جلسة 8 من أكتوبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/
عبد الوهاب الخياط نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين
الشافعي نائبي رئيس المحكمة ومحمد حسين ومحمود شريف فهمي.
---------------
(124)
الطعن رقم 259 لسنة 61
القضائية
(1)تفتيش
"إذن التفتيش. إصداره" "بياناته" "تنفيذه".
استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". إجراءات
"إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات
وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
التفتيش الذي تجريه
النيابة العامة أو تأذن بإجرائه في مسكن المتهم. شرط صحته؟
عدم إيراد محل إقامة
الطاعن محدداً في محضر الاستدلال غير قادح في جدية ما تضمنه من تحريات.
(2)استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات
"بوجه عام". جريمة "أركانها". قصد جنائي. نقض "أسباب
الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
للمحكمة التعويل في تكوين
عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. ولها
تجزئتها وأن ترى فيها ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز
المخدر كان بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
(3) مواد مخدرة. جريمة
"أركانها". قصد جنائي. نقض "المصلحة في الطعن".
إثارة الطاعن أن ضبط ميزان
كفتاه ملوثة بالمخدر يرشح لتوافر قصد الإتجار في حقه. غير مجد. علة ذلك؟
(4)مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. نقض "أسباب
الطعن. ما لا يقبل منها".
توافر جريمة حيازة مخدر
مجردة من القصود. مناطه: تحقق الفعل المادي وعلم الحائز بماهية المخدر. علماً
مجرداً من أي قصد.
(5)دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع.
ما لا يوفره". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا
يقبل منها".
نفي التهمة من أوجه
الدفاع الموضوعية. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
---------------
1 - لما كان من المقرر أن
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي
يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وإذ كانت المحكمة قد
اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره
وأقرت النيابة على تصرفها في ذلك الشأن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإنه
لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. هذا فضلاً عن أنه من
المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن في إجرائه
في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته
واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك
من الدلائل والأمارات الكافية أو الشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض
التحقيق لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة وإذ كان عدم
إيراد محل إقامة الطاعن محدداً في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه
من تحريات، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع
ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها
أصلاً ثابتاً في الأوراق، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير
محله.
2 - لما كان من المقرر أن
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما
ساقته من أدلة ولها في سبيل ذلك أن تجزئ هذه التحريات فتأخذ منها ما تطمئن إليه
مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه، ومن سلطتها التقديرية أيضاً أن ترى في
تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم
للمخدر كان بقصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي متى بنت ذلك على اعتبارات
سائغة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأظهر اطمئنانه إلى
التحريات كمسوغ لإصدار الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة حيازة المخدر إلى الطاعن
ولكنه لم ير فيها وفي أقوال الضابط محررها ما يقنعه بأن إحراز الطاعن للمخدر كان
بقصد الاتجار به، وانتهى في منطق سائغ إلى استبعاد قصد الإتجار أو التعاطي أو
الاستعمال الشخصي في حق الطاعن فإن دعوى التناقض لا يكون لها محل.
3 - لما كان ما يثيره
الطاعن بقوله من أنه ضبط ميزان ملوثة كفتاه بالمخدر مما يرشح لتوافر قصد الاتجار
في حقه، يكون في غير محله وذلك لانعدام مصلحته في إثارته.
4 - لما كان الحكم
المطعون فيه قد دلل على ثبوت حيازة الطاعن للمخدر المضبوط بركنيه المادي والمعنوي
ثم نفى قصد الإتجار واعتبره مجرد حائز لذلك المخدر ودانه بموجب المادة 38 من
القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 التي لا تستلزم
قصداً خاصاً من الحيازة بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي
العام وهو علم الحائز بماهية المخدر علماً مجرداً من أي قصد من القصود الخاصة
المنصوص عليها في القانون فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي
انتهى إليه، وإذ كان الطاعن لا يماري في علمه بماهية الجوهر المخدر المضبوط في
حيازته فإن منعاه في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
5 - من المقرر أن نفي
التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها
مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه: حاز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها
قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات بنها لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين
بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37/ 1، 42/ 1 من
القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني
من الجدول رقم واحد الملحق مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم
بالسجن لمدة ست سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه عما نسب إليه ومصادرة المخدر
والميزان المضبوطين - باعتبار أن إحراز المخدر كان مجرداً من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض..... إلخ.
المحكمة
من حيث إن ما ينعاه
الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز مخدر بغير قصد الإتجار أو
التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه التناقض والقصور في الاستدلال والإخلال بحق
الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الطاعن دفع بجلسة المحاكمة ببطلان إذن
التفتيش لعدم جدية التحريات ودلل على ذلك بشواهد منها عدم تحديد التحريات للمكان
الذي يحتفظ فيه الطاعن بالمخدر المطلوب ضبطه وعدم بيانها لمحل إقامة الطاعن
تحديداً، كما أن التحريات لم يرد بها أن المتهم يحوز المخدرات بمسكنه وبالتالي لم
يكن من الجائز قانوناً لسلطة التحقيق أن تأمر بتفتيش مسكن الطاعن ويكون الإذن قد
صدر باطلاً، إلا أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفع برد غير سائغ، كما أن
الحكم المطعون فيه عول في إدانته للطاعن وثبوت حيازته للمخدر إلى رواية ضابطي
الواقعة ثم عاد وشكك في ذات الرواية عندما رفض الأخذ بأقوال الشاهد الأول وتحرياته
التي أسفرت عن توافر قصد الإتجار بالمخدر لديه والتفت الحكم عما ثبت من تقرير
التحليل من تلوث كفتي الميزان المضبوط بالمخدر وعن دلالة ذلك على توافر قصد الإتجار
لديه معللاً ما ذهب إليه في ذلك من أن المتهم لم يضبط بحالة ترشح لتوافر ذلك
القصد، وأن التحريات لا يطمئن إليها في تحديد هذا القصد، كما أن الحكم المطعون فيه
لم يحدد قصد الطاعن من حيازته للمخدر مما يصم الحكم بالتناقض، كما أطرح الحكم
إنكار الطاعن للاتهام المسند إليه دون أن يبرر سبب إطراحه له، بما يعيبه ويستوجب
نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون
فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة جوهر
الحشيش المخدر بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي دان الطاعن
بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة استقاها من أقوال رئيس مكافحة مخدرات شبرا
الخيمة وضابط إدارة البحث الجنائي بالقليوبية وما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية
لمصلحة الطب الشرعي وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، ثم عرض الحكم
للدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي سبقته وأطرحه في قوله إنه
"عن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات فمردود عليه بأن
محرر المحضر قدم تحرياته التي حددت اسم المتهم وعنوانه الذي تم ضبطه به واطمأنت
النيابة لها وأصدرت إذنها له على هذا الأساس والمحكمة تشاطرها هذا الاطمئنان ومن
ثم يكون الدفع على غير أساس من الواقع أو القانون جدير بالالتفات عنه وإطراحه
جانباً سيما وأنه لا يشترط في القانون أن يعلم مستصدر الإذن مسبقاً بمكان إخفاء
المخدرات داخل منزله". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات
وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى
سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية
الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على
تصرفها في ذلك الشأن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإنه لا معقب عليها فيما
ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن كل ما يشترط
لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل
بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة
- جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات
الكافية أو الشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو لحرمة
مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة وإذ كان عدم إيراد محل إقامة الطاعن
محدداً في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، ولما كانت
المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات
التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً في الأوراق، فإن
منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من
المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها
معززة لما ساقته من أدلة ولها في سبيل ذلك أن تجزئ هذه التحريات فتأخذ منها ما
تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه، ومن سلطتها التقديرية أيضاً
أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز
المتهم للمخدر كان بقصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي متى بنت ذلك على
اعتبارات سائغة، لما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأظهر اطمئنانه إلى
التحريات كمسوغ لإصدار الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة حيازة المخدر إلى الطاعن
ولكنه لم ير فيها وفي أقوال الضابط محررها ما يقنعه بأن إحراز الطاعن للمخدر كان
بقصد الإتجار به، وانتهى في منطق سائغ إلى استبعاد قصد الإتجار أو التعاطي أو
الاستعمال الشخصي في حق الطاعن فإن دعوى التناقض لا يكون لها محل. لما كان ذلك،
وكان ما يثيره الطاعن بقوله من إنه ضبط ميزان ملوثة كفتاه بالمخدر مما يرشح لتوافر
قصد الإتجار في حقه، يكون في غير محله وذلك لانعدام مصلحته في إثارته. لما كان ذلك
وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت حيازة الطاعن للمخدر المضبوط بركنيه
المادي والمعنوي ثم نفى قصد الإتجار واعتبره مجرد حائز لذلك المخدر ودانه بموجب
المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 التي
لا تستلزم قصداً خاصاً من الحيازة بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد
الجنائي العام وهو علم الحائز بماهية المخدر علماً مجرداً من أي قصد من القصود
الخاصة المنصوص عليها في القانون فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على
الوجه الذي انتهى إليه، وإذ كان الطاعن لا يماري في علمه بماهية الجوهر المخدر
المضبوط في حيازته فإن منعاه في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان ما
يثيره الطاعن في إطراح الحكم لإنكاره الاتهام المسند إليه مردوداً بأن نفي التهمة
من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من
أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وإذ كان الحكم قد أقام قضاءه على ما استقر في
عقيدة المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المخدر المضبوط تأسيساً على أدلة سائغة
لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي، فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير
سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.