القضية رقم 209 لسنة 23 ق " دستورية " جلسة 7 / 3 / 2004
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 7 مارس سنة 2004 م ، الموافق 16
من المحرم سنة 1425 هـ .
برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلى عوض
محمد صالح وعبد الوهاب عبد الرازق وإلهام نجيب نوار والدكتور عادل عمر شريف
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين
علما
رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد
حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 209 لسنة 23
قضائية " دستورية " .
المقامة من
السيد / مجدى محمود أحمد محمود
ضد
1 - السيد رئيس مجلس الوزراء
2 - السيد وزير التموين والتجارة بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة العلامات
والبيانات التجارية
3 - السيد / أحمد سيد أحمد مصطفى
الإجراءات
بتاريخ الواحد والثلاثين من يوليو سنة 2001 ، أودع المدعى صحيفة
هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة الثالثة من
القانون رقم 57 لسنة 1939 بشأن العلامات التجارية .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً : بعدم قبول
الدعوى ، واحتياطياً : برفضها .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل في
أن المدعى عليه الثالث كان قد أقام الدعوى رقم 1092 لسنة 99 تجارى أمام محكمة جنوب
القاهرة ضد المدعى ، طالباً الحكم بتثبيت ملكية العلامة التجارية ( الأريزونا )
باسمه ( أحمد سيد أحمد مصطفى ) تأسيساً على استعماله لهذه العلامة اعتباراً من
2/4/1975 في مجال صناعة الحلوى ؛ وأنه عند تقدمه في 21/10/1997 بطلب تسجيل علامته
التجارية المذكورة فوجئ برفض الجهة المختصة لتعارض طلبه مع الطلب المقدم من المدعو
/ مجدى محمود أحمد المدعى في الدعوى الماثلة بتاريخ 1/10/1997 ، وبجلسة 28/2/2001
قضت تلك المحكمة بإجابته لطلباته ، وحيث لم يرتض المحكوم ضده هذا القضاء المدعى في
الدعوى الراهنة فقد أقام الاستئناف رقم 692 لسنة 118 قضائية أمام محكمة استئناف
القاهرة ، وأثناء نظره دفع بعدم دستورية نص المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة
1939 بشأن العلامات التجارية وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع ، وصرحت للمدعى برفع
الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن المدعى يطعن بعدم دستورية نص المادة الثالثة من القانون رقم
57 لسنة 1939 بشأن العلامات التجارية ، وإذ صدر قانون حماية حقوق الملكية الفكرية
رقم 82 لسنة 2002 المنشور بالجريدة الرسمية العدد (22 مكرر) في 2/6/2002 بتنظيم
جديد للعلامات والبيانات التجارية في الباب الأول من الكتاب الثاني منه بما يحمله
من إلغاء لنصوص القانون رقم 57 لسنة 1939 ومن بينها المادة الثالثة الطعينة وكان
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون
الطعن عليها من قبل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها ، وترتبت بمقتضاها أثار قانونية
بالنسبة إليه تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية .
وحيث إن مناط المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى
الدستورية أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية ،
وذلك بأن يكون الفصل في المطاعن الدستورية لازماً للفصل في النزاع الموضوعي .
ولما كان نص المادة الثالثة المطعون عليها سالفة الذكر قد جرى على أن
:- " يعتبر من قام بتسجيل العلامة التجارية مالكاً لها دون سواه ولا تجوز
المنازعة في ملكية العلامة إذا استعملها من قام بتسجيلها بصفة مستمرة خمس سنوات
على الأقل من تاريخ التسجيل دون ان ترفع بشأنها دعوى حكم بصحتها " ، وهو النص
الذى استند إليه المدعى عليه الثالث في الدعوى الموضوعية التي قضى له فيها في
مواجهة المدعى بتثبيت ملكيته للعلامة التجارية المتنازع عليها ؛ ومن ثم تتوافر
للمدعى والحال كذلك مصلحة شخصية مباشرة في الطعن على تلك المادة .
ومن حيث إن المدعى ينعى على نص المادة الثالثة المشار إليه منافاته
للعدل وعدم الاستغلال ، ويؤدي للقضاء على الكثير من فرص العمل وزيادة حجم البطالة
، وتعارضه مع الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية وضرورة استخدامها لتحقيق الخير العام
للشعب ، حيث أعطى الأفضلية في تملك العلامة التجارية لمن لم يقم بتسجيل العلامة
أصلاً واستطاع إثبات استعماله لها في تاريخ سابق على تسجيلها ، وبالتالي يكون النص
الطعين مخالفاً لأحكام المواد ( 4 ، 23 ، 32 ، 49 ) من الدستور .
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته بأن الأصل في سلطة المشرع في موضوع
تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية يتمثل جوهرها وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة في
المفاضلة بين البدائل المختلفة وفق تقديره لتنظيم موضوع محدد ، فلا يختار من بينها
إلا ما يكون منها عنده مناسباً أكثر من غيره لتحقيق الأغراض التي يتوخاها ، وكلما
كان التنظيم التشريعي مرتبطاً منطقياً بهذه الأغراض وبافتراض مشروعيتها كان هذا
التنظيم موافقاً للدستور ، وإذ كان الثابت أن المشرع قد ضمن النص الطعين قرينة
قانونية ، مؤداها الاعتداد بتسجيل العلامة التجارية لمن سلك سبيل تسجيلها على
النحو الذى بينه القانون ، واعتبره مالكاً لها دون سواه ، شريطة استعما له لها
بصفة مستمرة لمدة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل ، دون أن ترفع بشأنها دعوى
حكم بصحتها ، وعلى ذلك فليس ثمة إهدار البتة للأسبقية في تسجيل العلامة ، وإنما
عمد المشرع من خلال هذا النص إلى إقامة توازن مبرر وسائغ بين مصلحة من بادر بتسجيل
العلامة التجارية ومصلحة من قام باستعمالها في تاريخ سابق على تسجيلها ، جاعلاً
حسم هذا الأمر حال وجود تنازع بيد القضاء لتكون له الكلمة النهائية .
وحيث إن التنظيم الذى تبناه المشرع في القانون الطعين لتسجيل العلامات
التجارية ، يهدف إلى تحقيق غاية مشروعة باعتبارها وسيلة لتمييز المنتجات والسلع
بهدف المغايرة بينها رفعاً لأى لبس ؛ وقد التزم المشرع باختيار النسق التشريعي
الذى رآه مرتبطاً منطقياً بالأغراض التي توخاها بما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور
.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى
المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .