الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 20 نوفمبر 2021

القضية 1 لسنة 24 ق جلسة 17 / 8 / 2003 دستورية عليا مكتب فني 10 تفسير ق 1 ص 1431

جلسة 17 أغسطس سنة 2003

برئاسة السيد المستشار/ ماهر البحيري - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض صالح ومحمد عبد العزيز الشناوي والسيد عبد المنعم حشيش،

وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

--------------

قاعدة رقم (1)
القضية رقم 1 لسنة 24 قضائية "تفسير"

(1) تفسير تشريعي "اختصاص المحكمة الدستورية العليا به".
خول الدستور المحكمة الدستورية العليا - في الحدود التي بينها قانونها - تفسير النصوص القانونية تفسيراً ملزماً يكون كاشفاً عن إرادة المشرع التي صاغ على ضوئها هذه النصوص محدداً مضمونها لتوضيح ما أُبهم من ألفاظها، مزيلاً ما يعتريها من تناقض قد يبدو بينها، مستصفياً إرادة المشرع تحرياًً لمقاصده منها، ووقوفاً عند الغاية التي استهدفها من تقريره إياها.
(2 ، 3) تفسير تشريعي "شروطه". تشريع "البند رقم (5) من المادة (5) والفقرة الأخيرة من المادة (6) من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب: توافر شروط طلب التفسير".
(2) سلطه المحكمة الدستورية العليا في تفسير النصوص القانونية. شروطها: الأهمية الجوهرية للنص المطلوب تفسيره، وأن يكون هذا النص قد آثار خلافاً عند تطبيقه تتباين معه الآثار القانونية التي يرتبها فيما بين المخاطبين بأحكامه بما يخّل عملاً بعمومية القاعدة القانونية الصادرة في شأنهم، والمتماثلة مراكزهم القانونية بالنسبة إليها، ويهدر بالتالي ما تقتضيه المساواة بينهم في مجال تطبيقها، الأمر الذي يحتم رد هذه القاعدة إلى مضمون موحد يتحدد على ضوء ما قصده المشرع منها عند إقرارها ضماناً لتطبيقها تطبيقاً متكافئاً بين المخاطبين بها.
(3) الشرطان اللذان تطلبهما المشرع لقبول طلب التفسير، توافرهما بالنسبة لنص البند (5) من المادة (5) والفقرة الأخيرة من المادة (6) من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب، وذلك لما وقع في شأنهما من خلاف في التطبيق بين محاكم جهة القضاء الإداري، انعكس على وزارة الداخلية. أثره: تضارب قراراها بشأن قبول أوراق المرشحين لعضوية مجلس الشعب، كما أن النصين القانونيين محل طلب التفسير انتظمهما القانون رقم 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب، والذي يعد أحد القوانين المكملة للدستور، فضلاً عن أنهما يتعلقان بممارسة حق دستوري من الأهمية بمكان هو حق الترشيح لعضوية المجلس النيابي "مجلس الشعب". توحيد تفسير هذين النصين. مؤداه: معاملة المرشحين لعضوية هذا المجلس معاملة قانونية متكافئة حال تماثل مراكزهم القانونية.
(4) تفسير تشريعي "استظهار قصد المشرع".
يتعين لتحديد مدلول النصين المشار إليهما، كما قصده المشرع، استقصاء أصلهما، وتفسيرهما على هدي من الأعمال التحضيرية الممهدة لهما، سواء كانت هذه الأعمال سابقة أو معاصرة لهما، باعتبار أن ذلك كله مما يُعين على استخلاص مقاصد المشرع التي يفترض في النصين القانونيين محل التفسير أنهما قد عبرا عنها.
(5 ، 6) تفسير تشريعي "مجلس الشعب: خدمة عسكرية: شروط موضوعية وأوضاع إجرائية".
(5) اتجاه إرادة المشرع في البند (6) من المادة (5) من قانون مجلس الشعب إلى ضرورة تأدية المرشح لعضوية مجلس الشعب الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها طبقاً للقانون. تخلف ذلك. أثره: عد جواز ترشيح نفسه لعضوية مجلس الشعب. الاستثناء: من تجاوز عمره الخمسة والثلاثين.
(6) نص المادة (5) من قانون مجلس الشعب ينظم الشروط الموضوعية الواجب توافرها في المرشح لعضوية مجلس الشعب، بينما توضح المادة (6) من ذات القانون الشروط الإجرائية الخاصة بالتقدم بأوراق الترشيح. أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها قانوناً يعصمان المواطن من وصمة النكوص عن الدفاع عن الوطن.
(7) تفسير تشريعي "قانون خاص وقانون عام: الحق في الترشيح".
قانون مجلس الشعب. قانون خاص يقيد قانون مباشرة الحقوق السياسية وهو القانون العام. أحكام القانون الأول المتعلقة بتنظيم الحق في الترشيح لعضوية مجلس الشعب هي الواجبة التطبيق. عدم الرجوع في هذا الشأن على قانون مباشرة الحقوق السياسية.
(8) تفسير تشريعي "حقوق سياسية: الحق في الترشيح لعضوية مجلس الشعب".
قانون مباشرة الحقوق السياسية لم يتضمن حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب بين الحقوق التي تناولها بالتنظيم. علة ذلك: الحق في الترشيح له ذاتية خاصة. اتحاده مع الحق في عضوية مجلس الشعب بعد فوز المرشح في الانتخابات.
(9) تفسير تشريعي "قرار التفسير: الكشف عن حقيقة النصوص التشريعية".
المحكمة الدستورية العليا، إذ تحدد مضامين النصوص القانونية على ضوء ولايتها في مجال تفسيرها للنصوص التشريعية المحددة بنص المادة (26) من قانونها فإن قرارها بتفسير هذه النصوص يكون كاشفاً عن حقيقتها بافتراض أن المشرع أقرها ابتداءً بالمعنى الذي حددته المحكمة الدستورية العليا لها، ومن ثم يكون القرار الصادر بتفسيرها جزءاً منها لا ينفصل عنها من تاريخ العمل بها ليكون إنفاذها على ضوء هذه النص، ومنذ سريانها لازماً.

--------------
1 - خوَّل الدستور المحكمة الدستورية العليا - في الحدود التي بينها قانونها - تفسير النصوص القانونية تفسيراً ملزماً يكون كاشفاً عن إرادة المشرع التي صاغ على ضوئها هذه النصوص محدداً مضمونها لتوضيح ما أُبهم من ألفاظها، مزيلاً ما يعتريها من تناقض قد يبدو بينها، مستصفياً إرادة المشرع تحرياً لمقاصده منها، ووقوفاً عند الغاية التي استهدفها من تقريره إياها.
2 - السلطة المخولة لهذه المحكمة في مجال اختصاصها المقرر لها بنص المادة (26) من قانونها، مشروطة - وعلى ما جرى به قضاؤها - بأن تكون للنص التشريعي المطلوب تفسيره أهمية جوهرية، تتحدد بالنظر إلى طبيعة الحقوق التي ينظمها، ووزن المصالح المرتبطة بها، وأن يكون هذا النص - فوق أهميته - قد أثار عند تطبيقه خلافاً حول مضمونه تتباين معه الآثار القانونية التي يرتبها فيما بين المخاطبين بأحكامه بما يخّل عملاً بعمومية القاعدة القانونية الصادرة في شأنهم، والمتماثلة مراكزهم القانونية بالنسبة إليها، ويهدر بالتالي ما تقتضيه المساواة بينهم في مجال تطبيقها، الأمر الذي يحتم رد هذه القاعدة إلى مضمون موحد يتحدد على ضوء ما قصد المشرع منها عند إقرارها ضماناً لتطبيقها تطبيقاً متكافئاً بين المخاطبين بها.
3 - الشرطان اللذان تطلبهما المشرع لقبول طلب التفسير قد توافر بالنسبة لنص البند (5) من المادة (5) والفقرة الأخيرة من المادة (6) من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب، وذلك لما وقع في شأنهما من خلاف في التطبيق بين محاكم جهة القضاء الإداري وقد انعكس هذا الخلاف على وزارة الداخلية، فتضاربت قراراتها بشأن قبول أوراق المرشحين لعضوية مجلس الشعب، كما أن النصين القانونيين محل طلب التفسير انتظمهما القانون رقم 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب، والذي يعد أحد القوانين المكملة للدستور، فضلاً عن أنهما يتعلقان بممارسة حق دستوري من الأهمية بمكان هو حق الترشيح لعضوية المجالس النيابي "مجلس الشعب" وتوحيد تفسير هذين النصين سيؤدي إلى معاملة المرشحين لعضوية هذا المجلس معاملة قانونية متكافئة حال تماثل مراكزهم القانونية، ومن ثم فإن الطلب الماثل يكون مقبولاً.
4 - يتعين لتحديد مدلول النصين المشار إليهما، كما قصده المشرع، استقصاء أصلهما، وتفسيرهما على هدي من الأعمال التحضيرية الممهدة لهما، سواء كانت هذه الأعمال سابقة أو معاصرة لهما، باعتبار أن ذلك كله مما يُعين على استخلاص مقاصد المشرع التي يفترض في النصين القانونيين محل التفسير أنهما قد عبرا عنها.
وحيث إنه يبين من الأعمال التحضيرية للقانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب، أن مشروع قانونه قُدِّم للمجلس من أحد أعضائه، وقد خلت مادته الخامسة من نص يشترط في المرشح لعضوية مجلس الشعب أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أُعفى منها، كما خلت مادته السابعة والتي أصبحت المادة السادسة من القانون من نص مماثل لنص الفقرة الأخيرة من المادة السادسة يقضي بأن يُعفى المرشح الذي تجاوز عمره الخامسة والثلاثين من تقديم شهادة أداء الخدمة العسكرية الإلزامية أو الإعفاء منها، إلا أنه ورد بتقرير لجنة الشئون التشريعية أنها (قد وافقت على ما اقترحته الحكومة من إضافة شرط جديد إلى شروط الترشيح وهو أن يكون المرشح قد أدى الخدمة العسكرية أو أُعفي من أدائها طبقاً للقانون، استناداً إلى أن قانون الخدمة العسكرية يمنع تعيين أي شخص في الوظائف العامة أو إلحاقه بأي عمل ما لم يكن قد أدى الخدمة العسكرية أو أُعفى منها، وأنه لما كان من بين شروط الترشيح ألا تقل سن المرشح عن ثلاثين سنة، فإنه لا يتصور في الغالب الأعم أن يكون المرشح غير مستوف لشروط أداء الخدمة العسكرية عند ترشيحه إلا إذا كان متهرباً من أدائها)، وقد أُفرغَ هذا الشرط في البند (6) من نص المادة (5) من مشروع القانون. ولدى مناقشة أعضاء مجلس الشعب لهذا البند، اعترض عليه أحد الأعضاء وطلب حذفه وأيده آخر في هذا الطلب، مبدياً أن خدمة الوطن شرف، وتمثيل الشعب شرف أيضاً، وأنه إذا حُرم كل من لم يكن قد أدى الخدمة العسكرية أو أُعفى منها من ترشيح نفسه لعضوية المجلس، فإن هذا الحكم سيسري على المواطنين حتى سن الخامسة والثلاثين طبقاً للتعديل الجديد لقانون التجنيد، وسيؤدي هذا الأمر إلى حرمان عدد كبير من الشباب من أهم حقوقهم السياسية وهو حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب. إلا أن عضواً آخر أبدى - وهو بصدد تعليقه على النص المعروض - أن أصحاب الرأي المتقدم قد التبس عليهم الأمر حين ظنوا أن حكم هذا البند يعني حرمان الأشخاص الذين لم يحن دورهم لأداء الخدمة العسكرية، في حين أن حكم هذا البند يعني حرمان من تهرب من أداء الخدمة العسكرية، وهذا الشخص لا يصح أن يكون مواطناً فضلاً عن أن يكون ممثلاً للشعب. ولدى تعليق السيد مقرر المشروع على مناقشات الأعضاء أشار إلى أن مستشار الرأي لوزارة الداخلية أبدى لدى مناقشة المشروع بلجنة الشئون الدستورية أنه لو تم انتخاب أحد المرشحين لعضوية المجلس وكان متهرباً من الخدمة العسكرية، عندئذٍ سُيطلب رفع الحصانة عنه لهذا السبب وهو أمر غير كريم لأعضاء المجلس، وذكر مستشار الرأي عدة حالات حدثت في مجالس سابقة، ومن ثم وافقت أغلبية أعضاء اللجنة على إضافة هذا النص وبعرضه - في ضوء ما تم من مناقشات - على أعضاء المجالس وافقت الأغلبية عليه بجلسة 12 يونيو سنة 1972. ثم عاد المجلس لمناقشة باقي أحكام المشروع بجلسة 13 يونيو سنة 1972، وفيها تقدم عدد من الأعضاء بطلبات لإعادة المداولة في بعض مواد المشروع، ورد من بينها اقتراح بإضافة فقرة جديدة إلى نهاية المادة (7) - التي أصبحت المادة (6) بعد إلغاء هذه الأخيرة من مشروع القانون - تنص على أن "ويعفى المرشح الذي تجاوز عمره 35 عاماً من تقديم شهادة تثبت أداء الخدمة العسكرية الإلزامية أو الإعفاء منها" وبعد تلاوة المادة بعد التعديل تمت الموافقة عليها دون أي إيضاحات، أو بيان أسباب هذا التعديل أو القصد منه.
5 - اتجهت إرادة المشرع في البند (6) من المادة (5) من قانون مجلس الشعب - والذي أصبح يحمل رقم (5) من ذات المادة بعد التعديل الذي أدخل عليها بالقانون رقم 109 لسنة 1976 - إلى تقرير حكم مؤداه أنه يجب أن يكون المرشح لعضوية مجلس الشعب قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية، أو أُعفى منها طبقاً للقانون الذي ينظم هذه الخدمة، وأن كل من تخلف عن أدائها لا يجوز له أن يرشح نفسه كي ينال شرف تمثيل الأمة في مجلسها النيابي، وأن المشرع وهو بصدد تنظيم كيفية وإجراءات تقديم طلبات الترشيح لعضوية مجلس الشعب، وما يلزم تقديمه من مستندات وأوراق لإثبات توافر الشروط التي يتطلبها القانون فيمن يرشح، استثنى في المادة (6) من ذات القانون، طائفة من هؤلاء المرشحين وهم من تجاوز أعمارهم الخامسة والثلاثين، من تقديم الشهادة الدالة على أدائهم الخدمة العسكرية الإلزامية أو إعفائهم منها عند التقدم بأوراق ترشيحهم، تيسيراً عليهم، واستصحاباً للحكم الغالب في مثل هذه الحالات، وهو أن من بلغ هذه السن، الأصل فيه أنه قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو توافرت في شأنه إحدى حالات الإعفاء منها طبقاً للقانون، ذلك أن عبارة نص البند (5) من المادة (5) واضحة لا لبس فيها ولا غموض في الدلالة على اشتراط أداء الخدمة العسكرية الإلزامية أو الإعفاء وفقاً لأحكام القانون فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب، والمستقر عليه في أصول التفسير أنه إذا كانت عبارة النص واضحة فلا يجوز الانحراف عنها بدعوى تفسيرها، كما أن الأصل أن النص العام يجرى على إطلاقه ما لم يوجد ما يقيده، كما أن نص الفقرة الأخيرة من المادة (6) محل التفسير يجب تحديده وضبط معناه بحمله على المعنى الذي وضح جلياً من إرادة المشرع من نص البند (5) من المادة (5)، تحقيقاً للتناسق والتوافق بين النصوص القانونية التي تتعلق بموضوع واحد تجنباً لأي تعارض يثور بينها في مجال التطبيق.
6 - لا وجه للقول بأن الفقرة الأخيرة من المادة (6) من قانون مجلس الشعب قيدت شرط الترشيح المنصوص عليه في البند (5) من المادة (5) من ذات القانون، فلا يسري شرط أداء الخدمة العسكرية الإلزامية أو الإعفاء منها على من تجاوز الخامسة والثلاثين من عمره، ذلك أنه يخالف إرادة المشرع الجلية التي أنزلت نص المادتين (5) و(6) من قانون مجلس الشعب كل في منزلته التشريعية المنضبطة حيث ينظم الأول الشروط الموضوعية الواجب توافرها في المرشح لعضوية مجلس الشعب، ويوضح النص الثاني الأوضاع الإجرائية الخاصة بالتقدم بأوراق الترشيح بما مؤداه أن ثمة حكماً قاطع الدلالة على أن إرادة المشرع تتطلب فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أُعفى منها قانوناً، التزاماً بأحكام المادة (58) من الدستور التي تقضي بأن الدفاع عن الوطن وأرضه واجب مقدس والتجنيد إجباري وفقاً للقانون، فأداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء قانوناً منها هما وحدهما اللذان يعصمان المواطن من وصمة النكوص عن أداء الواجب المقدس بالدفاع عن الوطن وأرضه، فإذا نكص عن واجب مقدس مصدره الدستور والقانون استحال انصياعه لحكم المادة (90) من الدستور التي توجب على عضو مجلس الشعب أن يقسم يميناً باحترام الدستور، كما أن مقتضى القول المتقدم إقامة تفرقة صارخة بين أصحاب مركز قانوني واحد، فالمرشح لعضوية مجلس الشعب الذي لم يبلغ الخامسة والثلاثين يجب أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أُعفى منها قانوناً في حين أن المرشح الذي جاوز هذه السن يجوز له أن يكون قد تخلف عن أدائها.
7 - القول بأنه طبقاً لحكم المادة (2) من قانون مباشرة الحقوق السياسية، فإن من حكم عليه بعقوبة الحبس لارتكابه جريمة للتخلص من الخدمة العسكرية والوطنية، لا يحرم من ممارسة حقوقه السياسية بصورة دائمة بل ستطيع أن يمارس أياً منها إذا أوقف تنفيذ العقوبة أو إذا رد إليه اعتباره، وهذه الجريمة تمس الشرف والنزاهة، وعقوبتها أشد من عقوبة الغرامة التي قد توقع على من ارتكب جريمة التخلف عن أداء الخدمة العسكرية - وهي أخف وطأة من الجريمة الأولى - والذي سيحرم من ارتكبها من ترشيح نفسه لعضوية مجلس الشعب بصورة دائمة، فإنه قول مردود، ذلك أن قانون مجلس الشعب - المطلوب تفسير بعض نصوصه - هو قانون خاص، أما قانون مباشرة الحقوق السياسية فهو قانون عام، والمستقر عليه في قواعد التفسير أن الخاص يقيد العام. وإذ نظم قانون مجلس الشعب الحق في الترشيح لعضوية ذلك المجلس، فإن أحكام هذا القانون هي الواجبة التطبيق فيما تناولته من تنظيم خاص للحق في الترشيح، ولا يُرجع إلى قانون مباشرة الحقوق السياسية إلا إذا لم يرد في قانون مجلس الشعب نص خاص. ولما كان القانون الأخير قد نظّم حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب، فلا يجوز إعمال أحكام قانون مباشرة الحقوق السياسية في شأن هذا الحق أو تفسير نصوص القانون الأخير بما يسمح بمد نطاقه ليشمل حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب.
8 - قانون مباشرة الحقوق السياسية حين عدّد الحقوق السياسية التي أوجب على كل مصري بلغ الثمانية عشرة من عمره أن يباشرها بنفسه أوضح في المادة (1) منه هذه الحقوق بأنها: "أولا:ً إبداء الرأي فيما يأتي: 1 - الاستفتاء الذي يجرى لرئاسة الجمهورية. 2 - كل استفتاء آخر ينص عليه الدستور. ثانياً: انتخاب أعضاء كل من: 1 - مجلس الشعب. 2 - مجلس الشورى. 3 - المجالس الشعبية المحلية".
فالنص المتقدم لم يُدخل حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب أو حتى حق الترشيح لعضوية المجالس الأخرى المشار إليها فيه، ضمن هذه الحقوق التي تناولها بالتنظيم القانون المشار إليه، وما ذلك إلا لأن الحق في الترشيح - وإن كان مثل الحق في الانتخاب من الحقوق الدستورية ويرتبطان ببعضهما ويتبادلان التأثير فيما بينهما - إلا أن الحق في الترشيح له ذاتية خاصة تميزه وهي أنه يتحد مع الحق في العضوية، إذ أن المرشح سيصبح عضواً بعد إجراء العملية الانتخابية وفوزه فيها، فإذا أصبح عضواً بمجلس الشعب فإنه ينال شرف تمثيل الأمة في المجلس التشريعي وتنعقد أو تتقرر له نوع من أنواع الولاية العامة لأنه يمثل الشعب ويمارس دوره التشريعي والرقابي باسمه، وهذه الولاية إذا حدد القانون لنيلها شروطاً خاصة وجب الوقوف عندها والنزول على حكمها. ومن ثم فإن أحكام القانون رقم 38 لسنة 1972 تكون هي الواجبة التطبيق فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب ويتعين عليه بالتالي الخضوع لحكم البند (5) من المادة (5) والذي يشترط فيمن يرشح لعضوية المجلس المذكور أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعفى من أدائها قانوناً، ولنص الفقرة الأخيرة من المادة (6) محمولاً معناها على دلالة البند (5) من المادة (5) المشار إليها.
9 - المحكمة الدستورية العليا، إذ تحدد مضامين النصوص القانونية على ضوء ولايتها في مجال تفسيرها للنصوص التشريعية المحددة بنص المادة (26) من قانون فإن قرارها بتفسير هذه النصوص يكون كاشفاً عن حقيقتها بافتراض أن المشرع أقرها ابتداءً بالمعنى الذي حددته المحكمة الدستورية العليا لها، ومن ثم يكون القرار الصادر بتفسيرها جزءاً منها لا ينفصل عنها من تاريخ العمل بها ليكون إنفاذها على ضوء هذا النص، ومنذ سريانها لازماً.


الإجراءات

بتاريخ 28/ 3/ 2002، ورد إلى المحكمة كتاب السيد المستشار وزير العدل بطلب تفسير المادة الخامسة والفقرة الأخيرة من المادة السادسة من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب، وذلك بناء على طلب السيد الدكتور رئيس مجلس الشعب.
وبعد تحضير الطلب، أودعت هيئة المفوضين تقريراً بالتفسير الذي انتهت إليه.
ونُظر الطلب على الوجه المبين بمحضر الجلسة، حيث قررت المحكمة إصدار القرار فيه بجلسة 17/ 8/ 2003، وفيها قررت إعادته للمرافعة لذات الجلسة، وفيها صدر القرار.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن السيد الدكتور رئيس مجلس الشعب طلب بكتابه رقم 709 المؤرخ 25/ 3/ 2002 تفسير المادة الخامسة والفقرة الأخيرة من المادة السادسة من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب، والتي تنص أولاهما على أن "مع عدم الإخلال بالأحكام المقررة في قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، يشترط فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب:
1 - ................ 2 - ................
3 - ................ 4 -.................
5 - أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعفى من أدائها طبقاً للقانون".
وتنص ثانيتهما على أن "ويعفى المرشح الذي تجاوز عمره الخامسة والثلاثين من تقديم شهادة أداء الخدمة العسكرية الإلزامية أو الإعفاء منها"، وذلك تأسيساً على أن هذين النصين قد أثارا خلافاً في تطبيقهما، وتضاربت أحكام القضاء الإداري فيما تضمناه من معان، فقد ذهبت محكمة القضاء الإداري إلى اشتراط أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء من أدائها قانوناً فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب، ولم تجز قبول أوراق المطعون على ترشيحه الذي لم يؤد الخدمة العسكرية أو أعفى منها قانوناً، على سند من أن من يتخلف عن أداء الواجب الوطني لا يغدو أهلاً لأمانة تمثيل الأمة في مجلسها النيابي، وقد تأيد هذا القضاء من دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا. إلا أن المحكمة المذكورة عدلت عن قضائها السابق وأجازت ترشيح من تخلف عن أداء الخدمة العسكرية وتجاوز عمره الخامسة والثلاثين لعضوية مجلس الشعب، وأقامت قضاءها على أن المنطق وصحيح التفسير القانوني لنصوص الدستور والقانون يأبيان أن يُحرم من تخلف عن أداء الخدمة العسكرية من حقوقه السياسية حرماناً مؤبداً، حال كون تخلفه هذا يُشكّل جنحة لا يُرد الاعتبار لمرتكبها إذا عوقب بعقوبة الغرامة، في حين أن من ارتكب بطريق الغش جناية التخلص من أداء الخدمة العسكرية، وهي جريمة عقوبتها أشد، وتمس الشرف والنزاهة، يحرم مؤقتاً من مباشرة حقوقه السياسية، إذ يُرد إليه هذا الحق بعد انقضاء فترة زمنية محددة أو إذا رُدَّ إليه اعتباره. ونتيجة لتضارب تلك الأحكام، فقد تباينت قرارات وزارة الداخلية بشأن اعتماد كشوف المرشحين لعضوية مجلس الشعب، فقبلت أوراق ترشيح بعض من تجاوزوا سن الخامسة والثلاثين ولم يقدموا شهادة أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها، واستلزمت في حالات أخرى تقديم تلك الشهادة.
وأضاف السيد رئيس مجلس الشعب في كتابه سالف الذكر، أنه بإعادة طرح الموضوع على محكمة القضاء الإداري قضت بأن التخلف عن أداء واجب الخدمة العسكرية يصم صاحبة بفقدان الثقة والاعتبار، وينحسر عنه بالتالي شرط حسن السمعة مما يحول بينه وبين شرف تمثيل الأمة، ومن ثم لا يجوز ترشيحه لعضوية مجلس الشعب، وُقعت عليه عقوبة أم لم توقع، رُدَّ إليه اعتباره أم لا، وإذ طُعِن على هذا القضاء أمام المحكمة الإدارية العليا، قررت دائرة فحص الطعون بها وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وأحالت الطعن إلى دائرة المحكمة الإدارية العليا (موضوع)، حيث نظرته وقررت إحالته إلى الدائرة المشكلة طبقاً لحكم المادة (54 مكرراً) من قانون مجلس الدولة، فقضت تلك الدائرة بأنه يشترط فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب أو يستمر في عضويته أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أُعفى من أدائها طبقاً للقانون، ولا يعتبر التهرب من أداء الخدمة العسكرية الإلزامية حتى سن التجنيد بمثابة الإعفاء قانوناً من أدائها في مفهوم نص البند (5) من المادة (5) من القانون رقم 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب. وإزاء هذا الخلاف في تطبيق هذا النص والفقرة الأخيرة من المادة (6) من القانون رقم 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب، ولأهميتها البالغة لتعلقهما بممارسة حق دستوري هو حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب، فقد طلب السيد وزير العدل بناء على كتاب السيد الدكتور رئيس مجلس الشعب عرض الأمر على هذه المحكمة لإصدار تفسير للنصين المذكورين عملاً بما تنص عليه المادتين (26) و(33) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
وحيث إن المادة (175) من الدستور تنص على أن "تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتتولى تفسير النصوص القانونية وذلك كله على الوجه المبين في القانون "وإعمالاً لهذا التفويض نصت المادة (26) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه على أن "تتولى المحكمة الدستورية العليا تفسير نصوص القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية، والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وفقاً لأحكام الدستور، وذلك إذ أثارت خلافاً في التطبيق، وكان لها من الأهمية ما يقتضي توحيد تفسيرها".
وحيث إن البين من هذين النصين، أن الدستور خوَّل المحكمة الدستورية العليا - في الحدود التي بينها قانونها - تفسير النصوص القانونية تفسيراً ملزماً يكون كاشفاً عن إرادة المشرع التي صاغ على ضوئها هذه النصوص محدداً مضمونها لتوضيح ما أُبهم من ألفاظها، مزيلاً ما يعتريها من تناقض قد يبدو بينها، مستصفياً إرادة المشرع تحرياً لمقاصده منها، ووقوفاً عند الغاية التي استهدفها من تقريره إياها.
وحيث إن السلطة المخولة لهذه المحكمة في مجال اختصاصها المقرر لها بنص المادة (26) من قانونها، مشروطة - وعلى ما جرى به قضاؤها - بأن تكون للنص التشريعي المطلوب تفسيره أهمية جوهرية، تتحدد بالنظر إلى طبيعة الحقوق التي ينظمها، ووزن المصالح المرتبطة بها، وأن يكون هذا النص - فوق أهميته - قد أثار عند تطبيقه خلافاً حول مضمونه تتباين معه الآثار القانونية التي يرتبها فيما بين المخاطبين بأحكامه بما يخّل عملاً بعمومية القاعدة القانونية الصادرة في شأنهم، والمتماثلة مراكزهم القانونية بالنسبة إليها، ويهدر بالتالي ما تقتضيه المساواة بينهم في مجال تطبيقها، الأمر الذي يحتم رد هذه القاعدة إلى مضمون موحد يتحدد على ضوء ما قصد المشرع منها عند إقرارها ضماناً لتطبيقها تطبيقاً متكافئاً بين المخاطبين بها.
وحيث إن الشرطين اللذين تطلبهما المشرع لقبول طلب التفسير قد توافرا بالنسبة لنص البند (5) من المادة (5) والفقرة الأخيرة من المادة (6) من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب، وذلك لما وقع في شأنهما من خلاف في التطبيق بين محاكم جهة القضاء الإداري، وقد انعكس هذا الخلاف على وزارة الداخلية، فتضاربت قراراتها بشأن قبول أوراق المرشحين لعضوية مجلس الشعب، كما أن النصين القانونيين محل طلب التفسير انتظمهما القانون رقم 38 لسنة 1972 بشأن مجلس الشعب، والذي يعد أحد القوانين المكملة للدستور، فضلاً عن أنهما يتعلقان بممارسة حق دستوري من الأهمية بمكان هو حق الترشيح لعضوية المجلس النيابي "مجلس الشعب"، وتوحيد تفسير هذين النصين سيؤدي إلى معاملة المرشحين لعضوية هذا المجلس معاملة قانونية متكافئة حال تماثل مراكزهم القانونية، ومن ثم فإن الطلب الماثل يكون مقبولاً.
وحيث إنه يتعين لتحديد مدلول النصين المشار إليهما، كما قصده المشرع، استقصاء أصلهما، وتفسيرهما على هدي من الأعمال التحضيرية الممهدة لهما، سواء كانت هذه الأعمال سابقة أو معاصرة لهما، باعتبار أن ذلك كله مما يُعين على استخلاص مقاصد المشرع التي يفترض في النصين القانونيين محل التفسير أنهما قد عبرا عنها.
وحيث إنه يبين من الأعمال التحضيرية للقانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب، أن مشروع قانونه قُدِّم للمجلس من أحد أعضائه، وقد خلت مادته الخامسة من نص يشترط في المرشح لعضوية مجلس الشعب أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أُعفى منها، كما خلت مادته السابعة والتي أصبحت المادة السادسة من القانون من نص مماثل لنص الفقرة الأخيرة من المادة السادسة يقضي بأن يُعفى المرشح الذي تجاوز عمره الخامسة والثلاثين من تقديم شهادة أداء الخدمة العسكرية الإلزامية أو الإعفاء منها، إلا أنه ورد بتقرير لجنة الشئون التشريعية أنها (قد وافقت على ما اقترحته الحكومة من إضافة شرط جديد إلى شروط الترشيح وهو أن يكون المرشح قد أدى الخدمة العسكرية أو أُعفى من أدائها طبقاً للقانون، استناداً إلى أن قانون الخدمة العسكرية يمنع تعيين أي شخص في الوظائف العامة أو إلحاقه بأي عمل ما لم يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أُعفى منها، وأنه لما كان من بين شروط الترشيح ألا تقل سن المرشح عن ثلاثين سنة، فإنه لا يتصور في الغالب الأعم أن يكون المرشح غير مستوف لشروط أداء الخدمة العسكرية عند ترشيحه إلا إذا كان متهرباً من أدائها)، وقد أُفرغَ هذا الشرط في البند (6) من نص المادة (5) من مشروع القانون. ولدى مناقشة أعضاء مجلس الشعب لهذا البند، اعترض عليه أحد الأعضاء وطلب حذفه وأيده آخر في هذا الطلب، مبدياً أن خدمة الوطن شرف، وتمثيل الشعب شرف أيضاً، وأنه إذا حُرم كل من لم يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أُعفى منها من ترشيح نفسه لعضوية المجلس، فإن هذا الحكم سيسري على المواطنين حتى سن الخامسة والثلاثين طبقاً للتعديل الجديد لقانون التجنيد، وسيؤدي هذا الأمر إلى حرمان عدد كبير من الشباب من أهم حقوقهم السياسية وهو حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب. إلا أن عضواً آخر أبدى - وهو بصدد تعليقه على النص المعروض - أن أصحاب الرأي المتقدم قد التبس عليهم الأمر حين ظنوا أن حكم هذا البند يعني حرمان الأشخاص الذين لم يحن دورهم لأداء الخدمة العسكرية، في حين أن حكم هذا البند يعني حرمان من تهرب من أداء الخدمة العسكرية، وهذا الشخص لا يصح أن يكون مواطناً فضلاً عن أن يكون ممثلاً للشعب. ولدى تعليق السيد مقرر المشروع على مناقشات الأعضاء أشار إلى أن مستشار الرأي لوزارة الداخلية أبدى لدى مناقشة المشروع بلجنة الشئون الدستورية أنه لو تم انتخاب أحد المرشحين لعضوية المجلس وكان متهرباً من الخدمة العسكرية، عندئذٍ سيُطلب رفع الحصانة عنه لهذا السبب وهو أمر غير كريم لأعضاء المجلس، وذكر مستشار الرأي عدة حالات حدثت في مجالس سابقة، ومن ثم وافقت أغلبية أعضاء اللجنة على إضافة هذا النص. وبعرضه - في ضوء ما تم من مناقشات - على أعضاء المجلس وافقت الأغلبية عليه بجلسة 12 يونيو سنة 1972. ثم عاد المجلس لمناقشة باقي أحكام المشروع بجلسة 13 يونيو سنة 1972، وفيها تقدم عدد من الأعضاء بطلبات لإعادة المداولة في بعض مواد المشروع، ورد من بينها اقتراح بإضافة فقرة جديدة إلى نهاية المادة (7) - التي أصبحت المادة (6) بعد إلغاء هذه الأخيرة من مشروع القانون - تنص على "أن ويعفى المرشح الذي تجاوز عمره 35 عاماً من تقديم شهادة تثبت أداء الخدمة العسكرية الإلزامية أو الإعفاء منها" بعد تلاوة المادة بعد التعديل تمت الموافقة عليها دون أي إيضاحات، أو بيان أسباب هذا التعديل أو القصد منه.
وحيث إنه يستفاد مما تقدم أن إرادة المشرع في البند (6) من المادة (5) من قانون مجلس الشعب - والذي أصبح يحمل رقم (5) من ذات المادة بعد التعديل الذي أدخل عليها بالقانون رقم 109 لسنة 1976 - إلى تقرير حكم مؤداه أنه يجب أن يكون المرشح لعضوية مجلس الشعب قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية، أو أُعفى منها طبقاً للقانون الذي ينظم هذه الخدمة، وأن كل من تخلف عن أدائها لا يجوز له أن يرشح نفسه كي ينال شرف تمثيل الأمة في مجلسها النيابي، وأن المشرع وهو بصدد تنظيم كيفية وإجراءات تقديم طلبات الترشيح لعضوية مجلس الشعب، وما يلزم تقديمه من مستندات وأوراق لإثبات توافر الشروط التي يتطلبها القانون فيمن يرشح، استثنى في المادة (6) من ذات القانون، طائفة من هؤلاء المرشحين وهم من تجاوزت أعمارهم الخامسة والثلاثين، من تقديم الشهادة الدالة على أدائهم الخدمة العسكرية الإلزامية أو إعفائهم منها عند التقدم بأوراق ترشيحهم، تيسيراً عليهم، واستصحاباً للحكم الغالب في مثل هذه الحالات، وهو أن من بلغ هذه السن، الأصل فيه أنه قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو توافرت في شأنه إحدى حالات الإعفاء منها طبقاً للقانون، ذلك أن عبارة نص البند (5) من المادة (5) واضحة لا لبس فيها ولا غموض في الدلالة على اشتراط أداء الخدمة العسكرية الإلزامية أو الإعفاء وفقاً لأحكام القانون فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب، والمستقر عليه في أصول التفسير أنه إذا كانت عبارة النص واضحة فلا يجوز الانحراف عنها بدعوى تفسيرها، كما أن الأصل أن النص العام يجرى على إطلاقه ما لم يوجد ما يقيده، كما أن نص الفقرة الأخيرة من المادة (6) محل التفسير يجب تحديده وضبط معناه بحمله على المعنى الذي وضح جلياً من إرادة المشرع من نص البند (5) من المادة (5)، تحقيقاً للتناسق والتوافق بين النصوص القانونية التي تتعلق بموضوع واحد تجنباً لأي تعارض يثور بينها في مجال التطبيق، وأول الخطو لهذا التحديد هو وضع نص الفقرة الأخيرة من المادة (6)، ضمن أحكام هذه المادة في تكاملها، والتي تنص على أنه:
"يقدم طلب الترشيح لعضوية مجلس الشعب كتابة إلى مدير الأمن بالمحافظة التي يرغب المرشح في الترشيح في إحدى دوائرها الانتخابية، وذلك خلال المدة التي يحددها وزير الداخلية بقرار منه على ألا تقل عن عشرة أيام من تاريخ فتح باب الترشيح.
ويكون طلب الترشيح مصحوباً باتصال بإيداع مبلغ مائتي جنيه خزانة مديرية الأمن بالمحافظة المختصة وبالمستندات التي يحددها وزير الداخلية بقرار منه لإثبات توافر الشروط التي يتطلبها هذا القانون للترشيح، وتثبت صفة العامل أو الفلاح بإقرار يقدمه المرشح مصحوباً بما يؤيد ذلك من مستندات.
وتعتبر الأوراق التي يقدمها المرشح أوراقاً رسمية في تطبيق أحكام قانون العقوبات.
ويعفى المرشح الذي تجاوز عمره الخامسة والثلاثين من تقديم شهادة أداء الخدمة العسكرية الإلزامية أو الإعفاء منها".
والبّين من هذا النص أنه قد عنى في المقام أول بتنظيم المسائل الإجرائية المتعلقة بالتقدم للترشيح لعضوية مجلس الشعب، وقد ورد في ترتيب منطقي بعد أن أوضحت المادة الخامسة السابقة عليه الشروط الموضوعية الواجب توافرها في المرشح، بحيث أصبح مجال كل نص مفارقاً لمجال النص الآخر، فالأول نص يتضمن شروطاً موضوعية يجب توافرها في المرشح، والآخر يتناول بالتنظيم أوضاعاً إجرائية تتعلق بعملية التقدم للترشيح، إذ كان ذلك، وكانت إرادة المشرع قد وردت على نحو واضح لا لبس فيه ولا غموض بنصه في البند (5) من المادة (5) - في مقام بيان الشروط الموضوعية الواجب توافرها في المرشح لعضوية مجلس الشعب - على ضرورة أدائه الخدمة العسكرية الإلزامية أو الإعفاء منها قانوناً فإن نص الفقرة الأخيرة من المادة (6) لا يمكن حمله إلا على معناه الوحيد، وهو أنه تيسير إجرائي من المشرع على المرشحين الذين جاوزوا سن الخامسة والثلاثين، دعامته الأخذ بالأغلب الأعم في هذه الحالات وهو أن من بلغ السن يفترض أنه قد أدى الخدمة العسكرية أو أُعفى منها طبقاً للقانون، وهو حكم يقوم على الظاهر الغالب، ولا ينفي أو يُعَدّل من ضرورة توافر الشرط الموضوعي بأداء هذه الخدمة أو الإعفاء قانوناً منها، ولا يجوز دون إثبات ما يخالف القرينة التي انبنى عليها.
وحيث إنه لا وجه للقول بأن الفقرة الأخيرة من المادة (6) من قانون مجلس الشعب قيدت شرط الترشيح المنصوص عليه في البند (5) من المادة (5) من ذات القانون، فلا يسري شرط أداء الخدمة العسكرية الإلزامية أو الإعفاء منها على من تجاوز الخامسة والثلاثين من عمره، ذلك أنه يخالف إرادة المشرع الجلية التي أنزلت نص المادتين (5) و(6) من قانون مجلس الشعب كل في منزلته التشريعية المنضبطة حيث ينظم الأول الشروط الموضوعية الواجب توافرها في المرشح لعضوية مجلس الشعب، ويوضح النص الثاني الأوضاع الإجرائية الخاصة بالتقدم بأوراق الترشيح بما مؤداه أن ثمة حكماً قاطع الدلالة على أن إرادة المشرع تتطلب فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أُعفى منها قانوناً، التزاماً بأحكام المادة (58) من الدستور التي تقضي بأن الدفاع عن الوطن وأرضه واجب مقدس والتجنيد إجباري وفقاً للقانون، فأداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء قانوناً منها هما وحدهما اللذان يعصمان المواطن من وصمة النكوص عن أداء الواجب المقدس بالدفاع عن الوطن وأرضه، فإذا نكص عن واجب مقدس مصدره الدستور والقانون استحال انصياعه لحكم المادة (90) من الدستور التي توجب على عضو مجلس الشعب أن يقسم يميناً باحترام الدستور، كما أن مقتضى القول المتقدم إقامة تفرقة صارخة بين أصحاب مركز قانوني واحد، فالمرشح لعضوية مجلس الشعب الذي لم يبلغ الخامسة والثلاثين يجب أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أُعفى منها قانوناً في حين أن المرشح الذي جاوز السن يجوز له أن يكون قد تخلف عن أدائها.
وحيث إنه القول بأنه طبقاً لحكم المادة (2) من قانون مباشرة الحقوق السياسية، فإن من حكم عليه بعقوبة الحبس لارتكابه جريمة للتخلص من الخدمة العسكرية والوطنية، لا يحرم من ممارسة حقوقه السياسية بصورة دائمة بل يستطيع أن يمارس أياً منها إذا أوقف تنفيذ العقوبة أو إذا رد إليه اعتباره، وهذه الجريمة تمس الشرف والنزاهة، وعقوبتها أشد من عقوبة الغرامة التي قد توقع على من ارتكب جريمة التخلف عن أداء الخدمة العسكرية - وهي أخف وطأة من الجريمة الأولى - والذي سيحرم من ارتكبها من ترشيح نفسه لعضوية مجلس الشعب بصورة دائمة، فإنه قول مردود، ذلك أن قانون مجلس الشعب - المطلوب تفسير بعض نصوصه - هو قانون خاص، أما قانون مباشرة الحقوق السياسية فهو قانون عام، والمستقر عليه في قواعد التفسير أن الخاص يقيد العام. وإذ نظم قانون مجلس الشعب الحق في الترشيح لعضوية ذلك المجلس، فإن أحكام هذا القانون هي الواجبة التطبيق فيما تناولته من تنظيم خاص للحق في الترشيح، ولا يُرجع إلى قانون مباشرة الحقوق السياسية إلا إذا لم يرد في قانون مجلس الشعب نص خاص. ولما كان القانون الأخير قد نظّم حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب، فلا يجوز إعمال أحكام قانون مباشرة الحقوق السياسية في شأن هذا الحق أو تفسير نصوص القانون الأخير بما يسمح بمد نطاقه ليشمل حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب.
وفضلاً عما تقدم فإن قانون مباشرة الحقوق السياسية حين عدّد الحقوق السياسية التي أوجب على كل مصري بلغ الثمانية عشرة من عمره أن يباشرها أوضح في المادة (1) منه هذه الحقوق بأنها:
"أولاً: إبداء الرأي فيما يأتي:
1 - الاستفتاء الذي يجرى لرئاسة الجمهورية.
2 - كل استفتاء آخر ينص عليه الدستور.
ثانياً: انتخاب أعضاء كل من:
1 - مجلس الشعب.
2 - مجلس الشورى.
3 - المجالس الشعبية المحلية".
فالنص المتقدم لم يُدخل حق الترشيح لعضوية مجلس الشعب أو حتى حق الترشيح لعضوية المجالس الأخرى المشار إليها فيه، ضمن هذه الحقوق التي تناولها بالتنظيم القانون المشار إليه، وما ذلك إلا لأن الحق في الترشيح - وإن كان مثل الحق في الانتخاب من الحقوق الدستورية ويرتبطان ببعضهما ويتبادلان التأثير فيما بينهما - إلا أن الحق في الترشيح له ذاتية خاصة تميزه وهي أنه يتحد مع الحق في العضوية، إذ أن المرشح سيصبح عضواً بعد إجراء العملية الانتخابية وفوزه فيها، فإذا أصبح عضواً بمجلس الشعب فإنه ينال شرف تمثيل الأمة في المجلس التشريعي وتنعقد أو تتقرر له نوع من أنواع الولاية العامة لأنه يمثل الشعب ويمارس دوره التشريعي والرقابي باسمه، وهذه الولاية إذا حدد القانون لنيلها شروطاً خاصة وجب الوقوف عندها والنزول على حكمها. ومن ثم فإن أحكام القانون رقم 38 لسنة 1972 تكون هي الواجبة التطبيق فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب ويتعين عليه بالتالي الخضوع لحكم البند (5) من المادة (5) والذي يشترط فيمن يرشح لعضوية المجلس المذكور أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعفى من أدائها قانوناً، ولنص الفقرة الأخيرة من المادة (6) محمولاً معناها على دلالة البند (5) من المادة (5) المشار إليها.
وحيث إن هذه المحكمة، إذا تحدد مضامين النصوص القانونية على ضوء ولايتها في مجال تفسيرها للنصوص التشريعية المحددة بنص المادة (26) من قانونها فإن قرارها بتفسير هذه النصوص يكون كاشفاً عن حقيقتها بافتراض أن المشرع أقرها ابتداءً بالمعنى الذي حددته المحكمة الدستورية العليا لها، ومن ثم يكون القرار الصادر بتفسيرها جزءاً منها لا ينفصل عنها من تاريخ العمل بها ليكون إنفاذها على ضوء هذا النص، ومنذ سريانها لازماً.

فلهذه الأسباب

وبعد الاطلاع على نص البند (5) من المادة (5)، والفقرة الأخيرة من المادة (6) من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب.
قررت المحكمة أن نص البند (5) من المادة (5) والفقرة الأخيرة من المادة (6) من القانون رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب يعني أنه يُشترط فيمن يرشح لعضوية مجلس الشعب أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعفى من أدائها طبقاً للقانون، وأن الإعفاء المقرر بنص الفقرة الأخيرة من المادة (6) لا يُغني عن وجوب توافر الشرط المتقدم فيمن جاوز الخامسة والثلاثين من عمره.


تضمن الحكم الصادر بالجلسة ذاتها في القضية رقم 8 لسنة 23 ق (طلبات أعضاء) والحكم الصادر في القضية رقم 1 لسنة 24 ق "طلبات أعضاء" المبادئ الواردة بهذا الحكم.

الجمعة، 19 نوفمبر 2021

قيام النظام السياسى في مصر على أساس تعدد الأحزاب السياسية

الدعوى رقم 118 لسنة 37 ق "دستورية" جلسة 6 / 11 / 2021

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس مــــن نوفمبر سنة 2021م، الموافق الأول من ربيع الآخر سنة 1443 هـ.
أصدرت الحكم الآتي
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقى والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 118 لسنة 37 قضائية "دستورية".

المقامة من
طارق محمد درويش عواد
ضد
1- الممثل القانوني لنقابة الصحفيين
2- رئيس مجلس الــــوزراء

--------------

" الإجراءات "

بتاريخ الرابع من يوليه سنة 2015، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نصوص المواد (1 و3 و4 و13 و16 و33 و37) من القانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين. وأودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّــا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّــا: برفضها. وقدمت نقابة الصحفيين مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

----------
" المحكمــة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 36765 لسنة 69 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري، طالبًا الحكم، بصفة مستعجلة: وقف تنفيذ قرار فتح باب الترشح لانتخابات نقابة الصحفيين يوم 6/ 3/ 2015، وقرار تأجيل دعوة الجمعية العمومية للانعقاد إلى يوم 20/ 3/ 2015، لعدم اكتمال النصاب القانوني، وما يترتب على ذلك من إعادة تنقية جداول القيد مما شابها من قيود مخالفة. وفى الموضوع: إلغاء القرار المطعون فيه. وذلك على سند من أنه تجمع لديه عدد من الوقائع توجب تنقية جداول النقابة من أسماء من قيد فيها استنادًا إلى مؤهلات مزورة، وممن زالت عنه أسباب القيد فيها، وهو ما دعاه للعدول عن الترشح لمنصب النقيب.
وأثناء نظر الدعوى دفع بعدم دستورية نصوص المواد (1 و3 و4 و13 و16 و33 و37) من القانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، أقام الدعوى المعروضة، ناعيًا على النصوص المطعون عليها انفصالها عن الواقع الدستوري القائم، إذ أنشأت المادة الأولى من هذا القانـــون نقابة الصحفيين في الجمهورية العربية المتحدة، وهو اسم لا وجود له. كما أسندت تلك النصوص اختصاصات متعددة إلى الاتحاد الاشتراكي العربي، وهو مؤسسة لم يعد لها وجود، كما أسندت اختصاصات أخرى إلى وزير الإرشاد القومي، وهي وزارة تجاوز الزمن وجودها ودورها في الواقع الدستوري الحالي. وأخيرًا فقد انطوى ذلك القانون على تكليف بنشر المذهب الاشتراكي، وهو مذهب تم العدول عنه. وخلص من ذلك إلى عدم دستورية النصوص المطعون عليها.
وحيث إن نصوص المواد (1 و3 و4 و13 و16 و33، و37) من القانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين، تجرى على أنه :
مادة (1): إنشاء النقابة وأهدافها: تنشأ نقابة للصحفيين في الجمهورية العربية المتحدة تكون لها الشخصية المعنوية، ومقرها الرئيسي مدينة القاهرة، ويجوز إنشاء فروع لها في المحافظات بقرار يصدره مجلس النقابة.
مادة (3): تستهدف النقابة: (أ) العمل على نشر وتعميق الفكر الاشتراكي والقومي بين أعضائها وتنشيط الدعوة إليه في داخل المؤسسات الصحفية وبين جمهور القراء وكذلك تنشيط البحوث الصحفية وتشجيع القائمين بها ورفع المستوى العلمي والفكري لأعضاء النقابة. (ب) العمل على الارتفاع بمستوى المهنة والمحافظة على كرامتها والذود عن حقوقها والدفاع عن مصالحها. (ج) ضمان حرية الصحفيين في أداء رسالتهم وكفالة حقوقهم، والعمل على صيانة هذه الحقوق في حالات الفصل والمرض والتعطل والعجز. (د) السعي لإيجاد عمل لأعضاء النقابة المتعطلين وتشغيلهم أو تعويضهم تعويضًــــا يكفل لهم حياة كريمة. (هـ) العمل على مراعاة الالتزام بتقاليد المهنة وآدابها ومبادئها. (و) تسوية المنازعات ذات الصلة بالمهنة التي تنشأ بين أعضاء النقابة أو بينهم وبين الهيئات والمؤسسات والدور الصحفية التي يعملون فيها. (ز) العمل على توثيق العلاقات مع اتحاد الصحفيين العرب والمنظمات المماثلة في البلاد العربية، والمشاركة في المنظمات الصحفية العالمية التي تنصر القضايا العربية، والسعي إلى إقامة علاقات وثيقة مع المنظمات المماثلة. (ح) العمل على التقريب بين أعضاء النقابة وبين أعضاء نقابات العمال العاملين في الصحافة بإقامة اتحاد فيما بينها يستهدف الارتقاء بالمهنة. ويجرى نشاط النقابة في إطار السياسة العامة للاتحاد الاشتراكي العربي.
مادة (4): ينشأ في النقابة جدول يشمل أسماء الصحفيين، وتلحق به الجداول الفرعية الآتية: (أ) جدول الصحفيين المشتغلين. (ب) جدول الصحفيين غير المشتغلين. (ج) جدول الصحفيين المنتسبين. (د) جدول الصحفيين تحت التمرين. ويعهد بالجدول والجداول الفرعية إلى لجنة القيد المنصوص عليها في المادة (13) من هذا القانون، وتودع اللجنة المذكورة نسخة من هذه الجداول في الاتحاد الاشتراكى العربى ووزارة الإرشاد القومي.
مادة (13): تشكل لجنة لقيد الصحفيين في جداول النقابة من: وكيل النقابة " رئيسًـــا " اثنين من أعضاء مجلس النقابة يختارهما المجلس " أعضاء " وترسل اللجنة قبل انعقادها بثلاثين يومًــا على الأقل بيانًــا بأسماء طالبى القيد إلى الاتحاد الاشتراكى العربى، ووزارة الإرشاد القومي لإبداء الرأي فيها خلال أسبوعين من تاريخ وصول البيان إليها. فإذا لم تبد الجهتان المذكورتان رأيهما خلال هذه المدة بتت اللجنة في الطلب. وعلى اللجنة أن تصدر قرارها خلال ستين يومًــا من تاريخ تقديم طلب القيد إليها، وفى حالة الرفض يجب أن يكون القرار مسببًــا. ويخطر الطالب بقرار اللجنة خلال أسبوعين من تاريخ صدوره بخطاب مسجل بعلم الوصول. ويقوم مقام الإخطار تسلم الطالب صورة منه بإيصال يوقع عليه.
مادة (16): على مجلس النقابة أن يبلغ الاتحاد الاشتراكي العربى ووزارة الإرشاد القومي قرارات اللجان المنصوص عليها في المواد 13 و14 و81 و82 من هذا القانون وذلك خلال أسبوعين من صدورها، كما يرسل إليهما كشفًــا بأسماء الصحفيين المقيدين في جدول النقابة الذين يتقرر نقل أسمائهم من جدول فرعى إلى آخر.
مادة (33): تختص الجمعية العمومية بما يأتي: (أ) النظر في تقرير مجلس النقابة عن أعمال السنة المنتهية واعتماده. (ب‌) اعتماد الحساب الختامى للسنة المالية المنتهية. (ج) إقرار مشروع الميزانية الخاصة بالسنة المالية المقبلة. (د) انتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة بدلاً من الذين انتهت مدة عضويتهم. (هـ) إقرار مشروع اللائحة الداخلية للنقابة وفروعها ويصدر بهذه اللائحة قرار من وزير الإرشاد القومى بعد موافقة الاتحاد الاشتراكى العربى. (و) إقرار اللائحة الخاصة بآداب مهنة الصحافة، وتعديلها، ويصدر بهذه اللائحة قرار من وزير الإرشاد القومى بعد موافقة الاتحاد الاشتراكى العربى. (ز) وضع نظام للمعاشات والإعانات. (ح) النظر فيما يهم النقابة من أمور يرى مجلس النقابة عرضها على الجمعية العمومية.
مادة (37) : يشكل مجلس النقابة من النقيب واثنى عشر عضوًا ممن لهم حق حضور الجمعية العمومية، نصفهم على الأقل ممن لم تتجاوز مدة قيدهم في جدول المشتغلين خمسة عشر عامًــا. ويشترط فيمن يرشح نفسه لمركز النقيب أو عضوية مجلس النقابة أن يكون عضوًا عاملاً في الاتحاد الاشتراكى العربى، وأن يكون قد مضى على قيده في الجدول عشر سنوات على الأقل بالنسبة للنقيب، وثلاث سنوات بالنسبة لعضو مجلس النقابة على الأقل، ولم تصدر ضده أحكام تأديبية خلال الثلاث سنوات السابقة.
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن ما نصت عليه المادة (30) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 من أن القرار الصادر من محكمة الموضوع بإحالة مسألة دستورية بذاتها إلى هذه المحكمة للفصل في مطابقة النصوص القانونية التى تثيرها للدستور أو خروجها عليه ، وكذلك صحيفة الدعوى الدستورية التى يرفعها إليها خصم للفصل في بطلان النصوص القانونية المطعون عليها أو صحتها، يتعين أن يتضمنا بيان النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور وأوجه تلك المخالفة، إنما تغيا ألا يكون هذا القرار أو تلك الصحيفة منطويين على التجهيل بالمسائل الدستورية التي تُدعى هذه المحكمة للفصل فيها، ضمانًــا لتحديدها تحديدًا كافيًــا يبلور مضمونها ونطاقهـــا، فلا تثير - بماهيتها أو مداها - خفاء يحول دون إعداد ذوى الشأن جميعًــا - ومن بينهم الحكومة - لدفاعهم بأوجهه المختلفة خلال المواعيد التى حددتها المادة (37) من قانون المحكمة الدستورية العليا؛ بل يكون بيانها لازمًــا لمباشرة هيئة المفوضين - بعد انقضاء هذه المواعيد - لمهامها في شأن تحضير جوانبها، ثم إبدائها رأيًــا محايدًا فيها يكشف عن حكم الدستور والقانون بشأنها.
متى كان ذلك، وكان المدعى لم يعين ما شاب نصوص المواد (4 و13 و33) من قانون نقابة الصحفيين المشار إليه من مثالب دستورية، سوى ما ورد بصحيفة دعواه من انفصال قانون إنشاء تلك النقابة عن الواقع الدستورى الراهن، ولم يحدد النصوص الدستورية المدعى مخالفتها، ومن ثم فإن الطعن على نصوص تلك المواد يكون قد أتى مجهلًا على نحو يحول دون استجلاء المحكمة لمكنون مناعيه عليها، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بشأنها.
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، أو تصوراتها المجردة، وهو كذلك يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية، ويحدد نطاقها، فلا تمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى، وبالقدر اللازم للفصل فيه، ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم، سواء أكان هذا الضرر قد وقع فعلاً أم كان وشيكًــا يتهددهم. ويتعين دومًــا أن يكون هذا الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور مستقلاً بالعناصر التى يقوم عليها؛ ممكنًــا تحديده ومواجهته بالترضية القضائية لتسويته، عائدًا في مصدره إلى النص المطعون فيه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة. ذلك أن إبطال النص التشريعى في هذه الصور جميعها، لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها. ولا يتصور بالتالى أن تكون الدعوى الدستورية أداة يعبر المتداعون من خلالها عن آرائهم في الشئون التى تعنيهم بوجـــه عام، أو طريقة للدفاع عن مصالح بذواتها لا شأن للنص المطعون فيه بها، بل تباشر المحكمة الدستورية العليا ولايتها بما يكفل فعاليتها، وأن تدور رقابتها وجودًا وعدمًــا مع تلك الأضرار التى تستقل بعناصرها، وتكون لها ذاتيتها. ومن ثم، يخرج عن نطاقها ما يكون من الضرر متوهمًــا، أو منتحلاً أو مجردًا، أو يكون على أساس الافتراض أو التخيل. ولازم ذلك، أن يقوم الدليل جليًّــا على اتصال الأضرار المدعى وقوعها بالنص المطعون فيه، وأن يسعى المضرور لدفعها عنه، لا ليؤمن بدعواه الدستورية، وكأصل عام، حقوق الآخرين ومصالحهم، بل ليكفل إنفاذ تلك الحقوق التى تعود فائدة صونها عليه.
والتزامًــا بهذا الإطار، جرى قضاء هذه المحكمة على أن المصلحة الشخصية المباشرة شرط لقبول الدعوى الدستورية، وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المطاعن الدستورية لازمًــا للفصل في النزاع الموضوعى.
حيث كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن رحى النزاع في الدعوى الموضوعية تدور حـول طلب المدعى إلغـاء قـرار نقابـة الصحفيين بإجـراء الانتخابـات يـوم 20/ 3/ 2015، لاختيار النقيب وأعضاء مجلس النقابة، على سند من ادعائه بطلان العملية الانتخابية لما شاب جداول النقابة من قيود مخالفة، بتضمينها أسماء غير المؤهلين للقيد بالنقابة، وعدم استبعاد من يجب استبعاد اسمه منها لزوال مقتضيات استمرار القيد فيها. وكانت مناعى المدعى على نصوص المواد (1 و16 و37) من القانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين قد انصبت على نصوص جـرى إلغاؤهـا قبـل الدعـوة للانتخابات المطعـون عليها، ولم يكن لها مجال للتطبيق عليها: ذلك أن النص في المادة (1) على إنشاء النقابة بالجمهورية العربية المتحدة، قد استبدل بالمادة الأولى من دستور سنة 1971، فصار بموجبــــه الاسم الرسمى للدولــــة "جمهورية مصر العربية"، وهو ما ينسحب أثره على سائر التشريعات التى أطلق المشرع فيها الاسم المستبدل للدولة المصرية.
وما نعى به المدعى على نصى المادتين ( 16، 37) من القانون ذاته ، من اشتراط العضوية العاملة بالاتحاد الاشتراكى العربى فــيمن يرشح نفسه لمنصب النقيب أو عضوية مجلس النقابة، وما أوجبته من إرسال بيان بأسماء طالبى الترشح إلى هذه المؤسسة، وإلى وزارة الإرشاد القومى، فلما كانت هاتان المؤسستان تم إلغاؤهما بموجب تعديل دستور سنة 1971، الحاصل بتاريخ 22 مايو سنة 1980، الذى استبدل نظام تعدد الأحزاب السياسية بنظام الاتحاد الاشتراكى العربى، الذى لم يعد له وجود بين مؤسسات الدولة اعتبارًا من هذا التاريخ. فضلًا عن أن هذا الالتزام القانونى قد ألغى كذلك بالقانون رقم 16 لسنة 1975، الذى ألغى اشتراط العضوية العاملة في الاتحاد الاشتراكى العربى فيمن يرشح نفسه لعضوية التنظيمات الشعبية والجماهيرية وفى تولى بعض الوظائف، ومن بينها مجالس النقابات المهنية والعمالية ومجالس اتحاداتها، وبالتالى فقد سقط تبعًــا له وجوب إخطار وزارة الإرشاد القومى براغبى الانضمام إلى الاتحاد الاشتراكى العربى، تلك الوزارة التى حلت محلها وزارة الثقافة والإعلام بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 2420 لسنة 1971بتنظيم الجهاز الحكومى. الأمر الذى تكون معه مناعى المدعى في هذا الشأن قد انصرفت إلى نصوص قانونية انقضى ما أوردته من التزامات بموجب إلغاء أحكامها، ولم تطبق عليه عند الدعوة للانتخابات المطعون عليها. وتغدو أسباب طعنه عليها مرتكنة إلى محض مصلحة نظرية منبتة الصلة عن أى مصلحة شخصية مباشرة يؤثر الفصل فيها على المصلحة في الدعوى الموضوعية، مما لزامه الحكم بعدم قبول الدعوى بشأن الطعن على نصوص المواد (1 و16، 37) من القانون المشار إليه.
وحيث إنه في شأن ما نعى به المدعى على ما ورد بصدر المادة (3) من قانون نقابة الصحفيين المشار إليه، من استهداف النقابة العمل على نشر وتعميق الفكر الاشتراكى والقومى بين أعضائها وتنشيط الدعوة إليه في داخل المؤسسات الصحفية وبين جمهور القراء، فإنه لم يعد لهذا النعى محل منذ إلغاء الاتحاد الاشتراكى العربى، وقيام النظام السياسى في مصر على أساس تعدد الأحزاب السياسية، وفقًا لنص المادة الخامسة من دستور سنة 1971، منذ تعديلها بتاريخ 22/ 5/ 1980، ومن ثم فإن الفصل في دستورية ذلك النص لا يرتب انعكاسًـا على الطلبات في الدعـوى الموضوعيــة، وتنتفى مصلحـة المدعى في الطعن عليهـا، مما لزامه - أيضًا - الحكم بعدم قبول الدعوى المعروضة بشأنه.
وحيث إنه لما تقدم جميعه، تقضى المحكمة بعدم قبول الدعوى برمتها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

جريمة الامتناع العمدى عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي لا علاقة لها بتوزيع الأنصبة لحسم الشريعة لها

الدعوى رقم 31 لسنة 42 ق "دستورية" جلسة 6 / 11 / 2021

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس مــــن نوفمبر سنة 2021م، الموافق الأول من ربيع الآخر سنة 1443 هـ.
أصدرت الحكم الآتي
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد نواب رئيس المحكمة .

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 31 لسنة 42 قضائية "دستورية" بعد أن أحالت محكمة الجنح المستأنفة - الدائرة الثانية - بمحكمة شبرا الخيمة الابتدائية، بحكمها الصادر بجلسة 30/ 1/ 2020، في الاستئناف رقم 16372 لسنة 2019 جنح مستأنف جنوب بنها.

المقام من
النيابة العامة، والمدعين بالحقوق المدنية
ضـــد
حسنى محمود منطاوى حسانين زايد

--------------
" الإجـراءات "
بتاريخ الحادي والعشرين من أغسطس سنة 2020، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الاستئناف رقــــم 16372 لسنة 2019 جنح مستأنف جنوب بنها، بعد أن قضت محكمة الجنح المستأنفة "الدائرة الثانية" بمحكمة شبرا الخيمة الابتدائية، بحكمها الصادر بجلسة 30/ 1/ 2020، بوقف الاستئناف وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستورية نص المادة (49) من القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث المضافة بالقانون رقم 219 لسنة 2017، فيما لم يتضمنه من لزوم وجود قسمة رضائية أو قضائية نهائية لغير مثليات التركة لقيام الجريمة محله في صورتها الأولى، وهى الامتناع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث. وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًا: بعدم اختصاص بنظر الدعوى، واحتياطيًا: بعدم قبول الدعوى. ومن باب الاحتياط الكلى: برفض الدعوى. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

---------------
" المحكمــــة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وســـائر الأوراق - في أن كلاً من حسنين وسيد ومنطاوى محمود منطاوى حسانين، كانوا قد أقاموا بطريق الادعاء المباشر، الجنحة رقم 21602 لسنة 2019، أمام محكمة جنح مركز القناطر الخيرية، ضد حسنى محمود منطاوى حسانين زايد، وحددوا طلباتهم فيها بتوقيع أقصى عقوبة على المتهم طبقًا لنص المادة (49) من القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث المضافة بالقانون رقم 219 لسنة 2017، وإلزامه بأن يؤدى لهم مبلغ (10001) جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابتهم، وذلك على سند من أنهم جميعًــا من ورثة المرحوم / محمود منطاوى حسانين زايد، الذى خلف تركة عبارة عن قطعة أرض زراعية مساحتها (9) قراريط، كائنة بحوض بتوريا بزمام مركز القناطر الخيرية محافظة القليوبية، وأن المتهم يحوزها ويضع اليد عليها، ويقوم بزراعتها والانتفاع بها واستغلالها منفردًا، وقد امتنع دون مبرر قانوني، عن تسليم كل منهم نصيبه الشرعي من الميراث في تلك الأرض، رغم إنذاره بذلك بتاريخ 30/ 4/ 2019، مما أصابهم بأضرار مادية وأدبية من جراء الحيلولة بينهم وبين استغلالها والانتفاع بثمارها. وبجلسة 21/ 9/ 2019، قضت المحكمة ببراءة المتهم من الاتهام المنسوب إليه، ورفض الدعوى المدنية، تأسيســـًا على تشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم، وخلو الأوراق من دليل يقينى على ارتكابه الجريمة. وإذ لم يرتض المدعون بالحق المدنى والنيابة العامة هذا القضاء، فقد قاموا بالطعن عليه بالاستئناف رقم 16372 لسنة 2019 جنح مستأنف جنوب بنها، وبجلسة 30/ 1/ 2020، قضت المحكمة بوقف الاستئناف، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة (49) من القانون رقم 77 لسنة 1943 المشار إليه المضافة بالقانون رقم 219 لسنة 2017، فيما لــــم يتضمنه من لــــزوم وجــــود قسمـة رضائية أو قضائية نهائية لغير مثليات التركة، لقيام الجريمة محله في صورتها الأولى، وهى الامتناع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبــه الشرعي من الميراث، وذلك لمخالفته نصوص المواد (2، 54، 95، 96) من الدستور.
وحيث إن المادة (49) من القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث المضافة بالقانون رقم 219 لسنة 2017 تنص على أنه " مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أى قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من امتنع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث، أو حجب سندًا يؤكد نصيبًا لوارث، أو امتنع عن تسليم ذلك السند حال طلبه من أي من الورثة الشرعيين. وتكون العقوبة في حالة العود الحبس الذى لا تقل مدته عن سنة. ويجوز الصلح في الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة في أي حالة تكون عليها الدعوى ولو بعد صيرورة الحكم باتًا. ولكل من المجنى عليه أو وكيله الخاص، ولورثته أو وكيلهم الخاص، وكذلك للمتهم أو المحكوم عليه أو وكيلهما الخاص، إثبات الصلح في هذه الجرائم أمام النيابة أو المحكمة بحسب الأحوال."
وحيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، المبدى من هيئة قضايا الدولة، على سند من أن ما يطرحه حكم الإحالة على النحو المتقدم ذكره، إنما ينصرف إلى طلب إضافة حكم جديد إلى نص المادة (49) المحالة، ومن ثم ينحل إلى طلب إلزام السلطة التشريعية بتعديل أحكام هذا النص على الوجه الذي عرض إليه حكم الإحالة، وذلك مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن الرقابة القضائية التي تباشرها المحكمة تثبيتًا للشرعية الدستورية، مناطها تلك النصوص القانونية التي أقرتها السلطة التشريعية، أو التي أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود صلاحياتها التي بينها الدستور، وبالتالي يخرج عن نطاقها إلزام هاتين السلطتين بإقرار قانون أو إصدار قرار بقانون في موضوع معين، إذ إن ذلك مما تستقل بتقديره تلك السلطتان وفقًا لأحكام الدستور، ولا يجوز بالتالي حملها على التدخل لإصدار تشريع في زمن معين أو على نحو ما. وكان الدستور قد كفل لكل حق أو حرية نص عليها، الحماية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، وتتمثل هذه الحماية في الضمانة التي يكفلها الدستور لحقوق المواطنين وحرياتهم، التي يعتبر إنفاذها شرطًا للانتفاع بها في الدائرة التي تصورها الدستور نطاقًا فاعلاً لها، وهذه الضمانة ذاتها هي التي يفترض أن يستهدفها المشرع، وأن يعمل على تحقيقها من خلال النصوص القانونية التي ينظم بها هذه الحقوق وتلك الحريات، باعتبارها وسائله لكفالتها، وشرط ذلك بطبيعة الحال أن يكون تنظيمها كافلاً تنفسها في مجالاتها الحيوية، وأن يحيط بكل أجزائها التي لها شأن في ضمان قيمتها العملية، فإذا نظمها المشـــرع تنظيمًا قاصرًا، بأن أغفل أو أهمل جانبًا مــــن النصوص القانونية التي لا يكتمل هذا التنظيم إلا بها، كان ذلك إخلالاً بضمانتها التي هيأها الدستور لها، وفى ذلك مخالفة للدستور.
وحيث إن المصلحة شرط لقبول الدعوى الدستورية، ومناطها أن يقوم ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسائل الدستورية لازمًا للفصل في النزاع الموضوعي. وكان من المقرر أن الرقابة على الدستورية التي تباشرها هذه المحكمة، لا تعتبر إجراءً احتياطيًا، بل ملاذًا نهائيًا، وعليها بالتالي ألا تفصل فيما يثيره الطعن على النصوص القانونية من المسائل الدستورية، كلما كان بوسعها أن تتجنبها من خلال إسناد المخالفة المدعى بها إلى أساس آخر يستقيم عقلاً معها ويصححها.
فالرقابة القضائية في شأن الشرعية الدستورية، لا تستقيم موطئًا لإبطال نصوص قانونية يحتمل مضمونها تأويلاً يجنبها الوقوع في حمأة المخالفة الدستورية، ذلك أن هذه المحكمة إنما تباشر رقابتها لضرورة تقتضيها، وهى تكون كذلك كلما كانت النصوص المطعون عليها عصية على كل تفسير يوائم بين مضمونها وأحكام الدستور.
وحيث إن من المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة، أن الخطأ في تأويل النصوص القانونية لا يوقعها في حمأة المخالفة الدستورية إذا كانت صحيحة في ذاتها، وأن الفصل في دستورية النصوص القانونيـة المدعى مخالفتهــا للدستور، لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا بالصورة التي فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه إلى الضوابط التي فرضها الدستور على الأعمال التشريعية.
متى كان ما تقدم، وكان النطاق الذى يطرحه حكم الإحالة إنما ينصب على ما لم تتضمنه الفقرة الأولى من المادة (49) من القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث، المضافة بالقانون رقم 219 لسنة 2017، من النص على لزوم وجود قسمة رضائية أو قضائية نهائية لغير مثليات التركة لقيام جريمة الامتناع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث. وكان نص تلك الفقرة قد جرَّم فعل الامتناع العمدى عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث. وأوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 219 لسنة 2017 المشار إليه العلة من إصدار هذا القانون في قولها "بعث الله رسله بالرسالات السماوية التي أزالت عن الإنسان الحيف والظلم، وقررت له نصيبًا مفروضًا خالصًا، لا منة فيه لأحد ولا فضل، إلا أن ثمة تقاليد وأعرافًا بالية انتشرت في مجتمعنا تتناقض مع الصبغة الحضارية لهذه الأمة، ومنها الامتناع عن تسليم الورثة حقهم الشرعي في الميراث ......، وإذ لم يتضمن القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث نصًا عقابيًا يضبط مسألة عدم تسليم أعيان التركة لمستحقيها .......، الأمر الذى استلزم التدخل بنص عقابي لتجريم الامتناع العمدي عن تسليم محل الميراث". وكانت اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، قد أضافت إلى نص الفقرة الأولى من المادة (49) المشار إليها، عبارة " رضاءً أو قضاءً نهائيًّا "، إلا أن مجلس النواب أقر النص بصياغته السالفة الذكر كما قُدم من الحكومة. وقد أبانت الأعمـال التحضيرية للقانون رقم 219 لسنة 2017 المشار إليه - مضبطة مجلس النواب الجلسة السادسة عشرة المعقودة بتاريخ 19/ 11/ 2017 - سند ذلك في " أن مشروع القانون لا يمس أحكام المواريث لا من قريب ولا من بعيد، .... وأن هذه المادة لا تتحدث عن المواريث، ولا عن الأنصبة الشرعية لا من قريب ولا من بعيد، فالنصيب لا مساس به إطلاقًا، لأن الأنصبة في المواريث محددة شرعًا "، وهي مسألة لا شأن لها بالنص المحال الذى يتناول الجانب الجنائي، بما لازمه أن المرجع في تعيين النصيب الشرعي في الميراث، كما قصده المشرع، وتوجهت إليه دلالة الألفاظ والعبارات التي تضمنها ذلك النص، هو الأحكام الشرعية والقانونية المتعلقة بالمواريث، وهو ما أكدته المادة (875/ 1) من القانون المدني في نصها على أن "1- تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم في الإرث وانتقال التركة إليهم تسري في شأنها أحكام الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة في شأنها"، ومن بين هذه القوانين القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث، والقواعد العامة في القانون المدني، ومن بينها تلك الأحكام الخاصة بالميراث وتصفية التركة، وقسمتها سواء رضاءً أو قضاءً، التي تناولتها المواد (834) وما بعدها من هذا القانون، باعتبار أن الميراث - على ما جاء بالأعمال التحضيرية للقانون المدني - هو أكثر أسباب الشيوع انتشـارًا، ومن أجل ذلك أحالت المادة (904) من القانون المدني في شأن قسمة التركة إلى الأحكام المقررة للقسمة في هذا القانون.
وحيث كان ما تقدم، وكان الامتناع عن تسليم النصيب الشرعي من الميراث، المؤثم بمقتضى النص المحال جاء في عبارة عامة مطلقة تشمل جميع صور الامتناع، سواء وقع على الحصة الشائعة أو النصيب المفرز، ذلك أن كليهما يصح أن يكون محلاً للتسليم، بحكم صلاحية كل منهما لأن يحوزه حائز على وجه التخصيص والانفراد، ولا فارق بين الاثنين إلا في أن حائز النصيب المفرز تكون يده بريئة من المخالطة، أما حائز الحصة الشائعة فيده بحكم الشيوع تخالط غيره من المشتاعين، إلا أن ذلك لا يحول دون قابليتها للتسليم والحيازة، فملكية الحصة الشائعة بصريح نص المادة (826) من القانون المدني ملكية تامة، يجمع مالكها في يده جميع عناصر الملكية من استعمال واستغلال وتصرف، وينصب حقه مباشرة على حصته في المال الشائع، وبذلك يُعد الامتناع عن تسليمها أحد صور الامتناع المؤثم بموجب النص المحال، وذلك إلى جانب الصور الأخرى التي يكون محلها الامتناع عـن تسليم النصيب المفرز، سـواء كان ذلك بموجـب قسمة رضائية أو قضائية طبقًــا لأحكام القانون المدني أو غيرها، التي تمثل أحكام المواريث، وتصفية التركة وقسمتها جميعها، أيًّــا كان موضعها، التنظيم القانوني الحاكم لتحديدها، باعتبارها أحد عناصر الركن المادي لتلك الجريمة، المنوط بالمحكمة المختصة تحريه، وتفنيد الأدلة المثبتة له، وتكوّن من خلالها عقيدتها. الأمر الذى يكون معه ما أثاره حكم الإحالة بالنسبة لهذا النص في الحدود المشار إليها، مرده إلى الخطأ في تأويل هذا النص، وفهمه على غير معناه الحقيقي، والتطبيق غير الصحيح لأحكامه، فوق كونه يمثل خوضًــا في بواعث التشريع، وملاءمته، ومناقشة لدوافعه، وتدخلاً في السياسة التشريعية التي ينتهجها المشرع لتنظيم أوضاع بعينها، والتي لا شأن للمحكمة الدستورية العليا بها، كلما كان تنفيذها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من خلال النصوص القانونية، لا يناقض أحكام الدستور، مما لا محل معه لاستنهاض الولاية المقررة للسلطة التشريعية بمقتضى نص المادة (101) من الدستور، لتعديل النص المحال، بإضافة الحكم المشار إليه، ليضحى الدفع بعدم الاختصاص المبدى من هيئة قضايا الدولة، في غير محله، وغير قائم على أساس سليم، متعينًا رفضه، فضلاً عن ما يستتبعه ذلك من نفى مظنة الإغفال عن هذا النص، ومن ثم فإن الخوض فيما يثيره حكم الإحالة بالنسبة له في الحدود المتقدمة، لا يكون منتجًا في الدعوى، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

دستورية إلزام المنشآت بسداد نسبة 1% من صافى أرباحها لصالح صندوق تمويل التدريب والتأهيل

الدعوى رقم 114 لسنة 27 ق "دستورية". جلسة 6 / 11 / 2021

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من نوفمبر سنة 2021م، الموافق الأول من ربيع الآخر سنة 1443 هـ.
أصدرت الحكم الآتي
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 114 لسنة 27 قضائية "دستورية".

المقامة من
نبيل عبد الجليل أحمد، بصفته رئيس مجلس إدارة شركة أميجو سدر للاستثمار والتنمية السياحية
ضــــد
1 - رئيس الجمهوريــــة
2 - وزيــر القوى العاملة، بصفته الرئيس الأعلى لمجلس إدارة صندوق تمويل التدريب والتأهيل
3 - الأمين العام لصندوق تمويل التدريب والتأهيل
4 - رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًا)

--------------

" الإجراءات"

بتاريخ الثامن عشر من مايو سنة 2005، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (134) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003. وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى. كما قدم المدعى عليه الثالث مذكرة، طلب فيها الحكم برفض الدعوى. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

--------------
" المحكمــة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن الشركة المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 9352 لسنة 2004 مدنى كلى حكومة، أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، ضد المدعى عليه الثاني، طالبة الحكم بإعفائها من سداد نسبة 1% من صافى أرباحها السنوية، المفروضة بمقتضى نص الفقرة الأولى من المادة (134) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، لصالح صندوق تمويل التدريب والتأهيل، المنشأ بموجب أحكام هذا القانون. وإبان نظر الدعوى، دفع محامى الشركة بجلسة 7/ 4/ 2005، بعدم دستورية ذلك النص، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، أجلت نظر الدعوى لجلسة 19/ 5/ 2005، وصرحت للشركة المدعية بإقامة الدعوى الدستورية، فأقامت الدعوى المعروضة، ناعية على النص المطعون فيه مخالفة نصوص المواد (4 و8 و32 و34 و40) من دستور سنة 1971.
وحيث إن قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، أفرد الكتاب الثالث منه للتوجيه والتدريب المهني، وخصص الباب الأول منه لتنظيم هذا التدريب، ناصًّـا في المادة (132) منه على أن " يشكل المجلس الأعلى لتنمية الموارد البشرية، ويصدر بتحديد اختصاصه ونظام العمل به، قرار من رئيس الجمهورية، ويتولى رسم السياسة القومية لتخطيط التنمية البشرية، ووضع برنامج قومي لتنميتها، واستخدامها الاستخدام الأمثل بالتنسيق مع الوزارات والجهات المختصة ".
ونص في المادة (133) منه على أن " ينشأ صندوق لتمويل التدريب والتأهيل تكون له الشخصية الاعتبارية العامة، ويتبع الوزير المختص، وذلك لتمويل إنشاء وتطوير وتحديث مراكز وبرامج التدريب التي تستهدف المواءمة بين احتياجات سوق العمل المحلى والخاص ......". ونصــت الفقرة الأولى من المادة (134) منه ( النص المطعون فيه) على أن " تتكون موارد الصندوق المشار إليه في المادة السابقة من:1- 1% من صافى أرباح المنشآت الخاضعة لأحكام هذا القانون، والتي يزيد عدد العاملين بها على عشرة عمال ...... ".
وحيث إن الشركة المدعية قدمت لمناعيها على النص المطعون فيه أنها تأسست طبقًا لأحكام قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 230 لسنة 1989، الذى حل محله قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997، ويسرى عليها قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003. وإذ ألزمها النص المطعون فيه بأداء نسبة 1% من صافى أرباحها للصندوق المشار إليه، لاستخدامها أكثر من عشرة عمال، فإنه يكون قد أنشأ ازدواجًا في الأعباء المالية التي تتحمل بها، لأنها ملتزمة أيضًا بسداد نسبة 10% من صافى أرباحها السنوية للعاملين لديها، إعمالاً لنص المادة (41) من قانون الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981.
ومن جانب آخر، فإن نسبة الـــ 1% الواردة في النص المطعون عليه لا تلتزم بها المنشآت التي تستخدم أقل من عشرة عمال، وذلك دون مسوغ، مما يتعارض ومبدأ عدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة؛ ويخل بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة، خاصة أن الشركات الملتزمة بهذه النسبة ستقوم بتحميلها على سعر منتجاتها، الأمر الذى يؤثر سلبًا على فرص منافستها لنظيرتها التي تنتجها الشركات غير الملتزمة بأداء هذه النسبة. كما ينتقص ذلك النص من صافى أرباح الشركة الملتزمة بأداء هذه النسبة، بما ينال من الحماية المقررة للملكية الخاصة، على نحو يعوق استمرارها في أداء دورها في خدمة الاقتصاد القومي. فضلاً عن أن النص المطعون فيه يتعارض مع ما كفلته المادة (6) من قانون الاستثمار الصادر بالقانون رقم 230 لسنة 1989 للمشروعات الخاضعة لأحكامه من التمتع بالمزايا والضمانات التي تضمنها، مع جواز إضافة مزايا أخرى، وحظرت المادة (9) من ذلك القانون فرض أية أعباء أو قيود أو التزامات مالية على المشروعات الخاضعة لأحكامه تخل بينها وبين غيرها من المشروعات التي تنشأ خارج نطاقه، وبذلك يكون النص المطعون فيه مخالفًا لأحكام المواد (4 و8 و32 و34 و40) من دستور سنة 1971 - التي تقابل أحكام المواد (4 و8 و9 و27 و33 و35 و53) من الدستور القائم الصادر سنة 2014.
وحيث إنه عن النعي بمخالفة النص المطعون فيه لنص المادة (41) من القانون رقم 159 لسنة 1981، ولنصى المادتين (6) و(9) من القانون رقم 230 لسنة 1989، السالفي الذكر، فإن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط اختصاصها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح أن يكون أساس الطعن هو مخالفة التشريع لنص دستوري، ولا شأن لها بالتعارض بين نصين تشريعيين جمعهما قانون واحد أو تفرقا بين قانونين مختلفين، ما لم يكن هذا التعارض منطويًا - بذاته - على مخالفة دستورية. ومن ثم، فإن النعي الذى أثارته الشركة المدعية في هذا الخصوص - أيًّا كان وجه الرأي في قيام هذا التعارض - لا يعدو أن يكون نعيًا بمخالفة قانون لقانون آخر، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة، فيتعين الالتفات عنه.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، وهو كذلك يقيد تدخلها في هذه الخصومة فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التي يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي. فمن ثم، يتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع عنصرين، أولهما: أن يقيم المدعى الدليل على أن ضررًا واقعيًا - اقتصاديًا أو غيره - قد لحق به، ويتعين دومًا أن يكون الضرر المدعى به مباشرًا، منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكنًا تصوره، ومواجهته بالترضية القضائية لتسوية آثاره؛ ثانيهما: أن يكون هذا الضرر عائدًا إلى النص المطعون فيه، وليس ضررًا متوهمًا أو منتحلاً أو مجهلاً. فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصــل في الدعـــوى الدستوريـــة عما كان عليه قبلها.
لما كان ما تقدم، وكانت الشركة المدعية تبتغى من دعواها الموضوعية إبراء ذمتها من أداء الفريضة المالية المقررة بمقتضى نص البند (1) من الفقرة الأولى من المادة (134) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، من إلزام المنشآت الخاضعة لأحكامه، ويزيد عدد العاملين بها على عشرة عمال، بسداد نسبة 1% من صافى أرباحها لصالح صندوق تمويل التدريب والتأهيل المنشأ بموجب نص المادة (133) من ذلك القانون، فإن مصلحة الشركة المدعية تكون متحققة في الفصل في دستورية هذا النص.
وحيث إن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الرقابة الدستورية على القوانين من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة تستهدف أصلاً صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، باعتبار أن نصوص هذا الدستور تمثل القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات باعتبارها أسمى القواعد الآمرة.
متى كان ذلك، وكانت المناعي التي وجهتها الشركة المدعية للنص المطعون فيه تندرج تحت المطاعن الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي. ومن ثم فإن المحكمة تباشر رقابتها القضائية على دستورية النص المطعون فيه - الذى ما زال ساريًا ومعمولاً بأحكامه - من خلال أحكام الدستور القائم الصادر سنة 2014.
وحيث إن الدستور القائم، في إطار تحديده للمقومات الاجتماعية والاقتصادية للدولة، قد استشعر أهمية استمرار تدريب العاملين لضمان توافق أدائهم مع التطورات المستحدثة في مختلف المجالات، فألقى على عاتق الدولة، في المادة (20) منه، التزامًا بتشجيع التعليم الفني والتقني والتدريب المهني وتطويره، والتوسع في أنواعه كافة، وفقًا لمعايير الجودة العالمية، بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل. ومن ثم، فقد صار تنظيم التدريب المهني للعاملين وتطويره مرتكزًا جوهريًا، وضرورة لازمة، تعكس أحد أهداف النظام الاقتصادي الذى يرنو، على ما نصت عليه المادة (27) من الدستور، إلى تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل زيادة معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي، ورفع مستوى المعيشةِ، وزيادة فرص العمل، وتقليل معدلات البطالة، والقضاء على الفقر.
وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الدستور وإن قرن العدل بكثير من النصوص التي تضمنها، وخلا في الوقت ذاته من كل تحديد لمعناه، فإن مفهوم العدل - سواء بمبناه أو أبعاده - يتعين أن يكون محددًا من منظور اجتماعي، باعتبـار أن العدل يتغيا التعبير عن تلك القيم الاجتماعية التي لا تنفصل الجماعة في حركتها عنها، والتي تبلور مقاييسها في شأن ما يعتبر حقًا لديها، فلا يكون العدل مفهومًا مطلقًـــا باطراد، بل مرنًا ومتغيرًا وفقًا لمعايير الضمير الاجتماعي ومستوياتها، وهو بذلك لا يعدو أن يكون نهجًـــا متواصلاً منبسطًا على أشكال من الحياة تتعدد ألوانها، وازنًا بالقسط تلك الأعباء التي يفرضها المشرع على المواطنين، فلا تكون وطأتها على بعضهم عدوانًا، بل تطبيقها فيما بينهم إنصافًا، وإلا كان القانون منهيًا للتوافق في مجال تنفيذه، وغدا إلغاؤه لازمًا .
وحيث إن الدستور الحالي قد حرص في المادة (4) منه على النص على مبدأ تكافؤ الفرص، باعتباره إلى جانب مبدأ العدل أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، ومن أجل ذلك جعل الدستور بمقتضى نص المادة (9) منه تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، دون تمييز، التزامًا دستوريًا على عاتق الدولة، لا تستطيع منه فكاكا. وقوام هذا المبدأ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الفرص التي كفلها الدستور للمواطنين فيما بينهم تفترض تكافؤها، وتدخل الدولة إيجابيًا لضمان عدالة توزيعها بين من يتزاحمون عليها، وضرورة ترتيبهم بالتالي فيما بينهم على ضوء قواعد يمليها التبصر والاعتدال، وهو ما يعنى أن موضوعية شروط النفاذ إليها، مناطها تلك العلاقة المنطقية التي تربطها بأهدافها، فلا تنفصل عنها.
وحيث إن الإخلال بالمساواة أمام القانون، الذى كفله الدستور في المادتين (4 و53) منه - على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - يتحقق بأي عمل يهدر الحماية القانونية المتكافئة تتخذه الدولة سواء من خلال سلطتها التشريعية أو عن طريق سلطتها التنفيذية، بما مؤداه أن أيًّا من هاتين السلطتين لا يجوز لها أن تفرض تغايرًا في المعاملة ما لم يكن مبررًا بفروق منطقية يمكن ربطها عقلاً بالأغراض التي يتوخاها العمل التشريعي الصادر عنها؛ وليس بصحيح أن كل تقسيم تشريعي يعتبر تصنيفًا منافيًا لمبدأ المساواة، بل يتعين دومًا أن ينظر إلى النصوص القانونية باعتبارها وسائل حددها المشرع لتحقيق أغراض يبتغيها، فلا يستقيم إعمال مبدأ المساواة أمام القانون إلا على ضوء مشروعيتهــا، واتصال هذه الوسائل منطقيًا بها، ولا يتصور بالتالي أن يكون تقييم التقسيم التشريعي منفصلاً عن الأغراض التي يتغياها المشرع، بل يرتبط جواز هذا التقسيم بالقيود التي يفرضها الدستور على هذه الأغراض، وبوجود حد أدنى من التوافق بينها وبين طرائق تحقيقها، ويستحيل بالتالي أن يكون التقدير الموضوعي لمعقولية التقسيم التشريعي منفصلاً كليًّا عن الأغراض النهائية للتشريع.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقام على أن الملكية الخاصة، في إطار النظم الوضعية التي تزاوج بين الفردية وتدخل الدولة، لم تعد حقًّا مطلقًـا، ولا هي عصية على التنظيم التشريعي، وليس لها من الحماية ما يجاوز الانتفاع المشروع بعناصرها. ومن ثم، ساغ تحميلها بالقيود التي تتطلبها وظيفتها الاجتماعية، وهى وظيفة لا يتحدد نطاقها من فراغ، ولا تفرض نفسها تحكمًا، بل تمليها طبيعة الأموال محـل الملكية، والأغراض التي ينبغي رصدها عليها، محددة على ضوء واقع اجتماعي معين، في بيئة بذاتها، لها مقوماتها وتوجهاتها.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكان المشرع، من خلال النص المطعون فيه، قد هدف إلى تنظيم وتطوير التدريب المهني للعاملين وفقًا لمعايير الجودة العالمية، وبما يتناسب مع احتياجات سوق العمل، باعتبار ذلك هو أحد الالتزامات الجوهرية التي ألقاها الدستور، في نص المادة (20) منه، على عاتق الدولة، ضمانًا للوصول إلى ما يستهدفه النظام الاقتصادي من تحقيق الرخاء في البلاد، من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، على ما نصت عليه المادة (27) منه، وبما يضمن الحياة الكريمة للمواطنين؛ وكان ذلك هو محور اهتمام الدستور ومبتغاه، بعد تحديده للهدف من بلوغه، وتخويله المشرع التدخل بتنظيمه بما يحقق العدالة الاجتماعية والخير العام للمواطنين. وكان النص المطعون فيه قد سمح بتدبير مورد مالي لصندوق تمويل التدريب والتأهيل الذى أنشأه، ليضطلع هذا الصندوق بالمهام الموكولة إليه في مجالات إنشاء وتطوير وتحديث مراكز وبرامج التدريب بما يسمح لها بتوفير احتياجات سوق العمل المحلى والخاص في الجهات الخاضعة لقانون العمل، من العمالة الماهرة المدربة، ملبيًّا في ذلك للالتزام الذى عهد به الدستور في المادة (20) منه إلى الدولة في هذا المجال، كما سعى من وراء ذلك إلى تشجيع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، تنفيذًا للتكليف الذى فرضه الدستور على الدولة بمقتضى نص المادة (28) منه، ليضحى التنظيم الذى تضمنه النص المطعون فيه - بإدراجه ضمن موارد هذا الصندوق نسبة 1% من صافى أرباح المنشآت التي يزيد عدد العاملين بها على عشرة عمـال، الخاضعة لأحكام قانون العمل المشار إليه، مقدرًا في ذلك القدرة التكليفية لهذه المنشآت، ومستبعدًا من هذا الإلزام المنشآت التي لا تحقق أرباحًا، وتلك التي يقل عدد العاملين بها عن عشرة عمال - هو الوسيلة المنضبطة التي اختارها المشرع، للوصول إلى الغايات والأهداف التي حددها القانون، ورصدها الدستور في النصوص المشار إليها، والكافلة لتحقيقها، بما لا يكون متضمنًا معه تمييزًا تحكميًا في مجال تحديد المشروعات التي تتحمل بهذه الفريضة المالية، بل يستند إلى أسس موضوعية تبرره، ليس فيها مخالفة لمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة، اللذين كفلهما الدستور في المواد (4 و9 و53) منه.
وحيث إن المشرع قد راعى في تقريره للتكليف المالي الذى تضمنه النص المطعون فيه أن يكون بقانون، التزامًــا بالأداة التي حددها الدستور، وتحقيقًـــا لمصلحة جوهرية عناها، وأولاها اهتمامه؛ وقد جاء هذا التكليف في حدود معتدلة، دون شطط في تقديره، ودون مساس بأصول هذه المنشآت وأملاكها، بل إشراكًا لهذه المنشآت في منظومة تنمية عمليات التدريب وتنمية الموارد البشرية على المستوى القومي، على النحو الذى تتحقق معه أهداف النظام الاقتصادي للدولة من تحقيق الرخاء والعدالة الاجتماعية، ورفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي، ورفع مستوى المعيشة، وزيادة فرص العمل، وتقليل معدلات البطالة، والقضاء على الفقر.
متى كان ذلك، وكان تحقيق العدل في مجال علاقات العمل والنشاط الاقتصادي يتطلب مشاركة حقيقية من جانب أصحاب الأعمال والمنشآت للارتقاء بمستوى العاملين لديهم، وحسن تأهيلهم، بما يدفع بعجلة العمل إلى الأمام، وينهض بأحوال العمال في حاضرهم ومستقبلهم، وينعكس أثره بالضرورة على جودة الإنتاج والخدمات التي تقدمها المنشأة، ويسهم بالتالي في تنمية الاقتصاد الوطني، دون تحميل المنشآت الاقتصادية بأعباء إضافية تثقل كاهلها، أو تؤثر على قدرتها التنافسية، ويحقق في الوقت ذاته التوزيع العادل للأعباء المالية التي تتطلبها المشاركة الفاعلة لهذه المنشآت مع الدولة في الوفاء بمتطلبات التنمية الاقتصادية بمختلف محاورها، وعلى الأخص ما يتصل منها بخطط التدريب والتأهيل وتنمية الموارد البشرية، وذلك كله في إطار المسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص في خدمة الاقتصاد الوطني والمجتمع، التي حرص الدستور على توكيدها في المادة (36) منه، وألزم الدولة بموجبها بالعمل على تحفيز هذا القطاع على أدائها، فوق كونه يمثل أحد مظاهر الوظيفة الاجتماعية التي تضطلع بها الملكية الخاصة في خدمة المجتمع. ومن ثم، فقد جاء مسلك المشرع في النص المطعون فيه متفقًا وأحكام الدستور نصًا وروحًا، وبما لا خروج فيه على قواعد العدالة الاجتماعية، والحماية المقررة لحق الملكية المنصوص عليها في المواد (27 و33 و35 و36) منه.
وحيث إن النص المطعون فيه لا يتعارض مع الدستور من أي وجه آخر.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.