الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 9 ديسمبر 2021

القضية 4 لسنة 15 ق جلسة 6 / 7 / 1996 دستورية عليا مكتب فني 8 ج 1 دستورية ق 1 ص 39

جلسة 6 يوليو 1996

بالجلسة العلنية المنعقدة في يوم السبت 6 يوليو سنة 1996 الموافق 20 صفر سنة 1417 هـ
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر -رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: فاروق عبد الرحيم غنيم وسامي فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله

وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفي علي جبالي - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.

--------------

قاعدة رقم (1(

القضية رقم 4 لسنة 15 قضائية "دستورية"

(1) دعوى دستورية "المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها"
مناط المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسائل الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع.
(2) تشريع "نص المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977: مجاوزة نطاق القواعد العامة".
مؤدى إعمال القواعد العامة وفقاً للمادتين 601، 602 من القانون المدني أن دخول شركاء مع مستأجر العين يزاولون فيها نشاطاً تجارياً أو مهنياً أو حرفياً أو صناعياً لا يعتبر تأجيراً من الباطن أو تنازلاً عن الإجارة، بقاء المستأجر وحده - دون هؤلاء الشركاء - طرفاً في العلاقة الإيجارية التي ارتبط بها مع المؤجر. النص على اعتبار عقد الإيجار ممتداً بقوة القانون لصالح شركاء المستأجر في العين المؤجرة التي كانوا يستخدمونها لأغراض لا صلة لها بالسكنى ولو تخلى المستأجر الأصلي عنها، وكان شركاؤه من غير ورثته: مجاوزة النص المشار إليه بذلك نطاق القواعد العامة.
(3) دستور "الملكية الخاصة: حمايتها - تقييدها: وظيفتها الاجتماعية"
كفل الدستور حماية الملكية الخاصة لكل فرد وطنياً كان أم أجنبياً - من غير الجائز أن ينال المشرع من عناصرها ولا أن يغير من طبيعتها أو يدمر أصلها - عدم جواز تقييد مباشرة الحقوق المتفرعة عنها من غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية.
(4) الملكية الخاصة "قيود: وظيفتها الاجتماعية"
من السائغ تحميل الملكية الخاصة بالقيود التي تتطلبها وظيفتها الاجتماعية، والتي تمليها طبيعة الأموال محل الملكية والأغراض التي ينبغي رصدها عليها، محددة على ضوء واقع اجتماعي معين في بيئة بذاتها.
(5) الملكية الخاصة "حمايتها: عدم تسلط الأغيار عليها"
الأموال بوجه عام ينبغي أن توفر لها من الحماية أسبابها التي تعينها على التنمية، لتكون من روافدها، فلا يتسلط أغيار عليها إضراراً بحقوق الآخرين.
(6) عقد الإيجار "امتداده - صيرورته إرثاً - انتزاع العين"
امتداد عقود الأعيان المؤجرة بقوة القانون دون ما ضرورة وبذات شروطها عدا المدة والأجرة يحيل الانتفاع بها إرثاً لغير من يملكونها وأيلولة حقوقهم في شأنها إلى نوع من الحقوق العينية - وهو ما يعدل انتزاع الأعيان المؤجرة من ذويها على وجه التأبيد.
(7) شريعة إسلامية "أموال: مردها - استخلافها - تنظيمها"
الأصل في الأموال - وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية في مبادئها الكلية وركائزها الثابتة - أن مردها إلى الله تعالى، مستخلفاً فيها عباده الذين عهد إليهم بعمارة الأرض، ولي الأمر مكلف شرعاً بالعمل على تنظيم الأموال بما يكفل المقاصد الشرعية التي ترتبط بها. على ولي الأمر أن يعمل من خلال التنظيم التشريعي على ألا تكون الأموال نهباً لآخرين يلحقون بأصحابها ضرراً بغير حق.
(8) حق الملكية "توازن المصالح"
لحق الملكية إطار محدد ينبغي أن تتوازن فيه المصالح ولا تتنافر.
(9) دستور "الملكية الخاصة: تقييدها"
كل قيد على الملكية ينافي وظيفتها الاجتماعية بحيث يستحيل رده إليها إنما يكون مخالفاً للدستور.
(10) إيجار "تشريعات استثنائية: خضوعها للدستور وللرقابة"
التشريعات التي تدخل بها المشرع لتنظيم العلائق الإيجارية لا تعصمها طبيعتها الاستثنائية من الخضوع للدستور، ولا تخرجها من مجال الرقابة القضائية على الدستورية.
(11) دستور "تضامن اجتماعي: مضمونه"
ما نص عليه الدستور في المادة 7 من قيام المجتمع على أساس من التضامن الاجتماعي يعني وحدة الجماعة في بنيانها وتداخل مصالحها لا تصادمها، واتصال روابط أفرادها.
(12) علائق إيجاريه "الأصل فيها"
الأصل في العلائق الإيجارية أن يتحقق التضامن - اجتماعياً - بين مستأجر العين ومؤجرها، وأن تتكامل مصالحهما اقتصادياً.
(13) تشريع "المادة 29/ 2 من القانون رقم 49 لسنة 1977: مزية استثنائية - انتهاك حق الملكية"
انطواء ما قررته هذه المادة من نقل منفعة العين المؤجرة إلى شركاء مستأجرها الأصلي بعد تخليه عنها لصالح هؤلاء الشركاء على مزية استثنائية - انتهاك هذه المزية للمجالات الحيوية لحق الملكية التي لا يجوز أن يمسها المشرع إخلالاً بها - من المتعذر أن يكون المتعاقدان الأصليان قد قصدا إلى تقرير هذه المزية ابتداء.
(14) تشريع "المادة 29/ 2 من القانون رقم 49 لسنة 1977: تأييد عقد الإيجار"
عدم تضمين هذه المادة قيداً يحول دون انتقال العين المؤجرة بعد تخلي شركاء المستأجر الأصلي عنها إلى من يشركونهم معهم في استعمالها وبوصفهم كذلك مستأجرين لها - من المتصور اطراد اتصال أجيالهم بها لا يفارقونها ولو بعد العهد بالعقد الأول فلا ترد لصاحبها أبداً.
(15) تشريع "المادة 29/ 2 من القانون رقم 49 لسنة 1977: ترجيح مصالح المستأجر - إلغاء حق المؤجر في الاستعمال والاستغلال"
انحدار نص هذه المادة بحقوق المؤجر إلى مرتبة الحقوق محدودة الأهمية لتعلو عليها مصالح المستأجر التي رجحها المشرع - حرمان مؤجر العين منها حرماناً مؤبداً - إلغاء المشرع بذلك حق المؤجر في استعمال العين واستغلالها من جديد في الأوجه التي يراها.
(16) تشريع "المادة 29/ 2 من القانون رقم 49 لسنة 1977: تحايل"
حكم هذه المادة يفتح أبواباً عريضة للتحايل ينفذ الانتهاز منها ويتعذر دفعها أو توقيها.
(17) تشريع "المادة 29/ 2 من القانون رقم 49 لسنة 1977: امتداد العقد دون ما ضرورة"
نص هذه المادة فرض على مؤجر العين - ودون ما ضرورة - امتداداً قانونياً لعقد إجارتها - من المتعين أن يكون العقد بديلاً عن هذا التدخل التشريعي ليحدد المؤجر بمقتضاه من يدخلون العين بعد تخلي مستأجرها الأصلي عنها.
(18) تشريع "المادة 29/ 2 من القانون رقم 49 لسنة 1977: عدوان على الملكية"
انحلال نص هذه المادة إلى عدوان على الملكية من خلال نقض بعض عناصرها، وإهداره الكامل للحق في استعمالها واستغلالها - لم يترسم هذا النص الضوابط التي تتوازن من خلالها العلائق الإيجارية.

----------------
1 - إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الصادر في المسائل الدستورية، لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع؛ وكان محور النزاع الموضوعي يدور حول أمرين متعارضين:
أولهما: حق المؤجر في طرد المدعى عليهما الأول والثاني من عين النزاع - وهي محل أعد لمباشرة نشاط تجاري - بعد أن تركها أولهما - وهو مستأجرها لثانيهما باعتباره كان شريكاً في استعمالها.
ثانيهما: حق المدعى عليه الثاني في الاستمرار في شغل هذه العين لاستعمالها في ذات نشاطها السابق، مع إلزام المؤجر بأن يحرر له عنها عقد إيجار يكون فيه أصيلاً.
ويفترض طرد المدعى عليهما الأول والثاني من العين المؤجرة، أن يكون الامتداد القانوني لعقد إيجارها المقرر بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977، مخالفاً للدستور، وهو ما يعني أن المصلحة الشخصية المباشرة للمدعي في إنفاذ هذا الطرد، لا ترتبط إلا بنص هذه الفقرة، ذلك أن الحكم بعدم دستوريتها يعني تجريدها من قوة نفاذها، فلا يقوم للمدعى عليه الثاني بموجبها حق في استمرار استعمال هذه العين في مباشرة النشاط التجاري المتعلق بها، بل ينعدم هذا الحق وجوداً، ليكون زواله مسقطاً كذلك - وبحكم الاقتضاء العقلي - لحق المدعى عليه الثاني في أن يلزم المؤجر بأن يحرر له عقداً جديداً في شأنها، يكون بمقتضاه مستأجراً لها.
2 - النص المطعون فيه نص مستحدث خلت منه التشريعات المنظمة لإيجار الأماكن الصادرة قبل العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977؛ وكان من المقترض - وعملاً بنص المادتين 601 و602 من القانون المدني - ألا يعتبر عقد الإيجار منتهياً بوفاة المستأجر أو المؤجر، وأن يكون لكل من المؤجر وورثة المستأجر حق إنهاء العقد إذا كان الإيجار لم يعقد إلا بسبب حرفة المستأجر وحده، أو كانت الاعتبارات الشخصية في المستأجر هي التي دفعت المؤجر إلى التعاقد معه بحيث لا يصلح ورثته للحلول محله في تحقيق الغرض من الإيجار؛ وكان إعمال القواعد العامة مؤداه أن دخول شركاء مع مستأجر العين التي يزاولون فيها نشاطاً تجارياً أو مهنياً أو حرفياً أو صناعياً، لا يعتبر تأجيراً من الباطن أو تنازلاً عن الإجارة، بل يظل المستأجر وحده - دون هؤلاء الشركاء - طرفاً في العلاقة الإيجارية التي ارتبط بها مع المؤجر، إلا أن النص المطعون فيه جاوز نطاق هذه القواعد، إذ اعتبر عقد الإيجار ممتداً بقوة القانون لصالح شركاء المستأجر في العين المؤجرة التي كانوا يستخدمونها لأغراض لا صلة لها بالسكنى، ولو كان المستأجر الأصلي قد تخلى عنها، منهياً علاقته بها، وكان شركاؤه من غير ورثته.
3 - إن الدستور - إعلاءً من جهته لدور الملكية الخاصة، وتوكيداً لإسهامها في صون الأمن الاجتماعي - كفل حمايتها لكل فرد - وطنياً كان أم أجنبياً - ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفي الحدود التي يقتضيها تنظيمها، باعتبارها عائدة - في الأعم من الأحوال - إلى جهد صاحبها، بذل من أجلها الوقت والعرق والمال، وحرص بالعمل المتواصل على إنمائها، وأحاطها بما قدره ضرورياً لصونها، مُعبداً بها الطريق إلى التقدم، كافلاً للتنمية أهم أدواتها، محققاً من خلالها إرادة الإقدام، هاجعاً إليها لتوفر ظروفاً أفضل لحرية الاختيار والتقرير، مطمئناً في كنفها إلى يومه وغده، مهيمناً عليها ليختص دون غيره بثمارها ومنتجاتها وملحقاتها، فلا يرده عنها معتد، ولا يناجز سلطته في شأنها خصيم ليس بيده سند ناقل لها، ليعتصم بها من دون الآخرين، وليلتمس من الدستور وسائل حمايتها التي تُعينها على أداء دورها، وتقيها تعرض الأغيار لها سواءً بنقضها أو بانتقاصها من أطرافها. ولم يعد جائزاً بالتالي أن ينال المشرع من عناصرها، ولا أن يُغير من طبيعتها أو يجردها من لوازمها، ولا أن يفصلها عن أجزائها أو يدمر أصلها، أو يقيد من مباشرة الحقوق التي تتفرع عنها في غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية. ودون ذلك تفقد الملكية ضمانتها الجوهرية، ويكون العدوان عليها غصباً، وافتئاتاً على كيانها أدخل إلى مصادرتها.
4 - إن الملكية - في إطار النظم الوضعية التي تزاوج بين الفردية وتدخل الدولة - لم تعد حقاً مطلقاً، ولا هي عصية على التنظيم التشريعي، وليس لها من الحماية ما يجاوز الانتفاع المشروع بعناصرها، ومن ثم ساغ تحميلها بالقيود التي تتطلبها وظيفتها الاجتماعية، وهي وظيفة لا يتحدد نطاقها من فراغ، ولا تفرض نفسها تحكماً، بل تمليها طبيعة الأموال محل الملكية، والأغراض التي ينبغي رصدها عليها، محددة على ضوء واقع اجتماعي معين، في بيئة بذاتها، لها مقوماتها وتوجهاتها.
5 ، 6 - إن الحماية التي فرضها الدستور للملكية الخاصة، تمتد إلى كل أشكالها لتقيم توازناً دقيقاً بين الحقوق المتفرعة عنها والقيود التي يجوز فرضها عليها، فلا ترهن هذه القيود تلك الحقوق لتنال من محتواها، أو تقلص دائرتها، لتغدو الملكية في واقعها شكلاً مجرداً من المضمون، وإطاراً رمزياً لحقوق لا قيمة لها عملاً، فلا تخلص لصاحبها، ولا يعود عليه ما يرجوه منها إنصافاً، بل تثقلها تلك القيود لتنوء بها، مما يخرجها عن دورها كقاعدة للثروة القومية التي لا يجوز استنزافها من خلال فرض قيود عليها لا تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، وهو ما يعني أن الأموال بوجه عام، ينبغي أن توفر لها من الحماية أسبابها التي تعينها على التنمية، لتكون من روافدها، فلا يتسلط أغيار عليها انتهازاً أو إضراراً بحقوق الآخرين، متدثرين في ذلك بعباءة القانون، ومن خلال طرق احتيالية ينحرفون بها عن مقاصده، وأكثر ما يقع ذلك في مجال الأعيان المؤجرة التي تمتد عقودها بقوة القانون دون ما ضرورة وبذات شروطها عدا المدة والأجرة، مما يحيل الانتفاع بها إرثاً لغير من يملكونها، يتعاقبون عليها، جيلاً بعد جيل، لتؤول حقوقهم في شأنها إلى نوع من الحقوق العينية التي تخول أصحابها سلطة مباشرة على شيء معين، وهو ما يعدل انتزاع الأعيان المؤجرة من ذويها على وجه التأبيد.
7 - والأصل في الأموال - وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية في مبادئها الكلية وركائزها الثابتة - أن مردها إلى الله تعالى، أنشأها وبسطها، وإليه مرجعها، مستخلفاً فيها عباده الذين عهد إليهم بعمارة الأرض، وجعلهم مسئولين عما في أيديهم من الأموال لا يبددونها أو يستخدمونها إضراراً. يقول تعالى [وأنفقوا مما جعلناكم مستخلفين فيه]. وليس ذلك إلا نهياً على الولوغ بها في الباطل، وتكليفاً لولي الأمر بأن يعمل على تنظيمها بما يكفل المقاصد الشرعية التي ترتبط بها، والتي ينافيها أن يكون إنفاق الأموال عبثاً أو إسرافاً أو عدواناً أو متخذاً طرائق تناقض مصالح الجماعة، أو تخل بحقوق للغير أولى بالاعتبار. وعلى ولي الأمر بالتالي - وصوناً للملكية من تبديد عناصرها - أن يعمل من خلال التنظيم التشريعي، على ألا تكون نهباً لآخرين يلحقون بأصحابها ضرراً بغير حق، أو يوسعون من الدائرة التي يمتد الضرر إليها، ليكون دفع الضرر قدر الإمكان لازماً، فإذا تزاحم ضرران، كما تحمل أهونهما واجباً اتقاء لأعظمهما. وكلما كان الضرر بيناً أو فاحشاً، فإن رده يكون متعيناً، بعد أن جاوز الحدود التي يمكن أن يكون فيها مقبولاً.
8 - لحق الملكية إطار محدد ينبغي أن تتوازن فيه المصالح ولا تتنافر، فلا يميل الميزان عن الحق تغليباً لبعضها إعناتاً، ولا يجوز بالتالي أن يطلق المشرع القيود على الملكية من عقالها، بل يتعين أن يكون للحقوق التي تتفرع عنها دائرة لا يجوز اقتحامها. وبقدر منافاة هذه القيود للحدود المنطقية التي تقتضيها الوظيفة الاجتماعية للملكية، فإنها تنحل عدواناً على الأموال، وانتهاباً لثمارها أو منتجاتها أو ملحقاتها، أو كل ذلك جميعاً، لتؤول الملكية عدماً.
9 - لئن كان الدستور قد نص في المادة 34، على أن الملكية الخاصة التي يصونها، هي تلك التي تتسم بنأيها عن الاستغلال وعدم انحرافها، وبتوافقها في طرق استخدامها مع الخير العام للشعب، إلا أن هذين الشرطين لا ينفصلان عن الوظيفة الاجتماعية للملكية، بل يندرجان تحتها، ويعتبران من عناصرها. ويتعين بالتالي ردهما إليها لينظم القانون أداء هذه الوظيفة بما لا يجاوز متطلباتها. وهو ما يعني أن كل قيد على الملكية ينافي وظيفتها تلك، بحيث يستحيل رده إليها، أو اعتباره متعلقاً بها، إنما يكون مخالفاً للدستور، وعاطلاً بالتالي عن كل أثر.
10 - الطبيعة الاستثنائية التي درج المشرع على تنظيم العلائق الإيجارية من خلالها، على ضوء قواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على خلافها، لا تعصمها من الخضوع للدستور، ولا تخرجها من مجال الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة في شأن دستورية النصوص القانونية جميعها، حتى ما كان منها من قبيل التنظيم الخاص لموضوعها، وبقدر ضرورة هذا التنظيم، واتصاله بمصالح جوهرية لا يجوز التفريط فيها، تتحدد لهذه النصوص مشروعيتها الدستورية.
11 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إن ما نص عليه الدستور في المادة 7 من قيام المجتمع على أساس من التضامن الاجتماعي، يعني وحدة الجماعة في بنيانها، وتداخل مصالحها لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تزاحمها، واتصال روابط أفرادها ليكون بعضهم لبعض ظهيراً، فلا يتفرقون بدداً، أو يتناحرون طمعاً أو يتنابذون بغياً. وليس لفريق من بينهم بالتالي - ولو تذرع بنص في قانون - أن يتقدم على غيره انتهازاً، ولا أن ينال قدراً من الحقوق يعلو بها على غيره عدواناً، ولا أن يحرم من حق بهتاناً، بل يتعين أن يكون نطاق الحقوق التي يتمتعون بها، محدداً وفق أسس موضوعية، تقيم ميزانها عدلاً وإنصافاً.
12 - الأصل في مجال العلائق الإيجارية، هو أن يتحقق التضامن بين مؤجر العين ومستأجرها من الوجهة الاجتماعية، وأن تتكامل مصالحهما من زاوية اقتصادية، فلا تتآكل حقوق مؤجر العين التواء وإيثاراً لمستأجرها، ولا يَنْقَض مؤجرها على حقوق غيره عاصفاً بها أو محدداً مجال تطبقها، وإلا كان كل منهما حرباً على الآخر. ولا يجوز بالتالي أن يكون مغبون الأمس - وهو المستأجر - غابناً، ولا أن يكون تنظيم المشرع للعلائق الإيجارية فيما بين طرفيها، إجحافاً وإعناتاً لأيهما، فلا يُقسط في الحقوق التي يكفلها لكل منهما، بل ينحاز لأحدهما افتئاتاً على الآخر، ليحل الصراع بين هذين العاقدين بديلاً عن التعاون بينهما.
13 - النص المطعون فيه، يفترض لانتقال منفعة العين المؤجرة من مستأجرها الأصلي إلى شركائه في النشاط ذاته، أن يكون هذا المستأجر قد تركها فعلاً بعد قيام هذه الشركة، متخلياً عن الاستمرار فيها لصالح هؤلاء الشركاء؛ وكان ينبغي بالتالي أن يكون هذا التخلي مبرراً لقيام حق المؤجر في طلب إخلائها بعد انقطاع اتصال هذا المستأجر بها، وعلى تقدير أن القيود الاستثنائية التي نظم بها المشرع العلائق الإيجارية إبان أزمة الإسكان، غايتها الحد من تصاعدها وغلواء تفاقمها، وهي بعد ضرورة تقدر بقدرها، ولا يجوز أن تتخطى دواعيها.
إلا أن المشرع قرر نقل منفعة العين المؤجرة إلى هؤلاء الشركاء سواء لأنهم أصبحوا مستأجرين أصليين لها، أم باعتبار أن الحق في استعمال العين لمباشرة النشاط الذي كان يزاول فيها من قبل، قد امتد إليهم بحكم القانون، ليكفل لهؤلاء مزية استثنائية تقتحم بأبعادها حق الملكية انتهاكاً لمجالاتها الحيوية التي لا يجوز أن يمسها المشرع إخلالاً بها. وهي بعد مزية يتعذر أن يكون المتعاقدان الأصليان قد قصدا إلى تقريرها ابتداء، أو أنهما عبرا - صراحةً أو ضمناً - عن تراضيهما عليها، ذلك أن إرادتيهما - حقيقية كانت أم مفترضة - لا يمكن أن تُحمل على اتجاهها أو انصرافها إلى إقحام أشخاص على العلاقة الإيجارية هم غرباء عنها، ومعاملتهم كأصلاء فيها، وإن كانوا دخلاء عليها. وليس من المتصور أن يكون مؤجر العين - وهو يملكها في الأعم من الأحوال - قد عطل مختاراً ونهائياً - الحقوق التي تتصل باستعمالها واستغلالها، سواء كان بطريق مباشر أو غير مباشر.
14 - وفقاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، يعتبر مؤجر العين التي كان مستأجرها الأصلي يباشر فيها نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو حرفياً أو مهنياً، ملتزماً قانوناً - إذا تركها مستأجرها هذا - بأن يحرر لشركاته في ذات نشاطها عقداً جديداً تؤول إليهم أصلاً بمقتضاه الحقوق عينها التي كانت لمستأجرها الأول؛ وكان النص المطعون فيه لا يتضمن قيداً يحول دون انتقالها من بعد - حال تخليهم عن هذه العين - إلى من يشركونهم معهم في استعمالها، وبوصفهم كذلك مستأجرين لها؛ فقد غدا من المتصور اطراد اتصال أجيالهم بها لا يفارقونها، ولو بَعُدَ العهد على العقد الأول، فلا ترد لصاحبها أبداً - ولو كان في أمس الاحتياج لها - ما ظل زمامها بيد من يتداولونها، لا يتحولون عنها.
وليس ذلك إلا تعظيماً لحقوقهم يكاد أن يلحقها بالحقوق العينية التي يباشر صاحبها بموجبها - ووفقاً للقانون - سلطة مباشرة على شيء معين، ليستخلص منه فوائده دون وساطة أحد، وهو ما يناقض خصائص الإجارة باعتبار أن من المفترض أن يكون طرفاها في اتصال دائم طوال مدتها، مما اقتضى ضبطها تحديداً لحقوقهما وواجباتها، وهي فوق هذا تقع على منفعة الأموال المؤجرة لا على ملكيتها، ولا ترتب للمستأجر غير مجرد حقوق شخصية يباشرها قبل المدين.
15 - النص المطعون فيه، ينحدر كذلك بحقوق المؤجر إلى مرتبة الحقوق محدودة الأهمية، لتعلو عليها مصالح المستأجر التي رجحها المشرع، وجعل كفتها هي الأثقل. ومن شأن حمايتها، حرمان مؤجر العين منها حرماناً مؤبداً ترتيباً على انتقال منفعتها إلى الغير انتقالاً متتابعاً متصلاً وممتداً في أغوار الزمن، وهو بعد انتقال لا يعتد بإرادة المؤجر في معدنها الحقيقي، بل يُعْتبر العقد- بعد تخلي مستأجر العين الأصلي عنها - ممتداً بقوة القانون بنفس شروطه الأصلية عدا المدة والأجرة، وهي بعد شروط ما كان المؤجر ليقبلها في شأن هذه العين، لو لم يفرضها المشرع ملغياً حقه في استعمالها واستغلالها من جديد في الأوجه التي يراها.
16 ، 17 - إن النص المطعون فيه، يفتح فوق هذا أبواباً عريضة للتحايل ينفذ الانتهاز منها، ويتعذر دفعها أو توقيها، ذلك أن مباشرة أشخاص جدد لذات النشاط الذي كان مزاولاً في العين المؤجرة لغير أغراض السكنى، قد لا يكون منبئاً عن قيام اتفاق فيما بين مستأجرها الأصلي وبينهم لتكوين شركة يضيفون من خلالها حصصهم إلى أموال يستغلها هذا المستأجر فعلاً في نشاطها، متقاسمين أرباحها وخسائرها، كل بقدر نصيبه فيها بما يوحد مصالحهم في شأنها ويكتل جهودهم من أجل صون أهدافها، بل ساتراً لعقد حقيقي يتغيا مستأجر العين الأصلي بمقتضاه - ومقابل عوض يختص به من دون المؤجر - إحلال آخرين محله في الاستئثار بهذه العين، تسلطاً على نشاطها وانفراداً بتسييره، فلا يقوم أصلاً العقد الظاهر في نية عاقديه، بل تعود على هؤلاء الأغيار وحدهم منافعه، ليكون القول بانضمامهم إليه في مباشرة هذا النشاط من خلال شركتهم، منتحلاً. وحتى في الأحوال التي يقوم الدليل فيها على أن وجود شركاء في العين المؤجرة ليس صورياً، وإن استمرارهم في مباشرة ذات النشاط بها بعد تخلي المستأجر الأصلي عنها، يكفل استثماراً أفضل للأموال التي رصدوها عليها، إلا أن هذا الاعتبار وحده لا يسوغ العدوان على الملكية، ولا يجوز أن ينال من الحقوق المتفرعة عنها بما يجرد أصحابها كلية من مباشرة سلطتهم في استعمال الشيء محلها في الأغراض التي يطلبونها، ذلك أن تراكم الثروة لا يتأتى إلا بحمايتها والتمكين من أسابها، وليس من بينها أن تكون حقوق الأغيار في الانتفاع بالعين المؤجرة، أولى من سلطان أصحابها عليها، ما لم يكن ذلك لمصلحة اجتماعية جوهرية لا يجوز الإخلال بها.
ولا كذلك النص المطعون فيه الذي فرض على مؤجر العين - ودون ما ضرورة - امتداداً قانونياً لعقد إجارتها، ولو كان ذلك لخدمة ذات نشاطها، بل يتعين أن يكون العقد - وباعتباره تصرفاً وعملاً إرادياً - بديلاً عن هذا التدخل التشريعي، ليحدد المؤجر بمقتضاه من يدخلون إلى العين بعد تخلي مستأجرها الأصلي عنها، والشروط التي يتراضون عليها لمباشرة مهنتهم أو حرفتهم أو تجارتهم أو صناعتهم فيها، إذا لم يؤثر هو أن تعود إليه لاستعمالها واستغلالها في الأوجه التي يراها.
18 - النص المطعون فيه، ينحل إلى عدوان على الملكية من خلال نقض بعض عناصرها. وهو بذلك لا يندرج تحت تنظيمها، بل يقوم على إهدار كامل للحق في استعمالها واستغلالها، مُلحقاً بالمؤجر وحده الضرر البين الفاحش. فقد أنشأ هذا النص حقوقاً مبتدأه - بعيدة في مداها- منحها لشركاء المستأجر الأصلي الذين اختصهم دون مسوغ، واصطفاهم في غير ضرورة، بتلك المعاملة التفضيلية التي تقدم المنفعة المجلوبة على مخاطر المفاسد ودرء عواقبها، حال أن دفع المضرة أولى اتقاء لسوءاتها وشرورها، ولأن الأصل حين تتزاحم الأضرار على محل واحد، أن يكون تحمل أخفها، لازماً دفعاً لأفدحها.
وكان ينبغي - من ثم - أن يترسم النص المطعون فيه تلك الضوابط التي تتوازن من خلالها العلائق الإيجارية بما يكون كافلاً مصالح أطرافها غير مؤد إلى تنافرها، ليُقيمها على قاعدة التضامن الاجتماعي التي أرستها المادة 7 من الدستور، والتي تؤكد الجمَاعة من خلالها القيم التي تؤمن بها، وترعى استقرارها. وهي حدود ما كان يجوز أن يتخطاها المشرع، وإلا كان منافياً المقاصد الشرعية التي ينظم ولي الأمر الحقوق في نطاقها.


الإجراءات

في الرابع من فبراير سنة 1992 أودع المدعي قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر.
قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليه الأول، كان قد استأجر من المدعي عيناً في العقار رقم 56 شارع خالد بن الوليد سيدي بشر، اتخذها محلاً للبقالة ومخزناً. وإذ تنازل مستأجر هذه العين عنها إلى المدعى عليه الثاني، مخالفاً بذلك الشرط الفاسخ الصريح الوارد بالعقدين الصادرين في شأنهما بتاريخي 24 و25/ 8/ 1987 على التوالي، فقد أقام المدعي دعويين: أولاهما: برقم 1242 لسنة 1990 مدني إسكندرية كلي ضد المدعى عليهما الأول والثاني، طالباً الحكم بطردهما من عين النزاع. وقد قضى في هذه الدعوى بشطبها بعد أن تراخى المدعي في متابعتها مما حمل المدعى عليه الثاني على تجديدها، ومطالبته المدعي بالسير فيها. فضلاً عن إقامته دعوى فرعية ضد المؤجر والمستأجر الأصلي (المدعى عليه الأول) يطلب فيها إلزام المؤجر بأن يحرر له عقد إيجار في شأن هذه العين. ثانيهما: دعواه المقيدة برقم 3416 لسنة 1990 مدني كلي إسكندرية التي أقامها ضد المدعى عليهما الأول والثاني مطالباً في شقها المستعجل بفرض الحراسة القضائية على هذه العين، وفي الموضوع بطردهما منها.
ونظراً لارتباط هاتين الدعويين، فقد قررت محكمة الموضوع ضمهما ليصدر فيهما حكم واحد. وقد صدر حكمها هذا بجلستها المعقودة في 10/ 12/ 1991 قاضياً برفض طلبات المدعي جميعها في الدعويين اللتين أقامهما، وفي موضوع الدعوى الفرعية التي أقامها المدعى عليه الثاني ضد المؤجر والمدعى عليه الأول، بإلزام مؤجر العين بأن يحرر لرافعها عقد إيجار في شأنها بالشروط ذاتها.
وإذ لم يرتض المدعي هذا الحكم، فقد طعن عليه استئنافياً تحت رقم 99 لسنة 48 قضائية إسكندرية، ثم دفع أثناء نظر هذا الطعن بعدم دستورية الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
وإذ قدرت المحكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وخولته رفع الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، تنص على ما يأتي:
فقرة أولى.......
فقرة ثانية: "فإذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي، فلا ينتهي العقد بوفاة المستأجر أو تركه العين، ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال".
فقرة ثالثة: "وفي جميع الأحوال يلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن لهم الحق في الاستمرار في شغل العين، ويلتزم هؤلاء الشاغلون بطريق التضامن بكافة أحكام العقد".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسائل الدستورية، لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع؛ وكان محور النزاع الموضوعي يدور حول أمرين متعارضين:
أولهما: حق المؤجر في طرد المدعى عليهما الأول والثاني من عين النزاع - وهي محل أعد لمباشرة نشاط تجاري - بعد أن تركها أولهما وهو مستأجرها لثانيهما باعتباره كان شريكاً في استعمالها.
ثانيهما: حق المدعى عليه الثاني في الاستمرار في شغل هذه العين لاستعمالها في ذات نشاطها السابق، مع إلزام المؤجر بأن يحرر له عنها عقد إيجار يكون فيه أصيلاً.
وحيث إن طرد المدعى عليهما الأول والثاني من العين المؤجرة، يفترض أن يكون الامتداد القانوني لعقد إيجارها المقرر بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977، مخالفاً للدستور، وهو ما يعنى أن المصلحة الشخصية المباشرة للمدعي في إنفاذ هذا الطرد، لا ترتبط إلا بنص هذه الفقرة، ذلك أن الحكم بعدم دستوريتها يعني تجريدها من قوة نفاذها، فلا يقوم للمدعى عليه الثاني بموجبها حق في استمرار استعمال هذه العين في مباشرة النشاط التجاري المتعلق بها، بل ينعدم هذا الحق وجوداً، ليكون زواله مسقطاً كذلك - وبحكم الاقتضاء العقلي - لحق المدعى عليه الثاني في أن يلزم المؤجر بأن يحرر له عقداً جديداً في شأنها، يكون بمقتضاه مستأجراً لها.
وحيث إن المدعي ينعي على النص المطعون فيه، مخالفته أحكام المواد 8 و34 و40 و57 من الدستور، ذلك أنه أخل بالحماية التي كفلها الدستور لحق الملكية، وأهمل حقوق المؤجر في غير ضرورة، بأن أعرض عنها، مضحياً بها، مغلباً عليها حقوق غرباء عن العلاقة الإيجارية، كافلاً استمرار استعمالهم للعين المؤجرة والتسلط عليها حتى بعد تخلي مستأجرها الأصلي نهائياً عنها، ليفرض على مؤجرها - وبالمخالفة لشروط عقد الإيجار - التعامل مع أشخاص لا يرتضيهم بصفتهم مستأجرين لها، حال أن اعتبارهم أطرافاً في العلاقة الإيجارية، لم يكن ملحوظاً أصلاً عند إبرامها، بما يناقض مبدأ سلطان الإرادة، ويهدم كذلك حرية الاختيار قوام النفس البشرية، وأساس آدميتها. كذلك أخل النص المطعون فيه بمبدأ تكافؤ الفرص، وبالمساواة أمام القانون، حين مايز بين فئتين من المؤجرين على غير أسس موضوعية، فبينما قضى باستمرار عقد الإيجار لصالح شركاء المستأجر الأصلي في العين المؤجرة المتخذة مقراً لمزاولة نشاط تجاري، دون أن يرتب لمالكها أي حق قبلهم، فإن الفقرة الأولى من المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، تخول مالك العين المؤجرة - إذا قام مستأجرها ببيع المتجر أو المصنع الذي أنشئ بها أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى - الحصول على 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل حسب الأحوال، بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين.
وحيث إن البين من مضبطة الجلسة السابعة والسبعين لمجلس الشعب المعقودة في 30 من يوليو 1977، إبان الفصل التشريعي الثاني لدور الانعقاد الأول، أن النص المطعون فيه لم يكن وارداً أصلاً في مشروع الحكومة، بل ذكر بعض الأعضاء بلجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير بمجلس الشعب أن ثمة أماكن مؤجرة لمزاولة مهنة حرة لم يتعرض لها المشروع بالتنظيم، وقد يوجد شركاء يزاولون مع مستأجر العين حرفتهم أو مهنتهم، وهم يريدون أن يحصنوا أنفسهم، فلا تنقطع صلتهم بالعين المؤجرة بعد وفاة مستأجرها. واستجابة لهذا الاتجاه، عَدَّل مقرر هذه اللجنة نص المادة 31 من المشروع، مضيفاً إليها فقرة أخيرة تنص على أنه إذا كانت العين مؤجرة لمزاولة حرفة أو مهنة، فإن العقد لا ينتهي بوفاة المستأجر إذا بقى يزاول فيها نفس الحرفة أو المهنة زوجه أو أحد أولاده الذين تتوافر فيهم شروط المزاولة. بيد أن الصورة الأخيرة التي أفرغ فيها النص المطعون فيه، هي التي تضمنها القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وهي تدل بنصها على شركاء مستأجر العين المتخذة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي، يظلون مرتبطين بها، ولو تخلى هذا المستأجر نهائياً عنها، أياً كانت مدة شركتهم أو شكلها، ودون ما ضرورة لشهر نظامها أو عقد تأسيسها. وفقاً للقانون.
وحيث إن مؤدي ما تقدم، أن النص المطعون فيه نص مستحدث خلت منه التشريعات المنظمة لإيجار الأماكن الصادرة قبل العمل بالقانون رقم 49 لسنة 1977؛ وكان من المفترض - وعملاً بنص المادتين 601 و602 من القانون المدني - ألا يعتبر عقد الإيجار منتهياً بوفاة المستأجر أو المؤجر، وأن يكون لكل من المؤجر وورثة المستأجر، حق إنهاء العقد إذا كان الإيجار لم يعقد إلا بسبب حرفة المستأجر، أو كانت الاعتبارات الشخصية في المستأجر هي التي دفعت المؤجر إلى التعاقد معه بحيث لا يصلح ورثته للحلول محله في تحقيق الغرض من الإيجار؛ وكان إعمال القواعد العامة مؤداه أن دخول شركاء مع مستأجر العين التي يزاولون فيها نشاطاً تجارياً أو مهنياً أو حرفياً أو صناعياً، لا يعتبر تأجيراً من الباطن أو تنازلاً عن الإجارة، بل يظل المستأجر وحده - دون هؤلاء الشركاء - طرفاً في العلاقة الإيجارية التي ارتبط بها مع المؤجر، إلا أن النص المطعون فيه جاوز نطاق هذه القواعد، إذ اعتبر عقد الإيجار ممتداً بقوة القانون لصالح شركاء المستأجر في العين المؤجرة التي كانوا يستخدمونها لأغراض لا صلة لها بالسكنى، ولو كان المستأجر الأصلي قد تخلى عنها، منهياً علاقته بها، وكان شركاؤه من غير ورثته.
وحيث إن الدستور - إعلاءً من جهته لدور الملكية الخاصة، وتوكيداً لإسهامها في صون الأمن الاجتماعي - كفل حمايتها لكل فرد - وطنياً كان أم أجنبياً - ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفي الحدود التي يقتضيها تنظيمها، باعتبارها عائدة - في الأعم من الأحوال - إلى جهد صاحبها، بذل من أجلها الوقت والعرق والمال، وحرص بالعمل المتواصل على إنمائها، وأحاطها بما قدره ضرورياً لصونها، مُعبداً بها الطريق إلى التقدم، كافلاً للتنمية أهم أدواتها، محققاً من خلالها إرادة الإقدام، هاجعاً إليها لتوفر ظروفاً أفضل لحرية الاختيار والتقرير، مطمئناً في كنفها إلى يومه وغده، مهيمناً عليها ليختص دون غيره بثمارها ومنتجاتها وملحقاتها، فلا يرده عنها معتد، ولا يناجز سلطته في شأنها خصيم ليس بيده سند ناقل لها، ليعتصم بها من دون الآخرين، وليلتمس من الدستور وسائل حمايتها التي تُعينها على أداء دورها، وتقيها تعرض الأغيار لها سواء بنقضها أو بانتقاصها من أطرافها. ولم يعد جائزاً بالتالي أن ينال المشرع من عناصرها، ولا أن يُغير من طبيعتها أو يجردها من لوازمها، ولا أن يفصلها عن أجزائها أو يدمر أصلها، أو يقيد من مباشرة الحقوق التي تتفرع عنها في غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية. ودون ذلك تفقد الملكية ضمانتها الجوهرية، ويكون العدوان عليها غصباً، وافتئاتاً على كيانها أدخل إلى مصادرتها.
وحيث إن الملكية - في إطار النظم الوضعية التي تزاوج بين الفردية وتدخل الدولة - لم تعد حقاً مطلقاً، ولا هي عصية على التنظيم التشريعي، وليس لها من الحماية ما يجاوز الانتفاع المشروع بعناصرها، ومن ثم ساغ تحميلها بالقيود التي تتطلبها وظيفتها الاجتماعية، وهي وظيفة لا يتحدد نطاقها من فراغ، ولا تفرض نفسها تحكماً، بل تمليها طبيعة الأموال محل الملكية، والأغراض التي ينبغي رصدها عليها، محددة على ضوء واقع اجتماعي معين، في بيئة بذاتها، لها مقوماتها وتوجهاتها.
وحيث إن الحماية التي فرضها الدستور للملكية الخاصة، تمتد إلى كل أشكالها لتقيم توازناً دقيقاً بين الحقوق المتفرعة عنها والقيود التي يجوز فرضها عليها، فلا ترهق هذه القيود تلك الحقوق لتنال من محتواها، أو تقلص دائرتها، لتغدو الملكية في واقعها شكلاً مجرداً من المضمون، وإطاراً رمزياً لحقوق لا قيمة لها عملاً، فلا تخلص لصاحبها، ولا يعود عليه ما يرجوه منها إنصافاً، بل تثقلها تلك القيود لتنوء بها، مما يخرجها عن دورها كقاعدة للثروة القومية التي لا يجوز استنزافها من خلال فرض قيود عليها لا تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، وهو ما يعني أن الأموال بوجه عام، ينبغي أن توفر لها من الحماية أسبابها التي تعينها على التنمية، لتكون من روافدها، فلا يتسلط أغيار عليها انتهازاً أو إضراراً بحقوق الآخرين، متدثرين في ذلك بعباءة القانون، ومن خلال طرق احتيالية ينحرفون بها عن مقاصده، وأكثر ما يقع ذلك في مجال الأعيان المؤجرة التي تمتد عقودها بقوة القانون دون ما ضرورة. وبذات شروطها عدا المدة والأجرة، مما يحيل الانتفاع بها إرثاً لغير من يملكونها، يتعاقبون عليها، جيلاً بعد جيل، لتؤول حقوقهم في شأنها إلى نوع الحقوق العينية التي تخول أصحابها سلطة مباشرة على شيء معين، وهو ما يعدل انتزاع الأعيان المؤجرة من ذويها على وجه التأبيد.
وما لذلك شرع الحق في الملكية، ذلك أن الأصل في الأموال - وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية في مبادئها الكلية وركائزها الثابتة - أن مردها إلى الله تعالى، أنشأها وبسطها، وإليه مرجعها، مستخلفاً فيها عباده الذين عهد إليهم بعمارة الأرض، وجعلهم مسئولين عما في أيديهم من الأموال لا يبددونها أو يستخدمونها إضراراً. يقول تعالى [وأنفقوا مما جعلناكم مستخلفين فيه]. وليس ذلك إلا نهياً على الولوغ بها في الباطل، وتكليفاً لولي الأمر بأن يعمل على تنظيمها بما يكفل المقاصد الشرعية التي ترتبط بها، والتي ينافيها أن يكون إنفاق الأموال عبثاً أو إسرافاً أو عدواناً أو متخذاً طرائق تناقض مصالح الجماعة، أو تخل بحقوق للغير أولى مجال الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة في شأن دستورية النصوص القانونية جميعها، حتى ما كان منها من قبيل التنظيم الخاص لموضوعها. وبقدر ضرورة هذا التنظيم، واتصاله بمصالح جوهرية لا يجوز التفريط فيها، تتحدد لهذه النصوص مشروعيتها الدستورية.
وحيث إن من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن ما نص عليه الدستور في المادة 7 من قيام المجتمع على أساس من التضامن الاجتماعي، يعني وحدة الجماعة في بنيانها، وتداخل مصالحها لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تزاحمها، واتصال روابط أفرادها ليكون بعضهم لبعض ظهيراً، فلا يتفرقون بدداً، أو يتناحرون طمعاً أو يتنابذون بغياً. وليس لفريق من بينهم بالتالي - ولو تذرع بنص في قانون - أن يتقدم على غيره انتهازاً، ولا أن ينال قدراً من الحقوق يعلو بها على غيره عدواناً، ولا أن يحرم من حق بهتاناً، بل يتعين أن يكون نطاق الحقوق التي يتمتعون بها، محدداً وفق أسس موضوعية، تقيم ميزانها عدلاً وإنصافاً.
وحيث إن الأصل في مجال العلائق الإيجارية، هو أن يتحقق التضامن بين مؤجر العين ومستأجرها من الوجهة الاجتماعية، وأن تتكامل مصالحهما من زاوية اقتصادية، فلا تتآكل حقوق مؤجر العين التواء وإيثاراً لمستأجرها، ولا يَنْقَضُ مؤجرها على حقوق غيره عاصفاً بها أو محدداً مجال تطبيقها، وإلا كان كل منهما حرباً على الآخر. ولا يجوز بالتالي أن يكون مغبون الأمس - وهو المستأجر - غابناً، ولا أن يكون تنظيم المشرع للعلائق الإيجارية فيما بين طرفيها، إجحافاً وإعناتاً لأيهما، فلا يُقسط في الحقوق التي يكفلها لكل منهما، بل ينحاز لأحدهما افتئاتاً على الآخر، ليحل الصراع بين هذين العاقدين بديلاً عن التعاون بينهما.
وحيث إن النص المطعون فيه، يفترض لانتقال منفعة العين المؤجرة من مستأجرها الأصلي إلى شركائه في النشاط ذاته، أن يكون هذا المستأجر قد تركها فعلاً بعد قيام هذه الشركة، متخلياً عن الاستمرار فيها لصالح هؤلاء الشركاء، وكان بالاعتبار. وعلى ولي الأمر بالتالي - وصوناً للملكية من تبديد عناصرها - أن يعمل من خلال التنظيم التشريعي، على ألا تكون نهباً لآخرين يلحقون بأصحابها ضرراً بغير حق، أو يوسعون من الدائرة التي يمتد الضرر إليها، ليكون دفع الضرر قدر الإمكان لازماً، فإذا تزاحم ضرران، كما تحمل أهونهما واجباً اتقاء لأعظمهما. وكلما كان الضرر بيناً أو فاحشاً، فإن رده يكون متعيناً، بعد أن جاوز الحدود التي يمكن أن يكون فيها مقبولاً.
وحيث إن ما تقدم مؤداه، أن لحق الملكية إطار محدد ينبغي أن تتوازن فيه المصالح ولا تتنافر، فلا يميل الميزان عن الحق تغليباً لبعضها إعناتاً. ولا يجوز بالتالي أن يطلق المشرع القيود على الملكية من عقالها، بل يجب أن يكون للحقوق التي تتفرع عنها دائرة لا يجوز اقتحامها. وبقدر منافاة هذه القيود للحدود المنطقية التي تقتضيها الوظيفة الاجتماعية للملكية، فإنها تنحل عدواناً على الأموال، وانتهاباً لثمارها أو منتجاتها أو ملحقاتها، أو كل ذلك جميعاً، لتؤول الملكية عدماً.
ولئن كان الدستور قد نص في المادة 34، على أن الملكية الخاصة التي يصونها، هي تلك التي تتسم بنأيها عن الاستغلال وعدم انحرافها، وبتوافقها في طرق استخدامها مع الخير العام للشعب، إلا أن هذين الشرطين لا ينفصلان عن الوظيفة الاجتماعية للملكية، بل يندرجان تحتها، ويعتبران من عناصرها. ويتعين بالتالي ردهما إليها لينظم القانون أداء هذه الوظيفة بما لا يجاوز متطلباتها. وهو ما يعني أن كل قيد على الملكية ينافي وظيفتها تلك، بحيث يستحيل رده إليها، أو اعتباره متعلقاً بها، إنما يكون مخالفاً للدستور، وعاطلاً بالتالي عن كل أثر.
وحيث إن النص المطعون فيه - وإن كان يندرج تحت التشريعات الاستثنائية التي تدخل بها المشرع لمواجهة الأزمة المتفاقمة الناشئة عن قلة المعروض من الأماكن المعدة للسكنى أو لغير ذلك من الأغراض - إلا أن طبيعتها الاستثنائية هذه التي درج المشرع على تنظيم العلائق الإيجارية من خلالها، على ضوء قواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على خلافها، لا تعصمها من الخضوع للدستور، ولا تخرجها من ينبغي بالتالي أن يكون هذا التخلي مبرراً لقيام حق المؤجر في طلب إخلائها بعد انقطاع اتصال هذا المستأجر بها، وعلى تقدير أن القيود الاستثنائية التي نظم بها المشرع العلائق الإيجارية إبان أزمة الإسكان، غايتها الحد من تصاعدها وغلواء تفاقمها، وهي بعد ضرورة تقدر بقدرها، ولا يجوز أن تتخطى دواعيها.
إلا أن المشرع قرر نقل منفعة العين المؤجرة إلى هؤلاء الشركاء سواء لأنهم أصبحوا مستأجرين أصليين لها، أم باعتبار أن الحق في استعمال العين لمباشرة النشاط الذي كان يزاول فيها من قبل، قد امتد إليهم بحكم القانون، ليكفل لهؤلاء، مزية استثنائية تقتحم بأبعادها حق الملكية انتهاكاً لمجالاتها الحيوية التي لا يجوز أن يمسها المشرع إخلالاً بها. وهي بعد مزية يتعذر أن يكون المتعاقدان الأصليان قد قصدا إلى تقريرها ابتداء، أو أنهما عبرا - صراحةً أو ضمناً - عن تراضيهما عليها، ذلك أن إرادتيهما - حقيقية كانت أم مفترضة - لا يمكن أن تُحمل على اتجاهها أو انصرافها إلى إقحام أشخاص على العلاقة الإيجارية هم غرباء عنها، ومعاملتهم كأصلاء فيها، وإن كانوا دخلاء عليها. وليس من المتصور أن يكون مؤجر العين - وهو يملكها في الأعم من الأحوال - قد عطل مختاراً ونهائياً، الحقوق التي تتصل باستعمالها، سواء كان بطريق مباشر أو غير مباشر.
وحيث إن الفقرة الثالثة من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، تنص على أن مؤجر العين التي كان مستأجرها الأصلي يباشر فيها نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو حرفياً أو مهنياً، ملتزماً قانوناً - إذا تركها مستأجرها هذا - بأن يحرر لشركائه في ذات نشاطها عقداً جديداً تؤول إليهم أصلاً بمقتضاه الحقوق عينها التي كانت لمستأجرها الأول؛ وكان النص المطعون فيه لا يتضمن قيداً يحول دون انتقالها من بعد - حال تخليهم عن هذه العين - إلى من يشركونهم معهم في استعمالها، وبوصفهم كذلك مستأجرين لها؛ فقد غدا من المتصور اطراد اتصال أجيالهم بها لا يفارقونها، ولو بَعُدَ العهد على العقد الأول، فلا ترد لصاحبها أبداً - ولو كان في أمس الاحتياج لها - ما ظل زمامها بيد من يتداولونها، لا يتحولون عنها.
وليس ذلك إلا تعظيماً لحقوقهم يكاد أن يلحقها بالحقوق العينية التي يباشر صاحبها بموجبها - ووفقاً للقانون - سلطة مباشرة عن شيء معين، ليستخلص منه فوائده دون وساطة أحد، وهو ما يناقض خصائص الإجارة باعتبار أن من المفترض أن يكون طرفاها في اتصال دائم طوال مدتها، مما اقتضى ضبطها تحديداً لحقوقهما وواجباتها، وهي فوق هذا تقع على منفعة الأموال المؤجرة لا على ملكيتها، ولا ترتب للمستأجر غير مجرد حقوق شخصية يباشرها قبل المدين.
وحيث إن النص المطعون فيه، ينحدر كذلك بحقوق المؤجر إلى مرتبة الحقوق محدودة الأهمية، لتعلو عليها مصالح المستأجر التي رجحها المشرع، وجعل كفتها هي الأثقل. ومن شأن حمايتها، حرمان مؤجر العين منها حرماناً مؤبداً ترتيباً على انتقال منفعتها إلى الغير انتقالاً متتابعاً متصلاً وممتداً في أغوار الزمن، وهو بعد انتقال لا يعتد بإرادة المؤجر في معدنها الحقيقي، بل يُعْتبر العقد- بعد تخلي مستأجر العين الأصلي عنها - ممتداً بقوة القانون بنفس شروطه الأصلية عدا المدة والأجرة، وهي بعد شروط ما كان المؤجر ليقبلها في شأن هذه العين، لو لم يفرضها المشرع ملغياً حقه في استعمالها واستغلالها من جديد في الأوجه التي يراها.
وحيث إن النص المطعون فيه، يفتح فوق هذا أبواباً عريضة للتحايل ينفذ الانتهاز منها، ويتعذر دفعها أو توقيها، ذلك أن مباشرة أشخاص جدد لذات النشاط الذي كان مزاولاً في العين المؤجرة لغير أغراض السكنى، قد لا يكون منبئاً عن قيام اتفاق فيما بين مستأجرها الأصلي وبينهم لتكوين شركة يضيفون من خلالها حصصهم إلى أموال يستغلها هذا المستأجر فعلاً في نشاطها، متقاسمين أرباحها وخسائرها، كل بقدر نصيبه فيها بما يوحد مصالحهم في شأنها ويكتل جهودهم من أجل صون أهدافها، بل ساتراً لعقد حقيقي يتغيا مستأجر العين الأصلي بمقتضاه - ومقابل عوض يختص به من دون المؤجر - إحلال آخرين محله في الاستئثار بهذه العين، تسلطاً منهم على نشاطها وانفراداً بتسييره، فلا يقوم أصلاً العقد الظاهر في نية عاقديه، بل تعود على هؤلاء الأغيار وحدهم منافعها، ليكون القول بانضمامهم إليه في مباشرة هذا النشاط من خلال شركتهم، منتحلاً. وحتى في الأحوال التي يقوم الدليل فيها على أن وجود شركاء في العين المؤجرة ليس صورياً، وإن استمرارهم في مباشرة ذات النشاط بها بعد تخلي المستأجر الأصلي عنها، يكفل استثماراً أفضل للأموال التي رصدوها عليها، إلا أن هذا الاعتبار وحده لا يسوغ العدوان على الملكية، ولا يجوز أن ينال من الحقوق المتفرعة عنها بما يجرد أصحابها كلية من مباشرة سلطتهم في استعمال الشيء محلها في الأغراض التي يطلبونها، ذلك أن تراكم الثروة لا يتأتى إلا بحمايتها والتمكين من أسبابها، وليس من بينها أن تكون حقوق الأغيار في الانتفاع بالعين المؤجرة، أولى من سلطان أصحابها عليها، ما لم يكن ذلك لمصلحة اجتماعية جوهرية لا يجوز الإخلال بها.
ولا كذلك النص المطعون فيه الذي فرض على مؤجر العين - ودون ما ضرورة - امتداداً قانونياً لعقد إجارتها، ولو كان ذلك لخدمة ذات نشاطها، بل يتعين أن يكون العقد - وباعتباره تصرفاً قانونياً وعملاً إرادياً - بديلاً عن هذا التدخل التشريعي، ليحدد المؤجر بمقتضاه من يدخلون إلى العين بعد تخلي مستأجرها الأصلي عنها، والشروط التي يتراضون عليها لمباشرة مهنتهم أو حرفتهم أو تجارتهم أو صناعتهم فيها، إذا لم يؤثر هو أن تعود إليه لاستعمالها واستغلالها في الأوجه التي يراها.
وحيث إن ما تقدم مؤداه أن النص المطعون فيه، ينحل إلى عدوان على الملكية من خلال نقض بعض عناصرها. وهو بذلك لا يندرج تحت تنظيمها، بل يقوم على إهدار كامل للحق في استعمالها واستغلالها، مُلحقاً بالمؤجر وحده الضرر البين الفاحش، فقد أنشأ هذا النص حقوقاً مبتدأه - بعيدة في مداها- منحها لشركاء المستأجر الأصلي الذي اختصهم دون مسوغ، واصطفاهم في غير ضرورة، بتلك المعاملة التفضيلية التي تقدم المنفعة المجلوبة على مخاطر المفاسد ودرء عواقبها، حال أن دفع المضرة أولى اتقاء لسوءاتها وشرورها، ولأن الأصل حين تتزاحم الأضرار على محل واحد، أن يكون تحمل أخفها، لازماً دفعاً لأفدحها.
وكان ينبغي - من ثم - أن يترسم النص المطعون فيه تلك الضوابط التي تتوازن من خلالها العلائق الإيجارية بما يكون كافلاً لمصالح أطرافها غير مؤد إلى تنافرها، ليُقيمها على قاعدة التضامن الاجتماعي التي أرستها المادة 7 من الدستور، والتي تؤكد الجماعة من خلالها القيم التي تؤمن بها، وترعى استقرارها. وهي حدود ما كان يجوز أن يتخطاها المشرع، وإلا كان منافياً المقاصد الشرعية التي ينظم ولي الأمر الحقوق في نطاقها، بما يصم الفقرة الثانية من النص المطعون فيه - في الحدود المتقدم بيانها - بعيب مخالفة أحكام المواد 2 و7 و32 و34 من الدستور.
وحيث إن الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية - في هذا النطاق - يعني سقوط فقرتها الثالثة - المرتبطة بها ارتباطاً لا يقبل التجزئة - في مجال تطبيقها بالنسبة إلى شركاء المستأجر الأصلي الذين يباشرون ذات النشاط التجاري أو الصناعي أو الحرفي أو المهني في العين التي تخلى عنها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وذلك فيما نصت عليه من استمرار شركاء المستأجر الأصلي للعين التي كان يزاول فيها نشاطاً تجارياً أو صناعياً أو مهنياً أو حرفياً، في مباشرة ذات النشاط بها بعد تخلي هذا المستأجر عنها، وبسقوط فقرتها الثالثة في مجال تطبيقها بالنسبة إلى هؤلاء الشركاء، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 5 لسنة 2 ق جلسة 4 / 4 / 1981 دستورية عليا مكتب فني 1 تفسير ق 6 ص 226

جلسة 4 أبريل سنة 1981

برئاسة السيد المستشار فاروق محمود سيف النصر، وحضور السادة المستشارين/ محمد فهمى حسن عشري وكمال سلامة عبد الله ود. فتحي عبد الصبور ومحمد على راغب بليغ ومصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن - أعضاء،

والسيد المستشار د. محمد عوض المر - المفوض،

والسيد/ سيد عبد الباري إبراهيم - أمين السر.

----------

(6)
طلب التفسير رقم 5 لسنة 2 قضائية

(1) دبلوم الدراسات التجارية التكميلية العالية -

تقصي التشريعات المختلفة التي نظمت تقييمه منذ إنشائه في سنة 1946.
(2) دبلوم الدراسات التجارية التكميلية العالية -

المشرع اعتبره من المؤهلات العالية - أساس ذلك.
(3) دبلوم الدراسات التجارية التكميلية العالية -

أثر مرسوم 6 أغسطس سنة 1953 على تقييمه - استمرار اعتباره مؤهلا عاليا طبقا للقرار الجمهوري رقم 2022 لسنة 1962 والقانون رقم 83 لسنة 1973 والقانون رقم 11 لسنة 1975.

--------------
1 - يبين من تقصى التشريعات المتعاقبة التي نظمت تقييم دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية أن وزير المعارف العمومية أصدر في 17 نوفمبر سنة 1946 القرار الوزاري رقم 7066 لسنة 1946 بشأن إعادة تنظيم الدراسات التكميلية لخريجي مدارس التجارة المتوسطة متضمنا إنشاء دراسات تجارية تكميلية لخريجي مدارس التجارة المتوسطة اعتباراً من العام الدراسي 1946/ 1947، ثم أرسل في 7 نوفمبر سنة 1949 كتاباً إلى وزير المالية أوضح فيه أنه بناء على المذكرة التي رفعها المعهد العالي للعلوم المالية والتجارية الذى نظم هذه الدراسات ووضع لها المناهج على اعتبار أنها دراسات عالية، فقد قررت الوزارة بقرارها المذكور اعتبار مؤهل من جاز هذه الدراسات معادلاً للدبلوم الذى يمنحه المعهد العالي للتجارة، وانتهى إلى طلب اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو إقرار اعتبار هذا الدبلوم من الدبلومات العالية يعين الحاصل عليها في الدرجة السادسة المخفضة بمرتب عشرة جنيهات ونصف، وإذ عرض الأمر على مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة بتاريخ 8 أبريل سنة 1950 وافق على ما طلبته وزارة المعارف العمومية في هذا الشأن. غير أن المجلس أصدر بتاريخ أول يوليو سنة 1951 قراراً عدل به عن قراره السابق وقرر منح الحاصلين على هذا المؤهل الدرجة السابعة بمرتب شهري مقداره عشرة جنيهات، ثم ما لبث أن عاد في 2، 9 ديسمبر سنة 1951 إلى تأكيد قراره الأول بمنحهم الدرجة السادسة براتب مقداره عشرة جنيهات ونصف شهرياً. وفى 22 يوليو سنة 1953 صدر القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية ونص في المادة الأولى منه على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، يعتبر حملة المؤهلات المحددة في الجدول المرافق لهذا القانون، في الدرجة وبالماهية أو المكافأة المحددة لمؤهل كل منهم وفقاً لهذا الجدول......." وقد جاء بالبند 33 من الجدول المرافق المشار إليه أن دبلوم التجارة التكميلية العالية قدر له عشرة جنيهات ونصف في الدرجة السادسة.
2 - مؤدى هذه التشريعات والقرارات أن دبلوم التجارة التكميلية العالية أنشئ في 17 نوفمبر سنة 1946 بقرار وزير المعارف العمومية رقم 7066 لسنة 1946، ثم أقر مجلس الوزراء بتاريخ 8 أكتوبر سنة 1950 تقييم وزارة المعارف له تقييماً علمياً باعتباره دبلوماً عالياً، كما أن قرارات المجلس الصادرة في 2، 9 ديسمبر سنة 1950 قدرته تقديراً مالياً بمنح حملته الدرجة السادسة بمرتب شهري مقداره عشرة جنيهات ونصف، وإذ صدر قانون المعادلات الدراسية بعد ذلك لتصفية الأوضاع السابقة عليه في شأن معادلات الشهادات الدراسية، أقر بدوره هذا التقدير المالي وحل بذلك محل قرارات مجلس الوزراء المشار إليها. ولما كانت قوانين موظفي الدولة السارية آنذاك تعتبر الدرجة السادسة درجة بداية التعيين في الكادر العالي، وتجعل منها درجة ترقية فحسب في الكادر المتوسط، وكانت هذه القوانين تشترط للتعيين في تلك الدرجة الحصول على دبلوم عال أو درجة جامعية، فإن مقتضى ذلك أن قرارات مجلس الوزراء ومن بعدها قانون المعادلات الدراسية قد أقرت اعتبار دبلوم التجارة التكميلية العالية مؤهلاً عالياً.
3 - لا يحاج بأن هذا المؤهل لم يرد بين الشهادات والمؤهلات التي نصت المادة الثالثة من المرسوم الصادر في 6 أغسطس سنة 1953 على صلاحية أصحابها في التقدم للترشيح لوظائف الكادر الإداري والفني العالي، في حين أن البند (21) من المادة الرابعة من ذلك المرسوم اعتمد هذا المؤهل للترشيح لوظائف الدرجة السابعة الفنية بالكادر الفني المتوسط، ذلك أن المشرع عاد وأصدر القرار الجمهوري رقم 2022 لسنة 1964 الذى نص على أن تنقل إلى الكادر العالي (الفني والإداري) جميع الدرجات السادسة فما فوقها في الكادر المتوسط (الفني والكتابي) التي يشغلها موظفون حصلوا حتى نهاية سنة 1957 على مؤهلات دراسية قدر لها الدرجة السادسة قبل العمل بمرسوم 6 أغسطس سنة 1953، ثم أصدر القانون رقم 83 لسنة 1973 بشأن تسوية حالة بعض العاملين من حملة المؤهلات الدراسية ونص في مادته الأولى على أن تسرى أحكامه على العاملين المدنيين بالجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة الحاصلين على المؤهلات المحددة في الجدول المرفق به - ومنها مؤهل التجارة التكميلية العالية - ولم تسو حالاتهم طبقاً لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية بسبب عدم توفر كل أو بعض الشروط المنصوص عليها في المادة الثانية منه، كما نص في مادته الثانية على أن يمنح العاملون المنصوص عليهم في المادة الأولى منه الدرجة والماهية المحددة في الجدول المرفق بالقانون رقم 371 لسنة 1953 سالف الذكر وذلك من تاريخ تعيينهم أو حصولهم على المؤهل أيهما أقرب وأن تندرج مرتباتهم وترقياتهم وأقدمياتهم على هذا الأساس، وسوى بذلك بين من عين من حملة دبلوم التجارة التكميلية العالية في الدرجة السادسة براتب شهري مقداره عشرة جنيهات ونصف في ظل قانون المعادلات الدراسية وبين من عين منهم في الدرجة السابعة بالكادر الفني المتوسط طبقاً لمرسوم 6 أغسطس سنة 1953 فرفع هؤلاء إلى درجة أولئك على النحو السالف بيانه، وذلك - وكما جاء بمذكرته الإيضاحية - "رغبة في إزالة التفرقة وإعمالاً للمساواة بين من يحملون ذات المؤهل الدراسي الواحد" وهو ما يكشف بوضوح عن اتجاه المشرع من سنة 1964 إلى إقرار الوضع السابق لحملة هذا المؤهل في ظل قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953، ورغبته في إزالة كل أثر لمرسوم 6 أغسطس سنة 1953 في شأن تقييم هذا المؤهل، وبالتالي استمرار اعتباره مؤهلاً عالياً. ولما كان القانون رقم 11 لسنة 1975 بإصدار قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام قد نص في الفقرة ( أ ) من المادة الثانية منه على أنه لا يجوز أن يترتب على تطبيق أحكام هذا القانون المساس بالتقييم المالي للشهادات الدراسية المدنية والعسكرية طبقاً للتشريعات الصادرة قبل نشر هذا القانون ما لم يكن تطبيق أحكامه أفضل للعامل، فإن مؤدى ذلك وجوب الاعتداد بتقييم دبلوم التجارة التكميلية العالية طبق لأحكام قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 وللقانون رقم 83 لسنة 1973 المشار إليهما - والصادرين قبل نشر القانون رقم 11 لسنة 1975 - باعتباره من المؤهلات العالية.


الإجراءات

ورد إلى المحكمة بتاريخ 3 ديسمبر سنة 1980 كتاب السيد وزير العدل بطلب تفسير نص كل من المادة الأولى من القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية، والمادة الثالثة والبند (21) من المادة الرابعة من المرسوم الصادر في 6 أغسطس سنة 1953، وذلك بناء على طلب السيد رئيس مجلس الوزراء بكتابه المؤرخ 24 أغسطس سنة 1980.
وبعد تحضير الطلب أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظر الطلب على النحو الموضح بمحضر الجلسة، حيث التزمت هيئة المفوضين رأيها، وقررت المحكمة إصدار القرار بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الطلب استوفى أوضاعه القانونية.
وحيث إن رئيس مجلس الوزراء طلب تفسير النصوص المتعلقة بتقييم دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية لبيان ما إذا كان يعتبر مؤهلاً عالياً أم أنه من المؤهلات فوق المتوسطة، حسماً لما ثار من خلاف في التطبيق حول تقييم هذا المؤهل، وأورد في المذكرات المرفقة بكتابه إلى وزير العدل في هذا الصدد ما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 371 لسنة 1953 بشأن المعادلات الدراسية، والمادة الثالثة والبند (21) من المادة الرابعة من المرسوم الصادر في 6 أغسطس سنة 1953، كما عرض إلى ما تضمنه في هذا الشأن كل من القانون رقم 83 لسنة 1973 بتسوية حالة بعض العاملين من حملة المؤهلات الدراسية والقانون رقم 11 لسنة 1975 بإصدار قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام.
وحيث إنه يبين من تقصى التشريعات المتعاقبة التي نظمت تقييم دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية أن وزير المعارف العمومية أصدر في 17 نوفمبر سنة 1946 القرار الوزاري رقم 7066 لسنة 1946 بشأن إعادة تنظيم الدراسات التكميلية لخريجي مدارس التجارة المتوسطة متضمنا إنشاء دراسات تجارية تكميلية لخريجي مدارس التجارة المتوسطة متضمناً إنشاء الدراسي 1946 - 1947، ثم أرسل في 7 نوفمبر سنة 1949 كتابا إلى وزير المالية أوضح فيه أنه بناء على المذكرة التي رفعها المعهد العالي للعلوم المالية والتجارية الذى نظم هذه الدراسات ووضع لها المناهج على اعتبار أنها دراسات عالية وأشرف عليها، فقد قررت الوزارة بقرارها المذكور اعتبار مؤهل من جاز هذه الدراسات معادلاً للدبلوم الذى كان يمنحه المعهد العالي للتجارة، وانتهى إلى طلب اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو إقرار اعتبار هذا الدبلوم من الدبلومات العالية يعين الحاصل عليها في الدرجة السادسة المخفضة بمرتب عشرة جنيهات ونصف، وإذ عرض الأمر على مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة بتاريخ 8 أكتوبر سنة 1950 وافق على ما طلبته وزارة المعارف العمومية في هذا الشأن. غير أن المجلس أصدر بتاريخ أول يوليو سنة 1951 قراراً عدل به عن قراره السابق وقرر منح الحاصلين على هذا المؤهل الدرجة السابعة بمرتب شهري مقداره عشرة جنيهات، إلا أنه ما لبث أن عاد في 2، 9 ديسمبر سنة 1951 إلى تأكيد قراره الأول بمنحهم الدرجة السادسة براتب مقداره عشرة جنيهات ونصف شهريا. وفى 22 يوليو سنة 1953 صدر القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية ونص في المادة الأولى منه على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، يعتبر حملة المؤهلات المحددة في الجدول المرافق لهذا القانون، في الدرجة وبالماهية أو المكافأة المحددة لمؤهل كل منهم وفقاً لهذا الجدول. وتحدد أقدمية كل منهم في تلك الدرجة من تاريخ تعيينه بالحكومة أو من تاريخ حصوله على المؤهل أيهما أقرب تاريخاً، مع مراعاة الأقدميات النسبية الاعتبارية المشار إليها في المادتين 6، 7 من هذا القانون بالنسبة لحملة المؤهلات المحددة بهما......." وقد جاء بالبند 33 من الجدول المرافق المشار إليه أن دبلوم التجارة التكميلية العالية قدر له عشرة جنيهات ونصف في الدرجة السادسة. كما نصت المادة الثانية منه على أن "لا يسرى حكم المادة السابقة إلا على الموظفين الذين عينوا قبل أول يوليو سنة 1952 وكانوا قد حصلوا على المؤهلات المشار إليها في المادة السابقة قبل ذلك التاريخ أيضاً، وبشرط أن يكونوا موجودين بالفعل في خدمة الحكومة وقت نفاذ هذا القانون".
وحيث إن مفاد ما تقدم أن دبلوم التجارة التكميلية العالية أنشئ في 17 نوفمبر سنة 1946 بقرار وزير المعارف رقم 7066 لسنة 1946، ثم أقر مجلس الوزراء بتاريخ 8 أكتوبر سنة 1950 تقييم وزارة المعارف له تقييماً علمياً باعتباره دبلوماً عالياً، كما أن قرارات المجلس الصادرة في 2، 9 ديسمبر سنة 1950 قدرته تقديراً مالياً بمنح حملته الدرجة السادسة بمرتب شهري مقداره عشرة جنيهات ونصف، وإذ صدر قانون المعادلات الدراسية بعد ذلك لتصفية الأوضاع السابقة عليه في شأن معادلات الشهادات الدراسية، أقر بدوره هذا التقدير المالي وحل بذلك محل قرارات مجلس الوزراء المشار إليها. ولما كانت قوانين موظفي الدولة السارية آنذاك تعتبر الدرجة السادسة درجة بداية التعيين في الكادر العالي، وتجعل منها درجة ترقية فحسب في الكادر المتوسط، وكانت هذه القوانين تشترط للتعيين في تلك الدرجة الحصول على دبلوم عال أو درجة جامعية، فإن مقتضى ذلك أن قرارات مجلس الوزراء ومن بعدها قانون المعادلات الدراسية قد أقرت اعتبار دبلوم التجارة التكميلية العالية مؤهلاً عالياً. ولا ينال من ذلك خفض بداية مرتب الدرجة السادسة بالنسبة لحملته، أو منح حاملي الشهادات العالية والمؤهلات الجامعية أقدمية اعتبارية بالنسبة للحاصلين على هذا الدبلوم، لأن خفض الراتب أو التمييز في الأقدمية لا ينفى أن درجة بداية التعيين - التي ترتبط بالتقييم المالي لهذا المؤهل - هي الدرجة السادسة الواردة في الكادر العالي والمقررة للمؤهلات العالية.
لما كان ذلك، وكان لا يحاج بأن هذا المؤهل لم يرد بين الشهادات والمؤهلات التي نصت المادة الثالثة من المرسوم الصادر من بعد في 6 أغسطس سنة 1953 على صلاحية أصحابها في التقدم للترشيح لوظائف الكادر الإداري والفني العالي، في حين أن البند (21) من المادة الرابعة من ذلك المرسوم اعتمد هذا المؤهل للترشيح لوظائف الدرجة السابعة الفنية بالكادر الفني المتوسط، ذلك أن المشرع عاد وأصدر القرار الجمهوري رقم 2022 لسنة 1964 الذى نص على أن تنقل إلى الكادر العالي (الفني والإداري) جميع الدرجات السادسة فما فوقها في الكادر المتوسط (الفني والكتابي) التي يشغلها موظفون حصلوا حتى نهاية سنة 1957 على مؤهلات دراسية قدر لها الدرجة السادسة قبل العمل بمرسوم 6 أغسطس سنة 1953، ثم أصدر القانون رقم 83 لسنة 1973 بشأن تسوية حالة بعض العاملين من حملة المؤهلات الدراسية ونص في مادته الأولى على أن تسرى أحكامه على العاملين المدنيين بالجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة الحاصلين على المؤهلات المحددة في الجدول المرفق به - ومنها مؤهل التجارة التكميلية العالية - ولم تسو حالاتهم طبقاً لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية بسبب عدم توفر كل أو بعض الشروط المنصوص عليها في المادة الثانية منه السابق الإشارة إليها، كما نص في مادته الثانية على أن يمنح العاملون المنصوص عليهم في المادة الأولى منه الدرجة والماهية المحددة في الجدول المرفق بالقانون رقم 371 لسنة 1953 سالف الذكر وذلك من تاريخ تعيينهم أو حصولهم على المؤهل أيهما أقرب وأن تتدرج مرتباتهم وترقياتهم وأقدمياتهم على هذا الأساس، وسوى بذلك بين من عين من حملة دبلوم التجارة التكميلية العالية في الدرجة السادسة براتب شهري مقداره عشرة جنيهات ونصف في ظل قانون المعادلات الدراسية وبين من عين منهم في الدرجة السابعة بالكادر الفني المتوسط طبقاً لمرسوم 6 أغسطس سنة 1953 فرفع هؤلاء إلى درجة أولئك على النحو السالف بيانه، وذلك - وكما جاء بمذكرته الإيضاحية - "رغبة في إزالة التفرقة وإعمالاً للمساواة بين من يحملون ذات المؤهل الدراسي الواحد" وهو ما يكشف بوضوح عن اتجاه المشرع منذ سنة 1964 إلى إقرار الوضع السابق لحملة هذا المؤهل في ظل قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953، ورغبته في إزالة كل أثر لمرسوم 6 أغسطس سنة 1953 في شأن تقييم هذا المؤهل، وبالتالي استمرار اعتباره مؤهلاً عالياً.
لما كان ما تقدم، وكان القانون رقم 11 لسنة 1975 بإصدار قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام قد نص في الفقرة ( أ ) من المادة الثانية منه على أنه لا يجوز أن يترتب على تطبيق أحكام هذا القانون المساس بالتقييم المالي للشهادات الدراسية المدنية والعسكرية طبقاً للتشريعات الصادرة قبل نشر هذا القانون ما لم يكن تطبيق أحكامه أفضل للعامل، فإن مؤدى ذلك وجوب الاعتداد بتقييم دبلوم التجارة التكميلية العالية طبقاً لأحكام قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 وللقانون رقم 83 لسنة 1973 المشار إليهما - والصادرين قبل نشر القانون رقم 11 لسنة 1975 - باعتباره من المؤهلات العالية على ما سلف بيانه.

لهذه الأسباب:

وبعد الاطلاع على المادة الأولى من القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية.
وعلى المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 83 لسنة 1973 بشأن تسوية حالة بعض العاملين من حملة المؤهلات الدراسية.
وعلى الفقرة ( أ ) من المادة الثانية من القانون رقم 11 لسنة 1975 بإصدار قانون تصحيح أوضاع العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام.

قررت المحكمة

أن المشرع يعتبر دبلوم التجارة التكميلية العالية من المؤهلات العالية.

الطعن 13 لسنة 1 ق جلسة 16 / 2 / 1980 دستورية عليا مكتب فني 1 دستورية ق 1 ص 151

جلسة 16 من فبراير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار أحمد ممدوح عطية رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ فاروق محمود سيف النصر وياقوت عبد الهادي العشماوي ومحمد فهمي حسن عشري وكمال سلامة عبد الله ود. فتحي عبد الصبور ومحمد على راغب بليغ - أعضاء،

والمستشار عمر حافظ شريف - رئيس هيئة المفوضين

والسيد/ سيد عبد الباري إبراهيم - أمين السر.

---------------

(1)
القضية رقم 13 لسنة 1 قضائية "دستورية"

(1) تشريع - 
ملاءمة التشريع والبواعث على إصداره - من إطلاقات السلطة التشريعية.
(2) ملكية خاصة - 
المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 - لا تتضمن مساسا بالملكية الخاصة أو مصادرة لها - أساس ذلك.

----------------
1 - ملاءمة التشريع والبواعث على إصداره من إطلاقات السلطة التشريعية ما لم يقيدها الدستور بحدود وضوابط معينة، وإذ كان ما يقرره المدعى بشأن إغفال المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 تنظيم طريق لإشهار صفة المستأجر للأرض الزراعية حتى يتبين من تعامل معه التزامه بالإخطار عن دينه، لا يعدو أن يكون جدلاً حول ملاءمة التشريع وما قد يترتب عليه من إجحاف بحقوق طائفة من الدائنين، فإن ما ينعاه المدعى في هذا الشأن لا يشكل عيبا دستوريا يوصم به النص المطعون فيه وتمتد إليه الرقابة على دستورية القوانين.
2 - الملكية الخاصة التي نصت المادة 34 من الدستور على أنها مصونة ولا تنزع إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض، والمصادرة التي تحظرها المادة 36 من الدستور إذا كانت عامة ولا تجيزها إلا بحكم قضائي إذا كانت مصادرة خاصة، يؤدى كلاهما إلى تجريد المالك عن ملكه ليؤول إلى الدولة، بتعويض في حالة نزع الملكية وبغير مقابل عند مصادرته، ولما كان ما نصت عليه المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 لا يتضمن مساسا بالملكية الخاصة أو نزعاً لها جبراً عن مالكها، كما لا يقضى بإضافة أية أموال مملوكة للأفراد إلى ملك الدولة، ذلك أنها اقتصرت على تنظيم العلاقة بين مستأجر الأرض الزراعية ودائنيه ورتبت على عدم الإخطار بالدين في الأجل المحدد بها سقوطه لمصلحة المستأجر وحده، فإن ما يثيره المدعى بصدد عدم دستورية هذه المادة، واعتبار ما نصت عليه من سقوط الدين عدواناً على الملكية ومصادرة للأموال يكون على غير أساس.


الإجراءات

بتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1977 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبا الحكم بعدم دستورية المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي.
وطلبت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن المدعى عليهم الأربعة الأول، كما طلب المدعى عليه الخامس رفض الدعوى، وأودعت هيئة المفوضين تقريراً أبدت فيه الرأي برفضها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة حيث التزمت هيئة المفوضين رأيه، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 2802 سنة 1977 مدنى كلى جنوب القاهرة يطلب فيها الحكم بإلزام المدعى عليه الأخير بأن يؤدى إليه مبلغ 4000 جنيه وفوائده وبصحة إجراءات الحجز التحفظي الموقع تحت يد المدعى عليهما الثالث والرابع. وكان المدعى عليه الأخير قد تظلم من أمر الحجز طالباً إلغاءه استناداً إلى سقوط الدين لعدم إخطار الدائن بسنده تطبيقاً لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1966، وقررت المحكمة ضم الدعوى والتظلم للحكم فيهما معاً. وبجلسة 2 من أكتوبر سنة 1977 دفع المدعى بعدم دستورية المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966، فقررت المحكمة تأجيل نظر الدعويين لجلسة أول يناير سنة 1978 لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم دستورية المادة الثالثة المشار إليها، فأقام المدعى دعواه الماثلة.
وحيث إن المدعى يطلب الحكم بعدم دستورية المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 لسبب حاصلة أن هذا القانون لا يشترط قيام علاقة إيجارية بين الدائن والمدين تتوافر بها شبهة في الدين ويتسنى معها افتراض أنه تم بالتحايل على الأجرة القانونية المقررة في قانون الإصلاح الزراعي. وإذ لم ينظم هذا القانون طريقاً لإشهار صفة المستأجر للأرض الزراعية حتى يتأتى لمن كان قد تعامل معه أن يكون على بينة من التزامه القانوني بإخطار الجمعية التعاونية الزراعية المختصة بالدين، فإن الجزاء الذى نصت عليه المادة الثالثة منه وهو سقوط الدين يعتبر من قبيل المصادرة والعدوان على الملكية بالمخالفة لما تقضى به المادتان 34، 36 من الدستور.
وحيث إن القانون رقم 52 لسنة 1966 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعي، تضمنت نصوصه تعديل بعض مواد المرسوم بقانون المشار إليه، كما أوردت أحكاماً جديدة منها ما نصت عليه المادة الثالثة - المطعون بعدم دستوريتها - من أنه: "يجب على كل مؤجر أو دائن أياً كانت صفته يحمل سنداً بدين على مستأجر أرض زراعية كالكمبيالات وغيرها أن يتقدم خلال شهرين من تاريخ العمل بهذا القانون ببيان واف عن هذا الدين وقيمته وسببه وتاريخ نشوئه وتاريخ استحقاقه واسم الدائن وصفته ومحل إقامته واسم المدين وصفته ومحل إقامته. ويقدم هذا الإخطار إلى الجمعية التعاونية الزراعية الواقع في دائرتها محل إقامة المدين. ويسقط كل دين لا يخطر الدائن عنه خلال الموعد المحدد لذلك". وأوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون في خصوص هذه المادة، أن تطبيق قانون الإصلاح الزراعي كشف عن صور مختلفة من الاستغلال أبرزها قيام الملاك بتحرير كمبيالات لصالحهم موقعة من المستأجرين على بياض تمثل ديوناً غير منظورة وغير مشروعة الغرض منها حصول المالك على قيمة إيجارية تزيد على سبعة أمثال الضريبة أو تمثل ديوناً وهمية يستغلها المالك للتخلص من مزارعيه في أى وقت يشاء، وعلاجاً لذلك استحدث القانون الحكم الوارد في المادة الثالثة المشار إليها والمادتين التاليتين لها بقصد القضاء على هذا النوع من الاستغلال. ولما كانت ملاءمة التشريع والبواعث على إصداره من إطلاقات السلطة التشريعية ما لم يقيدها الدستور بحدود وضوابط معينة، وكان ما يقرره المدعى بشأن إغفال النص المطعون فيه تنظيم طريق لإشهار صفة المستأجر للأرض الزراعية حتى يتبين من تعامل معه التزامه بالإخطار عن دينه، لا يعدو أن يكون جدلاً حول ملاءمة التشريع وما قد يترتب عليه من إجحاف بحقوق طائفة من الدائنين، فإن ما ينعاه المدعى في هذا الشأن لا يشكل عيباً دستورياً يوصم به النص المطعون فيه وتمتد إليه الرقابة على دستورية القوانين.
لما كان ذلك وكانت الملكية الخاصة التي نصت المادة 34 من الدستور على أنها مصونة ولا تنزع إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض، والمصادرة التي تحظرها المادة 36 من الدستور إذا كانت عامة ولا تجيزها إلا بحكم قضائي إذا كانت مصادرة خاصة، يؤدى كلاهما إلى تجريد المالك عن ملكه ليؤول إلى الدولة، بتعويض في حالة نزع الملكية وبغير مقابل عند مصادرته، وكان ما نصت عليه المادة الثالثة من القانون رقم 52 لسنة 1966 لا يتضمن مساساً بالملكية الخاصة أو نزعاً لها جبراً عن مالكها، كما لا يقضى بإضافة أية أموال مملوكة للأفراد إلى ملك الدولة، ذلك أنها اقتصرت على تنظيم العلاقة بين مستأجر الأرض الزراعية ودائنيه ورتبت على عدم الإخطار بالدين في الأجل المحدد بها سقوطه لمصلحة المستأجر وحده، فإن ما أثاره المدعى بصدد عدم دستورية هذه المادة، وبشأن اعتبار ما نصت عليه من سقوط الدين عدواناً على الملكية ومصادرة للأموال، يكون على غير أساس.

لهذه الأسباب:

حكمت المحكمة برفض الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيها مقابل أتعاب المحاماة.


أحكام المحكمة الدستورية العليا مكتب فني 1 (حتى 30 يونيه سنة 1981م)

الطعن 7 لسنة 1 ق جلسة 7 / 2 / 1981 مكتب فني 1 دستورية ق 3 ص 160
الطعن 9 لسنة 1 ق جلسة 7 / 2 / 1981 مكتب فني 1 دستورية ق 4 ص 172
الطعن 6 لسنة 1 ق جلسة 9 / 5 / 1981 مكتب فني 1 دستورية ق 5 ص 179
الطعن 15 لسنة 1 ق جلسة 9 / 5 / 1981 مكتب فني 1 دستورية ق 6 ص 188
الطعن 5 لسنة 1 ق جلسة 16 / 5 / 1981 مكتب فني 1 دستورية ق 7 ص 195
--------------
الطعن 1 لسنة 1 ق جلسة 1 / 3 / 1980 مكتب فني 1 تفسير ق 1 ص 209
الطعن 2 لسنة 1 ق جلسة 5 / 4 / 1980 مكتب فني 1 تفسير ق 2 ص 211
الطعن 4 لسنة 1 ق جلسة 5 / 4 / 1980 مكتب فني 1 تفسير ق 3 ص 215
الطعن 2 لسنة 2 ق جلسة 3 / 1 / 1981 مكتب فني 1 تفسير ق 4 ص 218
الطعن 1 لسنة 2 ق جلسة 17 / 1 / 1981 مكتب فني 1 تفسير ق 5 ص 222
---------------
الطعن 5 لسنة 1 ق جلسة 5 / 1 / 1980 مكتب فني 1 تنازع ق 1 ص 239
الطعن 7 لسنة 1 ق جلسة 19 / 1 / 1980 مكتب فني 1 تنازع ق 2 ص 244
الطعن 4 لسنة 1 ق جلسة 2 / 2 / 1980 مكتب فني 1 تنازع ق 3 ص 248
الطعن 8 لسنة 1 ق جلسة 2 / 2 / 1980 مكتب فني 1 تنازع ق 4 ص 252
الطعن 10 لسنة 1 ق جلسة 16 / 2 / 1980 مكتب فني 1 تنازع ق 5 ص 256
الطعن 11 لسنة 1 ق جلسة 16 / 2 / 1980 مكتب فني 1 تنازع ق 6 ص 261
الطعن 12 لسنة 1 ق جلسة 5 / 4 / 1980 مكتب فني 1 تنازع ق 7 ص 266
الطعن 19 لسنة 1 ق جلسة 6 / 12 / 1980 مكتب فني 1 تنازع ق 8 ص 270
الطعن 1 لسنة 2 ق جلسة 3 / 1 / 1981 مكتب فني 1 تنازع ق 9 ص 276