الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 20 يوليو 2020

تصنيع اللافتات والإعلانات، يدخل في عداد خدمات التشغيل للغير


الدعوى رقم 6 لسنة 38 ق "منازعة تنفيذ" جلسة 6/6/ 2020
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يونيه سنة 2020، الموافق الرابع عشر من شوال سنة 1441 هـ.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو    رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبدالعليم أبو العطا                         نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / طارق عبد المطلب البحيري    رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع            أمين السر


أصدرت الحكم الآتى
      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 6 لسنة 38 قضائية "منازعة تنفيذ".


المقامة من
حسين محمد محمد درويش
ضد
1 – رئيس الجمهورية
2 – وزير العـــــــــــــــــــــــــــــدل
3 – وزير الماليــــــــــــــــــــــــــة
4 – النائب العـــــــــام

5 – المحامى العام لنيابات غرب الإسكندرية
6 – وزير الداخليـــــــة
الإجراءات
     بتاريخ الرابع عشر من فبراير سنة 2016، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، أولاً: وقف تنفيذ الأحكام الصادرة بإدانته، في الجنحة رقم 4388 لسنة 2014 جنح كرموز، واستئنافها رقم 20948 لسنة 2015 جنح مستأنف غرب الإسكندرية. ثانيًا: بعدم الاعتداد بالأحكام المشار إليها، باعتبارها تشكل عقبة مادية وعائقًا يحول دون تنفيذ مقتضى أحكام المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية أرقام 113 لسنة 28 قضائية، و195 لسنة 27 قضائية، و232 لسنة 26 قضائية، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
      وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
            وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
            ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمـــــة
            بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
      حيث إن الوقائع تتحصل – حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعى إلى المحاكمة الجنائية في الجنحة رقم 4388 لسنة 2014 جنح كرموز، بوصف أنه خلال الفترة من شهر مارس سنة 1997، وحتى ديسمبر سنة 2000، بدائرة قسم كرموز، تهرب من أداء الضريبة العامة على المبيعات، بأن قام ببيع سلعة دون الإقرار عنها وسداد الضريبة، وطلبت عقابه بالمواد (1، 2، 18، 43، 44/2) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وبجلسة 9/12/2014، قضت المحكمة غيابيًّا بحبس المتهم شهرًا مع الشغل وكفالة عشرة آلاف جنيه وإلزامه بالضريبة والضريبة الإضافية، فضلاً عن إلزامه بأن يؤدى للمدعى بالحق المدنى مبلغ 51 جنيهًا على سبيل التعويض المؤقـــــت. عارض المدعى في هذا القضاء، وبجلسة 16/6/2015، قضت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً، وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه، فاستأنف المدعى هذا الحكم، بالاستئناف رقم 20948 لسنة 2015 جنح مستأنف غرب الإسكندرية، وبجلسة 10/9/2015، قضت المحكمة غيابيًّا بسقوط الحق في الاستئناف، عارض المدعى استئنافيًّا في هذا الحكم، وبجلسة 14/12/2015، قضت المحكمة باعتبار المعارضة الاستئنافية كأن لم تكن، فعارض المدعى في هذا الحكم مرة أخرى، وبجلسة 18/1/2016، قضى غيابيًّا بعدم جواز المعارضة، فطعن على هذا الحكم، أمام محكمة استئناف القاهرة – دائرة نقض الجنح – بالطعن رقم 356 لسنة 7 قضائية، وقضى فيه بجلسة 9/12/2018، في غرفة مشورة، بسقوط الطعن. وإذ ارتأى المدعى أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 4388 لسنة 2014 جنح كرموز، والحكم الصادر في الدعوى رقم 20948 لسنة 2015 جنح مستأنف غرب الإسكندرية، يعدان عقبة في تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا الصادرة بجلسة 13/11/2011، في الدعوى رقم 113 لسنة 28 قضائية "دستورية"، وبجلسة 4/3/2012، في الدعوى رقم 195 لسنة 27 قضائية "دستورية"، وبجلسة 15/4/2007، في الدعوى رقم 232 لسنة 26 قضائية "دستورية"، أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قوامها أن التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونيـة هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعــة التى تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المــادة (50) من قانونهـا الصــادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها، في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمـور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بجلسة 13/11/2011 في الدعوى رقم 113 لسنة 28 قضائية "دستورية" :
أولاً : بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانـون رقم 11 لسنة 1991، قبل تعديله بالقانون رقم 9 لسنة 2005، فيما تضمنه من تخويل وزير المالية سلطة مد المدة التى يجوز فيها لمصلحة الضرائب تعديل الإقرار المقدم من المسجل. ثانيًا : بسقوط قرارى وزير المالية رقمى 231 لسنة 1991 و143 لسنة 1992. وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 47 (مكرر) بتاريخ 27/11/2011.

وحيث إنه إعمالاً لحجية الحكم المشار إليه، قضت هذه المحكمة بجلسة 4/3/2012، باعتبار الخصومة منتهية في الدعوى رقم 195 لسنة 27 قضائية "دستورية"، التى أقيمت طعنًا على دستورية النص التشريعي ذاته محل الدعوى الأولى.
وحيث إنه بشأن ما ارتآه المدعى من أن الحكم الصادر بإدانته في الجنحة المشار إليها – الذى صار باتًا باستنفاد طرق الطعن فيه بالاستئناف وبطريق النقض – يُعد عقبة في تنفيذ الحكمين الصادرين في الدعويين الدستوريتين المشار إليهما، فمردود بأن الحكم الصادر بإدانة المدعى لم يعول على ما يدعيه من تعديل مصلحة الضرائب على المبيعات الإقرارات المقدمة منه ومن آخرين، عن النشاط محل المحاسبة خلال الفترة من مارس سنة 1997 وحتى ديسمبر سنة 2000، بانقضاء مدة الستين يومًا من تقديم تلك الإقرارات، وإنما تساند في ثبوت جريمة التهرب الضريبي إلى ما ورد بمحضر إدارة مكافحة التهرب الضريبي بوزارة المالية، من قيام المدعى بممارسة نشاط تصنيع لافتات الدعاية والإعلان، دون الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة، وهــــو ما استخلصت منه المحكمة، تعمــــد المتهــــم – المدعى - التهرب من أداء الضريبة المستحقة على نشاط الشركة، ومن ثم يكون الحكم الصادر بإدانة المدعى منبت الصلة بنص الفقرة الثالثة من المادة (17) من قانون الضريبة العامة على المبيعات، الذى قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته بحكمها الصادر في الدعوى رقم 113 لسنة 28 قضائية "دستورية"، وإعمالاً لحجيته، قضت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية في الدعـوى رقم 195 لسنة 27 قضائية "دستورية". وعلى ذلك، فإن الحكم الصادر بإدانة المدعى في الدعوى رقم 4388 لسنة 2014 جنح كرموز، واستئنافها رقم 20948 لسنة 2015 جنح مستأنف غرب الإسكندرية لا يُعدان عقبة في تنفيذ حكمى المحكمة الدستورية العليا في الدعويين الدستوريتين سالفتى الذكر، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها.



      وحيث إنه بشأن حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 15/4/2007، في الدعوى رقم 232 لسنة 26 قضائية "دستورية"، والقاضي :
أولاً :       بعدم دستورية عبارة " خدمات التشغيل للغير " الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997 .
ثانيًا : بعدم دستورية صدر المادة (2) من القانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير بعض أحكـام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 والذى ينص على أنه " مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانون ".
ثالثًا : رفض ما عدا ذلك من الطلبات.



وحيث إن الثابت بالأوراق، أن نشاط المدعى عن فترة المحاسبة الضريبية من مارس سنة 1997 وحتى ديسمبر سنة 2000، حسبما جاء بمذكرة مصلحة الضرائب، هو تصنيع اللافتات والإعلانات، وهو ما يدخل في عداد خدمات التشغيل للغير، وفقًا لنص المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 2002 بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، التى نصت على أن " تفسر عبارة "خدمات التشغيل للغير" الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، بأنها الخدمات التى تؤدى للغير باستخدام أصول أو معدات مورد الخدمة المملوكة له أو للغير .....، وخدمات إنتاج وإعداد مواد الدعاية والإعلان، وخدمات استغلال الأماكن المجهزة ". متى كان ما تقدم، وكان الحكم الصادر ضد المدعى في الدعوى رقم 4388 لسنة 2014 جنح كرموز، واستئنافها رقم 20948 لسنة 2015 جنح مستأنف غرب الإسكندرية، يكون قد طبق في شأن نشاط المدعى، عبارة "خدمات التشغيل للغير"، خلال فترة المحاسبة موضوع التداعى، مفترضًا سريان الضريبة العامة على المبيعات على خدمات التشغيل للغير، التى تقوم بها المنشأة الخاضعة للضريبة، من تاريخ إخضاعها طبقًا للجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 بإصدار قانون الضريبة العامة على المبيعات، دون إعمال أثر حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 232 لسنة 26 قضائية "دستورية" المار بيانه، ومن ثم يكون حكم محكمة جنح مستأنف غرب الإسكندرية الصادر في الدعوى رقم 20948 لسنة 2015 جنح مستأنف، المؤيد بقـــرار محكمة استئناف القاهرة – في غرفة مشورة – سالف البيان، عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا، الآنف البيان؛ إذ لم تتقيد تلك المحكمة بالحجية المطلقة لقضاء المحكمة الدستورية العليا، والملزم لكافة سلطات الدولة، بما فيها المحاكم بجميع أنواعها ودرجاتها، إعمالاً لنص المادة (195) من الدستور والمادتين (48، 49) من قانون هذه المحكمة، مما يتعين معه القضاء بإزالة تلك العقبة والقضاء بعدم الاعتداد بها.

وحيث إنه عن الطلب المستعجل، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع المعروض، وإذ تهيأت هذه المنازعة للفصل في موضوعها، بما مؤداه أن تولى المحكمة الدستورية العليا – طبقًا لنص المادة (50) من قانونها – اختصاص البت في هذا الطلب يكون، على ما جرى به قضاؤها، قد بات غير ذى موضوع.

فلهـــذه الأسبــاب

            حكمت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 15/4/2007، في الدعوى رقم 232 لسنة 26 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بحكم محكمة جنح كرموز في الدعوى رقم 4388 لسنة 2014 جنح كرموز، المؤيد بحكم محكمة جنح مستأنف غرب الإسكندرية في الدعوى رقم 20948 لسنة 2015 جنح مستأنف غرب، وبقرار محكمة استئناف القاهرة – دائرة نقض الجنح – الصادر بجلسة 9/12/2018، في غرفة مشورة، في الطعن رقم 356 لسنة 7 قضائية، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

عدم دستورية تحديد ميعاد لسقوط الحق في حساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين غير المؤهلين.


الدعوى رقم 114 لسنة 38 ق "دستورية" جلسة 6/6/ 2020
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يونيه سنة 2020، الموافق الرابع عشر من شوال سنة 1441 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا      نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / طارق عبد المطلب البحيري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع   أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 114 لسنة 38 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية بالشرقية، بحكمها الصادر بجلسة 31/5/2016، ملف الدعوى رقم 9725 لسنة 1 قضائية.
المقامة من
محمد محمود على إمام شعبان
ضــــد
1- وكيل أول وزارة التربية والتعليم بالشرقية
2- محافظ الشرقية
الإجـراءات
بتاريخ السادس من نوفمبر سنة 2016، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الدعـوى المقيدة بجـدول المحكمة الإداريـة بالشرقية برقم 9725 لسنة 1 قضائية، بعد أن قضت تلك المحكمة بجلسة 31/5/2016، بوقف الفصل في الدعوى، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية عبارة " وإلا سقط حقه نهائيًّا في حساب هذه المدة " الواردة بالمادة الخامسة من قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5548 لسنة 1983 بشأن قواعد حساب مدة الخبرة العملية عند التعيين للعاملين غير المؤهلين، والمعدلة بقراره رقم 33 لسنة 1985 ببعض الأحكام الخاصة بحساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين غير المؤهلين.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
      حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – في أن المدعى كان قد أقام الدعوى، التي أُعيد قيدها، برقم 9725 لسنة 1 قضائية، أمام المحكمة الإدارية بالشرقية، طالبًا الحكم بأحقيته في ضم مدة خبرته العملية التي قضاها برئاسة مركز ومدينة منيا القمح كمدة خدمة فعلية، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، قولاً منه إنه كان يشغل وظيفة عامل خدمات معاونة بالوحدة المحلية لمركز ومدينة منيا القمح بمحافظة الشرقية اعتبارًا من 17/8/1983، حتى أُنهيت خدمته اعتبارًا من 10/3/1996، تاريخ تسلمه العمل بمديرية التربية والتعليم بالشرقية، بعد تعيينه بها اعتبارًا من 26/2/1996، بوظيفة عامل خدمات معاونة بالدرجة السادسة، بموجب القرار رقم 9282 لسنة 1996، وأنه قد تقدم بطلب إلى الجهة الإدارية لضم المدة التي عمل خلالها بالوحدة المحلية لمركز ومدينة منيا القمح، السالف بيانها، إلى مدة خدمته الحالية، إلا أن طلبه رُفض، على سند من أن المدعى لم يذكر مدة خبرته العملية السابقة في الاستمارة الخاصة بذلك عند تقديم مسوغات تعيينه بمديرية التربية والتعليم بالشرقية. وإذ تراءى لمحكمة الموضوع أن عبارة " وإلا سقط حقه نهائيًّا في حساب هذه المدة " الواردة بالفقرة الثانية من المادة الخامسة من قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5548 لسنة 1983 بشأن قواعد حساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين غير المؤهلين، المضافة بقراره رقم 33 لسنة 1985 ببعض الأحكام الخاصة بحساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين غير المؤهلين، إنما تنطوي على شبهة عدم دستورية، لإخلالها بالحق في العمل، ومجاوزتها حدود التفويض الصادر من المشرع بشأن وضع القواعد المنظمة لكيفية حساب مدد الخبرة العملية السابقة على تعيين العاملين غير المؤهلين، ومن ثم قضت تلك المحكمة بوقف الدعوى الموضوعية، وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية عبارة " وإلا سقط حقه نهائيًّا في حساب هذه المدة " الواردة بالمادة الخامسة من قرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5548 لسنة 1983 وفقًا للتعديل الوارد به قراره رقم (33) لسنة 1985، المتعلق بقواعد حساب ضم مدة الخدمة السابقة للعاملين غير المؤهلين.

      وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى المعروضة تأسيسًا على أن الضرر المدعى به لا يعود إلى النص التشريعي المحال، وإنما مرده تطبيق خاطئ للنص، الذى انتظم إجراءات وشروط حساب مدة الخبرة العملية السابقة، وكيفية ضمها إلى مدد الخدمة الحالية.

      وحيث إن هذا الدفع مردود؛ بأن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن مناط المصلحة في الدعوى الدستورية - وهى شرط لقبولها - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطـة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، وأن الدعوى الدستورية وإن كانت تستقل بموضوعها عن الدعوى الموضوعية، باعتبار أن أولاهما تتوخى الفصل في التعارض المدعى به بين نص تشريعي وقاعـدة في الدستور، في حين تطرح ثانيتهما في صورها – الأغلب وقوعًا – الحقوق المدعى بها في نزاع موضوعي يـدور حولها إثباتًا أو نفيًّا، إلا أن هاتين الدعويين لا تنفكان عن بعضهما من زاويتين، أولاهما: أن المصلحة في الدعوى الدستورية مناطها ارتباطها بالمصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثرًا في الطلب الموضوعي المرتبط معها، وثانيتهما: أن يصبح الفصل في الدعوى الموضوعية متوقفًا على الفصل في الدعوى الدستورية. متى كان ذلك، وكان الفصل في النزاع المطروح على محكمة الموضوع، يتعلق بمدى أحقية العامل غير المؤهل في حساب مدة خبرته العملية السابقة على تعيينه إذا لم يكن قد ذكرها في الاستمارة المخصصة لذلك عند تقديمه لمسوغات تعيينه، وذلك على ما ورد بمدونات حكم محكمة الموضوع، ومن ثم فإن حسم المسألة الدستورية يكون لازمًا للفصل في النزاع الموضوعي المرتبط بها مما تتوافر معه المصلحة في الدعوى المعروضة، ويضحى الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة فاقد الأساس، متعينًا الالتفات عنه.
      وحيث إن إلغاء قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار لجنة شئون الخدمة المدنية رقم 2 لسنة 1978، وإلغاء كل حكم يخالف أحكام هذا القانون ولائحته التنفيذيـة المشار إليهما، على ما جرى به نص المادة الثانية من مواد إصدار قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016، المعمول به اعتبارًا من 2/11/2016، إنما يفضى إلى إلغاء النص التشريعي المحال اعتبارًا من تاريخ العمل بقانون الخدمة المدنية، بالنظر إلى أن القانون الأخير قد خلا من النص على قواعد حساب مدة الخبرة العملية عند التعيين للعاملين غير المؤهلين، بيد أن ذلك الإلغاء لا ينال من توافر المصلحة في الدعوى المعروضة؛ إذ المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إلغاء النص التشريعي المطعون فيه لا يحول دون النظر والفصل في الطعن بعدم الدستورية من قبل من طبق عليهم ذلك القانون خلال فترة نفاذه وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم، وبالتالي توافرت لهم مصلحة شخصية في الطعن بعدم دستوريته، ذلك أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية أنها تسرى على الوقائع التي تتم في ظلها، أي خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها، فإذا ألغيت هذه القاعدة وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين القانونيتين، ومن ثم فإن المراكز القانونية التي نشأت وترتبت آثارها في ظل أى من القانونين – القديم أو الجديد – تخضع لحكمه. متى كان ذلك، وكان المدعى في الدعوى الموضوعية، تم تعيينه قبل العمل بأحكام قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016، ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1216 لسنة 2017، ومن ثم، فإن مركزه القانوني قد نشأ وترتبت آثاره في ظل قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، وقرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير التنمية الإدارية رقم 5548 لسنة 1983، المعدل بقراره رقم 33 لسنة 1985، ويكون خاضعًا لنصوص هذا القانون والقرارين الوزاريين المشار إليهما وحدهما، وهو الحكم ذاته الذى التزمه نص المادة (194) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية المار ذكرها.



      وحيث إن المادة (27) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، والمستبدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 تنص على أن " تحتسب مدة الخبرة المكتسبة علميًّا .......،
كما تحتسب مدة الخبرة العملية التي تزيد على مدة الخبرة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة على أساس أن تضاف إلى بداية أجر التعيين عن كل سنة من السنوات الزائدة قيمة علاوة دورية بحد أقصى خمس علاوات من علاوات درجة الوظيفة المعين عليها العامل بشرط أن تكون تلك الخبرة متفقة مع طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها العامل وعلى ألا يسبق زميله المعين في ذات الجهة في وظيفة من نفس الدرجة في التاريخ الفرضي لبداية الخبرة المحسوبة سواء من حيث الأقدمية في درجة الوظيفة أو الأجر.
      ويكون حساب مدة الخبرة الموضحة بالفقرتين السابقتين وفقًا للقواعد التي تضعها لجنة شئون الخدمة المدنية ".
      وحيث إن الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5548 لسنة 1983 بشأن قواعد حساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين غير المؤهلين، المضافة بقراره رقم 33 لسنة 1985 ببعض الأحكام الخاصة بحساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين غير المؤهلين تنص على أنه " وعلى من يعين أو يعاد تعيينه من العاملين غير المؤهلين اعتبارًا من تاريخ العمل بهذا القرار أن يذكر مدة خبرته السابقة في الاستمارة الخاصة بذلك عند تقديم مسوغات تعيينه وذلك دون حاجة إلى تنبيه وإلا سقط حقه نهائيًّا في حساب المدة بالتطبيق لأحكام القرار رقم 5548 لسنة 1983 المشار إليه" .

      وحيث إن المدعى في الدعوى الموضوعية، تم تعيينه بمديرية التربية والتعليم بالشرقية اعتبارًا من 26/2/1996، بعد العمل بقرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5548 لسنة 1983 بشأن قواعد حساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين غير المؤهلين، المعدل بقراره رقم 33 لسنة 1985 ببعض الأحكام الخاصة بحساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين غير المؤهلين، ومن ثم يتحدد نطاق الدعوى المعروضة فيما تضمنته الفقرة الثانية من المادة الخامسة من ذلك القرار من سقوط حق العامل غير المؤهل، نهائيًّا، في حساب مدة خبرته العملية السابقة على تعيينه إذا لم يذكرها في الاستمارة الخاصة بذلك عند تقديم مسوغات تعيينه.

      وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا، أن الأوضاع الشكلية للنصوص التشريعية سواء في ذلك المتعلقة بالشروط التي يفرضها الدستور لمباشرة الاختصاص بإصدارها في غيبة السلطة التشريعية أو بتفويض منها أو ما كان منها متعلقًا باقتراحها أو إقرارها وإصدارها حال انعقاد السلطة التشريعية، إنما يتحدد على ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها. متى كان ذلك، وكان قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5548 لسنة 1983 بشأن قواعد حساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين غير المؤهلين، المعدل بقراره رقم 33 لسنة 1985 ببعض الأحكام الخاصة بحساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين غير المؤهلين، تم نشره بالوقائع المصرية العدد 231 (تابع) بتاريخ 13/10/1985، وعمل به من تاريخ نشره، فمن ثم تكون أحكام الدستور الصادر عام 1971 هي الواجبة التطبيق فيما يتعلق بالأوضاع الشكلية المتطلبة لإصدار القرار المشار إليه.

      وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في اللوائح التنفيذية التي تصدر وفقًا لنص المادة (144) من دستور 1971، أنها تُفصل ما ورد إجمالاً في نصوص القانون بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وأن الغرض من صدور اللائحة التنفيذية للقانون يتعين أن ينحصر في إتمام القانون، أي وضع القواعد والتفاصيــل اللازمة لتنفيذه، مع الإبقاء على حدوده الأصلية بلا أدنى مساس، ودون أن تنطوي على تعديل أو إلغاء لأحكامه، أو أن تضيف إليه أحكامًا تبعده عن روح التشريع، فيجاوز بذلك مُصدرها الاختصاص الدستوري المخول له متعديًّا على السلطة التشريعية. كما أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل أن السلطة التنفيذية لا تتولى التشريع، وإنما يقوم اختصاصها أساسًا على إعمال القوانين، وتنفيذها، غير أنه استثناء من هذا الأصل، وتحقيقًا لتعاون السلطات وتساندها، فقد عهد الدستور إليها في حالات محددة بأعمال تدخل في نطاق الأعمال التشريعية، من ذلك إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، فنصت المادة (144) من دستور 1971 على أن "يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره في إصدارها؛ ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه"، ومن ثم لا يدخل في اختصاصها ذلك توليها ابتداء تنظيم مسائل خلا القانون من بيان الإطار العام الذى يحكمها، وإلا كان ذلك تشريعًا لأحكام جديدة لا يمكن إسنادها إلى القانون، وليست تفصيلاً لأحكام أوردها المشرع في القانون إجمالاً، بما يخرج اللائحة – عندئذ – عن الحدود التي عينها الدستور.



      وحيث إن النص التشريعي المحال – محددًا نطاقه على النحو السالف البيان – استحدث حكمًا يُلزم بمقتضاه من يعين أو يعاد تعيينه، من العاملين غير المؤهلين، ذكر مدة الخبرة العملية السابقة في الاستمارة الخاصة بذلك، عند تقديم مسوغات تعيينه، دون حاجة إلى تنبيه، وإلا سقط حقه نهائيًّا في حسابها، مخالفًا بذلك ما أوجبه نص الفقرة الثانية من المادة (27) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة – بعد استبداله بالقانون رقم 115 لسنة 1983 – من حساب مدة الخبرة العملية التي تزيد على مدة الخبرة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة وفق الشروط والضوابط الواردة في النص السالف البيان، والتي خلت من تحديد ميعاد لسقوط الحق في حساب هذه المدة، الأمر الذى يكون معه النص المحال مجاوزًا حدود التفويض الصادر من المشرع بشأن وضع القواعد المنظمة لكيفية حساب مدة الخبرة العملية السابقة على التعيين للعاملين غير المؤهلين، بما يضحى معه هذا النص مخالفًا لحكم المادة (144) من دستور 1971.



فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية عبارة " وإلا سقط حقه نهائيًّا في حساب هذه المدة " الواردة في الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم 5548 لسنة 1983 بشأن قواعد حساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين غير المؤهلين، المضافة بقراره رقم 33 لسنة 1985 ببعض الأحكام الخاصة بحساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين غير المؤهلين.

عدم دستورية قصر الدليل الذي يُقبل ويكون حجة على المتهم في جريمة الزنا على حالة وجوده في منزل مسلم


الدعوى رقم 248 لسنة 30 ق "دستورية" جلسة 6/6/ 2020
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يونيه سنة 2020، الموافق الرابع عشر من شوال سنة 1441 هـ.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيري طه النجار والدكتور حمدان حسن فهمى ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل
وطارق عبد العليم أبو العطا      نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / طارق عبد المطلب البحيري  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع         أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 248 لسنة 30 قضائية "دستورية".



المقامة من
.....
ضــــد
1- رئيس الجمهوريــة
2- رئيس مجلس الشعـب (مجلس النواب حــــاليًّا)
3- وزيـر العــــــــدل
4- .........



الإجـراءات
بتاريخ الثاني عشر من أكتوبر سنة 2008، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (276) من قانون العقوبات.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.



المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن النيابة العامة كانت قد أسندت إلى كل من .....، والمدعي ، أنهما في يوم 29/3/2008، بدائرة قسم ثان 6 أكتوبر ، المتهمة الأولى : وهي زوجة المدعى عليه الرابع، ارتكبت جريمة الزنا مع المدعى. المتهم الثاني : اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمة الأولى في جريمة الزنا التي وقعت بناءً على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة، وقدمتهما للمحاكمة الجنائية، في الدعوى رقم 4171 لسنة 2008 جنح قسم ثان 6 أكتوبر، وطلبت عقابهما بالمواد (40/2، 41، 273، 274، 275، 276) من قانون العقوبات، على سند من ضبط المدعى حال وجوده بغرفة نوم المتهمة الأولى، الكائنة بمسكن زوجها المدعى عليه الرابع، مسلم الديانة، وفى غيبته. وأثناء نظر الدعوى، دفع المدعى بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (276) من قانون العقوبات، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة.

وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة، بعدم قبول الدعوى، لسابقة حسم المحكمة الدستورية العليا المسألة الدستورية المثارة في الدعوى المعروضة، بحكمها الصادر بجلسة 3 فبراير سنة 1990، برفض الدعوى الدستورية رقم 34 لسنة 10 قضائية، التي أقيمت نعيًا على مخالفة المادة (276) من قانون العقوبات لمبادئ الشريعة الإسلامية، وقد نشر هذا الحكم بالعدد رقم (8) من الجريدة الرسمية بتاريخ 22 فبراير سنة 1990. وقد تأكد هذا القضاء بما قضت به هذه المحكمة بعدم قبول الدعـوى رقــــــم 226 لسنة 26 قضائيـة "دستورية"، بشأن الطعن على دستورية النص ذاته، مستندة في ذلك إلى سبق حسم المسألة الدستورية عينها بالحكم الأول. فإن هذا الدفع مردود بأن فصل هذه المحكمة في دستورية النص المشار إليه إنما اقتصر على بحث مدى اتفاقه ونص المادة الثانية من دستور سنة 1971، بعد تعديلها بتاريخ 22 مايو سنة 1980، فيما استحدثته من جعل مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ، وقد خلصت المحكمة إلى أن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية، لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة على تاريخ هذا التعديل، وإذ كانت المادة (276) من قانون العقوبــات ضمن مواد ذلك القانون، المعمول بأحكامه اعتبارًا من تاريخ 15 أكتوبر سنة 1937، دون أن يطالها التعديل بعد التاريخ المشار إليه، فإن النعي عليها بمخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية يكون في غير محله. بما مؤداه: أن قضاء المحكمة في تلك الدعوى لا يعتبر مطهرًا لذلك النص مما قد يكون عالقًا به من مثالب أخرى، ولا يحول بين كل ذى مصلحة وإعادة طرحه على هذه المحكمة، ويضحى الدفع بعدم قبول الدعوى في غير محله، متعينًا الالتفات عنه.

وحيث إن نص المادة (276) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 – المصوغ في فقرة واحدة – يجرى على أن " الأدلة التي تقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا هي القبض عليه حين تلبسه بالفعل أو اعترافـه أو وجود مكاتيب أو أوراق أخرى مكتوبة منه أو وجوده في منزل مسلم في المحل المخصص للحريم".


وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه إقامته قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس، وتكون حجة على المتهم بالزنا، بما يقيد حرية القاضي الجنائي في تكوين عقيدته، ويخل بحق التقاضي، وحق المتهم في المحاكمة المنصفة، ويهدر مبدأي أصل البراءة وشخصية العقوبة، فضلاً عن إخلاله بمبدأ المساواة، وذلك بالمخالفة لنصوص المواد (40، 41، 66، 67، 68، 69) من دستور سنة 1971، المقابلة لنصوص المواد (4، 53، 54، 95، 96، 97، 98) من الدستور القائم.


وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المدعى قد ضُبِطَ في منزل المدعى عليه الرابع، مسلم الديانة، في غرفة نومه، وهي ضمن مفهوم المحل المخصص للحريم. وكان النص المطعون فيه قد اعتبر ضبط المتهم على هذه الحالة من الأدلة التي تُقبل وتكون حجة على شريك الزوجـــة الزانية، ومن ثم، فإن الفصل في دستورية هذا النص سيكون له أثر مباشر وانعكاس أكيد على موقف المدعى من الاتهام المسند إليه في الدعوى الموضوعية، بما يقيم له مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن عليه. ويتحدد نطاق الدعوى المعروضة في عبارة " وجوده في منزل مسلم في المحل المخصص للحريم"، الواردة بعجز نص المادة (276) من قانون العقوبات، دون سائر أجزاء النص الأخرى.



وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلًا صون هذا الدستور وحمايته من الخروج على أحكامه، لكون نصوصه تمثل القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها، ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. متى كان ذلك، وكانت جملة المناعي التي وجهها المدعى إلى النص المطعون فيه تندرج تحت المطاعن الموضوعية التى تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة موضوعية في الدستور، ومن ثم فإن المحكمة تباشر رقابتها على دستورية النص المطعون فيه، الذي مازال ساريًا ومعمولاً بأحكامه، في ضوء أحكام الدستور الصادر بتاريخ 18/1/2014، باعتباره الوثيقة الدستورية السارية.

وحيث إن الأصل التاريخي للنص المطعون فيه يعود إلى نص الفقرة الثالثة من المادة (338) من قانون العقوبات الفرنسي القديم، الذى حصر الأدلة التي تقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا في حالة التلبس بالزنا، وحالة الإثبات بالرسائل والمستندات المنسوب كتابتها للمتهم، وهو عين ما نصت عليه المادة (254) من قانون العقوبات الأهلي المصري الصادر سنة 1883، وقد تبنى المشرع في قانون العقوبات الأهلي الصادر بالقانون رقم 3 لسنة 1904، القاعدة ذاتها، في المادة (238)، وأضاف إلى هاتين الحالتين، حالة اعتراف المتهم، وحالة وجوده في منزل مسلم في المحل المخصص للحريم. وهو النص عينه الذي تبناه قانون العقوبات الحالي الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، في المادة (276) منه.
وحيث إن مفهوم جريمة الزنا – على النحو الذى أورده المشرع في المواد من (273) إلى (277) من قانون العقوبات – هي تلك التي ترتكبها الزوجة إذا اتصلت جنسيًا برجل غير زوجها، أو يرتكبها الزوج إذا اتصل جنسيًا بامرأة غير زوجته. وعلى الرغم من أن الفعل الذى تقوم به جريمة الزنا – الاتصال الجنسي – يستلزم بطبيعته طرفين، فإن فاعل الجريمة هو المتزوج منهما، أما الآخر، فشريك فيها، ذلك أن جوهر الجريمة ليس الاتصال الجنسي في ذاته، ولكن ما ينطوي عليه هذا الاتصال من إخلال بالإخلاص الزوجي، وهو ما لا يتصور أن يصدر إلا من شخص ملتزم بذلك. وتقتضي مساءلة شريك الزوجة الزانية أن تتوافر في حقه أركان الاشتراك، بقيام أركان جريمة الزنا، وأن يصدر منه فعل الاشتراك، ويتوافر لديه القصد الجنائي. وقد أورد المشرع في المادة (276) من قانون العقوبات حصرًا للأدلة التى تُقبل وتكون حجة على الشريك، من بينها " وجوده في منزل مسلم في المحل المخصص للحريم ".

وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقـوق- على ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أنها سلطة تقديرية، ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة تعتبر حدودًا لها، وفواصل لا يجوز تجاوزها. وعلى ذلك، فليس ثمة تنافض بين كفالة الدستور لحق التقاضي، بحسبانه حقًا دستوريًّا أصيلاً، وبين تنظيمه تشريعيًّا، شريطة ألا يتخذ المشرع هذا التنظيم وسيلة إلى حظــر التقاضي أو إهداره، ذلك أن ما نصت عليه المواد (4، 53، 97، 98) من الدستور القائم – وترددت أحكامهــا في الدساتير المصرية السابقة- من أن المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات العامة، وأن حق التقاضي من الحقوق العامة المكفولة للكافة، وأن حق الدفاع مكفول، مؤداه أن الناس كافة لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي؛ ولا في فعالية ضمانة الدفاع للحقوق التي يطلبونها؛ ولا في اقتضائها، وفق مقاييس واحدة عند توافر شروط طلبها؛ ولا في طرق الطعن التي تنظمها، بل يجب أن يكون للحقوق ذاتها قواعد موحدة، سواء في مجال التداعي بشأنها، أو الدفـاع عنها، أو استئدائها، أو الطعن في الأحكام الصادرة فصلاً فيها . ولا يجوز بالتالي أن يُعطل المشرع إعمال هذه القواعد في شأن فئة بذاتها من المواطنين، ولا أن يُقلص دور الخصومة القضائية التي يعتبر ضمان الحق فيها والنفاذ إليها طريقًا وحيدًا لمباشرة حق التقاضي، ولا أن يجرد هذه الخصومة من الترضية القضائية، التي يعتبر إهدارها أو تهوينها إخلالاً بالحماية التى يكفلها الدستور للحقوق جميعها، وأكد عليها بما نص عليه في المادة(92) منه، بأن "الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصًا، ولا يجوز لأى قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها ".

وحيث إنه بشأن ما أثاره المدعى من مناعٍ على النص المطعون فيه، افتراضه قرينة قانونية قاطعة، لا تقبل إثبات العكس، على ارتكاب شريك الزوجة الزانية للجريمة، لمجرد وجوده في المحل المخصص للحريم من المنزل، بما يخل بحق التقاضي، وضمان المحاكمة المنصفة، والإخلال بأصل البراءة، وشخصية العقوبة، والمساواة. فذلك في جملته مردود، أولاً: بأن ربط ما ورد بصدر نص المادة (276) من قانون العقوبــات، من عبارة "الأدلة التي تُقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا هى ......"، بما ورد بعجز النص من عبارة "وجوده في منزل ...... في المحل المخصص للحريم"، مؤداه أن ذلك الدليل – شأنه شأن باقي الأدلة الواردة بالنص – لا يخرج عن كونه قيدًا على سلطة النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية قبل شريك الزوجة الزانية، ما لم تتوافر هذه الحالة في حقه، ولا تملك المحكمة الجنائية – إن طُرح الأمر عليها – أن تقضى بإدانته استنادًا لها، بل عليها أن تتيقن ابتداء من توافرها، قبل تكوين عقيدتها في شأن مدى توافر الدليل على مساهمته في ارتكاب الجريمة. ومردود ثانيًّا: بأن ما ورد بالنص المطعون عليه في هذا الشأن يُمثل ضمانة للمتهم، لعدم الزج به إلى ساحة القضاء في مثل هذه النوعية من الجرائم، ما لم يتوافر في حقه إحدى الحالات – الأدلة – الواردة حصرًا بالنص، لكون فاعل تلك الجريمة هو الزوجة الزانية، وما هو إلا شريك فيها. ومردود ثالثًا: بأن ضبط المتهم في المحل المخصص للحريم من المنزل، لا يعدو أن يكون قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس، تُعبر عن الحالة الواقعية لمكان ضبطه، يستطيع نفيها بكافة طرق الإثبات، أو تقديم مبرر مشروع لوجوده في هذا المكان من المنزل، سواء عند مباشرة النيابة العامة التحقيق، أو أمام المحكمة. ومما تقدم جميعه، يَبْرَأُ النص المطعون عليه – في هذا الخصوص – من كافة المطاعن التي وجهها المدعى إليه، فضلاً عن عدم مخالفته لأي من أحكام الدستور الأخرى.




وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في النصوص القانونية التي تنتظمها وحدة الموضوع، هو امتناع فصلها عن بعضها البعض، باعتبار أنها تكون فيما بينها وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، وتتضافر معانيها، وتتحـــد توجهاتها، لتكـون نسيجًا متآلفًا يُعبر عما رمى المشرع إلى تحقيقه منها، وفقًا للضوابط التي أوردها فيها. متى كان ذلك، وكان النص الذى تحدد فيه نطاق الدعوى المعروضة قد ربط بين وجود المتهم في منزل مسلم، وبين أن يكون هذا الوجود في المحل المخصص للحريم من المنزل، وهما عنصران لازمان لا ينفكان عن بعضهما البعض، ويُكونان فيما بينهما وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، فلا يُقبل الدليل الذى يُعتبر حجة على شريك الزوجة الزانية إلا باجتماعهما معًا، وذلك حتى يرتب أثره في تحريك النيابة العامة للدعوى الجنائية قبله، وتقديمه للمحاكمة الجنائية، لتتولى المحكمة ابتداء التيقن من توافر هذه الحالة، بعنصريها، في حق المتهم، قبل أن تدلف لتكوين عقيدتها في الدعوى، في ضوء ما يتبارى فيه الخصوم من طرح الأدلة، ثبوتًا ونفيًّا، بكافة طرق الإثبات على مساهمة المتهم في ارتكاب الجريمة.

متى كان ذلك، وكان النص المطعون فيه قد شرع حقًا لسلطة الاتهام، وللمحكمة الجنائية، في تحرى أركان جريمة شريك الزوجة الزانية، وإقامة الدليل عليه وفقًا للقواعد العامة، متى وجُدِ في منزل مسلم، بما مؤداه - بمفهوم المخالفة - أن يكون ارتكابه الإثم في منزل غير المسلم غير منتج في إقامة الدليــل على اشتراكه في الجريمة عينها، إذ يشكل صدر هذه المادة مانعًا يحول دون مساءلته عن المساهمة في هذه الجريمة. وكان من شأن هذه التفرقة إفراد النص المطعون فيه منزل المسلم بحماية، أنكرها على منزل غير المسلم، ويقر لصاحب المنزل المسلم بحرمة لا يُسّلم بها لمنزل غيره. وقد ابتنى هذا التمييز على أساس من الدين، دون مبرر موضوعي، بالمخالفة لأحكام المادتين (4) و(53) من الدستور، التي حظرت ثانيتهما، على نحو جازم، كافة صور التمييز بين المواطنين، وفى مقدمتها التمييز بسبب الديـن، أو العقيدة، لما لهـذه الصورة أو تلك من أهمية عظمى تمثل إحدى القيم الجوهرية التي تؤمن بها المجتمعات المتحضرة، وحرصت على التأكيد عليها في مواثيقها الدولية، ومن بينها ما رددته المادة (2) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذى أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب القرار رقم 217 (د-3) بتاريخ 10/12/1948. لما كان ذلك، وكان النص المطعون فيه قد أهدر الحماية الجنائية المتعينة لمنزل غير المسلم عند ارتكاب زوجته جريمة الزنا فيه، وأقرها في الحال ذاته لمنزل المسلم، فإنه يكون قد اتخذ من الدين أساسًا لإقامة تمييز تحكمي جائر، بين حرمة منازل المواطنين عند تحديد المسئولية الجنائية لشريك الزوجة الزانية، لا يستند إلى أسس موضوعية، فضلاً عن تبنيه تقسيمًا تشريعيًّا بين المواطنين لا يرتكن إلى أسس أو مقاييس منطقية، ويخل في الوقت ذاته بحقهم في الحماية القضائية، وذلك بالمخالفة لأحكام المواد (4 و53، 97) من الدستور.
      وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يتعين دومًا أن ينظر إلى النصوص القانونية باعتبارها وسائل حددها المشرع لتحقيق أغراض يبتغيها، فلا يستقيم إعمال مبدأ المساواة أمام القانون إلا على ضوء مشروعية تلك الأغراض، واتصال هذه الوسائل منطقيًا بها. متى كان ذلك، وكانت علة تجريم المشرع للزنا تكمن في حماية كيان الزواج، باعتباره أساس تكوين الأسرة، التى اعتبرها الدستور القائم – في المادة (10) منه- أساس المجتمع، وألزم الدولة بالحرص على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها. وبذلك فإن تجريم الزنا فيه حماية للأسرة، وبالتالى المجتمع، لكونه لا يمثل اعتداء على حق الزوج المجنى عليه وحده، وإنما هو أيضا اعتداء على حق المجتمع. إذ كان ذلك، وكان النص المطعون فيه قد انطوى على تمييز في الحماية الجنائية بين الأسر المصرية بحسب ديانة الزوج صاحب المنزل الذى ارتكبت فيه الزوجة جريمة الزنا، بقصره تلك الحماية على منزل المسلم، وحجبها عن غيره، دون مبرر موضوعى، فإنه فضلاً عن إخلاله بالالتزام الدستورى الواقع على كاهل الدولة، بكافة أجهزتها، في هذا الشأن، فإن الوسيلة التى حددها المشرع – بموجب النص المطعون فيه - لا تؤدى إلى تحقيق الغرض الذى توخاه من تجريم الزنا، بحماية جميع الأسر المصرية، أيًّا كانت ديانتها، وذلك بالمخالفة لأحكام المادة (10) من الدستور.



وحيث إن الدستور قرن العدل بكثير من النصوص التى تضمنها – من ذلك المواد (4، 8، 27، 38، 78، 81، 91، 177) – ليكون العدل قيدًا على السلطة التشريعية في المسائل التى تناولتها هذه النصوص. وإذا كان الدستور قد خلا من تحديد لمعنى العدالة في تلك النصوص، فإن المقصود بها ينبغى أن يتمثل فيما يكون حقًا وواجبًا سواء في علائق الأفراد فيما بينهم، أو في نطاق صلاتهم بمجتمعهم، بما مؤداه، أن العدالة - في غاياتها – لا تنفصل علاقاتها بالقانون باعتباره أداة تحقيقها، فلا يكون القانون منصفًا إلا إذا كان كافلاً لأهدافها. فإذا ما زاغ المشرع ببصره عنها، وأهدر القيم الأصيلة التى تحتضنها، كان مُنهِيًا للتوافق في مجال تنفــيذه، ومسقطًا كل قيمة لوجوده، ومستوجبًا تغييره أو إلغاءه . لما كان ذلك، وكان التمييز الوارد بالنص المطعون فيه، على النحو السالف بيانه، ترتب عليه عدم إمكانية توجيه المساءلة الجنائية لشريك الزوجة الزانية إذا ارتكبت الجريمة في منزل غير مسلم، رغم انتهاكه المصلحة الاجتماعية ذاتها محل الحماية عند ارتكاب نظيره الجريمة عينها في منزل مسلم، فإن المشرع بذلك يكون قد أخل بالعدالة الاجتماعية، على أساس من ديانة صاحب المنزل، كما أخل بالشعور العام بالعدالة، لا سيما من قبل الزوج المجنى عليه غير المسلم الذى ارتكبت الجريمة في منزله، بإفلات المتهم من العقاب، حال أنه من ثلم شرفه بتلك الفعلة المجرمة.



وحيث إن الدستور بموجب نص المادة (189) منه، قد وسد للنيابة العامة اختصاصًا أصيلاً بتولى التحقيق في الدعوى الجنائية، وتحريكها، ومباشرتها، نيابة عن الهيئة الاجتماعية، بغية تحقيق العدالة الجنائية في المجتمع، ولم يسمح للمضرور من الجريمة بالمثول أمام المحكمة الجنائية إلا للدفاع عن حقوقه المدنية المترتبة عن الأضرار الناتجة عن مساس الجريمة به. وإذ كان الدستور قد أجاز للمشرع الاستثناء من هذه القاعدة، فإن نطاق الاستثناء يقتصر على الأحوال التى تستند إلى مبرر موضوعى يقوى على إساغة الخروج على الأصل العام، وبالقدر اللازم لذلك . متى كان ذلك، وكان إدراج النص المطعون فيه حالة وجود شريك الزوجة الزانية في منزل مسلم، ضمن الأدلة التى أوردها حصرًا، وتكون مقبولة وحجة على المتهم، فإن مؤدى ذلك تكبيل صلاحيات النيابة العامة - وهى القوامة على الدعوى الجنائية والخصم الأصيل فيها - في تحريك الدعوى الجنائية، وتقديم الدليل الذى يعتد به قبل المتهم إذا اقترف الجرم في منزل غير المسلم، الأمر الذى يمثل عائقًا يحول دون قيام المجتمع بمباشرة حقه في المطالبة بالقصاص من مرتكب هذه الجريمة في هذه الحالة. ومن جانب آخر، فإن مؤدى النص المطعون فيه – أيضا - غل يد المحكمة الجنائية عن استقاء قناعتها قبل شريك الزوجة الزانية إذا وقعت الجريمة في منزل غير المسلم، متى قصرت ظروف الحال عن أدلة أخرى مما ورد في ذلك النص. ومن ثم فإن اشتراط وقوع الزنا في منزل مسلم لإمكان مساءلة شريك الزوجة الزانية، يخل بضمانة الحق في التقاضى، بتقييده سلطة الاتهام وقضاء الحكم عن مباشرة مهامهما في حماية القيم الاجتماعية التى يقرها ضمير المجتمع على أسس متكافئة بين المواطنين، متخذًا لذلك من اختلاف دياناتهم أساسًا لإهدار حق شريحة اجتماعية في التقاضي، والحصول على الترضية القضائية، بالمخالفة لأحكام المادتين (97، 189) من الدستور.

وحيث إنه من جماع ما تقدم، فإن ما ورد بالنص المطعون فيه من قصر الدليل الذى يُقبل ويكون حجة على الشريك في جريمة الزوجة الزانية على وجوده في منزل مسلم،    دون منزل غير المسلم ، يكون أخل بأحكام المواد ( 4، 10، 53، 97، 189) من الدستور،    وتقضى المحكمة تبعًا لذلك بعدم دستوريته.


فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنه عجز نص المادة (276) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، من قصر الدليل الذي يُقبل ويكون حجة على المتهم في جريمة الزنا على حالة وجوده في منزل مسلم، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 11 لسنة 6 ق جلسة 4 / 6 / 1936 مج عمر المدنية ج 1 ق 373 ص 1145


جلسة 4 يونيه سنة 1936
برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك وعلى حيدر حجازي بك المستشارين.
-------------------
(373)

القضية رقم 11 سنة 6 القضائية

(أ ) دعوى. سببها.
تغيير السبب. لا يجوز. مثال.

(ب) دعوى إثراء على حساب الغير.

عجز محكمة النقض عن استخلاص عناصرها الواقعية من بيانات الحكم المطعون فيه. وجوب إعادتها إلى محكمة الموضوع.
------------

1 - إن محكمة الموضوع لا تملك تغيير سبب الدعوى في المواد المدنية. فاذا كانت الدعوى المرفوعة مبنية على أن المدّعى قد جهد جهودا استفاد منها المدعى عليه فهو يطالبه بمقابل ما أفاد من جهوده فحكمت فيها المحكمة على اعتبار أنها دعوى مطالبة وكيل لموكله بأجر وكالة فهذا الحكم خاطئ يتعين نقضه.
2 - إذا تمحضت الدعوى إلى أنها دعوى إثراء بغير سبب وعجزت محكمة النقض عن استخلاص عناصرها الواقعية من بيانات الحكم المطعون فيه فإنها تعيد القضية إلى المحكمة التي أصدرت هذا الحكم لتحكم فيها من جديد.



الوقائع
تتلخص وقائع هذه الدعوى - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه ومن سائر المستندات المقدّمة لهذه المحكمة وكانت من قبل مقدّمة لمحكمة الاستئناف - في أن وزارة الأوقاف بصفتها ناظرة على وقف السيدة فاطمة كل البيضاء قدّمت في 14 يوليه سنة 1932 طلبا إلى هيئة التصرفات بمحكمة مصر الابتدائية الشرعية تطلب فيه توقيع صيغة شراء 96 فدانا و15 قيراطا و19 سهما يملكها حامد العلايلي بك بناحية برمبال الجديدة بمركز دكرنس دقهلية، وهذا الشراء لجهة وقف السيدة فاطمة كل البيضاء الأهلي بمبلغ 8699 جنيها و218 مليما أي بواقع 90 جنيها للفدان، وذلك من مال بدله المتجمد بخزينة الوزارة. وفى أثناء نظر هذه المادة أمام هيئة التصرفات تقدّم أبو النور إبراهيم محتسبا ومعارضا في إتمام الصفقة لأنه يعلم أن الأطيان المراد استبدالها ليست ملكا لحامد العلايلي بك راغب الاستبدال، بل هي موقوفة ولا يصح التصرف فيها فقبلت هيئة التصرفات من أبى النور إبراهيم طلبه فعهد إلى الشيخ شبانة أحمد المحامي الشرعي مباشرة تلك المادة التي فصل فيها بتاريخ 3 ديسمبر سنة 1932 برفض طلب الاستبدال.

وفى 29 نوفمبر سنة 1933 رفع الشيخ شبانة أحمد على وزارة الأوقاف الدعوى الحالية المقيدة بمحكمة مصر الابتدائية تحت رقم 397 كلى سنة 1934 وذكر في صحيفتها أن أبا النور إبراهيم بعد أن قدّم لهيئة التصرفات بمحكمة مصر الابتدائية الشرعية عريضة أظهر فيها أن الأطيان المراد استبدالها موقوفة من قبل قد عهد إليه أمر الدفاع عنه أمام هيئة التصرفات وتأييد وجهة نظره، فحضر عنه عند نظر مادة الاستبدال وقدّم فيها أوجه دفاعه، وقد ترتب على ذلك أن رفضت المحكمة الشرعية طلب الاستبدال. ولما كان هذا الرفض في مصلحة وقف السيدة فاطمة كل البيضاء المتنظرة عليه وزارة الأوقاف فانه يطلب الحكم على تلك الوزارة بأن تدفع له 800 جنيه مقابل جهوده التي عادت بفائدة كبيرة على الوقف مع القضاء بمصاريف الدعوى وشمول الحكم بالنفاذ بلا كفالة.
وبعد تحضير الدعوى أحيلت لجلسة أول أكتوبر سنة 1934 للمرافعة. وفى تلك الجلسة سمعت أقوال الطرفين وأصر الشيخ شبانة أحمد على طلباته. ودفعت وزارة الأوقاف دعواه بأن الذي تقدّم لهيئة التصرفات بالمحكمة الشرعية هو أبو النور إبراهيم، وكان تقدّمه حسبة لوجه الله. أما المدّعى فانه مجرّد وكيل وعلاقته مقصورة على موكله. فأجلت المحكمة القضية للحكم لجلسة 3 ديسمبر سنة 1934 حيث صدر حضوريا برفض دعوى الشيخ شبانة أحمد وإلزامه بمصاريفها.
فاستأنفه المذكور أمام محكمة استئناف مصر بعريضة أعلنها لوزارة الأوقاف في 25 مارس سنة 1935 وقيدها تحت رقم 510 سنة 52 قضائية طالبا للأسباب التي أوردها بها قبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع إلغاء الحكم المستأنف وإلزام وزارة الأوقاف بصفتها بأن تدفع له ما طلبه من محكمة أوّل درجة مع المصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وفى جلسة المرافعة صمم الشيخ شبانة على طلباته، وطلبت وزارة الأوقاف تأييد الحكم المستأنف، والمحكمة بعد تأجيل القضية للحكم مع الترخيص بتقديم مذكرات حكمت في 14 نوفمبر سنة 1935 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبالزام وزارة الأوقاف بصفتها بأن تدفع للشيخ شبانة أحمد المستأنف خمسين جنيها مصريا ومصاريف الدعوى عن الدرجتين وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين أيضا ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.
أعلن هذا الحكم لوزارة الأوقاف في 19 ديسمبر سنة 1935 فطعن فيه محاميها بطريق النقض في 14 يناير سنة 1936 بتقرير أعلنه للشيخ شبانة أحمد في 18 منه، وقدّم لقلم الكتاب في 25 من ذلك الشهر مذكرة بشرح الأسباب وحافظة مستندات وقدّم المدّعى عليه في الطعن مذكرة بالرد في 16 فبراير سنة 1936، وقدّمت النيابة العمومية مذكرة برأيها في 20 مايو سنة 1936.
وبجلسة اليوم المحدّدة لنظر الطعن سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة وبعد المداولة صدر الحكم الآتي:



المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة الشفوية والمداولة قانونا.

بما أن الطعن قد قدّم في الميعاد عن حكم قابل له واستوفيت الإجراءات القانونية فهو مقبول شكلا.
وبما أن الطعن قد بنى على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون في أمرين: (الأوّل) أن محكمة الاستئناف اعتمدت في قضائها على صدور إذن بخصومة ناظر الوقف تلقاه أبو النور إبراهيم فأصبح بذلك صاحب ولاية خاصة استمدها من صاحب الولاية العامة. وتقول الطاعنة إن هذا الذي أسست عليه محكمة الاستئناف حكمها يخالف الواقع فانه لم يصدر قط لأبى النور إبراهيم إذن بالخصومة، وإنما هو قدم عريضة محتسبا وحضر معه أمام هيئة التصرفات الشيخ شبانة أحمد فسمعته تلك الهيئة لا على أنه خصم بل في سبيل استجماع البيانات والمعلومات التي تطلبها أو يقدّمها أي شخص من تلقاء نفسه. والأمر الثاني الذي خالف فيه الحكم القانون أن أبا النور إبراهيم قدّم عريضة لهيئة التصرفات محتسبا لوجه الله فلا حق له في المطالبة بأي أجر. ولما كان الشيخ شبانة حضر في المادة الشرعية عن أبى النور وكانت وكالته سابقة أو على الأكثر معاصرة للحضور في المادة الشرعية فلا حق له في مطالبة الوقف بأجر، وإنما إن كان له وجه حق فعلى موكله أبى النور الذى تعاقد معه.
وبما أن يتركز فيه الطعن أن جهود الشيخ شبانة عند نظر المادة الشرعية كانت حسبة لوجه الله تعالى تأسيسا على أنه إنما كان يمثل أبا النور إبراهيم الذى تقدّم بعريضته وبمعلوماته لهيئة التصرفات حسبة لوجه الله أيضا لا ابتغاء أجر، وما دام هذا هو شأن الموكل فان الوكيل يجرى عليه حكمه.
وبما أن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض وقائع الدعوى على ما سبق بيانه في صدر هذا الحكم قد ذكر ما يأتي:
ومن حيث إنه ظاهر من الاطلاع على محضر جلسة هيئة التصرفات المؤرّخ في 30 يوليه سنة 1932 في المادة رقم 596 سنة 1931 - 1932 أن أبا النور إبراهيم حضر بالجلسة وحضر معه المستأنف وقال إنه وكله في هذه المادة، وإنه قدّم العريضة محتسبا فأخذت المحكمة في سؤال المستأنف في موضوع المادة بما هو مدوّن في محضر الجلسة المذكورة الأمر الذى تستخلص منه هذه المحكمة أن هيئة التصرفات قبلت أبا النور إبراهيم خصما في تلك المادة لمخاصمة ناظر الوقف فيها واعتبرت المستأنف وكيلا عنه.
ومن حيث إن الإذن بخصومة الناظر هو جزء من الولاية على الوقف استمدّها المأذون بها من صاحب الولاية العامة عليه فأصبح بذلك صاحب ولاية خاصة تلقاها من صاحب الولاية العامة في نطاق التفويض الصادر له بذلك.
"ومن حيث إنه متى تقرّر تكون وكالة المحامي عن المأذون بالخصومة هي وكالة عن جهة الوقف ويكون له أجره عليها".
"ومن حيث إنه لا يجوز القول إن أبا النور إبراهيم تقدّم محتسبا أي متبرعا بعمله، وإن هذا التبرع يسرى على من قام عنه بذلك العمل، لأن الاحتساب في ذاته قاصر على الخصومة. ولئن حق قول وزارة الأوقاف إن دخول أبى النور إبراهيم محتسبا في مادة التصرفات الشرعية فيه معنى التبرع من جانبه، فان ذلك التفسير لا يستقيم بالنسبة للمستأنف، ولا يمكن أن ينسحب هذا المعنى عليه. ولا يعتبر توكيله في هذه الحالة من غير مقابل، إذ أنه من المفهوم بداهة أن المحامي لا يعمل بلا أجر لوجود شرط ضمني بذلك مستخلص من طبيعة التوكيل عملا بما تقضى به المادة 513 من القانون المدني".
"ومن حيث إنه ثابت من ملف مادة التصرفات أن المستأنف حضر عدّة جلسات وترافع في موضوع المادة وقدّم مذكرة بدفاعه واستمرّ يباشر عمله إلى أن قضى لمصلحة الوقف برفض طلب الوزارة فهو بذلك مستحق لأجر عمله الذى تقدّره المحكمة بمبلغ خمسين جنيها مصريا".
"ومن حيث إنه لهذه الأسباب يتعين إلغاء الحكم المستأنف".
وبما أن هذا الذى سارت عليه محكمة الاستئناف في تكييف دعوى الشيخ شبانة واعتبار أنه يطالب وزارة الأوقاف بما طالبها به كوكيل في الخصومة إنما هو تبديل وتغيير في منحى الدعوى، إذ المفهوم من الوقائع التي رواها الحكمان الابتدائي والاستئنافي أن الشيخ شبانة إنما يبنى دعواه قبل وزارة الأوقاف على أنه جهد لها أمام هيئة التصرفات وأثمر جهده فائدة كبرى لوقف السيدة فاطمة كل البيضاء، إذ قد وقى ذلك الوقف ضياع آلاف من الجنيهات كانت على وشك الضياع لو تم الاستبدال الذى عمل على منعه.
وبما أن الحكم المطعون فيه - بتبديله سبب دعوى الشيخ شبانة والسير فيها على اعتبارها مطالبة وكيل لموكله بأجر وكالته لا مطالبة ممن أفاد لمنتفع بما استفاد - قد صدر مخالفا للقانون ويجب نقضه إذ أن محكمة الموضوع في المواد المدنية لا تملك بحال تغيير الدعوى.
وبما أن الدعوى بوصفها الحقيقي الذى أراده مدعيها أي دعوى الإثراء بغير سبب ليست صالحة تتحكم فيها لأن عناصرها الواقعية لا يمكن استخلاصها من بيانات الحكم المطعون فيه، فوجب إذن إعادتها لمحكمة الاستئناف للحكم فيها من جديد.