صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ عَلَى رَوْحٌ وَالِدِيَّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا وَقْفِيَّة عِلْمِيَّة مُدَوَّنَةٌ قَانُونِيَّةٌ مِصْرِيّة تُبْرِزُ الْإِعْجَازَ التَشْرِيعي لِلشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وروائعِ الْفِقْهِ الْإِسْلَامِيِّ، مِنْ خِلَالِ مَقَاصِد الشَّرِيعَةِ . عَامِلِةَ عَلَى إِثرَاءٌ الْفِكْرِ القَانُونِيِّ لَدَى الْقُضَاة. إنْ لم يكن للهِ فعلك خالصًا فكلّ بناءٍ قد بنيْتَ خراب ﴿وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ﴾ القصص: 51
الصفحات
- الرئيسية
- أحكام النقض الجنائي المصرية
- أحكام النقض المدني المصرية
- فهرس الجنائي
- فهرس المدني
- فهرس الأسرة
- الجريدة الرسمية
- الوقائع المصرية
- C V
- اَلْجَامِعَ لِمُصْطَلَحَاتِ اَلْفِقْهِ وَالشَّرَائِعِ
- فتاوى مجلس الدولة
- أحكام المحكمة الإدارية العليا المصرية
- القاموس القانوني عربي أنجليزي
- أحكام الدستورية العليا المصرية
- كتب قانونية مهمة للتحميل
- المجمعات
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي شَرْحِ اَلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ
- تسبيب الأحكام الجنائية
- الكتب الدورية للنيابة
- وَسِيطُ اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْعَمَلِ
- قوانين الامارات
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْمُرَافَعَاتِ
- اَلْمُذَكِّرَة اَلْإِيضَاحِيَّةِ لِمَشْرُوعِ اَلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ 1948
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْعُقُوبَاتِ
- محيط الشرائع - 1856 - 1952 - الدكتور أنطون صفير
- فهرس مجلس الدولة
- المجلة وشرحها لعلي حيدر
- نقض الامارات
- اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ
- الصكوك الدولية لحقوق الإنسان والأشخاص الأولى بالرعاية
بحث هذه المدونة الإلكترونية
الاثنين، 6 ديسمبر 2021
التعاقد بالمراسلة سامي أفندي الجريديني
العته الموجب للحجر أحمد نشأت
مجلة المحاماة - العدد الأول
السنة الرابعة - أكتوبر سنة 1923
العته الموجب للحجر
إن الكثيرين يعتقدون أن العته هو الجنون أو أخف قليلاً من الجنون أو الجنون الهادئ الذي لا يلحق صاحبه أذى بالناس، ولا يعدون الشخص معتوهًا إلا إذا كان ذاهب العقل، إذا سُئل عن اليوم لم يعرفه، وعن أولاده فلا يميز بينهم أو لا يذكر أسماءهم، لا يفرق بين ما حصل له في يومه وفي أمسه.
ولهم بعض العذر في ذلك لمعنى العته لغةً وحسب المتداول بين الناس مع ملاحظة أن المعنى اللغوي ليس قاصرًا على الجنون فقط أو فقد العقل من غير مس جنون بل قيل نقص العقل أيضًا (راجع مختار الصحاح ولسان العرب وأقرب الموارد وشرح القاموس المسمى تاج العروس).
ويجب طبعًا أن لا نتأثر بالمعنى اللغوي أو المتداول بين الناس، وكثيرًا ما يختلف المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي لألفاظ كثيرة بل يجب الالتفات فقط إلى المعنى الاصطلاحي الذي تسهل معرفته من أحكام الشيء.
وقد يظهر للبعض أن المعنى اللغوي والعرفي قد أثرا حتى على كبار العلماء في وضع التعريف الاصطلاحي للمعتوه، فاختلفوا كثيرًا في تعريفه وأخيرًا قالوا إن أحسن ما قيل فيه هو من كان قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير إلا أنه لا يضرب ولا يشتم (راجع ابن عابدين جزء (5) صفحة (93) والفتاوى الهندية جزء (5) صفحة (54)) وقد يبدو أيضًا أن هذا التعريف أكثر من اللازم وأشد من الحقيقة إذا عرفنا أحكام المعتوه ولكن إذا صرفنا ذلك إلى المعاملات فقط كما يجب لأن الحجر لم يشرع إلا للمحافظة على المال، لم نجد لذلك التأثير قوة تذكر.
وعلى أي حال فإنه من السهل جدًا استنباط الحقيقة ناصعة لا غبار عليها من أحكام المعتوه ومن مثل هذا المصدر دائمًا يؤخذ التعريف الاصطلاحي، وسنرى من هذه الأحكام حسب آراء فقهاء الشريعة الإسلامية التي تعززها أبحاث شراح القانون الفرنسي ويعززها القانون الألماني أيضًا وتعليقاته أن المعتوه بعيد عن المجنون، وإنما ينقصه الفهم الكافي لإدارة أعماله وتقدير معاملاته لعجز طبيعي فيه أو لضعف طرأ عليه بسبب التقدم في السن، وقد يكون هذا النقص في الفهم ضعيفًا إلى درجة يأذن له القاضي معها بالعمل، بحيث إذا أقر بكسب أو إرث صح، وليس من الضروري أن تتناول قلة الفهم سائر المسائل العامة البسيطة كمعرفة الأيام والأبناء والأقارب والأمور المنزلية اليومية.
جاء في ابن عابدين جزء (5) صفحة (93) (وحكمه كمميز أي حكم المعتوه كالصبي العاقل) وجاء في صفحتي (113) و(114) في الهامش (وتصرف الصبي والمعتوه الذي يعقل البيع والشراء وهذه العبارة صفة لكل من الصبي والمعتوه إن كان نافعًا محضًا كالإسلام والاتهاب صح بلا إذن وإن ضارًا كالطلاق والصدقة والقرض لا وإن أذن به وليهما، وما تردد من العقود بين نفع وضرر كالبيع والشراء يوقف على الإذن) ثم قال (فإن أذن لهما الولي فهما في شراء وبيع كعبد مأذون في كل أحكامه والشرط لصحة الإذن أن يعقلا البيع سالبًا للملك والشراء جالبًا له- زاد الزيلعي وإن يقصد الربح ويعرف الغبن اليسير في الفاحش) وجاء في صفحة (115) والهامش ولو أقر الإنسان أي الصبي والمعتوه المأذونان بما معهما من كسب أو إرث صح، وعن أبي حنيفة لا يصح في الإرث وجاء في المبسوط جزء (25) صفحة (26) (والمعتوه الذي يعقل البيع والشراء بمنزلة الصبي في جميع ذلك لأنه مولى عليه كالصبي ولكنه يعقل التصرف وفي اعتبار عقله توفير المنفعة عليه، ويصح الإذن له في التجارة من الولي أو القاضي راجع صفحة (40) أيضًا) وجاء في الفتاوى الهندية جزء (5) صفحة (54) أن المعتوه كالصبي العاقل في تصرفاته، وجاء في بدائع الصنائع جزء (7) صفحة (171) (وأما عندهما فحكمه وحكم الصبي العاقل والبالغ المعتوه سواء) وجاء في الفتاوى الأنقروية جزء ()2 صفحة (338) (المعتوه الذي يعقل البيع والشراء بمنزلة الصبي) وجاء في صفحة (341) تصرف الصبي المأذون يصح وإن كان فيه غبن، وقال الزيلعي جزء (5) صفحة (191) فالمعتوه كالصبي العاقل في تصرفاته، ولم يقف الأمر عند ذلك بل قال في صفحة (220) وكذا للصبي أو المعتوه أن يأذن لعبده في التجارة.
وجاء في الفتاوى الحامدية جزء (2) صفحة (168) أن المعتوه كالصبي العاقل في تصرفاته وإنما تارة يتكلم كلام العقلاء وتارة كلام المجانين ولم يذكر غيره هذه العبارة الأخيرة التي لا تتفق مع الأحكام المتقدمة ولا التصرفات التي قد يسمح للمعتوه بها.
ويمكننا أن نخرج من ذلك بأنه من المتفق عليه بين الفقهاء أن المعتوه كالصبي العاقل المميز قد يعقل البيع والشراء، يعقل البيع سالبًا للملك والشراء جالبًا له بقصد الربح، ويعرف الغبن اليسير من الفاحش، يصح أن يأنس فيه القاضي رشدًا يكاد يكون كاملاً فيأذن له بالعمل حتى إذا أقر بكسب أو إرث أو بكسب فقط على رأي أبي حنيفة صح حتى لقد قيل إنه يستطيع أن يأذن لعبده في التجارة.
قد اختلف أيضًا شراح القانون الفرنسي في تعريف العته، فخلط بعضهم بينه وبين الجنون الهادئ، وقال بعضهم إنه ضعف الفهم أو اضطرابه بحيث لا يستطيع المرء القيام بأعماله أو ملاحظتها، وقيل أيضًا إنه ضعف الفهم الذي يسبب فقد قوة الفكر أو ذهابها بعد ترك بعض الآثار وقالوا أيضًا إن الحجر شرع لحماية الأشخاص الذين ليس عندهم الفهم الكافي لتقدير أعمالهم خشية أن يقعوا مع أشخاص ليس لهم ضمير (وكثيرًا ما هم الآن) فيبتزون أموالهم، ولكن يكاد يكون من المتفق عليه أن الأمر الذي يجب البحث فيه هل يمكن للشخص أن يدير أمواله بنفسه أم لا، فإذا كان لا يمكنه ذلك وجب الحجر وإذا لم تضعف عند المرء قوة الفهم وضعفت عنده قوة الإرادة فقط عين له مستشار أو مساعد قضائي، وكذلك في حالة الشيخوخة التي تمنع من مراقبة حفظ الثروة مراقبة كافية، وإنما إذا كانت الشيخوخة سببًا في أن لا تكون عند المرء قوة الفهم الكافية التي تسيره في حياته المدنية وجب الحجر (راجع بونت وماركاديه طبعة سابعة جزء (2) صفحة (314) و(334) وكابيتان طبعة 1921 جزء أول صفحة (571) و(585) و(601) و(603) وزكاريا المترجم عن الطبعة الخامسة الألمانية جزء أول صفحة (463) رقم (233) وصفحة (486) رقم (248) وبلانيول جزء أول طبعة 1906 رقم (2038) و(2039) و(2040) و(2041) و(2110) و(2111) وبودري المطول أحوال شخصية طبعة 1905 جزء (4) رقم (778) الفقرة الأخيرة وراجع أيضًا المادة (499) قانون فرنسي).
أما القانون المدني الألماني الذي صدر في 18 أغسطس سنة 1896 وعمل به من أول يناير سنة 1990 فقد بسط الأمر كثيرًا وجاء في المادة (6) أنه يحجر على الشخص إذا كان بسبب مرض عقلي أو ضعف في الفهم أو الذكاء أو الكفاءة لا يستطيع القيام بأعماله
prendre soin de ses affaires.
وجاء في التعليق على هذه المادة أن القانون ترك للقاضي مطلق الحرية في التقدير ولم يضع حدًا أو ضابطًا ما واشترط فقط أن يكون الشخص في حالة لا يمكنه معها تأدية أعماله (راجع القانون المدني الألماني المشار إليه الذي طبعته مع تعليقاته لجنة التشريع الأجنبي المؤلفة في وزارة الحقانية الفرنسية بالاشتراك مع جمعية التشريع المقارن).
ينتج مما تقدم مثلاً أن الشخص الذي لا يستطيع أن يعرف مقدار ثروته بالضبط أو التقريب ولا كذلك قدر غلتها ولا يثبت على قول في خبر عن تصرفات حصلت في بعض أملاكه ولا يمكنه أن يطرح أو يجمع أعدادًا بسيطة إلا بصعوبة أو يميز بين أوراق النقود ويقوم له بعض أقاربه أو أصهاره بأعماله الواسعة دون أن يفهمها أو أن يستطيع فهمها إذا أراد يجب الحجر عليه لأنه ليس عنده القدر الكافي من الفهم والكفاءة لإدارة أعماله وإذا وثق بقريب أو صهر فلا يمكنه أن يراقب أعماله ولو في أزمان متباعدة وفي الغالب تكون ثقته في مثل هذا الشخص في غير محلها إذ يسهل التأثير عليه ويمكنك أن تطبق عليه التعريف الشرعي المتقدم الذكر من جهة المعاملات قلة الفهم واختلاط الكلام وعدم إمكان تدبير الأمور لا تدبيرًا صالحًا ولا فاسدًا، ومثل هذا الشخص كثير بين الشيوخ المتقدمين في السن الذين قد يجعلهم ذلك كالصبيان الذين لا تستطيع عقولهم في أغلب الأحوال إلا ضبط المسائل البسيطة والمشاهدة كمعرفة الأيام والأقارب والمسائل المنزلية اليومية.
ويا حبذا لو وُجد عندنا نظام يبيح تعيين مستشار أو مساعد قضائي كتعيين الثقة في الوقف لملافاة حالات قلة الفهم التي يصعب على البعض اعتبارها عتهًا، ولو أن فقهاء الشرع الشريف في بيانهم لأحكام المعتوه قد وضحوا ذلك أحسن إيضاح وأباحوا الإذن بالتصرفات في بعض الأحوال ولكن وقع الحجر شديد على النفس والتفريق بين حالات المعتوه دقيق وأقل خطأ في استعمال هذا الحق قد يسبب لمثل هذا الشخص مضارًا عظيمة نفسية وقد تكون مالية أيضًا.
أحمد نشأت رئيس مجلس مصر الحسبي |
الأحد، 5 ديسمبر 2021
طبيعة الديون الناشئة عن المقامرة من الوجهة القانونية الفرنسية حمدي عبد الحميد
نظرية الجزاء التهديدي والجزاء القطعي نصيف زكي
مجلة المحاماة – العدد الخامس
السنة الرابعة - عدد فبراير
نظرية الجزاء التهديدي والجزاء القطعي
SYSTÈM DES ASTREINTES
عرف العلماء الـ ASTREINTE بأنه إلزام بمبلغ من المال يُقضَى به عن كل يوم أو زمن من أزمنة التأخير الغرض منه قهر المدين المتعنت على تنفيذ ما تعهد به بتهديده بجزاء مالي يمكن أن يزداد إلى الحد الذي يخضعه حتى يحترم تعاقده وينفذه.
وقد أحسن المسيو BERRYER تعريفه في رسالةDES ASTREINTES. THÈSE. PARIS 1903 فقال إنه قضاء مؤقت في المال الغرض منه الوصول بطريق غير مباشر إلى تنفيذ التزام عينًا وذلك بتهديد المحكوم عليه المتعنت بجزاء يكفي للقضاء على تعنته.
ولقد ابتكر القضاء الفرنساوي هذه النظرية القانونية وسار بها على وتيرة واحدة من زمن بعيد رغمًا عما ينهال عليها من انتقاد رجال القانون من الوجهة النظرية، فإن أول ما عرف عن تطبيق هذه النظرية في القضاء الفرنسي كان في سنة 1809 (DALLOZ REP V. CHOSE JUGÉE NO. 384 ETS.).
وقد ذكر المسيو اسمين ESMEIN في مقالته الممتعة عن الجزاء التهديدي التي نُشرت في REVUE TRIMESTRIELLE DE DROIT CIVIL 1903, P. 553 أن النظرية ترجع إلى عهد الـ SPECULUM JURIS الذي أصدره GUILLAUME DURAND وتعقب تطبيق هذه النظرية حتى وصل بها إلى تاريخ القانون الروماني.
ولكن محل النظر هنا أن المحاكم تأمر بإلزام المدين بأن يدفع مبلغًا معينًا عن كل زمن من أزمنة التأخير باعتبار أن هذا الأمر ليس قضاءً باتًا بل سبيلاً لقهر المدين على تنفيذ تعهد أو أمر أمرت به المحكمة فهو جزاء أو عقوبة يُقضَى بها لا على سبيل تقدير الحق بل لإرغام المدين كي يحترم أمر القضاء.
وبهذا جاز للمحكمة نفسها إن رأت إصرار المدين على تعنته أن تضاعف الجزاء حتى يقهر وينفذ ما أمرته المحكمة به، ولها الحق أيضًا أن ترفع عنه الجزاء، بعضه أو كله، إن أظهر امتثالاً للأمر، ولهذا فالجزاء لا يقوم مقام الضرر الناتج عن عدم الوفاء، فقد لا يكون بين المبلغ المقضى به وبين الضرر الفعلي أي تناسب بل قد لا يوجد أي ضرر وقع فعلاً، وإنما هي عقوبة يُقضَى بها حتى يخضع المحكوم عليه لما أمرت المحكمة به.
وكما يجوز للمحكمة التي أصدرت الأمر أن تزيد في الجزاء أو أن ترفعه كله أو بعضه يجوز كذلك لمحكمة الاستئناف إذا طرح الأمر أمامها
REQ 1ER DEC. 1897-D. P. 98. 1. 289; REQ 8 JAN 1896. D. P 97. 1.463; REQ 6 AVRIL 1900 D. P 1900. 1.167; CASS 20 JAN. 1913 D. P. 1913.1.387; SIREY, TABLE DÈCENNALE 1901 - 1910. V DOMMAGES INTÈRETS NO 66 D. P. 1917.1.115.
2 - ولكن علماء القانون LA DOCTRINE ينتقدون هذه النظرية انتقادًا شديدًا وحجتهم في ذلك:
( أ ) أن القانون قد نص في المادة (117) مدني المقابلة للمادة (173) و(174) مختلط وتقابل (1142) و(1143) و(1144) فرنساوي - أنه إذا امتنع المدين عن وفاء ما هو ملزم به بالتمام فللدائن الخيار بين فسخ العقد مع أخذ التضمينات وبين أن يطلب التضمينات عن الجزء الذي لم يقم المدين بوفائه فقط، ومع ذلك يجوز للدائن أن يتحصل على الإذن من المحكمة بعمل ما تعهد به المدين أو بإزالة ما فعله مخالفًا لتعهده مع إلزامه بالمصاريف - هذا وذاك مع مراعاة الإمكان بحسب الأحوال (المادة (117) أهلي).
فإذا اعتبرنا هذا الجزاء تعويضًا فالتعويض لا بد أن يكون مقابلاً للضرر الذي حل فعلاً بالدائن وللفائدة التي تفوته PRO TANTO في حين أن في تطبيق نظرية الـ Astreinte لا يتفق الجزاء مع الضرر مطلقًا ولا يتناسب معه.
(ب) فإن كان الإلزام جزاءً أو عقوبة فليس للمحكمة أن تقضي بجزاء بطريقة استبدادية غير عادلة، فإنه من المسلم به أن لا عقوبة بغير نص II N'EST PAS DE PEINE SANS TEXTE.
(جـ) على أن الغرض الحقيقي من الجزاء التهديدي الوصول إلى تنفيذ التعهد عينًاEN NATURE بخلاف الحكم بالتعويض، ولهذا تكون النتيجة الفعلية لحكم الجزاء التهديدي أن القاضي يشرع طريقة من طرق التنفيذ غير منصوص عليها قانونًاB. H. ET BARDE, 5ME EDIT. OBLIGATION T, 1 NO. 479 P 506 ET LUIS.
ودفعًا لبعض هذا الانتقاد نرى المسيو PLANIOL قد وضع نظرية الجزاء التهديدي تحت باب تنفيذ التعهدات لا تحت باب التعويضات.
(د) نضيف إلى هذا كله أن في إرجاع الحكم مرة ثانية وثالثة إلى القضاء لتعديله أو تخفيضه بين كل آنٍ وآخر فيه تعارض ظاهر مع نظرية قوة الأحكام الانتهائية
DEMOLOMBE T. 24 P 496 479 LAURENT. T. 16. N. 301 AUBRY ET RAU. T 4 5E ED. NO. 12 ET 12 QUATER P 64 – 66.
MASSIN. DE L’EXÉCUTION FORCÉE DES OBLIGATIONS DE FAIRE OU DE NE PAS FAIRE. THÉSE. PARIS 1893 P 429 - 438.
BERRYER. DES ASTREINTES 1903 THESE P 140 – 162 LA COSTE. DE LA CHOSE JUGÉE P37 ET S.
ولقد انضم المسيو دي هلتز في كتابه (القانون المدني المصري الجزء الأول صـ 280 و281 و282) إلى الذين انتقدوا هذه النظرية بشدة فقال إنها غير مشروعة ومخالفة كل المخالفة للقانون.
وقد انبرى للدفاع عن هذه النظرية المسيو ESMEIN دفاعًا مجيدًا وكذلك المسيو بلانيول والمسيو GRIOLET في كتابه DE L’AUTORITÉ DE LA CHOSE JUGÉE.
فقد ذكر المسيو ESMEIN في رسالته L’ORIGINE ET LA LOGIQUE DE LA JURISPRUDENCE EN MATIÉRE D'ASTREINTES. أن سلطة القاضي تنقسم قسمين، القضاء في الخصومات وإصدار الأوامر، ولهذا يجب أن نفرق بين الأحكام التي تسمى JUDICIÀ DECISORIA أو JURIDICTION وبين أحكام الأمر JUDICIA ORDINAORIAT أو COMMANDEMENT.
والقاضي الذي يملك سلطة الفصل في أصل الخصومة يملك حق إصدار الأوامر التي تؤدي إلى القضاء فيها، والغرض من هذا الأمر التوصل إلى حق اعتقد القاضي بوجوده وكان أمره سبيلاً إلى الوصول إلى هذا الحق.
فالقاضي في مثل هذه الحال يستعمل سلطته في إصدار الأوامر INJONCTIONS أو IMPERIUM حسب مقتضيات الأحوال بما يضمن به تنفيذ حكمه، وهذه القوة التي يختص بها القاضي يقول المسيو ESMEIN عنها إنه مسلم بها من القدم، حتى أن المشرع الفرنسي عندما وضع مواد القانون لم ينسخ هذه السلطة بل ذكر في المادة (1036) من قانون المرافعات (أن للمحاكم الحق - في الخصومة المطروحة أمامها - أن تصدر حتى من تلقاء نفسها ما تراه من الأوامر PRONONCER DES INJONCTIONS وأن تأمر بضبط الأوراق والمكاتبات طبقًا لخطورة الحال).
ومتى تقرر هذا فإنه من المسلم به أيضًا أن من يملك الأمر يملك حق الرجوع فيه.
وقد ذكر حضرة الأستاذ أبو هيف بك في كتاب قانون المرافعات الجزء الثاني أنه ليس من مقابل في قانوننا للمادة (1036) مرافعات فرنساوي وأنه يمكن أن تسند هذه النظرية في القانون المصري إلى النص الوارد في لائحة ترتيب المحاكم التي تجيز للقاضي إن لم يوجد نص صريح في القانون أن يحكم بمقتضى قواعد العدل، وأن من قواعد العدل أن يسعى القاضي في تسهيل تنفيذ ما أصدر من الأحكام العادلة ما دام لا يضر في ذلك بحقوق المدين، وفي هذا القول اجتهاد ظاهر.
وعلى أي حال فقد أصبحت هذه النظرية وطيدة الأركان متينة الدعائم في القضاء رغم الانتقادات العلمية التي لا تزال موجهة إليها، حتى أن المسيو بلانيول قال إنها باتت من أفضل الطرق العملية لقهر المتعنت الذي يريد الإخلال بتعهده، وذكر أن احترام هذه النظرية أصبح راسخًا وطيدًا لا يمكن لأي انتقاد أن يزعزعه لفوائدها العملية، فهي طريق ناجع وسهل لضمان تنفيذ التعهدات.
3 - ولقد كثر تطبيق الإلزام بالجزاء التهديدي في المحاكم الفرنساوية، ومن القضايا الهامة قضية المركيزة BAUFFREMONT التي قضت المحكمة فيها على الزوجة بتسليم ابنتها إلى والدها أو تلزم بغرامة يومية قدرها 500 فرنك، فلما امتنعت الزوجة عن تسليم البنت تدرج الجزاء إلى أن بلغ ألف فرنك يوميًا حتى سلمت الفتاة D. 78.2.125.
وقضية شركة الكهرباء المشهورة بباريس التي رفعتها إحدى النزل الكبرى بباريس تطالبها بإنارة النزل، فقد حكمت المحكمة بإلزام الشركة بالإنارة أو بأن تدفع مائة فرنك يوميًا وقد تدرج الجزاء إلى أن بلغ 10000 فرنك حتى خضعت الشركة وأنارت النزل.
ولم يقتصر تطبيق هذه النظرية على التعهد بفعل أمرٍ ما OBLIGATION DE FAIRE بل تعداه إلى OBLIGATION DE NE PAS FAIRE فقد حكمت المحاكم على المسيو COQUELIN الممثل الشهير بغرامة يومية قدرها 500 فرنك لأنه أخل في تعهده بأن لا يظهر على مسرح آخر غير مسرح الـ D 97. 2. 177. COMÉDIE FRANCAISE.
4 - هل يمكن تنفيذ أحكام الجزاء إذا ثبت تعنت المحكوم عليه عن تنفيذ أمر المحكمة، فإن الأمر المتبع أن الصادر لصالحه حكم الجزاء يعرض الأمر على المحكمة في دعوى يسجل على المدين تأخيره عن تنفيذ أمر المحكمة ويطلب من المحكمة أن تأمر بتنفيذ الجزاء نفسه أو أن تزيده أو أن ترفعه حسب الظروف وتقضي المحكمة قضاءها في ذلك وينفذ هذا الحكم الثاني حتى يخضع المدين لتنفيذ أمر المحكمة وقد لا يكون الجزاء اليومي المترتب في الحكم الثاني تعويضًا للضرر الذي حصل من عدم التنفيذ بل عقوبة على تعنت المحكوم عليه في تنفيذ أمر القاضي ولو لم يحصل ضرر فعلاً من عدم التنفيذ.
ولقد سارت بعض المحاكم المصرية على أن أحكام الجزاء غير قابلة للتنفيذ بالمرة بل يجب لذلك من رفع دعوى جديدة لتقدير التعويض الحقيقي الناجم عن عدم تنفيذ أمر المحكمة، وتبني رأيها هذا على أنه ما دامت هذه الأحكام تهديدية بطبيعتها فلا يجوز تنفيذها.
فقد حكمت محكمة الاستئناف الأهلية بحكم في 24 فبراير سنة 1914 نمرة (70) المجموعة الرسمية السنة الخامسة عشرة صـ 137- بأن التعويض الذي يُقضَى به عن كل يوم من أيام التأخير يعتبر مقاصة لا جزاء ومن ثم فلا يجوز المطالبة به إلا إذا أنشأ ضررًا فعلاً عن الاستمرار في تأخير التنفيذ، وأنظر حكم محكمة الزقازيق المنشور في المجموعة الرسمية السنة الخامسة عشرة صـ 213.
إن خطأ هذا الرأي واضح، فإن التهديد الذي لا يمكن تنفيذه مطلقًا لا يكون له الأثر المطلوب وهو قهر المتعنت على تنفيذ التعهد عينًا EN NATURE.
ولقد أحسن المسيو والتن ناظر مدرسة الحقوق في وصف التهديد الذي من هذا النوع بأنه سخافة BRUTUM FULMEN صـ 243 الجزء الثاني من كتابه OBLIGATION فقال إن بعض المحاكم المصرية لم توفق في الوصول بهذا المبدأ إلى الحد المنطقي الصحيح بأن رفضت تنفيذ حكم التهديد المالي رغم إصرار المدين على عدم الوفاء.
وذكر خطأ الأحكام التي كانت تقرر المبدأ الآتي:
QUE LES CONDAMNATIONS DE CETTE SORTE NE SONT QUE PUREMENT COMMINATOIRES ET QU’ELLES NE PEUVENT SORTIR À EFFET QUE DANS LA MESURE DU PRÉJUDICE REÉLLEMENT SOUFFERT C. A. 10 JANV. 1901. R. O. XXVI.
وكذلك الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في 8 مايو سنة 1906 المنشور في المجموعة الرسمية السنة السابعة نمرة (115) صـ (79) بهذا المعنى، وانتقد في هذه الأحكام على أنها بُنيت على خطأ في فهم أساس نظرية الجزاء فقال إن المحكمة التي لها أن تمحو الجزاء التهديدي لها أيضًا الحق المطلق أن تقهر المدين المتعنت بأن ينفذ عليه حكم الجزاء وأن يزاد أيضًا بحكم آخر إن زاد في عناده حتى يخضع للأمر، ولا جدال أن التهديد الذي لا نتيجة له يضيع هباءً.
لم يمكن الوصول إلى تسليم الفتاة في قضية المركيزة BAUFFREMENT إلا بعد أن بلغ ما تنفذ به عليها مليونًا من الفرنكات حتى سلمت الفتاة، وبعد أن تدرج حكم الغرامة بأمر القاضي إلى ألف فرنك يوميًا (انظر القضية السالفة الذكر) وما كان هذا الجزاء مقابلاً للضرر الفعلي بل جزاءً مستمرًا لتنفيذ أمر القضاء، ولم تخضع شركة الكهرباء لإنارة النزل إلا بعد أن بلغ ما نفذ به عليها يوميًا عشرة آلاف فرنك - ولا جدال في أن للقاضي أن يرفع الغرامة إذا ما تقدم إليه المدين وأعلن خصمه وقدم الدليل على أنه يسير في التنفيذ أو أنه نفذ الأمر فعلاً ما دام كل غرض القاضي أن يقهر المدين على تنفيذ تعهده عينًا.
وقد حكمت محكمة مصر الاستئنافية برئاسة أحمد فتحي باشا وعضوية المستر ايموس في دعوى الحساب الشهيرة لورثة أحمد باشا صادق في أشكال أقيم أمامها في تنفيذ الحكم التهديدي الأول بما يأتي:
(حكمنا بإيقاف تنفيذ الحكم الصادر بالغرامة بتاريخ 5 يونيه سنة 1905 إيقافًا مؤقتًا حتى تحكم محكمة مصر في موضوع الإلزام نهائيًا بغرامة يبين مقدارها الواجب التنفيذ بمقتضاه) والحكم منشور في مجلة الاستقلال صـ 330 في حيثيات مطولة.
وقد رأى الأستاذ أبو هيف بك في كتابه الجزء الثاني صـ (17) و(18) طبقًا لآراء العلامة جارسون الوارد في الجزء الرابع الطبعة الثانية والعلامة جلاسون الجزء الثاني أن الحكم الذي يشتمل على تحديد مبلغ يدفعه المدين يوميًا هو حكم تهديدي ليس له قوة الشيء المحكوم به ولا ينفذ بنفسه ولو أصبح نهائيًا بل يجب لذلك من رفع دعوى جديدة بطلب ما تجمد من المبالغ (أي مبالغ الجزاء اليومي) ويكون حينئذٍ للقاضي الحق أن يرجع في أمره أو أن يزيد في المبلغ اليومي إذا ازداد التأخير، وأن هذا المبلغ لا يكون تعويضًا بل عقوبة على عدم الإذعان لأمر القضاء وأن للقاضي أن يبقي الحكم بالمبلغ الذي حدده كما هو حتى ولو لم يحصل ضرر مطلقًا من عدم التنفيذ كما يجوز له أن يحكم به وبالتعويض في آنٍ واحد.
5 - هذا ما استقر عليه رأي علماء التشريع، على أنه إذا سلمنا بأن الغرض من وضع النظرية هو الوصول إلى قهر المدين لينفذ التعهد عينًا فإنه من المحتمل جدًا أن يكون الحكم الثاني قد ازداد فيه الجزاء عن الحكم الأول حتى يرغم المدين على الوفاء ويكون في الحكم الثاني كل معنى التهديد أيضًا ولو أنه قطعي وواجب النفاذ، لهذا اعتقد أن المنطق يقضي بوجوب تنفيذ الحكم الأول إن تأخر المدين عن الموعد المضروب في الحكم وللمدين عند التنفيذ أن يرفع الأمر بصفة مستعجلة إلى القاضي بطلب إمهاله إلى أجل آخر لأن طارئًا أو سببًا عاقة عن الوفاء أو لأنه شرع في التنفيذ، وكذلك من الجهة الأخرى يكون للدائن الحق في الرجوع إلى القاضي لزيادة الجزاء إن تعنت المدين ولم يقهره بتنفيذ الجزاء وهكذا، فالمتضرر يعرض الأمر على المحكمة حتى يتنفذ ما أمرت به، وللقضاء أن يأمر بإيداع متحصل الجزاء في الخزانة.
إن للمحاكم أن تتبع في طريقة تنفيذ الجزاء التهديدي ما تراه ما دام الغرض منها الوصول إلى تنفيذ التعهد عينًا.
فإنه من المسلم به أن هذا الجزاء عقوبة ولا معنى للعقوبة إن كانت نتيجتها حتمًا الرجوع في توقيعها إلى دعوى جديدة فإنها تصبح بلا جدوى، وكذلك لا يكون للتهديد أثر قوي إذا كان لا بد من رفع دعوى لتنفيذه أو تنفيذ متجمده.
لهذا أخذت بعض القوانين تصحح في هذه النظرية بنصوص تجلي ما غمض منها.
نظرية الجزاء التهديدي في القوانين الأخرى
لقد أزال الشارع الألماني في قانونه الذي وضعه أخيرًا كل خلاف بأن وضع نصًا في قانون المرافعات (المادتين (887) و(888) منه) بأنه إذا كان يمكن لشخص ثالث أن يقوم بالالتزام نفسه فللدائن الحق أن يستصدر حكمًا بإلزامه بالقيام به على نفقة المدين (قارن هذا بنص المواد (117) و(173) و(174) مدني مصري) فإن لم يمكن لغير المدين القيام بالتعهد فللمحكمة أن تقضي عليه بغرامة أو بالحبس هذا فضلاً عن التعويضات التي يطلبها الدائن، أما في بلجيكا فالمبدأ كان يسير طبقًا للقضاء الفرنسي.
ولكن الرأي الأخير قضت به محكمة بروكسل انظر:
COLIN ET CAPITANT VII 3E EDIT P. 35 “LA JURISPRUDENCE BELGE À DONC, TRÈS CORRECTEMENT, CROYOUS NOUS, DECIDÉ QUE, SI EN CAS D’INEXÉCUTION D’UNE OBLIGATION DE FAIRE OU DE NE PAS FAIRE LES TRIBUNAUX PEUVENT ALLOUER UNE SOMME DÉTERMINÉE PAR JOUR DE RETARD, CE N’EST QU’ À TITRE D’INDEMNITÉ À RAISON DU DOMMAGE CAUSÉ ET NON À TITRE DE PURE CONTRAINTE ET POUR ASSURER L’EXÉCUTION D’UNE SENTENCE. BRUXELLES 1ER MAIS 1909 S 1909. 4. 18.
أما في إنكلترا فتجد الأمر أقرب للقانون الألماني منه للقضاء الفرنسي، فإذا ما عُرض على المحكمة طلب تنفيذ التعهد عينًا SPECIFIC PERFORMANCE وقضى به القاضي بحكم أو بأمر INJUNCTION وتوقف المدين عن طاعة الأمر جاز الحكم بحبسه
HALSBURY LAWS OF ENGLAND V INJUNCTION SPECIFIC PERFORMANCE.
الجزاء القطعي
هل يمكن أن يقدر التعويض مقدمًا وبطريقة قطعية في جزاء يومي بالطريقة السالفة البيان بحكم ينفذ إذا ما قصر المدين عن وفاء تعهده في الأجل المحدد؟
الإجماع على جواز ذلك، فإن للمحكمة تقدير الضرر الذي يحيق بالطالب في كل يوم من الأيام إذا تأخر المدين عن الوفاء بتعهده متى كان لدى المحكمة من الأدلة ما يمكنها من تقدير الضرر الذي يحل يوميًا بالدائن في المستقبل ويكون القضاء به من التاريخ الذي تعينه المحكمة للوفاء بالتعهد (انظر جارسون الجزء الرابع صـ (66) الطبعة الثانية) فكما أن للمحكمة أن تقضي بإلزام المدين أن ينفذ تعهده في أجل معين فإن لها أن تبيح للدائن أن ينفذ التعهد على مصاريف المدين أو أن تقضي عليه أن يدفع في كل يوم تعويضًا بمقدار الضرر حتى يقوم بتعهده - انظر
LOCOSTE NO. 100 ET 101 LAURENT T 16 NO. 300 A. R. IV S299.
وقد يقع خلاف فيما إذا كان الحكم القاضي بالجزاء قطعيًا أو على سبيل التهديد وعندئذٍ يكون للقاضي حق النظر في تقدير الظروف والوقائع فيما إذا كان الحكم موضع النظر صدر على أي الاعتبارين.
COMMINATOIRE OU DIFINITIF A. R. F 4 P 16. NO. 16 5ME EDIT.
فإن كان الأول وجب عرضه على المحكمة طبقًا لما تقدم وإن كان الثاني أصبح قطعيًا واجب النفاذ لا يمكن الرجوع فيه (انظر أيضًا DALLOZ, ROP PRATIQUE V DOMMAGES - INTERETS طبعة سنة 1920 الفقرة (465)).
وقد سارت محكمة الاستئناف العليا على احترام هذه النظرية أيضًا في حكمها الصادر في 23 نوفمبر سنة 1916 نمرة (958) سنة 33 قضائية في الدعوى المرفوعة من الست زينب هانم كريمة حسن باشا الشريعي ضد أحمد باشا الشريعي وآخرين إذ قالت:
(وحيث إن الشراح والمحاكم اتفقت على أن الغرامة المحكوم بها على نوعين تهديدي أو بصفة تعويض قطعي، وأن النوع الثاني يستفاد من الحكم إذا قدرته المحكمة مساويًا للضرر الذي نتج من عدم تنفيذ الحكم في الميعاد المعين) إلى أن قالت (وحيث إن محكمة الاستئناف ترى أن المحكمة التي أصدرت الحكم بالغرامة قدرتها تقديرًا قطعيًا لا تهديديًا وفي مثل هذه الحالة لا يجوز لمحكمة أخرى أن تقدره بغير ذلك وللمستأنفة الحق في تنفيذ الحكم وبرفض الإشكال).
ومن النقط التي تستحق النظر حالة ما إذا قُضي ابتدائيًا بالجزاء يبتدئ بعد أجل معين ثم استؤنف الحكم ومضى زمن حتى انقضى هذا الأجل وحُكم بالتأييد فهل يحتسب الجزاء من تاريخ الأجل الذي قدرته المحكمة الابتدائية أو تُحتسب المدة بعد صدور الحكم الاستئنافي.
المتفق عليه أن الجزاء إذا كان تهديديًا فلا يبتدئ إلا من اليوم المحدد في الحكم النهائي القاضي بالتأييد، لأن الاستئناف مانع من تنفيذ الحكم الابتدائي، بخلاف ما إذا كان الجزاء قطعيًا بمثابة تعويض فإن الضرر الذي يقع يبتدئ في الميعاد الذي قدرته المحكمة الابتدائية انظر بلانيول جزء ثانٍ فقرة (211) وجارسون جزء (5) فقرة (954).
نصيف زكي المحامي |
في قانون الاسترداد الجديد وطريقة تطبيقه في المحاكم الأهلية سليم إبراهيم سلام
التقادم الخمسي وقانون التسجيل الجديد حامد فهمي
مجلة المحاماة - العدد الثاني
السنة السابعة - نوفمبر سنة 1926
التقادم الخمسي وقانون التسجيل الجديد
نشرت لنا المحاماة مقالاً تحت عنوان تأثير قانون التسجيل على قضايا الشفعة قلنا فيه إن عقد البيع لم يصبح مطلقًا بعد صدور قانون التسجيل من العقود الشكلية التي أوجب القانون لانعقادها أو لصحتها إفراغها في شكل كتابي خاص كالهبة أو الرهن العقاري، بل بقي كما كان من عقود التراضي وإن اشتراط التسجيل لم يرد على حكم انعقاد البيع أو صحته ليكون شرط انعقاد أو شرط صحة وإنما ورد على حكم انتقال الملكية فجعله متراخيًا إلى ما بعد التسجيل بعد أن كان يقع فورًا بمجرد التراضي.
ونشرت المحاماة في العدد السابع من السنة السادسة مقالاً نفيسًا تحت عنوان (قانون التسجيل الجديد) للأستاذ عبد السلام بك ذهني أوضح به أن عقد البيع لا يزال كما كان من العقود الرضائية التي تتم وتفيد أحكامها من يوم العقد إلا حكم نقل الملكية فقد اشترط القانون له التسجيل بعد أن كان يقع فورًا بمجرد العقد ولكنه عند تطبيق هذا الأصل في أحكام التقادم الخمسي ألحق العقد غير المسجل بالعقود الباطلة بطلانًا مطلقًا فلم يجز اعتباره سببًا صحيحًا.
ونحن لا نستطيع موافقة الأستاذ في ذلك ويجب علينا قبل إبداء ما عندنا من الأسباب لمخالفته أن نقول إن الصورة التي نبحث فيها في وجوب اشتراط تسجيل العقد وعدم تسجيله هي الصورة التي يبيع فيها شخص غير مالك عقار لآخر ويضع المشتري يده عليه خمس سنوات معتقدًا أنه تلقاه عن مالكه ثم يجيء المالك الحقيقي فينازع المشتري ويتزاحمان هذا بسنده ويده وذاك بأصل ملكيته فيراد معرفة ما إذا كان للمالك أن يحتج على المشتري بعدم تسجيله عقده للوصول إلى عدم اعتباره سببًا صحيحًا يصح بناء وضع اليد عليه أم لا.
أما إذا بيع العقار لشخصين سجل أحدهما عقده ووضع الآخر الذي لم يسجل عقده يده على المبيع خمس سنوات فالأولوية بينهما تكون بالتسجيل لأنهما تلقيا الملك من عاقد واحد ولأن أحكام التقادم المبني على السبب الصحيح لا تطبق في هذه الصورة.
تنحصر إذن مسألتنا فيما إذا كان يجب أن يكون السبب الصحيح مسجلاً ليحتج به المشتري من غير مالك على المالك الحقيقي أم لا، وبعبارة أخرى هل كان يجب على هذا المشتري قبل صدور قانون التسجيل الجديد وأيام العمل بأحكام انتقال الملكية الواردة في القانون المدني أن يسجل عقده للاحتجاج به على المالك الحقيقي أم لا؟ وهل كان هذا المالك الحقيقي من الغير الذين يجوز لهم الاحتجاج بعدم التسجيل أم لا؟ وإذا أجبنا عن ذلك بالنفي فهل من شأن قانون التسجيل الجديد أن يغير هذا الجواب أم لا؟ ولما كان شارعنا المصري قد نقل أحكام التقادم الخمسي عن القانون الفرنسي وهو استمدها من القانون الروماني وجب أن ندرس المسألة فيهما وعلى نورهما.
كان للرومانيين تقسيم للأموال لا يرجع إلى طبيعتها كتقسيمها إلى (منقول وثابت وحسي ومعنوي) بل يرجع إلى أحكامها المتغايرة في قانونهم المدني وهو تقسيمها إلى أموال منيسبية (RES MANCIPI) وغير منسيبية (MANCIPI RES NEC) والأولى معروفة عندهم بالحصر بنص القانون وهي العقارات الموجودة بإيطاليا وحقوق الارتفاق الزراعية الخاصة بها والعبيد ودواب النقل والجر ومن فوائد هذا التقسيم الصناعي أن ملكية هذه الأموال المنسيبية لا تنقل إلا بطريقة الإفراغ العلني (MANCIPATIO) لا بمجرد المناولة (TRADITIO) (راجع ديدييه بابيه صحيفة 142 – 143 جزء أول).
ولم يكن للرومانيين في بادئ أمرهم إلا نوع واحد للملكية هو الملكية الرومانية وكانوا لا يعرفون من أسباب نقلها إلا تلك الطرق الشكلية المشتملة على أقوال وأعمال مخصوصة يعلنون بها للكافة نقلها وانتقالها من مالك لآخر ولكن الضرورة اضطرت قضاتهم إلى الاعتراف بنوع آخر من الملكية يمكن انتقاله بغير تلك الطرق الشكلية وإلى استنباط الوسائل القضائية لحمايته وقد أطلقوا على تلك الملكية (IN BANIS) إشارة إلى أن المالك يتمتع فيها تقريبًا بجميع حقوق الملاك إلا ما بقي من المزايا الضئيلة لاسم المالك ملكية رومانية، وفي الواقع فإنهم رأوا تعامل الناس في الأموال بغير اتباع الأوضاع الشكلية المعروفة وخروج هذه الأموال بالفعل من يد أصحابها إلى غيرهم برضائهم واستمرار هؤلاء على الانتفاع بها والتصرف فيها فاضطروا للاعتراف بهذه التصرفات وحموا واضعي اليد بما وضعوه لهم من وسائل دفع التعرض وأكسبوهم الملكية بالتقادم بشروط مخصوصة وخولوا لهم دعوى تشبه دعوى الاستحقاق أسموها (L’ACTION PUBLICIENNE) وأبقوا للمالك الأصلي مزايا قليلة الأهمية تبقى له تحت اسم مالك الرقبة (NUDUNA JUS QUIRITUM).
وكان مما استنبطوه أن اعتبروا المناولة (TRADITIO) المبنية على سبب صحيح إذا وقعت على مال من الأموال المنسيبية من أسباب اكتساب الملكية النافعة (IN BONIS) والمراد بالسبب الصحيح في باب المناولة نية الطرفين على الإفراغ والاكتساب المدلول عليها بعمل قانوني سابق لا تتعلق صحته بصحتها (راجع (167) إلى (170) من الكتاب المتقدم ذكره).
وكذلك كان من استنباطهم التقادم بالمدة القصيرة (USUCAPIO) وكان من شأنه أن يجعل المالك لشيء ملكية نافعة (IN BONIS) مالكًا ملكية رومانية سواء أكان واضع اليد تلقى المال المعدود من الأموال المنسيبية من مالكه بمجرد المناولة أم أي مال آخر بأي سبب آخر كما كان من شأنه عندهم أن يحيل وضع اليد القانوني ملكية نافعة إذا كان واضع اليد استلم المال المنسيبي من غير مالك.
وكان من شروط هذا التقادم عندهم أن يكون لواضع اليد سند صحيح والمراد به عندهم كل تصرف قانوني يدل بنفسه على رغبة المتعاقدين في الإفراغ والاكتساب ويفترضون فيه دائمًا أنه لا يجعل بنفسه المتصرف إليه مالكًا إما لوقوعه على مال منسيبي (RES MANCIPI) بغير الأوضاع المطلوبة أو لوقوعه من مناول لم يكن مالكًا ليكون التقادم سبيلاً إلى إفادة معنى جديد (صـ (183)، (184) من الكتاب نفسه).
وأنت ترى من كل هذا أن الرومان لم يشترطوا في السبب الصحيح الذي يجب أن يبنى عليه وضع اليد إلا أن يكون دالاً بنفسه على رغبة المتعاقدين في الإفراغ والكسب وأن لا يكون صادرًا من المالك الحقيقي بالأوضاع الحقيقية الناقلة للملكية بالفعل حتى يكون التقادم مفيدًا لمعنى جديد ومثمرًا، ولذلك لم يشترطوا في السبب الصحيح الوارد على مال منسيبي أن يقع بالأوضاع الشكلية الواجب اتباعها في نقل الملكية الرومانية.
وإلى مثل هذه النتيجة بلغ الفقهاء الشارحون للقانونين الفرنسي والمصري، فقد قالوا إن المراد بالسبب في باب التقادم الخمسي كل تصرف قانوني يكون بطبيعته لذاته صالحًا لنقل الملكية بقطع النظر عما إذا كان من أصدره مالكًا له ولاية التصرف بنقل الملك أم لا.
وقال بوتيه إن العقود المتضمنة الالتزام بإعطاء شيء من بيع أو هبة تصلح لأن تكون سببًا في هذا الباب وإن ليس المراد بكون السبب صحيحًا أن يكون سببًا صحيحًا مفيدًا لأحكامه وإنما المراد بكونه صحيحًا أن يكون صالحًا للاطمئنان به عند تناول العين من يد صاحبها الظاهر.
وقال بودري ما معناه أن القانون لم يلاحظ عند تقرير حكم اكتساب الملكية بوضع اليد بالسبب الصحيح أن يكون السبب هو الذي ينقل الملكية على أن يكون سندها فيها وإنما ليصبغ به وضع اليد مدة الخمس سنوات فيكون له من القوة ما يجعله من أسباب التمليك.
ولذلك اكتفوا في التصرف أن يكون منعقدًا منع من إفادته الملك مانع هو بوجه عام كونه صادرًا من غير مالك (راجع دوهلس نوتة 117 و118 تحت كلمة التقادم).
ورأيتهم لا يعتبرون العقود غير المنعقدة أو الباطلة بطلانًا أصليًا سببًا صحيحًا ويعتبرون العقود الباطلة بطلانًا نسبيًا كبيع القاصر والمكره لأن المانع فيهما من نقل الملك هو قصر المتصرف أو وقوع التصرف تحت سلطان الإكراه وكلاهما قائم بشخص المتصرف له وحده الاحتجاج به في طلب البطلان.
والأستاذ عبد السلام بك ونحن على اتفاق في أن عقد البيع غير المسجل هو عقد صحيح مفيد لجميع أحكامه إلا نقل الملك فهو إذن صالح لأن يطمئن به المشتري في تلقي العين ممن هي تحت يده لتضمنه الالتزام بنقل ملكيتها إليه وإن لم ينقلها له بالفعل.
على أنه لما أدخل قانون 23 مارس سنة 1855 في فرنسا نظام تسجيل العقود الناقلة للملكية لإمكان الاحتجاج بها على الغير بحث الفقهاء فيما إذا كان من شأن هذا القانون أن يوجب اشتراط تسجيل السبب الصحيح لإمكان الاحتجاج به في وجه المالك الحقيقي أم لا.
فذهب قليل من العلماء إلى اشتراط التسجيل محتجًا بنص المادة (3) من قانون (23) مارس سنة 1855 التي خولت حق الدفع بالاحتجاج بعدم التسجيل لكل من له حق عيني على العقار (راجع دومولب فقرة (462) الجزء الأول الخاص بالعقود وهو رأي لوران جزء (32) صـ 395).
ورجح أغلب الفقهاء عدم اشتراط التسجيل وحجتهم أن القانون لم يشترط في التملك بالتقادم إلا أن يكون لواضع اليد سبب صحيح فحسب وأن مقصود الشارع من اشتراط السبب الصحيح لم يكن لينقل به الملك (ولذلك أجاز أن يكون صادرًا من غير مالك) وإنما ليطبع به وضع اليد بطابع ظاهر من حسن النية وليسدل عليه به من الحل ما يؤبد به حالة واقعية ظاهرة مستمرة (راجع نوتة (674) و(677) من كتاب بودري في التقادم الطبعة الرابعة وأوبري ورو جزء (2) المسألة (209) في المتن والهامش (106)).
ولقد دفعوا حجة خصومهم بقولهم إن العقود المقصودة بقانون (1855) هي العقود التي يجب أن تنقل الملكية بنفسها وتكون وحدها سبب إفادة التمليك لمن صدرت إليهم ولم يكن السبب الصحيح في باب التقادم الخمسي هو سبب التمليك (وكيف يكون كذلك والمفروض فيه أنه صدر من غير مالك) وإنما كان السبب في اكتساب الملكية هو وضع اليد المبني على السبب الصحيح، أما اعتمادهم على ظاهر المادة (3) التي تجيز لكل ذي حق عيني حق الدفع بعدم تسجيل العقود الناقلة للملكية فغير صحيح لأن الغرض من إيجاب تسجيل العقود الناقلة للملكية هو توطيد الأمن والثقة بالمعاملات العقارية عند أولئك الذين نالوا حقًا عينيًا وحفظوه بالتسجيل ولا يمكن اعتبار المالك في مزاحمته لمن تملك بالتقادم الخمسي من أولئك الذين كان يهمهم تسجيل السبب الصحيح لإعلامهم بالتصرف الوارد به ليتقوا الدخول معه في تصرفٍ ما على هذا العقار لأن خروج العين من يده وتركه إياها تحت يد الغير كافيان لإعلامه وإنذاره (راجع أوبري ورو جزء (2) المسألة (209) في المتن والهامش (106) ومتن دالوز تحت كلمة تقادم فقرة (535) وراجع على الأخص أسباب حكم مونبيليه 8 نوفمبر سنة 1881 وحكم محكمة كان 17 مارس سنة 1891 المنشورين في هذا الكتاب الأخير صـ 185).
وقد رجع هذا الرأي موسوعات دالوز والبنديكت وكارينتيه وهو رأي جويار جزء (2) نمرة (529) وبواليه جزء (7) على المادة (2265) ولرودي بريتاني جزء (2) نمرة (892) في مؤلفه في التسجيل) وهو رأي كولان وكابيتان صـ (968) طبعة ثالثة.
وهو المجمع عليه فقهًا وقضاءً في مصر (راجع هالتون جزء أول 200 – 201 دوهلس فقرة (127) وكامل بك مرسي صـ 400 من مذكراته في الملكية والأحكام الكثيرة المنشورة في مجموعات المحاكم الأهلية والمختلطة).
وأنت ترى أن فقهاءهم وفقهاءنا وقضاءهم وقضاءنا مع ما يعلمون من حكم القانون من إيجاب تسجيل العقود الناقلة للملكية العقارية والحقوق العينية لإمكان الاحتجاج بها على الغير لم يروا مع ذلك وجوب تسجيل السبب الصحيح في باب التقادم الخمسي لعدم اعتبارهم المشتري من الغير الذين يسمح لهم القانون بالاحتجاج بعدم التسجيل.
فهل جاءنا قانون التسجيل بجديد في هذا الباب؟ وهل يصح الآن للمالك الحقيقي أن يحتج على من يدعي اكتساب ملكه بالتقادم الخمسي بعدم تسجيل سببه الصحيح أم لا؟
لا نظن ذلك للاعتبارات الآتية:
أولاً: لأن قانون التسجيل الجديد وهو قانون خاص بأحكام انتقال الملكية العقارية بالعقود لم يلغِ من أحكام القانون المدني إلا ما كان من مواده متعلقًا بذلك ولهذا كانت المواد التي ألغاها لا تندرج إلا تحت أحكام الفصول المنعقدة لاكتساب الملكية بالعقود كالمادة (47) من الفصل الأول المنعقد للعقود والمادة (52) من الفصل الثاني المنعقد لعقد الهبة و(550) من الباب العاشر الخاص بالرهن والمواد (606) و(609) و(611) و(612) و(613) و(615) و(616) و(617) و(618) و(619) من الباب الثاني المنعقد لإثبات الحقوق العينية في حق مالكها السابق وحق الغير بالعقد الناقل للملكية (راجع المادة (606) التي تقرأ فيها (في جميع المواد تثبت الملكية أو الحقوق العينية في حق مالكها السابق بعقد انتقال الملكية... إلخ).
ولذلك لم تكن المادة (76) الخاصة بحكم انتقال الملكية بالتقادم الخمسي من هذه المواد الملغاة ولا يمكن لقانون التسجيل أن يلحقها بأي تأثير من إلغاء ضمني أو فسخ جزئي لمخالفة موضوعها لموضوعه.
وقد بينّا فيما سبق أن ليس السبب الصحيح في التقادم الخمسي هو الذي يكسب الملكية لصاحبه (فكيف يكون سندًا للملكية والمفروض فيه أنه لا ينقلها بالفعل لصدوره من غير المالك) وأن الذي يكسبه إياها هو وضع اليد المدة القانونية مبنيًا على سبب صحيح اشترطه القانون لتقرير حالة غير شرعية مستمرة زمنًا.
ثانيًا: لأنه ظاهر من مطالعة المواد الملغاة والمواد الجديدة أن الشارع لم يقصد إلا تقرير أحكام العقود الصادرة على الملكية العقارية من مالكيها فيما بين المتعاقدين وبالنسبة للغير ولا يمكن أن يتعرض لتسجيل أحكام العقود الصادرة من غير الملاك لأنه قرر بطلانها من قبل بالمادة (264) فلا يمكن أن نأخذ إذن من قانون التسجيل حكم إيجاب لتسجيل السبب الصحيح الصادر من غير المالك.
ثالثًا: ولا يقال إن قانون التسجيل أوجب تسجيل جميع العقود الصادرة بين الأحياء على الملكية والحقوق العينية ورتب على عدم تسجيلها عدم اعتبارها ناقلة ولا منشئة ولا مغيرة ولا مزيلة للحقوق العينية لا بين المتعاقدين ولا بالنسبة لغيرهم وأن لا يكون لها من الأثر إلا التزامات شخصية بين المتعاقدين - لا يقال إن قانون التسجيل الذي أوجب هذه الأحكام هو الذي أوجب تسجيل السبب الصحيح بعد أن لم يكن واجبًا لأنه يحاجج به المالك الحقيقي وهو من أصحاب الحقوق العينية على العين التي وضع صاحب السبب اليد عليها مدة الخمس سنوات.
لا يقال ذلك لأن الغرض من إيجاب تسجيل التصرفات الواقعة على العقار هو إذاعتها وإعلامها لمن يتعاملون عليها حتى يستطيع من يرغب قبول أي تصرف فيها أن يتعرف من أقلام التسجيل ما يوجد عليها من التسجيلات العقارية - وقد عين هذا الغرض لهم معنى الغير قانونًا في باب التسجيل فقالوا إنهم أولئك الذين تلقوا من عاقد واحد الملكية أو أي حق عيني آخر وحفظوه بالتسجيل من مشترٍ أو مرتهن أو صاحب اختصاص حتى تمكن المزاحمة بينهم ويتفاضلون بالتسجيل ولذلك أخرجوا أولئك الذين قد تكون لهم مصلحة في الدفع بعدم تسجيل العقد ممن لم يكن لهم حق عيني أصالةً أو كان لهم حق وتلقوه من عاقد آخر غير الذي تصرف فيها لصاحب العقد غير المسجل فلم يخولوا للدائن العادي عند التنفيذ على عقار مدينه حق الدفع بعدم تسجيل عقد من تلقاه من مدينه بشراء غير مسجل كما لم يجيزوا لمن تلقى عقارًا من زيد على أنه ملكه أن يحتج على من تلقاه من بكر على أنه مالكه بعقد غير مسجل وجعلوا الفصل في ذلك لمن تثبت له ملكية العقار في الواقع ونفس الأمر.
ولهذا لم يجيزوا للمالك الحقيقي أن يدفع بعدم تسجيل السبب الصحيح لأنه لا يمكن اعتباره مع صاحب السبب الصحيح خليفتين لعاقد واحد يتزاحمان على عقار واحد بعقدين متعارضين.
وبعد فهل فوت عدم تسجيل السبب الصحيح على المالك الحقيقي العلم به حقيقةً ثم دخل بسبب عدم إذاعته بالتسجيل مع (المتصرف بالسبب الصحيح) في معاملة جديدة تتعلق بالعقار؟ اللهم لا:
( أ ) لأن المالك الحقيقي لم يتلقَ من البائع حقًا عينيًا على العقار كان لا يتلقاه منه إذا علم بالسبب الصحيح.
(ب) ولأنه لا حاجة به إلى العلم بالسبب الصحيح من طريق التسجيل لأن انتزاع العين منه ووضع يد الغير عليها واستمراره على ذلك خمس سنوات أبلغ في الإعذار إليه من العلم بالتصرف من طريق التسجيل.
(جـ) على أنه مع ذلك لا يستطيع التثبت من خلو ملكه من التسجيلات الواقعة عليه من غيره لاستغراق هذا الغير ولأن الشهادات العقارية لا تزال تحرر من أسماء المتصرفين لا من العقار نفسه.
وكيف نوجب تسجيل السبب الصحيح لمجرد اشتراط القانون التسجيل لإفادة حكم نقل الملكية بين المتعاقدين وغيرهم ونحن نعلم أن السبب الصحيح لا ينقل ملكًا ما حتى إذا سجل لأنه صادر من غير مالك ولأن العقد لا ينقل للمشتري أكثر من حقوق البائع ألا يكون اشتراط تسجيل السبب الصحيح لإفادة الملك من العبث الذي يجب أن يتنزه عنه الفقيه إذ لا التسجيل ولا السبب الصحيح لا مجتمعين ولا منفردين يفيدان الملك لواضع اليد والذي أكسبه إياه هو في الواقع وضع اليد مدة الخمس سنوات.
حامد فهمي المحامي |
الفروق العلمية بين المحاكم المختلطة والأهلية عبد الكريم رؤوف المحامي
مجلة المحاماة - العدد السادس
السنة السابعة - مارس سنة 1927
أبحاث قانونية وشؤون قضائية
الفروق العلمية
بين المحاكم المختلطة والأهلية
4 - مقارنة أنواع القضايا
إذا نظرنا إلى القضايا الجنائية يصح أن نقول إنها تكاد تكون معدومة بالمحاكم المختلطة وكثيرة كثرة هائلة بالمحاكم الأهلية.
ولكن إذا قورنت هذه القضايا الجنائية بمثيلاتها بالمحاكم الأوروبية كالفرنساوية مثلاً نجد الفرق هائلاً، فهناك أغلب الجرائم له أهمية إما من حيث شخص المجرم أو بالنسبة لفظاعة جرمه، وفي الغالب تكون أهمية هذه القضايا في الدافع إليها فإنك غالبًا تجد المجرم هناك يكتسب عطف المحلفين خصوصًا إذا كان الباعث له على الأجرام - كما هو الواقع في أغلب الأحوال - شريفًا.
أما هنا فإن أغلب القضايا تتراوح بين السرقات والمضاربات، والمجرمون فيها ليست لهم شخصية هامة إلا بعض قضايا نادرة وهذه يكفيها بعض المحامين الذين اشتهروا بحق بإتقان الدفاع الجنائي.
أما باقي القضايا فإن العمل فيها لا يلذ القاضي ولا المحامي إما لصغر الدعوى أو لصغر نفس المتهم أو لدناءة الجريمة في حد ذاتها.
نعتذر عن الخروج عن الموضوع الذي رسمناه لأنفسنا وهو المقارنة بين المحاكم الأهلية والمختلطة فقط، وبما أننا قد انتهينا من مقارنة الأعمال الجنائية نقول إن هناك فروقًا عظيمة بين نوعي العمل المدني والتجاري بين القضائين.
فالعمل التجاري يكاد يكون معدومًا في المحاكم الأهلية بينما تجد له دوائر وأقلام كتاب خاصة بالمحاكم المختلطة، وربما كان هذا موضوع مقال خاص.
كذلك تجد أقلامًا لا أثر لها بالمحاكم الأهلية مثل أقلام التفاليس والمزادات والتوزيعات والأمور المستعجلة وغيرها مما سيكون أيضًا موضوع مقالات خاصة.
وعلى ذكر القضايا التجارية نقول إن المحامي المصري نصيبه منها في المحاكم المختلطة قليل لأنه ويا للأسف لا يحتك مصري بأجنبي إلا ويكون دائمًا الأول مدينًا والثاني دائنًا، وبصرف النظر عن الكفاءة يميل المتقاضون إلى المحامين الذين من جنسياتهم، فالموكل المصري دائمًا مدين ومركز الدفاع عنه صعب لدرجة أنك تجد دائرة مخصوصة لقضايا الكمبيالات بالمحاكم المختلطة تصدر كل أسبوع نحو أربعين حكمًا (هذا بخلاف القضايا الجزئية) وأكثر من ثلاثة أرباع هذه الأحكام على مصريين لأجانب.
بقيت القضايا المدنية فإذا قارنتها ببعضهما تجد النتيجة الآتية وهي أن القضايا الأهلية أكبر عددًا بالنسبة لعموم القطر ولكن القضايا المختلطة أكثر قيمة.
مرجع ذلك الوحيد هو أن الأجانب هم وسط الثروة والمعاملات الكبرى وقلما تجد عملاً هامًا ليس لأجنبي يد فيه.
تجد هناك مثلاً قضايا توزيع كثيرة تتراوح قيمتها بين 10.000 جنيه و30.000 جنيه فما فوق، تجد قضايا ناشئة عن إجراءات نزع ملكية بكميات عظيمة من الأطيان كلها مرهونة لبنوك أجنبية.
تجد قضايا المحلات التجارية العظمى التي تطالب في الغالب أعيان المصريين بمبالغ باهظة.
تجد قضايا الأجانب ضد الحكومة بالنسبة لمنازعات هامة.
- قضايا الإيجار المطلوب لشركات عقارية اختصاصها استثمار الأطيان وبيعها بالتقسيط.
- قضايا المسؤولية على الشركات الأجنبية مثل شركة الترامواي وغيرها.
- القضايا الخاصة الشهيرة مثل: قضية الضرائب ضد شركة هليوبوليس - قضية صندوق الدين ضد الحكومة بخصوص مصاريف حملة السودان - قضية توت عنخ آمون - قضية أسهم قنال السويس - أسهم شركة هليوبوليس - الويركو - قضية مدام فولك بخصوص استقلال مصر - قضية معمل الغزل لما ضربت عليه الحكومة ضريبة أيام كرومر - قضية مسؤولية حادث السباق التي رُفعت على الحكومة المصرية والنادي - قضية البحث عن المسؤول في حريق هائل حصل بمخازن القطن بإسكندرية... وغير ذلك مما يطول عدده.
بالأسف في أغلب هذه القضايا العنصر المصري مدين والمحامي المصري يضعف مركزه بضعف مركز موكله المصري.
خذ مثلاً جلسة المزادات بالمحاكم المختلطة تجد محامي البنك العقاري كل مأموريته في هذه الجلسة أن يحضر ويطلب البيع أو تأجيله أو إيقافه أما خصمه فهو في الغالب محامٍ يطلب عن مصري إما إعطاء مهلة أو بطلان الإجراءات أو إيقاف البيع لرفع دعوى استحقاق ومأموريته هذه شاقة بينما رد محامي البنك العقاري لا يكلفه أقل عناء لأن المحاكم تعلم أن هذا البنك له أقلام منتظمة تبحث العقود بحثًا دقيقًا قبل تتميمها، فضلاً عن أنه في الغالب لا يكون لطلب خصم البنك أي وجاهة - على هذا القياس يمكنك أن تقارن بين عمل المحامي المصري وزميله الأجنبي بالمحاكم المختلطة.
أما في المحاكم الأهلية فإنك وإن وجدت قضايا عديدة إلا أنك لا تجد قضايا ذات قيمة تشجع على دقة البحث وعناية الخدمة مثلما تجد بالمحاكم المختلطة - يرجع ذلك إلى فقر الأهالي وإلى أن رقي مختلف الطبقات وطوائف الأمة سلسلة مرتبطة بعضها ببعض ومعقدة يصعب إصلاحها إن لم تدركها العناية الإلهية.
يضاف إلى ذلك توسع المحاكم المختلطة في نظرية الصالح الأجنبي، وقبولها بلا استثناء نظرية المسخر الذي يحول له دين قابل للتحويل بقصد تحصيله.
وتضاف الطرق التي يتبعها المحامون بالمحاكم المختلطة لخلق صالح أجنبي مثل إدخال صاحب رهن عقاري أو غير ذلك من الأسباب التي تسلب من المحاكم الأهلية عددًا عظيمًا من القضايا.
أضف إلى ذلك وجود أقلام العقود الرسمية بالمحاكم المختلطة والتي لم أفهم لغاية الآن ما هي العلة في عدم وجودها بالمحاكم الأهلية، وربما كان ذلك موضوع مقالة خاصة.
هذه بعض مقارنات مختصرة عن أنواع العمل بالمحكمتين، وأرى أنه لن يتغير الحال إلا إذا تغيرت أحوالنا جميعها وأصبحنا أصحاب ثروات وهيهات أن يكون هذا إلا بعد زمن بعيد.
عبد الكريم رؤوف المحامي |