الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 13 يناير 2021

الطعن 50733 لسنة 85 ق جلسة 22 / 11 / 2016 مكتب فني 67 ق 101 ص 812

جلسة 22 من نوفمبر سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / أسامة توفيق عبد الهادي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مجدي عبد الحليم ، يوسف قايد ، إيهاب على خليف ود/ أيمـن أبـو علـم نواب رئيس المحكمة .

---------

(101)

الطعن رقم 50733 لسنة 85 القضائية

(1) إعدام . نيابة عامة . محكمة النقض " سلطتها " .

 اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها . دون التقيد بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها . أثر ذلك ؟

(2) إفشاء الأسرار . حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .

حكم الإدانة . بياناته ؟ المادة 310 إجراءات جنائية .

وجوب ألَّا يكون الحكم مشوباً بإجمال أو إبهام . متى يكون كذلك ؟

إدانة الحكم المطعون فيه بعض الطاعنين بجريمة تسليم دولة أجنبية سراً من أسرار الدفاع وإفشائه دون بيان تفصيل الأفعال التي قارفها كل منهم ودوره في ارتكاب الجريمة وماهية وطبيعة تلك الأسرار واتفاقهم على مقارفتها قبل وقوعها . قصور يوجب نقضه .

(3) حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " .

 استناد حكم الإدانة إلى مُرفق من تحريات هيئة الأمن القومي دون بيان ماهيته . قصور يوجب نقضه . لا يغير من ذلك تعويله على أدلة أخرى في الدعوى . علة ذلك ؟

(4) دفوع " الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .

محاكمة الشخص عن فعل واحد مرتين . غير جائزة . علة وأساس ذلك ؟

القول بوحدة الجريمة أو تعددها . تكييف قانوني يخضع لرقابة محكمة النقض .

وجوب تحقيق المحكمة أدلة الإدانة والدفوع الجوهرية . لا يصح أن يكون ذلك رهناً بمشيئة المتهم أو دفاعه .

مثال لتسبيب معيب لاطراح الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها .

(5) أمر بألَّا وجه . دفوع " الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر بألَّا وجه فيها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " .

الأمر الصادر من سلطة التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية . له حجية الأحكام . إقامة الدعوى عن ذات الواقعة الصادر فيها الأمر . غير جائزة . علة وحد ذلك ؟

الأصل أن الأمر بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية صريحاً ومدوناً بالكتابة . استنتاجه من تصرف أو إجراء آخر . شرطه ؟

الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر ضمني من النيابة العامة بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية . جوهري . قضاء الحكم المطعون فيه بالإدانة دون التعرض له . قصور يوجب نقضه .

(6) نقض " أثر الطعن " .

 تعلق أحد أوجه نقض الحكم بجميع الطاعنين وما دينوا به من جرائم . أثره : نقض الحكم والإعادة لهم جميعاً دون المحكوم عليهم غيابياً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كانت النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة ، والمحكوم فيها حضوريًا على الطاعنين الأول والثاني والثالث - أخذًا بالترتيب الوارد بالحكم المطعون فيه – بعقوبة الإعدام مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم ، مما تتصل معه محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها لتستبين – من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .

2- لما كان الحكم المطعون فيه قد حصّل واقعة الدعوى بما مؤداه قيام المتهمين - في الفترة .... - من الأول وحتى الثلاثين بالتخابر مع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وحركة المقاومة الإسلامية " .... " واشتراك المتهمين الأربعة التالين لهم في هذه الجريمة وذلك بغية إشاعة الفوضى والعنف ونشر الشائعات بما يؤدي إلى إسقاط نظام الحكم واعتلائهم محله ولتحقيق ذلك المسعى تولى المتهمون من الأول وحتى الثامن ومن الحادي والثلاثين حتى الرابع والثلاثين قيادة جماعة أُسست على خلاف القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين وعرقلة عمل مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة والعصف بحريات المواطنين والمساس بالحقوق العامة والوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي مبتغية من وراء ذلك المسلك الآثم قفزًا على السلطة بالقوة على حساب دماء بريئة ذكية وأموال عامة استهدفوها حيث اتخذوا من الإرهاب مطية لهم وسبيلًا لتحقيق مبتغاهم مستعينين في ذلك بأسلحة وأموال أمدهم بها المتهمون الأول والثاني والعاشر والرابع والثلاثين وهم على بينه من ذلك المسعى ومبتغين تحقيقه منضمًا إليهم في جمعهم هذا المتهمون من التاسع وحتى الثالث عشر ومن الخامس عشر حتى الثلاثين وكذا الأخيرين وهم أيضًا على بينة من أمر هذه الجماعة ومسعاها وفي سبيل ذلك انتهجوا تنسيقًا وتحالفًا مع جهتي التخابر وغيرها من المنظمات والأحزاب التي التقت معها في هذا المسعى كحزب الله والحرس الثوري .... انطوى على دعم مادي وعسكري وتأهيل إعلامي وتبادل للمعلومات وتلقٍ للتوجيهات والتحاق للمتهمين الخامس عشر والحادي والعشرين والثاني والعشرين ومن الخامس والعشرين حتى الثلاثين بمنظمة إرهابية خارج البلاد بغية تأهيلهم عسكريًا ثم تسللهم بطريقة غير شرعية إلى داخل البلاد بعد أن أتموا مبتغاهم وكان من نتاج كل هذا السبيل إشاعة الفوضى والعنف والإرهاب داخل البلاد وإتيان عديد من الأعمال الماسة باستقلال البلاد وسلامتها من قبل المتهمين عدا الأخيرين منهم بما أدى إلى إراقة الدماء البريئة الذكية والاعتداء على ممتلكات ومؤسسات عدة للدولة أفلح معه مسعاهم الآثم وامتطوا الحكم على أنقاض وطن ودماء أبنائه ولم ينسوا وقد بلغوا المأمول من أعانهم على بلوغه فقام المتهمون الثالث – بصفته رئيسًا للجمهورية حينها والعاشر والحادي عشر والواحد والثلاثين والأخيرين – حال كونهم من موظفي الرئاسة حينها – بتسليم الحرس الثوري .... سرًا من أسرار الدفاع عن البلاد يتعلق بأنشطة غير مشروعة رصدتها أجهزة الأمن القومي بشأن عناصر موالية لـــ .... تبتغى المساس بأمن واستقرار البلاد كما أفشوا مضمون خمس تقارير سرية أعدتها الأجهزة – آنفة الذكر – للعرض على المتهم الثالث ، وساق الحكم برهانًا على ثبوت تلك الجرائـم بحق الطاعنين أدلة اسـتقاها من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تحريات الأمن الوطني وأقوال مجريها وتحريات الأمن القومي وما أرفق بهما وما ثبت من الاطلاع على بعض القضايا والأحكام والوثائق ورسائل هاتفيه وما قرر به المتهم الرابع بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت من الاطلاع على شهادة اللواء .... في القضية رقم .... لسنة .... جنايات ..... وحيث إن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها ، والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة ، حتى يتضح وجه استدلالها بها ، وسلامة مأخذها ، وإلَّا كان الحكم قاصرًا ، وكان من المقرر أنه ينبغي ألَّا يكون الحكم مشوبًا بإجمال أو إبهام مما يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده في التطبيق القانوني على واقعة الدعوى وهو يكون كذلك كلما جاءت أسبابه مجملة أو غامضة فيما أثبتته أو نفته من وقائع ، سواء كانت متعلقة ببيان توافر أركان الجريمة ، وأدلة الثبوت فيها ومؤداها أو كانت بصدد الرد على أوجه الدفاع الجوهرية أو كانت متصلة بعناصر الإدانة على وجه العموم ، أو كانت أسبابها يشوبها الاضطراب الذي ينبئ عن اختلال فكرته من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة ، مما لا يمكن معه استخلاص مقوماته ، سواء ما يتعلق منها بموضوع الدعوى ، أو بالتطبيق القانوني ويعجز بالتالي محكمة النقض عن أعمال رقابتها على الوجه الصحيح . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه حين دان الطاعنين الثالث والخامس والعاشر والحادي عشر والأخيرين من بين ما دانهم به بجريمة تسليم دولة أجنبيه سرًا من أسرار الدفاع وإفشاء هذه الأسرار لم يبين بوضوح سواء في معرض إيراده واقعة الدعوى أو سرده لأدلة الثبوت فيها تفصيل الأفعال التي قارفها كل من هؤلاء الطاعنين ودور كل منهم في ارتكاب هذه الجريمة وماهية وطبيعة الأسرار محل جريمتهم تلك على نحو تتيقن معه هذه المحكمة من توافر صفة السرية لها تجلية للحقيقة وهداية للصواب حتى لا يكون الجزاء الجنائي في هذا الشأن متصلا ً بأفعال لا يسوغ تجريمها كما خلا مما يدل على اتفاقهم معًا على مقارفتها قبل وقوعها مما مقتضاه ألَّا يسأل كل منهم إلَّا عن الأفعال التي ارتكبها والتي أكتفي الحكم في شأنها بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة تلك الواقعة ومدى نسبتها إليهم ، ومن ثم فإنه وقد ساءل كل منهم عنها يكون قاصر البيان معيبًا واجبًا نقضه بالنسبة لهؤلاء الطاعنين .

3- لما كان الحكم المطعون فيه قد عوّل – من بين ما عوّل عليه – في إدانة الطاعنين على المُرفق رقم .... من مرفقات الكتاب الأول من تحريات هيئة الأمن القومي دون بيان لماهية هذا المُرفق الذي استند إليه في ثبوت الوقائع ونسبتها للطاعنين حتى يتضح وجه الاستدلال وسلامة المأخذ مما يرميه بعوار القصور في البيان الموجب لنقضه بالنسبة لجميع الطاعنين ولا يعصمه من ذلك أن يكون في إدانته للطاعنين قد عوّل على أدلة أخرى في الدعوى ، ذلك أن الأدلة في القضاء الجنائي ضمائم متساندة يشد بعضها بعضا فإذا ما استبعد أحدها تعذر بيان ما كان له من أثر في تكوين عقيدة المحكمة .

4- لما كان البادي من محاضر جلسات المحاكمة والحكم المطعون فيه أن الطاعنين الثالث والرابع دفعا بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الدعويين رقمي .... لسنة .... جنايات .... ، .... لسنة .... جنايات .... وقضت المحكمة برفض الدفع بقولها : " أن أيًا من المتهمين لم يقدم للمحكمة ما يساند دفعه وخلت الأوراق من صور للحكمين حتى تقف المحكمة على حقيقة الدفع ومرماه ، ومن ثم يكون الدفع قائمًا على غير سند جدي من الواقع والقانون جديرًا بالرفض . " وكان من المقرر أنه لا تجوز محاكمة الشخص عن فعل واحد مرتين ذلك أن الازدواج في المسئولية الجنائية عن الفعل الواحد أمر يخرق القانون وتتأذى به العدالة وكانت المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه : " تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة وإذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية ، فلا يجوز إعادة نظرها إلَّا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون " ، ومن ثم كان محظورًا محاكمة الشخص عن الفعل ذاته مرتين وعلى ذلك يكون القول بوحدة الجريمة أو تعددها هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض وكانت محكمة الموضوع قد اكتفت في رفض الدفع المثار من الطاعنين آنفي الذكر بالعبارة المار ذكرها وهى عبارة قاصرة تمامًا لا يستطاع معها الوقوف على مسوغات ما قضى به الحكم في هذا الشأن ، فضلًا عن مخالفتها لما هو مقرر من أن تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية وكذا الدفوع الجوهرية لا يصح أن يكون رهنًا بمشيئة المتهم أو دفاعه بل هو واجب المحكمة في المقام الأول ، ومن ثم يكون ما أورده الحكم في هذا الصدد ، معيبًا بالقصور فضلًا على الإخلال بحق الدفاع ، مما يعيبه ويستوجب نقضه بالنسبة لهذين الطاعنين .

5- لما كان البيّن من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة والحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعنين الأول والثالث والرابع عشر قد أبدى دفعًا بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر ضمني من النيابة العامة بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في الدعاوى أرقام .... ، وكان من المقرر أن الأمر الصادر من سلطة التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية له حجيته التي تمنع من العودة إلى الدعوى الجنائية ما دام قائمًا لم يلغَ ، فلا يجوز مع بقائه قائمًا إقامة الدعوى عن ذات الواقعة التي صدر فيها ؛ لأن له في نطاق حجيته المؤقتة ما للأحكام من قوة الأمر المقضي ، والأصل أن الأمر بعدم وجود وجه يجب أن يكون صريحًا ومدونًا بالكتابة ، إلَّا أنه قد يستفاد استنتاجًا من تصرف أو إجراء آخر إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه حتمًا وبطريق اللزوم العقلي ذلك الأمر . لما كان ما تقدم ، وكان الدفع المبدى من الطاعنين جوهريًا ومن شأنه – إن صح – أن يتغير به وجه الرأي في قبول الدعوى الجنائية ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالإدانة دون أن يعرض للدفع المبدى إيرادًا له وردًا عليه يكون معيبًا بالقصور المعجز لمحكمة النقض من إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم مما يوجب نقضه بالنسبة لهؤلاء الطاعنين .

 6- لما كانت الأوجه الناقضة للحكم المطعون فيه قد تعلق ثانيها بجميع الطاعنين وكافة ما دينوا به مما مقتضاه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة لهم جميعًا ، وكافة ما دينوا به من جرائم مما يغنى عن خوض هذه المحكمة – محكمة النقض – في أمر امتداد أثر النقض أشخاصًا وموضوعًا كما يغنيها كذلك عن التطرق إلى بحث باقي أوجه الطعن أو عرض النيابة العامة لهذه القضية في شأن الطاعنين الثلاثة المقضي بإعدامهم . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد صدر غيابيًا لغير الطاعنين من محكوم عليهم فلا يمتد إليهم أثر النقض بل يقتصر على الطاعنين وحدهم .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم :

أولًا - المتهمون من الأول حتى الثلاثين : تخابروا مع من يعملون لمصلحة منظمة مقرها خارج البلاد – التنظيم الدولي الإخواني وجناحه العسكري حركة المقاومة الإسلامية " .... " – للقيام بأعمال إرهابية داخل جمهورية مصر العربية بأن اتفقوا مع المتهمين من الحادي والثلاثين حتى الرابع والثلاثين على التعاون معهم في تنفيذ أعمال إرهابية داخل البلاد وضد ممتلكاتها ومؤسساتها وموظفيها ومواطنها بغرض إشاعة الفوضى وإسقاط الدولة المصرية وصولًا لاستيلاء جماعة الإخوان المسلمين على الحكم بأن فتحوا قنوات اتصال مع جهات أجنبية رسمية وغير رسمية لكسب تأييدهم لذلك ، وتلقوا دورات تدريبية إعلامية لتنفيذ الخطة المتفق عليها بإطلاق الشائعات والحرب النفسية وتوجيه الرأي العام الداخلي والخارجي لخدمة مخططاتهم ، وقاموا بالتحالف والتنسيق مع تنظيمات جهادية بالداخل والخارج وتسللوا بطرق غير مشروعة إلى خارج البلاد – قطاع .... – لتلقي تدريبات عسكرية داخل معسكرات أعدت لذلك وبأسلحة قاموا بتهريبها عبر الحدود الشرقية والغربية للبلاد ، وتبادلوا عبر شبكة المعلومات الدولية نقل تلك التكليفات فيما بينهم وقيادات التنظيم الدولي وكذا البيانات والمعلومات المتعلقة بالمشهد السياسي والاقتصادي بالبلاد والسخط الشعبي قبل النظام القائم آنذاك وكيفية استغلال الأوضاع القائمة بلوغًا للتنفيذ مخططهم الإجرامي وقد وقعت الجريمة موضوع التخابر بدفع مجموعة من عناصر تنظيمات مسلحة داخلية وخارجية تسللت بطرق غير مشروعة عبر الانفاق الحدودية الشرقية للبلاد وهاجمت المنشآت العسكرية والشرطية والسجون المصرية لخلق حالة من الفراغ الأمني والفوضى بالبلاد ومكنت المقبوض عليهم من الهرب وكان من شأن ذلك ترويع المواطنين وإلقاء الرعب بينهم وتعريض حياتهم وأمنهم للخطر وعلى أثر عزل المتهم الثالث من منصبه وفي ذات إطار المخطط الإجرامي السالف بيانه دفعت عناصر مسلحة مماثلة للسابقة تستهدف منشآت وأفراد القوات المسلحة والشرطة لإسقاط الدولة المصرية وخلق ذريعة للتدخل الأجنبي بالبلاد وقد وقعت تلك الجريمة بقصد المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها على النحو المبين بالتحقيقات . ثانيًا - المتهمون من الحادي والثلاثين حتى الرابع والثلاثين : اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين من الأول حتى الثلاثين في ارتكاب جريمة " التخابر " موضوع الاتهام الوارد بالبند أولًا بأن اتفقوا معهم على ارتكابها في الخارج والداخل وساعدوهم بأن أمدوهم بعناوين بريد إليكترونية لاستخدامها في التراسل بينهم ونقل وتلقي التكليفات عبر شبكة المعلومات الدولية كما أمدوهم بالدعم المادي اللازم لذلك فوقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات .

ثالثًا - المتهمون من الأول حتى الرابع والثلاثين أيضًا : ارتكبوا عمدًا أفعالًا تؤدي إلى المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها بأن ارتكبوا الأفعال المبينة بالجريمتين موضوع الاتهامين الواردين بالبندين أولًا ـــ ثانيًا مما ينجم عنه إشاعة الفوضى وإحداث حالة من الفراغ الأمني وتراجع القوات المنوط بها تأمين الحدود الشرقية للبلاد وتعريض سلامة أراضيها للخطر على النحو المبين بالتحقيقـات .

رابعًا - المتهمون الثالث والعاشر والحادي عشر والحادي والثلاثون والخامس والثلاثون والسادس والثلاثون :

1- سلموا لدولة أجنبية ومن يعملون لمصلحتها وأفشوا إليها سرًا من أسرار الدفاع عن البلاد بأن سلموا عناصر من الحرس الثوري .... العديد من التقارير السرية الواردة من هيئة الأمن القومي بشأن المعلومات السرية الخاصة بنتائج نشاط عناصر .... تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار بالبلاد على النحو المبين بالتحقيقات .

2- بصفتهم موظفين عموميين " رئيس الجمهورية " ومساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي ومستشار رئيس الجمهورية للتخطيط والمتابعة ومدير مكتب رئيس الجمهورية ورئيس ديوان رئاسة الجمهورية ونائب رئيس ديوان رئاسة الجمهورية أفشوا سرًا من أسرار الدفاع عن البلاد بأن أفشوا مضمون التقارير السرية أرقام .... الصادرة من رئاسة الجمهورية والمعدة للعرض على رئيس الجمهورية وذلك بإرسالها إلى عناوين البريد الإليكتروني المبينة بالتحقيقات . خامسًا - المتهمون من الأول حتى الثامن ومن الحادي والثلاثين حتى الرابع والثلاثين أيضًا : تولوا قيادة بجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحقوق العامة والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي ، بأن تولوا قيادة بجماعة الإخوان المسلمين التي تهدف لتغيير نظام الحكم بالقوة والاعتداء على أفراد ومنشآت القوات المسلحة والشرطة واستهداف المنشآت العامة بهدف الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وآمنه للخطر وكان الإرهاب من الوسائل التي تستخدمها هذه الجماعة من تنفيذ أغراضها على النحو المبين بالتحقيقات .

سادسًا - المتهمون الأول والثاني والعاشر والرابع والثلاثون أيضًا : أمدوا جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون بمعونات مادية ومالية بأن أمدوا الجماعة موضوع الاتهام الوارد بالبند خامسًا بأسلحة وأموال مع علمهم بما تدعو إليه ووسائلها في تحقيق .

سابعًا - المتهمون من التاسع حتى الثالث عشر ومن الخامس عشر حتى الثلاثين والخامس والثلاثين والسادس والثلاثين أيضًا : انضموا الجماعة أُسست على خلاف أحكام القانون بأن انضموا للجماعة موضوع الاتهام الوارد بالبند خامسًا مع علمهم بأغراضها على النحو المبين بالتحقيقات .

ثامنًا - المتهمون الخامس عشر والحادي والعشرون والثاني والعشرون ومن الخامس والعشرين حتى الثلاثين :

1- بصفتهم مصريين التحقوا بمنظمة إرهابية ومقرها خارج البلاد تتخذ من الإرهاب والتدريب العسكري وسائل لتحقيق أغراضها بأن التحقوا بمعسكرات تدريبية تابعة للتنظيم الدولي الإخواني والحركات والجماعات التابعة له بقطاع .... وتلقوا تدريبات عسكرية بها.

2- تسللوا إلى داخل البلاد عبر الحدود الشرقية لها بطريق غير مشروع بأن تسللوا عبر الأنفاق المجهزة لذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

        وأحالتهم إلى محكمة .... لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

        وادعت زوجة المجني عليه الضابط .... مدنيًا قبل المتهمين بأن يؤدوا لها مبلغ .... على سبيل التعويض المدني المؤقت .

        والمحكمة قررت إحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي فيها فيما نسب إلى كل من المتهمين .... وحددت جلسة .... للنطق بالحكم ثم أجلت النطق بالحكم لجلسة .... وبالجلسة المحددة قضت تلك المحكمة وبإجماع الآراء عملًا بالمواد 2/1 أولًا - ثانيًا بند (أ) ، 40/ ثانيًا – ثالثًا ، 41/1 ، 77 ، 80 ، 80/ب ، 83 (1) ، 85 (أ) - (ب) ، 86 ، 86 مكرر (د) من قانون العقوبات والمادة 2/2 من قرار رئيس الجمهورية رقم 298 لسنة 1995 ، مع إعمال نص المواد 17 ، 30/1 ، 32 من قانون العقوبات ، أولًا : حضوريًا وبإجماع الآراء بمعاقبة كل من المتهمين/ .... بالإعدام شنقًا . 2) وبمعاقبة كل من المتهمين/ .... بالسجن المؤبد . 3) بمعاقبة كل من المتهمين/ ..... بالسجن لمدة سبع سنوات . ثانيًا : غيابيًا وبإجماع الآراء بمعاقبة كل من المتهمين/ ..... بالإعدام شنقًا . ثالثًا : بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم الثالث والثلاثين بوفاته إلى رحمة الله . رابعًا : مصادرة المضبوطات . خامسًا : في الدعوى المدنية من .... بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة .

 فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ .

 كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

أولًا - عرض النيابة العامة للقضية :

ومن حيث إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة ، والمحكوم فيها حضوريًا على الطاعنين الأول والثاني والثالث - أخذًا بالترتيب الوارد بالحكم المطعون فيه – بعقوبة الإعدام مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم ، مما تتصل معه محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها لتستبين – من تلقاء نفسها غير مقيدة بالرأي الذي تبديه النيابة العامة في مذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .

ثانيًا : الطعن المقدم من المحكوم عليهم .

من حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم عدا الثالث والأخيرين بجريمة التخابر ودان المُستثنين منهم بالاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة في هذه الجريمة كما دانهم عدا الأخيرين بجريمة الإتيان بأعمال ماسة باستقلال البلاد وسلامتها ، ودان الطاعنين الثالث والخامس والعاشر والحادي عشر والأخيرين بجريمة تسليم دولة أجنبيه سرًا من أسرار الدفاع ودان الطاعنين الثمانية الأُول بجريمة قيادة جماعة أُسست على خلاف القانون تتغيا الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين متخذه من الإرهاب مطية لتحقيق غايتها مع علمهم بذلك ، ودان الطاعنين من التاسع وحتى الأخير عدا الثالث عشر بالانضمام لتلك الجماعة مع علمهم بغرضها ، ودان الطاعنين الأول والرابع والعاشر بإمداد تلك الجماعة بمعونات مادية ومالية مع علمهم بغرضها ، ودان الطاعنين من السابع عشر وحتى العشرين بالالتحاق بمنظمة إرهابية خارج البلاد والتسلل إلى داخل البلاد بطريق غير مشروع قد شابه قصور في التسبيب ، وفساد في الاستدلال ، وخطأ في تطبيق القانون ، وإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه صيغ في عبارات عامة مجملة ومبهمة لا يبين منها أركان الجرائم التي دانهم بها وأدلتها ودور كل متهم فيها ، وأعرض الحكم بما لا يسوغ عما دفع به الطاعنان الثالث والرابع من عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكمين الصادرين في الدعويين رقمي .... ، كما أصم أذنيه ولم يعقب على ما دفع به الطاعنون الأول والثالث والرابع عشر من عدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر ضمني بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في الدعاوى التي عددوها بأسباب طعنهم والواردة أيضًا بالحكم المطعون فيه ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .

من حيث إن الحكم المطعون فيه قد حصّل واقعة الدعوى بما مؤداه قيام المتهمين - في الفترة .... - من الأول وحتى الثلاثين بالتخابر مع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وحركة المقاومة الإسلامية " .... " واشتراك المتهمين الأربعة التالين لهم في هذه الجريمة وذلك بغية إشاعة الفوضى والعنف ونشر الشائعات بما يؤدي إلى إسقاط نظام الحكم واعتلائهم محله ولتحقيق ذلك المسعى تولى المتهمون من الأول وحتى الثامن ومن الحادي والثلاثين حتى الرابع والثلاثين قيادة جماعة أُسست على خلاف القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين وعرقلة عمل مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة والعصف بحريات المواطنين والمساس بالحقوق العامة والوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي مبتغية من وراء ذلك المسلك الآثم قفزًا على السلطة بالقوة على حساب دماء بريئة ذكية وأموال عامة استهدفوها حيث اتخذوا من الإرهاب مطية لهم وسبيلًا لتحقيق مبتغاهم مستعينين في ذلك بأسلحة وأموال أمدهم بها المتهمون الأول والثاني والعاشر والرابع والثلاثين وهم على بينه من ذلك المسعى ومبتغين تحقيقه منضمًا إليهم في جمعهم هذا المتهمون من التاسع وحتى الثالث عشر ومن الخامس عشر حتى الثلاثين وكذا الأخيرين وهم أيضًا على بينه من أمر هذه الجماعة ومسعاها وفي سبيل ذلك انتهجوا تنسيقًا وتحالفًا مع جهتي التخابر وغيرها من المنظمات والأحزاب التي التقت معها في هذا المسعى كــــ .... والحرس الثوري .... انطوى على دعم مادى وعسكري وتأهيل إعلامي وتبادل للمعلومات وتلقٍ للتوجيهات والتحاق للمتهمين الخامس عشر والحادي والعشرين والثاني والعشرين ومن الخامس والعشرين حتى الثلاثين بمنظمة إرهابية خارج البلاد بغية تأهيلهم عسكريًا ثم تسللهم بطريقة غير شرعية إلى داخل البلاد بعد أن أتموا مبتغاهم وكان من نتاج كل هذا السبيل إشاعة الفوضى والعنف والإرهاب داخل البلاد وإتيان عديد الأعمال الماسة باستقلال البلاد وسلامتها من قبل المتهمين عدا الأخيرين منهم بما أدى إلى إراقة الدماء البريئة الذكية والاعتداء على ممتلكات ومؤسسات عدة للدولة أفلح معه مسعاهم الآثم وامتطوا الحكم على أنقاض وطن ودماء أبنائه ولم ينسوا وقد بلغوا المأمول من أعانهم على بلوغه فقام المتهمون الثالث – بصفته رئيسًا للجمهورية حينها والعاشر والحادي عشر والواحد والثلاثين والأخيرين – حال كونهم من موظفي الرئاسة حينها – بتسليم الحرس الثوري .... سرًا من أسرار الدفاع عن البلاد يتعلق بأنشطة غير مشروعة رصدتها أجهزة الأمن القومي بشأن عناصر موالية لــــ .... تبتغي المساس بأمن واستقرار البلاد كما أفشوا مضمون خمس تقارير سرية أعدتها الأجهزة – آنفة الذكر – للعرض على المتهم الثالث ، وساق الحكم برهانًا على ثبوت تلك الجرائم بحق الطاعنين أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تحريات الأمن الوطني وأقوال مجريها وتحريات الأمن القومي وما أرفق بهما وما ثبت من الاطلاع على بعض القضايا والأحكام والوثائق ورسائل هاتفيه وما قرر به المتهم الرابع بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت من الاطلاع على شهادة اللواء .... في القضية رقم .... لسنة .... جنايات ..... وحيث إن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها ، والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة ، حتى يتضح وجه استدلالها بها ، وسلامة مأخذها ، وإلَّا كان الحكم قاصرًا ، وكان من المقرر أنه ينبغي ألَّا يكون الحكم مشوبًا بإجمال أو إبهام مما يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده في التطبيق القانوني على واقعة الدعوى وهو يكون كذلك كلما جاءت أسبابه مجملة أو غامضة فيما أثبتته أو نفته من وقائع ، سواء كانت متعلقة ببيان توافر أركان الجريمة ، وأدلة الثبوت فيها ومؤداها أو كانت بصدد الرد على أوجه الدفاع الجوهرية أو كانت متصلة بعناصر الإدانة على وجه العموم ، أو كانت أسبابها يشوبها الاضطراب الذي ينبئ عن اختلال فكرته من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة ، مما لا يمكن معه استخلاص مقوماته ، سواء ما يتعلق منها بموضوع الدعوى ، أو بالتطبيق القانوني ويعجز بالتالي محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الوجه الصحيح . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه حين دان الطاعنين الثالث والخامس والعاشر والحادي عشر والأخيرين من بين ما دانهم به بجريمة تسليم دولة أجنبيه سرًا من أسرار الدفاع وإفشاء هذه الأسرار لم يبين بوضوح سواء في معرض إيراده واقعة الدعوى أو سرده لأدلة الثبوت فيها تفصيل الأفعال التي قارفها كل من هؤلاء الطاعنين ودور كل منهم في ارتكاب هذه الجريمة وماهية وطبيعة الأسرار محل جريمتهم تلك على نحو تتيقن معه هذه المحكمة من توافر صفة السرية لها تجلية للحقيقة وهداية للصواب حتى لا يكون الجزاء الجنائي في هذا الشأن متصلاً بأفعال لا يسوغ تجريمها كما خلا مما يدل على اتفاقهم معًا على مقارفتها قبل وقوعها مما مقتضاه ألَّا يسأل كل منهم إلَّا عن الأفعال التي ارتكبها والتي اكتفي الحكم في شأنها بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة تلك الواقعة ومدى نسبتها إليهم ، ومن ثم فإنه وقد ساءل كل منهم عنها يكون قاصر البيان معيبًا واجبًا نقضه بالنسبة لهؤلاء الطاعنين . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عوّل – من بين ما عوّل عليه – في إدانة الطاعنين على المُرفق رقم .... من مرفقات الكتاب الأول من تحريات هيئة الأمن القومي دون بيان لماهية هذا المرفق الذي استند إليه في ثبوت الوقائع ونسبتها للطاعنين حتى يتضح وجه الاستدلال وسلامة المأخذ مما يرميه بعوار القصور في البيان الموجب لنقضه بالنسبة لجميع الطاعنين ولا يعصمه من ذلك أن يكون في إدانته للطاعنين قد عوّل على أدلة أخرى في الدعوى ، ذلك أن الأدلة في القضاء الجنائي ضمائم متساندة يشد بعضها بعضا فإذا ما استبعد أحدها تعذر بيان ما كان له من أثر في تكوين عقيدة المحكمة . لما كان ذلك ، وكان البادي من محاضر جلسات المحاكمة والحكم المطعون فيه أن الطاعنين الثالث والرابع دفعا بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الدعويين رقمي .... لسنة .... جنايات .... ، .... لسنة .... جنايات .... وقضت المحكمة برفض الدفع بقولها : " أن أيًا من المتهمين لم يقدم للمحكمة ما يساند دفعه وخلت الأوراق من صور للحكمين حتى تقف المحكمة على حقيقة الدفع ومرماه ، ومن ثم يكون الدفع قائمًا على غير سند جدي من الواقع والقانون جديرًا بالرفض . " ، وكان من المقرر أنه لا تجوز محاكمة الشخص عن فعل واحد مرتين ذلك أن الازدواج في المسئولية الجنائية عن الفعل الواحد أمر يخرق القانون وتتأذى به العدالة وكانت المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه : " تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة فيها إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة وإذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية ، فلا يجوز إعادة نظرها إلَّا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون " ، ومن ثم كان محظورًا محاكمة الشخص عن الفعل ذاته مرتين وعلى ذلك يكون القول بوحدة الجريمة أو تعددها هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض وكانت محكمة الموضوع قد اكتفت في رفض الدفع المثار من الطاعنين آنفي الذكر بالعبارة المار ذكرها وهى عبارة قاصرة تمامًا لا يستطاع معها الوقوف على مسوغات ما قضى به الحكم في هذا الشأن ، فضلًا عن مخالفتها لما هو مقرر من أن تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية وكذا الدفوع الجوهرية لا يصح أن يكون رهنًا بمشيئة المتهم أو دفاعه بل هو واجب المحكمة في المقام الأول ، ومن ثم يكون ما أورده الحكم في هذا الصدد ، معيبًا بالقصور فضلًا على الإخلال بحق الدفاع ، مما يعيبه ويستوجب نقضه بالنسبة لهذين الطاعنين . لما كان ذلك ، وكان البيّن من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة والحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعنين الأول والثالث والرابع عشر قد أبدى دفعًا بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر ضمني من النيابة العامة بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في الدعاوى أرقام .... ، .... وكان من المقرر أن الأمر الصادر من سلطة التحقيق بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية له حجيته التي تمنع من العودة إلى الدعوى الجنائية ما دام قائمًا لم يلغَ ، فلا يجوز مع بقائه قائمًا إقامة الدعوى عن ذات الواقعة التي صدر فيها ، لأن له في نطاق حجيته المؤقتة ما للأحكام من قوة الأمر المقضي، والأصل أن الأمر بعدم وجود وجه يجب أن يكون صريحًا ومدونًا بالكتابة ، إلَّا أنه قد يستفاد استنتاجًا من تصرف أو إجراء آخر إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه حتمًا وبطريق اللزوم العقلي ذلك الأمر . لما كان ما تقدم ، وكان الدفع المبدى من الطاعنين جوهريًا ومن شأنه – إن صح – أن يتغير به وجه الرأي في قبول الدعوى الجنائية ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالإدانة دون أن يعرض للدفع المبدى إيرادًا له وردًا عليه يكون معيبًا بالقصور المعجز لمحكمة النقض من إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم مما يوجب نقضه بالنسبة لهؤلاء الطاعنين . لما كان ما تقدم ، وكانت الأوجه الناقضة للحكم المطعون فيه قد تعلق ثانيها بجميع الطاعنين وكافة ما دينوا به مما مقتضاه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة لهم جميعًا ، وكافة ما دينوا به من جرائم مما يغنى عن خوض هذه المحكمة – محكمة النقض – في أمر امتداد أثر النقض أشخاصًا وموضوعًا كما يغنيها كذلك عن التطرق إلى بحث باقي أوجه الطعن أو عرض النيابة العامة لهذه القضية في شأن الطاعنين الثلاثة المقضي بإعدامهم . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد صدر غيابيًا لغير الطاعنين من محكوم عليهم فلا يمتد إليهم أثر النقض بل يقتصر على الطاعنين وحدهم .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 219 لسنة 72 ق جلسة 11 / 6 / 2014 مكتب فني 65 ق 116 ص 707

جلسة 11 من يونيو سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ إسماعيل عبد السميع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ هشام قنديل ، الدسوقي أحمد الخولي، عادل فتحي وزكريا عوض الله نواب رئيس المحكمة. 
------------- 
(116)
الطعن 219 لسنة 72 القضائية
(1 ، 2) عمل "اختصاص: الاختصاص الولائي: الاختصاص بمنازعات العاملين بالشركة العربية للملاحة البحرية". حكم "عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون".
(1) الشركة العربية للملاحة البحرية منظمة إقليمية متخصصة تابعة لجامعة الدول العربية. وجوب الرجوع في كل ما يتصل بعلاقة موظفيها بها إلى اتفاقية تأسيسها المصدق عليها بالقانون 21 لسنة 1965. 
(2) المحكمة الإدارية بجامعة الدول العربية. اختصاصها بكافة المنازعات التي تثور بين الشركة العربية للملاحة البحرية والعاملين لديها. قضاء الحكم المطعون فيه برفض دفع الطاعن بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى استنادا إلى أنه ليس عاملا بجامعة الدول العربية وأن الشركة المطعون ضدها شركة مساهمة مصرية. خطأ. 
(3) نقض "أثر نقض الحكم".
نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص. اقتصار مهمة محكمة النقض على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة الواجب التداعي إليها. م 269/ 1 مرافعات. 
------------- 
1 - إن الشركة العربية للملاحة البحرية وحسبما تدل عليه اتفاقية تأسيسها المصدق عليها في مصر بالقانون رقم 21 لسنة 1965 هي منظمة دولية إقليمية متخصصة تابعة لجامعة الدول العربية أنشأتها جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية والجمهورية التونسية والجمهورية الجزائرية وجمهورية السودان والجمهورية العراقية والمملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية ودولة الكويت والجمهورية اللبنانية والمملكة المغربية بهدف إقامة كيان في مجال الملاحة والنقل البحري يكفل تحقيق أغراض الدول العربية في مجال النقل ومن ثم يتعين الرجوع في كل ما يتصل بعلاقة الموظفين التابعين لها بما في ذلك وسائل حل المنازعات التي تقوم بينهم وبينها لا إلى القوانين الوطنية للدول المنشئة لها ولكن إلى الاتفاقية ذاتها. 
2 - إذ كانت المادة الحادية عشرة من الاتفاقية - اتفاقية إنشاء الشركة العربية للملاحة البحرية - تنص على أن يعتبر نظام الشركة الملحق بهذه الاتفاقية جزءا منها وتنص المادة 32 من النظام الأساسي للشركة الطاعنة الملحق بهذه الاتفاقية في فقرتها الأولى على أن "لمجلس الإدارة ... سن اللوائح اللازمة لتنظيم العمل وإدارة أعمال الشركة وتعيين وإعفاء المدير أو المديرين ورؤساء العمل والمستخدمين والوكلاء عن العمل وتحديد عمل كل منهم وتعيين رواتبهم وتحديد قيمة الضمانات الواجبة عليهم تقديمها إذا دعت الحال والتصريح بسحبها، ونفاذا لذلك أصدر مجلس إدارة الشركة الطاعنة لائحة نظام العاملين لديها التي نصت في المادة 89 منها على أن "تختص المحكمة الإدارية بجامعة الدول العربية وحدها طبقا لنظامها الأساسي ولائحتها الداخلية بالنظر والفصل في كافة المنازعات القضائية التي قد تنشأ نتيجة تطبيق أحكام هذا النظام بين الشركة وموظفيها وغيرها ممن تستعين بهم بموجب عقود خبرة أو لأعمال مؤقتة" فإن مفاد ذلك أن المحكمة الإدارية بجامعة الدول العربية وطبقا لاتفاقية تأسيس الشركة الطاعنة تكون هي وحدها دون غيرها المختصة بنظر كافة المنازعات التي تثور بين هذه الشركة وبين العاملين لديها دون محاكم جمهورية مصر العربية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعن بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى بمقولة إن المطعون ضده ليس عاملا بجامعة الدول العربية وأن الشركة الطاعنة لا تعدو أن تكون شركة مساهمة مصرية تخضع لأحكام القوانين المصرية، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. 
3 - إن المادة 269/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة...". 
-------------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم ... لسنة 2000 عمال الإسكندرية الابتدائية على الطاعنة "الشركة العربية للملاحة البحرية" بطلب الحكم بإلزامها أن تؤدي إليه مبلغ 45267.18 جنيها والفوائد بواقع 4% من تاريخ المطالبة، وقال بيانا لذلك إنه كان من العاملين لدى الشركة الطاعنة وانتهت خدمته بالاستقالة في 13/ 7/ 2000 ويستحق مكافأة نهاية الخدمة وفقا للوائح الخاصة بالشركة، وإذ امتنعت الأخيرة عن صرفها له فقد أقام الدعوى بطلباته آنفة البيان، وبتاريخ 21/ 12/ 2000 حكمت المحكمة بإجابة المطعون ضده لطلباته. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 57 ق الإسكندرية وبتاريخ 30/ 12/ 2001 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها. 
------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاص محاكم جمهورية مصر العربية ولائيا بنظر الدعوى وانعقاد الاختصاص للمحكمة الإدارية بجامعة الدول العربية بنظرها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم الابتدائي بما ينطوي على قضاء ضمني بالاختصاص، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الشركة العربية للملاحة البحرية وحسبما تدل عليه اتفاقية تأسيسها المصدق عليها في مصر بالقانون رقم 21 لسنة 1965 هي منظمة دولية إقليمية متخصصة تابعة لجامعة الدول العربية أنشأتها جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية والجمهورية التونسية والجمهورية الجزائرية وجمهورية السودان والجمهورية العراقية والمملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية ودولة الكويت والجمهورية اللبنانية والمملكة المغربية بهدف إقامة كيان في مجال الملاحة والنقل البحري يكفل تحقيق أغراض الدول العربية في مجال النقل، ومن ثم يتعين الرجوع في كل ما يتصل بعلاقة الموظفين التابعين لها بما في ذلك وسائل حل المنازعات التي تقوم بينهم وبينها لا إلى القوانين الوطنية للدول المنشئة لها ولكن إلى الاتفاقية ذاتها، وإذ كانت المادة الحادية عشرة من الاتفاقية تنص على أن يعتبر نظام الشركة الملحق بهذه الاتفاقية جزءا منها، وتنص المادة 32 من النظام الأساسي للشركة الطاعنة الملحق بهذه الاتفاقية في فقرتها الأولى على أن "لمجلس الإدارة ... سن اللوائح اللازمة لتنظيم العمل وإدارة أعمال الشركة وتعيين وإعفاء المدير أو المديرين ورؤساء العمل والمستخدمين والوكلاء عن العمل وتحديد عمل كل منهم وتعيين رواتبهم وتحديد قيمة الضمانات الواجبة عليهم تقديمها إذا دعت الحال والتصريح بسحبها، ونفاذا لذلك أصدر مجلس إدارة الشركة الطاعنة لائحة نظام العاملين لديها التي نصت في المادة 89 منها على أن "تختص المحكمة الإدارية بجامعة الدول العربية وحدها طبقا لنظامها الأساسي ولائحتها الداخلية بالنظر والفصل في كافة المنازعات القضائية التي قد تنشأ نتيجة تطبيق أحكام هذا النظام بين الشركة وموظفيها وغيرها ممن تستعين بهم بموجب عقود خبرة أو لأعمال مؤقتة" فإن مفاد ذلك أن المحكمة الإدارية بجامعة الدول العربية وطبقا لاتفاقية تأسيس الشركة الطاعنة تكون هي وحدها دون غيرها المختصة بنظر كافة المنازعات التي تثور بين هذه الشركة وبين العاملين لديها دون محاكم جمهورية مصر العربية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعن بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى بمقولة إن المطعون ضده ليس عاملا بجامعة الدول العربية وأن الشركة الطاعنة لا تعدو أن تكون شركة مساهمة مصرية تخضع لأحكام القوانين المصرية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث السبب الثالث من أسباب الطعن.
وحيث إن المادة 269/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة..." ولما سلف يتعين الحكم في الاستئناف رقم ... لسنة 57 ق الإسكندرية بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محاكم جمهورية مصر العربية ولائيا بنظر الدعوى وانعقاد الاختصاص للمحكمة الإدارية بجامعة الدول العربية. 

الطعن 4471 لسنة 75 ق جلسة 12 / 6 / 2014 مكتب فني 65 ق 117 ص 712

جلسة 12 من يونيو سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ د. سعيد فهيم خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ حامد زكي، بدوي إدريس، كمال عبد الله ومحمد السيد محمد نواب رئيس المحكمة. 
--------------- 
(117)
الطعن 4471 لسنة 75 القضائية
(1) أشخاص اعتبارية "نطاق إعمال القانون 7 لسنة 2000". دعوى "شروط قبول الدعوى: كفاية لجوء أحد المدعين إلى لجان التوفيق في بعض المنازعات".
اللجوء إلى لجان التوفيق. لازم في بعض المنازعات. المواد 1, 2, 11 من القانون 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها. علة ذلك. عدم مساسه بحق التقاضي الذي كفله الدستور. مؤداه. اعتباره مرحلة أولية مستقلة عن درجات التقاضي باستنفادها ينفتح الطريق أمام ذوي الشأن لعرض النزاع على القضاء للحصول على الحماية القانونية للحق المدعى به. تعدد أشخاص الطرف الآخر في المنازعات الخاضعة لأحكام ذلك القانون واتفاق مصالحهم أو عدم قابلية موضوعها للتجزئة أو عدم احتمال الفصل فيه سوى حل واحد وسبق أحدهم أو فريق منهم تقديم طلب لعرضها على لجنة التوفيق. مؤداه. تحقق الغاية منه للباقين. استنفاد هذه المرحلة. أثره. انفتاح الطريق أمام جميع هؤلاء الأطراف للالتجاء إلى المحكمة المختصة لرفع الدعوى. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض للطاعنين بالبندين ثانيا وثالثا وبعدم قبول الدعوى بالنسبة لهم لعدم اللجوء لتلك اللجنة قبل رفعها. خطأ. 
(2) مسئولية "المسئولية الشيئية: ثبوتها ونفيها".
المسئولية المقررة بالمادة 178 مدني. أساسها. خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء لا يقبل إثبات العكس. ارتفاع مسئوليته. شرطه. إثبات وقوع الضرر بسبب أجنبي لا يد له فيه. هذا السبب الأجنبي لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير. اعتبار الفعل سببا أجنبيا. شرطه. أن يكون خارجا عن الشيء لا يتصل بتكوينه ولا يمكن توقعه أو دفعه أو درء نتائجه. 
(3 ، 4) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسئولية العقدية والتقصيرية: تقدير السبب الأجنبي الذي تنتفي به المسئولية العقدية والشيئية".
(3) لمحكمة الموضوع سلطة تقدير ما إذا كانت الواقعة تعتبر سببا أجنبيا ينقضي به الالتزام وتنتفي معه المسئولية. شرطه. أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. 
(4) قضاء الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض للطاعنين ورفض الدعوى في هذا الشق تأسيسا على اعتبار سقوط شجرة فجأة على سيارة مورثهم وباقي المجني عليهم سببا أجنبيا يعفي المطعون ضدهما بصفتيهما من مسئوليتهما كحارسين عليها. مخالفة وفساد. علة ذلك. 
------------- 
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نصوص المواد 1, 2, 11 من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها يدل - وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون - على أن اللجوء إلى التوفيق الذي تطلبه هذا القانون في بعض المنازعات إنما فرضه المشرع لرغبة قصدها وغاية أرادها تتمثل في تحقيق عدالة ناجزة تصل بها الحقوق إلى أصحابها من خلال أداة سهلة وبإجراءات مبسطة لا تحفل بالشكل ولا تلوذ به إلا صونا لضمانات الدفاع ومبادئه الأساسية توفيرا للجهد والوقت على أطراف المنازعات التي تخضع لأحكامه تخفيفا للعبء على القضاء إلا أن ذلك لا يمس بحق التقاضي الذي يكفله الدستور في المادة 97 منه، ولا ينال منه ذلك أن اشتراط تقديم طلب التوفيق إلى هذه اللجان وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول قبل الالتجاء إلى القضاء في هذه المنازعات يمثل مرحلة أولية مستقلة عن درجات التقاضي باستنفادها ينفتح الطريق أمام ذوي الشأن لعرض النزاع على القضاء للحصول على الحماية القانونية للحق المدعى به، وبالتالي فمتى كانت المنازعة الخاضعة لأحكام ذلك القانون قد تعدد أشخاص الطرف الآخر فيها، واتفقت مصالحهم، أو كان موضوعها غير قابل للتجزئة أو لا يحتمل الفصل فيه سوى حل واحد، وسبق لأحد أو لفريق منهم تقديم طلب بعرضها على لجنة التوفيق، فإن الغاية من هذا الإجراء تكون قد تحققت بالنسبة للباقين، وباستنفاد هذه المرحلة، سواء بإصدار اللجنة لتوصيتها في تلك المنازعة في الميعاد المقرر لعرضها أو بفوات هذا الميعاد دون عرضها أو إصدار توصية فيها تنقضي سلطة لجنة التوفيق في شأنها بقوة القانون، وينفتح الطريق أمام هؤلاء الأطراف جميعا للالتجاء إلى المحكمة المختصة لرفع الدعوى. لما كان ذلك، وكانت المنازعة محل الدعوى الراهنة خاضعة لأحكام القانون المذكور وقد تعدد أشخاص الطرف الآخر المضرور فيها واتفقت مصالحهم وقد سبق لبعضهم تقديم طلب بعرضها على لجنة التوفيق في المنازعات المختصة قيد برقم 221 لسنة 2002 وإن اللجنة قد نظرت فيه وأصدرت توصية بعدم اختصاصها بنظره، ومن ثم فإن الغاية من هذا الإجراء تكون قد تحققت بالنسبة للباقين. وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض للطاعنين بالبندين ثانيا وثالثا وبعدم قبول الدعوى بالنسبة لهم لعدم اللجوء إلى تلك اللجنة قبل رفعها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. 
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المسئولية المقررة بالمادة 178 من القانون المدني تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء افتراضا لا يقبل إثبات العكس متى تدخل الشيء تدخلا إيجابيا في إحداث الضرر ولا ترتفع عنه هذه المسئولية إلا إذا أثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير، ولا يعتبر الفعل سببا أجنبيا إلا إذا كان خارجا عن الشيء فلا يتصل بذاتيته، ولا يمكن توقعه أو دفعه أو درء نتائجه ويؤدي مباشرة إلى وقوع الحادث. 
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع تقدير ما إذا كانت الواقعة المدعى بها تعتبر سببا أجنبيا ينقضي به الالتزام وتنتفي به المسئولية إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. 
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر سقوط الشجرة فجأة على السيارة التي كان يستقلها مورث الطاعنين وباقي المجني عليهم سببا أجنبيا - حادث مفاجئ - مما يعفي المطعون ضدهما بصفتيهما من مسؤوليتهما كحارسين عليها، مع أن الثابت مما حصله الحكم من أقوال شاهدي الطاعنين أمام محكمة أول درجة أن سقوط تلك الشجرة الضخمة المغروسة على جانب الطريق السريع كان بسبب هشاشة جذورها لما أصابها من شيخوخة، وأن سقوطها وإن كان لا يمكن دفعه إلا أنه يمكن توقعه والتحرز من حدوثه، فلا يعتبر من قبيل السبب الأجنبي، وإذ خالف الحكم هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض لهؤلاء الطاعنين وبرفض الدعوى في هذا الشق، فإنه يكون معيبا (بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال). 
------------ 
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى .... لسنة 2002 مدني محكمة قنا الابتدائية على المطعون ضدهما بصفتيهما - وآخرين - بطلب الحكم بإلزامهم على سبيل التضامن والتضامم بأن يؤدوا إليهم مبلغ ثلاثمائة ألف جنيه تعويضا عما لحقهم من أضرار جراء إصابة الطاعن بالبند - ثالثا - ونجله القاصر المشمول بولايته ووفاة مورثي الباقين نتيجة سقوط شجرة ضخمة على السيارة التي كانوا يستقلونها بطريق القاهرة - أسوان السريع وتحرر عن الحادث المحضر رقم .... لسنة 2000 عوارض مركز دشنا الذي تم حفظه، وإذ كانت تلك الشجرة في حراسة الهيئة التي يمثلها المطعون ضدهما، ومن ثم تكون مسئولة عن التعويض المطالب به طبقا للمادة 178 من القانون المدني فقد أقاموا الدعوى، ومحكمة أول درجة بعد أن أحالتها للتحقيق واستمعت لأقوال شاهدي الطاعنين حكمت بما قدرته من تعويض. استأنف كل من الهيئة المحكوم ضدها والطاعنين المحكوم لهم هذا الحكم بالاستئنافين .....، .... لسنة 23 ق قنا، وبعد أن ضمتهما المحكمة قضت في الاستئناف الأول بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض وبعدم قبول الدعوى بالنسبة للطاعنين بالبندين ثانيا وثالثا لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون وبرفضها بالنسبة للطاعنين بالبند أولا، وفي الاستئناف الثاني برفضه. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فرأته جديرا بالنظر وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها. 
-------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنين أبانوا في طعنهم أن الطعن أقيم على ثلاث أسباب يتعلق بالوجه الأول من السبب الأول منها بالطاعنين بالبندين ثانيا وثالثا، والسببين الثاني والثالث والوجه الثاني من السبب الأول تخص نعي الطاعنين بالبند أولا.
وحيث إن الطاعنين بالبندين ثانيا وثالثا ينعون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى بالنسبة لهم لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون لعدم لجوئهم إلى لجنة التوفيق في المنازعات قبل رفع الدعوى، في حين أنهم شاركوا الطاعنين في البند أولا في تقديم طلب التوفيق إلى تلك اللجنة قبل رفع الدعوى حسبما هو ثابت بملف التوصية التي انتهت فيها اللجنة إلى عدم اختصاصها بنظر المنازعة، إلا أن الشهادة الصادرة من الأخيرة والمقدمة للمحكمة جاءت خلوا من ذلك البيان خلافا للواقع، وهو ما لم تتحقق منه المحكمة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النص في المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها على أن "ينشأ في كل وزارة أو محافظة هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات والعاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة" وفي المادة الثانية على أنه "تشكل اللجنة بقرار من وزير العدل برئاسة أحد رجال القضاء أو أعضاء الهيئات القضائية السابقين من درجة مستشار على الأقل ممن لا يشغلون وظيفة أو يمارسون مهنة ومن ممثل الجهة الإدارية بدرجة مدير عام على الأقل أو ما يعادلها تختاره السلطة المختصة وينضم إلى عضوية اللجنة الطرف الآخر في النزاع أو من ينوب عنه فإذا تعدد أشخاص هذا الطرف وجب عليهم اختيار نائب واحد عنهم فإذا تعارضت مصالحهم كان لكل منهم ممثل في اللجنة ...." وفي المادة الحادية عشرة منه على أنه "لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول ......" يدل - وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون - على أن اللجوء إلى التوفيق الذي تطلبه هذا القانون في بعض المنازعات إنما فرضه المشرع لرغبة قصدها وغاية أرادها تتمثل في تحقيق عدالة ناجزة تصل بها الحقوق إلى أصحابها من خلال أداة سهلة وبإجراءات مبسطة لا تحفل بالشكل ولا تلوذ به إلا صونا لضمانات الدفاع ومبادئه الأساسية توفيرا للجهد والوقت على أطراف المنازعات التي تخضع لأحكامه تخفيفا للعبء على القضاء إلا أن ذلك لا يمس بحق التقاضي الذي يكفله الدستور في المادة 97 منه ولا ينال منه ذلك أن اشتراط تقديم طلب التوفيق إلى هذه اللجان وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول قبل الالتجاء إلى القضاء في هذه المنازعات يمثل مرحلة أولية مستقلة عن درجات التقاضي باستنفادها ينفتح الطريق أمام ذوي الشأن لعرض النزاع على القضاء للحصول على الحماية القانونية للحق المدعى به وبالتالي فمتى كانت المنازعة الخاضعة لأحكام ذلك القانون قد تعدد أشخاص الطرف الآخر فيها، واتفقت مصالحهم، أو كان موضوعها غير قابل للتجزئة أو لا يحتمل الفصل فيه سوى حل واحد، وسبق لأحد أو لفريق منهم تقديم طلب بعرضها على لجنة التوفيق، فإن الغاية من هذا الإجراء تكون قد تحققت بالنسبة للباقين، وباستنفاد هذه المرحلة، سواء بإصدار اللجنة لتوصيتها في تلك المنازعة في الميعاد المقرر لعرضها أو بفوات هذا الميعاد دون عرضها أو إصدار توصية فيها تنقضي سلطة لجنة التوفيق في شأنها بقوة القانون، وينفتح الطريق أمام هؤلاء الأطراف جميعا للالتجاء إلى المحكمة المختصة لرفع الدعوى. لما كان ذلك، وكانت المنازعة محل الدعوى الراهنة خاضعة لأحكام القانون المذكور، وقد تعدد أشخاص الطرف الآخر المضرور فيها واتفقت مصالحهم وقد سبق لبعضهم تقديم طلب بعرضها على لجنة التوفيق في المنازعات المختصة قيد برقم ...... لسنة 2002 وأن اللجنة قد نظرت فيه وأصدرت توصية بعدم اختصاصها بنظره، ومن ثم فإن الغاية من هذا الإجراء تكون قد تحققت بالنسبة للباقين، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض للطاعنين بالبندين ثانيا وثالثا وبعدم قبول الدعوى بالنسبة لهم لعدم اللجوء إلى تلك اللجنة قبل رفعها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون - وهو ما يتسع له وجه النعي - بما يوجب نقضه في هذا الخصوص والإحالة، إذ حجبه هذا الخطأ عن بحث موضوع الدعوى في هذا الشق.
وحيث إن الطاعنين بالبند أولا ينعون على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسببين الثاني والثالث الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، إذ أقام قضاءه بقيام السبب الأجنبي على أن سقوط الشجرة على السيارة كان يستقلها مورثهم - وباقي المجني عليهم - بطريق القاهرة - أسوان السريع، وإصابته بالإصابات التي أودت بحياته، كان حادث مفاجئ لا دخل لهيئة الطرق التي يمثلها المطعون ضدهما بصفتيهما في وقوعه، فضلا عن أن الشجرة في ذاتها ليست من الأشياء الخطرة بطبيعتها، وقد خلت الأوراق من دليل يقيني على أنها كانت بحسب الظروف والملابسات تنذر بالخطر أو أنها كانت في حالة تسمح عادة بحدوثه، في حين أن الثابت من أقوال شاهديهم أمام محكمة أول درجة أن سقوط تلك الشجرة الضخمة المغروسة على جانب الطريق كان راجعا لما أصابها من شيخوخة وهشاشة جذورها، مما ينفي عن الحادث صفة القوة القاهرة، ويعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المسئولية المقررة بالمادة 178 من القانون المدني - وعلى ما جرى به من قضاء هذه المحكمة - تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء افتراضا لا يقبل إثبات العكس متى تدخل الشيء تدخلا إيجابيا في إحداث الضرر ولا ترتفع عنه هذه المسئولية إلا إذا أثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير، ولا يعتبر الفعل سببا أجنبيا إلا إذا كان خارجا عن الشيء فلا يتصل بذاتيته، ولا يمكن توقعه أو دفعه أو درء نتائجه ويؤدي مباشرة إلى وقوع الحادث، وأنه وإن كان لمحكمة الموضوع تقدير ما إذا كانت الواقعة المدعى بها تعتبر سببا أجنبيا ينقضي به الالتزام وتنتفي به المسئولية إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر سقوط الشجرة فجأة على السيارة التي كان يستقلها مورث الطاعنين وباقي المجني عليهم سببا أجنبيا - حادث مفاجئ - مما يعفي المطعون ضدهما بصفتيهما من مسؤوليتهما كحارسين عليها، مع أن الثابت مما حصله الحكم من أقوال شاهدي الطاعنين أمام محكمة أول درجة أن سقوط تلك الشجرة الضخمة المغروسة على جانب الطريق السريع كان بسبب هشاشة جذورها لما أصابها من شيخوخة، وأن سقوطها وإن كان لا يمكن دفعه إلا أنه يمكن توقعه والتحرز من حدوثه، فلا يعتبر من قبيل السبب الأجنبي، وإذ خالف الحكم هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض لهؤلاء الطاعنين وبرفض الدعوى في هذا الشق، فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه في هذا الخصوص - أيضا - والإحالة.

الطعن 13222 لسنة 80 ق جلسة 12 / 6 / 2014 مكتب فني 65 ق 118 ص 720

جلسة 12 من يونيو سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ نعيم عبد الغفار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسن العبادي، سمير حسن، محمد عاطف ثابت نواب رئيس المحكمة وأبو بكر أحمد إبراهيم. 
----------------
(118)
الطعن 13222 لسنة 80 القضائية
(1 - 8) حكم "عيوب التدليل: التناقض: ما يعد كذلك". قانون "القانون واجب التطبيق: سريان القانون: سريان القانون من حيث الزمان". عقد "بطلان العقد وإبطاله". ملكية فكرية "حق المؤلف: حق استغلال المصنف" "المصنف الجماعي" "الحماية القانونية للمصنف".
(1) أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا تنعطف آثارها على ما يقع قبلها ما لم ينص على خلاف ذلك. عدم جواز انسحاب القانون الجديد على ما يكون قد انعقد من تصرفات أو تحقق من أوضاع قبل العمل به. 
(2) عقد البيع والتنازل عن ملكية نيجاتيف المصنف موضوع الدعوى وكافة حقوق الاستغلال والتوزيع والصادر إلى ورثة المطعون ضده الأول خلال مدة نفاذ أحكام ق 354 لسنة 1954 الخاص بحماية حق المؤلف. مؤداه. عدم خضوع العقد لأحكام ق 82 لسنة 2002. 
(3) قضاء الحكم المطعون فيه ببطلان الشرط الوارد في عقد بيع المصنف محل التداعي فيما جاوز مدة الخمسين عاما. صحيح. علة ذلك. م 143 مدني. 
(4) منتج المصنف السينمائي أو الإذاعي أو التليفزيوني. ماهيته. م 34 ق 354 لسنة 1954. اعتبار المنشئ الحقيقي للمصنف. 
(5) المصنف الجماعي. ماهيته. م 27 ق 354 سنة 1954. 
(6) التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده. ماهيته. 
(7) انتهاء الحكم المطعون فيه إلى أن الأفلام السينمائية محل التداعي هي مصنفات جماعية لمنتجها حقوق المؤلف عليها وبداية مدة حماية حقوق الاستغلال المالي لها من تاريخ وفاته. استخلاص سائغ. النعي بأن تاريخ الوفاة يبدأ من تاريخ وفاة آخر مؤلف. لا محل له. 
(8) تضمن العقد محل التداعي تحديد الأفلام السينمائية المتفق على التنازل عنها تحديدا نافيا للجهالة وطرق ووسائل استغلالها. مؤداه. تحديد الحق المتنازل عنه. 
-------------- 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا تنعطف آثارها على ما يقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك بما مؤداه عدم انسحاب تطبيق القانون الجديد على ما يكون قد وقع قبل العمل به من تصرفات أو تحقق من أوضاع إذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولا به وقت وقوعها إعمالا لمبدأ عدم رجعية القوانين. 
2 - إذ كان الثابت أن الطاعن استند في دعواه إلى عقد البيع والتنازل الصادر من ورثة المرحوم/... إلى المطعون ضده الأول بتاريخ 15/2/2000 أي خلال مدة نفاذ أحكام القانون رقم 354 لسنة 1954 الخاص بحماية حق المؤلف باعتباره القانون الذي كان ساريا وقت إبرامه فلا ينطبق عليه قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 والمعمول به في يونيو سنة 2002، وبالتالي فإن تمسك الطاعن بإعمال المادة 149 من هذا القانون أو غيرها من مواده لا محل له ولا ينطبق على الواقعة المطروحة. 
3 - إن مفاد النص في المادة 143 من القانون المدني أنه إذا لم يقم من يدعي البطلان الدليل على أن الشق الباطل أو القابل للإبطال لا ينفصل عن جملة التعاقد يظل ما بقى من العقد صحيحا باعتباره عقدا مستقلا ويقتصر البطلان على الشق الباطل وحده. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في قضائه إلى أن مدة حماية حقوق الاستغلال للمصنفات الجماعية ومنها الأفلام السينمائية خمسون عاما، ومن ثم أبطل الشرط الوارد بعقد التداعي (عقد البيع والتنازل) فيما جاوز هذه المدة، وأنه ليس من حق الطاعن أو الورثة التمسك بالبطلان خلالها، كما أن الطاعن لم يقم الدليل على أن الشق الباطل لا ينفصل عن جملة التعاقد، وكان ما خلص إليه الحكم سائغا ويتفق وصحيح حكم القانون، فإن النعي عليه بهذين الوجهين (مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب) يكون على غير أساس. 
4 - إن مفاد نص المادة 34 من القانون رقم 354 لسنة 1954 أن منتج المصنف السينمائي أو الإذاعي أو التليفزيوني هو الذي يتولى تهيئة الوسائل المادية والمالية اللازمة لإنتاجه وتحقيق إخراجه باعتباره المنشئ الحقيقي للمصنف فيعد تبعا لذلك نائبا عن مؤلفيه وعن خلفهم في الاتفاق على عرض الشريط واستغلاله، ومتنازلاً له عن هذا الاستغلال ما لم يتفق على خلاف ذلك. 
5 - إن مفاد نص المادة 27 من القانون رقم 354 لسنة 1954 أنه حتى يعد المصنف جماعيا يجب أن يشترك في وضعه جماعة بتوجيه من شخص يتكفل بنشره تحت إدارته باسمه ويندمج هدفه مع هدف المشتركين فيه اندماجا يستحيل معه فصل عمل كل منهم وتمييزه عن غيره. 
6 - المقرر - أن التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه وبحيث لا يفهم منه على أي أساس أقامت المحكمة قضاءها، فإذا ما اشتمل الحكم على أسباب كافية لحمله وتبرر وجه قضائه، فلا محل للنعي عليه بالتناقض ما دام أن قصد المحكمة ظاهر ورأيها واضح. 
7 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أن الأفلام السينمائية محل التداعي هي مصنفات جماعية، وأن المنتج "مورث الطاعن" هو مالك حقوق المؤلف عليها، فإن مدة حماية حقوق الاستغلال المالي لتلك المصنفات تبدأ من تاريخ وفاته، وهي أسباب سائغة تتفق وأحكام القانون رقم 354 لسنة 1954 بشأن حماية حق المؤلف دون أن يخالطها أو يشوبها التناقض أو التعارض وبما يكفي لحمل قضائه، فإن النعي عليه بهذين الوجهين (الخطأ في تطبيق القانون والتناقض) يكون في غير محله. 
8 - إن تعرض الحكم المطعون فيه لدفاع الطاعن في هذا الخصوص (بطلان عقد البيع والتنازل محل التداعي) وخلص في مدوناته إلى أن الثابت من العقد أنه تضمن تحديد الأفلام السينمائية المتفق عليها تحديدا نافيا للجهالة وهو ما يكفي لتحديد الحق المتنازل عنه، كما تضمن هذا العقد طرق ووسائل استغلال المصنفات المتنازل عنها، وهو ما يضحى معه النعي بهذا الوجه قائما على غير سند. 
------------ 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم ... لسنة ... ق لدى الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية على المطعون ضدهم الثلاثة الأول بطلب الحكم - وفقا لطلباته الختامية أولا: بإلزام الثاني بإصدار شهادة بأحقيته في ملكية النيجاتف وكافة حقوق استغلال وتوزيع أفلام (... - ... - ... - ... - ...). ثانيا: إلزام الأول متضامنا مع الثالث بتسليمه نيجاتف الأفلام سالفة الذكر. ثالثا: بطلان عقد البيع المؤرخ 15/2/2000 والتنازل المقدم عنه في الشهر العقاري، وذلك على سند من القول أنه بموجب عقد البيع المؤرخ 15/2/2000 باع وتنازل ورثة المرحوم/... ومنهم الطاعن للمطعون ضده الأول بصفته عن ملكية نيجاتف وكافة حقوق الاستغلال والتوزيع في جميع أنحاء العالم للأفلام الخمسة سالفة الذكر، وبموجب خطاب موجه إلى المطعون ضده الثالث تنازل الطاعن بصفته أحد الورثة إلى المطعون ضده الأول عن ذات الأفلام وتصدق عليه بالشهر العقاري، وإذ كان العقد وخطاب التنازل قد وقعا باطلين لمخالفتهما القانون، فقد أقام دعواه. تم إدخال المطعون ضدهم (رابعا) بصفتهم باقي ورثة المرحوم/...، وبتاريخ 30/5/2010 قضت المحكمة ببطلان الشرط الوارد في عقد البيع والتنازل المؤرخ 15/2/2000 والموثق برقم ... في 17/2/2000 فيما تعلق منه بمدته فيما جاوز مدة الخمسين سنة بدءا من تاريخ وفاة مورث الطاعن والخصوم المدخلين وصحة العقد وبنوده فيما عدا ذلك. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على دائرة فحص الطعون منعقدة - في غرفة مشورة - فرأته جديرا بالنظر وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها. 
-------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وعلى رأي دائرة فحص الطعون وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وذلك من خمسة أوجه وفي بيان الأول والثالث منها يقول إنه قضى ببطلان الشرط الوارد بعقد البيع والتنازل فيما جاوز مدة الخمسين عاما بدءا من تاريخ وفاة مورثه، في حين أن العقد فقد شرطا جوهريا من شروط صحة انعقاده وهو تعيين مدة الاستغلال إذ أورد عبارة "مدة تسعة وتسعين عاما" تجدد تلقائيا وهو ما يجعل العقد مؤيدا بما يبطله بطلانا مطلقا من تاريخ انعقاده ولا يجوز تصحيحه في شق منه لمخالفته لنص آمر متعلق بالنظام العام هو نص المادة 149 من قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 والتي لا تجيز التنازل عن أي من الحقوق الواردة بعقد التنازل محل التداعي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا تنعطف آثارها على ما يقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، بما مؤداه عدم انسحاب تطبيق القانون الجديد على ما يكون قد وقع قبل العمل به من تصرفات أو تحقق من أوضاع، إذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولا به وقت وقوعها إعمالا لمبدأ عدم رجعية القوانين. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعن استند في دعواه إلى عقد البيع والتنازل الصادر من ورثة المرحوم/... إلى المطعون ضده الأول بتاريخ 15/2/2000 أي خلال مدة نفاذ أحكام القانون رقم 354 لسنة 1954 الخاص بحماية حق المؤلف باعتباره القانون الذي كان ساريا وقت إبرامه فلا ينطبق عليه قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 والمعمول به في يونيه سنة 2002، وبالتالي فإن تمسك الطاعن بإعمال المادة 149 من هذا القانون أو غيرها من مواده لا محل له ولا ينطبق على الواقعة المطروحة، لما كان ذلك، وكان النص في المادة 143 من القانون المدني على أن "إذا كان العقد في شق منه باطلا أو قابلا للإبطال فهذا الشق وحده هو الذي يبطل، إلا إذا تبين أن العقد ما كان يتم بغير الشق الذي وقع باطلا أو قابلا للإبطال فيبطل العقد كله" ومفاد ذلك أنه إذا لم يقم من يدعي البطلان الدليل على أن الشق الباطل أو القابل للإبطال لا ينفصل عن جملة التعاقد يظل ما بقى من العقد صحيحا باعتباره عقدا مستقلا ويقتصر البطلان على الشق الباطل وحده. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في قضائه إلى أن مدة حماية حقوق الاستغلال للمصنفات الجماعية ومنها الأفلام السينمائية خمسون عاما، ومن ثم أبطل الشرط الوارد بعقد التداعي فيما جاوز هذه المدة، وأنه ليس من حق الطاعن أو الورثة التمسك بالبطلان خلالها، كما أن الطاعن لم يقم الدليل على أن الشق الباطل لا ينفصل عن جملة التعاقد، وكان ما خلص إليه الحكم سائغا ويتفق وصحيح حكم القانون، فإن النعي عليه بهذين الوجهين يكون على غير أساس.
وحيث إنه وفي بيان الطاعن للوجهين الثاني والرابع من سبب الطعن يقول إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد بأسبابه أن المنتج نائب عن المؤلف انتهى إلى احتساب بدء مدة الحماية من تاريخ وفاة المنتج "مورث الطاعن" في حين أن مدة الحماية المقررة تبدأ من تاريخ وفاة آخر مؤلف، بما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والتناقض مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 20 من القانون رقم 354 لسنة 1954 بإصدار قانون حماية حق المؤلف - الواجب التطبيق - على الدعوى على أن "ومع عدم الإخلال بحكم المادة الثامنة تنقضي حقوق الاستغلال المالي المنصوص عليها في المواد 5، 6، 7 بمضي خمسين سنة على وفاة المؤلف ...." وأن مفاد نص المادة 34 من ذات القانون أن منتج المصنف السينمائي أو الإذاعي أو التليفزيوني هو الذي يتولى تهيئة الوسائل المادية والمالية اللازمة لإنتاجه وتحقيق إخراجه باعتباره المنشئ الحقيقي للمصنف فيعد تبعا لذلك نائبا عن مؤلفيه وعن خلفهم في الاتفاق على عرض الشريط واستغلاله، ومتنازلا له عن هذا الاستغلال ما لم يتفق على خلاف ذلك، وكان مفاد نص المادة 27 من ذلك القانون أنه حتى يعد المصنف جماعيا يجب أن يشترك في وضعه جماعة بتوجيه من شخص يتكفل بنشره تحت إدارته باسمه ويندمج هدفه مع هدف المشتركين فيه اندماجا يستحيل معه فصل عمل كل منهم وتمييزه عن غيره، ومن المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه وبحيث لا يفهم منه على أي أساس أقامت المحكمة قضاءها، فإذا ما اشتمل الحكم على أسباب كافية لحمله وتبرر وجه قضائه، فلا محل للنعي عليه بالتناقض ما دام أن قصد المحكمة ظاهر ورأيها واضح. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أن الأفلام السينمائية محل التداعي هي مصنفات جماعية، وأن المنتج "مورث الطاعن" هو مالك حقوق المؤلف عليها، فإن مدة حماية حقوق الاستغلال المالي لتلك المصنفات تبدأ من تاريخ وفاته، وهي أسباب سائغة تتفق وأحكام القانون رقم 354 لسنة 1954 بشأن حماية حق المؤلف دون أن يخالطها أو يشوبها التناقض أو التعارض وبما يكفي لحمل قضائه، فإن النعي عليه بهذين الوجهين يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل نعي الطاعن بالوجه الخامس أن عقد التنازل محل التداعي جاء في عبارة عامة دون تحديد الحقوق المتنازل عنها أو طريقة ونوع استغلالها، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن دفاعه ببطلان العقد لهذا السبب، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الحكم المطعون فيه تعرض لدفاع الطاعن في هذا الخصوص وخلص في مدوناته إلى أن الثابت من العقد أنه تضمن تحديد الأفلام السينمائية المتفق عليها تحديدا نافيا للجهالة وهو ما يكفي لتحديد الحق المتنازل عنه، كما تضمن هذا العقد طرق ووسائل استغلال المصنفات المتنازل عنها، وهو ما يضحى معه النعي بهذا الوجه قائما على غير سند وغير مقبول.
وحيث إنه، ولما تقدم يتعين رفض الطعن. 

الثلاثاء، 12 يناير 2021

الطعنان 9339 ، 9431 لسنة 81 ق جلسة 12 / 6 / 2014 مكتب فني 65 ق 119 ص 727

جلسة 12 من يونيو سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ نعيم عبد الغفار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد حسن العبادي، سمير حسن، عبد الله لملوم ومحمد عاطف ثابت نواب رئيس المحكمة. 
-------------- 
(119)
الطعنان 9339 ، 9431 لسنة 81 القضائية
(1) دفوع "الدفوع الشكلية: الدفوع الشكلية التي تتعلق بالنظام العام: الدفع بعدم الاختصاص النوعي أو القيمي أو الولائي".
الدفع بعدم الاختصاص الولائي أو القيمي أو النوعي. اعتباره مطروحا على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام. جواز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض ولها إثارته من تلقاء نفسها.
(2) دعوى "إجراءات نظر الدعوى: الدفاع في الدعوى: الدفاع الجوهري".
عدم رد الحكم على دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى. قصور.
(3 - 8) دعوى "تقدير قيمة الدعوى: تقدير قيمة الدعوى لتحديد نصاب الاستئناف". محاكم اقتصادية "اختصاص المحاكم الاقتصادية: الاختصاص القيمي".
(3) المحاكم الاقتصادية. تشكيلها. اختصاصها. المواد الأولى والثانية والسادسة ق 120 لسنة 2008.
(4) الدوائر الابتدائية بالمحكمة الاقتصادية. نصابها. عدم مجاوزة قيمة الدعوى خمسة ملايين جنيه. الدوائر الاستئنافية بها. نصابها. مجاوزة قيمة الدعوى خمسة ملايين جنيه أو كونها غير مقدرة القيمة. 
(5) تقدير قيمة الدعوى لتعيين المحكمة المختصة وتقدير نصاب الاستئناف. مناطه. الطلبات الختامية للخصوم. 
(6) تعديل المصرف المطعون ضده الأول طلباته أمام الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية. مؤداه. الاعتداد بالطلب الختامي في تقدير قيمة الدعوى وتعيين المحكمة المختصة بنظرها. لا وجه للقول بأن الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية هي صاحبه الاختصاص العام في نطاق القضاء الاقتصادي وأن تحديد الاختصاص القيمي لكل من الدوائر الاستئنافية والابتدائية منها يعد من قبيل توزيع العمل. علة ذلك. 
(7) القضاء السابق بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى الدائرة الاستئنافية للمحكمة الاقتصادية. حيازته قوة الأمر المقضي. أثره. لا حجية له بشأن الاختصاص القيمي. 
(8) قضاء الحكم المطعون فيه في الدعوى ملتفتا عن الدفع المبدي بعدم اختصاص الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية قيميا بنظرها رغم تعديل الطلبات بما يندرج في اختصاص الدائرة الابتدائية. خطأ ومخالفة للقانون. 
(9) نقض "أثر نقض الحكم: نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص".
نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص. وجوب أن تقتصر محكمة النقض على الفصل في مسألة الاختصاص. عند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة. م 269/ 1 مرافعات.
------------ 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الدفع بعدم الاختصاص الولائي أو القيمي أو النوعي يعتبر دائما مطروحا على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام ولو لم يدفع به أمامها فلا يسقط الحق في إبدائه والتمسك به حتى لو تنازل عنه الخصوم ويجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض إذا لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع كما يجوز لمحكمة النقض أن تثيره من تلقاء نفسها. 
2 - إن عدم الإشارة أو الرد على أوجه الدفوع والدفاع الجوهري الذي قد يتغير بتحققه وجه الرأي في الدعوى يعد قصورا في تسبيب الحكم. 
3 - إن النص في المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية على أن "تنشأ بدائرة اختصاص كل محكمة استئناف محكمة تسمى المحكمة الاقتصادية ... وتتشكل ... من دوائر ابتدائية ودوائر استئنافية، والنص في المادة السادسة منه على أنه "فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة تختص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها بنظر المنازعات والدعاوى التي لا تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه والتي تنشأ عن تطبيق القوانين الآتية 1- ... 2- ... 3- ... 4 - ... وتختص الدوائر الاستئنافية في المحاكم الاقتصادية - دون غيرها - بالنظر ابتداء في كافة المنازعات والدعاوى المنصوص عليها في الفقرة السابقة إذا جاوزت قيمتها خمسة ملايين جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة" مما مؤداه أن المشرع بموجب القانون 120 لسنة 2008 نظم المحاكم الاقتصادية ككيان قضائي خاص داخل جهة المحاكم على شكل يختلف عن تشكيل جهة المحاكم العادية بتشكيلها من دوائر ابتدائية ودوائر استئنافية حدد اختصاصها بمنازعات تنشأ عن تطبيق قوانين معينة نصت عليها المادة السادسة آنفة البيان. 
4 - إن المشرع ميز في اختصاص تلك الدوائر بحسب قيمة الدعوى فإذا لم تجاوز الخمسة ملايين جنيه انعقد الاختصاص بنظرها للدوائر الابتدائية، أما إذا جاوزت قيمتها هذا المبلغ أو كانت غير مقدرة القيمة انعقد الاختصاص بنظرها للدوائر الاستئنافية. 
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن العبرة في تقدير قيمة الدعوى لتعيين المحكمة المختصة ولتقدير نصاب الاستئناف تكون بالطلبات الختامية للخصوم لا بالطلبات التي تتضمنها صحيفة الدعوى. 
6 - إذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المصرف المطعون ضده الأول - المدعي في الدعوى المبتدأة - عدل طلباته أمام الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية إلى طلب إلزام الجمعية الطاعنة والمطعون ضده الثاني - بالتضامن - بأن يؤديا له مبلغ ... جنيه والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة في 19/4/2004 حتى تمام السداد، ومن ثم فإن هذا الطلب يعد هو الطلب الختامي في الدعوى ويكون هو المعتبر في تقدير قيمتها وتعيين المحكمة المختصة بنظرها وكان المشرع بموجب الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإصدار قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية - سالفة البيان - قد خص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية – دون غيرها - بنظر المنازعات والدعاوى الناشئة عن تطبيق القوانين التي عددتها تلك المادة - أيا كان نوعها - متى كانت قيمتها لا تجاوز خمسة ملايين جنيه وهو الأمر المنطبق على الدعوى الماثلة مما يجعل الاختصاص بنظرها منعقدا للدائرة الابتدائية بالمحكمة الاقتصادية - دون غيرها - ولا مساغ للقول بأن تعديل الطلبات أمام الدائرة الاستئنافية بالمحكمة سالفة الذكر على النحو آنف البيان لا يسلب تلك الدائرة اختصاصها بنظر الدعوى باعتبارها المحكمة الأعلى في نظام القضاء الاقتصادي أسوة بالمحكمة الابتدائية في الدعاوى العادية التي تختص بنظر الطلب المعدل مهما تكن قيمته ذلك أن المحكمة الابتدائية - وعلى نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات - تعتبر هي المحكمة ذات الاختصاص العام في النظام القضائي، ومن ثم فإنها تكون مختصة بنظر كافة الدعاوى ما لم تكن من اختصاص المحكمة الجزئية بنص خاص ولا يصح استصحاب ذلك الحكم على الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية واعتبارها المحكمة ذات الاختصاص العام في نظام القضاء الاقتصادي ذلك أن المشرع أفرد بنص المادة السادسة من قانون إنشاء المحكمة الاقتصادية السالف بيانها لكل من الدوائر الابتدائية والاستئنافية اختصاصا نوعيا وقيميا محددا على سبيل الحصر فلا يجوز لأي منهما أن تتعداه وتسلب الأخرى اختصاصها ويؤكد ذلك ويدعمه أن المشرع خص الأحكام الصادرة عن كل من الدائرتين بسبيل طعن معين مغاير للآخر كما أنه لا وجه للقول بأن تحديد الاختصاص القيمي لكل من الدوائر الابتدائية والاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية يعد من قبيل تنظيم توزيع العمل بين دوائر المحكمة الواحدة الذي لا يترتب على عدم احترامه مخالفة قواعد الاختصاص إذ إن المشرع وإن نص على أن المحكمة الاقتصادية تتشكل من دوائر ابتدائية وأخرى استئنافية بيد أنه لم ينط بالجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف التابعة لها تلك المحكمة أمر تحديد نصاب اختصاص كل من هاتين الدائرتين وإنما حدد لكل منهما - كما سلف بيانه - نصابا قيميا محددا وسبيلا معينا للطعن في الأحكام مما لا يساغ معه القول بأن ذلك من قبيل توزيع العمل بين دوائر المحكمة الواحدة. 
7 - إن القضاء السابق بعدم اختصاص محكمة الجيزة الابتدائية نوعيا بنظر الدعوى المطعون في حكمها وإحالتها إلى محكمة القاهرة الاقتصادية - الدائرة الاستئنافية - والذي أضحى حائزا لقوة الأمر المقضي لا حجية له بشأن الاختصاص القيمي ولا يمنع الدائرة الاستئنافية المحال إليها الدعوى من القضاء بعدم اختصاصها قيميا بنظرها إذا ما رأت ذلك. 
8 - إذ كان الحكم المطعون فيه - الصادر عن الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية - قد التفت عن الدفع المبدى من الجمعية الطاعنة في الطعن الأول بعدم اختصاص الدائرة الاستئنافية قيميا بنظر الدعوى، وفصل في موضوع الدعوى بما ينطوي قضاؤه على اختصاصها ضمنيا بنظرها بالرغم من أنها أضحت بعد تعديل المصرف المطعون ضده الأول طلباته فيها من اختصاص الدائرة الابتدائية بذات المحكمة، فإنه يكون - فضلاً عن قصوره - قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه. 
9 - إن النص في المادة 269/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة" - ولما تقدم - فإن المحكمة تقضي في الدعوى رقم ... لسنة .. ق اقتصادي ... بعدم اختصاص الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية بنظر الدعوى وباختصاص إحدى الدوائر الابتدائية بها بنظرها. 
------------ 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المصرف المطعون ضده الأول في الطعنين أقام على الجمعية الطاعنة في الطعن الأولى رقم 9339 لسنة 81 ق وعلى المطعون ضده الثاني في ذات الطعن الدعوى رقم ... لسنة 2004 تجاري 2004 الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما بأن يؤديا له مبلغ ... جنيه والفوائد القانونية من تاريخ الاستحقاق وحتى تمام السداد، على سند من القول بأنه يداين المطعون ضده الثاني بمبلغ ... جنيه، وقد أحال له الأخير حقوقه لدى الجمعية الطاعنة الناشئة عن عقد المقاولة المبرم بينهما، ونفاذا لتلك الحوالة التي تم إعلانها إلى الجمعية سالفة الذكر أقام دعواه لمطالبتها بمستحقات المطعون ضده الثاني لديها. تدخل مورث الطاعنين في الطعن الثاني رقم 9431 لسنة 81 ق - المرحوم ... - هجوميا في الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا فيها، وبعد أن أودع تقريره شطبت الدعوى وجدد المصرف المطعون ضده الأول السير فيها دون الخصم المتدخل، وبتاريخ 24/6/2009 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القاهرة الاقتصادية "الدائرة الاستئنافية" حيث قيدت برقم ... لسنة 2 ق اقتصادية. عدل المصرف طلباته إلى إلزام الجمعية الطاعنة والمطعون ضده الثاني في الطعن الأول السالف بيانه بأن يؤديا له - بالتضامن - مبلغ ... جنيه والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة في 19/4/2004 حتى تمام السداد، وبتاريخ 30/3/2011 قضت المحكمة الاقتصادية - الدائرة الاستئنافية - باعتبار التدخل كأن لم يكن وبإلزام الجمعية الطاعنة بأن تؤدي للمصرف المطعون ضده الأول المبلغ سالف البيان والفوائد بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة في 19/10/2004 حتى تمام السداد. طعنت الجمعية في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 9339 لسنة 81 ق كما طعن فيه بذات الطريق ورثة الخصم المتدخل بالطعن رقم 9431 لسنة 81 ق. قدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن الثاني وفي الطعن الأول بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعنان على دائرة فحص الطعون الاقتصادية حددت جلسة لنظرهما أمام المحكمة، وفيها أمرت بضم الطعن الثاني للأول للارتباط وليصدر فيهما 
-------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وعلى رأي دائرة فحص الطعون وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون في الطعن الثاني والجمعية الطاعنة في الطعن الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع، إذ التفت عن الدفع المبدي من الجمعية بعدم اختصاص الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية بنظر الدعوى بعد أن عدل المصرف المطعون ضده الأول طلباته أمام المحكمة الاقتصادية إلى المطالبة بمبلغ ... جنيه بما يجعلها تدخل في اختصاص الدائرة الابتدائية بالمحكمة الاقتصادية دون الدائرة الاستئنافية عملا بنص المادة السادسة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الدفع بعدم الاختصاص الولائي أو القيمي أو النوعي يعتبر دائما مطروحا على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام ولو لم يدفع به أمامها فلا يسقط الحق في إبدائه والتمسك به حتى ولو تنازل عنه الخصوم ويجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض إذا لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع، كما يجوز لمحكمة النقض أن تثيره من تلقاء نفسها كما أن عدم الإشارة أو الرد على أوجه الدفوع والدفاع الجوهري الذي قد يتغير بتحققه وجه الرأي في الدعوى يعد قصورا في تسبيب الحكم ، وكان النص في المادة الأولى من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية على أن "تنشأ بدائرة اختصاص كل محكمة استئناف محكمة تسمى المحكمة الاقتصادية ... وتتشكل ... من دوائر ابتدائية ودوائر استئنافية، والنص في المادة السادسة منه على أنه "فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة تختص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها بنظر المنازعات والدعاوى التي لا تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه والتي تنشأ عن تطبيق القوانين الآتية 1- ... 2- ... 3- ... 4- ... وتختص الدوائر الاستئنافية في المحاكم الاقتصادية - دون غيرها - بالنظر ابتداء في كافة المنازعات والدعاوى المنصوص عليها في الفقرة السابقة إذا جاوزت قيمتها خمسة ملايين جنيه أو كانت غير مقدره القيمة" مما مؤداه أن المشرع بموجب القانون 120 لسنة 2008 نظم المحاكم الاقتصادية ككيان قضائي خاص داخل جهة المحاكم على شكل يختلف عن تشكيل جهة المحاكم العادية بتشكيلها من دوائر ابتدائية ودوائر استئنافية حدد اختصاصها بمنازعات تنشأ عن تطبيق قوانين معينة نصت عليها المادة السادسة آنفة البيان وميز في اختصاص تلك الدوائر بحسب قيمة الدعوى فإذا لم تجاوز الخمسة ملايين جنيه انعقد الاختصاص بنظرها للدوائر الابتدائية أما إذا جاوزت قيمتها هذا المبلغ أو كانت غير مقدرة القيمة انعقد الاختصاص بنظرها للدوائر الاستئنافية، وأن العبرة في تقدير قيمة الدعوى لتعيين المحكمة المختصة ولتقدير نصاب الاستئناف تكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بالطلبات الختامية للخصوم لا بالطلبات التي تتضمنها صحيفة الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المصرف المطعون ضده الأول - المدعي في الدعوى المبتدأة - عدل طلباته أمام الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية إلى طلب إلزام الجمعية الطاعنة والمطعون ضده الثاني - بالتضامن - بأن يؤديا له مبلغ ... جنيه والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة في 19/4/2004 حتى تمام السداد، ومن ثم فإن هذا الطلب يعد هو الطلب الختامي في الدعوى ويكون هو المعتبر في تقدير قيمتها وتعيين المحكمة المختصة بنظرها، وكان المشرع بموجب الفقرة الأولى من المادة السادسة من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإصدار قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية - سالفة البيان - قد خص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية - دون غيرها - بنظر المنازعات والدعاوى الناشئة عن تطبيق القوانين التي عددتها تلك المادة - أيا كان نوعها - متى كانت قيمتها لا تجاوز خمسة ملايين جنيه وهو الأمر المنطبق على الدعوى الماثلة مما يجعل الاختصاص بنظرها منعقدا للدائرة الابتدائية بالمحكمة الاقتصادية - دون غيرها - ولا مساغ للقول بأن تعديل الطلبات أمام الدائرة الاستئنافية بالمحكمة سالفة الذكر على النحو آنف البيان لا يسلب تلك الدائرة اختصاصها بنظر الدعوى باعتبارها المحكمة الأعلى في نظام القضاء الاقتصادي أسوة بالمحكمة الابتدائية في الدعاوى العادية التي تختص بنظر الطلب المعدل مهما تكن قيمته ذلك أن المحكمة الابتدائية - وعلى نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات - تعتبر هي المحكمة ذات الاختصاص العام في النظام القضائي، ومن ثم فإنها تكون مختصة بنظر كافة الدعاوى ما لم تكن من اختصاص المحكمة الجزئية بنص خاص، ولا يصح استصحاب ذلك الحكم على الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية واعتبارها المحكمة ذات الاختصاص العام في نظام القضاء الاقتصادي ذلك أن المشرع أفرد بنص المادة السادسة من قانون إنشاء المحكمة الاقتصادية السالف بيانها لكل من الدوائر الابتدائية والاستئنافية اختصاصا نوعيا وقيميا محددا على سبيل الحصر فلا يجوز لأي منهما أن تتعداه وتسلب الأخرى اختصاصها ويؤكد ذلك ويدعمه أن المشرع خص الأحكام الصادرة عن كل من الدائرتين بسبيل طعن معين مغاير للآخر كما أنه لا وجه للقول بأن تحديد الاختصاص القيمي لكل من الدوائر الابتدائية والاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية يعد من قبيل تنظيم توزيع العمل بين دوائر المحكمة الواحدة الذي لا يترتب على عدم احترامه مخالفة قواعد الاختصاص، إذ إن المشرع وإن نص على أن المحكمة الاقتصادية تتشكل من دوائر ابتدائية وأخرى استئنافية بيد أنه لم ينط بالجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف التابعة لها تلك المحكمة أمر تحديد نصاب اختصاص كل من هاتين الدائرتين وإنما حدد لكل منهما - كما سلف بيانه - نصابا قيميا محددا وسبيلا معينا للطعن في الأحكام مما لا يساغ معه القول بأن ذلك من قبيل توزيع العمل بين دوائر المحكمة الواحدة وخليق بالتنويه أن القضاء السابق بعدم اختصاص محكمة الجيزة الابتدائية نوعيا بنظر الدعوى المطعون في حكمها وإحالتها إلى محكمة القاهرة الاقتصادية - الدائرة الاستئنافية - والذي أضحى حائزا لقوة الأمر المقضي لا حجية له بشأن الاختصاص القيمي ولا يمنع الدائرة الاستئنافية المحال إليها الدعوى من القضاء بعدم اختصاصها قيميا بنظرها إذا ما رأت ذلك، ولما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه - الصادر عن الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية - قد التفت عن الدفع المبدي من الجمعية الطاعنة في الطعن الأول بعدم اختصاص الدائرة الاستئنافية قيميا بنظر الدعوى وخالف النظر السالف بيانه وفصل في موضوع الدعوى بما ينطوي قضاؤه على اختصاصها ضمنيا بنظرها بالرغم من أنها أضحت بعد تعديل المصرف المطعون ضده الأول طلباته فيها من اختصاص الدائرة الابتدائية بذات المحكمة، فإنه يكون - فضلا عن قصوره - قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعنين.
وحيث إنه لما كانت المادة 269/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة - ولما تقدم - فإن المحكمة تقضي في الدعوى رقم ... لسنة 2 ق اقتصادي القاهرة بعدم اختصاص الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية بنظر الدعوى وباختصاص إحدى الدوائر الابتدائية بها بنظرها.