الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 15 أكتوبر 2020

الطعن 516 لسنة 34 ق جلسة 31 /12 / 1968 مكتب فني 19 ج 3 ق 244 ص 1600

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم الديواني، وعبد العليم الدهشان.

----------------

(244)
الطعن رقم 516 لسنة 34 القضائية

(أ) ولاية. "ولاية الأب". "سلطته في التصرف في مال القاصر".
للولي الأب سلطة التصرف في مال القاصر الذي تبرع له به بجميع التصرفات ومنها رهنه لدين على الولي نفسه. تحلل سلطته من القيود الواردة بالمرسوم بقانون 119 لسنة 1952 في هذا الخصوص.
(ب) حكم. "حكم بندب خبير". "الطعن في الحكم".
الحكم الصادر بندب خبير لتحقيق الادعاء بسداد مبالغ من الدين المنفذ به. حكم صادر قبل الفصل في الموضوع. لا يتضمن التسليم بجدية المنازعة في الدين من حيث كونه مستحق الأداء أو معين المقدار. لا يجوز الطعن فيه استقلالاً.

---------------
1 - إذ أورد المرسوم بقانون 119 لسنة 1952 الذي نظم أحكام الولاية على المال في المواد 6، 7، 8، 9، 10، 11 قيوداً يرد بعضها على حق الولي في التصرف في مال القاصر ويرد البعض الآخر على حقه في إدارة هذا المال وذلك حماية لمصالح الصغير، وكانت المادة السادسة قد نصت على أنه "لا يجوز للولي أن يتصرف في عقار للقاصر لنفسه أو لزوجه أو لأقاربه أو لأقاربها إلى الدرجة الرابعة إلا بإذن المحكمة ولا يجوز له أن يرهن عقار القاصر لدين على نفسه"، ونصت المادة الثالثة عشرة على أنه "لا تسري القيود المنصوص عليها في هذا القانون على ما آل إلى القاصر من مال بطريق التبرع من أبيه صريحاً كان التبرع أو مستتراً ولا يلزم الأب بتقديم حساب عن هذا المال"، وكان قد جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا المرسوم بقانون تعليقاً على هذه المادة أنه "قد رؤى من الإسراف إخضاع الولي للقيود المتقدم ذكرها فيما يتعلق بالتصرف في المال الذي يكون الولي نفسه قد تبرع به للقاصر سواء أكان التبرع سافراً أم مستتراً فنصت المادة الثالثة عشرة على أن القيود المنصوص عليها في هذا القانون لا تسري على ما آل إلى القاصر من مال بطريق التبرع من أبيه صريحاً كان التصرف أو مستتراً وأن الأب لا يلزم بتقديم حساب عن هذا المال، والمقصود بهذا النص إعفاء الولي من إجراءات الحصول على إذن من المحكمة حيث يشترط الإذن لجواز التصرف وإعفائه كذلك من الأحكام الخاصة بالالتزام بالجرد وبتقديم الحساب والمسئولية عند التجهيل"، وإذ ورد نص المادة الثالثة عشرة سالف البيان عاماً مطلقاً من أي تحديد ولم يخصص القيود التي نص على عدم سريانها ولم يقصرها على قيود الإشراف والرقابة وأعفى الأب - على ما ورد في المذكرة الإيضاحية في تفسيرها هذا النص - من الالتزام بتقديم الحساب ومن الالتزام بالجرد في الحالة التي يكون فيها المال قد آل إلى القاصر بطريق التبرع من أبيه، فإن مفاد ذلك كله أن جميع القيود الواردة في المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 على حق الولي في التصرف في مال القاصر أو في إدارة هذا المال سواء كانت هذه القيود قيود إشراف ورقابة أو قيود حظر موضوعية لا تسري على ما يكون الولي الأب قد تبرع به من مال للقاصر صريحاً كان هذا التبرع أو مستتراً ويكون للولي التصرف في هذا المال بجميع التصرفات ومنها رهنه في دين على الولي نفسه وذلك دون أي قيد على سلطته في هذا الخصوص.
2 - متى اقتصر الحكم المطعون فيه - في شأن الرد على الاعتراض على الدين المنفذ به - على الأمر بندب خبير لتحقيق ادعاء الطاعن بسداد مبالغ من الدين المنفذ به، فإن هذا القضاء لا يتضمن التسليم بجدية المنازعة في الدين من حيث كونه ديناً مستحق الأداء ومعين المقدار ويعتبر على هذا الأساس حكماً صادراً قبل الفصل في الموضوع في هذا الخصوص ولا يجوز الطعن فيه - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - إلا مع الحكم الصادر في الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بموجب عقد قرض مضمون برهن رسمي محرر في 29/ 9/ 1955 بمكتب توثيق المنصورة اتخذ بنك القاهرة - المطعون عليه - إجراءات التنفيذ العقاري ضد الطاعن الأول عن نفسه وبصفته ولياً على أولاده القصر علي وأشرف وأحمد ناجي ونبيل ورفيعة وضد الطاعنة الأخيرة السيدة زينب أحمد إبراهيم البنا زوجة الطاعن الأول لنزاع ملكية أطيانهم البالغ مساحتها 218 ف و2 ط و21 س وفاء لمبلغ 38098 ج و522 م، ولما أودع البنك قائمة شروط البيع في الدعوى رقم 64 سنة 1961 بيوع كلي المنصورة اعترض عليها الطاعنون طالبين الحكم ببطلان إجراءات نزع الملكية والبيع، وأقاموا اعتراضهم على خمسة أسباب (أولها) بطلان إجراءات البيع التي اتخذت لعدم التوقيع على محضر إيداع قائمة شروط البيع من محام (ثانيها) أن إجراءات البيع اتخذت ضد كل من علي وأشرف حسن علي أبو العنين باعتبارهما قاصرين بولاية والدهما الطاعن الأول مع أنهما كانا قد بلغا سن الرشد قبل اتخاذ هذه الإجراءات (ثالثها) إن من بين الأطيان المطلوب بيعها 92 ف و11 ط و15 س مملوكة للقصر أحمد ناجي ونبيل ورفيعة حسن علي أبو العنين وللبالغين علي وأشرف حسن علي أبو العنين وقد رهنت للبنك من والدهم بصفته ولياً عليهم باعتبارهم جميعاً قاصرين وقت الرهن في حين أنهم لم يكونوا مدينين للبنك مما يبطل الرهن وما رتب عليه من إجراءات (رابعها) أن من بين الأعيان موضوع الإجراءات عقارات مبنية مملوكة للقصر أحمد ناجي ونبيل ورفيعة وللبالغين علي وأشرف حسن أبو العنين ولا تدخل في عقد الرهن المنفذ به فلا يجوز التنفيذ عليها (خامسها) إن الدين المنفذ به لم تحصل تصفيته ولم تخصم منه المبالغ المسددة نقداً أو ثمن الأقطان التي أودعت لدى البنك كما تدخل فيه فوائد غير مستحقة وفوائد مركبة مما يجعل الدين غير مستحق الأداء. وبتاريخ 5/ 5/ 1962 حكمت محكمة أول درجة ببطلان إجراءات التنفيذ بالنسبة للقدر المملوك للمعترضين علي وأشرف حسن علي أبو العنين ومساحته 36 ف و23 ط و21 س تأسيساً على صحة السبب الثاني من أسباب الاعتراض ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف الطاعنون هذا الحكم كما استأنفه علي وأشرف حسن علي أبو العنين بالاستئناف رقم 183 سنة 14 ق المنصورة. وأضافت الطاعنة الأخيرة أثناء نظر الاستئناف إلى أسباب الاعتراض على القائمة أن البنك اتخذ إجراءات نزع الملكية على أطيان مملوكة لها مع أن هذه الأطيان رهنها زوجها الطاعن الأول بوصفه نائباً عنها ضامناً للدين الذي عليه للبنك متجاوزاً في ذلك حدود وكالته مما يبطل عقد الرهن المنفذ به بالنسبة لها. ومحكمة الاستئناف حكمت في 8/ 6/ 1964 بندب خبير حسابي بمكتب الخبراء بوزارة العدل للاطلاع على كشوف الحساب المقدمة وتصفية الدين المنفذ به، وبندب الخبير الزراعي بهذا المكتب لبيان ما إذا كانت العقارات المبنية التي يجرى التنفيذ عليها مملوكة للمدين الراهن أو لأولاده، وتحقيق ما إذا كانت متعلقة بالأطيان الزراعية موضوع الرهن ومخصصة لخدمتها. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض فيما تضمنه من قضاء قطعي برفض طلبهم بإلغاء إجراءات التنفيذ العقاري على الأطيان الخاصة بهم. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن بالنسبة للسبب الأول وبعدم قبول السببين الثاني والثالث من أسباب الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم قضى برفض اعتراض الطاعنين الثاني والثالث والرابعة الخاص بأن الأطيان المملوكة لهم والمطلوب نزع ملكيتها قد رهنها الطاعن الأول بصفته ولياً عليهم في دين عليه للبنك المطعون عليه وهو أمر غير جائز، واستند الحكم في رفض هذا السبب من اعتراضهم إلى أنه وإن كان قد أثبت في عقد البيع الذي اشترى به القصر سالفوا الذكر هذه الأطيان أن الثمن دفع من مالهم إلا أن الطاعن الأول وهو والدهم قد تبرع لهم بالثمن وأن المشرع نص في المادة 13 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال على إعفاء الولي من القيود المنصوص عليها في هذا القانون بالنسبة للمال الذي يؤول إلى القاصر بطريق التبرع من أبيه صريحاً كان أو مستتراً، وأن الطاعن الأول قد حصل بتاريخ 11/ 1/ 1955 على قرار بإعفائه من هذه القيود من محكمة الأحوال الشخصية ونسخت صورته في ذيل عقد الرهن، ورتب الحكم على ذلك صحة الرهن بالنسبة لأطيان القصر. هذا في حين أن المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 المشار إليه حظرت رهن مال القاصر في دين على الولي، ولا يسري على هذا التصرف الإعفاء المنصوص عليه في المادة 13 من القانون لأن نطاق هذه المادة قاصر على الإعفاء من قيود الإشراف والرقابة دون المحظورات الموضوعية التي أوردها هذا القانون، فضلاً عن أنه لا حجية لقرار الإعفاء الصادر من محكمة الأحوال الشخصية في 11/ 1/ 1955 لأنه لم يصدر في مسألة ولائية وإنما صدر في خصومة بين الولي والقصر ادعى فيها الولي أن تصرفه بالبيع للقصر كان بطريق التبرع خلافاً لما ورد بالعقد من أن الثمن دفع من مالهم مما كان يتعين معه أن تنحسم هذه الخصومة بحكم قضائي كما أن هذا القرار لا يصلح طريقاً رسمياً لثبوت أن عقد تمليك القصر يستر تبرعاً. وإذ يترتب على كل ذلك بطلان عقد الرهن وانعدام صلاحيته كسند للتنفيذ على أطيانهم ولم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأغفل الرد على دفاعهم في هذا الخصوص فإنه يكون قد خالف القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 قد نظم أحكام الولاية على المال وضمن المواد 6 و7 و8 و9 و10 و11 قيوداً يرد بعضها على حق الولي في التصرف في مال القاصر ويرد البعض الآخر على حقه في إدارة هذا المال وذلك حماية لمصالح الصغير، وكانت المادة السادسة قد نصت على أنه "لا يجوز للولي أن يتصرف في عقار للقاصر لنفسه أو لزوجه أو لأقاربه أو لأقاربها إلى الدرجة الرابعة إلا بإذن المحكمة ولا يجوز له أن يرهن عقار القاصر لدين على نفسه" ونصت المادة الثالثة عشرة على أنه "لا تسري القيود المنصوص عليها في هذا القانون على ما آل إلى القاصر من مال بطريق التبرع من أبيه صريحاً كان التبرع أو مستتراً ولا يلزم الأب بتقديم حساب عن هذا المال"، وكان قد جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا المرسوم بقانون تعليقاً على هذه المادة أنه "قد رؤى من الإسراف إخضاع الولي للقيود المتقدم ذكرها فيما يتعلق بالتصرف في المال الذي يكون الولي نفسه قد تبرع به للقاصر سواء أكان التبرع سافراً أم مستتراً فنصت المادة الثالثة عشرة على أن القيود المنصوص عليها في هذا القانون لا تسري على ما آل إلى القاصر من مال بطريق التبرع من أبيه صريحاً كان التبرع أو مستتراً وأن الأب لا يلزم بتقديم حساب عن هذا المال، والمقصود بهذا النص إعفاء الولي من إجراءات الحصول على إذن من المحكمة حيث يشترط الإذن لجواز التصرف وإعفائه كذلك من الأحكام الخاصة بالالتزام بالجرد وبتقديم الحساب والمسئولية عند التجهيل"، وإذ ورد نص المادة الثالثة عشرة سالف البيان عاماً مطلقاً من أي تحديد ولم يخصص القيود التي نص على عدم سريانها ولم يقصرها على قيود الإشراف والرقابة وأعفى الأب - على ما ورد في المذكرة الإيضاحية في تفسير هذا النص - من الالتزام بتقديم الحساب ومن الالتزام بالجرد في الحالة التي يكون فيها المال قد آل إلى القاصر بطريق التبرع من أبيه، فإن مفاد ذلك كله أن جميع القيود الواردة في المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 على حق الولي في التصرف في مال القاصر أو في إدارة هذا المال سواء كانت هذه القيود قيود إشراف ورقابة أو قيود حظر موضوعية لا تسري على ما يكون الولي الأب قد تبرع به من مال للقاصر - صريحاً كان هذا التبرع أو مستتراً - ويكون للولي التصرف في هذا المال بجميع التصرفات ومنها رهنه في دين على الولي نفسه وذلك دون أي قيد على سلطته في هذا الخصوص. لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر العقد الصادر من الطاعن الأول إلى أولاده القصر ببيع أطيانه التي رهنها إلى البنك عقداً ساتراً لتبرع لأنه لم يدفع فيه ثمن من القصر بل تبرع به الطاعن الأول لهم رغم ما أثبت بالعقد من أن الثمن دفع من مالهم الخاص، بأن استظهر الحكم في حدود سلطته الموضوعية وفي أسباب سائغة حقيقة هذا التصرف من الظروف التي أحاطت به باعتبار أنه صادر من الطاعن الأول ببيع أطيان مملوكة له إلى أولاده القصر، مما مؤداه أن للطاعن الأول أن يرهن هذه الأطيان التي آلت منه إلى أولاده القصر بطريق التبرع في دين على نفسه دون أن يخضع تصرفه للحظر الذي نصت عليه المادة السادسة من المرسوم بقانون المشار إليه - لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد التزم صحيح القانون إذ قضى برفض اعتراض القصر - الطاعنين - المؤسس على بطلان عقد الرهن بالنسبة لهم لأن الطاعن الأول رهن أطيانهم موضوع التنفيذ في دين عليه للبنك. ولما كانت الدعامة سالفة البيان التي أقام عليها الحكم قضاءه في استخلاص حقيقة التصرف الصادر من الطاعن الأول إلى أولاده القصر تكفي لحمل الحكم، فإن تعييبه فيما أورده عن قرار محكمة الأحوال الشخصية الصادر بتاريخ 11/ 1/ 1955 - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج ولا يكون هناك محل بعد ذلك للنعي على الحكم بالقصور إذ لم يرد على دفاع الطاعنين في هذا الخصوص، ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن البنك المطعون عليه اتخذ إجراءات نزع الملكية على أطيان للطاعنة الأخيرة مع أن هذه الأطيان رهنها زوجها الطاعن الأول وبصفته نائباً عنها ضماناً للدين الذي عليه هو للبنك متجاوزاً في ذلك حدود وكالته مما يبطل عقد الرهن بالنسبة لها، ولكن الحكم المطعون فيه لم يلتفت إلى هذا الدفاع مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يتعرض لبحث موضوع الاعتراض الخاص ببطلان عقد الرهن بالنسبة للطاعنة الأخيرة، بل قضى بندب خبير لتحقيق بعض أوجه الدفاع التي تمسك بها الطاعنون ودون أن يفصل في موضوع الخصومة برمته، ومن ثم فإن النعي بهذا السبب لا يصادف محلاً من قضاء الحكم.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إنهم استندوا في اعتراضهم إلى أن الدين المنفذ به لم تحصل تصفيته ولم تخصم منه المبالغ المسددة نقداً أو ثمن الأقطان التي أودعت لدى البنك، كما أنه تدخل فيه فوائد غير مستحقة وفوائد مركبة مما يجعل هذا الدين غير مستحق الأداء ولا معين المقدار ويكون قد فقد بذلك شرائط صحة التنفيذ به، وقد قضى الحكم المطعون فيه بندب خبير لتصفية هذا الدين، وهو قضاء يتضمن التسليم بجدية المنازعة في الدين مما يجعله أداة غير صالحة للتنفيذ.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه اقتصر في شأن الرد على الاعتراض على الدين المنفذ به على الأمر بندب خبير لتحقيق ادعاء الطاعنين الذي أثاروه في اعتراضهم المشار إليه، فإن هذا القضاء لا يتضمن التسليم بجدية المنازعة في الدين من حيث كونه ديناً مستحق الأداء ومعين المقدار، ويعتبر على هذا الأساس حكماً صادراً قبل الفصل في الموضوع في هذا الخصوص ولا يجوز الطعن فيه - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع.


الطعن 549 لسنة 34 ق جلسة 26 /12 / 1968 مكتب فني 19 ج 3 ق 242 ص 1588

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.

------------------

(242)
الطعن رقم 549 لسنة 34 القضائية

(أ) تنفيذ. "تنفيذ عقاري". إعلان. محل مختار. بطلان. 
إجراءات نزع الملكية تنفيذاً لعقد قرض. توجيهها إلى المدين في المحل المختار المبين بالعقد والذي لم يقم دليل كتابي على تغييره. صحة الإجراءات.
(ب) نقض. "أسباب الطعن". بطلان. "البطلان في الإجراءات". نظام عام. محكمة الموضوع.
عدم التمسك ببطلان الإجراءات لعدم اتباع المحضر أحكام المادة 12 مرافعات أمام محكمة الموضوع. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع. هذا البطلان لا يتعلق بالنظام العام.

----------------
1 - متى قضى الحكم المطعون فيه بصحة إجراءات نزع الملكية المتخذة تنفيذاً لعقد القرض لتوجيهها إلى المدين في المحل المختار الثابت في هذا العقد والذي لم يقم دليل كتابي على تغييره فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون.
2 - إذا كان ما يثيره الطاعن من بطلان الإجراءات والإعلانات بسبب عدم اتباع المحضر أحكام المادة 12 من قانون المرافعات هو دفاع جديد لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع فلا يقبل منه التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع. هذا إلى أن البطلان المترتب على مخالفة المادة 12 سالفة البيان لا يتعلق بالنظام العام.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما الدعوى رقم 3970 سنة 1959 كلي القاهرة وانتهى في طلباته فيها إلى طلب الحكم له ببطلان إجراءات حكم مرسى المزاد الصادر في القضية رقم 60 سنة 1958 بيوع كلي القاهرة والقاضي برسو المصنع والعقار المبين بصحيفة الدعوى على البنك المطعون ضده الثاني - وقال الطاعن بياناً لدعواه إنه كان يملك العقار والمصنع سالفي الذكر ولما رغب في توسيع المصنع أصدرت الوزارة المطعون ضدها الأولى تعليماتها إلى البنك المطعون ضده الثاني بمنحه قرضاً للاستعانة به في عملية التوسيع هذه فقام البنك بإقراضه مبلغ 3500 ج بفائدة قدرها 6% سنوياً تسدد على خمسة أقساط سنوية ابتداء من 31 ديسمبر سنة 1955 بضمان أرض وبناء المصنع وحرر لذلك عقد الرهن الرسمي المؤرخ 27/ 9/ 1954 والمشهر برقم 10504 توثيق القاهرة - وإذ عجز الطاعن بسبب مرضه عن إدارة المصنع وعن سداد أقساط الدين فقد طلب من وزارة الصناعة الإذن له ببيع المنشأة وتصفيتها فأبت عليه ذلك ورأت أن يقوم البنك المطعون ضده الثاني بتعيين مدير فني للمصنع بمرتب شهري تتحمله المنشأة فوافق الطاعن على رأيها ومن ثم انقطعت صلته بالمصنع حتى فوجئ في 18/ 8/ 1959 بصورة إعادة إعلان تقدم إليه تفيد أن المصنع قد بيع بالمزاد العلني ورسا مزاده على البنك المطعون ضده الثاني وأنه حدد لتسليمه يوم 19/ 8/ 1959 - ولما كانت الإجراءات التي أدت إلى نزع ملكية المصنع قد وقعت باطلة لعدم توجيهها إلى الطاعن في موطنه الأصلي رقم 10 شارع كرم بشبرا المعلوم للبنك المطعون ضده الثاني وهو نفس العنوان الذي تم إعلانه فيه أخيراً بموعد تسليم العقار فقد أقام هذه الدعوى بطلب بطلان حكم مرسى المزاد - ورد البنك المطعون ضده على الدعوى بأن كافة إجراءات نزع الملكية تمت صحيحة لتوجيهها إليه في العقار رقم 319 شارع شبرا المتفق على اتخاذه محلاً مختاراً له في كل ما يتعلق بتنفيذ عقد الرهن الرسمي المبرم بين الطرفين وفي 8/ 4/ 1962 قضت المحكمة برفض الدعوى - فاستأنف الطاعن قضاءها لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته الابتدائية على أساس أنه كان يتعين على البنك المطعون ضده إعلانه بإجراءات نزع الملكية في موطنه الكائن بشارع كرم رقم 10 بشبرا وهو العنوان الثابت بالإقرار المؤرخ 15/ 3/ 1956 الموقع عليه فيه والمتضمن موافقته على تعيين المهندس عبد الله مطاوع مندوباً من البنك للإشراف على المصنع إذ أن هذا الإقرار اللاحق لعقد الرهن الرسمي يتضمن تعديلاً للمحل المختار الوارد بهذا العقد - وفي 27 يونيو سنة 1964 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف - فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة انتهت فيها إلى رفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه شابه القصور وفساد الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك لدى محكمة الموضوع بأنه عرض على البنك المطعون ضده في 2/ 2/ 1956 استلام المصنع ليتولى إدارته بنفسه ووافق البنك على هذا العرض بقراره المؤرخ 5/ 4/ 1956 ضماناً لاستيفاء دينه وأنه بذلك تكون العلاقة بين الطرفين قد استقرت في كون البنك دائناً للطاعن ووكيلاً عنه ويكون المدير الذي عينه البنك تابعاً له وليس تابعاً للطاعن الذي انقطعت صلته بالمصنع بناء على اشتراط البنك تخليه عن إدارة المصنع وأنه ترتيباً على ذلك فقد أصبح الموطن المختار المتفق عليه لتنفيذ عقد الرهن لا يمثل الحقيقة ونسخ بعقد الوكالة - وقد أطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع تأسيساً على ما قاله من أنه لم يقم دليل على صحته من الأوراق وأنه لو صح أن البنك قد عين من قبله مديراً للمصنع فإن هذا لا يقطع صلة الطاعن به لأن المدير يعتبر خاضعاً وتابعاً لصاحب المصنع ويقبض مرتبه منه مع أن هذا الذي قرره الحكم وأسس عليه قضاءه لا يصلح رداً على ما أثاره من دفاع في هذا الخصوص إذ يجوز في القانون أن يمنع الوكيل موكله من إنهاء الوكالة إذا كانت صادرة لصالح أجنبي أو لصالح الوكيل كما هي الحال في واقعة الطعن كما أن الوكالة وإن كانت في الأصل تبرعية إلا أنها قد تكون بأجر - وإذ كان ذلك وكان البنك يعلم يقيناً أن الطاعن يقيم بمسكنه 10 شارع كرم بشبرا كما هو ثابت بملحق تعديل عقد الشركة المرفق بعقد الرهن ومن إقرار الطاعن المؤرخ 15/ 3/ 1956 بالموافقة على تعيين مدير للمصنع والتزامه بمرتبه، فإن ما استخلصه الحكم من استمرار صلة الطاعن بالمصنع وما رتبه على ذلك من صحة إجراءات نزع الملكية الموجهة إليه في الموطن المذكور بعقد الرهن يكون غير صحيح ومشوباً بفساد الاستدلال. وينعى الطاعن في الشق الثاني من هذا السبب على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه اعتبر الاتفاق الوارد في البند الرابع والعشرين من عقد الرهن صريحاً في اتخاذ الطاعن من شارع شبرا رقم 319 محلاً مختاراً لتنفيذ هذا العقد في حين أنه وإن كان قد ذكر فيه عنوان المصنع على أنه محل مختار له لتنفيذه إلا أنه قد نص في عقد تعديل الشركة المرفق به على مسكن الطاعن مما يجعل محل الاتفاق في هذا الخصوص مجهلاً ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف المادة 43 من القانون المدني التي لا تجيز إثبات المحل المختار بغير الكتابة ولا تجيز بالتالي تكملة الدليل عليه بوسيلة أخرى.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير سديد ذلك أن ما قرره الحكم المطعون فيه من أن الطاعن لم يتخل عن المصنع ولم تنقطع صلته به صحيح وله سنده في أوراق الدعوى ومستنداتها إذ بالرجوع إلى الطلب المؤرخ 2/ 2/ 1956 يبين أن الطاعن عرض التخلي عن إدارة مصنعه للبنك المطعون ضده بسبب توفقه عن سداد أقساط الدين المستحقة فرفض البنك ذلك ووافق في 5/ 4/ 1956 على تعيين مندوب من قبله للإشراف على الإدارة بشرط تعيين مدير فني من معهد الزجاج لإدارة المصنع وتعيين محاسب من الخارج لتنظيم حساباته. وفي 6/ 6/ 1956 طلب مندوب البنك إعفاءه من مهمة الإشراف بسبب عرقلة صاحب المصنع وموظفيه للنظم الموضوعية كما يبين من المستندات المقدمة من الطاعن لمحكمة أول درجة والتي أشار إليها الحكم الابتدائي أن الطاعن قام بتأجير المصنع لآخر لمدة سنة اعتباراً من 1/ 8/ 1956 بعد علمه بتنحي المشرف عن مهمته - لما كان ذلك وكانت إجراءات نزع الملكية لم تبدأ إلا في 7/ 11/ 1956 بإعلان السند التنفيذي ولم يتم إعلان تنبيه نزع الملكية إلا في 17/ 10/ 1957 أي بعد انتهاء كل صلة للبنك المطعون ضده بالمصنع المملوك للطاعن فإن كل ما رتبه الطاعن على انقطاع صلته بالمصنع قبل توجيه إجراءات نزع الملكية إليه ويكون منهار الأساس - والنعي مردود في الشق الثاني بأن البند 24 من عقد الرهن الرسمي نص على أن الطاعن اتخذ المحل المبين آنفاً محلاً مختاراً في خصوص تنفيذه وهو بذلك يشير إلى المحل المبين بصدور عقد الرهن وهو 319 شارع شبرا لا إلى محله المذكور في عقد الشركة الذي أرفق بعقد الرهن لمجرد إثبات صفة الطاعن في التوقيع عن الشركة التي تعاقد مع البنك نيابة عنها - وإذ قضى الحكم المطعون فيه بصحة إجراءات نزع الملكية المتخذة تنفيذاً لعقد القرض المذكور لتوجيهها إليه في المحل المختار الثابت بالكتابة والذي لم يقم دليل كتابي على تغييره إذ أن كتاب الطاعن المؤرخ 15 مارس سنة 1956 المتضمن موافقته على تعيين مدير للمصنع وقبوله الالتزام بمرتب هذا المدير لا يتضمن - خلافاً لما يقوله - تعديلاً للمحل الذي اختاره لنفسه في عقد الرهن، إذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن حاصل السبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الحكم المطعون فيه قرر أن إجراءات نزع الملكية تمت صحيحة ومطابقة للقانون ولم يلحقها أي بطلان في حين أن هناك ثلاثة إعلانات باطلة بطلاناً مطلقاً (أولها) إعلان الطاعن بالسند التنفيذي في 7/ 11/ 1956 إذ أثبت فيه المحضر أنه لم يجد المراد إعلانه بالمصنع وامتنع من به عن الاستلام فأعلنه في مواجهة الإدارة دون أن يبين اسم من خاطبه وصفته فضلاً عن عدم قيامه بإرسال الإخطار المسجل في خلال 24 ساعة خلافاً لما تقضي به المادة 12 من قانون المرافعات (والثاني) إعلان الحضور لجلسة 17 فبراير سنة 1959 بعد تأجيل قضية البيوع إدارياً لسبق تحديد نظرها في 23/ 12/ 58 الموافق عطلة عيد النصر إذ وجد المحضر المصنع مغلقاً عندما توجه لإعلان الطاعن به في يوم 17/ 1/ 1959 ومع ذلك قام بإعلان الطاعن في مواجهة الإدارة وكان يتعين على المحضر رد الإعلان لذي الشأن للإرشاد عن موطن المراد إعلانه (الثالث) إعلان إعادة الإجراءات بعد التقرير بزيادة العشر باطل لأن المحضر توجه في 8/ 7/ 1959 لإعلان الطاعن فأجرى إعلانه في مواجهة ضابط القسم لغلق محله.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن ما يثيره الطاعن فيه من بطلان الإجراءات والإعلانات بسبب عدم اتباع المحضر أحكام المادة 12 من قانون المرافعات هو دفاع جديد لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع فلا يقبل منه التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع - هذا إلى أن البطلان المترتب على مخالفة المادة 12 سالفة البيان لا يتعلق بالنظام العام.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 523 لسنة 34 ق جلسة 31 /12 / 1968 مكتب فني 19 ج 3 ق 246 ص 1611

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وأمين فتح الله، وإبراهيم الديواني.

----------------

(246)
الطعن رقم 523 لسنة 34 القضائية

محكمة الموضوع. سلطة محكمة الموضوع. "في تقدير مدى أثر الورقة التي حال الخصم دون تقديمها". التماس إعادة النظر.
لمحكمة الموضوع السلطة في تقدير مدى أثر الورقة التي حال الخصم دون تقديمها في قبول التماس إعادة النظر. مناط ذلك.
---------------
تقدير مدى أثر الورقة التي حال الخصم دون تقديمها ومعرفة ما إذا كانت قاطعة في الدعوى حتى تصلح سبباً يبيح قبول الالتماس هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن الأول أقام الدعوى رقم 4112 سنة 1959 كلي القاهرة ضد الطاعن الثاني والمطعون عليها طلب فيها الحكم بصحة ونفاذ العقدين المؤرخين 15/ 7/ 1959 و1/ 3/ 1958 والملحق المؤرخ 15/ 7/ 1958 والمتضمن أولهما بيع الطاعن الثاني إلى الطاعن الأول كامل أرض وبناء المنزل المبين في صحيفة الدعوى والمتضمن ثانيهما وملحقه بيع المطعون عليها هذا العقار إلى الطاعن الثاني. وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب عقد عرفي مؤرخ 15/ 7/ 1959 باع له الطاعن الثاني العقار المشار إليه مقابل ثمن قدره 1500 جنيه وكان هذا الأخير قد اشترى ذات العقار من المطعون عليها بعقد عرفي مؤرخ 1/ 3/ 1958 مقابل ثمن قدره 1200 جنيه وأذنت المطعون عليها للطاعن الثاني بوضع يده على المنزل وتحويل العقد لمن يشاء بموجب ملحق مؤرخ 15/ 7/ 1958 وإذ رفض الطاعن الثاني والمطعون عليها أن يسلماه مستندات التمليك فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. وبتاريخ 7/ 12/ 1959 حكمت محكمة أول درجة بطلبات الطاعن الأول. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 192 سنة 77 ق القاهرة، وطعنت بالتزوير في عقد البيع المؤرخ 1/ 3/ 1958 وملحقه المؤرخ 15/ 7/ 1958 المنسوب صدورهما منها. وبتاريخ 18/ 2/ 1961 حكمت محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أن الطاعن الثاني قد اصطنع عقد البيع المؤرخ 1/ 3/ 1958 وملحقه المؤرخ 15/ 7/ 1958 وأنها وقعت بإمضائها على العقد على اعتبار أنه طلب لنقل عداد الكهرباء بمنزلها، وأن الطاعن الثاني انتهز فرصة حيازته لختمها ووقع به دون علمها على هذا العقد وملحقه وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين حكمت بتاريخ 18/ 2/ 1962 برفض دعوى التزوير وبصحة عقد البيع وملحقه المطعون فيهما وبرفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف رفعت المطعون عليها التماساً بإعادة النظر في هذا الحكم قيد برقم 1458 سنة 79 ق القاهرة. وبتاريخ 28/ 6/ 1964 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم الملتمس فيه وبرد وبطلان عقد البيع العرفي المؤرخ 1/ 3/ 1958 وملحقه المؤرخ 15/ 7/ 1958 وبرفض دعوى صحة التعاقد المرفوعة عنهما وعن عقد البيع العرفي المؤرخ 15/ 7/ 1959. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالشق الأول من السبب الأول وبالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ويقولان في بيان ذلك إن المطعون عليها بنت التماسها على سببين أحدهما وقوع غش من الطاعن الثاني من شأنه التأثير في الحكم بأن قدم للمحكمة في سبيل التدليل على يساره إقراراً مؤرخاً 21/ 10/ 1958 بمديونية المطعون عليها له بمبلغ 1700 جنيه واعتمدت المحكمة على هذا الإقرار للتدليل على قدرته على الوفاء بثمن المنزل الذي اشتراه من المطعون عليها، مع أنها كانت قد تخالصت عن هذا الدين وأثبتت المخالصة بظهر الإقرار المشار إليه ولكن الطاعن الثاني الصق ورقة على عبارات التخالص لإخفائها. في حين أن هذا المستند كان من بين المستندات المقدمة في الدعوى وكانت الحقيقة بشأنه واضحة من مناقشة طرفي الخصومة ومن التحقيق الذي أجرته محكمة الاستئناف وكان في استطاعة المطعون عليها إبداء دفاعها المتعلق به.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يؤسس قضاءه بقبول الالتماس على وقوع غش من الطاعن الثاني وإنما استند إلى سبب آخر هو حصول المطعون عليها بعد صدور الحكم على ورقة قاطعة في الدعوى كان خصمها قد حال دون تقديمها، فإن هذا النعي لا يصادف محلاً من قضاء الحكم.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالشق الثاني من السبب الأول وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال، ويقولان في بيان ذلك إن الحكم أقام قضاءه بقبول الالتماس تأسيساً على حصول المطعون عليها بعد صدور الحكم الملتمس فيه على ورقة قاطعة في الدعوى هي عقد مؤرخ 22/ 10/ 1958 رهنت بموجبه المطعون عليها إلى الطاعن الثاني المنزل موضوع النزاع ضماناً لدين له عليها وأن الطاعن الثاني احتجز بطريق التواطؤ مع آخر صورة هذا العقد الخاصة بالمطعون عليها وحال بذلك دون تقديمها إلى المحكمة ولم تتمكن المطعون عليها من الحصول على هذه الصورة إلا بعد صدور الحكم الملتمس فيه. هذا في حين أن عملية الرهن كانت مشروعاً متداولاً بين الطاعن الثاني وبين المطعون عليها ومبسوطة أمام محكمة الاستئناف ووردت بأقوال الشهود قبل صدور الحكم الملتمس فيه، وقد قدم الطاعن الثاني أمام تلك المحكمة الإقرار المؤرخ 21/ 10/ 1958 بمديونية المطعون عليها له بمبلغ 1700 ج وهذا الدين هو الذي حرر عنه عقد الرهن بتاريخ 22/ 10/ 1958 ولكن عقد الرهن لم يتم وعدل عنه ولم يعمل بالإقرار ورجع الطرفان إلى عقد البيع المؤرخ 1/ 3/ 1958 وتمسك به الطاعن الثاني، أما المطعون عليها فقد طعنت فيه بالتزوير فضلاً عن أن عقد الرهن ليس ورقة قاطعة في الدعوى لأنه لم يكن من شأنه التأثير في رأي المحكمة عند نظر الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن واقعة رهن المطعون عليها للمنزل موضوع النزاع إلى الطاعن الثاني بموجب العقد المؤرخ 22/ 10/ 1958 - لم يسبق عرضها أو مناقشتها سواء في أقوال الشهود أو دفاع الخصوم أمام محكمة الموضوع قبل إصدار حكمها الملتمس فيه، كما أن الإقرار المؤرخ 21/ 10/ 1958 الذي التزمت فيه المطعون عليها بأن تدفع إلى الطاعن الثاني مبلغ 1700 ج لم يتضمن الإشارة إلى عقد الرهن. ولما كان تقدير مدى أثر الورقة التي حال الخصم دون تقديمها ومعرفة ما إذا كانت قاطعة في الدعوى حتى تصلح سبباً يبيح قبول الالتماس - هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر العقد المؤرخ 22/ 10/ 1958 الذي ارتهن بمقتضاه الطاعن الثاني المنزل موضوع النزاع من المطعون عليها وحصلت الأخيرة على صورته المحتجزة بعد صدور الحكم الملتمس فيه - هو ورقة قاطعة في عدم صحة عقد البيع المؤرخ 1/ 3/ 1958 وملحقه المؤرخ 15/ 7/ 1958 المنسوب صدورهما من المطعون عليها إلى الطاعن الثاني ببيع ذات المنزل، واستند الحكم في ذلك إلى أن عقد الرهن المشار إليه ينطوي على إقرار من الطاعن الثاني بملكية المطعون عليها لهذا المنزل في تاريخ لاحق على تاريخ عقد البيع وملحقه لأنه لا يتصور أن يرتهن الشخص ملك نفسه بأن تكون العين المرهونة له سبق أن اشتراها بعقد عرفي، وإذ رتب الحكم على ذلك قضاءه بقبول هذا السبب للالتماس، وكانت هذه الأسباب التي استند إليها الحكم سائغة، وكان العدول عن عقد الرهن فيما بعد لا يؤثر في دلالة الإقرار الذي حصله الحكم المطعون فيه على النحو سالف البيان، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني إخلال الحكم المطعون فيه بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الحكم استند في قبول السبب الثاني للالتماس إلى ما ورد في الشكوى رقم 4478 سنة 1962 إداري روض الفرج مع أن الطاعنين لم يسألا فيها ولا يعلمان عنها شيئاً. ويضيف الطاعنان أنه ليس صحيحاً ما أورده الحكم من أن زهير اسكندر حنا الذي جاء اسمه بالشكوى كان يحتفظ بصورة عقد الرهن الخاصة بالمطعون عليها، إذ توفى هذا الشخص منذ سنين ولم يكن تحت يده شيء مما تدعيه المطعون عليها.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن ما يثيره الطاعنان بسبب النعي ينطوي على واقع لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع ومن ثم فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 561 لسنة 34 ق جلسة 31 /12 / 1968 مكتب فني 19 ج 3 ق 247 ص 1616

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم الديواني، وعبد العليم الدهشان.

-------------

(247)
الطعن رقم 561 لسنة 34 القضائية

(أ) محكمة الموضوع. "سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل".
محكمة الموضوع صاحبة الحق في تقدير ما يقدم إليها من أدلة. سلطتها في عدم الأخذ بالصور الشمسية للأوراق.

)ب) حكم. تسبيب الحكم. حجية الحكم. "حجية الحكم الجنائي".
المنع من إعادة النزاع في المسألة المقضي فيها. شرطه. حكم من محكمة الجنح بعدم قبول الدعوى المدنية لعدم اختصاصها بنظرها على أساس أن المطلوب منها ليس تعويضاً عن ارتكاب جنحة. اختلاف المسألة المقضي فيها في ذلك الحكم عن تلك المقضي فيها بالحكم المطعون فيه. لا افتيات في الحكم الأخير على الحكم السابق. التزيد في أسباب الحكم. لا أثر له.

-------------
1 - محكمة الموضوع هي صاحبة الحق في تقدير ما يقدم إليها من أدلة. ولا تثريب عليها إن هي لم تر الأخذ بصور شمسية لأوراق أريد التدليل بها في الدعوى وأقامت قضاءها على ما استخلصته من قرائن اطمأنت إليها متى كان استخلاصها لها سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق.
2 - المنع من إعادة النزاع في المسألة المقضي فيها يستلزم أن تكون المسألة واحدة في الدعويين. وإذ يشترط لتوافر هذه الوحدة أن تكون المسألة المقضي فيها نهائياً مسألة أساسية لا تتغير وتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه في الدعوى الثانية، وكان النزاع الذي طرح على محكمة الجنح يتعلق بقبول أو عدم قبول الدعوى المدنية من المطعون عليه الأول ضد الطاعن، وإذ انتهت محكمة الجنح إلى عدم قبول الدعوى المدنية لأنها غير مختصة بنظرها وذلك تأسيساً على أن المطلوب ليس هو التعويض عن ارتكاب جنحة، وكان لا علاقة لهذا القضاء بموضوع الدعوى الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه - وهو قيمة الشيكات المحولة إلى المطعون عليه الأول - فإن هذا الحكم لا يكون فيه افتيات على الحكم السابق لاختلاف المسألة التي قضى فيها كل منهما. وإن استطرد الحكم السابق إلى القول بأن الشيكات اسمية فلا يجوز تظهيرها إذ يعد ذلك منه تزيداً غير لازم للفصل في الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية أمام محكمة الجنح بعد أن أورد الأسباب التي تحمل قضاءه في هذا الخصوص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول تقدم لرئيس محكمة القاهرة الابتدائية بطلب إصدار أمر أداء ضد الطاعن والمطعون عليه الثاني بمبلغ 3000 ج، وقال شرحاً لطلبه إنه علم من المطعون عليه الثاني أن اتفاقاً تم بينه وبين الطاعن على أن يقوم من باطنه بمقاولة صنع الأثاثات الخشبية اللازمة لمبنى كلية العلوم بجامعة عين شمس ووافق على ما عرضه عليه المطعون عليه الثاني بأن يبيع له الأخشاب المطلوبة للقيام بهذه العملية وسلم الأخشاب إليه، وأنه للوفاء بثمنها حول إليه المطعون عليه الثاني شيكات ثلاثة تحمل تواريخ 30/ 5/ 1960 و30/ 6/ 1960 و30/ 7/ 1960 على التوالي قيمة كل منها 1000 ج كان قد سحبها الطاعن على بنك الاتحاد التجاري لصالح المطعون عليه الثاني، وإذ امتنع البنك عن صرف قيمة هذه الشيكات إليه فقد تقدم بطلبه سالف البيان. رفض رئيس المحكمة إصدار أمر الأداء وحدد جلسة لنظر الدعوى التي قيدت برقم 6290 سنة 1963 كلي القاهرة، وبتاريخ 9 فبراير سنة 1964 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن والمطعون عليه الثاني بأن يدفعا للمطعون عليه الأول مبلغ 3000 ج. استأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 564 سنة 81 ق القاهرة، وقضت محكمة الاستئناف بتاريخ 28/ 10/ 1964 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت النيابة العامة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أسباب ثلاثة حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الثابت من الاتفاق المؤرخ 22/ 2/ 1960 والمحرر بينه وبين المطعون عليه الثاني ومن الإقرار اللاحق له والصادر من هذا الأخير في 22/ 3/ 1960 أنهما تضمناً شرط عدم جواز حوالة الشيكات موضوع النزاع وهو شرط صحيح طبقاً للمادة 303 من القانون المدني، وأنه وقد أصدر الطاعن الشيكات اسمية وضمن المطعون عليه الثاني إقراره المؤرخ 22/ 3/ 1960 حق الطاعن في إيقاف صرف هذه الشيكات وجعل الطاعن استحقاق قيمتها على مراحل فقد قصد بذلك منع المطعون عليه الثاني من تحويلها للغير باعتبار أنها تمثل عمليات خاصة بالتوريد على مراحل يتعين على المطعون عليه الثاني لصرف قيمة أي شيك منها أن يقوم بتنفيذ المرحلة من التزامه المقابلة له والمحرر عنها هذا الشيك، غير أن الحكم المطعون فيه أغفل اتفاق الطرفين في هذا الخصوص ولم يرتب أثره القانوني وذلك على الرغم من أن الطاعن لم يكن مديناً للمطعون عليه الثاني بقيمة هذه الشيكات لعدم تنفيذ هذا الأخير التزاماته، مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يعول في قضائه على الاتفاق المؤرخ 22/ 2/ 1960 أو الإقرار المؤرخ 22/ 3/ 1960 ولم يرتب أثراً على ما يثيره الطاعن بسبب النعي من أنهما قد تضمنا شرط عدم جواز حوالة الشيكات الثلاثة موضوع النزاع وذلك على أساس أن ما قدم من هذين المحررين هما صورتان شمسيتان وأن المطعون عليه الثاني والطاعن اصطنعا هذين المحررين وغيرهما من الأوراق المقدمة من الطاعن لخدمته وقت أن كان متهماً في جنحة إصدار شيك بدون رصيد، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض دفاع الطاعن بأنه لم يكن مديناً للمطعون عليه الثاني تأسيساً على ما قرره من أنه ليس من المستساغ أن يحرر الطاعن ثلاثة شيكات كلاً منها بمبلغ 1000 ج للمطعون عليه الثاني وأن يسلمها مقدماً إذا كان هذا الأخير لم ينفذ تعهده، وأن المقبول عقلاً هو ما قال به المطعون عليه الأول من أن المطعون عليه الثاني جاءه بهذه الشيكات وحولها إليه ثمناً لما يحتاج إليه من أخشاب تنفيذاً للمقاولة التي التزم بها من باطنه قبل الطاعن وأنه تسلم الأخشاب بالفعل، وكانت محكمة الموضوع هي صاحبة الحق في تقدير ما يقدم إليها من أدلة ولا تثريب عليها إن هي لم تر الأخذ بصور شمسية لأوراق أريد التدليل بها في الدعوى وأقامت قضاءها على ما استخلصته من قرائن اطمأنت إليها متى كان استخلاصها لها سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق. لما كان ذلك وكان من شأن القرائن التي استخلصتها المحكمة وهي بصدد الموازنة بين الأدلة المقدمة في الدعوى - على النحو السالف بيانه - أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه التناقض في الأسباب ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم بعد أن قرر أنه لا يعول على المستندات المقدمة منه لأنها "صور فوتوغرافية" ومنها المخالصة المؤرخة 1/ 9/ 1960 والصادرة من المطعون عليه الثاني للطاعن - عاد وبحث المستند الذي أطرحه من قبل وذلك في قوله إن تاريخه لم يثبت إلا في 22/ 9/ 1960 أي بعد إعلان الطاعن بالحوالة، وأضاف الطاعن أنه فات الحكم أن المخالصة ومحضر الصلح المقدمين منه لم يقعا إلا على الشيك المستحق في 30/ 4/ 1960 والمستبدل بالشيك المستحق في 5/ 6/ 1960 وهو ليس محلاً للحوالة ولا علاقة له بالشيكات موضوع النزاع.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن عرض للمستندات التي قدمها الطاعن سواء أكانت صوراً شمسية أم أصل هذه المستندات وقرر عدم التعويل على المستندات التي لم يقدم منها سوى صور شمسية وبين القرائن التي استنبطها لإطراح دفاع الطاعن والأخذ بدفاع المطعون عليه الأول، واجه الحكم المستندات المقدم أصلها ومنها المخالصة المقدمة من الطاعن فقال "كما أن المخالصة المؤرخة 1/ 9/ 1960 والثابتة التاريخ في 22/ 9/ 1960 فهي من غير شك قد صدرت بعد إعلان الحوالة للمستأنف ونفاذها ضده بمقتضى صحيفة افتتاح الدعوى في الجنحة المباشرة التي صدر فيها الحكم الجزئي في 4/ 9/ 1960 وإلا فما السر في التأخر في إثبات تاريخها ما دامت صدرت في 1/ 9/ 1960". ولما كان يبين من هذا الذي أورده الحكم أنه فرق بين المحررات المقدم منها صور شمسية والمحررات المقدم أصلها واستند الحكم في إطراحه الأول إلى أنه رأى عدم الأخذ بالصور الشمسية وبالنسبة للثانية ومنها المخالصة المؤرخة 1/ 9/ 1960 فإنه رأى إطراحها لتحريرها بعد إعلان الطاعن بالحوالة وللتراخي في إثبات تاريخها، فإنه يكون غير صحيح ما يسوقه الطاعن من أن الحكم قد شابه التناقض حين تحدث عن المخالصة المشار إليها وأطرح دفاع الطاعن بشأنها بعد إطراحه المحررين المؤرخين 22/ 2/ 1960 و12/ 3/ 1960 المقدم منهما صورة شمسية، ومن ثم يكون النعي على الحكم بالتناقض في هذا الخصوص على غير أساس. والنعي في شقه الثاني غير صحيح إذ أن الثابت بالمخالصة وبمحضر الصلح أنهما ينصبان على جميع الأعمال المبينة بعقد الاتفاق المؤرخ 22/ 2/ 1960 والتخالص عن جميع الشيكات الواردة به ومن ضمنها الشيكات موضوع النزاع مما لا يعيب الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه صدر على خلاف حكم سابق بين الخصوم أنفسهم، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن محكمة الجنح المستأنفة كانت قد قضت بتاريخ 21/ 2/ 1961 في الاستئناف رقم 5404 سنة 60 جنح استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف الصادر في 4/ 9/ 1960 في الجنحة رقم 11747 سنة 60 الأزبكية بتأييد هذا الحكم فيما قضى به من عدم قبول الدعوى المدنية التي أقامها المطعون عليه الأول ضد الطاعن تأسيساً على أن المطعون عليه الأول - بوصفه مدعياً بالحقوق المدنية في الجنحة المباشرة - ليست له صفة في توجيه دعواه المدنية ضد الطاعن لأن الشيكات اسمية فهي في حقيقتها سندات إذنية لا تخضع لإجراءات التظهير بل تخضع لقواعد الحوالة المدنية، وإذ كانت هذه الأسباب وثيقة الصلة بالمنطوق ومؤدية إليه وتحوز الحجية بين أطراف النزاع فقد دفع أمام محكمة الموضوع - في الدعوى الحالية - بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها بحكم محكمة الجنح المستأنفة سالف البيان، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع وبذلك يكون قد خالف قضاء سابقاً صادراً بين نفس الخصوم في ذات الموضوع.
وحيث إنه يبين من حكم محكمة الجنح المستأنفة رقم 5404 سنة 60 القاهرة أنه قضى في الجنحة المباشرة التي كان قد أقامها المطعون عليه الأول ضد الطاعن والمطعون عليه الثاني بعدم قبول الدعوى المدنية أمام محكمة الجنح تأسيساً على أن المطعون عليه الأول - المدعي بالحقوق المدنية - قصر طلباته على قيمة الشيكات وأن هذه القيمة ليست تعويضاً عن الجريمة بل ديناً سابقاً على وقوعها غير مترتب عليها، ثم استطرد الحكم فقال بأنه لا صفة للمطعون عليه الأول في توجيه دعواه إلى الطاعن لأن الشيكات اسميه باسم المطعون عليه الثاني، كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة المباشرة التي قضي فيها بعدم قبولها تأسيساً على أن حكم محكمة الجنح "لم يتناول موضوع الدعوى وإنما هو حكم قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها أمام جهة غير مختصة بنظرها فهذا الحكم بطبيعة الحال لا يمنع من نظر الدعوى بعد ذلك أمام الجهة المختصة". ولما كان المنع من إعادة النزاع في المسألة المقضي فيها يشترط أن تكون المسألة واحدة في الدعويين، وإذ يشترط لتوافر هذه الوحدة أن تكون المسألة المقضي فيها نهائياً مسألة أساسية لا تتغير وتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه في الدعوى الثانية، وكان النزاع الذي طرح على محكمة الجنح يتعلق بقبول أو عدم قبول الدعوى المدنية من المطعون عليه الأول ضد الطاعن، وإذ انتهت محكمة الجنح - على ما سلف بيانه - إلى عدم قبول الدعوى المدنية لأنها غير مختصة بنظرها وذلك تأسيساً على أن المطلوب ليس هو التعويض عن ارتكاب الجنحة، وكان لا علاقة لهذا القضاء بموضوع الدعوى الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، فإن هذا الحكم الأخير لا يكون فيه افتيات على الحكم السابق لاختلاف المسألة التي قضى فيها في كل منها. ولا يؤثر في ذلك ما استطرد إليه حكم محكمة الجنح من أنه لا صفة للمطعون عليه الأول في إقامة دعوى الجنحة المباشرة ضد الطاعن لأن الشيكات اسمية فلا يجوز تظهيرها إذ أن ذلك يعتبر تزيداً من الحكم غير لازم للفصل في الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية أمام محكمة الجنح بعد أن أوردت في حكمها الأسباب التي تحمل قضاءها في هذا الخصوص، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 567 لسنة 34 ق جلسة 31 /12 / 1968 مكتب فني 19 ج 3 ق 248 ص 1623

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد صادق الرشيدي، وأمين فتح الله، وعبد العليم الدهشان.

--------------

(248)
الطعن رقم 567 لسنة 34 القضائية

إعلان. "الإعلان في مواجهة النيابة". نقض. إجراءات الطعن. "إعلان الطعن". "ميعاده". بطلان. قانون.
الإعلان في مواجهة النيابة. طريق استثنائي. متى يجوز سلوكه. خلو ورقة الإعلان للنيابة من بيان آخر موطن معلوم للمعلن إليه في مصر أو في الخارج. جزاؤه بطلان الإعلان. خلو الأوراق مما يدل على أن الطاعنين بذلوا أي جهد في سبيل التحري عن موطن المطعون عليه قبل تسليم صورة إعلان الطعن للنيابة. جزاؤه البطلان. عدم قيام الطاعن بإعلان الطعن طبقاً للمادة الثالثة من القانون 43 لسنة 1965 أو خلال الميعاد المقرر بالمادة 431 من قانون المرافعات السابق قبل تعديلها بالقانون 401 لسنة 1955 أو خلال الميعاد الذي منحه له القانون 4 لسنة 1967. جزاؤه بطلان الطعن.

------------------
متى كانت ورقة إعلان الطعن قد وجهت إلى المطعون ضده في النيابة لمغادرته مصر إلى الخارج على أساس أنه لا يعرف له موطن، وأثبت في أصل ورقة الإعلان أنه تم في مواجهة وكيل النيابة لمغادرة المطعون ضده مصر إلى الخارج حيث لا يعرف له موطن. وإذ خلت هذه الورقة من بيان آخر موطن معلوم له في مصر أو في الخارج - وهو ما تستلزمه الفقرة 11 من المادة 14 من قانون المرافعات السابق والمنطبق على الدعوى - حتى تستطيع النيابة الاهتداء إلى المعلن إليه وتسلمه الصورة ولتراقب المحكمة مدى ما استنفد من جهد في سبيل التحري عن موطنه فإن ذلك مما يترتب عليه بطلان الإعلان كنص المادة 24 من قانون المرافعات السالف الإشارة إليه - وإذ كانت الأوراق - فضلاً عما تقدم - قد خلت مما يدل على أن الطاعنين بذلوا أي جهد في سبيل التحري عن موطن المطعون عليه قبل تسليم صورة إعلان الطعن للنيابة رغم أن في أوراق الدعوى ما يشير إلى هذا الموطن وييسر السبيل إلى معرفته عن طريق الوكيلة للمطعون عليه التي أعلنت لديها الدعوى أمام محكمة أول درجة ووكيله الذي مثله في الخصومة أمام محكمة الاستئناف. وكان تسليم أوراق الإعلان للنيابة إجراء استثنائياً لا يجوز اللجوء إليه - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - إلا بعد التحري الدقيق عن موطن من يراد إعلانه، فإن إعلان المطعون ضده بالطعن في النيابة يكون قد وقع باطلاً. ولما كان هذا الطعن قد أدركه القانون رقم 43 لسنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون، وكانت أوراق الطعن قد خلت مما يثبت قيام الطاعن بالإعلان طبقاً للمادة الثالثة من القانون المشار إليه وخلال الميعاد المقرر بالمادة 431 من قانون المرافعات السابق قبل تعديلها بالقانون رقم 401 لسنة 1955 أو خلال الميعاد الذي منحه له القانون رقم 4 لسنة 1967، فإنه يتعين - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - إعمال الجزاء المنصوص عليه بالمادة 431 السالفة البيان والقضاء ببطلان الطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورث الطاعنين أقام الدعوى رقم 67 لسنة 58 مدني كلي الإسماعيلية ضد المطعون عليه وطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 2757 ج و940 م وقال بياناً لدعواه إنه كان يعمل مقاولاً ورست عليه عملية محطة توليد الكهرباء بمستشفى هيئة قناة السويس وصيانة مبانيها في المدة من سنة 1953 إلى سنة 1956 وقد عهد إلى المطعون عليه بأن يقوم بمباشرة هذا العمل مقابل مرتب شهري إلا أن هذا الأخير استغل صلة القرابة التي تربطهما وقام بإجراء جميع العمليات الكهربائية الخاصة بالمستشفى في المدة المذكورة لحسابه وبلغ جملة ما قبضه عنها 2757 ج و940 م ولما امتنع عن الوفاء له بهذا المبلغ أقام دعواه بطلباته آنفة الذكر وفي 19/ 6/ 1963 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف مورث الطاعنين هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد استئنافه برقم 95 لسنة 4 ق مدني مأمورية بور سعيد. وفي 11 من أكتوبر سنة 1964 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها ببطلان الطعن لعدم إعلانه طبقاً للقانون وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن هذا الدفع صحيح ذلك أن الثابت من عريضة الدعوى الابتدائية أنها أعلنت للمطعون ضده في مواجهة الوكيلة الرسمية عنه السيدة كلوتيد ماتس المقيمة بشارع السلطان حسين رقم 29 بالإسماعيلية، كما أن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قد حضر عن المطعون ضده محام أمام محكمة الاستئناف هو الأستاذ يحيى سيد حسين بشارع سعد بالإسماعيلية. ولما كان يبين من الاطلاع على أصل ورقة إعلان الطاعن أن الإعلان وجه إلى المطعون ضده في النيابة وأثبت فيه أنه تم في مواجهة وكيل النيابة لمغادرة المطعون ضده مصر إلى الخارج حيث لا يعرف له موطن، وكانت هذه الورقة لم تشتمل على آخر موطن معلوم له في مصر أو في الخارج وهو بيان تستلزمه الفقرة 11 من قانون المرافعات السابق والمنطبق على الدعوى حتى تستطيع النيابة الاهتداء إلى المعلن إليه وتسلمه الصورة ولتراقب المحكمة مدى ما استنفد من جهد في سبيل التحري عن موطنه، فإن ذلك مما يترتب عليه بطلان الإعلان كنص المادة 24 من قانون المرافعات السالف الإشارة إليه. لما كان ذلك وكانت الأوراق فضلاً عما تقدم قد خلت مما يدل على أن الطاعنين بذلوا أي جهد في سبيل التحري عن موطن المطعون عليه قبل تسليم صورة إعلان الطعن للنيابة رغم أن في أوراق الدعوى ما يشير - على النحو السالف بيانه - إلى هذا الموطن وييسر السبيل إلى معرفته عن طريق الوكيلة للمطعون عليه التي أعلنت لديها الدعوى أمام محكمة أول درجة ووكيله الذي مثله في الخصومة أمام محكمة الاستئناف، وكان تسليم أوراق الإعلان للنيابة إجراء استثنائياً لا يجوز اللجوء إليه - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا بعد التحري الدقيق عن موطن من يراد إعلانه، فإن إعلان المطعون ضده بالطعن في النيابة يكون قد وقع باطلاً. ولما كان هذا الطعن قد أدركه القانون رقم 43 لسنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون، وكانت أوراق الطعن قد خلت مما يثبت قيام الطاعن بالإعلان طبقاً للمادة الثالثة من القانون المشار إليه وخلال الميعاد المقرر بالمادة 431 من قانون المرافعات السابق قبل تعديلها بالقانون رقم 401 لسنة 1955 أو خلال الميعاد الذي منحه له القانون رقم 4 لسنة 1967، فإنه يتعين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إعمال الجزاء المنصوص عليه بالمادة 431 السالفة البيان والقضاء ببطلان الطعن.

الأربعاء، 14 أكتوبر 2020

الطعن 11 لسنة 36 ق جلسة 22 /5 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 أحوال شخصية ق 145 ص 975

جلسة 22 من مايو سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

--------------

(145)
الطعن رقم 11 لسنة 36 ق "أحوال شخصية"

(أ) تزوير. "إنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير". إثبات. "الادعاء بالتزوير". "طرق الإثبات". "حجية الورقة". "النزول عن التمسك بالورقة".
النزول عن التمسك بالورقة بعد الادعاء بتزويرها. اعتبارها غير موجودة وغير منتجة لأثر قانوني.
(ب) إثبات. "طرق الإثبات". "البينة". أحوال شخصية.
الشهادة على النفي. قبولها. شرطه. مثال.
(ج) إثبات. "طرق الإثبات". "البينة". محكمة الموضوع. "سلطة محكمة الموضوع". "في تقدير الدليل".
الشهادة "إخبار صادق" في مجلس الحكم بلفظ الشهادة لإثبات حق على الغير ولو بلا دعوى. الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال. سلطة محكمة الموضوع. سبيلها. إعطاء الخصم الحق في إثبات عدم صحة بينة خصمه.

----------------
1 - النزول عن التمسك بالورقة بعد الادعاء بتزويرها بجعلها - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - غير موجودة وغير منتجة لأي أثر قانوني  (1) .
2 - المقرر عند الحنفية أن الشهادة على النفي تقبل إن كانت في المعنى شهادة على أمر وجودي كالبنوة.
3 - الشهادة في اصطلاح الفقهاء - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - إنما هي إخبار صادق في مجلس الحاكم بلفظ الشهادة لإثبات حق على الغير ولو بغير دعوى (2) ، وبالقيد الأول يخرج عن نطاقها الإخبار الكاذب وإن لازم هذا أن تكون لقاضي الدعوى سلطة الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها، وسبيله إلى ذلك أنه إذا قدم أحد الخصوم بينة لإثبات واقعة كان للخصم الآخر الحق دائماً في إثبات عدم صحة هذه الواقعة وأن إجماع الفقهاء، على أن القاضي لا يقف عند ظواهر البينات ولا يتقيد بشهادة من تحملوا الشهادة على الحق إذا ثبت له من طريق آخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن..... أقام الدعوى رقم 392 سنة 1956 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد وزارة الأوقاف يطلب الحكم له عليها باستحقاقه لستة قراريط من أربعة وعشرين قيراطاً ينقسم إليها وقف المرحوم يوسف الدفتردار وتسليمه هذا القدر مع إلزامها بأن تدفع له المتجمد من ريعه، وقال شرحاً لدعواه إن المرحوم يوسف الدفتردار وقف الأعيان المبينة في كتاب وقفه الصادر أمام محكمة مصر الابتدائية الشرعية في 4 صفر سنة 1074 هـ على نفسه مدة حياته ثم من بعده على ابنته عايدة خاتون ومن سيحدثه الله له من الأولاد وبعد انقراضهم وانقراض ذريتهم يكون للعتقاء وقد توفى الواقف كما توفيت ابنته عايدة عقيماً فآل الاستحقاق إلى سليمان شلبي معتوق الواقف الذي توفى عن ابنه علي الذي أعقب ابنه حسن وقد توفى هذا الأخير عن ابنه رضوان الذي توفى في 14 ذو القعدة سنة 1290 هـ عن بناته الأربع زبيدة وصلوحة وزنوبة وحسنة فآل إلى كل منهن ربع الاستحقاق في الوقف، ثم توفيت صلوحة عن ابنتها ميسر صالح التي آل إليها نصيب أمها ثم توفيت ميسر عن ابنها المدعي، وإذ يستحق ما كانت تستحقه أمه كما تجمد له مبلغ 43 ج و750 م فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته. وردت وزارة الأوقاف بأن الوقف مرتب الطبقات وآل الاستحقاق فيه إلى بنات رضوان شلبي وأن القسمة نقضت بموت صلوحة رضوان والدة ميسر في سنة 1925 وكان نصيب ميسر ثلاثة قراريط وأن هذه الأخيرة توفيت عقيماً فآل استحقاقها إلى نفيسة سلامة باعتبارها أقرب الطبقات إليها، وطلبت الحكم بعدم سماع الدعوى. وإذ أقيم حسين رمضان مدكور حارساً على الوقف وتدخل خصماً في الدعوى فقد طلبت وزارة الأوقاف إخراجها منها وأجابتها المحكمة إلى طلبها، وفي أثناء نظر الدعوى تدخلت نفيسة سلامة (مورثة المطعون عليهما الثانية (والثالثة) وزبيدة أحمد منصور - (مورثة المطعون عليهن من الرابعة إلى السابعة والمطعون عليها العاشرة) وعزيزة حسن (مورثة المطعون عليها اعتماد وفضل الحريري وسيدة عبد الحليم) ونادية محمود دسوقي، وطلبت نفيسة سلامة الحكم برفض الدعوى استناداً إلى أن الحكم الصادر من محكمة عابدين الشرعية بإثبات وراثة الطاعن لميسر صالح إنما بني على الغش والتواطؤ، كما قرر الحارس على الوقف أنه يطعن بالتزوير في شهادة ميلاده فتنازل الطاعن عن التمسك بها. وبتاريخ 6/ 2/ 1959 حكمت المحكمة حضورياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعى عليهم بكافة طرق الإثبات أن حكم محكمة عابدين الشرعية رقم 147 سنة 1953 قد صدر بطريق التواطؤ للوصول إلى وراثة المدعي لميسر صالح وليثبتوا إنها توفيت عقيماً ولينفي المدعي ذلك، وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين عادت بتاريخ 28/ 6/ 1959 فحكمت حضورياً برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات. استأنف المدعى عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 146 سنة 76 ق كما استأنفته نيابة القاهرة للأحوال الشخصية طالبة وقف السير في الدعوى حتى يفصل في الاستئناف المرفوع عن حكم محكمة عابدين الشرعية بوفاة ميسر ووراثتها وقيد استئنافها برقم 134 سنة 76 ق، وبتاريخ 19/ 3/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً بوقف السير في الاستئنافين حتى يفصل نهائياً في حكم محكمة عابدين الشرعية الصادر في القضية رقم 147 سنة 1953 بثبوت وفاة ميسر صالح محمد أغا وانحصار إرثها في ورثتها المبينين به. ثم جدد الطاعن السير في الاستئنافين استناداً إلى أن حكم محكمة عابدين الشرعية أصبح نهائياً، وقدم لمحكمة الاستئناف صورة من حكم صادر بتاريخ 27/ 9/ 1960 من محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية في الاستئناف رقم 4351 المرفوع ضد ويقضي باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. وفي 23/ 3/ 1961 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف واستحقاق سيد منصور علي منصور لستة قراريط من أربعة وعشرين قيراطاً ينقسم إليها وقف المرحوم يوسف الدفتر دار بعد استيفاء نصيب الخيرات وألزمت المستأنف عليهم بالمصروفات ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، وطعن المستأنف عليهم في الحكم المذكور بطريق النقض وذلك بالطعن رقم 28 سنة 31 ق أحوال شخصية، وبتاريخ 3/ 6/ 1964 نقضت المحكمة الحكم. وعجل سيد منصور علي منصور الاستئنافين، وبتاريخ 13/ 3/ 1966 عادت المحكمة فحكمت حضورياً بقبولهما شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت كل مستأنف مصاريف استئنافه وألزمت سيد منصور علي منصور المستأنف في الاستئناف رقم 146 سنة 76 ق بمبلغ 10 ج مقابل أتعاب المحاماة للمستأنف عليهم الثمانية الأول. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها السابعة رفض الطعن ولم يحضر باقي المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه أطرح الدلالة المستمدة من شهادة ميلاد الطاعن الثابت فيها أنه ولد لأبويه منصور علي منصور وميسر صالح محمد أغا مستنداً في ذلك إلى أن تنازله عن التمسك بها أمام محكمة أول درجة بعد الادعاء بتزويرها مانع له من العودة إليها وأنه على فرض صحة الاستدلال بها فإنها لم تكن بتبليغ الوالدة وإنما كانت بتبليغ منصور علي منصور فلا تسري عليها، وهذا من الحكم المطعون فيه خطأ ومخالفة للقانون وفساد في الاستدلال من وجهين (أولهما) أن الطاعن كان قد قدم تلك الشهادة إلى محكمة أول درجة للاستدلال بها على بنوته للسيدة ميسر صالح، فلما ادعى الخصوم تزويرها ورأى محاميه أن الدعوى قد طال أمدها وفيها من الأدلة الأخرى ما يكفي لإثباتها ترك الاستدلال بها واكتفى بما عداها من أوجه الإثبات، فلما حكم ابتدائياً برفض الدعوى عاد وتمسك أمام محكمة الاستئناف بجميع أدلته ومنها الشهادة المذكورة فتكون بذلك مطروحة أمام محكمة الاستئناف بما لا يتأتى معه إهدار الدلالة المستمدة منها وهي بنوته للسيدة ميسر، ذلك لأنها ورقة رسمية شهدت فيها القابلة بأن "ميسر صالح" وضعت على يديها طفلاً سمته "سيد" والمقر شرعاً أن شهادة القابلة كافية في إثبات الولادة ونوع المولود. و(ثانيهما) أنه من غير المستساغ أن تذهب الوالدة إلى تفتيش الصحة وحالة النفاس وأوجاع الولادة آخذة بها لتبلغ بنفسها عن ولادتها.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النزول عن التمسك بالورقة بعد الادعاء بتزويرها يجعلها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير موجودة وغير منتجة لأي أثر قانوني. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ولم يعتد بما جاء في المستخرج الرسمي بميلاد الطاعن من أن والدته هي السيدة ميسر صالح بعد أن تنازل عن التمسك به إثر الادعاء بتزويره فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه أو شابه فساد في الاستدلال.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه عول في قضائه برفض الدعوى على ما شهد به شهود المطعون عليهم من أن ميسر صالح لم تنجب في حياتها لا من زوجها الأول ولا من زوجها الأخير منصور علي منصور، وهو خطأ ومخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية وفقهها، لأن شهادة شهود المطعون عليهم إنما هي من قبيل النفي الصرف وأحكام الشريعة الإسلامية لا تجيز الإثبات عن هذا الطريق لأن الإحاطة بالنفي مستحيلة أو شبه مستحيلة.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المقرر عند الحنفية أن الشهادة على النفي تقبل إن كانت في المعنى شهادة على أمر وجودي، وإذ كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه حصل شهادة شاهدي المطعون عليهم في قوله "شهد أولهم بأنه يعرف السيدة ميسر من سنة 1918 وأنها لم تنجب من زوجها المرحوم علي فهمي الذي توفى سنة 1918 كما لم تنجب من زوجها الأخير منصور علي منصور الذي يدعي المدعي أنه ابن له وقال إن والد المدعي هو إبراهيم الطباخ ووالدته هي الست أم جليله وكانا خادمين لدى السيدة ميسر وأنه يعرف المدعي من صغره لأنه كان يحضر عند السيدة ميسر باعتباره ابناً لخادمتها أم جليله" "وشهد شاهد المستأنف عليهم الثاني بمثل ما شهد به الشاهد الأول وأضاف أن المدعي كان معروفاً في الحي باسم عدلي وكان يراه دائماً مع والدته الست أم جليله خادمة السيدة ميسر وكان يسير معها حافي القدمين وثيابه ممزقة ولو كان ابناً للسيدة ميسر لظهرت عليه مظاهر الثراء لأنها كانت من الثريات وقد قطع ذلك الشاهد بأن الدعوى 147 سنة 1953 عابدين الشرعية باطلة ومكذوبة لأن المدعي ليس ابناً لميسر ولا لمنصور وإنما هو ابن إبراهيم الطباخ وزوجته خادمي السيدة ميسر". وهي في المعنى شهادة على أمر وجودي هو بنوة الطاعن لسيدة أخرى غير السيدة ميسر صالح، ثم عول على هذه الشهادة وعلى عدم اطمئنانه لشهادة شهود الطاعن بثبوت نسبه للسيدة المذكورة فإنه لا يكون قد اعتد في الإثبات بالشهادة على النفي الصرف.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قد شابه فساد في الاستدلال من وجه (أولها) أنه رجح شهادة شهود المطعون عليهم على أدلة الطاعن مجتمعة والتي ترجح شهادتهم وهي شهادة الشهود لدى محكمة عابدين الشرعية الذين اطمأنت المحكمة إلى شهادتهم وحكمت بناء عليها بوفاة ميسر صالح وانحصار إرثها في زوجها منصور علي منصور وابنها منه سيد، وشهادة شهود الطاعن أمام محكمة أول درجة وقد شهدوا بأن ميسر قد ماتت عنه، ثم شهادة ميلاده وهي ورقة رسمية وحجة بذاتها على الكافة في خصوص البيانات المعدة لإثباتها و(ثانيها) أنه نسب إلى والد الطاعن التناقض بين استصدراه إعلاماً شرعياً بوفاة زوجته ميسر وانحصار إرثها فيه وحده دون وارث آخر وبين إبلاغه بعد ذلك الجهات المختصة بولادة الطاعن له من زوجته ميسر، وذلك في حين أن الإعلام الشرعي سالف الذكر كان من عمل الخصوم ولم يكن من عمل والده أو بعلمه، فإن صح أنه كان من عمله أم بعلمه فالأقرب إلى العقل أن يكون قد استخرجه بتواطؤ بينه وبين الخصوم للإضرار بالطاعن وجر المغانم إلى خصومه و(ثالثها) أنه إذ لم يعتد بالدليل المستمد من شهادة ميلاد الطاعن بدعوى أنه لا يجوز له الارتكان عليها بعد أن كان قد اكتفى بما عداها من أوجه الإثبات، فإنه يكون قد خلط بين التنازل عن الدليل وبين الاكتفاء بما عداه من الأدلة الأخرى وهو خلط أدى به إلى الخطأ وهو إهدار شهادة الميلاد في حين أنها ورقة رسمية ولها حجتها في إثبات ما ورد فيها من بيانات عن ميلاد الطفل في تاريخ محدد لأبوين معينين وقد نظم القانون الوسائل التي تكفل مطابقة بياناتها للحقيقة.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجهين (الأول والثاني) منه بأن الشهادة في اصطلاح الفقهاء - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما هي إخبار صادق في مجلس الحاكم بلفظ الشهادة لإثبات حق على الغير ولو بغير دعوى، وبالقيد الأول يخرج عن نطاقها الإخبار الكاذب وإن لازم هذا أن تكون لقاضي الدعوى سلطة الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها، وسبيله إلى ذلك أنه إذا قدم أحد الخصوم بينة لإثبات واقعة كان للخصم الآخر الحق دائماً في إثبات عدم صحة هذه الواقعة وأن إجماع الفقهاء، على أن القاضي لا يقف عند ظواهر البينات ولا يتقيد بشهادة من تحملوا الشهادة على الحق إذا ثبت له من طريق آخر، ومردود في الوجه (الثالث) بما سبق الرد به على السبب الأول من أن النزول عن التمسك بالورقة بعد الادعاء بتزويرها يجعلها غير موجودة وغير منتجة لأي أثر قانوني.


 (1)نقض 19/ 1/ 1967 - الطعن رقم 27 لسنة 33 ق -السنة 18 ص 156.