الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 8 نوفمبر 2020

الطعن 33760 لسنة 83 ق جلسة 10 / 1 / 2016 مكتب فني 67 ق 8 ص 69

 جلسة 10 من يناير سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / طه قاسم نائب رئيس المحكمـة وعضوية السادة القضاة / رافع أنور ، عادل عمارة ، أحمد رضوان ، ويحيى رياض نواب رئيس المحكمة .
---------

 (8)

الطعن رقم 33760 لسنة 83 القضائية

(1) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

أخذ المحكمة بأقوال الشاهد . مفاده ؟

المنازعة في صورة الواقعة وأقوال المجني عليه والتحريات . جدل موضوعي أمام محكمة النقض . غير مقبول .

(2) إثبات " استعراف " . محكمه الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

لمحكمة الموضوع الأخذ بتعرف الشاهد على المتهم . ما دامت اطمأنت إليه . المجادلة في ذلك . غير مقبولة . علة ذلك ؟

(3) إثبات " استعراف " . إكراه . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

النعي بأن تعرف الشاهد على المتهم كان نتيجة تأثير من رجال الشرطة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبول . علة ذلك ؟

(4) استدلالات . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفوع " الدفع بعدم جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.

للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة .

اطمئنان الحكم إلى تحريات الشرطة واطراحه الدفع بعدم جديتها برد سائغ . كفايته . الجدل الموضوعي أمام النقض . غير جائز .

(5) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

النعي بعدم تنفيذ مجري التحريات لإذن تتبع الهاتف موضوع السرقة وعدم ضبطه طالب شرائه . تعييب للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم .

 (6) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .

النعي على الحكم بالتناقض والتخاذل دون بيان وجهه . غير مقبول .

(7) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش ". إجراءات " إجراءات المحاكمة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة لوقوعهما بناءً عليه .

التفات الحكم عن البرقيات التلغرافية المقدمة تدليلاً على تمام القبض قبل صدور الإذن . صحيح . علة ذلك ؟

النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير مقبول .

(8) إثبات " شهود " " إقرار " . دفوع " الدفع ببطلان الإقرار " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " المصلحة في الطعن " .

نعي الطاعن بقصور الحكم في اطراح دفعه ببطلان إقراره بمحضر الضبط لصدوره تحت تأثير الإكراه . غير مجد . مادام لم يستند إليه في الإدانة .

إيراد الحكم بأقوال الضابط أنه واجه الطاعن فأقر بارتكابه الواقعة . لا يعد إقراراً من الطاعن . هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة .

(9) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها . غير مقبول .

مثال .

(10) ارتباط . اختصاص " الاختصاص النوعي " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الارتباط " . محكمة الجنايات " اختصاصها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

تقدير قيام الارتباط وفقاً للمادة 32 عقوبات . موضوعي .

لمحكمة الجنايات فصل الجناية عن الجنحة المحالة إليها معها والقضاء بعدم اختصاصها بالأخيرة . متى لم يكن بينهما ارتباط . الجدل في ذلك أمام النقض . غير جائز .

مثال .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد ؛ فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان الحكم المطعون فيه قد ساق على ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها أدلة استمدها من أقوال شاهدي الإثبات وما ثبت من التقرير الطبي الخاص بالمجني عليه ومن تعرف الأخير على الطاعن بتحقيقات النيابة وبجلسة المحاكمة ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، ولا ينازع الطاعن في أن لها مأخذها الصحيح من الأوراق ، فإن ما يثيره بشأن صورة الواقعة وأقوال المجني عليه والتحريات ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض .

2- لما كان من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ، مادامت قد اطمأنت إليه ، إذ العبرة هي باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه ، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي اعتمدت على الدليل المستمد من تعرف المجني عليه على الطاعن ، ما دام تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها ، وتكون المجادلة في هذا الخصوص غير مقبولة .

3- لما كان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها شئياً عن أن تعرف الشاهد الأول عليه كان نتيجة تأثير من رجال المباحث ، فلا يقبل منه إثارته ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة .

4- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع ، وأن للمحكمة أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينه معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وكانت المحكمة قد عرضت للدفع بعدم جدية التحريات واطرحته بردٍ سائغٍ وأبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض .

5- لما كان ما يثيره الطاعن من نعي بشأن عدم تنفيذ الضابط مجري التحريات لإذن تتبع الهاتف موضوع السرقة وعدم قيامه بضبط طالب شرائه لا يعدو أن يكون تعيباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.

6- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً ، وإذ كان الطاعن لم يفصح عن وجه التناقض والتخاذل المقول به في الحكم ، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .

7- من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها ، وكانت المحكمة قد عرضت لدفع الطاعن في هذا الصدد واطرحته بردٍ كافٍ وسائغٍ ، ولا ينال من سلامة الحكم التفاته عن البرقيات التلغرافية التي تساند إليها الطاعن للتدليل على أن القبض عليه تم قبل صدور الإذن ؛ لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، ولمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى – كالحال في الدعوى المطروحة - ، ولما كان البيِّن من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة تحقيقاً معيناً بصدد هذا الدفع ، فليس له - من بعد – أن نعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون لا محل له .

8- لما كان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إقرار الطاعن بمحضر الضبط لصدوره تحت تأثير الإكراه ، مادام البيِّن من الواقعة - كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله - أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من إقرار الطاعن المدعى ببطلانه ، وإنما أقام قضاءه على أدلة أخرى ليس من بينها ذلك الإقرار ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله ، ولا يجوز التحدي في ذلك بما ورد بأقوال ضابط الواقعة – حسبما حصَّلها الحكم – من أنه واجه الطاعن فأقر بارتكابه الواقعة ؛ إذ هو لا يعد إقراراً من الطاعن بما أسند إليه ، وإنما مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه في هذا الشأن .

9- لما كان البيِّن من مطالعة محضر جلسة المرافعة أمام محكمة الموضوع أن الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص أن الهاتف المضبوط كان بحوزة أحد مرشدي الشرطة ، فليس له أن ينعي على المحكمة – من بعد – قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها.

10- لما كان تقدير قيام الارتباط المنصوص عليه في المادة 32 من قانون العقوبات متعلقاً بموضوع الدعوى ، وكان لمحكمة الجنايات إذا ما أحيلت إليها جنحة مع جناية للفصل فيهما معاً ، حق فصل الجناية عن الجنحة ، متى لم يكن بينهما ارتباط ، فان قضاء المحكمة بعدم اختصاصها بجنحة إحراز الطاعن لسلاح أبيض بغير ترخيص بعدما رأت عدم ارتباطها بجناية السرقة بالإكراه باستخدام سلاح ناري لا مخالفة فيه للقانون ولا تجوز إثارة الجدل فيه أمام محكمة النقض .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم :

1- سرقوا المبلغ المالي والهاتف المحمول المبين وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكين للمجني عليه …. وكان ذلك بالطريق العام وبطريق الإكراه الواقع عليه بأن قام المتهم الأول بجذب هاتفه الجوال عنوة وحال مقاومته له قام والمتهم الثاني بإطلاق عيارين نارين صوبه من أسلحة نارية " فرد خرطوش " محدثين إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق حال تواجد المتهم الثالث على مسرح الجريمة للشد من أزرهم ومساعدتهم على الهرب فبثوا الرعب في نفسه وشلوا مقاومته وتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من الاستيلاء على المسروقات وفروا هاربين .

2- أحرزوا بغير ترخيص أسلحة نارية غير مششخنة " فرد خرطوش " .

3- أحرزوا ذخائر مما تستعمل على السلاح الناري موضوع الاتهام السابق دون أن يكون مرخصاً لهم بحيازتها أو إحرازها .

4- المتهم الأول أحرز سلاحاً أبيض " مطواة " دون مسوغ قانوني من الضرورة الشخصية أو الحرفية .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

وبجلسة .... ادعى وكيل المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ 10.001 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .

ومحكمة الجنايات قضت حضورياً للمتهمين الأول والثالث وغيابياً للثاني " الهارب " عملاً بالمادتين 314 ، 315 من قانون العقوبات والمواد 1 ، 6 ،26 /1 ، 4 ، 30 /1 من القانون رقم 393 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والجدول رقم 2 المرفق بالقانون الأول مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات. أولاً : بمعاقبة .... وشهرته .... ، و.... وشهرته .... بالسجن المشدد لمدة عشرة سنوات لكل منهما عما أسند إليهما وألزمتهما المصاريف الجنائية . ثانياً : ببراءة .... مما نسب إليه . ثالثاً: بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى بشأن ما أسند للمتهم الأول من تهمة إحراز سلاح أبيض بدون ترخيص وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها بإحالتها إلى المحكمة المختصة . رابعاً : بإلزام المتهم الأول .... وشهرته .... بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغاً وقدرة عشر آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني الموقت عما أصابه من أضرار وألزمته مبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة والمصاريف . خامساً : قدرت مبلغ ثلاثمائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة للمحامي المنتدب مع المتهم الأول وذات المبلغ للمحامي المنتدب مع المتهم الثالث في الدعوى .

فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض في ..... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم السرقة بإكراه في الطريق العام وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته بغير ترخيص قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك بأنه اعتنق صورة للواقعة استمدها من أقوال المجني عليه وتحريات المباحث رغم عدم معقوليتها ، إذ لا يتصور أن يقارف الطاعن فعلته مع المجني عليه في المنطقة التي يقيمان فيها سوياً ، وعوَّل الحكم في الإدانة على تعرف المجني عليه على الطاعن بتحقيقات النيابة وبجلسة المحاكمة بالرغم من أن ظروف الواقعة وتوقيت حدوثها لا يسمحان له بالتيقن من شخص مرتكبها ودون أن تستوثق المحكمة من أن ذلك التعرف لم يكن بإيعاز من رجال المباحث ، وعوَّل على تحريات المباحث في الإدانة وكمسوغ لإصدار أمر الضبط والتفتيش رغم عدم جديتها بدلالة عدم ضبط السلاح الناري المستخدم في الواقعة ، واطرح دفع الطاعن في هذا الشأن برد قاصر ودون أن تفطن المحكمة إلى دلالة عدم تنفيذ مُجري التحريات لإذن تتبع الهاتف موضوع السرقة وعدم ضبطه لطالب شرائه من الطاعن ، وقد شاب الحكم التناقض والتخاذل، واطرح دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لحصولها قبل صدور الإذن بهما بدلالة البرقيات التلغرافية المُرسَلة إلى النيابة العامة قبل صدور الإذن برد غير سائغ ، ولم تعن المحكمة بتحقيقه ، كما اطرح برد قاصر دفاع الطاعن القائم على تعرضه لإكراه بدني للإقرار بارتكاب الواقعة بمحضر الضبط ، والتفت عما قرره الطاعن بالتحقيقات من أن الهاتف المضبوط كان بحوزة أحد مرشدي الشرطة، وأخطأ إذ فصل الجنحة المسندة إليه عن الجناية مع أنها مرتبطة بها بما كان يوجب توقيع عقوبة واحدة عنهما ، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه .  

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغه من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكان الأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد ؛ فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان الحكم المطعون فيه قد ساق على ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها أدلة استمدها من أقوال شاهدي الإثبات وما ثبت من التقرير الطبي الخاص بالمجني عليه ومن تعرف الأخير على الطاعن بتحقيقات النيابة وبجلسة المحاكمة ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، ولا ينازع الطاعن في أن لها مأخذها الصحيح من الأوراق ، فإن ما يثيره بشأن صورة الواقعة وأقوال المجني عليه والتحريات ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بتعرف الشاهد على المتهم ، مادامت قد أطمأنت إليه ، إذ العبرة هي باطمئنان المحكمة إلى صدق الشاهد نفسه ، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي اعتمدت على الدليل المستمد من تعرف المجني عليه على الطاعن ، ما دام تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وحدها ، وتكون المجادلة في هذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك، وكان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها شئياً عن أن تعرف الشاهد الأول عليه كان نتيجة تأثير من رجال المباحث ، فلا يقبل منه إثارته ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع ، وأن للمحكمة أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينه معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وكانت المحكمة قد عرضت للدفع بعدم جدية التحريات واطرحته بردٍ سائغٍ وأبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من نعي بشأن عدم تنفيذ الضابط مجري التحريات لإذن تتبع الهاتف موضوع السرقة وعدم قيامه بضبط طالب شرائه لا يعدو أن يكون تعيباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً ، وإذ كان الطاعن لم يفصح عن وجه التناقض والتخاذل المقول به في الحكم ، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها ، وكانت المحكمة قد عرضت لدفع الطاعن في هذا الصدد واطرحته بردٍ كافٍ وسائغٍ ، ولا ينال من سلامة الحكم التفاته عن البرقيات التلغرافية التي تساند إليها الطاعن للتدليل على أن القبض عليه تم قبل صدور الإذن ؛ لما هو مقرر من أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، ولمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى – كالحال في الدعوى المطروحة - ، ولما كان البيِّن من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة تحقيقاً معيناً بصدد هذا الدفع ، فليس له - من بعد - أن ينعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إقرار الطاعن بمحضر الضبط لصدوره تحت تأثير الإكراه ، مادام البيِّن من الواقعة - كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله - أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من إقرار الطاعن المدعى ببطلانه ، وإنما أقام قضاءه على أدلة أخرى ليس من بينها ذلك الإقرار ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله ، ولا يجوز التحدي في ذلك بما ورد بأقوال ضابط الواقعة – حسبما حصَّلها الحكم – من أنه واجه الطاعن فأقر بارتكابه الواقعة ؛ إذ هو لا يعد إقراراً من الطاعن بما أسند إليه ، وإنما مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مطالعة محضر جلسة المرافعة أمام محكمة الموضوع أن الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص أن الهاتف المضبوط كان بحوزة أحد مرشدي الشرطة ، فليس له أن ينعي على المحكمة – من بعد – قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها . لما كان ذلك ، وكان تقدير قيام الارتباط المنصوص عليه في المادة 32 من قانون العقوبات متعلقاً بموضوع الدعوى ، وكان لمحكمة الجنايات إذا ما أحيلت إليها جنحة مع جناية للفصل فيهما معاً ، حق فصل الجناية عن الجنحة ، متى لم يكن بينهما ارتباط ، فان قضاء المحكمة بعدم اختصاصها بجنحة إحراز الطاعن لسلاح أبيض بغير ترخيص بعدما رأت عدم ارتباطها بجناية السرقة بالإكراه باستخدام سلاح ناري لا مخالفة فيه للقانون ولا تجوز إثارة الجدل فيه أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السبت، 7 نوفمبر 2020

الطعن 43 لسنة 2011 ق جلسة 3 / 6 / 2012 مكتب فني 21 ج 1 هيئة عامة مدني دبي ق 1 ص 17

برئاسة السيد القاضي الدكتور/ علي إبراهيم الإمام رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة: محمد نبيل رياض، عبد المنعم محمد وفا، فتيحة محمود قره، زهير أحمد بسيوني، أحمد عبد الرحمن الزواوي، عبد العزيز عبد الله الزرعوني، سعيد عبد الحميد فوده، محمد خميس البسيوني، سيد محمود قايد، علي أحمد شلتوت، رمضان أمين اللبودي، حسين نعمان سلامة، حامد نبيه أحمد، محمود مسعود متولي، أحمد عبد الكريم يوسف، محمود عبد الحميد طنطاوي، عطاء محمود سليم، ومجدي مصطفى توفيق. 
----------------- 
1 - دعوى "قيمة الدعوى". استئناف" نظر الاستئناف". رسوم "رسوم قضائية". محكمة الموضوع "سلطتها في الدعاوى: نظر الدعوى". نظام عام" المسائل المتعلقة بالنظام العام".
قيمة الدعوى وجوب تقديرها من المحاكم من تلقاء ذاتها. نظر أي دعوى أو مادة فرض القانون لنظرها رسوماً أو اتخاذ إجراءات بشأنها. غير جائز. ما لم تسدد الرسوم كاملة إلى قلم الكتاب. تعلق ذلك بالنظام العام. الاستثناء. الدعاوى والمواد التي نص القانون على الإعفاء منها عدم سداد الرسوم المستحقة أو نقصها مؤداه. تكليف المحكمة للخصم بسدادها. صدور حكم من المحكمة الابتدائية قبل سداد الرسم المستحق واستكمال الخصم سداده أمام محكمة الاستئناف. أثره. عدم اتخاذ إجراء. المواد 5/ ب، 10، 13، 16 ق رسوم المحاكم رقم السنة 1994 المعدل. 

2 - عمل "سريان قانون العمل". قانون "القانون الواجب التطبيق".
العاملون بالمؤسسات التابعة لحكومة دبي. عدم سريان أحكام قانون تنظيم علاقات العمل عليهم. م 3 ق 8 لسنة 1980. 

3 - عمل "عقد العمل" "انتهاء عقد العمل: سبب إنهاء العقد: فصل العامل للاعتداء: الفصل التعسفي". إثبات "عبء الإثبات". محكمة الموضوع "سلطتها في مسائل الواقع: سلطتها في العمل: في تقدير سبب الفصل".
التزام العامل في تصرفاته اللياقة والآداب، إخلاله بهذه الواجبات ومنها الاعتداء أثناء العمل على صاحب العمل أو مديره أو أحد زملائه. أثره، جواز إنهاء صاحب العمل لعقد العمل. المواد 272، 905، 918 ق المعاملات المدنية. 

4 - عمل "عقد العمل" "انتهاء عقد العمل: سبب إنهاء العقد: فصل العامل للاعتداء: الفصل التعسفي". إثبات "عبء الإثبات". محكمة الموضوع "سلطتها في مسائل الواقع: سلطتها في العمل: في تقدير سبب الفصل".
إبداء صاحب العمل سبباً لإنهاء خدمة العامل. أثره. انتقال عبء إثبات عدم صحة السبب أو التعسف على عاتق العامل. 

5 - عمل "عقد العمل" "انتهاء عقد العمل: سبب إنهاء العقد: فصل العامل للاعتداء: الفصل التعسفي". إثبات "عبء الإثبات". محكمة الموضوع "سلطتها في مسائل الواقع: سلطتها في العمل: في تقدير سبب الفصل".
تقدير المبرر لفصل العامل. من سلطة محكمة الموضوع. 

6 - عمل "عقد العمل" "انتهاء عقد العمل" "استيفاء حقوق العامل" إثبات "عبء الإثبات".
حصول العامل على حقوقه بعد انتهاء عقد العمل. عبء إثبات ذلك على صاحب العمل. 

7 - إثبات "طرق الإثبات: الكتابة: المحررات العرفية وصورها: حجيتها" الإقرار: الإقرار القضائي".
المحرر العرفي. لا حجية له قبل الخصم إلا إذا كان قد وقع عليه بإمضائه أو بصمة إصبعه أو خاتمه.
عدم جواز اصطناع الخصم دليلاً لنفسه لإثبات صحة ما يدعيه. 

8 - إثبات "طرق الإثبات: الكتابة: المحررات العرفية وصورها: حجيتها" الإقرار: الإقرار القضائي".
الإقرار القضائي. ماهيته. أثره. حجة على المقر لا يقبل الرجوع فيه. المادتان 51، 35 ق الإثبات. 

9 - محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة وبحث المستندات". حكم "تسبيب الحكم" "عيوب التدليل: القصور". دفاع "الدفاع الجوهري". تمييز "أسباب الطعن: القصور في التسبيب".
محكمة الموضوع. وجوب اشتمال حكمها على ما يطمئن المطلع عليه أنها محصت الأدلة والمستندات المطروحة عليها ومجابهة أوجه الدفاع الجوهري التي طرحها الخصم عليها. مخالفة ذلك. قصور. 

10 - دعوى "الطلبات في الدعوى" سبب الدعوى "قيمة الدعوى".
تضمن الدعوى عدة طلبات ناشئة عن سبب قانوني واحد. مؤداه. تقديرها باعتبار قيمتها جملة. نشوئها عن أسباب قانونية مختلفة. وجوب تقديرها باعتبار قيمة كل منها على حدة. السبب القانوني. ماهيته. مثال بشأن الطلبات الناشئة عن عقد العمل واختلافها عن الطلب المستند إلى الفعل الضار واستحقاق رسم مستقل عن كل سبب على حدة. 

11 - رسوم "رسوم قضائية". دعوى "قيمة الدعوى". استئناف" نظر الاستئناف" "سلطة محكمة الاستئناف". محكمة الموضوع "سلطتها في الدعاوى: نظر الدعوى".
استكمال المدعي الرسم أثناء نظر الاستئناف. جائز. التزام المحكمة بإتاحة الفرصة للمدعي لاستكمال الرسم الواجب عليه سداده. قيام المدعي بسداد فارق الرسم بعد تكليفه به. أثره. لا محل للتقرير بعدم السير في نظر الخصومة. مثال بشأن خطأ الحكم بعدم تكليف الخصم بسداد فرق الرسم. 
---------------- 
1 - مفاد النص في المواد 5/ ب و10 و13 و16 من قانون رسوم المحاكم رقم 1 لسنة 1994 المعدل بالقانونين رقمي 4 لسنة 1995 و5 لسنة 1997 مجتمعة أنه يتعين على المحاكم على اختلاف درجاتها تقدير قيمة الدعوى من تلقاء نفسها ولا يجوز أن تنظر أي دعوى أو مادة فرض هذا القانون لنظرها رسوماً أو اتخاذ أي إجراء بشأنها ما لم تسدد هذه الرسوم كاملة إلى قلم الكتاب، وذلك فيما عدا الدعاوى والمواد التي ينص القانون على الإعفاء منها أو يصدر فيها قرار من الجهة المختصة بإعفاء المدعي من سداد الرسوم أو تأجيل سدادها إلى ما بعد الحكم في الدعوى، وهذا الجزاء الذي رتبه القانون على عدم سداد الرسوم متعلق بالنظام العام تلتزم به المحكمة من تلقاء نفسها إذا ما تبين لها أن الرسوم المستحقة لم تسدد إلى قلم الكتاب أو أن ما سُدد منها يقل عن الرسوم المقررة قانوناً، فلها عندئذ تكليف من قام بسداد الرسوم الناقصة بدفع باقي الرسم المستحق. وإذا صدر حكم محكمة أول درجة في الدعوى قبل سداد الرسم المستحق عنها أو استكماله وسدده المدعي – فيما بعد – أثناء نظر الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم يتعين على محكمة الاستئناف أن تمضي قدماً في نظر الدعوى وفقاً لصحيح القانون. أما إذا كلفت محكمة الاستئناف الخصم - مستأنفاً كان أو مستأنفاً ضده - بسداد كامل الرسم المستحق أو استكماله ولم يمتثل قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اتخاذ أي إجراء فيها. 

2 - إذ كانت الشركة المطعون ضدها هي إحدى المؤسسات التابعة لحكومة دبي فإنه تبعاً لذلك لا تسري أحكام قانون تنظيم علاقات العمل رقم 8 لسنة 1980 على الطاعن وهو ما دلت عليه المادة الثالثة من هذا القانون. 

3 - مقتضى المواد 272 و905 و918 من قانون المعاملات المدنية أنها يجب على العامل أن يراعي في تصرفاته اللياقة والآداب، فإذا أخل بهذه الواجبات – ومن ذلك إذا وقع منه أثناء العمل اعتداء على صاحب العمل أو المدير المسئول أو أحد زملائه في العمل – جاز لصاحب العمل إنهاء عقد العمل. 

4 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى أبدى صاحب العمل سبباً لإنهاء خدمة العامل لديه فيفترض أنه سبب مشروع وليس عليه إثبات صحته، وإنما ينتقل عبء الإثبات إلى العامل الذي يقع عليه أن يثبت أن فصله من العمل كان تعسفياً أو لم يكن بمبرر مشروع لأن الأصل في إثبات التعسف أنه يقع على عاتق من يدعيه فيكون على العامل في هذه الحالة عبء إثبات ما يدعيه من تعسف أو عدم صحة السبب الذي استند إليه صاحب العمل. 

5 - المقرر أن تقدير المبرر لفصل العامل ومدى جديته وبحث أدلة الدعوى ومستنداتها واستخلاص ما تراه محكمة الموضوع هو من الأمور الموضوعية التي تستقل بها تلك المحكمة. 

6 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عبء إثبات حصول العامل على حقوقه بعد انتهاء عقد العمل يقع على عاتق صاحب العمل. 

7 - المقرر أنه لا حجية للمحرر العرفي قبل الخصم إلا إذا كان قد وقع عليه بإمضائه أو بصمته أو خاتمه، ولا يجوز للخصم أن يصنع دليلا لنفسه لإثبات صحة ما يدعيه. 

8 - المقرر وفقاً لنص المادة 51 من قانون الإثبات أن الإقرار هو إخبار الشخص عن حق عليه لغيره، ويكون الإقرار قضائياً إذا اعترف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه وذلك أثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة، ووفقاً لنص المادة 53 من ذات القانون أن الإقرار يكون حجة على المقر ولا يقبل منه الرجوع فيه. 

9 - المقرر أن محكمة الموضوع إذا ما عرضت للفصل في الخصومة القائمة بين طرفيها يتعين عليها أن تقيم قضاءها على عناصر واضحة مستقاة من أصل ثابت لها في الأوراق وأن يشتمل حكمها في ذاته على ما يطمئن المطلع عليه إلى أنها قد محصت الأدلة والقرائن والمستندات المطروحة عليها وصولاً إلى ما ترى أنه الواقع الثابت في الدعوى بحيث يكون استدلال الحكم مؤدياً إلى النتيجة التي بنى قضاءه عليها وأن ترد على أوجه الدفاع الجوهري التي طرحها الخصم عليها بما يفيد أنها أحاطت بحقيقة الواقع في الدعوى، فإذا ما أوردت تسبيباً لقضائها عبارات مقتضبة مجملة لا تكشف عن أنها محصت الأدلة والقرائن والمستندات المؤثرة في الدعوى والتي تمسك الخصم بدلالتها فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور في التسبيب. 

10 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وفقاً لنص الفقرة أ من المادة 8 من قانون رسوم المحاكم رقم 1 لسنة 1994 أنه إذ تضمنت الدعوى طلبات ناشئة عن سبب قانوني واحد كان التقدير باعتبار قيمتها جملة، فإذا كانت عن أسباب قانونية مختلفة كان التقدير باعتبار قيمة كل منها على حدة، والمقصود بالسبب القانوني في مفهوم هذه المادة هو الواقعة التي تولد عنها الالتزام أو تولد عنها الحق الذي يرتكن إليه المدعي في طلبه أو الأساس القانوني الذي تبنى عليه الدعوى سواء كان هذا السبب يستند إلى عقد أم إرادة منفردة أم فعل غير مشروع أم إثراء بلا سبب أم نص في القانون. لما كان ذلك، وكانت الدعوى ولئن رفعت في ظاهرها بطلبين هما إلزام المطعون ضدها بأن تودي للطاعن مبلغ 1,042500 درهم وبتحرير شهادة خبرة إلا أن الثابت من الأسباب التي أقيمت عليها أن هذا المبلغ منه مبلغ 442500 درهم قدم بشأنه سبعة طلبات أسسها الطاعن مع طلب تحرير شهادة نهاية الخدمة على عقد العمل والباقي منه مبلغ 600000 درهم تعويض أسسه على الفعل الضار، وبالتالي فإن الدعوى في حقيقتها قد تضمنت على تسعة طلبات، الثمانية الأول منها ناشئة عن سبب قانوني يختلف عن الطلب التاسع، فإنه لا ينظر في تقدير الدعوى إلى مجموع الطلبات وإنما تقدر الطلبات الثمانية الأولى منها فقط - الناشئة عن عقد العمل - باعتبارها جملة ويحصل رسم واحد عنها مقداره ثلاثون ألف درهم ويقدر الطلب التاسع المتعلق بالتعويض المستند إلى الفعل الضار على حدة ويستوفى عنه رسم قدره أيضاً ثلاثون ألف درهم وفق ما تقضي به المادتان 8 و19 من قانون رسوم المحاكم، ولما کان الثابت من إيصال رسوم القضايا رقم 18324 المؤرخ 24-1-2010 أن الطاعن لم يدفع رسماً عن الدعوى سوى مبلغ ثلاثين ألف درهم ومن ثم فإن النعي بهذا الشق يكون على غير أساس. 

11 - المقرر في قضاء هذه الهيئة – أنه يجوز للمدعي أن يقوم باستكمال الرسم أثناء نظر الاستئناف متى تبينت المحكمة أن ما سبق سداده من رسم كان ناقصاً عما هو مقرر بموجب أحكام رسوم المحاكم رقم 1 لسنة 1994، وتلتزم المحكمة في هذه الحالة بإتاحة الفرصة للمدعي لاستكمال الرسم الذي سبق لقلم الكتاب تقديره عند تقديم صحيفة الدعوى دون أن يفطن المدعي لحقيقة المقدار الواجب عليه سداده من الرسوم وقتذاك، فإذا ما قام بسداد فرق الرسم الذي حددته المحكمة بعد تكليفه به فلا محل للتقرير بعدم السير في نظر الخصومة طالما تم استيفاء ما يكمل الرسم. لما كان ذلك، وكانت المحكمة المطعون في حكمها لمجرد أنها قد تبين لها أن الطاعن لم يدفع الرسم المقرر عن طلب التعويض المبنى على الفعل الضار رتبت على ذلك عدم اتخاذ أي إجراء فيه دون أن تحدد الرسم المقرر عنه ودون تكليف الطاعن بسداده فإنها تكون قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه. 
------------------ 
الوقائع
حيث أن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام على الشركة المطعون ضدها (وتمثلها دائرة الشئون القانونية لحكومة دبي) الدعوى رقم 84/ 2010 مدني كلي أمام محكمة دبي الابتدائية طالباً فيها - حسبما استقرت عليه طلباته النهائية – الحكم بإلزام المدعى عليها بأن تؤدي إليه مبلغ 1.042.500 درهم مستحقات عمالية وتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت به والفائدة بواقع 5% من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام وبتحرير شهادة خبرة (نهاية خدمة) له ببيان مدة العمل ومجاله ببيان واضح وجلي لمن يهمه الأمر، وذلك تأسيساً على أنه بموجب عقد عمل غير محدد المدة التحق بالخدمة لديها منذ 19-9-1999 بمهنة فني خدمات صب المعادن براتب شهري قدره 15,000 درهم حتى فوجئ بها تكلفه بالعمل بقسم آخر يختلف عن تخصصه ونطاق عمله وهو قسم التمديدات الكهربائية، إلا أن رئيس هذا القسم رفض نقله لمخالفة ذلك للقوانين وللوائح الخاصة بها. وبتاريخ 11-5-2009 أوقفته عن العمل وفصلته دون إنذار ودون إجراء تحقيق، وقد ترصد له في ذمتها مستحقات عمالية مقدارها مبلغ 442500 درهم وتشمل 15000 درهم راتب متأخر عن الشهر الأخير و15000 درهم بدل إنذار و45000 درهم تعويضاً له عن الفصل التعسفي و122500 درهم مكافأة نهاية الخدمة و30000 درهم بدل إجازة عن العام الأخير و15000 درهم قيمة تذكرة سفر و20000 درهم علاوة سنوية، وكان مديرها قد سبه عبر البريد الإلكتروني وتمت إدانته عن ذلك الفعل وتغريمه ألف درهم في الدعوى الجزائية رقم 13104/ 2009 دبي واستئنافها رقم 4880/ 2009 ولحقه من جراء ذلك أضرار معنوية يقدرها بمبلغ 600000 درهم. وإذ لجأ إلى دائرة الشئون القانونية لحكومة دبي وفشلت في تسوية النزاع ودياً وأذنت له بإقامة دعوى، ومن ثم يحق له مطالبة المدعى عليها بمستحقاته آنفة الذكر.

وبتاريخ 27-5-2010 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليها بصفتها بأن تودي للمدعي مبلغاً مقداره ستون ألف درهم والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة وحتى السداد مع إلزامها بأن تحرر له شهادة خبرة (نهاية الخدمة) موضحاً بها مدة ومجال عمله بها ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وتضمنت أسباب حكمها قضاءً بأن المبلغ المقضي به عبارة عن 15000 درهم قيمة الراتب المستحق له عن الشهر الأخير و30000 درهم عن بدل الإجازة المستحقة له عن العام الأخير و15000 بدلاً مقرراً لتذكرة السفر عن ذات العام.

استأنف المدعي هذا الحكم بالاستئناف رقم 614/2010 مدني، کما استأنفته الشرکة المدعى عليها بالاستئناف رقم 690/2010 مدني طالبة تعديله والقضاء مجدداً بجعل المبلغ المقضي به بعد إجراء المقاصة فيما بين المستحق للمدعي وبين المبلغ المدفوع له زيادة على تذاكر السفر مبلغاً وقدره (40/6699) درهماً وذلك تأسيساً على ما أوردته بمذكرة دفاعها المقدمة بجلسة 4-10-2010 من أن المدعي تقاضى منها مبلغ 6346 درهماً بالزيادة عما يستحق من بدل سفر لأنها أدت له مقدماً بدل تذاكر سفر عن سنة 2009 مبلغاً وقدره 10625 درهماً وإذ انتهت خدمته في 27-5-2009 فإنه يكون مستحقاً له حتى ذلك التاريخ بدل سفر قدره مبلغ 4279 درهماً وأنه لم يترصد له من الإجازات حتى تاريخ وقفه عن العمل سوى أحد عشر يوماً يستحق عنها مبلغ 7425 درهماً ويستحق مبلغ 4271 درهماً راتب خمسة أيام من شهر مايو 2009. وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 30-12-2010 في موضوعهما بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المدعى عليها بصفتها بأن تؤدي للمدعي مبلغ 60000 درهم والفائدة بواقع 5% والقضاء مجدداً برفض طلبات المدعي عن راتبه ومكافأة نهاية الخدمة وبدل إجازة وتذكرة سفر، وفي طلب التعويض عن الفعل الضار بعدم اتخاذ إجراء، وبتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك.

طعن المدعي في هذا الحكم بطريق التمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت بقلم كتاب هذه المحكمة في 3-2-2011 طلب فيها نقضه. ولم تقدم المطعون ضدها مذكرة بدفاعها. وبعد أن عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره. 
------------------ 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر ......... وبعد المرافعة والمداولة.
وحيث إن الدائرة المعروض عليها الطعن قررت بجلستها المعقودة بتاريخ 6–5–2012 إحالته إلى الهيئة العامة لمحكمة التمييز عملاً بنص المادة 16 من قانون تشكيل المحاكم في إمارة دبي رقم 3 لسنة 1992 وذلك لما بدا لها من تباين في الأحكام حول تفسير وتطبيق نص المادة 13 من قانون رسوم المحاكم رقم 1 لسنة 1994 وفي استخلاص المبدأ القانوني منها إذ انتهى المبدأ الأول منها إلى أن سداد رسم الدعوى الابتدائية أو ما يكمله لا يكون إلا أمام محكمة الدرجة الأولى فلا يجوز أمام محكمة الاستئناف في حين انتهى المبدأ الثاني إلى إنه إذا صدر حكم محكمة أول درجة قبل استيفاء الرسوم المستحقة عن الدعوى أو قبل استكمال جزء منها كتكملة لما سبق دفعه لقلم الكتاب فإنه يجوز للمدعي سداد الرسم أو تكملته أمام محكمة الاستئناف والتي يتعين عليها أن تنبه الخصم إلى ذلك وتكلفه بالسداد، فإذا تم السداد يتعين عليها القضاء بإلغاء الحكم المستأنف لبطلانه والتصدي للفصل في الدعوى وإقامة قضائها على أسباب مستقلة متى تبين لها أن محكمة أول درجة قد استنفدت ولايتها بالفصل في موضوع الدعوى.

وحيث إن المشرع قد نص في الفقرة ب من المادة الخامسة من قانون رسوم المحاكم رقم 1 لسنة 1994 المعدل بالقانونين رقمي 4 لسنة 1995 و5 لسنة 1997 على أنه ((وإذا ارتابت المحكمة في صحة قيمة الدعوى أو قيمة موضوع الاستئناف التي ذكرها المدعي أو المستأنف، فتقدر القيمة عندئذ من قبل المحكمة ويدفع المدعي أو المستأنف الفرق بين الرسم الذي دفعه من قبل والرسم المستحق على أساس القيمة المقدرة، ولا يجوز اتخاذ أي إجراء ما لم يتم استيفاء هذا الفرق)) وفي المادة العاشرة منه على أن ((يدفع المدعي بادئ ذي بدء الرسوم المستحقة عن أية دعوى بقيمتها إلا إذا ورد النص على خلاف ذلك، وإذا عدل طلبه في قيمة الدعوى بالزيادة فيستوفى منه فرق الرسم، ولا يجوز اتخاذ أي إجراء ما لم يقم بدفع هذا الفرق)) وفي المادة 13 منه على أنه ((إذا تبين لمحكمة الدرجة الأولى أو محكمة الاستئناف أن الرسم المدفوع عن الدعوى عند تقديمها أو استئناف الحكم الصادر فيها كان ناقصاً فيجوز لها أن تسمح بإكمال الرسم، ولا يجوز اتخاذ أي إجراء ما لم يتم استيفاء ما يكمل الرسم)) وفي المادة 16 من ذات القانون على أنه ((إذا حكمت المحكمة بمبلغ أكثر من المبلغ الذي دفعت عنه رسوم الدعوى فيستوفى من المحكوم له فرق الرسم، ولا يجوز اتخاذ أي إجراء بشأن تنفيذ الحكم ما لم يدفع هذا الفرق)) فإن مفاد هذه النصوص مجتمعة أنه يتعين على المحاكم على اختلاف درجاتها تقدير قيمة الدعوى من تلقاء نفسها ولا يجوز أن تنظر أي دعوى أو مادة فرض هذا القانون لنظرها رسوماً أو اتخاذ أي إجراء بشأنها ما لم تسدد هذه الرسوم كاملة إلى قلم الكتاب، وذلك فيما عدا الدعاوى والمواد التي ينص القانون على الإعفاء منها أو يصدر فيها قرار من الجهة المختصة بإعفاء المدعي من سداد الرسوم أو تأجيل سدادها إلى ما بعد الحكم في الدعوى، وهذا الجزاء الذي رتبه القانون على عدم سداد الرسوم متعلق بالنظام العام تلتزم به المحكمة من تلقاء نفسها إذا ما تبين لها أن الرسوم المستحقة لم تسدد إلى قلم الكتاب أو أن ما سُدد منها يقل عن الرسوم المقررة قانوناً، فلها عندئذ تكليف من قام بسداد الرسوم الناقصة بدفع باقي الرسم المستحق. وإذا صدر حكم محكمة أول درجة في الدعوى قبل سداد الرسم المستحق عنها أو استكماله وسدده المدعي – فيما بعد – أثناء نظر الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم يتعين على محكمة الاستئناف أن تمضي قدماً في نظر الدعوى وفقاً لصحيح القانون. أما إذا كلفت محكمة الاستئناف الخصم - مستأنفاً كان أو مستأنفاً ضده - بسداد كامل الرسم المستحق أو استكماله ولم يمتثل قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اتخاذ أي إجراء فيها. لما كان ذلك، وكانت الأحكام السابق صدورها من محكمة التمييز بما تضمنته من مبادئ قد نحت منحى يخالف هذا النظر فإن الهيئة ترى العدول عما قررته تلك الأحكام. وذلك عملاً بالمادة 16 من قانون رسوم تشكيل المحاكم في إمارة دبي رقم 3 لسنة 1992. ولما كانت ولاية الفصل في الطعن قد أنيطت بالهيئة العامة لمحكمة التمييز فإنه يتعين الفصل فيه على النحو السابق.

وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالشق الأول من السببين الثاني والثالث منها على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق والقصور في التسبيب إذ أسس مطالبته ببدل الإنذار والتعويض عن الفصل التعسفي على أن ما اتخذته الشركة المطعون ضدها من أسباب لوقفه عن العمل وفصله غير مرتكن للتعليمات والقوانين الداخلية واللوائح المنظمة والتي کان عليها أن تلتزم بها وهو يعد فصلاً مقنعاً حدث قبل 11-5-2009، إلا أن الحكم التفت عن هذا السبب وأسس فصله على سبب مغاير لم يرد بدفاع المطعون ضدها ليكون عن واقعة تالية لتاريخ الوقف عن العمل والفصل، حيث أسس قضاءه فيما انتهى إليه من أن فصله لم يكن تعسفياً على ما استخلصه من التقرير التأديبي بشأن تعديه على مديره بالضرب بمقولة إنه لم يعترض على ترجمته القانونية، في حين أنه ورد بهذا التقرير أنه تم إيقافه عن العمل اعتباراً من 11-5-2009 وإنهاء عمله اعتباراً من 27-5-2009 وسيتم التعامل مع مدة الإيقاف من 11 مايو وحتى 27 مايو على أساس أنها غير مدفوعة الأجر، وأنه أنكر هذا المستند لكونه لا يشمل تحقيقاً معه أو توقيعاً له وتم في غيبته وأن قوانين الشركة المطعون ضدها تعاقب كلا طرفي التعدي، ومن ثم فإن المحكمة المطعون في حكمها تكون قد غيرت سبب الدعوى من تلقاء نفسها بما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كانت الشركة المطعون ضدها هي إحدى المؤسسات التابعة لحكومة دبي فإنه تبعاً لذلك لا تسري أحكام قانون تنظيم علاقات العمل رقم 8 لسنة 1980 على الطاعن وهو ما دلت عليه المادة الثالثة من هذا القانون، ومن مقتضى المواد 272 و905 و918 من قانون المعاملات المدنية أنه يجب على العامل أن يراعي في تصرفاته اللياقة والآداب، فإذا أخل بهذه الواجبات – ومن ذلك إذا وقع منه أثناء العمل اعتداء على صاحب العمل أو المدير المسئول أو أحد زملائه في العمل - جاز لصاحب العمل إنهاء عقد العمل. ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى أبدى صاحب العمل سبباً لإنهاء خدمة العامل لديه فيفترض أنه سبب مشروع وليس عليه إثبات صحته، وإنما ينتقل عبء الإثبات إلى العامل الذي يقع عليه أن يثبت أن فصله من العمل كان تعسفياً أو لم يكن بمبرر مشروع لأن الأصل في إثبات التعسف أنه يقع على عاتق من يدعيه فيكون على العامل في هذه الحالة عبء إثبات ما يدعيه من تعسف أو عدم صحة السبب الذي استند إليه صاحب العمل، ومن المقرر أيضاً أن تقدير المبرر لفصل العامل ومدى جديته وبحث أدلة الدعوى ومستنداتها واستخلاص ما تراه محكمة الموضوع هو من الأمور الموضوعية التي تستقل بها تلك المحكمة. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن قد أسس طلبه ببدل الإنذار والتعويض عن الفصل على أن المطعون ضدها فصلته من العمل لديها بتاريخ 11-5-2009 بسبب امتناعه عن العمل بقسم التمديدات الكهربائية، وکانت المطعون ضدها قد تمسكت في دفاعها الوارد بمذكرتها المقدمة أمام محكمة الاستئناف بجلسة 18-10-2010 بأنها أنهت عمله لديها بتاريخ 27-5-2009 بسبب اعتدائه علي مديره في العمل، وكان الطاعن لا يماري في حدوث تلك الواقعة التي استندت إليها المطعون ضدها، وكان قد اتفق في البند 16/ 4 من عقد العمل المبرم على أنه يجوز لها إنهاء خدمته دون إنذار عند إخلاله بقوانينها والأنظمة الداخلية لها أو في أي من الحالات التي ينص عليها القانون، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم أحقية الطاعن لبدل الإنذار والتعويض عن الفصل استناداً إلى صحة ما تدعيه المطعون ضدها من مبرر لإنهاء خدمته بما أورده في أسبابه من أن ((الثابت من أوراق الدعوى ومن التقرير التأديبي والمقدم من المستأنف ضدها (المطعون ضدها) بجلسة 9-12-2010 والتي لم يطعن عليها المستأنف (الطاعن) بثمة طعن على ترجمتها القانونية أنها تضمنت أن طبيعة المخالفة هي الاعتداء بالضرب على عامل مشترك وتعتبر هذه المخالفة حسب الإجراءات التأديبية لدى الشركة أنها مخالفة جوهرية، وقد اشتمل التقرير سالف البيان على عدة نقاط هامة حيث بين أنه تم بتاريخ 11 مايو 2009 إيقاف المستأنف عن العمل من قبل القسم ولتطبيق هذا الإيقاف قام قسم علاقات الموظفين بتأكيد أمر الإيقاف من خلال إخطار قسم الأمن إلا أنه بتاريخ 13 مايو 2009 دخل المستأنف إلى مقر الشركة وهو غير مخول بالدخول لإيقافه عن العمل وقام بالاعتداء على مسئوله بالقسم المدعو (........)، ووفقاً لما تقدم فإن البين لهذه المحكمة أن المستأنف قد تجاوز حدود وضوابط عمله من خلال قيامه بدخول مقر الشركة بدون أي إذن أو ترخيص بالرغم من إيقافه عن العمل وقيامه بالتعدي على مديره بالضرب الأمر الذي ترى فيه هذه المحكمة أن المستأنف ضدها لم تفصله تعسفياً حيث إنها قامت بعد واقعة الاعتداء إلى إجراء تحقيق بالموضوع وبناء على التقرير التأديبي السابق ذكره قامت بإنهاء خدماته بتاريخ 27 مايو 2009 وفق صحيح القانون))، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً ومستمداً مما له أصل ثابت بالأوراق وليس فيه خروج بالدعوى عن نطاقها الصحيح، أو قضى فيها على أساس دفاع لم تبده المطعون ضدها، ولا يعتبر منه تغييراً لسبب الدعوى مما لا تملكه المحكمة من تلقاء نفسها، وإنما هو استناد إلى وسيلة دفاع ويتفق وصحيح القانون ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وكافياً لحمل قضائه، ومن ثم فإن النعي يكون قائماً على غير أساس.

وحيث إن الطاعن ينعي بالشق الثاني من السببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه القضاء بما لم يطلبه الخصوم ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب إذ أسس قضاءه برفض مطالبته بالراتب ومكافأة نهاية الخدمة وبدل تذاكر السفر وبدل الإجازات على أن الثابت من إشعار الدفع عند الانتهاء أن المطعون ضدها سددت له تلك المستحقات، هذا بالرغم من أنه تمسك في مذكرة دفاعه المقدمة بجلسة 18-10-2010 بأن المستندات المقدمة من المطعون ضدها جميعها مصطنعة بدليل أن بيان راتبه عن شهر يناير 2009 بلا تاريخ ومذكور فيه تاريخ المغادرة في 27-5-2009 فلا يمكن أن يكون إيصال استلام وتحويل راتب عن شهر يسبق تاريخ الفصل بأربعة أشهر ويذكر فيه تاريخ الفصل، والمستند الثاني المسمى إيصال بيان هو عن شهر أبريل 2009 وليس عن راتب الشهر الاخير، والمطعون ضدها طلبت في استئنافها تعديل الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بجعل المبلغ المقضي به بعد إجراء المقاصة فيما بين المستحق له وبين المبلغ المدفوع له زيادة على تذاكر السفر مبلغ وقدره 40/6699 درهماً، ولم تدفع على تلك المطالبات الخاصة بالراتب الأخير والبدلات الأخرى المذكورة أمام محكمة أول درجة، وهو ما يُعد إقراراً قضائياً لا يجوز العدول عنه بما يدحض ما قدمته من مستند مردود عليه بدفاعه سالف البيان الذي أغفلته المحكمة المطعون في حكمها، ومن ثم فإن حكمها يكون معيباً بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عبء إثبات حصول العامل على حقوقه بعد انتهاء عقد العمل يقع على عاتق صاحب العمل، وأنه من المقرر كذلك أنه لا حجية للمحرر العرفي قبل الخصم إلا إذا كان قد وقع عليه بإمضائه أو بصمته أو خاتمه، ولا يجوز للخصم أن يصنع دليلاً لنفسه لإثبات صحة ما يدعيه، ومن المقرر أيضاً وفقاً لنص المادة 51 من قانون الإثبات أن الإقرار هو إخبار الشخص عن حق عليه لغيره، ويكون الإقرار قضائياً إذا اعترف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها عليه وذلك أثناء السير في الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة، ووفقاً لنص المادة 53 من ذات القانون أن الإقرار يكون حجة على المقر ولا يقبل منه الرجوع فيه، ومن المقرر أيضاً أن محكمة الموضوع إذا ما عرضت للفصل في الخصومة القائمة بين طرفيها يتعين عليها أن تقيم قضاءها على عناصر واضحة مستقاة من أصل ثابت لها في الأوراق وأن يشتمل حكمها في ذاته على ما يطمئن المطلع عليه إلى أنها قد محصت الأدلة والقرائن والمستندات المطروحة عليها وصولاً إلى ما ترى أنه الواقع الثابت في الدعوى بحيث يكون استدلال الحكم مؤدياً إلى النتيجة التي بنى قضاءه عليها وأن ترد على أوجه الدفاع الجوهري التي طرحها الخصم عليها بما يفيد أنها أحاطت بحقيقة الواقع في الدعوى، فإذا ما أوردت تسبيباً لقضائها عبارات مقتضبة مجملة لا تكشف عن أنها محصت الأدلة والقرائن والمستندات المؤثرة في الدعوى والتي تمسك الخصم بدلالتها فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور في التسبيب. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد تمسك أمام المحكمة المطعون في حكمها بدفاعه الوارد بوجه النعي المطروح وكانت المطعون ضدها بعد أن صدر الحكم الابتدائي بإلزامها بأن تؤدي للطاعن مبلغ 15000 درهم قيمة الراتب عن الشهر الأخير ومبلغ 30000 درهم بدل إجازة ومبلغ 15000 درهم بدل تذكرة سفر طعنت عليه بالاستئناف رقم 690/ 2010 مدني طالبة تعديله بجعل المبلغ المقضي به بعد إجراء المقاصة فيما بين المستحق للطاعن وبين المبلغ المدفوع له زيادة على تذاكر السفر مبلغاً وقدره 40/6699 درهماً وأقرت صراحة في مذكرة دفاعها المقدمة بجلسة 4-10-2010 بأن الطاعن يستحق فقط مبلغ 7425 درهماً بدل إجازات ومبلغ 4271 درهماً راتب خمسة أيام عن شهر مايو 2009، ومع ذلك الحكم المطعون فيه لم يلق بالاً إلى هذا الإقرار وقضى بإلغاء الحكم الابتدائي في هذا الخصوص بما أورده بمدوناته من أنه ((عن طلب المستأنف (الطاعن) عن راتبه عن الشهر الأخير ومكافأة نهاية الخدمة وبدل إجازة وتذكرة سفر وعلاوة سنوية فإن الثابت من إشعار الدفع عند الانتهاء والصادر من قبل المستأنف ضدها (المطعون ضدها) لصالح المستأنف بسدادها لجميع الطلبات التي بعاليه وهو ما لم ينكره المستأنف على هذا المستند بثمة مطعن أو بعدم استلامه)) دون أن يبحث ويمحص دفاع الطاعن في هذا الشأن رغم أنه دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى في هذا الشق منها، وكان المستند الذي اعتد به في قضائه والمعنون بعبارة "إشعار دفع عند الانتهاء" لا ينهض دليلاً للمطعون ضدها تحتج به على الطاعن إذ لا يحمل توقيعاً منسوباً إليه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون بذلك قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب بما يوجب نقضه في هذا الخصوص مع الإحالة.

وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ قرر بعدم اتخاذ إجراء بشأن طلب التعويض عن الفعل الضار على سند من أنه لم يسدد الرسم المقرر عنه هذا في حين أن طلباته جميعها مدنية ومرتبطة بالعلاقة التي جمعته مع المطعون ضدها وسدد عنها الرسوم كاملة بموجب الإيصال رقم 18324 في 24-1-2010 بمبلغ 30020 درهماً وهو الحد الأقصى للرسوم ثم سدد رسوم الاستئناف بموجب الإيصال رقم 152944 في 13-6-2010 بمبلغ 6020 درهماً وأنه على فرض وجود خطأ من جانب المختصين بالتسجيل في قيمة الرسوم وتبينت المحكمة المطعون في حكمها هذا الخطأ فكان يتعين عليها أن تقدر القيمة عندئذ وتكلفه بسداد فرق الرسم، إلا أنها لم تفعل ذلك ومن ثم فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير سديد ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وفقاً لنص الفقرة أ من المادة 8 من قانون رسوم المحاكم رقم 1 لسنة 1994 أنه إذ تضمنت الدعوى طلبات ناشئة عن سبب قانوني واحد كان التقدير باعتبار قيمتها جملة، فإذا كانت عن أسباب قانونية مختلفة كان التقدير باعتبار قيمة كل منها على حدة، والمقصود بالسبب القانوني في مفهوم هذه المادة هو الواقعة التي تولد عنها الالتزام أو تولد عنها الحق الذي يرتكن إليه المدعي في طلبه أو الأساس القانوني الذي تبنى عليه الدعوى سواء كان هذا السبب يستند إلى عقد أم إرادة منفردة أم فعل غير مشروع أم إثراء بلا سبب أم نص في القانون. لما كان ذلك، وكانت الدعوى ولئن رفعت في ظاهرها بطلبين هما إلزام المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن مبلغ 1,042500 درهم وبتحرير شهادة خبرة إلا أن الثابت من الأسباب التي أقيمت عليها أن هذا المبلغ منه مبلغ 442500 درهم قدم بشأنه سبعة طلبات أسسها الطاعن مع طلب تحرير شهادة نهاية الخدمة على عقد العمل والباقي منه مبلغ 600000 درهم تعويضاً أسسه على الفعل الضار، وبالتالي فإن الدعوى في حقيقتها قد تضمنت على تسعة طلبات، الثمانية الأول منها ناشئة عن سبب قانوني يختلف عن الطلب التاسع، فإنه لا ينظر في تقدير الدعوى إلى مجموع الطلبات وإنما تقدر الطلبات الثمانية الأولى منها فقط – الناشئة عن عقد العمل – باعتبارها جملة ويحصل رسم واحد عنها مقداره ثلاثون ألف درهم ويقدر الطلب التاسع المتعلق بالتعويض المستند إلى الفعل الضار على حدة ويستوفى عنه رسم قدره أيضاً ثلاثون ألف درهم وفق ما تقضي به المادتان 8 و19 من قانون رسوم المحاكم، ولما کان الثابت من إيصال رسوم القضايا رقم 18324 المؤرخ 24-1-2010 أن الطاعن لم يدفع رسماً عن الدعوى سوى مبلغ ثلاثين ألف درهم ومن ثم فإن النعي بهذا الشق يكون على غير أساس – أما النعي في شقه الثاني فهو سديد ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه الهيئة – وعلى ما تقدم بيانه – أنه يجوز للمدعي أن يقوم باستكمال الرسم أثناء نظر الاستئناف متى تبينت المحكمة أن ما سبق سداده من رسم كان ناقصاً عما هو مقرر بموجب أحكام رسوم المحاكم رقم 1 لسنة 1994، وتلتزم المحكمة في هذه الحالة بإتاحة الفرصة للمدعي لاستكمال الرسم الذي سبق لقلم الكتاب تقديره عند تقديم صحيفة الدعوى دون أن يفطن المدعي لحقيقة المقدار الواجب عليه سداده من الرسوم وقتذاك، فإذا ما قام بسداد فرق الرسم الذي حددته المحكمة بعد تكليفه به فلا محل للتقرير بعدم السير في نظر الخصومة طالما تم استيفاء ما يكمل الرسم. لما كان ذلك، وكانت المحكمة المطعون في حكمها لمجرد أنها قد تبين لها أن الطاعن لم يدفع الرسم المقرر عن طلب التعويض المبني على الفعل الضار ورتبت على ذلك عدم اتخاذ أي إجراء فيه دون أن تحدد الرسم المقرر عنه ودون تكليف الطاعن بسداده فإنها تكون قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه بما يوجب نقض حكمها في هذا الخصوص. على أن يكون مع النقض الإحالة إلى محكمة الاستئناف لتقضي في هذا الطلب من جديد بعد إتاحة الفرصة للطاعن بسداد الرسم المقرر عنه.

لذلك حكمت الهيئة العامة بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً في خصوص ما قضى به من رفض طلبات الطاعن المتعلقة بالراتب ومكافأة نهاية الخدمة وبدل إجازة وتذكرة سفر وعلاوة سنوية وفيما قرره بعدم اتخاذ أي إجراء في طلب التعويض عن الفعل الضار، وبإحالة الدعوى في خصوص الشق المنقوض إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد وبرفض الطعن فيما عدا ذلك، وبإلزام الطاعن بربع المصروفات مع مصادرة ربع التأمين، وبإلزام المطعون ضدها بمبلغ ألف درهم مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 56 لسنة 2016 ق جلسة 23 / 1 / 2017 مكتب فني 11 ج 1 هيئة عامة إيجارات أبو ظبي ص 1

جلسة 23/1/2017 (هيئة عامة إيجارات)
برئاسة السيد المستشار/ علال عبد السلام لعبودي - رئيس المحكمة.
والسيد المستشار/ عبد العزيز محمد عبد العزيز- رئيس الدائرة التجارية الثانية.
والسيد المستشار/ محمد الأمين بيب - رئيس دائرة الأحوال الشخصية.
والسيد المستشار/ إمام البدري علي - رئيس الدائرة المدنية.
والسيد المستشار/ يوسف عبد الحليم - رئيس الدائرة التجارية الأولى.
(1)
(الطعن رقم 56 لسنة 2016 س 11 ق.أ)
----------------- 
1 - إجراءات "بطلان الإجراءات". بطلان.
- بطلان الإجراء. حالاته. المادة 13 من قانون الإجراءات المدنية.

2 - إجراءات. إيجار. تسجيل. عقد "أنواع من العقود. عقد الإيجار". دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى".
- عقد الإيجار في قرار رئيس المجلس التنفيذي رقم 4 لسنة 2011 بشأن قواعد وإجراءات تسجيل عقود الإيجار في إمارة أبوظبي. مقصوده. ما لا تزيد مدته عن أربع سنوات وأبرم وفقا للقانون رقم 20 لسنة 2006. عقود الإيجار التي تزيد عن تلك المدة. خضوعها للقانونين 3 لسنة 2005، 19 لسنة 2005 أساس ذلك؟

3 - إجراءات. تسجيل. عقد "أنواع من العقود. عقد الإيجار". دعوى "الدفع بعدم قبول الدعوى". دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى".
- عدم تسجيل عقود الإيجار المعنية بقرار رئيس المجلس التنفيذي رقم 4 لسنة 2011 لدى البلدية المختصة لا يرتب جزاء عدم قبول الدعوى أمام اللجان المختصة. أساس ذلك وعلته؟ مؤداه: العدول عما يخالفه من رأي.
- اللجان المختصة والجهات المختصة في معنى القرار المذكور. ماهية كل منهما.

4 - إجراءات. إيجار. بطلان. تسجيل. دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى". هيئة عامة. نقض التصدي للموضوع".
- الهيئة العامة لمحكمة النقض. عدولها عن مبدأ يتصل بالنزاع المطروح في الطعن أو إقرارها ما كان متعارضا. التزامها بالتصدي للفصل في موضوع الطعن دون إعادته إلى الدائرة المحيلة.

5 - إجراءات "إجراءات الإعلان". إعلان.
- عدم وجود المراد إعلانه في موطنه أو في محل عمله. وجوب تسليم الصورة إلى أي من الساكنين معه من الأزواج أو الأقارب أو الأصهار أو لمن يقر أنه من القائمين على إدارة محل العمل أو من الموظفين فيه. عدم وجود أي من هؤلاء أو امتناع من وجد منهم عن التسلم. وجوب إثبات ذلك في الأصل والصورة وعرض الأمر على القاضي المختص أو رئيس الدائرة. أساس ذلك. مثال.

6 - إجراءات "إجراءات الإعلان" إعلان. إيجار. عقد "انتهاء العقد" "أنواع من العقود: عقد الإيجار".
- ثبوت صحة إخطار المطعون ضده للمؤسسة الطاعنة بعدم رغبة الأول في تجديد عقد الإيجار عند انتهاء مدته بتسليمه لموظف يعمل لديها وفي المدة المنصوص عليها قانونا. إعمال الحكم المطعون فيه أثره وقضاؤه بانتهاء العقد وبإخلاء الطاعنة. صحيح. النعي عليه بأن تسلم الموظف لا أثر له ولا يحقق الغاية من الإخطار. نعي على غير أساس.
----------------- 
1 - نصت المادة 13 من قانون الإجراءات المدنية أن الإجراء يكون باطلا إذا نص القانون صراحة على بطلانه أو إذا شابه عيب أو نقص جوهري لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء. 

2 - إذ نصت المادة (4) من قرار رئيس المجلس التنفيذي رقم 4 لسنة 2011 بشأن قواعد وإجراءات تسجيل عقود الإيجار في إمارة أبوظبي على "أن تسجل كافة عقود الإيجار القائمة وقت العمل بأحكام هذا القرار أو التي تبرم بعد العمل به في سجل عقود الإيجار، كما يؤشر في نفس السجل بأي تعديل يطرأ على تلك العقود بعد تسجيلها. لا يعتد أمام الجهات المختصة إلا بعقود الإيجار المسجلة وفقا لأحكام هذا القرار، ولا تقبل وتوقف أية معاملة تتطلب عقد إيجار ما لم يكن مسجلا في البلدية المعنية. وللبلدية المعنية وقف معاملات المؤجر الخاصة بتسجيل عقود الإيجار الجديدة للعقار المخالف في حالة مخالفته أي حكم من أحكام هذا القرار". كما يستفاد من نص المادة الأولى من القرار المعني أن المقصود "بعقد الإيجار" الوارد في القرار هو العقد الذي لا تزيد مدته على أربع سنوات والمبرم وفقا لأحكام القانون رقم 20 لسنة 2006 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة الإيجارية في إمارة أبوظبي. علما بأن عقود الإيجار التي تزيد مدتها على أربع سنوات قد نظمها القانونان رقما 3 لسنة 2005 بشأن تنظيم التسجيل العقاري بإمارة أبوظبي والقانون 19 لسنة 2005 بشأن الملكية العقارية المعدل بالقانون 2 لسنة 2007 بالنسبة للمدة والتسجيل. 

3 - ألزمت المادة 5 من القرار رقم 4 لسنة 2011 آنف الذكر المؤجرين بتسجيل عقود الإيجار التي عناها القرار والتي تم إبرامها قبل أو بعد صدور هذا القرار وتسجيل عقود الإيجار عند تجديدها أو تعديلها، لدى البلدية المعنية. وأباحت المادة 6 من ذات القرار للمستأجر إذا كان عدم تسجيل العقد أو تعديلاته بسبب يرجع للمؤجر، أن يلجأ (المستأجر) إلى اللجان المختصة لاستصدار حكم بصحة التوقيع على عقد الإيجار وتسجيله بالبلدية المختصة ويتحمل المؤجر رسوم التسجيل. وللمستأجر الحق في اللجوء إلى اللجان المختصة بطلب اتخاذ إجراء وقتي لحين الفصل في دعوى صحة التوقيع. كما قررت المادة 3 من القانون رقم 20 لسنة 2006 بشأن إيجار الأماكن لإمارة أبوظبي على أنه "اعتبارا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون تبرم عقود الإيجار كتابة، كما يجب تحرير عقود الإيجارات القائمة وقت العمل بهذا القانون إن كانت غير محررة. ويجوز للمستأجر إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات. لما كان ذلك وكان يبين من نصوص القرار رقم 4 لسنة 2011 بشأن قواعد وإجراءات تسجيل عقود الإيجار في إمارة أبوظبي والمار ذكرها أنه لم يرتب كجزاء على عدم تسجيل عقد الإيجار الذي لا تزيد مدته على أربع سنوات، عدم قبول الدعوى بشأنه أمام اللجان المختصة، خاصة وأنه قد فرق في التعريف الوارد في مادته الأولى بين "الجهات المختصة" "واللجان المختصة" حيث عني بالأولى الدوائر الحكومية والجهات المختصة بتوصيل الخدمات مثل الغاز والكهرباء والاتصالات وكل جهة يتصل نشاطها بالعقارات الخاضعة لأحكام هذا القانون" أما اللجان المختصة فقد عني بها "لجنة فض المنازعات الإيجارية ولجنة الاستئناف ولجنة النقض المشكلة وفقا للقانون 20 لسنة 2006 بشأن إيجار الأماكن"، وكان يبين من نص المادة 4/2 من نفس القرار والمار ذكرها أن عدم الاعتداد بالعقد غير المسجل قد اقتصر على الجهات المختصة ولا ينسحب على اللجان المختصة. فضلا عن أن الفقرة الثالثة من ذات المادة قد بينت الجزاء على عدم تسجيل العقد حيث منحت للبلدية المعنية الحق في وقف معاملات المؤجر الخاصة بتسجيل عقود الإيجار الجديدة للعقار المخالف في حالة مخالفته أي حكم من أحكام ذلك القرار. كما ألزمت المادة الخامسة من ذات القرار المؤجرين بتسجيل بيانات عقاراتهم وكافة عقود الإيجار السارية والتي تم إبرامها قبل أو بعد صدور هذا القرار وتسجيل عقود الإيجار عند تجديدها أو تعديلها وإلا قامت البلدية بذلك الإجراء والرجوع على المؤجر بكافة الرسوم والمصروفات الإدارية، مما يعني أن القضاء بعدم قبول الدعوى حال عدم تسجيل عقد الإيجار يفتقر إلى السند القانوني، خاصة وأن المادة 3/2 من قانون إيجار الأماكن قد أجازت للمستأجر إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات وذلك في حالة عدم إبرام العقد المعني كتابة وذلك يشمل - من باب أولى - حالة عدم تسجيل العقد لدى البلدية. 

4 - إذ كانت الهيئة قد خلصت على النحو المتقدم إلى أن عدم تسجيل عقد الإيجار لدى البلدية المختصة لا يرتب عدم قبول الدعوى أمام لجان فض المنازعات المختصة وكانت ثمة أحكام قد صدرت في هذا الاتجاه كما في الطعن رقم 68/2014 بتاريخ 20/10/2014 والطعن 92/2014 بتاريخ 16/2/2015 وإنما للبلدية إتمام الإجراءات والرجوع على المالك بكافة الرسوم الإدارية، ومن ثم فإن الهيئة العامة تقر هذا المبدأ دون ما يخالفه من رأي. وحيث إن القضاء قد استقر على أنه إذا أحالت إحدى الدوائر بالمحكمة الطعن المنظور أمامها إلى الهيئة العامة للنظر في العدول عن مبدأ يتصل بالنزاع المطروح في الطعن أو إقرار ما كان متعارضا من المبادئ القانونية فإن الهيئة إذا ما فصلت في أي من هاتين المسألتين فلا تعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته، وإنما يتعين عليها أن تتصدى للفصل في موضوع الطعن بعد أن تقول كلمتها في موضوع الإحالة. 

5 - المقرر قانونا عملا بالمادة 8/3 من قانون الإجراءات المدنية أنه إذا لم يجد القائم بالإعلان الشخص المراد إعلانه في موطنه كان عليه أن يسلم الصورة فيه إلى أي من الساكنين معه من الأزواج أو الأقارب أو الأصهار وإذا لم يجد المطلوب إعلانه في محل عمله كان عليه أن يسلم الصورة فيه لمن يقرر أنه من القائمين على إدارة هذا المحل أو أنه من الموظفين فيه. كما نصت الفقرة الرابعة من ذات المادة على أنه إذا لم يكن أحد الأشخاص المذكورين في الفقرات السابقة موجودا وقت الإعلان أو امتنع من وجد منهم عن تسلمه وجب على القائم بالإعلان إثبات ذلك في الأصل والصورة ويعرض الأمر على القاضي المختص أو رئيس الدائرة حسب الأحوال ليأمر بتعليق صورة من الإعلان في لوحة الإعلانات وعلى باب المكان الذي يقيم فيه المراد إعلانه أو باب آخر مكان أقام فيه أو بنشره في صحيفة يومية واسعة الانتشار تصدر في الدولة باللغة العربية. لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد عرض لسبب النعي إيرادا وردا وخلص إلى رفضه تأسيسا على أن القائم بالإعلان قد توجه إلى المؤسسة الفردية الطاعنة لتنفيذ الإعلان ولم يجد مالكها إلا أنه عرض الإعلان على أحد الموظفين في المحل والذي رفض استلامه وتكرر ذلك في الإعلان للجلسة اللاحقة فتم الإعلان نشرا بعد موافقة لجنة المنازعات الإيجارية المختصة وأعيد الإعلان نشرا، ولما كان الطاعن لا ينكر أن الموظف المعني يعمل لديه وكان النص المار ذكره قد ترك الأمر بالخيار بين اللصق أو النشر ولم تكن هنالك ثمة حاجة لإجراء المزيد من التحري حول عنوان الطاعن المعلوم سلفا، فإن الإعلان بصحيفة الدعوى يكون قد تم صحيحا ويكون الحكم المطعون فيه قد جاء موافقا صحيح القانون ويضحى النعي غير قائم على أساس ومتعين الرفض. 

6 - إذ كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد أخطر المطعون ضده كتابة بعدم رغبته في تجديد العقد عند انتهاء مدته وقد سلم ذلك الإعلان لموظف يعمل بالمؤسسة الطاعنة وهو إعلان صحيح حسب المادة 8 من قانون الإجراءات المدنية المار ذكرها في الرد على سبب النعي السابق ومن ثم ينتج أثره في مواجهة الطاعن. وإذ استوفى ذلك الإخطار شروطه حيث سلم للطاعن قبل أكثر من ثلاثة شهور على انتهاء العقد المحدد لها بتاريخ 19/5/2015 وتم تسليم الإخطار في 30/1/2014 فإن شغل الطاعن العين بعد تاريخ انتهاء العقد يكون بدون وجه حق. ومن ثم يكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه قد بني على أسباب صحيحة لها سندها في القانون مما يستتبع رفض هذا النعي. ولما تقدم يتعين رفض الطعن. 
----------------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع سبق أن حصلها حكم الإحالة للهيئة الصادر في 20/12/2016 في أن المدعي (المطعون ضده) أقام بتاريخ 21/5/2015 الدعوى رقم 1845/2015 (إيجار أبوظبي) ضد المدعى عليه (الطاعن) بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار وعدم تجديده وإخلائه من العين المؤجرة وتسليمها خالية من الشواغل وفي حالة جيدة وصالحة للاستعمال وبسداد الأجرة من تاريخ انتهاء العقد في 19/5/2015 وحتى التسليم بالإضافة إلى الزيادة القانونية وبتقديم براءة ذمة من الماء والكهرباء والصيانة وذلك على سند من القول بأن المدعى عليه استأجر محل ...... وميزانين في البناية رقم .. ش 16/2 بالنادي السياحي أبوظبي بقيمة إيجارية 273.120 درهم سنويا وأن ملكية البناية آلت للمدعي بموجب سند الملكية مؤرخ في 21/5/2014، وأنه أخبر المدعى عليه بتاريخ 30/6/2014 بعدم الرغبة في تجديد العقد إلا أنه بعد انتهاء العقد في 19/5/2015 لم يبادر إلى الإخلاء، لذا كانت هذه الدعوى.


وبعد إعلان المدعى عليه بعنوانه بالعين المؤجرة رفض الموظف تسلم الإعلان لجلستين فقررت لجنة فض المنازعات الإيجارية إعلانه نشرا. وبجلسة 14/11/2015 حكمت اللجنة بانتهاء العقد سند الدعوى وإخلاء المدعى عليه من العين المبينة بعقد الإيجار وصحيفة الدعوى وأسباب هذا الحكم وتسليمها للمدعي خالية من الشواغل وبالحالة التي كانت عليها وقت التعاقد وبإلزام المدعى عليه أن يؤدي للمدعي مبلغ 273.120 درهم سنويا من تاريخ 25/5/2015 اليوم التالي لإنهاء العقد وحتى الإخلاء الفعلي والتسليم، وبتقديم براءة الذمة بسداده قيمة استهلاك الماء والكهرباء المستحقة على العين المؤجرة حتى تاريخ الإخلاء والتسليم الفعلي. ولدى استئناف المدعى عليه لهذا الحكم بالاستئناف رقم 280/2016 قضت لجنة الاستئناف بجلسة 24/10/2016 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، فكان الطعن بالنقض الماثل الذي عرض على لجنة النقض بغرفة مشورة فقررت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره. وقد رأت اللجنة بجلستها المنعقدة بتاريخ 20/12/2016 إحالته إلى الهيئة العامة المشكلة وفقا لأحكام المادة 36 من القانون 23/2006 بشأن دائرة القضاء والمادة 65 من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم 10/73 المعدل للفصل في الطعن على النحو الوارد بأسباب الإحالة للهيئة.
---------------- 
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أن عقد الإيجار سند الدعوى الذي اعتمده المطعون ضده غير مسجل وبالتالي لا يمكن الاستناد إليه لمخالفته للحظر المفروض بموجب الفقرة الثابتة من المادة 4 من قرار رئيس المجلس التنفيذي رقم 4 لسنة 2011 بشأن قواعد وإجراءات تسجيل عقود الإيجار في إمارة أبوظبي والتي نصت على أنه "لا يعتد أمام الجهات المختصة إلا بعقود الإيجار المسجلة وفقا لأحكام هذا القرار ولا تقبل وتوقف أية معاملة تتطلب عقد إيجار ما لم يكن مسجلا في البلدية المعنية" وقد استقرت الأحكام الصادرة من لجنة النقض على عدم الاعتداد بالعقود غير المسجلة منها الحكم الصادر في الطعن رقم 18/2016 بجلسة 1/11/2016، مما يوجب نقض الحكم المطعون فيه.


وحيث إنه بخصوص هذا السبب من أسباب الطعن فإن لجنة النقض سبق أن قضت في أحكامها الصادرة في الطعن رقم 67/2012 بتاريخ 28/11/2012 والطعن رقم 23/2016 بتاريخ 1/11/2016 والطعن رقم 18/2016 بتاريخ 1/11/2016 بأن عقود الإيجار التي لا تزيد مدتها على أربع سنوات لا يعمل بها إذا لم تكن مسجلة وفقا لقرار رئيس المجلس التنفيذي رقم 4 لسنة 2011 بشأن قواعد وإدارات تسجيل عقود الإيجار في إمارة أبوظبي الصادر بتاريخ 23/1/2011 وحكمت تبعا لذلك بنقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوى.


كما سبق للجنة أن أصدرت ثلاثة أحكام في الطعن رقم 68/2014 بتاريخ 20/10/2014 والطعن رقم 92/2014 بتاريخ 16/2/2015 والطعن رقم 42/2015 بتاريخ 6/7/2015 قضت فيها بأن عقد الإيجار المقدم في هذه الدعاوى وإن كان غير مسجل فإن قرار رئيس المجلس التنفيذي رقم 4 لسنة 2011 لم يرتب على عدم التسجيل عدم قبول الدعوى وإنما للبلدية إتمام الإجراءات والرجوع على المالك بكافة الرسوم، والحكم المطعون فيه عندما قضى بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوى لعدم تقديم عقد الإيجار مسجلا قد خالف القانون. وقد رأت لجنة النقض في ذلك تضاربا في الأحكام يستوجب عرض الطعن الماثل على الهيئة العامة بمحكمة النقض لحسم الخلاف وإقرار أحد المبدأين دون الآخر فأحالت الأوراق إلى السيد رئيس محكمة النقض للتكرم بتشكيل الهيئة لذلك الغرض عملا بالمواد 2 و3 و7 و10 و36 من القانون رقم 23 لسنة 2006 بشأن دائرة القضاء وتعديلاته والمادة 65 من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم 10 لسنة 73 المعدل بالقانون رقم 14 لسنة 85 فعرض الأمر على هذه الهيئة بعد تشكيلها من قبل السيد رئيس محكمة النقض.


وحيث إن الهيئة العامة لمحكمة النقض اطلعت على قرار مذكرة العرض المحال عليها من لجنة النقض للمنازعات الإيجارية والأحكام التي تضمنت المبدأين محل النظر، وبعد المداولة قررت حجز الطعن للحكم فيه بجلسة اليوم.


وحيث إن نص المادة 13 من قانون الإجراءات المدنية أن الإجراء يكون باطلا إذا نص القانون صراحة على بطلانه أو إذا شابه عيب أو نقص جوهري لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء. كما نصت المادة (4) من قرار رئيس المجلس التنفيذي رقم 4 لسنة 2011 بشأن قواعد وإجراءات تسجيل عقود الإيجار في إمارة أبوظبي على "أن تسجل كافة عقود الإيجار القائمة وقت العمل بأحكام هذا القرار أو التي تبرم بعد العمل به في سجل عقود الإيجار، كما يؤشر في نفس السجل بأي تعديل يطرأ على تلك العقود بعد تسجيلها. لا يعتد أمام الجهات المختصة إلا بعقود الإيجار المسجلة وفقا لأحكام هذا القرار، ولا تقبل وتوقف أية معاملة تتطلب عقد إيجار ما لم يكن مسجلا في البلدية المعنية. وللبلدية المعنية وقف معاملات المؤجر الخاصة بتسجيل عقود الإيجار الجديدة للعقار المخالف في حالة مخالفته أي حكم من أحكام هذا القرار". كما يستفاد من نص المادة الأولى من القرار المعني أن المقصود "بعقد الإيجار" الوارد في القرار هو العقد الذي لا تزيد مدته على أربع سنوات والمبرم وفقا لأحكام القانون رقم 20 لسنة 2006 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة الإيجارية في إمارة أبوظبي. علما بأن عقود الإيجار التي تزيد مدتها على أربع سنوات قد نظمها القانونان رقما 3 لسنة 2005 بشأن تنظيم التسجيل العقاري بإمارة أبوظبي والقانون 19 لسنة 2005 بشأن الملكية العقارية المعدل بالقانون 2 لسنة 2007 بالنسبة للمدة والتسجيل، وقد ألزمت المادة 5 من القرار رقم 4 لسنة 2011 آنف الذكر المؤجرين بتسجيل عقود الإيجار التي عناها القرار والتي تم إبرامها قبل أو بعد صدور هذا القرار وتسجيل عقود الإيجار عند تجديدها أو تعديلها، لدى البلدية المعنية. وأباحت المادة 6 من ذات القرار للمستأجر إذا كان عدم تسجيل العقد أو تعديلاته بسبب يرجع للمؤجر، أن يلجأ (المستأجر) إلى اللجان المختصة لاستصدار حكم بصحة التوقيع على عقد الإيجار وتسجيله بالبلدية المختصة ويتحمل المؤجر رسوم التسجيل. وللمستأجر الحق في اللجوء إلى اللجان المختصة بطلب اتخاذ إجراء وقتي لحين الفصل في دعوى صحة التوقيع. كما قررت المادة 3 من القانون رقم 20 لسنة 2006 بشأن إيجار الأماكن لإمارة أبوظبي على أنه "اعتبارا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون تبرم عقود الإيجار كتابة، كما يجب تحرير عقود الإيجارات القائمة وقت العمل بهذا القانون إن كانت غير محررة. ويجوز للمستأجر إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات.


لما كان ذلك وكان يبين من نصوص القرار رقم 4 لسنة 2011 بشأن قواعد وإجراءات تسجيل عقود الإيجار في إمارة أبوظبي والمار ذكرها أنه لم يرتب كجزاء على عدم تسجيل عقد الإيجار الذي لا تزيد مدته على أربع سنوات، عدم قبول الدعوى بشأنه أمام اللجان المختصة، خاصة وأنه قد فرق في التعريف الوارد في مادته الأولى بين "الجهات المختصة" "واللجان المختصة" حيث عني بالأولى الدوائر الحكومية والجهات المختصة بتوصيل الخدمات مثل الغاز والكهرباء والاتصالات وكل جهة يتصل نشاطها بالعقارات الخاضعة لأحكام هذا القانون" أما اللجان المختصة فقد عني بها "لجنة فض المنازعات الإيجارية ولجنة الاستئناف ولجنة النقض المشكلة وفقا للقانون 20 لسنة 2006 بشأن إيجار الأماكن"، وكان يبين من نص المادة 4/2 من نفس القرار والمار ذكرها أن عدم الاعتداد بالعقد غير المسجل قد اقتصر على الجهات المختصة ولا ينسحب على اللجان المختصة. فضلا عن أن الفقرة الثالثة من ذات المادة قد بينت الجزاء على عدم تسجيل العقد حيث منحت للبلدية المعنية الحق في وقف معاملات المؤجر الخاصة بتسجيل عقود الإيجار الجديدة للعقار المخالف في حالة مخالفته أي حكم من أحكام ذلك القرار. كما ألزمت المادة الخامسة من ذات القرار المؤجرين بتسجيل بيانات عقاراتهم وكافة عقود الإيجار السارية والتي تم إبرامها قبل أو بعد صدور هذا القرار وتسجيل عقود الإيجار عند تجديدها أو تعديلها وإلا قامت البلدية بذلك الإجراء والرجوع على المؤجر بكافة الرسوم والمصروفات الإدارية، مما يعني أن القضاء بعدم قبول الدعوى حال عدم تسجيل عقد الإيجار يفتقر إلى السند القانوني، خاصة وأن المادة 3/2 من قانون إيجار الأماكن قد أجازت للمستأجر إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات وذلك في حالة عدم إبرام العقد المعني كتابة وذلك يشمل - من باب أولى - حالة عدم تسجيل العقد لدى البلدية.


وحيث إن الهيئة قد خلصت على النحو المتقدم إلى أن عدم تسجيل عقد الإيجار لدى البلدية المختصة لا يرتب عدم قبول الدعوى أمام لجان فض المنازعات المختصة وكانت ثمة أحكام قد صدرت في هذا الاتجاه كما في الطعن رقم 68/2014 بتاريخ 20/10/2014 والطعن 92/2014 بتاريخ 16/2/2015 وإنما للبلدية إتمام الإجراءات والرجوع على المالك بكافة الرسوم الإدارية، ومن ثم فإن الهيئة العامة تقر هذا المبدأ دون ما يخالفه من رأي.


وحيث إن القضاء قد استقر على أنه إذا أحالت إحدى الدوائر بالمحكمة الطعن المنظور أمامها إلى الهيئة العامة للنظر في العدول عن مبدأ يتصل بالنزاع المطروح في الطعن أو إقرار ما كان متعارضا من المبادئ القانونية فإن الهيئة إذا ما فصلت في أي من هاتين المسألتين فلا تعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته، وإنما يتعين عليها أن تتصدى للفصل في موضوع الطعن بعد أن تقول كلمتها في موضوع الإحالة.


وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول من أسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والمساس بحق الطاعن ذلك أن عقد الإيجار سند الدعوى الذي اعتمده المطعون ضده غير مسجل وبالتالي لا يمكن الاستناد إليه لمخالفته للحظر المفروض بموجب الفقرة الثانية من المادة 4 من قرار رئيس المجلس التنفيذي رقم 4 لسنة 2011 بشأن قواعد وإجراءات تسجيل الإيجار في إمارة أبوظبي والتي نصت على أنه "لا يعتد أمام الجهات المختصة إلا بعقود الإيجار المسجلة وفقا لأحكام هذا القرار ولا تقبل وتوقف أية معاملة تتطلب عقد إيجار ما لم يكن مسجلا في البلدية المعنية" وقد استقرت الأحكام الصادرة من لجنة النقض على عدم الاعتداد بالعقود غير المسجلة، منها الحكم الصادرة في الطعن رقم 18/2016 بتاريخ 1/11/2016، مما يستوجب نقض الحكم.


وحيث إن هذا النعي غير سديد. ذلك أنه لما كانت هذه الهيئة قد انتهت في قضائها على النحو المتقدم أعلاه إلى إقرار مبدأ أن عدم تسجيل عقد الإيجار الذي لا تزيد مدته على أربع سنوات في البلدية المعنية لا يرتب عدم قبول الدعوى أمام لجان فض المنازعات الإيجارية المختصة، فمن ثم فإن النعي يضحى غير قائم على أساس خليقا بالرفض.


وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أنه قضى بفسخ العقد وإخلائه من العين موضوع الدعوى بالرغم من بطلان إعلانه بصحيفة الدعوى حيث تم إعلانه عن طريق النشر بعد ما رفض موظفه استلام الإعلان ودون بذل أي جهد للتحري عن عنوانه حتى يمكن إعلانه بالدعوى وحضوره لإبداء دفاعه وتحقيق مبدأ المواجهة، الشيء الذي يبين عدم توافر المبررات التي قررتها المادة 8 من قانون الإجراءات المدنية بجواز الإعلان بالنشر، حيث ورد فيها: يجوز الإعلان بالنشر إذا تحقق مكتب إدارة الدعوى أو القاضي المختص أو رئيس الدائرة - بحسب الأحوال - أنه ليس للمطلوب إعلانه موطن أو محل إقامة أو موطن مختار أو محل عمل أو عنوان بريدي أو فاكس أو بريد الكتروني - مما يستوجب نقض الحكم.


وحيث إن هذا النعي غير سديد. ذلك أن من المقرر قانونا عملا بالمادة 8/3 من القانون الإجراءات المدنية أنه إذا لم يجد القائم بالإعلان الشخص المراد إعلانه في موطنه كان عليه أن يسلم الصورة فيه إلى أي من الساكنين معه من الأزواج أو الأقارب أو الأصهار وإذا لم يجد المطلوب إعلانه في محل عمله كان عليه أن يسلم الصورة فيه لمن يقرر أنه من القائمين على إدارة هذا المحل أو أنه من الموظفين فيه. كما نصت الفقرة الرابعة من ذات المادة على أنه إذا لم يكن أحد الأشخاص المذكورين في الفقرات السابقة موجودا وقت الإعلان أو امتنع من وجد منهم عن تسلمه وجب على القائم بالإعلان إثبات ذلك في الأصل والصورة ويعرض الأمر على القاضي المختص أو رئيس الدائرة حسب الأحوال ليأمر بتعليق صورة من الإعلان في لوحة الإعلانات وعلى باب المكان الذي يقيم فيه المراد إعلانه أو باب آخر مكان أقام فيه أو بنشره في صحيفة يومية واسعة الانتشار تصدر في الدولة باللغة العربية.


لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد عرض لسبب النعي إيرادا وردا وخلص إلى رفضه تأسيسا على أن القائم بالإعلان قد توجه إلى المؤسسة الفردية الطاعنة لتنفيذ الإعلان ولم يجد مالكها إلا أنه عرض الإعلان على أحد الموظفين في المحل والذي رفض استلامه وتكرر ذلك في الإعلان للجلسة اللاحقة فتم الإعلان نشرا بعد موافقة لجنة المنازعات الإيجارية المختصة وأعيد الإعلان نشرا، ولما كان الطاعن لا ينكر أن الموظف المعني يعمل لديه وكان النص المار ذكره قد ترك الأمر بالخيار بين اللصق أو النشر ولم تكن هنالك ثمة حاجة لإجراء المزيد من التحري حول عنوان الطاعن المعلوم سلفا، فإن الإعلان بصحيفة الدعوى يكون قد تم صحيحا ويكون الحكم المطعون فيه قد جاء موافقا صحيح القانون ويضحى النعي غير قائم على أساس ومتعين الرفض.


وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والمساس بحق الطاعن ذلك أن ما ادعاه المطعون ضده بأنه قام بإخطار الطاعن بعدم الرغبة في تجديد العقد واعتمده الحكم المطعون فيه لتأسيس قضائه هو قول مرسل لأن الثابت أن الطاعن لم يتسلم أي إخطار بعدم الرغبة في تجديد العقد وأنه عند حلول مواعيد السداد بادر بسداد الأجرة في لجنة فض المنازعات الإيجارية وأن ما ذكره الحكم المطعون فيه بأن موظف الطاعن تسلم الإخطار لا أثر له ولا يؤدي إلى تحقق الغرض المنشود من الإخطار لأن الموظف المقصود ليس مخولا من الطاعن ولا صفة له حتى يتسلم الإخطار، مما يتضح معه أن قضاء الحكم جاء مخالفا للقانون بما يستوجب نقضه.


وحيث إن هذا النعي أيضا غير سديد، ذلك أنه حسب الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد أخطر المطعون ضده كتابة بعدم رغبته في تجديد العقد عند انتهاء مدته وقد سلم ذلك الإعلان لموظف يعمل بالمؤسسة الطاعنة وهو إعلان صحيح حسب المادة 8 من قانون الإجراءات المدنية المار ذكرها في الرد على سبب النعي السابق ومن ثم ينتج أثره في مواجهة الطاعن. وإذ استوفى ذلك الإخطار شروطه حيث سلم للطاعن قبل أكثر من ثلاثة شهور على انتهاء العقد المحدد لها بتاريخ 19/5/2015 وتم تسليم الإخطار في 30/1/2014 فإن شغل الطاعن العين بعد تاريخ انتهاء العقد يكون بدون وجه حق. ومن ثم يكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه قد بني على أسباب صحيحة لها سندها في القانون مما يستتبع رفض هذا النعي. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.