الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 ديسمبر 2021

الطعن 8 لسنة 30 ق جلسة 25 / 3 / 1961 مكتب فني 12 ج 1 تنازع اختصاص ق 2 ص 7

جلسة 25 من مارس سنة 1961

برياسة السيد مصطفى فاضل رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، ومحمد فؤاد جابر، واسحق عبد السيد، والإمام الخريبي، وعلي بغدادي، ومصطفي كامل إسماعيل المستشارين.

---------------------

(2)
الطلب رقم 8 لسنة 30 ق "محكمة تنازع الاختصاص"، 875 سنة 1960 أساس مدني

محكمة التنازع "طلب تعيين الجهة المختصة". تنازع الاختصاص. جنسية.
طلب إلغاء حكم غيابي صادر من محكمة بدائية جزائية بتجريد الطالب من الجنسية السورية. اختصاص القضاء العادي بنظره. لا يغير من ذلك أن القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة قد جعل القضاء الإداري صاحب الولاية في نظر هذا النزاع.

------------------
إذا كان النزاع يدور حول طلب إلغاء حكم غيابي صادر من محكمة بدائية جزائية بتجريد الطالب من الجنسية السورية، وكان المرسوم التشريعي رقم 21 المؤرخ 4/ 2/ 1953 الذي صدر الحكم في ظله جعل الفصل في هذا النزاع من اختصاص القضاء العادي، فإن المحكمة الابتدائية تكون هي المختصة بنظره والحكم في الاعتراض المقدم لها عن حكم المحكمة البدائية الجزائية - ولا يغير من هذا النظر أن القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن مجلس الدولة قد جعل القضاء الإداري صاحب الولاية في نظر هذا النزاع لأن المادة الثانية من قانون إصداره قد نصت علي أن جميع الدعاوى المنظورة في تاريخ نشر هذا القانون أمام جهات قضائية أخري والتي أصبحت بمقتضى هذا القانون من اختصاص مجلس الدولة تظل أمام تلك الجهات حتى يفصل فيها نهائياً.


المحكمة

بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطلب استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 20/ 11/ 1954 أصدرت المحكمة البدائية الجزائية باللاذقية قراراً غيابياً رقم 247 أساس/ 198 قرار - بتجريد الطالب من الجنسية السورية لتغيبه عن البلاد والتحاقه بخدمة الجيش الفرنسي، وبعد عودته إلى الوطن وبتاريخ 19/ 8/ 1959 اعترض علي هذا القرار لدى المحكمة الابتدائية باللاذقية طالباً فسخ القرار المعترض عليه والحكم بعدم اختصاص المحكمة باعتبار أن دعاوى الجنسية أصبحت نم اختصاص القضاء الإداري وفقاً للفقرة التاسعة من المادة الثامنة من قانون مجلس الدولة، وبتاريخ 28/ 10/ 1959 حكمت المحكمة بالتخلي عن رؤية الدعوى وإحالة الأوراق إلى محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة للسبب الذي أبداه المعترض، وفي 17/ 12/ 1959 قضت محكمة القضاء الإداري بدمشق بعدم اختصاصها بنظر الدعوي وبإعادتها إلى محكمة اللاذقية للاختصاص تأسيساً علي أن المحكمة الإدارية إنما تكون مرجعاً للطعن في القرارات الإدارية ولا يمتد اختصاصها إلى الأحكام القضائية عملاً بالمادة الثانية من قانون الإصدار للقانون 55 التي تنص علي أن جميع الدعاوى المنظورة في تاريخ نشر هذا القانون أمام جهات قضائية والتي أصبحت بمقتضى هذا القانون من اختصاص مجلس الدولة تظل أمام تلك الجهات حتى يتم الفصل فيها نهائياً. وفي 3/ 1/ 1960 قدم الطالب طلباً إلى هذه المحكمة طالباً تعيين المحكمة المختصة نظراً لتخلي كل من جهتي القضاء العادي والإداري عن نظر الدعوي.
وحيث إن النزاع يدور حول طلب إلغاء الحكم الغيابي الصادر من المحكمة البدائية الجزائية في 20/ 11/ 1954 برقم 247 أساس/ 198 قرار بتجريد الطالب من الجنسية السورية - ولما كان المرسوم التشريعي رقم 21 المؤرخ 4/ 2/ 1953 الذي صدر الحكم الغيابي في ظله جعل الفصل في النزاع من اختصاص القضاء العادي وكان القانون 55 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة وإن جعل القضاء الإداري صاحب الولاية في نظر هذا النزاع إلا أن المادة الثانية من قانون إصداره صريحة في أن جميع الدعاوى المنظورة في تاريخ نشر هذا القانون أمام جهات قضائية أخرى والتي أصبحت بمقتضى هذا القانون من اختصاص مجلس الدولة تظل أمام تلك الجهات حتى يفصل فيها نهائياً - لما كان ذلك فإن المحكمة الابتدائية تكون هي صاحبة الولاية بالفصل في الاعتراض المقدم لها الصادر من المحكمة البدائية الجزائية.

الطعن 1 لسنة 29 ق جلسة 25 / 3 / 1961 مكتب فني 12 ج 1 تنازع اختصاص ق 1 ص 1

جلسة 25 من مارس سنة 1961

برياسة السيد مصطفي فاضل رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، ومحمد فؤاد جابر، واسحق عبد السيد، والإمام الخريبي، وعلى بغدادي، ومصطفي كامل إسماعيل المستشارين.

---------------

(1)
الطلب رقم 1 لسنة 29 ق "محكمة تنازع الاختصاص"

محكمة التنازع "مناط اختصاصها":
وفقاً للمادة 16/ 2 من القانون رقم 56 لسنة 1959 هو وجود حكمين متناقضين أحدهما صادر من جهة القضاء العادي والآخر من جهة القضاء الإداري.

--------------
مناط اختصاص محكمة تنازع الاختصاص وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 16 من القانون رقم 56 لسنة 1959 في شأن السلطة القضائية والفقرة الثانية من المادة 19 من قانون نظام القضاء رقم 147/ 1949 هو وجود حكمين متناقضين صادر أحدهما من إحدى المحاكم والآخر من محكمة القضاء الإداري أو من إحدى محاكم الأحوال الشخصية بحيث إذا انتفي هذا التناقض فإن الطلب يكون غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
حيث إن الطلب قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن واقعة الدعوى - حسبما يستفاد من الأوراق - تتحصل في أن السيدة نبوية الشناوي كانت قد أودعت بتاريخ 22 ديسمبر سنة 1936 في صندوق توفير مصلحة البريد بمقتضى دفتر التوفير رقم 6381 مجموعة رقم 44 مبالغ باسم الآنسة مريم صالح نعيم المصرية الجنسية والبالغة من العمر 7 سنوات والطالبة بمدرسة الفرنسيسكان وقد بلغ رصيد هذا الدفتر حتى 17/ 3/ 1948 مبلغ 488 جنيهاً، 520 مليماً وقد توفيت المودعة في 30 ديسمبر سنة 1944 فتقدمت السيدة مريم صالح نعيم إلى إدارة صندوق توفير البريد في 15/ 3/ 1948 بالدفتر المذكور طالبة صرف الرصيد المستحق لها وإذ تبين لإدارة صندوق التوفير أن أوصاف المودع لحسابها والثابتة بالدفتر تختلف عن أوصاف طالبة الصرف وهي حبشية مسيحية تبلغ من العمر خمسين عاماً فإن الإدارة المذكورة امتنعت عن الصرف بعد أخذ رأي مستشار الدولة الذي أفتى بعدم الصرف إلا بعد استصدار الطالبة حكماً بالأحقية في صرف المبلغ المودع، فتظلمت السيدة مريم صالح نعيم من هذا القرار لمدير عام مصلحة البريد ولكن دون جدوى، فرفعت الدعوي رقم 170 لسنة 3 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالبة إلغاء القرار الإداري بعدم الصرف تأسيساً علي أن القانون ومجموعة الأوامر العالية واللائحة التنفيذية الصادرة بشأن صندوق التوفير سنة 1910 وعلى الأخص المادة 7 منها تنص علي أن الدفتر ملك لصاحبه الذي يحمل اسمه ما دام حامل الدفتر قد أثبت شخصيته وأنه هو صاحب الاسم الذي صدر به الدفتر المذكور مما يجعل امتناع المصلحة عن الصرف بغير حق - وعند نظر الدعوي أمام محكمة القضاء الإداري دفعت مصلحة البريد بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوي علي أساس أن العلاقة بينها وبين المدعية علاقة مدنية بحتة تقوم بين مودع ومودع لديه - وفي 14/ 3/ 1950 قضت المحكمة الإدارية برفض الدفع بعدم الاختصاص وفي الموضوع برفض الدعوي مقيمة قضائها في الدفع بأن العبرة بطلبات المدعية وهي إذ تطلب إلغاء قرار إداري نهائي برفض طلب الصرف إليها فهو طلب يدخل في اختصاص المحكمة بنص المادة 3/ 6 من قانون مجلس الدولة رقم 165 لسنة 1955. وأما بالنسبة للموضوع فإنه قد ثبت من التحقيق الإداري ومن دفتر التوفير ذاته أن هناك اختلافاً جوهرياً في البيانات الواردة في الدفتر عن أوصاف المدعية وأن العبرة ليست باسم المودع له فقط بل لابد أن تتوافر كافة البيانات الأخرى المدونة بالدفتر والمثبتة لشخصية المودع لحسابها وأن مجرد حيازة المدعية للدفتر لا يقطع بأنها صاحبته ومن ثم فليس للمدعية الحق في استرداد المبلغ المودع وأنه لا مخالفة في القرار المطعون فيه للقانون - توفيت مريم صالح نعيم في سنة 1952 وورثتها ابنتها الوحيدة شفيقة إبراهيم صالح فتقدمت هذه إلى رئاسة محكمة القاهرة الابتدائية تطلب استصدار أمر أداء ضد مصلحة البريد وقد صدر هذا الأمر بإلزام مصلحة البريد بأن تدفع لها مبلغ 522 جنيهاً و110 مليمات وهو قيمة رصيد الدفتر المشار إليه وفوائده حتى تاريخ تقديم طلب أمر الأداء - عارضت مصلحة البريد في هذا الأمر وفي أثناء نظر المعارضة دفعت مصلحة البريد بعدم اختصاص القضاء المدني بنظر الدعوي لأن القضاء فيها بالإلزام فيه إلغاء للقرار الإداري النهائي الصادر من إدارة صندوق التوفير بالامتناع عن صرف المبلغ المودع كما دفعت بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها من محكمة القضاء الإداري بالحكم رقم 170 لسنة 3 ق المشار إليه - وبتاريخ 17/ 11/ 1956 قضت المحكمة المدنية برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوي وبنظرها وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المعارض ضدها "شفيقة صالح إبراهيم" بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة أن مورثتها مريم صالح نعيم هي بذاتها المودع لحسابها المبلغ الثابت بالدفتر وصرحت للمعارضة بنفي ذلك بذات الطرق مقيمة قضاءها برفض الدفع بعدم الاختصاص علي القول بأن الأعمال التي تباشرها الإدارة في شأن صندوق التوفير لها مجالان أحدهما تعاقدي بحت والآخر إداري صرف ولكل خصائصه وأن للإدارة إصدار قرارات إدارية دون أن يكون لها مساس بذات العقد القائم بين الطرفين والذي يبقى قائماً حتى تفصل المحكمة المختصة في شأنه والقرار الإداري المشار إليه إنما علق صرف المبلغ المودع علي صدور حكم بالأحقية من الجهة القضائية المختصة وهو عين ما فعلته المعارض ضدها برفعها هذه الدعوى إعمالاً وتنفيذاً للقرار الإداري المشار إليه وهي بدعواها إنما تطلب أصل الحق الذي تحكمه علاقة المودع بالمودع لديه وهي علاقة مدنية بحتة تخضع لأحكام القانون المدني هذا فضلاً عن أن محكمة القضاء الإداري حين تعرضت في أسباب حكمها لمسألة الأحقية في الصرف إنما كان نطاق هذا البحث والغرض منه التحقق من مطابقة أو عدم مطابقة القرار الإداري بالامتناع عن الصرف للقانون لا للفصل في موضوع الأحقية ذاته الذي لم يكن معروضاً عليها وبالتالي فلا تحوز أسباب ذلك الحكم الإداري في هذا الشأن حجية ما أمام هذه المحكمة المدنية، وبعد أن سمعت المحكمة الشهود قضت بتاريخ 16/ 6/ 1975 برفض المعارضة وتأييد أمر الأداء المعارض فيه. استأنفت مصلحة البريد هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 840 سنة 74 ق طالبة إلغاء الحكم المستأنف وإلغاء أمر الأداء المعارض فيه وبتاريخ 27/ 11/ 1958 قضت محكمة الاستئناف بتأبيد الحكم المستأنف، ولما كان هناك حكمان أولهما صادر من محكمة القضاء الإداري برقم 170 لسنة 3 ق قضى برفض طلب الصرف والثاني رقم 840 لسنة 74 ق صادر من محكمة استئناف القاهرة وهو يقضي بأحقية المودع لها بالصرف وكلاهما نهائي ويخالف أحدهما الآخر فقد تقدمت مصلحة البريد في 14/ 1/ 1959 بعريضة إلى قلم كتاب محكمة النقض طلبت للأسباب الواردة بها وقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة الاستئناف رقم 840 لسنة 74 ق وفي الموضوع بتحديد جلسة لنظره والحكم بعدم الاعتداد بحكم محكمة الاستئناف المشار إليه واعتبار حكم محكمة القضاء الإداري رقم 170 لسنة 3 ق هو الواجب التنفيذ وقد أسست المصلحة هذا الطلب علي تمسكها بعدم اختصاص القضاء المدني ولائياً بإصدار أمر الأداء المشار إليه لانطوائه علي إلغاء للقرار الإداري النهائي الصادر من مصلحة البريد بالامتناع عن الصرف وهو ما يتعارض مع حكم المادة 18 من قانون نظام القضاء والمادة 8 من القانون 165 لسنة 1955 ولصدور هذا الأمر بالأداء علي خلاف حكم سابق صادر من محكمة القضاء الإداري حائزاً لقوة الأمر المقضي هذا فضلاً عن أن العلاقة بين الخصمين المتنازعين هي علاقة قانونية لائحية لا علاقة عقدية تخضع لأحكام القانون العام وأن أداة السلطة العامة في هذا المجال هو القرار الإداري ولما كان حكم محكمة القضاء الإداري قد انتهي إلى مشروعية القرار القاضي بالامتناع عن الصرف وصحته قانوناً فإن حكم المحكمة المدنية يكون قد تعرض لهذا القرار الإداري بالإلغاء في حين أنه غير مختص بذلك كما أصبح متعارضاً مع حكم سابق حائز لقوة الأمر المقضي في موضوع واحد وبين ذات الخصوم أنفسهم مما يتعين طرحه علي هيئة تنازع الاختصاص بمحكمة النقض وفقاً لنص المادة 16 من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 للحكم فيه بالطلبات السابق الإشارة إليها. وبتاريخ 24/ 5/ 1959 أصدر السيد رئيس المحكمة قراراً برفض الطلب الوقتي الخاص بوقف التنفيذ وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها في موضوع الطلب بتاريخ 17/ 1/ 1960 انتهت فيها إلى عدم قبول الطلب أو رفضه.
وحيث إن مناط اختصاص هذه المحكمة وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 16 من القانون رقم 56 لسنة 1959 في شأن السلطة القضائية وهي المقابلة للفقرة الثانية من المادة 19 من قانون نظام القضاء السابق رقم 147 لسنة 1949 وجود حكمين متناقضين صادر أحدهما من إحدى المحاكم والآخر من محكمة القضاء الإداري أو من إحدى محاكم الأحوال الشخصية.
وحيث إنه لما كان يبين من مراجعة الحكم رقم 170 لسنة 3 ق الصادر من محكمة القضاء الإداري برفض طلب إلغاء القرار الإداري بالامتناع عن صرف المبلغ المودع لعدم مخالفته للقانون أنه بني علي أن مصلحة البريد كانت علي حق في قرارها بالامتناع عن الصرف لما قام لديها من شبهة حول شخصية طالبة الصرف بسبب اختلاف البيانات الواردة عنها بدفتر التوفير عن البيانات التي أدلت بها المودع لحسابها من ناحية الجنسية والدين والسن وهي شبهات تسوغ هذا الامتناع ونزولاً من المصلحة كذلك علي حكم مضمون فتوى مستشار الرأي بمجلس الدولة بالامتناع عن الصرف حتى تستصدر الطالبة حكماً بأحقيتها في الصرف من الجهة المختصة وكان الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة رقم 840 لسنة 74 ق بعد أن تحقق من شخصية طالبة الصرف وتثبته من أنها هي بذاتها صاحبة المبلغ المودع والمبين بدفتر التوفير قضي لوارثتها بأحقيتها في صرفه فإن هذا الحكم المدني يكون قد أزال العقبة المانعة من الصرف بعد أن جلا الشبهة التي أحاطت بشخص المودع لها وكانت سبباً في الامتناع عن الصرف وهو بهذا يعتبر متمماً لقضاء محكمة القضاء الإداري ومنفذاً له ومتفقاً مع الغاية التي كانت تنشدها مصلحة البريد من وراء هذا الامتناع عن الصرف، ومن ثم فلا يكون ثمة تناقض بين الحكمين في معنى المادة 19 من قانون السلطة القضائية 56 لسنة 1959 المشار إليه وبالتالي يكون الطلب غير مقبول - ولا عبرة بما تزيدت فيه محكمة القضاء الإداري من التعرض لبحث موضوع الأحقية في الصرف لأن ذلك فضلاً عن خروجه عن نطاق الخصومة التي كانت مطروحة عليها ولم تكن بها ثمة حاجة إليه للفصل في طلب إلغاء القرار الإداري أو رفضه فإنه أمر يخرج أصلاً عن ولايتها بالفصل فيه ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول هذا الطلب.

الطعن 2687 لسنة 84 ق جلسة 9 / 4 / 2015 مكتب فني 66 ق 83 ص 542

جلسة 9 من أبريل سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ نعيم عبد الغفار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ سمير حسن، عبد الله لملوم، محمد عاطف ثابت وعلاء الجزار نواب رئيس المحكمة.
---------------

(83)
الطعن رقم 2687 لسنة 84 القضائية

(1 ، 2) محاكم اقتصادية "اختصاص المحاكم الاقتصادية: الاختصاص النوعي".
(1) الاختصاص النوعي للمحاكم الاقتصادية. مناطه. تعلق الدعوى بالمنازعات الناشئة عن تطبيق القوانين الواردة بالمادة السادسة ق 120 لسنة 2008. الاستثناء. الدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة.(2) إقامة المطعون ضده دعواه بمطالبة البنك الطاعن بالتعويض وإلزامه برد مبلغ والفوائد القانونية استنادا إلى خطأ البنك وفقا لقواعد المسئولية العقدية. عدم تعلق المنازعة بعقد حساب جار مدين سند العلاقة الحقيقية بينهما. مؤداه. عدم اختصاص المحاكم الاقتصادية بنظرها.
(3) حكم "حجية الأحكام: حجية الحكم الجنائي".
حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. شرطه. أن يكون قد فصل فصلا لازما في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. م 456 إجراءات جنائية، 102 إثبات.
(4) نقض "أسباب الطعن بالنقض: السبب الوارد على غير محل".
الطعن بالنقض. دلالته. محاكمة الحكم المطعون فيه. لازمه. أن ينصب النعي على عيب قام عليه الحكم. خلوه من ذلك. أثره. عدم قبوله. "مثال بشأن الفصل في الدعوى المدنية المقامة استنادا إلى المسئولية العقدية في حين أن الدعوى الجنائية محل دفاع الطاعن قوامها الخطأ الشخصي في حق متهمين من غير طرفي التداعي".
(5) بنوك "العلاقة بين البنوك وعملائها".
وفاء البنك بقيمة شيك مذيل من الأصل بتوقيع مزور على عميله. وفاء غير صحيح وغير مبرئ لذمة البنك. علة ذلك. تبعة الوفاء ولو تم بطريق الخطأ تقع على عاتق البنك ما لم يكن قد وقع خطأ من جانب العميل الوارد اسمه بالبنك فيتحمل هو تبعة خطئه.
(6) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسئولية العقدية والتقصيرية".
استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية. من سلطة محكمة الموضوع التقديرية ما دام استخلاصها سائغا.
(7) تعويض "التعويض عن الفعل الضار غير المشروع: الخطأ الموجب للتعويض".
المساءلة بالتعويض. قوامها خطأ المسئول عنه.
(8) حكم "حجية الأحكام: حجية الحكم الجنائي".
استبعاد الحكم الجنائي مساهمة الغير في الخطأ أو تقرير مساهمته فيه. لا حجية له أمام القاضي المدني عند تقدير التعويض المستحق للمضرور.
(9) بنوك "العلاقة بين البنوك وعملائها". تعويض "تقدير التعويض: مساهمة المضرور في إحداث الضرر وأثره في تقدير التعويض".
قضاء الحكم المطعون فيه بأسباب سائغة بانعقاد المسئولية التقصيرية الموجبة للتعويض في حق البنك الطاعن لثبوت الخطأ المشترك في حق تابعيه والعميل المطعون ضده. صحيح. النعي عليه. جدل في سلطة محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض. "مثال في شيك".

-------------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد المادة السادسة من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية أن المشرع اختص دوائر المحاكم الاقتصادية نوعيا دون غيرها من المحاكم المدنية بنظر الدعاوى الموضوعية المتعلقة بالمنازعات الناشئة عن تطبيق قائمة القوانين المذكورة بالنص المشار إليه فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة، وأن قصره هذا الاختصاص ليس مرده نوع المسائل أو طبيعتها، ولكن على أساس قائمة من القوانين أوردها على سبيل الحصر بحيث تختص المحاكم الاقتصادية بالفصل في المسائل التي تستدعي تطبيق تلك القوانين.

2 - إذ كان البين من الأوراق أن المطعون ضده أقام الدعوى على البنك الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مقداره 300 ألف جنيه تعويضا ماديا وأدبيا، وأن يرد له مبلغ مقداره 265 ألف جنيه والفوائد القانونية، وكانت تلك الطلبات لا تتعلق بمنازعة بين الطرفين بشأن عقد حساب جاري المدين سند العلاقة الحقيقية بينهما، وإنما أساس دعوى المطعون ضده هو المطالبة بتعويض قبل البنك الطاعن ناشئا عن خطأ نسب إليه، وتمثل في قيامه بصرف مبالغ من حسابه لديه بموجب شيك وتوكيل منسوب صدورهما إليه حال أنهما مزورين عليه، بما تحكم هذه المطالبة قواعد المسئولية العقدية وما يستلزم ذلك من توفر أركانها الثلاثة وفقا لقواعدها المقررة من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما، وهو ما يباعد بينها وبين اختصاص المحاكم الاقتصادية بنظر هذه المنازعة.

3 - مفاد نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية، 102 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن الحكم الجنائي لا يكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية إلا إذا كان قد فصل فصلا لازما في وقوع الفعل ونسبته إلى فاعله.

4 - الطعن بالنقض إنما يعني مخاصمة الحكم المطعون فيه، فإذا ما خلا من ذلك العيب الموجه إليه كان النعي واردا على غير محل، ومن ثم غير مقبول. لما كان ما تقدم، وكان البين بالأوراق - وبما لا خلاف عليه - أن أي من طرفي الدعوى سواء كان المدعى فيها - المطعون ضده - أو البنك المدعي عليه - الطاعن - أو أحد الموظفين التابعين له كان طرفا في الدعوى الجنائية سالفة الذكر أو محكوم عليه فيها، كما أن المطعون ضده أقام دعواه قبل البنك للمطالبة بتعويضه استنادا إلى إخلاله بالمسئولية التعاقدية باعتباره عميل لديه وعدم إنفاذه التعليمات الصادرة إلى البنوك في هذا الشأن، والتي تحتم عليه اتخاذ الحيطة الملائمة في التحقق من شخصية الوكيل عن عميله ومن صحة الوكالة الصادرة إليه منه واتباع التعليمات بشأن صرف قيمة الشيكات الصادرة من هذا العميل، ونازعه البنك في ذلك بنسبة الخطأ إليه بتقصيره في الإبلاغ عن دفتر الشيكات الذي فقد منه حتى وقع في يد غيره، مما أتاح لهذا الأخير فرصة التقدم لصرف قيمة إحداها بموجب الشيك والإقرار والوكالة المنسوبة إليه زورا، ومن ثم فإن قوام دعوى المطعون ضده الراهنة قبل البنك هي المسئولية العقدية، بينما قوام الدعوى الجنائية هو الخطأ الثابت في حق المتهمين وهم من غير طرفي التداعي فيما نسب إليهم من تزوير المستندات سالفة البيان والتقدم بها للبنك الطاعن وتمكنوا بناء عليها من صرف مبلغ التداعي قيمة الشيك المنسوب زورا للمطعون ضده الأول، وبالتالي فإن المسئولية قبل البنك تتحقق إذا ما ثبت ارتكاب الخطأ العقدي وتقصيره في إتباع الحرص الواجب عليه في هذا الشأن، وبالتالي فإن ما تمسك به البنك الطاعن على النحو المتقدم "مضي المحكمة في نظر دعوى التعويض دون الانتظار لصدور الحكم النهائي البات في الجناية" لا يصادف محلا من قضاء الحكم المطعون فيه، واذ مضي هذا الحكم في نظر الدعوى دون أن يعبأ بالرد على هذا الدفاع باعتباره دفاعا ظاهر الفساد، فإنه لا يكون قد خالف القانون ولم يخطئ في تطبيقه، ولا يغير من هذا التقويم السديد ما أثاره البنك الطاعن من عدم التزام الحكم المطعون فيه بحجية الحكم القاضي بوقف الدعوى لتعجيلها من الوقف قبل تحقق الغرض الذي أوقفت من أجله ذلك، ولأن الطاعن بصفته لم يقدم صورة رسمية من ذلك الحكم حتى يمكن للمحكمة أن تقف على صحة دفاعه في هذا الصدد، ومن ثم بات نعيه هذا عاريا من دليله، ويضحى النعي على الحكم بما سلف على غير أساس.

5 - مفاد النص في المادة 528/ 1 من قانون التجارة - وعلى ما هو مقرر في قضاء محكمة النقض - أن ذمة البنك - المسحوب عليه - لا تبرأ قبل عميله الذي عهد إليه بأمواله إذا أوفى بقيمة شيك مذيل في الأصل بتوقيع مزور على الساحب باعتبار أن هذه الورقة لم يتوفر لها في أي وقت صفة الشيك بفقدها شرطا جوهريا لوجودها وهو التوقيع الصحيح للساحب، ويعتبر وفاء البنك بقيمة الشيك في هذه الحالة وفاء غير صحيح لحصوله لمن لا صفة له في تلقيه، وبالتالي فإن هذا الوفاء - وحتى لو تم بغير خطأ من البنك - لا يبرئ ذمته قبل العميل، ولا يجوز قانونا أن يلتزم هذا العميل بقيمته بمقتضي توقيع مزور عليه، لأن الورقة المزورة لا حجية لها على من نسبت إليه، فإن تبعة الوفاء تقع على عاتق البنك أيا كانت درجة إتقان التزوير وذلك كله بشرط عدم وقوع خطأ من جانب العميل وألا تحمل الأخير تبعة ما يكون قد ارتكبه من خطأ.

6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام استخلاصها سائغا.

7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المساءلة بالتعويض قوامها خطأ المسئول عنه.

8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن القاضي المدني يستطيع أن يؤكد دائما أن الضرر نشأ عن فعل المتهم وحده دون غيره، وله أن يقرر أن الغير قد أسهم في إحداث الضرر رغم نفي الحكم الجنائي هذا أو ذلك ليراعي ذلك في تقدير التعويض إعمالا لنص المادة 216 من القانون المدني.

9 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن البنك الطاعن قد أخطأ حين لم يلتزم تابعوه بالتعليمات الخاصة بصرف الشيكات بموجب توكيل صادر من الشهر العقاري يجب أن يرفق به أصل إقرار بنوك صادر أيضا من مأمورية الشهر العقاري، وأنه عند الشك في التوكيل أو الشيك المقدم إلى البنك فإن الموظف يلزم أن يتصل فورا بالعميل حتى يتأكد من صحة الإقرار المنسوب إليه، خاصة وأن دفاع العميل المطعون ضده أنه لم يسبق له التعامل بموجب توكيلات مع البنك، وأنه ثبت تغيير تاريخ استحقاق الشيك المزور من 30/ 11/ 2005 إلى 30/ 11/ 2006، وإذ لم يتبع الأخير هذه التعليمات عند صرف قيمة الشيك محل الدعوى فيكون قد ارتكب الخطأ الموجب للمسئولية، كما انتهى الحكم - أيضا - إلى مشاركة المطعون ضده في حدوث الخطأ متمثلا ذلك في إخلاله بواجب المحافظة على مجموعة الشيكات المسلمة له من قبل البنك الطاعن، فتمكن آخر من الحصول على واحد منها وتزويره وتمكنه من صرف قيمته بموجب وكالة مزورة - أيضا - عليه، فإن الحكم يكون قد أثبت الخطأ المشترك الذي وقع من المطعون ضده والبنك الطاعن وبين علاقة السببية بينه وبين الضرر الذي وقع من جانب الأخير، وإذ رتب على ذلك قضاءه بتحمل البنك الطاعن نصف المبلغ الذي تم صرفه من حساب المطعون ضده بالإضافة إلى مبلغ التعويض المقضي به، وكان ما انتهى إليه بناء على هذا الاستخلاص سائغا وله معينه من الأوراق ويكفي لحمل قضائه، فإن النعي عليه (بإشراكه البنك الطاعن مع المطعون ضده في تحمل تبعات الخطأ) في جملته يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى واستخلاص الخطأ والضرر، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.

-----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على البنك الطاعن الدعوى رقم ... لسنة 2007 مدني شمال الجيزة الابتدائية انتهى فيها وفقا لطلباته الختامية إلى طلب الحكم بإلزام البنك بأن يؤدي له مبلغ مقداره 300 ألف جنيه تعويضا ماديا وأدبيا جراء عدم رد المبالغ المودعة لديه، وإلزامه بأن يرد له مبلغ 265 ألف جنيه والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة حتى السداد واحتياطيا إحالة الدعوى لمكتب الخبراء لتحقيق طلباته، على سند من أنه عميل لدى البنك وقام بإصدار شيك لأحد عملائه إلا أنه فوجئ بالمستفيد من الشيك يخطره بأن رصيده غير كاف، وبالاستعلام من البنك أفاده بأنه تم سحب مبلغ ومقداره مائة وخمسة وأربعون ألف جنيه بمعرفة من يدعى ...، ومبلغ ثلاثة آلاف دولار أمريكي بمعرفة من تدعى ...، وقد تبين له أنه تم الاستيلاء على هذه المبالغ بمعرفة المتهمين في القضية رقم ... لسنة 2008 جنايات الجيزة نتيجة قيامهم بتزوير توقيعاته على إقرار وشيك وتوكيل بطريق التعديل والإضافة، وكان ذلك راجعا إلى خطأ تابعي البنك لمخالفتهم للتعليمات الصادرة من البنك المركزي فيما يتعلق بصرف الشيكات والتحقق من صحة التوكيلات الصادرة من العميل، ونتج عن ذلك إصابته بأضرار مادية وأدبية قدرها بالمبلغ المطالب به، ومن ثم كانت الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا فيها، وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 24/ 4/ 2013 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 130 ق القاهرة "مأمورية استئناف الجيزة" وفيه قضت المحكمة بتاريخ 11/ 12/ 2013 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام البنك الطاعن بأن يؤدى للمطعون ضده مبلغ جملته مائة واثنان وثمانون ألف وخمسمائة جنيه - طعن البنك في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

----------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعي البنك الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان وذلك من وجهين، وفي بيان أولهما يقول إن الحكم صدر من محكمة غير مختصة نوعيا بنظر الدعوى، إذ إن العلاقة بينه وبين المطعون ضده يحكمها طلب فتح الحساب الجاري الخاص بالأخير، والذي كانت طلباته الختامية في الدعوى المطروحة هو إلزام الأول برد المبالغ المستحقة له، وهو ما يعتبر من أعمال البنوك التي ينعقد بها الاختصاص للمحاكم الاقتصادية إعمالا للمادة السادسة من قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008، والمادة 300 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن - من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن المشرع قد أصدر القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية، ونص بالمادة السادسة منه على أنه "فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة، تختص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها، بنظر المنازعات والدعاوى التي لا تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه والتي تنشأ عن تطبيق القوانين الأتية: ... (6) قانون التجارة في شأن نقل التكنولوجيا والوكالة التجارية، وعمليات البنوك والإفلاس والصلح الواقي منه ... وتختص الدوائر الاستئنافية في المحاكم الاقتصادية دون غيرها، بالنظر ابتداء في كافة المنازعات والدعاوى المنصوص عليها في الفقرة السابقة إذا جاوزت قيمتها خمسة ملايين جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة" فإن مفاده أن المشرع اختص دوائر المحاكم الاقتصادية نوعيا دون غيرها من المحاكم المدنية بنظر الدعاوى الموضوعية المتعلقة بالمنازعات الناشئة عن تطبيق قائمة القوانين المذكورة بالنص المشار إليه فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة، وأن قصره هذا الاختصاص ليس مرده نوع المسائل أو طبيعتها ولكن على أساس قائمة من القوانين أوردها على سبيل الحصر بحيث تختص المحاكم الاقتصادية بالفصل في المسائل التي تستدعي تطبيق تلك القوانين. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده أقام الدعوى على البنك الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مقداره 300 ألف جنيه تعويضا ماديا وأدبيا، وأن يرد له مبلغ مقداره 265 ألف جنيه والفوائد القانونية، وكانت تلك الطلبات لا تتعلق بمنازعة بين الطرفين بشأن عقد حساب جاري المدين سند العلاقة الحقيقية بينهما، وإنما أساس دعوى المطعون ضده هو المطالبة بتعويض قبل البنك الطاعن ناشئا عن خطأ نسب إليه وتمثل في قيامه بصرف مبالغ من حسابه لديه بموجب شيك وتوكيل منسوب صدورهما إليه حال أنهما مزورين عليه، بما تحكم هذه المطالبة قواعد المسئولية العقدية وما يستلزم ذلك من توفر أركانها الثلاثة وفقا لقواعدها المقررة من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما، وهو ما يباعد بينها وبين اختصاص المحاكم الاقتصادية بنظر هذه المنازعة، ويضحي النعي في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إنه في بيان الوجه الثاني يقول البنك الطاعن إن المطعون ضده أقام عليه الدعوى المطروحة بزعم إصابته بأضرار مادية وأدبية جراء الاستيلاء على مبالغ مالية من حسابه لديه - الطاعن - وذلك بشيك وتوكيل مزورين قدم المتهمون بشأنهما للمحاكم الجنائية في القضية المقيدة برقم ... لسنة 2008 جنايات الجيزة مما حدا بمحكمة الدرجة الأولى أن توقف نظر هذه الدعوى بتاريخ 29/ 5/ 2008 تعليقيا لحين الفصل في الجناية سالفة الذكر، وإذ فصلت محكمة جنايات الجيزة في هذه القضية الجنائية بتاريخ 18/ 2/ 2010 بمعاقبة المتهمين إلا أن المطعون ضده قام بتعجيل الدعوى من الوقف ومضت المحكمة في نظرها دون الانتظار لصدور الحكم النهائي البات في تلك الجناية، فضلا عن مخالفة ذلك لحجية الحكم القاضي بوقف الدعوى لتعجيلها قبل تحقق الغرض الذي أوقفت من أجله، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في جملته في غير محله، ذلك أن مفاد نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية، 102 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم الجنائي لا يكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية إلا إذا كان قد فصل فصلا لازما في وقوع الفعل ونسبته إلى فاعله، وأن الطعن بالنقض إنما يعني مخاصمة الحكم المطعون فيه، فإذا ما خلا من ذلك العيب الموجه إليه كان النعي واردا على غير محل ، ومن ثم غير مقبول . لما كان ما تقدم، وكان البين بالأوراق - وبما لا خلاف عليه - أن أي من طرفي الدعوى سواء كان المدعي فيها - المطعون ضده - أو البنك المدعى عليه - الطاعن - أو أحد الموظفين التابعين له كان طرفا في الدعوى الجنائية سالفة الذكر أو محكوم عليه فيها، كما أن المطعون ضده أقام دعواه قبل البنك للمطالبة بتعويضه استنادا إلى إخلاله بالمسئولية التعاقدية باعتباره عميل لديه وعدم إنفاذه التعليمات الصادرة إلى البنوك في هذا الشأن والتي تحتم عليه اتخاذ الحيطة الملائمة في التحقق من شخصية الوكيل عن عميله ومن صحة الوكالة الصادرة إليه منه واتباع التعليمات بشأن صرف قيمة الشيكات الصادرة من هذا العميل، ونازعه البنك في ذلك بنسبة الخطأ إليه بتقصيره في الإبلاغ عن دفتر الشيكات الذي فقد منه حتى وقع في يد غيره مما أتاح لهذا الأخير فرصة التقدم لصرف قيمة إحداها بموجب الشيك والإقرار والوكالة المنسوبة إليه زورا، ومن ثم فإن قوام دعوى المطعون ضده الراهنة قبل البنك هي المسئولية العقدية، بينما قوام الدعوى الجنائية هو الخطأ الثابت في حق المتهمين، وهم من غير طرفي التداعي فيما نسب إليهم من تزوير المستندات سالفة البيان والتقدم بها للبنك الطاعن وتمكنوا بناء عليها من صرف مبلغ التداعي قيمة الشيك المنسوب زورا للمطعون ضده الأول، وبالتالي فإن المسئولية قبل البنك تتحقق إذا ما ثبت ارتكاب الخطأ العقدي وتقصيره في إتباع الحرص الواجب عليه في هذا الشأن، وبالتالي فإن ما تمسك به البنك الطاعن على النحو المتقدم لا يصادف محلا من قضاء الحكم المطعون فيه، وإذ مضي هذا الحكم في نظر الدعوى دون أن يعبأ بالرد على هذا الدفاع باعتباره دفاعا ظاهر الفساد، فإنه لا يكون قد خالف القانون ولم يخطئ في تطبيقه، ولا يغير من هذا التقويم السديد ما أثاره البنك الطاعن من عدم التزام الحكم المطعون فيه بحجية الحكم القاضي بوقف الدعوى لتعجيلها من الوقف قبل تحقق الغرض الذي أوقفت من أجله ذلك، ولأن الطاعن بصفته لم يقدم صورة رسمية من ذلك الحكم حتى يمكن للمحكمة أن تقف على صحة دفاعه في هذا الصدد، ومن ثم بات نعيه هذا عاريا من دليله، ويضحى النعي على الحكم بما سلف على غير أساس.
وحيث إن البنك الطاعن ينعي بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، إذ أقام قضاءه بإلزام البنك بالمبلغ المقضي به تأسيسا على خطأ تابعيه الذي يتمثل في مخالفة تعليمات البنك المركزي المصري التي تلزمه في حالة صرف الشيكات بموجب توكيلات منسوبة للعملاء أن يكون التوكيل مرفقا به إقرار بنوك صادرين عن الشهر العقاري، وأنه عند الشك في التوكيل أو الشيك فإنه يقع على موظف البنك الاتصال فورا بالعميل حتى يتأكد من صحة الإقرار المنسوب إليه، وإذ لم يتبع البنك هذه التعليمات في واقعة التداعي فيكون قد أخطأ مشاركا خطأ المطعون ضده المتمثل في عدم إخطاره البنك بفقد دفتر شيكاته، مما أدى إلى استيلاء آخر عليه بعد قيامه بتزوير أحد الشيكات وتقليد توقيعه عليه، وبناء على ذلك تمكن من صرف مبالغ مالية من حسابه، فأصاب الأخير أضرار من جراء ذلك، في حين أن البنك الطاعن قام بصرف الشيك موضوع الدعوى استنادا إلى الشروط الواردة بعقد فتح الحساب الجاري المبرم بين الطرفين والتي أباحت التعامل على حسابه بموجب التوكيلات الصادرة من الشهر العقاري طالما استوفت الشروط الشكلية الظاهرية لصحتها من تحريرها على نماذج الشهر العقاري وختمها بأختامه ومرفق بها إقرار بنوك، وهو ما تم الصرف بناء على ذلك من الحساب موضوع الدعوى على دفعات بموجب توكيل رسمي عام ... لسنة 2006 الموسكي مرفق به إقرار بنوك رقم ... لسنة 2006، والذي لم يتمكن أحد من اكتشاف تزويره سوى خبراء الطب الشرعي من خلال أدواتهم الخاصة، بما لا يتوفر معه خطا البنك، يؤيد ذلك أنه تم استبعاد موظفي البنك من قرار الاتهام في قضية الجناية ... لسنة 2008 جنايات الجيزة المحررة عن واقعة التزوير سالفة البيان، وهو ما يتوفر به ركن الخطأ في حق المطعون ضده منفردا لعدم بذله عناية الرجل المعتاد في المحافظة على دفتر الشيكات الذي بحوزته، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأشركه مع المطعون ضده في تحمل تبعات هذا الخطأ وألزمه بنصف قيمة ما تم صرفه من حساب، فضلا عن التعويض المقضي به عليه، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 528/ 1 من قانون التجارة على أن "يتحمل المسحوب عليه وحده الضرر الذي يترتب على وفاء شيك زور فيه توقيع الساحب أو حرفت فيه بياناته إذا لم يمكن نسبة أي خطا إلى الساحب" مفاده - وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - أن ذمة البنك - المسحوب عليه - لا تبرأ قبل عميله الذي عهد إليه بأمواله إذا أوفى بقيمة شيك مذيل في الأصل بتوقيع مزور على الساحب باعتبار أن هذه الورقة لم يتوفر لها في أي وقت صفة الشيك بفقدها شرطا جوهريا لوجودها وهو التوقيع الصحيح للساحب، ويعتبر وفاء البنك بقيمة الشيك في هذه الحالة وفاء غير صحيح لحصوله لمن لا صفة له في تلقيه، وبالتالي فإن هذا الوفاء - وحتى لو تم بغير خطأ من البنك - لا يبرئ ذمته قبل العميل، ولا يجوز قانونا أن يلتزم هذا العميل بقيمته بمقتضي توقيع مزور عليه، لأن الورقة المزورة لا حجية لها على من نسبت إليه، فإن تبعة الوفاء تقع على عاتق البنك أيا كانت درجة إتقان التزوير، وذلك كله بشرط عدم وقوع خطأ من جانب العميل وإلا تحمل الأخير تبعة ما يكون قد ارتكبه من خطأ، ومن المقرر أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام استخلاصها سائغا، كما أن المساءلة بالتعويض قوامها خطأ المسئول عنه، وأن القاضي المدني يستطيع أن يؤكد دائما أن الضرر نشأ عن فعل المتهم وحده دون غيره، وله أن يقرر أن الغير قد أسهم في إحداث الضرر رغم نفي الحكم الجنائي هذا أو ذلك ليراعي ذلك في تقدير التعويض إعمالا لنص المادة 216 من القانون المدني. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن البنك الطاعن قد اخطأ حين لم يلتزم تابعوه بالتعليمات الخاصة بصرف الشيكات بموجب توكيل صادر من الشهر العقاري يجب أن يرفق به أصل إقرار بنوك صادر أيضا من مأمورية الشهر العقاري، وأنه عند الشك في التوكيل أو الشيك المقدم إلى البنك فإن الموظف يلزم أن يتصل فورا بالعميل حتى يتأكد من صحة الإقرار المنسوب إليه، خاصة وأن دفاع العميل المطعون ضده أنه لم يسبق له التعامل بموجب توكيلات مع البنك، وأنه ثبت تغيير تاريخ استحقاق الشيك المزور من 30/ 11/ 2005 إلى 30/ 11/ 2006، وإذ لم يتبع الأخير هذه التعليمات عند صرف قيمة الشيك محل الدعوى فيكون قد ارتكب الخطأ الموجب للمسئولية، كما انتهى الحكم - أيضأ - إلى مشاركة المطعون ضده في حدوث الخطأ متمثلا ذلك في إخلاله بواجب المحافظة على مجموعة الشيكات المسلمة له من قبل البنك الطاعن، فتمكن آخر من الحصول على واحد منها وتزويره وتمكنه من صرف قيمته بموجب وكالة مزورة أيضا عليه، فإن الحكم يكون قد أثبت الخطأ المشترك الذي وقع من المطعون ضده والبنك الطاعن وبين علاقة السببية بينه وبين الضرر الذي وقع من جانب الأخير، وإذ رتب على ذلك قضاءه بتحمل البنك الطاعن نصف المبلغ الذي تم صرفه من حساب المطعون ضده بالإضافة إلى مبلغ التعويض المقضي به، وكان ما انتهى إليه بناء على هذا الاستخلاص سائغا وله معينه من الأوراق ويكفي لحمل قضائه، فإن النعي عليه في جملته يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى واستخلاص الخطأ والضرر، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه، ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.

الطعن 358 لسنة 74 ق جلسة 19 / 4 / 2015 مكتب فني 66 ق 87 ص 568

جلسة 19 من أبريل سنة 2015
برئاسة السيد القاضي/ منصور العشري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ مصطفى عبد العليم، خالد مدكور، بهاء صالح وأحمد قاعود نواب رئيس المحكمة.
-----------

(87)
الطعن رقم 358 لسنة 74 القضائية

(1 - 5) عمل "أقدمية: حساب مدة الخبرة العملية: قيد الزميل".

(1) الاعتداد بمدة الخبرة الزائدة لزيادة أجر التعيين عن بداية الأجر المقرر للوظيفة. لازمه. اتفاق مدة الخبرة مع طبيعة عمل هذه الوظيفة لرفع مستوى الأداء بها. م 23 ق 48 لسنة 1978. علة ذلك.

(2) حساب مدد الخبرة العملية الدائمة والمؤقتة للعاملين حملة المؤهلات الدراسية بشركات القطاع العام. شرطه. ألا تقل عن سنتين واتفاقها مع طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها وألا يسبق زميله في وظيفة لها نفس طبيعة وظيفته وعلى درجة من نفس درجته.

(3) الزميل في حساب مدة الخبرة العملية الزائدة. مقصودة. وجود الزميل. أثره. اقتصار حق العامل على حساب القدر المؤدي إلى مساواته به في الأقدمية والأجر ويوضع تاليا له في ترتيب الأقدمية. علة ذلك.

(4) اتفاق طبيعة العمل السابق مع العمل الجديد في مجال الخبرة العملية الزائدة. مقصودة. تماثلهما في الاستعداد والتأهيل. مؤداه. عدم وجوب اتحاد العملين أو تطابقهما.

(5) التحاق المطعون ضدها بالعمل لدى الطاعنة ولها مدة خدمة مؤقتة ودائمة سابقة تربو على السنتين. اتفاق العملين في طبيعتهما استعدادا وتأهيلا. مؤداه. أحقية المطعون ضدها في ضم جزء من مدة خدمتها السابقة. وجود زميلة لها تم تعيينها لدى الطاعنة على ذات الدرجة اعتبارها قيدا عليها في ضم كامل مدة خدمتها. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه بأحقية المطعون ضدها في ضم كامل مدة خدمتها على سند من انتفاء قيد الزميل. خطأ.

---------------

1 - إن النص في المادة 23 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 يدل على أن المشرع قد استلزم للاعتداد بمدة الخبرة الزائدة عن المدة المشترطة للتعيين لزيادة أجر التعيين عن بداية الأجر المقرر للوظيفة أن تكون هذه المدة متفقة مع طبيعة عمل هذه الوظيفة وتؤدي إلى رفع مستوى الأداء بها طبقا للقواعد التي يضعها مجلس الإدارة.

2 - إذ كان مجلس إدارة الشركة الطاعنة قد أصدر القرار رقم 244 لسنة 1988 نفاذا للمادة 23 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978، واشترط لحساب مدد الخبرة العملية الدائمة والمؤقتة للعاملين حملة المؤهلات الدراسية بشركات القطاع العام ألا تقل المدة السابقة عن سنتين، وأن تكون طبيعة العمل فيها متفقة مع طبيعة عمل الوظيفة التي عين فيها الموظف ويرجع في تقدير ذلك إلى لجنة شئون العاملين، وألا يسبق العامل زميله في الشركة في وظيفة لها نفس طبيعة وظيفته وعلى درجة من نفس درجته.

3 - إذ كان المقصود بالزميل في مجال حساب مدة الخبرة العملية الزائدة هو زميل مدة الخبرة، أي الزميل الذي له ذات مقدار مدة الخبرة المطلوب حسابها للعامل والمعين في ذات الجهة والمجموعة النوعية قبل العامل، وبحيث إذا وجد الزميل اقتصر حق العامل على حساب القدر الذي يؤدي إلى مساواته بالزميل في الأقدمية والأجر، وأن يوضع تاليا له في ترتيب الأقدمية استنادا إلى أن المشرع قد راعي التوفيق بين مصلحة العامل في الضم ومصلحة زميله الأقدم منه حتى لا يسبق الأحدث الأقدم بسبب ضم مدة اعتبارية تقوم على الافتراض، ولا يجوز لهذا الافتراض أن يمس الواقع أو يلغيه، لأن الواقع الفعلي أحق بالاعتبار من الوصف الاعتباري

4 - إذ كان المقصود باتفاق طبيعة العمل السابق مع طبيعة العمل الجديد هو أن يكون العمل السابق حسب الاستعداد فيه والتأهيل له مماثلا للعمل الحالي، وليس المقصود بهذه المماثلة اتحاد العمل السابق مع العمل الجديد أو أن يكون الاختصاص واحدا في العملين أو أن يكون العملان متطابقين تماما بحيث يتحاذيان من جميع الوجوه

5 - إذ كان الثابت في الأوراق أن المطعون ضدها حاصلة على مؤهل عال "بكالوريوس الهندسة عام 1981 قسم كهرباء" وأنها عملت لدى شركة الإسكندرية للزيوت والصابون اعتبارا من 4/8/1982 حتي 30/6/1983 بموجب عقد عمل موسمي بوظيفة "مهندس كهرباء ثالث"، وقد تم تثبيتها بعد ذلك في هذا التاريخ بذات الوظيفة إلى أن انتهت خدمتها بها في 14/2/1985 بالاستقالة، بما يدل على أن مدة خدمتها المؤقتة والدائمة السابقة تربو على السنتين، وإذ التحقت بالعمل بعد ذلك لدى الشركة الطاعنة في 13/2/1985 بموجب عقد عمل مؤقت بوظيفة "مهندس ثالث صيانة شبكات"، وتم تثبيتها في 30/6/1986 على ذات الوظيفة بالدرجة الثالثة، فإن العملين - وقد باشرتهما المطعون ضدها مؤهلة لهما من الناحية العملية باعتبارها حاصلة على بكالوريوس الهندسة قسم كهرباء - يكونان حسب الاستعداد فيهما والتأهيل لهما متفقين في طبيعتهما، إلا أنه لما كان البين من جدول المقارنة الذي أجراه الخبير المنتدب في الدعوى أنه توجد زميلة للمطعون ضدها هي "..." حاصلة على ذات المؤهل وعينت لدى الشركة الطاعنة بتاريخ 7/6/1984 بوظيفة في الدرجة الثالثة التي عينت عليها المطعون ضدها وفي وظيفة لها نفس طبيعة عمل الأخيرة وذات الدرجة، ومن ثم فإنها تعد أقدم منها وقيدا عليها في ضم كامل مدة خدمتها السابقة، ولما كانت الطاعنة قد ضمت مدة الخدمة المؤقتة التي قضتها المطعون ضدها بها ومدتها سنة وأربعة أشهر وستة عشر يوما إلى مدة خدمتها، وكانت أقدميتها في الدرجة الثالثة قد أرجعت إلى 13/2/1985، ومن ثم يحق لها – أيضا – ضم جزء من مدة خدمتها السابقة التي قضتها في شركة الإسكندرية للزيوت والصابون بحيث تتساوى في تاريخ إرجاع أقدميتها في هذه الدرجة مع تاريخ تعيين زميلتها المذكورة وتكون تالية لها في ترتيب الأقدمية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضي بضم كامل مدة خدمة المطعون ضدها السابقة إلى مدة خدمتها الحالية على سند من انتفاء قيد الزميل فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.

------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم ... لسنة 2001 عمال سوهاج الابتدائية على الطاعنة - شركة مصر العليا لتوزيع الكهرباء - بطلب الحكم بضم مدتي خدمتها الموسمية والدائمة في الفترتين من 4/8/1982 حتي 1/6/1983، ومن 1/6/1983 حتى 13/2/1985 على التوالي بشركة الإسكندرية للزيوت والصابون إلى مدة خدمتها الحالية بالشركة الطاعنة مع ما يترتب على ذلك من آثار مالية وقانونية، وقالت بيانا لدعواها إنها التحقت بالعمل لدى الطاعنة "شركة توزيع كهرباء جنوب الصعيد بسوهاج سابقا" بتاريخ 14/2/1985 بمهنة "مهندسة كهرباء بالفئة الثالثة"، وكان قد سبق لها العمل في الفترتين المذكورتين بالشركة أنفة البيان في مهنة تتفق طبيعتها مع طبيعة عملها، وإذ يحق لها ضمهما إلى مدة خدمتها الحالية فقد أقامت الدعوى بطلبها سالف البيان. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن قدم تقريره حكمت بضم مدة خدمة المطعون ضدها في الفترة من 13/2/1985 حتى 7/6/1984 ومقدارها ثمانية أشهر وستة أيام إلى مدة خدمتها بالشركة الطاعنة دون أن تسبق زميلاتها المعينين قبلها مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية وفروق مالية. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط "مأمورية سوهاج" بالاستئناف رقم ... لسنة 78 ق، كما استأنفته الطاعنة لدي ذات المحكمة بالاستئناف رقم ... لسنة 78 ق، وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئناف الأخير لسابقة قضت بتاريخ 17/12/2003 في موضوع الاستئناف الأخير برفضه، وفي موضوع استئناف المطعون ضدها بتعديل الحكم المستأنف بجعل المدة اعتبارا من 12/2/1985 حتى 2/6/1983 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أيدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن - على هذه المحكمة - في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنه وفقا لحكم المادتين 2، 3 من قرار رئيس مجلس الإدارة رقم 244 لسنة 1988 يشترط لاحتساب مدد الخبرة العملية ألا تقل المدة السابقة عن سنتين، وأن تتفق طبيعة العمل السابقة وطبيعة العمل الحالية، ويرجع في ذلك إلى لجنة شئون العاملين، وألا يسبق زميله المعين قبله، ولما كانت المطعون ضدها تعمل قبل تعيينها مهندسة بقسم الغلايات، وهي تختلف في طبيعتها مع عملها الحالي "مهندسة صيانة شبكات" وكان الحكم الابتدائي قد قضي بضم مدة ثمانية أشهر وستة أيام فقط حتى لا تسبق زميلتها المعينة في 1984/6/7 أي أن مدة خدمتها تقل عن سنتين، فإنه لا يكون لها الحق في ضم مدة خدمتها السابقة إلى مدة خدمتها الحالية لانتفاء الشروط السالف ذكرها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضي بأحقية المطعون ضدها في ضم كامل مدة خدمتها لدى شركة الزيوت والصابون على سند من أن طبيعة عملها السابقة تتفق مع طبيعة عملها الحالي، وأنه لا يوجد زميل قيد في وظيفة لها نفس طبيعة عملها، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي - في أساسه - سديد، ذلك أن النص في المادة 23 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 على أن "يصدر مجلس إدارة الشركة قرارا بنظام احتساب مدة الخبرة المكتسبة علميا وما يترتب عليها من احتساب الأقدمية الافتراضية والزيادة في أجر بداية التعيين وذلك بالنسبة للعامل الذي تزيد مدة خبرته عن المدة المطلوب توفرها لشغل الوظيفة مع مراعاة أتفاق هذه الخبرة مع طبيعة عمل الوظيفة، كما يضع مجلس الإدارة القواعد التي تسمح بالتعيين بما يجاوز بداية الأجر المقرر للوظيفة وذلك في الحالات التي يتوفر فيها لشاغل الوظيفة خبرة ترفع من مستوى الأداء"، يدل على أن المشرع قد استلزم للاعتداد بمدة الخبرة الزائدة عن المدة المشترطة للتعيين لزيادة أجر التعيين عن بداية الأجر المقرر للوظيفة أن تكون هذه المدة متفقة مع طبيعة عمل هذه الوظيفة وتؤدي إلى رفع مستوى الأداء بها طبقا للقواعد التي يضعها مجلس الإدارة، ونفاذا لهذه المادة أصدر مجلس إدارة الشركة الطاعنة القرار رقم 244 لسنة 1988 واشترط لحساب مدد الخبرة العملية الدائمة والمؤقتة للعاملين حملة المؤهلات الدراسية بشركات القطاع العام ألا تقل المدة السابقة عن سنتين، وأن تكون طبيعة العمل فيها متفقة مع طبيعة عمل الوظيفة التي تعين فيها الموظف ويرجع في تقدير ذلك إلى لجنة شئون العاملين، وألا يسبق العامل زميله في الشركة في وظيفة لها نفس طبيعة وظيفته وعلى درجة من نفس درجته، وكان المقصود بالزميل في مجال حساب مدة الخبرة العملية الزائدة هو زميل مدة الخبرة، أي الزميل الذي له ذات مقدار مدة الخبرة المطلوب حسابها للعامل والمعين في ذات الجهة والمجموعة النوعية قبل العامل وبحيث إذا وجد الزميل اقتصر حق العامل على حساب القدر الذي يؤدي إلى مساواته بالزميل في الأقدمية والأجر وأن يوضع تاليا له في ترتيب الأقدمية استنادا إلى أن المشرع قد راعي التوفيق بين مصلحة العامل في الضم ومصلحة زميله الأقدم منه حتى لا يسبق الأحدث الأقدم بسبب ضم مدة اعتبارية تقوم على الافتراض، ولا يجوز لهذا الافتراض أن يمس الواقع أو يلغيه، لأن الواقع الفعلي أحق بالاعتبار من الوصف الاعتباري، كما وأن المقصود - أيضا - باتفاق طبيعة العمل السابق مع طبيعة العمل الجديد هو أن يكون العمل السابق حسب الاستعداد فيه والتأهيل له مماثلا للعمل الحالي، وليس المقصود بهذه المماثلة اتحاد العمل السابق مع العمل الجديد أو أن يكون الاختصاص واحدا في العملين أو أن يكون العملان متطابقين تماما بحيث يتحاذيان من جميع الوجوه. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن المطعون ضدها حاصلة على مؤهل عال "بكالوريوس الهندسة عام 1981 قسم كهرباء" وأنها عملت لدى شركة الإسكندرية للزيوت والصابون اعتبارا من 4/8/1982 حتى 30/6/1983 بموجب عقد عمل موسمي بوظيفة "مهندس كهرباء ثالث"، وقد تم تثبيتها بعد ذلك في هذا التاريخ بذات الوظيفة إلى أن انتهت خدمتها بها في 14/2/1985 بالاستقالة، بما يدل على أن مدة خدمتها المؤقتة والدائمة السابقة تربو على السنتين، واذ التحقت بالعمل بعد ذلك لدى الشركة الطاعنة في 13/2/1985 بموجب عقد عمل مؤقت بوظيفة "مهندس ثالث صيانة شبكات"، وتم تثبيتها في 30/6/1986 على ذات الوظيفة بالدرجة الثالثة، فإن العملين - وقد باشرتهما المطعون ضدها مؤهلة لهما من الناحية العملية باعتبارها حاصلة على بكالوريوس الهندسة قسم كهرباء - يكونان حسب الاستعداد فيهما والتأهيل لهما متفقين في طبيعتهما، إلا أنه لما كان البين من جدول المقارنة الذي أجراه الخبير المنتدب في الدعوى أنه توجد زميلة للمطعون ضدها هي ... حاصلة على ذات المؤهل وعينت لدى الشركة الطاعنة بتاريخ 7/6/1983 بوظيفة في الدرجة الثالثة التي عينت عليها المطعون ضدها وفي وظيفة لها نفس طبيعة عمل الأخيرة وذات الدرجة، ومن ثم فإنها تعد أقدم منها وقيدا عليها في ضم كامل مدة خدمتها السابقة، ولما كانت الطاعنة قد ضمت مدة الخدمة المؤقتة التي قضتها المطعون ضدها بها ومدتها سنة وأربعة أشهر وستة عشر يوما إلى مدة خدمتها، وكانت أقدميتها في الدرجة الثالثة قد أرجعت إلى 13/2/1985، ومن ثم يحق لها – أيضأ - ضم جزء من مدة خدمتها السابقة التي قضتها في شركة الإسكندرية للزيوت والصابون بحيث تتساوى في تاريخ إرجاع أقدميتها في هذه الدرجة مع تاريخ تعيين زميلتها المذكورة وتكون تالية لها في ترتيب الأقدمية، واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضي بضم كامل مدة خدمة المطعون ضدها السابقة إلى مدة خدمتها الحالية على سند من انتفاء قيد الزميل، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، يتعين القضاء في موضوع الاستئنافين رقمي ...، ... لسنة 78 ق أسيوط "مأمورية سوهاج" برفضهما وتأييد: الحكم المستأنف.

الطعن 4284 لسنة 74 ق جلسة 11 / 6 / 2015 مكتب فني 66 ق 129 ص 853

جلسة 11 من يونيه سنة 2015

برئاسة السيد القاضي/ د. سعيد فهيم خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ بدوي إدريس، كمال عبد الله، محمد السيد محمد نواب رئيس المحكمة وأشرف أبو العز.
---------------

(129)
الطعن رقم 4284 لسنة 74 القضائية

(1 ، 2) دستور "عدم الدستورية: أثر الحكم بعدم الدستورية". قانون "دستورية القوانين: أثر الحكم بعدم دستورية قانون أو لائحة".
(1) الحكم بعدم دستورية نص قانوني أو لائحة. أثره. عدم جواز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية. انسحاب هذا الأثر على الوقائع والمراكز القانونية السابقة على صدوره حتى ولو أدرك الدعوى أمام محكمة النقض. تعلق ذلك بالنظام العام. لمحكمة النقض إعماله من تلقاء نفسها.
(2) قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص الفقرة الرابعة من م 99 ق هيئة الشرطة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بق 109 لسنة 1971 قبل استبداله بق رقم 25 لسنة 2012 وسقوط باقي فقراته وقراري وزير الداخلية رقمي 1050 لسنة 1973، 444 لسنة 1983 المنشور بالجريدة الرسمية، مؤداه. صيرورة الحكم الجنائي البات الصادر من المحكمة الجنائية العسكرية بإدانة تابع الطاعن بصفته بتهمة الإصابة الخطأ استنادا لأحكام تلك النصوص المقضي بعدم دستوريتها وسقوط ما ارتبط بها من فقرات منعدما. علة ذلك، مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ.

--------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة، ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاء كاشفا عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذه، ولازم ذلك عدم جواز تطبيقه ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله المحكمة من تلقاء ذاتها.

2 - إذ كانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت بتاريخ 4/ 11/ 2012 حكمها في القضية رقم 133 لسنة 26 ق المنشور في العدد 45 (ب) في الجريدة الرسمية في 14/ 11/ 2012 بعدم دستورية نص الفقرة الرابعة من المادة 99 من قانون هيئة الشرطة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971 قبل استبداله بالقانون رقم 25 لسنة 2012 وسقوط باقي فقراته وقراري وزير الداخلية رقمي 1050 لسنة 1973، 444 لسنة 1983 الصادر أولهما بلائحة جزاءات أفراد هيئة الشرطة وبتحديد جهات وزارة الداخلية التي تتولى الاختصاصات المنصوص عليها في قانون الأحكام العسكرية وتنظيم السجون، وثانيهما بإعادة تنظيم الإدارة العامة للقضاء العسكري والذي امتد أثره إلى كامل نظام مساءلة ضباط وأفراد هيئة الشرطة أمام المحاكم العسكرية طبقا لقانون الأحكام العسكرية عن الجرائم التي تقع منهم بسبب تأدية أعمال وظائفهم، وعن كافة الجرائم التي ترتكب منهم، ما لم يكن فيها شريك أو مساهم من غيرهم، وبما تضمنه ذلك النظام من قواعد وإجراءات تتعلق بمحاكمتهم، وما اسبغ بمقتضاه على الأحكام الصادرة في شأنهم من تلك المحاكم من حجية وصيرورتها باته غير قابلة للطعن عليها أمام أية جهة، إذ كان الثابت من الأوراق أن النيابة الشرطية للإسكندرية قد أحالت تابع الطاعن بصفته - المجند/ ... إلى المحاكمة العسكرية في قضية الجنحة رقم ... لسنة 1999 استنادا لأحكام القانون رقم 109 لسنة 1971، وقراري وزير الداخلية رقمي 1050 لسنة 1973، المادة 4 من القرار رقم 444 لسنة 1983 السالف الإشارة إليهما لما نسب إليه من أنه بتاريخ 7/ 11/ 1998 بميناء الإسكندرية البحري تسبب بإهماله ورعونته حال قيادته للسيارة رقم ... شرطة في إصابة المطعون ضده (وآخر) بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي، وأنه حوكم عن تلك التهمة وتمت معاقبته بتاريخ 18/ 2/ 1999 بالغرامة، وتصدق على الحكم بتاريخ 15/ 4/ 1999 نزولا على تلك الأحكام المقضي بعدم دستوريتها، وبسقوط ما كان مرتبطا بها من قرارات، بما مؤداه أن يصبح ذلك الحكم الجنائي معدوما لا يرتب القانون عليه أثرا لصدوره من جهة لا ولاية لها، ومن ثم فإنه لا يتحصن، ولا يكتسب أي حجية باستنفاد طريق الطعن عليه بالتماس إعادة النظر أو بفوات مواعيده، ويجوز التقرير بانعدامه مهما استطالت المدة بين صدوره وتاريخ الطعن عليه إعمالا لحكم المحكمة الدستورية العليا السالف البيان. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، إذ اعتد في قضائه بالتعويض بحجية الحكم الجنائي الصادر من المحكمة العسكرية للشرطة بإدانة تابع الطاعن بصفته عن جريمة إصابة المطعون ضده خطأ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.

-----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن بصفته الدعوى ... لسنة 2002 مدني محكمة الإسكندرية الابتدائية طلبا لحكم يلزمه بأن يؤدي إليه مبلغ 150.000 جنيه تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقته بسبب إصابته في حادث سيارة كان يقودها تابعه، الذي ثبت خطؤه بحكم جنائي قضى بإدانته في الجنحة رقم (...) لسنة 1999 عسكرية الإسكندرية. أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق، وبعد أن استمعت لشاهدي المطعون ضده حكمت بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ 10000 جنيه تعويضا ماديا وأدبيا. استأنف الأخير هذا الحكم بالاستئناف ... لسنة 59 ق الإسكندرية، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف ... سنة 60 ق أمام ذات المحكمة، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين، قضت بتاريخ 14/ 4/ 2004 في الاستئناف الأول بزيادة التعويض المقضي به إلى مبلغ 12000 جنيه، وفي الاستئناف الثاني برفضه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في - غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الحكم الصادر من المحكمة العسكرية للشرطة في الجنحة سند دعوى التعويض بإدانة تابعه وإن تصدق عليه إلا أنه لم يصبح باتا باستنفاد طريق الطعن عليه بالتماس إعادة النظر أو فوات ميعاده من تاريخ الإعلان عملا بقانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع وقضى بالتعويض استنادا إلى حجية ذلك الحكم الجنائي دون أن يتحقق من صيرورته باتا، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث أنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غير ضريبي أو لائحة، عدم جواز تطبيقه اعتبارا من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة، ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاء كاشفا عن عيب لحق النص منذ نشأته، بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لنشره ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام، تعمله المحكمة من تلقاء نفسها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت بتاريخ 4/ 11/ 2012 حكمها في القضية رقم 133 لسنة 26 ق المنشور في العدد 45 (ب) في الجريدة الرسمية في 14/ 11/ 2012 بعدم دستورية نص الفقرة الرابعة من المادة 99 من قانون هيئة الشرطة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971 قبل استبداله بالقانون رقم 25 لسنة 2012، وسقوط باقي فقراته وقراري وزير الداخلية رقمي 1050 لسنة 1973، 444 لسنة 1983، الصادر أولهما بلائحة جزاءات أفراد هيئة الشرطة وبتحديد جهات وزارة الداخلية التي تتولى الاختصاصات المنصوص عليها في قانون الأحكام العسكرية وتنظيم السجون، وثانيهما بإعادة تنظيم الإدارة العامة للقضاء العسكري والذي امتد أثره إلى كامل نظام مساءلة ضباط وأفراد هيئة الشرطة أمام المحاكم العسكرية طبقا لقانون الأحكام العسكرية عن الجرائم التي تقع منهم بسبب تأدية أعمال وظائفهم، وعن كافة الجرائم التي ترتكب منهم، ما لم يكن فيها شريك أو مساهم من غيرهم، وبما تضمنه ذلك النظام من قواعد وإجراءات تتعلق بمحاكمتهم وما أسبغ بمقتضاه على الأحكام الصادرة في شأنهم من تلك المحاكم من حجية وصيرورتها باتة غير قابلة للطعن عليها أمام أية جهة، وكان يبين من الأوراق أن النيابة الشرطية للإسكندرية، قد أحالت تابع الطاعن بصفته - المجند/ ..... - إلى المحاكمة العسكرية في قضية الجنحة رقم ... لسنة 1999، استنادا لأحكام القانون رقم 109 لسنة 1971، وقراري وزير الداخلية رقمي 1050 لسنة 1973، المادة 4 من القرار رقم 444 لسنة 1983، السالف الإشارة إليهما، لما نسب إليه من أنه بتاريخ 7/ 11/ 1998 بميناء الإسكندرية البحري تسبب بإهماله ورعونته حال قيادته للسيارة رقم .... شرطة، في إصابة المطعون ضده (وآخر) بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي، وأنه حوكم عن تلك التهمة وتمت معاقبته بتاريخ 18/ 2/ 1999 بالغرامة، وتصدق على الحكم بتاريخ 15/ 4/ 1999 نزولا على تلك الأحكام المقضي بعدم دستوريتها، وبسقوط ما كان مرتبطا بها من قرارات، بما مؤداه أن يصبح ذلك الحكم الجنائي معدوما لا يرتب القانون عليه أثرا لصدوره من جهة لا ولاية لها، ومن ثم فإنه لا يتحصن، ولا يكتسب ثمة حجية باستنفاد طريق الطعن عليه بالتماس إعادة النظر أو بفوات مواعيده، ويجوز التقرير بانعدامه مهما استطالت المدة بين صدوره وتاريخ الطعن عليه، إعمالا لحكم المحكمة الدستورية العليا السالف البيان. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، إذ اعتد في قضائه بالتعويض بحجية الحكم الجنائي الصادر من المحكمة العسكرية للشرطة بإدانة تابع الطاعن بصفته عن جريمة إصابة المطعون ضده خطأ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.