باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حــــــاكم إمـــــــــــارة رأس الخيمـــــــــــــــــة
-------------------------
محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــــة
الدائــــــــرة التجارية
برئاسة السيد القاضي / صلاح عبد العاطي أبو رابح
وعضوية السيدين القاضيين / علي عبدالفتاح جبريل وأحمد مصطفى أبو زيد
وبحضور أمين السر السيد/ سعد طلبه
في الجلســـــة العلنية المنعقـــــدة بمقـــر المحكمـــــة بــــدار القضـــــاء بــإمــارة رأس الخيمـــة
في يوم الأحد 7 من جمادى الأولى سنة 1440 هـ الموافق 13 يناير سنة 2019 م
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعـنين المقيـدين فـي جدول المحكمة بـرقمي47 ، 48لسنة 13 ق2018 – تجاري
المرفوع أولهما من / شركة ..... لمقاولات البناء ذ.م.م بوكالة المحامي / .......
ضـــــــــــــــــد
1. ......
2. ...... مهندسون استشاريون ذ.م.م بوكالة المحامي / ......
وثانيهما من /
1. ......
2. .... مهندسون استشاريون ذ.م.م بوكالة المحامي / .......
ضـــــــــــــــــد
شركة .... لمقاولات البناء ذ.م.م بوكالة المحامي / .....
الـــوقـــائــــــــع
في يوم 26 /11/ 2018 م طُعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف رأس الخيمة الصادر بتاريخ 27/09/ 2018م في الاستئنافين رقمي 26،37/ 2018 وذلك بصحيفتي طعن رقمي 47، 48 طلب فيها الطاعنين بقبول الطعنين شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وطلبت الشركة الطاعنة في الطعن رقم 48/2018 بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه.
في الطعن رقم 47/2018
في يوم 27/5/2018، أعُلن المطعون ضده الأول بصحيفة الطعن.
في يوم 28/5/2018 أودع المطعون ضدهما مذكرة بدفاعهما طلبا فيها رفض الطعن.
في الطعن رقم 48/2018
في يوم 27/11/2018 أُعلنت المطعون ضدها بصحيفة الطعن.
وفي17/12/2018 عُرض الطعنين على المحكمة في غرفة مشورة، فرأت أنهما جديرا بالنظر فنظرتهما على النحو الوارد بمحضـر الجلسة، وأرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.
" المحـــكمــــــــــة "
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضى المقرر/ أحمد مصطفى أبو زيد، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة - في الطعن رقم 47 لسنة 2018 - أقامت على المطعون ضدهما الدعوى رقم 8 لسنة 2017 تجاري محكمة رأس الخيمة الابتدائية بطلب الحكم بندب خبير هندسي على النحو المبين بالصحيفة على سند من أنها قد أبرمت عقد مقاولة مؤرخ 20/1/2015 بينها وبين المطعون ضده الأول تقوم بموجبه بتشييد مبنى وتشطيبه لقاء مبلغ مالي مُتفق عليه يُسدد على دفعات، والمطعون ضده الثاني هو استشاري المشروع المشرف عليه، وإذ قامت الطاعنة بإنجاز ما عليها من أعمال بعد طلب المطعون ضده الثاني استصدار كتاب البلدية بتاريخ 28/8/2016 بإنجاز المبنى وصدر هذا الكتاب بتاريخ 5/10/2016 إلا أن المطعون ضده الأول لم يقم بأداء المبالغ المستحقة عليه كاملة فأقامت الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن أودع تقريره، قامت الطاعنة بتعديل طلباتها إلى طلب إعادة ندب خبير لبحث الاعتراضات، وإلزام المطعون ضدهما بالتضامن بأن يؤديا إليها مبلغاً قدره 1498091،8 درهم والفائدة القانونية بواقع 9 % من تاريخ رفع الدعوى. قدم المطعون ضدهما طلباً عارضاً بطلب الحكم بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي إليهما مبلغاً قدره 974794 درهما والفوائد القانونية بواقع 12 % من تاريخ رفع الدعوى وحتى تمام السداد على سند من وجوب تطبيق كامل غرامة التأخير عن كل يوم وقدرها 5000 درهم تُستحق للمطعون ضده الأول ومبلغ قدره 20000 درهم كل شهر للمطعون ضده الثاني، يضاف إليها ما أصابهما من أضرار جراء عدم تنفيذ الشركة الطاعنة التزامها بالتسليم في الميعاد. حكمت المحكمة أولا: في الدعوى الأصلية: بإلزام المطعون ضده الأول بأن يؤدي إلى الشركة الطاعنة مبلغاً قدره مليون وثلاثمائة ثمانية وثمانون ألفا وسبعة وأربعون درهما وخمسة فلس (1388647،5 درهم) والفوائد القانونية بواقع 9 % من تاريخ رفع الدعوى وحتى تمام السداد. ثانيا: وفي الطلب العارض، بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضده الأول مبلغاً قدره أربعمائة وستون ألف درهم (460000 درهم) والفوائد القانونية بواقع 9 % من تاريخ رفع الدعوى حتى السداد، وأن تؤدي إلى المطعون ضده الثاني مبلغاً قدره ستون ألف درهم (60000 درهم) والفوائد القانونية بواقع 9 % من تاريخ رفع الدعوى حتى تمام السداد.
استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف رأس الخيمة بالاستئناف رقم 26 لسنة 2018، كما استأنفه المطعون ضدهما أمام المحكمة ذاتها بالاستئناف رقم 37 لسنة 2018. ضمت المحكمة الاستئنافين للارتباط ثم أعادت الدعوى إلى الخبير وبعد إيداع تقريره، قضت المحكمة بتاريخ 27/9/2018 بتأييد الحكم المستأنف.
طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 47 لسنة 2018، كما طعن فيه المطعون ضدهما بالطعن رقم 48 لسنة 2018. وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما وفيها أمرت بضم الطعن الثاني إلى الأول ليصدر فيهما حكم واحد.
أولا: الطعن رقم 47 لسنة 2018:
وحيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب، تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيانه تقول إن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي بشأن استحقاق المطعون ضدهما لغرامة التأخير والتعويض الاتفاقي على أساس أن الضرر مفترض، رغم عدم ثبوت الخطأ في جانب الطاعنة وانتفاء تحقق الضرر ودون بحث مدى توافر عناصر المسئولية العقدية، وأخطأ في احتساب تاريخ توقف غرامات التأخير بالمخالفة للثابت بالمستندات التي تفيد أن تاريخ الاستلام الفعلي للمبنى وانتهاء الأعمال بصورة كاملة قد تم في 28/8/2016 وبداية سريان فترة الصيانة بعد ذلك التاريخ، فإنه يكون معيباً مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد؛ ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة (390) من قانون المعاملات المدنية على أنه " 1-يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدار قيمة التعويض بالنص عليها في العقد أو في اتفاق لاحق مع مراعاة أحكام القانون. 2- ويجوز للقاضي في جميع الأحوال بناء على طلب أحد الطرفين أن يعدل في هذا الاتفاق بما يجعل التقدير مساوياً للضرر ويقع باطلاً كل اتفاق يخالف ذلك " يدل على أن النص على الشرط الجزائي في العقد يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين فلا يكلف الدائن بإثباته، بل يقع على المدين إثبات عدم تحققه، كما يفترض فيه أن تقدير التعويض المتفق عليه يتناسب مع الضرر الذي لحق بالدائن بما يوجب على القاضي التقيد بهذا الشرط وإعماله ما لم يثبت المدين أن التقدير المتفق عليه مُبالغ فيه أو أنه لم يلحقه أصلاً أي ضرر، وأن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً مستمداً من عناصر تؤدي إليه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص - في حدود سلطته التقديرية- إلى إخلال الشركة الطاعنة بالتزاماتها التعاقدية الواردة بعقد المقاولة سند الدعوى، ورتب على ذلك قضاءه بإلزامها بأداء قيمة التعويض الاتفاقي وغرامات التأخير الواردة ببنود العقد سند الدعوى والذي اتفق عليه طرفاه دون حاجة لإثبات الضرر الواقع وحجمه من جراء الإخلال بأي التزام عقدي، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قدر قيمة التعويض طبقاً لنصوص العقد وإرادة المتعاقدين وكانت أسبابه في هذا الشأن سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وكافية لحمل قضائه، فلا يجدي الطاعنة التحدي بعدم استحقاق قيمة التعويض لعدم إخلالها بالتزاماتها التعاقدية وأن التأخير في التنفيذ كان بسبب المطعون ضدهما مما كان يتعين معه على الحكم المطعون فيه إعمال سلطته في تخفيض قيمة التعويض دون أن تثبت الطاعنة عناصر المغالاة في قيمة ذلك التعويض أو انتفاء الضرر من جانبها، مما يضحى معه النعي بما سلف على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث والرابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه التناقض ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه إذ طرح دفاعها المؤيد بالمستندات والقائم على وجود تأخير في الدفعات المستحقة لها بلغ 64 يوما لم يحتسبها الخبير مؤسساً قضاءه على أنه لا يجوز للخصم أن يصطنع دليلا لنفسه وذلك بالمخالفة للمادة 247 من قانون المعاملات المدنية رغم أن الجدول المقدم من الشركة الطاعنة هو مجرد بيان لما تلاه من مستندات تُثبت التأخر في صرف الدفعات واستحقاق الطاعنة لاحتساب أيام التأخر في صرفها في حين أنه اعتمد في احتساب تاريخ التسليم على مستند مصطنع من قبل المطعون ضده الثاني بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود؛ ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي تتماحى به أسبابه بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمله عليه فإذا ما اشتملت أسباب الحكم على ما يكفي لحمله ويسوغ وجه قضائه فلا محل للنعي عليه بالتناقض. ولمحكمة الموضوع مطلق الحرية في استنباط القرائن التي تأخذ بها من واقع الدعوى والأوراق المقدمة فيها، ولا رقابة عليها في تقديرها لقرينة من شأنها أن تؤدي إلى الدلالة التي استخلصتها منها، وإذا كانت القرائن التي استند إليها الحكم من شأنها أن تؤدي متساندة فيما بينها إلى النتيجة التي انتهى إليها فلا يجوز مناقشة كل قرينة على حدة للتدليل على عدم كفايتها في ذاتها. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الثابت بتقرير الخبير أن هناك تقرير معاينة من استشاري المشروع بتاريخ 13/11/2016 مبيناً به الأعمال التي لم يتم إتمامها في التبريد والتكييف، كما وأن تاريخ استلام المصاعد في 20/11/2016 ، وتاريخ استلام المفاتيح الخاصة بالأبواب في 24/11/2016، مما لم يكن معه المبنى جاهزاً للتسليم في تاريخ محضر التسليم المبدئي في 28/8/2016، كما ولا يعد عذراً للشركة الطاعنة تأخر المطعون ضده الأول في السداد وفقا للجدول المقدم منها، وذلك أنه وعلى فرض صحة ما جاء به إذ لا يجوز لشركة اصطناع دليل لنفسها بمستند صادر منها ليكون حجة على خصومها، فإن الشركة الطاعنة لم تبد اعتراضاً في حينه باتخاذ إجراء قانوني ما يثبت ذلك مما يعد موافقة ضمنية بهذا التأخير، ولم تثبت الشركة أن تأخر المطعون ضده الأول في سداد الدفعات كان هو السبب في تأخر إتمام المشروع في ميعاده حال كون العقد قد خلا من جزاء على المالك في عدم سداده الدفعات في حينها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي في قضائه في هذا الصدد بمقولة أنه بفحص الاعتراضات المبداة من الشركة الطاعنة تبين عدم صحتها فيما عدا أنه يوجد تأخر قدره 151 يوما بسبب المطعون ضدهما وليس الشركة لتأخر المطعون ضده الأول في سداد الدفعات المستحقة عليه في مواعيدها وتقديم التعديلات المطلوبة منهما واعتماد المخططات ووجود أعمال إضافية ورتب على ذلك قضاءه باحتساب مستحقات كل طرف من طرفي التداعي فيما يتعلق بغرامات التأخير بما يتفق وواقع النزاع ومن ثم فإن الحكم لا يكون معيباً بالتناقض ويضحى النعي بوجهي الطعن على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الخامس والسادس والسابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه على ما انتهى إليه تقرير الخبير رغم عدم احتسابه أيام التوقف عن العمل وعددها 151 يوما والتي تسبب فيها تأخر المطعون ضدهما في إجراء تعديلات على المخططات واعتمادها ووجود أعمال إضافية وأعمال مصاعد، وقيامه بخصم مبلغ 109444 درهماً قيمة الأعمال غير المكتملة دون التحقق من طبيعتها، وطرح المستندات المقدمة من جانب المطعون ضدهما والمؤيدة لدفاع الطاعنة بشأن تاريخ توقف احتساب غرامات التأخير واعتباره من تاريخ جاهزية المبنى لمعاينة الدفاع المدني وليس تاريخ إصدار شهادة الدفاع المدني وقام باحتساب غرامة التأخير حتى تاريخ 30/11/2016 بالمخالفة للمستندات، وأخطأ في اعتماد تاريخ 30/11/2016 تاريخ الانتهاء الفعلي للمشروع، وإذ أيد الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي وأقام قضاءه على تقرير الخبير التكميلي، ورتب على ذلك أن مدة التأخر في تنفيذ الأعمال هي 191 يوما على الرغم مما هو ثابت من أن التاريخ الفعلي لإنهاء الأعمال هو 10/8/2016 وهو تاريخ جاهزية الموقع لمعاينة الدفاع المدني، ولم يعتد بشهادة الإنجاز الصادرة عن بلدية رأس الخيمة وكونها لا تعبر عن الانتهاء الفعلي للمشروع، فضلاً عن عدم احتساب التأخر في صرف الدفعات المستحقة للطاعنة من جانب المطعون ضده الأول على أساس ملحق العقد المبرم بتاريخ 2/6/2016 وتراضي الطرفين على التغاضي عن أي إخلال أو تأخر من أي منهما سابق عليه بما يعد فصلاً من الخبير في مسألة قانونية تخرج عن نطاق اختصاص الخبرة الفنية فإنه يكون معيبا مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول؛ ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير الأدلة والقرائن والأخذ بتقرير الخبير، وتفسير الاتفاقات وسائر المحررات بما تراه أوفى إلى نية عاقديها وأوفى بمقصودهم مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة عليها في ذلك ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب مقبولة سائغة تكفي لحمله، وكانت لم تخرج في تفسير المحررات عن المعنى الذي تحتمله عباراتها، وهي غير ملزمة من بعد بالرد على كل ما يقدمه الخصوم لها من مستندات أو تتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم والرد استقلالاً على كل منها متى كان في قيام الحقيقة التي استخلصتها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لما عداها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي قد خلص بما له من سلطة تقديرية في فهم الواقع في الدعوى إلى ما حاصله أن ما أثارته الشركة الطاعنة في هذا الشأن إنما يتعلق بعقد المقاولة القديم المحرر بين الطرفين بتاريخ 20/1/2015 والذي قد لحقه تعديل بموجب ملحق العقد المؤرخ 2/6/2015 وتم الاتفاق فيه على تعديل تاريخ الانتهاء من المشروع ليصبح 23/5/2016 على أن يبدأ احتساب غرامات التأخير من هذا التاريخ على أن يتحقق الانتهاء الفعلي للمشروع بتوافر أمرين : أولهما استلام المالك من الاستشاري إشهاداً يدل على اكتمال المشروع ، وثانيهما أن يكون المشروع جاهزاً لمعاينة الدفاع المدني والاعتماد، وخلص منه إلى أن طرفي التداعي قد تراضيا بذلك ضمنياً على سريان التزامات كل منهما بشأن تأخره في الوفاء بالتزاماته الواردة بأصل عقد المقاولة بدءًا من تاريخ هذا الملحق والتغاضي عن أي إخلال أو تأخر من أي منهما سابق عليه وهو ما أكده الخبير المعين أمام محكمة الاستئناف في تقريره التكميلي بأنه بفحص الاعتراضات المبداة من الشركة الطاعنة تبين عدم صحتها فيما عدا أنه يوجد تأخر قدره 151 يوما بسبب المطعون ضدهما وليس الشركة لتأخر المطعون ضده الأول في سداد الدفعات المستحقة عليه في مواعيدها وتقديم التعديلات المطلوبة منهما واعتماد المخططات ووجود أعمال إضافية وأن العرف الهندسي قد جرى على انتهاء ذلك بمجرد تحرير ملحق العقد بتاريخ 2/6/2016 وتراضي الطرفين عليه، ولما كان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصله الثابت في أوراق الدعوى وكافياً لحمل قضائه ومن ثم لا يعدو النعي في جملته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثامن من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلب الطاعنة بندب لجنة ثلاثية من الخبراء المختصين لبحث الاعتراضات المسندة إلى كل من تقرير الخبير الأصلي والتكميلي رغم كونه طلباً جوهرياً فإنه يكون معيباً مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول؛ ذلك أنه من المقرر -في قضاء هذه المحكمة - أن تعيين خبير في الدعوى من الرخص المخولة لمحكمة الموضوع فلها وحدها تقدير لزوم أو عدم لزوم هذا الإجراء بلا معقب عليها في ذلك متى كان رفضها لطلب ندب خبير أو إعادة ندبه قائماً على أسباب مبررة له، ووجدت في أوراق الدعوى وعناصرها ما يكفي لتكوين عقيدتها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في هذا الشأن إلى أن رفض طلب الطاعنة بإعادة الأوراق إلى مكتب الخبراء مرة أخرى لبحث الاعتراضات المبداة منها على التقرير التكميلي المقدم من الخبير المنتدب أمام محكمة الاستئناف بعد استجابة المحكمة لها سابقاً في هذا الطلب وقيامها بندب خبير قام بفحص الاعتراضات المبداة منها على تقرير الخبير المنتدب أمام محكمة أول درجة وانتهى إلى عدم جدوى تلك الاعتراضات، فإن النعي عليه بهذا الوجه من الطعن لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ثانيا: الطعن رقم 48 لسنة 2018:
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعنان بالسبب الأول منهما الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إذ طرح ما تمسكا به من عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لوجود شرط التحكيم بالبند السابع عشر من العقد موضوع الدعوى إيراداً أو رداً فإنه يكون معيباً مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله؛ ذلك أنه من المقرر قانوناً وفقا للفقرة الخامسة من المادة 203 من قانون الإجراءات المدنية -المعدلة بالقانون رقم 30 لسنة 2005 -أنه " 1- ... ، 2- ... ، 3- ... ، 4- ... ، 5- وإذا اتفق الخصوم على التحكيم في نزاع ما فلا يجوز رفع الدعوى به أمام القضاء ومع ذلك إذا لجأ أحد الطرفين إلى رفع الدعوى دون اعتداد بشرط التحكيم ولم يعترض الطرف الآخر في الجلسة الأولى وجب نظر الدعوى واعتبر شرط التحكيم لاغياً " . بما مفاده أن التحكيم باعتباره طريقاً استثنائياً لفض المنازعات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية لا يتعلق شرطه بالنظام العام، ومن ثم فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بإعماله من تلقاء نفسها وإنما يتعين التمسك به أمامها، ويسقط الحق فيه فيما لو أثير متأخرًا عن الجلسة الأولى، إذ يعتبر السكوت عن إبدائه في تلك الجلسة نزولًا ضمنيًّا عن التمسك به، وأنه متى اتفق الخصوم على تسوية منازعاتهم بطريق التحكيم فلا يجوز رفع الدعوى بالحقوق الناشئة عنها أمام القضاء، فإذا ما لجأ أحد الخصوم إلى القضاء دون اعتداد بشرط التحكيم ولم يعترض خصمه في الجلسة الأولى للمرافعة تعين على المحكمة نظر الدعوى باعتبار أن شرط التحكيم أضحى كأن لم يكن ذلك أنه يجب على الخصم المتمسك بشـرط التحكيم التمسك به في تلك الجلسة بأن يتخذ موقفاً إيجابياً بإبداء الاعتراض على التجاء خصمه إلى القضاء للمطالبة بما يدعيه من حق رغم الاتفاق على التحكيم، ويقصد بالجلسة الأولى التي عناها النص سالف البيان هي الجلسة الأولى للمرافعة والتي يمثل فيها طرفا التداعي سواء بشخصهما أو بوكيل عنهما لأول مرة أمام المحكمة بحيث تنعقد الخصومة بين طرفيها ويتناضلان بإبداء دفاعهما فيها. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق ومحاضر الجلسات أن وكيل المطعون ضدهما الماثل بالجلسة الأولى للمرافعة وهي جلسة 9/2/2017 لم يتمسك بإعمال شرط التحكيم الوارد بعقد المقاولة سند الدعوى على النحو المقرر قانوناً بالمادة 203 /5 من قانون الإجراءات المدنية بما يعد نزولًا ضمنيًّا عنه وينطوي على التسليم بصحة إجراءات الخصومة والرضا بطرح النزاع أمام القضاء. وإذ أيد الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في موضوع الدعوى فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنان ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفى بيان ذلك يقولان أن الحكم الابتدائي المؤيد الحكم المطعون إذ قضى بالمبلغ المقضي به دون خصم قيمة الغرامات التأخيرية المستحقة لهما وقيمتها سبعمائة وثلاثة وعشرون ألفا وأربعمائة وسبعة عشر درهما وثمانون فلساً، واعتمد على إقرار للطاعنين ورد على سبيل الخطأ بمذكرتهما المقدمة إلى مكتب إدارة الدعوى مفاده سداد الشركة المطعون ضدها لغرامات التأخير حتى نهاية أغسطس 2016، رغم أن تقرير الخبير الذي أقام عليه الحكم قضاءه قد احتسب مدة تأخير قدرها (191) يوماً، وأورد أن المستحق للشركة المطعون ضدها - والتي لم تتمسك بسدادها لغرامة التأخير - لدى الطاعن الأول مبلغ ستمائة وخمسة وستين ألفا ومائتين وخمسة وعشرين درهماً وسبعين فلساً في حالة خصم الغرامة فإنه يكون معيباً مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر -في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير الأدلة والقرائن والأخذ بتقرير الخبير، وتفسير الاتفاقات وسائر المحررات بما تراه أدنى إلى نية عاقديها وأوفى بمقصودهم مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة عليها في ذلك ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب مقبولة سائغة تكفي لحمله، وكانت لم تخرج في تفسير المحررات عن المعنى الذي تحتمله عباراتها، وهي غير ملزمة من بعد بالرد على كل ما يقدمه الخصوم لها من مستندات أو تتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم والرد استقلالاً على كل منها متى كان في قيام الحقيقة التي استخلصتها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لما عداها. ، كما أنها غير ملزمة بإجابة الخصوم الى طلب الإحالة إلى التحقيق متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفى لتكون عقيدتها دون أن تلتزم ببيان سبب الرفض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في هذا الشأن إلى تأييد الحكم الابتدائي ورفض طلب الطاعنين الإحالة للتحقيق لإثبات عدم قبض أي مبالغ كغرامة التأخير من الشركة وعدم خصمها عن الأشهر 6 و7 و8 /2016 وذلك لإقرارهما بقيام الشركة بدفع غرامة التأخير عن تسليم المبنى عن تلك الفترة بالفعل وذلك في مذكرة دفاعهما المقدمة أمام إدارة الدعوى بجلسة 31/1/2017 تدليلاً منهما على إقرارهما بتأخيرها في التسليم في الميعاد المقرر في ملحق العقد المؤرخ 2/6/2015 ومن ثم استقر في وجدان المحكمة بهذا الإقرار عدم أحقيتهما في هذا الطلب، ولما كان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصله الثابت في أوراق الدعوى وكافياً لحمل قضائه ومن ثم لا يعدو النعي في جملته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.