جلسة 12 من يونيه سنة 1974
برياسة السيد نائب رئيس المحكمة المستشار أحمد حسن هيكل وعضوية
السادة المستشارين: محمد أسعد محمود, وجوده أحمد غيث, وإبراهيم السعيد ذكرى،
وإسماعيل فرحات عثمان.
---------------
(171)
الطعن رقم 12 لسنة 40 ق
"أحوال شخصية"
(1)دعوى "الدفاع في الدعوى". حكم "تسبيب الحكم".
أحوال شخصية. إثبات
دفاع الخصم بأنه على فرض
استبعاد أحد الإقرارين اللذين يستند إليهما. فإن الإقرار الآخر يكفي سنداً للدعوى.
دفاع لا يفيد تنازله عن الإقرار الأول كدليل في الإثبات. جواز إقامة الحكم قضاءه
على الإقرار المذكور.
(2)عقد "عيوب
الرضا" "الإكراه". محكمة الموضوع. حكم. نقض.
نفي محكمة الموضوع وقوع
إكراه مؤثر على إرادة الخصم عند تحرير الإقرار. إقامة قضاءها على أسباب سائغة. لا
فساد في الاستدلال.
(3)حكم "حجية
الحكم". إثبات "الإحالة للتحقيق". أحوال شخصية.
عدم تضمين الحكم الصادر
بإحالة الدعوى إلى التحقيق قضاء قطعياً له حجية في النزاع. أثره. عدم تقيد المحكمة
عند الفصل في الموضوع بما يكون قد ورد بذلك الحكم من أسباب. مثال في دعوى طلاق.
(4)إثبات "الإقرار غير
القضائي". محكمة الموضوع. نقض.
تفسير الإقرار. اتساق
المعنى الذي استخلصته المحكمة من وقائع الدعوى. لا سبيل لمحكمة النقض على محكمة
الموضوع في ذلك.
(5)أحوال شخصية
"المسائل الخاصة بالمصريين غير المسلمين" طلاق.
دعوى بطلان الزواج للغش
في بكارة الزوجة. شرط قبولها. المادتان 37, 38 من مجموعة سنة 1938 للأحوال الشخصية
للأقباط الأرثوذكس.
---------------
1 - إذ كان الثابت أن الطاعنة - الزوجة - قد ادعت أمام محكمة أول
درجة بأن الإقرارين حررتهما تحت تأثير إكراه من المطعون عليه - الزوج - واستدلت
على ادعاءها بأنه هو الذي حرر مسودة أحدهما وأملاه عليها, فرد المطعون عليه بأنه
على فرض استبعاد هذا الإقرار فإن الإقرار الآخر يكفي سنداً للدعوى, ولما كان هذا القول
من المطعون عليه لا يفيد التنازل عن الإقرار المشار إليه كدليل مطروح من أدلة
الدعوى, فإن الحكم إذ استند إليه في قضائه لم يخطئ في تطبيق القانون.
2 - إذ كان يبين مما أورده الحكم أن المحكمة قد نفت لأسباب سائغة,
في حدود سلطتها التقديرية وقوع إكراه مؤثر على إرادة الطاعنة عند تحرير الإقرارين
فإن النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال, يكون في غير محله.
3 - إذ كان الحكم الصادر بإحالة الدعوى إلى التحقيق - لم يتضمن
قضاء قطعياً له حجيته في أي شق من النزاع, وإذ استند الحكم في الموضوع إلى الإقرار
- الصادر من الزوجة - للتدليل على أن بكارة الطاعنة قد أزيلت نتيجة سوء سلوكها,
فلا يعتبر مخالفاً حكم التحقيق المشار إليه لمجرد قوله إن الإقرارين - الصادرين من
الزوجة - لا يؤخذ منهما حتماً أن إزالة بكارة الطاعنة كان بسبب سوء سلوكها.
4 - متى كانت عبارة الإقرار - الصادر من الزوجة الطاعنة - تحتمل
المعنى الذي حصلته المحكمة منها, وكان هذا المعنى متسقاً مع الوقائع الثابتة في
الدعوى والتي فصلتها المحكمة في الحكم, فلا سبيل لمحكمة النقض على محكمة الموضوع
في ذلك.
5 - مفاد نص المادتين 37, 38 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية
للأقباط الأرثوذكس الصادرة في سنة 1938 التي طبقها الحكم, أن الغش في بكارة الزوجة
يجيز إبطال الزواج على أساس أنه غلط في صفة جوهرية يعيب الإرادة, وبشرط أن يرفع
الزوج دعوى البطلان في ظرف شهر من وقت عمله بالغش, على ألا يكون قد حصل اختلاط
زوجي بين الطرفين بعد هذا العلم لأن ذلك يعتبر إجازة ضمنية للعقد.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر. والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام
الدعوى رقم 674 سنة 1966 أحوال شخصية "ملي" القاهرة الابتدائية بصحيفة
معلنة في 11/ 7/ 1966 ضد الطاعنة يطلب فيها الحكم ببطلان عقد زواجه منها المؤرخ
15/ 5/ 1966 واحتياطياً بتطليقها منه طلقة بائنة, وقال بياناً للدعوى أنه تزوج من
الطاعنة بالعقد المشار إليه طبقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس على أنها بكر ولم
يتمكن من الدخول بها بعد العقد لتعليلها بشتى الأسباب ولما طال امتناعها قرابة شهر
ونصف وصمم على استعمال حقه الشرعي صارحته بأن آخر أزال بكارتها قبل الزواج فحصل
منها على إقرارين بهذا المعنى وكان ذلك في أوائل شهر يوليو سنة 1966, وإذ ظهر أنها
أدخلت عليه الغش مما يعيب رضاه ويبطل العقد فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. ردت
الطاعنة بأن المطعون عليه دخل بها في اليوم التالي للعقد وظل يعاشرها إلى أن أصيبت
بسبب ذلك بحالة استدعى عرضها على إحدى الطبيبات بتاريخ 1/ 6/ 1966 وأضافت أن
المطعون عليه حصل منها على الإقرارين بطريق الإكراه وبتاريخ 11/ 3/ 1967 حكمت
المحكمة بإبطال عقد الزواج المنعقد بين المطعون عليه والطاعنة بتاريخ 15/ 5/ 1966
استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 42 سنة 84 ق أحوال شخصية
"ملي" القاهرة طالبة إلغاءه والحكم بعدم قبول الدعوى بعد الميعاد
واحتياطياً برفضها. وبتاريخ 25/ 3/ 1968 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق
لتثبت الطاعنة أن الإقرارين المنسوبين إليها حررا تحت بأثير إكراه من المطعون عليه
وأن اختلاطاً جنسياً تم بينهما بعد علمه بالغش, وبعد أن سمعت المحكمة شاهدي
الطرفين قضت بتاريخ 20/ 1/ 1969 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الطاعنة أن
المطعون عليه كان على علم بالغش في بكارتها في التواريخ - 1, 2، 7/ 6/ 1966 -
تواريخ عرضها على الطبيبة وشراء الدواء وأنه عاشرها معاشرة الأزواج بعد علمه بالغش
وبعد سماع شهود الطاعنة عادت وبتاريخ 12/ 1/ 1970 فحكمت برفض الاستئناف وتأييد
الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة العامة
مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت
أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على
ثلاثة أسباب, تنعى الطاعنة بالوجهين الأول والثاني من السبب الأول على الحكم
المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن
الحكم قضى ببطلان عقد زواجها من المطعون عليه استناداً إلى أنها اعترفت في
الإقرارين غير المؤرخين بأنها ليست بكراً وأنها حررتهما دون إكراه، كما استخلص
الحكم أن بكارتها أزيلت بسبب سوء سلوكها من عبارة وردت في أحد الإقرارين مفادها
أنه إذا ظهر أنها حامل فإن الجنين لا يكون من المطعون عليه, في حين أن المطعون
عليه اعترف بجلسة 10/ 12/ 1966 بأنه حرر مسودة هذا الإقرار وأملاه على الطاعنة وهو
ما يدل على حصوله إكراه في تحرير الإقرارين أو بالنسبة للإقرار المذكور على الأقل,
علاوة على أن المطعون عليه اضطر إزاء ذلك إلى التنازل عن التمسك بالإقرار المشار
إليه مما يسقط حجيته كدليل في الدعوى ويكون الحكم المطعون فيه إذ استند إليه في
نفي الإكراه معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي بوجهيه
مردود, ذلك أنه لما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة 10/ 12/ 1966 أمام محكمة
أول درجة أن الطاعنة ادعت بأن الإقرارين حررا تحت تأثير إكراه من المطعون عليه
واستدلت على ادعائها بأنه هو الذي حرر مسودة الإقرار الذي أشير فيه إلى الحمل
وأملاه عليها، فرد المطعون عليه بأنه على فرض استبعاد هذا الإقرار فإن الإقرار
الآخر يكفي سنداً للدعوى ولما كان هذا القول من المطعون عليه لا يفيد التنازل عن
الإقرار المشار إليه كدليل مطروح من أدلة الدعوى ويكون الحكم إذ استند إليه في
قضائه لم يخطئ في تطبيق القانون، ولما كان البين من الحكم الابتدائي الذي أيده
الحكم المطعون فيه وأحال إليه في أسبابه أنه قرر في نفي حصول إكراه في تحرير
الإقرارين ما يلي..... "أنه بالنسبة للإكراه المقول به فإنه مردود بأن المدعى
عليها - الطاعنة - لم تقدم الدليل على حصوله وإنما جاءت أقوالها في هذا الصدد
مرسلة فضلاً عن تناقضها بالنسبة لمكان ووسيلة وتاريخ وقوع هذا الإكراه إذ قررت في
المحضر المؤرخ 5/ 7/ 1966 الخاص بالشكوى الإداري رقم 7534 سنة 1966 الساحل وكذا في
مذكرتها أن الإكراه وقع بالإسكندرية في حين أنها قررت في المحضر المؤرخ في 14/ 7/
1966 الخاص بالشكوى المقدمة منها إلى نيابة الساحل في 13/ 7/ 1966 والمرفقة
بالشكوى الإداري سالفة الذكر أن الإكراه وقع بالقاهرة وفي منزل الزوجية وبالإضافة
إلى أنها قررت في الشكوى الأولى بأن الوسيلة المستعملة كانت التهديد بالقتل بينما
ذكرت في محضر المناقشة وفي مذكرتها (ص 3) أن الاستكتاب صاحبه اعتداء بالضرب المبرح
وكذلك فإن هناك تناقضاً في أقوال المدعى عليها بشأن تاريخ ما تدعيه من إكراه إذ
قررت في المحضر المؤرخ 14/ 7/ 1966 - سالف الذكر أن هذا الإكراه وقع منذ خمسة عشر
يوماً (سابقة على تاريخ سؤالها) أي في أول شهر يوليو سنة 1966 تقريباً بينما عادت
وقررت في مذكرتها (ص 3) أن الإكراه وقع عليها في اليوم الرابع من الزواج أي في يوم
20/ 5/ 1966 تقريباً وبالنسبة لما ورد على لسان المدعى عليها في أوراق الدعوى من
أن الإقرارين أخذا منها وهي في حالة غيبوبة وعن غير وعي فإن هذا الذي ذكرته يتناقض
مع ما تدعيه من وقوع إكراه عليها في ذلك لأنه في حالة الإكراه فإن إرادة المكره
تكون موجودة وقائمة ويحس بما يقع عليه من إكراه وهو ما لا يتفق مع ما ذكرته من
أنها كانت في حالة غيبوبة نتيجة شربها الخمر مع المدعي - المطعون عليه - بالإضافة
إلى ما تقدم فإن الذي تستظهره المحكمة من مطالعة الإقرارين المطعون عليهما أن حالتهما
وطريقة كتابتهما ووضوح الخط الذي كتبا به يقطع بأن محررتهما كانت في تمام إدراكها
ووعيها وفي كامل شعورها" وأضاف الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص قوله أن
التحقيق الذي أجرته المحكمة تنفيذاً للحكمين الصادرين بجلستي 25/ 3/ 1968, 20/ 1/
1969 لم يثبت منه أن الإقرارين موضوع الدعوى قد حررا تحت ظل الإكراه, ولما كان
يبين مما أورده الحكم أن المحكمة قد نفت لأسباب سائغة في حدود سلطتها التقديرية
وقوع إكراه مؤثر على إرادة الطاعنة عند تحرير الإقرارين فإن النعي على الحكم
بالفساد في الاستدلال يكون في غير محله.
وحيث إن السبب الثاني
يتحصل في أن الحكم المطعون فيه خالف حكماً قطعياً سابقاً صدر في الدعوى وشابه فساد
في الاستدلال, ذلك أن محكمة الاستئناف قضت في 25/ 3/ 1968 بإحالة الدعوى إلى
التحقيق لتثبت الطاعنة أن الإقرارين المنسوبين إليها حررا تحت تأثير إكراه من
المطعون عليه وأورد هذا الحكم في أسبابه أن ما تضمنه الإقراران لا يؤخذ منه حتماً
أن إزالة بكارة الطاعنة كان بسبب سوء سلوكها فيكون هذا الحكم قد قطع في تفسير
عبارات الإقرارين واعتبرهما غير حاسمين في هذه الواقعة مما لا يسوغ معه للمحكمة أن
تهدر حجيته, وإذا استخلص الحكم المطعون فيه أن بكارة الطاعنة أزيلت نتيجة سوء
سلوكها من عبارة وردت في أحد الإقرارين مضمونها أنه لا صله للمطعون عليه بما قد
يظهر من حمل في المستقبل, فإنه يكون قد ناقض قضاء سابقاً صدر بين الخصوم أنفسهم,
فضلاً عن أنه يكون قد حمل العبارة المشار إليها أكثر مما تحتمل.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد, ذلك أنه يبين من مطالعة حكم التحقيق الصادر بتاريخ 25/ 3/ 1968 أنه قرر في
هذا الخصوص ما يلي "أنه بالنسبة للموضوع فإن الحكم المستأنف على ما يتبين من
أسبابه قد أبطل عقد الزواج على ما استبانه من الإقرارين المنسوب صدورهما إلى
المستأنفة - الطاعنة - التي تقرر فيهما بزوال بكارتها قبل الزواج، وإذ كان ظاهر
هذين الإقرارين لا يأخذ منه حتماً أن زوال بكارة المستأنفة كان بسبب سوء سلوكها
خصوصاً وقد طعنت الزوجة المستأنفة بأنهما حررا تحت تأثير الإكراه ومن ثم لا ترى
المحكمة مناصاً تبياناً لوجه الحق في الدعوى من إحالتها إلى التحقيق لإثبات ونفي
ما هو موضح بمنطوق هذا الحكم" وانتهى الحكم من ذلك إلى القضاء بإحالة الدعوى
إلى التحقيق لتثبت الطاعنة أن الإقرارين المنسوبين إليها قد حررا وهي تحت تأثير
الإكراه الواقع عليها من المطعون عليه وأن هناك اختلاطاً جنسياً تم بينهما بعد
العلم بالغش, ولما كان هذا الحكم لم يتضمن قضاء قطعياً له حجيته في أي شق من
النزاع وإنما صدر بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي الوقائع سالفة الذكر، وإذ
استند الحكم في الموضوع إلى الإقرار الذي أشير فيه إلى احتمال ظهور جنين للتدليل
على أن بكارة الطاعنة قد أزيلت نتيجة سوء سلوكها فلا يعتبر مخالفاً حكم التحقيق
المشار إليه لمجرد قوله إن الإقرارين لا يؤخذ منهما حتماً أن إزالة بكارة الطاعنة
كان بسبب سوء سلوكها، ولما كانت الطاعنة قد أقرت في الإقرار المشار إليه بما يأتي
"وإذا ظهر أو تبين بأني حامل - اعترف بأن هذا الجنين لا يمت بصلة إلى
السيد..... - المطعون عليه ولما كانت هذه العبارة تحتمل المعنى الذي حصلته المحكمة
منها على النحو سالف البيان وكان هذا المعنى متسقاً مع الوقائع الثابتة في الدعوى
والتي فصلتها المحكمة في الحكم, فلا سبيل لمحكمة النقض على محكمة الموضوع في ذلك,
ويكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي
بالوجه الثالث من السبب الأول وبالسبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق
القانون وشابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب، وذلك أنه استند في قضائه برفض
الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد أكثر من شهر إلى أن الطاعنة حررت الإقرارين في
1/ 7/ 1966 وأن المطعون عليه رفع دعواه في 11/ 7/ 1966 قبل أن يخالطها، واستدل
الحكم على تحرير الإقرارين في التاريخ المذكور بأقوال شاهد المطعون عليه في
التحقيق وبأقوال الطاعنة في شكواها التي قيدت برقم 7534 سنة 1966 إداري الساحل، في
حين أن المطعون عليه دخل بها في اليوم التالي للعقد وليس في أقوال شاهده ما يؤدي
إلى ما استخلصه الحكم، كما أن الاستناد إلى ما ذكرته الطاعنة في الشكوى التي
قدمتها بعد تجزئة لهذه الأقوال، ذلك أنها قررت في الشكوى المذكورة أن المطعون عليه
أرغمها على كتابة الإقرارين أثناء إقامتهما في الإسكندرية بعد عقد الزواج أي في
النصف الثاني من شهر مايو سنة 1966، هذا إلى أن المطعون عليه تضارب في تحديد تاريخ
كتابة الإقرارين, إذ قرر أمام محكمة أول درجة بجلسة 5/ 11/ 1966 أنهما حررا في
ليلة 30/ 6/ 1966 وأثبت هو في صحيفة دعواه التي أعلنت في 11/ 7/ 1966 أنه رفعها
قبل انقضاء ثلاثة أيام من حصوله على الإقرارين، علاوة على أن المطعون عليه علم
بحالتها وأنها ليست بكراً بعد أن كشفت عليها الدكتورة....... في 1/ 6/ 1966 واشترى
لها الدواء اللازم لعلاجها والذي لا تستعمله عذراء وهو ما أيده الصيدلي....... في
التحقيق، ثم إن المطعون عليه ظل يعاشرها بعد شفائها في 18/ 6/ 1966 حتى تركت منزل
الزوجية الأمر الذي تكون معه الدعوى غير مقبولة، وقد تمسكت الطاعنة بهذا الدفاع
أمام محكمة الاستئناف، وإذا انتهى الحكم إلى أن الإقرارين حررا في 1/ 7/ 1966 وقضى
برفض الدفع بعدم قبول الدعوى دون أن يرد على دفاعها سالف الذكر يكون معيباً بالخطأ
في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أنه لما كانت المادة 37 من مجموعة قواعد الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس
الصادرة في سنة 1938 التي طبقها الحكم تنص على أنه يجوز الطعن في الزواج "إذ
وقع غش في شأن بكارة الزوجة بأن ادعت أنها بكر وثبت أن بكارتها أزيلت بسبب سوء
سلوكها أو في خلوها من الحمل وثبت أنها حامل" كما تنص المادة 38 من تلك
اللائحة على أنه "لا تقبل دعوى البطلان في الأحوال المنصوص عليها في المادة
السابقة إلا إذا قدم الطلب في ظرف شهر من وقت أن علم الزوج بالغش وبشرط أن لا يكون
حصل اختلاط زوجي من ذلك الوقت" وكان مفاد هذين النصين أن الغش في بكارة
الزوجة يجيز إبطال الزواج على أساس أنه غلط في صفة جوهرية يعيب الإرادة بشرط أن
يرفع الزوج دعوى البطلان في ظرف شهر من وقت علمه بالغش على ألا يكون قد حصل اختلاط
زوجي بين الطرفين بعد هذا العلم لأن ذلك يعتبر إجازة ضمنية للعقد ولما كان الحكم
الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد قرر رداً على الدفع بعدم قبول
الدعوى ما يلي "أنه بالنسبة للشرط الثالث فإن الثابت أن المدعي المطعون عليه
- علم بالغش عندما صارحته المدعى عليها - الطاعنة - بأنها ليست بكراً وسطرت
الإقرارين المذكورين اللذين أقرت فيهما بذلك وكان ذلك في أوائل شهر يوليو سنة 1966
وفقاً لما جاء في أقوال المدعي في الصحيفة التي تأيدت بما ذكرته المدعى عليها
نفسها في محضر الشرطة المؤرخ 14/ 7/ 1966 سالف الإشارة إليه... وكان الثابت أيضاً
أن الدعوى رفعت في 10/ 7/ 1966.... "وأضاف الحكم المطعون فيه قوله أن التحقيق
الذي أجرته المحكمة تنفيذاً للحكمين الصادرين بجلستي 25/ 3/ 1968 و20/ 1/ 1669 لم
يثبت منه أن الإقرارين موضوع الدعوى قد حررا ظل الإكراه أو أن المستأنف عليه -
المطعون عليه - قد عاشر المستأنفة - الطاعنة - جنسياً، بل إن الثابت من شهادة شاهد
المستأنف عليه أنه ذهب إلى منزل طرفي الخصومة في أول يوليو سنة 1966 فوجد الزوج
المستأنف عليه ثائراً ومعه الإقرار المكتوب والذي أقرت فيه الزوجة المستأنفة أنها
تزوجته ولم تكن بكراً الأمر الذي يبين منه أن هذين الإقرارين حررا في أول يوليو
سنة 1966 وإن كان لم يدون بهما تاريخ تحريرهما.. وأن الثابت من الشكوى رقم 7534
سنة 1966 إداري الساحل المقدمة من المستأنفة في 3/ 7/ 1966 أنها أوردت فيها أنها
تركت منزل الزوجية منذ ثلاثة أيام سابقة على تقديمها على أثر نزاع قام بينها وبين
زوجها المستأنف عليه وأخذت منقولاتها المنزلية أي أنها تركت منزل الزوجية طبقاً
لإقرارها في أول يوليو سنة 1966 وهو يوم كتابة الإقرارين مما يقطع بأن زوجها
المستأنف عليه لم يعاشرها بعد علمه بإزالة بكارتها، كما لم يثبت أن المستأنف عليه
قد عاشرها قبل كتابة هذين الإقرارين، بل إن الثابت من أقوال الدكتورة...... أن
المستأنفة حضرت إليها للعلاج من التهابات نتيجة عوامل مختلفة ولم تجزم بأنها نتيجة
معاشرة زوجية بل أضافت أن مثل حالة المستأنفة المرضية وقت الكشف عليها تجعل الزوجة
تزهد في المعاشرة الجنسية وإن كانت حالتها لا تمنع من الجماع ولكن بألم مما يؤكد
رواية المستأنف عليه بأن زوجته المستأنفة كانت ترفض معاشرته جنسياً بحجة مرضها أو
العادة الشهرية طوال المدة السابقة وحيث إن الثابت من الأوراق أن المستأنف عليه
أقام دعواه في 11/ 7/ 1966 أي في الميعاد القانوني وفقاً للمادة 38 من قانون
الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس سنة 1938 فمن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى
لرفعها بعد الميعاد غير سليم ويتعين الالتفات عنه"، ولما كان يبين من الحكم
أنه استخلص تحرير الإقرارين في 1/ 7/ 1966 من أقوال شاهد المطعون عليه في التحقيق
ومما ذكرته الطاعنة في شكواها الثانية المؤرخة 14/ 7/ 1966 وهو استخلاص يدخل في
سلطة محكمة الموضوع ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق، أما أقوال الطاعنة في شكواها
الأولى المؤرخة 3/ 7/ 1966 فإن الحكم لم يستند إليها في خصوص تحديد تاريخ
الإقرارين وإنما للتدليل على أن المطعون عليه لم يعاشر الطاعنة بعد علمه بإزالة
بكارتها وكان ما أورده الحكم المطعون فيه على هذا النحو وما قرره الحكم الابتدائي
في أسبابه التي أحال إليها الحكم المطعون فيه من أن المطعون عليه لم يعلم بالغش
إلا عندما صارحته الطاعنة في 1/ 7/ 1966 بأنها ليست بكراً يكفي للرد على دفاع
الطاعنة بأن المطعون عليه علم بحالتها في 1/ 6/ 1966 وأنه عاشرها بعد شفائها في 8/
6/ 1966 وإذ انتهى الحكم إلى أن المطعون عليه رفع دعواه في الميعاد دون أن يخالط
الطاعنة بعد علمه بالغش في بكارتها, فإن النعي عليه بهذين السببين يكون في غير
محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الطعن.