الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 نوفمبر 2020

الطعن 11048 لسنة 81 ق جلسة 19 / 11 / 2013 مكتب فني 64 ق 134 ص 905

جلسة 19 من نوفمبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ جرجس عدلي "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ السيد عبد الحكيم، منصور الفخراني، صلاح المنسي "نواب رئيس المحكمة" وحمدي الصالحي. 
----------------- 
(134)
الطعن 11048 لسنة 81 القضائية
(1) تأمين "التأمين الإجباري من حوادث السيارات".
المضرور من حوادث السيارات. حقه في مطالبة المؤمن بالتعويض في الحالات المبينة بالمادة الخامسة من قرار وزير المالية والاقتصاد رقم 153 لسنة 1955. منها تعويض المضرور إذا نشأت الوفاة عن عمل ارتكبه المؤمن له عن إرادة وسبق إصرار. للمؤمن محاجاة المؤمن له دون المضرور بالدفوع المستمدة من عقد التأمين. حق المؤمن في الرجوع على المؤمن له بما أداه من تعويض. علة ذلك. 
(2) قانون "تطبيق القانون".
قيام قانون خاص. أثره. عدم الرجوع إلى أحكام القانون العام إلا فيما فات القانون الخاص من أحكام. علة ذلك. 
(3) حكم "حجية الحكم الجنائي".
حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. مناطها. فصله فصلا لازما في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. أثره. عدم جواز إعادة بحث تلك الأمور أمام المحاكم المدنية. وجوب التزامها بتلك الحجية في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها. المادتان 456/ أ، ج، 102 إثبات. علة ذلك. 
(4) قوة الأمر المقضي "نطاقها: أحكام تحوز قوة الأمر المقضي".
القضاء بحكم جنائي بات بإدانة المطعون ضده السادس لقيادته السيارة بطريقة تعرض حياة المجني عليه للخطر وبسرعة كبيرة وطرحه أرضا ودهسه بإطارات السيارة. مؤداه. فصله فصلا لازما في الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية. أثره. حيازته قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية. التزام الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بذلك. أثره، النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون. نعي على غير أساس. 
(5) تعويض "التعويض عن الفعل الضار غير المشروع: الخطأ الموجب للتعويض".
التعويض عن الضرر المادي. شرطه. الإخلال بمصلحة مالية للمضرور بتحقق الضرر بالفعل أو أن يكون وقوعه في المستقبل حتميا. مناطه. ثبوت أن المجني عليه وقت وفاته كان يعول المضرور بالفعل على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة. أثره. تقدير القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائله وقضائه بالتعويض على هذا الأساس. 
(6) تعويض "التعويض عن الفعل الضار غير المشروع: الخطأ الموجب للتعويض".
قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف بتعويض المطعون ضدهم الثلاثة الأول وللرابع عن نفسه عن الضرر المادي لوفاة المورث استنادا لكونه العائل لهم دون التحقق من شروط الإعالة والمصدر الذي استقى منه تلك الإعالة. قصور وخطأ. 
------------------ 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النص في المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري على السيارات والفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون الأخير والفقرة (هـ) من المادة الخامسة من قرار وزير المالية والاقتصاد رقم 152 لسنة 1955 بتنفيذ حكم المادة الثانية من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري وفي المادة السادسة من القرار سالف الذكر يدل على أن المشرع يهدف إلى تخويل المضرور من حوادث السيارات حقا في مطالب المؤمن بالتعويض في الحالات المبينة بالمادة الخامسة من القرار رقم 152 لسنة 1955، ومنها تعويض المضرور إذا نشأت الوفاة عن عمل ارتكبه المؤمن له عن إرادة وسبق إصرار دون أن يستطيع المؤمن أن يحتج قبله بالدفوع المستمدة من عقد التأمين والتي يستطيع الاحتجاج بها قبل المؤمن له ومنح المؤمن في مقابل ذلك حق الرجوع على المؤمن له بقيمة ما يكون قد أداه من تعويض والقول بغير ذلك من شأنه أن يجعل النص على حق المؤمن في الرجوع على المؤمن له بما أداه من تعويض عند حدوث الوفاة عن عمل عمدي لغواً لا طائل منه وهو ما يتنزه عنه المشرع. 
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه مع قيام القانون الخاص لا يرجع إلى القواعد العامة المنصوص عليها في القانون المدني في صدد عقد التأمين إلا فيما فات القانون الخاص من أحكام، فلا يجوز إهدار أحكام القانون الخاص بذريعة إعمال قاعدة عامة لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي وضع من أجله القانون الخاص. 
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذ كان مفاد نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلا لازما في وقوع الفعل المكون الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفا للحكم الجنائي السابق له. 
4 - إذ كان الثابت في الحكم الصادر في الجناية رقم... لسنة... جنايات ثان الزقازيق (من حيث إن واقعات الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها... تتحصل في أنه... وأثناء تواجد المجني عليه... مساعد شرطة بميدان الزراعة ضمن أفراد مأمورية... وبصحبته كل من...، ... شاهد المتهم... واقفا بالسيارة قيادته رقم... بميدان الزراعة بالزقازيق فتوجه إليه المجني عليه وطلب منه أمر تشغيل السيارة فلم يرد عليه المتهم وأدار محرك السيارة فصعد المجني عليه سلم السيارة وأمسك بالباب المجاور لقائدها - المتهم - في محاولة منه لإيقاف السيارة إلا أن المتهم قد انطلق بالسيارة بسرعة كبيرة فجأة وبصورة عشوائية منحرفا بها يمينا ويسارا في محاولة للتخلص من المجني عليه ثم دفع الأخير بيده... في محاولة للتخلص منه والهروب بالسيارة فسقط المجني عليه أرضا بجوار إطارات السيارة الخلفية وحدثت إصاباته الموصوفة بتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته وتمكن المتهم من الهرب بالسيارة من مكان الحادث) وقضت المحكمة بحكم بات بإدانة المتهم (المطعون ضده السادس)، لما كان الثابت من الحكم الجنائي أنه قطع في أن الحادث وقع نتيجة قيادته السيارة بطريقة تعرض حياة المجني عليه للخطر وبسرعة كبيرة ودفعه بيده وأطرحه أرضا ودهسه بإطارات السيارة فإنه يكون قد فصل فصلا لازما في الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية ويحوز قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية، ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله. 
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور، وأن يكون الضرر محققا بأن يكون قد وقع بالفعل أو يكون وقوعه في المستقبل حتميا، والعبرة في تحقق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة آخر هو ثبوت أن المجني عليه كان يعوله فعلا وقت وفاته على نحو مستمر ودائم، وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة، وعندئذ يقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائله ويقضي له بالتعويض على هذا الأساس. 
6 - إذ كان الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه بالتعويض للمطعون ضدهم الثلاثة الأول وللرابع عن نفسه عن الضرر المادي على سند من القول أنه بوفاة المورث فاتت فرصة الإنفاق عليهم وإعالتهم ماديا في الكبر والشيخوخة والتي كانت محققه دون التحقق من شروط هذه الإعالة وما إذا كان المورث يعول حتى وفاته أولاده البالغين على وجه مستمر ودائم ودون بيان المصدر الذي استقى منه هذه الإعالة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعاره القصور في التسبيب. 
------------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الخمسة الأوائل أقاموا الدعوى رقم... لسنة... محكمة الزقازيق الابتدائية على الشركة الطاعنة والمطعون ضده السادس وآخرين بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامم فيما بينهم بأن يؤدوا لهم مبلغ خمسمائة ألف جنيه تعويضا، وقالوا بيانا لذلك إن المطعون ضده السادس استعمل القوة والعنف مع مورثهم ليحمله بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته وهو مطالعة أمر تشغيل السيارة قيادته بأن قاد السيارة بحالة تعرض حياة المجني عليه للخطر ثم دفعه بيده فسقط أرضا وحدثت إصاباته التي أودت بحياته، وأدين بحكم جنائي بات وإذ أصابتهم أضرار من جراء ذلك فأقاموا الدعوى. حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة والمطعون ضده السادس بالتضامن فيما بينهما بالتعويض الذي قدرته. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم... لسنة 51ق المنصورة - مأمورية الزقازيق - واستأنفه المطعون ضدهم الخمسة الأول لدى ذات المحكمة الاستئناف رقم... لسنة... ق وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها. 
-------------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه القاضي المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول منهما الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضي بإلزامها بالتعويض في حين أنه وفقا للمادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري والمادة ( 768 ) من القانون المدني أنه لا يجوز التأمين عن الخطأ العمدي، وأن شرط قبول دعوى التعويض هو أن يقع الحادث على سبيل الخطأ من سيارة مؤمن عليها وأن تثبت مسئولية قائدها، وإذ تم محاكمة المطعون ضده السادس عن جريمة الضرب المفضي إلى الموت وهي جريمة عمدية بما لا يجوز معه إلزامها بالتعويض، وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري على السيارات على أنه" يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو أي إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارة إذا وقعت في جمهورية مصر وذلك في الأحوال المنصوص عليها في المادة السادسة من القانون رقم 449 لسنة 1955... "، وكانت الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون الأخير تنص على أنه" ويجب أن يغطى التأمين المسئولية المدنية عن الإصابات التي تقع للأشخاص وأن يكون التأمين بقيمة غير محدودة". لما كان ذلك، وكان النص في الفقرة (ه) من المادة الخامسة من قرار وزير المالية والاقتصاد رقم 152 لسنة 1955 بتنفيذ حكم المادة الثانية من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري على أنه" يجوز للمؤمن أن يرجع على المؤمن له بقيمة ما يكون قد أداه من تعويض إذا ثبت أن الوفاة أو الإصابة البدنية قد نشأت عن عمل ارتكبه المؤمن له عن إرادة وسبق إصرار"، وفي المادة السادسة من القرار سالف الذكر على أنه" لا يترتب على حق الرجوع المقرر للمؤمن طبقا لأحكام القانون والشروط الواردة بهذه الوثيقة أي مساس بحق المضرور قبله" يدل على أن المشرع يهدف إلى تحويل المضرور من حوادث السيارات حقا في مطالبة المؤمن بالتعويض في الحالات المبينة بالمادة الخامسة من القرار رقم 152 لسنة 1955 ومنها تعويض المضرور إذا نشأت الوفاة عن عمل ارتكبه المؤمن له عن إرادة وسبق إصرار دون أن يستطيع المؤمن أن يحتج قبله بالدفوع المستمدة من عقد التأمين والتي يستطيع الاحتجاج بها قبل المؤمن له ومنح المؤمن في مقابل ذلك حق الرجوع على المؤمن له بقيمة ما يكون قد أداه من تعويض والقول بغير ذلك من شأنه أن يجعل النص على حق المؤمن في الرجوع على المؤمن له بما أداه من تعويض عند حدوث الوفاة عن عمل عمدي لغوا لا طائل منه وهو ما يتنزه عنه المشرع. لما كان ذلك، وكان من المقرر قانونا أنه مع قيام القانون الخاص لا يرجع إلى القواعد العامة المنصوص عليها في القانون المدني في صدد عقد التأمين إلا فيما فات القانون الخاص من أحكام، فلا يجوز إهدار أحكام القانون الخاص بذريعة إعمال قاعدة عامة لما في ذلك من منافاة صريحة للغرض الذي وضع من أجله القانون الخاص، وإذ كان مفاد نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلا لازمة في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفا للحكم الجنائي السابق له ، وكان الثابت في الحكم الصادر في الجناية رقم... لسنة... جنايات ثاني الزقازيق( من حيث إن واقعات الدعوي حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها... تتحصل في أنه... وأثناء تواجد المجني... مساعد شرطة بميدان الزراعة ضمن أفراد مأمورية... وبصحبته كل من... ،... شاهد المتهم... السائق بشركة... واقفا بالسيارة قيادته رقم... بميدان الزراعة بالزقازيق فتوجه إليه المجني عليه وطلب منه أمر تشغيل السيارة فلم يرد عليه المتهم وأدار محرك السيارة فصعد المجني عليه سلم السيارة وأمسك بالباب المجاور لقائدها- المتهم- في محاولة منه لإيقاف السيارة إلا أن المتهم قد انطلق بالسيارة بسرعة كبيرة فجأة وبصورة عشوائية منحرفا بها يمينا ويسارا في محاولة للتخلص من المجني عليه ثم دفع الأخير بيده في محاولة للتخلص منه والهروب بالسيارة فسقط المجني عليه أرضا بجوار إطارات السيارة الخلفية وحدثت إصاباته الموصوفة بتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته وتمكن المتهم من الهرب بالسيارة من مكان الحادث) وقضت المحكمة بحكم بات بإدانة المتهم( المطعون ضده السادس) لما كان الثابت من الحكم الجنائي أنه قطع في أن الحادث وقع نتيجة قيادته السيارة بطريقة تعرض حياة المجني عليه للخطر وبسرعة كبيرة ودفعه بيده وأطرحه أرضا ودهسه بإطارات السيارة فإنه يكون قد فصل فصلا لازما في الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية ويحوز قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضي بتعويض المطعون ضدهم من الأول حتى الرابع عما أصابهم من ضرر مادي على قالة إنه بوفاة مورثهم فاتت فرصة إنفاقه عليهم رغم أنهم بالغون وقادرون على الكسب والعمل فضلا عن أنهم لم يثبتوا إعالته لهم حتى وفاته بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أنه يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور، وأن يكون الضرر محققا بأن يكون قد وقع بالفعل أو يكون وقوعه في المستقبل حتميا، والعبرة في تحقق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة آخر هو ثبوت أن المجني عليه كان يعوله فعلا وقت وفاته على نحو مستمر ودائم، وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة، وعندئذ يقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائله ويقضي له بالتعويض على هذا الأساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه بالتعويض للمطعون ضدهم الثلاثة الأول وللرابع عن نفسه عن الضرر المادي على سند من القول أنه بوفاة المورث فاتت فرصة الإنفاق عليهم وإعالتهم ماديا في الكبر والشيخوخة والتي كانت محققه دون التحقق من شروط هذه الإعالة وما إذا كان المورث يعول حتى وفاته أولاده البالغين على وجه مستمر ودائم ودون بيان المصدر الذي استقى منه هذه الإعالة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعاره القصور في التسبيب بما يوجب نقضه نقضا جزئيا في هذا الشأن وعلى أن يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 11568 لسنة 85 ق جلسة 14 / 4 / 2016 مكتب فني 67 ق 52 ص 443

 جلسة 14 من أبريل سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / محمد محجوب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / علي فرجاني ، محمد رضا حسين ، محمد زغلول ونادر خلف نواب رئيس المحكمة .
-------------

(52)

الطعن رقم 11568 لسنة 85 القضائية

(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " .

التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون إيداع أسبابه . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً . علة ذلك ؟

(2) أسباب الإباحة وموانع العقاب " الإعفاء من العقوبة " . عقوبة " الإعفاء منها " . قانون " تفسيره " .

المادتان 144 ، 145 عقوبات . مفادهما ؟

وضوح عبارة النص بما لا لبس فيه . أثره : اعتبارها تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع وعدم جواز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك .

لا إعفاء من العقوبة بغير نص .

النصوص المتعلقة بالإعفاء وأسباب الإباحة التي ترتد لمبدأ ممارسة الحق أو القيام بالواجب . تفسر على سبيل الحصر . عدم جواز التوسع في تفسيرها بطريق القياس . غير جائز .

(3) إعانة الجناة على الفرار . إخفاء جثة . ارتباط . عقوبة " العقوبة المبررة " " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن " .

نعي الطاعن بقصور الحكم في التدليل على جريمة إخفاء جثة قتيل دون إخبار جهات القضاء . غير مجد . ما دامت المحكمة عاقبته بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة إعانة متهم على الفرار من وجه القضاء مع علمه بذلك . أساس ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الطاعن الثاني .... وإن قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم في الميعاد إلَّا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ، فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً ؛ لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله ، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه .

2- من المقرر أن الفقرة الثانية من المادتين 144 ، 145 من قانون العقوبات قد نصت على أنه " ولا تسري هذه الأحكام على زوج أو زوجة من أخفي أو سوعد على الاختفاء أو الفرار من وجه القضاء ولا على أبويه أو أجداده أو أولاده أو أحفاده " ، ومفاد هذا النص في صريح لفظه أن الشارع قصر الإعفاء الوارد في تلك الفقرة على الزوجات أو الأزواج وكذا على من تربطهم بالجاني قرابة نسب مباشرة أي الصلة بين الأصول والفروع ، فلا يكفي لتحقق هذه القرابة المباشرة أن يجمع بين الشخصين أصل مشترك ، وإنما يلزم أن يكون أحدهما أصلاً للآخر ويكون هذا الآخر فرعاً له – والعكس – وهذا هو الشأن في قرابة الابن لأبيه وقرابة الحفيد لجده – والعكس - ، ولم يشأ النص أن يمده إلى من تجمعهم قرابة الحواشي مع الجاني ، وهي الرابطة بين أشخاص يجمعهم أصل مشترك دون أن يكون أحدهم فرعاً للآخر وهذا الآخر أصلٌ له ، وهذا هو الشأن في قرابة الشخص لأخيه أو عمه ؛ إذ يجمعهما أصل واحد هو الأب أو الجد دون أن يكون أحدهما فرعاً للآخر . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة النص الواجب تطبيقه ، كما أنه لا إعفاء من العقوبة بغير نص ، وكانت النصوص المتعلقة بالإعفاء تفسر على سبيل الحصر فلا يصح التوسع في تفسيرها بطريق القياس ، ولا كذلك أسباب الإباحة التي ترتد كلها إلى مبدأ جامع هو ممارسة الحق أو القيام بالواجب ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً .

3- لما كان ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم من قصوره في التدليل على جريمة إخفاء جثة قتيل دون إخبار جهات القضاء وعدم استجلاء أركانها لا يجديه نفعاً ، ما دامت المحكمة قد طبقت عليه حكم المادة 32 من قانون العقوبات ، وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد وهي المقررة لجريمة إعانة متهم على الفرار من وجه القضاء مع علمه بذلك التي أثبتها الحكم في حقه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1- …. ، 2- .... " طاعن " ، 3- .... " طاعن " بأنهم: أولاً : المتهم الأول : 1- قتل شقيقه المجني عليه / .... عمداً وذلك على أثر مشادة وقتية حصلت بينهما لخلاف على رغبة المجني عليه في بيع منزل والدهما للحصول على حصة في الميراث فاحتدم الخلاف بينهما وتبادلا السباب ومن ثم تشابكا بالأيدي فكال له المجني عليه ضربة بسلاح أبيض (سكين) بيده اليمنى وأحدث إصابته ومن ثم استشاط المتهم غضباً ولعب الاستفزاز دوره فدلف لغرفته وأحضر سلاحاً أبيض (مطواة) ورمى لإزهاق روح شقيقه المجني عليه فسدد له طعنة قاسية برقبته وأعقبها بطعنة أخرى بالصدر ذلك الموضعان القاتلان منتوياً إزهاق روحه محدثاً به الإصابتين التي أبانهما تقرير دار التشريح بمصلحة الطب الشرعي المرفق بالأوراق والتي أردته قتيلاً في الحال .

2- أحرز سلاحاً أبيض ( مطواة ) بدون مسوغ قانوني استخدمه في التعدي على المجني عليه .

ثانياً : المتهمان الثاني والثالث :

1- علما بوقوع جناية قتل / .... وأعانا المتهم الأول على الفرار من وجه القضاء بأن ساعداه باستبدال ملابس المجني عليه بأخرى ومن ثم قام المتهم الثالث بالهبوط أسفل العقار سكنهما لمراقبة الطريق لمواراته عن الأنظار حال قيام المتهم الأول بحمل المجني عليه ووضعاه على دراجة بخارية بينهما وتوجها إلى منطقة نائية .... وألقى جثمانه بإحدى الزراعات لإخفاء معالم جريمة المتهم الأول .

2- أخفيا جثة / .... دون إخبار جهات الاقتضاء وقبل الكشف عليها وتحقيق حالة الموت وأسبابه بأن اشتركا مع المتهم الأول في إخفاء معالم جريمته على النحو المبين بالاتهام آنف البيان وعلى النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم وفقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

 ومحكمة الجنايات قضت - بالنسبة للمتهمين الثاني والثالث - عملاً بالمادتين 144/2 ، 239 من قانون العقوبات ، مع إعمال المادة 32 من القانون الأخير : أولاً : حضورياً بمعاقبة كلٍّ من/ .... ، و.... بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما أسند إليهما . ثانيًا : باعتبار الحكم الغيابي الصادر في حق المتهم الأول مازال قائماً .

فطعن المحكوم عليهما الثاني والثالث بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

من حيث إن الطاعن الثاني .... وإن قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم في الميعاد إلَّا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ، فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً ؛ لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله ، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه .

وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إعانة متهم
على الفرار من وجه القضاء مع علمه بذلك ، وإخفاء جثة قتيل دون إخبار جهات القضاء وقبل الكشف عليها وتحقق حالة الموت ، قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك أنه لم يعمل في حقه الإعفاء من العقوبة المنصوص عليه في المادة 144 فقرة أخيرة من قانون العقوبات ؛ لأن الطاعن يعد من الأصول والفروع للمجني عليه والمتهم الأول ، ودانه بجريمة إخفاء جثة قتيل رغم عدم توافر ركنها المادي ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

ومن حيث إن الفقرة الثانية من المادتين 144 ، 145 من قانون العقوبات قد نصت على أنه " ولا تسري هذه الأحكام على زوج أو زوجة من أخفي أو سوعد على الاختفاء أو الفرار من وجه القضاء ولا على أبويه أو أجداده أو أولاده أو أحفاده " ، ومفاد هذا النص في صريح لفظه أن الشارع قصر الإعفاء الوارد في تلك الفقرة على الزوجات أو الأزواج وكذا على من تربطهم بالجاني قرابة نسب مباشرة أي الصلة بين الأصول والفروع ، فلا يكفي لتحقق هذه القرابة المباشرة أن يجمع بين الشخصين أصل مشترك ، وإنما يلزم أن يكون أحدهما أصلاً للآخر ويكون هذا الآخر فرعاً له – والعكس – وهذا هو الشأن في قرابة الابن لأبيه وقرابة الحفيد لجده – والعكس - ، ولم يشأ النص أن يمده إلى من تجمعهم قرابة الحواشي مع الجاني ، وهي الرابطة بين أشخاص يجمعهم أصل مشترك دون أن يكون أحدهم فرعاً للآخر وهذا الآخر أصلٌ له ، وهذا هو الشأن في قرابة الشخص لأخيه أو عمه ؛ إذ يجمعهما أصل واحد هو الأب أو الجد دون أن يكون أحدهما فرعاً للآخر . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة النص الواجب تطبيقه ، كما أنه لا إعفاء من العقوبة بغير نص ، وكانت النصوص المتعلقة بالإعفاء تفسر على سبيل الحصر فلا يصح التوسع في تفسيرها بطريق القياس ، ولا كذلك أسباب الإباحة التي ترتد كلها إلى مبدأ جامع هو ممارسة الحق أو القيام بالواجب ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم من قصوره في التدليل على جريمة إخفاء جثة قتيل دون إخبار جهات القضاء وعدم استجلاء أركانها لا يجديه نفعاً ، ما دامت المحكمة قد طبقت عليه حكم المادة 32 من قانون العقوبات ، وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد وهي المقررة لجريمة إعانة متهم على الفرار من وجه القضاء مع علمه بذلك التي أثبتها الحكم في حقه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 20608 لسنة 85 ق جلسة 11 / 4 / 2016 مكتب فني 67 ق 51 ص 437

 جلسة 11 من أبريل سنة 2016

برئـاسة السـيد القاضي/ ممدوح يوسف نائب رئيس المحـكمة وعضوية السادة القضاة / هاني مصطفى ، محمد خالد ومحمود عاكف نواب رئيس المحكمة ورفعت سند .
----------

(51)

الطعن رقم 20608 لسنة 85 القضائية

 إثبات " بوجه عام " " شهود " . اشتراك . استدلالات . تزوير " أوراق رسمية " " أوراق عرفية " " استعمال أوراق مزورة " . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .

جريمة التزوير في أوراق رسمية . مناط تحققها ؟

إدلاء الشاهد بأقوال تغاير الحقيقة بمحاضر جمع الاستدلالات والتحقيقات . لا يشكل جريمة التزوير في أوراق رسمية . ما دام لا يتخذها حجة في إثبات صحة مضمونها . مخالفة الحكم هذا النظر . خطأ في تطبيق القانون . علة ذلك ؟

الاشتراك في جرائم التزوير . تمامه ؟

مجرد ضبط الورقة المزورة أو التمسك بذلك أو وجود مصلحة للمتهم في تزويرها . غير كاف لإثبات إسهامه في تزويرها أو علمه به . حد ذلك ؟

مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالإدانة بجرائم التزوير في محررات رسمية وعرفية واستعمالها .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لما كان الحكم المطعون فيه حصَّل واقعة الدعوى بقوله : " إنه إثر خلف سابق بين المتهم الأول/ .... وبين المجني عليه النقيب/.... وقيام الأخير بتحرير المحضر رقم .... جنح .... يتهم فيه المتهم الأول بالاعتداء عليه بالسب والإهانة بمقر عمله بوحدة مرور .... ولإجبار المجني عليه للتنازل عن المحضر المذكور سلفاً قام بالاتفاق مع شخص آخر مجهول بتحرير عدد خمسة إيصالات أمانة ضد المجني عليه .... ووالده .... وكذا تم الاتفاق مع المتهمة الثانية .... بتحرير الإيصالات باسمها ولعدم التوصل لمعرفة المتهمة الثانية سالفة الذكر قامت بالاتفاق مع المتهم الأول بتزوير بطاقة الرقم القومي الخاص بها بالاشتراك مع آخر مجهول وذلك بتغيير رقم البطاقة من .... إلى رقم .... وتم استعمال الإيصالات المزورة وكذا بطاقة الرقم القومي المزور بتحرير المحاضر أرقام .... أحوال المركز في .... وبطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو مساعد الشرطة .... وذلك في تزوير المحررات الرسمية المذكورة أرقامها سلفاً وذلك بجعلهم واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وذلك بأن مثلت المتهمة الثانية أمام مساعد الشرطة سالف الذكر مدعية على خلاف الحقيقة تبديد المجني عليهما المذكورين آنفاً المبالغ المالية المثبتة في إيصالات الأمانة والمذيلة بتوقيعات منسوب صدورها منهما على خلاف الحقيقة والمزورة عليهما " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بتغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً بعينه ؛ لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماً حصول ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور ، وليس من هذا القبيل إدلاء الشاهد بأقوال تغاير الحقيقة في محاضر جمع الاستدلالات والتحقيق ؛ لأن مثل هذه الشهادة هي مما يحتمل الصدق والكذب ولا ينال كذبها من قيمة المحرر وحجيته ما دام أنه لا يتخذها حجة في إثبات صحة مضمونها . لما كان ذلك ، فإن الإدلاء في محضر الشرطة موضوع الدعوى بالواقعة المدعي أنها تغاير الحقيقة لا تقوم بها جريمة التزوير في محرر رسمي ، ولا يكون التحريض والاتفاق عليها المنسوبين للطاعن اشتراكاً في تلك الجريمة ، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإنه يتعيب بالقصور فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون . فضلاً عما هو مقرر من أنه وإن كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، إلَّا أنه يجب على المحكمة وهى تقرر حصوله أن تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ما يوفر اعتقاداً سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم ، وكان الحكم وقد دان الطاعن بتهم الاشتراك في تزوير بطاقة الرقم القومي الخاصة بالمتهمة الثانية واستعمالها ، وكذا المحررات العرفية " إيصالات الأمانة " المدعي تزويرها ، لم يدلل تدليلاً سائغاً على أنه قد اشترك مع المتهمة الثانية والآخر المجهول بطريق من طرق الاشتراك المنصوص عليها في المادة 40 من قانون العقوبات في تزوير تلك البطاقة أو تلك المحررات ، ولم يورد الدليل على علمه بتزويرها ؛ ذلك أنه لا يكفي في هذا الصدد أن تكون هناك خلافات سابقة بين الطاعن والمجني عليه الأول أو ما ورد بشهادة الشاهد .... - والتي عدل عنها أمام المحكمة - من حضور الطاعن رفقة المتهمة الثانية وطلب الطاعن منه المبيت وتوجههما إلى قسم الشرطة في اليوم التالي للإبلاغ ، لأنه ليس من شأن ذلك حتماً أن تتوافر به جريمة الاشتراك في التزوير ما دام أن الحاصل أن الحكم لم يقم الدليل على أن الطاعن قد اشترك في ارتكاب تزوير هذه المحررات وما دام أنه ينكر ارتكاب ذلك ، وخلا تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من نسبة الأمر إليه ، خاصة وأن التي تقدمت بهذه البطاقة وتلك المحررات هي المتهمة الثانية كما وأن المحررات موضوع التزوير لم يكن الطاعن طرفاً فيها ، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مجرد ضبط الورقة المزورة أو التمسك بذلك ، أو وجود مصلحة للمتهم في تزويرها ، لا يكفي بمجرده في ثبوت إسهامه في تزويرها كفاعل أو شريك أو علمه بالتزوير ما لم تقم أدلة على أنه هو الذي أجرى التزوير بنفسه أو بواسطة غيره ما دام أنه ينكر ارتكاب ذلك ، وخلا تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من نسبة الأمر إليه ، مما يعيب الحكم المطعون فيه أيضاً بما يوجب نقضه .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهما : 1- وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية اشتركا وآخر مجهول بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو مساعد الشرطة .... في تزوير محررات رسمية هي المحاضر أرقام .... أحوال المركز في .... وذلك بجعلهم واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن مثلت الثانية أمام الموظف سالف الذكر مدعية على خلاف الحقيقة تبديد المجني عليهما .... ، .... لمبالغ مالية ثابتة بإيصالات الأمانة مذيلة بتوقيعهما وساعدته في ذلك بأن أمدته بالبيانات المخالفة للحقيقة فأثبتها حال كونه الموظف المختص بتحريرها فتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة .

2- وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية اشتركا وآخر مجهول بطريق الاتفاق والمساعدة في تزوير محرر رسمي وهو بطاقة الرقم القومي المنسوبة إلى المتهمة الثانية بطريق الاصطناع بأن اتفقا مع المجهول وساعداه بإمداده بالبيانات اللازمة فاصطنعها على غرار الصحيح منها ودون بياناتها ونسبها زوراً إلى جهة صدورها فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة .

3- اشتركا وآخر مجهول بطريق الاتفاق والمساعدة في تزوير محررات أحاد الناس وإيصالات الأمانة سند المحاضر آنفة البيان ، منسوبة للمجني عليهما سالفي الذكر بطريق الاصطناع وذلك بأن اتفقا مع المجهول وساعداه بإمداد البيانات اللازمة فاصطنعهم على غرار الصحيح منها بأن سطر صلبا بياناتها وذيلها بتوقيعات نسبها زوراً إلى المجني عليهما فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة .

4- استعملا المحررات المزورة - موضوع التهمتين الثانية والثالثة - فيما زورت من أجله بأن احتجا بها وقدماها في المحاضر - موضوع التهمة الأولى - مع علمهما بتزويرها على النحو المبين بالتحقيقات .

5- أبلغا كذباً مع سوء القصد بوقوع جرائم التبديد ضد المجني عليهما سالفي الذكر على النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

ومحكمة الجنايات قضت حضورياً للأول وغيابياً للثانية عملاً بالمواد 40/ ثانياً وثالثاً ، 41 /1 ، 211 ، 212 ، 213 ، 214 ، 215 ، 305 من قانون العقوبات ، وإعمالاً للمادة 32 من ذات القانون ، بمعاقبتهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهما ومصادرة المحررات المزورة وبأن يؤديا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المادي المؤقت وألزمتهما بمصاريف الدعوى المدنية .

فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمالها والبلاغ الكاذب قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ؛ إذ اعتبر الإخبار بوقائع كاذبة في محاضر الشرطة محل الاتهام تزويرا في محررات رسمية رغم ما تمسك به مدافعه من أنها في حكم الإقرارات الفردية التي لا عقاب على تغيير الحقيقة فيها ، ولم يبيِّن طريقة التزوير ، أو يورد الأعمال المادية الإيجابية التي ارتكبها وتدل على اشتراكه في الجريمة ودوره فيها ، وأعرض عن دفوعه بأنه ليس طرفاً في المحررات المزورة وبانتفاء صلته بواقعة تزوير بطاقة المتهمة الثانية ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه حصَّل واقعة الدعوى بقوله : " إنه إثر خلف سابق بين المتهم الأول/ .... وبين المجني عليه النقيب/.... وقيام الأخير بتحرير المحضر رقم .... جنح .... يتهم فيه المتهم الأول بالاعتداء عليه بالسب والإهانة بمقر عمله بوحدة مرور .... ولإجبار المجني عليه للتنازل عن المحضر المذكور سلفاً قام بالاتفاق مع شخص آخر مجهول بتحرير عدد خمسة إيصالات أمانة ضد المجني عليه .... ووالده .... وكذا تم الاتفاق مع المتهمة الثانية .... بتحرير الإيصالات باسمها ولعدم التوصل لمعرفة المتهمة الثانية سالفة الذكر قامت بالاتفاق مع المتهم الأول بتزوير بطاقة الرقم القومي الخاص بها بالاشتراك مع آخر مجهول وذلك بتغيير رقم البطاقة من .... إلى رقم .... وتم استعمال الإيصالات المزورة وكذا بطاقة الرقم القومي المزور بتحرير المحاضر أرقام .... أحوال المركز في .... وبطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو مساعد الشرطة .... وذلك في تزوير المحررات الرسمية المذكورة أرقامها سلفاً وذلك بجعلهم واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وذلك بأن مثلت المتهمة الثانية أمام مساعد الشرطة سالف الذكر مدعية على خلاف الحقيقة تبديد المجني عليهما المذكورين آنفاً المبالغ المالية المثبتة في إيصالات الأمانة والمذيلة بتوقيعات منسوب صدورها منهما على خلاف الحقيقة والمزورة عليهما " .لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بتغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً بعينه ؛ لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماً حصول ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور ، وليس من هذا القبيل إدلاء الشاهد بأقوال تغاير الحقيقة في محاضر جمع الاستدلالات والتحقيق ؛ لأن مثل هذه الشهادة هي مما يحتمل الصدق والكذب ولا ينال كذبها من قيمة المحرر وحجيته ما دام أنه لا يتخذها حجة في إثبات صحة مضمونها . لما كان ذلك ، فإن الإدلاء في محضر الشرطة موضوع الدعوى بالواقعة المدعي أنها تغاير الحقيقة لا تقوم بها جريمة التزوير في محرر رسمي ، ولا يكون التحريض والاتفاق عليها المنسوبين للطاعن اشتراكاً في تلك الجريمة ، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإنه يتعيب بالقصور فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون . فضلاً عما هو مقرر من أنه وإن كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، إلَّا أنه يجب على المحكمة وهى تقرر حصوله أن تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ما يوفر اعتقاداً سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم ، وكان الحكم وقد دان الطاعن بتهم الاشتراك في تزوير بطاقة الرقم القومي الخاصة بالمتهمة الثانية واستعمالها ، وكذا المحررات العرفية " إيصالات الأمانة " المدعي تزويرها ، لم يدلل تدليلاً سائغاً على أنه قد اشترك مع المتهمة الثانية والآخر المجهول بطريق من طرق الاشتراك المنصوص عليها في المادة 40 من قانون العقوبات في تزوير تلك البطاقة أو تلك المحررات ، ولم يورد الدليل على علمه بتزويرها ؛ ذلك أنه لا يكفي في هذا الصدد أن تكون هناك خلافات سابقة بين الطاعن والمجني عليه الأول أو ما ورد بشهادة الشاهد .... - والتي عدل عنها أمام المحكمة - من حضور الطاعن رفقة المتهمة الثانية وطلب الطاعن منه المبيت وتوجههما إلى قسم الشرطة في اليوم التالي للإبلاغ ، لأنه ليس من شأن ذلك حتماً أن تتوافر به جريمة الاشتراك في التزوير ما دام أن الحاصل أن الحكم لم يقم الدليل على أن الطاعن قد اشترك في ارتكاب تزوير هذه المحررات وما دام أنه ينكر ارتكاب ذلك ، وخلا تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من نسبة الأمر إليه ، خاصة وأن التي تقدمت بهذه البطاقة وتلك المحررات هي المتهمة الثانية كما وأن المحررات موضوع التزوير لم يكن الطاعن طرفاً فيها ، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مجرد ضبط الورقة المزورة أو التمسك بذلك ، أو وجود مصلحة للمتهم في تزويرها ، لا يكفي بمجرده في ثبوت إسهامه في تزويرها كفاعل أو شريك أو علمه بالتزوير ما لم تقم أدلة على أنه هو الذي أجرى التزوير بنفسه أو بواسطة غيره ما دام أنه ينكر ارتكاب ذلك ، وخلا تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من نسبة الأمر إليه ، مما يعيب الحكم المطعون فيه أيضا بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث باقي ما يثيره الطاعن من أوجه الطعن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 18565 لسنة 84 ق جلسة 11 / 4 / 2016 مكتب فني 67 ق 50 ص 433

 جلسة 11 من أبريل سنة 2016

برئاسة السـيد الــقاضي / ممدوح يوسف نائب رئيس المحـكمة وعضوية السادة القضاة / هاني مصطفي ، مجدي شبانة ومحمود عاكف نواب رئيس المحكمة ورفعت سـند .
----------

(50)

الطعن رقم 18565 لسنة 84 القضائية

 دستور . تقليد . ترويج عملة . شروع . تلبس . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . قبض . تفتيش " التفتيش بغير إذن " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض "حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .

 المواد 41 من الدستور ، 34 ، 35 ، 46 إجراءات جنائية . مؤداها ؟

وجوب تحقق مأمور الضبط القضائي من قيام حالة التلبس . تلقيه نبأها عن طريق النقل من الغير . غير كافٍ .

تقدير قيام حالة التلبس . موضوعي . شرطه ؟

مثال لتسبيب معيب لاطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس بجريمة تقليد عملة ورقية والشروع في ترويجها .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لما الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى عرض لدفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه في قوله : " وحيث إنه من المقرر أن الجريمة يكون متلبساً بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة وكذلك تتبع الجاني بالصياح ، ولما كان المتهم قد عرض العملة المقلدة على الشاهد الأول فاكتشف الأخير بأمر تقليدها فأبلغ على الفور الشاهدين الثاني والثالث ولاحقوا المتهم في نفس اللحظة وتم الإمساك به وهو ما يتوافر به حالة التلبس ، ويكون القبض والتفتيش تما صحيحين ويصح ما أسفر عنه التفتيش من ضبط العملات المقلدة ، ويكون هذا الدفع غير صحيح " . لما كان ذلك ، وكانت المادة 41 من الدستور قد نصت على أن : " الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس ، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد وتفتيشه أو حبسه إلَّا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وذلك وفقاً لأحكام القانون " . وكانت المادتان 34 ، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلتان بالقانون رقم 37 لسنة 1972 قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه بالجريمة ، وإذ لم يكن حاضراً جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره ، وكانت المادة 46 من القانون ذاته تجيز تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً ، فإذا أجاز القانون القبض على شخص جاز تفتيشه وإذا لم يجز القبض عليه لم يجز تفتيشه وبطل ما أسفر عنه القبض والتفتيش الباطلان ، وكان من المقرر أن حالة التلبس بالجريمة يستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه ولا يغنيه عن ذلك تلقي نبأها عن طريق النقل من الغير شاهداً كان أم متهما يقر على نفسه مادام هو لم يشهدها أو يشهد أثراً من أثارها ينبئ بذاته عن وقوعها. لما كان ذلك ، ولئن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى قيام حالة التلبس أمراً موكلاً إلى محكمة الموضوع ، إلَّا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي تبني عليها المحكمة تقديرها صالحة إلى أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ، وكان مفاد ما أورده الحكم في معرض بيانه لواقعة الدعوى وفي رده على الدفع ببطلان القبض والتفتيش أن ما أثاره مأمور الضبط القضائي من القبض على المتهم لمجرد إبلاغ شاهد الإثبات الأول له بعرض المتهم - الطاعن - ورقة مالية مقلدة عليه ورفضه إياها دون بيان ماهية هذه الورقة وعدم مشاهدة مأمور الضبط القضائي لها قبل القبض على الطاعن وتفتيشه هو قبض وتفتيش باطلين لوقوعهما في غير حالة تلبس وبغير إذن من النيابة العامة ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وسوغ لمأمور الضبط القضائي ضبط الطاعن وتفتيشه وعوَّل على الدليل المستمد من أقوال الضابطين ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :

1- حاز بقصد الترويج عملة ورقية مقلدة متداولة قانونا داخل البلاد " سبع وعشرين ورقة نقدية من فئة .... جنيه مصري " مصطنعة على غرار أوراق النقد الصحيحة من تلك الفئة على النحو المبين بتقرير إدارة أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي المرفق مع علمه بأمر تقليدها على النحو المبين بالتحقيقات .

2- شرع في ترويج ورقة نقدية من ضمن العملة الورقية المقلدة المضبوطة - موضوع الاتهام الأول - بأن دفع بها للتداول وقدمها إلى المدعو .... مقابل إعطاءه مبلغ مالي قدره .... جنيها مصري مع علمه بأمر تقليدها ، إلَّا أن أثر جريمته قد خاب لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو اكتشاف سالف الذكر لأمر تقليدها وعدم قبوله لها وضبطه والجريمة متلبسا بها على النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/1 ، 46/3 ، 202 ، 202 مكرراً، 203 من قانون العقوبات مع إعمال نص المادة 32 من ذات القانون ، بمعاقبة .... بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند إليه وبمصادرة العملة المقلدة المضبوطة .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي حيازة عملة ورقية مقلدة متداولة قانوناً داخل البلاد بقصد الترويج والشروع في ترويجها قد شابه البطلان والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك أنه اطرح دفعه ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما بغير إذن من النيابة العامة وفي غير حالات التلبس لتلقى ضابط الواقعة نبأ الجريمة من الغير بما لا يسوغ ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى عرض لدفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه في قوله : " وحيث إنه من المقرر أن الجريمة يكون متلبساً بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة وكذلك تتبع الجاني بالصياح ، ولما كان المتهم قد عرض العملة المقلدة على الشاهد الأول فاكتشف الأخير بأمر تقليدها فأبلغ على الفور الشاهدين الثاني والثالث ولاحقوا المتهم في نفس اللحظة وتم الإمساك به وهو ما يتوافر به حالة التلبس ، ويكون القبض والتفتيش تما صحيحين ويصح ما أسفر عنه التفتيش من ضبط العملات المقلدة ويكون هذا الدفع غير صحيح " . لما كان ذلك ، وكانت المادة 41 من الدستور قد نصت على أن : " الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس ، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد وتفتيشه أو حبسه إلَّا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وذلك وفقاً لأحكام القانون " . وكانت المادتان 34، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلتان بالقانون رقم 37 لسنة 1972 قد أجازتا لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه بالجريمة ، وإذ لم يكن حاضراً جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمراً بضبطه وإحضاره ، وكانت المادة 46 من القانون ذاته تجيز تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً ، فإذا أجاز القانون القبض على شخص جاز تفتيشه ، وإذا لم يجز القبض عليه لم يجز تفتيشه وبطل ما أسفر عنه القبض والتفتيش الباطلان ، وكان من المقرر أن حالة التلبس بالجريمة يستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه ، ولا يغنيه عن ذلك تلقي نبأها عن طريق النقل من الغير شاهداً كان أم متهما يقر على نفسه ما دام هو لم يشهدها أو يشهد أثراً من أثارها ينبئ بذاته عن وقوعها . لما كان ذلك ، ولئن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى قيام حالة التلبس أمراً موكلاً إلى محكمة الموضوع إلَّا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي تبني عليها المحكمة تقديرها صالحة إلى أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ، وكان مفاد ما أورده الحكم في معرض بيانه لواقعة الدعوى وفى رده على الدفع ببطلان القبض والتفتيش أن ما أثاره مأمور الضبط القضائي من القبض على المتهم لمجرد إبلاغ شاهد الإثبات الأول له بعرض المتهم - الطاعن - ورقة مالية مقلدة عليه ورفضه إياها دون بيان ماهية هذه الورقة وعدم مشاهدة مأمور الضبط القضائي لها قبل القبض على الطاعن وتفتيشه هو قبض وتفتيش باطلين لوقوعهما في غير حالة تلبس وبغير إذن من النيابة العامة ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وسوغ لمأمور الضبط القضائي ضبط الطاعن وتفتيشه وعوَّل على الدليل المستمد من أقوال الضابطين ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 3883 لسنة 84 ق جلسة 11 / 4 / 2016 مكتب فني 67 ق 49 ص 428

 جلسة 11 من أبريل سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / أنس عمارة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / ربيع لبنة ، حمدي ياسين وحسن كفافي نواب رئيس المحكمة وهاني المليجي .
-----------

(49)

الطعن رقم 3883 لسنة 84 القضائية

مواد مخدرة . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . قانون " تفسيره " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .

المادتان الأولى من القانون 114 لسنة 1953 ، 12 من القانون 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية . مفادهما ؟

تمتع جنود القوات المسلحة بصفة الضبطية القضائية . شرطه : صدور قرار من وزير الدفاع بمنحهم هذه الصفة .

مثال لتسبيب معيب لاطراح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء صفة الضبطية القضائية عن القائم بهما في جريمة حيازة ونقل مواد مخدرة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله : " .... أنه بتاريخ .... وحال قيام الجندي/ ... أحد أفراد طاقم تفتيش نقطة تفتيش حرس حدود .... بمباشرة عمله في تفتيش السيارات العابرة من الشرق إلي الغرب ، استوقف السيارة رقم " ... " ثلاثة أرباع نقل ماركة .... قيادة المتهم / .... ، وبتفتيشه لها عثر داخل مخزن سري مصمم أعلى طبلية الصندوق الخلفي للسيارة على عدد 183 لفافة كبيرة الحجم ملفوفة بورق شكائر الأسمنت داخل كيس بلاستيك أسود اللون ومحزومة بالبلاستر وبفتح تلك اللفافات تبيَّن له أنها تحتوي على نبات البانجو المخدر ، وبمواجهته للمتهم بالمضبوطات أقر له بقيامه بنقلها لأحد الأشخاص .... " . وبعد أن حصَّل الحكم واقعة الدعوى – على السياق المتقدم – وأورد مؤدى الأدلة التي تساند إليها في قضائه ، عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء صفة الضبطية القضائية عن القائم بالضبط واطرحه بقوله : " .... لما كانت الواقعة كما صار إثباتها قد تم ضبطها بمعرفة أحد رجال حرس الحدود ، وقد أضفى عليهم القانون رقم 114 لسنة 1953 صفة الضبطية القضائية فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات والأماكن الخاضعة لاختصاص حرس الحدود ، ولهم عملاً بنص المادة 20 من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية تفتيش الداخلين والخارجين من مناطق الحدود عسكريين كانوا أم مدنيين باعتبارهم من أعضاء الضبط العسكري الذين عددتهم المادة 12 من القانون المذكور ، ومن ثم فإن المشرع لم يتطلب توافر قيود الضبط والتفتيش المقررة بقانون الإجراءات الجنائية ، ولم يشترط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني لمبادئ قانون الإجراءات الجنائية بل يكفي أن يكون الشخص داخلاً أو خارجًا من مناطق الحدود حتى يثبت لعضو الضبطية القضائية العسكرية المختص حق تفتيشه ، فإذا ما عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة مُعاقب عليها بمقتضى القانون ، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع من ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة قانونية ، ومن ثم فإن الدفع المبدى من الحاضر مع المتهم يضحى وقد جاء على غير سند صحيح من الواقع أو القانون متعينًا رفضه .... ". لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 114 لسنة 1953 قد جرى في مادته الأولى على أن " .... يكون للضباط وضباط الصف بمصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد صفة مأموري الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الأقسام والجهات الخاضعة لاختصاص مصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد .... " ، وكان ما جرى به نص المادة الأولى من القانون رقم 114 لسنة 1953 ، يبين منه أنه منح صفة الضبطية القضائية لفئتين من القوات – المعدل مسماها إلي قوات حرس الحدود – وهما الضباط وضباط الصف ، أما الجنود فلم يضف عليهم هذا القانون صفة الضبطية القضائية ، كما أن المادة 12 من قانون الأحكام العسكرية بعد أن عددت أعضاء الضبط العسكري - وهم في البند الأول ضباط وضباط صف المخابرات الحربية ، وفى البند الثاني ضباط وضباط صف الشرطة العسكرية - نصت في البند الثالث على ضباط وضباط الصف والجنود الذين يُمنحون هذه السلطة من وزير الدفاع أو من يفوضه فيما يُكلفون به من أعمال ، ومؤدى ذلك أن جنود القوات المسلحة لا يتمتعون بصفة الضبطية القضائية ، إلَّا إذا صدر قرار من وزير الدفاع بمنحهم هذه الصفة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد تساند في رفض الدفع إلي القانونين رقمي 114 لسنة 1953 ، 25 لسنة 1966 المشار ذكرهما ، وأرسل القول بأن القائم بالضبط أحد رجال حرس الحدود الذين منحهم القانون الأول والمادة 12 من القانون الثاني صفة الضبطية القضائية ، دون أن يستجلي صفة القائم بالضبط والتفتيش من بين هذه القوات ، ومدى تمتعه بالضبطية القضائية العسكرية على ضوء أحكام القانونين سالفي البيان ، وما إذا كان قد صدر قرار من وزير الدفاع أو من يفوضه بمنحه هذه الصفة فيما يُكلَّف به من أعماله ، أو أن ما قام به من إجراء قد تم تحت إشراف الضابط مُحرر محضر الضبط ، أو أي من أفراد طاقم التفتيش المتواجدين آنذاك – وفق الثابت من المفردات المضمومة – من أعضاء الضبط القضائي العسكري ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصرًا ، وهو ما يُعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة ، كما صار إثباتها بالحكم ، والتقرير برأي فيما يثيره الطاعن بوجه النعي ، بما يوجب نقضه والإعادة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : حاز ونقل بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهر " حشيش " المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانونًا .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 ، والبند رقم "56" من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر عامًا وتغريمه مائة ألف جنيه عما أسند إليه وبمصادرة المخدر والسيارة المضبوطين .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 المحكمــة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة ونقل مخدر الحشيش بغير قصد من القصود ، قد أخطأ في تطبيق القانون ، وشابه الفساد في الاستدلال ، ذلك بأنه قضى بإدانته بالرغم من بطلان القبض والتفتيش ، لعدم تمتع من أجراه بصفة الضبط القضائي ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى في قوله : " .... أنه بتاريخ .... وحال قيام الجندي/ ... أحد أفراد طاقم تفتيش نقطة تفتيش حرس حدود .... بمباشرة عمله في تفتيش السيارات العابرة من الشرق إلي الغرب ، استوقف السيارة رقم " ... " ثلاثة أرباع نقل ماركة .... قيادة المتهم / .... ، وبتفتيشه لها عثر داخل مخزن سري مصمم أعلى طبلية الصندوق الخلفي للسيارة على عدد 183 لفافة كبيرة الحجم ملفوفة بورق شكائر الأسمنت داخل كيس بلاستيك أسود اللون ومحزومة بالبلاستر وبفتح تلك اللفافات تبيَّن له أنها تحتوي على نبات البانجو المخدر ، وبمواجهته للمتهم بالمضبوطات أقر له بقيامه بنقلها لأحد الأشخاص .... " . وبعد أن حصَّل الحكم واقعة الدعوى – على السياق المتقدم – وأورد مؤدى الأدلة التي تساند إليها في قضائه ، عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء صفة الضبطية القضائية عن القائم بالضبط واطرحه بقوله : " .... لما كانت الواقعة كما صار إثباتها قد تم ضبطها بمعرفة أحد رجال حرس الحدود ، وقد أضفى عليهم القانون رقم 114 لسنة 1953 صفة الضبطية القضائية فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الجهات والأماكن الخاضعة لاختصاص حرس الحدود ، ولهم عملاً بنص المادة 20 من القانون رقم 25 لسنة 1966 بإصدار قانون الأحكام العسكرية تفتيش الداخلين والخارجين من مناطق الحدود عسكريين كانوا أم مدنيين باعتبارهم من أعضاء الضبط العسكري الذين عددتهم المادة 12 من القانون المذكور ، ومن ثم فإن المشرع لم يتطلب توافر قيود الضبط والتفتيش المقررة بقانون الإجراءات الجنائية ولم يشترط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني لمبادئ قانون الإجراءات الجنائية بل يكفي أن يكون الشخص داخلاً أو خارجًا من مناطق الحدود حتى يثبت لعضو الضبطية القضائية العسكرية المختص حق تفتيشه ، فإذا ما عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة مُعاقب عليها بمقتضى القانون فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع من ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة قانونية ، ومن ثم فإن الدفع المبدى من الحاضر مع المتهم يضحى وقد جاء على غير سند صحيح من الواقع أو القانون متعينًا رفضه .... ". لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 114 لسنة 1953 قد جرى في مادته الأولى على أن " .... يكون للضباط وضباط الصف بمصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد صفة مأموري الضبط القضائي فيما يتعلق بجرائم التهريب ومخالفة القوانين واللوائح المعمول بها في الأقسام والجهات الخاضعة لاختصاص مصلحة خفر السواحل وحرس الجمارك والمصائد .... " ، وكان ما جرى به نص المادة الأولى من القانون رقم 114 لسنة 1953 ، يبيِّن منه أنه منح صفة الضبطية القضائية لفئتين من القوات – المعدل مسماها إلي قوات حرس الحدود – وهما الضباط وضباط الصف ، أما الجنود فلم يضف عليهم هذا القانون صفة الضبطية القضائية ، كما أن المادة 12 من قانون الأحكام العسكرية بعد أن عددت أعضاء الضبط العسكري - وهم في البند الأول ضباط وضباط صف المخابرات الحربية ، وفى البند الثاني ضباط وضباط صف الشرطة العسكرية - نصت في البند الثالث على ضباط وضباط الصف والجنود الذين يُمنحون هذه السلطة من وزير الدفاع أو من يفوضه فيما يُكلفون به من أعمال ، ومؤدى ذلك أن جنود القوات المسلحة لا يتمتعون بصفة الضبطية القضائية ، إلَّا إذا صدر قرار من وزير الدفاع بمنحهم هذه الصفة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد تساند في رفض الدفع إلي القانونين رقمي 114 لسنة 1953 ، 25 لسنة 1966 المشار ذكرهما ، وأرسل القول بأن القائم بالضبط أحد رجال حرس الحدود الذين منحهم القانون الأول والمادة 12 من القانون الثاني صفة الضبطية القضائية ، دون أن يستجلي صفة القائم بالضبط والتفتيش من بين هذه القوات ، ومدى تمتعه بالضبطية القضائية العسكرية على ضوء أحكام القانونين سالفي البيان ، وما إذا كان قد صدر قرار من وزير الدفاع أو من يفوضه بمنحه هذه الصفة فيما يُكلَّف به من أعماله ، أو أن ما قام به من إجراء قد تم تحت إشراف الضابط مُحرر محضر الضبط ، أو أي من أفراد طاقم التفتيش المتواجدين آنذاك – وفق الثابت من المفردات المضمومة – من أعضاء الضبط القضائي العسكري ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصرًا ، وهو ما يُعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة ، كما صار إثباتها بالحكم ، والتقرير برأي فيما يثيره الطاعن بوجه النعي ، بما يوجب نقضه والإعادة ، دون حاجة إلي بحث باقي أوجه الطعن الأخرى .

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ