الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 25 نوفمبر 2020

الطعن 58 لسنة 77 ق جلسة 2 / 7 / 2013 مكتب فني 64 أحوال شخصية ق 124 ص 846

جلسة 2 من يوليو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ عزت عبد الجواد عمران "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ أحمد الحسيني، موسى مرجان، محمد بدر عزت وطارق عبد العظيم " نواب رئيس المحكمة ". 
----------------- 
(124)
الطعن 58 لسنة 77 القضائية "أحوال شخصية"
(1 - 4) أحوال شخصية. إرث " تركة: ديون تركة " " الوصية في التركة ". حكم " عيوب التدليل: القصور في التسبيب ".
(1) التركة. انفصالها عن المورث بوفاته. عدم أيلولتها إلى الورثة إلا بعد أداء مصاريف تجهيز المورث وتجهيز من تلزمه نفقته وما عليه من ديون وما ينفذ من وصايا. 
(2) الوصية. نفاذها في حدود ثلث التركة للوارث وغيره، تعدد الأموال الموصى بها ومجاوزتها ثلث التركة. نفاذها بنسبة قيمة كل مال منها إلى قيمة ثلث التركة. 
(3) تقديم الخصم مستندات مؤثره في الدعوى. عدم تناول محكمة الموضوع لها بالبحث. أثره. قصور مبطل للحكم. 
(4) تقديم الطاعنة عقد وصية صادر لها من المورث باستحقاقها ثلث التركة الموصي به بالإضافة إلى نصيبها في الميراث. إغفال الحكم لهذا المستند وعدم تناوله بالفحص والتمحيص رغم أنه قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى. قصور وخطأ. 
--------------- 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النص في المادة الرابعة من قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 يدل على أن التركة تنفصل عن المورث بوفاته ولا تؤول بصفة نهائية إلى الورثة إلا بعد أداء مصاريف تجهيزه وتجهيز من تلزمه نفقته وما عليه من ديون للعباد وما ينفذ من وصايا. 
2 - مفاد نص المادة 37/ 1 من قانون الوصية رقم 71 لسنه 1946 أن الوصية تصح بالثلث للوارث وغيره وتنفذ من غير إجازة الورثة، وإذا تعددت الأموال الموصى بها وجاوزت قيمتها ثلث التركة فإنها تنفذ بنسبة قيمة كل مال منها إلى قيمة ثلث التركة. 
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات مؤثرة في الدعوى وجب عليها أن تتناولها بالبحث وإلا كان حكمها مشوبا بقصور مبطلا له. 
4 - إذ كان الثابت في الأوراق أن الطاعنة قدمت عقد الوصية الصادر لها من المتوفي للتدليل على أنها تستحق ثلث التركة الموصى به بالإضافة إلى نصيبها في الميراث وهو الريع فرضا في الباقي من التركة بعد نفاذ الوصية، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل هذا المستند ولم يتناوله بالفحص والتمحيص استظهارا لحقيقة مدلوله وما ينطوي عليه مما قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون مشوبا بالقصور في التسبيب أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون. 
---------------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى التي قيدت برقم ... لسنة 2003 کلي أحوال شخصية شمال القاهرة بعد إحالتها إليها من محكمة مصر الجديدة الجزئية للأحوال الشخصية على الطاعنة بطلب الحكم بثبوت وفاة المرحوم/ ... وانحصار إرثه فيه بصفته ابن أخته ومن ذوي أرحامه وزوجته - الطاعنة - وأخوته الأشقاء غير المسلمين، بتاريخ 29/ 1/ 2004 حكمت المحكمة بثبوت وفاة المورث سالف الذكر وانحصار إرثه في زوجته وتستحق ربع تركته فرضا وفي المطعون ضده ابن شقيقة المتوفى ويستحق باقي تركته بصفته من ذوي الأرحام، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 8 ق أحوال القاهرة، كما استأنفه المطعون ضده أمام ذات المحكمة برقم ... لسنة 121 ق، بتاريخ 27/ 3/ 2007 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها. 
---------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها قدمت لمحكمة الموضوع بدرجتيها الوصية الصادرة لها من زوجها المرحوم/ ... والذي أوصى فيها لها بجميع ما يملكه وأن الوصية تجوز للوارث وغير الوارث وتنفذ من غير إجازة الورثة في حدود ثلث التركة إلا أن الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي أغفل عقد الوصية وأهدر دلالته وأقام قضاءه على أنها ترث الربع فرضا، والباقي للمطعون ضده بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة الرابعة من قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 على أن " يؤدي من التركة بحسب الأتي:- أولا: ما يكفي لتجهيز الميت ومن تلزمه نفقته من الموت إلى الدفن. ثانيا: ديون الميت. ثالثا: ما أوصى به في الحد الذي تنفذ فيه الوصية ويوزع ما بقى بعد ذلك على الورثة " يدل على أن التركة تنفصل عن المورث بوفاته ولا تؤول بصفة نهائية إلى الورثة إلا بعد أداء مصاريف تجهيزه وتجهيز من تلزمه نفقته وما عليه من ديون للعباد وما ينفذ من وصاياه، وأن مفاد نص المادة 37/ 1 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 أن الوصية تصح بالثلث للوارث وغيره وتنفذ من غير إجازة الورثة، وإذا تعددت الأموال الموصى بها وجاوزت قيمتها ثلث التركة فإنها تنفذ بنسبة قيمة كل مال منها إلى قيمة ثلث التركة، كما وأنه متي قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات مؤثرة في الدعوى وجب عليها أن تتناولها بالبحث وإلا كان حكمها مشوب بقصور مبطل له. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الطاعنة قدمت عقد الوصية الصادر لها من المتوفي للتدليل على أنها تستحق ثلث التركة الموصى به بالإضافة إلى نصيبها في الميراث وهو الربع فرضا في الباقي من التركة بعد نفاذ الوصية، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل هذا المستند ولم يتناوله بالفحص والتمحيص استظهارا لحقيقة مدلوله وما ينطوي عليه مما قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون مشوبا بالقصور في التسبيب أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث السبب الثاني على أن يكون مع النقض والإحالة.

الطعن 8202 لسنة 77 ق جلسة 20 / 11 / 2013 مكتب فني 64 ق 135 ص 913

جلسة 20 من نوفمبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ صلاح سعداوي سعد "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي، شريف حشمت جادو، عمر السعيد غانم وأحمد كمال حمدي "نواب رئيس المحكمة". 
---------------- 
(135)
الطعن 8202 لسنة 77 القضائية
(1) حكم "إصدار الأحكام: منطوق الحكم: إغفال الفصل في بعض الطلبات".
إغفال الفصل في طلب موضوعي. سبيل تداركه. الرجوع إلى ذات المحكمة للفصل فيه. عدم جواز الطعن على الحكم لهذا السبب. علة ذلك. م 193 مرافعات. 
(2) نقل "النقل البحري: الحقوق التي ترد على السفينة".
توقيع الحجز التحفظي على السفينة. شرطه. الحصول على إذن من القضاء بإيقاعه. نطاق الحجز. السفينة الصادر بشأنها أمر الحجز دون غيرها. علة ذلك. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. النعي عليه بالقصور والفساد. على غير أساس. 
----------------- 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادة 193 من قانون المرافعات أن الطلب الذي تغفله المحكمة يظل باقيا على حاله ومعلقا أمامها ويكون السبيل إلى الفصل فيه هو الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه سهوا أو غلطا ومن ثم فلا يجوز الطعن في الحكم بسبب إغفاله الفصل في بعض الطلبات. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة أقامت دعواها بطلب الحكم بثبوت الدين في ذمة المطعون ضدهما الأول والثاني عن المبالغ التي أنفقتها على سفينة تابعة لهما وبصحة إجراءات الحجز التحفظي الموقع على سفينة أخرى لهما ضمانا لدينها، وكان البين من الحكم الابتدائي أنه اقتصر في قضائه على الحكم ببطلان الحجز على سند من إيقاعه على سفينة غير تلك التي أذن القاضي بالحجز عليها، وخلا الحكم سواء في أسبابه أو منطوقه من الفصل في طلب الإلزام بأصل الحق، وإذ كان الحكم ببطلان الحجز بهذه المثابة لا ينطوي على قضاء ضمني حتمي برفض المطالبة بالدين بحسبان أن استعمال الحق في توقيع الحجز التحفظي على السفينة غير مرتبط بدعوى الوفاء بالحق وأن هذا الحجز ليس له من هدف سوى إيقاف السفينة إلى أن يتم الحصول على كفالة للوفاء بالدين فإن الحكم الابتدائي يكون بذلك أغفل الفصل في هذا الطلب بالإلزام ويبقى هذا الطلب معلقا أمامها ولا سبيل للطاعنة للفصل فيه إلا الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها ولا يجوز الطعن في الحكم بالاستئناف إذ إن الاستئناف لا يقبل إلا عن الطلبات التي فصل فيها الحكم صراحة أو ضمنا ورفع عنه الاستئناف، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يتصد للفصل في طلب الإلزام الذي أغفل الحكم الابتدائي عن سهو الفصل فيه فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس. 
2 - النص في المادة 59 من القانون رقم 8 لسنة 1990 بإصدار قانون التجارة البحرية يدل على أن المشرع استلزم حصول الدائن بدين بحري متعلق بسفينة على إذن من القضاء بإيقاع الحجز التحفظي وأن الأمر الذي يصدر من القاضي بالحجز لا يعد بمثابة حجز عام شامل لأموال المدين وإنما هو حجز محدد لا ينفذ إلا على السفينة الصادر بشأنها أمر الحجز دون غيرها من سفن ولو كانت مملوكة للمدين طالما أن القاضي لم يأذن بالحجز عليها ذلك أن إيقاع الحجز على غير السفينة التي تعلق بها أمر القاضي يعد بمثابة فرض للحجز بإرادة الدائن وليس بأمر وإذن من القضاء، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان الحجز لأن السفينة التي جرى إيقاع الحجز عليها غير تلك التي انصب عليها أمر الحجز، وكان لا يغني عن ذلك أن تكون السفينة المحجوز عليها مملوكة للمدين طالما أن القاضي لم يأذن بالحجز عليها فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب (الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب) يكون على غير أساس. 
--------------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم... لسنة 2000 تجاري بحري السويس الابتدائية وكانت طلباتها الختامية الحكم بثبوت الدين وصحة إجراءات الحجز الموقع على السفينة "..." مع إلزام المطعون ضدهما الأول والثاني بفوائد التأخير من تاريخ تأدية الخدمة وحتى تمام السداد مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل وقالت بيانا لذلك إنها استصدرت الأمر رقم... لسنة 2000 من قاضي الأمور الوقتية بمحكمة السويس الابتدائية بتوقيع الحجز على تلك السفينة باعتبار أنها تداين ملاكها بمبلغ 46942 دولار أمريكي قيمة توريدات تمت لسفينة أخرى لهم تسمى "..." وهي سفينة شقيقة للسفينة المطلوب الحجز عليها وبتاريخ 28/5/2000 تم إيقاع الحجز، وإذ توجب المادة 65 من قانون التجارة البحرية رفع دعوى بالدين وصحة الحجز في ميعاد حددته فقد أقامت الدعوى، وبموجب صحيفة معلنة للطاعنة تدخل المطعون ضده الثالث بصفته هجوميا في الدعوى وكانت طلباته الختامية الحكم ببطلان محضر الحجز ورفض الدعوى الأصلية ورد خطاب الضمان المقدم منه وإلزام الطاعنة بأن تؤدي له مبلغ 15060.55 دولار أمريكي ومبلغ 2424.10 جنيه مصري وذلك على سبيل التعويض المؤقت على سند من أنه تم الحجز على السفينة "..." وهي غير تلك التي صدر ضدها أمر الحجز وأن ملاك السفينة الأولى غير مدينين للطاعنة وقد لحقهم ضرر بنوعيه من جراء الحجز الخاطئ واضطروا إلى إيداع خطاب ضمان خزينة المحكمة حتى يأمر القاضي برفع الحجز، ندبت المحكمة خبيرا ثم أعادت المأمورية إليه وبعد أن أودع تقريريه حكمت بتاريخ 28 فبراير 2006 برفض الدعوى الأصلية وفي التدخل الهجومي بقبوله وببطلان محضر الحجز وإلغاء أمر الحجز رقم... لسنة 2000 واعتباره كأن لم يكن وبرد خطاب الضمان للمطعون ضده الثالث وإلزام الطاعنة بأن تؤدي له المبلغ المطالب به كتعويض مؤقت. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئنافين رقمي... لسنة 29، ... لسنة 29 لدى محكمة استئناف الإسماعيلية "مأمورية السويس" وبتاريخ 19 فبراير 2007 قضت المحكمة برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه جزئيا، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها. 
----------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول إنها أقامت الدعوى بطلبين هما الحكم بإلزام المطعون ضدهما الأول والثاني بالمبالغ التي أنفقتها على السفينة المملوكة والتابعة لهما وبصحة إجراءات الحجز التحفظي الذي أوقعته ضمانا لحقها وأنها تمسكت بصحيفة الاستئناف بأن الحكم الابتدائي قضى برفض الدعوى على سند من بطلان الحجز لإيقاعه على سفينة غير تلك التي أذن القاضي بالحجز عليها ولأن أمر الحجز لم يعلن لربان السفينة المطلوب الحجز عليها في الميعاد القانوني وأن محكمة أول درجة لم تعرض في قضائها للفصل في الطلب الآخر بالإلزام رغم أن طلب صحة الحجز هو طلب تبعي للطلب الأصلي بالإلزام وأن ثبوت بطلان الحجز التحفظي لا يؤدي حتما إلى رفض الطلب بأصل الحق إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع مكتفيا بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة 193 من قانون المرافعات- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن الطلب الذي تغفله المحكمة يظل باقية على حالة ومعلقا أمامها ويكون السبيل إلى الفصل فيه هو الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه سهوا أو غلطا ومن ثم فلا يجوز الطعن في الحكم بسبب إغفاله الفصل في بعض الطلبات. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنة أقامت دعواها بطلب الحكم بثبوت الدين في ذمة المطعون ضدهما الأول والثاني عن المبالغ التي أنفقتها على سفينة تابعة لهما وبصحة إجراءات الحجز التحفظي الموقع على سفينة أخرى لهما ضمانا لدينها، وكان البين من الحكم الابتدائي أنه اقتصر في قضائه على الحكم ببطلان الحجز على سند من إيقاعه على سفينة غير تلك التي أذن القاضي بالحجز عليها، وخلا الحكم سواء في أسبابه أو منطوقه من الفصل في طلب الإلزام بأصل الحق، وإذ كان الحكم ببطلان الحجز بهذه المثابة لا ينطوي على قضاء ضمني حتمي برفض المطالبة بالدين بحسبان أن استعمال الحق في توقيع الحجز التحفظي على السفينة غير مرتبط بدعوي الوفاء بالحق وأن هذا الحجز ليس له من هدف سوى إيقاف السفينة إلى أن يتم الحصول على كفالة للوفاء بالدين فإن الحكم الابتدائي يكون بذلك أغفل الفصل في هذا الطلب بالإلزام ويبقى هذا الطلب معلقا أمامها ولا سبيل للطاعنة للفصل فيه إلا الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها ولا يجوز الطعن في الحكم بالاستئناف، إذ إن الاستئناف لا يقبل إلا عن الطلبات التي فصل فيها الحكم صراحة أو ضمنا ورفع عنه الاستئناف، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يتصد للفصل في طلب الإلزام الذي أغفل الحكم الابتدائي عن سهو الفصل فيه فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب إذ أقام قضاءه ببطلان الحجز على أن السفينة المحجوز عليها غير تلك التي صدر بشأنها أمر الحجز من القاضي المختص حال أن هاتين السفينتين شقيقتان مملوکتان لمدين واحد بما يجوز معه انصراف الحجز إلى أيهما الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 59 من القانون رقم 8 السنة 1990 بإصدار قانون التجارة البحرية على أنه" يجوز الحجز التحفظ على السفينة بأمر من رئيس المحكمة الابتدائية المختصة أو من يقوم مقامه ويجوز الأمر بتوقيع هذا الحجز ولو كانت السفينة متأهبة للسفر" يدل على أن المشرع استلزم حصول الدائن بدين بحري متعلق بسفينة على إذن من القضاء بإيقاع الحجز التحفظي وأن الأمر الذي يصدر من القاضي بالحجز لا يعد بمثابة حجز عام شامل لأموال المدين وإنما هو حجز محدد لا ينفذ إلا على السفينة الصادر بشأنها أمر الحجز دون غيرها من سفن ولو كانت مملوكة للمدين طالما أن القاضي لم يأذن بالحجز عليها ذلك أن إيقاع الحجز على غير السفينة التي تعلق بها أمر القاضي يعد بمثابة فرض للحجز بإرادة الدائن وليس بأمر وإذن من القضاء، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان الحجز لأن السفينة التي جرى إيقاع الحجز عليها غير تلك التي انصب عليها أمر الحجز، وكان لا يغني عن ذلك أن تكون السفينة المحجوز عليها مملوكة للمدين طالما أن القاضي لم يأذن بالحجز عليها، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.

الطعنان 25596 لسنة 57 ق جلسة 4 / 6 / 2011 إدارية عليا مكتب فني 57 ج 2 ق 136 ص 1332

السادة الأساتذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
1 - عصام الدين عبد العزيز جاد الحق 2- محمد محمود فرج حسام الدين
3- صبحي علي السيد علي 4- عبد العزيز أحمد حسن محروس
5- محمود فؤاد عمار محمود عمار 6- د. حمدي حسن الحلفاوي
7- صلاح شندي عزيز تركي 
----------------- 
مجلس الدولة
شئون الأعضاء- النقل- إذا تقرر نقل العضو بناء على شكوى تم التحقيق فيها وتقرر حفظها، فقررت جهة الإدارة إعادته لعمله كان قرارها صحيحا- لا يجوز لها بعد أيام قليلة أن تعاود الكَرَّة فتصدر قرارا آخر بنقله دون بيان حالة الضرورة التي طرأت خلال الأيام القليلة ما بين القرارين- القرار الأخير يكون فاقدا لسنده، ويكشف عن ملاحقة العضو بالنقل، رغم ما تكشف لجهة الإدارة من سلامة موقفه وحفظ التحقيق معه. 
------------------- 
الوقائع
في يوم الموافق 23/4/2011 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل طلب في ختامه الحكم:
(أولا) 1– بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار رئيس مجلس الدولة رقم 114 لسنة 2011 فيما تضمنه من إلحاق الطاعن للعمل بمحكمة القضاء الإداري، وما ترتب على ذلك من آثار، والإذن بتنفيذ الحكم في هذا الشق بمسودته وبغير إعلان.
2 – وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار.
(ثانيا) بإلزام جهة الإدارة أن تؤدي للطاعن مبلغ مليون جنيه على سبيل التعويض عن الأضرار التي أصابته من قرارات تنحيته عن رئاسة إدارة الفتوى للوزارات والمصالح العامة بالإسكندرية، وإلزام جهة الإدارة المصروفات، وتم إعلان تقرير الطعن على الوجه المبين بالأوراق.
وجرى نظر الشق العاجل من الطعن الماثل أمام هذه المحكمة بجلسة 4/6/2011، وفيها تقرر إصدار الحكم في نهاية الجلسة مع التصريح بتقديم مذكرات ومستندات خلال ساعة، ولم يقدم الطرفان خلالها شيئا، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به. 
------------------ 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن وقف تنفيذ القرار الإداري يتطلب توفر ركن الجدية بأن يكون القرار مرجح الإلغاء، وركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
وحيث إن عناصر المنازعة الماثلة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن يشغل وظيفة (نائب رئيس مجلس الدولة) منذ سنوات عديدة، وعمل عضوا بمحكمة القضاء الإداري، ومن ثم رئيسا لدوائرها لمدة خمسة عشر عاما، وفي إطار التنظيم الموضوعي لنقل أعضاء مجلس الدولة بين أقسامه عين رئيسا لإدارة الفتوى للوزارات والمصالح العامة بالإسكندرية اعتبارا من 1/10/2009، وإزاء تقدم أحد أعضاء تلك الإدارة بشكوى ضد الطاعن صدر قرار رئيس مجلس الدولة رقم 216 لسنة 2010 في 27/9/2010 بإلحاق الطاعن للعمل بهيئة مفوضي الدولة، وتم التحقيق في تلك الشكوى، وانتهى الأمر إلى حفظ المجلس الخاص لهذا التحقيق.
وبناء على ذلك صدر قرار رئيس مجلس الدولة رقم 98 لسنة 2011 بتاريخ 26/3/2011 بإعادة الطاعن لعمله رئيسا لإدارة الفتوى للوزارات والمصالح العامة بالإسكندرية، وقام الطاعن بتسلم العمل بالإدارة، إلا أنه فوجئ بعد أيام قليلة بتاريخ 3/4/2011 بصدور قرار رئيس مجلس الدولة رقم 114 لسنة 2011 بإلحاق الطاعن للعمل بمحكمة القضاء الإداري.
وقد أقام الطاعن طعنه الماثل ناعيا على هذا القرار مخالفته القانون؛ بحسبان أن تحريك أعضاء مجلس الدولة بين أقسام المجلس لا يكون إلا بطريق الندب، وعند الضرورة وفقا لحكم المادة رقم (87) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، كما أن القرار المطعون فيه صدر مفتقدا للسبب الصحيح والمبرر له، ومشوبا بإساءة استعمال السلطة.

وحيث إن البادي من ظاهر الأورق أن الطاعن تم نقله من رئاسة إدارة الفتوى للوزارات والمصالح العامة بالإسكندرية بتاريخ 27/9/2010، وألحق للعمل بهيئة مفوضي الدولة بناء على شكوى من أحد أعضاء تلك الإدارة، وقد تم التحقيق فيها حيث قرر المجلس الخاص حفظ هذا التحقيق، بما يكون معه قرار رئيس مجلس الدولة رقم 98 لسنة 2011 الصادر بتاريخ 26/3/2011 بإعادته للعمل مرة أخرى متفقا وصحيح حكم القانون.

وإذ عاود رئيس مجلس الدولة الكرة فأصدر قراره رقم 114 لسنة 2011 بإلحاق الطاعن مرة أخرى للعمل بمحكمة القضاء الإداري دون بيان حالة الضرورة التي طرأت خلال الأيام القليلة ما بين قراريه، ومن ثم يغدو هذا القرار فاقدا لسنده، ويكشف عن ملاحقة الطاعن بالنقل رغم ما تكشف لجهة الإدارة من سلامة موقفه وحفظ التحقيق معه، مما يتوفر معه ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ.

وحيث إنه لما كان يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها، بحسبان أن الطاعن ستنتهي خدمته بانتهاء العام القضائي الحالي، الأمر الذي يتوفر معه ركن الاستعجال، وهو ما يستوي معه طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه على ركنيه، مما تقضي معه المحكمة بإجابة الطاعن لطلبه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وأمرت بتنفيذ هذا الحكم بمسودته وبغير إعلان إعمالا لحكم المادة رقم (286) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبوقف تنفيذ قرار رئيس مجلس الدولة رقم 114 لسنة 2011 فيما تضمنه من إلحاق الطاعن للعمل بمحكمة القضاء الإداري، وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبغير إعلان، وأمرت بإحالة الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيره وإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلبي الإلغاء والتعويض.

الطعنان 7535 لسنة 48 ، 3367 لسنة 50 ق جلسة 7 / 5 / 2010 إدارية عليا مكتب فني 57 ج 2 ق 135 ص 1317

السادة الأساتذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
1 - عصام الدين عبد العزيز جاد الحق 2- محمد محمود فرج حسام الدين
3 - صبحي علي السيد علي 4- عبد العزيز أحمد حسن محروس
5- محمود فؤاد عمار محمود عمار 6- د. حمدي حسن الحلفاوي
7- صلاح شندي عزيز تركي 
----------------- 
(1) دعوى
دعوى البطلان الأصلية- لا سبيل للطعن على الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا إلا بصفة استثنائية بدعوى بطلان أصلية- لا يتأتى هذا الاستثناء إلا عند تجرد الحكم من أركانه الأصلية، وفقدانه صفته كحكم- إذا كان الطاعن يهدف بدعوى البطلان الأصلية إلى إعادة مناقشة ما قام عليه الحكم المطعون فيه، ويؤسسها على مسائل موضوعية تندرج كلها تحت احتمالات الخطأ والصواب في تفسير القانون وتأويله، فإن هذه الأسباب لا تمثل إهدارا للعدالة يفقد معها الحكم وظيفته، ومن ثم لا تصمه بأي عيب ينحدر به إلى درجة الانعدام. 

(2) دعوى 
دفوع في الدعوى– الدفع بعدم الدستورية- جواز إبداء الدفع بعدم الدستورية لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا( ). 

(3) دعوى
دعوى البطلان الأصلية- يجوز الإذن للطاعن في دعوى البطلان الأصلية بإقامة دعوى دستورية. 

(4) دعوى
دفوع في الدعوى– الدفع بعدم الدستورية- الأثر المترتب على الإذن للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية- القرار الصادر بالإذن للمدعي بطرح الخصومة الدستورية ينطوي ضمنا على الفصل في الاختصاص وشكل الدعوى وما يتصل بموضوعها، عدا النصوص التي قدرت المحكمة عدم دستوريتها- يمتنع على محكمة الموضوع العدول عن قرارها الصادر بالإذن بطرح الخصومة الدستورية، أو معاودة بحث مسائل شكلية أو موضوعية سابقة على هذا الإذن. 

(5) دعوى
دفوع في الدعوى– الدفع بعدم الدستورية- الأثر المترتب على الإذن للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية– يتعين على محكمة الموضوع أن تتربص قضاء المحكمة الدستورية العليا باعتباره فاصلا في النصوص القانونية التي ينبغي تطبيقها على النزاع الموضوعي. 

(6) دعوى
دعوى البطلان الأصلية- يجب على المحكمة الإدارية العليا وهي تنظر هذه الدعوى أن تعمل مقتضى حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بعد الحكم المطعون فيه في مسألة تتعلق بموضوع المنازعة- تسترد المحكمة الإدارية العليا بمقتضى حكم المحكمة الدستورية ولايتها الموضوعية- ليس في هذا إعادة النظر من جديد في التعقيب على الحكم المطعون فيه. 

(7) هيئة قضايا الدولة
شئون الأعضاء– تأديبهم- مجلس الصلاحية- أكد قضاء المحكمة الدستورية العليا أنه لا يجوز أن يضم مجلس الصلاحية من شارك في الإحالة إليه– القرار الصادر عن مجلس الصلاحية في هذه الحالة يعد قرارا معدوما. 

(8) هيئة قضايا الدولة
شئون الأعضاء– تأديبهم- مجلس الصلاحية- القرار الصادر عن مجلس الصلاحية بعدم صلاحية عضو الهيئة لشغل وظيفته ونقله إلى وظيفة إدارية، وما تبعه من قرار جمهوري بإعمال مقتضاه، يوزن بميزان المشروعية الذي تقيمه الرقابة القضائية على أعمال الإدارة، فإذا سقطت النصوص سند جهة الإدارة في قرارها بإقصاء المدعي عن وظائف هيئة قضايا الدولة بالحكم بعدم دستوريتها، تعين أن يكون لهذا الحكم أثر رجعي؛ إعمالا لمقتضى الترضية القضائية للمدعي، إذ لا حق للقرار الصادر بنقله إلى وظيفة غير قضائية ليس فحسب في منطلقاته الموضوعية، بل وكذلك في سند ولاية الهيئة التي أصدرته ومدى صلاحيتها- إذا تعين ذلك فقد انعدمت جميع القرارات والإجراءات المترتبة على هذه الولاية، وأضحى حقيقا على كل جهة إلغاء جميع الآثار المترتبة عليها؛ بحسبانها عقبة مادية يجوز إزالتها في كل وقت، مهما طال عليها الزمن، دون اعتداد بعوامل استقرار المراكز القانونية. 
----------------- 
الوقائع
بتاريخ 28/9/2000 أودع الطاعن سكرتارية لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة تظلما قيد برقم 272 لسنة 2000، طعنا بالبطلان في قرار اللجنة الصادر في التظلم رقم 105 لسنة 1998 بجلسة 19/4/1999 القاضي منطوقه بعدم قبول التظلم.

وطلب الطاعن استنادا إلى ما أورده من أسباب الحكم ببطلان قرار لجنة التأديب والتظلمات الصادر في التظلم رقم 105 لسنة 1998 بجلسة 9/4/1998، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وجرى تداول الطعن أمام اللجنة حتى تمت إحالته إلى هذه المحكمة استنادا لأحكام القانون رقم 2 لسنة 2002 بتعديل بعض أحكام قانون هيئة قضايا الدولة، الصادر بالقانون رقم 75 لسنة 1963، الذي أسند الاختصاص بنظره إلى هذه المحكمة، ومن ثم ورد الطعن إليها، وقيد برقم 7535 لسنة 48 ق. عليا، وباشرت هيئة مفوضي الدولة تحضير الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وأعدت تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بوقف تنفيذ القرار الصادر عن لجنة التأديب والتظلمات في دعوى الصلاحية رقم 2/1990 بجلسة 13/8/1990، ووقف تنفيذ القرار الجمهوري رقم 397 لسنة 1990 الصادر نفاذا له، وإعادة نظر دعوى الصلاحية رقم 2/1990 أمام هيئة مغايرة.

وجرى تداول الطعن أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، حيث قدم وكيل الطاعن صحيفة أضاف فيها إلى طلباته طلب الحكم ببطلان وانعدام قرار لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة الصادر في دعوى الصلاحية رقم 2 لسنة 1990 بجلسة 13/8/1990، مع ما يترتب على ذلك من آثار.

وإذ دفع الطاعن بعدم دستورية المادتين رقمي 25 و27 من القانون رقم 75 لسنة 1963 وقدرت المحكمة جدية هذا الدفع، فقد صرحت له برفع دعواه الدستورية التي أقامها برقم 148 لسنة 28ق. دستورية، وبجلسة 6/7/2008 قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص المادة رقم (25) من القانون رقم 75 لسنة 1963 معدلا بالقانونين رقمي 65 لسنة 1976 و10 لسنة 1986 فيما تضمنه من:
أ– أن يرأس لجنة التأديب والتظلمات -وهي تنظر في أمر عضو الهيئة الذي يحصل على تقريرين متواليين بدرجة أقل من المتوسط أو أربعة تقارير بدرجة متوسط– رئيس الهيئة الذي رفع الأمر إلى وزير العدل.
ب– أن تفصل اللجنة في هذا الطلب ولو كان من أعضائها من شارك في فحص حالة العضو والتفتيش عليه.
كما أقام الطاعن دعوى البطلان الأصلية رقم 3367 لسنة 50ق. عليا بموجب صحيفة أودعها وكيله قلم كتاب المحكمة بتاريخ 18/1/2004، وطلب في ختامها الحكم ببطلان وانعدام الحكم الصادر عن المحكمة (الدائرة السابعة موضوع) في الطعن رقم 4808 لسنة 48ق. عليا بجلسة 23/2/2003، والقضاء مجددا بقبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء قرار لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة الصادر في دعوى الصلاحية رقم 2 لسنة 1990 بجلسة 13/8/1990 فيما تضمنه من نقله إلى وظيفة غير قضائية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهم متضامنين تعويضه عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقته من جراء تلك القرارات، وجرى إعلان صحيفة الدعوى على الوجه المقرر قانونا.
وباشرت هيئة مفوضي الدولة تحضير الدعوى على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وأعدت تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بعدم قبول الطعن على النحو المبين بالأسباب.
وجرى تداول الدعوى أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 30/11/2008 قررت ضم الدعوى للدعوى رقم 7535 لسنة 48ق، وبجلسة 13/11/2010 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 25/12/2010، وضربت للمذكرات والمستندات أجلا لم تقدم خلاله، ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة 26/2/2011 لإتمام المداولة، وفيها مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاستمرار المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به. 
------------------ 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن أقام دعوييه الماثلتين للحكم بطلباته المشار إليها، على سند من أنه كان يشغل وظيفة محام بهيئة قضايا الدولة، وأن إدارة التفتيش الفني أجرت تفتيشا على أعماله في المدة من 1/10/1986 حتى 30/9/1987، ثم عن الفترة من 1/10/1987 حتى 30/9/1988، وقدرت كفايته بمرتبة أقل من المتوسط، وقد أعدت تلك الإدارة مذكرة للعرض على رئيس الهيئة طلبت فيها عرض أمره على لجنة التأديب والتظلمات طبقا لحكم المادة رقم (27) من قانون الهيئة الصادر بالقانون رقم 75 لسنة 1963، وقد وافق رئيس الهيئة بتاريخ 30/6/1990 على ما ورد بتلك المذكرة، وبعرضها على وزير العدل طلب عرض الأمر على لجنة التأديب والتظلمات المشكلة طبقا لحكم المادة رقم (25) من هذا القانون، ومن ثم قيدت ضده الدعوى رقم 2 لسنة 1990، وبجلسة 13/8/1990 قررت اللجنة قبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بنقله إلى وظيفة عامة أخرى، وأثرا لذلك صدر القرار الجمهوري رقم 397 لسنة 1990 بنقله إلى وظيفة غير قضائية بهيئة قضايا الدولة، وبتاريخ 3/2/1998 قدم التظلم رقم 105 لسنة 1998 أمام لجنة التأديب والتظلمات باعتباره دعوى بطلان أصلية، طالبا بطلان كل من قرارها والقرار الجمهوري المشار إليهما، وذلك على سند من أن قرار اللجنة الصادر في دعوى الصلاحية بنقله إلى وظيفة غير قضائية أتى منعدما وباطلا بطلانا مطلقا، إذ تضمن تشكيل اللجنة من فقد صلاحيته للجلوس مجلس القضاء والفصل في الدعوى لسبق مشاركته في مرحلتي التحقيق والاتهام، وكذلك مشاركته في الأعمال السابقة (تقارير التفتيش) التي هي سند الدعوى، وبذلك جمع في آن واحد بين صفتي الخصم والحكم بالمخالفة لأصول التقاضي والمبادئ الدستورية التي أرستها المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 162 لسنة 19 ق. دستورية.
وبجلسة 19/4/1999 قضت اللجنة بعدم قبول التظلم، وأقامت قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المتظلم أقيمت في شأنه دعوى الصلاحية وليست الدعوى التأديبية، وكان الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 162 لسنة 19ق. دستورية والتعديل التشريعي الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 1998 سند المتظلم إنما يتعلق بالدعوى التأديبية المشار إليها بنص المادتين رقمي 25 و26 من قانون هيئة قضايا الدولة، ومنبت الصلة بدعوى الصلاحية المشار إليها بنص المادة رقم (27) من ذات القانون، ومن ثم يغدو استناده إلى حكم المحكمة الدستورية غير منتج، وإذ كان القرار الصادر في دعوى الصلاحية وعلى النحو الوارد بالمادة رقم (27) هو قرار نهائي غير قابل للطعن فيه بأي وجه، فمن ثم تعين الحكم بعدم قبول التظلم.

وإذ لم يرتض الطاعن هذا القضاء فقد أقام طعنا أمام ذات اللجنة بتاريخ 28/9/2000 قيد برقم 272 لسنة 2000، ونفاذا لأحكام القانون رقم 2 لسنة 2002( ) بتعديل بعض أحكام القانون رقم 75 لسنة 1963 المشار إليه فقد أحيل الطعن إلى هذه المحكمة، وقيد تحت مسمى دعوى بطلان أصلية برقم 7535 لسنة 48 ق. عليا.

وجرى تداوله أمام المحكمة -بعد تمام مرحلة تحضيره– حيث دفع المدعي بعدم دستورية المادتين رقمي 25 و27 من قانون هيئة قضايا الدولة رقم 75 لسنة 1963 معدلا بالقانونين رقمي 10 لسنة 1986 و88 لسنة 1998، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع وصرحت للمدعي برفع دعواه الدستورية، لذا فقد أقام الدعوى رقم 148 لسنة 28ق. دستورية، وبجلسة 6/7/2008 قضت المحكمة بعدم دستورية نص المادة رقم (25) من القانون رقم 75 لسنة 1963 المشار إليه، معدلا بالقانونين رقمي 65 لسنة 1976، 88 لسنة 1998 فيما تضمنه من:

أ– أن يرأس لجنة التأديب والتظلمات –وهي تنظر في أمر عضو الهيئة الذي حصل على تقريرين متواليين بدرجة أقل من المتوسط أو أربعة تقارير بدرجة متوسط– رئيس الهيئة الذي رفع الأمر إلى وزير العدل.

ب– أن تفصل اللجنة المشار إليها في هذا الطلب، ولو كان من أعضائها من شارك في فحص حالة العضو والتفتيش عليه.

وحيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي قد أقام طعنا أمام هذه المحكمة في القرار نفسه الصادر عن لجنة التأديب والتظلمات في دعوى الصلاحية رقم 2 لسنة 1990، وذلك بأن أودع تقريرا بالطعن قلم كتابها بتاريخ 12/3/2002 حيث قيد برقم 4808 لسنة 48ق. عليا، طلب فيه الحكم بإلغاء قرار اللجنة الصادر في هذه الدعوى بجلسة 13/8/1990 فيما تضمنه من نقله إلى وظيفة عامة، وكذا القرار الجمهوري الصادر نفاذا له، وتعويضه عما لحقه من أضرار من جراء نقله.

وبجلسة 26/1/2003 قضت المحكمة بعدم قبول الطلب الأول شكلا لرفعه بعد الميعاد وبقبول الطلب الثاني شكلا، ورفضه موضوعا، وأقامت قضاءها بالنسبة للطلب الأول (طلب الإلغاء) وبعد استعراض نص المادة رقم (24) من قانون مجلس الدولة (الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972) على أن الثابت من الأوراق أن القرارين المطعون فيهما قد صدر أولهما رقم 2 لسنة 1990 بتاريخ 13/8/1990، وصدر القرار الثاني رقم 397 لسنة 1990 بتاريخ 19/9/1990، وأن الطاعن أقام دعواه ابتداء أمام محكمة القضاء الإداري بتاريخ 6/5/1998 طالبا إلغاء هذين القرارين، أي بعد مرور ثماني سنوات تقريبا على صدورهما، فمن ثم يكون الطعن قد أقيم بعد الميعاد، مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله.

وأضاف الحكم المذكور أن مقولة نهائية قرارات لجنة الصلاحية وعدم جواز الطعن فيها بأي وجه قبل صدور القانون رقم 2 لسنة 2002 مردود بأنه كان بوسع الطاعن أن يطعن في الميعاد على القرار رقم 2 لسنة 1990 أمام المحكمة المختصة بمجلس الدولة، وأن يطلب إتاحة الفرصة له بأن يدفع بعدم دستورية هذا النص أمام المحكمة الدستورية العليا، ومن ناحية أخرى فإن هذا النص لم يكن يحول بينه وبين الطعن في الميعاد على القرار الجمهوري رقم 397 لسنة 1990 الصادر بنقله إلى وظيفة غير قضائية.

وبالنسبة لطلب التعويض فقد أقامت المحكمة قضاءها برفضه على أن مناط مسئولية جهة الإدارة عن قراراتها توفر أركان ثلاثة هي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما، فإذا صدر القرار سليما فلا تسأل عنه جهة الإدارة، وبعد استعراضها نص المادة رقم (27) من القانون رقم 75 لسنة 1963 قررت المحكمة أن الثابت من الأوراق أن الطاعن حصل على تقريرين بدرجة أقل من المتوسط، وأحيل إلى لجنة الصلاحية في الدعوى رقم 2 لسنة 1990 للنظر في أمره طبقا لحكم المادة رقم (27) المشار إليها، حيث أصدرت قرارها المطعون فيه تأسيسا على حصول الطاعن على تقريرين بدرجة أقل من المتوسط، وأنه تبين لها صحة هذين التقريرين، وما ورد بهما من تقصير الطاعن في عمله، وأنه قد مثل أمام لجنة الصلاحية، وقصر دفاعه على طلب إعطائه فرصة أخرى، وانتهت اللجنة بناء على ما تقدم إلى قرارها المطعون فيه بنقله إلى وظيفة عامة أخرى، ومن ثم يكون هذا القرار موافقا صحيح حكم القانون، وكذلك القرار الجمهوري الصادر بنقله إلى وظيفة غير قضائية بالهيئة.

وفي مجال الرد على النعي على القرار الصادر في دعوى الصلاحية ببطلانه لكون اللجنة التي أصدرته قد شكلت من أعضاء اشتركوا في لجنة الاعتراض على تقريري الكفاية سند عدم الصلاحية، في مجال ذلك قررت المحكمة أن تشكيل اللجنة على هذا النحو لم يقض بعدم دستوريته، وأن عدم دستورية تشكيل مجلس التأديب المنصوص عليه في المادة رقم (25) من هذا القانون إذا ما اشترك أعضاؤه أو أحدهم في الخصومة التأديبية بعد سبق مشاركته في التحقيق والاتهام، فإن ذلك لا يمتد إلى لجنة الصلاحية، بل هو مقصور على لجنة التأديب والتظلمات المنعقدة في شكل مجلس تأديب.

وحيث إن النعي بالبطلان على حكم هذه المحكمة في الطعن رقم 4808 لسنة 48ق. عليا، وكذا على قرار لجنة التأديب والتظلمات في الطلب رقم 105 لسنة 1998 وذلك على النحو الثابت من دعويي البطلان الماثلتين يقوم على أسباب أربعة:

السبب الأول: مخالفة الحكمين المدعى بطلانهما (حكم المحكمة في الطعن رقم 4808 لسنة 48ق، وقرار (أو حكم) لجنة التأديب والتظلمات رقم 105 لسنة 1998، التي كان لها قبل صدور القانون رقم 2 لسنة 2002 ولاية التصدي لدعاوى الصلاحية والتأديب، وما يتفرع عنها من أنزعة أو دعاوى، ومنها دعوى بطلان ما يصدر في تلك الأنزعة من قرارات لها مقومات الأحكام) –مخالفتهما- لأحكام المحكمة الدستورية العليا الصادرة في الدعاوى أرقام 162 لسنة 19ق. دستورية بجلسة 7/3/1998 و193 لسنة 19ق.دستورية بجلسة 6/5/2000 و5 لسنة 22ق. دستورية (منازعة تنفيذ) بجلسة 4/8/2001، حيث جلس مجلس الحكم في دعوى الصلاحية من سبقت مشاركته في إعداد تقارير التفتيش وفي نظر الاعتراضات عليها، وفي الاشتراك في إجراءات تحريك هذه الدعوى.
السبب الثاني: بطلان حكم المحكمة الصادر في الطعن رقم 4808 لسنة 48 ق. ع لصدوره على خلاف الأحكام والإجراءات الواردة بقانون المرافعات، إذْ شابه القصور في أسبابه الواقعية وعدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم وذلك على النحو التالي:
1- شمول المداولة بشأنه لجميع أعضاء الدائرة من سمع منهم ومن لم يسمع المرافعة.
2- استماع المحكمة أثناء المداولة لوجهة نطر هيئة قضايا الدولة، وذلك في غيبة المدعي.
3- أن مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعة بتوقيعات غير مقروءة من عدد من القضاة لا يعلم من مطالعتها إن كانوا هم من سمعوا المرافعة أم لا، أو اشتركوا في المداولة أم لا.
4- أ- أنه قد دفع بانعدام القرارين المطعون فيهما لمخالفتهما لأحكام الدستور، وأحكام المحكمة الدستورية العليا، بما لا يتقيد الطعن فيهما بالإلغاء بالمواعيد المنصوص عليها في المادة رقم (24) من قانون مجلس الدولة، ومع ذلك التفت الحكم عن التصدي لهذا الدفاع.
ب- عدم صحة ما ورد بالحكم المذكور من أن الطاعن قد اعترض على التقريرين موضوع التداعي، وفصلت لجنة الاعتراضات في كل منهما.
ج- عدم صحة ما انتهى إليه الحكم من عدم سريان حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص المادة رقم (25) من قانون هيئة قضايا الدولة على قرار اللجنة الصادر بجلسة 13/8/1990 لصدور قرار اللجنة قبل الحكم بعدم دستورية نص هذه المادة.
السبب الثالث: مخالفة الحكم المطعون فيه لما صدر عن ذات الدائرة من مبادى قوامها انعدام قرارات لجنة التأديب والتظلمات بهيئة صلاحية أثرا لعدم صلاحية من اشترك في إصدار هذه القرارات إذا كان قد سبق له التحقيق أو الإحالة.
السبب الرابع: أن الطاعن أقام بعد صدور الحكم المطعون فيه بالبطلان منازعة تنفيذ دستورية أمام المحكمة الدستورية العليا قيدت برقم (5) لسنة 25ق. دستورية طالبا عدم الاعتداد بالحكم المذكور، وإسقاطه باعتباره عقبة أمام تنفيذ حكم المحكمة الدستورية، ولم يفصل فيه بعد.
وحيث إنه ولئن كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المشرع حصر طرق الطعن في الأحكام، ووضع لها آجالا محددة وإجراءات معينة، ولا يجري بحث أسباب العوار التي قد تلحق بالأحكام إلا بالطعن عليها بطرق الطعن المناسبة لها وأن المحكمة الإدارية العليا هي خاتمة المطاف وتستوي على قمة القضاء الإداري، وأحكامها باتة، فلا يجوز قانونا أن يعقب على أحكامها، ولا تقبل الأحكام الصادرة عنها الطعن بأي طريق من طرق الطعن، ولا سبيل للطعن على تلك الأحكام بصفة استثنائية إلا بدعوى البطلان الأصلية، وهذا الاستثناء في غير الحالات التي نص عليها المشرع –كما فعل في المادة رقم (147) من قانون المرافعات– لا يتأتى إلا عند تجرد الحكم من أركانه الأصلية وفقدانه صفته كحكم، فإذا كان الطاعن يهدف بدعوى البطلان الأصلية إلى إعادة مناقشة ما قام عليه الحكم المطعون فيه، ويؤسسها على مسائل موضوعية تندرج كلها تحت احتمالات الخطأ والصواب في تفسير القانون وتأويله، فإن هذه الأسباب لا تمثل إهدارا للعدالة يفقد معها الحكم وظيفته، ومن ثم لا تصمه بأي عيب ينحدر به إلى درجة الانعدام، وهو مناط قبول دعوى البطلان الأصلية، كما أن إباحة الطعن في هذه الأحكام يؤدي إلى تسلسل المنازعات وتواليها بما يرتبه ذلك من إرهاق للقضاء بدعاوى أو طعون سبق له حسمها بأحكام نهائية.
وحيث إنه بإنزال ما تقدم على دعويي البطلان الماثلتين فإنهما قامتا من جانب على أوجه طعن على الحكمين محل الطعن بالبطلان في مسائل موضوعية متعلقة بتطبيق القانون وتأويله كمخالفتهما لقضاء سابق، اعتنق مبدأ عدم صلاحية من جلس مجلس الحكم في مجالس التأديب متى كان قد أبدى رأيا سابقا في المنازعة نفسها المطروحة على المجلس، أو ما يتعلق بعدم مشروعية قرار لجنة الصلاحية أو القرار الجمهوري الصادر نفاذا له، وكذا ما قام عليه الطعن من أوجه أو أسباب أخرى كانت تصلح لو صحت –وهو ما لم يثبت– للقضاء ببطلان الحكمين محل الطعن، وتبعا لذلك فإن هذين الحكمين لا تستوي أسباب الطعن السالف ذكرها مسوغا لوصمهما بالتجرد من صفة الأحكام أو إهدار العدالة، بما يفقد معها الحكم مقوماته ووظيفته وتهوي به إلى درك الانعدام، وهو مناط قبول دعوى البطلان الأصلية.
وحيث إنه ولئن كان ذلك إلا أن المحكمة أثناء نظرها لدعوى البطلان رقم 7535 لسنة 48ق قد استجابت لطلب المدعي بالإذن له بإقامة دعوى دستورية طعنا بعدم دستورية نص المادة رقم (25) من قانون هيئة قضايا الدولة (الصادر بالقانون رقم 75 لسنة 1963) فيما تضمنته من أن يتولى رئيس الهيئة رئاسة المجلس الذي يتولى نظر الصلاحية رغم طلبه إقامة دعوى الصلاحية، وكذلك إجازة هذه المادة للجنة الصلاحية أن تفصل في هذا الطلب ولو كان من أعضائها من شارك في فحص حالة العضو والتفتيش عليه مؤدى ذلك ولازمه أن المحكمة قد استقر في وجدانها -حين أذنت للمدعي بذلك– مخالفة هذا النص لمبدأ سيادة القانون، واستقلال عضو الهيئة القضائية وحصانته، وإخلاله بمبدأ حيدة الجهة التي تتولى المحاكمة، هذا الإذن قد أنشأ واقعا جديدا هو تعلق المسألة الدستورية المثارة بالفصل في موضوع الدعوى وتوقفه عليها وارتباطه بها ارتباطا لا يقبل التجزئة، ومن ثم فإنه بمجرد الإذن للمدعي بذلك وإقامته دعواه الدستورية أثرا له تتصل الخصومة الدستورية بالمحكمة الدستورية العليا وتدخل في حوزتها لتهيمن عليها وحدها، وعلى محكمة الموضوع أن تتربص قضاء المحكمة الدستورية العليا باعتباره فاصلا في النصوص القانونية التي ينبغي تطبيقها على النزاع الموضوعي، بما يمتنع معه على محكمة الموضوع العدول عن قرارها الإذن للمدعي بطرح الخصومة الدستورية، أو معاودة بحث مسائل شكلية أو موضوعية سابقة على مجرد إنزال حكم المحكمة الدستورية العليا على موضوع النزاع المطروح أمامها، ومن ثم يكون قرارها بالإذن للمدعي بطرح الخصومة الدستورية قد انطوى ضمنا على الفصل في مسألة الاختصاص وشكل الدعوى وما يتصل بموضوعها، عدا النصوص التي قدرت محكمة الموضوع عدم دستوريتها.
(يراجع في هذا المعنى حكم المحكمة في الطعن رقم 322 لسنة 48ق. عليا بجلسة 8/6/2003)
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قد قضت في الدعوى المقامة من المدعي نفسه برقم 148 لسنة 28ق. دستورية بجلسة 6/7/2008 بجدية ما رأته المحكمة الإدارية العليا من عدم دستورية نص المادة رقم (25) من قانون هيئة قضايا الدولة فيما تضمنه من أن يرأس لجنة التأديب والتظلمات، وهي تنظر في أمر عضو الهيئة الذي حصل على تقريرين متتاليين بدرجة أقل من المتوسط أو أربعة تقارير بدرجة متوسط رئيس الهيئة الذي رفع الأمر إلى وزير العدل، أو أن تفصل اللجنة المشار إليها في هذا الطلب، ولو كان من أعضائها من شارك في فحص حالة العضو والتفتيش عليه، وقد كشف هذا القضاء عن واقع جديد مؤداه انعدام القرارات الصادرة عن مجلس الصلاحية متى رأسه من شارك في الإحالة إليه بسبب عدم صلاحية رئيس مجلس الصلاحية لنظرها، ويغدو حكمها معدوما لا يخرج عن كونه عقبة مادية تزيلها المحكمة الإدارية العليا.
وحيث إن هذه المحكمة لا تستأنف النظر من جديد في التعقيب على الحكم الصادر عنها في الدعوى رقم 4808 لسنة 48ق. عليا أو في القرار الصادر عن لجنة التأديب والتظلمات في الدعوى رقم 105 لسنة 1998، وإنما تسترد بمقتضى حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه ولايتها الموضوعية للحكم بعدم دستورية نص المادة رقم (25) من قانون هيئة قضايا الدولة فيما تضمنه من إهدار لأبسط ضمانات التحقيق والمحاكمة العادلة لعضو الهيئة (وهو أحدهم بحسبانه المدعي في الدعوى الدستورية محل هذا الحكم)، وذلك بأن يوزن القرار الصادر عن لجنة التأديب والتظلمات بهيئة صلاحية فيما انتهى إليه من عدم صلاحية المدعي لتولي الوظائف القضائية بالهيئة لحصوله على تقريرين متواليين بدرجة أقل من المتوسط، وما يترتب على ذلك من آثار أهمها نقله إلى وظيفة إدارية، وما يتبعه من قرار جمهوري بإعمال مقتضاه، يوزن كل ذلك بميزان المشروعية الذي تقيمه الرقابة القضائية على أعمال الإدارة، فإذا سقطت النصوص سند جهة الإدارة في قضائها بإقصاء المدعي عن وظائف هيئة قضايا الدولة بالحكم بعدم دستوريتها تعين أن يكون لهذا الحكم أثر رجعي إعمالا لمقتضى الترضية القضائية للمدعي، إذ لا حق للقرار الصادر بنقله إلى وظيفة غير قضائية ليس فحسب في منطلقاته الموضوعية، بل وكذلك في سند ولاية الهيئة التي أصدرته ومدى صلاحيتها، وإذ تعين ذلك فقد انعدمت جميع القرارات والإجراءات المترتبة على هذه الولاية، وأضحى حقيقا على كل جهة إلغاء جميع الآثار المترتبة عليها؛ بحسبانها عقبة مادية يجوز إزالتها في كل وقت، مهما طال عليها الزمن، دون اعتداد بعوامل استقرار المراكز القانونية.
وإذ لم تمتثل الجهة الإدارية لهذا النظر، وغضت الطرف عما صدر بشأن المدعي من إجراءات سقطت بسند النصوص سندها، فإن هذه المحكمة تقرر في قوة الحقيقة القانونية، دون مساس بالأحكام الصادرة في هذا الشأن، إلغاءَ جميع الآثار المترتبة على الحكم بعدم صلاحية المدعي، وإلغاء العقبات التي تحول دون عودته إلى عمله كعضو بهيئة قضايا الدولة اعتبارا من تاريخ نقله إليها، ودون أن يغل ذلك يد الجهة الإدارية عن إعادة الإجراءات التي اتخذت حياله للحكم على صلاحيته من آخر إجراء تم صحيحا، في ضوء حكم المحكمة الدستورية العليا سالف الإلماح.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الدعويين شكلا، وفي الموضوع بإلغاء قرار لجنة التأديب والتظلمات بهيئة قضايا الدولة بجلسة 13/8/1990 فيما تضمنه من عدم صلاحية المدعي، ونقله إلى وظيفة غير قضائية، وبإلغاء القرار الجمهوري الصادر نفاذا له رقم 397 لسنة 1990، مع ما يترتب على ذلك من آثار, على النحو المبين بالأسباب.

الطعنان 5730 ، 6585 لسنة 55 ق جلسة 6 / 2 / 2010 إدارية عليا مكتب فني 57 ج 2 ق 134 ص 1293

1 - السيد الأستاذ المستشار/ عبد الله سعيد أبو العز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
والسادة الأساتذة المستشارون نواب رئيس مجلس الدولة:
2- مجدي حسين محمد العجاتي 3- حسين محمد عبد المجيد بركات
4- أحمد عبد التواب محمد موسى 5- أحمد عبد الحميد حسن عبود
6- محمد أحمد أحمد ضيف 7- شحاتة علي أحمد أبو زيد
8- منير عبد القدوس عبد الله 9- محمد صلاح جودة عبد المنعم 
---------------- 
(1) اختصاص 
ما يدخل في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة– تختص بنظر المنازعات المتعلقة بإجراءات الترخيص أو الانتفاع بالأنشطة داخل المحميات الطبيعية- تدور هذه المنازعات في فلك القانون العام. 

(2) دعوى 
التدخل في الدعوى- التدخل الانضمامي- وسائل التدخل- المقصود بالتدخل الانضمامي هو المحافظة على حقوق المتدخل عن طريق مساعدة أحد طرفي الخصومة الأصليين في الدفاع عن حقوقه- لا يجوز للمتدخل الانضمامي التقدم بطلبات تغاير طلبات الخصم الذي يتدخل لتأييده، لكن يجوز له أن يبدي وجوه دفاع تأييدا لطلباته. 

(3) حقوق وحريات 
الحق في السكن والحق في العمل- أورد الدستور هذين الحقين تقريرا، وكفلتهما الدولة التزاما، وتناولهما المشرع تنظيما، في إطار حاصله أن لكل حق من الحقوق أوضاعا يقتضيها منحه، وآثارا تترتب عليه، مع التزام يقع على عاتق سلطات الدولة كل حسب اختصاصه الدستوري بتسهيل الحصول عليه، وبما لا يخل بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، وبما يستقيم مع كون الدولة هي القوامة على مصادر الثروة، والتزامها بإشباع الحاجات العامة عن طريق المرافق العامة التي تقوم على إدارتها، وكلها تدخل في نطاق المال المملوك للدولة والأشخاص الاعتبارية العامة. 

(4) حقوق وحريات 
مبدأ المواطنة– ترسيخ مبدأ المواطنة– المحافظة على مصالح الأفراد الخاصة في إطار المصلحة العامة يمثل أرقى مظاهر المحافظة على الأمن القومي والتعبير الحقيقي عن قدرة الدولة على ترسيخ مبدأ المواطنة- واجب الدولة الأساس هو حفظ السلام والأمن الداخلي، وأن تراعي فيما يصدر عنها من قرارات وإجراءات ما يحفظ أمن المواطنين وسلامتهم ومصادر رزقهم المشروعة، وهي أمور في مجملها برهان على قوة الدولة وهيبتها وقدرتها على ضبط الشعور العام للمواطنين- ربط فكرة المحافظة على الأمن القومي بإقامة مشروع سياحي لا يستقيم مع علو فكرة الأمن القومي. 

(5) أملاك الدولة العامة 
الملكية العامة- يقصد بها تلك الأموال المملوكة للشعب المصري بجميع طوائفه، وتقوم الدولة والأشخاص الاعتبارية المختلفة على أمرها في ظل حماية تحول دون إهدارها أو التفريط فيها أو استخدامها في غير وجه المصلحة العامة- تشارك الملكية العامة مع الملكية الخاصة والملكية التعاونية في الدور الاجتماعي للمال، وتكوِّن جميعها مصادر الثروة القومية. 

(6) أملاك الدولة الخاصة والعامة 
ضابط التفرقة بينهما– المال يكون عاما حال تخصيصه للنفع العام بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص، ويكون خاصا حيث يكون للدولة التصرف فيه وإدارته، شأنها في ذلك شأن الأفراد. 

(7) أملاك الدولة الخاصة والعامة 
الغرض من استخدام المال العام أو الخاص– يجب أن تكون غاية استخدام المال العام أو الخاص هي إشباع الحاجات العامة للمواطنين والحفاظ على السلام الاجتماعي بين طبقات المجتمع، مهما اختلفت احتياجات الدولة وتعاظمت رغبتها في استخدامه– الدولة في جميع الحالات يجب عليها أن تضع قصد تحقيق الأرباح من استخدامه سببا تاليا في الأهمية لذلك؛ تدعيما لمفهوم الأمن القومي الذي لا يتحقق واقعا ملموسا إلا بالرضاء العام، وهو سبيل تدعيم الانتماء والولاء كرباط مقدس بين المواطن والأرض التي ينتمي إليها ماديا ومعنويا. 

(8) ملكية
تنظيم حق الملكية- لم تعد الملكية في إطار النظم الوضعية حقا مطلقا، ولا عصية على التنظيم التشريعي، وليس لها من الحماية ما يجاوز الانتفاع المشروع بعناصرها، ومن ثم ساغ تحميلها بالقيود التي تتطلبها وظيفتها الاجتماعية، وهي وظيفة لا يتحدد نطاقها من فراغ، ولا تفرض نفسها تحكما، بل عليها مراعاة طبيعة الأموال محل الملكية، والأغراض التي ينبغي رصدها عليها، محددة على ضوء واقع اجتماعي معين، في بيئة بذاتها لها مقوماتها وتوجهاتها. 

(9) قرار إداري
ركن الغاية- عيب الانحراف في استعمال السلطة- الانحراف في استعمال السلطة لا يتحقق فقط إذا صدر القرار مستهدفا غاية شخصية ترمي إلى الانتقام أو تحقيق نفع شخصي، بل يتحقق كذلك إذا صدر مخالفا لروح القانون- البحث في الانحراف من عدمه يفترض ابتداء صدور قرار إداري سليم في عناصره وظاهر الصحة في غايته. 

(10) قرار إداري
ركن الغاية- مبدأ تخصيص الأهداف- لا يكتفي القانون بتحقيق المصلحة العامة بمعناها الواسع، بل تخصيص هدف معين يكون نطاقا للعمل الإداري- اختصاص الإدارة بهذا الشأن اختصاص مقيد- مخالفة القرار لهدف استلزمه القانون هو وصْمٌ للقرار بعدم المشروعية بالمعنى الواسع- لا يخرج القضاء الإداري حال استنباط الهدف من النصوص التشريعية عن نطاق رقابة المشروعية على ما يصدر عن الجهة الإدارية من قرارات، وهو لا يبتدع هدفا عاما يفرضه على جهة الإدارة، بل يكشف عن الهدف التشريعي الذي اتجه إليه المشرع صراحة أو ضمنا- الرقابة القضائية لا تعد تدخلا أو حلولا محل السلطة التنفيذية، وإنما هي تطبيق واضح لمبدأ الفصل المرن بين السلطات التي تمثل الرقابة القضائية أوضح مظاهره. 

(11) قرار إداري
رقابة الملاءمة- لا محل لرقابة القضاء الإداري على الملاءمات التقديرية التي تباشرها السلطة الإدارية المختصة عند إصدار قراراتها، سواء من حيث اختيارها لمحل القرار أو وقت وأسلوب تنفيذه، مادام أن ذلك يكون في إطار الشرعية وسيادة القانون، وذلك ما لم تتنكب الإدارة الغاية وتنحرف عن تحقيقها إلى غاية أخرى لم يقصدها المشرع عندما خولها تلك السلطة التقديرية، أو تتعمد تحقيق غايات خاصة لا صلة لها بالمصلحة العامة- يتعين ألا يغفل ذلك عن أن السلطة القضائية مسئوليتها الأولى إقامة العدالة وحماية الشرعية والمشروعية وسيادة القانون وحماية الحقوق والحريات العامة والخاصة المشروعة للمصريين جميعا، وفي إطار ما أوردته نصوص الدستور والقانون من أصول ومبادئ عامة حاكمة لنظام الدولة والمجتمع وغايات المصلحة العامة القومية، وترتيب أولويات تلك الغايات على وفق مقتضيات السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية والنظام الاجتماعي وتكافؤ الفرص لجميع المصريين، وعدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة. 

(12) قرار إداري
وقت إصداره- إذا لم يفرض المشرع على الإدارة أن تتدخل بقرار خلال فترة معينة، فإنها تكون حرة في اختيار وقت تدخلها، ولو كانت ملزمة أصلا بإصداره على وجه معين؛ ذلك أن الوقت المناسب لإصدار القرار لا يمكن تحديده سلفا- يَحُدُّ حريةَ الإدارة في اختيار وقت تدخلها، شأنها في ذلك شأن أية سلطة تقديرية، ألا تكون الإدارة مدفوعة في هذا الاختيار بعوامل لا تمت للمصلحة العامة، وأن تحسن اختيار وقت تدخلها، فلا تتعجل في إصدار قرار أو تتراخى في إصداره بما يرتب أضرارا للأفراد نتيجة صدور القرار في وقت غير ملائم. 

(13) نهر النيل
حمايته- حمّل المشرع الأراضي المحصورة بين جسري النيل أيا كان مالكوها بقيود تشريعية، منها عدم جواز إجراء أي عمل أو إحداث حفر من شأنه تعريض الجسور للخطر، أو الـتأثير في التيار تأثيرا يضر بهذه الجسور، إلا إذا كان ذلك بناء على ترخيص من وزارة الري. 

(14) محميات طبيعية
المقصود بها– هي كل مساحة من الأرض أو المياه الساحلية أو الداخلية بها ميزة وجود كائنات حية (نباتات أو حيوانات أو أسماك أو ظواهر طبيعية) ذات قيمة ثقافية أو علمية أو سياحية أو جمالية– أَوْكَلَ المشرع إلى رئيس مجلس الوزراء تحديد المحميات الطبيعية بناء على اقتراح جهاز شئون البيئة- تهدف التشريعات الصادرة بشأنها إلى عدم المساس بالحالة الطبيعية والبيئية التي تكون عليها المحمية عند صدور القرار باعتبارها كذلك- هذا الهدف تدور حوله وفي نطاقه جميع الإجراءات والاشتراطات الخاصة بالمحميات الطبيعية- كل تدخل بأي نشاط مخالف، أو إقامة أي مشروعات ومبانٍ في أية محمية، تكون مشروعيته مرهونة بموافقة رئيس مجلس الوزراء، وعلى ألا يترتب على هذه الموافقة أي تغيير في الحالة الطبيعية والبيئة الثابتة واقعا للمحمية. 
------------------ 
الوقائع
في يوم الخميس الموافق 25/12/2008 أودع الأستاذ/... المحامي بالنقض وكيلا عن الطاعن تقريرا بالطعن قيد برقم 5730 لسنة 55 ق. ع، وذلك طعنا على الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية) في الدعوى رقم 782 لسنة 62 ق الصادر بجلسة 16/11/2008، القاضي بعدم قبول طلبات تدخل الثاني والثالث والرابع، وإلزام كل متدخل مصروفات تدخله، وبقبول الدعوى الأصلية، وطلب التدخل الأول شكلا، وفي موضوعها بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

وأعلن تقرير الطعن على الوجه المبين بالأوراق.
- وفي يوم الثلاثاء الموافق 13/1/2009 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفاتهم الطعن رقم 6585 لسنة 55 ق. ع تقريرا بالطعن على حكم محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية) المشار إليه آنفا، وطلبت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم الطعين، والقضاء مجددا برفض الدعوى الأصلية، وطلب التدخل الأول، وإلزام المطعون ضدهم عدا الأخير –بصفته– المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن على الوجه المبين بالأوراق.
- وتحددت لنظر الطعنين جلسة 2/3/2009 أمام دائرة فحص الطعون، وتدوول نظرهما بجلسات المحكمة على الوجه المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 16/11/2009 قدم الحاضر عن المطعون ضدهم في كل من الطعنين مذكرتي دفاع طلب في ختامها الحكم برفض الطعنين، وإلزام الطاعنين (الجهة الإدارية) المصروفات، واستند في دفاعه إلى أن القانون رقم 102 لسنة 1983 وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 264 لسنة 1994 قد توخيا بأحكامهما صون المحميات الطبيعية في مواجهة الأفعال التي تغير من خصائصها وتكويناتها الجيولوجية أو الجغرافية أو تشوه طبيعتها، وأن جزيرة القرصاية تقع تحت رقم (92) بالكشوف المرافقة لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1969 لسنة 1998 بشأن المحميات الطبيعية، وأن حق جهة الإدارة في استرداد الأراضي المملوكة لها رهين بمراعاة تحقيق المساواة بين قاطني جزيرة القرصاية، وجزيرتي الذهب والوراق اللتين صدر بشأنهما قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 848 لسنة 2001، متضمنا عدم جواز إخلاء المباني السكنية المقامة عليهما، وعدم التعرض لحائزي الأراضي الزراعية على هاتين الجزيرتين، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى إلغاء قرار جهة الإدارة فإنه يكون قد أصاب وجه الحق وصحيح حكم القانون.
وبالجلسة نفسها قرر السيد الأستاذ المستشار/ مفوض الدولة بأنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وإلزام الجهة الطاعنة المصروفات.
وقررت الدائرة إحالة الطعنين إلى الدائرة الأولى (موضوع) لنظرهما بجلسة 5/12/2009، وقد تأيد الرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة بتقريرها المودع ملف الطعن، وبجلسة 2/1/2010 قدم الحاضر عن الجهة الإدارية مذكرة بدفاعها طلب في ختامها الحكم بالطلبات الواردة في تقرير الطعن رقم 6585 لسنة 55 ق. ع، وبرفض الطعن رقم 5730 لسنة 55 ق.ع مع إلزام الطاعن المصروفات،كما قدم الحاضر عن المطعون ضدهم مذكرة بدفاعهم صمم فيها على سابق دفاعه، وبالجلسة نفسها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به. 
----------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد إتمام المداولة قانونا.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من الجهة الإدارية بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، فإنه وفى ظل العمل بأحكام القانون رقم 102 لسنة 1983 بشأن المحميات الطبيعية، وقراري رئيس مجلس الوزراء رقمي 264 لسنة 1994 بقواعد وشروط مباشرة الأنشطة بالمحميات الطبيعية، ورقم 1969 لسنة 1998 بتحديد المحميات الطبيعية، غدت إجراءات الترخيص أو الانتفاع على تلك المحميات تدور في فلك القانون العام، ومن ثم تكون المنازعات في هذا الشأن منازعات إدارية يختص بها القضاء الإداري دون سواه، عملا بحكم المادة رقم (172) من الدستور، ومن ثم يضحى الدفع بعدم الاختصاص الولائي لمحاكم القضاء الإداري غير قائم على سند من الواقع والقانون، وتقضي المحكمة برفضه.
- وحيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية والإجرائية، ومن ثم فإنهما يكونا مقبولين شكلا.
- وحيث إن عناصر النزاع الماثل تخلص في أن المطعون ضدهم الأول والثاني والثالث في الطعنين الماثلين أقاموا الدعوى رقم 782 لسنة 62 ق أمام محكمة القضاء الإداري، واختصموا فيها كلا من رئيس مجلس الوزراء ومحافظ الجيزة بصفتيهما، وطلبوا في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تجديد عقود إيجاراتهم، مع ما يترتب على ذلك من آثار، ثم اختصموا بصحف معلنة باقي المدعى عليهم في الدعوى المشار إليها، وذكروا شرحا لدعواهم أن كلا منهما حائز أكثر من 2.5 قيراط من الأراضي الزراعية، وأقاموا منزلا على مساحة (216) مترا بجزيرة القرصاية التابعة لجزيرة الذهب بمحافظة الجيزة، وذلك بموجب عقود انتفاع درجت المحافظة على تجديدها بعد قيامهم بالوفاء بالتزاماتهم، وقد تم إدخال جميع المرافق، ولا يقل عدد سكان الجزيرة عن ألفي نسمة، وقد فوجئوا بقيام وزارة الدفاع بناء على تعليمات من مجلس الوزراء مؤرخة في 21/6/2007 بالتنبيه على الهيئة العامة لمشروعات التعمير والهيئة العامة للإصلاح الزراعي بعدم تجديد عقود تأجير الأراضي الزراعية لهم بدءا من 30/10/2007، مع ضرورة إخلاء هذه الأراضي، وذلك بالمخالفة لقرار رئيس مجلس الوزراء السابق رقم 848 لسنة 2001، وقد تدخل الطاعن في الطعن رقم 5730 لسنة 55 ق في الدعوى أثناء تداولها، وقدم صحيفة غير معلنة أودعها قلم كتاب المحكمة في 21/2/2008، وطلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تنفيذ قرار مجلس الوزراء رقم 848 لسنة 2001، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها إلزام وزارة العدل إتمام إجراءات توثيق وشهر الأرض محل وضع يده، ومقدارها خمسة قراريط وواحد فدان، وما عليها من منزل مساحته مئة وخمسون مترا، وقد أفرغ طلباته في صحيفة معلنة أودعت قلم كتاب المحكمة في 22/5/2008، وطلب في ختامها الحكم بالطلبات نفسها، وأضاف إليها طلبه اتخاذ إجراءات الشهر والتوثيق لقطعة الأرض التي يحوزها.

وبجلسة 16/11/2008 قضت محكمة القضاء الإداري بعدم قبول طلبات التدخل لكل من الثاني والثالث والرابع، وألزمت كل متدخل مصروفات تدخله، وبقبول الدعوى الأصلية وطلب التدخل الأول شكلا، وفى موضوعهما بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الإدارة مصروفات الطلبين.

وشيدت المحكمة قضاءها على أن تنفيذ القرار المطعون فيه يترتب عليه تشريد عدد كبير من الأفراد والأسر لفقد المأوى، وهو ما يهدد الأسس والقيم العامة التي يقوم عليها المجتمع من رعاية للأسرة والأخلاق وحمايتها وخروج الملكية الخاصة عن أداء وظيفتها الاجتماعية والمساس باستقرار المدعين وغيرهم ممن شملهم هذا القرار دون ضرورة ملحة تدعو إلى ذلك، هذا فضلا عن قيام اضطراب في الأمن العام لا يعرف مداه، والحفاظ على ما تقدم يمثل وجه المصلحة العامة القومية الأكثر إلحاحا والأخطر شأنا، وهي أولى بالرعاية من مجرد إزالة التعدِّي، وأن الاستمرار في الامتناع عن تجديد العلاقة القانونية التي كانت تربطها بقاطني الجزيرة يغدو مشوبا بعيب الانحراف بالسلطة وإساءة استعمالها في ظل وظيفة الدولة الحالية.

- وإذ لم يرتض الطاعن في الطعن رقم 5730 لسنة 55 ق.ع الحكم المطعون فيه فأقام الطعن المشار إليه عاليه، طالبا الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بالنسبة للشق الخاص بعدم قبول تدخله، والقضاء مجددا بقبوله شكلا، وفي الموضوع بطلباته الواردة في صحيفة التدخل الانضمامي، واستند في طعنه إلى أنه متدخل انضماميا للمدعين بصحيفة تدخل انضمامي مؤرخة في 22/5/2008 مختصما المطعون ضدهم من الرابع حتى السابع، وذلك تأسيسا على أنه يضع يده وينتفع بقطعة أرض طرح النهر، وهي أرض مكلفة طبقا للكشف الرسمي الصادر عن مأمورية ضرائب الجيزة، وأن الحكم المطعون قد صدر مشوبا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وأنه تدخل في الدعوى طبقا لأحكام المادة رقم (126) من قانون المرافعات، والتي تخول له التدخل شفاهة بمحضر الجلسة في حضور المطعون ضدهم والثابت حضورهم جميع جلسات التداعي، كما أن تدخله قد ضمَّنه صحيفة التدخل الانضمامي المسدد رسمها في 22/5/2008، وأنه تم تسليم صورتها إلى الخصوم الذين حضروا بالجلسة، ومن ثم خلص الطاعن إلى الحكم له بطلباته.

- وإذ لم يلق الحكم المطعون فيه قبولا لدى الطاعنين بصفاتهم في الطعن رقم 6585 لسنة 55 ق.ع فأقاموا الطعن المشار إليه استنادا إلى أن الحكم تبنى فكرة الموازنة بين المنافع والأضرار المترتبة على القرار الإداري، وهي الفكرة التي سبق أن اعتنقها القضاء الإداري رغم عدم وجود محل لتطبيقها، لعدم صدور قرارات بالإزالة والإخلاء من شأنها ترتيب الأضرار التي تحدث عنها الحكم، وأن المحكمة الإدارية العليا قد رفضت تلك النظرية لما ينطوي عليه هذا التطبيق من تجاوز لحدود ولاية القضاء الإداري، ونطاق وظيفته باعتباره قضاء مشروعية، وقد أجمل الطاعنون أسباب طعنهم في عدم صدور أي قرارات بالإزالة والإخلاء، وأن سبب النزاع يرجع إلى صدور توجيهات رئيس مجلس الوزراء في 21/5/2007 بعدم تجديد عقود الإيجار الخاصة بالأرض الزراعية بعد 30/10/2007، مع إعداد دراسة بالبدائل المختلفة للتعامل مع واضعي اليد وأسلوب التحصيل لحق الدولة على الأراضي التي تم تغيير استخداماتها، وأن تغيير الأسلوب مرجعه ضرورة الاتفاق مع النظام القانوني التي تخضع له المحميات الطبيعية.

ونعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه تجاوز حدود ولاية القضاء، وعدم سلامة تبريرات الحكم لإعمال نظرية الموازنة، خاصة أن القرار المطعون فيه قد صدر متفقا وأحكام القانون رقم 102 لسنة 1983، وأن العلاقة الإيجارية التي كانت قائمة بين الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية وواضعي اليد قد أصبحت مخالفة للقانون منذ صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1969 لسنة 1998 بتغيير وجه العلاقة من التأجير إلى الانتفاع المؤقت، وانتقال تبعية الجزيرة من الهيئة المشار إليها إلى جهاز شئون البيئة.

وخلص الطاعنون إلى طلب الحكم بطلباتهم الواردة في تقرير الطعن.

وحيث إنه عن الطعن الأول رقم 5730 لسنة 55 ق.ع فإن المادة رقم (126) من قانون المرافعات تنص على أنه: "يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضما لأحد الخصوم أو طالبا الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى. ويكون التدخل بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة في حضورهم ويثبت في محضرها، ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة".

ومفاد ذلك أن التدخل الانضمامي في الدعوى يكون بوسيلتين:

(أُولاهما) بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة.

و(ثانيتهما) طلب التدخل شفاهة في الجلسة بحضور الخصم، ولا يقبل التدخل بعد إقفال باب المرافعة.

وقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن حق المتدخل في التدخل الانضمامى إنما يقتصر على مجرد تأييد أحد طرفي الخصومة الأصليين، بما يترتب على ذلك من أنه لا يجوز له أن يتقدم بطلبات تغاير طلبات الخصم الذي يتدخل لتأييده بحيث يجوز له أن يبدي وجوه دفاع تأييدا لطلباته (المحكمة الإدارية العليا الطعن رقم 1875،1914 لسنة 30 ق.ع بجلسة 9/3/1991)، والتدخل الانضمامي مقصود به المحافظة على حقوق المتدخل عن طريق مساعدة أحد طرفي الخصومة في الدفاع عن حقوقه.

وحيث إن الثابت من أوراق الطعن أن طلبات المدعين في الدعوى رقم 782 لسنة 62ق قد انحصرت في إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تجديد عقود إيجار الأراضي الكائنة بجزيرة القرصاية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، في حين أن طلبي المتدخل/نصر... (الطاعن في الطعن الماثل) قد تضمنا طلب إتمام إجراءات التوثيق والشهر للأرض وضع يده بناحية القرصاية، ويفترق هذا الطلب عن طلبات الدعوى الأصلية ولا يرتبط بها، هذا فضلا عن اختلاف خصوم طلب التدخل عن خصوم الدعوى، وذلك باختصام الطاعن في مرحلتي الدعوى والطعن لكل من وزير العدل بصفته والشهر العقاري بمحافظة الجيزة، ولا يصلح نظر هذه الطلبات مع طلبات الدعوى الأصلية لتخلف مناط قبول طلبي التدخل.

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد استند إلى هذه الأسباب ضمن أسباب رفض طلبي التدخل، فإنه يكون قد صدر متفقا وأحكام القانون وظروف الدعوى، ومن ثم تقضي المحكمة برفض الطعن، وإلزام الطاعن المصروفات.

وحيث إنه عن موضوع الطعن رقم 6585 لسنة 55 ق.ع فإن المادة رقم (29) من الدستور تنص على أن: "تخضع الملكية لرقابة الشعب وتحميها الدولة، وهي ثلاثة أنواع: الملكية العامة والملكية التعاونية والملكية الخاصة".

وتنص المادة (30) من الدستور على أن: "الملكية العامة هي ملكية الشعب، وتتمثل في ملكية الدولة والأشخاص الاعتبارية العامة".

وتنص المادة (59) من الدستور على أن: "حماية البيئة واجب وطني، وينظم القانون التدابير اللازمة للحفاظ على البيئة الصالحة".

وتنص المادة (64) من الدستور على أن: "سيادة القانون أساس الحكم في الدولة".

وتنص المادة (156) من الدستور على أن: "يمارس مجلس الوزراء بوجه خاص الاختصاصات الآتية: "أ-... ج- ملاحظة تنفيذ القوانين والمحافظة على أمن الدولة وحماية حقوق المواطنين ومصالح الدولة".

وتنص المادة رقم (1) من القانون رقم 102 لسنة 1983 بشأن المحميات الطبيعية على أنه: "يقصد بالمحمية الطبيعية في تطبيق هذا القانون: أي مساحة من الأراضي أو المياه الساحلية تتميز بما تضمه من كائنات حية نباتات أو حيوانات أو أسماك أو ظواهر طبيعية ذات قيمة ثقافية أو علمية أو سياحية أو جمالية، ويصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح جهاز شئون البيئة بمجلس الوزراء".

وتنص المادة الثانية من القانون المذكور على أن: "يحظر القيام بأعمال أو تصرفات أو أنشطة أو إجراءات من شأنها تدمير أو إتلاف أو تدهور البيئة الطبيعية أو الإضرار بالحياة البرية أو البحرية أو النباتية أو المساس بمستواها الجمالي بمنطقة المحمية.

ويحظر على وجه الخصوص ما يلي: ... تلويث تربة أو مياه أو هواء منطقة المحمية بأي شكل من الأشكال، كما يحظر إقامة المباني والمنشآت أو شق الطرق أو تسيير المركبات...".

وتنص المادة رقم (1) من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 264 لسنة 1994 الصادر بالشروط والقواعد والإجراءات الخاصة بممارسة الأنشطة في مناطق المحميات الطبيعية على أنه: "لا يجوز إقامة المباني أو المنشآت أو شق الطرق أو تسيير المركبات أو ممارسة أية أنشطة زراعية أو صناعية أو تجارية في مناطق المحميات الطبيعية إلا بتصريح من جهاز شئون البيئة".

وتنص المادة رقم (2) من القرار المشار إليه على أن: "يقدم طلب التصريح بممارسة النشاط في منطقة المحمية إلى إدارة مشروعات المحميات الطبيعية بجهاز شئون البيئة...".

وتنص المادة رقم (3) من ذلك القرار على أن: "يكون التصريح نظير مقابل انتفاع يحدده جهاز شئون البيئة وتئول الحصيلة إلى صندوق المحميات الطبيعية".

وتنص المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1969 لسنة 1998 بإنشاء محميات طبيعية على أن: "تعتبر محمية طبيعية في تطبيق أحكام القانون المشار إليه الجزر الواقعة داخل مجرى نهر النيل شمال ووسط وجنوب الوادي وقناطر الدلتا وفرعي رشيد ودمياط، والموضحة على الخرائط المرفقة والمبينة أسماؤها ومساحتها وموقعها وحدودها بالكشوف المرفقة التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من هذا القرار المشار إليه، والمنشور في الوقائع المصرية بالعدد رقم (142) تابع في 27/6/1998".

وحيث إن المستفاد مما تقدم أن الدستور هو القانون الأساسي الأعلى، وهو موئل الحريات والحقوق العامة، وبين روافده ضمانات حمايتها، وتحدد أحكامه السلطات العامة ووظائفها وحدود نشاطها، وبأحكامه تخضع الدولة في مباشرة سلطتها للقانون، والذي غدا مبدأ أصوليا يقوم عليه النظام القانوني المصري، ويمثل بذاته أساسا لنظام الحكم، وقد حرص الدستور المصري الحالي شأنه في ذلك شأن ما سبقه من دساتير على احترام حقوق الأفراد، وقد أفصحت وثيقة الدستور –صراحة– عن أن كرامة الفرد انعكاس طبيعي لكرامة الوطن باعتبارها حجر الأساس الذي تقوم عليه الجماعة الوطنية المصرية.

وحيث إن حقوق الأفراد وحرياتهم وعلى رأسها حق المواطن في السكن، وحقه في العمل قد أوردها الدستور تقريرا، والتزمت الدولة بكفالتها، وتناولها المشرع بالتنظيم في إطار حاصله أن لكل حق من الحقوق أوضاعا يقتضيها منحه، وآثارا تترتب عليه، مع التزام يقع على عاتق سلطات الدولة كل حسب اختصاصه الدستوري بتسهيل الحصول عليه، وبما لا يخل بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، وبما يستقيم مع كون الدولة هي القوامة على مصادر الثروة والتزامها بإشباع الحاجات العامة عن طريق المرافق العامة التي تقوم على إدارتها، وكلها تدخل في نطاق المال المملوك للدولة والأشخاص الاعتبارية العامة.

وحيث إن الملكية العامة هي تلك الأموال المملوكة للشعب المصري بجميع طوائفه، وتقوم الدولة والأشخاص الاعتبارية المختلفة على أمرها في ظل حماية تحول دون إهدارها أو التفريط فيها، أو استخدامها في غير وجه المصلحة العامة، وتشارك الملكية العامة مع الملكية الخاصة والملكية التعاونية في الدور الاجتماعي للمال، وتكوِّن جميعها مصادر الثروة القومية، وإذا كان قضاء المحكمة الدستورية العليا قد تواتر على أن الملكية في إطار النظم الوضعية التي تراوح بين الفردية وتدخل الدولة لم تعد حقا مطلقا ولا عصية عن التنظيم التشريعي، وليس لها من الحماية ما يجاوز الانتفاع المشروع بعناصرها، ومن ثم ساغ تحميلها بالقيود التي تتطلبها وظيفتها الاجتماعية، وهي وظيفة لا يتحدد نطاقها من فراغ، ولا تفرض نفسها تحكما بل عليها مراعاة طبيعة الأموال محل الملكية، والأغراض التي ينبغي رصدها عليها، محددة على ضوء واقع اجتماعي معين، في بيئة بذاتها، لها مقوماتها وتوجهاتها. (المحكمة الدستورية العليا القضية رقم 14 لسنة 15 ق دستورية بجلسة 6/7/1996)، والمال المملوك للدولة يكون عاما حال تخصيصه للنفع العام بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص، ويكون خاصا لها التصرف فيه وإدارته شأنها في ذلك شأن الأفراد، وكلاهما أدوات تستخدمها الدولة لتحقيق وجه المصلحة العامة لأفراد الشعب والحفاظ على السلام الاجتماعي بين طبقات المجتمع مهما اختلفت احتياجاتها وتعاظمت رغبتها في استخدامه، والدولة في جميع الحالات واجب عليها أن تضع قصد تحقيق الأرباح من استخدامه سببا تاليا في الأهمية لإشباع الحاجات العامة للمواطنين والمحافظة على استقرار المجتمع، تدعيما لمفهوم الأمن القومي الذي لا يتحقق واقعا ملموسا إلا بالرضاء العام، وهو سبيل تدعيم الانتماء والولاء كرباط مقدس بين المواطن والأرض التي ينتمي إليها ماديا ومعنويا.

وحيث إن نهر النيل كان ومازال شريان الحياة لمصر والمصريين، ارتوى شعبه من مياهه وتكونت من ترسيبات مياهه الأرض الخصبة التي عاش عليها الإنسان زارعا مستقرا على ضفتيه، والنيل -من قبل ومن بعد- مؤذن الحضارة المصرية التليدة التي لم يقف نورها وتطورها عند المصريين، وإنما كانت ملهما لحضارات نشأت في أنحاء العالم المختلفة تفاعلا وتأثرا.

وحيث إن جمال نهر النيل لم يقف عند حد واديه من منبعه إلى مصبه في حدود مصر الشمالية، وإنما بجزر يزدان بها تناثرت كاللؤلؤ المنثور على صفحته البيضاء، معلنة أن عطاء الله لمصر والمصريين قد امتد إلى داخل مياه النهر أرضا خضراء تعطي زارعيها طيب الزروع وعاطر الهواء، وهي والنهر العظيم إلهام للأدباء والشعراء، وفرض واجب على الشعب والدولة حمايته امتدادا لحكمة قدماء المصريين حكاما ومحكومين أقسموا على احترامه ونظافته وسهولة جريان مياهه حتى مصبه.

وحيث إنه سيرا على هذا الاتجاه وتدعيما له فقد تدخل المشرع احتراما لمكانة نهر النيل بإصدار التشريعات المتعاقبة لحمايته من عبث العابثين، وآية ذلك القانون رقم 12 لسنة 1984 الذي حمَّل الأراضي المحصورة بين جسري النيل –أيا كان مالكوها– بقيود تشريعية، منها عدم جواز إجراء أي عمل أو إحداث حفر من شأنه تعريض الجسور للخطر أو الـتأثير في التيار تأثيرا يضر بهذه الجسور إلا إذا كان ذلك بناء على ترخيص من وزارة الري، كما صدر القانون رقم 102 لسنة 1983 في شأن المحميات الطبيعية وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 264 لسنة 1994 بالشروط والقواعد والإجراءات الخاصة بممارسة الأنشطة في مناطق المحميات، وقرار رئيس الوزراء 1969 لسنة 1998، وجميعها أكدت على أن المحمية الطبيعية هي كل مساحة من الأرض أو المياه الساحلية أو الداخلية بها ميزة وجود كائنات حية (نباتات أو حيوانات أو أسماك أو ظواهر طبيعية ذات قيمة ثقافية أو علمية أو سياحية أو جمالية)، ووسّد المشرع إلى رئيس مجلس الوزراء تحديد هذه المحميات بناءً على اقتراح جهاز شئون البيئة، وقد حظرت المادة الثانية من قانون المحميات الطبيعية القيام بأي أعمال أو تصرفات أو أنشطة من شأنها تدمير أو إتلاف أو تدهور البيئة الطبيعية، وحظر المشرع على وجه الخصوص إقامة المباني أو المنشآت أو شق الطرق أو تسيير المركبات، وقد قرن قرار رئيس الوزراء رقم 264 لسنة 1994 التصريح بإقامة المباني بضرورة المحافظة على طبيعة المنطقة وعدم الإضرار بالحياة البحرية أو البرية أو النباتية أو القيمة الجمالية للمحمية.

وتنفيذا لأحكام القانون رقم 102 لسنة 1983 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1969 لسنة 1998 باعتبار الجزر الواقعة داخل مجرى نهر النيل بشمال ووسط وجنوب الوادي وقناطر الدلتا وفرعي رشيد ودمياط محميات طبيعية، وقد وردت جزيرة القرصاية تحت رقم (92) بالكشوف المرفقة بقرار رئيس مجلس الوزراء، ووصفها بأنها مساحة (117.5) فدان ونوع الإشغال زراعات تقليدية ومباني منشآت سياحية، والجهة المالكة (أملاك دولة) وعدد السكان (1500نسمة)، وهو الأمر الذي يقطع بأن قرار رئيس مجلس الوزراء قد صدر محددا في نطاق السلطة المخولة له للنشاط القائم وهو النشاط الزراعي، وأن هذا النشاط كان ضمن عناصر تقدير اعتبار جزيرة القرصاية محمية طبيعية، وقد سبق لرئيس الوزراء تأكيد هذا النظر بقراره رقم 848 لسنة 2001 والمتضمن عدم إخلاء أي مبنى من المباني السكنية المقامة بجزيرتي الذهب والوراق بمحافظة الجيزة، ولا يجوز التعرض لحائزي الأراضي الزراعية في الجزيرتين، وهو قرار يمثل تحقيق وجه المصلحة العامة من جانب الدولة المتمثل في المحافظة على أمن وسلامة واستقرار قاطني هذه المحميات على مصدر رزقهم.

وحيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أن القرار الإداري هو إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانوني معين، متى كان ذلك ممكنا وجائزا وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة، كما استقر الفقه والقضاء الإداري على أن الانحراف في استعمال السلطة لا يتحقق فقط حين صدور القرار مستهدفا غاية شخصية ترمي إلى الانتقام أو تحقيق نفع شخصي، بل يتحقق إذا صدر القرار مخالفا لروح القانون، فالقانون لا يكتفي فقط بتحقيق المصلحة العامة بمعناها الواسع، بل تخصيص هدف معين يكون نطاقا للعمل الإداري، واختصاص الإدارة بشأنه اختصاص مقيد، والقضاء الإداري حال استنباط الهدف من النصوص التشريعية لا يخرج عن نطاق رقابة المشروعية على ما يصدر عن الجهة الإدارية من قرارات؛ وذلك بحسبان أن كل حالة يحدد فيها المشرع غاية أو هدفا محددا للتشريع، ويكون الخروج عليه بأداة أدنى مخالفة لركن السبب والمحل، وفى كل الأحوال فإن البحث في الانحراف من عدمه يفترض ابتداء صدور قرار إداري سليم في عناصره وظاهر الصحة في غايته، وتضحى مخالفة القرار لهدف استلزمه القانون وَصْمٌ للقرار بعدم المشروعية بالمعنى الواسع، والقضاء الإداري لا يبتدع هدفا عاما يفرضه على جهة الإدارة وإنما يكشف عن الهدف التشريعي الذي اتجه إليه المشرع صراحة أو ضمنا، والتقرير -كالحالة الأولى- والاجتهاد في الثانية لا يسوغ للإدارة –كما ورد في تقرير الطعن– اعتبار أن ذلك يعد تدخلا من جانب القضاء بإصدار توجيه للإدارة باتخاذ إجراء معين، فالرقابة القضائية لا تكون بحال من الأحوال تدخلا أو حلولا، وإنما هي تطبيق واضح لمبدأ الفصل المرن بين السلطات التي تمثل الرقابة القضائية أوضح مظاهره، فضلا عن طبيعة الأحكام القضائية باعتبارها كاشفة عن صحيح حكم القانون.

وحيث إن جميع التشريعات الصادرة بشأن المحميات الطبيعية من حيث تعريفها وتحديدها تقطع بقيام هدف تشريعي حاصله عدم المساس بالحالة الطبيعية والبيئية التي تكون عليها المحمية عند صدور القرار باعتبارها كذلك، وهذا الهدف تدور حوله وفي نطاقه جميع الإجراءات والاشتراطات الخاصة بالمحميات الطبيعية.

وحيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد استقر على أنه وإن كان صحيحا أنه لا محل لرقابة القضاء الإداري على الملاءمات التقديرية التي تباشرها السلطة الإدارية المختصة عند إصدار قراراتها، سواء من حيث اختيارها لمحل القرار أو وقت وأسلوب تنفيذه، مادام أن ذلك يكون في إطار الشرعية وسيادة القانون، وذلك ما لم تتنكب الإدارة الغاية وتنحرف عن تحقيقها إلى غاية أخرى لم يقصدها المشرع عندما خولها تلك السلطة التقديرية، أو تتعمد تحقيق غايات خاصة لا صلة لها بالمصلحة العامة، إلا أن ذلك يتعين ألا يغفل عن أن السلطة القضائية -وبين أركانها الأساسية محاكم مجلس الدولة- مسئوليتها الأولى إقامة العدالة وحماية الشرعية والمشروعية وسيادة القانون وحماية الحقوق والحريات العامة والخاصة المشروعة للمصريين جميعا، وفي إطار ما أوردته نصوص الدستور والقانون من أصول ومبادئ عامة حاكمة لنظام الدولة والمجتمع وغايات المصلحة العامة القومية، وترتيب أولويات تلك الغايات وفقا لمقتضيات السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية والنظام الاجتماعي وتكافؤ الفرص لجميع المصريين، وعدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة.

(حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1875، 1914 لسنة 30 ق. ع بجلسة 9 مارس 1991)

كما قضت تلك المحكمة بأنه إذا لم يفرض المشرع على الإدارة أن تتدخل بقرار خلال فترة معينة فإنها تكون حرة في اختيار وقت تدخلها، حتى لو كانت ملزمة أصلا بإصداره على وجه معين، ذلك أن الوقت المناسب لإصدار القرار لا يمكن تحديده سلفا، غير أنه يحد حرية الإدارة في اختيار وقت تدخلها شأنها في ذلك شأن أية سلطة تقديرية ألا تكون الإدارة مدفوعة في هذا الاختيار بعوامل لا تمت للمصلحة العامة، وألا تحسن اختيار وقت تدخلها فتتعجل إصدار قرار أو تتراخى في إصداره بما يرتب أضرارا للأفراد نتيجة صدور القرار في وقت غير ملائم.

(المحكمة الإدارية العليا الطعن رقم 3350 لسنة 44 ق. ع بجلسة 7/2/2004 مجموعة مبادئ المحكمة الإدارية العليا السنة التاسعة والأربعون)

وحيث إن الثابت من أوراق الطعن رقم 6585 لسنة 55ق.ع أن المطعون ضدهم والخصوم المتدخلين معهم يحوزون أرضا زراعية ثابت فيها النشاط الزراعي لمزروعات تقليدية تقع داخل جزيرة القرصاية، وأن علاقة قانونية كانت قائمة بين المذكورين والهيئة العامة للإصلاح الزراعي تتمثل في قيام الأخيرة بتحصيل مقابل الانتفاع وصرف مستلزمات الإنتاج الزراعي للأراضي والمساحات الواردة تفصيلا في المستندات المقدمة من المطعون ضدهم والخصوم المتدخلين، كما تضمنت أوراق الطعن إيصالات سداد كهرباء ومقايسات كهرباء لمبان خاصة بالمذكورين المقيمين داخل الجزيرة، وكل ذلك مؤيد بإيصالات سداد من مصلحة الضرائب العقارية، ويبين من التقرير المعد عن جزيرة القرصاية (المقدم ضمن حافظة مستندات الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية) أنه قد ورد للهيئة كتاب النيابة الإدارية للزراعة والري بخصوص تحقيقات تجريها بمناسبة قيام بعض رجال الأعمال بردم جزء من مجرى نهر النيل لإنشاء جزيرة على مساحة (6 أفدنة) شرق جزيرة القرصاية، كما ورد للهيئة في 24/6/2007 الكتاب رقم 12051 من الأمانة العامة لوزارة الدفاع رقم 14/16/217 في 21/6/2007 بشأن التوجيهات الصادرة عن رئيس مجلس الوزراء في 21/5/2007 بخصوص جزيرة القرصاية بمحافظة الجيزة، وعلى ضوء توصيات الاجتماع المنعقد بمقر وزارة الدفاع في 7/6/2001 بحضور الأجهزة المختصة بالدولة، والمنتهي إلى إخطار جميع المتعاملين بعدم تجديد تأجير الأراضي الزراعية بعد 30/10/2007، كما قدم المطعون ضدهم صورة من خطاب صادر عن السكرتير العام المساعد بمحافظة الجيزة –لم تنكره أو تجحده الجهة الإدارية- يفيد بأن أحد الأمراء من دولة خليجية قدم طلبا لإقامة مركز سياحي متكامل على مساحة (100000) متر بجزيرة القرصاية جنوب كوبري الجيزة، وأن محافظ الجيزة وجه بدراسة إمكانية تدبير مساكن بديلة لقاطني الجزيرة.

كما يبين من مذكرة الهيئة المشار إليها والمرسلة إلى هيئة قضايا الدولة (المقدم صورتها ضمن حافظة مستندات الجهة المذكورة بجلسة 3/2/2008) أن الهيئة تتولى إدارة واستغلال والتصرف في أراضي طرح النهر، وتمارس سلطات المالك مع وزارة الري طبقا لأحكام القانون رقم 7 لسنة 1991 في شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة، وأشارت المذكرة إلى أنه قد ورد للهيئة كتاب وزير الزراعة مرفق به مذكرة محافظ الجيزة بشأن استغلال أرض جزيرة القرصاية لإقامة مركز سياحي عالمي، وعمل بحث اجتماعي لسكان الجزيرة بغرض النظر في إمكانية تعويضهم عن النشاط الاقتصادي مصدر رزقهم، وأن الهيئة قد قامت بتجديد ثلاثة عقود لغير المطعون ضدهم، وتم انتهاء مدتها، وأعلنت الهيئة أسفها عن التجديد للعقود المنتهية في 27/9/2007 بناء على التوجيهات الصادرة عن رئيس مجلس الوزراء.

كما أوضحت بعض الصور الفوتوغرافية المقدمة ضمن حافظة المستندات المقدمة من المطعون ضدهم بجلسة 7/3/2007 عن قيام بعض أفراد القوات المسلحة باقتحام الجزيرة -ولم تنكر جهة الإدارة ذلك–، على الرغم من أن المادة الثالثة من القانون رقم 7 لسنة 1991 بشأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة تقضي بأن تتولى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية إدارة واستغلال والتصرف في أراضي استصلاح واستزراع الأراضي وأراضي البحيرات وأراضي طرح النهر، وتمارس عليها سلطات المالك في كل ما يتعلق بشئونها، ولا شك أن من هذه الأراضي أرض المحميات الصادر بتحديدها قرار مجلس الوزراء رقم 1969 لسنة 1998، وقد وسدت أحكام القانون رقم 102 لسنة 1983 (المادة 4)، وقانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 ( المادة 2) إلى جهاز البيئة الإشراف على المحميات واقتراح أية أنشطة عليها.

ولا خلاف على أن كل ما تقدم يقطع بأن تدخل وزارة الدفاع وغيرها من الجهات الأخرى بشأن التصرفات الخاصة بأرض الجزيرة يمثل تدخلا غير مبرر، وأن انصياع الهيئة المذكورة المتمثل في إخطار المستأجرين بعدم تجديد عقودهم معها لا يقوم على سبب صحيح من القانون، كما أن ما يدور في خلد الجهة الإدارية وأفصحت عنه الأوراق من وجود مشروع استثماري بدعوى تحقيق المصلحة العليا للدولة وتغيير الوجه الحضاري أمر يتعارض كلية مع أحكام قانون المحميات الطبيعية والقرارات المنفذة له، والتي تقطع بأن الهدف الأساسي من ذلك التشريع هو المحافظة على الحالة الطبيعية للمحمية عند صدور قرار باعتبارها كذلك، وأن كل تدخل بأي نشاط مخالف أو إقامة أي مشروعات ومبانٍ في أي محمية مشروعيته رهينة بموافقة رئيس مجلس الوزراء، ولا يترتب على هذه الموافقة أي تغيير في الحالة الطبيعية والبيئة الثابتة واقعا للمحمية.

وحيث إنه ولما كانت أوراق الطعن تقطع بأن النشاط الزراعي والصيد يسودان على أرض محمية جزيرة القرصاية، وأن المطعون ضدهم والخصوم المتدخلين قد أقاموا مجتمعا زراعيا وتجاريا يعتمد على حرفتي الزراعة والصيد بتلك المحمية، فضلا عن وجود بعض المشروعات السياحية الصغيرة، كما ورد تفصيلا بقرار رئيس مجلس الوزراء المنشئ للمحمية الطبيعية (جزيرة القرصاية)، فمن ثم يكون مسلك الجهة الإدارية بالامتناع عن تجديد عقود الإيجار أو تقرير حق الانتفاع لواضعي اليد من سكان جزيرة القرصاية مشوبا بعدم المشروعية؛ لانحرافه عن الالتزام بغاية المصلحة العامة القومية والحفاظ على البيئة الطبيعية للجزيرة كما أفرزتها الطبيعة أرضا خصبة داخل مجرى النهر.

ولا يحاج على ذلك بما سطره دفاع الجهة الإدارية من وجود رغبة في التطوير للجزيرة سياحيا؛ بحسبان أن كل تطوير محكوم بالمحافظة على البيئة الزراعية للجزيرة، ولا يتنافى معه العمل على استقرار سكان الجزيرة بوضعهم الحالي يمارسون مهنتهم الأصلية بزراعة الأرض وصيد الأسماك وغير ذلك من المهن التجارية الصغيرة التي كانت تحت نظر رئيس الوزراء عند إصدار قراره رقم 1969 لسنة 1998 بإنشاء المحمية ضمن الإطار العام والذي يرتبط وصف تلك المحمية ببقائه.
كما لا يحاج على ما تقدم بوجود اعتبارات للأمن القومي تقتضي عدم تجديد عقود الإيجار وطرد سكان الجزيرة؛ بحسبان أن واجب الدولة الأساسي حفظ السلم والأمن الداخلي، وأن تراعي فيما يصدر عنها من قرارات وإجراءات ما يحفظ أمن المواطنين وسلامتهم ومصادر رزقهم المشروعة، وهي أمور في مجملها برهان على قوة الدولة وقدرتها على ضبط الشعور العام للمواطنين، كما أنها تعبر عن الوجه الأمثل للمحافظة على هيبة الدولة وأنها القوامة على تحقيق المصلحة العامة لأفراد الشعب، وفي الصدارة طبقات الشعب التي اتخذت من حرفة الزراعة حرفة أصلية ومستقرا لها يرتبط بالمكان ارتباطا وثيقا لا يغني عنه تدبير مسكن أو غير ذلك من الوسائل، ولا خلاف على أن ربط فكرة المحافظة على الأمن القومي بإقامة مشروع سياحي لا يستقيم مع علو فكرة الأمن القومي، كما أن المحافظة على مصالح الأفراد الخاصة في إطار المصلحة العامة يمثل أرقى مظاهر المحافظة على الأمن القومي والتعبير الحقيقي عن قدرة الدولة على ترسيخ مبدأ المواطنة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن تجديد العلاقة القانونية بينها وبين واضعي اليد على أرض جزيرة القرصاية، فإنه يكون قد التزم بصحيح حكم القانون والواقع، وأصاب وجه الحق، ويضحى الطعن الماثل غير قائم على سنده الصحيح في الواقع والقانون خليقا بالرفض.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بحكم المادة رقم (184) مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا، ورفضهما موضوعا، وألزمت الطاعنين المصروفات.