الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2020

الطعن 162 لسنة 38 ق جلسة 10 /1/ 1974 مكتب فني 25 ج 1 ق 25 ص 139

جلسة 10 من يناير سنة 1974

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور حافظ هريدي وعضوية السادة المستشارين: محمد سيد أحمد حماد، علي صلاح الدين، أحمد صفاء الدين، عز الدين الحسيني.

--------------------

(25)
الطعن رقم 162 لسنة 38 القضائية

(1) حكم. "بيانات الحكم". بطلان "بطلان الحكم".
البيانات الواجب تضمينها الحكم. إغفال ذكر حضور الخصوم ومكان إصدار الحكم. لا بطلان. م. 349 مرافعات سابق.
 (2)دفوع. "الدفع بعدم قبول الدعوى". استئناف "الأثر الناقل للاستئناف" دعوى. نقل بحري.
الحكم بعدم قبول الدعوى طبقاً للمادتين 274، 275 من قانون التجارة البحري. قضاء في الموضوع تستنفد به المحكمة ولايتها. استئناف هذا الحكم بطرح الدعوى برمتها على محكمة الاستئناف في حدود طلبات المستأنف.
(3) حكم. "ما لا يعد تناقضاً". "استئناف. "الحكم في الاستئناف".
حكم محكمة أول درجة بقبول الدفع بعدم قبول الدعوى. قضاء الحكم المطعون فيه - في أسبابه بإلغاء هذا الحكم وفي موضوع الدعوى برفضها. تضمين الأسباب أن هذا القضاء يتفق في نتيجته مع قضاء محكمة أول درجة بعدم القبول. القضاء من بعد في المنطوق برفض الاستئناف - وتأييد الحكم المستأنف. لا تناقض.
(4) حكم. "تسبيب الحكم. تسبيب كاف." محكمة الموضوع.
عدم التزام محكمة الموضوع بالرد على ما يقدمه الخصوم من مستندات - حسبها أن تقيم حكمها على ما يصلح من الأدلة لحمله.
 (5)نقض. "تقرير الطعن".
النعي بأن الحكم أغفل الرد على الدفاع الوارد بصحيفة الاستئناف دون بيان هذا الدفاع في تقرير الطعن. غير مقبول.
 (6)دعوى. "إعادة الدعوى إلى المرافعة". حكم. "تسبيب الحكم" محكمة الموضوع.
المحكمة غير ملزم بإجابة طلب فتح باب المرافعة أو مد أجل الحكم لتقديم مستندات بعد حجز الدعوى للحكم دون الإذن بتقديم مذكرات أو مستندات عدم الاستجابة لطلب إعادة الدعوى للمرافعة وإغفال الحكم الإشارة إليه وإلى المستند المقدم معه. لا عيب.

--------------
1 - إنه وإن كانت المادة 349 من قانون المرافعات السابقة قد أوجبت تضمين الحكم بيانات معينة من بينها مكان إصداره وحضور الخصوم أو غيابهم، إلا أن هذه المادة - كما يبين من فقرتها الثانية - لم ترتب البطلان إلا على القصور في أسباب الحاكم الواقعية والنقض أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم، وكذا عدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم وعضو النيابة الذي أبدى رأيه في القضية، ومؤدى ذلك أن إغفال الحكم إثبات حضور الخصوم ومكان إصداره لا يترتب عليه بطلانه، ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
2 - متى كانت محكمة أول درجة قد حكمت بعدم قبول الدعوى تطبيقاً لحكم المادتين 274، 275 من قانون التجارة البحري، وكان هذا القضاء منها هو قضاء في الموضوع، فإنها تكون قد استنفدت به ولايتها في الفصل في موضوع الدعوى، ويكون الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم قد طرح الدعوى بما احتوته من طلبات وأوجه دفاع على محكمة استئناف في حدود طلبات المستأنف وإذ كانت الطاعنة قد طلبت في صحيفة استئنافها إلغاء الحكم المستأنف والقضاء لها في موضوع الدعوى بطلباتها، فألغت محكمة الاستئناف الحكم الصادر في الدفع. وقضت برفض الدعوى، فإنها لا تكون قد خالفت القانون.
3 - إذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن ألغي - في أسبابه - الحكم الابتدائي الصادر بقبول الدفع - بعدم قبول الدعوى - عاد وقضى في موضوع الدعوى برفضها، وأشار في أسبابه إلى أن القضاء يتفق في نتيجته مع ما قضت به محكمة أول درجة من عدم قبول الدعوى، وأنه لذلك لا يسع المحكمة إلا أن تقضي برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وكان القضاء بعدم قبول الدعوى في واقعة النزاع يتفق في نتيجته والقضاء برفضها فإن النعي على الحكم بالتناقض والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
4 - محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات، وحسبها أن تقيم حكمها على ما يصلح من الأدلة لحمله.
5 - متى كانت الطاعنة لم تبين في تقرير الطعن أوجه الدفاع التي ضمنتها صحيفة استئنافها، والتي تنعى على الحكم إغفال الرد 6 -  المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب فتح باب المرافعة أو مدجل الحكم لتقديم مستند جديد في الدعوى. وإذ كانت الطاعنة لم تقدم ما يدل على أن محكمة الاستئناف عندما قررت حجز القضية للحكم قد أذنت بتقديم مذكرات أو مستندات، فإنه لا يعيب الحكم عدم الاستجابة لهذا الطلب أو إغفال الإشارة إليه وإلى المستند المقدم معه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن شركة التأمين الأهلية (الطاعنة) أقامت الدعوى رقم 81 لسنة 1964 تجاري كلي إسكندرية ضد شركة إسكندرية للتوكيلات الملاحية عن نفسها وبصفتها وكيلة عن السفينة اجيوس نيكولاس (المطعون عليها) تطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 400 جنيه، وقالت بياناً لدعواها إن شركة النصر للمسبوكات كانت قد استوردت كمية من الحديد الخام على السفينة المشار إليها، وعهدت إلى المدعى عليها بصفتها الشخصية بتفريغ الرسالة عند وصولها وحراستها على الأرصفة الجمركية، وتبين بعد تفريغ الرسالة بميناء الإسكندرية في 24/ 1/ 1963 وجود عجز بها قدر الخبير قيمته بالمبلغ المطالب به وإذ كانت تلك البضاعة مؤمناً عليها لدى المدعية فقد أقامت بدفع هذا المبلغ للشركة المستوردة التي تنازلت لها عن حقوقها في الرجوع على الغير وإذ كانت المدعى عليها مسئولة عن العجز بصفتها وكيلة عن السفينة الناقلة، كما تسأل عنه بصفتها الشخصية باعتبارها مقاولاً للتفريغ والحراسة على الأرصفة الجمركية، فقد أقامت الدعوى بطلباتها. ودفعت المدعى عليها بعدم قبول الدعوى إعمالاً لحكم المادتين 274، 275 من قانون التجارة البحري. وفي 9/ 1/ 1967 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى الموجهة للمطعون عليها بصفتها وكيلة عن السفينة وبرفضها قبلها وبصفتها الشخصية - استأنفت الشركة المدعية هذا الحكم وطلبت إلغاءه والقضاء لها بطلباتها وقيد الاستئناف برقم 156 سنة 22 ق إسكندرية. وفي 23/ 1/ 1968 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف - فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب حاصل الوجهين الأول والثاني من السبب الخامس بطلان الحكم المطعون فيه، لخلوه من بيان مكان إصداره وإثبات حضور الطاعنة أو غيابها، مخالفاًً لذلك نص المادة 349 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه وإن كانت المادة 349 من قانون المرافعات السابق قد أوجبت تضمين الحكم بيانات معينة من بينها مكان إصداره وحضور الخصوم أو غيابهم، إلا أن هذه المادة - كما يبين من فقرتها الثانية - لم ترتب البطلان إلا على القصور في أسباب الحكم الواقعية والنقص أو الخطأ الجسيم في أسماء الخصوم وصفاتهم وكذا عدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم وعضو النيابة الذي أبدي رأيه في القضية، ومؤدى ذلك أن إغفال الحكم إثبات حضور الخصوم ومكان إصداره، لا يترتب عليه بطلانه ومن ثم يكون النعي بهذين الوجهين على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول أن محكمة الاستئناف بعد أن ألغت حكم محكمة أول درجة القاضي برفض الدفع بعدم قبول الدعوى تصدت للموضوع، تأسيساً على أنه دفع موضوعي تستنفذ محكمة أول درجة بالفصل فيه ولايتها بنظر الدعوى، في حين أن هذا الدفع لا يمس الموضوع لأن المادتين 274، 275 من قانون التجار البحري تتعلقان بالدعوى لا بالحق المراد حمايته بمقتضاها، كما أن الاستئناف لا ينقل إلى محكمة الدرجة الثانية غير النزاع الذي فصلت فيه محكمة أول درجة حقيقة أو حكماً وفي حدود ما رفع عنه الاستئناف فقط وإذ كان الحكم الابتدائي لم يفصل إلا في الدفع بعدم القبول فإن الطعن فيه بالاستئناف لا يشمل غير القضاء في هذا الدفع، ومن ثم فإن على محكمة الاستئناف أن تعيد القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها طالما أن هذه المحكمة لم تفصل فيه ولم تتعرض له، وإذا تصدت محكمة الاستئناف لهذا الموضوع، تكون قد حرمت الطاعنة من إحدى درجتي التقاضي، وهو من المبادئ الأساسية للنظام القضائي التي لا يجوز للمحكمة مخالفتها، ولا يجوز للخصوم الاتفاق على خلافها.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كانت محكمة أول درجة قد حكمت بعدم قبول الدعوى تطبيقاً لحكم المادتين 274، 275 من قانون التجارة البحري، وكان هذا القضاء منها هو قضاء في الموضوع فإنها تكون قد استنفدت به ولايتها في الفصل في موضوع الدعوى، ويكون الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم قد طرح الدعوى بما احتوته من طلبات وأوجه دفاع على محكمة استئناف في حدود طلبات المستأنف، ولما كانت الطاعنة قد طلبت في صحيفة استئنافها إلغاء الحكم المستأنف والقضاء لها في موضوع الدعوى بطلباتها، فألغت محكمة الاستئناف الحكم الصادر في الدفع وقضت برفض الدعوى، فإنها لا تكون قد خالفت القانون.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجهين الأول والثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه التناقض والقصور في التسبيب، ذلك أنه رغم قضائه في الأسباب برفض الدفع بعدم قبول الدعوى، فإنه انتهى في المنطوق إلى تأييد الحكم الابتدائي الذي قضى بقبوله. كما لا يفهم من أسبابه ما إذا كانت المحكمة قد قصدت إلى تأييد قضاء محكمة أول درجة في الدفع بعدم القبول أم إلى إلغائه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن ألغى الحكم الابتدائي الصادر بقبول الدفع، عاد وقضى في موضوع الدعوى برفضها، وأشار في أسبابه إلى أن هذا القضاء يتفق في نتيجته مع ما قضت به محكمة أول درجة من عدم قبول الدعوى وأنه لذلك لا يسع المحكمة إلا أن تقضي برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، إذ كان ذلك وكان القضاء بعدم قبول الدعوى في واقعة النزاع يتفق في نتيجته والقضاء برفضها، فإن النعي على الحكم بالتناقض والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث من السبب الثاني القصور في التسبيب، ذلك أن الطاعنة أضافت أمام محكمة الاستئناف سبباً جديداً لدعواها قبل الشركة المطعون عليها بصفتها الشخصية هو مسئوليتها عن الرسالة باعتبارها حارسة عليها، غير أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا السبب الجديد، واكتفى في رفض الدعوى قبل المطعون عليها بصفتها المذكور بالإحالة على الأسباب التي استند إليها الحكم الابتدائي.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه يبين من الأوراق أن الطاعنة طلبت في صحيفة افتتاح الدعوى إلزام المطعون عليها بصفتها الشخصية بالتعويض على أساس أنها المقاول الذي قام بتفريغ البضاعة والمسئولة عن حراستها على الأرصفة الجمركية، إذ كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه في هذا الخصوص، وقد نفى مسئولية الشركة بصفتها الشخصية باعتبارها مقاولاً للتفريغ أو حارساً، فإن النعي بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب من وجوه (أولها) أنه أخطأ في فهم نظام تسليم صاحبه ذلك أن المطعون عليها قدمت للتدليل على عدم وجود عجز بالرسالة إقراراً صادراً في11/ 2/ 1963 من الشركة المستوردة باستلام الرسالة كاملة، وقد ردت الطاعنة على هذا الإقرار بأنه في ظل نظام تسليم صاحبه لا تصرح السلطات الجمركية للمرسل إليه باستلام البضاعة إلا بموافقة شركة الملاحة الناقلة التي لا تعطى موافقتها إلا إذا وقع المرسل إليه قبل بدء التسليم إقراراً باستلام الرسالة كاملة، وبالرغم من ذلك، فقد استند الحكم في نفي وجود عجز بالرسالة إلى ذلك الإقرار الذي وقعته المستوردة مكرهة حتى تتمكن من استلام البضاعة فعلاً، ورد على دفاع الطاعنة في هذا الشأن بقوله أنه لو صح لحرر الإقرار قبل وصول السفينة وتفريغ حمولتها، وهو ما لا يصلح رداً على هذا الدفاع لأن التسليم الفعلي لم يبدأ إلا في 1/ 3/ 1963. و(ثانيها) أنه أغفل الرد على المستندات التي قدمتها الطاعنة التي تقطع بوجود العجز. و(ثالثها) أنه لم يرد على دفاع الطاعنة الوارد في الأسباب الثالث والرابع والخامس بصحيفة الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي مردود في وجهيه الأولين ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه استدل على قيام المطعون عليها بالوفاء بالتزامها بتسليم الرسالة إلى المستوردة طبقاً لبيانات سند الشحن، بالإقرار الصادر منها في 11/ 2/ 1962 باستلام الرسالة كاملة، واستبعد صدور هذا الإقرار تحت تأثير الإكراه لعدم تقديم الدليل عليه، ونفى تمامه قبل تسليم البضاعة فعلاً بتحريره بعدم وصول السفينة وتفريغ حمولتها في 20/ 1/ 1963 وإتمام الإجراءات الجمركية في 9/ 2/ 1963 وبمناسبة استلام الشركة المستوردة الرسالة من الجمرك عند الإفراج عنها، وهو استخلاص سائغ له أصله الثابت في الأوراق ويكفي لحمل قضائه، إذ كان ذلك وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات، وحسبها أن تقيم حكمها على ما يصلح من الأدلة لحمله، فإن النعي بهذين الوجهين لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا محل لإثارته أمام محكمة النقض. والنعي بالوجه الثالث غير مقبول ذلك أن الطاعنة لم تبين في تقرير الطعن أوجه الدفاع التي ضمنتها صحيفة استئنافها والتي تنعى على الحكم إغفال الرد عليها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث والوجه الثالث من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه إخلاله بحقها في الدفاع والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أنها قدمت طلباً لمحكمة الاستئناف أثناء فترة حجز القضية للحكم بإعادتها إلى المرافعة أو مد أجل الحكم حتى يتسنى للمطعون عليها الاطلاع على المستند الذي أرفقته بطلبها والذي يعبر بوضوح عن حقيقة الإقرار الصادر من مندوب الشركة المستوردة باستلام الرسالة كاملة، غير أن المحكمة لم تستجب لطلبها وأمرت باستبعاد المستند برغم أهميته دون أن تضمن حكمها الإشارة إلى هذا الطلب أو الرد على المستند المرفق به.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كانت الطاعنة لم تقدم ما يدل على أن محكمة الاستئناف عندما قررت حجز القضية للحكم قد أذنت بتقديم مذكرات أو مستندات، وكانت المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب فتح باب المرافعة أو مد أجل الحكم لتقديم مستند جديد في الدعوى، فإنه لا يعيب الحكم عدم الاستجابة لهذا الطلب أو إغفال الإشارة إليه وإلى المستند المقدم معه.

الطعنان 53 ، 57 لسنة 38 ق جلسة 1 /1/ 1974 مكتب فني 25 ج 1 ق 18 ص 92

جلسة أول يناير سنة 1974

برياسة السيد المستشار عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: عدلي بغدادي، وعثمان حسين عبد الله، محمد توفيق المدني، محمد كمال عباس.

---------------

(18)
الطعنان رقما 53 و57 لسنة 38 القضائية

(1) حكم. "عيوب التدليل". التناقض.
التناقض الذي يبطل الحكم هو ما تتماحى به أسبابه. أو ما يكون واقعاً في الأسباب بحيث لا يمكن معه فهم أساس قضاء المنطوق.
(2) حكم. "ما لا يعد تناقضاً". عقد. "إبطال العقد". بطلان. "بطلان التصرفات". أهلية.
قضاء الحكم ببطلان تصرفات المحجور عليه تأسيساً على أنه كان عند تصرفه في حالة عته معدم لإرادته. كفاية ذلك لحمل قضائه. استطراده إلى بحث حالة السفه أو انتفاء هذا الوصف عند تصرف المحجور عليه إلى آخرين. تزيد.
(3 و4) حكم. "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. أهلية.
القرار الصادر بتوقيع الحجز لعته. حيازته حجية مطلقة بوصفه منشئاً لحالة مدنية.
قضاء المنطوق هو المعول عليه في الحكم. حجية الأمر المقضي لا ترد إلا على هذا القضاء وما يكون من الأسباب مرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً.
 (5)محكمة الموضوع. نقض. "مسائل الواقع". أهلية.
تقدير حالة العته مما يتعلق بفهم الواقع في الدعوى. لا معقب من محكمة النقض على القاضي في ذلك متى كان استخلاصه سائغاً.
 (6)بطلان. "بطلان التصرفات". عقد. "إبطال العقد". أهلية. محكمة الموضوع. خبرة.
للقاضي مطلق الحق في تقدير ما يدلي به الخبراء من أراء. حقه في إقامة قضائه ببطلان العقد لعته المتصرف على ما يطمئن إليه من شهادة الشهود والقرائن ولو كانت مخالفة لرأي الطبيب.
 (7)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الأدلة". نقض. "سلطة محكمة النقض".
سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة. حقها في أن تأخذ بنتيجة دون أخرى. لا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كانت الأدلة التي أوردتها من شأنها أن تؤدي إلى هذه النتيجة.
 (8)حكم. "تسبيب الحكم". محكمة الموضوع. إثبات.
عدم التزام محكمة الموضوع ببيان أسباب عدم اطمئنانها إلى ما لم تأخذ به من أقوال الشهود تعزيز أقوال الشهود بقرائن قضائية يكمل بعضها بعضاً. عدم جواز مناقشة كل قرينة على حده للتدليل على عدم كفايتها في ذاتها.
 (9)محكمة الموضوع. "مسائل الواقع". أهلية. حكم. عيوب التدليل.
تعرف حسن نية المتصرف إليه أو سوء نيته من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع. عدم مخالفة ما استخلصه الحكم من أقوال الشهود للثابت بمحضر التحقيق. تدليله على سوء نية المتصرف إليه وعلمه بعته المتصرف بأسباب سائغة. لا قصور ولا خطأ في الإسناد.

---------------
1 - التناقض الذي يفسد الأحكام هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه.
2 - متى كان يبين أن الحكم المطعون فيه إذا قضى ببطلان التصرفات الصادرة من محجور المطعون ضدها وما ترتب عليها من تصرفات - قد أثبت أن ذلك المحجور عليه كان عند تصرفه إلى الطاعنين في حالة عته معدم لإرادته، وهو ما اتخذه الحكم أساساً للقضاء ببطلان تلك التصرفات، وكان هذا وحده كافياً لحمل قضائه فإنه لا يعيبه ما يكون قد استطرد إليه بعدئذ من بحث حالة السفه أو انتفاء هذا الوصف عن تصرفات المحجور عليه إلى زوجته وأولاده، وإذ كان ذلك من باب الفرض الجدلي والتزيد الذي يستقيم الحكم بدونه، وليس من شأنه أن يغير من الأساس الذي أقام الحكم عليه قضاءه ومن ثم يكون النعي عليه بالتناقض غير صحيح.
3 - المعول عليه في الحكم هو قضاؤه الذي يرد في المنطوق دون الأسباب، إلا أن تكون قد تضمنت الفصل في بعض أوجه النزاع التي أقيم عليها المنطوق والأصل أن حجية الأمر المقضي لا ترد إلا على منطوق الحكم، وعلى ما يكون من أسبابه مرتبطاً بالمنطوق ارتبطاً وثيقاً.
4 - القرار الصادر بتوقيع الحجر للعته - بوصفه منشئاً لحالة مدنية - له حجية مطلقة تسري في حق الناس جميعاً، وإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، واعتد بحجية ذلك القرار، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
5 -  من المقرر في قضاء هذه المحكمة (1)  أن تقدير حالة العته هو مما يتعلق بفهم الواقع في الدعوى فلا يخضع فيه قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض متى كان استخلاصه في ذلك سائغاً.
6 - الطبيب ليس هو الذي يعطي الوصف القانوني للحالة المرضية التي يشاهدها، بل الشأن في ذلك للقاضي الذي يملك أن يقيم قضاءه ببطلان العقود لعته المتصرف على ما يطمئن إليه من شهادة الشهود والقرائن، ولو كانت مخالفة لرأي الطبيب، إذ للقاضي مطلق الحق في تقدير ما يدلي به الخبراء من أراء.
7 - لمحكمة الموضوع سلطة تقدير أقوال الشهود والقرائن واستخلاص ما تقتنع به منها متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق، وهي إذ تباشر سلطتها في تقدير الأدلة تملك الأخذ بنتيجة دون أخرى متى أقامت قضاءها على أسباب كافية لحمله، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كانت الأدلة التي أوردتها من شأنها أن تؤدي إلى هذه النتيجة.
8 - لا إلزام على محكمة الموضوع - إذ تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود - بأن تسوق أسباب عدم اطمئنانها إلى ما لم تأخذ به منها، وهي إذا ساندت قضاءها - بعد اعتمادها على أقوال الشهود - بقرائن قضائية يكمل بعضها بعضاً، فإنه لا يسوغ مناقشة كل قرينة منها على حده للتدليل على كفايتها بذاتها في إثبات الحقيقة التي اطمأنت إليها.
9 - تعرف حسن نية المتصرف إليه أو سوء نيته هو من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع وإذ كان ما استخلصه الحكم من أقوال الشهود لا مخالفة فيه للثابت بأقوالهم بمحضر التحقيق، وكانت الأسباب التي استند إليها الحكم في التدليل على سوء نية الطاعنين المتصرف إليهم ممن تصرف له المحجور عليه - وعلمهما بعته محجور المطعون ضدها سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، فإن النعي عليه بالخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقريرين اللذين تلاهما السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى في الطعنين أقامت الدعوى رقم 504 سنة 1961 كلي المنيا على الطاعنين الثلاثة في الطعن رقم 53 سنة 38 ق - وهم المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرون في الطعن 57 سنة 38 ق. وعلى المطعون ضدهما الثاني والثالثة في الطعن الأول. وهما الطاعنان في الطعن الثاني - وطلبت الحكم ببطلان عقود البيع المبينة بصحيفة الدعوى والصادرة من محجورها إلى الطاعنين الثلاثة في الطعن الأول وببطلان التصرفات التي ترتبت عليها واعتبارها جميعاً كأن لم تكن وقالت في بيان ذلك أن هؤلاء الطاعنين الثلاثة استغلوا عته زوجها وفساد رأيه واستكتبوه ستة عقود خلال سنتي 1954 و1955 بيعه لهم خمسة وعشرين فداناً وأنها لذلك طلبت الحجر عليه وقضت محكمة الأحوال الشخصية بالجيزة في 20/ 11/ 1959 بالحجر عليه وبتعيينها قيمة عليه وأنه إزاء بطلان تلك التصرفات وما تبعها من تصرف أولئك الطاعنين الثلاثة بالبيع في تلك الأطيان إلى المطعون ضدهما الأخيرين فقد أقامت على هؤلاء الخمسة - بصفتها قيمة على المحجور عليه - هذه الدعوى بطلباتها سالفة البيان - دفع الطاعنون الثلاثة بسقوط الحق في طلب إبطال عقود البيع الصادرة إليهم لمضي ثلاث سنوات على إبرامها. وفي 28/ 5/ 1963 قضت المحكمة الابتدائية برفض هذا الدفع وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعية "المطعون ضدها الأولى بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها شهادة الشهود أن حالة عته محجورها وسفهه كانت شائعة ومعروفة ويعلمها المدعى عليهم جميعاً أو يستطيعون العلم بها وقت حصول التصرف وكانوا على بينة منها، أو أن التصرف تم بالنسبة للمدعى عليهم الثلاثة الأول "الطاعنين الثلاثة" نتيجة استغلال أو تواطؤ مع المحجور عليه استباقاً لصدور قرار الحجر ولينفي المدعى عليهم ذلك وبعد سماع شهود الطرفين قضت المحكمة في 29/ 3/ 1966 للمطعون ضدها الأولى بطلباتها استأنف المحكوم عليهم هذا الحكم بالاستئنافين رقم 88، 89 سنة 2 ق بني سويف "مأمورية المنيا" وفي 4/ 12/ 1967 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن المشترون من المشترين من المحجور عليه في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 53 سنة 38 ق، كما طعن فيه المشتريان منهم بالطعن رقم 57 سنة 38 ق، وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعنين، وبالجلسة المحددة لنظرهما قررت هذه المحكمة ضم ثانيهما إلى الأول ليصدر فيهما حكم واحد والتزمت رأيها السابق.
وحيث إن الطعن الأول بني على سبعة أسباب والطعن الثاني على أربعة ينعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه بالسبب الخامس من الطعن الأول وبالسبب الأول من الطعن الثاني، التناقض في التسبيب ويقولون في بيان ذلك أنه بينما ذهب الحكم إلى القول بأن محجور المطعون ضدهما الأولى كان في حالة عته وسفه معاً، وهما مما لا يتصور اجتماعهما، عاد فنفى عنه العته ووصفه بالسفه وحده، وذلك في الوقت الذي اعتبر فيه تصرفاته العاصرة بالبيع إلى زوجته وأولاده صحيحة وهو ما يعيب الحكم بالتناقض.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن التناقض الذي يفسد الأحكام هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه.
ولما كان الحكم الابتدائي الصادر في موضوع الدعوى بتاريخ 29/ 3/ 1966 - الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه - قد أثبت في مدوناته ما سبق لمحكمة الدرجة الأولى أن قضت به في 28/ 5/ 1963 من رفض الدفع بسقوط الحق في الدعوى لمضي المدة، وإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات شيوع حالة عته المحجور عليه، ونقل عن هذا الحكم - في مقام تأسيسه لما قضى به - قوله "إن المدعية - المطعون ضدها الأولى - بصفتها قيمة على زوجها أقامت دعواها بطلب الحكم ببطلان عقود البيع التي صدرت من زوجها وأن المقرر قانوناً أنه بالنسبة لمن صدر له التصرف ممن وقع عيه الحجر للعته عملاً بالمادة 114/ 2 من القانون المدني أنه إذا صدر التصرف قبل تسجيل قرار الحجر فلا يكون باطلاً إلا إذا كانت حالة العته شائعة وقت التعاقد أو كان الطرف الآخر على بينة منها باعتبار أن العته معدم لإدارة من يصاب به فتصبح تصرفاته باطلة من وقت ثبوته ولذلك لا يتطلب بطلانها توافر التحايل على القانون أو الغش أو التواطؤ بين من حجر عليه للعته والمتصرف له" وسار الحكم الابتدائي الصادر في الموضوع على هذا النهج في قضائه وانتهى بعد استعراضه لأدلة الطرفين إلى قوله "إنه على هدي ما تقدم يبين أن الدعوى الماثلة تكاملت لها عناصر صحتها فقد قام الدليل على أن حالة العته المحجور عليه كانت شائعة وقت إبرام العقود موضوع الدعوى. ولا مناص إعمالاً لحكم القانون من القضاء ببطلان هذه التصرفات قاطبة" وكان يبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه - إذا قضى ببطلان التصرفات الصادرة من محجور المطعون ضدها الأولى وما ترتب عليها من تصرفات - قد أثبت أن ذلك المحجور عليه كان عند تصرفه إلى الطاعنين الثلاثة في حالة عته معدم لإرادته، وهو ما اتخذه الحكم أساساً للقضاء ببطلان تلك التصرفات، وكان هذا وحده كافياً لحمل قضائه، فإنه لا يعيبه ما يكون قد استطرد إليه بعدئذ من بحث حالة السفه أو انتفاء هذا الوصف عن تصرفات المحجور عليه إلى زوجته وأولاده إذ كان ذلك من باب الفرض الجدلي والتزيد الذي يستقيم الحكم بدونه وليس من شأنه أن يغير من الأساس الذي أقام عليه الحكم قضاءه ومن ثم يكون النعي على الحكم بالتناقض غير صحيح.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول من الطعن الأول وبالوجه الثاني من السبب الثاني والوجه الأول من السبب الثالث من الطعن الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ويقولون في بيان ذلك أن دفاعهم أمام محكمة الموضوع كان يقوم على أن الحجر الموقع على محجور المطعون ضدها الأولى إنما كان للسفه لا العته إذ اقتصرت أسباب قرار الحجر على إثبات سفهه، مما لا يجوز معه القرار - فيما قضى به في منطوقه من الحجر عليه للعته أيضاً - قوة الأمر المقضي كما أنه لا يجوز هذه القوة لصدوره بناء على تواطؤ بين المحجور عليه وزوجته المطعون ضدها الأولى، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على ما تمسك به الطاعنون من ذلك فإنه يكون علاوة على خطئه في تطبيق القانون مشوباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان المعول عليه في الحكم هو قضاؤه الذي يرد في المنطوق دون الأسباب إلا أن تكون قد تضمنت الفصل في بعض أوجه النزاع التي أقيم عليها المنطوق، كما أن حجية الأمر المقضي لا ترد إلا على منطوق الحكم وعلى ما يكون من أسبابه مرتبطاً بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن محكمة الأحوال الشخصية قد "انتهت إلى القضاء بتوقيع الحجر العته والسفه على "محجور المطعون ضدها الأولى" وأنه ورد بأسباب قرار الحجر الصادر من تلك المحكمة "أنه ثبت من الكشف الطبي الشرعي أنه مصاب بانحلال عصبي لإدمانه المسكرات كما ظهر من مناقشته بمعرفة النيابة أن إجاباته تؤيد قيام هذه الحالة". هو ما يتفق والثابت بقرار الحجر - وقد رتب الحكم المطعون فيه على ذلك قوله. "أن ما ورد بمنطوق القرار من أن المطلوب الحجر عليه معتوه وسفيه حاز قوة الأمر المقضي ومرتبط ارتباطاً وثيقاً بأسبابه ولا محل لإعادة مناقشته أو المجادلة فيه" وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه أخذ بأسبابه قد رد على الإدعاء بصورية قرار الحجر بقوله "أنه لا جدوى مما يثيره المدعى عليهم من صورية قرار الحجر لأن هذا الحكم هو عنوان الحقيقة فيما يتعلق بحالة المحجور عليه العقلية والذهنية، وفيا يتعلق بتصرفاته السابقة على الحجر صحة وبطلاناً في حدود ما يقضي به القانون. ولا محل للقول بأنه صدر تواطؤاً بين الزوج وزوجته إضراراً بمن تصرف إليهم في أمواله لأن القضاء في هذه الأمور لا يكون رهناً باتفاقات تتم بين شخص وآخر لتعلقها بأهلية الشخص زوالاً أو نقصاً وتلك أمور متعلقة بالنظام العام فإذا ما استظهرت محكمة الأحوال الشخصية صحة طلب الحجر فلا يسمع بعد ذلك من إنسان قول بعكس ما قالت به المحكمة بل ولا تملك محكمة أخرى أن تنتهي إلى تقريرات تتعارض مع ما قالت به محكمة الأحوال الشخصية في هذا الصدد بقرار الحجر الذي وضع حداً للجدول في هذا الأمر وكان هذا الذي قرره الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه القانون، ذلك أن القرار الصادر بتوقيع الحجر قد حاز قوة الأمر المقضي فيما قضى به من الحجر على زوج المطعون ضدها الأولى للعته وأن هذا القرار - بوصفه منشئاً الحالة مدنية له حجية مطلقة تسري في حق الناس جميعاً. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر واعتد بحجية ذلك القرار فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو شابه قصور في التسبيب ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني من الطعن الأول وبالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ويقولون بيان ذلك أن الحكم قضى برفض الدفع المبدى منهم بسقط حق المطعون ضدها الأولى في طلب إبطال عقود البيع موضوع النزاع لعدم تمسكها به خلال ثلاث سنوات من تاريخ إبرام تلك العقود، تأسيساً من الحكم على أن طلب البطلان في واقعة الدعوى يتقادم بمضي خمس عشرة سنة عملاً بنص المادة 141 من القانون المدني، وفي حين أن طلب المطعون ضدها الأولى إبطال تصرفات محجورها مبناه بطلانها بطلاناً نسبياً يسقط الحق في التمسك به بمضي ثلاث سنوات طبقاً لنص المادة 140 من ذلك القانون وفي ذلك ما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه طبقاً لنص المادة 141 من القانون المدني لا تسقط دعوى البطلان إلا بمضي خمس عشرة سنة من وقت العقد. ولما كان الحكم المطعون فيه - وعلى ما سلف بيانه - قد أقام قضاءه على أن محجور المطعون ضدها الأولى كان مصاباً بعته معدم لإرادته في تاريخ العقود الصادرة منه إلى الطاعنين الثالثة - مما يقع معه تصرفه باطلاً عملاً بنص المادة 114 من ذلك القانون. وأنه لم تمضي خمس عشرة سنة على إبرام تلك العقود ورتب الحكم على ذلك قضاءه برفض الدفع بسقوط الحق في طلب إبطال تلك التصرفات بمضي ثلاث سنوات، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب غير سديد.
وحيث إن الطاعنين ينعون بباقي أسباب الطعن الأول وبالوجهين الثاني والثالث من السبب الثالث وبالسبب الرابع من الطعن الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ويقولون في بيان ذلك أنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بعدم قيام حالة العته بمحجور المطعون ضدها الأول في تاريخ العقود المطلوب إبطالها واستدلوا على ذلك بما أثبته الطبيب الشرعي الذي تولى فحصه في تقريره الذي قدمه إلى محكمة الأحوال الشخصية في قضية الحجر وبما أدلى به أمام تلك المحكمة من أن حالة العته ترجع إلى شهر سبتمبر سنة 1955 وهو ما أيده فيه التقرير الطبي الاستشاري المقدم من الطاعن الأول إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذه الأدلة الفنية وأقام قضاءه على أن حالة عته المتصرف كانت قائمة به منذ تاريخ سابق على التصرفات الصادرة في غضون سنة 1954 ومستهل سنة 1955 والقضاء تبعاً لذلك ببطلانها وما ترتب عليها من تصرفات واستند في ذلك إلى أقوال شهود وقرائن لا تصلح لحمل قضائه إذ أنه علاوة على وجوب الاستناد في تقدير الحالة العقلية إلى أراء ذوي الخبرة بمثل هذه المسألة الفنية، فإن ما ساقه الحكم من قرائن حاصلها أن توقيع المتصرف على تلك العقود تم بعيداً عن موطنه بمغاغة وأن الطاعنين الثلاثة في الطعن الأول لم يكونوا إلا ستاراً للطاعنين في الطعن الثاني اللذين اشتريا الأطيان مثار النزاع منهم بعد تصرف محجور المطعون ضدها الأولى إليهم فيها لا تنهض دليلاً على ثبوت عته ذلك المتصرف لأن العقود الصادرة منه قدمت إلى مكتب الشهر العقاري بمغاغة لمراجعتها وأن التوقيع عليها في القاهرة إنما كان لإقامته بما وقتئذ كما أن شراء الطاعنين في الطعن الثاني لتلك الأطيان كان على فترات متباعدة وكذلك فإنه ليس فيما شهد به شهود المطعون ضدها الأولى من اعتياد محجورها معاقرة الخمر منذ أمد بعيد، وأما أبده أحدهم أمام المحكمة الابتدائية من أقوال تخالف ما سبق له الإدلاء به أمام محكمة الأحوال الشخصية في قضية الحجر، ما يصلح لإثبات عته ذلك المتصرف في تاريخ العقود الصادرة منه إلى الطاعنين الثلاثة، وفي ذلك كله ما يعيب الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن تقدير حالة العته هو مما يتعلق بفهم الواقع في الدعوى فلا يخضع فيه قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض متى كان استخلاصه في ذلك سائغاً وأن من حقه أن يحيل الدعوى إلى التحقيق لإثبات عته المتصرف وقت صدور العقود المطعون فيها وأن الطبيب ليس هو الذي يعطي الوصف القانوني للحالة المرضية التي يشاهدها بل الشأن في ذلك للقاضي الذي يملك أن يقيم قضائه ببطلان العقود لعته المتصرف على ما يطمئن إليه من شهادة الشهود والقرائن ولو كانت مخالفة لرأي الطبيب إذ للقاضي مطلق الحق في تقدير ما يدلي به الخبراء من آراء، ولما كان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه قد أورد في مقام الرد على ما تمسك به الطاعنون من رأي الطبيب الشرعي قوله "إن ما قال به الطبيب الذي وقع الكشف على المحجور عليه بمناسبة طلب الحجر من إرجاع حالة العته إلى تاريخ أو آخر يعتبر في هذا الشأن دليلاً ظنياً لا يرقى إلى مرتبة الدليل القطعي... وقد قرر الطبيب أنه من الممكن إرجاع حالتي العته والسفه إلى أغسطس أو سبتمبر سنة 1955 ورغم أن تلك التواريخ متقاربة مع تواريخ التصرفات موضوع الدعوى مما يوحي في حد ذاته بأن حالتي العته والسفه كانتا قائمتين وقت إبرامها إلا أن الذي تراه المحكمة مؤكداً هذا المعنى مؤيداً له ما أدلى به شهود المدعية وعلى الأخص الأول والثالث منهم ولما كان هذا من الحكم سائغاً ولا خطأ فيه فإن النعي عليه بهذا الشق لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، والنعي في شقه الأخر مردود أيضاً بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير أقوال الشهود والقرائن واستخلاص ما تقتنع به منها متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق وأنها إذ تباشر سلطتها في تقدير الأدلة تملك الأخذ بنتيجة دون أخرى متى أقامت قضاءها على أسباب كافية لحمله ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كانت الأدلة التي أوردتها من شأنها أن تؤدي إلى هذه النتيجة، وأنه لا إلزام على محكمة الموضوع - إذا تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود - بأن تسوق أسباب عدم اطمئنانها إلى ما لم تأخذ به منها كما أنه إذا ساندت قضاءها - بعد اعتمادها على أقوال الشهود - بقرائن قضائية يكمل بعضها بعضاً فإنه لا يسوغ مناقشة كل قرينة على حده للتدليل على عدم كفايتها بذاتها في إثبات الحقيقة التي اطمأنت إليها. ولما كان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه، بعد أن أورد فحوى أقوال شهود أطراف النزاع الذي استمعت إليهم محكمة الدرجة الأولى نفاذاً لحكمها الصادر في 28/ 5/ 1963 أخذ بأقوال شهود المطعون ضده الأولى - التي اطمأن إليها في التدليل على عته محجورها في تاريخ تصرفه بالبيع إلى الطاعنين الثلاثة وشيوع هذه الحالة علاوة على علمهم بها، وساند ذلك بما أورده من قرائن واتخذ من هذه وتلك قواماً لقضائه وكان الحكم المطعون فيه قد أضاف إلى ذلك قوله "إن المحكمة تطمئن إلى أقوال شاهدي المستأنف ضدها (المطعون ضدها الأول) الأول والثالث إذا قرر أولهما أن المحجور عليه.... كان منغمساً في الملذات يحتسي الخمور ويغيب عن وعيه وفي حالة انهيار كما أنه لا يعرف أنه يوجه نفسه... وأن جميع الذين يقيمون بمحافظة المنيا يعلمون بحالته... كما شهد الثالث بما يؤيد أقول الشاهد السابق... وأن المحكمة تطمئن لأقوال هذا الشاهد الأخير التي أدلى بها أمام المحكمة ولا تثريب عليها إن هي اعتمدت على أقواله دون الأقوال التي أدلى بها أمام محكمة الأحوال الشخصية لما كان ذلك وكان ما استخلصه الحكم المطعون فيه من أقوال الشهود يتفق مع ما ورد بشأنها بمحضر التحقيق ولا خروج فيه عما يؤدي إليه مدلولها؛ وكانت القرائن التي استند إليها مستمدة من أوراق الدعوى ومتساندة يكمل بعضها بعضاً بما لا يجوز معه مناقشة كل منها على حدة، وكانت هذا الأدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم من قيام حالة العته بمحجور المطعون ضدها الأولى إبان تصرفه بالبيع إلى الطاعنين الثلاثة مما لا رقابة لمحكمة النقض عليه فيه، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين في الطعن الثاني ينعيان بالوجه الرابع من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب ويقولان في بيان ذلك أنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بأنهما كانا يجهلان قيام حالة العته المقول بها بمحجور المطعون ضدها الأولى إذا أن تاريخ طلب الحجر لاحق على تاريخ التصرفات الصادرة منه إلى الطاعنين الثلاثة في الطعن الأول بعد شرائهما من هؤلاء بعض الأطيان المبيعة إليهم وكذلك فإن الطلب والقرار الصادر بتوقيع الحجرة لم يسجلاً، وأنهما كانا بذلك حسني النية وأن محكمة الدرجة الأولى قدرت جدية هذا الدفاع فقضت بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبيت المدعية "المطعون ضدها الأولى" أن حالة العته كانت شائعة في تاريخ التصرفات المطلوبة إبطالها وأن المدعى عليهم "الطاعنين في الطعنين" كانوا على علم بها، وقد اتفقت كلمة الشهود إثباتاً ونفياً على أنهم لا يعملون شيئاً عن سوء نية الطاعنين، ولكن الحكم المطعون فيه نسب إلى الشهود ما لم يقولوه وقضى ببطلان التصرفات الصادرة إليهما، دون أن يعني بالرد على دفاعهما مما يعيبه بالخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه دلل على سوء نية الطاعنين. في الطعن رقم 57 سنة 38 ق. - بقوله "إنه يبين من الحكم المستأنف أنه أقام قضاءه ضد المستأنفين على ما قرره من أن الشاهد الأول شهد عن صلة المدعى عليه الرابع وزوجته المدعى عليها الخامسة - الطاعنين في الطعن رقم 57 سنة 38 ق - بالمدعى عليهم الثلاثة الأول "الطاعنين في الطعن رقم 53 سنة 38 ق" - وعن مدى علمهم بحالة محجور المطعون ضدها الأولى وأنه نما لعلمه بأن المدعى عليهم الثلاثة الأول تصرفوا فيما ابتاعوه من..... من أطيان إلى المدعى عليه الرابع وزوجته المدعى عليها الخامسة وأن... وأطيانه تابعان لزمام بلدة طنبدي وأن المدعى عليه الرابع بحكم وظيفته كعمدة يعلم كل ما يدور ببلدته خصوصاً وأن التصرفات التي صدرت من..... للمدعى عليهم الثلاثة الأول كانت أمراً شائعاً لكل الناس وقرر الشاهد الثالث أن العمدة يعلم بحالة... بحكم مجاورته... وأطيانه التي تبعد عنه بحوالي 2 كيلو متر كما أن كل من محافظة المنيا على علم بحالته وأن هذه المحكمة تطمئن لأقوال هذين الشاهدين في شأن علم المستأنفين بحالة...." وقد أضاف الحكم "وقد قطع شهود المدعية بصفتها بعلم المدعى عليهم جميعاً بما كانت عليه حالة المحجوز عليه وقت إبرام تلك التصرفات بل إن هؤلاء الشهود قد قطعوا بسوء النية المدعى عليهما الأخيرين "الطاعنين في الطعن رقم 57 سنة 38 ق" إذ قد رفضا الشراء بادئ ذي بدء من المحجوز عليه لما يعلمان عن حالته ثم إذ بهما بعد برهة وجيزة تمضي بين كل العقود الصادرة إلى المدعى عليهم الثلاثة الأول ثم ينتقل بعد ذلك مباشرة إلى المدعى عليهما الأخيرين بل أن هذه الصورة تقرب إلى الذهن معنى أكبر عمقاً من ذلك مؤداه أنه المدعى عليهما الأخيرين قد جعلا من المدعى عليهم الثلاثة الأول ستاراً لستر التصرفات التي استهدف أصلاً أن تكون لهما لأنه لا يمكن تصور أن تكون الصدفة وحدها هي العامل الوحيد في أن تصدر عقود أربعة من المحجور عليه إلى المدعى عليهم الثلاثة الأول ثم تتعاقب هذه التصرفات الأربعة رأساً وإلى المدعى عليهما الرابعة والخامسة". لما كان ذلك وكان تعرف حسن نية المتصرف إليهما أو سوء نيتهما هو من وسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع وكان ما استخلصه الحكم من أقوال الشهود لا مخالفة فيه للثابت بأقوالهم بمحضر التحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الأولى وكانت الأسباب التي استند إليها الحكم في التدليل على سوء نية الطاعنين المذكورين وعلمهما بعته محجوز المطعون ضدها الأولى سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعنين.

لذلك

رفضت المحكمة الطعنين وألزمت الطاعنين في كل منهما بمصروفات طعنهم وبمبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة للمطعون ضدها الأولى وحكمت بمصادر الكفالة في كل من الطعنين.


 (1) نقض 19/ 1/ 1971 مجموعة المكتب الفني السنة 22. ص 71.

الطعن 306 لسنة 38 ق جلسة 30 / 12 / 1974 مكتب فني 25 ج 2 ق 255 ص 1506

جلسة 30 ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمود العمراوي وعضوية السادة المستشارين: أحمد فتحي مرسي، ومصطفى سليم، ودكتور مصطفى كيره، وأحمد سيف الدين سابق.

--------------

(255)
الطعن رقم 306 لسنة 38 القضائية

  (1)نقض "إيداع الأوراق".
إقامة الحكم المطعون فيه قضاءه في شق منه على أسباب مستقلة والإحالة في الآخر إلى أسباب الحكم الابتدائي. قصر الطعن على الشق الأول دون النعي على الآخر. عدم وجوب تقديم صورة من الحكم الابتدائي.
 (2)نقض "الخصوم في الطعن". دعوى "الخصوم في الدعوى".
الخصومة في الطعن بالنقض. قاصرة على من كان خصماً في النزاع الذي فصل فيه بالحكم المطعون فيه. الخصم الذي لم يطلب في الاستئناف سوى الحكم في مواجهته ولم يقض له أو عليه بشيء. ليس خصماً حقيقياً. عدم قبول اختصامه في الطعن.
 (3)تأميم "أثره". شركات.
عدم زوال الشخصية المعنوية للمشروع بالتأميم. مسئوليته كاملة عن جميع التزاماته السابقة على التأميم. لا يغير من ذلك أيلولة أسهم الشركات المؤممة إلى الدولة وتحديد مسئوليتها عن التزاماتها السابقة في حدود ما آل إليها من أموال وحقوق في تاريخ التأميم.
 (4)اختصاص "الاختصاص الولائي". تحكيم. نظام عام. شركات.
التحكيم في المنازعات بين شركات القطاع العام وبين الأشخاص الطبيعيين اختياري. عدم تعلقه بالنظام العام ما لم يقم دليل على قبول هؤلاء الأشخاص له بعد وقوع النزاع.

---------------
1 - متى كان البين من مراجعة تقرير الطعن وطلبات الطاعنة أن الطعن قد أنصب على ما قضى به الحكم المطعون فيه من إلغاء الحكم الابتدائي وإلزام الطاعنة على وجه التضامن مع المطعون ضدها الثانية بأن يدفعا للبنك المطعون ضده الأول مبلغ.... والفوائد، وجاءت أسباب الطعن قاصرة على تعييب الحكم المطعون فيه في هذا الشق لما أورده من أسباب مستقلة عن أسباب الحكم الابتدائي، أما الشق الخاص بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض الدعوى قبل الخصوم المدخلين والذي أحال فيه الحكم المطعون فيه إلى أسباب الحكم الابتدائي فلم يكن محل نعى من الطاعنة، ولم تتضمن أسباب الطعن أي تعييب له، إذ كان ذلك فلا موجب لتقديم صورة من الحكم الابتدائي.
2 - الخصومة في الطعن أمام محكمة النقض لا تكون إلا بين من كانوا خصوماً في النزاع الذي فصل فيه بالحكم المطعون فيه. وإذا كان الثابت إنه لم يطلب من محكمة أول درجة الحكم على المطعون ضدهما التاسع والعاشر بشيء، وقضت تلك المحكمة بإخراجهما من الدعوى. وأمام محكمة ثاني درجة لم يطلب المستأنف (المطعون ضده الأول) سوى الحكم في مواجهتهما، ثم لم تقض تلك المحكمة لهما أو عليهما بشيء، وبالتالي فإنهما ليسا من الخصوم الحقيقيين في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه اختصامهما في الطعن يكون في غير محله.
3  - مؤدى القانون 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت ومذكرته الإيضاحية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - (1) أن الشارع لم يشأ انقضاء المشروع المؤمم بمقتضى هذا القانون، بل رأى الإبقاء على شكله القانوني، واستمراره في ممارسة نشاطه مع إخضاعه للجهة الإدارية التي يرى إلحاقه بها. وهذا الإشراف لا يعني زوال شخصية المشروع المؤمم بل تظل له شخصيته المعنوية التي كانت له قبل التأميم، وذمته المالية المستقلة بما عساه يكون عالقاً بها من التزامات، فيسأل المشروع مسئولية كاملة عن جميع التزاماته السابقة على التأميم كنتيجة حتمية لاستمرار شخصيته المعنوية، ولا يغير من ذلك أيلولة أسهم الشركات المؤممة إلى الدولة، مع تحديد مسئوليتها عن التزاماتها السابقة في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ التأميم. ذلك أن مسئولية الدولة - وقد أصبحت المساهم الوحيد بعد أن آلت إليها ملكية جميع الأسهم - لا تعدو أن تكون تطبيقاً للقواعد العامة في مسئولية المساهم الذي لا يسأل أثناء قيام الشركة عن التزاماتها، وإنما تتحدد مسئوليته عند التصفية بقيمة ما يملكه من أسهم.
4 - لما كان قرار مجلس الوزراء الذي تستند إليه الطاعنة لا يتصل بتنظيم ولاية القضاء أو اختصاصه وإنما يتضمن توجيهات إدارية صادرة إلى جهات الإدارة ووحدات القطاع العام بطلب وقف السير في المنازعات المطروحة بينها على المحاكم، والعمل على فض تلك المنازعات عن طريق هيئات التحكيم التي نص عليها ذلك القرار. وكان مفاد نص المادة 66 من القانون رقم 32 لسنة 1966 أن التحكيم في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام وبين الأشخاص الطبيعيين هو تحكيم اختياري رهين بقبول هؤلاء الأشخاص بعد وقوع النزاع إحالته إلى التحكيم. وكان النزاع المطروح على المحكمة يضم أشخاصاً طبيعيين، هم المطعون ضدهم من الرابع للثامن، مما يجعل التحكيم في هذه الحالة اختيارياً لا يتعلق بالنظام العام طالما لم يقم دليل على قبولهم له. لما كان ذلك وكان لا يجوز التمسك بسبب من أسباب الطعن غير التي ذكرت بالتقرير ما لم يتعلق بالنظام العام، فإن ما تنعاه الطاعنة بمذكرتها الشارحة من مخالفة قواعد الاختصاص المتعلق بالنظام العام يكون غير مقبول [(2)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول (بنك القاهرة) أقام الدعوى رقم 54 سنة 1964 تجاري كلي الإسكندرية ضد الشركتين الطاعنة والمطعون ضدها الثانية طالباً الحكم بإلزامهما متضامنتين بأن تؤديا إليه مبلغ 500 جنيه والفوائد القانونية. وأسس دعواه على أنه يداين هاتين الشركتين بالمبلغ المطالب به بمقتضى سند إذني مؤرخ 1/ 7/ 1958 صادر من الشركة الأولى قبل تأميمها لأمر الثانية، ويستحق الوفاء في 31/ 3/ 1962 ومظهر لأمر البنك المطعون ضده، وأن الشركة الطاعنة قد تخلفت عن الوفاء بقيمة هذا السند رغم إعلانها باحتجاج عدم الدفع، وفي خلال سير الدعوى اختصم البنك المطعون ضده الأول باقي المطعون ضدهم استناداً إلى أن الشركة المدينة الأصلية (شركة سيارات الإسكندرية والبحيرة) قد أممت وحلت محلها الشركة الطاعنة وأن الخصوم المدخلين مسئولون عن الدين بوصفهم أصحاب الشركة المؤممة وفقاً للقانون 117 سنة 1961 والمعدل بالقانون 149 لسنة 1962 وفي 15/ 3/ 1965 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية برفض الدعوى قبل الشركة الطاعنة والمطعون ضدهم من الثالث للأخير وبإلزام الشركة المطعون ضدها الثانية بأن تؤدي للبنك المطعون ضده الأول مبلغ خمسمائة جنيه (500 جنيه) والفوائد بواقع 5% اعتباراً من 7/ 1/ 1964. استأنف البنك المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 213 سنة 21 ق تجاري. ومحكمة استئناف الإسكندرية قضت في 10/ 4/ 1968 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى للشركة الطاعنة، وبإلزامها على وجه التضامن مع الشركة المطعون ضدها الثانية بأن تؤدياً للبنك المطعون ضده الأول مبلغ 500 جنيه والفوائد. وبتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض. ودفع المطعون ضدهم الأول والتاسع والعاشر بعدم قبول الطعن. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما التاسع والعاشر ورفضه بالنسبة للباقين وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فقررت تحديد جلسة لنظره وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
ومن حيث إن مبنى الدفع المقدم من البنك (المطعون ضده الأول) أن الشركة الطاعنة لم تقدم صورة من الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في أسبابه.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن البين من مراجعة تقدير الطعن وطلبات الطاعنة، أن الطعن قد انصب على ما قضى به الحكم المطعون فيه من إلغاء الحكم الابتدائي وإلزام الطاعنة على وجه التضامن مع المطعون ضدها الثانية بأن يدفعا للبنك المطعون ضده الأول مبلغ 500 جنيه والفوائد. وجاءت أسباب الطعن قاصرة على تعييب الحكم المطعون فيه في هذا الشق لما أورده من أسباب مستقلة عن أسباب الحكم الابتدائي وأما الشق الخاص بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض الدعوى قبل الخصوم المدخلين والذي أحال فيه الحكم المطعون فيه إلى أسباب الحكم الابتدائي فلم يكن محل نعى من الطاعنة ولم تتضمن أسباب الطعن أي تعييب له، مما لا موجب لتقديم صورة من الحكم الابتدائي.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن المقدم من المطعون ضدهما التاسع والعاشر أنه لم توجه إليهما طلبات ولم يحكم عليهما بشيء وقضى ابتدائياً بإخراجهما من الدعوى.
وحيث إن هذا الدفع في محله. ذلك بأن الخصومة في الطعن أمام محكمة النقض لا تكون إلا بين من كانوا خصوماً في النزاع الذي فصل فيه بالحكم المطعون فيه. وإذ كان الثابت أنه لم يطلب من محكمة أول درجة الحكم على المطعون ضدهما التاسع والعاشر بشيء، وقضت تلك المحكمة بإخراجهما من الدعوى وأمام محكمة ثاني درجة لم يطلب المستأنف (المطعون ضده الأول) سوى الحكم في مواجهتهما، ثم لم تقض تلك المحكمة لهما أو عليهما بشيء، وبالتالي فإنهما ليسا من الخصوم الحقيقيين في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه واختصامهما في الطعن يكون في غير محله ويتعين لذلك الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما.
وحيث إن الطعن بالنسبة لباقي المطعون ضدهم استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين مؤدى أولهما أن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على أن المشروع المؤمم يظل محتفظاً بشخصيته المعنوية السابقة على التأميم، ويلتزم بكافة الديون التي ترتبت في ذمته قبل تأميمه، يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، ذلك أن التأميم وهو نقل ملكية المشروعات المؤممة من الملكية الخاصة إلى الملكية الجماعية يستتبع إنهاء الشخصية المعنوية للمشروع المؤمم ونشوء شخصية معنوية جديدة منبتة الصلة بالمشروع الأصلي، وبالتالي لا يعتبر المشروع المؤمم خلفاً للمشروع السابق، ولا يسأل عن التزاماته، وإنما تسأل عنها الدولة في حدود ما آل إليها من أمواله وحقوقه في تاريخ التأميم ولا يغير من ذلك ما نص عليه القانون 117 لسنة 1961 من احتفاظ المشروع المؤمم بشكله القانوني، إذ المقصود من ذلك أن يتحرر المشروع الجديد في مزاولته لنشاطه من الإجراءات الحكومية التي لا تتفق وطبيعة هذا النشاط.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن مؤدى القانون 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت ومذكرته الإيضاحية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الشارع لم يشأ انقضاء المشروع المؤمم بمقتضى هذا القانون - بل رأى الإبقاء على شكله القانوني واستمراره في ممارسة نشاطه مع إخضاعه للجهة الإدارية التي يرى إلحاقه بها. وهذا الإشراف لا يعني زوال شخصية المشروع المؤمم بل تظل له شخصيته المعنوية التي كانت له قبل التأميم، وذمته المالية المستقلة بما عساه يكون عالقاً بها من التزامات فيسأل المشروع مسئولية كاملة عن جميع التزاماته السابقة على التأميم كنتيجة حتمية لاستمرار شخصيته المعنوية. ولا يغير من ذلك أيلولة أسهم الشركات المؤممة إلى الدولة، مع تحديد مسئوليتها عن التزاماتها السابقة في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ التأميم. ذلك أن مسئولية الدولة - وقد أصبحت المساهم الوحيد بعد أن آلت إليها جميع الأسهم - لا تعدو أن تكون تطبيقاً للقواعد العامة في مسئولية المساهم الذي لا يسأل أثناء قيام الشركة عن التزاماتها، وإنما تتحدد مسئوليته عند التصفية بقيمة ما يملكه من أسهم - وإذ كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في قضائه، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ استند إلى قرار وزير المواصلات الصادر في 17/ 6/ 1963 الذي يقضي بإدماج "شركة النيل العامة لأتوبيس الصحراء الغربية" و"شركة النيل العامة لأتوبيس البحيرة" في شركة واحدة تسمى "شركة النيل العامة لأتوبيس غرب الدلتا" ورتب على ما أورده هذا القرار من اعتبار الشركة الجديدة خلفاً للشركات المندمجة في حقوقها والتزاماتها مسئولية هذه الشركة عن التزامات شركة سيارات الإسكندرية والبحيرة قبل تأميمها في حين أن الثابت أنه بعد أن أممت شركة سيارات الإسكندرية والبحيرة وتبين أن خصومها تزيد على أصولها. قررت مؤسسة النقل إنشاء شركة جديد باسم "شركة النيل العامة لأتوبيس البحيرة" وهذه الشركة الجديدة هي التي شملها قرار الإدماج وهي التي خلفتها شركة النيل العامة لأتوبيس غرب الدلتا ومن ثم فلا تسأل عن ديون شركة الإسكندرية والبحيرة التي أممت وانقضت قبل تأسيس شركة النيل العامة لأتوبيس البحيرة.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن شركة سيارات الإسكندرية والبحيرة (المدينة الأصلية) قد أممت بموجب القانون رقم 117 لسنة 1961 ثم صدر قرار بإدماجها في الشركة العربية لأتوبيس غرب الدلتا وجنوبها بعد أن تعدل اسمها بعد ذلك إلى اسم شركة النيل العامة لأتوبيس البحيرة التي أدمجت هي وشركة أخرى في شركة واحدة هي شركة النيل العامة لأتوبيس غرب الدلتا (الشركة الطاعنة) بموجب القرار رقم 2 لسنة 1963 بتاريخ 17/ 6/ 1963 الذي نص في المادة الثانية على أن تعتبر هذه الشركة خلفاً عاماً للشركات المندمجة وتحل محلها حلولاً قانونياً في جميع ما لها وما عليها، لما كان ذلك وكان الثابت من قرار المؤسسة العامة للنقل رقم 1 لسنة 1961 المنشور بالوقائع المصرية في 7/ 9/ 1961 أن "شركة سيارات الإسكندرية والبحيرة" قد تعدل اسمها فقط إلى "شركة النيل العامة لأتوبيس البحيرة" ولم يتضمن القرار إنشاء شركة جديدة بهذا الاسم، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه من خطأ في الإسناد يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة أضافت بمذكرتها الشارحة سبباً ثالثاً مؤداه أن الاختصاص بنظر النزاع كان معقوداً لهيئة التحكيم استناداً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 10 يناير سنة 1966 في شأن إنهاء المنازعات التي تقع بين الجهات الحكومية المؤسسات العامة وشركات القطاع العام، ومن ثم يكون الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه إذ فصلاً في موضوع النزاع قد خالفا قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول. ذلك أن قرار مجلس الوزراء الذي تستند إليه الطاعنة لا يتصل بتنظيم ولاية القضاء أو اختصاصه وإنما يتضمن توجيهات إدارية صادرة إلى جهات الإدارة ووحدات القطاع العام بطلب وقف السير في المنازعات المطروحة بينها على المحاكم والعمل على فض المنازعات عن طريق هيئات التحكيم التي نص عليها ذلك القرار، كما أن مفاد نص المادة 66 من القانون رقم 32 لسنة 1966 أن التحكيم في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام وبين الأشخاص الطبيعيين هو تحكيم اختياري رهين بقبول هؤلاء الأشخاص بعد وقوع النزاع إحالته إلى التحكيم، ولما كان النزاع المطروح على المحكمة يضم أشخاصاً طبيعيين، هم المطعون ضدهم من الرابع للثامن، مما يجعل التحكيم في هذه الحالة اختيارياً لا يتعلق بالنظام العام طالما لم يقم دليل على قبولهم له. لما كان ذلك وكان لا يجوز التمسك بسبب من أسباب الطعن غير التي ذكرت بالتقرير ما لم يتعلق بالنظام العام، فإن ما تنعاه الطاعنة بهذا السبب يكون غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1) نقض جنائي 24/ 6/ 1963 مجموعة المكتب الفني السنة 14 ص 565.
 (2) ذات المبادئ الواردة في هذا الحكم قررتها الأحكام الصادرة بنفس الجلسة في الطعون رقم 304، 307، 308 لسنة 39 ق.

الطعن 486 لسنة 38 ق جلسة 28 / 12 / 1974 مكتب فني 25 ج 2 ق 254 ص 1502

جلسة 28 من ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد صادق الرشيدي وعضوية السادة المستشارين: أديب قصبجي ومحمد فاضل المرجوشي وممدوح عطية ومحمد صلاح الدين عبد الحميد.

----------------

(254)
الطعن رقم 486 لسنة 38 القضائية

(1) دعوى "الحكم برفض الدعوى". تقادم "قطع التقادم". حكم. عمل.
الحكم برفض الدعوى - دعوى وقف تنفيذ فصل العامل - يزيل أثرها في قطع التقادم. النعي على الحكم بالقصور أو التناقض فيما استطرد إليه زائداً عن حاجة الدعوى. لا جدوى منه.
(2) حكم "تسبيبه" بطلان عمل "تقادم الدعوى العمالية". نقض "سلطة محكمة النقض".
انتهاء الحكم بتقادم الدعوى العمالية إلى نتيجة سليمة. استناده خطأ إلى المادة 387/ 1 مدني بدلاً من 698/ 1 مدني. لا بطلان. لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ.

--------------
1 - من المقرر في قضاء هذا المحكمة - (1) أن الحكم برفض الدعوى يزيل أثرها في قطع التقادم فيعتبر الانقطاع المبنى عليها كأن لم يكن والتقادم الذي كان قد بدأ قبل رفعها مستمراً في السريان، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى هذه النتيجة الصحيحة قانوناً فإن ما استطرد إليه من أسباب زائدة عن حاجة الدعوى لا يكون له أثر على قضائه بحيث يضحى النعي عليها بالقصور أو التناقض - أياً كان وجه الرأي فيه - عديم الجدوى.
2  - لا يبطل الحكم متى كان سليماً في نتيجته بتقادم الدعوى العمالية ما يكون قد ورد في أسبابه من خطأ في الاستناد إلى المادة 387/ 1 من القانون المدني - والصحيح أنها المادة 698/ 1 من ذات القانون - إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 437 سنة 60 عمال كلي القاهرة على الشركة المطعون ضدها طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 6767 جنيهاً و472 مليماً. وقال بياناً لدعواه إنه التحق بخدمة الشركة في 1/ 9/ 1953 مديراً للشئون العامة بها بمرتب أساسي قدره 50 جنيهاً شهرياً أصبح 65 جنيهاً و550 مليماً في سنة 1958 لما حققه من نجاح في زيادة إيرادات الشركة، وذلك بخلاف بدل التمثيل وبعض الميزات العينية الأخرى، ثم فوجئ في 19/ 2/ 1959 بفصله من العمل بدون مبرر فتظلم إلى مكتب العمل المختص الذي أحال شكواه إلى محكمة شئون العمال الجزئية، وإذ قضت تلك المحكمة في 8/ 12/ 1959 برفض طلب وقف تنفيذ قرار فصله، فقد أقام دعواه الموضوعية بطلباته سالفة البيان، وهي عبارة عن مبلغ 6000 جنيه تعويضاً عن فصله التعسفي وقيمة مكافأة نهاية الخدمة ومقابل الإنذار وما اقتطع من مرتبه كادخار. دفعت الشركة المطعون ضدها بسقوط حق الطاعن في إقامة دعواه طبقاً للمادة 698 من القانون المدني لانقضاء أكثر من سنة منذ تاريخ فصله في 19/ 2/ 1959 حتى رفع دعواه في 3/ 3/ 1960، وبتاريخ 20/ 11/ 1960 حكمت المحكمة بسقوط الدعوى بالتقادم. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 243 سنة 78 ق وفي 22/ 2/ 1962 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تدفع للطاعن مبلغ 1908 جنيهات و740 مليماً، فطعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن برقم 33 سنة 32 ق، وبتاريخ 4/ 5/ 1966 نقضت محكمة النقض الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة استناداً إلى ما شابه من قصور إذ أغفل الرد على ما أبدته الشركة من دفاع يقوم على أنه وقد قضى برفض دعوى وقف تنفيذ قرار فصل الطاعن فإن هذا الحكم يزيل كل أثر لهذه الدعوى في قطع التقادم، وهو دفاع جوهري قد يتغير معه وجه الرأي في الدعوى. وبعد أن عجلت الشركة المطعون ضدها السير في الاستئناف حكمت المحكمة في 30/ 10/ 1968 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 23/ 11/ 1974 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن يقوم على أسباب ثلاثة حاصلها الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وتناقض الأسباب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بسقوط حقه في إقامة دعواه بالتقادم على أن طلب وقف تنفيذ قرار فصله لا يقطع التقادم في حالة الحكم برفضه، وهو ما ينطوي على خطأ في تطبيق القانون ذلك أن مجرد قيد الدعوى المستعجلة بطلب وقف تنفيذ قرار الفصل ونظرها يقطع التقادم أياً كان نوع الحكم الذي يصدر فيها لأنها دعوى لها طابعها الخاص المتميز عن سائر الدعاوى المستعجلة ولأن الحكم بوقف تنفيذ قرار الفصل مع إلزام رب العمل بأداء أجر العامل المفصول يتحتم معه التغلغل في بحث أسباب الفصل، فضلاً عن أن هذا الإجراء يتقاضاه العامل دون أن يؤدي عملاً فهو في واقع الأمر تعويض يخصم مما يحكم به في دعوى الموضوع الأمر الذي يتعين معه اعتبار طلب وقف تنفيذ قرار الفصل متفرعاً عن دعوى التعويض عن الفصل التعسفي وقاطعاً للتقادم بالنسبة لها. كما أن الحكم المطعون فيه شابه القصور إذ اعتبر أن رفض طلب وقف تنفيذ قرار الفصل لا يعد حكماً وإنما إجراء وقتي دون أن يبين أسانيد هذا الرأي، وتناقضت أسبابه حين اعتبر النزاع أصلاً إجراء وقتياً لا يقطع التقادم ثم عاد واعتبره مطالبة بأصل الحق مما يقطع التقادم في حالة الحكم بقبول طلب وقف تنفيذ قرار الفصل، هذا علاوة على استناده في القضاء بسقوط حق الطاعن بالتقادم إلى المادة 378/ 1 من القانون المدني التي لا تنطبق شروطها على موضوع الدعوى.
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن الحكم برفض الدعوى يزيل أثرها في قطع التقادم فيعتبر الانقطاع المبني عليها كأن لم يكن والتقادم الذي كان قد بدأ قبل رفعها مستمراً في السريان، ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى هذه النتيجة الصحيحة قانوناً، فإن ما استطرد إليه من أسباب زائداً عن حاجة الدعوى لا يكون له أثر على قضائه، بحيث يضحى النعي عليها بالقصور أو التناقض - أياً كان وجه الرأي فيه - عديم الجدوى، ولما كان لا يبطل الحكم متى كان سليماً في نتيجته ما يكون قد ورد في أسبابه من خطأ في الاستناد إلى المادة 387/ 1 من القانون المدني - والصحيح أنها المادة 698/ 1 من ذات القانون - إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه يكون عل غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1) نقض 13/ 12/ 1962 مجموعة المكتب الفني السنة 13 ص 134.
نقض 26/ 4/ 1962 مجموعة المكتب الفني السنة 13 ص 506.