الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 2 يناير 2020

الطعن 20071 لسنة 60 ق جلسة 12 / 4 / 1992 مكتب فني 43 ق 58 ص 394


جلسة 12 من إبريل سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البنا ومحمد شتا نائبي رئيس المحكمة وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس.
---------------
(58)
الطعن رقم 20071 لسنة 60 القضائية

(1) خطف. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
يتحقق القصد الجنائي في جريمة خطف الأطفال بتعمد الجاني انتزاع المخطوف من أيدي ذويه اللذين لهما حق رعايته وقطع صلته بهما. مهما كان غرضه من ذلك.
 (2)محكمة الجنايات "نظرها الدعوى والفصل فيها. إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها قائمة شهود الإثبات المقدمة من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة.
 (3)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة شهود الإثبات؟
مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟
 (4)محكمة الموضوع "حقها في تعديل وصف التهمة". وصف التهمة. خطف. دفاع الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حق محكمة الموضوع في تصحيح بيان كيفية ارتكاب الجريمة. لا يستلزم لفت نظر الدفاع. مثال.

-----------------
1 - لما كان القصد الجنائي في جريمة خطف الأطفال إنما يتحقق بتعمد الجاني انتزاع المخطوف من أيدي ذويه اللذين لهم حق رعايته، وقطع صلته بهم مهما كان غرضه من ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الواقعة في بيان تتحقق فيه الأركان والعناصر القانونية لجريمة الخطف التي دان الطاعنة بها وبين نية الطاعنة في اختطاف المجني عليها وإبعادها عن ذويها بما يتوافر به القصد الجنائي وتتحقق به الجريمة التي دينت بها الطاعنة.
2 - لما كان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات المقدمة من النيابة العامة، ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على حكمها في هذا الصدد بفرض صحته يكون على غير سند.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم والتعويل على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعنة استناداً إلى أقوال شهود الإثبات هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها مما لا يجوز الجدل فيه أمام محكمة النقض، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في إقناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تعديل وصف التهمة المسندة إلى الطاعنة باستبعاد ظرف التحيل من جريمة الخطف المسندة إليها ودانتها بمقتضى المادة 289/ 1 من قانون العقوبات بدلاً من المادة 288 التي طلبت النيابة العامة تطبيقها وكان التعديل على هذه الصورة لا يخرج عن الواقعة ذاتها التي تضمنها أمر الإحالة وهي التي كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة ودارت عليها المرافعة، وهو وصف غير جديد في الدعوى ولا مغايرة فيه للعناصر التي كانت مطروحة على المحكمة ولا يعد ذلك في حكم القانون تغييراً لوصف التهمة المحالة بها الطاعنة، بل هو مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة مما يصح إجراؤه في الحكم دون تنبيه الدفاع إليه في الجلسة ليترافع على أساسه، ومن ثم فإن النعي على الحكم لإخلاله بحق الدفاع يكون غير سديد.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها 1 - خطفت........ التي لم تبلغ من العمر ستة عشر سنة كاملة بأن اعترضتها إبان سيرها بالطريق العام وأفهمتها أنها بسبيلها لإرسال خطاب لوالدها زعمت تواجده بدولة العراق فكان أن وقعت المجني عليها ضحية هذا الإيهام. 2 - حجزت المجني عليها المذكورة بعيداً عن ذويها ودون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال التي تصرح بها القوانين واللوائح بذلك. وأحالتها إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في....... عملاً بالمادتين 280، 189 من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 214 لسنة 1980 مع إعمال حكم المادة 32 من القانون المشار إليه بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمتي خطف أنثى بغير تحايل أو إكراه وحجز المجني عليها قد شابه خطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يفطن لأقوال الضابط...... والطاعنة والتي مفادها أن الأخيرة لم تقطع صلة المجني عليها بذويها إذ أنهما - المجني عليها والطاعنة - كانتا تقيمان بدائرة مركز إمبابة - محل إقامة والدة المجني عليها - كما أنها كانت تصحبها معها حال خروجها من المنزل بما ينفي القصد الجنائي لديها في جريمة الخطف، كما أن الحكم لم يبين مضمون أدلة الإدانة بل اكتفى بنقلها كما هي واردة بقائمة أدلة الإثبات المقدمة من النيابة العامة، فضلاً عن ذلك فإن الحكم قد اعتمد من بين ما اعتمد عليه في الإدانة إلى أقوال الشاهد....... رغم عدم معقوليتها إذ قرر أن الطاعنة طلبت من المجني عليها أن تذكر له أنها شقيقتها رغم الخلاف البين بين اسميهما. وأن المحكمة عدلت وصف التهمة المسندة إلى الطاعنة ودانتها بمقتضى المادة 289/ 1 من قانون العقوبات حين أن النيابة العامة قدمتها للمحاكمة وطلبت معاقبتها بالمادة 288 من ذلك القانون - دون أن تلفت نظرها لهذا التعديل، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إنه في تاريخ...... الساعة 6.30 صباحاً أثناء توجه........ البالغة من العمر ثماني سنوات إلى مدرستها تقابلت معها المتهمة....... وطلبت الأخيرة منها أن تتوجه معها لإرسال خطاب إلى والدها، وركبت معها إحدى سيارات الأجرة ثم اصطحبتها إلى مسكن من يدعى....... بدائرة مركز أوسيم، وطلبت المتهمة أن تذكر أمام الأخير أن اسمها....... وأنها شقيقة لها، فنفذت الطفلة لها ما طلبت، وظلت معها لمدة ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع انتهزت الأخيرة فرصة خروج المتهمة فأبلغت صاحب المسكن المشار إليه بحقيقة الواقعة، فقام باصطحابها إلى أهليتها" وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال المقدم...... رئيس مجموعة مكافحة النصب بمديرية أمن الجيزة و...... و...... و..... ومن اعتراف المتهمة بتحقيقات النيابة وأقوال المجني عليها، وهي أدلة كافية وسائغة لا تجادل الطاعنة في أن لها أصلها الصحيح الثابت بالأوراق. لما كان ذلك وكان القصد الجنائي في جريمة خطف الأطفال إنما يتحقق بتعمد الجاني انتزاع المخطوف من أيدي ذويه اللذين لهم حق رعايته، وقطع صلته بهم مهما كان غرضه من ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الواقعة في بيان تتحقق فيه الأركان والعناصر القانونية لجريمة الخطف التي دان الطاعنة بها وبين نية الطاعنة في اختطاف المجني عليها وإبعادها عن ذويها مما يتوافر به القصد الجنائي وتتحقق به الجريمة التي دينت بها الطاعنة ومن ثم فإن ما تثيره في هذا الوجه يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات المقدمة من النيابة العامة، ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على حكمها في هذا الصدد بفرض صحته يكون على غير سند، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم والتعويل على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعنة استنداً إلى أقوال شهود الإثبات هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها مما لا يجوز الجدل فيه أمام محكمة النقض، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في إقناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، فإن ما تثيره الطاعنة في شأن أقوال الشاهد....... لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا يقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تعديل وصف التهمة المسندة إلى الطاعنة باستبعاد ظرف التحيل من جريمة الخطف المسندة إليها ودانتها بمقتضى المادة 289/ 1 من قانون العقوبات بدلاً من المادة 288 التي طلبت النيابة العامة تطبيقها وكان التعديل على هذه الصورة لا يخرج عن الواقعة ذاتها التي تضمنها أمر الإحالة وهي التي كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة ودارت عليها المرافعة، وهو وصف غير جديد في الدعوى ولا مغايرة فيه للعناصر التي كانت مطروحة على المحكمة ولا يعد ذلك في حكم القانون تغييراً لوصف التهمة المحالة بها الطاعنة، بل هو مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة مما يصح إجراؤه في الحكم دون تنبيه الدفاع إليه في الجلسة ليترافع على أساسه، ومن ثم فإن النعي على الحكم لإخلاله بحق الدفاع يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 20066 لسنة 60 ق جلسة 9 / 4 / 1992 مكتب فني 43 ق 56 ص 381


جلسة 9 من إبريل سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمد الصوفي عبد الجواد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زايد وأحمد عبد الرحمن نائبي رئيس المحكمة ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عماره.
-----------------
(56)
الطعن رقم 20066 لسنة 60 القضائية

 (1)أسباب الإباحة "الدفاع الشرعي". دفاع شرعي. قانون "تفسيره". ضرب "أفضى إلى الموت".
لا عقوبة على من قتل غيره أو أصابه بجراح أو ضربه أثناء استعماله حق الدفاع الشرعي عن نفسه أو ماله أو عن نفس غيره أو ماله. المادة 245 عقوبات.
 (2)أسباب الإباحة "الدفاع الشرعي". دفاع شرعي. قانون "تفسيره". دفاع الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". ضرب "أفضى إلى الموت".
الأحوال التي يجوز فيها استعمال القوة لرد العدوان على المال؟ المادة 246 عقوبات.
الحالات التي يباح فيها القتل العمد استعمالاً لحق الدفاع الشرعي عن المال في مفهوم المادة 250 عقوبات؟
إدانة الطاعن بجريمة الضرب المفضي إلى الموت دون تفنيد دفاعه القائم على أنه كان في حالة دفاع شرعي عن مال الغير. قصور.
 (3)أسباب الإباحة "الدفاع الشرعي". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
حق الدفاع الشرعي. شرع لدفع كل اعتداء مهما كانت جسامته.
عدم النظر إلى تناسب فعل الدفاع مع الاعتداء. إلا بعد ثبوت قيام حالة الدفاع الشرعي. ثبوت قيام هذه الحالة وتحقق التناسب. أثره: براءة المدافع.
زيادة فعل الاعتداء زيادة غير مقبولة. يعد تجاوزاً لحق الدفاع مستوجباً للعقاب.
مثال لتسبيب معيب لنفي حالة الدفاع الشرعي عن مال الغير.

-------------------
1 - لما كانت المادة 245 من قانون العقوبات تنص على أنه "لا عقوبة مطلقاً على من قتل غيره أو أصابه بجراح أو ضربه أثناء استعماله حق الدفاع الشرعي عن نفسه أو ماله أو عن نفس غيره أو ماله.
2 - وقد بينت المادة 246 من ذات القانون الأحوال التي يجوز فيها استعمال القوة لرد العدوان على المال ومن بينها الأفعال التي تعتبر جريمة من الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع عشر من الكتاب الثالث من ذات القانون وهي الجرائم المتعلقة بانتهاك حرمة ملك الغير، وكانت المادة 250 من قانون العقوبات تنص على أن "حق الدفاع الشرعي عن المال لا يجوز أن يبيح القتل العمد إلا إذا كان مقصوداً به دفع أحد الأمور الآتية: أولاً: وثانياً: وثالثاً - الدخول ليلاً في منزل مسكون أو في أحد ملحقاته ورابعاً - فعل يتخوف أن يحدث منه الموت أو جراح بالغة إذا كان لهذا التخوف أسباب معقولة". لما كان ذلك وكان الثابت مما حصله الحكم بياناً لواقعة الدعوى أن المجني عليه كان على سطح منزل....... ليلاً وأن المتهم - وهو خفير نظامي مكلف بحفظ الأمن وحماية أرواح الأشخاص وممتلكاتهم - حين شاهده، على هذه الحالة وهو فوق السطح أطلق عليه المقذوف الناري الذي أودى بحياته، وكانت صورة الواقعة على هذا النحو الذي أورده الحكم تتوفر فيه بلا شك جميع معاني الدخول في المنزل، ثم لما كان النص المتقدم ذكره لا يشترط في عبارة صريحة أن يكون الدخول بقصد ارتكاب جريمة أو فعل آخر من أفعال الاعتداء، وهذا مفاده بالبداهة أن القانون يعتبر أن دخول المنازل ليلاً بتلك الطريقة يحمل بذاته قرينة الإجرام بحيث يصح للمدافع أن يعده اعتداء على المال أو النفس أو فعلاً يتخوف منه الأذى ويحق له رده كما ترد سائر الاعتداءات ما لم يقم الدليل على أنه كان يعلم حق العلم أن دخول المجني عليه كان بريئاً خالياً من فكرة الإجرام. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب الفضي إلى الموت من غير أن تفند المحكمة دفاعه على ضوء ما تقدم فإنه يكون مشوباً بالقصور.
3 - من المقرر أن حق الدفاع الشرعي قد قرر بالقانون لدفع كل اعتداء مهما كانت جسامته، وتناسب فعل الدفاع مع الاعتداء لا ينظر فيه إلا بعد ثبوت قيام حالة الدفاع الشرعي فإذا ثبت قيام هذه الحالة وتحقق ذلك التناسب حقت البراءة للمدافع، وإن زاد فعل الدفاع على الاعتداء وكانت الزيادة غير مقبولة عد المتهم متجاوزاً حق الدفاع وحق عليه العقاب بالشروط الواردة في القانون. لما كان ذلك وكان كل ما قالته المحكمة في حكمها رداً على دفاع الطاعن لا يعدو التحدث عن عدم التناسب بين الفعلين. ما وقع من المتهم وما وقع من المجني عليه وليس فيه ما ينفي قيام حالة الدفاع الشرعي فإنه يكون قاصر البيان في الرد على ما تمسك به الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل عمداً...... بأن أطلق عليه عيارين ناريين قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي أودت بحياته. وأحالته إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات باعتبار أن الجريمة المسندة إليه هي الضرب المفضي إلى الموت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه من بين ما قام عليه دفاعه أنه كان في حالة دفاع شرعي عن مال الغير، إلا أن الحكم رد على هذا الدفاع رداً قاصراً ومخالفاً للقانون، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى في قوله إنها تخلص "في أنه في الساعة الثانية والنصف من صباح يوم 14/ 5/ 1979 كان المجني عليه معتلياً سطح منزل بناحية الجلاتمة مركز إمبابة وأحست المذكورة بوجوده فاستغاثت وبعد نحو عشر دقائق حضر المتهم الذي يعمل خفيراً نظامياً بالناحية وتحادث مع المجني عليه الذي رفض النزول فأطلق عليه عياراً من بندقيته الميري عهدته وأصابه في ظهره فتوفى في الحال وسقط خلف المنزل من ناحية الزراعة "وبعد أن ساق الأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة عرض لما أبداه الطاعن من دفاع ورد على ما تمسك به الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي بقوله: بأن المتهم وهو خفير بدرك من دركات القرية كان يعرف المجني عليه رغم كونه من بلدة أخرى ويعلم أن صاحبة المسكن تعرفه وتستعين به لنقل حمولات بسيارته وإذ صح قوله أنه لم يكشف عن شخصيته لانتشار الظلمة وقت الحادث فإن إطلاق المتهم العيار الناري صوب ظهر المجني عليه لم يكن لازماً لدرء خطر الفعل الذي ارتكبه المجني عليه بتواجده فوق سطح المسكن إذ لم يكن مع الأخير سلاح ناري يهدد بالخطر وكان في مكنة المتهم تهديده بإطلاق أعيرة نارية للإرهاب أو لتنبيه زملائه من رجال الأمن في الدركات المجاورة أو إيقاظ الأهالي للقبض على المجني عليه أو دفعه على الهرب ومن جهة أخرى فإنه من المقرر بأنه إذا كان في الوسع درء الخطر بفعل معين فلا يباح درأه بفعل أشهد جسامة وأن فعل الدفاع يكون متناسباً مع جسامة الخطر (وبالتالي مباحاً) إذا انطوى على استخدام قدر من العنف لا يجاوز القدر الذي كان يستخدمه شخص معتاد أحاطت به نفس الظروف التي أحاطت بالمدافع، لما كان ذلك وكانت الظروف التي أحاطت بالمتهم لم تكن تتناسب وفقاً للمعيار الموضوعي مع قدر العنف الذي استخدمه مع المجني عليه ومن ثم لا يتناسب مع جسامة الخطر ويكون التمسك بتطبيق المادة 250 من قانون العقوبات في غير محله" لما كان ذلك، وكانت المادة 245 من قانون العقوبات تنص على أنه "لا عقوبة مطلقاً على من قتل غيره أو أصابه بجراح أو ضربه أثناء استعماله حق الدفاع الشرعي عن نفسه أو ماله أو عن نفس غيره أو ماله.......".
وقد بينت المادة 246 من ذات القانون الأحوال التي يجوز فيها استعمال القوة لرد العدوان على المال ومن بينها الأفعال التي تعتبر جريمة من الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع عشر من الكتاب الثالث من ذات القانون وهي الجرائم المتعلقة بانتهاك حرمة ملك الغير، وكانت المادة 250 من قانون العقوبات تنص على أن "حق الدفاع الشرعي عن المال لا يجوز أن يبيح القتل العمد إلا إذا كان مقصوداً به دفع أحد الأمور الآتية:
أولاً: وثانياً: وثالثاً - الدخول ليلاً في منزل مسكون أو في أحد ملحقاته.
ورابعاً - فعل يتخوف أن يحدث منه الموت أو جراح بالغة إذا كان لهذا التخوف أسباب معقولة". لما كان ذلك وكان الثابت مما حصله الحكم بياناً لواقعة الدعوى أن المجني عليه كان على سطح منزل ليلاً وأن المتهم - وهو خفير نظامي مكلف بحفظ الأمن وحماية أرواح الأشخاص وممتلكاتهم - حين شاهده، على هذه الحالة وهو فوق السطح أطلق عليه المقذوف الناري الذي أودى بحياته، وكانت صورة الواقعة على هذا النحو الذي أورده الحكم تتوفر فيه بلا شك جميع معاني الدخول في المنزل، ثم لما كان النص المتقدم ذكره لا يشترط في عبارة صريحة أن يكون الدخول بقصد ارتكاب جريمة أو فعل آخر من أفعال الاعتداء، وهذا مفاده بالبداهة أن القانون يعتبر أن دخول المنازل ليلاً بتلك الطريقة يحمل بذاته قرينة الإجرام بحيث يصح للمدافع أن يعده اعتداء على المال أو النفس أو فعلاً يتخوف منه الأذى ويحق له رده كما ترد سائر الاعتداءات ما لم يقم الدليل على أنه كان يعلم حق العلم أن دخول المجني عليه كان بريئاً خالياً من فكرة الإجرام. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب الفضي إلى الموت من غير أن تفند المحكمة دفاعه على ضوء ما تقدم فإنه يكون مشوباً بالقصور هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن حق الدفاع الشرعي قد قرر بالقانون لدفع كل اعتداء مهما كانت جسامته، وتناسب فعل الدفاع مع الاعتداء لا ينظر فيه إلا بعد ثبوت قيام حالة الدفاع الشرعي فإذا ثبت قيام هذه الحالة وتحقق ذلك التناسب حقت البراءة للمدافع، وإن زاد فعل الدفاع على الاعتداء وكانت الزيادة غير مقبولة عد المتهم متجاوزاً حق الدفاع وحق عليه العقاب بالشروط الواردة في القانون. لما كان ذلك وكان كل ما قالته المحكمة في حكمها رداً على دفاع الطاعن لا يعدو التحدث عن عدم التناسب بين الفعلين، ما وقع من المتهم وما وقع من المجني عليه وليس فيه ما ينفي قيام حالة الدفاع الشرعي فإنه يكون قاصر البيان في الرد على ما تمسك به الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث وجه الطعن الآخر.

الطعن 20021 لسنة 60 ق جلسة 9 / 4 / 1992 مكتب فني 43 ق 55 ص 376


جلسة 9 من إبريل سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم نائبي رئيس المحكمة وأحمد جمال عبد اللطيف وبهيج القصبجي.
-----------------
(55)
الطعن رقم 20021 لسنة 60 القضائية

(1) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما يعيبه في نطاق التدليل".
حق محكمة الموضوع في إطراح أقوال شهود النفي دون التزام بالرد عليها اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت. تعرضها لتجريح شهادتهم لإطراحها. وجوب التزامها الوقائع الثابتة بالأوراق.
مثال.
(2) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية لا يصح أن يكون رهناً بمشيئة المتهم في الدعوى. استغناء المحكمة عن تحقيق دليل رأت لزومه للفصل في الدعوى. يوجب بيان علة ذلك.
مثال.

----------------
1 -  لما كان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تطرح أقوال شهود النفي دون أن تكون ملزمة بالرد عليها اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليهما إلا أنه متى تعرضت لتجريح شهادتهم خلوصاً منها لإطراحها فعليها أن تلتزم الوقائع الثابتة في الدعوى وأن يكون لما تستخلصه في هذا الشأن أصل ثابت في الأوراق، وكان البين من أقوال شاهدي النفي اللذين استمعت إليهما المحكمة أنها جاءت متفقة على حصول القبض على الطاعن وتفتيشه، بما يظاهر أقوال الأخير بتاريخ 18 نوفمبر 1989 في حين أن الثابت مما أورده الحكم أن الإذن - بتفتيشه قد صدر بتاريخ 21 من نوفمبر سنة 1989، فإن ما خلص إليه الحكم من إطراح هذا الدفاع وأقوال شاهدي النفي بمقولة خلو الأوراق من دليل يسانده وتناقض أقوال شاهدي النفي - على غير سند من الأوراق - يكون معيباً بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق.
2 - لما كان من المسلم به أن المحكمة متى رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فإن عليها تحقيقه ما دام ذلك ممكناً وهذا بغض النظر عن مسلك المتهم في شأن هذا الدليل لأن تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية لا يصح أن يكون رهناً بمشيئة المتهم في الدعوى، فإن هي استغنت عن تحقيق هذا الدليل فعليها أن تبين علة ذلك بشرط الاستدلال السائغ وإذ كانت المحكمة رغم تأجيلها الدعوى عدة مرات لسماع أقوال شاهد الإثبات وضم دفتر الأحوال بما مفاده أنها قدرت أهمية ذلك للفصل في الدعوى ولاسيما أن ذلك القرار جاء لاحقاً لسماع أقوال شاهدي نفي الطاعن اللذين أيداه في واقعة حصول ضبطه وتفتيشه في تاريخ سابق على صدور الإذن بهما - فإن عدول المحكمة عن تنفيذ هذا القرار. وإمساك الحكم عن بيان علة ذلك يجعل الحكم فوق ذلك معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول الأول المرفق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. باعتبار أن إحراز المخدر المضبوط كان مجرداً من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها في القانون قد شابه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق والقصور في التسبب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن دفاعه بجلسة المحاكمة جرى على حصول القبض عليه وتفتيشه قبل صدور الإذن بهما بعدة أيام، وقد أيد ذلك شاهدا النفي اللذان استمعت المحكمة إلى شهادتهما، كما قدرت المحكمة جدية هذا الدفاع وأجلت الدعوى عدة مرات لمناقشة شاهد الإثبات وضم دفتر أحوال القسم في التاريخ المعاصر لواقعة الضبط. بيد أنها عدلت عنه وفصلت في موضوع الدعوى دون أن تورد أسباباً سائغة لإطراح أقوال شاهدي النفي - وبما لا سند له من أقوالهما - وأسباب عدولها عن تنفيذ قرارها وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من محاضر جلسات المحاكمة أنه بعد أن فرغت المحكمة من سماع أقوال شاهدي النفي اللذين استشهد بهما الطاعن على حصول واقعة القبض عليه وتفتيشه قبل صدور إذن النيابة العامة، قررت تأجيل نظر الدعوى لإعلان شاهد الإثبات وضم دفتر أحوال القسم في التاريخ المقول بحصول القبض والتفتيش فيه. وتوالى تأجيل الدعوى عدة مرات لتنفيذ هذا القرار. ثم أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بجلسة 7 من يوليو سنة 1990 لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن القائم على بطلان القبض عليه وتفتيشه قبل صدور إذن النيابة العامة وإطراحه في قوله: وحيث إنه عن الدفع المبدى من دفاع المتهم ببطلان إذن النيابة العامة لصدوره لاحقاً على الإجراءات فمردود عليه بأن أوراق الدعوى جاءت خالية من دليل ذلك وأن ما استشهد به الدفاع من شهود نفي على أن واقعة الضبط تمت عند ركن فاروق حيث كان المتهم يستقل سيارة ميكروباس وآخرين فهذه الشهادة لا تطمئن لها المحكمة إذ تناقض الشاهد أن في توقيت الضبط مما يهدر هذه الشهادة ويجعلها قولاً مرسلاً ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عن هذا الدفع" ولما كان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تطرح أقوال شهود النفي دون أن تكون ملزمة بالرد عليهما اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها إلا أنه متى تعرضت لتجريح شهادتهم خلوصاً منها لإطراحها فعليها أن تلتزم الوقائع الثابتة في الدعوى وأن يكون لما تستخلصه في هذا الشأن أصل ثابت في الأوراق، وكان البين من أقوال شاهدي النفي اللذين استمعت إليهما المحكمة أنها جاءت متفقة على حصول القبض على الطاعن وتفتيشه، بما يظاهر أقوال الأخير بتاريخ 18 نوفمبر 1989 في حين أن الثابت مما أورده الحكم أن الإذن بتفتيشه قد صدر بتاريخ 21 من نوفمبر سنة 1989، فإن ما خلص إليه الحكم من إطراح هذا الدفاع وأقوال شاهدي النفي بمقولة خلو الأوراق من دليل يسانده وتناقض أقوال شاهدي النفي - على غير سند من الأوراق - يكون معيباً بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان من المسلم به أن المحكمة متى رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فإن عليها تحقيقه ما دام ذلك ممكناً وهذا بغض النظر عن مسلك المتهم في شأن هذا الدليل لأن تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية لا يصح أن يكون رهناً بمشيئة المتهم في الدعوى، فإن هي استغنت عن تحقيق هذا الدليل فعليها أن تبين علة ذلك بشرط الاستدلال السائغ وإذ كانت المحكمة رغم تأجيلها الدعوى عدة مرات لسماع أقوال شاهد الإثبات وضم دفتر الأحوال بما مفاده أنها قدرت أهمية ذلك للفصل في الدعوى ولاسيما أن ذلك القرار جاء لاحقاً لسماع أقوال شاهدي نفي الطاعن اللذين أيداه في واقعة حصول ضبطه وتفتيشه في تاريخ سابق على صدور الإذن بهما - فإن عدول المحكمة عن تنفيذ هذا القرار، وإمساك الحكم عن بيان علة ذلك يجعل الحكم فوق ذلك معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه والإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن.

الطعن 19934 لسنة 60 ق جلسة 2 / 4 / 1992 مكتب فني 43 ق 52 ص 359


جلسة 2 من إبريل لسنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمد الصوفي عبد الجواد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زايد وحسين الشافعي نائبي رئيس المحكمة ومحمد طلعت الرفاعي ومحمد عادل الشوربجي.
------------------
(52)
الطعن رقم 19934 لسنة 60 القضائية

(1) دفوع. "الدفع بعدم الدستورية". محكمة دستورية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قانون "تطبيقه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
إجراء انتخابات مجلس الشعب الذي صدر عنه القانون 122 لسنة 1989 بتعديل أحكام القانون 182 لسنة 1960 بناء على نص تشريعي ثبت عدم دستوريته. لازمه. بطلان تكوين المجلس منذ انتخابه.
بطلان تشكيل المجلس لا يؤدي إلى وقوع انهيار دستوري ولا يستتبع إسقاط ما قرره المجلس من قوانين وقرارات حتى نشر حكم المحكمة الدستورية.
 (2)استدلالات. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره. بياناته". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن، ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
الخطأ في اسم الشارع الذي يقع به مسكن الطاعن أو إغفال بيان عمله أو وظيفته. لا يقطع بعدم جدية التحريات.
 (3)مأمورو الضبط القضائي. استدلالات. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم تحديد القانون طريقة معينة ينتهجها مأمور الضبط في إجراء تحرياته. له أن يتخذ من الوسائل والإجراءات ما يمكنه من مباشرة اختصاصه.
مثال.
 (4)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام الحكم بالرد على دفاع ظاهر البطلان.
 (5)مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر. ماهيته؟
عدم التزام المحكمة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن.
 (6)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
مجادلة المتهم بإحراز المخدر فيما اطمأنت إليه المحكمة من أن المخدر المضبوط هو الذي جرى تحليله. جدل في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.

---------------
1 - لما كانت انتخابات مجلس الشعب الذي صدر عنه القانون رقم 122 لسنة 1989 الصادر بتعديل أحكام القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها قد أجريت بناء على نص تشريعي ثبت عدم دستوريته بالحكم الذي انتهت إليه المحكمة الدستورية بتاريخ 19 من مايو سنة 1990 في الدعوى رقم 37 لسنة 9 ق، فإن مؤدى هذا الحكم ولازمه أن تكوين المجلس المذكور يكون باطلاً منذ انتخابه، إلا أن هذا البطلان لا يؤدي البتة إلى وقوع انهيار دستوري ولا يستتبع إسقاط ما أقره المجلس من قوانين وقرارات وما اتخذ من إجراءات خلال الفترة السابقة وحتى تاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية، بل تظل تلك القوانين والقرارات والإجراءات قائمة على أصلها من الصحة، ومن ثم تبقى صحيحة ونافذة ما لم يتقرر إلغاؤها أو تعديلها من الجهة المختصة دستورياً أو يقضي بعدم دستورية نصوصها إن كان لذلك ثمة وجه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد صدر دون أن يصدر حكم بعدم دستورية أحكام القانون رقم 122 لسنة 1989 الذي طبقه على واقعة الدعوى كما لم يصدر قانوناً بإلغائه أو تعديله هذا فضلاً عن أن المحكمة الدستورية العليا قد قضت بحكمها الصادر بتاريخ 7 من ديسمبر سنة 1991 في الدعوى رقم 44 لسنة 12 "قضائية دستورية" برفض الدفع المبدى بعدم دستورية القانون رقم 122 لسنة 1989 - على الأساس الذي يثيره الطاعن في أسباب طعنه - فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله.
2 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون وكان مجرد الخطأ في اسم الشارع الذي يقع به مسكن الطاعن أو إغفال بيان عمله أو وظيفته لا يقطع بعدم جدية التحريات فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - إن القانون لم يحدد طريقة معينة ينتهجها مأمور الضبط في إجراء تحرياته فله أن يتخذ من الوسائل أو الإجراءات ما يمكنه من مباشرة اختصاصه في هذا الشأن وليس هناك ما يمنعه في سبيل التأكد من صحة تحرياته أن يستفسر من أي شخص ولو كان محجوزاً بالقسم على ذمة قضية من القضايا لأن هذه مجرد استدلالات يملكها مأمور الضبط ويخضع تقديرها في النهاية إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكان الحكم المطعون فيه لم يستند في قضائه بإدانة الطاعن على دليل أساسي في الدعوى مستمد من الأقوال التي زعم الطاعن أن المتهم....... قد أدلى بها للضابط نتيجة إكراه وإغراء فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول.
4 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على دفاع ظاهر البطلان.
5 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر إنما هو علم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث على استقلال عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على أن المتهم كان عالماً بأن ما يحرزه مخدر.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بشأن المنازعة فيما تم ضبطه وما جرى تحليله ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عما أثاره الدفاع بشأن أن هناك اختلاف في المضبوطات بين ما تم ضبطه وتقرير المعمل الكيماوي فإن الثابت أن اللفافات المضبوطة وهي ست لفافات عثر بداخلها على خمسة لفافات من الورق الأبيض المسطر مكتوب على أربع منها بالمداد الأزرق أوزانهم ثلاثة مكتوب عليها 10 ج واللفافة الرابعة مكتوب عليها 5 ج ولفافة خامسة مكتوب عليها بالمداد الأحمر 10 ج أما اللفافة السادسة مكتوب عليها بالمداد الأزرق 5 ج أي أن مجموع اللفافات ستة لفافات وأن المحكمة تطمئن إلى أن المضبوطات التي تم ضبطها هي ذات المضبوطات التي تم إرسالها للمعمل الكيماوي للتحليل ومن ثم تلتفت المحكمة عن هذا الدفاع" وكان البين مما أورده الطاعن في أسباب طعنه عن المقارنة بين ما تم ضبطه وما جرى تحليله أن عدد اللفافات المضبوطة ست لفافات وأن ما جرى تحليله هو ست لفافات تتفق من حيث الأوصاف مع ما أورده الحكم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شهود الواقعة وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في عقيدتها في تقدير الدليل وهو من إطلاقاتها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز جوهراً مخدراً (هيروين) وكان ذلك بقصد الاتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34 أولاً/ 1، ثانياً/ 6، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 122 لسنة 1989 والبند 2 من القسم الأول من الجدول الأول الملحق مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات - بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر والنقود والحقيبة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه أعمل في حقه القانون رقم 122 لسنة 1989 رغم أنه مطعون عليه بعدم الدستورية لبطلان تشكيل مجلس الشعب الذي أصدره، ودفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية واستدل على صحة هذا الدفع بالخطأ في تحديد اسم الشارع الذي يقطن فيه وخلوه من بيان وظيفته غير أن الحكم أطرح هذا الدفع برد قاصر لم يعرض فيه لما أثاره من بطلان سؤال المتهم....... والذي اتخذ الضابط من أقواله سنداً لتحرياته بدون إذن من النيابة وذلك أثناء حجزه بالقسم على ذمة القضية ولكونها وليدة إكراه وإغراء، كما أغفل الحكم ما أثاره الطاعن من أنه لم يكن يعلم بوجود المخدر في الحقيبة التي ضبطت معه ولم يدلل على ثبوت هذا العلم وأخيراً فقد أثار الطاعن دفعاً قام على المنازعة في أن ما تم ضبطه ليس هو الذي جرى تحليله وعلى اختلاط الأحراز التي ضبطت معه مع الأحراز التي ضبطت مع المتهم الآخر إلا أن الحكم قد رد على هذا الدفاع برد غير سائغ لم يبين سنده فيه ودون أن يفطن إلى أن إحدى اللفافات المضبوطة لم ترسل للتحليل كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال العقيد/ ...... والرائد....... ومن تقرير التحليل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها لما كان ذلك، وكانت انتخابات مجلس الشعب الذي صدر عنه القانون رقم 122 لسنة 1989 الصادر بتعديل أحكام القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والإتجار فيها قد أجريت بناء على نص تشريعي ثبت عدم دستوريته بالحكم الذي انتهت إليه المحكمة الدستورية بتاريخ 19 من مايو سنة 1990 في الدعوى رقم 37 لسنة 9 ق، فإن مؤدى هذا الحكم ولازمه أن تكوين المجلس المذكور يكون باطلاً منذ انتخابه، إلا أن هذا البطلان لا يؤدي البتة إلى وقوع انهيار دستوري ولا يستتبع إسقاط ما أقره المجلس من قوانين وقرارات وما اتخذ من إجراءات خلال الفترة السابقة وحتى تاريخ نشر الحكم في الجريدة الرسمية، بل تظل تلك القوانين والقرارات والإجراءات قائمة على أصلها من الصحة، ومن ثم تبقى صحيحة ونافذة ما لم يتقرر إلغاؤها أو تعديلها من الجهة المختصة دستورياً أو يقضي بعدم دستورية نصوصها إن كان لذلك ثمة وجه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد صدر دون أن يصدر حكم بعدم دستورية أحكام القانون رقم 122 لسنة 1989 الذي طبقه على واقعة الدعوى كما لم يصدر قانوناً بإلغائه أو تعديله هذا فضلاً عن أن المحكمة الدستورية العليا قد قضت بحكمها الصادر بتاريخ 7 من ديسمبر سنة 1991 في الدعوى رقم 44 لسنة 12 "قضائية دستورية" برفض الدفع المبدى بعدم دستورية القانون رقم 122 لسنة 1989 - على الأساس الذي يثيره الطاعن في أسباب طعنه - فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى - فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون وكان مجرد الخطأ في اسم الشارع الذي يقع به مسكن الطاعن أو إغفال بيان عمله أو وظيفته لا يقطع بعدم جدية التحريات فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان القانون لم يحدد طريقة معينة ينتهجها مأمور الضبط في إجراء تحرياته فله أن يتخذ من الوسائل أو الإجراءات ما يمكنه من مباشرة اختصاصه في هذا الشأن وليس هناك ما يمنعه في سبيل التأكد من صحة تحرياته أن يستفسر من أي شخص ولو كان محجوزاً بالقسم على ذمة قضية من القضايا لأن هذه مجرد استدلالات يملكها مأمور الضبط ويخضع تقديرها في النهاية إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وكان الحكم المطعون فيه لم يستند في قضائه بإدانة الطاعن على دليل أساسي في الدعوى مستمد من الأقوال التي زعم الطاعن أن المتهم....... قد أدلى بها للضابط نتيجة إكراه وإغراء فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول، ولا يعيب الحكم من بعد إغفاله الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص، لما هو مقرر من أنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على دفاع ظاهر البطلان، لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر إنما هو علم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث على استقلال عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على أن المتهم كان عالماً بأن ما يحرزه مخدر وكان الحكم قد أورد أن تحريات الشرطة دلت على أن الطاعن قد سافر وآخر إلى سوريا وجلب كمية من مخدر الهيروين وأنه سيقوم بتسليم أحد عملائه كمية من هذا المخدر المجلوب بفندق فكتوريا وصدر إذن من النيابة بتفتيشه فعثر معه على كمية من هذا المخدر - وكان يبين من محضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم وقصارى ما أثبت بمحضر الجلسة هو قول الدفاع أن الحقيبة المضبوطة تخص المتهم....... وكان ما أورده الحكم من وقائع وظروف كاف في الدلالة على توافر علم الطاعن بأن ما يحرزه هو مخدر - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بشأن المنازعة فيما تم ضبطه وما جرى تحليله ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عما أثاره الدفاع بشأن أن هناك اختلاف في المضبوطات بين ما تم ضبطه وتقرير المعمل الكيماوي فإن الثابت أن اللفافات المضبوطة وهي ست لفافات عثر بداخلها على خمسة لفافات من الورق الأبيض المسطر مكتوب على أربع منها بالمداد الأزرق أوزانهم ثلاثة منها مكتوب عليها 10 ج واللفافة الرابعة مكتوب عليها 5 ج، ولفافة خامسة مكتوب عليها بالمداد الأحمر 10 ج أما اللفافة السادسة فمكتوب عليها بالمداد الأزرق 5 ج أي أن مجموع اللفافات ستة لفافات وأن المحكمة تطمئن إلى أن المضبوطات التي تم ضبطها هي ذات المضبوطات التي تم إرسالها للمعمل الكيماوي للتحليل ومن ثم تلتفت المحكمة عن هذا الدفاع" وكان البين مما أورده الطاعن في أسباب طعنه عن المقارنة بين ما تم ضبطه وما جرى تحليله أن عدد اللفافات المضبوطة ست لفافات وأن ما جرى تحليله هو ست لفافات تتفق من حيث الأوصاف مع ما أورده الحكم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شهود الواقعة وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في عقيدتها في تقدير الدليل وهو من إطلاقاتها، لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


الطعن 980 لسنة 53 ق جلسة 22 / 6 / 1989 مكتب فني 40 ج 2 ق 272 ص 649


جلسة 22 من يونيه سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد القادر سمير، محمد طيطه، سامي فرج يوسف ومحمد بدر الدين.
---------------
(272)
الطعن رقم 980 لسنة 53 القضائية

(1) دعوى "تكييفها". محكمة الموضوع.
عدم تقييد محكمة الموضوع بتكييف الخصوم للدعوى. وجوب إعطائها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح.
 (2)حكم "ما لا يعد قصوراً". صورية. إيجار "إيجار الأماكن".
الطعن بالصورية التي يجب على المحكمة بحثه والبت فيه. وجوب أن يكون صريحاً جازماً. مجرد الطعن بالتواطؤ أو الاحتيال. لا يفيده. علة ذلك. مثال. بشأن إيجار.
 (3)إيجار "إيجار الأماكن" "تزاحم المستأجرين".
إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه. أثره. وجوب الاعتداد بالعقد الأسبق في ثبوت تاريخه. م 24 ق 49 لسنة 1977. علة ذلك.
(4) إيجار "إيجار الأماكن". شيوع "إدارة المال الشائع". وكالة.
إدارة أحد الشركاء المال الشائع دون اعتراض الباقين. اعتباره وكيلاً عنهم. مثال في إيجار.
 (5)نقض "ما لا يصلح سبباً للطعن" "المصلحة في الطعن". دفاع "الدفاع في الدعوى" حكم "تسبيبه".
عدم جواز تمسك الطاعن بدفاع خصم آخر لم يطعن في الحكم أو لم يقبل تدخله في الدعوى.

------------------
1 - تكيف المدعي لدعواه تكييفاً خاطئاً لا ينطبق على واقعتها التي ذكرها في صحيفة دعواه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يفيد القاضي الذي يجب عليه إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده الأول أقام دعواه طالباً تمكينه من الشقة محل النزاع مستنداً في ذلك إلى عقد الإيجار الصادر له من المطعون ضده الثاني لما له من أفضلية على عقد الإيجار اللاحق الصادر من ذلك المؤجر، فإن دعواه تكون بذلك هي دعوى بأصل الحق اختصم فيها للمؤجر والمستأجر.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن الطعن بالصورية الذي يجب على المحكمة بحثه والبث فيه يلزم أن يكون صريحاً في هذا المعنى ولا يفيد مجرد الطعن بالتواطؤ أو الاحتيال لاختلاف الأمرين مدلولاً وحكماً لأن الصورية إنما تعني عدم قيام المحرر أصلاً في نية عاقديه، أما التواطؤ فإنه غير مانع من جدية التعاقد ومن قيام الرغبة في إحداث أثار قانونية له، ولما كان الواقع في الدعوى أن الطاعنين لم يدفعا بصورية عقد الإيجار الصادر للمطعون ضده الأول وأقاما دفاعهما على التواطؤ والغش بين الأخير والمطعون ضده الثاني وكان هذا لا يعني التمسك على نحو جازم قاطع بصورية هذا العقد فلا على الحكم المطعون فيه إن هو التفت عن هذا الدفاع غير صحيح.
3 - إذ كانت المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 تنعى على أنه "اعتباراً من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون نبرم عقود الإيجار كتابة ويجب إثبات تاريخها بمأمورية الشهر العقاري الكائن بدائرتها العقار المؤجر......" ويحظر على المؤجر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه وفي حالة المخالفة يقع باطلاً العقد أو العقود اللاحقة للعقد الأول "بما مفاده أن المشرع في حالة تزاحم المستأجرين اعتد بالعقد الأول وهو العقد الأسبق في ثبوت التاريخ - ومؤدى ذلك الاعتداد بعقد المطعون ضده الأول دون عقد الطاعنين لكونه هو العقد الأسبق في ثبوت تاريخه ومن ثم فلا محل لأعمال المفاضلة بين العقود بالأسبقية في وضع اليد تطبيقاً لحكم المادة 573 من القانون المدني.
4 - المقرر عملاً بالمادة 828/ 3 من القانون المدني أنه إذا تولى أحد الشركاء إدارة المال الشائع دون اعتراض من الباقين وعد وكيلاً عنهم، ولما كان تأجير المال الشائع عملاً من أعمال الإدارة وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بأسبابه "أن عقد المستأنف عليه الأول عن الشقة رقم 9 صادر ممن يملكه باعتبار أن له حق الإدارة والتأجير" ثابت أنه مالك ووكيل عن باقي الملاك والعقار مكلف باسمه وظاهر بمظهر المالك للعقار جيده وكان هو الذي يؤجر شققه جميعها ومنسوب إليه تقاضى خلو رجل من طرفي الدعوى....... وهو المؤجر للطرفين..... ومن ثم فإن الحكم يكون قد ناقش صفة المطعون ضده الثاني في التأجير.
5 - المقرر أنه لا يقبل من الطاعن أن يتمسك في طعنه بدفاع تمسك به خصم آخر لم يطعن في الحكم لانعدام المصلحة ومن ثم فمن باب أولى لا يجوز له القول بأنه كان سيستفيد من دفاع ومستندات الخصوم الذي أغفل الحكم قبول تدخلهم في الدعوى إذ لا يعتبر هؤلاء خصوماً - إلا بقبول تدخلهم.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 4124 لسنة 1981 مدني كلي شمال القاهرة على الطاعنين والمطعون ضدهما الثاني والثالث بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم والتمكين. وقال شارحاً لذلك أنه استأجر هذه الشقة من المطعون ضده الثاني بموجب عقد مؤرخ 8/ 6/ 1978، ثابت التاريخ في 20/ 6/ 1978 وإذ لم يتمكن من استلام العين المؤجرة فأقام الدعوى رقم 3598 لسنة 1979 مستعجل القاهرة وقضى له فيها بطلباته، إلا أن الحكم أوقف تنفيذه في الأشكال المرفوع من الطاعنين على سند من أنهما استأجرا هذه الشقة من المطعون ضده الثاني بعقد إيجار مؤرخ 10/ 9/ 1977 ثابت التاريخ في 10/ 6/ 1979 فأقام الدعوى حكمت المحكمة بطرد الطاعنين من شقة النزاع وتسليمها للمطعون ضده الأول. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 5043 لسنة 99 ق القاهرة. تدخل في الاستئناف كل من......... و...... و........ منضمين للمستأنفين في طلباتهما وبتاريخ 6/ 4/ 1982 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب السادس منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا في دفاعهما بعدم أحقية المطعون ضده الأول وهو مستأجر صاحب حق شخص في رفع الدعوى الطرد وهي دعوى عينية إذ لا توجد بينه وبين الطاعنين أي علاقة تأجيرية ولا ينوب عن المؤجر في رفعها كما هو الحال في دعوى الحيازة وأن إجابته لطلب الطرد يعني انفساخ العلاقة الإيجارية الخاصة بالطاعنين ورغم أن هذا الدفاع جوهري يتغير به وجه الرأي إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد عليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن تكييف المدعي لدعواه تكييفاً خاطئاً لا ينطبق على واقعتها التي ذكرها في صحيفة دعواه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يقيد القاضي الذي يجب عليه إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده الأول أقام دعواه طالباً تمكينه من الشقة محل النزاع مستنداً في ذلك إلى عقد الإيجار الصادر له من المطعون ضده الثاني لما له من أفضلية على عقد الإيجار اللاحق الصادر من ذات المؤجر للطاعنين، فإن دعواه تكون بذلك هي دعوى بأصل الحق اختصم فيها المؤجر والمستأجر الأخير وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا بأن عقد إيجارهما ينصب على الشقة رقم 9 بالعقار رقم 89 شارع...... والذي كان رقمه 31....... في حين أن عقد إيجار المطعون ضده الأول قد ورد على الشقة رقم 9 بالعقار رقم 31 شارع....... بما يقطع بأنه عن شقة أخرى وفي عقار آخر ودللا على ذلك بكشف رسمي من الضرائب العقارية وأغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع كما أغفل التعديل الحاصل في عقد إيجارهما من أنه انصب على الشقة رقم 9 بدلاً من الشقة رقم 19 بذات العقار مما يرتب لهما سنداً قانونياً في حيازتهما وإذ ذهب الحكم إلى أن حيازتهما لتلك الشقة مشوبة بالغصب فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول في شقه الأول إذ أن البين من الأوراق أن عقدي الإيجار قد انصبا على عين واحدة كائنة بالعقار رقم 89 شارع......... بقسم..... والذي كان يحمل رقم 31 كما جاء بالكشف الرسمي المؤرخ 20/ 10/ 1979 ولا يغير من ذلك أن أحد العقدين قد ورد به أن العقار السابق كان يحمل رقم 31 شارع........، ولا يؤثر ذلك على صحة الرقم الحالي للعقار الوارد بالعقد ومن ثم لا يعيب الحكم إغفاله هذا الدفاع غير الجوهري والنعي في شقه الثاني غير صحيح إذ الثابت أن الحكم قد أورد في مدوناته بأن عقد إيجار المطعون ضده الأول ينصب على الشقة رقم 9 عن العقار وأن عقد إيجار الطاعنين ولئن كان ينصب على الشقة رقم 16 في ذات العقار إلا أنه قد ورد به تعديلاً يفيد بأن العين المؤجرة هي الشقة رقم 9 اعتباراً من 10/ 1/ 1979 وإن صح هذا التعديل فقد جاء في تاريخ لاحق على إثبات تاريخ عقد إيجار المطعون ضده الأول الحاصل في 20/ 6/ 1978 فتكون لربط العقد الأخير الأولوية عملاً بالمادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ومن ثم فإن الحكم يكون قد رد على دفاع الطاعنين ولم يغفله ويكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان أنهما قد سبقا المطعون ضده الأول في وضع يدهما على شقة النزاع دون غش وأن عقدهما أسبق من عقد إيجاره فتكون لهما الأفضلية عملاً بالمادة 573 من القانون المدني هذا إلى أن عقده صوري بني على غش وتواطؤ بينه وبين المؤجر له (المطعون ضده الثاني) وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الطعن بالصورية الذي يجب على المحكمة بحثه والبت يجب أن يكون صريحاً في هذا المعنى ولا يفيده مجرد الطعن بالتواطؤ أو الاحتيال لاختلاف الأمرين مدلولاً وحكماً لأن الصورية إنما تعني عدم قيام المحرر أصلاً في نية عاقديه، أما التواطؤ فإنه غير مانع من جدية التعاقد ومن قيام الرغبة في إحداث أثار قانونية له، ولما كان الواقع في الدعوى أن الطاعنين لم يدفعا بصورية عقد الإيجار الصادر للمطعون ضده الأول وأقاما دفاعهما على التواطؤ والغش بين الأخير والمطعون ضده الثاني وكان هذا لا يعني التمسك على نحو جازم قاطع بصورية هذا العقد فلا على الحكم المطعون فيه إن هو التفت عن هذا الدفاع غير الصحيح ويكون النعي عليه في هذا الشأن على غير أساس لما كان ذلك وكانت المادة 24 من القانون رقم 49 لسنة 1977 تنص على أنه "اعتباراً من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون تبرم عقود الإيجار كتابة ويجب إثبات تاريخها بمأمورية الشهر العقاري الكائن بدائرتها العين المؤجرة........ ويحظر على المؤجر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه وفي حالة المخالفة يقع باطلاً العقد أو العقود اللاحقة للعقد الأول بما مفاده أن المشرع في حالة تزاحم المستأجرين اعتد بالعقد الأول وهو العقد الأسبق في ثبوت التاريخ ومؤدى ذلك الاعتداد بعقد المطعون ضده الأول دون عقد الطاعنين لكونه هو العقد الأسبق في ثبوت تاريخه ومن ثم فلا محل لأعمال المفاضلة بين العقود بأسبقية وضع اليد تطبيقاً لحكم المادة 573 من القانون المدني وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقولان أن المطعون ضده الثاني بصفته الشخصية أبرم عقد إيجار المطعون ضده الأول وهو لا يملك في العقار سوى خمسة فليس له حق التأجير ويقع العقد باطلاً وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن المقرر عملاً بالمادة 828/ 3 من القانون المدني أنه إذا تولى أحد الشركاء إدارة المال الشائع دون اعتراض من الباقين عد وكيلاً عنهم، ولما كان تأجير المال الشائع عمل من أعمال الإدارة وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بأسبابه وأن عقد المستأنف عليه الأول عن الشقة رقم 9 صادر ممن يملكه باعتبار أن له حق الإدارة والتأجير ثابت أنه مالك ووكيل عن باقي الملاك والعقار مكلف باسمه وظاهر بمظهر المالك للعقار جميعه وكان هو الذي يؤجر شققه جميعها ومنسوب إليه تقاضي خلو رجل من طرفي الدعوى....... وهو المؤجر للطرفين......، ومن ثم فإن الحكم يكون قد ناقش صفة المطعون ضده الثاني في التأجير ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم المطعون فيه ولئن كان قد أغفل الفصل في طلب تدخل الخصوم المتدخلين المنضمين لهما في الاستئناف إلا أنهم قد سددوا رسم التدخل مما يرتب حقاً لهما في الاستفادة من دفاعهم ودفوعهم والمستندات المقدمة منهم مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن المقرر أنه لا يقبل من الطاعن أن يتمسك في طعنه بدفاع تمسك به خصم آخر لم يطعن في الحكم لانعدام المصلحة ومن ثم فمن باب أولى لا يجوز له القول بأنه كان يستفيد من دفاع ومستندات الخصوم الذي أغفل الحكم قبول تدخلهم في الدعوى إذ لا يعتبر هؤلاء خصوماً إلا بقبول تدخلهم فيكون النعي غير مقبول.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.