الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 13 نوفمبر 2020

الطعن 2017 لسنة 73 ق جلسة 26 / 5 / 2013 مكتب فني 64 ق 94 ص 637

جلسة 26 من مايو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ محمد شهاوي عبد ربه "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ عبد العزيز فرحات، أيمن يحيى الرفاعي، خالد مصطفي وإيهاب إسماعيل عوض "نواب رئيس المحكمة". 
------------------ 
(94)
الطعن 2017 لسنة 73 القضائية
(1) صورية "الطعن بالصورية: سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورية".
استقلال قاضي الموضوع بتقدير الأدلة التي يأخذ بها في ثبوت الصورية أو نفيها. مناطه. كون الدليل الذي أخذ به مستمدا من أوراق الدعوى ومستخلصا منها استخلاصا سائغا. 
(2) صورية "من أنواع الصورية: الصورية المطلقة ".
الصورية المطلقة. تناولها وجود التصرف ذاته وعدم إخفائها تصرفا آخر. ثبوت صحتها. أثره. انعدام وجود العقد في الحقيقة والواقع. 
(3 - 5) إثبات "طرق الإثبات: الكتابة: متى يجب الإثبات بالكتابة "أحوال شخصية". إرث تصرفات المورث: طعن الوارث بالصورية".
(3) الوارث. طعنه بصورية التصرف الصادر من مورثه إلى وارث آخر أو إلى الغير صورية مطلقة لغير علة الاحتيال على قواعد الإرث. لازمه. تقيده بما كان يجوز لمورثه من طرق الإثبات. العقد المكتوب. عدم جواز إثبات صوريته المطلقة إلا بالكتابة أي بورقة الضد. 
(4) عقد الضد في إثبات الصورية المطلقة بين المتعاقدين أو الوارث بالنسبة للتصرف الصادر من مورثه إلى وارث آخر أو إلى الغير لغير علة الاحتيال على قواعد الإرث. ماهيته. عقد مستتر يكتب سرا بين المتعاقدين ليمحو أثر عقد ظاهر كليا أو جزئيا أو يعدل فيه، جواز كتابته في وقت لاحق على كتابة العقد الظاهر. عدم وجود اتفاق مادي بين المتعاقدين وقت كتابة العقد الظاهر. مؤداه. وجوب أن يكون هناك اتفاق ذهني. 
(5) إقامة الطاعن دعواه بطلب الحكم بصورية عقد البيع الابتدائي الصادر من مورثه للمطعون ضدهما الأول والثاني والمذيل ببصمة خاتم المطعون ضدها الثالثة باعتبارها دافعة للثمن تبرعا منها للمشتريين صورية مطلقه مستدلا عليها باتفاق ضد محرر بين الأخيرة والمورث عن نفسه وبصفته ولي طبيعي على المشتريين أقرا فيه بأن البيع لم يدفع فيه ثمن واحتفاظ المورث بملكية المبيع واستفادته من ريعه طوال حياته. عدم جواز التعويل في القضاء بنفي الصورية على نصوص المحرر المطعون عليه بالصورية أو على أي مستند أخر أعد لإخفائه وستره متى كان هذا المستند أساسا له ومترتبا عليه. قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدعوى استنادا إلى أن ما ورد بورقة الضد لا يعدو كونه إقرارا منسوبا لوالدي المشتريين فلا حجة له عليهما وأنه أقل قوة من إقراره القضائي بصحة ونفاذ عقد البيع أمام المحكمة التي قضت بإلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة. مخالفة للقانون وفساد. علة ذلك. 
----------------- 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في تقدير الأدلة التي يأخذ بها في ثبوت الصورية أو نفيها، إلا أن مناط ذلك أن يكون الدليل الذي أخذ به مستمدا من أوراق الدعوى ومستخلصا منها استخلاصاً سائغاً. 
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الصورية المطلقة هي التي تتناول وجود التصرف ذاته ولا تخفى تصرفا آخر ومن شأنها إن صحت أن ينعدم بها وجود العقد في الحقيقة والواقع. 
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذا طعن الوارث بصورية التصرف الصادر من مورثه إلى وارث آخر أو إلى الغير صورية مطلقة وكانت علة الصورية ليست هي الاحتيال على قواعد الإرث، فإنه يتعين عليه أن يتقيد في هذه الحالة بما كان يجوز لمورثه من طرق الإثبات المقررة قانونا، فإذا كان العقد مكتوبا فلا يجوز له إثبات الصورية المطلقة إلا بالكتابة أي بورقة الضد. 
4 - إن ورقة الضد أو عقد الضد (في إثبات الصورية المطلقة بين المتعاقدين أو الوارث بالنسبة للتصرف الصادر من مورثه إلى وارث أخر أو إلى الغير لغير علة الاحتيال على قواعد الإرث) هو العقد المستتر وهو عقد يكتب سرا بين المتعاقدين ليمحو أثر عقد ظاهر أو يعدل فيه أو بعبارة أخرى ليمحو أثر العقد الظاهر كليا أو جزئيا، ويكتب عادة في نفس الوقت الذي يكتب فيه العقد الظاهر وليس هنالك ما يمنع من كتابته بعده بما مؤداه أنه إذا لم يكن هناك اتفاق مادي بين العقدين وجب أن يكون هناك اتفاق ذهني. 
5 - إذ كان البين من الأوراق أن الطاعن أقام دعواه بطلب الحكم بصورية عقد البيع الابتدائي المؤرخ ... الصادر من مورثه للمطعون ضدهما الأول والثاني والمذيل ببصمة خاتم المطعون ضدها الثالثة باعتبارها دافعة الثمن تبرعا منها لولديها - صورية مطلقة - وقدم تدليلا على هذه الصورية ورقة ضد عبارة عن اتفاق مؤرخ .... محرر بين مورثه عن نفسه وبصفته ولي طبيعي على المطعون ضدهما الأول والثاني، والمطعون ضدها الثالثة أقرا فيه بأن هذا البيع لم يدفع فيه ثمن مع احتفاظ المورث بملكية المبيع واستفادته من ريعه طوال حياته وحقه في التصرف فيما يقيمه عليه من مبان، وأن أي تعرض من المطعون ضدهما الأولين له فيه يترتب عليه بطلان عقد البيع، وأنه قصد به فقط حماية حق المذكورين الميراثي فيما يخلفه من تركة قبل أخواتهما غير الأشقاء، وإذ كان المقرر أنه لا يجوز للمحكمة أن تعول في قضائها بنفي الصورية على نصوص المحرر المطعون عليه بالصورية أو إذا كان هذا المحرر قد أعد لإخفاء وستر محرر آخر طعن عليه بالصورية خاصة إذا كان هذا المحرر الأخير أساسا له أو مترتبا عليه لما في ذلك من مصادرة على المطلوب وحكم على الدليل قبل تحقيقه. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واستند في قضائه برفض دعوى الطاعن على أن ما ورد بالاتفاق المؤرخ ... - ورقة الضد المقدمة منه - لا يعدو كونه إقرارا منسوبا لوالدي المشتريين فلا حجية له عليهما، كما أنه بالنسبة للمورث لا يعدو أن يكون إقرارا غير قضائي أقل قوة من إقراراه القضائي بصحة ونفاذ عقد البيع أمام المحكمة التي قضت بإلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة، رغم أنه لا يجوز الاستناد إلى نصوص العقد المطعون عليه بالصورية أو عقد الصلح الذي تناوله في نفي تلك الصورية - على ما سلف بيانه. كما أن الثابت بالإقرار المشار إليه أن المورث وقع عليه أيضا بصفته مشتريا عن ولديه - القاصرين آنذاك - وكان لم يثبت بالأوراق أنهما احتجا بعد بلوغهما سن الرشد وطوال مراحل النزاع بعدم سريانه في حقهما وإنما طعن عليه بالتزوير من الأم - المطعون ضدها الثالثة فقط - وقضى برفض الطعن وبصحة المحرر في مواجهتها، ومن ثم فإن هذا الإقرار يسري في حقهما كورقة ضد يستفيد منها الطاعن كدليل على صورية عقد البيع صورية مطلقة قصد به عدم إيقاع البيع أصلا وليس مجرد التحايل على قواعد الإرث أو ستر عقد أخر، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال. 
----------------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما الأول والثاني الدعوى رقم... لسنة... مدني محكمة بني سويف الابتدائية بطلب الحكم بصورية عقد البيع الابتدائي المؤرخ........، والمقدم عنه طلب التسجيل رقم... لسنة... شهر عقاري بتي سويف صورية مطلقة - وقال بيانا لذلك إنه بموجب هذا العقد باع... مورثه ومورث المطعون ضدهما الأول والثاني، واشترى لنفسه - بصفته وليا طبيعيا على الأخيرين - المنزل المبين الحدود والمعالم بالصحيفة، وأقر في الدعوى رقم... لسنة... مدني كلي بنى سويف بصحته ونفاذه، وقضى فيها بإلحاق عقد الصلح المقدم فيها بمحضر الجلسة، وإن كان هذا العقد صوريا صورية مطلقة لم يدفع فيه ثمن، وإن أثبت به أنه دفع تبرعا من الأم - المطعون ضدها الثالثة - وقد تحصل على عقد اتفاق مؤرخ../ ../ .... موقع عليه من المورث عن نفسه وبصفته، والمطعون ضدها الثالثة تضمن إقرارهما بصورية البيع وأنه لم يدفع فيه ثمن واحتفاظ المورث بملكية المبيع والانتفاع بريعه طوال حياته بما يصلح أن يكون ورقة ضد الإثبات صورية عقد البيع صورية مطلقة، وإذ تقدم المطعون ضدهما الأول والثاني بطلب تسجيله ومن ثم فقد أقام الدعوى. تدخلت المطعون ضدها الثالثة انضماميا للمطعون ضدهما الأولين وطعنت بالإنكار على بصمة خاتمها المذيل به شرط الاتفاق المشار إليه، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن استمعت لشهود الطرفين حكمت برفض الطعن بالإنكار وبصحة توقيع المطعون ضدها الثالثة على الإقرار المؤرخ ......، فطعنت عليه بالتزوير، وبعد أن أودع خبير إدارة أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي تقريره حكمت برفض الطعن بالتزوير، ثم حكمت بصورية عقد البيع الابتدائي المؤرخ ...... صورية نسبية، واعتباره وصية لا تنفذ إلا في حدود ثلث تركة المرحوم/ ... استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف بالاستئناف رقم... لسنة... ق، كما استأنفه المطعون ضدهم بالاستئناف رقم... لسنة... ق. أمرت المحكمة بضم الاستئنافين، وبتاريخ../ ../ .... قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها. 
------------------ 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعواه تأسيسا على أن الاتفاق المؤرخ../ ../ .... منسوب إلى والدي المشتريين - المطعون ضدهما الأول والثاني - فلا يحاج الأخيران به، وأنه مجرد إقرار غير قضائي صادر عن المورث أقل قوة من إقراره القضائي أمام المحكمة بصحة ونفاذ عقد البيع، رغم أن ما تضمنه هذا الاتفاق من إقرار المورث بأن البيع لم يدفع فيه ثمن واحتفاظه بملكية المنزل والاستفادة من ريعه طوال حياته ما يكفي لإثبات صورية هذا العقد صورية مطلقة دون حاجة إلى إقرار قضائي بذلك، وهو ما تساند إليه الطاعن: كورقة ضد تؤكد صورية البيع فيكون هذا الإقرار حجة على طرفيه وإذ أطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع الجوهري، ودلالة ذلك الإقرار فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لئن كان المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن القاضي الموضوع السلطة التامة في تقدير الأدلة التي يأخذ بها في ثبوت الصورية أو نفيها، إلا أن مناط ذلك أن يكون الدليل الذي أخذ به مستمدا من أوراق الدعوى ومستخلصا منها استخلاصا سائغا. وأن الصورية المطلقة هي التي تتناول وجود التصرف ذاته ولا تخفي تصرفا أخر ومن شأنها إن صحت أن ينعدم بها وجود العقد في الحقيقة والواقع...، وأنه إذا طعن الوارث بصورية التصرف الصادر من مورثه إلى وارث أخر أو إلى الغير صورية مطلقة وكانت علة الصورية ليست هي الاحتيال على قواعد الإرث، فإنه يتعين عليه أن يتقيد في هذه الحالة بما كان يجوز لمورثه من طرق الإثبات المقررة قانونا، فإذا كان العقد مكتوبا فلا يجوز له إثبات الصورية المطلقة إلا بالكتابة أي بورقة الضد، وكانت ورقة الضد أو عقد الضد هو العقد المستتر وهو عقد يكتب سرا بين المتعاقدين ليمحو أثر عقد ظاهر أو يعدل فيه أو بعبارة أخرى ليمحو أثر العقد الظاهر كليا أو جزئيا، ويكتب عادة في نفس الوقت الذي يكتب فيه العقد الظاهر وليس هنالك ما يمنع من كتابته بعده بما مؤداه أنه إذا لم يكن هناك اتفاق مادي بين العقدين وجب أن يكون هناك اتفاق ذهني. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن أقام دعواه بطلب الحكم بصورية عقد البيع الابتدائي المؤرخ ...... الصادر من مورثه للمطعون ضدهما الأول والثاني والمذيل ببصمة خاتم المطعون ضدها الثالثة باعتبارها دافعة الثمن تبرعا منها لولديها - صورية مطلقة - وقدم تدليلا على هذه الصورية ورقة ضد عبارة عن اتفاق مؤرخ 5/ 10/ 1974 محرر بين مورثه عن نفسه وبصفته ولي طبيعي على المطعون ضدهما الأول والثاني، والمطعون ضدها الثالثة أقرا فيه بأن هذا البيع لم يدفع فيه ثمن مع احتفاظ المورث بملكية المبيع واستفادته من ريعه طوال حياته وحقه في التصرف فيما يقيمه عليه من مبان، وأن أي تعرض من المطعون ضدهما الأولين له فيه يترتب عليه بطلان عقد البيع، وأنه قصد به فقط حماية حق المذكورين الميراثي فيما يخلفه من تركة قبل أخواتهما غير الأشقاء، وإذ كان المقرر أنه لا يجوز للمحكمة أن تعول في قضائها بنفي الصورية على نصوص المحرر المطعون عليه بالصورية أو إذا كان هذا المحرر قد أعد لإخفاء وستر محرر أخر طعن عليه بالصورية خاصة إذا كان هذا المحرر الأخير أساسا له أو مترتبا عليه لما في ذلك من مصادرة على المطلوب وحكم على الدليل قبل تحقيقه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واستند في قضائه برفض دعوى الطاعن على أن ما ورد بالاتفاق المؤرخ 5/ 10/ 1974 - ورقة الضد المقدمة منه - لا يعدو كونه إقرارا منسوبا لوالدي المشتريين فلا حجية له عليهما، كما أنه بالنسبة للمورث لا يعدو أن يكون إقرارا غير قضائي أقل قوة من إقراراه القضائي بصحة ونفاذ عقد البيع أمام المحكمة التي قضت بإلحاق تعقد الصلح بمحضر الجلسة، رغم أنه لا يجوز الاستناد إلى نصوص العقد المطعون عليه بالصورية أو عقد الصلح الذي تناوله في نفي تلك الصورية - على ما سلف بيانه - كما أن الثابت بالإقرار المشار إليه أن المورث وقع عليه أيضا بصفته مشتريا عن ولديه - القاصرين آنذاك - وكان لم يثبت بالأوراق أنهما احتجا بعد بلوغهما سن الرشد وطوال مراحل النزاع بعدم سريانه في حقهما وإنما طعن عليه بالتزوير من الأم - المطعون ضدها الثالثة فقط - وقضى برفض الطعن وبصحة المحرر في مواجهتها، ومن ثم فإن هذا الإقرار يسري في حقهما كورقة ضد يستفيد منها الطاعن كدليل على صورية عقد البيع صورية مطلقة قصد به عدم إيقاع البيع أصلا وليس مجرد التحايل على قواعد الإرث أو ستر عقد آخر، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح فيه - ولما تقدم - يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بصورية عقد البيع الابتدائي المؤرخ ..... صورية مطلقة.

الطعن 7838 لسنة 80 ق جلسة 3 / 1 / 2013 مكتب فني 64 ق 11 ص 88

جلسة 3 من يناير سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ عبد الله عصر "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ خير الله سعد، علاء الدين أحمد ، سعد زويل وجمال سلام "نواب رئيس المحكمة" 
-------------------- 
(11)
الطعن 7838 لسنة 80 القضائية
(1 ، 2) إيجار "إيجار الأماكن: الاستثناءات الواردة على أسباب الإخلاء: هدم المباني غير السكنية لإعادة بنائها".
(1) المباني غير السكنية المستثناة من أحكام الهدم لإعادة البناء. محددة على سبيل الحصر في م 51/ 1 ق 49 لسنة 1977. المنشآت ذات الأهمية للاقتصاد أو الأمن القومي أو التي تقدم خدمات عامة للجمهور. تحديدها منوط بما يصدره وزير الإسكان من قرارات. المخابز البلدية والإفرنجية الخاضعة لإشراف وزارة التموين. مستثناة بموجب قرار وزير الإسكان رقم 153 لسنة 1980. 
(2) ثبوت أن العين المؤجرة مرخصة مخبز أفرنجي. أثره. عدم سريان أحكام الهدم لإعادة البناء المقررة في م 49 من ق 49 لسنة 1977 عليها. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك وقضاؤه بإخلاء العين استنادا لذلك النص. مخالفة للقانون وخطأ. 
---------------- 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كان النص في المادة 49 من القانون رقم 49 لسنة 1977 أجاز لمالك المبنى المؤجرة كل وحداته لغير أغراض السكنى أن يقوم بهدمه وإعادة بنائه وزيادة مسطحاته وعدد وحداته وفقا للشروط والأوضاع المبينة في هذا النص إلا أن المشرع لم يشأ أن يجعل حكم هذا النص عاما يسرى على كل المباني غير السكنية وإنما استثنى بعضها حرصا على استمرار بعض الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية التي تقدم خدمات عامة للجمهور فنص في المادة 51/ 1 من هذا القانون على أنه "لا تسري أحكام هذا الفصل على المباني المؤجرة لاستعمالها دورا للتعليم حكومية أو خاصة تخضع للإشراف الحكومي، وكذلك المستشفيات العامة والخاصة الخاضعة لإشراف وزارة الصحة ومحطات تموين وخدمة السيارات أو المنشآت السياحية أو الفندقية أو المصرفية او غيرها من المنشآت ذات الأهمية للاقتصاد او الأمن القومي والتي تقدم خدمات عامة للجمهور والتي يصدر بتحديدها قرار من وزير الإسكان والتعمير بعد موافقة الوزير المختص" بما مفاده أن المشرع حدد على سبيل الحصر للمباني غير السكنية المستثناة من أحكام الهدم لإعادة البناء وبالنسبة للمنشآت ذات الأهمية للاقتصاد أو الأمن القومي التي تقدم خدمات عامة للجمهور فقد فوض المشرع وزير الإسكان في إصدار القرارات اللازمة لتحديد ما يدخل في نطاق تلك المنشآت بناء على طلب الوزير المختص ومن ثم فإن المعول عليه في تحديد هذه المباني هو بما يصدره وزير الإسكان من قرارات وبناء على هذا التفويض أصدر وزير الإسكان القرار رقم 153 لسنة 1980 في 31/ 5/ 1980 باستثناء المخابز البلدية والإفرنجية المرخص بها والخاضعة لإشراف وزارة التموين من سريان أحكام الفصل الأول من الباب الثاني من القانون 49 لسنة 1977. 
2 - إذ كان الثابت بعقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1981 وتقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن العين المؤجرة بهذا العقد مرخص بها كمخبز أفرنجي ومن ثم لا تسري عليها أحكام الهدم لإعادة البناء المبينة بالمادة 49 من القانون 49 لسنة 1977 وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بالإخلاء والتسليم إعمالا للقانون المشار إليه فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه. 
------------------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أولا أقاموا على الطاعنين والمطعون ضدهم ثانيا الدعوى رقم ... لسنة 2003 أمام محكمة الزقازيق الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء المحلين المبينين بالصحيفة وعقد الإيجار المؤرخين 1/ 1/ 1981، 1/ 10/ 1992 وقالوا بيانا لدعواهم إنه بموجب هذين العقدين استأجر الطاعنون وباقي المطعون ضدهم المحلين المشار إليهما ولرغبتهم في هدم العقار لإعادة بنائه بشكل أوسع عملا بالمادة 49 من القانون 49 لسنة 1977 فقد استوفوا الشروط اللازمة للهدم وإعادة البناء إلا أن الطاعنين رفضوا إخلاء المحلين رغم إنذارهم بذلك فأقاموا الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره حكمت بعدم قبول الدعوى. استأنف المطعون ضدهم أولا هذا الحكم بالاستئناف رقم... لسنة 52 ق المنصورة "مأمورية الزقازيق" وبتاريخ 23/ 2/ 2010 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والإخلاء والتسليم. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها. 
------------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إن قرار وزير الإسكان رقم 153 لسنة 1980 الصادر بتاريخ 31/ 5/ 1980 قد استثنى المباني المؤجرة كمخابز بلدية وأفرنجية مرخصاً بها وخاضعة لإشراف وزارة التموين من سريان أحكام الفصل الأول من الباب الثاني من القانون 49 لسنة 1977 عليها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإخلاء المحلين عملا بنص المادة 49 من القانون السالف رغم أن الثابت بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى وعقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1981 أن المحل المؤجر لمورث المطعون ضدهم ثانيا مخبزا أفرنجيا فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه ولئن كان النص في المادة 49 من القانون رقم 49 لسنة 1997 أجاز لمالك المبنى المؤجرة كل وحداته لغير أغراض السكني أن يقوم بهدمه وإعادة بنائه وزيادة مسطحاته وعدد وحداته وفقا للشروط والأوضاع المبينة في هذا النص، إلا أن المشرع لم يشأ أن يجعل حكم هذا النص عاما يسري على كل المباني غير السكنية وإنما استثنى بعضها حرصا على استمرار بعض الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية التي تقدم خدمات عامة للجمهور فنص في المادة 51/ 1 من هذا القانون على أنه "لا تسري أحكام هذا الفصل على المباني المؤجرة لاستعمالها دورا للتعليم حكومية أو خاصة تخضع للإشراف الحكومي، وكذلك المستشفيات العامة والخاصة الخاضعة لإشراف وزارة الصحة، ومحطات تموين وخدمة السيارات أو المنشآت السياحية أو الفندقية أو المصرفية أو غيرها من المنشآت ذات الأهمية للاقتصاد أو الأمن القومي أو التي تقدم خدمات عامة للجمهور والتي يصدر بتحديدها قرار من وزير الإسكان والتعمير بعد موافقة الوزير المختص" بما مفاده أن المشرع حدد على سبيل الحصر المباني غير السكنية المستثناة من أحكام الهدم لإعادة البناء وبالنسبة للمنشآت ذات الأهمية للاقتصاد أو الأمن القومي التي تقدم خدمات عامة للجمهور فقد فوض المشرع وزير الإسكان في إصدار القرارات اللازمة لتحديد ما يدخل في نطاق تلك المنشآت بناء على طلب الوزير المختص ومن ثم فإن المعول عليه في تحديد هذه المباني هو بما يصدره وزير الإسكان من قرارات وبناء على هذا التفويض أصدر وزير الإسكان القرار رقم 153 لسنة 1980 في 31/ 5/ 1980 باستثناء المخابز البلدية والأفرنجية المرخص بها والخاضعة لإشراف وزارة التموين من سريان أحكام الفصل الأول من الباب الثاني من القانون 49 لسنة 1977 عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت بعقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1981 وتقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن العين المؤجرة بهذا العقد مرخص بها كمخبز أفرنجي ومن ثم لا تسري عليها أحكام الهدم لإعادة البناء المبينة بالمادة 49 من القانون 49 لسنة 1977 وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بالإخلاء والتسليم إعمالا للقانون المشار إليه فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه.

الطعنان 16403 ، 16777 لسنة 79 ق جلسة 2 / 1 / 2013 مكتب فني 64 ق 10 ص 83

جلسة 2 من يناير سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ صلاح سعداوي سعد "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي، شريف حشمت جادو، عمر السعيد غانم وأحمد كمال حمدي "نواب رئيس المحكمة" 
--------------------- 
(10)
الطعنان 16403 ، 16777 لسنة 79 القضائية
(1 - 5) التزام "أنواع الالتزام: الالتزام ببذل عناية". أوراق تجارية "الشيك. تداول الشيك". بنوك "تحصيل البنك حقوق العميل لدى الغير". محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسئولية العقدية والتقصيرية والتعويض عنها: المسئولية العقدية: الخطأ العقدي الموجب للمسئولية".
(1) التزام البنك بتحصيل حقوق العميل لدى الغير الثابتة في مستندات أو أوراق مالية. التزام ببذل عناية. م 407/ 2 مدني. 
(2) استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية العقدية. من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع مادام استخلاصه سائغا. 
(3) انتهاء الحكم المطعون فيه إلى توافر الخطأ الموجب لمسئولية البنك نتيجة عدم قيامه بتحصيل بعض الشيكات التي تسلمها من المطعون ضدها وذلك على سند من كفاية رصيد الساحب لديه وقيامه بتحصيل شيكات أخرى للمطعون ضدها ولعملاء آخرين في وقت معاصر لاستحقاق الشيكات محل النزاع. استخلاص سائغ. النعي عليه. جدل موضوعي تنحسر عنه رقابة محكمة النقض. 
(4) سحب الشيك وتسليمه للمسحوب له. أثره. انتقال ملكية مقابل الوفاء لذمة المستفيد المالية بمجرد إصداره. مؤداه. ليس للساحب استرداد قيمته من البنك أو العمل على تأخير الوفاء به أو امتناع البنك عن الوفاء بقيمته. علة ذلك. 
(5) قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب الطاعن إلزام البنك بقيمة الشيكات رغم توافر مقابل الوفاء لديه على سند من أنه أخطر الطاعنة لتسلمها. خطأ. علة ذلك. قيامه بالإخطار لا يعفيه من المسئولية عن الامتناع عن صرف قيمة هذه الشيكات. 
------------------ 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن البنك الذي يعهد إليه العميل الذي يتعامل معه بتحصيل حقوقه لدى الغير والثابتة في مستندات أو أوراق، فإن عليه أن يبذل في ذلك عناية الرجل المعتاد حسبما تنص المادة 407/ 2 من القانون المدني. 
2 -- استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية العقدية من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع ولا رقابة عليه لمحكمة النقض فيه إلا بالقدر الذي يكون استخلاصه غير سائغ. 
3 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص بما له من سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى ومما انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب الذي اطمأن إليه ومن كشوف الحساب المقدمة إلى أن البنك الطاعن لم يقم بتحصيل بعض الشيكات التي تسلمها من المطعون ضدها رغم كفاية رصيد الساحب لديه، وأن عدم قيامه بالتزامه لا يوجد ما يبرره، ذلك أنه كان قد قام بتحصيل شيكات أخرى للمطعون ضدها وشيكات لعملاء آخرين في وقت معاصر لاستحقاق الشيكات محل النزاع ورتب على ذلك توافر الخطأ الموجب لمسئولية الطاعن، وهو من الحكم استخلاص سائغ تتوافر به أركان المسئولية لو أصله الثابت في الأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه ويكفي لحمل قضائه وفيه الرد الكافي المسقط لما يخالفه، ومن ثم فإن النعي عليه بأسباب الطعن ينحل إلى مجادلة موضوعية في تقدير محكمة الموضوع للدليل بغية الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهى إليها الحكم تنحسر عنها رقابة محكمة النقض ويضحى بالتالي الطعن أقيم على غير أساس. 
4 - المقرر- في قضاء محكمة النقض - أن سحب الشيك وتسليمه لمسحوب له يعتبر وفاء كالوفاء بالنقود سواء بسواء وتكون قيمة الشيك من حق المسحوب له فلا يجوز للساحب أن يستردها من البنك أو يعمل على تأخير الوفاء بها لصاحبها، وكذلك لا يجوز للبنك المسحوب عليه الامتناع عن الوفاء للحامل بقيمة الشيك ولو قدم له بعد ميعاد الاستحقاق، ذلك أن الحامل يتملك مقابل الوفاء بمجرد تسلمه الشيك. 
5 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد بني قضاءه برفض إلزام البنك المطعون ضده بقيمة الشيكات المرتدة التي في حيازته على سند من أنه أخطر الطاعنة لتسلمها، حال أن قيامه بالإخطار لا يعفيه من المسئولية عن الامتناع عن صرف قيمتها رغم توافر مقابل الوفاء في تاريخ استحقاق الشيكات، فإنه يكون قد خالف القانون وقد حجبه عن ذلك عن بحث تعيين الشيكات المرتدة التي كان يتوافر بحساب الساحب رصيد كاف لها عند تقديمها للصرف، إذ بها تتحدد مسئولية المطعون ضده والتفت عن طلب ندب خبير مصرفي لتحقيق ذلك، الأمر الذي يعيبه. 
---------------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم... لسنة 2006 تجاري الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام البنك الطاعن بأن يدفع لها مبلغ مليون وثلاثمائة وتسعة عشر ألفا وسبعمائة اثنين وعشرين جنيها وأربعة وخمسين قرشا وكذا مبلغ خمسمائة ألف جنيه تعويضا عن الأضرار التي لحقت بها من جراء مسلك الطاعن، وقالت بيانا لذلك إنها سلمت البنك عدد 26 شيكا بقيمة المبلغ الأول لتحصيلها وإيداع المبلغ في حسابها طرفه، إلا أنه تقاعس عن اتخاذ إجراءات التحصيل رغم توافر الرصيد بحساب الساحب لديه وقيام البنك بصرف وتحصيل شيكات لعملاء آخرين من هذا الحساب، وإذ لحقها ضرر من جراء تصرف الطاعن فقد أقامت الدعوى. بتاريخ 31 مارس 2007 حكمت المحكمة برفض الدعوى بحالتها. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم... لسنة 124 ق أمام محكمة استئناف القاهرة. ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 29 سبتمبر 2009 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدها ثلاثمائة ألف جنيه تعويضا عما لحقها من أضرار ورفض ما عدا ذلك من طلبات، طعن البنك على هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم... لسنة 79 ق كما طعنت الشركة المطعون ضدها في ذات الحكم بالطعن رقم... لسنة 79 ق، وأودعت النيابة مذكرة في كل طعن أبدت فيها الرأي برفض الطعن الأول وفي الطعن الثاني بنقض الحكم المطعون فيه جزئية، وإذ غرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنهما جديران بالنظر وبالجلسة المحددة لنظرهما قررت ضم الطعن الأخير إلى الأول ليصدر فيهما حكم واحد، وفيها التزمت النيابة رأيها. 
--------------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
أولا: الطعن رقم 16403 لسنة 79 ق
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها البنك الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بانتفاء الخطأ الموجب لمسئوليته على سند من أن سبب عدم قيامه بصرف وتحصيل الشيكات المسلمة إليه من الشركة المطعون ضدها يرجع إلى أن الحساب المسحوبة عليه الشيكات هو حساب ائتمان ممنوح للشركة الساحبة لا يسمح بالصرف منه إلا في حدود الغرض من منح التسهيل، وأنه أعاد الشيكات إلى المطعون ضدها فور عدم تحصيلها، إلا أن الحكم المطعون فيه أعرض عن هذا الدفاع الجوهري وقضى بإلزامه بالتعويض، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن البنك الذي يعهد إليه العميل الذي يتعامل معه بتحصيل حقوقه لدى الغير والثابتة في مستندات أو أوراق، فإن عليه أن يبذل في ذلك عناية الرجل المعتاد حسبما تنص المادة 704/ 2 من القانون المدني، وأن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية العقدية من مسائل الواقع التي يقدرها قاضي الموضوع ولا رقابة عليه لمحكمة النقض فيه إلا بالقدر الذي يكون استخلاصه غير سائغ. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص بما له من سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى ومما انتهى إليه تقرير الخبير المنتدب الذي اطمأن إليه ومن كشوف الحساب المقدمة إلى أن البنك الطاعن لم يقم بتحصيل بعض الشيكات التي تسلمها من المطعون ضدها رغم كفاية رصيد الساحب لديه، وأن عدم قيامه بالتزامه لا يوجد ما يبرره، ذلك أنه كان قد قام بتحصيل شيكات أخرى للمطعون ضدها وشيكات لعملاء آخرين في وقت معاصر لاستحقاق الشيكات محل النزاع ورتب على ذلك توافر الخطأ الموجب لمسئولية الطاعن، وهو من الحكم استخلاص سائغ تتوافر به أركان المسئولية له أصله الثابت في الأوراق ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه ويكفي لحمل قضائه وفيه الرد الكافي المسقط لما يخالفه، ومن ثم فإن النعي عليه بأسباب الطعن ينحل إلى مجادلة موضوعية في تقدير محكمة الموضوع للدليل بغية الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهى إليها الحكم تتحسر عنها رقابة محكمة النقض ويضحي بالتالي الطعن أقيم على غير أساس. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ثانيا: الطعن رقم 16777 لسنة 79 ق
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ رفض طلبه إلزام البنك المطعون ضده بقيمة الشيكات المرتدة على سند من أنها تقاعست عن استردادها منه رغم إخطاره لها لتسلمها حال أن هذا الإخطار لا يسقط مسئوليته الناشئة عن امتناعه عن صرف الشيكات رغم وجود رصيد كاف بحساب الساحب، والتفت عن طلب الطاعنة ندب خبير حسابي للوقوف على ذلك، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر أن سحب الشيك وتسليمه للمسحوب له يعتبر وفاء الوفاء بالنقود سواء بسواء وتكون قيمة الشيك من حق المسحوب له فلا يجوز للساحب أن يستردها من البنك أو يعمل على تأخير الوفاء بها لصاحبها، وكذلك لا يجوز للبنك المسحوب عليه الامتناع عن الوفاء للحامل بقيمة الشيك ولو قدم له بعد ميعاد الاستحقاق، ذلك أن الحامل يتملك مقابل الوفاء بمجرد تسلمه الشيك. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بني قضاءه برفض إلزام البنك المطعون ضده بقيمة الشيكات المرتدة التي في حيازته على سند من أنه أخطر الطاعنة لتسلمها، حال أن قيامه بالإخطار لا يعفيه من المسئولية عن الامتناع عن صرف قيمتها برغم توافر مقابل الوفاء في تاريخ استحقاق الشيكات، فإنه يكون قد خالف القانون وقد حجبه ذلك عن بحث تعيين الشيكات المرتدة التي كان يتوافر بحساب الساحب رصيد كاف لها عند تقديمها للصرف، إذ بها تتحدد مسئولية المطعون ضده والتفت عن طلب ندب خبير مصرفي لتحقيق ذلك، الأمر الذي يعيبه ويوجب نقضه جزئيا في هذا الخصوص.

الطعن 654 لسنة 83 ق جلسة 2 / 7 / 2013 مكتب فني 64 رجال قضاء ق 9 ص 58

جلسة 2 من يوليو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ عزت عبد الجواد عمران "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ أحمد الحسيني، موسى مرجان محمد بدر عزت، وطارق عبد العظيم "نواب رئيس المحكمة" 
------------------ 
(9)
الطعن 654 لسنة 83 القضائية "رجال قضاء"
(1) قرار إداري "دعاوى إلغاء القرارات الإدارية: توافر الصفة والمصلحة فيها".
الخصومة في دعاوى إلغاء القرارات الإدارية المقدمة طبقا لنص المادة 83 من في السلطة القضائية المعدل بق 142 لسنة 2006. وجوب توجيهها إلى ممثل الجهة الإدارية التي أصدرت القرار باعتبارها صاحبة الصفة وحدها فيها. علة ذلك. الدفع بالبطلان لعدم اختصام أحد المحكوم عليهم حال كونه ليس خصما حقيقيا في الدعوى ولم يوجب القانون اختصامه فيها. على غير أساس. 
(2) نقض "نطاق الخصومة في الطعن".
الطعن بالنقض. لا ينقل الدعوى برمتها إلى محكمة النقض خلافا للاستئناف. عدم جوازه في الأحكام الانتهائية إلا في أحوال بينها القانون بيان حصر. تقيد محكمة النقض بالأسباب التي ذكرها الطاعن في صحيفة الطعن. مؤداه. الطعن بالنقض ليس هو الخصومة المرددة من قبل أمام محكمة الموضوع وإنما هو مخاصمة للحكم النهائي الصادر فيها. 
(3) اختصاص "الاختصاص الولائي".
اختصاص المحاكم بتقرير الوصفة القانوني للعمل الصادر عن السلطات العامة ومدى تعلقه بأعمال السيادة. خضوع محكمة الموضوع في تكييفها ذلك لرقابة محكمة النقض. 
(4 ، 5) قرار إداري "عيوب القرار الإداري".
(4) القرارات الإدارية. عدم تعريف القانون لها وما يميزها عن خصائص. مؤداه. للمحاكم العادية التحقق من قيام القرار الإداري بمقوماته القانونية. ظهور سلامة إصدار القرار لها. أثره. وجوب تطبيقه وفقا لظاهر نصوصه على النزاع المطروح، علم اعتبار ذلك تعرضا للقرار بالتأويل. 
(5) عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها. من العيوب القصدية في السلوك الإداري. ماهيته. تنكب الإدارة الغاية من إصدار القرار وجه المصلحة العامة أو إصداره بباعث لا يمت لها. هو عيب يشوب القرار متى كان يرمي إلى تحقيق صالح معين يختلف عن الصالح العام كتحقيق مصلحة شخصية أو صدوره بدافع سياسي بتدخل من رجال حزب الأغلبية الحاكم. 
(6 - 10) بطلان. حكم. دستور "إعلان دستوري: إصداره في وقت الثورة: شرط صحته". قرار إداري "عيوبه".
(6) الإعلان الدستوري. صدوره في ظروف الثورات من حكومة الثورة لتنظيم أمور البلاد ريثما يوضع الدستور، سماته، عدم لزوم الاستفتاء عليه من الشعب وتضمنه مواد تشمل المسائل الدستورية اللازمة لإدارة شئون البلاد دون التفصيلات التي تترك للدساتير. 
(7) إصدار المجلس الأعلى للقوات المسلحة عقب ثورة يناير إعلانا دستوريا في 13/ 2/ 2011 ضمنه تعطيل دستور 1971 وحل مجلسي الشعب والشورى وتوليه إدارة شئون البلاد. مؤداه. انعدام المؤسسات السياسية التي تدير الدولة وحلوله محلها بالفعل الثورية وبقوة الأمر الواقع السياسي. إجراء استفتاء شعبي يوم 19/ 3/ 2011 على تعديل بعض مواد دستور 1971 لبناء مؤسسات وهيئات الدولة الديمقراطية ووضع الدستور الجديد. موافقة الشعب على التعديلات. أثره. إصدار الإعلان الدستوري في 30/ 3/ 2011 ملتزما بالأحكام المستفتي عليها وبالنظام المؤقت لإدارة الدولة. 
(8) انتخاب الطاعن الأول رئيسا للجمهورية وفقا للإعلان الدستوري الصادر في 30/ 3/ 2011. تحديد المادة 56 منه اختصاصاته والتي ليس منها إصدار الإعلانات الدستورية. إصداره للإعلانين الدستوريين المؤرخين 21/ 11/ 2012، 8/ 12/ 2012 سند القرار موضوع التداعي. مؤداه. صدورهما ممن لا يملك ولاية إصدارهما. علة ذلك، زوال الحالة الثورية بعد مباشرته لسلطته الشرعية. عدم جواز عمل السلطة التي تتكون وفقا للشرعية الدستورية خلاقة لها والعودة للشرعية الثورية. أثر ذلك. انتفاء صفة الإعلانات الدستورية عن هذين القرارين مما ينزلهما من مصاف الأعمال السياسية التي تتابي على الرقابة القضائية إلى ترك القرارات الإدارية الخاضعة لها. 
(9) تنكب الطاعن الأول مصدر القرارات وجه المصلحة العامة التي يجب أن يتغياها القرار الإداري إلى صالح مغاير بدافع من تدخل نوي النفوذ من رجال الحزب الحاكم، مؤداه. صدور القرارين المؤرخين 21/ 11/ 2012، 8/ 12/ 2012 معيبه بعيب إساءة استعمال السلطة عن قصد. علة ذلك. اجتزاؤه بوصفه رئيس السلطة التنفيذية على سلطة الجمعية التأسيسية التي تختص بوضع الوثيقة الدستورية والتي تعلو على جميع سلطات الدولة بإصدار ما أطلق عليه إعلانا دستوريا. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى رفض دفع الطاعنين بعدم جواز نظر الدعوى الانتفاء ولاية القضاء عن رقابة الإعلانات الدستورية. نتيجة صحيحة. لمحكمة النقض تصحيح ما وقع بالحكم من خطأ في بعض التقريرات القانونية واستكمالها دون أن تنقضه. 
(10) استمرار نفاذ آثار ما ترتب على الإعلانات الدستورية الصادرة منذ 11/ 2/ 2011 وحتى تاريخ العمل بالدستور في 25/ 12/ 2012. المادة 236 منه. شرطه. صدورها صحيحة ممن يملك إصدارها، فقدان القرارات الإدارية وإن وصفت بأنها إعلانات دستورية لمقومات صحتها. أثره. عدم عصمتها من البطلان. علة ذلك. 
(11) دعوى الإلغاء "انتهاء الخصومة فيها".
انتهاء الخصومة في دعوى الإلغاء عند إلغاء الجهة الإدارية للقرار المطعون فيه. شرطه. أن يكون الإلغاء في حقيقته سحبا للقرار بأثر رجعي يرتد إلى تاريخ صدوره. علة ذلك. انتهاء المحكمة إلى أن القرارين الصادرين من الطاعن الأول بصفته بتاريخي 21/ 11/ 2012، 8/ 12/ 2012 ينتفي عنهما صفة الإعلان الدستوري. مؤداه. عدم انصراف نص المادة 236 من الدستور إليهما من حيث نفاذ آثارهما. أثره، بقاء مصلحة المطعون ضده قائمة في الدعوي. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. 
(12) نقض "المصلحة في الطعن".
قيام المصلحة في الطعن بالنقض. ارتداده إلى وقت صدور الحكم المطعون فيه. مؤداه. اقتصار بحث الطعن فيه على نطاق ما يلابس الدعوى إذ ذلك من وقائع أثبتها الحكم وعليها ارتكز قضاؤه. 
(13) قرار إداري "قراد عزل النائب العام".
صدور قرار عزل المطعون ضده من منصب النائب العام وتعيين أخر بدلا منه قبل صدور الدستور إبان سريان القرار الصادر من الطاعن الأول بصفته بتاريخ 21/ 11/ 2012 والمسمى إعلانا دستوريا مستندا إلى المادة الثالثة منه. مؤداه. عدم صدور القرار المطعون فيه في ظل سريان الدستور الجديد ونفاذا لأحكامه. أثره. توافر المصلحة للمطعون ضده في طلباته باعتباره شاغلا للمنصب ومتمتعة بحصانته وقت صدور القرار والذي ترتب عليه عزله منه. قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدفع بانتفاء صفة المطعون ضده لاستنفاد مدة ولايته في شغل المنصب بمقتضى أحكام الدستور الجديد. صحيح. 
(14) محكمة الموضوع "التزامها بتطبيق القانون على وجهه الصحيح". نظام عام. نقض "سلطة محكمة النقض".
قاضي الموضوع. التزامه من تلقاء نفسه بتطبيق القانون على وجهه الصحيح بإيراد القواعد القانونية والإجرائية المتصلة بمسائل التقاضي المتعلقة بالنظام العام المنطبقة على الواقع في الدعوي. خضوعه في ذلك لرقابة محكمة النقض. 
(15 ، 16) دستور "إعلان دستوري: انتفاء صفته". قرار إداري "انعدامه".
(15) تعلق دعوى رجل القضاء بتظلم من قرار إداري متصل بشأن من شئون القضاة. وجوب التحقق من صدوره من جهة مختصه قانونا بإصداره. تخلف ذلك. أثره. انعدام القرار. علة ذلك. 
(16) انتهاء المحكمة إلى انتقاء وصف الإعلان الدستوري عن القرارين الصادرين من الطاعن الأول بصفته بتاريخي 21/ 11/ 2012، 8/ 12/ 2012 وأنهما مجرد قرارين إداريين. تضمن القرار الأول في مادته الثالثة تعديلا لقانون السلطة القضائية بتوقيت مدة ولاية النائب العام بجعلها أربع سنوات ويسريان هذا النص على من يشغل المنصب بأثر فوري. عدم جواز تنظيم ذلك إلا بقانون صادر من السلطة التشريعية. علة ذلك. مساسه بحقوق منصب النائب العام وضماناته المتصلة باستقلال القضاء. 
(17) قانون "عزل القضاة لا ينظم بأداة تشريعية أدنى من القانون".
عزل القضاة وأعضاء النيابة العامة من وظائفهم. عدم جواز تنظيمها بأداة تشريعية أدني مرتبة من القانون. المادتان 46، 47 من الإعلان الدستوري الصادر في 30/ 3/ 2011. تضمن القرار الصادر من الطاعن الأول بصفته بتاريخ 21/ 11/ 2012 تحديد مدة ولاية النائب العام بجعلها أربع سنوات وبسريان ذلك على من يشغل المنصب بأثر فوري. مؤداه. مخالفة هذا القرار للإعلان الدستوري. أثره. عدم قيامه على أساس من الشرعية وتعييبه بعيب جسيم بعدم أثره.
اختصاص الدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الجمهورية متى كان مبنى الطلب مخالفة القوانين. م 83 ق السلطة القضائية المعدلة بق 142 لسنة 2006. لا شأن للمحكمة الدستورية في ذلك. التزام الحكم المطعون فيه ذلك. صحيح. 
-------- 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادة 83 من قانون السلطة القضائية المعدلة بالقانون رقم 142 لسنة 2006 أن الخصومة في الدعاوى التي تقدم طبقا لهذا النص إنما توجه إلى الجهة الإدارية في شخص من يمثلها قانونا باعتبارها صاحبة الصفة وحدها في الخصومة، لما هو مقرر من أن الأصل في الاختصام في دعوى إلغاء القرارات الإدارية أن توجه ضد الجهة الإدارية التي أصدرت القرار فهي أدرى الناس بمضمونه، وأعرفهم بالأسباب التي حلت إليه. لما كان ذلك، وكان "المستشار /... "ليس خصما حقيقيا في الدعوى المطعون على حكمها، كما أنه من غير من أوجب القانون اختصامهم في مثل هذه الدعاوى؛ ومن ثم يضحى الدفع على غير أساس. 
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الطعن بالنقض لا تنتقل به الدعوى برمتها إلى محكمة النقض كما هو الشأن في الاستئناف، بل هو طعن لم يجزه القانون في الأحكام الانتهائية إلا في أحوال بينها بيان حضر، وهي ترجع كلها إلى مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه، أو في تأويله، أو إلى وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه، ولا تنظر محكمة النقض إلا في الأسباب التي ذكرها الطاعن في صحيفة الطعن مما يتعلق بهذه الوجوه من المسائل القانونية البحتة، ومن ثم فالأمر الذي يعرض على محكمة النقض ليس هو الخصومة التي كانت مرددة بين الطرفين أمام محكمة الموضوع، وإنما هو في الواقع مخاصمة الحكم النهائي الذي صدر فيها. 
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر عن السلطات العامة وما إذا كان يعد من أعمال السيادة، وحينئذ لا يكون لها أي اختصاص بالنظر فيه أو من أعمال الإدارة المعتادة فيخضع لرقابتها، ومحكمة الموضوع تخضع في تكييفها في هذا الخصوص لرقابة محكمة النقض. 
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن القانون لم يعرف القرارات الإدارية ولم يبين الخصائص التي تميزها والتي يهتدي بها في القول بتوافر الشروط اللازمة لها ولحصانتها من تعرض السلطة القضائية لها بتعطيل أو تأويل، ويتبنى على ذلك أن للمحاكم العادية أن تعطي تلك القرارات وصفها القانوني على هذي من حكمة التشريع ومبدأ الفصل بين السلطات وحماية الأفراد وحقوقهم، وهي في سبيل ذلك تملك - بل من واجبها - التحقق من قيام القرار الإداري بمقوماته القانونية والتعرف على فحواه، فإن ظهر لها سلامة صدوره غير مشوبا بما ينحدر به إلى درجة العنم كان عليها أن تعمل تطبيقه وفقا لظاهر نصوصه وتنزل ما وصف له القانون من آثار على النزاع المطروح، ولا يعتبر ذلك منها تعرضا للقرار بالتأويل. 
5 - إذا تبين للمحكمة أن القرار الإداري معيب بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها؛ وهو من العيوب القصدية في السلوك الإداري التي قوامها أن يكون لدى الإدارة قصد إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها بأن يشوب الغاية من إصدار القرار الإداري عيب بأن تنكبت الإدارة وجه المصلحة العامة التي يجب أن يتغياها القرار أو أن تكون قد أصدرته بباعث لا يمت لتلك المصلحة؛ أي أن لدى جهة الإدارة قصد إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، وهو عيب متصل بالهدف من إصدار القرار الذي يرمي إليه المشرع ومن أجله منح الإدارة سلطة إصداره، وهذا العيب يشوب القرار حتى لو كان يرمي إلى تحقيق صالح معين ولكنه يختلف عن الصالح العام المقصود أصلا، وقد يكون الدفع إلى الانحراف تحقيق مصلحة شخصية أو تحقيق دافع سياسي وهو تدخل ذوي النفوذ من رجال حزب الأغلبية وهو المتولي زمام الحكم في البلاد في إصداره. 
6 - المقرر قانونا أنه في ظروف الثورات تصدر حكومة الثورة إعلانا دستورية أو أكثر لتنظيم أمور البلاد ريثما يوضع دستور ينظم كافة سلطات الدولة والحقوق والحريات للمواطنين، ويتميز الإعلان الدستوري عن الدستور الدائم بأنه يصدر عن السلطة الحاكمة ولا يلزم الاستفتاء عليه من جانب الشعب ويتضمن مواد محددة تشمل المسائل الدستورية اللازمة لإدارة شئون البلاد دون التفصيلات التي تترك عادة للدساتير. 
7 - إذ كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تولى إدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية التي أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 قد أصدر إعلانا دستوريا في 13 من فبراير 2011 نص فيه على تعطيل دستور 1971 وحل مجلسي الشعب والشورى وتولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد، وبذلك فقد انعدمت المؤسسات السياسية التي كانت تدير الدولة وحل محلها المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالفعل الثوري وبقوة الأمر الواقع السياسي للبلاد في حالة الضرورة، حتى يتم إنشاء المؤسسات الجديدة للدولة، وقد أجرى استفتاء الشعب يوم 19 من مارس 2011 على أسلوب تكوين هذه المؤسسات التي تبنى عليها هيئات الدولة الديمقراطية الجديدة بدءا بمجلسي الشعب والشورى ثم رئاسة الجمهورية ووضع الدستور الجديد - من خلال تعديل لبعض مواد دستور 1971 - وفي ضوء ما أسفرت عنه نتيجة الاستفتاء من الموافقة على التعديلات الدستورية المطروحة فقد قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في بيانه الصادر بتاريخ 23 من مارس 2011 إصدار إعلان دستوري لتنظيم السلطات في المرحلة الانتقالية يتضمن أحكام المواد التي وافق عليها الشعب للعمل بمقتضاها ولحين الانتهاء من انتخاب السلطة التشريعية وانتخاب رئيس الجمهورية، فصدر الإعلان الدستوري في 30 من مارس 2011 ملتزما بالأحكام المستفتي عليها وبالنظام المؤقت لإدارة الدولة حتى يبدأ تشكيل مؤسساتها. 
8 - إذ تم انتخاب رئيس الجمهورية - الطاعن الأول بصفته - وتولي سدة حكم البلاد بتاريخ 30 من يونيو 2012 على سند من نصوص الإعلان الدستوري (الصادر في 30/ 3/ 2011) والذي حدد اختصاصاته على النحو المنصوص عليه في المادة 56 منه والتي ليس من بينها سلطة إصدار الإعلانات الدستورية، فإن الإعلانين الدستوريين الصادرين من الطاعن الأول بصفته بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 - سند القرار الجمهوري موضوع التداعي - يكونان صادرين ممن لا يملك ولاية إصدارهما بعد أن زالت الحالة الثورية وأصبح رئيس الجمهورية يباشر سلطة شرعية بحكم انتخابه رئيسا للبلاد بصلاحيات محددة لا تمكنه من إصدار تلك الإعلانات، فالسلطة التي تتكون وفقا للشرعية الدستورية لا يجوز لها أن تعمل خلافا لذلك حتى لا تتنكر الأساس وجودها، ذلك أن العودة للشرعية الثورية بعد اتباع الشرعية الدستورية يهدر أي خطوة جرت في سبيل بلوغ هدف الثورة الجوهري المتعلق بفرض سيادة القانون، مع ما يتصل بذلك من إطالة الفترة الانتقالية باضطراباتها وقلاقلها على كافة الأصعدة، ومن ثم، ولما تقدم، فإنه ينتفى عن القرارين الصادرين من رئيس الجمهورية - الطاعن الأول - بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 صفة الإعلانات الدستورية مما ينزلها من مصاف الأعمال السياسية التي تتأبى على الرقابة القضائية إلى ترك القرارات الإدارية الخاضعة للرقابة القضائية على أعمال الإدارة التي تقوم على سند من سيادة القانون وخضوع الدولة لأحكامه أعلاه لراية الشرعية. 
9 - إذ كان القراران الصادران من رئيس الجمهورية بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 قد جاءا معيبين بعيب إساءة استعمال السلطة عن قصد؛ إذ تنكب مصدرها وجه المصلحة العامة التي يجب أن يتغياها القرار الإداري وهو عيب يتصل بالهدف من إصدارها تحت مسمى صالح معين يغاير الصالح العام؛ بل بدافع من تدخل نوى النفوذ من رجال حزب الأكثرية الحاكم، فضلا عن أنه وإعمالا لحكم المادة 60 من الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30 من مارس 2011 فقد تكونت بتاريخ 12 من يونيه 2012 الجمعية التأسيسية والتي اضطلعت بدورها في إعداد مشروع الدستور الجديد للبلاد خلال ستة أشهر يطرح بعدها للاستفتاء الشعبي، ولما كانت السلطة التأسيسية التي تختص بوضع الوثيقة الدستورية تعلو على جميع سلطات الدولة؛ إذ هي نتاج عملها، باعتبار أنها السلطة المنشئة لغيرها من السلطات. فما كان للطاعن الأول بوصفه رئيس السلطة التنفيذية أن يجترئ على سلطة تلك الجمعية التأسيسية في 21 من نوفمبر 2012 ويصدر ما أطلق عليه "إعلانا دستوريا"، وما كان له أن يفعل وقد كانت تلك الجمعية قد شارفت على الانتهاء من إعداد مشروع الدستور، وبالفعل تقدمت به - بعد أيام معدودات - بتاريخ الأول من ديسمبر 2012 إلى الطاعن الأول الذي أصدر القرار رقم 297 لسنة 2012 بدعوة الناخبين للاستفتاء عليه يوم 15 من ديسمبر 2012، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى القضاء بعدم قبول دفع الطاعنين بعدم جواز نظر الدعوى وبجواز نظرها فإنه يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة ولا يعيبه من بعد خطؤه في بعض تقريراته القانونية أو قصوره فيها؛ إذ لمحكمة النقض أن تصحح تلك التقريرات وتستكملها دون أن تنقضه. 
10 - مفاد النص في المادة 236 من الدستور الحالي الصادر في ديسمبر 2012 والمعمول به منذ 25 من ديسمبر 2012 أن استمرار نفاذ ما ترتب على الإعلانات الدستورية الصادرة في الفترة (من 11/ 2/ 2011 وحتى تاريخ العمل بالدستور في 25/ 12/ 2012) من آثار إنما ينصرف إلى الإعلانات الدستورية الصحيحة الصادرة ممن يملك إصدارها، أما غيرها من قرارات إدارية - وإن وصفت بأنها إعلانات دستورية - فلا عاصم لها من البطلان متى كانت فاقدة لمقوماتها من الصحة، إذ ليس من شأن مادة الدستور المذكورة أن ترد قرارة معدومة إلى الحياة، ولا أن تسبغ الصحة على قرار ولد باطلا، ولا أن تغير من طبيعته فتلحقه بأعمال السيادة. 
11 - إذ كانت المحكمة قد انتهت إلى أن القرارين الصادرين من الطاعن الأول بصفته بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 ينتفي عنهما صفة الإعلان الدستوري لصدورهما ممن لا ولاية له في إصدارهما، فلا ينصرف إليهما نص المادة 236 من الدستور من حيث نفاذ آثارهما وإن وصفا بأنهما من الإعلانات الدستورية، ومن ثم تبقى مصلحة المطعون ضده قائمة في الدعوى، لما هو مقرر من أن إلغاء الجهة الإدارية لقرار مطعون فيه أمام قاضي المشروعية لا يترتب عليه انتهاء الخصومة إلا إذا كان ما قامت به الجهة الإدارية من إلغاء القرار هو في حقيقة تكييفه القانوني مجيبا لكامل طلب رافع دعوى الإلغاء، أي أن يكون الإلغاء في حقيقته القانونية سحبا للقرار، متى كان ذلك جائزا قانونيا، بأثر رجعي يرتد إلى تاريخ صدور القرار المطعون فيه؛ فبذلك وحده يتحقق كامل طلب رافع دعوى الإلغاء؛ إذ إن طلب الإلغاء إنما يستهدف إعدام القرار غير المشروع من تاريخ صدوره مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا الشق يضحي على غير أساس. 
12 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن قيام المصلحة في الطعن بالنقض أو عدم قيامها إنما يرجع فيه إلى وقت صدور الحكم المطعون فيه وما يلابس الدعوى إذ ذاك من ظروف ووقائع يثبتها الحكم وتكون تحت نظره وعليها يرتكز قضاؤه بحيث يقتصر بحث الطعن فيه في مختلف وجوهه القانونية على هذا النطاق. 
13 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم قبول الدفع بانتقاء مصلحة المطعون ضده الاستنفاد مدة ولايته بمقتضى نفاذ أحكام الدستور الجديد، على أن الدعوى المطروحة تتعلق بقرار صدر بتعيين آخر في منصب النائب العام بتاريخ 22 من نوفمبر 2012 قبل صدور الدستور الجديد وإبان فترة سريان القرار الصادر من الطاعن الأول بصفته بتاريخ 21 من نوفمبر 2012 المسمى "إعلانا دستوريا" مستندا إلى ما تضمنته المادة الثالثة منه بشأن طريقة تعيين النائب العام وشروط شغل المنصب ومدة ولايته، ولم يصدر القرار المطعون فيه في ظل سريان الدستور الجديد أو نفاذا لأحكامه؛ ومن ثم فقد توافرت للمطعون ضده المصلحة في طلباته محل الدعوى باعتباره شاغلا لمنصب النائب العام ومتمتعا بحصانته وقت صدور القرار الأول سند القرار محل المنازعة، مما ترتب عليه عزله من منصبه وتعيين آخر بدلا منه بموجب القرار الأخير، فإن انتهاء الحكم المطعون فيه إلى القضاء بعدم قبول الدفع بانتفاء مصلحة المطعون ضده في الدعوى يكون في محله. 
14 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تطبيق القانون على وجهه الصحيح بإيراد القواعد القانونية وكذا الإجرائية المتصلة بمسائل التقاضي المتعلقة بالنظام العام واجبة التطبيق على الواقع في الدعوى هو أمر يتعين على قاضي الموضوع إعماله من تلقاء نفسه دون طلب أو دفع أو دفاع عند عرض النزاع عليه ويوجب على محكمة النقض أن تعرض له وتزنه بميزان القانون وزن مناطه استظهار مدى انطباقه على الدعوى كمسألة قانونية صرفه. 
15 - إنه متى تعلقت دعوي أقامها أحد رجال القضاء أو النيابة العامة تظلما من قرار أو قرارات إدارية نهائية تتصل بشأن من شئونهم تعين التحقق من صحتها ومن صدورها من جهة أناط بها القانون إصدارها دون افتئات منها على اختصاص السلطتين التشريعية أو التنفيذية، فإذا صدر ذلك القرار من جهة غير منوط بها إصداره قانونا، فإنه يعد معيبا بعيب جسيم ينحدر به إلى العدم؛ ومن ثم يعد بمثابة عمل مادي لا يرتب أثرا ولا يكون محط لطلب إلغائه؛ إذ لا يقبل إعدام المعلوم، ومن ثم لا يعدو الحكم الصادر بشأن هذا العمل إلا أن يكون بتقرير انعدامه قانونا وما يترتب على ذلك من آثار فلا تلحقه إجازة أو حصانة ولا يزيل عيبه فوات مواعيد الطعن عليه. 
16 - إذ كانت المحكمة قد انتهت إلى أن القرارين الصادرين من الطاعن الأول بصفته بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 ينتفي عنهما وصف "الإعلان الدستوري" لصدورهما ممن لا ولاية له في إصدارهما وأنهما مجرد قرارين إداريين يخضعان للرقابة القضائية، وكان ما تضمنه القرار الأول في مادته الثالثة من تعديل لقانون السلطة القضائية يتعلق بتوقيت مدة ولاية النائب العام بجعلها أربع سنوات بعد أن كانت مطلقة، وبسريان هذا النص على من يشغل المنصب بأثر فوري، وكان هذا القرار فوق أنه مجرد من قوة القانون فإنه يمس حقوق منصب النائب العام وضماناته مما يتصل باستقلال القضاء وهو ما لا يجوز تنظيمه إلا بقانون صادر من السلطة التشريعية. 
17 - النص في المادتين 46، 47 من الإعلان الدستوري الصادر في 30 من مارس 2011، المعمول به في تاريخ صدور القرار رقم 386 لسنة 2012 موضوع التداعي يدل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - على أن عزل القضاة وأعضاء النيابة العامة من وظائفهم هو من الأمور التي لا يجوز تنظيمها بأداة تشريعية أدنى مرتبة من القانون، فإن القرار الصادر من الطاعن الأول بتاريخ 21 من نوفمبر 2012 فيما تضمنه من تحديد لمدة ولاية النائب العام بجعلها أربع سنوات وبسريان هذا النص على من يشغل المنصب بأثر فوري يكون غير قائم على أساس من الشرعية، ومشوبا بعيب جسيم يجعله عديم الأثر، ولا وجه للتحدي في هذا الصدد بأن الاختصاص في هذا الشأن ينعقد للمحكمة الدستورية العليا، ذلك أنه علاوة على عيب عدم المشروعية الذي شاب القرار سالف الذكر فإن مخالفته لأحكام الإعلان الدستوري الصادر في 30 من مارس 2011 إنما هي على سبيل التأكيد لا التأسيس، فمن ثم ووفقا لنص المادة 83 من قانون السلطة القضائية المعدلة بالقانون رقم 142 لسنة 2006 تختص الدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة دون غيرها بالفصل في طلب إلغاء القرارات الجمهورية متى كان مبنى الطلب مخالفة القوانين، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى أن القرار الصادر من الطاعن الأول بتاريخ 21 من نوفمبر 2012 مفتقر لسنده الدستوري أو القانوني في تعديل أحكام قانون السلطة القضائية ورتب على ذلك أنه لا يصلح أساسا لصدور القرار الجمهوري رقم 386 لسنة 2012 فيما تضمنه من عزل المطعون ضده من منصب النائب العام وتعيين آخر بدلا منه، فإنه يكون قد التزم صحيح حكم القانون مبرءا من قالة الخطأ في تطبيقه. 
---------------- 
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم... لسنة 129 ق استئناف القاهرة "رجال القضاء" على الطاعنين الثلاثة بصفاتهم بطلب الحكم بإلغاء قراري رئيس الجمهورية - الطاعن الأول بصفته - الصادر أولهما بتاريخ 21 من نوفمبر 2012 والمسمى "إعلانا دستوريا" وثانيهما بتاريخ 22 من نوفمبر 2012 برقم 386 لسنة 2012 بعزله وتعيين نائب عام جديد، والقضاء بإعادته - أي المطعون ضده - إلى منصبه. وقال بيانا لدعواه إنه بتاريخ 2 من يوليو 2006 تقلد منصب النائب العام طبقا لنص المادة 119 من قانون السلطة القضائية، وبتاريخ 21 من نوفمبر 2012 أصدر الطاعن الأول - رئيس الجمهورية بصفته - ما سمي "إعلانا دستوريا" جاء بمادته الثالثة أن تعيين النائب العام يكون لمدة أربع سنوات تبدأ من تاريخ شغل المنصب، وأن يسري هذا النص على شاغل المنصب الحالي بأثر فوري، وترتيبا على ذلك فقد أصدر الطاعن المذكور بتاريخ 22 من نوفمبر 2012 قرار رئيس الجمهورية رقم 386 لسنة 2012 بعزله وتعيين "المستشار/ ... نائبا عاما" لمدة أربع سنوات، وإذ كان القرار الأول هو عمل مادي ولا يعدو أن يكون قرارا إدارية منعدما جمع كل مظاهر عدم المشروعية، وانطوى على انحراف جسيم بالسلطة لصدوره من غير مختص بإصدار الإعلانات الدستورية، فجاءت المادة الثالثة منه منصبة على شخص محدد بذاته - هو المطعون ضده - مما يتنافى مع طبيعة القاعدة القانونية، كما نصت مادته الثانية على حظر الطعن على قرارات رئيس الجمهورية التي يصدرها استنادا إلى ما يسمى بالإعلان الدستوري، كما صدر القرار الثاني متضمنة عزله؛ الأمر المخالف لنصوص المواد 21، 46، 47 من الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30 من مارس 2011 والمادة 119 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 142 لسنة 2006 التي لم تضع حدا لمدة شغل منصبه، كما لا يجوز عزله من هذا المنصب إلا برغبته؛ ومن ثم فقد أقام الدعوي، وبتاريخ 26 من يناير 2013 بجلسة التحضير قدم نائب المطعون ضده مذكرة أورد فيها اسم "المستشار/ ..." كمدعى عليه رابع - غير المختصم في الطعن - وأضاف فيها إلى طلباته الأصلية، طلب الحكم بإلغاء القرار الجمهوري الصادر بتاريخ 8 من ديسمبر 2012 والمسمى "إعلانا دستوريا"، وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرارات الجمهورية الثلاثة، وبتاريخ 27 من مارس 2013 قضت المحكمة أولا: بعدم قبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى وبجواز نظرها. ثانيا: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء المحل والمصلحة وبقبولها. ثالثا: بإلغاء القرار الجمهوري رقم 386 لسنة 2012 الصادر بتعيين المدعى عليه الرابع بمنصب النائب العام واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار. رابعا: عدم قبول ما غاير ذلك من طلبات.
طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدم المطعون ضده مذكرة دفع فيها ببطلان الطعن لعدم اختصام أحد المحكوم عليهم - المستشار/ ... - وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة المشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها. 
------------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضده ببطلان الطعن، أن الطاعنين لم يختصموا في الطعن أحد المحكوم عليهم وهو "المستشار/ ..." المحكوم عليه في الشق المتعلق بإلغاء القرار الجمهوري رقم 386 لسنة 2012 الصادر بتعيينه نائبا عاما.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 83 من قانون السلطة القضائية المعدلة بالقانون رقم 142 لسنة 2006 أن الخصومة في الدعاوى التي تقدم طبقا لهذا النص إنما توجه إلى الجهة الإدارية في شخص من يمثلها قانونا باعتبارها صاحبة الصفة وحدها في الخصومة، لما هو مقرر من أن الأصل في الاختصام في دعوى إلغاء القرارات الإدارية أن توجه ضد الجهة الإدارية التي أصدرت القرار فهي أدرى الناس بمضمونه، وأعرفهم بالأسباب التي حدت إليه لما كان ذلك، وكان "المستشار/ ..." ليس خصما حقيقيا في الدعوى المطعون على حكمها، كما أنه من غير من أوجب القانون اختصامهم في مثل هذه الدعاوى؛ ومن ثم يضحي الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم قضي بعدم قبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى طعنة على الإعلانين الدستوريين الصادرين بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر سنة 2012 استنادا إلى أن الإعلانين الدستوريين محل المنازعة لم يتم استفتاء الشعب عليهما؛ ومن ثم لا يرقيان إلى مرتبة النصوص الدستورية، في حين أن رئيس الجمهورية هو الحكم بين السلطات، كما أن الدولة لا تزال في مرحلة بناء مؤسسات جديدة، والثورة لم تنته بعد، وباعتباره المسئول الأول عن مواجهة كل ما يعرقل مسيرة الثورة ويؤدي إلى الفوضى وانهيار الدولة سياسية واقتصادية أصدر من الإعلانات الدستورية ما يحقق مصالح الشعب والمحافظة على مؤسسات الدولة ومنع العدوان عليها، فلا ينال من شرعيتها أو اكتسابها القيمة الدستورية عدم الاستفتاء عليها، كما أن الإعلانات الدستورية لا محل لإسباغ الرقابة القضائية عليها لكونها من الأمور السياسية التي تتجاوز ولاية المحاكم، الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الطعن بالنقض لا تنتقل به الدعوى برمتها إلى محكمة النقض كما هو الشأن في الاستئناف، بل هو طعن لم يجزه القانون في الأحكام الانتهائية إلا في أحوال بينها بيان حصر، وهي ترجع كلها إلى مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه، أو في تأويله، أو إلى وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه، ولا تنظر محكمة النقض إلا في الأسباب التي ذكرها الطاعن في صحيفة الطعن مما يتعلق بهذه الوجوه من المسائل القانونية البحتة، ومن ثم فالأمر الذي يعرض على محكمة النقض ليس هو الخصومة التي كانت مرددة بين الطرفين أمام محكمة الموضوع، وإنما هو في الواقع مخاصمة الحكم النهائي الذي صدر فيها، وأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر عن السلطات العامة وما إذا كان يعد من أعمال السيادة، وحينئذ لا يكون لها أي اختصاص بالنظر فيه أو من أعمال الإدارة المعتادة فيخضع لرقابتها، ومحكمة الموضوع تخضع في تكييفها في هذا الخصوص لرقابة محكمة النقض، كما أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن القانون لم يعرف القرارات الإدارية ولم يبين الخصائص التي تميزها والتي يهتدي بها في القول بتوافر الشروط اللازمة لها ولحصانتها من تعرض السلطة القضائية لها بتعطيل أو تأويل، وينبني على ذلك أن للمحاكم العادية أن تعطي تلك القرارات وصفها القانوني على هدي من حكمة التشريع ومبدأ الفصل بين السلطات وحماية الأفراد وحقوقهم، وهي في سبيل ذلك تملك - بل من واجبها - التحقق من قيام القرار الإداري بمقوماته القانونية والتعرف على فحواه، فإن ظهر لها سلامة صدوره غير مشوب بما ينحدر به إلى درجة العدم كان عليها أن عمل تطبيقه وفقا لظاهر نصوصه وتنزل ما وصف له القانون من آثار على النزاع المطروح، ولا يعتبر ذلك منها تعرضا للقرار بالتأويل، أما إذا تبين لها أن القرار معيب بعيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها؛ وهو من العيوب القصدية في السلوك الإداري التي قوامها أن يكون لدى الإدارة قصد إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها بأن يشوب الغاية من إصدار القرار الإداري عيب بأن تنكبت الإدارة وجه المصلحة العامة التي يجب أن يتغياها القرار، أو أن تكون قد أصدرته بباعث لا يمت لتلك المصلحة؛ أي أن لدى جهة الإدارة قصد إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها، وهو عيب متصل بالهدف من إصدار القرار الذي يرمي إليه المشرع ومن أجله منح الإدارة سلطة إصداره، وهذا العيب يشوب القرار حتى لو كان يرمي إلى تحقيق صالح معين ولكنه يختلف عن الصالح العام المقصود أصلا، وقد يكون الدفع إلى الانحراف تحقيق مصلحة شخصية أو تحقيق دافع سياسي وهو تدخل ذوي النفوذ من رجال حزب الأغلبية وهو المتولي زمام الحكم في البلاد في إصداره، كما وأن من المقرر قانونا أنه في ظروف الثورات تصدر حكومة الثورة إعلانا دستوريا أو أكثر التنظيم أمور البلاد ريثما يوضع دستور ينظم كافة سلطات الدولة والحقوق والحريات للمواطنين، ويتميز الإعلان الدستوري عن الدستور الدائم بأنه يصدر عن السلطة الحاكمة ولا يلزم الاستفتاء عليه من جانب الشعب ويتضمن مواد محددة تشمل المسائل الدستورية اللازمة لإدارة شئون البلاد دون التفصيلات التي تترك عادة للدساتير. لما كان ذلك، وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تولى إدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية التي أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 قد أصدر إعلانا دستوريا في 13 من فبراير 2011 نص فيه على تعطيل دستور 1971 وحل مجلسي الشعب والشورى وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد، وبذلك فقد انعدمت المؤسسات السياسية التي كانت تدير الدولة وحل محلها المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالفعل الثوري وبقوة الأمر الواقع السياسي للبلاد في حالة الضرورة، حتى يتم إنشاء المؤسسات الجديدة للدولة، وقد أجرى استفتاء للشعب يوم 19 من مارس 2011 على أسلوب تكوين هذه المؤسسات التي تبنى عليها هيئات الدولة الديمقراطية الجديدة بدءا بمجلسي الشعب والشورى ثم رئاسة الجمهورية ووضع الدستور الجديد - من خلال تعديل لبعض مواد دستور 1971 - وفي ضوء ما أسفرت عنه نتيجة الاستفتاء من الموافقة على التعديلات الدستورية المطروحة فقد قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في بيانه الصادر بتاريخ 23 من مارس 2011 إصدار إعلان دستوري لتنظيم السلطات في المرحلة الانتقالية يتضمن أحكام المواد التي وافق عليها الشعب للعمل بمقتضاها ولحين الانتهاء من انتخاب السلطة التشريعية وانتخاب رئيس الجمهورية، فصدر الإعلان الدستوري في 30 من مارس 2011 ملتزما بالأحكام المستفتي عليها وبالنظام المؤقت لإدارة الدولة حتى يبدأ تشكيل مؤسساتها، وإذ تم انتخاب رئيس الجمهورية - الطاعن الأول بصفته - وتولى شدة حكم البلاد بتاريخ 30 من يونيو 2012 على سند من نصوص الإعلان الدستوري سالف الذكر والذي حدد اختصاصاته على النحو المنصوص عليه في المادة 56 منه والتي ليس من بينها سلطة إصدار الإعلانات الدستورية، فإن الإعلانين الدستوريين الصادرين من الطاعن الأول بصفته بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 - سند القرار الجمهوري موضوع التداعي - يكونان صادرين ممن لا يملك ولاية إصدارهما بعد أن زالت الحالة الثورية وأصبح رئيس الجمهورية يباشر سلطة شرعية بحكم انتخابه رئيسا للبلاد بصلاحيات محددة لا تمكنه من إصدار تلك الإعلانات، فالسلطة التي تتكون وفقا للشرعية الدستورية لا يجوز لها أن تعمل خلافا لذلك حتى لا تتنكر لأساس وجودها، ذلك أن العودة للشرعية الثورية بعد اتباع الشرعية الدستورية يهدر أي خطوة جرت في سبيل بلوغ هدف الثورة الجوهري المتعلق بفرض سيادة القانون ، مع ما يتصل بذلك من إطالة الفترة الانتقالية باضطراباتها وقلاقلها على كافة الأصعدة، ومن ثم، ولما تقدم، فإنه ينتفي عن القرارين الصادرين من رئيس الجمهورية - الطاعن الأول - بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 صفة الإعلانات الدستورية مما ينزلها من مصاف الأعمال السياسية التي تتأبى على الرقابة القضائية إلى درك القرارات الإدارية الخاضعة للرقابة القضائية على أعمال الإدارة التي تقوم على سند من سيادة القانون وخضوع الدولة لأحكامه إعلاء لراية الشرعية، وقد جاءت هذه القرارات معيبة بعيب إساءة استعمال السلطة عن قصد؛ إذ تنكب مصدرها وجه المصلحة العامة التي يجب أن يتغياها القرار الإداري وهو عيب يتصل بالهدف من إصدارها تحت مسمى صالح معين يغاير الصالح العام؛ بل بدافع من تدخل نوى النفوذ من رجال حزب الأكثرية الحاكم.
هذا فضلا عن أنه وإعمالا لحكم المادة 60 من الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 30 من مارس 2011 فقد تكونت بتاريخ 12 من يونيه 2012 الجمعية التأسيسية والتي اضطلعت بدورها في إعداد مشروع الدستور الجديد للبلاد خلال ستة أشهر يطرح بعدها للاستفتاء الشعبي، ولما كانت السلطة التأسيسية التي تختص بوضع الوثيقة الدستورية تعلو على جميع سلطات الدولة؛ إذ هي نتاج عملها، باعتبار أنها السلطة المنشئة لغيرها من السلطات. فما كان للطاعن الأول بوصفه رئيس السلطة التنفيذية أن يجترئ على سلطة تلك الجمعية التأسيسية في 21 من نوفمبر 2012 ويصدر ما أطلق عليه "إعلانا دستوريا"، وما كان له أن يفعل وقد كانت تلك الجمعية قد شارفت على الانتهاء من إعداد مشروع الدستور، وبالفعل تقدمت به - بعد أيام معدودات - بتاريخ الأول من ديسمبر 2012 إلى الطاعن الأول الذي أصدر القرار رقم 297 لسنة 2012 بدعوة الناخبين للاستفتاء عليه يوم 15 من ديسمبر 2012، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى القضاء بعدم قبول دفع الطاعنين بعدم جواز نظر الدعوى وبجواز نظرها فإنه يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة ولا يعيبه من بعد خطؤه في بعض تقريراته القانونية أو قصوره فيها؛ إذ لمحكمة النقض أن تصحح تلك التقريرات وتستكملها دون أن تنقضه، ويضحي النهي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم قضى بعدم قبول الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة استنادا إلى فكرة المبادئ فوق الدستورية، وهي فكرة عامة واسعة فضفاضة لا يمكن الوقوف على مدلولها وهي مبادئ تتغاير من دولة إلى أخرى، مهدرة بذلك نص المادة 236 من الدستور الجديد التي أبقت على آثار الإعلانات الدستورية الصادرة منذ الثورة في 25 من يناير 2011 وحتى تاريخ العمل بالدستور الجديد، كما أن هذا القضاء يتصادم مع نص المادتين 173 و327 من الدستور الحالي مما ينتفي معه مصلحة المطعون ضده في إقامة الدعوى، الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود، ذلك أن النص في المادة 236 من الدستور الحالي الصادر في ديسمبر 2012 والمعمول به منذ 25 من ديسمبر 2012 على أن "تلغى جميع الإعلانات الدستورية الصادرة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الجمهورية منذ الحادي عشر من فبراير سنة 2011 وحتى تاريخ العمل بالدستور، ويبقي نافذا ما ترتب عليها من آثار في الفترة السابقة "مؤداه أن استمرار نفاذ ما ترتب على الإعلانات الدستورية الصادرة في الفترة سالفة الذكر من أثار إنما ينصرف إلى الإعلانات الدستورية الصحيحة الصادرة ممن يملك إصدارها، أما غيرها من قرارات إدارية - وإن وصفت بأنها إعلانات دستورية - فلا عاصم لها من البطلان متى كانت فاقدة لمقوماتها من الصحة، إذ ليس من شأن مادة الدستور المذكورة أن ترد قرارة معدومة إلى الحياة، ولا أن تسبغ الصحة على قرار ولد باطلا، ولا أن تغير من طبيعته فتلحقه بأعمال السيادة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت وعلى نحو ما ورد بالرد على السبب الأول من أسباب هذا الطعن إلى أن القرارين الصادرين من الطاعن الأول بصفته بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 ينتفي عنهما صفة الإعلان الدستوري لصدورهما ممن لا ولاية له في إصدارهما، فلا ينصرف إليهما نص المادة 236 من الدستور من حيث نفاذ آثارهما وإن وصفا بأنهما من الإعلانات الدستورية، ومن ثم تبقى مصلحة المطعون ضده قائمة في الدعوى، لما هو مقرر من أن إلغاء الجهة الإدارية لقرار مطعون فيه أمام قاضي المشروعية لا يترتب عليه انتهاء الخصومة إلا إذا كان ما قامت به الجهة الإدارية من إلغاء القرار هو في حقيقة تكييفه القانوني مجيبة لكامل طلب رافع دعوي الإلغاء، أي أن يكون الإلغاء في حقيقته القانونية سحبا للقرار، متى كان ذلك جائزا قانونيا، بأثر رجعي يرتد إلى تاريخ صدور القرار المطعون فيه؛ فبذلك وحده يتحقق كامل طلب رافع دعوى الإلغاء؛ إذ إن طلب الإلغاء إنما يستهدف إعدام القرار غير المشروع من تاريخ صدوره مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا الشق يضحى على غير أساس.
وحيث إن النعي في شقه الثاني في غير محله، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن قيام المصلحة في الطعن بالنقض أو عدم قيامها إنما يرجع فيه إلى وقت صدور الحكم المطعون فيه وما يلابس الدعوى إذ ذاك من ظروف ووقائع يثبتها الحكم وتكون تحت نظره وعليها يرتكز قضاؤه بحيث يقتصر بحث الطعن فيه في مختلف وجوهه القانونية على هذا النطاق. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم قبول الدفع بانتفاء مصلحة المطعون ضده الاستنفاد مدة ولايته بمقتضى نفاذ أحكام الدستور الجديد، على أن الدعوى المطروحة تتعلق بقرار صدر بتعيين آخر في منصب النائب العام بتاريخ 22 من نوفمبر 2012 قبل صدور الدستور الجديد وإبان فترة سريان القرار الصادر من الطاعن الأول بصفته بتاريخ 21 من نوفمبر 2012 المسمى "إعلانا دستوريا" مستندا إلى ما تضمنته المادة الثالثة منه بشأن طريقة تعيين النائب العام وشروط شغل المنصب ومدة ولايته، ولم يصدر القرار المطعون فيه في ظل سريان الدستور الجديد أو نفاذة لأحكامه؛ ومن ثم فقد توافرت للمطعون ضده المصلحة في طلباته محل الدعوى باعتباره شاغلا لمنصب النائب العام ومتمتعة بحصانته وقت صدور القرار الأول سند القرار محل المنازعة، مما ترتب عليه عزله من منصبه وتعيين أخر بدلا منه بموجب القرار الأخير، فإن انتهاء الحكم المطعون فيه إلى القضاء بعدم قبول الدفع بانتفاء مصلحة المطعون ضده في الدعوى يكون في محله، ويضحي النعي عليه بالشق الثاني من هذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون إن ولاية محكمة الاستئناف الخاصة بدعاوي رجال القضاء تتصب في جوهرها على الفصل في الدعاوى التي يرفعها رجال القضاء والنيابة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم، فيمتنع عليها التعرض للإعلانات الدستورية وتكييفها ولو كانت قد صدرت من رئيس الجمهورية ممثلا للسلطة التنفيذية، وتتعقد الولاية في ذلك - بفرض أن عوارا طالها - للمحكمة الدستورية العليا، إلا أن الحكم المطعون فيه قد خرج عن حدود ولايته في التصدي وبسط رقابته على الإعلان الدستوري الذي استند إليه القرار الجمهوري رقم 386 لسنة 2012 محل النزاع، هذا إلى أن الحكم ذهب إلى أن استقلال القضاء من المبادئ الأساسية التي يستقيم في ظلها مبدأ الفصل بين السلطات؛ ومن الأركان الأساسية لهذا المبدأ استقلال القضاء بميزانيته واستقلال القضاة في عملهم بعدم قابليتهم للعزل وفقا لنص المادتين 67 و119/ 2 من قانون السلطة القضائية، في حين أن مفهوم العزل في أولاهما يعني المباعدة بين رجال القضاء أو عضو النيابة وبين الوظيفة القضائية عموما بانفصاله عنها تماما وفصم عراها؛ وهو ما لا يتوافر في شأن نقل النائب العام المطعون ضده من منصبه هذا وعودته إلى منصة القضاء، كما لا يدخل في مفهوم العزل المحظور التنقل الدائم بين القضاء والنيابة العامة والذي يتم بشكل دوري ودائم منذ بداية السلع القضائي وليس هناك ما يحول دون إجرائه في منصب النائب العام، الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تطبيق القانون على وجهه الصحيح بإيراد القواعد القانونية وكذا الإجرائية المتصلة بمسائل التقاضي المتعلقة بالنظام العام واجبة التطبيق على الواقع في الدعوى هو أمر يتعين على قاضي الموضوع إعماله من تلقاء نفسه دون طلب أو دفع أو دفاع عند عرض النزاع عليه ويوجبه على محكمة النقض أن تعرض له وتزبه بميزان القانون وزنا مناطه استظهار مدى انطباقه على الدعوى كمسألة قانونية صرفة، وأنه متي تعلقت دعوي أقامها أحد رجال القضاء أو النيابة العامة تظلم من قرار أو قرارات إدارية نهائية تتصل بشأن من شئونهم تعين التحقق من صحتها ومن صدورها من جهة أناط بها القانون إصدارها دون افتئات منها على اختصاص السلطتين التشريعية أو التنفيذية، فإذا صدر ذلك القرار من جهة غير منوط بها إصداره قانونا فإنه يعد معيبا بعيب جسيم ينحدر به إلى العدم؛ ومن ثم يعد بمثابة عمل مادي لا يرتب أثرا ولا يكون محلا لطلب إلغائه، إذ لا يقبل إعدام المعدوم، ومن ثم لا يعدو الحكم الصادر بشان هذا العمل إلا أن يكون بتقرير انعدامه قانون وما يترتب على ذلك من آثار فلا تلحقه إجازة أو حصانة ولا يزيل عيبه فوات مواعيد الطعن عليه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت - وعلى نحو ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول - إلى أن القرارين الصادرين من الطاعن الأول بصفته بتاريخي 21 من نوفمبر و8 من ديسمبر 2012 ينتفي عنهما وصف "الإعلان الدستوري" لصدورهما ممن لا ولاية له في إصدارهما وأنهما مجرد قرارين إداريين يخضعان للرقابة القضائية، وكان ما تضمنه القرار الأول في مادته الثالثة من تعديل لقانون السلطة القضائية يتعلق بتوقيت مدة ولاية النائب العام يجعلها أربع سنوات بعد أن كانت مطلقة، وبسريان هذا النص على من يشغل المنصب بأثر فوري، وكان هذا القرار فوق أنه مجرد من قوة القانون فإنه يمس حقوق منصب النائب العام وضماناته مما يتصل باستقلال القضاء وهو ما لا يجوز تنظيمه إلا بقانون صادر من السلطة التشريعية؛ ذلك أن النص في المادة 46 من الإعلان الدستوري الصادر في 30 من مارس 2011، المعمول به في تاريخ صدور القرار رقم 386 لسنة 2012 موضوع التداعي، على أن "السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفق القانون"، وفي المادة 47 منه على أن "القضاة مستقلون وغير قابلين للعزل وينظم القانون مساءلتهم تأديبية، ولا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأي سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة "يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن عزل القضاة وأعضاء النيابة العامة من وظائفهم هو من الأمور التي لا يجوز تنظيمها بأداة تشريعية أدني مرتبة من القانون، فإن القرار الصادر من الطاعن الأول بتاريخ 21 من نوفمبر 2012 فيما تضمنه من تحديد لمدة ولاية النائب العام بجعلها أربع سنوات وبسريان هذا النص على من يشغل المنصب بأثر فوري يكون غير قائم على أساس من الشرعية، ومشوية بعيب جسيم يجعله عديم الأثر، ولا وجه للتحدي في هذا الصدد بأن الاختصاص في هذا الشأن ينعقد للمحكمة الدستورية العليا، ذلك أنه علاوة على عيب عدم المشروعية الذي شاب القرار سالف الذكر فإن مخالفته لأحكام الإعلان الدستوري الصادر في 30 من مارس 2011 إنما هي على سبيل التأكيد لا التأسيس، فمن ثم ووفقا لنص المادة 83 من قانون السلطة القضائية المعدلة بالقانون رقم 142 لسنة 2006 تختص الدوائر المدنية بمحكمة استئناف القاهرة دون غيرها بالفصل في طلب إلغاء القرارات الجمهورية متى كان مبني الطلب مخالفة القوانين، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى أن القرار الصادر من الطاعن الأول بتاريخ 21 من نوفمبر 2012 مفتقر لسنده الدستوري أو القانوني في تعديل أحكام قانون السلطة القضائية ورتب على ذلك أنه لا يصلح أساسا لصدور القرار الجمهوري رقم 386 لسنة 2012 فيما تضمنه من عزل المطعون ضده من منصب النائب العام وتعيين أخر بدلا منه، فإنه يكون قد التزم صحيح حكم القانون مبرءا من قالة الخطأ في تطبيقه، ويضحي النعي عليه بهذين السببين على غير أساس. 

الطعن 397 لسنة 83 ق جلسة 2 / 7 / 2013 مكتب فني 64 رجال قضاء ق 8 ص 52

جلسة 2 من يوليو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ عزت عبد الجواد عمران "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ أحمد الحسيني، محمد بدر عزت طارق عبد العظيم وعثمان مكرم "نواب رئيس المحكمة" 
----------- 
(8)
الطعن 397 لسنة 83 القضائية "رجال قضاء"
(1) إجراءات الطلب "الصفة في خصومة الطلب".
وزير العدل. هو الممثل لوزارته وما يتبعها من مصالح وإدارات فيما ترفعه أو يرفع عليها من دعاوى وطعون. إعطاء الصفة لرئيس مجلس القضاء الأعلى ووزير المالية في أية خصومة تتصل بالموازنة المالية المستقلة لرجال القضاء والنيابة العامة بموجب ق 142 لسنة 2006 بإضافة م 77 مكرر (5) لقانون السلطة القضائية. عدم إسناد القانون صفة النيابة لهما عن وزير العدل. مؤداه. عدم انحسار الصفة عنه. 
(2) مستحقات مالية "المساواة المالية بين أعضاء المحكمة الدستورية ورجال القضاء والنيابة".
القواعد المنظمة للمخصصات المالية والمعاشات لوظائف القضاء والنيابة العامة. أصل يجري حكمه على الوظائف المقابلة لها في الهيئات القضائية الأخرى ومنها المحكمة الدستورية العليا. التفسير التشريعي للمحكمة الدستورية العليا الوارد بالقرار رقم 3 لسنة 8ق دستورية بتاريخ 3/ 3/ 1990، م 20 من ق المحكمة الدستورية العليا 48 لسنة 1979. مؤداه. وجوب المساواة في الحقوق والمزايا بين أعضاء السلطة القضائية وأقرانهم من أعضاء المحكمة الدستورية العليا. إقرار المحكمة الدستورية العليا لهذا المبدأ رغم أن نص المادتين 12، 18 من قانونها كانا قائمين آنذاك. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. 
------------------ 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن وزير العدل هو الذي يمثل وزارته فيما ترفعه أو يرفع عليها من دعاوى أو طعون، وأنه وإن كانت المادة 77 مكرر (5) المضافة لقانون السلطة القضائية بالقانون 142 لسنة 2006 قد رتبت صفة لرئيس مجلس القضاء الأعلى ولوزير المالية في أية خصومة تتصل بالموازنة المالية المستقلة لرجال القضاء والنيابة العامة، إلا أن ذلك لا يترتب عليه انحسار الصفة عن وزير العدل بصفته في الدعوي إذ لم يسند القانون لرئيس مجلس القضاء الأعلى أو لوزير المالية صفة النيابة عن وزير العدل في تمثيل وزارته، ويضحي النعي بهذا الوجه على غير أساس. 
2- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن قرار المحكمة الدستورية في طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 ق دستوريه بتاريخ 3/ 3/ 1990 أن المشرع الرد في تنظيم المعاملة المالية لأعضاء الهيئات القضائية كافة على منهج مؤداه التسوية تماما بين شاغلي وظائف القضاء والنيابة العامة في قانون السلطة القضائية وبين الوظائف المقابلة لها في الهيئات القضائية الأخرى - ومنها المحكمة الدستورية العليا - سواء في المخصصات المالية المقررة لها من مرتبات وبدلات وغيرها أو في المعاشات حتى غدا مبدأ المساواة بينهم في هذا الخصوص أصلا ثابتة ينظم المعاملة المالية بكافة جوانبها يؤكد ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 20 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 من أنه "فيما عدا ما نص عليه في هذا الفصل تسري في شأن أعضاء المحكمة جميع الضمانات والمزايا والحقوق والواجبات المقررة بالنسبة إلى مستشاري محكمة النقض وفقا لقانون السلطة القضائية" مما مفاده التسوية في الحقوق والمزايا بين أعضاء المحكمة الدستورية العليا وبين أقرانهم من أعضاء محكمة النقض الذين يشغلون وظائف متماثلة في مربوطها المادي، واتخذ المشرع القواعد المنظمة للمخصصات المقررة لوظائف القضاء والنيابة العامة أصلا يجري حكمه على المخصصات المستحقة لشاغلي الوظائف المقابلة بالمحكمة الدستورية العليا والهيئات القضائية الأخرى ومن ثم يتعين مساواة أعضاء السلطة القضائية بأقرانهم من أعضاء المحكمة الدستورية العليا، وكان ما جاء بنص المادتين 12، 18 من قانون المحكمة الدستورية العليا كان قائمة أمام المحكمة الدستورية العليا حينما أقرت مبدأ المساواة بين جميع الهيئات القضائية في التفسير التشريعي الذي أوردته بالقرار رقم 3 لسنة 8 ق دستورية بتاريخ 3/ 3/ 1990 الذي غدا ملزما لجميع الأفراد والجهات كقانون مستقر ملزم لها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بما ورد بوجه الطعن يضحي على غير أساس. 
--------------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم... لسنة 129 ق استئناف القاهرة "دعاوى رجال القضاء" على الطاعنين بصفاتهم بطلب الحكم بأحقيته في الحصول على كافة المخصصات المالية المقررة لأعضاء المحكمة الدستورية العليا ورئيس هيئة المفوضين بها وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية عن السنوات الخمس السابقة على رفع الدعوى فضلا عما يستجد حتى تاريخ الحكم وقال بيانا لذلك إن المشرع انتهج في تنظيم المعاملة المالية لأعضاء الهيئات القضائية كافة منهجا يسوي تمام بينهم فيما يحصلون عليه من مرتبات بجميع عناصرها وفي المعاشات وإذ نصت المادة 20/ 2 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 على أنه "... تسري في شأن أعضاء المحكمة جميع الضمانات والمزايا والحقوق والواجبات المقررة بالنسبة إلى مستشاري محكمة النقض وفقا لقانون السلطة القضائية" مما مفاده التسوية في المزايا والحقوق بين أعضاء المحكمة الدستورية العليا وبين أقرانهم من أعضاء محكمة النقض وهم نوابها الذين يشغلون وظائف متماثله في مربوطها المالي، كذلك أوردت قوانين مجلس الدولة، والنيابة الإدارية، وهيئة قضايا الدولة نصوصا واضحة الدلالة على قصد الشارع فيما يستهدفه من إقرار المساواة في المعاملة المالية بين أعضاء هذه الهيئات وبين أقرانهم من شاغلي الوظائف المقابلة في القضاء والنيابة العامة سواء في المخصصات المالية المقررة لتلك الوظائف من مرتبات، وبدلات ومزايا أخرى، أو المعاشات، ولما كان المطعون ضده يشغل وظيفة نائب رئيس محكمة النقض ويعادلها وظيفة عضو بالمحكمة الدستورية العليا ووظيفة رئيس هيئة المفوضين بها، وبالتالي فهو يستحق كافة المخصصات المالية المقررة لهذه الوظيفة من باب أولى، ومن ثم فقد أقام الدعوى، وبجلسة 27/ 2/ 2013 قضت محكمة الاستئناف بأحقية المطعون ضده في الحصول على كافة المخصصات المالية المقررة لأعضاء المحكمة الدستورية العليا ورئيس هيئة المفوضين بها وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية عن السنوات الخمس السابقة على رفع الدعوى فضلا عما يستجد حتى تاريخ الحكم، طعن الطاعنون على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها. 
---------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، و بعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه من وجهين وفي بيان الوجه الأول يقول الطاعن الأول بصفته إن مجلس القضاء الأعلى أصبح بعد إضافة المادة 77 مكرر (5) إلى قانون السلطة القضائية بالقانون 142 لسنة 2006 المختص بكل ما يتعلق بتنفيذ الموازنة المستقلة للقضاء والنيابة العامة بما تنتفي معه صفة الطاعن الأول في الخصومة وإذ لم يراع الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبة بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن وزير العدل هو الذي يمثل وزارته فيما ترفعه أو يرفع عليها من دعاوى أو طعون، وأنه وإن كانت المادة 77 مكرر (5) المضافة لقانون السلطة القضائية بالقانون 142 لسنة 2006 قد رتبت صفة لرئيس مجلس القضاء الأعلى ولوزير المالية في أية خصومة تتصل بالموازنة المالية المستقلة لرجال القضاء والنيابة العامة، إلا أن ذلك لا يترتب عليه انحسار الصفة عن وزير العدل بصفته في الدعوي إذ لم يسند القانون لرئيس مجلس القضاء الأعلى أو لوزير المالية صفة النيابة عن وزير العدل في تمثيل وزارته، ويضحى النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفي بيان ذلك يقولون إنه قضى بأحقية المطعون ضده في صرف المخصصات المالية التي تصرف لأقرانه أعضاء المحكمة الدستورية العليا مستندة إلى ما قررته المحكمة الدستورية العليا في طلب التفسير رقم 3 لسنة 8ق دستوريه بتاريخ 3/ 3/ 1990 من وجوب المساواة بين سائر أعضاء الهيئات القضائية في جميع الحقوق والمزايا، في حين أن المشرع ميز أعضاء المحكمة الدستورية في المستحقات المالية عن أقرانهم في باقي الهيئات القضائية الأخرى فاختصهم بالنص على أن يصطحب العضو مستحقاته التي كان يتقاضاها قبل تعيينه بالمحكمة، كما اختصهم بإنشاء صندوق خدمات صحية واجتماعية لا يشاركهم فيه غيرهم من أعضاء الهيئات القضائية وتلك مميزات لم يتطرق إليها. قرار التفسير المشار إليه، الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي بهذا الوجه مربود بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن قرار المحكمة الدستورية في طلب التفسير رقم 3 لسنة 8ق دستورية بتاريخ 3/ 3/ 1990 أن المشرع اطرد في تنظيم المعاملة المالية لأعضاء الهيئات القضائية كافة على منهج مؤداه التسوية تماما بين شاغلي وظائف القضاء والنيابة العامة في قانون السلطة القضائية وبين الوظائف المقابلة لها في الهيئات القضائية الأخرى - ومنها المحكمة الدستورية العليا - سواء في المخصصات المالية المقررة لها من مرتبات وبدلات وغيرها أو في المعاشات حتى غدا مبدأ المساواة بينهم في هذا الخصوص أصلا ثابتة ينظم المعاملة المالية بكافة جوانبها يؤكد ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 20 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 من أنه "فيما عدا ما نص عليه في هذا الفصل تسري في شأن أعضاء المحكمة جميع الضمانات والمزايا والحقوق والواجبات المقررة بالنسبة إلى مستشاري محكمة النقض وفقا لقانون السلطة القضائية" مما مفاده التسوية في الحقوق والمزايا بين أعضاء المحكمة الدستورية العليا وبين أقرانهم من أعضاء محكمة النقض الذين يشغلون وظائف متماثلة في مربوطها المادي، واتخذ المشرع القواعد المنظمة للمخصصات المقررة لوظائف القضاء والنيابة العامة أصلا يجري حكمه على المخصصات المستحقة لشاغلي الوظائف المقابلة بالمحكمة الدستورية العليا والهيئات القضائية الأخرى ومن ثم يتعين مساواة أعضاء السلطة القضائية بأقرانهم من أعضاء المحكمة الدستورية العليا، وكان ما جاء بنص المادتين 12، 18 من قانون المحكمة الدستورية العليا كان قائما أمام المحكمة الدستورية العليا حينما أقرت مبدأ المساواة بين جميع الهيئات القضائية في التفسير التشريعي الذي أوردته بالقرار رقم 3 لسنة 8 ق دستورية بتاريخ 3/ 3/ 1990 الذي غدا ملزما لجميع الأفراد والجهات كقانون مستقر ملزم لها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بما ورد بوجه الطعن يضحى على غير أساس مستوجبا رفضه.

الخميس، 12 نوفمبر 2020

الطعن 331 لسنة 82 ق جلسة 2 / 7 / 2013 مكتب فني 64 رجال قضاء ق 7 ص 47

جلسة 2 من يوليو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ عزت عبد الجواد عمران "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ أحمد الحسيني، محمد بدر عزت طارق عبد العظيم وعثمان مكرم "نواب رئيس المحكمة" 
------------------ 
(7)
الطعن 331 لسنة 82 القضائية " رجال قضاء"
(1) الصفة في خصومة الطلب 
رئيس الجمهورية ووزير العدل . صاحبا الصفة في خصومة الطلب . اختصام من عداهما . غير مقبول . 
(2 - 4) أقدمية " تحديد الأقدمية " . تعيين " تعيين أعضاء الهيئات القضائية الأخرى بالقضاء والنيابة العامة " . حكم . 
(2) تحديد أقدمية أعضاء مجلس الدولة وإدارة قضايا الحكومة والنيابة الإدارية عند تعيينهم في وظائف القضاء أو النيابة . العبرة فيها بتاريخ التعيين . م٥١ / ١ من ق السلطة القضائية . إجازة م ٤٢ من هذا القانون تعيينهم بالدرجات التي تلي مباشرة درجات وظائفهم في جهاتهم الأصلية . لا شأن له بتحديد أقدمية من يُعين منهم في وظائف القضاء المماثلة لدرجاتهم . 
(3) تعيين الطاعنة في وظيفة رئيس محكمة من الفئة (ب) وهى الدرجة المماثلة للدرجة التي كانت تشغلها بالنيابة الإدارية . العبرة في تحديد أقدميتها . بتاريخ تعيينها بالقضاء . عدم الاعتداد بتاريخ تعيينها بالدرجات الأخرى في جهة عملها الأصلية . رفض الحكم المطعون فيه طلبها بأن تسبق أقدميتها من تم ترقيته لهذه الدرجة من القضاة في نفس سنة تعيينها بها بجهة عملها الأصلية . صحيح . علة ذلك . استقرار المركز القانوني وحماية حقوق من شغل الدرجة سابقاً بالقضاء على من تم تعيينه عليها من النيابة الإدارية وغيرها من الهيئات القضائية . 
(4) عدم إدراج وزارة العدل الطاعنة بين المرقين للدرجة الأعلى وصدور القرار الجمهوري المطعون عليه لا يشملها لعدم توافر عناصر ومقومات استحقاقها للترقية التي سنتها الوزارة وهي عدم عملها بالقضاء المدة اللازمة لخضوعها للتفتيش الفني على أعمالها . التزام الإدارة صحيح القانون . ركون الحكم المطعون فيه إلى ذلك لرفض طلباتها . النعي عليه بالتناقض ومخالفة القانون . على غير أساس. 
------------ 
1 - رئيس الجمهورية ووزير العدل هما صاحبا الصفة في خصومة الطلب ولا شأن لغيرهما به ومن ثم يكون اختصام من عداهما غير مقبول . 
2 - مؤدى المادة ٥١ / ١ من قانون السلطة القضائية رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض أن تحديد أقدمية هؤلاء الأعضاء (أعضاء مجلس الدولة وإدارة قضايا الحكومة والنيابة الإدارية) عند تعيينهم في وظائف القضاء المماثلة لدرجاتهم هو بتاريخ تعيينهم في هذه الدرجات ، ومن ثم فلا يُعتد بتاريخ تعيينهم في الدرجات الأدنى ولا محل للتحدي بنص المادة ٤٢ من هذا القانون والذى يُجيز تعيين أعضاء مجلس الدولة وإدارة قضايا الحكومة والنيابة الإدارية في وظائف القضاء أو النيابة التي تلي مباشرة درجات وظائفهم في جهاتهم الأصلية ، إذ لا شأن لهذا النص بتحديد أقدمية من يُعين منهم في وظائف القضاء المماثلة لدرجاتهم . 
3 - إذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعنة عُينت في وظيفة رئيس محكمة من الفئة (ب) بعد أن كانت تشغل وظيفة رئيس نيابة إدارية من الفئة (ب) وكانت العبرة في تحديد أقدميتها هو بتاريخ تعيينها في القضاء دون اعتداد بتاريخ تعيينها بالدرجات الأخرى في جهة عملها الأصلية وكان ذلك يتفق وما استهدفته قواعد العدالة وأرسته المبادئ الدستورية حماية للحقوق المكتسبة لمن سبق وحصل على الدرجة القضائية في تاريخ سابق على تعيين أعضاء النيابة الإدارية وغيرها من الهيئات القضائية في القضاء وهو ما يوجب حماية الحقوق التي سبق واستقرت لشاغل الدرجة سابقاً على من تم تعيينه صوناً واستقراراً للمراكز القانونية ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض طلبات الطاعنة الأصلية ( بأن تنسيق أقدميتها من تم ترقيته رئيس محكمة فئه (ب ) من القضاة في نفس سنة تعيينها بها بجهة عملها الأصلية ) فإنه يكون طبق القانون على وجهه الصحيح . 
4 - المقرر أن ما تسنه وزارة العدل في هذا الشأن هو من القواعد والضوابط المنظمة التي تُجيزها الأصول العامة إذ تهدف إلى التحقق من الصلاحية فيمن يُرقى من القضاة إلى وظيفة أعلى وفقاً لما يبين من واقع أعمالهم وتقارير التفتيش المقدمة عنهم خلال مدة عملهم السابقة بالقضاء ، وإذ لم تُدرج وزارة العدل الطاعنة بين المرقين للدرجة الأعلى وصدر القرار الجمهوري المطعون فيه غير شاملاً إياها لعدم توافر عناصر ومقومات استحقاقها للترقية بسبب عدم عملها بالقضاء المدة اللازمة لخضوعها للتفتيش الفني على أعمالها طبقاً للقواعد الحاكمة في قرار تعيينها بالقضاء والمنظمة لحالتها وكل أقرانها المتساوين معها في المركز القانوني تكون جهة الإدارة قد التزمت صحيح القانون ، وإذ ركن الحكم المطعون فيه إلى ما تقدم ورفض طلباتها فإن النعي عليه بالتناقض ومخالفة القانون يكون على غير أساس . 
------------------ 
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم... لسنة 124 ق استئناف القاهرة "دائرة رجال القضاء على المطعون ضدهم بصفاتهم بطلب الحكم أصليا: بإلغاء القرار الجمهوري رقم.... لسنة 2007 فيما تضمنه من تعيينها رئيس محكمة من الفئة (ب) وبتعيينها رئيس محكمة من الفئة (أ) بين أقرانها في القضاء ممن تخرجوا معها سنة 1992 أو بين من تم ترقيتهم سنة 2004 وكانوا يشغلون وقت صدور القرار المطعون. فيه درجة رئيس محكمة من الفئة (ب) واحتياطيا: تعديل أقدميتها لتكون سابقة على أول من رقي من القضاء رئيس محكمة من الفئة (ب) سنة 2005 وهو القاضي/ ... وما يترتب على ذلك من آثار قانونية وفروق مالية، وقالت بيانا لذلك إنها تخرجت من كلية الحقوق في مايو 1992 وعينت بتاريخ 14/ 11/ 1994 في وظيفة معاون نيابة إدارية وتدرجت حتى الترقية لوظيفة رئيس نيابة إدارية من الفئة (ب) بتاريخ 3/ 11/ 2004 ثم صدر القرار المطعون فيه بتاريخ 2/ 4/ 2007 بتعيينها وآخرين قاضية بدرجة رئيس محكمة من الفئة (ب) تاليات للقاضي/ ... وسابقات على القاضي/ ... رئيس المحكمة من الفئة (ب) وكان تحديد أقدميتها على هذا النحو مخالف للقانون الوجوب تعيينها على درجة رئيس محكمة من الفئة (أ) أسوة بمن تخرجوا معها أو من تم ترقيتهم سنة 2004 إلى درجة رئيس محكمة من الفئة (ب) لذا فقد أقامت الدعوى ثم قدمت الطاعنة طلبة عارضة حال قبول طلبها الاحتياطي بترقيتها إلى درجة رئيس محكمة من الفئة (أ) على أن تكون سابقة على القاضي/ ... رئيس المحكمة من الفئة (أ) ثم أقامت الدعوى رقم... لسنة 124 ق أمام ذات المحكمة للحكم بإلغاء القرار الجمهوري رقم... لسنة 2007 فيما تضمنه في مادته الخامسة وتعيينها رئيس محكمة من الفئة (أ) وأصليا: بتحديد أقدميتها بين أقرانها من القضاة الذي تم تعيينهم سنة 1994 أو بين من رزقي من القضاة إلى درجة رئيس محكمة من الفئة (ب) سنة 2004 واحتياطيا : بتحديد أقدميتها في درجة رئيس محكمة من الفئة (أ) لتكون سابقة على القاضي/ ... الذي رقي لذات الدرجة في القرار المطعون عليه، وبتاريخ 22/ 4/ 2012 وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين قضت برفضهما، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضدهما الثالث والرابع بصفتهما وأبدت الرأي في الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ غرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة المشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضدهما الثالث والرابع بصفتهما في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن رئيس الجمهورية ووزير العدل هما صاحبا الصفة في خصومة الطلب ولا شأن لغيرهما به ومن ثم يكون اختصام من عداهما غير مقبول.
وحيث إن الطعن - فيما عدا ما تقدم - استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والتناقض وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه قضي برفض طلباتها الأصلية والاحتياطية بتعديل أقدميتها بين أقرانها من القضاة استنادا إلى نص المادة 51 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل فيما تضمنت من القواعد واجبة الاتباع في تحديد أقدمية أعضاء النيابة الإدارية عند تعيينهم في وظائف القضاء رغم تفسيره للمادة المذكورة كان يستوجب إجابتها لطلباتها طالما كانت تشغل درجة رئيس نيابة إدارية بتاريخ 13/ 11/ 2004 قبل نقلها للعمل بالقضاء وبالتالي تكون أقدميتها سابقة على أول قاضي زقي لدرجة رئيس محكمة من الفئة (ب) في أغسطس 2005 هذا كما أن رفض طلبها الاحتياطي إعمالا لقواعد حددتها وزارة العدل رغم مخالفتها النص المادة السابقة الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المادة 51/ 1 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 نصت على أن "تحدد أقدمية أعضاء مجلس الدولة وإدارة قضايا الحكومة والنيابة الإدارية عند تعيينهم في وظائف القضاء المماثلة لدرجاتهم من تاريخ تعيينهم في هذه الدرجات" ومؤدى هذا النص - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن العبرة في تحديد أقدمية هؤلاء الأعضاء عند تعيينهم في وظائف القضاء المماثلة لدرجاتهم هو بتاريخ تعيينهم في هذه الدرجات، ومن ثم فلا يعتد بتاريخ تعيينهم في الدرجات الأدنى ولا محل للتحدي بنص المادة 42 من هذا القانون والذي يجيز تعيين أعضاء مجلس الدولة وإدارة قضايا الحكومة والنيابة الإدارية في وظائف القضاء أو النيابة التي تلي مباشرة درجات وظائفهم في جهاتهم الأصلية، إذ لا شأن لهذا النص بتحديد أقدمية من يعين. منهم في وظائف القضاء المماثلة لدرجاتهم، ولما كان الثابت بالأوراق أن الطاعنة عينت في وظيفة رئيس محكمة من الفئة (ب) بعد أن كانت تشغل وظيفة رئيس نيابة إدارية من الفئة (ب) وكانت العبرة في تحديد أقدميتها هو تاريخ تعيينها في القضاء دون اعتداد بتاريخ بالدرجات الأخرى في جهة عملها الأصلية وكان ذلك يتفق وما استهدفته قواعد العدالة وأرسته المبادئ الدستورية حماية للحقوق المكتسبة لمن سبق وحصل على الدرجة القضائية في تاريخ سابق على تعيين أعضاء النيابة الإدارية وغيرها من الهيئات القضائية في القضاء وهو ما يوجب حماية الحقوق التي سبق واستقرت لشاغل الدرجة سابقة على من تم تعيينه صونا واستقرارا للمراكز القانونية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض طلبات الطاعنة الأصلية فإنه يكون طبق القانون على وجهه الصحيح ويضحي النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس، ولا محل لتعييب قضاء الحكم المطعون فيه رفضه طلبات الطاعنة الاحتياطية بالترقية للدرجة الأعلى التزام بقواعد وزارة العدل الحاكمة للترقية والتي جرى تعيين الطاعنة عليها ذلك أن المقرر أن ما تسنه وزارة العدل في هذا الشأن هو من القواعد والضوابط المنظمة التي تجيزها الأصول العامة إذ تهدف إلى التحقق من الصلاحية فيمن يرقي من القضاة إلى وظيفة أعلى وفقا لما يبين من واقع أعمالهم وتقارير التفتيش المقدمة عنهم خلال مدة عملهم السابقة بالقضاء، وإذ لم تدرج وزارة العدل الطاعنة بين المرقين للدرجة الأعلى وصدر القرار الجمهوري المطعون فيه غير شاملا إياها لعدم توافر عناصر ومقومات استحقاقها للترقية بسبب عدم عملها بالقضاء المدة اللازمة لخضوعها للتفتيش الفني على أعمالها طبقا للقواعد الحاكمة في قرار تعيينها بالقضاء والمنظمة لحالتها وكل أقرانها المتساوين معها في المركز القانوني تكون جهة الإدارة قد التزمت صحيح القانون، وإذ ركن الحكم المطعون فيه إلى ما تقدم ورفض طلباتها فإن النعي عليه بالتناقض ومخالفة القانون يكون على غير أساس ويتعين رفض الطعن.