الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 18 أكتوبر 2020

الطعن 21 لسنة 47 ق جلسة 18 / 4 / 1977 مكتب فني 28 ق 107 ص 503

جلسة 18 من أبريل سنة 1977

برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، وإسماعيل محمود حفيظ، والسيد محمد مصري شرعان، ومحمد علي بليغ.

--------------

(107)
الطعن رقم 21 لسنة 47 القضائية

جريمة. "أركانها". سب وقذف. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".

بيان ركن العلانية. في جريمة السب العلني. شرط لصحة الحكم.

---------------
من المقرر أنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة السب العلني أن يبين العلانية وطريقة توافرها في واقعة الدعوى حتى يتسنى لمحكمة النقض القيام بوظيفتها في صدد مراقبة تطبيق القانون على الوجه الصحيح، وأن إغفال هذا البيان المهم يعيب الحكم بالقصور بما يستوجب نقضه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن عن هذه الجريمة دون أن يتحدث عن واقعة هذا الظرف وكيفية توافره في حقه من حيث طبيعة المكان الذي حدث فيه وما إذا كان قد حصل الجهر به بين سكان المنزل وما إذا كانوا من الكثرة بحيث تجعل مكان الحادث محلاً عاماً. فإنه يكون قاصراً عن بيان توافر أركان الجريمة التي دان الطاعن بها بما يستوجب نقضه.


الوقائع

أقام المدعي بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر ضد الطاعن بأنه في يوم 15 يوليه سنة 1974 أثناء توجهه إلى مسكنه اعترضه المتهم واعتدى عليه بألفاظ سب من بينها "يابن الوسخة مش حتبطل تقول أخذت منك فلوس أنا أضربك واضرب أبوك بالجزمة" وتحرر عن هذه الواقعة الشكوى رقم 4001 سنة 1974 وطلب عقابه بالمواد 171 و306 و308 و342 من قانون العقوبات وبإلزامه بأن يدفع له مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة الرمل الجزئية قضت في الدعوى حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم عشرين جنيهاً عن التهم المنسوبة إليه وبإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف المحكوم عليه الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت في الدعوى حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السب المسندة إليه جاء مشوباً بالقصور في التسبيب ذلك أنه لم يعن ببيان ركن العلانية، ولم يورد الاعتبارات التي استخلص منها توافره.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إذ تعرض لجريمة السب التي دان الطاعن بها قال: "وحيث إن التهمة الأولى وهى جنحة السب المسندة إلى المتهم ثابتة قبله من أقوال المجني عليه بمحضر جمع الاستدلالات في محاولة المتهم الاعتداء عليه بعد أو وجه إليه ألفاظ السباب. وقد تأيد ذلك بأقوال الشاهد...... في أن تماسكا قد حدث بين المتهم والمجني عليه الأمر الذي يتعين معه عقاب المتهم عن هذه التهمة..." كما أن الحكم المطعون فيه بعد أن اعتنق أسباب هذا الحكم أضاف إليها وهو بصدد التدليل على ثبوت واقعة السب قوله: "أن المتهم حالة عودته لمسكنه وجه إليه الألفاظ والعبارات الواردة بالمحضر ورفع حذاءه مهدداً بالاعتداء عليه...". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة السب العلني أن يبين العلانية وطريقة توافرها في واقعة الدعوى حتى يتسنى لمحكمة النقض القيام بوظيفتها في صدد مراقبة تطبيق القانون على الوجه الصحيح، وأن إغفال هذا البيان المهم يعيب الحكم بالقصور بما يستوجب نقضه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن عن هذه الجريمة دون أن يتحدث عن واقعة هذا الظرف وكيفية توافره في حقه من حيث طبيعة المكان الذي حدث فيه وما إذا كان قد حصل الجهر به بين سكان المنزل وما إذا كانوا من الكثرة بحيث تجعل مكان الحادث محلاً عاماً. فإنه يكون قاصراً عن بيان توافر أركان الجريمة التي دان الطاعن بها بما يستوجب نقضه بغير حاجة لبحث أوجه الطعن الأخرى.

الطعن 806 لسنة 47 ق جلسة 25 / 12 / 1977 مكتب فني 28 ق 218 ص 1073

جلسة 25 من ديسمبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار/ حسن علي المغربي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد علي موسى، وأحمد طاهر خليل، ومحمد علي بليغ، ومحمد حلمي راغب.

------------------

(218)
الطعن رقم 806 لسنة 47 القضائية

دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع. "الدفع بتزوير محضر الحجز". حجز. نقض. "أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
الدفاع الجوهري الذي تلتزم المحكمة بالالتفات إليه. شرطه أن يكون جدياً وأن يشهد له الواقع ويسانده وأن يصر عليه مقدمه أمام درجتي التقاضي.
عدم التمسك بالدفع بتزوير محضر الحجز أمام محكمة ثاني درجة. التفات الحكم عن هذا الدفع. صحيح. التمسك بذلك من جديد أمام محكمة النقض. غير مقبول.

---------------
من المقرر أنه يشترط في الدفاع الجوهري كيما تلتزم المحكمة بالالتفات إليه والرد عليه أن يكون مع جوهريته جدياً لا ينفك مقدمه عن التمسك به والإصرار عليه وأن يشهد له الواقع ويسانده، أما إذا لم يصر عليه وكان عارياً من دليله فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات عنه دون أن تتناوله في حكمها ولا يعتبر سكوتها عنه إخلالاً بحق الدفاع ولا قصوراً في حكمها. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يصر أمام محكمة أول درجة على التمسك بدفاعه الخاص بتزوير محضر الحجز حتى إقفال باب المرافعة أمامها ولم يثر هذا الدفاع أمام محكمة ثاني درجة فإنه يعد متنازلاً عنه ويضحى دفاعاً غير جدي لم يقدم دليله ولم يقصد به سوى إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة وليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء لم يطلب منها أو سكوتها عن الرد عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد المحجوزات المبينة الوصف والقيمة بالمحضر وطلبت عقابه بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات. ومحكمة أبو حمص الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل. فاستأنف ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تبديد محجوزات قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم التفت عما أبداه الطاعن من دفاع حول تزوير محضر الحجز وعدم علمه به وهو دفاع جوهري تمسك به الطاعن أمام درجتي التقاضي فلم يعنِ الحكم بتحقيقه أو الرد عليه مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن حضر أمام محكمة أول درجة بجلسة 23/ 6/ 1975 وأنكر التهمة وقرر أنه لا يعترف بالحجز ويطعن عليه بالتزوير ثم طلب أجلاً للسداد، فقررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 3/ 11/ 1975 وفيها حضر الطاعن وقدم دليل السداد دون أن يبدي دفاعاً فقضت المحكمة بإدانته. وإذ استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة ثاني درجة بجلسة 10/ 12/ 1975 اقتصر دفاعه على طلب الحكم بالبراءة فقضت المحكمة بحكمها المطعون فيه. ولما كان من المقرر أنه يشترط في الدفاع الجوهري كيما تلتزم المحكمة بالالتفات إليه والرد عليه أن يكون مع جوهريته جدياً لا ينفك مقدمه عن التمسك به والإصرار عليه وأن يشهد له الواقع ويسانده، أما إذا لم يصر عليه وكان عارياً من دليله فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات عنه دون أن تتناوله في حكمها ولا يعتبر سكوتها عنه إخلالاً بحق الدفاع ولا قصوراً في حكمها. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يصر أمام محكمة أول درجة على التمسك بدفاعه الخاص بتزوير محضر الحجز حتى إقفال باب المرافعة أمامها ولم يثر هذا الدفاع أمام محكمة ثاني درجة فإنه يعد متنازلاً عنه ويضحى دفاعاً غير جدي لم يقدم دليله ولم يقصد به سوى إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة وليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء لم يطلب منها أو سكوتها عن الرد عليه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 252 لسنة 47 ق جلسة 26 / 12 / 1977 مكتب فني 28 ق 219 ص 1076

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار/ محمد عادل مرزوق - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الواحد الديب، ودكتور أحمد رفعت خفاجي، وإسماعيل محمود حفيظ، ومحمد عبد الحميد صادق.

------------

(219)
الطعن رقم 252 لسنة 47 القضائية

(1) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم جواز المجادلة فيما ارتسم في وجدان القاضي بالدليل الصحيح أمام محكمة النقض.
(2) ضرب "أفضى إلى موت". ظروف مشددة. سبق إصرار. محكمة "الدفاع" الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
تحقق ظرف سبق الإصرار بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيداً عن ثورة الانفعال صحة افتراضه. كلما طال الزمن بين الباعث عليها وبين وقوعها تحققه كذلك. ولو كانت خطة التنفيذ معلقة على شرط.
 (3)سبق إصرار. جريمة. "أركانها". أسباب الإباحة وموانع العقاب. "الدفاع الشرعي". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ثبوت التدبير للجريمة. سواء بتوافر سبق الإصرار أو انعقاد الاتفاق على إيقاعها أو التحيل لارتكابها. ينفي حتماً موجب الدفاع الشرعي. الذي يفترض رداً حالاً لعدوان حال دون الإعداد له وإعمال الخطة في إنفاذه.

----------------
1 - لما كان البين من مطالعة المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها - أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهدين والطاعنين له في الأوراق صداه ولم يحد في تحصيله عن نص ما أنبأت به أو فحواه، فلا يعدو الطعن عليه بدعوى الخطأ في الإسناد أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين، تأديا من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح، وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض.
2 - من المقرر في تفسير المادة 231 من قانون العقوبات، أن سبق الإصرار - وهو ظرف مشدد عام في جرائم القتل والجرح والضرب - يتحقق بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيداً عن ثورة الانفعال مما يقتضي الهدوء والروية قبل ارتكابها لا أن تكون وليدة الدفعة الأولى من نفس جاشت بالاضطراب وجمح بها الغضب حتى خرج صاحبها عن طوره، وكلما طال الزمن بين الباعث عليها وبين وقوعها صح افتراض قيامه، وهو يتحقق كذلك ولو كانت خطة التنفيذ معلقة على شرط أو ظرف، بل ولو كانت نية اقتراف الجريمة لدى الجاني غير محددة، قصد بها شخصاً معيناً أو غير معين صادفه حتى ولو أصاب بفعله شخصاً وجده غير الشخص الذي قصده وهو ما لا ينفي المصادفة أو الاحتمال، وقد جرى قضاءه هذه المحكمة على أن تقدير الظروف التي يستفاد منها توافر سبق الإصرار هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام لاستخلاصه وجه مقبول.
3 - من المقرر أنه متى أثبت الحكم التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الإصرار أو انعقاد الاتفاق على إيقاعها أو التحيل لارتكابها انتفى حتماً موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض رداً حالاً لعدوان حال دون الاسلاس له وإعمال الخطة في إنفاذه، لهذا، ولأن الدفاع الشرعي لم يشرع للانتقام من الغرماء بل لكف الاعتداء، وهو ما انتهى إليه الحكم بغير معقب فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم أحدثوا عمداً...... الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدوا من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته وكان ذلك مع سبق الإصرار والترصد. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمادة 236/ 1 - 2 من قانون العقوبات، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التقرير بالطعن بالنقض في الحكم هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه. لما كان ذلك، وكان الطاعن الثالث - .... - وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الأول والثاني - قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
حيث إن مبنى ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الضرب المميت مع سبق الإصرار والترصد قد انطوى على خطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون، ذلك بأنه أسند إلى كل من العقيد ... ... والطاعنين القول بأن المتهمين كانوا يعرفون من قبل أن المجني عليه هو السارق لصيدهم فترصدوه بقصد الاعتداء عليه، واستخلص الحكم من ذلك توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد، في حين أن روايتهم تنتهي إلى أن المتهمين لا يعرفون شخص السارق وأنهم باتوا يحرسون صيدهم للقبض على من يسرقه وإبلاغ الشرطة على نحو ما حدث فعلاً، وأن مبادرة المجني عليه بالاعتداء على الطاعن الأول وإحداثه به إصابة يده التي أثبتها المحقق وأغفلها الحكم، هي التي حدت بالطاعن الثالث إلى أن ينتزع "الكوريك" من المجني عليه ويعتدي عليه به، وهي ما ينتفي معه ظرف سبق الإصرار وتنهض به حالة الدفاع الشرعي عن النفس والمال والتي يدفعها ما تفترضه المحكمة من إمكان الالتجاء إلى السلطة، كل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فيما يجمل أن المتهمين - الطاعنين - وهم يحترفون صيد السمك من النيل قد لاحظوا سرقة صيدهم من معداته فتحروا الأمر حتى علم المتهم الثالث أن المجني عليه هو الذي اعتاد سرقته، فتدبروا أمرهم وعقدوا العزم على ترصده والاعتداء عليه إذا حضر كدأبه، إلى أن كانت ليلة الحادث وتنفيذاً لما أصروا عليه، كمنوا له عند معدات الصيد مزودين بكوريك وعصاوين غليظتين، وإذ حضر وهم بمباشرة السرقة قام إليه ثلاثتهم واعتدوا عليه بالضرب على رأسه وأجزاء متفرقة من جسمه فأحدثوا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدوا من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته، وقد دلل الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعنين بما تنتجها من وجوه الأدلة الواردة في المساق المتقدم والتي استمدها من شهادة كل من المقدم ..... وابن الطاعن الثالث واعتراف كل من الطاعنين الأول والثاني، وثبوت قيام الباعث في نفس المتهمين على الاعتداء من قبل ومن تقرير الصفة التشريحية، بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار والترصد التي دان الطاعنين بها، لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها - أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهدين والطاعنين له في الأوراق صداه ولم يحد في تحصيله عن نص ما أنبأت به أو فحواه، فلا يعدو الطعن عليه بدعوى الخطأ في الإسناد أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين، تأديا من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح، وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على ثبوت ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين بما يشهد به اتفاقهم فيما بينهم وقبل واقعة الدعوى بفترة طويلة على الاعتداء على المجني عليه إذا ما ظفروا به انتقاماً منه لاقترافه سرقة صيدهم ومن إعدادهم أدوات الاعتداء لهذا الغرض، ثم اعتداء ثلاثتهم بها عليه بمجرد أن ظفروا به، وكان من المقرر في تفسير المادة 231 من قانون العقوبات، أن سبق الإصرار - وهو ظرف مشدد عام في جرائم القتل والجرح والضرب يتحقق بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيداً عن ثورة الانفعال مما يقتضي الهدوء والروية قبل ارتكابها لا أن تكون وليدة الدفعة الأولى من نفس جاشت باضطرابات وجمح بها الغضب حتى خرج صاحبها عن طوره، وكلما طال الزمن بين الباعث عليها وبين وقوعها صح افتراض قيامه، وهو يتحقق كذلك ولو كانت خطة التنفيذ معلقة على شرط أو ظرف، بل ولو كانت نية اقتراف الجريمة لدى الجاني غير محددة، قصد بها شخصاً معيناً أو غير معين صادفه حتى ولو أصاب بفعله شخصاً وجده غير الشخص الذي قصده وهو ما لا ينفي المصادفة أو الاحتمال، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن تقدير الظروف التي يستفاد منها توافر سبق الإصرار هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام لاستخلاصه وجه مقبول، وإذ كان ما استدل به الحكم فيما سلف على ثبوت سبق الإصرار إنما يسوغ به ما استنبطه من توافره، ولا محل من بعد لما يثيره الطاعنان من القول بانتفائه بدعوى عدم معرفتهما لشخص السارق، أو التحدي بأن مبادرة المجني عليه على الطاعن الأول - إن صحت - هي التي حدت إلى الاعتداء عليه، إذ لا شأن لها بنفوس المتهمين التي كانت مهيأة من قبل للاعتداء بعدته وأدواته وسعوا إليه ليلة الحادث سواء تشابكت الحوادث في ربط زمني متصل أو وقعت بينها فرجة من الوقت تفسح لسبق الإصرار ولا تنفيه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى أثبت الحكم التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الإصرار أو انعقاد الاتفاق على إيقاعها أو التحيل لارتكابها انقضى حتماً موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض رداً حالاً لعدوان حال دون الاسلاس له وإعمال الخطة في إنفاذه، لهذا، ولأن الدفاع لم يشرع للانتقام من الغرماء بل لكف الاعتداء، وهو ما انتهى إليه الحكم بغير معقب، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص يكون غير سديد. ولما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

الطعن 796 لسنة 47 ق جلسة 25 / 12 / 1977 مكتب فني 28 ق 216 ص 1066

جلسة 25 من ديسمبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار/ حسن علي المغربي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينة، ويعيش رشدي، ومحمد وهبه؛ وأحمد موسى.

--------------------

(216)
الطعن رقم 796 لسنة 47 القضائية

امتناع عن تنفيذ حكم. موظفون عموميون. جريمة. "أركانها". قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
دفع المتهم بأن عدم تنفيذ الحكم بالتعويض مرده عدم وجود مصرف مالي. إطراح الحكم هذا الدفاع بقالة أنه من الطبيعي توافر ذلك المصرف. قصور في بيان القصد الجنائي.

-----------------
لما كان الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مجمله أن المطعون ضده - المدعي بالحقوق المدنية - استصدر حكماً ضد الطاعن بصفته رئيساً لمجلس مدينة دمياط بإلزامه بالتعويض المستحق له عن قطعة أرض مملوكة له وصدر قرار بنزع ملكيتها لصالح مجلس المدينة، ولما لم تجد مطالبته الودية للطاعن بالمبلغ المقضي به قام بإنذاره بتنفيذ الحكم فرد عليه بعدم وجود مصرف مالي لتنفيذه وبأنه طلب من المديرية المالية تدبير المبلغ المحكوم به ليقوم بتنفيذ الحكم فاعتبر المدعي بالحقوق المدنية هذا الرد من الطاعن امتناعاً عن تنفيذ الحكم يقع تحت طائلة نص المادة 123 من قانون العقوبات وأقام على الطاعن دعوى الجنحة المباشرة موضوع هذا الطعن، ثم أورد الأدلة على ثبوتها في حق الطاعن ورد على ما دفع به الطاعن من انتفاء القصد الجنائي لعدم استطاعته تنفيذ الحكم لعدم وجود المورد المالي بقوله: "وحيث إنه ما من شك في أن تنفيذ الحكم المذكور يدخل في اختصاص السيد رئيس مجلس مدينة دمياط وهو ما لم يزعم أن ذلك لا يدخل في اختصاصه ومن ثم يكون متعمداً عدم تنفيذ الحكم المذكور". وأضاف الحكم الاستئنافي في معرض رده على هذا الدفع قوله: "من الطبيعي أن يكون المجلس قد وضع في خطته المالية إعداد المقابل النقدي لهذا الاستيلاء وقام برصده في ميزانيته المالية تمهيداً لصرفه إلى مالك الأرض المستولى عليها عند صدور حكم نهائي بتقرير قيمة التعويض المستحق.. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو أين الاعتماد المقرر عن خطة المجلس بالاستيلاء على أرض المدعي بالحق المدني، أن الإجابة على هذا السؤال يكمن فيها أسباب اطمئنان المحكمة إلى توافر قيام أركان الاتهام المسند إلى المتهم في حقه". لما كان ذلك وكان ما أورده الحكمان الابتدائي والاستئنافي - على ما سلف - غير كافٍ للتدليل على أن الطاعن قصد عدم تنفيذ الحكم الصادر لصالح المطعون ضده فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في إثبات توافر القصد الجنائي في الجريمة التي دين عنها.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة دمياط الجزئية ضد الطاعن بوصف أنه امتنع عن تنفيذ الحكم... مدني كلي دمياط بعدم دفع المبلغ المحكوم به وقدره 3900 جنيه رغم إنذاره وطلب في ختامها معاقبته بالمادة 123 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع له مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف والأتعاب. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام أولاً: بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ والعزل ثانياً: إلزام المتهم بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم، ومحكمة دمياط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم وفي الدعوى المدنية بإثبات تنازل المدعي بالحق المدني عن دعواه المدنية وإلزامه بمصاريفها حتى الترك. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإدانته بجريمة الامتناع عن تنفيذ حكم قد شابه قصور في التسبيب ذلك بأنه دفع بعدم توافر القصد الجنائي فرد الحكم على هذا الدفع بما لا يصلح رداً مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مجمله أن المطعون ضده المدعي بالحقوق المدنية استصدر حكماً ضد الطاعن بصفته رئيساً لمجلس مدينة دمياط بإلزامه بالتعويض المستحق له عن قطعة أرض مملوكة له وصدر قرار بنزع ملكيتها لصالح مجلس المدينة، ولما لم تجد مطالبته الودية للطاعن بالمبلغ المقضى به قام بإنذاره بتنفيذ الحكم فرد عليه بعدم وجود مصرف مالي لتنفيذه وبأنه طلب من المديرية المالية تدبير المبلغ المحكوم به ليقوم بتنفيذ الحكم، فاعتبر المدعي بالحقوق المدنية هذا الرد من الطاعن امتناعاً عن تنفيذ الحكم يقع تحت طائلة نص المادة 123 من قانون العقوبات وأقام على الطاعن دعوى الجنحة المباشرة موضوع هذا الطعن، ثم أورد الأدلة على ثبوتها في حق الطاعن ورد على ما دفع به الطاعن من انتفاء القصد الجنائي لعدم استطاعته تنفيذ الحكم لعدم وجود المورد المالي بقوله: "وحيث إنه ما من شك في أن تنفيذ الحكم المذكور يدخل في اختصاص السيد رئيس مجلس مدينة دمياط وهو ما لم يزعم أن ذلك لا يدخل في اختصاصه ومن ثم يكون متعمداً عدم تنفيذ الحكم المذكور". وأضاف الحكم الاستئنافي في معرض رده على هذا الدفع قوله: "من الطبيعي أن يكون المجلس قد وضع في خطته المالية إعداد المقابل النقدي لهذا الاستيلاء وقام برصده في ميزانيته المالية تمهيداً لصرفه إلى مالك الأرض المستولى عليها عند صدور حكم نهائي بتقرير قيمة التعويض المستحق... والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو أين الاعتماد المقرر عن خطة المجلس بالاستيلاء على أرض المدعي بالحق المدني، إن الإجابة على هذا السؤال يكمن فيها أسباب اطمئنان المحكمة إلى توافر قيام أركان الاتهام المسند إلى المتهم في حقه" لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكمان الابتدائي والاستئنافي - على ما سلف - غير كافٍ للتدليل على أن الطاعن قصد عدم تنفيذ الحكم الصادر لصالح المطعون ضده فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في إثبات توافر القصد الجنائي في الجريمة التي دين عنها، ومن ثم يكون معيباً بما يستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

الطعن 778 لسنة 47 ق جلسة 18 / 12 / 1977 مكتب فني 28 ق 215 ص 1062

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار/ محمد عادل مرزوق - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينة، ويعيش محمد رشدي، ومحمد علي بليغ، ومحمد حلمي راغب.

-----------------

(215)
الطعن رقم 778 لسنة 47 القضائية

ضرب. "أفضى إلى موت". أسباب الإباحة وموانع العقاب. "الدفاع الشرعي". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير تجاوز حق الدفاع الشرعي بنية سليمة. من عدمه. موضوعي.
تكرار الاعتداء على المجني عليه في أكثر من موضع وبأكثر من طعنة. رغم عدم حمله أية أسلحة. اعتبار الطاعن متجاوزاً حقه في الدفاع الشرعي. سائغ.

-----------------
من المقرر أن تقدير القوة اللازمة لرد الاعتداء، لتقرير ما إذا كان المدافع قد التزم حدود الدفاع الشرعي فلا جريمة فيما أتاه طبقاً لنص المادة 245 من قانون العقوبات، أم أنه تعدى حدوده - بنية سليمة - فيعامل بمقتضى المادة 251 من هذا القانون، إنما هو من الأمور الموضوعية البحت التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها - وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب، ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها. وإذ كان ما أثبته الحكم من أن الطاعن طعن المجني عليهما بالمدية في أكثر من موضع بأكثر من طعنة رغم أنهما لم يكونا يحملان أية أسلحة من أي نوع - من شأنه أن يؤدي إلى ما ارتآه الحكم من أن الوسيلة التي سلكها الطاعن لرد الاعتداء الواقع عليه من المجني عليهما لم تكن لتتناسب مع هذا الاعتداء بل إنها زادت عن الحد الضروري والقدر اللازم لرده، فإن هذا حسب الحكم لاعتبار الطاعن قد تعدى - بنية سليمة - حدود حق الدفاع الشرعي، ومن ثم فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم من قصور لا يعدو - في حقيقته - أن يكون جدلاً في تحصيل محكمة الموضوع فهم الواقع في الدعوى في حدود سلطتها التقديرية وفي ضوء الفهم الصحيح للقانون، وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة الطاعن بأنه (أولاً) ضرب ...... عمداً بجسم صلب (مطواه) في صدره فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. (ثانياً) ضرب ...... عمداً بجسم صلب (مطواه) فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أعماله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادتين 236/ 1 و241/ 2 من قانون العقوبات، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام والمادة 32/ 2 من قانون العقوبات بحبس المتهم سنتين مع الشغل. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي ضرب - أفضى في إحداهما إلى الموت - قد شابه قصور في التسبيب ذلك بأنه وإن خلص إلى أن الطاعن كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه وقت ارتكاب الفعل، إلا أنه عاد فاعتبره قد تعدى - بنية سليمة - حدود حق الدفاع أثناء استعماله إياه، دون أن يستظهر سلوك المجني عليهما بعد مفاجأتهما الطاعن بالاعتداء والمدة التي استمرا فيها على هذه الحال حتى يتسنى - من بعد - معرفة مدى قدرة الطاعن في هذه الظروف على الوقوف في رد الاعتداء عند حد معين بحيث إن تعداه عد متجاوزاً حقه في الدفاع.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن شجاراً حدث بين الطاعن وبين المجني عليه الثاني حول قيام الطاعن بإصلاح سيارة للأخير وبعد ما تمكن بعض الناس من فض الشجار، ما لبث المجني عليه الثاني أن عاد ومعه ولده - المجني عليه الأول - إلى محل الطاعن وفاجأه بالاعتداء عليه بالضرب بالأيدي والركل بالقدم وشاركه ولده في هذا الاعتداء، فما كان من الطاعن إلا أن أخرج من جيبه مدية طعن بها المجني عليه الأول وأحدث به إصابة أودت بحياته - دون أن يقصد من ذلك قتله - كما ضرب بها المجني عليه الثاني فأحدث به عدة إصابات أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً وبعد أن أورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستقاة من أقوال الشهود والتقارير الطبية، خلص إلى أن الطاعن كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه، ثم عقب على ذلك بقوله: "إلا أنه من المقرر أنه ليس للمدافع أن يرد العدوان الذي وقع عليه إلا بما يتناسب معه من قوة لازمة لرده فإن تجاوز هذا الحق في الدفاع الشرعي فإن ذلك لا يعفيه من العقاب كلية. ولما كان ذلك، وكان المتهم - الطاعن - قد رد على عدوان الأب والابن المجني عليهما بأن طعنهما بالمطواة في أكثر من موضع وبأكثر من طعنة كما هو ثابت من تقرير الصفة التشريحية ومن التقرير الطبي رغم أنهما لم يكونا يحملان أية أسلحة من أي نوع على ما ثبت يقيناً من أقوال والد المجني عليه والشاهد... ..... مؤيدة بأقوال... ... ومن ثم فإنه - أي المتهم - يكون قد تعدى حدود حقه في الدفاع الشرعي عن نفسه أثناء استعماله لهذا الحق". وانتهى الحكم من ذلك إلى أن هذا التعدي قد وقع من الطاعن بنية سليمة، وطبق في حقه نص المادة 251 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير القوة اللازمة لرد الاعتداء، لتقرير ما إذا كان المدافع قد التزم حدود الدفاع الشرعي فلا جريمة فيما أتاه طبقاً لنص المادة 245 من قانون العقوبات، أم أنه تعدى حدوده - بنية سليمة - فيعامل بمقتضى المادة 251 من هذا القانون، إنما هو من الأمور الموضوعية البحتة التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها - وفق الوقائع المعروضة عليها - بغير معقب، ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها. وإذ كان ما أثبته الحكم فيما تقدم بيانه - من أن الطاعن طعن المجني عليهما بالمدية في أكثر من موضع وبأكثر من طعنة رغم أنهما لم يكونا يحملان أية أسلحة من أي نوع - من شأنه أن يؤدي إلى ما ارتآه الحكم من أن الوسيلة التي سلكها الطاعن لرد الاعتداء الواقع عليه من المجني عليهما لم تكن لتتناسب مع هذا الاعتداء، بل إنها زادت عن الحد الضروري والقدر اللازم لرده، فإن هذا حسب الحكم لاعتبار الطاعن قد تعدى - بنية سليمة - حدود حق الدفاع الشرعي، ومن ثم فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم من قصور لا يعدو - في حقيقته - أن يكون جدلاً في تحصيل محكمة الموضوع فهم الواقع في الدعوى في حدود سلطتها التقديرية وفي ضوء الفهم الصحيح للقانون، وهو ما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 777 لسنة 47 ق جلسة 18 / 12 / 1977 مكتب فني 28 ق 214 ص 1059

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار/ محمد عادل مرزوق - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، وأحمد طاهر خليل، ومحمد علي بليغ، ومحمد حلمي راغب.

-------------

(214)
الطعن رقم 777 لسنة 47 القضائية

ضرب. "أفضى إلى موت". أسباب الإباحة وموانع العقاب. "الدفاع الشرعي" حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. موضوعي. متى كان سائغاً. انتهاء التماسك بين الطاعن والمجني عليه وانصراف كل إلى وجهته. تعدى الأول على الأخير بعد ذلك. قصاص وانتقام لا استعمال لحق الدفاع الشرعي.

----------------
من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية للنتيجة التي رتبت عليها، كما أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتدٍ على اعتدائه وإنما شرع لرد العدوان، وإذ كان مؤدى ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى ولدى نفيه لقيام حالة الدفاع الشرعي - وهو ما لا ينازع الطاعن في صحة إسناد الحكم بشأنه - أن تماسكاً وقع بين الطاعن والمجني عليه وقام شاهدا الإثبات بفضه وبعد أن سار كل من الطاعن والمجني عليه تجاه بلدته في اتجاهين مختلفين، عاد الطاعن ولحق بالمجني عليه وبادره بالطعن بالمدية فأحدث إصابته التي أودت بحياته دون أن يبدر من المجني عليه أية بادرة اعتداء على الطاعن، فإن ما قارفه الطاعن من تعدٍ يكون من قبيل القصاص والانتقام بما تنتفي به حالة الدفاع الشرعي عن النفس كما هي معرفة به في القانون، لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم المطعون فيه إغفاله التحدث عن الإصابات التي بالطاعن - فإنه على فرض صحة وجودها به فإن مرجعها هو التشاجر السابق على فض الاشتباك وسير كل منهما في اتجاه مغاير للآخر - والتي ما كانت تجيز له العودة واللحاق بالمجني عليه للانتقام منه - فإن منعى الطاعن يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحدث عمداً بـ... ... ... ... الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ولم يقصد المتهم من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موت المجني عليه. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً بالمادتين 236/ 1 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت وقد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأن الطاعن دفع التهمة المسندة إليه بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه إذ أن المجني عليه أخذ في الاعتداء عليه بأن ضغط على رقبته بعصا من الخيرزان ثم ضربه بها على جسمه ورأسه فأحدث به الإصابات التي أثبتها المحقق في محضره، إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع بما لا يسوغ ذلك.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها - عرض إلى ما أثاره الطاعن من قيام حالة الدفاع الشرعي ورد عليه في قوله: "والمحكمة لا تعول على هذا ... إزاء ما اطمأنت إليه من أدلة الإثبات سالفة البيان إذ الثابت من أقوال الشاهدين... ... ...، ... ... ... أن التشاجر ثم التماسك الذي حدث بين المتهم والمجني عليه قاما بفضه ثم وبعد أن سار المتهم في اتجاه بلدته عاد ولحق بالمجني عليه بينما كان يتحدث إلى ... ... مبيناً له سبب التشاجر الأمر الذي ينتفي معه قيام حالة الدفاع الشرعي لانعدام الركن المادي لأنه لم يصدر من المجني عليه أي فعل يخشى منه المتهم يجوز معه الدفاع الشرعي ولأن المتهم لم يكن في حالة يتخوف منها من وقوع خطر حال على نفسه أو ماله". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستتبع منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بغير معقب ومتى كانت الوقائع مؤدية للنتيجة التي رتب عليها، كما أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتدٍ على اعتدائه وإنما شرع لرد العدوان وإذ كان مؤدى ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى ولدى نفيه لقيام حالة الدفاع الشرعي - وهو ما لا ينازع الطاعن في صحة إسناد الحكم بشأنه - أن تماسكا وقع بين الطاعن والمجني عليه وقام شاهدا الإثبات بفضه وبعد أن سار كل من الطاعن والمجني عليه تجاه بلدته في اتجاهين مختلفين، عاد الطاعن ولحق بالمجني عليه وبادره بالطعن بالمدية فأحدث إصابته التي أودت بحياته دون أن يبدر من المجني عليه أية بادرة اعتداء على الطاعن، فإن ما قارفه الطاعن من تعدٍ يكون من قبيل القصاص والانتقام بما تنتفي به حالة الدفاع الشرعي عن النفس كما هي معرفة به في القانون، لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم المطعون فيه إغفاله التحدث عن الإصابات التي بالطاعن - فإنه على فرض صحة وجودها به - فإن مرجعها هو التشاجر السابق على فض الاشتباك وسير كل منهما في اتجاه مغاير للآخر، والتي ما كانت تجيز له العودة واللحاق بالمجني عليه للانتقام منه - فإن منعى الطاعن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 737 لسنة 47 ق جلسة 5 / 12 / 1977 مكتب فني 28 ق 212 ص 1043

جلسة 5 من ديسمبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صلاح الدين الرشيدي، وقصدي اسكندر عزت، ودكتور أحمد رفعت خفاجي، وإسماعيل محمود حفيظ.

------------------

(212)
الطعن رقم 737 لسنة 47 القضائية

 (1)إجراءات. "إجراءات المحاكمة.". نيابة عامة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". بطلان.
المادة 275 إجراءات جنائية توجب أن يكون المتهم آخر من يتكلم. المادة 275 إجراءات ترافع النيابة بعد إبداء المتهم دفاعه. لا بطلان ما دام المتهم لم يطلب الكلمة بعدها.
 (2)أسباب الإباحة وموانع العقاب. "الدفاع الشرعي". دفاع شرعي. دفوع "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". "محضر الجلسة.
عدم جواز إثارة الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي لأول مرة أمام النقض. إلا إذا كانت مدونات الحكم تظاهره.
(3) أسباب الإباحة. "الدفاع الشرعي". دفوع. "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". حكم تسبيبه. تسبيب غير معيب".
بحيث تجاوز حق الدفاع الشرعي. لا يكون إلا بعد نشوء الحق وقيامه.
(4) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. بطلانه. "تسبيبه تسبيب معيب".
الخطأ الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها – يعيب الحكم.

---------------
1 - لئن كانت المادة 275 من قانون الإجراءات الجنائية توجب أن يكون المتهم آخر من يتكلم، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهم بعد أن أبدى محاميه دفاعه قد سمعت المحكمة مرافعة النيابة العامة، إلا أن ذلك لا يبطل المحاكمة ما دام الطاعن لا يدعى في طعنه أنه طلب من المحكمة أن تسمعه بعد مرافعة النيابة فرفضت ذلك، مما يعتبر معه أنه قد تنازل عن حقه في أن يكون آخر من يتكلم باعتبار أنه لم يكن عنده أو لم يبق لديه ما يقوله في ختام المحاكمة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص بدعوى البطلان أو الإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد.
2 - الأصل في الدفاع الشرعي أنه من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ولا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما عرفه القانون أو ترشح لقيامها لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعي، وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة ولا ترشح لقيامها فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
3 - إن ما استطرد إليه الطاعن من إثارة تجاوزه حق الدفاع الشرعي مردود بأن البحث في تجاوز حدود حق الدفاع الشرعي لا يكون إلا بعد نشوء الحق وقيامه، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يذكر أن عدواناً وقع على الطاعن فإنه لا يكون قد قام حق له في الدفاع يسوغ البحث في مدى مناسبة ضربه للمجني عليه كرد على هذا العدوان.
4 - الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو ذلك الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ في الإسناد فيما خرج عن سياق استدلاله وجوهر تسبيبه، ولما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن ضرب المجني عليه بعصا على رأسه ضربة واحدة أحدثت به الإصابة التي أودت بحياته وأن أحداً آخر غير الطاعن لم يشترك في ضرب المجني عليه، فإن ما أورده الحكم في مساق بيانه لواقعة الدعوى بشأن حدوث نزيف بأنف المجني عليه – بفرض أنه ليس له مأخذ من الأوراق – ليس له أثر فيما خلصت إليه المحكمة من عقيدة أن الطاعن اعتدى على المجني عليه وأحدث به إصابة الرأس التي أودت بحياته، ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب....... بآلة راضة (عصا) على رأسه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات وادعت...... – زوجة المجني عليه – مدنياً قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبإلزامه أن يدفع للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحامين. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد انطوى على بطلان في الإجراءات وإخلال بحق الدفاع وشابه قصور في التسبيب وخطأ في الإسناد، ذلك بأن المحكمة سمعت النيابة العامة بعد مرافعة المدافع عن الطاعن مخالفة بذلك ما توجبه المادة 275 من قانون الإجراءات الجنائية من أن يكون المتهم آخر من يتكلم، وعلى الرغم من أن واقعة الدعوى ترشح لقيام حالة الدفاع الشرعي عن المال لأن المجني عليه وأشقاؤه هم الذين بادروا بالحضور إلى الأرض التي يضع فيها الطاعن البوص بقصد منع حيازته بالقوة إلا أن المحكمة لم تعرض لهذه الحالة وتقول كلمتها فيها أو تبحث اعتباره متجاوزاً حق الدفاع الشرعي وأخيراً فإن الحكم قد أورد في بيانه للواقعة أن المجني عليه أصيب نتيجة اعتداء الطاعن عليه بكسر بالجمجمة ونزيف بالأنف وقد أدت هاتان الإصابتان إلى وفاته حال أن الإصابة الأخيرة لا سند لها من الدليلين القولي والفني، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لئن كانت المادة 275 من قانون الإجراءات الجنائية توجب أن يكون المتهم آخر من يتكلم، فإن الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهم بعد أن أبدى محاميه دفاعه قد سمعت المحكمة مرافعة النيابة العامة، إلا أن ذلك لا يبطل المحاكمة ما دام الطاعن لا يدعي في طعنه أنه طلب من المحكمة أن تسمعه بعد مرافعة النيابة فرفضت ذلك، مما يعتبر معه أنه قد تنازل عن حقه في أن يكون آخر من يتكلم باعتبار أنه لم يكن عنده أو لم يبق لديه ما يقوله في ختام المحاكمة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص بدعوى البطلان أو الإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما مؤداه أنه بتاريخ 4/ 10/ 1974 توجه الطاعن إلى قطعة أرض مجاورة لمنزله يضع فيها البوص ووجد المجني عليه....... وأخوته يقتسمونها فضرب المجني عليه على رأسه بعصا ضربة واحدة فأحدثت به كسر بالجمجمة ونزيفاً بأنفه وقد أدت هاتان الإصابتان إلى وفاته، وساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما جاء بتقرير الصفة التشريحية. لما كان ذلك، وكان الأصل في الدفاع الشرعي أنه من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ولا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما عرفه القانون أو ترشح لقيامها، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعي، وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة ولا ترشح لقيامها إذ لم يرد مدونات الحكم ما يفيد أن المجني عليه وأشقاءه هم الذين بدأوا بالعدوان لدخول الأرض بقصد منع حيازة الطاعن لها بالقوة على فرض ثبوت حيازته لها حتى يكون للطاعن الحق في استعمال القوة اللازمة لرد العدوان، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه لا يكون مقبولاً. أما ما استطرد إليه الطاعن من إثارة تجاوزه حق الدفاع الشرعي فمردود بأن البحث في تجاوز حدود حق الدفاع الشرعي لا يكون ألا بعد نشوء الحق وقيامه، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يذكر أن عدواناً وقع على الطاعن فإنه لا يكون قد قام حق له في الدفاع يسوغ معه البحث في مدى مناسبة ضربه للمجني عليه كرد على هذا العدوان، لما كان ذلك، وكان الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو ذلك الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ في الإسناد فيما خرج عن سياق استدلاله وجوهر تسبيبه، ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن ضرب المجني عليه بعصا على رأسه ضربه واحدة أحثت به الإصابة التي أودت بحياته وأن أحداً آخر غير الطاعن لم يشترك في ضرب المجني عليه، فإن ما أورده الحكم في مساق بيانه لواقعة الدعوى بشأن حدوث نزيف بأنف المجني عليه – بفرض أنه ليس له مأخذ من الأوراق - ليس له أثر فيما خلصت إليه المحكمة من عقيدة أن الطاعن اعتدى على المجني عليه وأحدث به إصابة الرأس التي أودت بحياته، ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 823 لسنة 47 ق جلسة 26 / 12 / 1977 مكتب فني 28 ق 220 ص 1081

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1977

برياسة السيد المستشار/ محمد عادل مرزوق - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: دكتور أحمد رفعت خفاجي، وإسماعيل محمود حفيظ، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد يونس ثابت.

------------

(220)
الطعن رقم 823 لسنة 47 القضائية

 (1)تبديد. اختلاس أشياء محجوزة. حكم. "بيانات حكم الإدانة". "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
بيان مكان توقيع الحجز. ليس جوهرياً في الحكم بالإدانة في جريمة تبديد المحجوزات.
 (2)حكم. "بيانات حكم الإدانة". تبديد. اختلاس أشياء محجوزة.
إغفال ذكر اليوم المحدد للبيع رغم جوهريته - لا ينال من سلامة الحكم. طالما قد أحال في شأنه إلى أوراق الحجز والتبديد المشتملة عليه.
 (3)تزوير. "الادعاء بالتزوير". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
الطعن بالتزوير. من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع.
 (4)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "خبرة". تحقيق. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز.

------------
1 - لا ينال من سلامة الحكم أنه لم يبين مكان توقيع الحجز لما هو مقرر من أن هذا البيان ليس من البيانات الجوهرية الواجب توافرها في الحكم بالإدانة في جريمة تبديد الأشياء المحجوز عليها.
2 - لا يعيب الحكم أنه لم يذكر تاريخ اليوم المحدد للبيع رغم كونه من البيانات الجوهرية طالما أنه قد أحال في شأنه إلى أوراق الحجز والتبديد وكان الطاعن لا يماري في اشتمالها على هذا التاريخ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى خلوه من تلك البيانات يكون في غير محله.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به الطاعن من الطعن بالتزوير على محضر الحجز وأطرحه بقوله "وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر الحجز المؤرخ 26/ 11/ 1973 وكذلك محضر التبديد المؤرخ 13/ 12/ 1973 أنهما في مواجهة المدين شخصياً إذ ثابت بهما في طعنه ممهوران ببصمة ختم المدين المتهم ولم يطعن عليهما بالتزوير. يضاف إلى ذلك أن المتهم لم يحضر جلسة المعارضة أمام محكمة أول درجة أثناء نظر المعارضة رغم عدم قيام ما يفيد وجود مانع لديه من الحضور، وليس هذا مسلك الشخص الذي يشعر أنه محق في دعواه" وهذا الذي أورده الحكم يكفي في الرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن ويسوغ به إطراحه ولا معقب على محكمة الموضوع فيه لما هو مقرر من أن الطعن بالتزوير هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع بما لها من كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة عليها.
4 - لما كان الثابت من محاضر الجلسات أن الطاعن لم يكن قد طلب من المحكمة ندب خبير لمعاينة الأرض التي توقع فيها الحجز وإثبات بوارها واستحالة إنتاجها للمحصول المقول بتوقيع الحجز عليه فليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد المحجوزات المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة له والمحجوز عليها إدارياً لصالح المؤسسة المصرية لاستغلال الأراضي. وطلبت عقابه بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح أبو المطامير الجزئية قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة مائتي قرش لإيقاف التنفيذ عارض، وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة اختلاس الأشياء المحجوز عليها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه والحكم الابتدائي الغيابي قد خليا من البيانات الجوهرية الواجب توافرها في الحكم الذي يصدر بالإدانة في مثل هذه الجريمة فلم يبين أيهما المكان الذي توقع فيه الحجز ولا اليوم الذي حدد للبيع ولا الأفعال التي استدلت منها المحكمة على عرقلة التنفيذ. هذا فضلاً عن أن الطاعن كان قد طعن بالتزوير على محضر الحجز فأطرحت المحكمة هذا الدفاع بأسباب غير سائغة إذ استندت في هذا الشأن إلى عدم جديته بدعوى أن الطاعن لم يكن قد تمسك به أمام محكمة أول درجة لأنه خوطب شخصياً بمحضري الحجز والتبديد ووقع على كل منهما، في حين أنه وقد تخلف عن الحضور أمام محكمة أول درجة سواء في المحاكمة الغيابية أو لدى نظر المعارضة فما كان ليتيسر له إبداء هذا الدفاع كما أن طعنه بالتزوير لم يكن منصباً على توقيعه بمحضر الحجز بل على ما تضمنه ذلك المحضر من توقيع الحجز على محصول لم يكن موجوداً بالأرض التي كانت بوراً وقد طلب ندب خبير لمعاينتها من ذلك إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب رغم جوهريته ولم تستجب إليه. كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه قد حصل على واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة اختلاس الأشياء المحجوز عليها التي دان بها الطاعن فأوضح أن حجزاً إدارياً قد وقع على محجوزات مملوكة للمتهم وتحدد يوم البيع وانتقل مندوب الحجز فلم يجد المحجوزات، وأورد على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن أدلة سائغة مستمدة من محضري الحجز والتبديد من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، فإن ما أورده الحكم كافياً في بيان ظروف الواقعة والأدلة عليها ويحقق حكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية. ولا ينال من سلامة الحكم أنه لم يبين مكان توقيع الحجز لما هو مقرر من أن هذا البيان ليس من البيانات الجوهرية الواجب توافرها في الحكم بالإدانة في جريمة تبديد الأشياء المحجوز عليها، كما لا يعيب الحكم - من بعد - أنه لم يذكر تاريخ اليوم المحدد للبيع رغم كونه من البيانات الجوهرية طالما أنه قد أحال في شأنه إلى أوراق الحجز والتبديد وكان الطاعن لا يماري في اشتمالها على هذا التاريخ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى خلوه من تلك البيانات يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به الطاعن من الطعن بالتزوير على محضر الحجز وأطرحه بقوله "وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر الحجز المؤرخ 26/ 11/ 1973 وكذلك محضر التبديد المؤرخ 13/ 12/ 1973 أنهما في مواجهة المدين شخصياً إذ ثابت بهما في طعنه ممهوران ببصمة ختم المدين المتهم ولم يطعن عليهما بالتزوير. يضاف إلى ذلك أن المتهم لم يحضر جلسة المعارضة أمام محكمة أول درجة أثناء نظر المعارضة رغم عدم قيام ما يفيد وجود مانع لديه من الحضور، وليس هذا مسلك الشخص الذي يشعر أنه محق في دعواه". وهذا الذي أورده الحكم يكفي في الرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن ويسوغ به إطراحه ولا معقب على محكمة الموضوع فيه لما هو مقرر من أن الطعن بالتزوير هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع بما لها من كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة عليها، لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص نعياً على الحكم لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، وإذ ما كان الثابت من محاضر الجلسات أن الطاعن لم يكن قد طلب من المحكمة ندب خبير لمعاينة الأرض التي توقع فيها الحجز وإثبات بوارها واستحالة إنتاجها للمحصول المقول بتوقيع الحجز عليه فليس له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مستوجباً للرفض.