الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 19 أكتوبر 2020

الطعنان 27 ، 29 لسنة 40 ق جلسة 11 / 12 / 1974 مكتب فني 25 ج 2 أحوال شخصية ق 241 ص 1417

جلسة 11 من ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: جلال عبد الرحيم عثمان، وسعد الشاذلي، وعثمان مهران الزيني، وعبد السلام الجندي.

----------------

(241)
الطعنان رقما 27 و29 لسنة 40 ق "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية "الاستئناف". استئناف "رفع الاستئناف".
رفع الاستئناف في مسائل الأحوال الشخصية يكون بتقرير في قلم الكتاب. م 877 مرافعات. لا يلزم أن يتضمن التقرير أسباب الاستئناف.
 (2)أحوال شخصية "الاستئناف". استئناف "رفع الاستئناف". نقض "أسباب الطعن".
عدم جواز التمسك بسبب النعي بدفاع لا مصلحة للطاعن فيه. مثال بشأن رفع الاستئناف في مسائل الأحوال الشخصية.
 (3)استئناف "الحكم فيه". حكم "تسبيب الحكم".
إلغاء محكمة الاستئناف للحكم الابتدائي. عدم التزامها بالرد على ما ورد بذلك الحكم. حسبها أن تقيم قضاءها على أسباب تكفي لحمله.
( 4 و5 و6) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بغير المسلمين". إثبات.
 (4)الاعتقاد الديني من الأمور التي تبنى الأحكام فيها على الإقرار بظاهر اللسان. عدم جواز البحث في جديتها ولا في بواعثها أو دواعيها.
 (5)نطق المسيحي بالشهادتين وثبوت تركه لديانته نهائياً وصيرورته مسلماً إسلاماً حقيقياً. كاف في اعتباره مسلماً. لا حاجة إلى إعلان هذا الإسلام أو اتخاذ إجراء آخر.
 (6)صحة الإسلام بالشهادتين. التبري من أي دين آخر لا يعد شرطاً للاسلام.

-----------------
1 - خص الشارع مسائل الأحوال الشخصية بإجراءات معينة بينها الكتاب الرابع من قانون المرافعات، والنص في المادة 877 منه يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الشارع قد حدد الصورة التي يرفع بها الاستئناف فنص على أن يكون بتقرير ولم يستلزم أن يتضمن هذا التقرير أسباباً كما فعل في المادة 869 عند رفع الطلب ابتداء كما أن إحالة المادة 877 على المادة 870 قاصرة على أمرين هما تحديد الجلسة ودعوى ذوي الشأن إليها، أما ما ينص عليه المشرع في المادة الأخيرة من أن ورقة التكليف بالحضور يجب أن تشتمل على ملخص الطلب فلا قياس عليه بالنسبة للاستئناف تبعاً لأن الشارع لا يتطلب مع التقرير بالاستئناف أسباباً.
2 - لا مصلحة للطاعن في تمسكه بسبب النعي - من بطلان استئناف النيابة للحكم لعدم تحرير أسباب الاستئناف قبل انقضاء ميعاد الطعن - لأنه طالما لا مطعن لديه على استئناف المطعون عليه الأول - لذات الحكم الذي استأنفته النيابة - من ناحية الشكل، فإن قيام هذا الاستئناف بذاته مؤد إلى نفس النتيجة التي يستهدفها استئناف النيابة.
3 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا ألغت محكمة الدرجة الثانية حكماً ابتدائياً فإنها لا تكون ملزمة بالرد على جميع ما ورد في ذلك الحكم من الأدلة ما دامت قد أقامت حكمها على أسباب تكفي لحمل قضائها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه باعتبار المورثة مسلمة على تقريرات موضوعية سائغة فإن ما يثيره الطاعن بسبب النعي هو جدل موضوعي في فحوى الدليل وتقدير كفايته أو عدم كفايته في الإقناع ولا دخل لمحكمة النقض به.
4 - المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الاعتقاد الديني من الأمور التي تبنى الأحكام فيها على الأقوال بظاهر اللسان، والتي لا يجوز لقاضي الدعوى أن يبحث في جديتها ولا في بواعثها أو دواعيها.
5 - من المقرر شرعاً أنه إذا نطق المسيحي بالشهادتين وثبت من وقائع الدعوى أنه ترك ديانته المسيحية نهائياً وصار مسلماً إسلاماً حقيقياً فإن ذلك كاف في اعتباره مسلماً شرعاً ومعاملته معاملة المسلمين وسريان أحكام الإسلام عليه بدون حاجة إلى إعلان هذا الإسلام رسمياً أو اتخاذ أي إجراء آخر لاعتباره في عداد المسلمين.
6 - المفتى به في الراجح من مذهب الحنفية هو صحة الإسلام بالشهادتين بلا تبري، لأن التلفظ بالشهادتين أصبح علامة على الإسلام وعنواناً له. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بأن المتوفاة ماتت على دين الإسلام استناداً إلى ما ثبت لديه من البينة الشرعية بأنها نطقت بالشهادتين وأنها كانت تؤدي بعض شعائر الدين الإسلامي من صلاة وصوم وتلاوة للقرآن، ولم يجعل من النطق بالتبري من أي دين آخر شرطاً لاعتبارها مسلمة، فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون أو تنكب نهج الشرع الإسلامي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 213 لسنة 1961 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد الطاعن والمطعون عليه الثاني طلب فيها الحكم بثبوت وفاة عمته..... بتاريخ 7 من يناير 65 مسلمة وانحصار إرثها الشرعي فيه بصفته ابن أخيها الشقيق المسلم ويستحق جميع تركتها تعصيباً. وقال شرحاً لمدعاه إن عمة أطراف التداعي..... توفيت بتاريخ 7 من يناير 1965 بعد أن اعتنقت الدين الإسلامي ونطقت بالشهادتين، وإذ صار إرثها إليه وحده باعتبار أنه سبق إشهار إسلامه بتاريخ 25 من يونيو 1961، وأنكر عليه الطاعن والمطعون عليه الثاني ذلك وحاولا استصدار إعلام شرعي بوراثتهما اعتباراً بأن المتوفاة مسيحية في المادتين رقم 16 لسنة 1965 وراثات الأزبكية ورقم 14 لسنة 1966 وراثات الإسكندرية الجزئية، ووضعا اليد على تركة المورثة فقد انتهى إلى طلباته سالفة البيان، وأقام المطعون عليه الأول أيضاً الدعوى رقم 918 لسنة 1966 أحوال شخصية "نفس" أمام ذات المحكمة ضد الطاعن والمطعون عليه الثاني وأمين عام مصلحة الشهر العقاري والتوثيق - المطعون عليه الثالث - ذهب فيها إلى أن الأولين استطاعا في غفلة منه استصدار إعلام شرعي بانحصار إرث المتوفاة فيهما في شقيقة لهما محجور عليها من محكمة عابدين في المادة رقم 71 لسنة 1966 وراثات، وإذ صدر هذا الإشهار باطلاً ومن محكمة غير مختصة بإصداره فقد انتهى إلى طلب الحكم بإبطال إشهاد تحقيق الوفاة والوراثة الصادر بتاريخ 13 من فبراير 1966 في المادة رقم 71 لسنة 1966 وراثات محكمة عابدين للأحوال الشخصية وأمر الطاعن والمطعون عليه الثاني بعدم التعرض له بهذا الإشهاد في أي شأن من شئون المتوفاة ومحو كل ما ترتب على هذا الإشهاد من آثار. دفع الطاعن والمطعون عليه الثاني الدعوى الأولى بعدم قبولها لوجوب استصدار حكم بإثبات إسلام المتوفاة بداءة، وبعدم سماعها تبعاً لعدم تقديم أوراق مبينة لصحتها طبقاً للمادة 98 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، كما دفعا الدعوى الثانية بسقوط حق رافعها في إبداء طلبه في الوقت المناسب. وبعد ضم الدعويين حكمت المحكمة بتاريخ 25 من فبراير برفض الدفوع الثلاثة، وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لثبت المطعون عليه الأول وفاة المتوفاة...... وأنها اعتنقت الدين الإسلامي حال حياتها وماتت وهي عليه وأن وراثتها منحصرة فيه بصفة كونه أبن شقيقها دون الطاعن والمطعون عليه الثاني لاختلاف الدين وأن المتوفاة ليس لها وارث آخر ولا مستحق لوصية واجبة وأنها تركت ما يورث عنها شرعاً وأن الطاعن والمطعون عليه الثاني واضعان اليد على التركة وممتنعان عن تسليمها إليه - وبعد سماع شهود الطرفين حكمت المحكمة بتاريخ 17 من فبراير 1968 برفض الدعويين - استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 15 لسنة 85 ق أحوال شخصية القاهرة، كما استأنفته النيابة العامة بالاستئناف رقم 18 لسنة 85 ق أحوال شخصية القاهرة، دفع الطاعن والمطعون عليه الثاني بسقوط استئناف النيابة لعدم إيداع أسبابه خلال ميعاد التقرير به، وبتاريخ 28 من مارس 1970 حكمت محكمة الاستئناف برفض الدفع ببطلان الاستئناف رقم 18 لسنة 85 ق وبقبوله وفي موضوع الاستئنافين بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء في الدعوى رقم 213 لسنة 1966 بثبوت وفاة....... في 7 يناير 1965 مسلمة وانحصار إرثها الشرعي في المطعون عليه الأول بصفته ابن أخيها الشقيق المسلم واستحقاقه لجميع تركتها تعصيباً، وفي الدعوى رقم 918 لسنة 1966 بإبطال إشهاد تحقيق الوفاة والوراثة الصادر بتاريخ 13 من فبراير 1966 في المادة رقم 71 لسنة 1966 وراثات عابدين ومحو كل ما ترتب على هذا الإشهاد من آثار وذلك في مواجهة المطعون عليه الثالث بصفته. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بموجب الطعنين رقمي 27، 29 لسنة 40 ق مختصماً في الطعن الأخير نيابة الأحوال الشخصية - المطعون عليها الرابعة - وقدمت النيابة العامة مذكرة في كل طعن أبدت فيهما الرأي برفضهما. وعرض الطعنان على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما، وبالجلسة المحددة قررت المحكمة ضم الطعن الثاني إلى الأول ليصدر فيهما حكم واحد كما التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعنين أقيما على ستة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أسس قضاءه برفض الدفع ببطلان استئناف نيابة الأحوال الشخصية رقم 18 لسنة 85 ق على سند من القول بأن المشرع لا يتطلب في رفع الاستئناف من النيابة سوى مجرد التقرير في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المستأنف ودعوة ذوي الشأن بالطريق الذي رسمه القانون، وأن استئناف النيابة مؤسس على ذات الأسباب التي أوردها الطاعن في استئنافه رقم 15 لسنة 85 ق، في حين أن مفاد المواد 869، 870، 877 من قانون المرافعات أنه يجب لقبول الاستئناف أن يشتمل التقرير بالطعن على البيان الكافي لموضوع الطلب والأسباب التي يستند إليها حتى يكون الخصم على بينة من طلبات المستأنف، مما يتعين معه تقديم الأسباب في ميقات لا يتجاوز ميعاد الطعن نفسه على الأكثر، لا يغني عن ذلك أن الأسباب موحدة في كل من استئنافي النيابة والمطعون عليه الأول لأن النيابة خصم مستقل تمثل المصلحة العامة، علاوة على أن استئناف المطعون عليه الأول لم يعلن إلا في تاريخ لاحق لتقرير النيابة باستئنافها مما لا يتصور معه بداهة علمهما المسبق بأسباب استئنافه، وإذ اكتفت النيابة بالتقرير باستئنافها في 24 من فبراير 1968 ولم تحرر أسباباً له إلا بتاريخ 7 من يونيو 1969 وبناء على توجيه من المحكمة فإن هذا الاستئناف يكون باطلاً.
وحيث إن هذا النعي مردود، وذلك إنه لما كان الشارع قد خص مسائل الأحوال الشخصية بإجراءات معينة بينها الكتاب الرابع من قانون المرافعات، وكان النص في المادة 877 منه على "أن ترفع المعارضة أو الاستئناف بتقرير في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه وتتبع في تحديد الجلسة ودعوى ذوي الشأن إليها ما نص عليه في المادة 870 وفي المادة 877 على أن يحدد رئيس المحكمة أو قاضي محكمة المواد الجزئية جلسة لنظر الطلب أمام المحكمة ويعين الأشخاص الذي يدعون إليها ويعلن قلم الكتاب ورقة التكليف بالحضور التي يجب أن تشتمل على ملخص الطلب بالطريق المعتاد إلا إذا نص في الأمر على الإعلان بطريق البريد وفقاً لما هو مبين في المادة 16 وما بعدها بالطريق الإداري، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الشارع قد حدد الصورة التي يرفع بها الاستئناف فنص على أن يكون بتقرير ولم يستلزم أن يتضمن هذا التقرير أسباباً كما فعل في المادة 869 عند رفع الطلب ابتداء، كما أن إحالة المادة 877 على المادة 870 مرافعات قاصرة على أمرين هما تحديد الجلسة ودعوة ذوي الشأن إليها، أما ما نص عليه المشرع في المادة الأخيرة من أن ورقة التكليف بالحضور يجب أن تشتمل على ملخص الطلب فلا قياس عليه بالنسبة للاستئناف تبعاً لأن الشارع لا يتطلب مع التقرير بالاستئناف أسباباً على ما سبق القول، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يتخذ من وحدة الأسباب في استئنافي النيابة والمطعون عليه الأول سبيلاً للرد على الدفع بالبطلان وإنما ساقها وهو في معرض سرد الوقائع، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس. علاوة على أنه لا مصلحة للطاعن في تمسكه بسبب النعي لأنه طالما لا مطعن لديه على استئناف المطعون عليه الأول من ناحية الشكل فإن قيام هذا الاستئناف بذاته مؤد إلى نفس النتيجة التي يستهدفها استئناف النيابة.
وحيث إن حاصل النعي بالأسباب الثاني والرابع والخامس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم عول فيما انتهى إليه من أن وفاة المورثة مسلمة على قول المطعون عليه الأول أخذاً بأن المستخلص من الفقه الحنفي أنه تكفي الدعوى في هذه الحالة، كما قرر أن الشهادة من باب الولاية وهي مرتبة أقوى من القضاء لأنها ملزمة للقاضي اعتباراً بأن حكم القاضي يستقى من حكم الشهادة، في حين أنه لا يجوز أن يكون الدليل الذي يقدمه الخصم على صحة دعواه هو مجرد أقواله وادعاءاته، كما أن التزام القاضي بالشهادة على نحو ما قرر الحكم يترتب عليه حرمانه من سلطة الترجيح بين البينات والموازنة بين الأدلة وهو أمر غير جائز. هذا إلى أن الحكم على الرغم من إقراره القاعدة الصحيحة بقبول شهادة شهود النفي وإن كانوا غير مسلمين لأنها شهادة من غير المسلم على المسلم تبعاً لا قصداً عمد إلى الأخذ بأقوال شهود الإثبات دون أن يفند أقوال شهود النفي رغم أن محكمة أول درجة اعتدت بشهادتهم وكونت عقيدتها على أساسها بالإضافة إلى ما استبان لها من تصرفات المطعون عليه الأول، وكان يتعين على المحكمة الاستئنافية أن ترد على ما أورده الحكم الابتدائي في خصوصها وأن تواجه المسألة المتنازع عليها وهي اعتناق المورثة الإسلام وموتها عليه مواجهة صريحة. علاوة على أنه لما كان الحكم لم ينقل عن الشاهد الثاني...... ذكره أن المتوفاة نطقت بالشهادتين وكانت شهادة...... غير مقبولة قانوناً للتهمة، لأنها إحدى الموصى لهما بجزء من تركة المتوفاة وشهادتها تجد لها مغنماً إزاء اعتراف المطعون عليه الأول بالوصية الصادرة إليها، وبذلك تصبح الدعوى خالية من الدليل ولا يبقى فيها سوى أقوال....... وحدها وهي غير كافية بذاتها لاستكمال نصاب الشهادة، الأمر الذي يعيب الحكم بمخالفة القانون والخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الحكم المطعون فيه بنى قضاءه بوفاة المورثة مسلمة على قوله....... أن المحكمة تطمئن إلى ما شهد به شهود المستأنف المطعون عليه الأول أمام محكمة الدرجة الأولى، وهم..... وقد قرر الأول أن السيدة....... حضرت إلى مسجد القائد إبراهيم الذي يقع في محطة الرمل بالإسكندرية والذي يعمل هو إماماً له وذلك في شهر سبتمبر 1964 وأرسلت في طلبه عن طريق أحد عمال المسجد وأفهمته أنها مسلمة وتصلي ثم سألته عن كيفية الصلاة وهي جالسة وعن كيفية التيمم ثم أعطته عنوانها فذهب إليها حيث صلت أمامه ونطقت أثناء ذلك بالشهادتين وأنه كان يتردد عليها كل أسبوع حيث تصلي أمامه، وأنه في أواخر ديسمبر كان قد هل شهر رمضان فدعته إلى الإفطار ولما ذهب تلبية للدعوة في الجمعة الأولى من ذلك الشهر علم أنها توفيت في اليوم السابق... وأضاف أن المستأنف هو الوارث الوحيد لها لأنه مسلم وهي ماتت مسلمة كما كرر قوله أن السيدة المذكورة نطقت أمامه بالشهادتين العديد من المرات. وقرر الثاني أنه كان يتردد على بيت..... ابن بلدته المقيم مع السيدة...... حيث كانت تسأله عن أمور الدين الإسلامي وأنها كانت تصوم وتصلي وتقرأ القرآن أمامه وأن المستأنف دون المستأنف عليهما الطاعن والمطعون عليه الثاني - كان يتردد عليها وأنها توفيت وهي مسلمة فلا يرثها إلا هذا، وأضاف أنه علم أنها دفنت في مقابر المسيحيين ولو كان قد حضر الجنازة لمنع ذلك. وقررت كل من الثالثة والرابعة أنهما تعرفان...... منذ عشرين عاماً منذ بدأت الأولى منهما تخدم لديها وأنها أسلمت وماتت مسلمة لأنها كانت تصوم وتصلي وتنطق الشهادتين وأن المستأنف هو الوارث الوحيد لها لأنه مسلم...... وهذه الشهادة التي تطمئن إليها المحكمة قاطعة في أن....... قد أسلمت قبل وفاتها ونطقت بالشهادتين وأخذت تمارس بعض العبادات الإسلامية وماتت وهي مسلمة. والجدير بالذكر في هذا الخصوص أن الأمر في هذه الدعوى يتعلق بدعوى من المستأنف بإسلام عمته........ وقد صادفت هذه الدعوى تصديقاً من البينة الشرعية التي قدمها متخذاً من شهادة شهود اطمأنت المحكمة إلى شهادتهم مما يجعل دعوى المستأنف حرية بالإجابة. وإذا كان المستخلص من الفقه الحنفي أنه تكفي الدعوى في هذه الحالة إلا أن الواقع أن هذه المادة قد صدقتها البينة الشرعية على ما سلف...... ويبين من هذا الذي قرره الحكم أنه لم يحجب نفسه عن الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق بل عمد إلى الموازنة بينها فآثر الأخذ بدلالة أقوال شهود الإثبات بعد أن اطمأن إلى أقوالهم وظهر له صدقها، كما أنه لم يأخذ بقول المطعون عليه الأول قضية مسلمة بل قرر أنه صادقته البينة الشرعية ولا تثريب على الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه أو في التفاته عن الإشارة إلى أقوال شهود النفي. وتفنيد ما استخلصه الحكم الابتدائي منها لأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا ألغت محكمة الدرجة الثانية حكماً ابتدائياً فإنها لا تكون ملزمة بالرد على جميع ما ورد في ذلك الحكم من الأدلة ما دامت قد أقامت حكمها على أسباب تكفي لحمل قضائها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه باعتبار المورثة مسلمة على تقريرات موضوعية سائغة، وكان ما أثبته من شهادة الشهود لا تخالف ما ورد بمحاضر التحقيق ومن شأنه أن يؤدي عقلاً إلى النتيجة التي خلص إليها، وكان لا يغير من ذلك أن الحكم لم ينقل عن الشاهد..... قوله أن المتوفاة نطقت بالشهادتين أمامه لأنه ذكر تقريره بأنها توفيت مسلمة، كما أن أخذه بأقوال...... يفيد ضمناً أنه لم ير أنها متهمة في شهادتها وأن صدور وصية إليها من المتوفاة وإقرار المطعون عليه الأول بصحتها ليس فيه ما ينطوي على أنها تجر لنفسها نفعاً أو تدفع عنها مغرماً، فإن ما يثيره الطاعن بسبب النعي هو جدل موضوعي في فحوى الدليل وتقدير كفايته أو عدم كفايته في الإقناع ولا دخل لمحكمة النقض فيه، ويكون النعي على الحكم بمخالفة القانون والخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن المستفاد من كتب الحنفية أن أرجح الأقوال في إسلام أهل الكتاب ألا يحكم بإسلامهم لمجرد النطق بالشهادتين لا غير بل يجب أن يقرن ذلك بالتبري من كل دين يخالف دين الإسلام باعتباره شرطاً لإجراء أحكام الإسلام عليه، غير أن الحكم اكتفى للقول بدخول المتوفاة في دين الإسلام بالنطق بالشهادتين دون أن يستلزم التلفظ بالبراءة من كل دين غيره، وهو ما يخالف أرجح الأقوال في مذهب الحنفية.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الاعتقاد الديني من الأمور التي تبنى الأحكام فيها على الإقرار بظاهر اللسان والتي لا يجوز لقاضي الدعوى أن يبحث في جديتها ولا في بواعثها أو دواعيها، وكان المقرر شرعاً أنه إذا نطق المسيحي بالشهادتين وثبت من وقائع الدعوى أنه ترك ديانته المسيحية نهائياً وصار مسلماً إسلاماً حقيقياً فإن ذلك كاف في اعتباره مسلماً شرعاً ومعاملته معاملة المسلمين وسريان أحكام الإسلام عليه بدون حاجة إلى إعلان هذا الإسلام رسمياً أو اتخاذ أي إجراء آخر لاعتباره في عداد المسلمين، وكان المفتى به في الراجح من مذهب الحنفية هو صحة الإسلام بالشهادتين بلا تبري لأن التلفظ بالشهادتين أصبح علامة على الإسلام وعنواناً له، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بأن المتوفاة ماتت على دين الإسلام استناداً إلى ما ثبت لديه من البينة الشرعية بأنها نطقت بالشهادتين وأنها كانت تؤدي بعض شعائر الدين الإسلامي من صلاة وصوم وتلاوة للقرآن على ما نرى تفصيله في السبب السابق ولم يجعل من النطقي بالتبري من أي دين آخر لاعتبارها مسلمة فإنه الحكم لا يكون قد خالف القانون أو تنكب نهج الشرع الإسلامي.
وحيث إن مبنى النعي بالسبب السادس أن الطاعن كان قد دفع الدعوى أمام محكمة أول درجة بعدم السماع لأنه يكذبها ظاهر الحال، ولم تجد تلك المحكمة داعياً للتعرض لهذا الدفع استقلالاً أخذاً بأن قضاءها في موضوع دعوى المطعون عليه الأول بالرفض قد استغرقه، وإذ ألغى هذا الحكم في الاستئناف فإن الدفع بعدم السماع ينبعث إلى الوجود من جديد ويكون من المتعين على محكمة الاستئناف أن تتصدى له وتحسمه قبولاً أو رفضاً، وهو ما يشوب الحكم بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان البين من الاطلاع على الأوراق أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الاستئناف بالدفع بعدم سماع الدعوى وخلا الحكم المطعون فيه مما يفيد ذلك فإنه لا يجوز للطاعن أن يعيب على الحكم عدم البحث في هذا الدفع.

الطعن 32 لسنة 40 ق جلسة 18 / 12 / 1974 مكتب فني 25 ج 2 أحوال شخصية ق 248 ص 1462

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار أنور أحمد خلف، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجلال عبد الرحيم عثمان، وسعد الشاذلي، وعبد السلام الجندي.

---------------

(248)
الطعن رقم 32 لسنة 40 القضائية "أحوال شخصية"

 (1)نقض "أسباب الطعن". استئناف "ميعاد الاستئناف".
تمسك المستأنف - في خصوص بدء ميعاد الاستئناف بأن الحكم الابتدائي صدر غيابياً في حقه. سبب جديد. عدم جواز إبداؤه لأول مره أمام محكمة النقض.
 (2)نقض "أسباب الطعن".
عدم تقديم الطاعن الدليل على ما تمسك به من أوجه الطعن في الميعاد القانوني نعى. لا دليل عليه.
 (3)أحوال شخصية "الطعن بالنقض". نقض "تقديم الأوراق والمستندات".
الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية. جواز استناد الخصوم إلى ما حواه ملف الدعوى الابتدائي أو الاستئنافي من مستندات. شرطه. صدور أمر رئيس المحكمة بضم الملف قبل فوات ميعاد الطعن.
(4) حكم "الطعن في الحكم". استئناف. محكمة الموضوع.
قبول المحكوم عليه للحكم الابتدائي المانع من استئنافه. شرطه. استقلال قاضي الموضوع بتقدير ما يعتبر قبولاً ضمنياً للحكم. لا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك متى استند لأسباب سائغة.
(5 و6) إثبات" طرق الإثبات أحوال شخصية "الإثبات". إرث.
 (5)الإثبات في مسائل الأحوال الشخصية. إجراءات الإثبات الشكلية. خضوعها لقانون الإثبات. قواعد الإثبات الموضوعية المتعلقة بالدليل. خضوعها لأحكام الشريعة الإسلامية. لا يغير من ذلك إلغاء الباب الخاص بالأدلة من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
 (6)الشريعة الإسلامية هي الواجبة التطبيق في مسائل مواريث المصريين غير المسلمين. تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم في الإرث وانتقال التركة إليهم، وتحديد نصاب الشهادة. وجوب الرجوع فيها لأحكام الشريعة الإسلامية.
---------------

1 - إذ يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم يتمسك في الاستئناف المقام منه بأنه لم يمثل بشخصه في أية مرحلة من مراحل التقاضي، وأن الحكم الابتدائي صدر غيابياًَ في حقه، فإنه يمتنع عليه إثارة ذلك لدى محكمة النقض لجدة السبب.
2 - من المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون، وإذا لم يقدم الطاعن رفق طعنه صورة رسمية من محاضر جلسات محكمة أول درجة، حتى تستطيع المحكمة التحقق من صحة ما ينعاه على الحكم المطعون فيه، فإن قوله في هذا الخصوص يصبح عارياً عن دليله.
3 - لا يسمح للخصوم في الطعن بالنقض بتأييد وجهات نظرهم استناداً إلى ما حواه ملف الدعوى - الابتدائي أو الاستئنافي - من مستندات وأوراق إلا إذا كان أمر رئيس المحكمة بضم الملف استعمالاً للرخصة المخولة له بمقتضى المادة 882 من قانون المرافعات قد صدر قبل فوات ميعاد الطعن.
4 - تقضي المادة 211 من قانون المرافعات القائم بأنه لا يجوز الطعن في الأحكام ممن قبلها، وقبول الحكم المانع من استئنافه كما يكون صريحاً يكون ضمنياً، ويستفاد القبول الضمني من كل فعل أو عمل ينافي الرغبة في رفع الاستئناف ويشعر بالرضا بالحكم والتخلي عن حق الطعن فيه، وقاضي الموضوع هو الذي يقدر ما إذا كان ما صدر من الخصم يعتبر قبولاً ضمنياً منه للحكم أو لا يعتبر ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك متى استند إلى أسباب سائغة.
5 - مفاد المادتين 5 و6 من القانون رقم 462 لسنة 1955 والمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أن المشرع فرق في الإثبات بين الدليل وإجراءات الدليل فأخضع إجراءات الإثبات كبيان الوقائع وكيفية التحقيق وسماع الشهود. وغير ذلك من القواعد الشكلية للنصوص الإجرائية الواردة في قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968، أما قواعد الإثبات المتصلة بذات الدليل كبيان الشروط الموضوعية اللازمة لصحته وبيان قوته وأثره القانوني فقد أبقاها المشرع على حالها خاضعة لأحكام الشريعة الإسلامية، ولا يغير من ذلك أن يكون المشرع قد نص في المادة الثالثة عشرة من القانون رقم 462 لسنة 1955 على إلغاء الباب الثالث من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الخاص بالأدلة فيما عدا مواد معينة ليس من بينها الإرث، لأنه لم يقصد بهذا الإلغاء الخروج على الأصل المقرر في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي أحالت إليها المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955.
6 - المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة في شأنها هي الواجبة التطبيق في مسائل مواريث المصريين غير المسلمين ويندرج فيها تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم في الإرث وانتقال التركة إليهم، ومن ثم فإنه يرجع في ثبوت تعين شخص الوارث إلى أحكام هذه الشريعة من حيث نصاب الشهادة باعتبارها من قواعد الإثبات الموضوعية في هذا المجال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 134 لسنة 1967 "ملي" أمام محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد المطعون عليها الثانية، وقالت شرحاً لها أنه بتاريخ 14 من نوفمبر 1965 توفى المرحوم......... وترك ما يورث عنه، وانحصر إرثه فيها وفي........ بوصفهما شقيقيه وفي زوجته المطعون عليها الثانية، وأنها تستحق في تركته ستة قراريط من أربعة وعشرين قيراطاً، ثم توفى........ في 7 من فبراير 1966 وانحصر إرثه فيها فقط، وإذ وضعت المطعون عليها الثانية اليد على التركتين ونازعتها في استحقاقها لنصيبها الميراثي فقد أقامت دعواها بطلب الحكم بثبوت وفاة...... و....... وأنها من ورثتهما وتستحق في تركة الأول ستة قراريط من أربعة وعشرين قيراطاً كما تستحق جميع تركة الثاني. أنكرت المطعون عليها الثانية وراثة المطعون عليها الأولى وتقدمت بإعلام شرعي صادر في 24 من أكتوبر 1966 تضمن انحصار إرث...... فيها بوصفها زوجته وفي شقيقه........، وانحصار إرث ذلك الأخير في ابن شقيقه........ - الطاعن -، فأدخلت المطعون عليها الأولى كلاً من الطاعن والمطعون عليه الثالث، وأضافت إلى طلباتها الحكم ببطلان الإعلام الشرعي الصادر بتاريخ 24 من أكتوبر 1966 في المادة رقم 438 لسنة 1966 وراثات عابدين، وبتاريخ 29 من مايو 1968 حكمت المحكمة حضورياً للمطعون عليها الثانية وغيابياً للطاعن بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها الأولى أن شقيقها....... توفى بتاريخ 14 من نوفمبر 1965 وانحصر إرثه فيها وفي زوجته المطعون عليها الثانية وفي شقيقه......، وأن ذلك الأخير توفى بتاريخ 7 من فبراير 1966 وانحصر إرثه فيها وحدها ولم يخلفه من يحجبها كأخت شقيقة، وليثبت الطاعن والمطعون عليها الثانية أن أولهما ابن أخ شقيق للمتوفى يحجب المطعون عليها الأولى من الميراث، وبعد سماع شهود الطرفين عادت وبتاريخ 22 من مارس 1969 فحكمت حضورياًً (أولاً) بإثبات وفاة...... في 14 من نوفمبر 1956 وانحصار إرثه في كل من زوجته المطعون عليها الثانية - ولها الربع فرضاً وفي المطعون عليها الأولى و....... ولهما باقي التركة للذكر مثل حظ الأنثيين (ثانياً) بإثبات وفاة...... في 7 من فبراير 1966 وانحصار إرثه في شقيقته المطعون عليها الأولى ولها النصف فرضاً وفي ابن شقيقه الطاعن وله الباقي تعصيباً. استأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 44 لسنة 86 أحوال شخصية القاهرة طالبة تعديله فيما قضى به من وراثة الطاعن...... تعصيباً وانحصار إرثه فيها، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 103 لسنة 86 ق أحوال شخصية القاهرة طالباً أصلياً بطلان الحكم المستأنف وبطلان إدخاله خصماً في الدعوى وبعدم قبول دعوى المطعون عليها الأولى، واحتياطياً إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. وبعد ضم الاستئنافين دفعت المطعون عليها الأولى بعدم قبول الاستئناف المرفوع من الطاعن لإقامته بعد الميعاد، كما دفع الطاعن بعدم جواز الاستئناف المقام من المطعون عليها الأولى لسبق قبولها الحكم المستأنف وتنفيذها له" وبتاريخ 19 من إبريل 1970 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) في الاستئناف رقم 103 سنة 86 ق برفضه (ثانياً) في الاستئناف رقم 44 لسنة 86 ق برفض الدفع بعدم جوازه وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من أن الطاعن ابن شقيق لل....... واستحقاقه نصف التركة تعصيباً والقضاء بانحصار إرث المتوفى في أخته الشقيقة المطعون عليها الأولى ولها جميع تركته فرضاً ورداً وتأييد الحكم فيما عدا ذلك. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جديد بالنظر، وبالجلسة المحددة أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب، ينعى الطاعن بالأسباب الأول والثالث والسادس منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن حكم محكمة أول درجة صدر في غيبته وأنه لم يمثل في أية جلسة لا بشخصه أو بوكيل عنه، كما أن ميعاد الاستئناف لا يبدأ بالنسبة له إلا من تاريخ إعلان ذلك الحكم، وأن المطعون عليه الثالث إنما اختصم بصفته الشخصية لا بصفته وكيلاً عنه غير أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى أن الحكم الابتدائي صدر حضورياً في حقه ويبدأ ميعاد استئنافه من تاريخ صدوره وأنه يتعين رفضه لإقامته بعد الميعاد عملاً بالمواد 307 و308 و320 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، وترتب على ذلك أنه لم يعن بالرد على طلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق من جديد تبعاً لأن المطعون عليه الثالث هو الذي استحضر الشهود بصفته الشخصية، علاوة على أن الحكم رفض الأخذ بالشهادة الصادرة من النيافة البطريركية الكلدانية عن زواج المطعون عليهم الأولى المثبتة أنها ليست من نسل.... وأنها ابنة لآخر يدعى...... استناداً إلى أن هذه الشهادة ليست معدة لإثبات النسب، مع أن الشهادة المشار إليها ليست محل طعن، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن لم يتمسك في الاستئناف المقام منه رقم 103 لسنة 86 ق بأنه لم يمثل بشخصه في أية مرحلة من مراحل التقاضي وأن الحكم الابتدائي صدر غيابياًَ في حقه وهو ما يمتنع عليه إثارته لدى محكمة النقض لجدة السبب، لما كان ذلك، وكان من المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون، وإذا لم يقدم الطاعن رفق طعنه صورة رسمية من محاضر جلسات محكمة أول درجة كما لم يقدم صورة رسمية من شهادة زواج المطعون عليها الأولى المشار إليها بسبب النعي، حتى تستطيع المحكمة التحقق من صحة ما ينعاه على الحكم المطعون فيه فإن قوله في هذا الخصوص يصبح عارياً عن دليله، لا يجزئ عن ذلك طلب الطاعن في مذكرته المقدمة بتاريخ 17 من يونيو 1970 - وبعد انقضاء ميعاد الطعن بالنقض - ضم الملفين الابتدائي والاستئنافي لأنه وعلى ما جرى قضاء هذه المحكمة - لا يسمح للخصوم في الطعن بالنقض بتأييد وجهات نظرهم استناداً إلى ما حواه ملف الدعوى من مستندات وأوراق إلا إذا كان أمر رئيس المحكمة بالضم استعمالاً للرخصة المخولة له بمقتضى المادة 882 من قانون المرافعات قد صدر قبل فوات ميعاد الطعن الأمر المفتقد في الدعوى المعروضة، لما كان ما تقدم، وكان قضاء الحكم المطعون فيه برفض استئناف الطاعن لرفعه بعد الميعاد وفق المواد 307 و308 و320 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية من شأنه أن يحول بين الحكم وبين إمكان الاستجابة إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو الرد على ذلك الطلب، اعتباراً بأن ما يثيره الطاعن في هذا المجال إنما يعد طعناً موجهاً إلى قضاء الحكم المستأنف لا يجوز لمحكمة الاستئناف النظر فيه إلا إذا كان الاستئناف مقبولاً، فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أن من بين المستندات المقدمة من المطعون عليهما الثانية والثالث شهادة ميلاد الطاعن المؤرخة 23 من أغسطس والمثبت فيها أن والده هو... ووثيقة زواج والديه، وكذا الصورة الرسمية من محضر جلسة المادة 547 لسنة 1966 وراثات عابدين التي أقرت فيها المطعون عليها الأولى بأن.... المذكور أخ شقيق للمورث.....، غير أن الحكم أهدار دلالة شهادة ميلاد الطاعن قولاً بأنه ليس من شأنها أن تثبت نسباً وميراثاً، وأغفل ربطها بإقرار المطعون عليها في مادة الوراثة، مع أن هذا الإقرار يفيد أن والد الطاعن..... أخ شقيق للمورث، ويكون الطاعن طبقاً لشهادة ميلاده ابن أخ شقيق للمورث ويرثه تعصيباً، وهو ما يشوب الحكم بفساد الاستدلال.
وحيث إنه لما كان الطاعن لم يقدم محضر جلسة مادة الوراثة المشار إليها بسبب النعي كيما تتحقق المحكمة من صحة الإقرار المنسوب صدوره إلى المطعون عليها الأولى ومداه، وكان حكم محكمة أول درجة قد أثبت ضمن مدوناته دفاع هذه الأخيرة من أنها لم تقر في محضر جلسة مادة الوراثة بنوة الطاعن لشقيق المورث المدعو.......، وإنما قررت أنه توفى منذ خمسين عاماً دون أن ينجب، فإن النعي على الحكم بفساد الاستدلال لعدم ربطه بين الإقرار وبين شهادة ميلاد الطاعن يكون عارياً عن دليله.
وحيث إن النعي بالسبب الثاني مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أنه دفع بعدم جواز الاستئناف رقم 44 لسنة 86 ق أحوال شخصية القاهرة المرفوع من المطعون عليها الأولى لقبولها الحكم المستأنف بإقامتها الدعوى رقم 5919 لسنة 1966 مستعجل القاهرة ضد الطاعن طالبة فرض الحراسة القضائية على العقارات المخلفة عن المورث... على أساس ما قضى به الحكم المستأنف من استحقاقها لنصف الريع يما يفيد أنها سلمت بأنه يرث النصف الآخر خاصة وأنها لن تطلب إيداع الريع خزانة المحكمة بل طلبت توزيعه بينهما، غير أن الحكم انتهى إلى رفض الدفع على سند من القول بأن طلب فرض الحراسة لا يدل على قبول المطعون عليها للحكم وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم جواز استئناف المطعون عليها الأولى على قوله "...... أنه بالنسبة للاستئناف رقم 44 لسنة 86 ق فإن القول بأن المستأنفة المطعون عليها الأولى قد قبلت الحكم المستأنف مما لا يجوز معه استئنافه بعد ذلك هو قول لا يسنده دليل، إذ أن الدعوى المستعجلة بطلب فرض الحراسة القضائية على الأعيان محل النزاع لا يمكن أن تدل على ذلك فهي بطبيعتها تستهدف إجراءات تحفظية ووقتية حتى يفصل من القضاء الموضوعي في أصل النزاع - وقبول الحكم المانع من استئنافه يتعين أن يكون صريحاً وقاطعاً ومتعلقاً بموضوع النزاع ذاته....."، ولما كانت المادة 211 من قانون المرافعات القائم تقضي بأنه لا يجوز الطعن في الأحكام ممن قبلها، وكان قبول الحكم المانع من استئنافه كما يكون صريحاً يكون ضمنياً، ويستفاد القبول الضمني من كل فعل أو عمل قانوني ينافي الرغبة في رفع الاستئناف ويشعر بالرضا بالحكم والتخلي عن حق الطعن فيه، وقاضي الموضوع هو الذي يقدر ما إذا كان ما صدر من الخصم يعتبر قبولاً ضمنياً منه للحكم أو لا يعتبر ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك متى استند إلى أسباب سائغة، وكانت الأسباب التي أوردها الحكم المطعون فيه على النحو السالف من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان غير صحيح ما يقوله الطاعن من أن المطعون عليها الأولى قد أقرت بحقه في الاستيلاء على نصف الريع إذعاناً لما قضى به حكم محكمة أول درجة من أنه يرث نصف التركة أو أنها طلبت توزيع الريع دون تحفظ، لأن الإجراء التحفظي بوضع أعيان التركة تحت الحراسة علاوة على أنه بطبيعته موقوت بانتهاء النزاع الموضوعي قضاء أو رضاء، فإن المطعون عليها الأولى إنما هدفت إلى تفادي أضرار تلحقها بسبب بقاء الأعيان الموروثة تحت يد المطعون عليها الثانية واستئثارها بحصيلة الريع، ويكون النعي في هذا الخصوص غير وارد.
وحيث إن مبنى السبب الخامس خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم طبق قواعد الشريعة الإسلامية أطرح أقوال من شهد لصالحه في التحقيقات التي أجرتها المحكمة على سند من عدم تحقق نصاب الشهادة وفقاً للراجع في مذهب أبي حنيفة، في حين أن الإحالة الواردة بالمادة 875 من القانون المدني إلى الشريعة الإسلامية بشأن تحديد الورثة وأنصبائهم لا يقصد بها سوى القواعد الموضوعية دون إجراءات التحقيق التي تتبع فيها القواعد العامة الواردة في قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 وهي لا تقيد الشهادة بنصاب معين ولا تستلزم شهادة رجلين أو رجل وامرأتين.
وحيث إن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه استبعد أقوال شاهدي الطاعن واستناد إلى قوله ".... أن من المسلم به أن مواريث جميع المصريين مسلمين وغير مسلمين تحكمها قواعد الشريعة الإسلامية عملاً بالمادة 875 مدني، وقواعد الشريعة الإسلامية المعنية في هذا الخصوص هي القانون رقم 77 لسنة 1943 والراجح من مذهب أبي حنيفة فيما لم يرد فيه نص بشأنه، ومن المعلوم طبقاً لهذه الشهادة أن نصاب الشهادة في هذه الدعوى هي رجلان أو رجل وامرأتان، وإذا كان الحكم المستأنف قد اعتد في الإثبات بشهادة رجل واحد وامرأة واحدة كان هذا منه خطأ شرعاً، وكان ما شهد به الشاهدان المذكوران غير مجد في الإثبات" وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون ذلك لأن مفاد المادتين 5 و6 من القانون رقم 462 لسنة 1955 والمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أن المشرع فرق في الإثبات بين الدليل وإجراءات الدليل فأخضع إجراءات الإثبات كبيان الوقائع وكيفية التحقيق وسماع الشهود وغير ذلك من القواعد الشكلية للنصوص الإجرائية الواردة في قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968، أما قواعد الإثبات المتصلة بذات الدليل كبيان الشروط الموضوعية اللازمة لصحته وبيان قوته وأثره القانوني فقد أبقاها المشرع على حالها خاضعة لأحكام الشريعة الإسلامية، ولا يغير من ذلك أن يكون المشرع قد نص في المادة الثالثة عشرة من القانون رقم 462 لسنة 1955 على إلغاء الباب الثالث من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الخاص بالأدلة فيما عدا مواد معينة ليس من بينها الإرث لأنه لم يقصد بهذا الإلغاء الخروج على الأصل المقرر في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي أحالت إليها المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 السالف الإشارة إليها ولما كان المستقر في قضاء هذه المحكمة أن الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة في شأنها هي الواجبة التطبيق في مسائل مواريث المصريين غير المسلمين ويندرج فيها تعيين الورثة وتحديد أنصبائهم في الإرث وانتقال التركة إليهم، ومن ثم فإنه يرجع في ثبوت تعيين شخص الوارث إلى أحكام هذه الشريعة من حيث نصاب الشهادة باعتبارها قواعد الإثبات الموضوعية في هذا المجال وإذ ساير الحكم المطعون فيه هذا الاتجاه ولم يطبق قواعد قانون الإثبات فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه على غير أساس.

الطعن 351 لسنة 40 ق جلسة 18 / 12 / 1974 مكتب فني 25 ج 2 ق 249 ص 1472

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار سليم راشد أبو زيد وعضوية السادة المستشارين: مصطفى الفقي، ومحمد محمد المهدي، وحافظ رفقي، ومحمد البنداري العشري.

---------------

(249)
الطعن رقم 351 لسنة 40 القضائية

 (1)إيجار "إيجار الأماكن".
تأجير أرض فضاء لمدة ثلاثين سنة. الترخيص للمستأجر في أن يقيم عليها مصنعاً تئول ملكيته للمؤجر عند فسخ العقد أو انتهاء مدته. الاتفاق على استحقاق الأجرة الواردة في العقد سواء أقيم المصنع أم لم يقم. خضوع ذلك الإيجار لأحكام القانون المدني دون قانون إيجار الأماكن.
 (2)إيجار "تحديد الأجرة".
تحديد أجرة العين المؤجرة. عدم جواز استقلال المؤجر بذلك. تفويض المؤجر في زيادة الأجرة أثناء مدة الإيجار لظروف مبررة. عدم جوازه إلا إذا قبل المستأجر هذه الزيادة أو صدر حكم باعتمادها.

--------------
1 - متى كان الثابت من نصوص عقد الإيجار أن العين المؤجرة هي أرض فضاء أجرت لمدة ثلاثين سنة، مع الترخيص للمستأجر في أن يقيم عليها مصنعاًً على أن تؤول ملكية مبانيه ومنشآته وآلاته إلى المؤجر عند فسخ عقد الإيجار أو انتهاء مدته، فإن إنشاء هذا المصنع لا يغير من موضوع عقد الإيجار - على اعتبار أنه أرض فضاء - إذ لا عبرة في هذا الخصوص بالغرض الذي استؤجرت من أجله الأرض الفضاء، ولا بما يقيمه عليها المستأجر من منشآت تحقيقاً لهذا الغرض، ما دام أن الأجرة المتفق عليها في العقد تستحق سواء أقام عليها المستأجر هذه المباني أم لم يقمها مما يدل على أن المنشآت لم تكن هي محل العقد، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن عقد الإيجار موضوع التداعي يخضع لقواعد القانون المدني ولا تسري عليه أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
2  - لا يجوز للمؤجر أن يحدد الأجرة بإرادته المنفردة، بل يجب الاتفاق عليها بينه وبين المستأجر كما لا يجوز تفويض المؤجر في زيادتها أثناء مدة الإيجار إذا رأى أن الظروف تبرر ذلك إلا إذا قبل المستأجر بلك الزيادة، أو صدر حكم قضائي باعتمادها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 5190 لسنة 1967 مدني كلي القاهرة وانتهت فيها إلى طلب الحكم ببطلان الحجوز التي أوقعتها المطعون ضدها الأولى على منقولات الطاعنة في 20/ 11/ 1962 و7/ 4/ 1968 واعتبارها كأن لم تكن، واعتبار الإيجار السنوي للمتر المربع من الأرض التي تستأجرها الطاعنة مبلغ أربعين مليماً وقالت الطاعنة شرحاً للدعوى أنه بموجب عقد إيجار مصدق على توقيعاته بتاريخ 22/ 7/ 1947 استأجر.... من المطعون ضدها الأولى قطعة أرض فضاء مساحتها 740 متراً مربعاً بالقطعة رقم 255 بالمنطقة الصناعية الكائنة بقسم الجمالية لمدة 30 سنة اعتباراً من 8/ 2/ 1947 بأجرة سنوية قدرها أربعون مليماً للمتر المربع وقد تنازل المستأجر المذكور عن الإيجار إلى الشركة الطاعنة وأقر القضاء هذا التنازل بالحكم الصادر في الدعوى رقم 815 لسنة 1964 مدني كلي القاهرة الذي تأيد استئنافياً بالحكم الصادر في الدعوى رقم 877 لسنة 82 ق استئناف القاهرة وقامت الشركة الطاعنة بسداد الأجرة في مواعيدها إلى أن فوجئت بتوقيع حجز إداري على منقولاتها من قبل المطعون ضدها الأولى بتاريخ 20/ 11/ 1962 وفاء المبلغ 1649.027 جنيهاً بمقوله أنه فرق أجرة عن المدة من 13/ 2/ 1952 حتى 30/ 6/ 1962 استحق نتيجة لرفع المطعون ضدها الأولى للأجرة من 40 مليماً إلى 250 مليماً للمتر المربع إعمالاً لنص البند التاسع من عقد الإيجار.
وبتاريخ 7/ 4/ 1965 أوقعت المطعون ضدها الأولى حجزاً إدارياً آخر على منقولات الطاعنة وفاء لمبلغ 1290.701 جنيهاً بمقوله أنه فرق أجرة استحق عن المدة من 22/ 7/ 1957 حتى 30/ 6/ 1965، ثم اتبعته بحجز إداري ثالث أوقعته بتاريخ 11/ 1/ 1968 واستطردت الطاعنة قائلة أنه وإن كان البند التاسع من عقد الإيجار قد نص على حق المطعون ضدها الأولى في زيادة الأجرة بعد عشر سنوات إذا رأت أن حالة المصنع تبرر ذلك إلا أن هذا النص باطل إذ لا يسوغ للمؤجر أن ينفرد بزيادة الأجرة ومن ثم تكون تلك الحجوز الإدارية الثلاثة قد وقعت باطلة. وبتاريخ 27/ 5/ 1969 قضت محكمة أول درجة باعتبار الأجرة السنوية أربعون مليماً للمتر المربع طوال مدة عقد الإيجار وببطلان الحجوز الموقعة في 20/ 11/ 1962، - 7/ 4/ 1965، 11/ 1/ 1968 واعتبارها كأن لم تكن وركنت المحكمة في قضائها إلى بطلان شرط زيادة الأجرة. استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 1526 لسنة 86 ق وبتاريخ 29/ 3/ 1970 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة بغرفة المشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ قي تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أنه عند إبرام عقد الإيجار موضوع التداعي في 7/ 7/ 1947 كان في اعتبار المتعاقدين أن الأرض المؤجرة سيقام عليها مصنع ونص في العقد على أن المباني والمنشآت التي تقدم على تلك الأرض تصبح ملكاً للمؤجر ومفاد ذلك أن الإيجار ينصب على أرض وبناء ومن ثم يخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن رقم 121 سنة 1947 وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم خضوع العين المؤجرة لأحكام هذا القانون فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
‌وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه متى كان الثابت من نصوص عقد الإيجار أن العين المؤجرة هي أرض فضاء أجرت لمدة ثلاثين سنة مع الترخيص للمستأجر في أن يقيم عليها مصنعاًً على أن تؤل ملكية مبانيه ومنشآته وآلاته إلى المؤجر عند فسخ عقد الإيجار وانتهاء مدته، فإن إنشاء هذا المصنع لا يغير من موضوع عقد الإيجار - على اعتبار أنه أرض فضاء - إذ لا عبرة في هذا الخصوص بالغرض الذي استؤجرت من أجله الأرض الفضاء ولا بما يقيمه عليها المستأجر من منشآت تحقيقاً لهذا الغرض، أما الاتفاق على أن تؤول ملكية ما يقام عليها من منشآت إلى المؤجر فلا تأثير له على حقيقة العقد من حيث كونه وارداً منذ البداية على أرض فضاء ما دام أن الأجرة المتفق عليها في العقد تستحق سواء أقام عليها المستأجر هذه المباني أم لم يقمها مما يدل على أن المنشآت لم تكن هي محل العقد، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى أن عقد الإيجار موضوع التداعي يخضع لقواعد القانون المدني ولا تسري عليه أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثاني والخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أنه ور بالبند التاسع من عقد الإيجار أن للمطعون ضدها الأولى الحق في زيادة الأجرة وإن قرارها في ذلك نهائي وأنه إعمالاً لهذا البند قامت برفع الأجرة من 40 مليماً إلى 250 مليماً للمتر المربع دون موافقة الطاعنة على تلك الزيادة، ولما كانت الأجرة تعتبر ركناً من أركان العقد فإنه يلزم الحصول على موافقة الطاعنة على تعديلها بالزيادة أو إقرار القضاء لها وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى صحة الشرط المنصوص عليه في البند التاسع من عقد الإيجار المشار إليه وأقر حق المطعون ضدها الأولى في زيادة الأجرة بإرادتها المنفردة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لا يجوز للمؤجر أن يحدد الأجرة بإرادته المنفردة بل يجب الاتفاق عليها بينه وبين المستأجر كما لا يجوز تفويض المؤجر في زيادتها أثناء مدة الإيجار إذا رأى أن الظروف تبرر ذلك إلا إذا قبل المستأجر تلك الزيادة أو صدر حكم قضائي باعتمادها، لما كان ذلك وكان البند التاسع من عقد الإيجار موضوع التداعي قد نص على ما يلي: - تحتفظ الحكومة لنفسها بالحق في زيادة الإيجار بعد مرور العشر سنوات الأولى من تاريخ التوقيع على هذا العقد وذلك إذا رأت الحكومة أن حالة المصنع تبرر تلك الزيادة وقرارها في ذلك نهائي غير قابل للطعن ويتعهد المستأجر من الآن بأن يقبل هذه الزيادة وتقدرها الحكومة بدون أن يكون له حق الاعتراض على ذلك بتاتاً" وكانت المطعون ضدها الأولى إعمالاً لهذا النص قد رفعت الأجرة السنوية من 40 مليماً إلى 250 مليماً للمتر المربع من الأرض المؤجرة بإرادتها المنفردة دون الحصول على موافقة المستأجرة (الطاعنة) فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في قضائه إلى صحة هذا الشرط في شأن التزام الطاعنة بزيادة الأجرة التي ارتأتها المطعون ضدها الأولى بإرادتها المنفردة إعمالاً لذلك الشرط، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وقد أدى به هذا الخطأ إلى حجب نفسه عن الإدلاء برأيه في مدى ملاءمة تلك الزيادة.
لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه.

الطعن 224 لسنة 40 ق جلسة 30 / 12 / 1974 مكتب فني 25 ج 2 ق 256 ص 1514

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار/ نائب رئيس المحكمة محمود العمراوي وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فتحي مرسي، ومصطفى سليم، ودكتور مصطفى كيره، وفاروق سيف النصر.

----------------

(256)
الطعن رقم 224 لسنة 40 القضائية

(1) نقض "ميعاد الطعن". "ميعاد المسافة".
وجوب إضافة ميعاد مسافة إلى ميعاد الطعن بين موطن الطاعن وبين مقر المحكمة التي يودع بقلم كتابها صحيفة الطعن.
 (2)بطلان. دعوى "انقطاع سير الخصومة".
زوال صفة من كان يباشر الخصومة عن أحد الخصوم. أثره. انقطاع سيرها بحكم القانون دون حاجة إلى صدور حكم بذلك. مخالفة ذلك. أثره. بطلان الإجراءات.
 (3)استئناف. بطلان. دعوى. "انقطاع سير الخصومة". حكم. نقض "وفق التنفيذ".
اختصام الطاعنة في الاستئناف بوصفها وصية. عزلها من الوصاية أثناء سير الدعوى. عدم إعلانها بقيام الخصومة بعد صدور حكم النقض بوقف تنفيذ حكم العزل. أثره. بطلان كل ما تم في هذا الاستئناف من إجراءات بما في ذلك الحكم المطعون فيه. علة ذلك.

----------------
1 - للطاعن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة  (1)  أن يضيف إلى الميعاد المحدد للطعن بالنقض ميعاد مسافة بين موطنه وبين مقر المحكمة التي يودع بقلم كتابها صحيفة الطعن لما يقتضيه هذا الإيداع من حضور الطاعن في شخص محاميه إلى هذا القلم وإذ كانت المسافة بين مدينة الإسكندرية موطن الطاعنة ومقر محكمة النقض التي أودعت صحيفة الطعن قلم كتابها، تزيد على مائتي كيلو متر، فإنه يزاد على ميعاد الطعن ميعاد مسافة قدره أربعة أيام وفقاً لنص المادة 16 من قانون المرافعات.
2 - مفاد نص المادتين 130، 132 من قانون المرافعات أنه إذا زالت صفة من ينوب في مباشرة الخصومة عن أحد الخصوم، انقطع سيرها بحكم القانون دون حاجة إلى صدور حكم بذلك. ولا يجوز اتخاذ أي إجراء من إجراءات الخصومة في فترة الانقطاع، وقبل أن تستأنف الدعوى بالطريق الذي رسمه القانون وكل إجراء يتم في تلك الفترة يقع باطلاً بما في ذلك الحكم الذي يصدر في الدعوى.
3 - متى كانت الطاعنة قد اختصمت في الاستئناف الذي صدر فيه الحكم المطعون فيه بوصفها وصية على القاصرين..... وأثناء سير الاستئناف عزلت من الوصاية بمقتضى الحكم الصادر من محكمة استئناف الإسكندرية بتاريخ 20/ 5/ 1969، مما يترتب عليه انقطاع سير الخصومة بقوة القانون بحيث لا تستأنف سيرها إلا بإعلان صاحب الصفة في النيابة عن القاصرين. وكانت الطاعنة قد استعادت صفتها كوصية على القاصرين بمقتضى حكم محكمة النقض الصادر في 20/ 10/ 1969 بوقف تنفيذ حكم عزلها من الوصاية الذي يرتد أثره إلى تاريخ طلب وقف التنفيذ. وكانت لم تعلن - بعد عودة الصفة إليها - بقيام الخصومة حتى تستأنف سيرها في مواجهتها، إذ يفترض جهلها بها بعد عزلها من الوصاية، وانقطاع تلك الخصومة بقوة القانون. لما كان ذلك فإن كل ما تم في الخصومة من إجراءات بعد انقطاع سيرها يكون باطلاً بما في ذلك الحكم المطعون فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تخلص في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 2609 سنة 1965 مدني كلي الإسكندرية ضد الطاعنة بصفتها وصية على القاصرين....... ولدى المرحوم........ طالبة القضاء بإلزامها بصفتها بأن تقدم لها حساباً مؤيداً بالمستندات عن ريع حصتها وقدرها الثمن في العقارات المبينة بصحيفة الدعوى، وذلك عن المادة من 1/ 4/ 1954 حتى 30/ 4/ 1964 ثم بإلزامها بصفته من تركة مورث القاصرين - بما يسفر عنه الحساب. وأسست المطعون ضدها دعواها على أنها تملك هذه الحصة بالميراث عن زوجها......، وأن مورث القاصرين المرحوم...... كان يحصل على ريعها باعتباره أكبر أبناء المورث، وأنه لم يقدم حساباً أو يؤد لها شيئاً عن المدة المشار إليها وفي 5/ 3/ 1969 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 411 سنة 25 ق. ومحكمة استئناف الإسكندرية قضت في 22 ديسمبر سنة 1969 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بصفتها وصية على القاصرين....... (بأن تؤدي من تركة مورثهما للمطعون ضدها مبلغ 2349 جنيهاً و333 مليماً. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطاعن وعرض الطاعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره. وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن المطعون ضدها دفعت بسقوط الحق في الطعن لإقامته بعد الميعاد، استناداً إلى أن الطاعنة تخلفت عن حضور جميع جلسات الاستئناف، ومن ثم يبدأ ميعاد الطعن بالنسبة لها من تاريخ إعلانها بالحكم المطعون فيه وإذ كان هذا الحكم قد أعلن للطاعنة في 22/ 1/ 1970 ولم تقدم طعنها إلا في 25/ 3/ 1970، فإن الطعن يكون قد أقيم بعد انقضاء الموعد القانوني.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن للطاعن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن يضيف إلى الميعاد المحدد للطعن بالنقض ميعاد مسافة بين موطنه وبين مقر المحكمة التي يودع بقلم كتابها صحيفة الطعن لما يقتضيه هذا الإيداع من حضور الطاعن في شخص محاميه إلى هذا القلم وإذ كانت المسافة بين مدينة الإسكندرية موطن الطاعنة على ما يبين من الحكم المطعون فيه - ومقر محكمة النقض التي أودعت صحيفة الطعن قلم كتابها، تزيد على مائتي كيلو متر، فإنه يزاد على ميعاد الطعن ميعاد مسافة قدره أربعة أيام وفقاً لنص المادة 16 من قانون المرافعات. وإذ كانت الطاعنة قد أودعت صحيفة الطعن في 25/ 3/ 1970 فإن هذا الطعن يكون قد أقيم في حدود الميعاد القانوني بعد إضافة ميعاد المسافة ويتعين لذلك رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى فيه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بطلان الإجراءات والحكم. وفي بيان ذلك تقول أنه أثناء نظر الاستئناف الذي صدر فيه الحكم المطعون فيه زالت صفتها كوصية على القاصرين الصادر ضدهما ذلك الحكم، إذ عزلت من الوصاية في 20/ 5/ 1969 بمقتضى حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في الاستئنافين رقم 35 سنة 1968، 1 سنة 1969 حسبي عالي مما يترتب عليه انقطاع سير الخصومة بقوة القانون بحيث لا تستأنف الخصومة سيرها إلا بإعلان من أصبح يمثل القاصرين بالطريق الذي رسمه القانون ولا يغير من ذلك أن الطاعنة قد استعادت صفتها بعد ذلك في تمثيل القاصرين بمقتضى حكم محكمة النقض الصادر في 21/ 10/ 1969 بوقف تنفيذ حكم عزلها من الوصاية إذ أن صفتها كانت قد زالت من قبل، وانقطعت صلتها بالخصومة وإذ لم تعلن الطاعنة بقيام الخصومة بعد انقطاع سيرها، فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً لصدوره في خصومة غير منعقدة بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أن مفاد نص المادتين 130، 132 من قانون المرافعات أنه إذا زالت صفة من ينوب في مباشرة الخصومة عن أحد الخصوم انقطع سيرها بحكم القانون دون حاجة إلى صدور حكم بذلك، ولا يجوز اتخاذ أي إجراء من إجراءات الخصومة في فترة الانقطاع، وقبل أن تستأنف الدعوى سيرها بالطريق الذي رسمه القانون وكل إجراء يتم في تلك الفترة يقع باطلاً بما في ذلك الحكم الذي يصدر في الدعوى. ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعنة قد اختصمت في الاستئناف الذي صدر فيه الحكم المطعون فيه بوصفها وصية على القاصرين..... ولدى المرحوم....... وأثناء سير الاستئناف عزلت من الوصاية بمقتضى الحكم الصادر من محكمة استئناف الإسكندرية بتاريخ 20/ 5/ 1969، في الاستئنافين 35 سنة 1968، 1 سنة 1969 حسبي عالي مما تترتب عليه انقطاع سير الخصومة بقوة القانون، بحيث لا تستأنف سيرها إلا بإعلان صاحب الصفة في النيابة عن القاصرين. ولما كانت الطاعنة قد استعادت صفتها كوصية على القاصرين بمقتضى حكم محكمة النقض الصادر في 21/ 10/ 1969 بوقف تنفيذ حكم عزلها من الوصاية الذي يمتد أثره إلى تاريخ طلب وقف التنفيذ وكانت لم تعلن بعد عودة الصفة إليها بقيام الخصومة حتى تستأنف سيرها في مواجهتها، إذ يفترض جهلها بها بعد عزلها من الوصاية، وانقطاع تلك الخصومة بقوة القانون لما كان ذلك فإن كل ما تم في الخصومة من إجراءات بعد انقطاع سيرها يكون باطلاً بما في ذلك الحكم المطعون فيه. ويتعين لذلك نقضه.


 (1) نقض 28/ 11/ 1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 1457.

الطعن 401 لسنة 39 ق جلسة 31 / 12 / 1974 مكتب فني 25 ج 2 ق 261 ص 1547

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد صدقي العصار، ومحمود عثمان درويش.

---------------

(262)
الطعن رقم 401 لسنة 39 القضائية

 (1)استئناف "نطاق الاستئناف". "دعوى سبب الدعوى". ارتفاق.
للخصوم في الاستئناف مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله، تغيير سببه والإضافة إليه. مثال بشأن حق المرور للأرض المحبوسة عن الطريق العام. المادتان 812 و1017 مدني.
( 2 و3 و4) ارتفاق. ملكية. محكمة الموضوع.
 (2)تصرف المالك في أرضه بما يجعل جزءاً منها محبوساً عن الطريق العام. وجوب تقرير حق مرور لهذا الجزء في الأجزاء الأخرى. حق المرور في عقار مجاور. حالاته. المادة 812/ 2 مدني.
 (3)شرط اعتبار الأرض محبوسة عن الطريق العام. يكفي أن يكون الممر غير كاف بحيث لا يتيسر لمالكها الوصول إلى ذلك الطريق إلا بنفقة باهظة أو مشقة كبيرة. استقلال قاضي الموضوع بتقدير ذلك متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
 (4)حق المرور المقرر لمالك الأرض المحبوسة عن الطريق العام. عدم استعماله إلا في موضوع من العقار يكون فيه المرور أخف ضرراً. الجدل الموضوعي في كفاية الدليل. عدم إثارته أمام محكمة النقض.

--------------
1 - لما كان الثابت أن المطعون عليهما أقاما الدعوى بطلب تقرير حق ارتفاق بالمرور لعقاريهما على أرض الطاعنة بتخصيص المالك الأصلي تطبيقاً لنص المادة 1017 من القانون المدني، وطلبا احتياطياً الحكم بإنشاء ممر قانوني في أرض الطاعنة للوصول من أرضهما للطريق العام عملاً بما تقتضي به المادة 812 من القانون المذكور من أن مالك الأرض المحبوسة عن الطريق العام أو التي لا يصلها بهذا الطريق ممر كاف يكون له حق المرور في الأراضي المجاورة بالقدر اللازم لاستغلال أرضه واستعمالها على الوجه المألوف وذلك في نظير تعويض عادل، وإذ قضت محكمة أول درجة برفض الطلب الأصلي مع الاحتفاظ للمطعون عليهما برفع دعوى مبتدأة بالطلب الاحتياطي. فقد استأنف الحكم الابتدائي طالبين إلغاءه والحكم لهما بالطلب الأصلي أو بالطلب الاحتياطي، ولما كان موضوع الطلبين سالفي الذكر لم يتغير وهو حق المرور، وإن تغير مصدر الحق فيهما وهو الاتفاق في حالة ترتيب حق المرور بتخصيص المالك الأصلي، والقانون في حالة الطلب الخاص بإنشاء الممر القانوني، ولا تعد المطالبة بأيهما في دعوى واحدة جمعاً بين دعويين مختلفتين في الموضوع، وكانت المادة 411/ 3 من قانون المرافعات السابق الذي رفع الاستئناف في ظله قد أجازت للخصوم في الاستئناف مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حالة تغيير سببه والإضافة إليه، لما كان ذلك فإن تخلي محكمة أول درجة عن الفصل في الطلب الاحتياطي لا يؤثر على قبوله أمام محكمة الاستئناف، وإذا قضى الحكم المطعون فيه في هذا الطلب بإيجاد ممر قانوني في أرض الطاعنة ليصل أرض المطعون عليهما بالطريق العام، فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بأنه فصل في الدعوى بإنشاء الممر دون أن يصدر فيها قضاء من محكمة أول درجة مخالفاً بذلك نظام التقاضي على درجتين في غير محله.
2 - مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 812 من القانون المدني أنه إذا كان للأرض منفذ إلى الطريق العام، ثم تصرف فيها صاحبها تصرفاً قانونياً أدى إلى جعل جزء منها محبوساً عن هذا الطريق فيجب أن يتقرر حق المرور في الأجزاء الأخرى دون العقارات المجاورة كما كان الأمر قبل تجزئة العقار وبشرط أن يكون هذا مستطاعاً، فإذا لم يكن مستطاعاً أما لأن العقار كله كان من مبدأ الأمر محبوساً عن الطريق العام أو لأنه لم يتيسر الحصول على ممر كاف في أجزاء العقار الأخرى، فإنه يكون لمالك العقار عندئذ الحق في الحصول على الممر الكافي في أحد العقارات المجاورة وفقاً لحكم الفقرة الأولى من المادة 812 سالفة الذكر.
3 - لا يشترط حتى تعتبر الأرض محبوسة عن الطريق العام ألا يكون لها أي منفذ يؤدي إلى هذا الطريق، بل يكفي لتحقق هذه الحالة وفقاً لنص المادة 812/ 1 من القانون المدني أن يكون للأرض ممر إلى الطريق العام ولكنه غير كاف بحيث لا يتيسر لمالكها الوصول إلى ذلك الطريق إلا بنفقة باهظة أو مشقة كبيرة، وهو أمر يستقل قاضي الموضوع بتقديره متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
4 - تقضى المادة 812/ 1 من القانون المدني بأن يكون المرور في الأراضي المجاورة التي تفصل العقار المحبوس عن الطريق العام على ألا يستعمل هذا الحق إلا في العقار الذي يكون فيه المرور أخف ضرراً وفي موضع منه يتحقق فيه هذا الاعتبار، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى بإنشاء الممر في أرض الطاعنة وفي المكان الذي حدده الخبير لأنه لا يترتب على ذلك إلا إزالة حجرتين منفصلتين عن باقي الحجرات وحوائطها مشيدة بطريقة اندثرت من عشرات السنين ولا تتبع حتى في بناء العزب، وأن هذه هي أخف أضرار ممكنة تترتب على إنشاء الممر وهي تقريرات موضوعية سائغة، وكانت المحكمة قد اقتنعت بكفاية الأبحاث التي أجراها الخبير وسلامة الأسس التي بنى عليها رأيه فإن ما تثيره الطاعنة بشأن طريقة بناء الغرفتين المطلوب هدمهما يكون جدلاً موضوعياً في كفاية الدليل الذي اقتنعت به محكمة الموضوع مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهما أقاما الدعوى رقم 997 سنة 1963 مدني القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة وآخرين هم....... طالبين الحكم بتقرير حق ارتفاق بالمرور عرضه ثمانية أمتار وطوله 24 متراً في أرض الطاعنة مع كف منازعتها، وذلك في مواجهة باقي المدعى عليهم، وقالا بياناً للدعوى إنهما اشتريا من المدعى عليه....... قطعتي أرض فضاء مجاورتين لشارع إبراهيم باشا وهو طريق عام بحلوان كما اشترى باقي المدعى عليهم من البائع المذكور ثلاث قطع أخرى ملاصقة لأرضهما وتنتهي إلى شارع إبراهيم باشا، وإذ تحجب أرضهما عن هذا الطريق قطعة أرض فضاء اشترتها الطاعنة مما دعا المالك الأصلي إلى أن يرتب لأرضهما على هذه القطعة حق ارتفاق بالمرور للوصول إلى الطريق المذكور عملاً بما تقضي به المادة 1017 من القانون المدني ثم نازعتهما الطاعنة هذا الحق وأقامت بناء على أرضهما، فقد أقاما الدعوى للحكم لهما بطلباتهما. وبتاريخ 11/ 11/ 1963 حكمت المحكمة بندب الخبير الهندسي صاحب الدور لمعاينة أرض النزاع وبيان ما إذا كان لعقاري المطعون عليهما حق ارتفاق بالمرور إلى شارع إبراهيم باشا بتخصيص من المالك الأصلي. أودع الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أنه يوجد حق ارتفاق بالمرور للقطعتين المملوكتين للمطعون عليهما في أرض الطاعنة، فعدل المطعون عليهما طلباتهما بإضافة طلب احتياطي هو إنشاء ممر قانوني يصل عقاريهما بالطريق العام تطبيقاً لنص المادة 812 من القانون المدني. وبتاريخ 25/ 6/ 1964 حكمت المحكمة برفض الدعوى بالنسبة للطلب الأصلي مع الاحتفاظ للمطعون عليهما بالحق في رفع دعوى مبتدأة بالطلب الاحتياطي. استأنف المطعون عليهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 1564 سنة 81 ق مدني القاهرة طالبين إلغاءه والحكم لهما بطلباتهما الأصلية أو الاحتياطية. وبتاريخ 16/ 4/ 1966 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء الحكوميين بوزارة العدل بالقاهرة لبيان ما إذا كان لأرض النزاع أصلاً قبل تجزئتها وبيعها بمعرفة المالك الأصلي ممر على الطريق العام وفي هذه الحالة على الخبير بيان ما إذا كان من المستطاع إيجاز ممر لها في الأجزاء المبيعة الأخرى والتي كانت شائعة مع أرض النزاع وتقدير التعويض المناسب، وإذا لم يكن ذلك فعليه تحقيق ما إذا كانت الأرض محبوسة عن الطريق العام أو لا يتيسر للمطعون عليهما الوصول إلى الطريق العام إلا بنفقة باهظة أو مشقة كبيرة، وعليه في هذه الحالة تحقيق إنشاء ممر لها يوصله إلى الطريق العام في الأرض المجاورة بالقدر اللازم لاستغلال الأرض واستعمالها على الوجه المألوف على ألا يستعمل هذا الحق إلا في العقار الذي يكون المرور فيه أخف ضرراً وفي موضع منه يتحقق فيه ذلك مع تقدير التعويض العادل. وبعد أن أودع الخبير تقريره عادت المحكمة وبتاريخ 21/ 4/ 1968 فحكمت بإعادة المأمورية إليه للرد على اعتراضات الطرفين ومعاينة الممرين الكائنين بملك السيدتين.......... وبيان ما إذا كانا يصلان أرض المطعون عليهما بشارع لطيف وما إذا كان من الممكن استعمالهما دون نفقة باهظة أو مشقة كبيرة. أودع الخبير ملحقاً لتقريره ثم حكمت المحكمة بتاريخ 27/ 4/ 1969 بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام طاعنة بإنشاء ممر قانوني بأرضها لقطعتي الأرض المملوكتين للمطعون عليهما الموضح حدوده ومعالمه بتقرير الخبير مقابل أن يدفعا لها مبلغ 135 جنيهاً مناصفة بينهما. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن يقوم على أربعة أسباب يتحصل النعي بالسبب الأول منها في أن محكمة أول درجة قضت برفض الطلب الأصلي الذي رفع به المطعون عليهما الدعوى وهو خاص بتقرير حق ارتفاق بالمرور لعقاريهما على أرض الطاعنة بتخصيص المالك الأصلي طبقاً للمادة 1017 من القانون المدني وذلك لعدم قيام الدليل على وجود هذا الحق واحتفظت المحكمة للمطعون عليهما بالحق في رفع دعوى مبتدأة بطلبهما الاحتياطي الخاص بإنشاء ممر قانوني لعقاريهما في أرض الطاعنة طبقاً للمادة 812 من القانون المذكور، غير أن الحكم المطعون فيه قضى في الطلب الاحتياطي بإنشاء الممر المطلوب وهو منه خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم لم يفصل في طلب احتياطي أو عارض وإنما فصل في دعوى جديدة تتعلق بقيد فرضه القانون على حق الملكية وتختلف في الموضوع وفي السبب والأساس القانوني عن الدعوى التي فصلت فيها محكمة أول درجة وهي خاصة بتقرير حق ارتفاق بمعناه الصحيح، وإذ فصل الحكم المطعون فيه في الدعوى الجديدة بإنشاء الممر مع أنه لم يصدر فيها قضاء من محكمة أول درجة حتى يكون محلاً للطعن بالاستئناف فإنه يكون قد خالف نظام التقاضي على درجتين، الأمر الذي يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الثابت أن المطعون عليهما أقاما الدعوى بطلب تقرير حق ارتفاق بالمرور لعقاريهما على أرض الطاعنة بتخصيص المالك الأصلي تطبيقاً لنص المادة 1017 من القانون المدني وطلبا احتياطياً الحكم بإنشاء ممر قانوني في أرض الطاعنة للوصول من أرضهما للطريق العام عملاً بما تقضي به المادة 812 من القانون المذكور من أن مالك الأرض المحبوسة عن الطريق العام أو التي لا يصلها بهذا الطريق ممر كاف يكون له حق المرور في الأراضي المجاورة بالقدر اللازم لاستغلال أرضه واستعمالها على الوجه المألوف وذلك في نظير تعويض عادل وإذ قضت محكمة أول درجة برفض الطلب الأصلي مع الاحتفاظ للمطعون عليهما برفع دعوى مبتدأة بالطلب الاحتياطي، فقد استأنفا الحكم الابتدائي طالبين إلغاءه والحكم لهما بالطلب الأصلي أو بالطلب الاحتياطي، ولما كان موضوع الطلبين سالفي الذكر لم يتغير وهو حق المرور وإن تغير مصدر الحق فيهما وهو الاتفاق في حالة ترتيب حق المرور بتخصيص المالك الأصلي والقانون في حالة الطلب الخاص بإنشاء الممر القانوني ولا تعد المطالبة بأيهما في دعوى واحدة جمعاً بين دعويين مختلفتين في الموضوع وكانت المادة 411/ 3 من قانون المرافعات السابق الذي رفع الاستئناف في ظله قد أجازت للخصوم في الاستئناف مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حالة تغيير سببه والإضافة إليه، لما كان ذلك فإن تخلي محكمة أول درجة عن الفصل في الطلب الاحتياطي لا يؤثر على قبوله أمام محكمة الاستئناف إذ قضى الحكم المطعون فيه في هذا الطلب بإيجاد ممر قانوني في أرض الطاعنة ليصل أرض المطعون عليهما بالطريق العام، فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي تحصيل الواقع بما لا يطابق الثابت بالدعوى، ذلك أن مؤدى الحكم أن حالة الحبس التي صارت إليها أرض المطعون عليهما تتمثل في حجبها عن شارع إبراهيم باشا ولهذا قضى الحكم بإنفاذ الممر إلى هذا الشارع محترقاً أرض الطاعنة ومستلزماً هدم بعض مبانيها، في حين أن حالة الحبس على فرض وجودها تكون متحققة بالنسبة لشارع لطيف بعد أن استغرقت تصرفات المالك الأصلي إلى الطاعنة وغيرها الواجهة المطلة على شارع إبراهيم باشا بأكملها، وبقيت مساحة كبيرة من الأرض تقع على عاتق شارع لطيف فإذا حدثت تجزئة في هذه القطعة ونشأ عنها حبس بعض أجزائها عن الطريق العام فإن حالة الحبس لا تكون متحققة بالنسبة لشارع إبراهيم باشا بل بالنسبة لشارع لطيف مما كان يتعين معه على المحكمة أن تحصر مأمورية الخبير في هذا المكان وإلا يتعدى الممر نطاق الأجزاء التي كانت مطلة على شارع لطيف ولا يجاوزها إلى الأجزاء الأخرى الواقعة على شارع إبراهيم وهو ما تقضي به المادة 812/ 2 من القانون المدني، وأضافت الطاعنة أن حالة عدم الاستطاعة المشار إليها في هذه المادة والتي تجيز إنشاء الممر في عقار مجاور إنما تكون إذا كان العقار كله لا يتصل في الأصل بطريق عام.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وقد نصت المادة 812 من القانون المدني على أنه "1 - مالك الأرض المحبوسة عن الطريق العام، أو التي لا يصلها بهذا الطريق ممر كاف إذا كان لا يتيسر له الوصول إلى ذلك الطريق إلا بنفقة باهظة أو مشقة كبيرة، له حق المرور في الأراضي المجاورة بالقدر اللازم لاستغلال أرضه واستعمالها على الوجه المألوف ما دامت هذه الأرض محبوسة عن الطريق العام، وذلك في نظير تعويض عادل ولا يستعمل هذا الحق إلا في العقار الذي يكون المرور فيه أخف ضرراً وفي موضع منه يتحقق فيه ذلك. 2 - على أنه إذا كان الحبس عن الطريق العام ناشئاً عن تجزئة عقار تمت بناء على تصرف قانوني وكان من المستطاع إيجاد ممر كاف في أجزاء هذا العقار، فلا تجوز المطالبة بحق المرور إلا في هذه الأجزاء." وكان مفاد الفقرة الثانية من هذه المادة أنه إذا كان للأرض منفذ إلى الطريق العام ثم تصرف فيها صاحبها تصرفاً قانونياً أدى إلى جعل جزء منها محبوساً عن هذا الطريق فيجب أن يتقرر حق المرور في الأجزاء الأخرى دون العقارات المجاورة كما كان الأمر قبل تجزئة العقار وبشرط أن يكون هذا مستطاعاً فإن لم يكن مستطاعاً أما لأن العقار كله كان من مبدأ الأمر محبوساً عن الطريق العام أو لأنه لم يتيسر الحصول على ممر كافي في أجزاء العقار الأخرى فإنه يكون لمالك العقار عندئذ الحق في الحصول على الممر الكافي في أحد العقارات المجاورة وفقاً لحكم الفقرة الأولى من المادة 812 سالفة الذكر، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في هذا الخصوص "قوله إن الخبير عاين العين موضوع النزاع وهي عبارة عن جزء من أرض العقار الكائن بناحيتي شارع إبراهيم وشارع لطيف بمدينة حلوان الحمامات والمملوك أصلاً للمستأنف ضده الأول....... الذي باع أجزاء من الأرض الفضاء إلى باقي المستأنف ضدهم وكذا إلى المستأنفين - المطعون عليهما - وتبين أنه بعد شراء المستأنف ضدها الثانية - الطاعنة - لأرضها وبعد شراء المستأنف ضدها الخامسة...... لأرضها كان الوصول إلى أرض المستأنفين عن طريق أرض المستأنف ضدهما الثالث والربعة........ إلى شارع لطيف ثم بعد بنائهما أصبح الوصول إلى أرض المستأنفين عن طريق منور بعرض متر يلاصق الجار الغربي للعقار الأصلي وقد تركته المستأنف عليها الرابعة تنفيذاً لحق ارتفاق الجار الغربي على أرضها ولا يعتبر هذا المنور ممراً لصغر عرضه ويستحيل زيادته إلى 2.5 متراً للأضرار البليغة التي ستلحق المباني على شارع لطيف...... ولذلك رأى الخبير أن يكون الممر بالجهة البحرية أرض المستأنف ضدها الثانية وبعرض 2.5 متراً وطول 24 متراً....."، مما مفاده أنه بعد تجزئة العقار نتيجة التصرف فيه بالبيع كان لأرض المطعون عليهما ممر في جزء يطل على شارع لطيف باعه المالك إلى آخرين ثم أصبح من غير المستطاع إنشاء الممر في هذا الجزء بسبب إقامة مباني عليه وتعذر هدمها لما يترتب على ذلك من أضرار بالغة، وهي أسباب سائغة تبرر عدم إقامة الممر في الجزء المطل على شارع لطيف، لما كان ذلك وكان الخبير قد انتهى في تقريره الذي اعتمده الحكم إلى إنشاء الممر بالجهة البحرية من أرض الطاعنة، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأن حالة الانحباس غير قائمة لأن عقاري المطعون عليهما لهما مرور فعلي عن طريق الأبواب المفتوحة في شارع لطيف في ملك كل من....... والمساحات المتروكة من ملك المطعون عليهما، غير أن الخبير لم يعتبر هذه الأبواب ممرات لصغر عرضها ولاختراقها مبان مأهولة ولأن واحداً منها قد أنشئ لفتح مطلات الجيران عليه، في حين أنها تعتبر ممرات كافية في حكم المادة 812 من القانون، ومما يدل على ذلك أن المطعون عليه الأول استطاع أن يقيم طابقاً جديداً بمنزله وهو ما يستفاد منه أنه تيسر له استعمال هذه الممرات في إدخال مواد البناء، وإذ أغفل الحكم هذه الدلالة ولم يعر دفاع الطاعنة التفاتاً وانصرف إلى إيجاد ممر بشارع إبراهيم فإنه يكون مشوباً بفساد الاستدلال والقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لا يشترط حتى تعتبر الأرض محبوسة عن الطريق العام ألا يكون لها أي منفذ يؤدي إلى هذا الطريق بل يكفي لتحقق هذه الحالة وفقاً لنص المادة 812/ 1 من القانون المدني أن يكون للأرض ممر إلى الطريق العام ولكنه غير كاف بحيث لا يتيسر لمالكها الوصول إلى ذلك الطريق إلا بنفقة باهظة أو مشقة كبيرة، وهو أمر يستقل قاضي الموضوع بتقديره متى أقام قضاءه على أسباب سائغة، وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف كلفت الخبير بحكمها الصادر في 21/ 4/ 1968 بمعاينة الممرات التي تقول الطاعنة أنها توصل عقاري المطعون عليهما بشارع لطيف وبيان ما إذا كان يمكن استعمالها دون نفقة باهظة أو مشقة كبيرة وأضاف الحكم أنه تبين من تقرير الخبير أن المنور المتروك في الناحية الغربية لمنزل المستأنف عليها الرابعة....... عرضه متر ولا يمكن اعتباره ممراً كافياً وأن الممر الذي تدعيه الطاعنة عن طريق الباب العمومي لمنزل المستأنف عليها....... يستدعي المرور أسفل بسطة السلم وفي طرقة بالدور الأرضي بين شقتين أما الممر الثالث الذي تقول الطاعنة أنه يخترق منزل المستأنف عليها...... فهو غير موجود، وانتهت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية للأسباب السائغة سالفة البيان إلى أن الممرين المذكورين لا يصلان أرض النزاع بالطريق العام إلا بنفقة باهظة أو مشقة كبيرة، وكان ما تثيره الطاعنة من أن المحكمة لم تعتد بدلالة نقل مواد البناء إلى أرض المطعون عليه الأول لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في تقدير الأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي انتهت إليها محكمة الموضوع وهو ما لا يجوز، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن مبنى السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، ذلك أن الحكم أخذ بتقرير الخبير ومقتضاه هدم حجرتين من ملك الطاعنة بدعوى أنهما منفصلتان عن باقي المباني وقديمتان وبنيتا بطريقة بدائية بطل استعمالها، في حين أن الحكم لم يبين كيف تحقق من أن هذه الطريقة في البناء قد بطل استعمالها وهو أم لا يستتبع هدم كل بناء أقيم بهذه الطريقة، هذا إلى أن المستفاد من نص المادة 812 من القانون المدني أنه لا يجوز هدم بناء بأكمله لمجرد إنشاء ممر مكانه علاوة على أنه ما دامت المحكمة قد انتهت إلى إيجار ممر إلى شارع إبراهيم فكان يتعين ألا يقتصر الأمر على ملك الطاعنة بل يمتد البحث إلى ملك جيرانها الآخرين المطلين على نفس الشارع مع الأخذ بقاعدة أن الضرر الأشد يدفع بالضرر الأخف.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كانت المادة 812/ 1 من القانون المدني تقضي بأن يكون المرور في الأراضي المجاورة التي تفصل العقار المحبوس عن الطريق العام على ألا يستعمل هذا الحق إلا في العقار الذي يكون فيه المرور أخف ضرراً وفي موضع منه يتحقق فيه هذا الاعتبار، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى بإنشاء الممر في أرض الطاعنة وفي المكان الذي حدده الخبير لأنه لا يترتب على ذلك إلا إزالة حجرتين منفصلتين عن باقي الحجرات وحوائطها مشيدة بطريقة اندثرت من عشرات السنين ولا تتبع حتى في بناء العزب وأن هذه هي أخف أضرار ممكنة تترتب على إنشاء الممر، وهي تقريرات موضوعية سائغة، ولما كانت المحكمة قد اقتنعت بكفاية الأبحاث التي أجراها الخبير وسلامة الأسس التي بنى عليها رأيه فإن ما تثيره الطاعنة بشأن طريقة بناء الغرفتين المطلوب هدمهما يكون جدلاً موضوعاً في كفاية الدليل الذي اقتنعت به محكمة الموضوع مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.