الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 9 سبتمبر 2020

دعوى منع التعرض قوامها استمرار الحيازة الأصلية دون العرضية باعتبارها واقعة مادية يجوز إثباتها بكل الطرق

القضية رقم 35 لسنة 21 قضائية "تنازع" جلسة 2 / 12 / 2000

باسم الشعب

المحكمة   الدستورية   العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 2 ديسمبر سنة 2000 الموافق 6 رمضان سنة 1421هـ .

برئاسة السيد المستشار / محمد ولى الدين جلال             رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين / عبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي

وحضور السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق     رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن    أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 35 لسنة 21 قضائية "تنازع".

المقامة من

1 - السيد محافظ المنوفية

2 - السيد رئيس الوحدة المحلية لمدينة ومركز الباجور

ضد

1 - السيد / محمد سعيد عوض ابراهيم بصفته وارثا للمرحومة / نفيسة محمد عبد الوهاب

2 -  ورثة المرحوم / عبد العظيم محمد الفقى وهم :

- رقية محمد عبد الوهاب الشيخ

- محمد وأشرف ومصطفى عبد العظيم محمد الفقى

- عز الدين وعامر وسعد محمد الفقى

- حامد عامر محمد الفقى

الإجراءات

بتاريخ  السابع من ديسمبر سنة   1999، أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبين القضاء بالاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1616 لسنة 44 قضائية والمؤيد بحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 338 لسنة 37 قضائية ، دون الحكم الصادر من محكمة استئناف طنطا مأمورية شبين الكوم في الاستئناف رقم 1407 لسنة 26 قضائية ·

وقدم المدعى عليه الأول مذكرة طلب فيها أصليا الحكم بعدم قبول الدعوى واحتياطيا برفضها ·

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها ·

ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم·

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة ·

حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورثة المدعى عليه الأول كانت قد حصلت على ترخيص لبناء دور أرضى ومسجد بالدور الأول العلوى على قطعة أرض بمدينة الباجور، ونتيجة لشكاوى بعض المواطنين قامت جهة الإدارة بإلغاء هذا الترخيص مما دعاها إلى إقامة الدعوى رقم 1616 لسنة 44 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ضد السيد محافظ المنوفية وآخر طالبة بصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار الصادر بإلغاء الترخيص، وفى الموضوع إلغاؤه · وبجلسة 24/1/1991 قضت تلك المحكمة برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وتأيد هذا القضاء من المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر في الطعن رقم 1338 لسنة 37 قضائية وذلك تأسيساً على أن قطعة الأرض المراد البناء عليها مخصصة لبناء مقابر وتعد من أملاك الدولة العامة التي لا يجوز البناء عليها · ومن جهة أخرى أقامت السيدة المذكورة الدعوى رقم 2652 لسنة 1992 أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية ضد ورثة المرحوم / عبد العظيم محمد الفقى طالبة الحكم بعدم تعرضهم لها في الانتفاع بالعقار السالف الإشارة إليه، وإذ قضت تلك المحكمة بجلسة 20/11/1993 برفض الدعوى فقد طعن المدعى عليه الأول في هذا الحكم بالاستئناف رقم 1047 لسنة 26 قضائية أمام محكمة استئناف طنطا - مأمورية شبين   الكوم - فقضت بجلسة 28/6/1994 بمنع تعرض ورثة المرحوم / عبد العظيم محمد الفقى للمستأنف في انتفاعه بالعقار المشار إليه، وذلك تأسيساً على أن مورثة المستأنف حائزة لمساحة التداعي حيازة قانونية منذ عام 1969 وأن هذه المساحة تقع خارج كردون جبانة المسلمين · وإذ ارتأى المدعيان أن هذين الحكمين الصادر أحدهما من جهة القضاء الإداري والآخر من جهة القضاء العادي قد تناقضاً بما يجعل تنفيذهما معاًً متعذراً، فقد أقاما الدعوى الماثلة ·

وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين   متناقضين والذى تنعقد للمحكمة الدستورية العليا ولاية الفصل فيه طبقا للبند ثالثا من المادة 25 من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979؛ هو أن يكون أحد الحكمين صادرا من أي جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي ، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع في موضوعه وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معا، بما مؤداه أن النزاع الذى يقوم بسبب التناقض بين الأحكام القضائية النهائية وينعقد لهذه المحكمة الاختصاص بالفصل فيه، هو ذلك النزاع الذى يقوم بين حكمين يتحد بينهما الموضوع ويتناقضان بحيث يكون تنفيذ أحدهما متعارضاً مع تنفيذ الآخر، ودون ذلك فإن مناط قبول الطلب يكون منتفيا؛ لما كان ذلك وكان الحكم الصادر من جهة القضاء الإداري برفض وقف تنفيذ قرار إلغاء الترخيص السابق منحه لمورثة المدعى عليه الأول للبناء على الأرض المتنازع عليها، إنما صدر في الشق المستعجل من النزاع وعلى ضوء ما استبان لها من ظاهر الأوراق المطروحة عليها ودون قضاء قاطع في شأن موضوع الدعوى ، في حين أن الحكم الصادر من محكمة استئناف طنطا "مأمورية شبين الكوم " بعدم تعرض المستأنف عليهم للمستأنف  - المدعى عليه الأول - في العين ذاتها قد فصل قطعياً في توافر الشروط التي يتطلبها القانون في دعوى منع التعرض وهي شروط تحققها المحكمة بلوغاً لغاية الأمر فيها، وقوامها استمرار الحيازة الأصلية دون الحيازة العرضية - باعتبارها واقعة مادية يجوز إثباتها بكل الطرق ولو بإحالة الدعوى إلى التحقيق - لمن يدعيها هادئة ظاهرة مدة سنة على الأقل سابقة على وقوع تعرض ينطوي على معارضة الحائز في حيازته؛ بحيث لا يبقى بعد الفصل فيها نزاع يتردد بين أطرافها في نطاق موضوعها؛ ومن ثم لا تكفل دعوى منع التعرض الحماية للحق في ذاته ولا يجوز دفعها بالارتكان إلى أصله، ولا يقف القاضي بصددها عند ظاهر الأوراق، بل يمحص عند الفصل فيها شروط وضع اليد التي تخول رفعها · إذ كان ذلك، فإن الحكمين المدعى تناقضهما لا يكونان متحدين موضوعاً، بما لا يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل في التناقض المدعى به، الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى ·

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى

الطعن 1083 لسنة 52 ق جلسة 6 / 2 / 1986 مكتب فني 37 ج 1 ق 44 ص 185

جلسة 6 من فبراير سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة، ممدوح السعيد، لطفي عبد العزيز وإبراهيم بركات.

---------------

(44)
الطعن رقم 1083 لسنة 52 القضائية

 (1)بطلان. بيع. أحوال شخصية.
بطلان تنازل الولي عن مال القاصر بدون إذن محكمة الأحوال الشخصية. مقرر لمصلحة القاصر وحده دون الغير.
(2) دعوى "الصفة في الدعوى". دفوع "الدفع بعدم القبول". نظام عام. بطلان.
الدفع بعدم القبول لانعدام الصفة. غير متعلق بالنظام العام. ليس لغير من قرر لمصلحته. الاحتجاج به.
 (3)حكم "تسبيب الحكم" "مالا يعد قصوراً". نقض.
دفاع الطاعن غير المستند إلى أساس قانوني صحيح. إغفال الرد عليه. لا قصور.
 (4)إرث. بيع. نظام عام.
بطلان التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة. تعلقه بالنظام العام. م 131/ 2 مدني.
 (5)نظام عام. نقض "السبب الجديد" "السبب المتعلق بالنظام العام". محكمة الموضوع.
السبب المتعلق بالنظام العام. قبوله لأول مرة أمام محكمة النقض. شرطه. ألا يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع.
 (6)حكم "تسبيب الحكم". إثبات "عبء الإثبات" محكمة الموضوع. دعوى "الدفاع في الدعوى". تحكيم.
الأصل في الإجراءات أنها روعيت. من يدعي خلاف ذلك. عليه إقامة الدليل على مدعاة. حكم المحكمين. كفاية توقيع أغلبية المحكمين عليه طالما عدد المشاركين في المداولة وإصدار الحكم وتراً.
 (7)محكمة الموضوع. تزوير "أدلة التزوير".
محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير أدلة التزوير. عدم التزامها بإجراء تحقيق متى اطمأنت إلى عدم جدية الادعاء بالتزوير ووجدت في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لاقتناعها بصحة الورقة. عدم قضائها من تلقاء نفسها برد وبطلان الورقة المدعى بتزويرها. لا عيب علة ذلك.
 (8)تزوير. حكم. إثبات.
عدم جواز القضاء بصحة المحرر أو بتزويره أو بسقوط الحق في إثبات صحته وفي الموضوع معاً. م 44 إثبات. القضاء بعدم قبول الادعاء بالتزوير لكونه غير منتج وفي الموضوع معاً. جائز. علة ذلك.
 (9)قضاة "رد القضاة". تحكيم.
القواعد المقررة في رد القضاة أو عدم صلاحيتهم. إعمالها على المحكمين بالنسبة إلى أسباب الرد أو عدم الصلاحية فحسب م 503/ 3 مرافعات. رد المحكم لا يكون إلا برفع طلب بذلك.
 (10)تحكيم "مشارطة التحكيم" "ولاية المحكمين".
تحديد ولاية المحكمين. وجوب بيانه في مشارطة التحكيم أو أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم. م 501 مرافعات.

--------------------
1 - لا يجوز للطاعن أن يتحدى ببطلان التنازل الصادر من المطعون ضده السابع بصفته ولياً طبيعياً عن الأطيان المملوكة للقاصر بدعوى أنه لم يحصل بشأنها على إذن من محكمة الأحوال الشخصية إذ أن هذا البطلان نسبي شرع لمصلحة القاصر وحده دون الغير.
2 - الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام الصفة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا شأن له بالنظام العام إذ هو مقرر لمصلحة من وضع لحمايته فلا يحق لغيره أن يحتج بهذا البطلان.
3 - إذ كان دفاع الطاعن لا يستند على أساس قانوني صحيح فإن إغفال الحكم الرد عليه لا يعد قصوراً مبطلاً.
4 - مفاد نص المادة 131/ 2 من القانون المدني أن جزاء حظر التعامل في تركه إنسان على قيد الحياة هو البطلان المطلق الذي يقوم على اعتبارات تتصل بالنظام العام لمساسه بحق الإرث.
5 - قبول السبب المتعلق بالنظام العام لأول مرة أمام محكمة النقض مشروط بألا يخالطه عنصر واقعي لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع.
6 - الأصل في الإجراءات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنها قد روعيت وعلى من يدعي أنها قد خولفت إقامة الدليل على ما يدعيه، وكان الطاعن لم يقدم إلى محكمة الموضوع الدليل على أن المحكمين الذين اشتركوا في المداولة وإصدار الحكم لم يكن عددهم وتراً وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على دفاع لم يقدم الخصم دليله فإن النعي يكون على غير أساس.
7 - لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - سلطة تقدير أدلة التزوير ولا يلزمها القانون بإجراء تحقيق متى اطمأنت إلى عدم جدية الادعاء بالتزوير ووجدت في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لاقتناعها بصحة الورقة المدعى بتزويرها ولا عليها إن هي لم تشأ أن تعمل رخصة خولها لها القانون، فلا يعيب الحكم عدم استعمال المحكمة حقها في أن تقضي من تلقاء نفسها برد وبطلان الورقة المدعى بتزويرها عملاً بنص المادة 58 من قانون الإثبات.
8 - لئن كان من المقرر وفقاً لصريح نص المادة 44 من قانون الإثبات أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي بصحة المحرر أورده أو بسقوط الحق في إثبات صحته وفي الموضوع معاً بل يجب أن يكون قضاؤها بذلك سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى اعتباراً بأنه يجمع بين هذه الحالات الثلاث استهداف ألا يحرم الخصم الذي تمسك بالمحرر المقضي بتزويره أو بسقوط الحق في إثبات صحته أو المحكوم بصحته من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى أو يسوق دفاعاً متاحاً جديداً أخذاً بأن الادعاء بالتزوير كان مقبولاً ومنتجاً في النزاع، إلا أنه لا مجال لإعمال هذه القاعدة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - متى قضى بعدم قبول الادعاء بالتزوير لكونه غير منتج. ففي هذه الحالة انتفت الحكمة التي ترمي إلى الفصل بين الادعاء بالتزوير وبين الحكم الموضوعي، طالما ليس من وراء ذلك تأثير على موضوع الدعوى الأصلية، ولا يكون ثمت داع ليسبق الحكم بعدم قبول الادعاء بالتزوير الحكم في الموضوع.
9 - يدل نص المادة 503/ 3 من قانون المرافعات على أن المشرع لا يحيل إلى القواعد المقررة في رد القضاة أو عدم صلاحيتهم للحكم إلا بالنسبة إلى الأسباب وأنه أوجب رفع طلب برد المحكم سواء في الحالات التي يجوز فيها رده أو تلك التي يعتبر بسببها غير صالح للحكم.
10 - لئن أوجبت المادة 501 من قانون المرافعات أن تتضمن مشارطة التحكيم تعييناً لموضوع النزاع حتى تتحدد ولاية المحكمين ويتسنى رقابة مدى التزامهم حدود ولايتهم فإن المشرع أجاز أيضاً في هذه المادة أن يتم ذلك التحديد أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 3514 لسنة 1979 مدني دمنهور الابتدائية للقضاء ببطلان حكم المحكمة رقم 1 لسنة 1978 كلي دمنهور واعتباره كأن لم يكن وقال في بيانها أنه فوجئ بصدور حكم المحكمة سالف البيان قاضياً في أنزعة هي الأطيان الزراعية البالغ مساحتها أربعة أفدنة والمسماة بالتحويله وما ادعته المطعون ضدها السادسة خاصاً بالأطيان البالغ مساحتها تسعة أفدنة بناحية أخماس وموضوع البدل المقال به بين المطعون ضدهما الثامنة والتاسع وطرح النهر البالغ مساحته 12 ط 3 ف وتصرفهما ببيع عشرة أفدنة إلى الطاعن وبإلزامه بأن يؤدي لهما تسديدات مالية رغم أنه لم يسبق ذلك الحكم مشارطة تحكيم مكتوبة ولم تتخذ بشأنها إجراءات الإيداع قلم كتاب المحكمة الابتدائية ولم يراع في اختبار المحكمة ما يجب توافره في قاضي الدعوى من حيده وانتقاء صلة القرابة بينهم وبين أطراف النزاع كما وأنه تناول مسائل لا يجوز فيها الصلح إذ لا شأن للطاعن بمسطح الأربعة أفدنة المسمى بالتحويله لأنها خاصة بأخر لم يمثل في التحكيم كما وأن طرح النهر يربط على الحائز واضع اليد وأن وضع يده على مسطح التسعة أفدنة يستند إلى عقد إيجار وإلزامه حكم المحكمة بإجراء تبادل عن أطيان ليست مملوكة له وبتاريخ 12/ 12/ 1979 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 38 سنة 36 ق الإسكندرية وادعى بتزوير حكم المحكمة موضوع الدعوى على سند من القول أن التوقيعين المنسوبين للمحكمين... و... لم يصدرا منهما وبتاريخ 8/ 2/ 1981 ندبت المحكمة خبيراً لإجراء المضاهاة وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 8/ 2/ 1982 بعدم قبول الادعاء بالتزوير وبتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أن الأنزعه الثلاثة التي صدر فيها حكم المحكمة لم يمثل فيها أصحاب الشأن إذ أن الأطيان محل النزاع الأول مملوكة للدولة ومقرر عليها حق انتفاع لـ... ابن الطاعن كما أن... و... لم يتفقوا على التحكيم في خصوص النزاع الثاني وأن التصرف في الأطيان محل ذلك النزاع كان قبل وفاء المورث... مما يعد تصرف في تركه مستقبله كما أن الأطيان المقول بتصرف الطاعن فيها بالبيع محل النزاع الثالث مملوكة للمطعون ضدها الثامنة وحضر عنها المطعون ضده التاسع دون أن تكون له صفة في تمثيلها وإن تنازل المطعون ضده السابع عن الأطيان التي ادعى شراءها بصفته ولياً طبيعياً على ابنه القاصر... لم يحصل بشأنها على إذن محكمة الأحوال الشخصية وأنه تمسك أمام محكمة الموضوع بانعدام صفة المحتكمين في تلك المنازعات وإذ لم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفع فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن كون المحتكمين ليسوا أصحاب الصفة في المنازعة التي اتفق في شأنها على التحكيم لا يترتب عليه سوى أنه لا يكون الحكم الصادر فيها حجة على أصحاب الصفة في تلك المنازعة دون أن تؤدي ذلك إلى بطلان الحكم ولما كان لا يجوز للطاعن أن يتحدى ببطلان التنازل الصادر من المطعون ضده السابع بصفته ولياً طبيعياً عن الأطيان المملوكة للقاصر بدعوى أنه لم يحصل بشأنها على إذن من محكمة الأحوال الشخصية إذ أن هذا البطلان نسبي شرع لمصلحة القاصر وحده دون الغير، وكان الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام الصفة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا شأن له بالنظام العام إذ هو مقرر لمصلحة من وضع لحمايته فلا يحق لغيره أن يحتج بهذا البطلان ومن ثم فلا يجوز للطاعن التمسك ببطلان الإجراءات المؤسس على أن المطعون ضده التاسع لم تكن له صفة في تمثيل المطعون ضدها الثامنة، ولما كان دفاع الطاعن سالف الذكر لا يستند إلى أساس قانوني صحيح فإن إغفال الحكم الرد عليه لا يعد قصوراً يبطله هذا ولئن كان مفاد نص المادة 131/ 2 من القانون المدني أن جزاء حظر التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة هو البطلان المطلق الذي يقوم على اعتبارات تتصل بالنظام العام لمساسه بحق الإرث عنه إلا أنه لما كان قبول السبب المتعلق بالنظام العام لأول مرة أمام محكمة النقض مشروطاً بألا يخالفه عنصر واقعي لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع وكان الطاعن لم يتمسك لدى محكمة الموضوع ببطلان التصرف في الأطيان محل النزاع الثاني الذي فصل فيه حكم المحكمة باعتباره تعاملاً في تركة مستقبلة وكانت هذه المحكمة لا يتسنى لها التحقق من قيام هذا البطلان بالخوض في وقائع ذلك النزاع وصولاً إلى الوقوف على مدى توافر شرائطه وذلك لتحقيق ما إذا كان هذا التصرف قد حصل قبل وفاة المورث... وفيه مساس بحق الإرث عنه وهي عناصر لم تكن معروضة على محكمة الموضوع قبل إصدار حكمها المطعون فيه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص وإن كان سبباً قانونياً متعلقاً بالنظام العام إلا أنه لما يخالطه من واقع لم تكن عناصره الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع يكون غير جائز التحدي به لأول مرة أمام هذه المحكمة.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المادة 502/ 2 من قانون المرافعات أوجبت أن يكون عدد المحكمين وتراً وإلا كان التحكيم باطلاً والثابت أن عدد المحكمين المعينين خمسة في حين أن من وقّع على الحكم أربعة الأمر الذي يستفد منه أن المحكم الخامس لم يشترك في المداولة وإصداراً الحكم مما يبطل هذا الحكم وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه على أن من وقع حكم المحكمين أربعة وأنه بهذا يكون صحيحاً لكونهم ممثلون الأغلبية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كانت المادة 502/ 2 من قانون المرافعات قد أوجبت أن يكون عدد المحكمين وتراً، وكان الثابت من حكم المحكمين محل الدعوى أنهم كانوا كذلك فإن كانوا خمسة وأنهم اجتمعوا جميعاً وأصدروا الحكم، وكان مفاد نص الفقرة الأخيرة من المادة 507 من القانون المشار إليه أن الحكم يكون صحيحاً إذا وقعته أغلبية المحكمين وكان الأصل في الإجراءات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنها قد روعيت وعلى من يدعي أنها قد خولفت إقامة الدليل على ما يدعيه، لما كان ذلك وكان الطاعن لم يقدم إلى محكمة الموضوع الدليل على أن المحكمين الذين اشتركوا في المداولة وإصدار الحكم لم يكن عددهم وتراً وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على دفاع لم يقدم الخصم دليله فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثالث والسادس الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أنه ادعى بتزوير توقيع اثنين من المحكمين على الحكم محل النزاع هما... و... وأن الخبير المنتدب لتحقيق التزوير انتهى في تقريره إلى عدم وجود توقيع للأول وطلب استكتاب الثاني لتوقيعاته إلا أن المحكمة قضت بعدم قبول الادعاء بالتزوير واستندت في قضائها إلى إقرار صادر من الحكم الثاني بصحة توقيعه دون أن تحقق دفاعه تزوير هذا التوقيع رغم أنه يترتب على ثبوت التزوير بطلان الحكم ولم تعمل المحكمة حقها المقرر في المادة 58 من قانون الإثبات وتقضي من تلقاء نفسها بتزوير ذلك الحكم كما أن قضاءها في الادعاء بالتزوير والموضوع معاً مخالف لما تقضي به المادة 44 من قانون الإثبات.
وحيث إن هذا النعي ذلك أن لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - سلطة تقدير أدلة التزوير ولا يلزمها القانون بإجراء تحقيق متى اطمأنت إلى عدم جدية الادعاء بالتزوير ووجدت في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لاقتناعها بصحة الورقة المدعى بتزويرها ولا عليها أن هي لم تشأ أن تعمل رخصة خولها لها القانون، فلا يعيب الحكم عدم استعمال المحكمة حقها في أن تقضي من تلقاء نفسها برد وبطلان الورقة المدعي بتزويرها عملاً بنص المادة 58 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1968، وهذا وإن كان من المقرر وفقاً لصريح نص المادة 44 من قانون الإثبات أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي بصحة المحرر أو رده أو بسقوط الحق في إثبات صحته وفي الموضوع معاً بل يجب أن يكون قضاؤها بذلك سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى اعتباراً بأنه يجمع بين هذه الحالات الثلاث استهداف ألا يحرم الخصم الذي تمسك بالمحرر المقضى بتزويره أو بسقوط الحق في إثبات صحته أو المحكوم بصحته من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى أو يسوق دفاعاً متاحاً جديداً أخذاً بأن الادعاء بالتزوير كان مقبولاً ومنتجاً في النزاع، إلا أنه لا مجال لإعمال هذه القاعدة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - متى قضى بعدم قبول الادعاء بالتزوير لكونه غير منتج. ففي هذه الحالة انتفت الحكمة التي ترمى إلى الفصل بين الادعاء بالتزوير وبين الحكم الموضوعي، طالما ليس من وراء ذلك تأثير على موضوع الدعوى الأصلية، ولا يكون ثمت داع ليسبق الحكم بعدم قبول الادعاء بالتزوير الحكم في الموضوع. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد ادعى بتزوير توقيع اثنين من المحكمين على الحكم محل النزاع - وتبين للمحكمة خلو ذلك الحكم من توقيع أحدهما وأن توقيع الثاني صحيح واستدلت على ذلك من إقراره بصحته الموثق بالشهر العقاري ومن إيداعه حكم المحكمة محل الدعوى بمحكمة دمنهور الابتدائية وخلصت إلى أن الادعاء بالتزوير غير منتج وقضت تبعاً لذلك بعدم قبوله فإنه لا عليها إذ قضت بعدم قبول الادعاء بالتزوير وفي الموضوع بحكم واحد ويكون النعي بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن المحكم الأول والد زوجة المطعون ضده التاسع وزوج أخت الطاعن لأبيه وبينهما خصومات، وأن المحكم الخامس والد زوجة المطعون ضده الرابع وبذلك يكونان غير صالحين لنظر النزاع وأنه اتخذ من ذلك سبباً من أسباب طلبه بطلان حكم المحكمة ولكن الحكم الابتدائي مؤيداً بالحكم المطعون فيه رد على ذلك بأن أسباب عدم الصلاحية كانت قائمة وقت الاتفاق على التحكيم بما يفيد نزولاً عن طلب الرد وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون لأن المشرع فرق بين أسباب الرد وأحوال عدم الصلاحية إذ الأولى من شأن الخصوم بينما تتعلق الثانية بالنظام العام وهي قاعدة تسري على القاصر تبقي عمله متى كان غير صالح باطلاً ولو باتفاق الخصوم.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في المادة 503/ 3 من قانون المرافعات على أن "... ويطلب الرد لذات الأسباب التي يرد بها القاضي أو يعتبر بسببها غير صالح للحكم ويرفع طلب الرد إلى المحكمة المختصة أصلاً بنظر الدعوى..." يدل على أن المشرع لا يحيل إلى القواعد المقررة في رد القضاة أو عدم صلاحيتهم للحكم إلا بالنسبة إلى الأسباب وإنه أوجب رفع طلب برد المحكم سواء في الحالات التي يجوز فيها رده أو تلك التي يعتبر بسببها غير صالح للحكم ولما كان الطاعن لم يدع أنه طلب رد المحكمين فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الخامس القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه رد على ما أثاره من الأسباب المبطلة لحكم المحكمين محل النزاع بأنها ليست من أسباب البطلان التي حددها القانون دون أن يوضح ماهية تلك الأسباب الأمر الذي يقطع بأن محكمة الموضوع بدرجتيها لم تمحص الدعوى كما وأن الحكم المطعون فيه لم يرد على ما يتمسك به من بطلان مشارطه التحكيم لما ورد بها من إطلاق ولاية المحكمين بالفصل في كل النزاعات القائمة بين الطاعن والأطراف الأخرى الأمر الغير جائزاً عملاً بنص المادة 501 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه استعرض وقائع الدعوى وأورد الأسباب التي استند إليها الطاعن بطلب بطلان حكم المحكمة ثم عرض لتلك الأسباب ورد عليها وانتهى إلى أنها ليست من الحالات التي نصت عليها المادة 512 على سبيل الحصر لرفع دعوى البطلان فإن النعي عليه بالقصور في هذا الخصوص يكون على غير أساس هذا ولئن أوجبت المادة 501 من قانون المرافعات أن تتضمن مشارطة التحكيم تعييناً لموضوع النزاع حتى تتحدد ولاية المحكمين ويتسنى رقابة مدى التزامهم حدود ولايتهم فإن المشرع أجاز أيضاً في هذه المادة أن يتم ذلك التحديد أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم. لما كان ذلك، وكان البين من حكم المحكمة أن مشارطة التحكيم بعد أن حددت بعض أوجه النزاع المتفق على عرضه على هيئة التحكيم ورد بها تفويض المحكمة حسم النزاعات القائمة بين الطرف الأول الطاعن وبين باقي الأطراف، وأن أطراف النزاع حددوا طلباتهم في مواجهة الآخر والتزم ذلك الحكم في قضائه حدود تلك الطلبات وهو يستقيم في معناه مع العبارة التي وردت لمشارطة التحكيم والتي تشير إلى أن الهدف منها هو حسم النزاع الدائر بين الطاعن وبين المطعون ضدهم في الأنزعه التي ترافعوا فيها أمام هيئة التحكيم. لما كان ما تقدم، فإن ما يثيره الطاعن من بطلان حكم المحكمة لعدم تحديد موضوع النزاع في وثيقة التحكيم لا يكون مستنداً إلى أساس قانوني سليم ولا يعد إغفال الحكم المطعون فيه الرد عليه قصوراً مبطل له.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


عدم دستورية المغايرة بين الكنيسة والمسجد رغم كون كل منهما دار عبادة مخصصة لممارسة الشعائر الدينية (الأوقاف القبطية)

القضية رقم 162 لسنة 21 ق " دستورية " جلسة 7 / 3 / 2004

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 7 مارس سنة 2004 م ، الموافق 16 من المحرم سنة 1425 هـ .

برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى         رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وعبد الوهاب عبد الرازق ومحمد عبد العزيز الشناوي والدكتور عادل عمر شريف.

وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما      رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن         أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 162 لسنة 21 ق " دستورية

 

                                       المقامة من 

قداسة البابا شنودة الثالث ــ بابا الاسكندرية و بطريرك الكرازة المرقسية . 

بصفته رئيس مجلس إدارة هيئة اوقاف الاقباط الارثوذكس .

ضد

1 السيد رئيس الجمهورية

2 السيد رئيس مجلس الوزراء

3 السيد رئيس مجلس الشعب

4 السيد وزير العدل

5 السيدة رئيس الإدارة المركزية لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق

6 السيد أمين عام مكتب شمال القاهرة للشهر العقاري والتوثيق

7 السيد رئيس مأمورية الشهر العقاري لروض الفرج

8 السيد المهندس / ميلاد جرجس سليمان المليح

9 قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بصفته الممثل القانوني لمجمع خدمات كنيسة السيدة العذراء بأرض الجولف قسم مدينة نصر بالقاهرة

الإجراءات

بتاريخ السادس من سبتمبر سنة 1999 أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (11) من القانون رقم 48 لسنة 1947 بأحكام الوقف .

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها .

وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .

ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .

حيث أن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 813 لسنة 1998 أحوال شخصية كلى شمال القاهرة أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد المدعى عليهم من الرابع إلى التاسع ببطلان عقد الرجوع في الوقف الخيرى المشهر برقم 435 لسنة 1998 وإلغاء ومحو هذا الشهر ، على سند من أنه بموجب عقد مشهر برقم 2502 لسنة 1998 شهر عقاري شمال القاهرة أوقف المدعى عليه الثامن العقار رقم 9 شارع السالمى سابقاً وحالياً 12 عوايد شارع جنينة الحجار شياخة جزيرة بدران قسم روض الفرج وقفاً خيرياً مؤبداً على مجمع خدمات كنيسة السيدة العذراء مريم بأرض الجولف مع احتفاظه بحق المنفعة طوال حياته إلا أنه بتاريخ 12/1/1998 حصل الواقف على موافقة قداسة البابا على الرجوع في الوقف المذكور وأشهر هذا العقد برقم 435 لسنة 1998 شهر عقاري شمال القاهرة بتاريخ 2/2/1998 ، وقد أسس المدعى دعواه على أن الوقف الخيرى محل التداعي موقوف على دار عبادة ومن ثم لا يجوز العدول عنه ، وبجلسة 27/2/1999 قضت المحكمة برفض الدعوى ، وإذ لم يرتض المدعى بهذا الحكم فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 372 لسنة 3 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة ، وأثناء نظره دفع بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (11) من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 ، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت للمدعى بإقامة دعواه الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة .

وحيث إن المادة (11) من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف تنص على أن :- " للواقف أن يرجع في وقفه كله أو بعضه ، كما يجوز له أن يغير في مصارفه وشروطه ولو حرم نفسه من ذلك ، على ألا ينفذ التغيير إلا في حدود هذا القانون .

ولا يجوز له الرجوع ولا التغيير فيما وقفه قبل العمل بهذا القانون ....

ولا يجوز الرجوع ولا التغيير في وقف المسجد ابتداء ولا فيما وقف عليه ابتداء ولا يصح الرجوع أو التغيير إلا إذا كان صريحاً " .

وينعى المدعى على النص الطعين أنه حظر الرجوع في الوقف بالنسبة للمسجد دون باقي دور العبادة الأخرى المعترف بها في مصر بحيث يحق لمن أوقف مالاً على كنيسة أن يرجع في وقفه بعد أن يكون هذا المال قد خرج من ملكه إلى حكم ملك الله تعالى ، الأمر الذى يشكل مساساً بحرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية فضلاً عن إخلاله بالمساواة بين دور العبادة ، وإهداره لحق الملكية وذلك كله بالمخالفة لأحكام المواد (29 ، 34 ، 40 ، 46 ، 65 ، 68 ، 165 ) من الدستور .

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها اتصالها عقلاً بالمصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي ، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها ، وكان النزاع الموضوعي يدور حول مدى جواز رجوع الواقف فيما وقفه على مجمع خدمات كنيسة السيدة العذراء مريم بأرض الجولف ، وذلك في ضوء ما قرره المدعى من أن هذا المجمع ملك لتلك الكنيسة ولا ينفصل عنها ، وليست له ذمة مالية مستقلة وأنهما يمثلان شخصاً اعتبارياً واحداً ، وأن ريع الوقف على هذا المجمع يعود إلى الكنيسة ذاتها التي يمثلها البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ، وأن نشاط هذا المجمع يدخل ضمن أنشطة الكنيسة الخيرية ، ومن ثم تتحقق مصلحة المدعى في الطعن على نص الفقرة الثالثة من المادة (11) من قانون أحكام الوقف متحققة باعتبار أن التكييف الحقيقي لطلباته والذى يتحدد به نطاق الدعوى الماثلة ، هو الحكم بعدم دستورية النص المذكور فيما تضمنه من حظر الرجوع أو التغيير في وقف المسجد ابتداء أو فيما وقف عليه ابتداء دون مساواة الكنيسة بالمسجد في هذا الحكم .

وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون رددته الدساتير المصرية جميعها بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها ، وأساساً للعدل والسلام الاجتماعي ، غايته صون الحقوق والحريات في مواجهة صور التمييز التي تنال منها ، أو تقيد ممارستها ، وباعتباره وسيلة لتقرير الحماية المتكافئة للحقوق جميعها ، إلا أن مجال إعماله لا يقتصر على ما كفله الدستور من حريات وحقوق وواجبات ، بل يمتد فوق ذلك إلى تلك التي يقدرها المشرع . وإذا كانت صور التمييز المجافية للدستور يتعذر حصرها إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور أو القانون ، سواء بإنكار أصل وجودها ، أو تعطيل أو انتقاص آثارها ، بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين قانوناً للانتفاع بها .

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة ، أن مناط دستورية أي تنظيم تشريعي ألا تنفصل نصوصه أو تتخلف عن أهدافها ، ومن ثم فإذا قام التماثل في المراكز القانونية التي تنتظم بعض فئات المواطنين وتساووا بالتالي في العناصر التي تكونها ، استلزم ذلك وحدة القاعدة القانونية التي ينبغي أن تنتظمهم ، ولازم ذلك ، أن المشرع عليه أن يتدخل دوماً بأدواته لتحقيق المساواة بين ذوى المراكز القانونية المتماثلة ، أو لمداركة ما فاته في هذا الشأن .

وحيث إنه تطبيقاً لما تقدم فإن قانون أحكام الوقف رقم 48 لسنة 1946 وقد حظر بموجب النص المطعون عليه الرجوع أو التغيير في وقف المسجد ابتداء أو فيما وقف عليه ابتداء دون إضافة الكنيسة لهذا الحكم رغم تساويها مع المسجد في كون كل منهما دار عبادة مخصصة لممارسة الشعائر الدينية ، فإنه من ثم يكون قد أقام في هذا المجال تفرقة غير مبررة مخالفاً بذلك مبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة (40) من الدستور .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (11) من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف فيما تضمنه من قصر حظر الرجوع أو التغيير في وقف المسجد ابتداء أو فيما وقف عليه ابتداء دون الكنيسة ، وألزمت الحكومة المصروفات ، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة

دستورية امتداد التأميم إلى الجمعيات والمؤسسات الخاصة ذات النفع العام

القضية رقم 30 لسنة 2 ق " دستورية " جلسة 5 / 2 / 1983

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة في يوم السبت 5 من فبراير سنة 1983م ، الموافق 22 من ربيع الآخر سنة 1403 هـ  .

المؤلفة برياسة السيد المستشار / فاروق سيف النصر   رئيس المحكمة

وحضور السادة المستشارين : د . فتحي عبد الصبور ومصطفى جميل مرسى وممدوح مصطفى حسن ومحمد عبد الخالق النادي ورابح لطفي جمعة وفوزي أسعد مرقس  أعضاء

وحضور السيد المستشار / محمد كمال محفوظ      المفوض

وحضور السيد / أحمد على فضل الله        أمين السر

أصدرت الحكم الآتى :

في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا

برقم 30 لسنة 2 القضائية " دستورية "

المرفوعة من :

السيد رئيس مجلس إدارة جماعة الإصلاح الإسلامي

ضد

1 -  السيد رئيس الجمهورية

2 -  السيد الدكتور وزير الصحة

 

الإجراءات

بتاريخ 4 نوفمبر سنة 1980 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبًا الحكم بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 135 لسنة 1964 في شأن تنظيم المؤسسات العلاجية .

وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليًا بعدم قبول الدعوى واحتياطيًا برفضها .

وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريرًا أبدت فيه الرأي برفضها .

ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، حيث التزمت هيئة المفوضين رأيها، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

 

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة .

حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعى بصفته كان قد أقام الدعوى رقم 1523 لسنة 30 ق أمام محكمة القضاء الإداري طالبًا الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 135 لسنة 1964 في شأن تنظيم المؤسسات العلاجية ، وذلك فيما تضمنه من تأميم مستشفى جماعة التعاون الإسلامي الكائنة بمبنى مسجد نفق شبرا وتسليمها للجماعة التي يرأسها وأثناء نظر الدعوى دفع المدعى بعدم دستورية القرار بقانون المشار إليه، فقضت المحكمة في 5 أغسطس سنة 1980 بوقف الدعوى وأمهلت المدعى ثلاثة شهور لرفع دعواه الدستورية ، فأقام الدعوى الماثلة .

وحيث إن الحكومة دفعت بعدم قبول الدعوى استنادًا إلى أن المدعى لم يحدد في صحيفتها أوجه المخالفة الدستورية التي ينعاها على القرار بقانون المطعون فيه خروجًا على ما توجبه المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا .

وحيث إنه يبين من صحيفة الدعوى أن المدعى أفصح فيها عما ارتآه من أوجه مخالفة القرار بقانون رقم 135 لسنة 1964 للدستور قولاً من أن هذا القرار إذا كان قد صدر من رئيس الجمهورية في غيبة المجلس النيابي في ظل دستور سنة 1958 استنادًا إلى نص المادة (53) منه ولم تتوافر في شأنه الشروط المنصوص عليها في تلك المادة ، أو كان قد صدر منه حال انعقاد ذلك المجلس وبدون تفويض تشريعي معقود له بنص في الدستور يجيز له إصدار قرارات لها قوة القانون، فإنه يكون في الحالين قد جاء مخالفًا للدستور كما أن هذا القرار يكون قد انطوى – فيما قضى به من تأميم لمستشفى الجماعة التي يرأسها على اعتداء على الملكية الخاصة التي كفلت المادة الخامسة من الدستور صونها وحمايتها . لما كان ذلك، وكانت المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 إذ أوجبت أنه يتضمن القرار الصادر بالإحاطة إلى المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة ، إنما تطلبت – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ذكر هذه البيانات الجوهرية التي تنبئ عن جدية الدعوى الدستورية ويتحدد به موضوعها حتى يتاح لذوى الشأن فيها ومن بينهم الحكومة أن يتبينوا كافة جوانبها، ويتمكنوا من إبداء ملاحظاتهم ورد ودهم عليها بحيث تتولى هيئة المفوضين تحضير الموضوع وتحديد المسائل الدستورية والقانونية المثارة وتبدى فيها رأيها مسببًا، وكان ما أو رده المدعى في صحيفة دعواه من بيان للنص الدستوري المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة الشكلية والموضوعية في شأنه على النحو السالف بيانه – إنما يتحقق به ما تغياه المشرع في المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، فإن الدفع بعدم قبول الدعوى يكون في غير محله متعينًا رفضه .

وحيث إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية .

وحيث إن المدعى ينعى على القرار بقانون رقم 135 لسنة 1964 مخالفته للدستور استنادًا إلى سببين حاصل أولهما أن هذا القرار كان صادرًا من رئيس الجمهورية في غيبة مجلس الأمة استنادًا إلى نص المادة (53) من دستور سنة 1958 التي كانت تجيز لرئيس الجمهورية إذا دعت الضرورة – إصدار التشريعات في غيبة المجلس وفق شروط وضوابط نصت عليها تلك المادة لا تتوافر في القرار بقانون المطعون فيه الذى لم يتم عرضه على أول مجلس نيابي ان عقد بعد ذلك لإقراره فسقط ما له من قوة القانون، أو كان صادرًا من رئيس الجمهورية حال انعقاد مجلس الأمة في ظل دستور سنة 1958 دون ما سند من نص فيه يجيز للمجلس صاحب الاختصاص الأصيل بالتشريع تفويض إياه في إصدار قرارات لها قوة القانون، فإنه يكون مخالفًا للمادة (53) من دستور سنة 1958 ومجانبًا الحدود الدستورية المقررة في شأن سلطة رئيس الجمهورية الاستثنائية في إصدار قرارات لها قوة القانون .

حيث إن القرار بقانون رقم 135 لسنة 1964 المطعون فيه صدر من رئيس الجمهورية في 22 مارس سنة 1964 في ظل الدستور المؤقت الصادر في 5 مارس سنة 1958، والإعلان الدستوري الصادر في 27 سبتمبر سنة 1962.

وحيث إنه يبين من الإعلان الدستوري الصادر في 27 سبتمبر سنة 1962 بشأن التنظيم السياسي لسلطات الدولة العليا أنه تضمنه في الأبواب الأربعة الأولى منه تحديد السلطات العليا في الدولة مسندًا إياها إلى كل من رئيس الدولة ومجلس الرياسة والمجلس التنفيذي ، ومبينًا اختصاصات كل من هذه السلطات بما يغاير الأوضاع المقابلة لذلك في دستور سنة 1958 في خصوص نظام الحكم، وقد نصت المادة الثالثة من الإعلان الدستوري المشار إليه على أن " يتولى رئيس الجمهورية إصدار المعاهدات والقوانين والقرارات التي يوافق عليها مجلس الرئاسة " كما نصت المادة العشرون على بقاء أحكام دستور سنة 1958 سارية فيما لا يتعارض مع أحكام هذا الإعلان حتى يتم وضع الدستور النهائي للدولة ، وهكذا حل مجلس الرياسة مؤقتًا محل مجلس الأمة الذى كان منصوصًا عليه في دستور سنة 1958 وانتقلت إليه ولاية التشريع كاملة كي يتولاها كما يتولاها مجلس الأمة صاحب الاختصاص الأصيل بممارستها، فيكون له كافة سلطاته في مجال التشريع، وذلك أثناء فترة الانتقال التي بدأت من تاريخ نفاذ هذا الإعلان الدستوري في 27 سبتمبر سنة 1962 وانتهت في 25 مارس سنة 1964 تاريخ العمل بدستور سنة 1964 . ومقتضى ذلك أن ما يصدر عن رئيس الجمهورية من قوانين وافق عليها مجلس الرياسة – أثناء هذه الفترة – يعتبر قانونًا بالمعنى الكامل ولا موجب لعرضه على المجلس النيابي عند عودة الحياة النيابية ، كما أن نص المادة (53) من دستور سنة 1958 الذى يخول رئيس الجمهورية إصدار أي تشريع أو قرار مما يدخل في اختصاص مجلس الأمة إذا دعت الضرورة لاتخاذه في غيبة المجلس يكون قد بطل العمل به في خلال تلك الفترة إعمالاً لنص المادة العشرين من الإعلان الدستوري سالف الذكر .

لما كان ذلك، وكان البين من ديباجة القرار بقانون رقم 135 لسنة 1964 أنه صدر من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس الرئاسة استنادًا إلى الإعلان الدستوري الصادر في 27 سبتمبر سنة 1962، فإنه يكون قد استوفى الشكل الدستوري للقوانين، ومن ثم يكون ما ينعاه المدعى بهذا السبب في غير محله .

وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن القرار بقانون رقم 135 لسنة 1964 قد انطوى – فيما قضى به من تأميم مستشفى جماعة التعاون الإسلامي – على اعتداء على الملكية الخاصة وهي مصونة لا يجوز المساس بها طبقًا للمادة الخامسة من دستور سنة 1958 الذى صدر في ظله، ذلك أن هذا الدستور لم يتضمن نصًا على مبدأ التأميم وأن المستشفى المؤممة لا تعدو أن تكون مشروعًا خيريًا ينأى بطبيعته عن مجال التأميم الذى لا يرد إلا على ما يعد من المشروعات الاقتصادية ، كما أن مناطه توافر المصلحة العامة في حين أن المستشفى المشار إليها لم تسهم – بعد تأميمها – بأي دور في تحسين الخدمة العلاجية والصحية وإنما تحولت إلى مخازن ومكاتب لموظفي المنطقة الطبية التابعة للمؤسسة العلاجية بما تتسنى معه اعتبارات الصالح العام التي استهدفها التأميم .

وحيث إن نطاق الطعن على هذا النحو يكون قد تحدد من الناحية الموضوعية في النعي بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الأولى من القرار بقانون رقم 135 لسنة 1964 بشأن تنظيم المؤسسات العلاجية فيما قضت به من تأميم مستشفى جماعة التعاون الإسلامي المبينة بالكشف المرفق بهذا القانون.

وحيث إن التأميم يقوم على نقل ملكية مشروعات خاصة من مجال الملكية الخاصة إلى مجال الملكية الجماعية أي ملكية الشعب – تحقيقًا لضرورات اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية – بقصد إبعادها عن الإدارة الفردية واستغلالها حساب المصلحة العليا للجماعة وذلك مقابل تعويض يؤدى لأصحابها . وليس بالضرورة أن ينصب التأميم على المشروعات الاقتصادية فحسب إذ قد يمتد إلى الجمعيات والمؤسسات الخاصة ذات النفع العام متى رأى المشرع في قانون التأميم أن الصالح العام يقتضى إبعادها عن الإدارة الخاصة وتأميمها وفاء لهذه الضرورات .

وحيث إنه وإن كان المشرع الدستوري لم يضمن الدستور المؤقت الصادر سنة 1958 نصًا خاصًا في شأن مبدأ التأميم إلا أن هذا المبدأ يجد سنده في النص العام الذى ورد في المادة الخامسة من هذا الدستور التي تقضي بأن " الملكية الخاصة مصونة وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل وفقًا للقانون " – مما مقتضاه جواز تقييد حق الملكية الخاصة نزولاً على مقتضيات الصالح العام باعتبارها وظيفة اجتماعية ينظم القانون أداءها في خدمة الجماعة بأسرها . وهو ما ردده دستور سنة 1971 في المادة (32) منه التي جعلت الملكية الخاصة وظيفة اجتماعية ، وقضت بأن يكون استخدامها بما لا يتعارض مع الخير العام للشعب وفى المادة (34) التي نصت على أن الملكية الخاصة مصونة ..... ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقًا للقانون، وما اكده ذلك الدستور في المادة (35) من أنه " لا يجوز التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام وبقانون ومقابل تعويض " .

وحيث إن القرار بقانون رقم 135 لسنة 1964 بشأن تنظيم المؤسسات العلاجية بعد أن نص في الفقرة الأولى من المادة الأولى منه على أن تؤول إلى الدولة ملكية المستشفيات المبينة في الكشف المرفق به ومن بينها مستشفى جماعة التعاون الإسلامي ، حرص في مادته الخامسة على النص على استحقاق أصحاب المستشفيات المؤممة التعويض عن هذا التأميم كما أفصح المشرع في المذكرة الإيضاحية للقانون عن مقاصده واعتبارات الصالح العام التي تغياها من إصداره فأشار إلى أن الهدف من التأميم هو منع السيطرة والاستغلال اللذين يسودان قطاع المؤسسات العلاجية الخاصة مما اقتضى تدخل الدولة حماية للمواطنين بإعادة المستشفيات المؤممة لخدمتهم متجردة من سوء الإدارة والاستغلال. لما كان ذلك، فإن القرار بقانون المطعون فيه يكون فيما تضمنه من تأميم مستشفى جماعة التعاون الإسلامي قد جاء مستوفيًا لشرائط التأميم المنصوص عليها في المادة (35) من الدستور وصدر متفقًا مع أحكامها، ومن ثم فلا يكون منطويًا على اعتداء على الملكية الخاصة التي كفل الدستور صونها وحمايتها بحسبانها وظيفة اجتماعية ينظم القانون أداءها في خدمة الجماعة . ولا ينال من ذلك ما أثاره المدعى بشأن الإجراءات التنفيذية اللاحقة على صدور قانون التأميم بزعم أنها حولت المستشفى المؤممة إلى مخازن ومكاتب للجهة الإدارية المشرفة عليها، ذلك أن هذا الطعن – أيًا كان وجه الرأي فيه – لا يعدو أن يكون نعيًا على كيفية تطبيق قانون التأميم وإجراءات تنفيذه، ولا يشكل عيبًا دستوريًا يوصم به هذا القانون وتمتد إليه رقابة هذه المحكمة ، ومن ثم يكون النعى عليه بهذا السبب بدوره غير سديد .

لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه المدعى على القرار بقانون رقم 135 لسنة 1964 من مخالفته للدستور سواء من الناحية الشكلية أو من الناحية الموضوعية ، لا يقوم على أساس، الأمر الذى يتعين معه رفض الدعوى .

لهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ ثلاثون جنيهًا مقابل أتعاب المحاماه .