الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 24 يونيو 2020

الطعن 1792 لسنة 61 ق جلسة 15 / 11 / 1992 مكتب فني 43 ق 158 ص 1031


جلسة 15 من نوفمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور جبري نائب رئيس المحكمة ومصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عمارة.
------------------
(158)
الطعن رقم 1792 لسنة 61 القضائية

 (1)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". مواد مخدرة.
حق محكمة الموضوع في تحصيل أقوال الشاهد وتفهم سياقها. حده؟
 (2)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عقيدة المحكمة تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني.
الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم. ما لم يتناول من الأدلة. ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
مثال.
(3) مواد مخدرة. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة إحراز المواد المخدرة. توافرها مهما كان المقدار ضئيلاً. متى كان لها كيان مادي محسوس أمكن تقديره.
(4) قانون "تفسيره". جريمة "أركانها". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حيازة أو إحراز الهيروين. مؤثم قانوناً أياً كانت الحالة التي عليها قائماً بذاته أو مخلوطاً أو مخففاً مهما كانت درجة تركيزه أو نسبته.
(5) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مناط المسئولية في جريمة إحراز أو حيازة المخدر: ثبوت اتصال المتهم بالمخدر مباشرة أو بالواسطة عن علم وإرادة.
تخلي الطاعن عن المخدر. لا يعد عدولاً منه عن مقارفة الجريمة ولا يؤثر في مسئوليته عنها.
 (6)جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة المخدر. قوامه. العلم بكنه المادة المخدرة. تحدث الحكم عنه استقلالاً. غير لازم متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليه.
(7) دفوع "الدفع بعدم الاختصاص المكاني". اختصاص. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بخلو الحكم من بيان مكان الضبط. حقيقته. دفع بعدم الاختصاص المكاني. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض. علة ذلك؟
 (8)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطق الحكم. لا يعيبه.
 (9)مواد مخدرة. تفتيش "التفتيش بغير إذن". تلبس. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير قيام أو انتفاء حالة التلبس. موضوعي.
مثال.
(10) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
 (11)مواد مخدرة. عقوبة "العقوبة التكميلية". مصادرة.
قضاء الحكم بمصادرة المخدر المضبوط. صحيح. أساس ذلك؟

-----------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت لا تحرف الشهادة عن مضمونها.
2 - من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني وأن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وكان المعنى المشترك بين ما حصله الحكم بياناً لواقعة الدعوى وأقوال شاهدي الإثبات من أنهما شاهدا الطاعن وبيده علبة التبغ التي ضبط بها المخدر وبين ما سلم به الطاعن في أسباب طعنه من أن أقوالهما جرت في التحقيقات من أنهما لم يشاهداه إلا عند تخليه عن تلك العلبة هو معنى واحد في الدلالة على أن الطاعن كان محرزاً لها وهو المعنى الذي يتحقق به مسئوليته عن جريمة إحراز المخدر المضبوط فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
3 - لما كان القانون لم يبين حداً أدنى للكمية المحرزة من المادة المخدرة فالعقاب واجب حتماً مهما كان المقدار ضئيلاً متى كان له كيان مادي محسوس أمكن تقديره.
4 - لما كان البين من القسم الأول من الجدول الأول الملحق بالقانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها أنه قد ورد تحت البند 2 ما نصه "هيروين:
Heroin - Diacet Ylmorphino – (Acetomo Itginc – Dimoipphine) ثنائي ستيل مورفين - بذاته أو مخلوطاً أو مخففاً في أي مادة كانت درجة تركيزه وبأي نسبة" وكانت صياغة هذا البند على النحو السالف تدل على أن حيازة أو إحراز ما ورد تحت هذا البند مؤثم قانوناً أياً كانت الحالة التي عليها قائماً بذاته أو مخلوطاً أو مخففاً مهما كانت درجة تركيزه أو نسبته ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم من خطأ فيما نقله عن تقرير المعمل الكيماوي - بفرض صحته - يكون عديم الجدوى كما أنه لا محل للنعي على الحكم بدعوى الخطأ في تطبيق القانون.
5 - لما كان من المقرر أن مناط المسئولية في حالتي إحراز الجواهر المخدرة أو حيازتها هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وببسط سلطانه عليه عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة أن الطاعن قد أحرز المخدر المضبوط بما تكون معه جريمة إحرازه قد وقعت تامة وكاملة وكان تخلي الطاعن عن المخدر لا يعد عدولاً منه عن مقارفة الجريمة ولا يؤثر في مسئوليته عنها ومن ثم فلا وجه لما يثيره الطاعن في هذا الشأن.
6 - القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة. والمحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه مخدر.
7 - لما كان نعي الطاعن على الحكم أنه خلا من بيان مكان الضبط والذي هو في حقيقته دفع بعدم الاختصاص المكاني لضابط الواقعة مردوداً بأنه لما كان الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بعدم اختصاص الضابط مكانياً بضبطه وكانت مدونات الحكم خالية مما ينفي هذا الاختصاص ويظاهر ما يدعيه في هذا الخصوص فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها.
8 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه.
9 - لما كان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة وكان الحكم قد رد على ما دفع به الطاعن من بطلان القبض عليه وتفتيشه وأطرحه استناداً لأقوال شاهدي الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة أن المتهم بدت عليه علامات الارتباك والخوف لدى رؤيته لهما وألقى بعلبة تبغ كانت في يده اليمنى بما مفاده أن المتهم تخلى عن حيازتها من تلقاء نفسه طواعية واختياراً فإذا ما التقطها الضابط ووجد بداخلها مخدراً فإن الجريمة تكون في حالة تلبس يجيز له أن يقبض عليه وأن يفتشه فإن ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافرها ومن بطلان القبض والتفتيش يكون كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد.
10 - التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
11 - لما كانت المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 تقضي في فقرتها الأولى بوجوب الحكم بمصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة فإن الحكم إذ قضى بمصادرة المخدر المضبوط يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 2، 42/ 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأخير مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز كان بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه الخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والقصور والتناقض في التسبيب ذلك أنه أورد في تحصيله لواقعة الدعوى أن شاهدي الإثبات شاهدا الطاعن وبيده علبة التبغ التي قيل بضبط المخدر بداخلها رغم أن أقوالهما بالتحقيقات جرت على أنهما لم يشاهداه إلا عند تخليه عن تلك العلبة، وحصل تقرير المعمل الكيماوي بأن المادة المضبوطة لمخدر الهيروين وتزن قائماً 10.3 جراماً، رغم أن ما ورد بهذا التقرير عن الوزن يتعلق بوزن الحرز كله، ويشير إلى أن المسحوق المضبوط ليس كله لمخدر الهيروين، بل إنه يحتوي على هذا المخدر، ولم يحدد نسبته ودون بيان ماهية هذا المسحوق وما إذا كان يدخل ضمن دساتير الأدوية سيما وأن القانون لا يعاقب على إحراز الهيروين إلا إذا كان مجرداً وقائماً بذاته دون خلطه بمواد أخرى بما يضحى معه فعل الطاعن غير مؤثم، هذا إلى أن تخليه طواعية عن المخدر يعد عدولاً اختيارياً منه عن مقارفة الجريمة، كما أن الحكم لم يستظهر علمه بكنه المادة المضبوطة، وأغفل بيان مكان الضبط خاصة وأنه نازع في المكان الذي قيل بضبطه فيه وفي كيفية ضبطه بما ينتفي به الاختصاص المكاني لضابط الواقعة، كما أخطأ الحكم في تحديد الساعة التي جرى فيها الضبط وأطرح الدفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه استناداً إلى توافر حالة التلبس رغم عدم توافرها، وأخيراً فقد حصل الحكم أقوال شاهدي الإثبات بأن الطاعن أقر لهما بأن إحرازه المخدر المضبوط بقصد الإتجار فيه ثم عاد ونفى عنه هذا القصد استناداً إلى أنه لا دليل عليه ودانه عن الإحراز المجرد ومع ذلك عامله بالمادة 38/ 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 الخاصة بالإحراز بقصد التعاطي والمادة 42/ 1 من القانون ذاته والخاصة بمصادرة النباتات المؤثم زراعتها والتي لا محل لإعمالها، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت لا تحرف الشهادة عن مضمونها، كما أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني وأن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وكان المعنى المشترك بين ما حصله الحكم بياناً لواقعة الدعوى وأقوال شاهدي الإثبات من أنهما شاهدا الطاعن وبيده علبة التبغ التي ضبط بها المخدر وبين ما سلم به الطاعن في أسباب طعنه من أن أقوالهما جرت في التحقيقات من أنهما لم يشاهداه إلا عند تخليه عن تلك العلبة هو معنى واحد في الدلالة على أن الطاعن كان محرزاً لها وهو المعنى الذي يتحقق به مسئوليته عن جريمة إحراز المخدر المضبوط فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان القانون لم يبين حداً أدنى للكمية المحرزة من المادة المخدرة فالعقاب واجب حتماً مهما كان المقدار ضئيلاً متى كان له كيان مادي محسوس أمكن تقديره، وكان البين من القسم الأول من الجدول الأول الملحق بالقانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها أنه قد ورد تحت البند 2 ما نصه "هيروين:Heroin - Diacet ylmorphino - (Acetomo  lpginc - Diamolphine). ثنائي ستيل مورفين - بذاته أو مخلوطاً أو مخففاً في أي مادة كانت درجة تركيزه وبأي نسبة" وكانت صياغة هذا البند على النحو السالف تدل على أن حيازة أو إحراز ما ورد تحت هذا البند مؤثم قانوناً أياً كانت الحالة التي عليها قائماً بذاته أو مخلوطاً أو مخففاً مهما كانت درجة تركيزه أو نسبته ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم من خطأ فيما نقله عن تقرير المعمل الكيماوي - بفرض صحته - يكون عديم الجدوى كما أنه لا محل للنعي على الحكم بدعوى الخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مناط المسئولية في حالتي إحراز الجواهر المخدرة أو حيازتها هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وببسط سلطانه عليه عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة أن الطاعن قد أحرز المخدر المضبوط بما تكون معه جريمة إحرازه قد وقعت تامة وكاملة وكان تخلي الطاعن عن المخدر لا يعد عدولاً منه عن مقارفة الجريمة ولا يؤثر في مسئوليته عنها ومن ثم فلا وجه لما يثيره الطاعن في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة. وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه مخدر. وإذ كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على إحراز الطاعن للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان نعي الطاعن على الحكم أنه خلا من بيان مكان الضبط والذي هو في حقيقته دفع بعدم الاختصاص المكاني لضابط الواقعة مردوداً بأنه لما كان الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بعدم اختصاص الضابط مكانياً بضبطه وكانت مدونات الحكم خالية مما ينفي هذا الاختصاص ويظاهر ما يدعيه في هذا الخصوص فلا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولو تعلق بالنظام العام لكونه يحتاج إلى تحقيق موضوعي يخرج عن وظيفتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه، ومن ثم فلا يجدي الطاعن ما ينسبه إلى الحكم من خطأ في تحديد ساعة الضبط. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة وكان الحكم قد رد على ما دفع به الطاعن من بطلان القبض عليه وتفتيشه وأطرحه استناداً لأقوال شاهدي الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة أن المتهم بدت عليه علامات الارتباك والخوف لدى رؤيته لهما وألقى بعلبة تبغ كانت في يده اليمنى بما مفاده أن المتهم تخلى عن حيازتها من تلقاء نفسه طواعية واختياراً فإذا ما التقطها الضابط ووجد بداخلها مخدراً فإن الجريمة تكون في حالة تلبس يجيز له أن يقبض عليه وأن يفتشه فإن ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافرها ومن بطلان القبض والتفتيش يكون كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن كان قد حصل أقوال شاهدي الإثبات بأن الطاعن أقر لهما بأن قصده من إحراز المخدر المضبوط هو الإتجار فيه إلا أنه يبين منه أنه في معرض استظهاره للقصد من الإحراز عرض له ونفى قصد الإتجار بقوله "إن المحكمة لا تقر سلطة الاتهام من أن الإحراز كان بقصد الاتجار، ذلك أن الأوراق خالية من دليل قاطع ومقنع على قيام هذا القصد فلم يضبط المتهم حال تعامله في الهيروين المضبوط ولم تضبط معه أية أدوات لوزن هذا المخدر ولا تطمئن المحكمة لما ورد بمحضر الضبط وبأقوال شاهدي الإثبات من أن المتهم اعترف لهما بأن إحراز المخدر كان بقصد الإتجار ذلك أن المتهم أنكر ما نسب إليه ولا ترشح ظروف الضبط للقطع بتوافر هذا القصد ولما كانت الأوراق خالية أيضاً من دليل على أن الإحراز كان بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي فإنه يكون لغير هذه القصود جميعها"، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان البين من أسباب الحكم المطعون فيه أنه حصل أقوال شاهدي الإثبات كما هي قائمة في الأوراق ثم أورد ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الإتجار بما ينفي قيام التناقض فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عامل الطاعن بالمادة 38/ 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 الخاصة بالعقاب على إحراز مخدر الهيروين بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي على خلاف ما يزعمه الطاعن فإن منعاه في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المادة 42 من القانون سالف الذكر تقضي في فقرتها الأولى بوجوب الحكم بمصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة فإن الحكم إذ قضى بمصادرة المخدر المضبوط يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 2293 لسنة 61 ق جلسة 22 / 11 / 1992 مكتب فني 43 ق 161 ص 1054


جلسة 22 من نوفمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البنا وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس والبشري الشوربجي نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(161)
الطعن رقم 2293 لسنة 61 القضائية

 (1)نقض "الصفة في الطعن" "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. توقيعها".
توقيع مذكرة الأسباب بتوقيع غير واضح. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
 (2)مواد مخدرة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
جريمة إحراز جوهر مخدر. أركانها. الركن المادي. يتعين لقيامه اتصال المتهم به اتصالاً مادياً أو أن يكون سلطانه مبسوطاً عليه ولو لم يكن في حيازته المادية. الركن المعنوي. يتعين لقيامه ثبوت علم المتهم بأن ما يحرزه هو جوهر من الجواهر المخدرة المحظورة.
وجوب تدليل الحكم القاضي بالإدانة على توافر الركنين تدليلاً سائغاً. مخالفة ذلك. قصور.
(3) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
عدم التزام محكمة الموضوع بالتحدث استقلالاً عن ركن العلم بحقيقة المادة المضبوطة. إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على توافر ذلك العلم. حد ذلك؟
(4) نقض "نطاق الطعن".
وحدة الواقعة التي دين بها الطاعنان. أثرها. وجوب نقض الحكم بالنسبة لكلاهما.

--------------------
1 - لما كان الطاعن الثاني...... وإن قرر بطعنه في الميعاد القانوني إلا أن ورقة أسباب طعنه ظلت حتى يوم نظره - تحمل توقيعاً غير واضح لا يدل على صاحبه - للتثبت من صفته في تحريرها عملاً بالمادة 34 من القانون 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - فتكون موقعة من غير ذي صفة - ويتعين الحكم بعدم قبول طعنه شكلاً.
2 - من المقرر قانوناً أنه يتعين لقيام الركن المادي في جريمة إحراز الجوهر المخدر أن يثبت اتصال المتهم به اتصالاً مادياً أو أن يكون سلطانه مبسوطاً عليه ولو لم يكن في حيازته المادية كما يتعين لقيام الركن المعنوي في هذه الجريمة أن يثبت علم المتهم بأن ما يحرزه إنما هو جوهر من الجواهر المخدرة المحظور إحرازها قانوناً، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يدلل على توافر الركن المادي في حق الطاعن الأول إلا بما سرده من أقوال تفيد أن المادة المخدرة كانت في سيارته وهو تدليل قاصر غير مانع من أن تكون هذه المادة في حيازة الراكب الذي يجلس بجواره وحده.
3 - لما كانت محكمة الموضوع غير مكلفة في الأصل بالتحدث استقلالاً عن ركن العلم بحقيقة المادة المضبوطة إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على أن المتهم كان يعلم بأن ما يحرزه مخدراً إلا أنه إذا كان ركن العلم محل شك في الواقعة المطروحة وتمسك المتهم بانتفائه لديه - وهو الشأن في واقعة الدعوى - فإنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت إدانته أن تبين ما يبرر اقتناعها بعلمه بالمادة المخدرة.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يدلل على توافر الركن المعنوي في حق الطاعن الأول، فضلاً عن عدم تدليله على الركن المادي بأدلة سائغة تحمل قضاءه بإدانته فإنه يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة لكلا الطاعنين - لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: حازا بقصد الإتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ 1 أ، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 57 بالقسم الثاني من الجدول رقم واحد الملحق بالقانون والمادة رقم 30/ 2 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبغرامة قدرها مائة ألف جنيه لكل منهما وبمصادرة السيارة رقم...... ملاكي...... الخاصة بالمتهم الأول.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعن الثاني (.......) وإن قرر بطعنه في الميعاد القانوني إلا أن ورقة أسباب طعنه ظلت حتى يوم نظره - تحمل توقيعاً غير واضح لا يدل على صاحبه - للتثبت من صفته في تحريرها عملاً بالمادة 34 من القانون 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - فتكون موقعة من غير ذي صفة - ويتعين الحكم بعدم قبول طعنه شكلاً.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر مخدر (حشيش) بقصد الإتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه تمسك في دفاعه بأن حيازة المخدر المضبوط لم تنتقل إليه ولم يكن يعلم بوجوده داخل سيارته، يبد أن الحكم المطعون فيه لم يعتد بهذا الدفاع، وعول في إدانته على ضبط لفافة المخدر أمام مقعد المتهم الثاني في داخل سيارة الطاعن، دون أن يدلل على علم الأخير بمحتواها أو انبساط سيطرته عليها برغم وجودها حسب أقوال شهود الإثبات في حيازة المتهم الثاني الذي هبط بها إلى سيارة الطاعن في جنح الظلام - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مجمله أن شهود الإثبات...... و...... و...... عقدوا كمينين لضبط المأذون بتفتيشهما (وهما الطاعنان) في أثناء تسليمهما كمية كبيرة من المواد المخدرة لأحد عملائهما على مقربة من الكوبري العلوي بالطريق الموصل بين طريقي إسكندرية مطروح والإسكندرية القاهرة الصحراوي، وعقد الكمينان في نحو الساعة 8.50 مساءً وبعد نحو ثلث الساعة شوهد المتهم الأول (الطاعن الأول) قادماً بسيارته الخاصة وتوقف بها إلى يمين الطريق أمام أحد الكمينين وبعد نحو خمس دقائق حضر المتهم الثاني (الطاعن الثاني) وتوقف بسيارة أخرى أمام سيارة الأول وترجل منها حاملاً كيساً من النايلون كبير الحجم وأسرع بوضعه داخل سيارة المتهم الأول، وبعد نحو عشر دقائق قام رجال الضبط (شهود الإثبات) بمداهمة المتهمين دون انتظار عميلهما المقول به، فضبطوا بأرضية السيارة أمام مقعد المتهم الثاني الكيس الذي وجد بداخله 18 "ثماني عشر" طربة من الحشيش داخل أشرطة لاصقة، لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحكمة بتاريخ 26 من ديسمبر سنة 1990 أن المدافعين عن الطاعن الأول دفعوا التهمة بأنه لم يضبط وهو يحوز المخدر ولم تنتقل الحيازة من المتهم الثاني إليه، وأن مكان الضبط منطقة مظلمة جداً، ويبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن عول في إدانة الطاعنين على تصوير شهود الإثبات السالف ذكرهم دون أن يعرض لدفاع الطاعن الأول بشأن نفي سيطرته على المخدر أو علمه أصلاً بكنه ما في الكيس المضبوط، وكان من المقرر قانوناً أنه يتعين لقيام الركن المادي في جريمة إحراز الجوهر المخدر أن يثبت اتصال المتهم به اتصالاً مادياً أو أن يكون سلطانه مبسوطاً عليه ولو لم يكن في حيازته المادية كما يتعين لقيام الركن المعنوي في هذه الجريمة أن يثبت علم المتهم بأن ما يحرزه إنما هو جوهر من الجواهر المخدرة المحظور إحرازها قانوناً، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يدلل على توافر الركن المادي في حق الطاعن الأول إلا بما سرده من أقوال تفيد أن المادة المخدرة كانت في سيارته وهو تدليل قاصر غير مانع من أن تكون هذه المادة في حيازة الراكب الذي يجلس بجواره وحده، وأنه ولئن كانت محكمة الموضوع غير مكلفة في الأصل بالتحدث استقلالاً عن ركن العلم بحقيقة المادة المضبوطة إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على أن المتهم كان يعلم بأن ما يحرزه مخدراً إلا أنه إذا كان ركن العلم محل شك في الواقعة المطروحة وتمسك المتهم بانتفائه لديه - وهو الشأن في واقعة الدعوى - فإنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت إدانته أن تبين ما يبرر اقتناعها بعلمه بالمادة المخدرة. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يدلل على توافر الركن المعنوي في حق الطاعن الأول، فضلاً عن عدم تدليله على الركن المادي - بأدلة سائغة تحمل قضاءه بإدانته فإنه يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة لكلا الطاعنين - لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة. ودون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 2501 لسنة 61 ق جلسة 3 / 12 / 1992 مكتب فني 43 ق 172 ص 1104


جلسة 3 من ديسمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ كمال أنور رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي وفتحي الصباغ نواب رئيس المحكمة ومحمد حسين.
------------------
(172)
الطعن رقم 2501 لسنة 61 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
 (2)حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
مثال.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إجراءات "إجراءات التحقيق".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
الخطأ في تحديد سن الطاعن ومهنته في محضر الاستدلالات. غير قادح في جدية ما تضمنه من تحر.
(4) حكم "ما يعيبه في نطاق التدليل".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
 (5)تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات ساعة إصدار الإذن موصوفة بأحد جزئي اليوم. متى يلزم؟
عدم اشتمال إذن التفتيش على ما يفيد انتساب ساعة صدوره إلى صباح أو مساء يومها لا يؤثر في صحته.
(6) نقض "أسباب الطعن. تحديدها". إجراءات "إجراءات التحريز".
تحديد وجه الطعن. شرط قبوله.
مثال.

-------------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون.
2 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد - بفرض وقوعه - لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، فإنه لا يجدي الطاعن ما ينعاه على الحكم أنه أورد عند تحصيله الواقعة أن انتقال الضابط إلى مكان الضبط كان بسيارة الشرطة على خلاف ما قرره بالتحقيقات من أن وسيلة الانتقال كانت سيارة أجرة، إذ أن ذلك بفرض صحته لا يتصل بجوهر الواقعة، وليس بذي أثر في منطق الحكم ولا في النتيجة التي انتهى إليها.
3 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، لما كان ذلك، وكان الخطأ في تحديد سن الطاعن ومهنته في محضر الاستدلالات لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
4 - إن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
5 - لما كان إثبات ساعة إصدار الإذن موصوفة بأحد جزئي اليوم لازمة فقط عند احتساب ميعاده لمعرفة أن تنفيذه قد تم بعد صدور الإذن وفي خلال الأجل المصرح بإجرائه فيه، فلا يؤثر في صحة إذن التفتيش عدم اشتماله على ما يفيد انتساب ساعة صدوره إلى صباح أو مساء يومها، ويكون الإذن بريئاً من قالة البطلان.
6 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون محدداً في معناه ومبتغاه، وكان الطاعن لا أمام محكمة الموضوع، ولا في أسباب طعنه قد رمى إجراء تحريز المخدر المضبوط بشائبة ما، ولم يفصح عن مقصده من إتمام هذا الإجراء في عجالة، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً (أفيون) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأحالته إلى محكمة جنايات أسيوط لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 3، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن ثلاث سنوات وبتغريمه خمسين ألفاً من الجنيهات والمصادرة باعتبار أن إحراز المخدر كان مجرداً من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز مخدر الأفيون بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يورد محضر تحريات الشرطة وإذن التفتيش وحالة الطاعن وقت ضبطه على نحو مفصل - كما أن الحكم أخطأ في تحصيل أقوال الضابط حيث أورد أن انتقاله إلى مكان الضبط كان بسيارة الشرطة في حين أنه قرر بالتحقيقات أن وسيلة الانتقال كانت سيارة أجرة - فضلاً عن أن الطاعن دفع بعدم جدية التحريات لإيرادها سنه ومهنته خطأ، إلا أن الحكم أطرحه بما لا يكفي ولا يسوغ - كما أنه في تحصيله لواقعة الدعوى وسرده لأقوال شاهد الإثبات أثبت أن الطاعن - يتجر في المواد المخدرة، ثم عاد ونفى قصد الاتجار استناداً إلى صغر كمية المخدر المضبوطة - هذا وقد ران البطلان على إذن التفتيش لعدم تحديد ساعة صدوره في الصباح أو المساء، ولا يزيل بطلانه التحديد اللاحق من وكيل النيابة مصدره، وأن تحريز المخدر المضبوط تم في عجالة، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن ما أثبته في مدوناته كاف لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما تبينتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم إغفاله بعض الوقائع التفصيلية التي أشار إليها في أسباب طعنه، وهي تعد وقائع ثانوية لا تتعلق بجوهر الواقعة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد - بفرض وقوعه - لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، فإنه لا يجدي الطاعن ما ينعاه على الحكم أنه أورد عند تحصيله الواقعة أن انتقال الضابط إلى مكان الضبط كان بسيارة الشرطة على خلاف ما قرره بالتحقيقات من أن وسيلة الانتقال كانت سيارة أجرة، إذ أن ذلك بفرض صحته لا يتصل بجوهر الواقعة، وليس بذي أثر في منطق الحكم ولا في النتيجة التي انتهى إليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، لما كان ذلك، وكان الخطأ في تحديد سن الطاعن ومهنته في محضر الاستدلالات لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة. وكان البين من أسباب الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى وأقوال شاهد الإثبات كما هي قائمة في الأوراق، ثم أورد ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الاتجار بما ينفي قيام التناقض، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص، فضلاً عن انعدام مصلحته في إثارته، يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان إثبات ساعة إصدار الإذن موصوفة بأحد جزئي اليوم لازمة فقط عند احتساب ميعاده لمعرفة أن تنفيذه قد تم بعد صدور الإذن وفي خلال الأجل المصرح بإجرائه فيه، فلا يؤثر في صحة إذن التفتيش عدم اشتماله على ما يفيد انتساب ساعة صدوره إلى صباح أو مساء يومها، ويكون الإذن بريئاً من قالة البطلان. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون محدداً في معناه ومبتغاه، وكان الطاعن لا أمام محكمة الموضوع، ولا في أسباب طعنه قد رمى إجراء تحريز المخدر المضبوط بشائبة ما، ولم يفصح عن مقصده من إتمام هذا الإجراء في عجالة، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه.

الطعن 2510 لسنة 61 ق جلسة 3 / 12 / 1992 مكتب فني 43 ق 173 ص 1110


جلسة 3 من ديسمبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ كمال أنور رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي وفتحي الصباغ نواب رئيس المحكمة ومحمد حسين.
------------------
(173)
الطعن رقم 2510 لسنة 61 القضائية

 (1)نقض "أسباب الطعن. إيداعها".
عدم إيداع الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
 (2)مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". اختصاص.
الضباط العاملون بمصلحة الأمن العام وفي شعب البحث الجنائي بمديريات الأمن. انبساط ولايتهم على جميع أنواع الجرائم حتى ما كان منها قد أفردت له مكاتب خاصة. أساس ذلك؟
إضفاء صفة الضبط القضائي على موظف ما في صدد جرائم معينة لا يعني سلب تلك الصفة في شأن هذه الجرائم عن مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام.
تنظيم مصلحة الأمن العام وتحديد اختصاص كل إدارة منها بقرار من وزير الداخلية. لا يسلب أو يقيد هذه الصفة. علة ذلك؟
(3) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". اختصاص.
الضباط العاملون بمصلحة الأمن العام وفي شعب البحث الجنائي بمديريات الأمن. اشتمال سلطتهم في ضبط جميع الجرائم في كافة أنحاء الجمهورية. أساس ذلك؟
 (4)دفوع "الدفع ببطلان القبض". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض لأول مرة أمام النقض غير جائز. ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيامه.
 (5)إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك. لا يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم. متى كانت مطروحة على بساط البحث.
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. ماهيته؟
 (6)إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محاماة.
تولي محام واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة. شرطه: ألا تؤدي ظروف الواقعة إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم.
التعارض الحقيقي. مناطه: أن القضاء بإدانة أحد المتهمين. يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر. أساسه: الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان بوسع كل منهما أن يبديه.
 (7)سرقة. سلاح. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم ضبط السلاح المخبأ الذي كان يحمله المتهم أثناء الحادث لا يقدح في سلامة الحكم. أساس ذلك؟

------------------
1 - لما كان المحكوم عليه...... وإن قرر بالطعن في الحكم بطريق النقض في الميعاد، إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، ومن ثم يكون طعنه غير مقبول شكلاً عملاً بالمادة 34/ 2 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - من المقرر وفقاً للمادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 7 لسنة 1963 قد منحت الضباط العاملين بمصلحة الأمن العام وفي شعب البحث الجنائي بمديريات الأمن سلطة الضبط بصفة عامة وشاملة، مما مؤداه أن يكون في متناول اختصاصهم ضبط جميع الجرائم ما دام أن قانون الإجراءات الجنائية حينما أضفى عليهم صفة الضبط القضائي لم يرد أن يقيدها لديهم بأي قيد أو يحد من ولايتهم فيجعلها قاصرة على نوع معين من الجرائم لاعتبارات قدرها تحقيقاً للمصلحة العامة وتلك الولاية بحسب الأصل إنما تنبسط على جميع أنواع الجرائم حتى ما كان منها قد أفردت له مكاتب خاصة لما هو مقرر من أن إضفاء صفة الضبط القضائي على موظف ما في صدد جرائم معينة لا يعني مطلقاً سلب تلك الصفة في شأن هذه الجرائم عينها من مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام ولا ينال من هذا النظر ما اشتمل عليه قرار وزير الداخلية بتنظيم مصلحة الأمن العام وتحديد اختصاص كل إدارة منها فهو محض قرار نظامي لا يشتمل على ما يمس أحكام قانون الإجراءات الجنائية وليس فيه ما يخول وزير الداخلية حق إصدار قرارات بمنح صفة الضبط القضائي أو سلب أو تقييد هذه الصفة عن ضابط معين بالنسبة إلى نوع أو أنواع معينة من الجرائم.
3 - إن المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليها فضلاً عن أنها منحت الضباط العاملين بمصلحة الأمن العام وفي شعب البحث الجنائي بمديريات الأمن سلطة عامة وشاملة في ضبط جميع الجرائم فإنها كذلك قد خولتهم هذه سلطة في كافة أنحاء الجمهورية.
4 - من المقرر أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان، ولما كانت مجادلة الطاعنين في انتفاء حالة التلبس تقتضي تحقيقاً موضوعياً، وكان الطاعنان لم يتمسكا به أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فلا يقبل منهما إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - لما كانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية تخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ولا يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم ما دامت مطروحة على بساط البحث في الجلسة - وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المرافعة الأخيرة أن الدفاع - خلافاً لما ذهب إليه الطاعن الأول في أسباب طعنه - قد استغنى صراحة عن سماع الشهود واختتم المدافع عنه مرافعته طالباً الحكم ببراءته مما أسند إليه دون أن يتمسك بسماع شهود الإثبات أو رجال المساحة فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا لم تسمع هؤلاء الشهود أو ترد على طلب سماعهم، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بالرد إلا على الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية.
6 - لما كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع من أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم، وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أن الطاعنين - وآخرين - ارتكبوا معاً جريمة سرقة المهمات المملوكة لهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية ليلاً حالة كون أحدهم يحمل سلاحاً، وكان القضاء بإدانة أحد الطاعنين الأول والثاني - كما يستفاد من الحكم - لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع، وإذ كان المتهمان لم يتبادلا الاتهام والتزما جانب الإنكار، وكان تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل منهما بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان بوسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل فإن مصلحة كل من الطاعنين الأول والثاني في الدفاع لا تكون متعارضة، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد.
7 - لما كان لا يقدح في سلامة الحكم المطعون فيه عدم ضبط السلاح (المخبأ) الذي كان يحمله المتهم الخامس أثناء الحادث، ذلك لأنه ما دام الحكم قد اقتنع مما أورده من أدلة بأن هذا المتهم كان يحمل سلاحاً (مطواة) وقت الحادث وهو في معيته لباقي المتهمين فإن ذلك يكفي للتدليل على توافر ظرف حمل السلاح ولو لم يضبط ذلك السلاح.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من.... و..... (طاعن) و..... (طاعن) و .... و...... (طاعن) بأنهم: سرقوا الأسلاك المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق المعدة للاستعمال في مرفق المواصلات السلكية واللاسلكية حالة كون المتهم الخامس يحمل سلاحاً مخبأ مطواة، وأحالتهم إلى محكمة جنايات الفيوم لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للثاني والثالث والخامس وغيابياً للباقين عملاً بالمادتين 315، 316 مكرراً ثانياً من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة مدة ثلاث سنوات عما أسند إليهم.
فطعن المحكوم عليهم الثاني والثالث والخامس في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة
حيث إن المحكوم عليه...... وإن قرر بالطعن في الحكم بطريق النقض في الميعاد، إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، ومن ثم يكون طعنه غير مقبول شكلاً عملاً بالمادة 34/ 2 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث إن ما ينعاه هذان الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما - وآخرين - بجناية سرقة مهمات مستعملة في مرفق المواصلات السلكية واللاسلكية ليلاً مع سلاح، قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وفساد في الاستدلال ذلك بأن المحكمة ردت على الدفع ببطلان القبض الواقع عليهم وما تلاه من اعتراف منهم لعدم اختصاص القائم بالضبط نوعياً ومحلياً بما لا يسوغه وأغفلت الدفع ببطلان القبض لانتفاء حالة التلبس إيراداً أو رداً، ولم تجب الطاعن الأول إلى طلبه سماع شهود الإثبات ورجال المساحة، كما سمحت لمدافع واحد بالدفاع عنه والمتهم الثالث رغم التعارض بين مصالحهما، وأخيراً فقد استمدت من قول أحد المتهمين أن المتهم الخامس كان يحمل مطواة رغم عدم ضبط هذا السلاح، وهذا كله مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما حاصله أنه بينما كان المقدم...... بقسم الرقابة التموينية بالفيوم في كمين على رأس قوة لضبط السلع التموينية المهربة بين المحافظات بطريق الفيوم القاهرة استوقف إحدى السيارات الأجرة التي كان يستقلها المتهمان...... و...... (الطاعن الأول) واللذان ما أن شاهداه وأفراد القوة حتى بدت عليهما علامات الارتباك وأبلغه قائد السيارة بأنه تناهى إلى سمعه حديثاً دار بين الاثنين المذكورين حول واقعة سرقة لم يتبين ماهيتها أو مضمونها فواجه كل منهما بذلك فأقرا له بقيامهما وكل من الطاعن الثاني و..... والطاعن الثالث بسرقة أسلاك المراسلات التليفونية بعد قطعها ونزعها من الأعمدة المشدودة عليها وإخفائها بمنطقة قريبة من مكان سرقتها بناحية العجمية مركز ابشواى تمهيداً لنقلها إلى القاهرة ليقوم الطاعن الثالث ببيعها لعملائه كما أن المتهمين الأول والثاني (الطاعن الأول) حضرا ليلة الضبط لنقلها بواسطة سيارة نصف نقل يستقلها الطاعن الثالث، وقد تم ضبط المسروقات بإرشاد الطاعن الأول إذ عرضت على الفنيين المختصين بهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية لفحصها وثبت أنها من الأسلاك الخاصة باستعمالات هيئة المواصلات المذكورة وأنها غير متداولة بالأسواق، وقد تم ضبط المتهمين جميعاً واعترف كل من المتهم الأول والثاني (الطاعن الأول) والثالث (الطاعن الثاني) والرابع بارتكاب الحادث ومعهم المتهم الخامس، وبعد أن أورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنين أدلة مستمدة من أقوال الضابط ورجال هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية واعترافات المتهمين عدا الأخير بتحقيقات النيابة والتي حصل منها أن هذا المتهم كان يحمل سلاحاً مخبأ (مطواة) وقت الحادث، ومن ضبط المسروقات بإرشاد المتهم الثاني (الطاعن الأول) وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. عرض للدفع ببطلان القبض على المتهمين وما تلاه من اعتراف ورد عليه بقوله: "وحيث إنه بخصوص ما أبداه الدفاع من دفع ببطلان القبض وما تلاه من اعتراف تأسيساً على عدم اختصاص مأمور الضبط القضائي فإن ذلك مردود عليه بأن المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت في الفقرة (ب) منها في البند 2 على أن يكون من مأموري الضبط القضائي في جميع أنحاء الجمهورية مديرو الإدارات والأقسام ورؤساء المكاتب والمفتشون والضباط وأمناء الشرطة والكونستبلات والمساعدون، وباحثات الشرطة العاملون في مصلحة الأمن العام وفي شعبة البحث الجنائي بمديريات الأمن". ولما كان وكيل مباحث التموين هي إحدى شعب البحث الجنائي، ومن ثم يتعين الاختصاص له بواقعة الضبط الأمر الذي يكون معه هذا النعي على غير أساس من الواقع والقانون خليق بالرفض، كما أن المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه، وكان الثابت من الأوراق والتحقيقات أن واقعة الضبط قد تمت بدائرة مركز ابشواى محافظة الفيوم الأمر الذي يتعين معه الاختصاص المكاني لمأموري الضبط القضائي فيها، ومن ثم فإن ما أبدي من دفوع لا يسانده دليل من الواقع والقانون متعين لفت النظر عنه" وما قاله الحكم فيما تقدم صحيح في القانون، ذلك بأن المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 7 لسنة 1963 قد منحت الضباط العاملين بمصلحة الأمن العام وفي شعب البحث الجنائي بمديريات الأمن سلطة الضبط بصفة عامة وشاملة، مما مؤداه أن يكون في متناول اختصاصهم ضبط جميع الجرائم ما دام أن قانون الإجراءات الجنائية حينما أضفى عليهم صفة الضبط القضائي لم يرد أن يقيدها لديهم بأي قيد أو يحد من ولايتهم فيجعلها قاصرة على نوع معين من الجرائم لاعتبارات قدرها تحقيقاً للمصلحة العامة وتلك الولاية بحسب الأصل إنما تنبسط على جميع أنواع الجرائم حتى ما كان منها قد أفردت له مكاتب خاصة لما هو مقرر من أن إضفاء صفة الضبط القضائي على موظف ما في صدد جرائم معينة لا يعني مطلقاً سلب تلك الصفة في شأن هذه الجرائم عينها من مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام ولا ينال من هذا النظر ما اشتمل عليه قرار وزير الداخلية بتنظيم مصلحة الأمن العام وتحديد اختصاص كل إدارة منها فهو محض قرار نظامي لا يشتمل على ما يمس أحكام قانون الإجراءات الجنائية وليس فيه ما يخول وزير الداخلية حق إصدار قرارات بمنح صفة الضبط القضائي أو سلب أو تقييد هذه الصفة عن ضابط معين بالنسبة إلى نوع أو أنواع معينة من الجرائم. لما كان ذلك، وكانت المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية المشار إليها فضلاً عن أنها منحت الضباط العاملين بمصلحة الأمن العام وفي شعب البحث الجنائي بمديريات الأمن سلطة عامة وشاملة في ضبط جميع الجرائم فإنها كذلك قد خولتهم هذه السلطة في كافة أنحاء الجمهورية. لما كان ذلك، وكان القائم بالضبط وكيل لإحدى شعب البحث الجنائي على النحو المار بيانه فإنه يكون غير صحيح في القانون النعي ببطلان الإجراءات في هذا الصدد وما تلاها من اعترافات. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعنان من إغفال الحكم للدفع ببطلان القبض لانتفاء حالة التلبس، فمردود بدوره بما هو مقرر من أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان، ولما كانت مجادلة الطاعنين في انتفاء حالة التلبس تقتضي تحقيقاً موضوعياً، وكان الطاعنان لم يتمسكا به أمام محكمة الموضوع، ومن ثم فلا يقبل منهما إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية تخول للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ولا يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم ما دامت مطروحة على بساط البحث في الجلسة - وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المرافعة الأخيرة أن الدفاع - خلافاً لما ذهب إليه الطاعن الأول في أسباب طعنه - قد استغنى صراحة عن سماع الشهود واختتم المدافع عنه مرافعته طالباً الحكم ببراءته مما أسند إليه دون أن يتمسك بسماع شهود الإثبات أو رجال المساحة فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا لم تسمع هؤلاء الشهود أو ترد على طلب سماعهم، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بالرد إلا على الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن محامياً واحداً حضر عن الطاعنين الأول والثاني وأبدى دفاعاً واحداً عنهما يرتكز أساساً على إنكارهما الفعل المسند إليهما، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع من أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم، وكان الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أن الطاعنين - وآخرين - ارتكبوا معاً جريمة سرقة المهمات المملوكة لهيئة المواصلات السلكية واللاسلكية ليلاً حالة كون أحدهم يحمل سلاحاً، وكان القضاء بإدانة أحد الطاعنين الأول والثاني - كما يستفاد من الحكم - لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع، وإذ كان المتهمان لم يتبادلا الاتهام والتزما جانب الإنكار، وكان تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل منهما بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان بوسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل فإن مصلحة كل من الطاعنين الأول والثاني في الدفاع لا تكون متعارضة، ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يقدح في سلامة الحكم المطعون فيه عدم ضبط السلاح (المخبأ) الذي كان يحمله المتهم الخامس أثناء الحادث، ذلك لأنه ما دام الحكم قد اقتنع مما أورده من أدلة بأن هذا المتهم كان يحمل سلاحاً (مطواة) وقت الحادث وهو في معيته لباقي المتهمين فإن ذلك يكفي للتدليل على توافر ظرف حمل السلاح ولو لم يضبط ذلك السلاح، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الشأن لا يكون له محل، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون في غير محله متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1457 لسنة 48 ق جلسة 31 / 12 / 1978 مكتب فني 29 ق 206 ص 993

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1978

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه، ودكتور أحمد رفعت خفاجي، ومحمد حلمي راغب، وجمال الدين منصور.

--------------------

(206)
الطعن رقم 1457 لسنة 48 القضائية

1)، 2  ) سرقة. قبض. "الأمر بالقبض". "ما لا يعد أمراً بالقبض". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات. "بوجه عام".
1 - المادة 126 إجراءات. إجازتها لسلطة التحقيق في جميع المواد. إصدار أمر بحضور المتهم أو القبض عليه وإحضاره. خلو هذا الأمر من اسم المتهم. عدم اعتباره في صحيح القانون أمراً بالقبض. المادة 127 إجراءات. تفتيش الشخص استناداً إليه. باطل.
2 - تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه.

----------------

1 ، 2 - لما كان الأصل المقرر بمقتضى المادة 40 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة ذلك قانوناً, وكانت المادة 126 من القانون المذكورة - والتي يسري حكمها بالنسبة لما تباشره النيابة العامة من تحقيق - تجيز لسلطة التحقيق في جميع المواد أن تصدر حسب الأحوال أمراً بحضور المتهم أو بالقبض عليه وإحضاره، وأوجبت المادة 127 من ذات القانون أن يشتمل كل أمر بالقبض صادر من سلطة التحقيق على اسم المتهم ولقبه وصناعته محل إقامته والتهمة المنسوبة إليه وتاريخ الأمر وإمضاء من أصدره الختم الرسمي، وكان مفاد ذلك أن الطلب الموجه إلى الشرطة من النيابة العامة للبحث والتحري عن الجاني - غير المعروف - وضبطه لا يعد في صحيح القانون أمراً بالقبض، ذلك بأن نص المادة 127 من قانون الإجراءات الجنائية جاء صريحاً في وجوب تحديد شخص المتهم الذي صدر أمر بالقبض عليه وإحضاره ممن يملكه قانوناً، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وما أورده تبريراً لإطراحه دفع الطاعن ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لا يتفق مع القانون ولا يؤدي إلى ما رتبه عليه، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه في تقدير أدلة الدعوى ومنها اعتراف الطاعن، ولا يغنى عن ذلك ما ذكره الحكم من أدلة أخرى، إذا الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم: اشتركوا في سرقة الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوكة...... من مسكنها بواسطة الكسر من الخارج. وطلبت معاقبتهم بالمادة 317/ 2 و4 و5 من قانون العقوبات ومحكمة جنح إمبابة الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم (الطاعن) ستة أشهر مع الشغل والنفاذ. فاستأنف، محكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السرقة قد شابه خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال، ذلك بأن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لحصولها بغير إذن النيابة العامة وفي غير حالات التلبس التي تجيزها قانوناً ولكن الحكم رد على ذلك بما لا يتفق والقانون، وعول في قضائه بالإدانة على الاعتراف المنسوب للطاعن رغم أنه جاء وليد هذه الإجراءات الباطلة، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن تحريات الشرطة دلت على أن الطاعن وآخرين ارتكبوا حادث سرقة من مسكن المجني عليها منذ فترة سابقة على تاريخ تحرير محضر التحريات وإذ تم ضبط المتهمين ومواجهتهم بهذه التحريات اعترفوا بارتكاب الحادث وأرشدوا عن المسروقات، وعرض الحكم للدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش وأطرحه في قوله"...... أما عن الدفع ببطلان القبض لعدم سبق حصول القائم به على إذن من النيابة بذلك فهو دفع مردود بأن القائم بالضبط إذ أبلغ بوقوع جريمة وتحرر عن ذلك محضراً وأرسل إلى النيابة حيث قامت بقيده وأمرت الشرطة بموالاة البحث والتحري وضبط المتهمين وهو ما قام به رجال الضبط بالفعل الأمر الذي يغدو معه ذلك الدفع قائم على غير أساس سليم في الواقع والقانون متعين الرفض"، ولما كان ذلك، وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة 40 من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة ذلك قانوناً, كانت المادة 126 من القانون المذكورة - والتي يسري حكمها بالنسبة لما تباشره النيابة العامة من تحقيق - تجيز لسلطة التحقيق في جميع المواد أن تصدر حسب الأحوال أمراً بحضور المتهم أو بالقبض عليه وإحضاره، وأوجبت المادة 127 من ذات القانون أن يشتمل كل أمر بالقبض صادر من سلطة التحقيق على اسم المتهم ولقبه وصناعته محل إقامته والتهمة المنسوبة إليه وتاريخ الأمر وإمضاء من أصدره الختم الرسمي، وكان مفاد ذلك أن الطلب الموجه إلى الشرطة من النيابة العامة للبحث والتحري عن الجاني - غير المعروف - وضبطه لا يعد في صحيح القانون أمراً بالقبض، ذلك بأن نص المادة 127 من قانون الإجراءات الجنائية جاء صريحاً في وجوب تحديد شخص المتهم الذي صدر أمر بالقبض عليه وإحضاره ممن يملكه قانوناً، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وما أورده تبريراً لإطراحه دفع الطاعن ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لا يتفق مع القانون ولا يؤدي إلى ما رتب عليه، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون خطأ حجبه في تقدير أدلة الدعوى ومنها اعتراف الطاعن، ولا يغني عن ذلك ما ذكره الحكم من أدلة أخرى، إذا الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 17752 لسنة 87 ق جلسة 26 / 1 / 2020

باسم الشعب 
محكمة النقـــض 
الدائــرة الجنائيـــة 
دائرة الأحد (ه) 
----- 
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / عابــــد راشـــد نائب رئيس المحكمـة 

وعضوية السادة المستشاريــن / أحمــد أحمد خليـل أحمـد محمود شلتوت 

ووليــد عـــادل نواب رئيــس المحكمة  ومحمد صلاح عبد التواب 

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / الحسين ياسين . 

وأمين السر السيد / محمد فوزى . 

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة . 

في يوم الأحد غرة جُمادى الأخرى سنة 1441 هـ الموافق 26 من يناير سنة 2020 م . 
أصدرت الحكم الآتي : 

في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 17752 لسنة 87 القضائية . 

المرفوع من 

.............. . " طاعن " 

ضــد 

النيابة العامة . " مطعون ضدها " 

الوقائـع 

اتهمت النيابة العامة كل من 1- ...... " طاعن " ، 2- ..... - في قضية الجناية رقم 19620 لسنة 2014 قسم الرمل أول ، والمقيدة بالجدول الكلى برقم 6542 لسنة 2014 شرق الاسكندرية . 
بوصف أنهما في يوم 30 من سبتمبر لسنة 2014 بدائرة قسم الرمل أول - محافظة الإسكندرية : 
- أحرز كلا منهما أقراصاً تحوى جوهر " الترامادول " المخدر فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً. 
وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . 
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً لأول وغيابياً للثانى بجلسة 21 من أبريل لسنة 2015 عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 38/2 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند رقم 152 من القسم الثانى من الجدول رقم " 1 " الملحق بالقانون الأول والمضاف بقرار وزير الصحة رقم 125 لسنة 2012 - بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريم كل منهما خمسين ألف جنيه لما نسب إليهما ومصادرة المخدر المضبوط ، وذلك باعتبار أن إحراز الجوهر المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون . 
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 4 من مايو لسنة 2015 . 
وأودعت مذكرة بأسباب طعن المحكوم عليه الأول في 18 من يونيه لسنة 2015 موقع عليها من الأستاذ / ..... المحامي . 

وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة . 

المحكمــة 
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونًا. 

حيث إن الطعن استوفى الشكل المقررة في القانون. 

وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز عقار الترامادول المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والتناقض والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه جاء في عبارات عامة معماة مجهلة خلت من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ودور كل شاهد ، وأورد مضمون أقوال شاهد الإثبات الأول بطريقة غير وافية ، ولم يورد شهادة الثاني مكتفياً في بيانها بالإحالة إلى أقوال الأول رغم اختلاف دور كل منهما ،
كما جاء قاصراً في بيان مضمون تقرير المعمل الكيماوي ومدى اتساقه مع شهادة شاهدي الإثبات ،
ورد بما لا يصلح على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولعدم صدور إذن من النيابة العامة ، والدفع ببطلان محضر الضبط لتحريره بواسطة جهاز كمبيوتر وليس بخط اليد وعدم التوقيع عليه ،
ونسب إلى الشاهد الأول أنه ضبط مع الطاعن عدد مائتي قرص بما يخالف الثابت في الأوراق وفي تقرير المعمل الكيماوي ، وأغفل دفاع الطاعن باستحالة حدوث الواقعة وعدم معقوليتها ،
وبعد أن اطمأن إلى أقوال شاهدي الإثبات وإلى التحريات عاد واطرحهما حين استبعد قصد الاتجار عن الطاعن بما يصمه بالتناقض ، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه . 

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانون التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بَيَّن دور ضابطي الواقعة وذلك خلافاً لما ادعاه الطاعن بأسباب طعنه ، ومن ثم ينحسر عن الطعن دعوى القصور في التسبيب . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مودي أقوال النقيب/ محمود محمد أشرف شاهد الإثبات الأول - التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة - في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير ما محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه منها ، وكان لا يقدح في سلامة الحكم - على فرض صحة ما يثيره الطاعن - عدم اتفاق أقوال شاهدي الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهما بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد نقل عن تقرير المعمل الكيماوي أن الأقراص المضبوطة جميعها تحتوي على مادة الترامادول المدرجة بالجدول الأول الملحق بقانون المخدرات ، وكان ما أورده الحكم نقلا عن هذا التقرير كافياً في بيان مضمونه ولتحقيق المواءمة بينه وبين باقي الأدلة المطروحة في الدعوى ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم عدم إيراده مضمون التقرير سالف الذكر لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه برد سائغ ، وكان من المقرر أنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ، ولا يشترط في التلبس بإحراز المخدر أن يكون من شاهد هذه المظاهر قد تبين ماهية المادة التي شاهدها ، بل يكفي في ذلك تحقق تلك المظاهر الخارجية بأي حاسة من الحواس متى كان هذا التحقق بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً ، يستوي في ذلك أن يكون المخدر ظاهراً أو غير ظاهر ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن بعدم توافرها وبطلان القبض والتفتيش كافية وسائغا ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت الحالة من حالات التلبس ، فلا على مأمور الضبط القضائي إن هو لم يسع للحصول على إذن من سلطة التحقيق بالقبض والتفتيش لم يكن في حاجة إليه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه عرض للدفع ببطلان محضر الضبط ورد عليه رداً سائغاً ، وكان من المقرر أن مأمور الضبط القضائي هو المسؤول وحده عن صحة ما دون بمحاضره فلا يَهُم بعد ذلك إن كان حررها بقلمه مباشرة أو بواسطة الاستعانة بألة ميكانيكية أو يد أجنبية لأن عدم مباشرته تحريرها بخط يده لا يؤثر في اعتبار أنها محررة في  حضرته وتحت بصره . لما كان ذلك ، وكانت المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتها الثانية على أنه " ويجب أن تثبت جميع الإجراءات التي يقوم بها مأمورو الضبط القضائي في محاضر موقع عليها منهم يبين بها وقت اتخاذ الإجراءات ومكان حصولها .... " مما يستفاد منه أن القانون وإن كان يوجب أن يحرر مأمور الضبط القضائي محضراً بكل ما يجريه في الدعوى من إجراءات إلا أن ما نص عليه القانون فيما تقدم لم يرد إلا على سبيل التنظيم والإرشاد ولم يرتب على مخالفته البطلان ، وكان الطاعن لم ينازع في تحرير ضابط المباحث لما أُثبت فيه ومن ثم فإن خلو محضر جمع الاستدلالات من توقيع محرره - من قبيل السهو - ليس من شأنه إهدار قیمته كعنصر من عناصر الإثبات وإنما يخضع كل ما يعتريه من نقص أو عيب لتقدير محكمة الموضوع ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص غیر سدید . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد أورد لدي بيانه لواقعة الدعوى أنه تم ضبط المتهم الأول - الطاعن - وبحوزته مائتين وتسعين قرصاً مخدراً - وهو ما لا ينازع الطاعن في صحته - ومن ثم فإن ما ورد بالحكم لدى بيانه لأقوال شاهد الإثبات الأول من أنه ضبط مع المتهم عدد مائتي قرص مخدر لا يعدو أن يكون مجرد خطأ مادي لا يؤثر في سلامته ، إذ أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو ما يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكانت المحكمة بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها ، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ، وكان الدفع باستحالة حصول الواقعة على نحو معين من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي يوردها الحكم ، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بدعوى القصور بإغفال الرد عليه لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يكفي لإسناد واقعة حيازة وإحراز الجوهر المخدر لدى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد من القصود المسماة دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعیناً رفضه موضوعاً . 

فلهــذه الأسبــاب 
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .