الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 9 ديسمبر 2021

الطعن 3130 لسنة 87 ق جلسة 3 / 3 / 2019

باسم الشعب

محكمـة النقـض

الدائرة الجنائية الأحد ( أ )

المؤلفة برئاسة السيد القاضي / حمد عبد اللطيـف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضـاة / خالـد مقلد و محمد قنديل ومصطفـى الدخميسي و أشرف كمال المخزنجي نواب رئيس المحكمة

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / حامد أحمد .

وأمين السر السيد / هشام عبد القادر .

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .

في يوم الأحد 26 من جماد آخر سنة 1440 ه الموافق 3 من مارس سنة 2019 م .

أصدرت الحكم الآتي :

في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 3130 لسنة 87 قضائية .
المرفوع مـن :
.........ضد
1 النيابة العامة
2 ....... مدعية بالحقوق المدنية

-----------

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضيـة الجناية رقم 16615 لسنة 2015 قسم كرداسة (والمقيدة بالجدول الكلي برقم 6879 لسنة 2015) . بوصف أنهما في يوم 20 من أكتوبر سنة 2015 بدائرة قسم كرداسة ـ محافظة الجيزة .
ـ استعرضا القوة واستخدما العنف ضد المجنى عليه/ ...... والأهالي قاطني ناحية تواجد المجنى عليه قاصدين ترويعهم وتخويفهم والتأثير على إرادتهما لفرض السطوة عليهم لما دار بين المتهم الثاني وعمة المجني عليه من مشادة احتدت وطأتها وقف فيها المجني عليه للمتهم الثاني كشيم الرجال فكبر المتهم ذلك عليه لقوة نفوذه بناحية سكنه فاستعان بالمتهم الأول واتحدت إرادتهما على ما انتووه وتوجهوا لمحل حدوث الواقعة ملوحين بسلاحهم الناري تالي الوصف وكان من شأن ذلك إلقاء الرعب في نفس المجني عليه والقاطنين بالمنطقة من الأهالي وتكدير أمنهم وطمأنينتهم وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر على النحو المبين بالتحقيقات .
وقد اقترنت بتلك الجناية جناية القتل العمد ذلك أنه في ذات الزمان والمكان :
المتهم الأول : قتل / ...... عمداً إذ أنه إبان اتيانه والمتهم الثاني الأفعال الموصوفة بالتهمة الأولى تدخل المجني عليه لفض المشاجرة فوجه المتهم الأول فوهة سلاحه المعمر بالذخائر ناحيته مطلقاً لعياراً نارياً قاصداً إزهاق روحه فتمكن منه بسلاحه الناري تالي الوصف محدثاً الإصابات التي أبانها تقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته .
المتهم الأول: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن بندقية خرطوش ـ
أحرز ذخائر عدة طلقات استعملها على السلاح الناري آنف البيان دون أن يكون مرخصاً له في حيازتها أو إحرازها .
المتهم الثاني : حاز بواسطة المتهم الأول وبغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن بندقية خرطوش
ـ حاز بواسطة المتهم الأول ذخائر عدة طلقات استعملاها على السلاح الناري آنف البيان دون أين يكون مرخصاً له في حيازتها أو إحرازها .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعت زوجة المجنى عليه المدعوة / .....عن نفسها وبصفتها وصية عن أبنائها القاصرين مدنياً بمبلغ مائتي ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 29 من نوفمبر سنة 2016 عملاً بالمواد 236/2،1 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 6 ، 26/4،2،1 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والمرسوم بقانون 6 لسنة 2012 من الجدول رقم (2) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995 ، مع إعمال المادة 32/2 من قانون العقوبات ؛ بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة وبمصادرة المضبوطات وبإلزامهما بأن يؤديا للمدعية بالحق المدني مبلغ مائتي ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت . بعد أن عدلت الوصف باستبعاد اتهام استعراض القوة وتعديل وصف القتل العمد إلى ضرب أفضى إلى موت مع سبق الإصرار .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض الأول في الأول من يناير سنة 2017، 9 من فبراير سنة 2017 ، والثاني في 4 من يناير سنة 2017 ، وأودعت ثلاث مذكرات بأسباب الطعن الأولى في 16 من الشهر ذاته عن المحكوم عليه الأول موقعاً عليها من الأستاذ/ ...... المحامي ، الثانية والثالثة في 10 ، 22 من ذات الشهر عن المحكوم عليه الثاني موقعاً عليهما من الأستاذين/ ...... المحاميين .
وبجلسة اليوم نظرت المحكمة الطعن حيث سمعت المرافعة على النحو المبين بمحضر الجلسة .

-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقـرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
حيث إن الطعن قد استوفي الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار وإحراز وحيازة سلاح ناري غير مششخن وذخائره بغير ترخيص قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في تطبيق القانون ، والبطلان ؛ ذلك بأن أسبابه جاءت قاصرة وغامضة ومبهمة ولم يدلل على توافر أركان الجريمة التي دانهما بها وتوافر القصد الجنائي لديهما مستدلاً على توافره من خلافات الطاعن الثاني وعمه رغم خلو أمر الإحالة وقائمة أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة من الإشارة اليها ورغم خلو أوراق الدعوي من وجود ثمة خلافات بينهما وبين المجني عليه ، ولم يفطن إلي أن المجني عليه قد استعان بشقيقه للتعدي عليهما وهو ما يوفر لهما حق الدفاع عن النفس ، واستدل علي توافر سبق الإصرار بما لا ينتجه ، كما لم يدلل على اشتراك الطاعن الثاني في الجريمة رغم أن الثابت من أقوال الشهود عدم تواجده وقت وقوعها ملتفتاً عن دفاعه في هذا الشأن ، وعول علي الصور المفرغة من كاميرات المراقبة دون إیراد مؤداها ، ولم يورد مؤدي تحريات المباحث ، وعول عليها في الإدانة رغم قصورها وإمساك مجريها عن الكشف عن مصدرها ، كما عول علي أقوال شهود الإثبات رغم خلوها من رؤيتهم محدث إصابة المجني عليه معتنقا صورة لواقعة الدعوي تخالف حقيقتها لاسيما وأن الواقعة مردها العيار الناري الذي أصاب المجني عليه أثناء استخلاص البندقية من الطاعن الأول فجاءت صورة الواقعة على خلاف ماديتها ، هذا إلى أن الواقعة بفرض صحتها لا تعدو وأن تكون جريمة قتل خطأ وهوما طالب به دفاع الطاعن الأول بتعديل القيد والوصف بيد أن المحكمة التفتت عن طلبه ، وأحال الحكم في شأن بيان أقوال الشاهد الثالث إلى ما أورده من أقوال الأول رغم ما بين شهادتهما من اختلاف وهو ما يصمه بمخالفة الثابت في الأوراق ، فضلا عن انه اسند للشاهد الثاني مشاهدته للطاعن الأول ممسكا السلاح الناري خلافاً للثابت بأقواله بالتحقيقات ومحضر جلسة المحاكمة ، وعول علي تقرير الطب الشرعي رغم كونه لا يصلح سنداً للقضاء بالإدانة ، وعلي الدليلين القولي والفني رغم ما بينهما من تناقض ملتفتاً عن دفاع الطاعن الأول في هذا الشأن ولم تعن المحكمة بتحقيق دفاعه بندب خبير فني من الطب الشرعي ، ولم يستظهر الحكم توافر رابطة السببية بين فعل الطاعن الأول ووفاة المجني عليه والتي مردها لسبب أجنبي لا دخل للطاعن به ، ولم يعرض لدفاعهما القائم على عدم ارتكابهما الجريمة وانتفاء صلتهما بها لاسيما وقد خلت أقوال الشهود والمقطع المصور المعروض علي المحكمة من الوقوف على شخص مرتكب الواقعة فضلا عن أن الطاعن الثاني لم يكن له دوراً في ارتكابها ولم يُشَاهد محرزاً لأسلحة نارية خلالها ، وأضاف الطاعن الأول بأن الحكم بعد أن خلص لاستبعاد ظرف سبق الإصرار في حقهما عاد وأعمل أحكام المسئولية التضامنية بما يصمه بالتناقض ، ودانه بموجب المادة 26 من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة ۲۰۱۲ رغم القضاء بعدم دستورية الفقرة الأخيرة منها فيما تضمنته من حظر استخدام المادة 17 من قانون العقوبات ، وقضى في الدعوى المدنية دون بيان أسماء المدعين بالحقوق المدنية وصفاتهم وصلتهم بالمجنى عليه ، كما أضاف الطاعن الثاني أن ما أورده الحكم في مواضع منه عاد ونفاه في مواضع أخري ، كما أن المدافع عنه دفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس غير أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يسوغ ، وعول في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة المستمدة من القبض الباطل ، ورد على دفاعه بانتفاء نية القتل بما لا يصلح ردا ، ورغم استبعاده جريمة البلطجة غير أنه لم يشر بمنطوقة بالقضاء فيها بالبراءة ، وأخيرا فإن المحكمة استبدت بها الرغبة في إدانتهما ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله " حيث أن واقعات الدعوي حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستقاة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أنه بتاريخ 20/10/2015 علي إثر خلافات مالية بين المتهم الثاني / فاروق محمد فاروق ابراهيم وعمه / وليد فاروق ابراهيم شب شجار بينهما فقام الأخير بصفع المتهم الثاني علي وجهه مما أثار حفيظته وحط من قدره بين أقرانه وجيرانه بمنطقة سكنه فاستدعى المتهم الأول / وليد كامل محمد علي تليفونياً طالباً منه الحضور لمناصرته واتفقا فيما بينهما وعقدا العزم وبيتا النية علي إيذاء عم المتهم الثاني بدنيا وتأديبه لعدم تكرار تعديه عليه مرة أخرى وهما أصحاب السطوة والنفوذ ولا يجوز لأيا من كان الوقوف أمامهما أو الاعتراض عليهما وأعدا لذلك الغرض سلاحا ناريا ( بندقية خرطوش ) وذخائر ( خمس طلقات ) بمعرفة المتهم الأول وتوجها لمكان تواجد عم المتهم الثاني وما أن ظفرا به حتي اطلق المتهم الأول صوبه عياراً نارياً لم يصبه وأصاب المجني عليه / سليمان صالح سليمان الذي تصادف تواجده بمكان الواقعة محاولا فض النزاع فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ولم يقصدا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضي إلى موته وقد تمكن الأهالي من ضبطهما والسلاح وتسليمهم للنقيب / عمرو سيد محمد عبد الجليل عقب وصوله لمكان الواقعة وقد ثبت بتقرير الصفة التشريحية أن إصابة المجني عليه جائزة الحدوث من مثل السلاح والطلقات المضبوطين وتعزي وفاة المجني عليه إلى الإصابة النارية الرشية بالفخذ الأيسر وما أحدثته من تهتك بالشريان الفخذي الأيسر ونزيف دموي غزير ". لما كان ذلك ، وكان الحكم قد بين الواقعة بما تتوافر به جميع العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بارتكابها و أورد مؤدى أقوال شهود الإثبات وما ثبت لدى المحكمة من تقرير الصفة التشريحية في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، وكان من المقرر أنه ينبغي ألا يكون الحكم مشوباً بإجمال أو إبهام مما يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده في التطبيق القانوني على واقعة الدعوى إلا أن المقرر أيضا أن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وإذ كان مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً في تفهم واقعة الدعوى بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإنه ينتفي عنه قالة القصور والغموض والإبهام . لما كان ذلك ، وكانت جرائم الجروح عمداً والتي ينشأ عنها عاهة مستديمة وجرائم الضرب المفضي إلى الوفاة لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ولما كانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في واقعة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يُقبل منهما أمام محكمة النقض ولا يجديهما تعللهما بعدم وجود خلافات بينهما وبين المجني عليه أو تساند الحكم في قضائه علي وجود خلافات بين الطاعن الثاني وعمه رغم خلو أمر الإحالة وقائمة أدلة الثبوت من الإشارة إليها لأن ذلك كله يتصل بالباعث وهو غير مؤثر في توافر القصد الجنائي . لما كان ذلك ، وكان الأصل في الدفاع الشرعي أنه من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ولا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما عرفها القانون أو ترشح لقيامها لما كان ذلك وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعا أمام محكمة الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعي ، وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة ولا ترشح لقيامها فإن النعي على الحكم بذلك يكون غير سدید . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لظرف سبق الإصرار واستظهر توافره في حق الطاعنين في قوله " وحيث انه عن ظرف سبق الإصرار فانه لما كان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تُستفاد من وقائع وظروف خارجية وأن اثبات سبق الإصرار مسألة موضوعية تستنتج من ظروف الحال ووقائع الدعوي وله من القرائن ما يدل عليه وهو أن يعد الجاني عدته قبل وقوعه أو أن يتظاهر بمظاهر تخالف الحقيقة وصولا لتحقيق هدفه ولما كان مناط تحقق هذا الظرف هو أن يرتكب الجاني الجريمة وهو هادي البال بعد اعمال فكره في هدوء وروية أي يجب أن يسبق الجريمة زمن ما يكون المتهم قد فكر فيه ورتب ما عزم عليه ووازن بين مزاياه وأخطائه وتدبر عواقبه وليست العبرة بمضي الزمن بذاته بين التصميم والجريمة طال أم قصر بل العبرة بما يقع في ذلك الزمن من التدبير والتفكير ومتي توافر ظرف سبق الإصرار فإن الجريمة تعتبر مقترنة به و ملازماً لها . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالتحقيقات أن المتهمين صمما علي ایذاء عم المتهم الثاني المدعو/ وليد فاروق ابراهيم لوجود خلف سابق بينه وبين المتهم الثاني بسبب قيامه بصفع المتهم الثاني على وجهه والحط من قدره فاتفقا فيما بينهما وفكرا وتدبرا وقلبا الأمر من جميع وجوهه وجوانبه واستقر رأيهما علي ايذائه واعدا سلاحا ناريا " بندقية خرطوش " وذخائر احضرهما المتهم الأول وتقابلا وتوجها لمكان تواجد عم المتهم الثاني لتنفيذ ما انتويا عليه وما أن ظفرا به حتي قاما بارتكاب جريمتهما فاحدثا اصابة المجني عليه سليمان صالح سليمان والتي أودت بحياته الأمر الذي تستخلص منه المحكمة مما تقدم أن المتهمين فكرا وتدبرا ووزانا بين مزايا واخطاء إقدامهما علي هذه الجريمة وانتهيا من ذلك التفكير الهادئ المتروي إلى التصميم على ارتكاب الجريمة بالصورة التي تمت عليها الأمر الذي يوفر ظرف سبق الإصرار في حقهما " وكان ما ساقه الحكم فيما تقدم سائغاً ويتحقق به ظرف سبق الإصرار، كما هو معرف به في القانون ، ذلك بأن ظرف سبق الإصرار حالة ذهنية بنفس الجاني قد لا يكون له في الخارج أثر محسوس يدل عليه مباشرة ، وإنما هو يستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلص منها القاضي توافره مادام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره . ومن ثم كان النعي على الحكم بالقصور والفساد في الاستدلال في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين فإن ذلك يرتب في صحيح القانون تضامناً بينهما في المسئولية الجنائية ويكون كل منهما مسئولاً عن جريمة الضرب المفضي إلى الموت التي وقعت تنفيذاً لقصدهما المشترك الذي بيتوا النية عليه باعتبارهما فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يستوي في هذا أن يكون محدث الإصابة التي أدت إلى الوفاة معلوماً ومعينا من بينهما أو غير معلوم ، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون غير مقبول ، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة كل من المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة ، أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعنية أو ساهم فعلا بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها، وكان ما أورده الحكم في بیان واقعة الدعوى وما ساقه من أدلة الثبوت فيها كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلا منهما قصد قصد الأخر في إيقاعها وقارف فعلا من الأفعال المكونة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت ، فإن ما انتهى إليه الحكم من ترتيب التضامن في المسئولية بينهما واعتبارهما فاعلين أصليين لجريمة الضرب المفضي إلى الموت طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يكون سديدا . لما كان ذلك ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على ما استبان لها من تفريغ كاميرات المراقبة لمكان الحادث وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا يحاج على الحكم إن هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه مادام أنه لم يتخذ منها دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة قبل الطاعنين ويكون منعى الطاعن الثاني على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن أورد مودي أدلة الإثبات أورد تحريات الشرطة بقوله:" وشهد النقيب / عمرو سید محمد عبد الجليل معاون مباحث مركز شرطة كرداسة بأنه وبالانتقال علي إثر البلاغ الوارد تمكن من ضبط المتهمين والسلاح الناري المستخدم وأضاف بأن تحرياته السرية قد توصلت لصحة الواقعة على نحو ما قرر به سابقوه " وكان ما أورده الحكم بالنسبة لتحريات الشرطة يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مودي الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة فإن المحكمة لم تكن ملزمة من بعد بأن تورد مؤدي تلك التحريات تفصيلاً حسبما أورده الحكم بياناً للواقعة ومودي الأدلة على صحة الاتهام وحسبها في ذلك أن يكون الدليل الذي اطمأنت إليه واقتنعت به له مأخذه الصحيح من الأوراق ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، ولا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري ، ولما كان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال النقيب/ عمرو سيد محمد عبد الجليل على النحو الذي شهد به وسطره الحكم في مدوناته فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ، ويضحى ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوی کما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ، وأنه لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن يُنبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا يُنظر على دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية على ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها على ما انتهت إليه ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة عليها من محكمة النقض ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقا للتصوير الذي أورده ، وكانت الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق ولا يجادل الطاعنان في أن لها معينها من الأوراق فإن كل ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وهو ما لا يُقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية الضرب المفضي إلى الموت كما هي معرفة به في القانون وكان النعي بأن الواقعة مجرد جنحة قتل خطأ لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد أخر مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به ، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، كما أن من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، لما كان ذلك ، وكان المعنى المشترك بين شهادة الشاهدين الثاني والثالث وباقي الشهود هو إحراز الطاعن الأول للسلاح الناري وقت الحادث والذي أُطلق منه عياراً أصاب المجني عليه فإن ما يثيره الطاعنان بدعوى الخطأ في الإسناد في هذا الشأن لا يكون له محل وليس بذي أثر من بعد أن يكون لأي من الشهود قول آخر غير الذي أوردته عنه المحكمة - على فرض صحة ذلك - لما هو مقرر من أن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه وهو الحال في الدعوى الماثلة - . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التقارير الطبية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة إحداث الإصابات إلى المتهمين إلا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشهود في هذا الخصوص فلا يعيب الحكم استناده إليها ومن ثم فإن مجادلة الطاعن الأول في أن المحكمة عولت على تقرير الصفة التشريحية في نسبة إحداث إصابات المجني عليه إليه والطاعن الثاني لا يكون لها محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق وكان الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات الذي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من تقرير الطبيب الشرعي فإن ما ينعاه الطاعن الأول في هذا الخصوص يكون على غير أساس ، وفضلا عن ذلك فإن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر منازعة لدى محكمة الموضوع بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني ولم يطلب من المحكمة تحقيق دفاعه بندب خبير فني من الطب الشرعي ، فليس له من بعد أن ينعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يُطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه أو الرد على دفاع لم يثره أمامها ، ولا يُقبل منه التحدي بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض ، ذلك بأنه دفاع موضوعي لا يُقبل منه النعي على المحكمة بإغفال الرد عليه مادام أنه لم يتمسك به أمامها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها فمتى فصل في شأنها اثباتاً ونفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه مادام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن - وآخر - ضربا المجني عليه مع سبق الإصرار بإطلاق عيار ناري صوبه فأصابه بتهتك بالشريان الفخذي الأيسر ودلل على توافر رابطة السببية بين هذا الفعل وبين وفاة المجني عليه ، وذلك من واقع تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه الذي انتهى إلى أن إصابة المجني عليه أدت إلى وفاته فإنه يكون قد أثبت بما فيه الكفاية العناصر التي تستقيم بها علاقة السببية بين فعلته والنتيجة التي حدثت ومن ثم فإن منعى الطاعن الأول على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن الأول بالتفات المحكمة عما ساقه من أوجه دفاع تشهد بعدم ارتكابه الواقعة التي نسبت إليه ، وما يثيره الثاني من انتفاء صلته بها لا يعدو أن يكون دفاعاً بنفي التهمة وهو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم وبحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئیات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يخلص الي استبعاد ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين - على خلاف ما يزعمه الطاعن الأول بوجه الطعن - فإن منعاهما في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجرائم الضرب المفضي الى الموت مع سبق الإصرار وإحراز وحيازة سلاح ناري غير مششخن وذخائره بغير ترخيص وأعمل في حقهما المادة ۳۲ من قانون العقوبات وأوقع عليهما عقوبة واحدة هي العقوبة المقررة لجناية الضرب المفضي إلي الموت مع سبق الإصرار التي أثبتها في حقهما باعتبارها الجريمة الأشد فإنه لا جدوى للطاعن الأول مما يثيره تعييباً للحكم في خصوص جنايتي إحراز السلاح الناري والذخائر . لما كان ذلك ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة في السابع والعشرين من يوليه سنة ۲۰۱6 أنه أثبت به اسم المدعية بالحقوق المدنية وهي بسمة سعيد مصطفي زوجة المجني عليه عن نفسها وبصفتها وصية عن القصر " يوسف و علي " أولاد المجني عليه ، وأنها إدعت مدنياً قبل الطاعنين بمبلغ مائتي ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني الموقت ، فضلا عن أن مدونات الحكم قد تضمنت - خلافا لما يزعمه الطاعن الأول - ذات البيانات ، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يُعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، لما كان ذلك ، وكان الحكم قد خلا من هذا التناقض فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن لا يكون له محل ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس بقوله " وحيث أنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم توافر حالة من حالات التلبس فمردود بأن المادتين ۳۷، ۳۸ من قانون الاجراءات الجنائية أجازتا لغير مأموري الضبط القضائي من أحاد الناس أو من رجال السلطة العامة تسليم واحضار المتهم إلى اقرب مأمور للضبط القضائي في الجنايات أو الجنح التي يجوز فيها الحبس الاحتياطي أو الحبس علي حسب الاحوال متي كانت الجناية أو الجنحة في حالة تلبس واذ كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المتهمين اتفقا وعقدا العزم وبيتا النية علي ايذاء عم المتهم الثاني بدنيا وتهديده حتى لا يعود إلى فعلته بتعديه على المتهم الثاني فأعدا سلاحاً نارياً " بندقية خرطوش " وذخائر أحضرهما المتهم الأول وتقابلا وتوجها لمكان تواجد عم المتهم الثاني لتنفيذ ما انتويا عليه وما ظفرا به حتى قاما بارتكاب جريمتهما فأحدثا اصابة المجني عليه / سليمان صالح سليمان والذي تصادف وجوده لفض النزاع ولم يقصدا قتلاً ولكن الضرب أفضي إلي موته ، فان ما فعله الأهالي بضبط المتهمين والسلاح بوصفهم من أحاد الناس وتحفظهم علي المتهمين لحين وصول الشرطة والابلاغ بما وقع منهم لا يعدو في صحيح القانون إلا أن يكون تسلیم وإحضار للمتهمين لأقرب مأمور للضبط القضائي بعد مشاهدتهم للمتهمين في حالة تلبس ومن ثم يكون ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص على غير سند وتقضي المحكمة برفضه " وهذا الذي انتهى إليه الحكم صحيح في القانون ، ذلك بأن المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية أجازت لغير مأموري الضبط القضائي من أحاد الناس تسليم وإحضار المتهم إلى أقرب مأمور للضبط القضائي في الجنايات أو الجنح التي يجوز فيها الحبس الاحتياطي متى كانت الجناية أو الجنحة في حالة تلبس ، وتقتضي هذه السلطة - على السياق المتقدم - أن يكون لأحاد الناس التحفظ على المتهم وجسم الجريمة الذي شاهده معه بحسبان ذلك الإجراء ضروريا ولازما للقيام بالسلطة تلك على النحو الذي استنه القانون ، وذلك كيما يسلمه إلى مأمور الضبط القضائي ، وإذ كان ذلك ، وكان ما فعله الاهالي بوصفهم من آحاد الناس من التحفظ على الطاعنين والسلاح المستخدم في ارتكاب الواقعة لحين وصول الشرطة والابلاغ بما وقع منهم والتي حضرت وقامت بضبطهما فإن ما وقع منهم لا يعدو - في صحيح القانون - أن يكون مجرد تعرض مادي يقتضيه واجبهم في التحفظ على المتهم وعلى جسم الجريمة ، بعد أن شاهدوا جناية الضرب المفضي إلى الموت واحراز وحيازة السلاح الناري في حالة تلبس ، وكان يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبي بذاتها عن وقوع الجريمة ، وكان الثابت من مدونات الحكم ، أنه انتهى إلى قيام هذه الحالة ، استنادا إلى ما أورده في هذا الخصوص -على النحو المتقدم - من عناصر سائغة لا يماري الطاعنان في أن لها معينها من الأوراق وكان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس ، أمراً موکولاً إلى محكمة الموضوع دون معقب عليها ، ما دامت الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها فإن النعي عليه في هذا الشأن لا يكون له محل - . لما كان ذلك ، ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تُقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة ، ويكون منعى الطاعن الثاني في هذا الشأن غير قويم ، لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعنين بجرائم الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار وإحراز وحيازة سلاح ناري غير مششخن وذخائر بغير ترخيص ، بعد استبعاد جريمة القتل العمد او الشروع فيها لعدم توافر أركانها ، فإن النعي على الحكم بالقصور في التدليل على نية القتل لا يكون متعلقا بالحكم المطعون فيه ولا متصلاً به ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المصلحة شرط لازم في كل طعن ، فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولاً ، وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره في شأن خلو منطوق الحكم من الإشارة إلى تهمة البلطجة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكانت حالة الانتقام والرغبة في إدانة المحكوم عليهما كلها مسائل داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ومن ثم فإن ما يُثار في هذا المنحى لا يصح أن ينبني عليه وجه الطعن ، لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعیناً رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً .

الطعن 5539 لسنة 86 ق جلسة 4 / 3 / 2017

المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ حمدي أبو الخير ( نائب رئيس المحكمة ) وعضوية السادة القضاة / محمود خضر و بدر خليفة أسامة عباس و خالد إلهامي " نواب رئيس المحكمة "

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / وائل الشيمي.

وأمين السر السيد / نجيب لبيب محمد .

-----------------

" الوقائع "

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم 615 لسنة 2015 مركز القصاصين ( والمقيدة بالجدول الكلى برقم 39 لسنة2015 ) .
بأنه في يوم 23 من يوليو سنة 2013 بدائرة مركز القصاصين – محافظة الإسماعيلية .
بصفته موظفاً عاماً " ضابط بمركز شرطة القصاصين " اختلس أوراقاً وجدت في حيازته بسبب وظيفته أصل المحضر رقم 67 لسنة 2013 جنح القصاصين بأن بدل أصل أوراق ذلك ، المحضر المودع طرفه والمحرر بمعرفته بشأن بلاغ المجنى عليها / نسمة محمود كردى بطبيعة المسروقات والمزيل بتوقيعها بأخرى حال كونه من الأمناء على الودائع ،
وقد ارتبطت تلك الجريمة بجريمتي التزوير واستعمال محرراً مزوراً ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك ، أنه في ذات المكان والزمان : 1 بصفته سالف الذكر ارتكب تزوير في المحرر الرسمي سالف البيان حال كونه المختص وظيفياً بتحريره وكان ذلك ، بطريق الاصطناع وتغيير المحررات ووضع توقيع مزور بأن بدل أصل المحضر المختلس سالف الذكر بآخر مصطنع أثبت بصلبه أقوالاً مغايرة بشأن طبيعة المسروقات عزاها زوراً للمجنى عليها وزيله بتوقيع مزوراً نسبه لتلك المجنى عليها . 2 استعمل المحرر المزور محل التهمة السالفة فيما زور من أجله بأن أحتج به كمحرر صحيح وقيده بدفتر قيد القضايا مع علمه بتزويره .
3 بصفته سالفة الذكر أضرا عمداً بمصالح المجنى عليها سالفة الذكر والمعهود بها لجهة عمله على النحو سالف البيان . 4 سرق المنقولات حقيبة بما تحويه من فيزا كارت ، هاتف محمول ، كاميرا ، لاب توب ، ومبلغ مالي مبين قيمته بالأوراق " سبعة وعشرين ألف جنيه " والمملوكين للمجنى عليها سالفة الذكر بأن قام بالاستيلاء على تلك الحقيبة بمحتوياتها واستخدام الفيزا كارت الخاص بها لسحب ذلك ، المبلغ من حسابها البنكي على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات التل الكبير لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 14 من نوفمبر سنة 2015 عملاً بالمواد
112 / 1 ، 2 بند ب ، 116 مكرر / 1 ، 118 / 1 ، 119 بند 1 ، 119 مكرر بند 1 ، 211 ، 214 ، 318 من قانون العقوبات ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 / 2 من ذات القانون ، بمعاقبته أولاً : بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات مع عزله من وظيفته في التهم الأربعة الأولى ومصادرة المحرر المزور المضبوط . ثانياً : بحبسه لمدة سنتين في التهمة الأخيرة" السرقة " وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 28 ، 30 من نوفمبر سنة 2015 . وأودعت مذكرتان بأسباب الطعن عن المحكوم عليه الأولى في 6 من يناير سنة 2016 موقعاً عليها من الأستاذ / ..... المحامي والثانية 10 من يناير سنة 2016 موقعاً عليها من الأستاذ / ...... المحامي .
وبجلسة اليوم سُمِعَت المرافعة على نحو ما هو مبين بمحضر الجلسة .
------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه – بمذكرتي أسباب طعنه أنه إذ دانه بجرائم الاختلاس حال كونه من الأمناء على الودائع والمرتبط بجريمة تزوير محرر رسمي واستعماله والإضرار بمصالح الغير المعهود بها إلى جهة عمله والسرقة قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك ، بأنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها والظروف التي وقعت فيها ، ولم يورد مؤدى أدلة الإدانة التي عول عليها في قضائه بالإدانة بصورة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة ، وتمسك دفاع الطاعن بانتفاء أركان جريمة الاختلاس بركنيها المادي والمعنوي وأن الطاعن ليس من الأمناء على الودائع بيد أن الحكم المطعون فيه اطرح هذا الدفع بما لا يتفق وصحيح القانون ، ولم يفطن الحكم إلى تداول المحضر محل الواقعة بين أيدي موظفين آخرين بمركز شرطة القصاصين ، هذا إلى إن الحكم دانه بجريمة التزوير في محرر رسمي رغم انتفاء أركانها وأن الواقعة على فرض صحتها لا تعدو أن تكون من قبيل الإقرارات الفردية غير المعاقب عليها وأن التزوير مفضوح وهو ما تمسك به دفاع الطاعن وأغفله الحكم ، فضلاً عن انتفاء ركن الضرر ، ولم يدلل الحكم تدليلاً سائغاً عن واقعة السرقة بركنيها المادي والمعنوي سيما وأن النيابة العامة سبق وأن أصدرت أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية عن هذه الجريمة ، وعول الحكم على أقوال المجني عليها رغم ما شابها من الكذب وعدم معقولية تصويرها للواقعة فضلاً عن وجود خصومة قضائية بينها وبين الطاعن بما ينبئ عن كيدية الإتهام وتلفيقه وهو ما تمسك به دفاع الطاعن واطرحه الحكم المطعون فيه ، ولم يعبأ الحكم بما قدمه من مستندات رسمية في هذا الشأن ولم يورد مضمونها ، كما عول الحكم على تحريات المباحث وأقوال مجريها رغم أنها جاءت ترديداً لأقوال المجني عليها ، كما عول على تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير دون أن يورد مضمونه واكتفي بإيراد نتيجته النهائية ، ولم تبين المحكمة كنه الحرز الذي أثبتت قيامها بفضه ، وأخيراً فإن الحكم لم يؤقت مدة العزل من الوظيفة بل نص عليها مطلقة بالمخالفة لنص المادة 27 من قانون العقوبات ، كل ذلك ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله : " ..... تتحصل واقعة الدعوى في أنه في غضون شهر ابريل سنة 2013 اكتشفت المجني عليها / ...... سرقة حقيبتها والتي طويت على مسروقات عبارة عن لاب توب ماركة h p وإيصالي أمانة قبل شقيقها وكاميرا وهاتف محمول ومبلغ مالي قيمته خمسمائة جنيه مصري ومائتي يورو وكارتي فيزا وهي الأشياء التي كانت بحقيبتها المسروقة عند وصولها لمطار القاهرة قادمة من هولندا حيث تعمل وعند وصولها لمسكنها رفقة زوجها المتهم الملازم أول شرطة / .......والذي يعمل بمركز شرطة القصاصين أبلغته بسرقة حقيبتها واختفائها وطلبت منه مساعدتها في تحرير محضر بالواقعة فقرر لها أنه سيصحبها للمركز حيث يعمل ويحرر لها محضراً بالواقعة وظل لفترة يماطل في مساعدتها في تحرير المحضر إلى أن حدد لها يوم 23 / 7 / 2013 لتصحبه لمركز شرطة القصاصين الجديدة حيث جهة عمله لتحرير المحضر وبالفعل اصطحبها معه وحرر محضراً بالواقعة قيد برقم 67 لسنة 2013 جنح القصاصين أثبتت به المجني عليها المسروقات سالفة ذكرها وسطر ذلك ، المحضر المتهم بيده بصفته ضابطاً بمركز شرطة القصاصين الجديدة ووقعت عليه المجني عليها بخط يدها وقرر لها المتهم أنه سوف يخطر البنوك لإيقاف التعامل على حسابها إلا أنه وحال تواجدها بعملها بهولندا واستعلامها عن رصيدها البنكي تبين لها سحب مبلغ سبعة وعشرين ألف جنيه من حسابها عبر الفيزا كارت المبلغ بسرقتها والتي يعلم المتهم رقمها السري للسحب وطلبت كشف حساب من البنك مصدر بطاقة الفيزا كارت والمودع به حسابها بهولندا فتبين لها أن مكان سحب المبلغ النقدي السالف ذكره تم من ماكينة صرف لبنكين بمركز الباجور ومركز أشمون محل إقامة المتهم وعندما عادت من سفرها تقدمت لنيابة القصاصين للحصول على صورة رسمية من المحضر رقم 67 لسنة 2013 جنح القصاصين لاستبيان ما إذا كان قد صدر قرار بوقف التعامل ببطاقتي الفيزا المسروقين لتقديمها للبنك ففوجئت باختلاف المحضر المرفق عن المحضر التي حررته والموقع منها والذي اختلسه المتهم وغير مضمونه بعدم ذكر سرقة بطاقتي الفيزا كارت ضمن الأشياء التي أبلغت بسرقتها وأن التوقيع المذيل به المحضر والمنسوب لها ليس توقيعها وأن التوقيع محرر بيد المتهم عنها . " ، وساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها استمدها من أقوال المجني عليها والضابط ...... وما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي وما ثبت من تفريغ كاميرات المراقبة المثبتة أعلي ماكينات الصرف الآلي للبنك الأهلي فرع أشمون ومن حافظة المستندات التي قدمتها المجني عليها بتحقيقات النيابة العامة . لما كان ذلك ، ، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جرائم الاختلاس وتزوير محرر رسمي واستعماله والإضرار بمصالح الغير المعهود بها إلى جهة عمله والسرقة التي دان الطاعن بها ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة وظروفها كما هو الحال في الدعوى المطروحة كان ذلك ، محققاً لحكم القانون , ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا محل له . لما كان ذلك ، ، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن بإنتفاء أركان جريمة الاختلاس واطرحه بقوله : " وحيث إنه عن الدفع بعدم انطباق نصوص الاتهام وأمر الإحالة وعدم توافر أركان جريمة الاختلاس فلما كان من المقرر في قضاء المحكمة أنه لا يلزم لتجريم الاختلاس في حكم المادة 112 من قانون العقوبات سوى وجود الشيء تحت يد أي موظف أو مستخدم عمومي ومن في حكمهم ممن نصت عليهم المادة 119 من قانون العقوبات يستوي في ذلك ، أن يكون قد سلم إليه تسليماً مادياً أو أن يوجد بين يديه بسبب وظيفته فلما كان المتهم ضابط شرطة بمركز شرطة القصاصين الجديدة ومن بين من نصت عليهم المادة 119 من قانون العقوبات ومختص بتحرير المحاضر بالمركز وحرر المحضر رقم 67 لسنة 2013 جنح القصاصين أمام المجني عليها ووقعه بدلاً منها بوصفه مختص بتحريره وبدلاً من إرسال المحضر لقيده وإرساله للنيابة العامة للتصرف اختلسه لنفسه وأبدله بآخر زور محتواه ومضمونه على المجني عليها ووقعه بنفسه بتوقيع نسبه زوراً للمجني عليها وذلك ، حسبما جاء بأقوال المجني عليها وأيدته تحريات المباحث الجنائية والتي تطمئن المحكمة لجديتها وأيده كذلك ، تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير والذي انتهى إلى أن التوقيع الممهر به المحضر سالف الذكر به المميزات الخطية لخط المتهم الأمر الذي يكون معه منعي الدفاع في هذا الصدد غير سديد وبعيداً عن محجة الصواب متعيناً رفضه " ، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً في بيان توافر الركن المادي والمعنوي لجريمة الاختلاس ويندفع به ما يثيره الطاعن من عدم توافر أركان جريمة الاختلاس فإن منعاه بذلك ، يكون قائماً على غير ذي محل . لما كان ذلك ، , وكان من المقرر أنه يراد بالأمناء على الودائع كل شخص من ذوي الصفة العمومية أؤتمن بسبب وظيفته أو عمله على مال , ولا يشترط أن تكون وظيفة الشخص حفظ الأمانات والودائع وإنما يكفي أن يكون ذلك ، من مقتضيات أعمال وظيفته , أو كان مكلفاً بذلك ، من رؤسائه مما تخولهم وظائفهم التكليف به , أو أن تكون عهدته التي يحاسب عنها قد نظمت بأمر كتابي أو إداري فإذا كان الثابت من مدونات الحكم أن المتهم وهو يعمل ضابط بمركز شرطة القصاصين الجديدة التابعة لوزارة الداخلية قد حرر المحضر محل الواقعة وتسلمه بصفته الوظيفية ثم اختلسه , فإن الحكم إذ اعتبره من الأمناء على الودائع يكون صحيحاً في القانون , ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد ، هذا إلى أن لا مصلحة الطاعن في النعي على الحكم من أن الطاعن ليس من الأمناء على الودائع ما دامت العقوبة المقضي بها مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذه الصفة . وإذ كان ذلك ، ، وكانت العقوبة المحكوم بها وهي السجن المشدد لمدة خمس سنوات تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة الاختلاس المرتبط بجريمة تزوير محرر رسمي المنطبقة على الفقرة ( ب ) من المادة 112 من قانون العقوبات فإنه لا جدوى من إثارة ذلك ، النعي لأن مصلحة الطاعن منتفية . لما كان ذلك ، , وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها ما يدعيه من شيوع حيازة المحضر رقم 67 لسنة 2013 جنح القصاصين محل الاختلاس بينه وبين باقي العاملين بقسم الشرطة ومن ثم فليس له أن ينعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها , كما لا يحل له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض , هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة وبعدم ارتكاب الجريمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل في الأصل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن وهو موظف عمومي ضابط شرطة بمركز شرطة القصاصين قد ارتكب تهمة التزوير المسندة إليه في المحضر رقم 67 لسنة 2013 جنح القصاصين وذلك ، بأن قام باصطناعه وتغيير الحقيقة فيه حال كونه المختص بتحريره وتوقيعه بتوقيع عزاها للمدعية بالحق المدني , وهو ما تتوافر به جريمة التزوير في محرر رسمي في حقه ، وينحسر عن هذا المحرر وصف الإقرار الفردي كما يزعم الطاعن ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، ، وكان قول الطاعن بأن ما حدث من تزوير في المحرر هو من قبيل التزوير المفضوح مردود بما هو مقرر من أنه لا يشترط في التزوير المعاقب عليه أن يكون قد تم بطريقة خفية أو أن يستلزم كشفه دراية خاصة بل يستوي في توفر صفة الجريمة في التزوير أن يكون واضحاً ولا يستلزم جهداً في كشفه أو أنه متقن ، ما دام أن تغيير الحقيقة في كلا الحالين يجوز أن ينخدع به بعض الأفراد مما يكون هذا الدفاع ظاهر البطلان لا يستلزم رداً خاصاً من الحكم المطعون فيه . لما كان ذلك ، ، وكان لا يشترط لصحة الحكم بالإدانة في جريمة التزوير في محرر رسمي أن يتحدث صراحة عن ركن الضرر ، ما دام قيامه لازماً عن طبيعة التزوير في المحرر الرسمي ، لأن تغيير الحقيقة فيه بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ، ينتج عنه حتماً حصول ضرر بالمصلحة العامة ، لما يترتب على العبث بالورقة الرسمية من غض لقيمتها في نظر الجمهور بحسبانها ذات حجية ، والأخذ بها وتصديقها واجب بحكم القانون ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون على غير سند . لما كان ذلك ، , وكان من المقرر أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية لسبق صدور أمر بألا وجه فيها من النيابة العامة هو من قبيل الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه , ولئن كان هذا الدفع متعلقاً بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض , وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بسبق صدور أمر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية بالنسبة لجريمة السرقة , وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من مقومات صحة هذا الدفع التي تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه في تطبيقه فإن إثارة الطاعن هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة ، هذا إلى أن البين من المفردات بعد ضمها – خلوها من ثمة أمر صادر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية عن جريمة السرقة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد
يكون في غير محله . لما كان ذلك ، ، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً يستند إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك ، مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ولها أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليها وصحة تصويرها للواقعة فإن ما ينعاه الطاعن بشأن عدم صحة ومعقولية أقوالها ، يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ، ما دام الرد مستفاداً من القضاء بالإدانة ، استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وما يثيره الطاعن في هذا الشأن هو جدل موضوعي في تقدير الأدلة ، مما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا تجوز مجادلتها فيه ، ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، ، وكان الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، , وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى , وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة المنتجة في الدعوى التي صحت لدى المحكمة على ما استخلصته من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها , واطرحت المحكمة في نطاق ما هو مخول لها في تقدير موضوعي ما جاء بالمستندات المقدمة منه , فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي استنباط المحكمة لمعتقدها وهو مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، ، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة كما هو الحال في الحكم المطعون فيه وكان لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغت به المجني عليها لأن مفاد ذلك ، أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك ، البلاغ فإن منعى الطاعن في هذا الصدد بفرض صحته يكون غير قويم . لما كان ذلك ، ، وكان ما أورده الحكم بمدوناته نقلاً عن تقرير أبحاث التزييف والتزوير كافياً في بيان مضمون ذلك ، التقرير الذي عول عليه في قضائه فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك ، بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى . لما كان ذلك ، , وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة فضت الحرز المحتوي على المستند المزور في حضور الطاعن ومدافعه ومن ثم فقد كان معروضاً على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الطاعن الاطلاع عليه فإن ما يثيره الطاعن عن فحوى الحرز الذي فضته المحكمة لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، , وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات , وقضي بعزله من وظيفته فإن قضاءه يتفق وصحيح القانون ولا مخالفة فيه لنص المادة 27 من قانون العقوبات , ذلك ، أن توقيت عقوبة العزل لا يكون إلا في حالة الحكم بعقوبة الحبس . لما كان ذلك ، ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة عن كل من جرائم الاختلاس المرتبط بجريمة تزوير محرر رسمي واستعماله والإضرار بمصالح الغير المعهود بها إلى جهة عمله وأفرد لجريمة السرقة عقوبة مستقلة على الرغم مما تنبئ عنه صورة الواقعة كما أوردها أن الجرائم قد انتظمتهم خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض فتكونت منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات مما كان يوجب الحكم على الطاعن بعقوبة الجريمة الأشد وحدها وهي العقوبة المقررة لجريمة الاختلاس المرتبط بجريمة تزوير محرر رسمي , ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بإلغاء عقوبة الحبس المقضي بها عن جريمة السرقة المسندة للطاعن اكتفاء بالعقوبة المقضي بها عن التهمة الأولى باعتبارها الجريمة الأشد عملاً بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات ورفض الطعن فيما عدا ذلك ، .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بتصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء عقوبة الحبس مع الشغل لمدة سنتين المقضي بها عن جريمة السرقة فقط ورفض الطعن فيما عدا ذلك  .

الطعن 8 لسنة 2 ق جلسة 5 / 12 / 1981 دستورية عليا مكتب فني 2 دستورية ق 1 ص 5

جلسة 5 من ديسمبر سنة 1981

برئاسة السيد المستشار أحمد ممدوح عطية رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ فاروق سيف النصر وكمال سلامة عبد الله و د. فتحي عبد الصبور ومصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومنير أمين عبد المجيد أعضاء

وحضور السيد المستشار محمد كمال محفوظ المفوض،

والسيد أحمد على فضل الله أمين السر.

-------------

(1)
القضية رقم 8 لسنة 2 قضائية "دستورية"

(1)  دعوى دستورية - المصلحة في الدعوى

تعديل النص القانوني المطعون فيه بعدم الدستورية بعد رفع الدعوى وأحداث هذا التعديل أثره فور نفاذه باعتباره من القوانين المنظمة لإجراءات التقاضي - زوال مصلحة المدعى في الدعوى.
(2)  دعوى دستورية
سبل التداعي في شانها - ليس من بينها سبيل الدعوى الأصلية أو الطلبات العارضة التي تقدم إلى المحكمة مباشرة طعناً في دستورية التشريعات.

-------------
1 - لما كانت الفقرة 12 من المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية المعدلة بالقرار بقانون رقم 36 لسنة 1979 والتي أشركت أعضاء من مجلس الشعب في تشكيل الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا - المطعون بعدم دستوريتها - قد عدلت بعد رفع الدعوى بالقانون رقم 30 لسنة 1981 الذى استبدل بهذا التشكيل تشكيلاً جديداً يضم إلى أعضاء المحكمة عددا مماثلا من الشخصيات العامة بدلاً من أعضاء مجلس الشعب، وكان هذا التعديل قد أحدث أثره فور نفاذ القانون رقم 30 لسنة 1981 باعتباره - في هذا الخصوص - من القوانين المنظمة لإجراءات التقاضي التي تسرى بأثر فورى على ما لم يكن قد فصل فيه من دعاوى أو تم من إجراءات قبل تاريخ العمل بها إعمالاً لحكم المادة الأولى من قانون المرافعات، فحل بذلك التشكيل الجديد محل التشكيل الملغى موضوع الطعن، ومن ثم تكون مصلحة المدعى في دعواه الراهنة قد زالت، وتكون الخصومة الماثلة قد أصبحت غير ذات موضوع، الأمر الذى يتعين معه الحكم باعتبارها منتهية.
2 - لا تقوم ولاية المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية إلا باتصالها بالدعوى اتصالا قانونيا طبقا للأوضاع المقررة في المادتين 27، 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 اللتين رسمتا سبل التداعي في شأن الدعاوى الدستورية وليس من بينها سبيل الدعوى الأصلية أو الطلبات العارضة التي تقدم إلى المحكمة مباشرة طعناً في دستورية التشريعات.


الإجراءات

بتاريخ 15 مارس سنة 1980 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبا الحكم بعدم دستورية المادة الثامنة من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية المعدلة بالقرار بقانون رقم 36 لسنة 1979.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً باعتبار الخصومة منتهية واحتياطيا برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً أبدت فيه الرأي بانتهاء الخصومة.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، حيث التزمت هيئة المفوضين رأيها، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى بصفته وكيلا عن طالبي تأسيس حزب الجبهة الوطنية، كان قد أقام الدعوى رقم 1254 لسنة 25 ق إدارية عليا طالباً إلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على إنشاء حزب الجبهة الوطنية والحكم بالموافقة على إنشائه، وأثناء تداول الدعوى بالجلسات دفع بعدم دستورية القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية المعدل بالقرار بقانون رقم 36 لسنة 1979 وخاصة المادة الثامنة منه فيما نصت عليه من إشراك أعضاء من مجلس الشعب في تشكيل الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة التي يطعن أمامها في قرارات الاعتراض على تأسيس الأحزاب. وبجلسة 23 فبراير سنة 1980 قررت المحكمة تحديد ميعاد أربعة أسابيع لرفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادة الثامنة من القانون رقم 40 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 36 لسنة 79، فأقام المدعى دعواه الماثلة.
وحيث إن المدعى ينعى على المادة الثامنة من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية المعدلة بالقرار بقانون رقم 36 لسنة 1979 مخالفتها لأحكام الدستور ذلك أنها إذ نصت في الفقرة 12 منها على إشراك أعضاء من مجلس الشعب في تشكيل الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة التي يطعن أمامها على قرارات لجنة شئون الأحزاب بالاعتراض على تكوين الأحزاب السياسية، تكون قد خالفت حكم المادة 172 من الدستور بأن أدخلت في تشكيل مجلس الدولة - وهو هيئة قضائية مستقلة - أعضاء سياسيين ومن مجلس الشعب، كما أهدرت حكم المادة 68 من الدستور بأن فرضت على المواطنين هذه المحكمة المشكلة تشكيلاً خاصاً وحالت بذلك بينهم وبين الالتجاء إلى قاضيهم الطبيعي، وأسبغت على مجلس الشعب ولاية القضاء خلافاً لنص المادة 86 من الدستور التي حددت اختصاصاته تحديداً قاطعاً على سبيل الحصر وليس من بينها ممارسة القضاء، بالإضافة إلى أن جلوس بعض أعضاء مجلس الشعب في دائرة من دوائر المحكمة الإدارية العليا - وهى جزء من السلطة القضائية - يعتبر تدخلاً من السلطة التشريعية في شئون القضاء ومساساً بالاستقلال المقرر للمحاكم على خلاف ما تقضى به المادتان 165، 166 من الدستور.
وحيث إن الفقرة 12 من المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية المعدلة بالقرار بقانون رقم 36 لسنة 1979 - كانت تنص على أنه "ويجوز لطالبي تأسيس الحزب خلال الثلاثين يوماً التالية لنشر قرار الاعتراض في الجريدة الرسمية أن يطعنوا بالإلغاء في هذا القرار أمام الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة على أن ينضم لتشكيلها عدد مماثل من أعضاء مجلس الشعب يختارهم المجلس في بداية كل دورة وفقاً للقواعد التي يضعها المجلس" ثم عدلت هذه الفقرة بالقانون رقم 30 لسنة 1981 المعمول به اعتباراً من أول مايو سنة 1981 واستبدلت بها الفقرة التالية "ويجوز لطالبي تأسيس الحزب خلال الثلاثين يوماً التالية لنشر قرار الاعتراض في الجريدة الرسمية أن يطعنوا بالإلغاء في هذا القرار أمام الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا التي يرأسها رئيس مجلس الدولة على أن ينضم لتشكيلها عدد مماثل من الشخصيات العامة يصدر باختيارهم قرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية من الكشوف الخاصة بالشخصيات العامة المنظمة وفقاً لحكم المادة 28 من القانون رقم 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم من العيب". وتقضى المادة 28 من قانون حماية القيم عن العيب المشار إليه بأن "ينظم وزير العدل بقرار منه بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية كيفية إعداد ومراجعة الكشوف الخاصة بالشخصيات العامة التي يختار من بينها أعضاء المحكمة. ويتم اختيار الأسماء التي تتضمنها هذه الكشوف من بين المواطنين المشهود لم بالكفاءة وحسن السمعة بشرط ألا تقل أعمارهم عن أربعين عاماً وألا يكونوا من بين أعضاء السلطة التشريعية".
لما كان ذلك، وكانت الفقرة 12 من المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية المعدلة بالقرار بقانون رقم 36 لسنة 1979 والتي أشركت أعضاء من مجلس الشعب في تشكيل الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا - المطعون بعدم دستوريتها - قد عدلت بعد رفع الدعوى بالقانون رقم 30 لسنة 1981 الذى استبدل بهذا التشكيل تشكيلاً جديداً يضم إلى أعضاء المحكمة عدداً مماثلاً من الشخصيات العامة بدلاً من أعضاء مجلس الشعب، وكان هذا التعديل قد أحدث أثره فور نفاذ القانون رقم 30 لسنة 1981 باعتباره - في هذا الخصوص - من القوانين المنظمة لإجراءات التقاضي التي تسرى بأثر فورى على ما لم يكن قد فصل فيه من دعاوى أو تم من إجراءات قبل تاريخ العمل إعمالاً لحكم المادة الأولى من قانون المرافعات، فحل بذلك التشكيل الجديد محل التشكيل الملغى موضوع الطعن، ومن ثم تكون مصلحة المدعى في السير في دعواه الراهنة قد زالت، وتكون الخصومة الماثلة قد أصبحت غير ذات موضوع، الأمر الذى يتعين معه الحكم باعتبارها منتهية.
لما كان ما تقدم، وكانت ولاية هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالا قانونيا طبقا للأوضاع المقررة في المادتين 27، 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 اللتين رسمتا سبل التداعي في شأن الدعاوى الدستورية وليس من بينها سبيل الدعوى الأصلية أو الطلبات العارضة التي تقدم إلى المحكمة مباشرة طعناً في دستورية التشريعات، وكان طلب المدعى الحكم بعدم دستورية المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية بعد تعديلها بالقانون رقم 30 لسنة 1981 الذى استبدل بأعضاء مجلس الشعب أعضاء من الشخصيات العامة، قد أثاره في مذكرته المقدمة بجلسة 3 أكتوبر سنة 1981 كطلب عارض، وبالتالي لم يتصل بالمحكمة اتصالاً قانونياً، فإنه يتعين الالتفات عنه.
وحيث إنه بالنسبة إلى مصروفات الدعوى فإن المحكمة ترى في تعديل المشرع لنص الفقرة 12 من المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية بالقانون رقم 30 لسنة 1981 بعد أن أقام المدعى دعواه دستوريتها ما يبرر عدم الزامه بمصروفاتها.

لهذه الأسباب:

حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة إلى الطعن بعدم دستورية الفقرة 12 من المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية قبل تعديلها بالقانون رقم 30 لسنة 1981 وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.

أحكام المحكمة الدستورية العليا سنة المكتب الفني 2 (من أول أكتوبر 1981 حتى آخر ديسمبر1983)

الطعن 9 لسنة 1 ق جلسة 6 / 2 / 1982 مكتب فني 2 دستورية ق 2 ص 11
الطعن 39 لسنة 2 ق جلسة 6 / 2 / 1982 مكتب فني 2 دستورية ق 3 ص 18
الطعن 16 لسنة 2 ق جلسة 3 / 4 / 1982 مكتب فني 2 دستورية ق 4 ص 24
الطعن 18 لسنة 3 ق جلسة 3 / 4 / 1982 مكتب فني 2 دستورية ق 5 ص 28
الطعن 29 لسنة 2 ق جلسة 3 / 4 / 1982 مكتب فني 2 دستورية ق 6 ص 31
الطعن 38 لسنة 2 ق جلسة 3 / 4 / 1982 مكتب فني 2 دستورية ق 7 ص 36
الطعن 23 لسنة 3 ق جلسة 15 / 5 / 1982 مكتب فني 2 دستورية ق 8 ص 40
الطعن 39 لسنة 3 ق جلسة 15 / 5 / 1982 مكتب فني 2 دستورية ق 9 ص 45
الطعن 10 لسنة 1 ق جلسة 16 / 5 / 1982 مكتب فني 2 دستورية ق 10 ص 50
الطعن 16 لسنة 3 ق جلسة 5 / 6 / 1982 مكتب فني 2 دستورية ق 11 ص 63
الطعن 26 لسنة 1 ق جلسة 1 / 1 / 1983 مكتب فني 2 دستورية ق 12 ص 67
الطعن 18 لسنة 1 ق جلسة 5 / 2 / 1983 مكتب فني 2 دستورية ق 13 ص 77
الطعن 7 لسنة 2 ق جلسة 5 / 2 / 1983 مكتب فني 2 دستورية ق 14 ص 86
الطعن 16 لسنة 1 ق جلسة 30 / 4 / 1983 مكتب فني 2 دستورية ق 15 ص 94
الطعن 5 لسنة 2 ق جلسة 30 / 4 / 1983 مكتب فني 2 دستورية ق 16 ص 102
الطعن 7 لسنة 3 ق جلسة 30 / 4 / 1983 مكتب فني 2 دستورية ق 17 ص 110
الطعن 31 لسنة 3 ق جلسة 7 / 5 / 1983 مكتب فني 2 دستورية ق 18 ص 117
الطعن 31 لسنة 1 ق جلسة 11 / 6 / 1983 مكتب فني 2 دستورية ق 19 ص 123
الطعن 47 لسنة 3 ق جلسة 11 / 6 / 1983 مكتب فني 2 دستورية ق 20 ص 127
الطعن 48 لسنة 3 ق جلسة 11 / 6 / 1983 مكتب فني 2 دستورية ق 21 ص 148
الطعن 3 لسنة 1 ق جلسة 25 / 6 / 1983 مكتب فني 2 دستورية ق 22 ص 155
الطعن 34 لسنة 2 ق جلسة 25 / 6 / 1983 مكتب فني 2 دستورية ق 23 ص 168
الطعن 49 لسنة 3 ق جلسة 5 / 11 / 1983 مكتب فني 2 دستورية ق 24 ص 172
الطعن 31 لسنة 2 ق جلسة 3 / 12 / 1983 مكتب فني 2 دستورية ق 25 ص 177
الطعن 92 لسنة 4 ق جلسة 3 / 12 / 1983 مكتب فني 2 دستورية ق 26 ص 180
الطعن 10 لسنة 5 ق جلسة 3 / 12 / 1983 مكتب فني 2 دستورية ق 27 ص 193
الطعن 54 لسنة 3 ق جلسة 18 / 12 / 1983 مكتب فني 2 دستورية ق 28 ص 198
-------------------
الطعن 4 لسنة 2 ق جلسة 5 / 12 / 1981 مكتب فني 2 تفسير ق 1 ص 205
الطعن 3 لسنة 2 ق جلسة 6 / 11 / 1982 مكتب فني 2 تفسير ق 2 ص 209
الطعن 1 لسنة 4 ق جلسة 6 / 11 / 1982 مكتب فني 2 تفسير ق 3 ص 213
الطعن 2 لسنة 3 ق جلسة 19 / 3 / 1983 مكتب فني 2 تفسير ق 4 ص 216
الطعن 1 لسنة 5 ق جلسة 11 / 6 / 1983 مكتب فني 2 تفسير ق 5 ص 223
----------------------
الطعن 6 لسنة 2 ق جلسة 7 / 11 / 1981 مكتب فني 2 منازعة تنفيذ ق 1 ص 231
الطعن 9 لسنة 1 ق جلسة 5 / 12 / 1981 مكتب فني 2 تنازع ق 2 ص 233
الطعن 13 لسنة 1 ق جلسة 2 / 1 / 1982 مكتب فني 2 تنازع ق 3 ص 239
الطعن 25 لسنة 1 ق جلسة 2 / 1 / 1982 مكتب فني 2 تنازع ق 4 ص 244
الطعن 2 لسنة 4 ق جلسة 1 / 1 / 1983 مكتب فني 2 تنازع ق 5 ص 250
الطعن 8 لسنة 4 ق جلسة 19 / 3 / 1983 مكتب فني 2 تنازع ق 6 ص 254
الطعن 2 لسنة 4 ق جلسة 7 / 5 / 1983 مكتب فني 2 منازعة تنفيذ ق 7 ص 258
الطعن 7 لسنة 4 ق جلسة 7 / 5 / 1983 مكتب فني 2 تنازع ق 8 ص 263
الطعن 9 لسنة 4 ق جلسة 11 / 6 / 1983 مكتب فني 2 تنازع ق 9 ص 267
الطعن 1 لسنة 4 ق جلسة 11 / 6 / 1983 مكتب فني 2 تنازع ق 10 ص 270
الطعن 12 لسنة 4 ق جلسة 19 / 11 / 1983 مكتب فني 2 تنازع ق 11 ص 273
الطعن 13 لسنة 4 ق جلسة 18 / 12 / 1983 مكتب فني 2 تنازع ق 12 ص 281