جلسة 12 من إبريل سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/
عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البنا ومحمد شتا
نائبي رئيس المحكمة وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس.
---------------
(58)
الطعن رقم 20071 لسنة 60
القضائية
(1) خطف. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب
غير معيب".
يتحقق القصد الجنائي في
جريمة خطف الأطفال بتعمد الجاني انتزاع المخطوف من أيدي ذويه اللذين لهما حق
رعايته وقطع صلته بهما. مهما كان غرضه من ذلك.
(2)محكمة الجنايات "نظرها الدعوى والفصل فيها. إثبات
"شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب
الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الجنايات أن
تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها قائمة شهود الإثبات المقدمة من
النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة.
(3)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير
الدليل". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير
معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة
شهود الإثبات؟
مؤدى تساند الأدلة في
المواد الجنائية؟
(4)محكمة الموضوع "حقها في تعديل وصف التهمة". وصف التهمة.
خطف. دفاع الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حق محكمة الموضوع في
تصحيح بيان كيفية ارتكاب الجريمة. لا يستلزم لفت نظر الدفاع. مثال.
-----------------
1 - لما كان القصد
الجنائي في جريمة خطف الأطفال إنما يتحقق بتعمد الجاني انتزاع المخطوف من أيدي
ذويه اللذين لهم حق رعايته، وقطع صلته بهم مهما كان غرضه من ذلك، وكان الحكم
المطعون فيه قد أورد الواقعة في بيان تتحقق فيه الأركان والعناصر القانونية لجريمة
الخطف التي دان الطاعنة بها وبين نية الطاعنة في اختطاف المجني عليها وإبعادها عن
ذويها بما يتوافر به القصد الجنائي وتتحقق به الجريمة التي دينت بها الطاعنة.
2 - لما كان لا يوجد في
القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات المقدمة من
النيابة العامة، ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في
الدعوى المطروحة - فإن النعي على حكمها في هذا الصدد بفرض صحته يكون على غير سند.
3 - من المقرر أن وزن
أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم والتعويل على أقوالهم مهما
وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة
التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان
مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعنة استناداً إلى أقوال شهود الإثبات هو إطراح ضمني
لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها مما لا يجوز الجدل
فيه أمام محكمة النقض، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث
ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد
الجنائية متساندة، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه
لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية
إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في إقناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
4 - لما كان الحكم
المطعون فيه قد انتهى إلى تعديل وصف التهمة المسندة إلى الطاعنة باستبعاد ظرف
التحيل من جريمة الخطف المسندة إليها ودانتها بمقتضى المادة 289/ 1 من قانون
العقوبات بدلاً من المادة 288 التي طلبت النيابة العامة تطبيقها وكان التعديل على
هذه الصورة لا يخرج عن الواقعة ذاتها التي تضمنها أمر الإحالة وهي التي كانت
مطروحة على بساط البحث بالجلسة ودارت عليها المرافعة، وهو وصف غير جديد في الدعوى
ولا مغايرة فيه للعناصر التي كانت مطروحة على المحكمة ولا يعد ذلك في حكم القانون
تغييراً لوصف التهمة المحالة بها الطاعنة، بل هو مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب
الجريمة مما يصح إجراؤه في الحكم دون تنبيه الدفاع إليه في الجلسة ليترافع على
أساسه، ومن ثم فإن النعي على الحكم لإخلاله بحق الدفاع يكون غير سديد.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعنة بأنها 1 - خطفت........ التي لم تبلغ من العمر ستة عشر سنة كاملة بأن
اعترضتها إبان سيرها بالطريق العام وأفهمتها أنها بسبيلها لإرسال خطاب لوالدها
زعمت تواجده بدولة العراق فكان أن وقعت المجني عليها ضحية هذا الإيهام. 2 - حجزت
المجني عليها المذكورة بعيداً عن ذويها ودون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير
الأحوال التي تصرح بها القوانين واللوائح بذلك. وأحالتها إلى محكمة جنايات الجيزة
لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت
حضورياً في....... عملاً بالمادتين 280، 189 من قانون العقوبات المعدل بالقانون
رقم 214 لسنة 1980 مع إعمال حكم المادة 32 من القانون المشار إليه بمعاقبة المتهمة
بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة.
فطعنت المحكوم عليها في
هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعنة تنعى
على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمتي خطف أنثى بغير تحايل أو إكراه وحجز
المجني عليها قد شابه خطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع،
ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يفطن لأقوال الضابط...... والطاعنة والتي مفادها أن
الأخيرة لم تقطع صلة المجني عليها بذويها إذ أنهما - المجني عليها والطاعنة -
كانتا تقيمان بدائرة مركز إمبابة - محل إقامة والدة المجني عليها - كما أنها كانت
تصحبها معها حال خروجها من المنزل بما ينفي القصد الجنائي لديها في جريمة الخطف،
كما أن الحكم لم يبين مضمون أدلة الإدانة بل اكتفى بنقلها كما هي واردة بقائمة
أدلة الإثبات المقدمة من النيابة العامة، فضلاً عن ذلك فإن الحكم قد اعتمد من بين
ما اعتمد عليه في الإدانة إلى أقوال الشاهد....... رغم عدم معقوليتها إذ قرر أن
الطاعنة طلبت من المجني عليها أن تذكر له أنها شقيقتها رغم الخلاف البين بين
اسميهما. وأن المحكمة عدلت وصف التهمة المسندة إلى الطاعنة ودانتها بمقتضى المادة
289/ 1 من قانون العقوبات حين أن النيابة العامة قدمتها للمحاكمة وطلبت معاقبتها
بالمادة 288 من ذلك القانون - دون أن تلفت نظرها لهذا التعديل، كل ذلك مما يعيب
الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون
فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إنه في تاريخ...... الساعة 6.30 صباحاً أثناء
توجه........ البالغة من العمر ثماني سنوات إلى مدرستها تقابلت معها
المتهمة....... وطلبت الأخيرة منها أن تتوجه معها لإرسال خطاب إلى والدها، وركبت
معها إحدى سيارات الأجرة ثم اصطحبتها إلى مسكن من يدعى....... بدائرة مركز أوسيم،
وطلبت المتهمة أن تذكر أمام الأخير أن اسمها....... وأنها شقيقة لها، فنفذت الطفلة
لها ما طلبت، وظلت معها لمدة ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع انتهزت الأخيرة فرصة
خروج المتهمة فأبلغت صاحب المسكن المشار إليه بحقيقة الواقعة، فقام باصطحابها إلى
أهليتها" وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من
أقوال المقدم...... رئيس مجموعة مكافحة النصب بمديرية أمن الجيزة و...... و......
و..... ومن اعتراف المتهمة بتحقيقات النيابة وأقوال المجني عليها، وهي أدلة كافية
وسائغة لا تجادل الطاعنة في أن لها أصلها الصحيح الثابت بالأوراق. لما كان ذلك
وكان القصد الجنائي في جريمة خطف الأطفال إنما يتحقق بتعمد الجاني انتزاع المخطوف
من أيدي ذويه اللذين لهم حق رعايته، وقطع صلته بهم مهما كان غرضه من ذلك، وكان
الحكم المطعون فيه قد أورد الواقعة في بيان تتحقق فيه الأركان والعناصر القانونية
لجريمة الخطف التي دان الطاعنة بها وبين نية الطاعنة في اختطاف المجني عليها
وإبعادها عن ذويها مما يتوافر به القصد الجنائي وتتحقق به الجريمة التي دينت بها
الطاعنة ومن ثم فإن ما تثيره في هذا الوجه يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان
لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات
المقدمة من النيابة العامة، ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو
الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على حكمها في هذا الصدد بفرض صحته يكون على
غير سند، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي
يؤدون فيها شهادتهم والتعويل على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من
الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي
تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعنة
استنداً إلى أقوال شهود الإثبات هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع
لحملها على عدم الأخذ بها مما لا يجوز الجدل فيه أمام محكمة النقض، وكان لا يشترط
أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية
من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة
المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن
تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في إقناع
المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، فإن ما تثيره الطاعنة في شأن أقوال
الشاهد....... لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة
الموضوع معتقدها مما لا يقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن النعي
على الحكم في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه
قد انتهى إلى تعديل وصف التهمة المسندة إلى الطاعنة باستبعاد ظرف التحيل من جريمة
الخطف المسندة إليها ودانتها بمقتضى المادة 289/ 1 من قانون العقوبات بدلاً من
المادة 288 التي طلبت النيابة العامة تطبيقها وكان التعديل على هذه الصورة لا يخرج
عن الواقعة ذاتها التي تضمنها أمر الإحالة وهي التي كانت مطروحة على بساط البحث
بالجلسة ودارت عليها المرافعة، وهو وصف غير جديد في الدعوى ولا مغايرة فيه للعناصر
التي كانت مطروحة على المحكمة ولا يعد ذلك في حكم القانون تغييراً لوصف التهمة
المحالة بها الطاعنة، بل هو مجرد تصحيح لبيان كيفية ارتكاب الجريمة مما يصح إجراؤه
في الحكم دون تنبيه الدفاع إليه في الجلسة ليترافع على أساسه، ومن ثم فإن النعي
على الحكم لإخلاله بحق الدفاع يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته
يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.