جلسة 22 من نوفمبر سنة 2016
(101)
الطعن رقم 50733
لسنة 85 القضائية
(1) إعدام . نيابة عامة
. محكمة النقض " سلطتها " .
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد
عرضها عليها . دون التقيد بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها . أثر ذلك ؟
(2)
إفشاء الأسرار . حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب معيب
" . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
حكم الإدانة . بياناته
؟ المادة 310 إجراءات جنائية .
وجوب ألَّا يكون الحكم مشوباً
بإجمال أو إبهام . متى يكون كذلك ؟
إدانة الحكم المطعون
فيه بعض الطاعنين بجريمة تسليم دولة أجنبية سراً من أسرار الدفاع وإفشائه دون بيان
تفصيل الأفعال التي قارفها كل منهم ودوره في ارتكاب الجريمة وماهية وطبيعة تلك
الأسرار واتفاقهم على مقارفتها قبل وقوعها . قصور يوجب نقضه .
(3) حكم " تسبيبه
. تسبيب معيب " .
استناد حكم الإدانة إلى
مُرفق من تحريات هيئة الأمن القومي دون بيان ماهيته . قصور يوجب نقضه . لا يغير من ذلك تعويله على أدلة
أخرى في الدعوى . علة ذلك ؟
(4) دفوع " الدفع
بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع
. ما يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب
معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
محاكمة الشخص عن فعل واحد مرتين . غير جائزة . علة
وأساس ذلك ؟
القول بوحدة الجريمة أو تعددها . تكييف قانوني
يخضع لرقابة محكمة النقض .
وجوب تحقيق المحكمة أدلة الإدانة والدفوع
الجوهرية . لا يصح أن يكون ذلك رهناً بمشيئة المتهم أو دفاعه .
مثال لتسبيب معيب لاطراح الدفع بعدم جواز نظر
الدعوى لسبق الفصل فيها .
(5) أمر بألَّا وجه . دفوع
" الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر بألَّا وجه فيها " . دفاع
" الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " .
الأمر الصادر من سلطة التحقيق بعدم وجود وجه
لإقامة الدعوى الجنائية . له حجية الأحكام . إقامة الدعوى عن ذات الواقعة الصادر
فيها الأمر . غير جائزة . علة وحد ذلك ؟
الأصل أن الأمر بألَّا وجه لإقامة الدعوى
الجنائية صريحاً ومدوناً بالكتابة . استنتاجه من تصرف أو إجراء آخر . شرطه ؟
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر ضمني
من النيابة العامة بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية . جوهري . قضاء الحكم المطعون فيه بالإدانة
دون التعرض له . قصور يوجب نقضه .
(6) نقض " أثر الطعن
" .
تعلق
أحد أوجه نقض الحكم بجميع الطاعنين وما دينوا به من جرائم . أثره : نقض الحكم
والإعادة لهم جميعاً دون المحكوم عليهم غيابياً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت النيابة
العامة عرضت القضية على هذه المحكمة ، والمحكوم فيها حضوريًا على الطاعنين الأول
والثاني والثالث - أخذًا بالترتيب الوارد بالحكم المطعون فيه – بعقوبة الإعدام
مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم ، مما تتصل معه محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها
لتستبين – من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها –
ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية
.
2-
لما كان الحكم المطعون فيه قد حصّل واقعة الدعوى بما مؤداه قيام المتهمين - في
الفترة .... - من الأول وحتى الثلاثين بالتخابر مع التنظيم الدولي للإخوان
المسلمين وحركة المقاومة الإسلامية " .... " واشتراك المتهمين الأربعة التالين لهم في هذه
الجريمة وذلك بغية إشاعة الفوضى والعنف ونشر الشائعات بما يؤدي إلى إسقاط نظام
الحكم واعتلائهم محله ولتحقيق ذلك المسعى تولى المتهمون من الأول وحتى الثامن ومن
الحادي والثلاثين حتى الرابع والثلاثين قيادة جماعة أُسست على خلاف القانون الغرض
منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين وعرقلة
عمل مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة والعصف بحريات المواطنين والمساس بالحقوق العامة
والوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي مبتغية من وراء ذلك المسلك الآثم قفزًا على
السلطة بالقوة على حساب دماء بريئة ذكية وأموال عامة استهدفوها حيث اتخذوا من
الإرهاب مطية لهم وسبيلًا لتحقيق مبتغاهم مستعينين في ذلك بأسلحة وأموال أمدهم بها
المتهمون الأول والثاني والعاشر والرابع والثلاثين وهم على بينه من ذلك المسعى
ومبتغين تحقيقه منضمًا إليهم في جمعهم هذا المتهمون من التاسع وحتى الثالث
عشر ومن الخامس عشر حتى الثلاثين وكذا الأخيرين وهم أيضًا على بينة من أمر هذه
الجماعة ومسعاها وفي سبيل ذلك انتهجوا تنسيقًا وتحالفًا مع جهتي التخابر وغيرها من
المنظمات والأحزاب التي التقت معها في هذا المسعى كحزب الله والحرس الثوري .... انطوى
على دعم مادي وعسكري وتأهيل إعلامي وتبادل للمعلومات وتلقٍ للتوجيهات والتحاق
للمتهمين الخامس عشر والحادي والعشرين والثاني والعشرين ومن الخامس والعشرين حتى
الثلاثين بمنظمة إرهابية خارج البلاد بغية تأهيلهم عسكريًا ثم تسللهم بطريقة غير
شرعية إلى داخل البلاد بعد أن أتموا مبتغاهم وكان من نتاج كل هذا السبيل إشاعة
الفوضى والعنف والإرهاب داخل البلاد وإتيان عديد من الأعمال الماسة باستقلال
البلاد وسلامتها من قبل المتهمين عدا الأخيرين منهم بما أدى إلى إراقة الدماء
البريئة الذكية والاعتداء على ممتلكات ومؤسسات عدة للدولة أفلح معه مسعاهم الآثم
وامتطوا الحكم على أنقاض وطن ودماء أبنائه ولم ينسوا وقد بلغوا المأمول من أعانهم
على بلوغه فقام المتهمون الثالث – بصفته رئيسًا للجمهورية حينها والعاشر والحادي
عشر والواحد والثلاثين والأخيرين – حال كونهم من موظفي الرئاسة حينها – بتسليم
الحرس الثوري .... سرًا من أسرار الدفاع عن البلاد يتعلق بأنشطة غير مشروعة رصدتها
أجهزة الأمن القومي بشأن عناصر موالية لـــ .... تبتغى المساس بأمن واستقرار
البلاد كما أفشوا مضمون خمس تقارير سرية
أعدتها الأجهزة – آنفة الذكر – للعرض على المتهم الثالث ، وساق الحكم
برهانًا على ثبوت تلك الجرائـم بحق الطاعنين أدلة اسـتقاها من أقوال شهود
الإثبات وما ثبت من تحريات الأمن الوطني وأقوال مجريها وتحريات الأمن القومي وما
أرفق بهما وما ثبت من الاطلاع على بعض القضايا والأحكام والوثائق ورسائل هاتفيه
وما قرر به المتهم الرابع بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت من الاطلاع على شهادة
اللواء .... في القضية رقم .... لسنة .... جنايات ..... وحيث إن الشارع يوجب في
المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل
كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان
الجريمة والظروف التي وقعت فيها ، والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت
وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة ، حتى
يتضح وجه استدلالها بها ، وسلامة مأخذها ، وإلَّا كان الحكم قاصرًا ، وكان من
المقرر أنه ينبغي ألَّا يكون الحكم مشوبًا بإجمال أو إبهام مما يتعذر معه تبين مدى
صحة الحكم من فساده في التطبيق القانوني على واقعة الدعوى وهو يكون كذلك كلما جاءت
أسبابه مجملة أو غامضة فيما أثبتته أو نفته من وقائع ، سواء كانت متعلقة ببيان
توافر أركان الجريمة ، وأدلة الثبوت فيها ومؤداها أو كانت بصدد الرد على أوجه
الدفاع الجوهرية أو كانت متصلة بعناصر الإدانة على وجه العموم ، أو كانت أسبابها
يشوبها الاضطراب الذي ينبئ عن اختلال فكرته من
حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة ، مما لا يمكن معه استخلاص
مقوماته ، سواء ما يتعلق منها بموضوع الدعوى ، أو بالتطبيق القانوني ويعجز بالتالي
محكمة النقض عن أعمال رقابتها على الوجه الصحيح . لما كان ذلك ، وكان الحكم
المطعون فيه حين دان الطاعنين الثالث والخامس والعاشر والحادي عشر والأخيرين من
بين ما دانهم به بجريمة تسليم دولة أجنبيه سرًا من أسرار الدفاع وإفشاء هذه
الأسرار لم يبين بوضوح سواء في معرض إيراده واقعة الدعوى أو سرده لأدلة الثبوت
فيها تفصيل الأفعال التي قارفها كل من هؤلاء الطاعنين ودور كل منهم في ارتكاب هذه
الجريمة وماهية وطبيعة الأسرار محل جريمتهم تلك على نحو تتيقن معه هذه المحكمة من
توافر صفة السرية لها تجلية للحقيقة وهداية للصواب حتى لا يكون الجزاء الجنائي في
هذا الشأن متصلا ً بأفعال لا يسوغ تجريمها كما خلا مما يدل على اتفاقهم معًا على
مقارفتها قبل وقوعها مما مقتضاه ألَّا يسأل كل منهم إلَّا عن الأفعال التي ارتكبها
والتي أكتفي الحكم في شأنها بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة تلك
الواقعة ومدى نسبتها إليهم ، ومن ثم فإنه وقد ساءل كل منهم عنها يكون قاصر البيان
معيبًا واجبًا نقضه بالنسبة لهؤلاء الطاعنين .
3- لما كان الحكم
المطعون فيه قد عوّل – من بين ما عوّل عليه – في إدانة الطاعنين على المُرفق رقم
.... من مرفقات الكتاب الأول من تحريات هيئة الأمن القومي دون بيان لماهية هذا المُرفق
الذي استند إليه في ثبوت الوقائع ونسبتها للطاعنين حتى يتضح وجه الاستدلال وسلامة
المأخذ مما يرميه بعوار القصور في البيان الموجب لنقضه بالنسبة لجميع الطاعنين ولا
يعصمه من ذلك أن يكون في إدانته للطاعنين قد عوّل على أدلة أخرى في الدعوى ، ذلك
أن الأدلة في القضاء الجنائي ضمائم متساندة يشد
بعضها بعضا فإذا ما استبعد أحدها تعذر بيان ما كان له من أثر في تكوين
عقيدة المحكمة .
4- لما كان البادي من محاضر جلسات المحاكمة والحكم المطعون فيه أن
الطاعنين الثالث والرابع دفعا بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الدعويين
رقمي .... لسنة .... جنايات .... ، .... لسنة .... جنايات .... وقضت المحكمة برفض
الدفع بقولها : " أن أيًا من المتهمين لم يقدم للمحكمة ما يساند دفعه وخلت
الأوراق من صور للحكمين حتى تقف المحكمة على حقيقة الدفع ومرماه ، ومن ثم يكون
الدفع قائمًا على غير سند جدي من الواقع والقانون جديرًا بالرفض . " وكان من
المقرر أنه لا تجوز محاكمة الشخص عن فعل واحد مرتين ذلك أن الازدواج في المسئولية
الجنائية عن الفعل الواحد أمر يخرق القانون وتتأذى به العدالة وكانت المادة 454 من
قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه : " تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة
للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة
أو بالإدانة وإذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية ، فلا يجوز إعادة نظرها إلَّا
بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون " ، ومن ثم كان محظورًا
محاكمة الشخص عن الفعل ذاته مرتين وعلى ذلك يكون القول بوحدة الجريمة أو تعددها هو
من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض وكانت محكمة الموضوع قد اكتفت
في رفض الدفع المثار من الطاعنين آنفي الذكر بالعبارة المار ذكرها وهى عبارة قاصرة
تمامًا لا يستطاع معها الوقوف على مسوغات ما قضى به الحكم في هذا الشأن ، فضلًا عن
مخالفتها لما هو مقرر من أن تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية وكذا الدفوع
الجوهرية لا يصح أن يكون رهنًا بمشيئة المتهم أو دفاعه بل هو واجب المحكمة في
المقام الأول ، ومن ثم يكون ما أورده الحكم في هذا الصدد ، معيبًا بالقصور فضلًا
على الإخلال بحق الدفاع ، مما يعيبه ويستوجب نقضه بالنسبة لهذين الطاعنين .
5- لما كان البيّن من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة والحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعنين الأول والثالث والرابع عشر قد أبدى دفعًا بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر ضمني من النيابة العامة بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في الدعاوى أرقام .... ، وكان من المقرر أن الأمر الصادر من سلطة التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية له حجيته التي تمنع من العودة إلى الدعوى الجنائية ما دام قائمًا لم يلغَ ، فلا يجوز مع بقائه قائمًا إقامة الدعوى عن ذات الواقعة التي صدر فيها ؛ لأن له في نطاق حجيته المؤقتة ما للأحكام من قوة الأمر المقضي ، والأصل أن الأمر بعدم وجود وجه يجب أن يكون صريحًا ومدونًا بالكتابة ، إلَّا أنه قد يستفاد استنتاجًا من تصرف أو إجراء آخر إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه حتمًا وبطريق اللزوم العقلي ذلك الأمر . لما كان ما تقدم ، وكان الدفع المبدى من الطاعنين جوهريًا ومن شأنه – إن صح – أن يتغير به وجه الرأي في قبول الدعوى الجنائية ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالإدانة دون أن يعرض للدفع المبدى إيرادًا له وردًا عليه يكون معيبًا بالقصور المعجز لمحكمة النقض من إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم مما يوجب نقضه بالنسبة لهؤلاء الطاعنين .
6-
لما كانت الأوجه الناقضة للحكم المطعون فيه قد تعلق ثانيها بجميع الطاعنين وكافة
ما دينوا به مما مقتضاه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة لهم جميعًا ،
وكافة ما دينوا به من جرائم مما يغنى عن خوض هذه المحكمة – محكمة النقض – في أمر
امتداد أثر النقض أشخاصًا وموضوعًا كما يغنيها كذلك عن التطرق إلى بحث باقي أوجه
الطعن أو عرض النيابة العامة لهذه القضية في شأن الطاعنين الثلاثة المقضي بإعدامهم
. لما كان ذلك ، وكان الحكم قد صدر غيابيًا لغير الطاعنين من محكوم عليهم فلا يمتد
إليهم أثر النقض بل يقتصر على الطاعنين وحدهم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعنين وآخرين بأنهم :
أولًا - المتهمون من الأول حتى الثلاثين : تخابروا مع من يعملون
لمصلحة منظمة مقرها خارج البلاد – التنظيم الدولي الإخواني وجناحه العسكري حركة
المقاومة الإسلامية " .... " – للقيام بأعمال إرهابية داخل جمهورية مصر
العربية بأن اتفقوا مع المتهمين من الحادي والثلاثين حتى الرابع والثلاثين على
التعاون معهم في تنفيذ أعمال إرهابية داخل البلاد وضد ممتلكاتها ومؤسساتها
وموظفيها ومواطنها بغرض إشاعة الفوضى وإسقاط الدولة المصرية وصولًا لاستيلاء جماعة
الإخوان المسلمين على الحكم بأن فتحوا قنوات اتصال مع جهات أجنبية رسمية وغير
رسمية لكسب تأييدهم لذلك ، وتلقوا دورات تدريبية إعلامية لتنفيذ الخطة المتفق
عليها بإطلاق الشائعات والحرب النفسية وتوجيه الرأي العام الداخلي والخارجي لخدمة
مخططاتهم ، وقاموا بالتحالف والتنسيق مع
تنظيمات جهادية بالداخل والخارج وتسللوا بطرق غير مشروعة إلى خارج البلاد – قطاع
.... – لتلقي تدريبات عسكرية داخل معسكرات أعدت لذلك وبأسلحة قاموا بتهريبها عبر الحدود
الشرقية والغربية للبلاد ، وتبادلوا عبر شبكة المعلومات الدولية نقل تلك التكليفات
فيما بينهم وقيادات التنظيم الدولي وكذا البيانات والمعلومات المتعلقة بالمشهد
السياسي والاقتصادي بالبلاد والسخط الشعبي قبل النظام القائم آنذاك وكيفية استغلال
الأوضاع القائمة بلوغًا للتنفيذ مخططهم الإجرامي وقد وقعت الجريمة موضوع التخابر
بدفع مجموعة من عناصر تنظيمات مسلحة داخلية وخارجية تسللت بطرق غير مشروعة عبر
الانفاق الحدودية الشرقية للبلاد وهاجمت المنشآت العسكرية والشرطية والسجون
المصرية لخلق حالة من الفراغ الأمني والفوضى بالبلاد ومكنت المقبوض عليهم من الهرب
وكان من شأن ذلك ترويع المواطنين وإلقاء الرعب بينهم وتعريض حياتهم وأمنهم للخطر
وعلى أثر عزل المتهم الثالث من منصبه وفي ذات إطار المخطط الإجرامي السالف بيانه
دفعت عناصر مسلحة مماثلة للسابقة تستهدف منشآت وأفراد القوات المسلحة والشرطة
لإسقاط الدولة المصرية وخلق ذريعة للتدخل الأجنبي بالبلاد وقد وقعت تلك الجريمة بقصد المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامة
أراضيها على النحو المبين بالتحقيقات . ثانيًا - المتهمون من الحادي
والثلاثين حتى الرابع والثلاثين : اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع
المتهمين من الأول حتى الثلاثين في ارتكاب جريمة " التخابر " موضوع
الاتهام الوارد بالبند أولًا بأن اتفقوا معهم على ارتكابها في الخارج والداخل
وساعدوهم بأن أمدوهم بعناوين بريد إليكترونية لاستخدامها في التراسل بينهم ونقل
وتلقي التكليفات عبر شبكة المعلومات الدولية كما أمدوهم بالدعم المادي اللازم لذلك
فوقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات .
ثالثًا - المتهمون من الأول حتى الرابع والثلاثين أيضًا : ارتكبوا عمدًا أفعالًا
تؤدي إلى المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها بأن ارتكبوا الأفعال المبينة
بالجريمتين موضوع الاتهامين الواردين بالبندين أولًا ـــ ثانيًا مما ينجم عنه
إشاعة الفوضى وإحداث حالة من الفراغ الأمني وتراجع القوات المنوط بها تأمين الحدود
الشرقية للبلاد وتعريض سلامة أراضيها للخطر على النحو المبين بالتحقيقـات .
رابعًا - المتهمون الثالث والعاشر والحادي عشر والحادي والثلاثون
والخامس والثلاثون والسادس والثلاثون :
1- سلموا لدولة أجنبية
ومن يعملون لمصلحتها وأفشوا إليها سرًا من أسرار الدفاع عن البلاد بأن سلموا عناصر
من الحرس الثوري .... العديد من التقارير السرية الواردة من هيئة الأمن القومي بشأن
المعلومات السرية الخاصة بنتائج نشاط عناصر .... تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار
بالبلاد على النحو المبين بالتحقيقات .
2- بصفتهم موظفين
عموميين " رئيس الجمهورية " ومساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية
والتعاون الدولي ومستشار رئيس الجمهورية للتخطيط والمتابعة ومدير مكتب رئيس
الجمهورية ورئيس ديوان رئاسة الجمهورية ونائب رئيس ديوان رئاسة الجمهورية أفشوا
سرًا من أسرار الدفاع عن البلاد بأن أفشوا مضمون التقارير السرية أرقام ....
الصادرة من رئاسة الجمهورية والمعدة للعرض على
رئيس الجمهورية وذلك بإرسالها إلى عناوين البريد الإليكتروني المبينة بالتحقيقات .
خامسًا - المتهمون من الأول حتى الثامن
ومن الحادي والثلاثين حتى الرابع والثلاثين أيضًا : تولوا قيادة
بجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور
والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على
الحرية الشخصية للمواطنين والحقوق العامة والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام
الاجتماعي ، بأن تولوا قيادة بجماعة الإخوان المسلمين التي تهدف لتغيير نظام الحكم
بالقوة والاعتداء على أفراد ومنشآت القوات المسلحة والشرطة واستهداف المنشآت
العامة بهدف الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وآمنه للخطر وكان الإرهاب
من الوسائل التي تستخدمها هذه الجماعة من تنفيذ أغراضها على النحو المبين
بالتحقيقات .
سادسًا - المتهمون الأول والثاني والعاشر والرابع والثلاثون أيضًا : أمدوا جماعة أُسست على
خلاف أحكام القانون بمعونات مادية ومالية بأن أمدوا الجماعة موضوع الاتهام الوارد
بالبند خامسًا بأسلحة وأموال مع علمهم بما تدعو إليه ووسائلها في تحقيق .
سابعًا - المتهمون من التاسع حتى الثالث عشر ومن الخامس عشر حتى الثلاثين
والخامس والثلاثين والسادس والثلاثين أيضًا : انضموا الجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون
بأن انضموا للجماعة موضوع الاتهام الوارد بالبند خامسًا مع علمهم بأغراضها على
النحو المبين بالتحقيقات .
ثامنًا - المتهمون الخامس عشر والحادي والعشرون والثاني والعشرون ومن
الخامس والعشرين حتى الثلاثين :
1- بصفتهم مصريين
التحقوا بمنظمة إرهابية ومقرها خارج البلاد تتخذ من الإرهاب والتدريب العسكري
وسائل لتحقيق أغراضها بأن التحقوا بمعسكرات تدريبية تابعة للتنظيم الدولي الإخواني
والحركات والجماعات التابعة له بقطاع .... وتلقوا تدريبات عسكرية بها.
2- تسللوا إلى داخل
البلاد عبر الحدود الشرقية لها بطريق غير مشروع بأن تسللوا عبر الأنفاق المجهزة
لذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة .... لمعاقبتهم طبقًا
للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعت زوجة المجني عليه الضابط ....
مدنيًا قبل المتهمين بأن يؤدوا لها مبلغ .... على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة قررت إحالة أوراق الدعوى إلى
فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي فيها فيما نسب إلى كل من المتهمين ....
وحددت جلسة .... للنطق بالحكم ثم أجلت النطق بالحكم لجلسة .... وبالجلسة المحددة
قضت تلك المحكمة وبإجماع الآراء عملًا بالمواد 2/1 أولًا - ثانيًا بند (أ) ، 40/ ثانيًا – ثالثًا ، 41/1 ، 77 ، 80 ، 80/ب ، 83 (1) ،
85 (أ) - (ب) ، 86 ، 86 مكرر (د) من قانون العقوبات والمادة 2/2 من قرار
رئيس الجمهورية رقم 298 لسنة 1995 ، مع إعمال
نص المواد 17 ، 30/1 ، 32 من قانون العقوبات ، أولًا : حضوريًا
وبإجماع الآراء بمعاقبة كل من المتهمين/ .... بالإعدام شنقًا . 2) وبمعاقبة كل من المتهمين/ .... بالسجن المؤبد . 3) بمعاقبة كل من
المتهمين/ ..... بالسجن لمدة سبع سنوات . ثانيًا : غيابيًا وبإجماع
الآراء بمعاقبة كل من المتهمين/ ..... بالإعدام شنقًا . ثالثًا : بانقضاء
الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم الثالث والثلاثين بوفاته إلى رحمة الله . رابعًا
: مصادرة المضبوطات . خامسًا : في الدعوى المدنية من .... بعدم قبولها
لرفعها من غير ذي صفة .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض
..... إلخ .
كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة
برأيها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولًا - عرض النيابة
العامة للقضية :
ومن حيث إن النيابة
العامة عرضت القضية على هذه المحكمة ، والمحكوم فيها حضوريًا على الطاعنين الأول
والثاني والثالث - أخذًا بالترتيب الوارد بالحكم المطعون فيه – بعقوبة الإعدام
مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم ، مما تتصل معه محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها لتستبين – من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأي الذي
تبديه النيابة العامة في مذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ،
فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .
ثانيًا : الطعن المقدم
من المحكوم عليهم .
من حيث إن مما ينعاه
الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم عدا الثالث والأخيرين بجريمة التخابر
ودان المُستثنين منهم بالاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة في هذه الجريمة كما
دانهم عدا الأخيرين بجريمة الإتيان بأعمال ماسة باستقلال البلاد وسلامتها ، ودان
الطاعنين الثالث والخامس والعاشر والحادي عشر والأخيرين بجريمة تسليم دولة أجنبيه
سرًا من أسرار الدفاع ودان الطاعنين الثمانية الأُول بجريمة قيادة جماعة أُسست على
خلاف القانون تتغيا الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين متخذه من الإرهاب
مطية لتحقيق غايتها مع علمهم بذلك ، ودان الطاعنين من التاسع وحتى الأخير عدا
الثالث عشر بالانضمام لتلك الجماعة مع علمهم بغرضها ، ودان الطاعنين الأول والرابع
والعاشر بإمداد تلك الجماعة بمعونات مادية ومالية مع علمهم بغرضها ، ودان الطاعنين
من السابع عشر وحتى العشرين بالالتحاق بمنظمة إرهابية خارج البلاد والتسلل إلى
داخل البلاد بطريق غير مشروع قد شابه قصور في التسبيب ، وفساد في الاستدلال ، وخطأ
في تطبيق القانون ، وإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه صيغ في عبارات عامة مجملة ومبهمة
لا يبين منها أركان الجرائم التي دانهم بها وأدلتها ودور كل متهم فيها ، وأعرض
الحكم بما لا يسوغ عما دفع به الطاعنان الثالث والرابع من عدم جواز نظر الدعوى
لسابقة الفصل فيها بالحكمين الصادرين في الدعويين رقمي .... ، كما أصم أذنيه ولم
يعقب على ما دفع به الطاعنون الأول والثالث والرابع عشر من عدم جواز نظر الدعوى
لسبق صدور أمر ضمني بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في الدعاوى التي عددوها
بأسباب طعنهم والواردة أيضًا بالحكم المطعون فيه ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
من حيث إن الحكم
المطعون فيه قد حصّل واقعة الدعوى بما مؤداه قيام المتهمين - في الفترة .... - من
الأول وحتى الثلاثين بالتخابر مع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وحركة المقاومة
الإسلامية " .... " واشتراك المتهمين الأربعة التالين لهم في هذه
الجريمة وذلك بغية إشاعة الفوضى والعنف ونشر الشائعات بما يؤدي إلى إسقاط نظام
الحكم واعتلائهم محله ولتحقيق ذلك المسعى تولى المتهمون من الأول وحتى الثامن ومن
الحادي والثلاثين حتى الرابع والثلاثين قيادة جماعة أُسست على خلاف القانون الغرض
منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين وعرقلة عمل مؤسسات الدولة وسلطاتها
العامة والعصف بحريات المواطنين والمساس بالحقوق العامة والوحدة الوطنية والسلام
الاجتماعي مبتغية من وراء ذلك المسلك الآثم قفزًا على السلطة بالقوة على حساب دماء
بريئة ذكية وأموال عامة استهدفوها حيث اتخذوا من الإرهاب مطية لهم وسبيلًا لتحقيق
مبتغاهم مستعينين في ذلك بأسلحة وأموال أمدهم بها المتهمون الأول والثاني والعاشر
والرابع والثلاثين وهم على بينه من ذلك المسعى ومبتغين تحقيقه منضمًا إليهم في
جمعهم هذا المتهمون من التاسع وحتى الثالث عشر ومن الخامس عشر حتى الثلاثين
وكذا الأخيرين وهم أيضًا على بينه من أمر هذه الجماعة ومسعاها وفي سبيل ذلك
انتهجوا تنسيقًا وتحالفًا مع جهتي التخابر وغيرها من المنظمات والأحزاب التي التقت
معها في هذا المسعى كــــ .... والحرس الثوري .... انطوى على دعم مادى وعسكري
وتأهيل إعلامي وتبادل للمعلومات وتلقٍ للتوجيهات والتحاق للمتهمين الخامس عشر
والحادي والعشرين والثاني والعشرين ومن الخامس والعشرين حتى الثلاثين بمنظمة
إرهابية خارج البلاد بغية تأهيلهم عسكريًا ثم تسللهم بطريقة غير شرعية إلى داخل
البلاد بعد أن أتموا مبتغاهم وكان من نتاج كل هذا السبيل إشاعة الفوضى والعنف
والإرهاب داخل البلاد وإتيان عديد الأعمال الماسة باستقلال البلاد وسلامتها من قبل
المتهمين عدا الأخيرين منهم بما أدى إلى إراقة الدماء البريئة الذكية والاعتداء
على ممتلكات ومؤسسات عدة للدولة أفلح معه مسعاهم الآثم وامتطوا الحكم على أنقاض
وطن ودماء أبنائه ولم ينسوا وقد بلغوا المأمول من أعانهم على بلوغه فقام المتهمون
الثالث – بصفته رئيسًا للجمهورية حينها والعاشر والحادي عشر والواحد والثلاثين
والأخيرين – حال كونهم من موظفي الرئاسة حينها – بتسليم الحرس الثوري .... سرًا من
أسرار الدفاع عن البلاد يتعلق بأنشطة غير مشروعة رصدتها أجهزة الأمن القومي بشأن
عناصر موالية لــــ .... تبتغي المساس بأمن واستقرار البلاد كما أفشوا مضمون خمس
تقارير سرية أعدتها الأجهزة – آنفة الذكر – للعرض على المتهم الثالث ، وساق الحكم
برهانًا على ثبوت تلك الجرائم بحق الطاعنين أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات
وما ثبت من تحريات الأمن الوطني وأقوال مجريها وتحريات الأمن القومي وما أرفق بهما
وما ثبت من الاطلاع على بعض القضايا والأحكام والوثائق ورسائل هاتفيه وما قرر به
المتهم الرابع بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت من الاطلاع على شهادة اللواء ....
في القضية رقم .... لسنة .... جنايات ..... وحيث إن الشارع يوجب في المادة 310 من
قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة
للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها ، والأدلة التي استخلصت
منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت
منها الإدانة ، حتى يتضح وجه استدلالها بها ، وسلامة مأخذها ، وإلَّا كان الحكم
قاصرًا ، وكان من المقرر أنه ينبغي ألَّا يكون الحكم مشوبًا بإجمال أو إبهام مما
يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده في التطبيق القانوني على واقعة الدعوى وهو
يكون كذلك كلما جاءت أسبابه مجملة أو غامضة فيما أثبتته أو نفته من وقائع ، سواء
كانت متعلقة ببيان توافر أركان الجريمة ، وأدلة الثبوت فيها ومؤداها أو كانت بصدد الرد
على أوجه الدفاع الجوهرية أو كانت متصلة بعناصر الإدانة على وجه العموم ، أو كانت
أسبابها يشوبها الاضطراب الذي ينبئ عن اختلال
فكرته من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر
الواقعة ، مما لا يمكن معه استخلاص مقوماته ، سواء ما يتعلق منها بموضوع الدعوى ،
أو بالتطبيق القانوني ويعجز بالتالي محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الوجه
الصحيح . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه حين دان الطاعنين الثالث والخامس
والعاشر والحادي عشر والأخيرين من بين ما دانهم به بجريمة تسليم دولة أجنبيه سرًا
من أسرار الدفاع وإفشاء هذه الأسرار لم يبين بوضوح سواء في معرض إيراده واقعة
الدعوى أو سرده لأدلة الثبوت فيها تفصيل الأفعال التي قارفها كل من هؤلاء الطاعنين
ودور كل منهم في ارتكاب هذه الجريمة وماهية وطبيعة الأسرار محل جريمتهم تلك على
نحو تتيقن معه هذه المحكمة من توافر صفة السرية لها تجلية للحقيقة وهداية للصواب
حتى لا يكون الجزاء الجنائي في هذا الشأن متصلاً بأفعال لا يسوغ تجريمها كما خلا
مما يدل على اتفاقهم معًا على مقارفتها قبل وقوعها مما مقتضاه ألَّا يسأل كل منهم
إلَّا عن الأفعال التي ارتكبها والتي اكتفي الحكم في شأنها بعبارات عامة مجملة
ومجهلة لا يبين منها حقيقة تلك الواقعة ومدى نسبتها إليهم ، ومن ثم فإنه وقد ساءل
كل منهم عنها يكون قاصر البيان معيبًا واجبًا نقضه بالنسبة لهؤلاء الطاعنين . لما
كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عوّل – من بين ما عوّل عليه – في إدانة
الطاعنين على المُرفق رقم .... من مرفقات الكتاب الأول من تحريات هيئة الأمن
القومي دون بيان لماهية هذا المرفق الذي استند إليه في ثبوت الوقائع ونسبتها
للطاعنين حتى يتضح وجه الاستدلال وسلامة المأخذ مما يرميه بعوار القصور في البيان
الموجب لنقضه بالنسبة لجميع الطاعنين ولا يعصمه من ذلك أن يكون في إدانته للطاعنين
قد عوّل على أدلة أخرى في الدعوى ، ذلك أن الأدلة في القضاء الجنائي ضمائم متساندة
يشد بعضها بعضا فإذا ما استبعد أحدها تعذر بيان ما كان له من أثر في تكوين عقيدة
المحكمة . لما كان ذلك ، وكان البادي من محاضر
جلسات المحاكمة والحكم المطعون فيه أن الطاعنين الثالث والرابع دفعا بعدم
جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الدعويين رقمي .... لسنة .... جنايات .... ،
.... لسنة .... جنايات .... وقضت المحكمة برفض الدفع بقولها : " أن أيًا من
المتهمين لم يقدم للمحكمة ما يساند دفعه وخلت الأوراق من صور للحكمين حتى تقف
المحكمة على حقيقة الدفع ومرماه ، ومن ثم يكون الدفع قائمًا على غير سند جدي من
الواقع والقانون جديرًا بالرفض . " ، وكان من المقرر أنه لا تجوز محاكمة
الشخص عن فعل واحد مرتين ذلك أن الازدواج في المسئولية الجنائية عن الفعل الواحد
أمر يخرق القانون وتتأذى به العدالة وكانت المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية
تنص على أنه : " تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه
والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة وإذا صدر
حكم في موضوع الدعوى الجنائية ، فلا يجوز إعادة نظرها إلَّا بالطعن في هذا الحكم
بالطرق المقررة في القانون " ، ومن ثم كان محظورًا محاكمة الشخص عن الفعل
ذاته مرتين وعلى ذلك يكون القول بوحدة الجريمة أو تعددها هو من التكييف القانوني
الذي يخضع لرقابة محكمة النقض وكانت محكمة الموضوع قد اكتفت في رفض الدفع المثار
من الطاعنين آنفي الذكر بالعبارة المار ذكرها وهى عبارة قاصرة تمامًا لا يستطاع
معها الوقوف على مسوغات ما قضى به الحكم في هذا الشأن ، فضلًا عن مخالفتها لما هو
مقرر من أن تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية وكذا الدفوع الجوهرية لا يصح أن
يكون رهنًا بمشيئة المتهم أو دفاعه بل هو واجب المحكمة في المقام الأول ، ومن ثم
يكون ما أورده الحكم في هذا الصدد ، معيبًا بالقصور فضلًا على الإخلال بحق الدفاع ،
مما يعيبه ويستوجب نقضه بالنسبة لهذين الطاعنين . لما كان ذلك ، وكان البيّن من
الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة والحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعنين
الأول والثالث والرابع عشر قد أبدى دفعًا بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر ضمني
من النيابة العامة بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في الدعاوى أرقام .... ،
.... وكان من المقرر أن الأمر الصادر من سلطة التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى
الجنائية له حجيته التي تمنع من العودة إلى الدعوى الجنائية ما دام قائمًا لم يلغَ
، فلا يجوز مع بقائه قائمًا إقامة الدعوى عن ذات الواقعة التي صدر فيها ، لأن له
في نطاق حجيته المؤقتة ما للأحكام من قوة الأمر المقضي، والأصل أن الأمر بعدم وجود
وجه يجب أن يكون صريحًا ومدونًا بالكتابة ، إلَّا أنه قد يستفاد استنتاجًا من تصرف
أو إجراء آخر إذا كان هذا التصرف أو الإجراء
يترتب عليه حتمًا وبطريق اللزوم العقلي ذلك الأمر . لما كان ما تقدم ، وكان الدفع المبدى
من الطاعنين جوهريًا ومن شأنه – إن صح – أن يتغير به وجه الرأي في قبول الدعوى
الجنائية ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالإدانة دون أن يعرض للدفع المبدى
إيرادًا له وردًا عليه يكون معيبًا بالقصور المعجز لمحكمة النقض من إعمال رقابتها
على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم مما يوجب
نقضه بالنسبة لهؤلاء الطاعنين . لما كان ما تقدم ، وكانت الأوجه الناقضة للحكم
المطعون فيه قد تعلق ثانيها بجميع الطاعنين وكافة ما دينوا به مما مقتضاه نقض
الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة لهم جميعًا ، وكافة ما دينوا به من جرائم مما
يغنى عن خوض هذه المحكمة – محكمة النقض – في أمر امتداد أثر النقض أشخاصًا
وموضوعًا كما يغنيها كذلك عن التطرق إلى بحث باقي أوجه الطعن أو عرض النيابة
العامة لهذه القضية في شأن الطاعنين الثلاثة المقضي بإعدامهم . لما كان ذلك ، وكان
الحكم قد صدر غيابيًا لغير الطاعنين من محكوم عليهم فلا يمتد إليهم أثر النقض بل
يقتصر على الطاعنين وحدهم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ