخ 5/ 6/ 1993، كما نُشر الثاني بها بتاريخ 10/ 6/ 1993، وكان مقتضى أحكام المادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة للدولة - بسلطاتها المختلفة - وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه وإعادة طرحه عليها من جديد، فإن الخصومة في الدعوى الراهنة تكون غير مقبولة.
3 - من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن طلب التفسير التشريعي الذي تنظره المحكمة - وفقاً لنص المادة (33) من قانونها - لا يقدم إلا من وزير العدل بناءً على طلب رئيس مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية، إذا كان للنص التشريعي المطلوب تفسيره أهمية جوهرية لا قانونية فحسب، وإذا كان قد ثار عند تطبيقه خلاف حول مضمونه تتباين معه الآثار القانونية التي يرتبها فيما بين المخاطبين بأحكامه. لما كان ذلك؛ فإن طلب المدعي الاحتياطي تفسير نص المادة (18) مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 لا يكون قد اتصل بالمحكمة الدستورية العليا اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً، ويضحي بذلك غير مقبول.


الإجراءات

بتاريخ 28/ 4/ 1999، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعم دستورية نص المادة (18) مكرراً من القانون رقم 100 لسنة 1985 واحتياطياً تفسير النص لاختلاف المحاكم في شأنه.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليها الرابعة كانت قد أقامت ضد المدعي الدعوى رقم 2469 لسنة 1998 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية للأحول الشخصية بطلب الحكم بتقرير نفقة متعة لها مقدارها مائة ألف جنية، وأثناء نظرها دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة المشار إليها، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت له برفع دعواه الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة الطعينة - وهي المادة (18) مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 تنص على أن "الزوجة المدخول بها في زواج صحيح إذا طلقها زوجها بدون رضاها ولا بسبب من قبلها، تستحق فوق نفقة عدتها متعة تقدر بنفقة سنتين على الأقل، وبمراعاة حال المطلق يسراً وعسراً وظروف الطلاق ومدة الزوجية، ويجوز أن يرخص للمطلق في سداد هذه المتعة على أقساط".
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن تناولت المسألة الدستورية عينها، بحكميها الصادرين بجلسة 15/ 5/ 1993؛ الأول في القضية رقم 7 لسنة 8 قضائية "دستورية" والثاني في القضية رقم 18 لسنة 10 قضائية "دستورية" واللذين قضيا برفض الدعوى، وإذ نُشر الحكم الأول في الجريدة الرسمية بتاريخ 5/ 6/ 1993؛ كما نُشر الثاني بها بتاريخ 10/ 6/ 1993، وكان مقتضى أحكام المادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة للدولة - بسلطاتها المختلفة - وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه وإعادة طرحه عليها من جديد، فإن الخصومة في الدعوى الراهنة تكون غير مقبولة.
وحيث إنه عن الطلب الاحتياطي للمدعي، وهو طلب تفسير النص الطعين المشار إليه، فإنه من المقرر أن طلب التفسير التشريعي الذي تنظره المحكمة الدستورية العليا - وفقاً لنص المادة (33) من قانونها - لا يقدم إلا من وزير العدل بناءً على طلب رئيس مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية، إذا كان للنص التشريعي المطلوب تفسيره أهمية جوهرية لا قانونية فحسب، وإنما كان قد ثار عند تطبيقه خلاف حول مضمونه تتباين معه الآثار القانونية التي يرتبها فيما بين المخاطبين بأحكامه. لما كان ذلك؛ فإن طلب المدعي تفسير النص الطعين المشار إليه لا يكون قد اتصل بالمحكمة الدستورية العليا اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً، ويضحي كذلك غير مقبول.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.


(*) أصدرت المحكمة حكماً مماثلاً بذات الجلسة في الدعوى رقم 23 لسنة 21 قضائية دستورية.

القضية 5 لسنة 21 ق جلسة 13 / 1 / 2002 دستورية عليا مكتب فني 10 دستورية ق 21 ص 111

جلسة 13 يناير سنة 2002

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحي نجيب – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عبد الرحمن نصير وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح

وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعي عمرو – رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.

---------------

قاعدة رقم (21)
القضية رقم 5 لسنة 21 قضائية "دستورية"

دعوى دستورية "حكم: حجيته – اعتبار الخصومة منتهية". تطبيق الفقرة الأولى من المادة (19) من القانون رقم 136 لسنة 1981".
الحكم الصادر في الدعوى الدستورية حجيته مطلقة لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أية جهة. اعتبار الخصومة في الدعوى التي تقام طعناً بعدم دستورية ذات النص التشريعي الذي سبق الحكم بعدم دستوريته منتهية. الفقرة الأولى من المادة (19) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.

----------------
سبق أن تناولت المحكمة الدستورية العليا المسألة الدستورية عينها بحكمها الصادر بجلسة 4 مارس سنة 2000 في القضية رقم 144 لسنة 20 قضائية "دستورية"، والذي قضى بعدم دستورية النص المشار إليه، وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 20 مارس سنة 2000، وكان مقتضى أحكام المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة للدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً في المسألة المقضي فيها، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، فإن الخصومة في الدعوى الراهنة تغدو منتهية.


الإجراءات

بتاريخ الخامس والعشرين من يناير سنة 1999، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الاستئناف رقم 2400 لسنة 2 قضائية، بعد أن قضت محكمة استئناف القاهرة بوقف الدعوى وأمرت بإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادة (19) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل في أن المستأنف سبق أن أقام ضد المستأنف ضدهما الدعوى رقم 4200 لسنة 1997 أمام محكمة شمال بطلب الحكم بإخلائهما الشقة المبينة بصحيفة دعواه تأسيساً على احتجازهما أكثر من مسكن بمدينة القاهرة، وتغييرهما الغرض من استعمال العين من مسكن خاص إلى ورشة صناعية دون موافقة المالك، وإذ قضت المحكمة برفض الدعوى بالنسبة للطلب الأول، وعدم قبولها بالنسبة للطلب الثاني، فقد قام بالطعن عليه بالاستئناف رقم 2400 لسنة 2 قضائية، أمام محكمة استئناف القاهرة، وأثناء نظر هذا الاستئناف دفع بعدم دستورية نص المادة 19 من القانون رقم 136 لسنة 1981، وإذ تراءى للمحكمة المذكورة عدم دستورية المادة المشار إليها فقد حكمت بجلسة 11/ 11/ 1998 بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة سالفة الذكر.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت المصلحة في الدعوى الدستورية الراهنة – بقدر ارتباطها بالنزاع الموضوعي – إنما تنحصر في الفصل في دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (19) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شان بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر فيما انطوى عليه من عدم اشتراط موافقة المالك عند تغيير المستأجر استعمال العين إلى غير غرض السكني.
وحيث إن هذه المحكمة سبق أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الماثلة بحكمها الصادر بجلسة 4 مارس سنة 2000 في القضية رقم 144 لسنة 20 قضائية "دستورية"، والذي قضى بعدم دستورية النص المشار إليه، وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 20 مارس سنة 2000، وكان مقتضى أحكام المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة للدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً في المسألة المقضي فيها، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، فإن الخصومة في الدعوى الراهنة تغدو منتهية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية.


 (*)أصدرت المحكمة بذات الجلسة حكماً مماثلاً في القضية رقم 170 لسنة 20 قضائية "دستورية".

القضية 15 لسنة 22 ق جلسة 7 / 10 / 2003 دستورية عليا مكتب فني 10 تنازع ق 1 ص 1203

 جلسة 7 أكتوبر سنة 2001

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحي نجيب - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عبد الرحمن نصير وماهر البحيري وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي،

وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعي عمرو - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

----------------

قاعدة رقم (1)
القضية رقم 15 لسنة 22 قضائية "تنازع"

دعوى تنازع الاختصاص الإيجابي "مناط قبولها: التمسك بالاختصاص".
مناط قبول الدعوى أن تكون الخصومة قائمة في وقت واحد أمام الجهتين المتنازعتين وأن تكون كلتاهما قد تمسكت باختصاصها عند رفع الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا.

---------------
مناط قبول دعوى تنازع الاختصاص وفقاً للبند "ثانياً" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تُطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء، أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها. وشرط انطباقها بالنسبة للتنازع الإيجابي أن تكون المنازعة قائمة في وقت واحد أمام الجهتين المتنازعتين، وأن تكون كلتاهما قد تمسكت باختصاصها بنظرها عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا مما يبرر الالتجاء إلى هذه المحكمة لتعين الجهة المختصة بنظرها والفصل فيها، وهو ما حدا بالمشرع إلى النص في الفقرة الثالثة من المادة (31) من ذلك القانون، على أنه يترتب على تقديم الطلب "وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه". ولما كان طلب الفصل في تنازع الاختصاص الإيجابي أمام المحكمة الدستورية العليا، يتحدد قوامه بالحالة التي تكون عليها المنازعة الموضوعية أمام كل من جهتي القضاء المدعي بتنازعهما على الاختصاص، في تاريخ تقديم الطلب إلى هذه المحكمة، وأن يثبت أن مسألة الاختصاص حتى هذا التاريخ قد طُرحت عليهما، وأن كلتيهما قد تمسكت تمسكاً جازماً باختصاصها في القضية الواحدة المطروحة عليهما، إذ كان ذلك وكانت الجمعية المدعية لم ترفق بطلبها الماثل ما يدل على أن الجهتين المدعي بتنازعهما على الاختصاص في الدعاوى المتبادلة بينها وبين الشركة المدعى عليها - وبفرض وحدة موضوعها -، قد طُرحت عليهما أصلاً مسألة الاختصاص، وأن كلاً منهما قد تمسكت باختصاصها بها حتى تقوم حالة تنازع إيجابي على الاختصاص تستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، فمن ثم تكون الشروط الواجب توافرها لقيام حالة التنازع الإيجابي على الاختصاص قد تخلفت.


الإجراءات

بتاريخ السابع من يوليو سنة 2000، أودعت الجمعية المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً تعيين جهة القضاء المختصة بنظر النزاع القائم بينها والشركة المدعى عليها والناجم عن عقد المقاولة المبرم بينهما في 13/ 5/ 1989، والمردد في الدعوى رقم 6070 لسنة 1994 مدني محكمة شمال القاهرة الابتدائية والدعوى الفرعية المنبثقة عنها والدعوى رقم 210 لسنة 1995 تعويضات محكمة شمال القاهرة الابتدائية، وطلب التحكيم المقيد برقم 9 لسنة 2000 بجدول هيئة التحكيم المشكلة بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها. ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في قيام الجمعية المدعية بإبرام عقد مقاولة بينها وبين الشركة المدعى عليها بتاريخ 13/ 5/ 1989 لإنشاء قرية سياحية بالساحل الشمالي بطريق الإسكندرية مطروح، ولخلاف بينهما أثناء تنفيذه أقامت الشركة وآخر الدعوى رقم 6070 لسنة 1994 مدني محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الجمعية بدفع مبلغ 1368372.164 جنيهاً قيمة المستخلص رقم (8) المستحق للشركة المذكورة عن الأعمال التي قامت بتنفيذها، وأثناء نظر تلك الدعوى أقامت الجمعية دعوى فرعية بطلب الحكم بفسخ عقد المقاولة محل النزاع وإلزام الشركة برد مبلغ 240209 جنيهاً وبتعويض مقداره مليوناً جنيه. وبجلسة 28/ 1/ 1995 قضت محكمة شمال القاهرة الابتدائية تمهيداً - وقبل الفصل في الموضوع - بندب مكتب خبراء وزارة العدل (شمال القاهرة) لأداء المهمة المبينة بمنطوق ذاك الحكم. ومن جهة أخرى أقامت الشركة ضد الجمعية المدعية الدعوى رقم 210 لسنة 1995 مدني كلي شمال القاهرة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي لها تعويضاً مقداره 48.947.799 جنيهاً، ومبلغ 17.174.500 جنيهاً عن كل يوم اعتباراً من 1/ 5/ 1995 وحتى تمام تنفيذ المشروع فضلاً عن الفوائد القانونية عن بعض المبالغ من تاريخ الاستحقاق حتى تمام السداد.
وبجلسة 22/ 6/ 1996 أصدرت المحكمة حكماً تمهيداً بإحالة القضية إلى مكتب خبراء شمال القاهرة لأداء المهمة المحددة بمنطوق الحكم. ومن جانب آخر فقد تقدمت الجمعية إلى هيئة التحكيم المشكلة بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي بطلب قيد برقم 19 لسنة 2000 لفسخ عقد المقاولة وإلزام الشركة بالطلبات الأخرى المبينة بهذا الطلب.
وإذ تراءى للجمعية المدعية، أن ثمة تنازعاً إيجابياً على الاختصاص في شأن موضوع واحد بين محكمة شمال القاهرة الابتدائية من ناحية، وهيئة التحكيم بالاتحاد التعاوني الإسكاني المركزي من ناحية أخرى، فقد أقامت دعواها الماثلة بطلب تعيين جهة القضاء المختصة بنظر هذا النزاع.
وحيث إن مناط قبول دعوى تنازع الاختصاص وفقاً للبند "ثانياً" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تُطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء، أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها. وشرط انطباقه بالنسبة للتنازع الإيجابي أن تكون المنازعة قائمة في وقت واحد أمام الجهتين المتنازعتين، وأن تكون كلتاهما قد تمسكت باختصاصها بنظرها عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا مما يبرر الالتجاء إلى هذه المحكمة لتعيين الجهة المختصة بنظرها والفصل فيها، وهو ما حدا بالمشرع إلى النص في الفقرة الثالثة من المادة (31) من ذلك القانون، على أنه يترتب على تقديم الطلب "وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه".
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان طلب الفصل في تنازع الاختصاص الإيجابي أمام المحكمة الدستورية العليا، يتحدد قوامه بالحالة التي تكون عليها المنازعة الموضوعية أمام كل من جهتي القضاء المدعي بتنازعهما على الاختصاص، في تاريخ تقديم الطلب إلى هذه المحكمة، وأن يثبت أن مسألة الاختصاص حتى هذا التاريخ قد طُرحت عليهما، وأن كلتيهما قد تمسكت تمسكاً جازماً باختصاصها في القضية الواحدة المطروحة عليهما، إذ كان ذلك وكانت الجمعية المدعية لم ترفق بطلبها الماثل ما يدل على أن الجهتين المدعي بتنازعهما على الاختصاص في الدعاوى المتبادلة بينها وبين الشركة المدعى عليها - وبفرض وحدة موضوعها - قد طُرحت عليهما أصلاً مسألة الاختصاص، وأن كلاً منهما قد تمسكت باختصاصها بها حتى تقوم حالة تنازع إيجابي على الاختصاص تستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، بما تكون معه الشروط الواجب توافرها لقيام حالة التنازع الإيجابي على الاختصاص قد تخلفت، وهو ما يوجب الحكم بعدم قبول الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.