الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 2 يناير 2020

الوقائع المصرية 2020

العدد 11
العدد 11 تابع 
العدد 24
العدد 24 تابع
العدد 24 تابع أ 
العدد 25
العدد 25 تابع 
العدد 26
العدد 26 تابع 
العدد 27
العدد 28
العدد 28 تابع
العدد 29
العدد 30
العدد 33
العدد 34
العدد 35 تابع أ
العدد 36
العدد 37
العدد 39
العدد 40
العدد 43
العدد 44
العدد 46
العدد 47
العدد 49
العدد 50
العدد 51
العدد 53
العدد 53 تابع 
العدد 54
العدد 56 تابع
العدد 56
العدد 57
العدد 59
العدد 59 تابع أ
العدد 60
العدد 63
العدد 64
العدد 66
العدد 67
العدد 68 تابع أ
العدد 69
العدد 70
العدد 73
العدد 74
العدد 75 تابع أ
العدد 76
العدد 76 تابع أ
العدد 77
العدد 79
العدد 82 تابع ب
العدد 83
العدد 84
العدد 85
العدد 116
العدد 117
العدد 120
العدد 130
العدد 140
العدد 141
العدد 142
العدد 143
العدد 144
العدد 145
العدد 146
العدد 147
العدد 148
العدد 152 تابع
العدد 152 تابع أ
العدد 153
العدد 153 تابع
العدد 158
العدد 160
العدد 161
العدد 188 تابع
العدد 190
العدد 192
العدد 194
العدد 195 تابع
العدد 196
العدد 198
العدد 200

العدد 200 تابع
العدد 201 تابع
العدد 206 تابع
العدد 208
العدد 209 تابع
العدد 211 تابع أ
العدد 217
العدد 221 تابع
العدد 223 تابع أ
العدد 223 تابع ب
العدد 226 تابع
العدد 230 تابع أ
العدد 232 تابع
العدد 233
العدد 245 تابع
العدد 251 تابع
العدد 252 تابع أ
العدد 254 تابع
العدد 258 تابع
العدد 264 تابع ب
العدد 266 تابع
العدد 279 تابع

الأربعاء، 1 يناير 2020

الطعن 589 لسنة 61 ق جلسة 18 / 10 / 1992 مكتب فني 43 ق 130 ص 846


جلسة 18 من أكتوبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ حسن عميره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور جبري نائب رئيس المحكمة ومصطفى الشناوي وأنس عماره وفرغلي زناتي.
----------------
(130)
الطعن رقم 589 لسنة 61 القضائية

 (1)ارتباط. محكمة الموضوع "سلطتها". عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة".
مناط تطبيق المادة 32/ 2 عقوبات؟
تقدير قيام الارتباط بين الجرائم. موضوعي.
 (2)نقض "الطعن بالنقض. ماهيته" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ارتباط. عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة".
الطعن بالنقض. ليس امتداداً للخصومة. هو خصومة من نوع خاص.
مجال البت في الارتباط؟ إثارة الارتباط لأول مرة أمام النقض. غير مقبولة. علة ذلك؟
 (3)إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصلح سبباً للطعن على الحكم.
 (4)تفتيش. دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". سرقة "بإكراه".
الدفع ببطلان القبض والتفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع. عدم جواز إثارتها لأول مرة أمام النقض. علة ذلك؟
 (5)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه. لها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة ما دامت قد اطمأنت إليها.
تقدير المحكمة للأدلة. لا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
 (6)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. بيانات التسبيب".
لم يرسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة.
 (7)إجراءات "إجراءات المحاكمة". تقرير التلخيص. محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". محكمة استئنافية. "الإجراءات أمامها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كتابة تقرير التلخيص. عنصر جوهري في إجراءات الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية. عدم تطلب ذات الإجراء أمام محكمة الجنايات. أساس ذلك؟

-----------------
1 - من المقرر أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم في الفقرة المشار إليها، وأن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع.
2 - الأصل أن الطعن بالنقض لا يعتبر امتداداً للخصومة، بل هو خصومة خاصة مهمة المحكمة فيها مقصورة على القضاء في صحة الأحكام من قبيل أخذها أو عدم أخذها بحكم القانون فيما يكون قد عرض عليها من طلبات وأوجه دفاع ولا تنظر محكمة النقض القضية إلا بالحالة التي كانت عليها أمام محكمة الموضوع، ولا مجال للبت في الارتباط الذي يترتب عليه تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات إلا في حالة اتصال محكمة الموضوع بالدعوى الأخرى المطروحة أمامها مع الدعوى المنظورة المثار فيها الارتباط، ولا يقبل من الطاعن أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي لا يصح أن تطالب هذه المحكمة بإجرائه. ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
3 - لما كان ما يثيره الطاعن من أن النيابة العامة فصلت بين الجنايتين رغم قيام الارتباط بينهما لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
4 - من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش إنما هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع به أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم تحمل مقوماته نظراً لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة - محكمة النقض - ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير قويم.
5 - لما كانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد ما تطمئن إليه أو تطرح ما عداه وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، فإن ما يثيره الطاعن من عدم إيراد الحكم لأقوال المجني عليه بمحضر الشرطة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
6 - لما كان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، كان ذلك محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
7 - لما كانت المادة "411" من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "يضع أحد أعضاء الدائرة - المنوط بها الحكم في الاستئناف تقريراً موقعاً عليه منه، ويجب أن يشمل هذا التقرير ملخص وقائع الدعوى وظروفها وأدلة الثبوت والنفي وجميع المسائل الفرعية التي رفعت والإجراءات التي تمت...... إلخ مما مفاده أن كتابة تقرير التلخيص عنصر جوهري في إجراءات نظر الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية ولم يتطلب ذات الإجراء أمام محكمة الجنايات التي خصها القانون بإجراءات أخرى ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً: سرق المبلغ النقدي المبين قدراً بالأوراق المملوك لـ...... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليه والذي ترك به أثر جروح بأن باغته حال سيره بالطريق العام ولكمه بيده في وجهه وعندما قاومه المجني عليه استل مدية وضربه بها على رأسه فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق فشل بذلك مقاومته ثم مد يده إلى جيبه واستحوذ على ما به من نقود وتمكن بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على المبلغ سالف الذكر. ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض (مطواة قرن غزال). وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 314، 315، ثالثاً من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25/ 1 مكرراً، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1959 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 65 لسنة 1981 والجدول رقم 1 فقرة "10" والمرفق للقانون الأول مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات ومصادرة السلاح المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض…… إلخ.


المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السرقة في طريق عام ليلاً بطريق الإكراه قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والبطلان. ذلك أن الطاعن اتهم بارتكابه جناية أخرى مرتبطة بالجناية موضوع الطعن وذلك لوحدة الأداة المستعملة في الجنايتين "مطواة" غير أن النيابة العامة فصلت بين الدعويين رغم قيام الارتباط بينهما، وأثار دفاع الطاعن في الجناية الأخرى بطلان القبض والتفتيش لعدم صدور إذن من النيابة العامة ولعدم توافر حالة التلبس وأن هذا الدفاع يعد بدوره مطروحاً في هذه الدعوى، كما أن الحكم لم يورد مؤدى أقوال المجني عليه بمحضر الشرطة واكتفى بنقل التهمة كما جاءت بأمر الإحالة، ولم يبين كيفية القبض على الطاعن وضبط المطواة معه، هذا إلى أن أوراق الدعوى قد خلت من تقرير تلخيص لوقائعها، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة في الطريق العام ليلاً بطريق الإكراه التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومن التقرير الطبي، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم في الفقرة المشار إليها، وأن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع. ولما كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب ضم الجناية الأخرى التي يقول بوجود ارتباط بينها وبين الجناية موضوع هذا الطعن، وليس في الأوراق مما يرشح للقول بوجود ارتباط بينهما. ولما كان الأصل أن الطعن بالنقض لا يعتبر امتداداً للخصومة، بل هو خصومة خاصة مهمة المحكمة فيها مقصورة على القضاء في صحة الأحكام من قبيل أخذها أو عدم أخذها بحكم القانون فيما يكون قد عرض عليها من طلبات وأوجه دفاع ولا تنظر محكمة النقض القضية إلا بالحالة التي كانت عليها أمام محكمة الموضوع، ولا مجال للبت في الارتباط الذي يترتب عليه تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات إلا في حالة اتصال محكمة الموضوع بالدعوى الأخرى المطروحة أمامها مع الدعوى المنظورة المثار فيها الارتباط، ولا يقبل من الطاعن أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي لا يصح أن تطالب هذه المحكمة بإجرائه. ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن النيابة العامة فصلت بين الجنايتين رغم قيام الارتباط بينهما لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش إنما هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع به أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم تحمل مقوماته نظراً لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة - محكمة النقض - ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكانت المحكمة لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمه بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد ما تطمئن إليه أو تطرح ما عداه وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها، فإن ما يثيره الطاعن من عدم إيراد الحكم لأقوال المجني عليه بمحضر الشرطة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، كان ذلك محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكانت المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "يضع أحد أعضاء الدائرة المنوط بها الحكم في الاستئناف تقريراً موقعاً عليه منه، ويجب أن يشمل هذا التقرير ملخص وقائع الدعوى وظروفها وأدلة الثبوت والنفي وجميع المسائل الفرعية التي رفعت والإجراءات التي تمت..... إلخ" مما مفاده أن كتابة تقرير التلخيص عنصر جوهري في إجراءات نظر الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية ولم يتطلب ذات الإجراء أمام محكمة الجنايات التي خصها القانون بإجراءات أخرى، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


الطعن 285 لسنة 61 ق جلسة 12 / 10 / 1992 مكتب فني 43 ق 128 ص 831


جلسة 12 من أكتوبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر ومجدي منتصر وحسن حمزه وحامد عبد الله نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(128)
الطعن رقم 285 لسنة 61 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب" "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة وأركانها وظروفها.
 (2)قتل عمد. جريمة "أركانها". باعث. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الباعث ليس من أركان الجريمة. عدم بيانه تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله كلية لا يقدح في سلامة الحكم.
 (3)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع أن تأخذ من أقوال الشاهد بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه. عدم التزامها أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاؤها.
 (4)قتل عمد. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي تنم عنه استخلاص توافره. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(5) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
محكمة الموضوع غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. والرد على كل شبهة يثيرها ما دام لقضائه وجه مقبول.
 (6)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة الشاهد. مفاده؟ إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
الجدل الموضوعي في حق المحكمة في استنباط معتقدها من أي دليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 (7)سلاح. حيازة. مسئولية جنائية.
الإحراز صورة من صور الحيازة ثبوت الإحراز مقتضاه توافر الحيازة.
(8) عقوبة "تطبيقها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً. موضوعي.

-----------------
1 - فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون.
2 - لما كان ما سبق الحادث من مشادة إنما يندرج في نطاق الباعث على الجريمة، وهو ما ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها، فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيانه تفصيلاً أو الخطأ فيه أو حتى إغفاله جملة، وبالتالي يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير مقبول.
3 - من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها، بل حسبها أن تورد ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وأن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها دون أن تبين العلة في ذلك أو تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها.
4 - لما كان المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله إنها: (ثابتة قبل المتهم من تواجده، بحقله حاملاً بندقية آلية محشوة وبدون ترخيص ودون حاجة إلى حملها إلا للبطش والإجرام، وإقدامه على استعمالها وتصويبها وهي سلاح قاتل بطبيعته - ومن مسافة قريبة وفي مواجهة المجني عليهما - إلى مقتل من كل منهما وهو الرأس والبطن، مما يقطع بما لا يترك مجالاً للشك في توافر نية إزهاق روح كل منهما، ولا يؤثر في ذلك حدوث مشادة كلامية سابقة على الواقعة أو إطلاق عيار واحد على كل منهما، ذلك أن نية القتل قد تنشأ لدى الجاني إثر مشادة كلامية إذ لا أثر للغضب على توافرها، كما أن تعدد الضربات أو الطلقات ليس بشرط فيها، خاصة وأن المتهم قد تأكد من تحقيق غرضه بسقوط المجني عليه الأول أرضاً إثر الطلق الذي أصابه إصابة مباشرة قاتلة لقرب المسافة وموقعها وطبيعة السلاح وكونه مششخناً، وأقدم على الاستمرار في جرمه وقتل المجني عليه الثاني بعيار واحد أيضاً حقق مقصده إظهاراً لجبروته وسطوته.) وإذ كان هذا الذي استخلصه الحكم من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ فإن هذا حسبه للتدليل على نية القتل حسبما هي معرفة به في القانون، وليس على المحكمة - من بعد أن تناقش كل الأدلة الاستنتاجية التي تمسك بها الدفاع بعد أن اطمأنت إلى أدلة الثبوت التي أوردتها، وينحل جدل الطاعن في توافر نية القتل إلى جدل موضوعي في حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى في استنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي المختلفة، والرد على كل شبهة يثيرها وبيان العلة فيما أعرضت عنه من شواهد النفي أو أخذت به من أدلة الثبوت ما دام لقضائها وجه مقبول.
6 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادة الشاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها لأقوال شهود الإثبات ومن بينهم النقيب...... فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم صحة أقواله وتناقض تحرياته يضحى مجرد جدل موضوعي في حق المحكمة في استنباط معتقدها من أي دليل تطمئن إليه وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن عن تهمة إحراز السلاح الناري والذخيرة أخذاً بما اطمأن إليه من أقوال الشهود من أنه قد أطلق عياراً نارياً على كل من المجني عليهما من السلاح الذي كان يحمله وهو ما يتحقق به الاستيلاء المادي على السلاح والذخيرة وتتوافر به جريمة إحرازهما طبقاً للقانون وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن السلاح المضبوط بمسكن الطاعن هو الذي استخدم في ارتكاب الحادث، فإنها إذ حصلت ما ورد بالتقرير الطبي الشرعي بشأن وصف السلاح المذكور وصلاحيته للاستعمال وإطلاقه في تاريخ يتفق وتاريخ الحادث لا تكون قد أخطأت في شيء لأن ذلك إنما ينصرف إلى تهمة الإحراز التي دانت الطاعن بها ولا ينال من ذلك إسقاطها للفظ الحيازة من تلك التهمة ذلك أن الإحراز لا يعدو أن يكون صورة من صور الحيازة ومتى ثبت الإحراز - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن حيازة ذات السلاح تكون متوافرة ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد على غير أساس.
8 - من المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب، ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، وكان ما أوردته المحكمة من أن حمل الطاعن للسلاح كان بقصد البطش والإجرام لا يمنعها من أن تستخلص من ظروف الواقعة ما يدعوها إلى أخذه بالرأفة في الحدود التي أجازها المشرع لها في المادة 17 من قانون العقوبات فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: قتل...... عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من بندقية كان يحملها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياته وقد اقترنت بهذه الجناية جناية أخرى هي أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر قتل..... عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من السلاح الناري سالف الذكر قاصداً من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً: أحرز وحاز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية". ثالثاً: أحرز ذخائر "طلقتان" استعملها في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له في حيازته أو إحرازه. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليه الأول مدنياً قبل المتهم بمبلغ 251 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1، 2 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2، 5 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 156 لسنة 1981 والبند "ب" من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون والمادتين 30، 32/ 2، مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليه وبمصادرة السلاح الناري المضبوط وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مائتين وواحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم القتل العمد المقترن وإحراز سلاح ناري وذخيرة بغير ترخيص قد شابه القصور والغموض والتناقض في التسبيب واعتوره الخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن تحصيله لواقعة المشادة التي سبقت الحادث قد ران عليه الغموض الموحي بعدم الإحاطة بظروف الدعوى وأسند إلى الشاهد ...... القول بأن الطاعن قد صوب سلاحه إلى رأس المجني عليه الأول وإلى بطن المجني عليه الثاني قبل إطلاقه على كل منهما رغم أن أقواله بتحقيقات النيابة قد خلت من ذكر واقعة تصويب السلاح، وعول الحكم على هذه الواقعة في التدليل على توافر نية القتل لدى الطاعن ملتفتاً عما أثاره الدفاع من أن ملابسات الحادث تفصح عن أنه حادث عارض لا تتوافر فيه تلك النية، إذ لا توجد خلافات سابقة بين أطرافه فضلاً عما شهد به النقيب...... من أن الطاعن يحوز السلاح للدفاع وأن إطلاقه كان لمجرد الإرهاب، والتفت عما أثاره الدفاع من منازعة في صحة ما قرره الشهود من أن المجني عليه الثاني قد سقط إثر إصابته بجوار المجني عليه الأول رغم عدم وجود آثار لدماء إلا بمكان جثة المجني عليه الأول، وأنه لم يعثر على فوارغ الأعيرة مما يشير إلى عدم تواجد الطاعن بمكان الحادث وأن الأعيرة أطلقت من مكان آخر وأن اختلاف أرقام السلاح التي أثبتت بمحضر الضبط عنها في كل من تحقيق النيابة والتقرير الفني يشير إلى استبدال السلاح، كما عول على أقوال الضابط المذكور - بشأن ضبط السلاح بمسكن الطاعن - رغم عدم صحتها بدليل تناقض التحريات التي قدمها، واستبعد تهمة حيازة السلاح من الوصف الذي انتهى إلى إدانة الطاعن به دون استبعاد الدليل المستمد منها إذ حصل ما تضمنه التقرير الفني بشأن وصف السلاح وصلاحيته وإطلاقه في وقت يتفق وتاريخ الحادث وأعمل المادة 17 من قانون العقوبات رغم ما أورده من أن حمل الطاعن للسلاح كان بقصد البطش والإجرام ودون بيان المبررات التي استند إليها في تخفيف العقوبة وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى في قوله (إنه في ظهر يوم 1/ 6/ 1990 توجه..... ومعه.... إلى حقله لتسليم العين المبيعة منه إلى......، فوجد..... شقيقه...... بذات العين لذات الغرض فاختلف....... مع..... على أولوية الاستلام لوجود عجز بالعين المبيعة تطورت إلى مشادة - حضر خلالها....... ثم تطورت إلى تعد من الأول بالقوة على الثاني فرد عليه التعدي بمثله، فأنزل الأول سلاحاً نارياً (بندقية آلية بدبشك حديد) كان يحمله على كتفه وصوب فوهته إلى رأس الثاني الذي كان في مواجهته على مسافة قريبة. وأطلق عمداً عياراً نارياً واحداً بنية إزهاق روحه فأصابه في رأسه وسقط على الأرض، وحدث به كسر بعظام الجمجمة وتهتكاً بالسحايا وجوهر المخ، وأدت الإصابة إلى وفاته لما صاحبها من نزيف أدى إلى هبوط حاد بالمراكز الحيوية المخية، وعقب ذلك مباشرة صوب المتهم ذات السلاح إلى بطن...... الذي كان في مواجهته بجوار المجني عليه الأول، وأطلق منه عمداً عياراً نارياً واحداً بنية إزهاق روحه، فاخترق المقذوف الخط الاربي الأيسر وأحدث قطعاً بالشريان الفخذي الأيسر وقطعاً بالقولون ونزيفاً دموياً غزيراً أدى إلى وفاته.) وساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة استمدها من شهادة كل من..... و..... والنقيب....... ومما ثبت بالتقرير الطبي الشرعي، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، وأورد الحكم مؤدى كل منها في بيان واف، لما كان ذلك، وكان المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، وكان مجمل ما أورده الحكم - فيما تقدم - عن المشادة التي سبقت الحادث وفيما أورده على لسان الشهود كافياً للإحاطة بها وواضحاً في الدلالة على أن المحكمة قد ألمت بالواقعة وبظروفها، ودانت الطاعن وهي على بينة من أمرها، وهو ما تنحسر به عن الحكم قالة الغموض في هذا الصدد، هذا فضلاً عن أن ما سبق الحادث من مشادة إنما يندرج في نطاق الباعث على الجريمة، وهو ما ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها، فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيانه تفصيلاً أو الخطأ فيه أو حتى إغفاله جملة وبالتالي يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير مقبول، لما كان ذلك، وكان المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخدها بما اقتنعت به منها، بل حسبها أن تورد ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وأن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها دون أن تبين العلة في ذلك أو تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن شهادة الشاهد..... أمام المحكمة قد تضمنت ما مفاده أن الطاعن قد صوب سلاحه الناري ناحية كل من المجني عليهما قبل إطلاقه عليهما، فإنه لا على الحكم إن عول على ما اطمأن إليه من أقوال الشاهد المذكور أمام المحكمة حتى بفرض صحة القول بأن أقواله في تحقيقات النيابة قد خلت من ذكر واقعة تصويب السلاح طالما أن ما حصله من أقواله وعول عليه في قضائه له صداه وأصله الثابت بالأوراق، ومن ثم يضحى النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد على غير أساس. لما كان ذلك وكان المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله إنها: (ثابتة قبل المتهم من تواجده بحقله حاملاً بندقية آلية محشوة وبدون ترخيص ودون حاجة إلى حملها إلا للبطش والإجرام، وإقدامه على استعمالها وتصويبها وهي سلاح قاتل بطبيعته - ومن مسافة قريبة وفي مواجهة المجني عليهما - إلى مقتل من كل منهما وهو الرأس والبطن، مما يقطع بما لا يترك مجالاً للشك في توافر نية إزهاق روح كل منهما، ولا يؤثر في ذلك حدوث مشادة كلامية سابقة على الواقعة أو إطلاق عيار واحد على كل منهما، ذلك أن نية القتل قد تنشأ لدى الجاني إثر مشادة كلامية إذ لا أثر للغضب على توافرها، كما أن تعدد الضربات أو الطلقات ليس بشرط فيها، خاصة وأن المتهم قد تأكد من تحقيق غرضه بسقوط المجني عليه الأول أرضاً إثر الطلق الذي أصابه إصابة مباشرة قاتلة لقرب المسافة وموقعها وطبيعة السلاح وكونه مششخناً، وأقدم على الاستمرار في جرمه وقتل المجني عليه الثاني بعيار واحد أيضاً حقق مقصده إظهاراً لجبروته وسطوته) وإذ كان هذا الذي استخلصه الحكم من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ فإن هذا حسبه للتدليل على نية القتل حسبما هي معرفة به في القانون، وليس على المحكمة - من بعد أن تناقش كل الأدلة الاستنتاجية التي تمسك بها الدفاع بعد أن اطمأنت إلى أدلة الثبوت التي أوردتها، وينحل جدل الطاعن في توافر نية القتل إلى جدل موضوعي في حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى في استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي المختلفة، والرد على كل شبهة يثيرها وبيان العلة فيما أعرضت عنه من شواهد النفي أو أخذت به من أدلة الثبوت ما دام لقضائه وجه مقبول، ومن ثم فلا على المحكمة إن أعرضت عما أثاره الدفاع من عدم وجود آثار دماء بمكان جثة المجني عليه الثاني ودلالة عدم العثور على فوارغ الأعيرة التي أطلقت على عدم تواجد الطاعن بمكان الحادث، ودلالة اختلاف أرقام السلاح التي أثبتت بمحضر الضبط على استبداله لأن ذلك كله لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير مقبول، لما كان ذلك، وكان المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم، وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادة الشاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها لأقوال شهود الإثبات ومن بينهم النقيب....... فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم صحة أقواله وتناقض تحرياته يضحى مجرد جدل موضوعي في حق المحكمة في استنباط معتقدها من أي دليل تطمئن إليه وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن عن تهمة إحراز السلاح الناري والذخيرة أخذاً بما اطمأن إليه من أقوال الشهود من أنه قد أطلق عياراً نارياً على كل من المجني عليهما من السلاح الذي كان يحمله وهو ما يتحقق به الاستيلاء المادي على السلاح والذخيرة وتتوافر به جريمة إحرازهما طبقاً للقانون وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن السلاح المضبوط بمسكن الطاعن هو الذي استخدم في ارتكاب الحادث، فإنها إذ حصلت ما ورد بالتقرير الطبي الشرعي بشأن وصف السلاح المذكور وصلاحيته للاستعمال وإطلاقه في تاريخ يتفق وتاريخ الحادث لا تكون قد أخطأت في شيء لأن ذلك إنما ينصرف إلى تهمة الإحراز التي دانت الطاعن بها ولا ينال من ذلك إسقاطها للفظ الحيازة من تلك التهمة ذلك أن الإحراز لا يعدو أن يكون صورة من صور الحيازة ومتى ثبت الإحراز - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن حيازة ذات السلاح تكون متوافرة ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد على غير أساس. لما كان ذلك وكان المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب، ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، وكان ما أوردته المحكمة من أن حمل الطاعن للسلاح كان بقصد البطش والإجرام لا يمنعها من أن تستخلص من ظروف الواقعة ما يدعوها إلى أخذه بالرأفة في الحدود التي أجازها المشرع لها في المادة 17 من قانون العقوبات فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله، لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


الطعن 259 لسنة 61 ق جلسة 8 / 10 / 1992 مكتب فني 43 ق 124 ص 812


جلسة 8 من أكتوبر سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب الخياط نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي نائبي رئيس المحكمة ومحمد حسين ومحمود شريف فهمي.
---------------
 (124)
الطعن رقم 259 لسنة 61 القضائية

 (1)تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "بياناته" "تنفيذه". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن بإجرائه في مسكن المتهم. شرط صحته؟
عدم إيراد محل إقامة الطاعن محدداً في محضر الاستدلال غير قادح في جدية ما تضمنه من تحريات.
 (2)استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". جريمة "أركانها". قصد جنائي. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. ولها تجزئتها وأن ترى فيها ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المخدر كان بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
(3) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. نقض "المصلحة في الطعن".
إثارة الطاعن أن ضبط ميزان كفتاه ملوثة بالمخدر يرشح لتوافر قصد الإتجار في حقه. غير مجد. علة ذلك؟
 (4)مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
توافر جريمة حيازة مخدر مجردة من القصود. مناطه: تحقق الفعل المادي وعلم الحائز بماهية المخدر. علماً مجرداً من أي قصد.
 (5)دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.

---------------
1 - لما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في ذلك الشأن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية أو الشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة وإذ كان عدم إيراد محل إقامة الطاعن محدداً في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً في الأوراق، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله.
2 - لما كان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ولها في سبيل ذلك أن تجزئ هذه التحريات فتأخذ منها ما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه، ومن سلطتها التقديرية أيضاً أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأظهر اطمئنانه إلى التحريات كمسوغ لإصدار الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة حيازة المخدر إلى الطاعن ولكنه لم ير فيها وفي أقوال الضابط محررها ما يقنعه بأن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار به، وانتهى في منطق سائغ إلى استبعاد قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في حق الطاعن فإن دعوى التناقض لا يكون لها محل.
3 - لما كان ما يثيره الطاعن بقوله من أنه ضبط ميزان ملوثة كفتاه بالمخدر مما يرشح لتوافر قصد الاتجار في حقه، يكون في غير محله وذلك لانعدام مصلحته في إثارته.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت حيازة الطاعن للمخدر المضبوط بركنيه المادي والمعنوي ثم نفى قصد الإتجار واعتبره مجرد حائز لذلك المخدر ودانه بموجب المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الحيازة بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم الحائز بماهية المخدر علماً مجرداً من أي قصد من القصود الخاصة المنصوص عليها في القانون فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه، وإذ كان الطاعن لا يماري في علمه بماهية الجوهر المخدر المضبوط في حيازته فإن منعاه في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
5 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: حاز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات بنها لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37/ 1، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم واحد الملحق مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ست سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه عما نسب إليه ومصادرة المخدر والميزان المضبوطين - باعتبار أن إحراز المخدر كان مجرداً من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة
من حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز مخدر بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه التناقض والقصور في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الطاعن دفع بجلسة المحاكمة ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات ودلل على ذلك بشواهد منها عدم تحديد التحريات للمكان الذي يحتفظ فيه الطاعن بالمخدر المطلوب ضبطه وعدم بيانها لمحل إقامة الطاعن تحديداً، كما أن التحريات لم يرد بها أن المتهم يحوز المخدرات بمسكنه وبالتالي لم يكن من الجائز قانوناً لسلطة التحقيق أن تأمر بتفتيش مسكن الطاعن ويكون الإذن قد صدر باطلاً، إلا أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفع برد غير سائغ، كما أن الحكم المطعون فيه عول في إدانته للطاعن وثبوت حيازته للمخدر إلى رواية ضابطي الواقعة ثم عاد وشكك في ذات الرواية عندما رفض الأخذ بأقوال الشاهد الأول وتحرياته التي أسفرت عن توافر قصد الإتجار بالمخدر لديه والتفت الحكم عما ثبت من تقرير التحليل من تلوث كفتي الميزان المضبوط بالمخدر وعن دلالة ذلك على توافر قصد الإتجار لديه معللاً ما ذهب إليه في ذلك من أن المتهم لم يضبط بحالة ترشح لتوافر ذلك القصد، وأن التحريات لا يطمئن إليها في تحديد هذا القصد، كما أن الحكم المطعون فيه لم يحدد قصد الطاعن من حيازته للمخدر مما يصم الحكم بالتناقض، كما أطرح الحكم إنكار الطاعن للاتهام المسند إليه دون أن يبرر سبب إطراحه له، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة جوهر الحشيش المخدر بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة استقاها من أقوال رئيس مكافحة مخدرات شبرا الخيمة وضابط إدارة البحث الجنائي بالقليوبية وما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية لمصلحة الطب الشرعي وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، ثم عرض الحكم للدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي سبقته وأطرحه في قوله إنه "عن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات فمردود عليه بأن محرر المحضر قدم تحرياته التي حددت اسم المتهم وعنوانه الذي تم ضبطه به واطمأنت النيابة لها وأصدرت إذنها له على هذا الأساس والمحكمة تشاطرها هذا الاطمئنان ومن ثم يكون الدفع على غير أساس من الواقع أو القانون جدير بالالتفات عنه وإطراحه جانباً سيما وأنه لا يشترط في القانون أن يعلم مستصدر الإذن مسبقاً بمكان إخفاء المخدرات داخل منزله". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في ذلك الشأن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية أو الشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة وإذ كان عدم إيراد محل إقامة الطاعن محدداً في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً في الأوراق، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ولها في سبيل ذلك أن تجزئ هذه التحريات فتأخذ منها ما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه، ومن سلطتها التقديرية أيضاً أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة، لما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأظهر اطمئنانه إلى التحريات كمسوغ لإصدار الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة حيازة المخدر إلى الطاعن ولكنه لم ير فيها وفي أقوال الضابط محررها ما يقنعه بأن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الإتجار به، وانتهى في منطق سائغ إلى استبعاد قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في حق الطاعن فإن دعوى التناقض لا يكون لها محل. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بقوله من إنه ضبط ميزان ملوثة كفتاه بالمخدر مما يرشح لتوافر قصد الإتجار في حقه، يكون في غير محله وذلك لانعدام مصلحته في إثارته. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت حيازة الطاعن للمخدر المضبوط بركنيه المادي والمعنوي ثم نفى قصد الإتجار واعتبره مجرد حائز لذلك المخدر ودانه بموجب المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الحيازة بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم الحائز بماهية المخدر علماً مجرداً من أي قصد من القصود الخاصة المنصوص عليها في القانون فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه، وإذ كان الطاعن لا يماري في علمه بماهية الجوهر المخدر المضبوط في حيازته فإن منعاه في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في إطراح الحكم لإنكاره الاتهام المسند إليه مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وإذ كان الحكم قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المخدر المضبوط تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي، فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.