جلسة 13 فبراير سنة 2005
برئاسة السيد المستشار/
ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وبحضور السادة المستشارين: حمدي محمد علي ومحمد علي سيف
الدين ومحمد عبد العزيز الشناوي وماهر سامي يوسف والدكتور عادل عمر شريف وتهاني
محمد الجبالي.
وحضور السيد المستشار/
نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام
محمد حسن - أمين السر.
---------------
قاعدة رقم (240)
القضية رقم 156 لسنة 25
قضائية "دستورية"
(1) دعوى دستورية
"المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها".
المصلحة الشخصية المباشرة
- وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة
في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في
الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع، وأن مؤدى هذا الشرط
ألا تفصل المحكمة في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع
الموضوعي.
(2) حق العمل "شروطه
أدائه".
لكل حق أوضاعاً يقتضيها،
وأثاراً يرتبها، من بينها في مجال حق العمل - ضمان الشروط التي يكون أداء العمل في
نطاقها منصفاً وإنسانياً ومواتياً، لا يجوز أن تنفصل الشروط التي يتطلبها المشرع
لمباشرة عمل أو أعمال بذواتها عن متطلبات ممارستها، وإلا كان تقريرها انحرافاً بها
عن غايتها.
(3) حق العمل
"تنظيمه - إجازة".
الدستور وإن خول السلطة
التشريعية بنص المادة (13) سلطة تنظيم حق العمل، إلا أنها لا يجوز أن تعطل جوهره،
ولا أن تتخذ من حمايتها للعامل موطئاً لإهدار حقوق يملكها، الحق في الإجازة
السنوية، لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل يستحقها، وإلا كان ذلك منها
عدواناً على صحته البدنية والنفسية.
(4) إجازة سنوية
"الحق فيها".
المشرع تغيا من ضمان حق
العامل في إجازة سنوية بالشروط التي حددها أن يستعيد العامل خلالها قواه المادية
والمعنوية، ولا يجوز بالتالي أن ينزل عنها العامل ولو كان هذا النزول ضمنياً
بالامتناع عن طلبها، الحق في الإجازة السنوية يتصل بقيمة العمل وجدواه وينعكس
بالضرورة على كيان الجماعة صوناً لقوتها الإنتاجية البشرية.
(5) إجازة سنوية "لا
يجوز أن تتخذ وعاءً ادخارياً".
العامل لا يجوز أن يتخذ
من الإجازة السنوية وعاءً ادخارياً من خلال ترحيل مددها ثم تجميعها ليحصل بعد
انتهاء خدمته على ما يقابلها من الأجر.
(6) إجازة سنوية
"رصيد - تعويض".
كلما كان فوات الإجازة
راجعاً إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل
فيها كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها، تقديراً بأن المدة التي امتد إليها
الحرمان من استعمال تلك الإجازة مرده إلى جهة العمل، فكان لزاماً أن تتحمل وحدها
تبعة ذلك.
(7) تعويض "إندراجه
في حق الملكية".
الحق في التعويض لا يعدو
أن يكون من العناصر الإيجابية للذمة المالية للعامل، مما يندرج في إطار الحقوق
التي تكفلها المادتان (32، 34) من الدستور، اللتان صان بهما الملكية الخاصة.
---------------
1 - قضاء هذه المحكمة قد
جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها
أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل
في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة
أمام محكمة الموضوع، وأن مؤدى الشرط ألا تفصل المحكمة في غير المسائل الدستورية
التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي.
2 - حيث إنه من المقرر في
قضاء هذه المحكمة - أن لكل حق أوضاعاً يقتضيها، وأثاراً يرتبها، من بينها في مجال
حق العمل - ضمان الشروط التي يكون أداء العمل في نطاقها منصفاً وإنسانياً
ومواتياً، فلا تنتزع هذه الشروط قسراً من محيطها، ولا ترهق بفحواها بيئة العمل
ذاتها، أو تناقض بأثرها ما ينبغي أن يرتبط حقاً وعقلاً بالشروط الضرورية لأداء
العمل بصورة طبيعية لا تحامل فيها، ومن ثم لا يجوز أن تنفصل الشروط التي يتطلبها
المشرع لمباشرة عمل أو أعمال بذواتها عن متطلبات ممارستها، وإلا كان تقريرها
انحرافياً بها عن غايتها، يستوي في ذلك أن يكون سندها علاقة عقدية أو رابطة لائحية.
3 - حيث إن الدستور وإن
خول السلطة التشريعية بنص المادة (13) سلطة تنظيم حق العمل، إلا أنها لا يجوز أن
تعطل جوهره، ولا أن تتخذ من حمايتها للعامل موطئاً لإهدار حقوق يملكها، وعلى الأخص
تلك التي تتصل بالأوضاع التي ينبغي أن يمارس العمل فيها، ويندرج تحتها الحق في
الإجازة السنوية التي لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل يستحقها، وإلا كان ذلك
منها عدواناً على صحته البدنية والنفسية، وإخلالاً بأحد التزاماتها الجوهرية التي
لا يجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها، ونكولاً عن الحدود المنطقية التي ينبغي - وفقاً
للدستور - أن تكون إطاراً لحق العمل.
4 - حيث إن المشرع تغيا
من ضمان حق العامل في إجازة سنوية بالشروط التي حددها أن يستعيد العامل خلالها
قواه المادية والمعنوية، ولا يجوز بالتالي أن ينزل عنها العامل ولو كان هذا النزول
ضمنياً بالامتناع عن طلبها، إذ هي فريضة اقتضاها المشرع من كل من العامل وجهة
الإدارة، بل إن المشرع اعتبر حصول العامل على إجازة اعتيادية لمدة ستة أيام متصلة
كل سنة أمراً لا يجوز الترخيص فيه، أو التذرع دون تمامه لدواعي مصلحة العمل، وهو
ما يقطع بأن الحق في الإجازة السنوية يتصل بقيمة العمل وجدواه وينعكس بالضرورة على
كيان الجماعة صوناً لقوتها الإنتاجية البشرية.
5 - حيث إن المشرع قد دل
بنص الفقرة المطعون عليها من اللائحة المشار إليها، على أن العامل لا يجوز أن يتخذ
من الإجازة السنوية وعاءً ادخارياً من خلال ترحيل مددها ثم تجميعها ليحصل بعد
انتهاء خدمته على ما يقابلها من الأجر، وكان ضمان المشرع لمصلحة العمل ذاتها أن
يرد على العامل سوء قصده، فلم يجز له أن يحصل على ما يساوي أجر هذا الرصيد إلا عن
مدة قدرها ثلاثة أشهر معتداً بأن قصرها يعتبر كافلاً للإجازة السنوية غايتها فلا
تفقد مقوماتها أو تتعطل وظائفها.
6 - كلما كان فوات
الإجازة راجعاً إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة
العامل دخل فيها كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها، فيجوز للعامل عندئذ -
وكأصل عام، أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة، إذا كان اقتضاء ما تجمع من
إجازاته السنوية على هذا النحو ممكناً عيناً، وإلا كان التعويض النقدي عنها
واجباً، تقديراً بأن المدة التي امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الإجازة مرده
إلى جهة العمل، فكان لزاماً أن تتحمل وحدها تبعة ذلك.
7 - حيث إن الحق في
التعويض لا يعدو أن يكون من العناصر الإيجابية للذمة المالية للعامل، مما يندرج في
إطار الحقوق التي تكفلها المادتان (32، 34) من الدستور اللتان صان بهما حق الملكية
الخاصة، والتي جرى قضاء هذه المحكمة على اتساعها للأموال بوجه عام، وانصرافها
بالتالي إلى الحقوق الشخصية والعينية جميعها، متى كان ذلك، فإن حرمان العامل من
التعويض المكافئ للضرر والجابر له يكون مخالفاً للحماية الدستورية المقررة للملكية
الخاصة.
الإجراءات
بتاريخ الحادي عشر من شهر
مايو سنة 2003، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 4506 لسنة 56 قضائية من
محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، بعد أن قررت تلك المحكمة وقف الدعوى وإحالتها إلى
المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة (110) من لائحة العاملين
بالهيئة العامة لتنفيذ المشروعات الصناعية والتعدينية الصادرة في 21/ 12/ 1969،
فيما تضمنته من وضع حد أقصى لرصيد الإجازات التي يستحق العامل مقابلاً لها لا
يجاوز ثلاثة أشهر.
وقدمت هيئة قضايا الدولة
مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت
هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو
المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق،
والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم
4506 لسنة 56 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، ضد المدعى عليهما طالباً الحكم
بإلزام رئيس الجهاز التنفيذي للهيئة العامة لتنفيذ المشروعات الصناعية والتعدينية
بصرف المقابل النقدي عن كامل رصيد إجازاته الاعتيادية البالغ 223 يوماً التي لم
يستنفدها طوال مدة خدمته، وإذ تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستورية المادة (110) من
لائحة العاملين بالهيئة العامة لتنفيذ المشروعات الصناعية والتعدينية فيما تضمنته
من حرمان العامل من رصيد إجازاته الاعتيادية فيما جاوز الثلاثة أشهر، لتضمنه ذات
الحكم الوارد بالفقرة الأخيرة بالمادة (65) من قانون العاملين المدنيين بالدولة
الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، والذي قضى بعدم دستوريته، فقد قررت المحكمة
بجلسة 5/ 5/ 2003 وقف الدعوى وإحالتها إلي المحكمة الدستورية العليا للفصل في
دستورية هذا النص.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة
قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية -
مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون
الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها
والمطروحة أمام محكمة الموضوع، وأن مؤدى هذا الشرط ألا تفصل المحكمة في غير
المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي، متى كان ما تقدم،
فإن نطاق الدعوى الدستورية الماثلة والذي تتحقق به المصلحة في هذه الدعوى إنما
ينحصر فيما تضمنته المادة المطعون عليها من وضع حد أقصى للمقابل النقدي لرصيد
الإجازات الاعتيادية للعامل لا يجاوز أجر ثلاثة أشهر.
وحيث إنه من المقرر في
قضاء هذه المحكمة - أن لكل حق أوضاعاً يقتضيها، وأثاراً يرتبها، من بينها في مجال
حق العمل - ضمان الشروط التي يكون أداء العمل في نطاقها منصفاً وإنسانياً
ومواتياً، فلا ينتزع هذه الشروط قسراً من محيطها، ولا ترهق بفحواها بينة العمل
ذاتها، أو تناقض بأثرها ما ينبغي أن يرتبط حقاً وعقلاً بالشروط الضرورية لأداء
العمل بصورة طبيعية لا تحامل فيها، ومن ثم لا يجوز أن تنفصل الشروط التي يتطلبها
المشرع لمباشرة عمل أو أعمال بذواتها عن متطلبات ممارستها، وإلا كان تقريرها
انحرافياً بها عن غايتها، يستوي في ذلك أن يكون سندها علاقة عقدية أو رابطة لائحية.
وحيث إن الدستور وإن خول
السلطة التشريعية بنص المادة (13) سلطة تنظيم حق العمل، إلا أنها لا يجوز أن تعطل
جوهره، ولا أن تتخذ من حمايتها للعامل موطئاً لإهدار حقوق يملكها، وعلى الأخص تلك
التي تتصل بالأوضاع التي ينبغي أن يمارس العمل فيها، ويندرج تحتها الحق في الإجازة
السنوية التي لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل يستحقها، وإلا كان ذلك منها
عدواناً على صحته البدنية والنفسية، وإخلالاً بأحد التزاماتها الجوهرية التي لا
يجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها، ونكولاً عن الحدود المنطقية التي ينبغي - وفقاً
للدستور - أن تكون إطاراً لحق العمل.
وحيث إن المشرع تغيا من
ضمان حق العامل في إجازة سنوية بالشروط التي حددها أن يستعيد العامل خلالها قواه
المادية والمعنوية، ولا يجوز بالتالي أن ينزل عنها العامل ولو كان هذا النزول
ضمنياً بالامتناع عن طلبها، إذ هي فريضة اقتضاها المشرع من كل من العامل وجهة
الإدارة، بل إن المشرع اعتبر حصول العامل على إجازة اعتيادية لمدة ستة أيام متصلة
كل سنة أمراً لا يجوز الترخيص فيه، أو التذرع دون تمامه لدواعي مصلحة العمل، وهو ما
يقطع بأن الحق في الإجازة السنوية يتصل بقيمة العمل وجدواه وينعكس بالضرورة على
كيان الجماعة صوناً لقوتها الإنتاجية البشرية.
وحيث إن المشرع قد دل بنص
الفقرة المطعون عليها من اللائحة المشار إليها، على أن العامل لا يجوز أن يتخذ من
الإجازة السنوية وعاًء ادخارياً من خلال ترحيل مددها ثم تجميعها ليحصل بعد انتهاء
خدمته على ما يقابلها من الأجر، وكان ضمان المشرع لمصلحة العمل ذاتها أن يرد على
العامل سوء قصده، فلم يجز له أن يحصل على ما يساوي أجر هذا الرصيد إلا عن مدة
قدرها ثلاثة أشهر معتداً بأن قصرها يعتبر كافلاً للإجازة السنوية غايتها فلا تفقد
مقوماتها أو تتعطل وظائفها، بيد أن هذا الحكم لا ينبغي أن يسري على إطلاقه، بما
مؤداه أنه كلما كان فوات الإجازة راجعاً إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف
أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها،
فيجوز للعامل عندئذ - وكأصل عام، أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة، إذا
كان اقتضاء ما تجمع من إجازاته السنوية على هذا النحو ممكناً عيناً، وإلا كان
التعويض النقدي عنها واجباً، تقديراً بأن المدة التي امتد إليها الحرمان من
استعمال تلك الإجازة مرده إلى جهة العمل، فكان لزاماً أن تتحمل وحدها تبعة ذلك.
وحيث إن الحق في التعويض
لا يعدو أن يكون من العناصر الإيجابية للذمة المالية للعامل، مما يندرج في إطار
الحقوق التي تكفلها المادتان (32، 34) من الدستور اللتان صان بهما حق الملكية
الخاصة، والتي جرى قضاء هذه المحكمة على اتساعها للأموال بوجه عام، وانصرافها
بالتالي إلى الحقوق الشخصية والعينية جميعها، متى كان ذلك، فإن حرمان العامل من
التعويض المكافئ للضرر والجابر له يكون مخالفاً للحماية الدستورية المقررة للملكية
الخاصة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم
دستورية نص المادة (110) من لائحة العاملين بالهيئة العامة لتنفيذ مجمع الحديد
والصلب المعدل مسماها إلي الهيئة العامة لتنفيذ المشروعات الصناعية والتعدينية
بقرار السيد رئيس الجمهورية رقم 21 لسنة 1993 - والسابق صدورها بقرار مجلس إدارة
الهيئة في 21/ 12/ 1969 - فيما تضمنه من وضع حد أقصى للمقابل النقدي لرصيد
الإجازات الاعتيادية لا يجاوز أجر ثلاثة أشهر - متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد
راجعاً إلي أسباب تقتضيها مصلحة العمل.