الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 ديسمبر 2021

الطعن 205 لسنة 26 ق جلسة 28 / 12 / 1961 مكتب فني 12 ج 3 ق 144 ص 855

جلسة 28 من ديسمبر سنة 1961

برياسة السيد محمد متولي عتلم المستشار، وبحضور السادة: حسن خالد، ومحمود توفيق إسماعيل، وأحمد شمس الدين علي، ومحمد عبد اللطيف مرسي المستشارين.

--------------------

(144)
الطعن رقم 205 لسنة 26 القضائية

جمارك. "المعارضة في قرار اللجنة الجمركية". "ميعادها".
ميعاد المعارضة في قرار اللجنة الجمركية وفقاً للمادة 33 من اللائحة الجمركية هو خمسة عشر يوماً من تاريخ إرسال صورة القرار إلى الجهة الحكومية التي ينتمي إليها المحكوم إليه. لا يلزم لسريان هذا الميعاد إعلان المحكوم عليها بالقرار الصادر ضده. نص المادة 33 عام مطلق يسري حكمة سواء أكان المحكوم عليه محل إقامة معلوم أم لم يكن. قصر نص المادة 33 على الحالات التي يكون فيها المتهم مجهولاً أو ليس له محل إقامة معلوم. مخالفة ذلك للقانون.

--------------------
جرى قضاء محكمة النقض على أن ميعاد المعارضة في قرار اللجنة الجمركية - وفقاً للمادة 33 من اللائحة الجمركية - هو خمسة عشر يوماً تبدأ من تاريخ إرسال صورة القرار إلى الجهة الحكومية التي ينتمي إليها المحكوم عليه. ولا يلزم لسريان هذا الميعاد إعلان المحكوم عليها بالقرار الصادر ضده. فإذ لم ترفع المعارضة خلال الميعاد سالف الذكر أصبح القرار نهائياً. وقد أطلق الشارع نص المادة 33 المذكور وعممه على كل متهم صدر قرار ضده من اللجنة الجمركية سواء أكان له محل إقامة معلوم أم لم يكن. وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه قد قرر أن إرسال القرار إلى الجهة الحكومية التي ينتمي إليها المتهم لا يحدث أثره بالنسبة لسريان الميعاد المعارضة إلا إذا كان المتهم مجهولاً أو لم يكن له محل إقامة معلوم فإنه يكون قد خالف القانون (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون عليه أقام المعارضة رقم 232 سنة 1952 أمام محكمة القاهرة الابتدائية قائلاً إنه في شهر مايو سنة 1951 كان قد شحن كمية من العسل إلى ناحية مركز عنيبه وأن قومندان قسم سواحل أسوان استولي عليها وصدر قرار مصلحة الجمارك بمصادرتها باعتبارها مهربة وأنه لما أعلن بهذا القرار في شهر فبراير سنة 1952 عارض فيه بصحيفة معلنة لوكيل جمرك القاهرة في 7/ 2/ 1952 وطلب الحكم بإلغاء القرار المعارض فيه. ودفعت مصلحة الجمارك بعدم قبول المعارضة شكلاً لرفعها بعد الميعاد تأسيساً على أن القرار أرسل لمديرية أسوان في 9/ 1/ 1952 وكان يتعين على المعارض أن يرفع المعارضة في ظرف 15 يوماً من ذلك التاريخ عملاً بالمادة 33 من لائحة الجمارك أما وقد رفع المعارضة في 7/ 2/ 1952. فإنها تكون بعد الميعاد ومحكمة أول درجة أقرت هذا النظر وحكمت في 27/ 11/ 1952 بعدم قبول المعارضة شكلاً - استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف 42 سنة 70 أمام محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه وبتاريخ 18 من مارس سنة 1954 حكمت المحكمة الاستئنافية بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول المعارضة شكلاً لرفعها في الميعاد وبإعادة الملف إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوع المعارضة وأسست قضاءها هذا على أن إرسال صورة القرار إلى المديرية لا يحدث أثره فيما يختص بميعاد المعارضة إلا في الأحوال التي يكون فيها صاحب الشأن مجهولاً ولا يكون له محل إقامة معلوم فإذ كان لصاحب الشأن محل إقامة معلوم فإنه يتعين أن يصله القرار حتى يبدأ ميعاد المعارضة وقد نظرت محكمة أول درجة موضوع المعارضة وحكمت فيه في 16/ 4/ 1955 بإلغاء قرار اللجنة الجمركية المعارض فيه بكامل أجزائه واعتباره كأن لم يكن. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة (الاستئناف 591 سنة 72 ق تجاري)، وفي 20/ 12/ 1955 صدر الحكم بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف فطعنت الطاعنة بطريق النقض في هذا الحكم وفي الحكم الاستئنافي الصادر في 18 من مارس سنة 1954 القاضي بقبول المعارضة شكلاً وذلك بتقرير مؤرخ 19 من أبريل سنة 1956 وطلبت للأسباب الواردة به نقضهما، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 15 من نوفمبر سنة 1960 وبها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها وطلبت الإحالة لنقض الحكمين وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة نظر الطعن بجلسة 14/ 12/ 1961 وبها صممت النيابة على رأيها سالف الذكر.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه الأول الصادر في 18 مارس سنة 1954 قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه حين أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول معارضة المطعون عليه شكلاً على أن إرسال صورة القرار إلى المديرية لا يحدث أثره فيما يختص بميعاد المعارضة إلا في الأحوال التي يكون فيها صاحب الشأن مجهولاً أو لا يكون له محل إقامة معلوم فإن كان معروفاً أو له محل معلوم فإن الميعاد لا ينفتح إلا بوصول القرار إليه لأن جهة الإدارة ليست خصماً حتى يبدأ ميعاد المعارضة من تاريخ تسليم صورة القرار إليها - وهذا الذي قرره الحكم مخالف لنص المادة 33 من اللائحة الجمركية الذي يقضي بسريان ميعاد الطعن من تاريخ إرسال قرار اللجنة إلى جهة الإدارة.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المادة 33 من اللائحة الجمركية تنص في فقرتها الخامسة على أنه يجب أن ترسل صورة من قرار اللجنة الجمركية في يوم صدوره أو في اليوم التالي إلى السلطة القنصلية إذا كان المتهم أجنبياً أو إلى الحكومة المحلية إذا كان وطنياً ثم نصت في الفقرة السادسة منها على أنه "إذا لم يرفع المتهم معارضة ولم يعلنها للجمرك في مدة خمسة عشر يوماً من تاريخ إرسال صورة القرار إلى الحكومة المنتمي إليها يصبح القرار نهائياً ولا يقبل الطعن فيه بأي وجه من الوجوه" ومفاد هذا النص أن المشرع لم يستلزم إعلان صاحب الشأن بالقرار الصادر ضده ولم يشترط علمه به بل جعل من تاريخ إرسال هذا القرار إلى الجهة الحكومية التي ينتمي إليها المتهم بدء سريان الميعاد الذي حدده لرفع المعارضة فيه فإذا لم يرفعها في خلال هذه المدة أصبح القرار نهائياً وقد أطلق المشرع هذا النص وعممه على كل متهم صدر قرار ضده من اللجنة الجمركية له محل إقامة معلوم أو ليس له محل إقامة معلوم فقول الحكم المطعون فيه الصادر في الاستئناف 42 سنة 70 أن إرسال القرار إلى الجهة الحكومية التي ينتمي إليها المتهم لا يحدث أثره بالنسبة لسريان ميعاد إلا إذا كان المتهم مجهولاً أو لا يكون له محل إقامة معلوم، هذا القول مخالف للقانون إذ فيه تحديد تخصيص حيث قصد المشرع إلى الإطلاق والتعميم ومن ثم يتعين نقض هذا الحكم في قضائه بقبول المعارضة، ولما كان الحكم الثاني الصادر في الاستئناف 591 سنة 72 ق مؤسساً على الحكم الأول فإنه يتعين نقضه عملاً بالمادة 447 من قانون المرافعات.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه.
وحيث إن الثابت أن قرار اللجنة الجمركية الصادر ضد المطعون عليه قد أرسل إلى مديرية أسوان في 9 يناير سنة 1952 وأنه لم يعارض فيه إلا في 7 فبراير سنة 1952 أي بعد الميعاد المحدد قانوناً للمعارضة فإن المعارضة تكون غير مقبولة شكلاً ويتعين لذلك رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.


 (1) راجع نقض مدني 18/ 5/ 1961 في الطعن 318 سنة 26 ق (قاعدة رقم 75 بالعدد الثاني السنة الثانية عشرة من مجموعة المكتب الفني).

الطعن 25 لسنة 42 ق دستورية عليا "منازعة تنفيذ". جلسة 4 / 12 / 2021

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من ديسمبر سنة 2021م، الموافق التاسع والعشرين من ربيع الآخر سنة 1443 هـ.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 25 لسنة 42 قضائية "منازعة تنفيذ".

المقامة من
ورثة رمزي جندي عوض، وهم: 1- عمـــاد رمزي جندي 2- إيزيس بولس إقلاديـوس 3- حسـام رمزي جندي 4- عصام رمـزي جندي 5- إلهام رمزي جندي 6- وســام رمـزي جندي 7- سهام رمزي جندي 8- بسام رمـزي جندي
ضــد
1- رئيس الجمهوريـة 2- رئيس مجلس النواب 3- رئيس مجلس الشيوخ 4- وزير العـدل 5- محافــــظ المنيـــا 6- مدير عام إدارة الصيدلة بالمنيا

-----------------

" الإجراءات "

بتاريخ العاشر من أكتوبر سنة 2020، أودع المدعـون صحيفة هـذه الدعوى قلـم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم، أولاً: بقبول الطعن شكلاً. ثانيًــا: الأمـر بصفة مستعجلة، بوقف تنفيذ الحكم الصـادر في الطعن رقم 43952 لسنة 60 قضائية من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 5/9/2020. ثالثًــا: بعدم الاعتداد بذلك الحكم، والاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 8/5/2005، في الدعوى رقم 51 لسنة 24 قضائية "دستورية"، فيما قضى به من عدم دستورية نصى المادتين (30، 31) من قانون مزاولة مهنة الصيدلة. وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. ونظرت الدعوي على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

---------------
" المحكمــة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يتبين من صحيفة الدعــــوى وسائر الأوراق - في أن المدعين، آلت إليهم ملكية الصيدلية المبينة بالأوراق، بطريق الميراث عن والدهم. ونظرًا لأنه ليس من بينهم من يمتهن الصيدلة على النحو الذى توجبه المادة (31) من القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة، التي تلزم ورثة الصيدلي بالتصرف في الصيدلية، التي كان يملكها مورثهم، وذلك بعــد مــرور عشــر سنوات من الوفــاة، إذا لــم يكــن مــن بينهم صيدلــي. فقد أبرموا عقدًا صوريًّــا مؤرخًا 10/7/1977، مع الصيدلانية نجوى فوزى جندى. وأبرمــت الأخيــرة عقدًا صــوريًّــا بتاريــخ 29/7/2002، مع الصيدلي/ يحيى هنري مرقس، وعلى إثر ذلك نقـــل ترخيص الصيدلية باسمه. وعقب صدور الحكم في الدعوى رقم 51 لسنة 24 قضائية "دستورية"، بجلسة 8/5/2005، القاضي بعدم دستورية نصى المادتين (30, 31) من القانون رقم 127 لسنة 1955 المشار إليه المعدل بالقانونين رقمي 253 لسنة 1955, و44 لسنة 1982، فيما تضمناه من حظر تملك الصيدلي موظف الحكومة لصيدلية، وإلــزام الورثة بضرورة التصرف بالبيع في الصيدلية ولو كان من بينهم صيدلي يعمل بالحكومة، أقام المدعون الدعــوى رقــم 101 لسنة 2011 مدني كلي مغاغـة، بطلــــب الحكـم ببطـلان هــذيــن العقدين الصوريين المشار إليهما.
وبجلسة 28/6/2012، قضت المحكمة ببطلان هذين العقدين. فتقدم المدعون بطلب إلى الجهة الإدارية لإعادة ترخيص الصيدلية باسمهم، وإذ لم تجبهم لطلبهم، فقد أقاموا الدعوى رقم 6664 لسنة 2 قضائية بتاريخ 6/9/2012، أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنيا، بطلب الحكم بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن اتخاذ إجراءات إعادة الصيدلية بأسمائهم، نفاذًا للحكم الصادر من القضاء المدني. وبجلسة 29/4/2014، قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، مؤسسة قضاءها على صدور حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 51 لسنة 24 قضائية "دستورية" المار ذكره، وصدور الحكم ببطلان العقدين الصوريين المشار إليهما سلفًــا، مما يحق معه للمدعين نقل ترخيص الصيدلية باسمهم.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى المدعى عليهما الخامس والسادس - في الدعوى المعروضة- فطعنا عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، وقيد الطعن برقم 43953 لسنة 60 قضائية عليا، بطلب الحكم بإلغاء الحكم والقضاء مجددًا برفض الدعوى. وذلك تأسيسًــا على أن مناط الاستفادة من حكم المحكمة الدستورية الصادر في الدعوى رقم 51 لسنة 24 قضائية "دستورية"، يتحدد في قيام الورثة بإثبات أن أحدهم يمتهن الصيدلة حتى ولو كان يعمل بالحكومة.
وبجلسة 5/9/2020، قضت المحكمة بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى. وذلك تأسيسًــا على أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 51 لسنة 24 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية نصي المادتين (30، 31) من القانون رقم 127 سنة 1955 المشار إليه، فيما تضمناه من حظر تملك الصيدلي موظف الحكومة لصيدلية، وإلزام الورثة بضرورة التصرف بالبيع في الصيدلية، ولو كان من بينهم صيدلي يعمل بالحكومة. مؤداه: عدم جواز حرمان الصيدلي موظف الحكومة من تملك صيدلية، وعدم جواز حرمان ورثة الصيدلي من إدارة وتشغيل الصيدلية، متى كان أحدهم صيدليًّا ولو كان حكوميًّــا. ومن ثم فإن مناط الاستفادة من هذا القضاء أن يكون من بين الورثة صيدلي ولو كان حكوميًّــا، ولم يمتد القضاء بعدم الدستورية لكافة الأحكام الأخرى الواردة في نصي المادتين (30، 31) من القانون رقم 127 سنة 1955 المشار إليها.
وإذ ارتأى المدعون أن حكم المحكمة الإدارية العليا، السابق بيانه يُعد عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا، الصادر في الدعوى رقم 51 لسنة 24 قضائية "دستورية"، فيما تضمنه من عدم دستورية نص المادة (31) من القانون رقم 127 لسنة 1955 المشار إليه، وأن حيثيات هذا الحكم المتصلة بصون الملكية الخاصة، وحمايتها تنطبق على جميع الورثة، الذى يعتبر نص المادة (31) من هذا القانون قيدًا على حقهم في ملكية ما آل إليهم بطريق الميراث، وأن تفسير هذا القضاء بأنه يتعلق بحالة وجود صيدلي من العاملين بالحكومة من بين الورثة فقط، يعد إخلالاً بالمراكز القانونية الواحـدة لورثة الصيدلي. مما يكون معه ذلك الحكم عقبة تحول دون جريان آثار حكـم هـذه المحكمــة السالـف ذكـره، ومن ثم أقـام المدعـــون الدعـــوى المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قوامها أن التنفيذ لم يتم وفقًــا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل تبعًا لذلك، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم، تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعــة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها.
وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمـان فعاليته.
بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها كاملة، في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًــا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- قد حالت فعلاً أو من شأنها أن تحول دون تنفيذ أحكامها تنفيذًا صحيحًا مكتملاً، أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسناد هذه العوائق إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومـــة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتهـــا وموضوعها. ثالثها: أن منازعـــة التنفيــــذ لا تُعـد طريقًا للطعـــن في الأحكــام القضائيـة، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية - على ما استقر عليه قضاؤها - يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التى كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًــا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها. كما أن قوة الأمر المقضى لا تلحق سوى منطوق الحكم وما يتصل بهذا المنطوق من الأسباب اتصالاً حتميًّا لا تقوم له قائمة إلا بها.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا، كانت قد قضت بحكمها الصادر بجلسة 8/5/2005، في الدعوى رقم 51 لسنة 24 قضائية "دستورية": بعدم دستورية نصي المادتين (30، 31) من قانون مزاولة مهنة الصيدلة الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1955 المعدل بالقانونين رقمي 253 لسنة 1955، و44 لسنة 1982، فيما تضمناه من حظر تملك الصيدلي موظف الحكومة لصيدلية، وإلزام الورثة بضرورة التصرف بالبيع في الصيدلية، ولو كان من بينهم صيدلي يعمل بالحكومة. وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية في العدد 21 تابع بتاريخ 26/5/2005. وشيدت المحكمة قضاءها على أن نص المادة (31) من قانون مزاولة مهنة الصيدلة قد ألزم ورثة الصيدلى ببيع الصيدلية، التى آلت إليهم ميراثًــا، إلى صيدلى بعد انتهاء المهلة الممنوحة لهم بالرغم من أنه يوجد من بينهم من رخّص له بمزاولة مهنة الصيدلة، وذلك إعمالاً للحظر الوارد بنص المادة (30) من القانون ذاته، الــــذى لم يجز للصيدلى موظف الحكومة تملك صيدلية، فإنهما يكونان بذلك قد حالا بين الورثة وبين أموال دخلت الجانب الإيجابى لذمتهم المالية بطريق الميراث، الذى يُعد سببًــا مشروعًــا لكسب الملكية، مما ينحلّ اعتداء على حق الإرث، وافتئاتًا على الحماية الدستورية المقررة لحق الملكية، بالمخالفة لنص المادة (34) من الدستور.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 5/9/2020، في الطعن رقم 43952 لسنة 60 قضائية عليا، قد قضى بإلغاء حكم محكمة القضاء الإدارى بالمنيا الصادر بجلسة 29/4/2014، في الدعوى رقم 6664 لسنة 2 قضائية، والقضاء مجددًا برفض الدعوى. وتأسس هذا القضاء على أن إنفاذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 101 لسنة 2011 مدني كلي مغاغة، ببطلان عقدي البيع الصوريين، المحرر أحدهما من المدعين، عن الصيدلية محل التداعي، بعد وفاة مورثهم، ونقل ترخيص تلك الصيدلية إليهم، يستلزم أن يكون من بينهم صيدلي، ولو كان يعمل بالحكومة. وأن الأوراق قد جاءت خلوًا مما يفيد أن من بينهم صيدلي، سواء من العاملين بالحكومة أم من غير العاملين بها.
وأن قرار الجهة الإدارية برفض نقل ترخيص الصيدلية، بأسماء هؤلاء الورثة - في ضوء ذلك- يكون قائمًــا على صحيح حكم القانون. وكان هذا الحكم قد التزم قضاء المحكمة الدستورية العليا المتقدم، الذي يقتصر نطاق الحجية المطلقة الثابتة له، على النطاق المطروح عليها في الدعوى رقم 51 لسنة 24 قضائية "دستورية" المشار إليه، الذي يتحدد فيما نصت عليه المادة (30) من قانـون مزاولة مهنة الصيدلة، من عدم جواز أن يكون الصيدلي موظفًــا حكوميًــا، وما ألزمت به المادة (31) الورثة من بيع الصيدلية التي آلت إليهم، بعد وفاة مورثهم، إلى صيدلي، حتى لا تغلق إداريًــا بعد انتهاء المهلة التي منحتها لهم.
الأمر الذى انتهت معه المحكمة، في شأن هذين النصين بجلسة 8/5/2005، إلى القضاء بعدم دستوريتهما فيما تضمناه من حظر تملك الصيدلى، موظف الحكومة، لصيدلية، وإلزام الورثة بضرورة التصرف بالبيع في الصيدلية، ولو كان من بينهم صيدلي يعمل بالحكومة. ومن ثم لا يكون هذا الحكم مصادمًــا لحكم المحكمة الدستورية العليا المشــار إليــه، ولا يشكــل عقبــة في تنفيذه. مما تنحل معه المنازعة المعروضة، والحال كذلك، إلى طعن في حكم المحكمة الإدارية العليا المشار إليه، وهــــو ما لا يستنهض ولايـة هــــذه المحكمة للفصــــل فيــــه، إذ لا تُعد منازعة التنفيذ طريقًــا للطعن في الأحكام القضائية، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
وحيث إنه عن طلب المدعين وقف تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا المشار إليه، فإنه يعد فرعًــا من أصل النزاع، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فإن قيامها بمباشرة اختصاص البت في طلــب وقف التنفيذ - طبقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - يكون قد بات غير ذى موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعين المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 40 لسنة 23 ق دستورية عليا "دستورية".جلسة 4 / 12 / 2021

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع مــــن ديسمبر سنة 2021م، الموافق التاسع والعشرين من ربيع الآخر سنة 1443 هـ.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 40 لسنة 23 قضائية "دستورية".

المقامة من
شركة النصر للكيماويات الدوائية
ضد
1- رئيس الجمهوريـة 2- رئيس مجلس الـوزراء 3- رئيس مجلس الشعـب (مجلس النواب حاليًـــا) 4- وزير العـــدل 5- وزير الدفـاع 6- إبراهيم عيد الجليل محمد

--------------

" الإجراءات "

بتاريخ الثامن عشر من مارس سنة 2001، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا؛ طالبة الحكم بعدم دستورية نص المادة (66) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 234 لسنة 1959 في شأن خدمة الضباط الاحتياط بالقوات المسلحة، المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1971، فيما تضمنه من حكم سلبى بعدم مراعاة قيد الزميل. وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أولا: بعدم قبول الدعوى فيما جاوز التعديل الوارد بالمادة الثانية من القانون رقم 10 لسنة 1971، لانعدام المصلحة. ثانيًــا: برفض الدعوى. وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 9/ 10/ 2021، وفيها قدمت الشركة المدعية مذكرة، كما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، صمم فيها كل منهما على طلباته، فقررت المحكمة بالجلسة ذاتها إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم.
-------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وســــائر الأوراق - في أن المدعى عليه السادس كان قد أقام الدعوى رقم 1323 لسنة 1998 عمال كلى، أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، ضد الشركة المدعية، طالبًا الحكم بأحقيته في ضم كامل مدة الاستدعاء كضابط احتياط بالقوات المسلحة إلى مدة خدمته بالشركة، وإرجاع أقدميته بالدرجة الثالثة بمقدارها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وصرف كافة مستحقاته المالية المترتبة على ذلك. قولاً منه إنه التحق بالعمل بالشركة المدعية بموجب عقد عمل مؤقت مؤرخ 2/ 4/ 1990، إلى أن عُين فيها بوظيفة محاسب ثالث بتاريخ 1/ 1/ 1991. وقد سبق له أن أدى الخدمة العسكرية الإلزامية كمُلازم مُجند، خلال الفترة من 1/ 7/ 1987 حتى 1/ 9/ 1988، ثم استدعى كضابط احتياط، خلال الفترة من 1/ 9/ 1988 حتى 31/ 12/ 1989، وأنه طلب ضم هاتين المدتين إلى مدة خدمته بالشركة، فاستجابت لطلب ضم مدة خدمته العسكرية الإلزامية، دون مدة الاستدعاء كضابط احتياط، على سند من وجود زميل له في التخرج، معين بالشركة، يقيد ضم تلك المدة.
وبجلسة 27/ 2/ 1999، قضت المحكمة بعدم اختصاصها محليًـّـا بنظر الدعوى، وإحالتها الى محكمة بنها الابتدائية، ونفاذًا لذلك قُيدت الدعوى برقم 708 لسنة 1999 مدنى كلى حكومة بنها، وأثناء نظر الدعوى بجلسـة 15/ 1/ 2001، دفع الحاضر عن الشركة بعدم دستورية نص المادة (66) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 234 لسنة 1959 في شأن خدمة الضباط الاحتياط بالقوات المسلحة، المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1971، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، أجلت نظر الدعوى لجلسة 2/ 4/ 2001، وصرحت للشركة باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فأقامت دعواها المعروضة .
وحيث إن المادة (66) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 234 لسنة 1959 في شأن خدمة الضباط الاحتياط بالقوات المسلحة، المعدل بالقانونين رقمي 132 لسنة 1964 و10 لسنة 1971، تنص في فقرتيها الأولى والثانية على أنه " تُضم لضباط الاحتياط في الوظائف العامة مدد الاستدعاء للخدمة بالقوات المسلحة السابقة على التعيين في تلك الوظائف. وتدخل هذه المدد في الاعتبار سواءً عند تحديد أقدميتهم أو تقدير راتبهم". وتنص الفقرة الأخيرة من هذه المادة على أنه " وإذا كان التعيين في وظائف القطاع العام فتعتبر فترة الاستدعاء مدة خبرة وتحسب في أقدمية الفئة التى يعينون فيها ".
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في الدعوى الدستورية مؤثرًا في الطلبات المرتبطة بهــــا، المطروحــــة على محكمة الموضــــوع. متى كان ذلك، وكانت الشركة المدعية في تاريخ تعيين المدعى عليه السادس في 1/ 1/ 1991، خاضعة لإشراف هيئة القطاع العام وشركاته الصادر في شأنها القانون رقم 97 لسنة 1983، بحسبانها إحدى شركات القطاع العام، ثم أضحت شركة من شركات قطاع الأعمال العام، بموجب أحكام المادة الثانية من مواد إصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام رقـم 203 لسنة 1991 ، المعمول بأحكامه اعتبارًا مــــن 20 يوليو سنة 1991. وكانت رحى النزاع الموضوعي تدور حول طلب المدعى عليه السادس - باعتباره أحد العاملين بتلك الشركة - ضم مدة الاستدعاء كضابط احتياط بالقوات المسلحة، إلى مدة خدمته بالشركة، وما يترتب على ذلك من آثار، واعتبارها مدة خبرة تحسب كاملة في أقدمية الفئة التي عُين فيها. وكان المشرع قد كفل أصل الحق في ضم تلك المدة، بموجب نص الفقرة الأخيرة من المادة (66) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 234 لسنة 1959 المشار إليه، ومن ثم فإن حسم المسألة الدستورية المثارة بشأن هذا النص، سيكون ذا أثر مباشر وانعكاس أكيد على الدعوى الموضوعية، والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها، الأمر الذى تتوافر معه للشركة المدعية مصلحة في الطعن على دستورية نص تلك الفقرة. ويتحدد نطاق الدعوى المعروضة فيما تضمنه هذا النص من إطلاق حساب مدة استدعاء الضباط الاحتياط العاملين بالقطاع العام، كاملة في أقدمية الفئة التى يعينون فيها، دون تقييدها بألا تجاوز أقدمية زملائهم في التخرج، المعينين في الجهة ذاتها، ولا يستطيل إلى غير ذلك من أحكام تلك المادة.
وحيث إن الشركة المدعية تنعى على النص التشريعي المطعون عليه - في النطاق المحدد سلفًا - مخالفته لنصوص المواد (30، 32، 33، 34، 40) من دستور 1971، وتقابلها نصوص المواد (4، 12، 33، 34، 35، 53، 92) من دستور 2014، وذلك بما أقامه من تمييز غير مبرر بين ضم مدة الخدمة العسكرية للجندي المجند، بمراعاة ألا يسبق زميله في التخرج المعين معه في الجهة ذاتها، على النحو الوارد في نص المادة (44) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980، وضم مدة استدعاء ضابط الاحتياط السابقة على تعيينه، واعتبارهــا - بموجب نص المادة (66) محــــل الطعــن - مدة خبرة تُحسب كاملة في أقدمية الفئة التى يعين فيها، دون إعمال قيد الزميل، بما يتضمن إهدارًا لمبدأ المساواة، وتقويضًا للحقوق الوظيفية لزميل التخرج المعين بالجهة ذاتها، وينعكس سلبًـــا على ذمته المالية، وينتقص من حقه في ملكيته الخاصة، فضلًا عن كونه سيؤدى إلى إثراء الجانب الإيجابى للذمة المالية للمخاطبين بحكمه، بما يستحقونه من علاوات وزيادة في الأجور، الأمر الذى ينتقص من الملكية العامة، بحسبان أموال الشركة المدعية من قبيل الأموال العامة.
وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، بحسبانه مستودع القيم التى يجب أن تقوم عليها الجماعة، وتعبيرًا عن إرادة الشعب منذ صدوره، ذلك أن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليهـا النظام العـام في المجتمـع، وتشكل أسمى القواعــد الآمرة التي تعلو على ما دونها من تشريعات، ومن ثم يتعين التزامها، ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من تشريعات - أيًّــا كان تاريخ العمل بها - لضمان اتساقها والمفاهيم التى أتــــى بها، فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينهـا بين نظـــم مختلفــة يناقض بعضها بعضًا، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التى تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية. متى كان ذلك، وكانت المطاعن التى وجهتها الشركة المدعية للنص المطعون عليه - في النطاق السالف تحديده - تندرج، تحت المطاعن الموضوعية التى تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعى لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي، ومن ثم، فإن المحكمة تباشر رقابتها القضائية على النص المطعون عليه، الذى مازال قائمًا ومعمولاً بأحكامه، في ضوء أحكام دستور سنة 2014، باعتباره الوثيقة الدستورية السارية.
وحيث إن الدستور الحالى قد اعتمد بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأى العدل وتكافؤ الفرص، أساسًــا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، في الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهـــم لأى سبب، إلا أن ذلك لا يعنى - وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لنصى المادتين (4، 53) من الدستور، بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبهما هو ذلك الذى يكون تحكميًّا.
وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التى يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص المطعون عليه - بما انطوى عليه مـــن تمييز - مصادمًا لهذه الأغراض بحيث يستحيل منطقًا ربطه بها أو اعتباره مدخلاً إليها فإن التمييز يكون تحكميًّا وغير مستند بالتالى إلى أسس موضوعية، ومن ثم مجافيًا لمبدأ المساواة.
وحيث إنه باستقراء القوانين المتعاقبة المُنظمة لشئون خدمة الضُباط الاحتياط بالقوات المسلحة - بدءًا من القانون رقم 472 لسنة 1955 في شأن أقدمية ضـــباط الاحتياط ، وانتهاءً بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 234 لسنة 1959 في شأن قواعد خدمة الضباط الاحتياط بالقوات المُسلحة، السارى حاليًا، وما طرأ عليه من تعديلات كان آخرها القانون رقم 10 لسنة 1971 المشار إليه - يبدو جليًــا أن ضباط الاحتياط بالقوات المسلحة نخبة منتقاة من خيرة شباب مصر، تمثل أحد الركائز الفاعلة في منظومة الكفاءة القتالية للقوات المسلحة، يجرى اختيارها بدقة وعناية من بين المُجندين ذوى المؤهلات العليا، ويتمتعون بالكفاءة العلمية والثقافية والبدنية ، ويلتحقون فور تجنيدهم بكلية الضباط الاحتياط، لمدة ستة أشهر، بغية تأهيلهم علميًا وعسكريًــا وإكسابهم أعلى مستوى من الانضباط والالتزام والوطنية والكفاءة القتالية وتحمل مسئولية القيادة. ويحصل ضابط الاحتياط عقب تخرجه على رتبة ملازم مجند لمدة ثمانية أشهر، حتى تاريخ إتمامه مدة الخدمة العسكرية الإلزامية المقررة وفقًا لأحكام قانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980، ليُرقى عقب ذلك إلى رتبة الملازم أول احتياط، لمدة ستة عشر شهرًا - فترة استدعاء - ويُمكن مد فترة الخدمة لمدة سنة قابلة للتجديد لمدد أخرى بناء على احتياجات شئون ضباط القوات المسلحة، ووقتئذ تكون رتب ضابط الاحتياط مماثلة لرتب الضابط العامل بالقوات المسلحة، مع إضافة كلمة "احتياط" بعد الرتبة مباشرة، وليستطيل الأمر إلى حد معاملة ضباط الاحتياط، أثناء فترة استدعائهم، معاملة نظرائهم من الضباط العاملين بالقوات المسلحة، وذلك بالنسبة للعديد من الحقوق والمزايا المادية والمعنوية . وحيث إنه عن النعى بمخالفة النص المطعون عليه - في النطاق السالف تحديده - مبدأ المساواة، فمردود أولاً: بأن ضابط الاحتياط المجند، يُعد طوال مُدة الخدمة العسكرية الإلزامية، بما فيها مدة الاستبقاء (إن وُجدت)، في ذات المركز القانونى لقرينه المُجند (كجُندى)، لكون أساس إلزامهما بالخدمة العسكرية، مرده قانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980، وعليه فإن ضم مُدة الخدمة العسكرية الإلزامية له، بما فيها مدة الاستبقاء، في أقدميته، تُنظمها الأحكام الواردة بنص المادة (44) من القانون المار ذكره، بما استلزمته من وجوب قيد هذا الضم بقيد الزميل. وهو أمر يغاير حكم النص المطعون فيه - الفقرة الأخيرة من المادة (66) من القانون رقم 234 لسنة 1959 في شأن خدمة ضباط الاحتياط بالقوات المسلحة - كونه يُعالج حالة وجوب ضم مدد استدعاء ضابط الاحتياط، السابقة على التعيين في الوظائف التى حددها ذلك النص، بموجب قواعد تشريعية خاصة تستلزم حسابها كاملة في أقدميته، لتستقل بذلك عما عداها من مدد الخدمة العسكرية الأخرى أو مدة الخدمة العامة، التى قضاها زميله المعين معه في الجهة ذاتها. وقد أفصحت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 234 لسنة 1959 المار ذكره، عن الأهداف التى تغياها المشرع بالتنظيم في ذلك النص، بما يلى" أن المشرع استهدف العديد من المقاصد، أخصها، استكمال كل حوافز ارتفاع الروح المعنوية لضباط الاحتياط بمساواتهم بأقرانهم من الضباط العاملين والمكلفين في المزايا، وإفساح مجال الترقى أمامهم، وتوفير أوفى قدر من الضمانات لاطمئنان هؤلاء الضباط على مستقبلهم في وظائفهم المدنية، والحفاظ على الحقوق والمزايا المادية والأدبية التى يتمتع بها الضابط الاحتياط في وظيفته المدنية حتى يلبى الدعوة إلى الخدمة العسكرية بنفس مطمئنة راضية، ....، ونظرًا لأن استدعاء الضباط الاحتياط لا يتم- في غير حالات الاستدعاء للتدريب المنصوص عليها في المادة (12) من القانون رقم 234 لسنة 1959 المشار إليه - إلا في حالات الحرب والتعبئة والطوارئ. ونظرًا لأن هذه الحالات تعتبر حالات استثنائية تجتازها البلاد، ويجب أن يشارك في تحمل أعبائها كافة الجهات التى يُستدعى منها أفراد لخدمة القوات المسلحة ....، وأن بعض جهات القطاع العام لم تطبق نص المادة (66) - محل الطعن - على من يعين من الضباط الاحتياط، بدعوى أنهم ليسوا شاغلين لوظائف عامة، مما أثار شكوى هؤلاء الضباط، لذلك، وتحقيقًا للمساواة بين من يُعين من ضباط الاحتياط في وزارات الحكومة ومصالحها ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة، ومن يُعين منهم في المؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها، فقد رُؤى إضافة فقرة جديدة إلى المادة (66) تقضى باعتبار فترة الاستدعاء لضباط الاحتياط السابقة على تعيينهم في القطاع العام مدة خبرة وتُحسب في أقدمية الفئة التى يعينون فيها". متى كان ذلك، وكان المركز القانونى لضابط الاحتياط، وإن اتفق في بعض معطياته مع المركز القانونى لأقرانه زملاء التخرج المعينين معه في الجهــــة ذاتهــــا، فإنــــه يختلف في العديد منهــــا، ومن ثم فإن المغايرة في بعض الأحكام القانونية بينهما - طالما اتفقت مع الغرض من تقريرها بما قد يترتب عليها من مفارقة في شأن ضم مدة الاستدعاء كاملة - تغدو مبررة من زاوية دستورية، مهما بدت بعيدة حسابيًا عن الكمال. فضلًا عن أن مشروعية الأهداف التى تغياها المشرع في التنظيم التشريعى المطعون فيه، تعكس إطارًا لمصلحة جوهرية لها اعتبارها يقوم عليها هذا التنظيم، حيث اتخذ المشرع من القواعد القانونية التى تضمنها مدخلاً لها، فاتصل التنظيم الذى أقره، وحواه هذا النص بأهدافه، وارتبط بها برابطة منطقية وعقلية، ليكون كافلاً تحقيقها، بما ينفى عن هذا النص قالة انطوائه على تمييز تحكمي، فضلاً عن ارتكانه إلى أسس موضوعية تبرره، بما لا إخلال فيه بمبدأى تكافؤ الفرص والمساواة، اللذين حرص الدستور على كفالتهما بنصوص المواد (4، 9، 53) منه . ومردود ثانيًا: بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه في الدائرة التى يُجيز فيهـــا الدستور للمشـــرع أن يُباشـــر سلطته التقديريـــة لمواجهـــة مقتضيـــات الواقـع، وهى الدائرة التى تقع بين حَدّى الوجوب والنهى الدستوريين، فإن الاختلاف بين الأحكام التشريعية المتعاقبة التى تنظم موضوعًــا واحدًا، تعبيرًا عن تغير الواقع عبر المراحل الزمنية المختلفة، لا يُعد إخلالاً بمبدأ المساواة، الذى يستقى أحد أهم مقوماته من وحدة المرحلة الزمنية التى يُطبق خلالها النص القانونى الخاضع لضوابط هذا المبدأ، فإذا تباينت النصوص التشريعية في معالجتها لموضوع واحد، وكان كل منها قد طبق في مرحلة زمنية مختلفة، فإن ذلك لا يُعد بذاته إخلالاً بمبدأ المساواة، وإلا تحول هذا المبدأ من ضابط لتحقيق العدالة إلى سد حائل دون التطور التشريعى. متى كان ذلك، وكان مقتضى نصوص القوانين المنظمة للخدمة العسكرية والوطنية- بدءًا بالقانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية وتعديلاته، وانتهاءً بالقانون رقم 127 لسنة 1980 المعدل بالقانون رقم 152 لسنة 2009 - أن الأصل هو ضم مدة الخدمة العسكرية كاملة إلى مدة خدمة العامل المدنية، لئلا يكون تكليف المواطن بأداء واجـب الدفـاع عـن الوطـن وحماية أرضه، سببًا في الإضرار به أو المساس بحقوقـه أو الانتقاص منها، ويقع على عاتق المشرع التزامًا دستوريًا بكفالة تحقيق ذلكغير أن هذا الأصل لم يـــرد على إطلاقه، بل أورد المشــــرع عليه قيدًا، مؤداه: ألا يسبق المجند زميله في التخرج الذي عين في الجهة ذاتهـــا، ليسرى هذا القيد في نطاق الأغراض التى وضع من أجلها دون توسع فـي تفسيره باعتباره استثناءً من ذلك الأصل. وفى مرحلة زمنية لاحقة عدل المشرع عن هذا الاستثناء، وغاير من سياسته التشريعية تجاه ضوابط ضم مدد الخدمة العـسكرية، بموجـب التعـدیل الـذى أدخلـه علـى المادة (٤٤) مــن قانون الخدمة العسكرية والوطنيـة، بموجب القــانون رقــم ١٥٢ لــسنة ٢٠٠٩، واستبعد ذلك القیـد، وأسقطه مـن أحكامها، وارتد إلى الأصل بإطلاقه ضم تلك المدة كاملة إلى الأقدمية في الوظيفة المدنية، تعبيرًا عن تغير الواقع عبر مراحله الزمنية المختلفة، واستجابة لمقتضيات الحال، ليضحى هذا التنظيم هو الوسيلة المناسبة لحماية الأغراض والأهداف المشروعة التى قصد المشرع بلوغها من إقراره، والكافلة لتحقيقها، وترتبط بها برابطة منطقية، باعتبارها مدخلًا لها. وبهذه المثابة يكون الارتداد للأصل بموجب التنظيم الجديد الذى أقامه القانون رقم 152 لسنة 2009 الآنف البيان، قد جاء متسقًا مع أحكام النص المطعون فيه، ودونما تمييز أو تفرقة بين أن تضم لضابط الاحتياط مدة الاستدعاء للخدمة العسكرية، وبين ضم مدة الخدمة العسكرية الإلزامية لزميله المعين معه في الجهة ذاتها، وبما لا مخالفة فيه لمبدأ المساواة.
وحيث إنه عن النعى بإخلال النص المطعون عليه - في النطاق السالف تحديده - بحق العمل، فإنه مردود: بأن الحق في العمل، مكفول بنص المادة (12) من الدستور، لصالح المواطنين، ومراكزهم القانونية بشأنه محمية ومصونة، حماية لحقوقهم الشخصية المكتسبة، وهذه المصالح وتلك الحقوق إذا تعارضت مع مصالح وطنية عليا، تتصل بحماية البلاد، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، فلا يكون من مندوحة عن تسامى الصالح الوطنى العام، على ما هو دونه من صوالح شخصية أو فردية، ذلك أن الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق هو إطلاقها، باعتبار أن جوهرها تلك المفاضلة التى يجريها بين البدائل المختلفة التى تتصل بالموضوع محل التنظيم التشريعى، موازنًــا بينها، مرجحًــا ما يراه أنسبها لفحواه، وأحراها بتحقيق الأغراض التى يتوخاها، وأكفلها لأكثر المصالح ثقلاً في مجال إنفاذها.
متى كان ذلك، وكان استدعاء ضابط الاحتياط للخدمة بالقوات المُسلحة- المُقرر بمُقتضى النص محل الطعن- هو أمرًا إلزاميًّا، يقع على عاتق ضابط الاحتياط عبء الانصياع له، تلبية منه لنداء الواجب الوطنى، ويُحظر عليه أن يتخلف عنه، إلا لعُذرٍ مشروع، تقبله الجهة المُختصة. وهذا الالتزام ليس التزامًا تشريعيًا- فحسب- بل إنه التزام دُستورى يستقى روافده من المادة (86) من الدُستور ذاته. وانطلاقًا من هذه المسئولية الوطنية، حظر المُشرع الترخيص لضابط الاحتياط- سواء في فترات استدعائه أو في غيرها- مُغادرة البلاد، إلا بعد الحصول على إذن من الجهة المُختصة، على نحو ما نصت عليه المادة (19) من القرار بقانون رقم 234 لسنة 1959 السالف الذكر، بما مؤداه أن ضابط الاحتياط، طوال مُدة الاحتياط، رهن الاستدعاء للخدمة بالقوات المُسلحة في أى وقت تشاء، الأمر الذى يغدو معه تقدير المشرع، جبر الضُر الذى مس ضابط الاحتياط المُستدعى، لقاء تلبيته الواجب الوطنى المقدس، وتقديمه على مصلحته الشخصية، من خلال تقرير حق له في ضم مدة استدعائه، إلى أقدميته في الوظيفة المدنية، يجد مبرراته فيما يُداخله من تضامن والتزام مجتمعى مقابل ما يقع على عاتق أبناء هذا الوطن جميعًا، مبناه تحمل جزء يسير من الأعباء التى يفرضها واجب حماية الوطن والدفاع عن حدوده وأراضيه، وتأمين مصالحه العليا. فضلًا عن مفارقة البُعد المصلحى المرنو إليه تشريعيًــا، بالنسبة لضم مدد الخبرة العملية طبقًا لأحكام المادة (23) من قانون العاملين بالقطاع العام، عنه في ضم مدد الاستدعاء لضابط الاحتياط، حيث استهدف المشــرع في الحالـة الأولى، صالح العمـل أو الوظيفة التي يتم التعيين عليها، إذا توفرت للمُعين خبرات إضافية تفوق أقرانه المعينين معه في التاريخ ذاته، تفيد الوظيفة وبيئة العمل، فتُضم هذه المدة، بمراعاة قيد الزميل، حماية لمصلحة الأخير. أما في الحالة الثانية فمحلها ضم مدة خدمة الاستدعاء لضابط الاحتياط، بما يكفل له الطمأنينة حتى ينصرف لأداء رسالته وواجبه الوطنى المقدس على أكمل وجه. ومن ثم، فإن القواعد في الحالة الأولى لها نطاق تطبيقها الخاص بها، فلا يجوز الخلط بينها وبين القواعد الخاصة بحساب مدة الخدمة العسكرية الإلزامية أو مدة استدعاء ضباط الاحتياط، وغاية الأمر أن أحكام النص المطعون فيه لم يقصد منها إيثار ضباط الاحتياط بمعاملة استثنائية يختصون بها علوًا على غيرهم، بل ربط تلك الميزة التفضيلية بأعباء توازنها، رفعًا لضُر مسهم، وبثًـــا للطمأنينة في نفوسهم، ومن ثم جاء مُحققًا بتلك الوسيلة نوع من التوازن بين من يتحملون عبء التكليف بأداء ذلك الواجب الوطنى، وبين غيرهم ممن لم يكلف بهذا العبء، بما يحول دون أن تقــــع تأديــــة الفئة الأولــــى لتلك المُهمــــة القوميــــة، عُدوانًا عليهــــم أو مساسًا بحقوقهم الوظيفية على نحو يؤدى لضياعها أو الانتقاص منها، خاصة أن تخليهم عن عملهم، وحرمانهم من اكتساب الخبرة الفعلية بالوظائف التى يشغلونها، ليس مرجعه إرادتهم، بل تلبية منهم لنداء الواجب المُقدس، الذى لا يُقارنه عمل مهما بلغت قيمته وأهميته في هذا المجال. وترتيبًــا على ما تقدم، وقد جاء النص المطعون فيه مُحققًا للغايات والاعتبارات الدُستورية السالفة الذكر، فإن قالة إخلاله بمقتضيات حق العمل بالمخالفة لنص المادة (12) من الدستور، تكون فاقدة لسندها، جديرة بالالتفات عنها.
وحيث إنه عن النعى بإخلال النص المطعون عليه - في النطاق السالف تحديده - بالحماية المقررة للملكية الخاصة، فمردود بأن الملكية الخاصة وإن كفل الدستور دورها - في المادتين (33 و35) منه - ولم يجز المساس بها إلا استثناء، وأحاطها بما قدره ضروريًا لصونها ووقايتها من تعرض الأغيار لها سواء بنقضها أو انتقاصها من أطرافها، فإن تلك الملكية في إطار النظم الوضعية التى تزاوج بين الفردية وتدخل الدولة، لم تعد حقًــا مطلقًــا، ولا هى عصية على التنظيم التشريعي، وليس لها من الحماية ما يجاوز الانتفاع المشروع بعناصرها، بل يتعين أن يكون تنظيمها كاشفًــا عن وظيفتها الاجتماعية، ودائرًا حول طبيعة الأموال محلها، والأغراض التى ينبغي رصدها عليها على ضوء واقع اجتماعي معين في بيئة بذاتها لها مقوماتها.
متى كان ذلك، وكان التنظيم التشريعي للنص المطعون فيه، وإن كانت آثاره ترتب إثراءً في الجانب الإيجابي للذمة المالية للمُخاطبين بحكمه، بحساب فترة استدعائهم للخدمة بالقوات المُسلحة في أقدميتهم، وهو ما يرتب تعديلاً في الأجور والعلاوات التي يستحقونها لقاء ذلك، فإن هذه الآثار المالية قد انحصر محلها على فئة بعينها، هي ضباط الاحتياط العاملين في وظائف القطاع العام، دون أن يكون قِوامها الانتقاص من الذمة المالية لزميله المعين في الجهة ذاتها، ومن ثم فإن قالة مخالفة النص المطعون فيه لأحكام المادتين (33، 35) من الدستور تكون فاقدة لسندها، جديرة بالرفض.
وحيث إنه عن النعي بإخلال النص المطعون فيه بالحماية المقررة للملكية العامة، فمردود بأنه فضلاً عن أن المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المشتمل على النص المطعون فيه أوضحت بأن " استدعاء ضباط الاحتياط لا يتم إلا في حالات الحرب والتعبئة العامة والطوارئ "، وهى حالات تتعلق بالحفاظ على كيان الدولة ذاته، وأمنها واستقرارها، وسلامة مواطنيها، الذى يُبذل من أجله كل مرتخصٍ وغالٍ، فإن التنظيم التشريعي الـوارد بذلك النص لم يتطـرق - من قريب أو بعيد - إلى الملكية العامة، وإذ لم يؤد ذلك النص محل الطعن إلى سلب أو منع حقوقٍ تتصل بصون هذه الملكية التي كفل الدستور حمايتها ودعمها بموجب نصى المادتين (33، 34) منه، فمن ثم فإن هذا النعى لا يُصادف أيضًا محلاً، ويضحى جديرًا بالرفض.
وحيث إن النص المطعون عليه - في النطاق المتقدم - لا يُخالف أى نص آخر من نصوص الدستور، فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 78 لسنة 40 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 4 / 12 / 2021

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من ديسمبر سنة 2021م، الموافق التاسع والعشرين من ربيع الآخر سنة 1443 هـ.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد / محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 78 لسنة 40 قضائية "دستورية" بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري بطنطا، بحكمها الصادر بجلسة 22/ 1/ 2018، ملف الدعوى رقم 11710 لسنة 21 قضائية.

المقامة من
أحمد أبو العزم أبو المعاطي يونس
ضد
1- وزير الداخلية 2- مساعد الوزير لشئون المجالس الطبية لهيئة الشرطة بوزارة الداخلية - رئيس المجالس الطبية بهيئة الشرطة

--------------

" الإجراءات "
بتاريخ الثاني والعشرين من يوليه سنة 2018، ورد إلي قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 11710 لسنة 21 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري بطنطا، بجلسة 22/ 1/ 2018، بوقف الدعوى، وإحالة الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستورية نص المادة (36) من قانون هيئة الشرطة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971، فيما لم يتضمنه من منح الضابط، ومن تسرى بشأنهم الأحكام ذاتها، الذى يصاب بأحد الأمراض المزمنة إجـازة استثنائية بأجر كامل إلى أن يشفى أو تستقر حالته استقرارًا يمكنه مـن العودة إلى العمل، أو يتبين عجزه كاملًا، وفى هذه الحالة الأخيرة يظل العامل في إجازة مرضية بأجر كامل حتى بلوغه سن الإحالة إلى المعاش.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوي، واحتياطيًّا: برفضها. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
------------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصـل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق- في أن المدعى كان يعمل بوظيفة " مساعد أول " بالإدارة العامة لرئاسة قوات الأمن المركزى، قطاع طنطا، التابع للإدارة العامة لوسط الدلتا، بوزارة الداخلية. وإزاء إصابته بمرض مزمن في القلب، وإجرائه عددًا من العمليات الجراحية، فقد تمت مناظرة حالته أمام لجنة العجز بالمجلس الطبي بهيئة الشرطة بتاريخ 30/ 1/ 2005، وأصدرت قرارها بإصابته بعجز جزئي مرضي مستديم يتعارض مع وظيفته العسكرية.
وبتاريخ 3/ 3/ 2005، قـدم المدعى إقرار برغبته في إنهاء خدمته لظروفه الصحية، وأُجرى معه تحقيق إداري في التاريخ ذاته، أقر فيه بهذه الرغبة، وأنه لن يعدل عنها في حالة صدور قرار بإنهاء خدمته. وبناء عليه، صدر القرار رقم 810 بتاريخ 2005 بإنهاء خدمته اعتبارًا من 2/ 7/ 2005، لعدم اللياقة الطبية. وبتاريخ 16/ 1/ 2012، أقام المدعى الدعوى رقم 2001 لسنة 40 قضائية، أمام المحكمة الإدارية لمحافظة الغربية، ضد المدعى عليهما، طالبًا الحكم بتعويضه بمبلغ أربعين ألف جنيه عما أصابه من أضرار مادية وأدبية جراء صدور قرار إنهاء خدمته. وبجلسة 22/ 1/ 2014، قضت المحكمة بعدم اختصاصها نوعيًا بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بطنطا للاختصاص، فأحيلت إليها الدعوى، وقيدت بجدولها برقم 11710 لسنة 21 قضائية، وبجلسة 22/ 1/ 2018، تراءى لتلك المحكمة عدم دستورية نص المادة (36) من قانون هيئة الشرطة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971، فقررت، وقف الدعوى، وإحالة الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستورية هذا النص، فيما لم يتضمنه من منح الضابطـ، ومن تسرى بشأنهم الأحكام ذاتها، الذى يصاب بأحد الأمراض المزمنة إجازة استثنائية بأجر كامل إلى أن يشفى أو تستقر حالته استقرارًا يَمكّنه من العودة إلى العمل أو يتبين عجزه كاملاً، وفى الحالة الأخيرة يظل العامل في إجازة مرضية بأجر كامل حتى بلوغه سن الإحالة إلى المعاش.
وحيث إن المحكمة المحيلة قد ارتأت مخالفة نص المادة (36) من القانون رقم 109 لسنة 1971 المشار إليه لمبدأ المساواة أمام القانون؛ ذلك أن المشرع وإن استن بموجب هذا النص نظامًا قانونيًا خاصًا للإجازات المرضية لضباط وأفراد هيئة الشرطة، ووضع الحدود القصوى لما يحصل عليه المريض بمرض مزمن من إجازات وأجر وملحقاته، ونظم كذلك في المادة (71) من القانون ذاته إنهاء خدمة الضابط المريض لعدم اللياقة الصحية، مراعيًا في كل ذلك الطبيعة الخاصة للعمل بهيئة الشرطة، وما يحيط بها من مخاطر وصعاب تفوق ما يتعرض له العاملون المدنيون بالدولة؛ وهو ما كان يقتضى من المشرع أن يفرد لهؤلاء معاملة أكثر سخاءً، أو على الأقل أن يتبنى المعاملة ذاتها التى تسرى على العاملين المدنيين بالدولة، التى تسمح باستمرار الإجازة المرضية لأصحاب الأمراض المزمنة، بصفة استثنائية، وبأجر كامل، إلى أن يشفى المريض، أو تستقر حالته، استقرارًا يمكنه من العودة إلى العمل، أو إلى أن يتبين عجزه كاملاً، وفى هذه الحالة الأخيرة يظل العامل في إجازة مرضية بأجر كامل حتى بلوغه سن الإحالة إلى المعاش؛ وذلك لتماثل المراكز القانونية في مجال الرعاية الصحية بين العاملين المدنيين بالدولة، وضباط وأفراد هيئة الشرطة، المصابين بأمراض مزمنة، مما كان يستلزم أن تتقرر لهم معاملة قانونية متكافئة. فضلاً عن أن النص المحال جاء مخالفًا للالتزام الدستوري الملقى على عاتق الدولة بكفالة خدمات التأمين الاجتماعي والصحي، ذلك أن العامل المصاب بمرض مزمن يحتاج إلى رعاية كاملة، تقتضى شموله بمعاملة مالية تعينه على مواجهـة المرض، بعد أن عجز عن مباشرة العمل، وهو ما لم تكفله المادتان (36، 71) من القانون رقم 109 لسنة 1971 المشار إليه.
وحيث إن قانون هيئة الشرطة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971 ينص في المادة (36) منه على أنه " دون إخلال بأحكام القانون رقم 112 لسنة 1963 في شأن الأمراض المزمنة يستحق الضابط كل ثلاث سنوات خدمة إجازة مرضية تمنح بناء على قـــرار من الهيئة الطبية المختصة على الوجه الآتي : 1 - ثلاثة أشهر بمرتب كامل. 2 - ستة أشهر بثلاثة أرباع مرتب. وإذا استنفد الضابط الـذى يصاب بمرض يحتاج إلـى عـلاج طـويل إجـازته المرضية ذات المرتب الكامل ومتوفر إجازته السنوية على الوجـه المبين في المادة (35) مـن هـذا القانون، جـاز لوزير الداخلية أن يمنحه إجـازة خاصة بمرتب كامل المدة اللازمة لعلاجه بحيث لا تجاوز سنة واحدة كل ثلاث سنوات خدمة، وبعد أن يستنفد الضابط هـذه الإجـازة يستوفى إجازاته ذات المرتب المخفض على الوجه المبين أعلاه، ومع ذلك يجوز للوزير أن يقرر صرف المرتب بالكامل خلال هذه الإجازات في الحالات التى تستدعى فيها حالة المريض ذلك، علـى أن يصدر قرار في كل حالة على حدة، ويرجـع في تحديد أنواع الأمراض التى من هذا النوع إلى الهيئة الطبية المختصة. وللضابط الحق في طلب تحويل الإجازة المرضية إلى إجازة سنوية إذا كان له وفر منها يسمح بذلك. ولمساعد الوزير المختص ولرؤساء المصالح كل في حدود اختصاصه الترخيص في إجازات سنوية امتدادًا لإجازات مرضية. وعلى الضابط المريض إخطار الجهة التابع لها عن مرضه خلال 48 ساعة على الأكثر من تخلفه عن العمل.".
كما نصت المادة (71) من القانون المشار إليه على أن " تنتهى خدمة الضابط لأحد الأسباب الآتية: 1- ....... 2- ....... 3 - عدم اللياقة للخدمة صحيًا، وتثبت بقرار من الهيئة الطبية المختصة بناء على طلب الضابط أو الوزارة، ولا يجوز فصل الضابط لعدم اللياقة الصحية قبل نفاذ إجازته المرضية والسنوية، ما لـم يطلب هو نفسه الإحالة إلـى المعاش بدون انتظار انتهاء إجازته، وللمجلس الأعلـى للشرطـة أن يسوى معاشـه أو مكافأته وفقًا لحكم المادتين 70/ 1 أو 76/ 2، 3 أيهما أصلح للضابط ". ووفقًا لنص الفقرة الأولى من المادة (77) من هذا القانون تسرى أحكام المادتين (36 و71) على أفراد هيئة الشرطة، ومنهم مساعدي الشرطة.
وحيث إنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. والمحكمة الدستورية العليا - وحدها - هي التي تتحرى توافر المصلحة في الدعوى المعروضة عليها، للتثبت من شروط قبولها، وليس لجهة أخرى أن تنازعها في ذلك أو تحل محلها فيه، وليس هناك تلازم بين الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا، وتوافر المصلحة في الدعوى الدستورية، فالأولى لا تغنى عن الثانية، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النصوص التشريعية المحالة، التى تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستوريتها، انعكاس على الطلبات في النزاع الموضوعى، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكانت رحى النزاع في الدعوى الموضوعية تدور حول طلب المدعى تعويضه عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابته جراء صدور قرار بإنهاء خدمته لعدم اللياقة الصحية؛ وكان هذا القرار قد جاء مستندًا في إصداره إلى البند (3) من المادة (71) من القانون رقم 109 لسنة 1971 المشار إليه، التى تناولت ضوابط إنهاء الخدمة لعدم اللياقة الصحية، بعد ثبوتها بقرار من الهيئة الطبية المختصة، بناء على طلب الضابط أو وزارة الداخلية، وعدم جواز فصل الضابط لعدم اللياقة الصحية قبل نفاد إجازته المرضية والسنوية، ما لم يطلب هو نفسه الإحالة إلى المعاش بدون انتظار انتهاء إجازته.
متى كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المدعى كان قد تقدم بتاريخ 3/ 3/ 2005، بإقرار منه معلنًا فيه عن طلبه إنهاء خدمته لظروفه الصحية؛ وقد أُجرى معه في التاريخ ذاته تحقيق إدارى - بوحدة الشئون الإدارية، أفراد، بالإدارة العامة لقوات الأمن المركزى، منطقة وسط الدلتا، قطاع طنطا - أقر فيه برغبته في إنهاء الخدمة، وتعهد بعدم العدول عنها بعد صدور قرار بإنهاء خدمته، وبناء عليه صدر القرار رقم 810 لسنة 2005 بإنهاء خدمته اعتبارًا من 2/ 7/ 2005، لعدم اللياقة الطبية. فمن ثم، يكون قرار إنهاء الخدمة الذى يتضرر المدعى من آثاره، قد صدر بناء على طلب منه، ليس إعمالاً لنص المادة (36) من القانون رقم 109 لسنة 1971 المشار إليه، بشأن ضوابط أوضاع الإجازات المرضية للمصابين بأمراض مزمنة، وإنما إعمالاً لنص البند (3) من المادة (71) من هذا القانون - الذى لم يشمله قرار الإحالة - بشأن ضوابط انتهاء الخدمة لعدم اللياقة الصحية للخاضعين لأحكامه. ومؤدى ذلك أن النص المحال لم يطبق على المدعى في الدعوى الموضوعية، ولم يعامل بمقتضاه، ولم يصدر قرار إنهاء خدمته لعدم اللياقة الصحية استنادًا إليه، ومن ثم، لا يكون هذا النص واجب التطبيق في دعوى الموضوع، وينتفى بذلك شرط المصلحة في الدعوى المعروضة، لكون الفصل في دستوريته لا يرتب انعكاسًــا على النزاع المردد أمام محكمة الموضوع، الذى يظل محكومًا بنص البند (3) من المادة (71) من القانون رقم 109 لسنة 1971 المشار إليه؛ الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.