جلسة 11 من أكتوبر سنة
1965
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة،
وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفي رضوان, ومحمد محمد محفوظ، ومحمود عز الدين
سالم، ومحمد أبو الفضل حفني.
----------------
(130)
الطعن رقم 477 لسنة 35
القضائية
ارتباط. عمل. نقض. "أحوال الطعن
بالنقض". "الخطأ في تطبيق القانون".
مناط تطبيق المادة 32/ 2
عقوبات: أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها
البعض فتكونت منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في
المادة المذكورة.
تقدير قيام الارتباط بين
الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، كون وقائع الدعوى
كما أوردها الحكم لا يتفق قانونا مع ما انتهي إليه من قيام الارتباط بينها. اعتبار
ذلك من الأخطاء القانونية في تكييف الارتباط الذى تحددت عناصره في الحكم. وجوب
تدخل محكمة النقض لانزال حكم القانون. مثال في جريمتي عدم تحرير عقد عمل وعدم
إنشاء ملف خاص لكل عامل.
---------------------
مناط تطبيق المادة 32/ 2
من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة
لبعضها البعض فتكونت منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم
الوارد في الفقرة الثانية من المادة 32 المذكورة. وقد جري قضاء محكمة النقض على
أنه وإن كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة
التقديرية لمحكمة الموضوع، إلا أنه متي كانت وقائع الدعوى كما أوردها الحكم
المطعون فيه لا تتفق قانونا مع ما انتهي إليه من قيام الارتباط بينها، فإن ذلك
يكون من الأخطاء القانونية في تكييف الارتباط الذي تحددت عناصره في الحكم ويستوجب
تدخل محكمة النقض لانزال حكم القانون على الوجه الصحيح. ولما كان ما أورده الحكم
المطعون فيه عن قيام الارتباط الذى لا يقبل التجزئة بين جريمتي عدم تحرير عقد عمل
لكل عامل وعدم إنشاء ملف خاص لكل منهم لا يحمل قضاءه، ذلك بأن قعود صاحب العمل عن
تحرير عقد للعامل إنما هو عمل مستقل تمام الاستقلال عن جريمة إخلاله بما أوجبه
القانون عليه من افراد ملف خاص لكل عامل، ولا يوجد ثمت ارتباط بين هاتين الجريمتين
في مفهوم ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات على الوجه
المشار إليه فيما سلف، الأمر الذي يشكل خطأ في التكييف القانون للوقائع كما أثبتها
الحكم بما يستوجب نقضه وتصحيحه بالقضاء بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة إلى المطعون
ضده.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده وأخر بأنهما في
يوم 4 يونيه سنة 1963 بدائرة قسم الشرق ببورسعيد: (أولا) لم يحررا عقد عمل من
نسختين لكل عامل من العمال المبينة أسماؤهم في المحضر وتسليم لكل نسخة (ثانيا) لم
ينشئا ملفا خاصا لكل عامل من العمال المبينة بالمحضر، وطلبت عقابهما بالمواد 43
و69 و221 و222 من القانون رقم 91 لسنة 1959. ومحكمة باب شرق الجزئية قضت حضوريا
بتاريخ 13 من يناير سنة 1963 عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهم مائتي قرش عن كل
تهمة على أن تتعدد بقدر عدد العمال، فاستأنف المتهم (المطعون ضده) هذا الحكم.
ومحكمة بورسعيد الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 16 مارس سنة
1963 عملا بمواد الاتهام والمادة 32 من قانون العقوبات بقبول الاستئناف شكلا وفي
الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم مائتي قرش عن التهمتين على
أن تتعدد العقوبة بقد عدد العمال الذين وقعت بشأنهم المخالفة، فطعنت النيابة
العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه
أنه إذ دان المطعون ضده بتهمتي عدم تحريره عقد عمل من نسختين وعدم إنشائه ملفا
خاصا لكل عامل قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه أعمل في حقه حكم المادة 32/ 2 من
قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة واحدة تأسيسا على أن عقد العمل يعد عنصرا من
عناصر الملف الخاص في حين أن عقد العمل ليس من العناصر التي أوجبت المادة 69 من
القانون رقم 91 باصدار قانون العمل اشتمال الملف عليها مما مؤداه أن الجريمتين غير
مرتبطتين ولم تقعا لغرض واحد.
وحيث إن الدعوى الجنائية
أقيمت ضد المطعون ضده ومتهم آخر بأنهما في يوم 4 يونيه سنة 1963 بدائرة قسم الشرق
ببور سعيد (1) لم يحررا عقد عمل من نسختين لكل عامل من العمال المبينة أسماؤهم
بالمحضر (2) لم ينشأ ملفا خاصا لكل عامل، وطلبت النيابة معاقبتهما بالمواد 43، 69،
221، 222 من القانون رقم 91 سنة 1959، ومحكمة أول درجة قضت حضوريا للمطعون ضده
وغيابيا للمتهم الآخر بتغريمها مائتي قرش عن كل تهمة على أن تتعدد بتعدد العمال،
فاستأنف المطعون ضده، والمحكمة الاستئنافية قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي
الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريمه مائتي قرش عن التهمتين على أن
تتعد العقوبة بقدر عدد العمال الذين وقعت بشأنهم المخالفة. لما كان ذلك، وكان
الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية
للجريمتين اللتين دان المطعون ضده بهما وأورد على ثبوتها أدلة من شأنها أن تؤدي
إلى ما رتبه عليها، انتهي إلى تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون
العقوبات وتوقيع عقوبة واحدة عن التهمتين المسندتين إلى المطعون ضده في قوله:
"إن عقد العمل الذى لم يحرره المتهم من نسختين لكل عامل من عماله المذكورين بالمحضر
المشار إليه هو أحد عناصر الملف الخاص لكل هؤلاء العمال ولا يكون الملف مستوفيا
لإنشائه إن لم يودع فيه". ولما كان مناط تطبيق المادة 32/ 2 من قانون
العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها
البعض فتكونت منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في
الفقرة الثانية من المادة 32 المذكورة. وكان قضاء هذه الحكمة قد جرى على أنه وإن
كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة
التقديرية لمحكمة الموضوع، إلا أنه متي كانت وقائع الدعوى كما أوردها الحكم لا
تتفق قانونا مع ما انتهي إليه من قيام الارتباط بينها، فإن ذلك يكون من الأخطاء
القانونية في تكييف علاقة الارتباط الذي تحددت عناصره في الحكم وتستوجب تدخل محكمة
النقض لإنزال حكم القانون الصحيح عليها وكان ما أورده الحكم المطعون فيه عن قيام
الارتباط الذى لا يقبل التجزئة بين الجريمتين سالفتي البيان لا يحمل قضاءه، ذلك
بأن قعود صاحب العمل عن تحرير عقد للعامل إنما هو عمل مستقل تمام الاستقلال عن
جريمة إخلاله بما أوجبه القانون عليه من إفراد ملف خاص لكل عامل، ولا يوجد ثمت
ارتباط بين هاتين الجريمتين في مفهوم ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 32 من
قانون العقوبات على الوجه المشار إليه فيما سلف، الأمر الذي يشكل خطأ في التكييف
القانوني للوقائع كما أثبتها الحكم، مما يستوجب نقضه وتصحيحه بالقضاء بتأييد الحكم
المستأنف بالنسبة إلى المطعون ضده دون أن يمتد أثر الطعن إلى المحكوم عليه الآخر
الذي لم يستأنف فلم يكن بذلك في الحكم المطعون فيه.