الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 8 يوليو 2019

الطعن 14451 لسنة 4 ق جلسة 3 / 7 / 2014 مكتب فني 65 ق 67 ص 573

جلسة 3 من يوليو سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / علي فرجاني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد عبد الوهاب ، أحمد الوكيل ، هشام عبد الهادي ومحمود رسلان نواب رئيس المحكمة .
----------
(67)
الطعن 14451 لسنة 4 ق
(1) شيك بدون رصيد . عقوبة " تطبيقها " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
معاقبة الحكم الطاعن بإحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين لجريمة إصدار شيك بدون رصيد . النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الشأن . غير سديد . أساس ذلك ؟
(2) تعويض . دعوى مدنية . دعوى جنائية " نظرها والحكم فيها " . نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " .
وجوب فصل الحكم الصادر في الدعوى الجنائية في التعويضات المطالب بها في الدعوى المدنية المرفوعة بطريق التبعية لها . للمدعي بالحقوق المدنية الرجوع لذات المحكمة التي قضت في الدعوى الجنائية للفصل فيما أغفلته بشأن دعواه المدنية . طعنه بالنقض على الحكم لإغفاله الفصل فيها . غير جائز . أساس وعلة ذلك ؟
(3) حكم " بيانات التسبيب " " بطلانه " . بطلان .
تحرير الحكم على نموذج مطبوع . لا يعيبه . حد ذلك ؟
(4) حكم " بيانات الديباجة " . دعوى مدنية .
إيراد البيانات الخاصة باسم المدعي بالحقوق المدنية وطلباته في مكان معين من الحكم . غير لازم .
مثال .
(5) شيك بدون رصيد . جريمة " أركانها " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
منازعة الطاعن في قيمة مبلغ الشيك المثبتة بالحكم . غير مؤثرة في قيام جريمة إعطاء شيك بدون رصيد . ما دام أنه لا يدعي وجود رصيد له في البنك المسحوب عليه الشيك يكفي لسداده .
مثال .
(6) شيك بدون رصيد . باعث . جريمة " أركانها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الشيك . ماهيته ؟
النعي بأن الشيك تحرر ضماناً لسداد القيمة الإيجارية . غير مقبول . ما دام قد استوفى مقوماته كأداة وفاء . علة ذلك ؟
لا عبرة في قيام جريمة إصدار شيك بدون رصيد بسبب تحريره أو الغرض منه . إعراض المحكمة عن طلب استدعاء رئيس حسابات الشركة المدعية بالحق المدني ورئيس مجلس إدارتها لسؤالهما عن سبب تحرير الشيك . لا عيب .
(7) شيك بدون رصيد . قصد جنائي .
القصد الجنائي في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد . تحققه . بمجرد علم الساحب بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ السحب .
(8) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً مبيناً ما يرمي إليه مقدمه . علة ذلك ؟
نعي الطاعن التفات المحكمة عن الرد على أوجه دفاعه ودفوعه دون الكشف عنها . غير مقبول .
(9) شيك بدون رصيد . جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تقديم المستفيد الشيك للبنك في تاريخ إصداره . غير لازم لوقوع جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب . تحققها . ولو تقدم به في تاريخ لاحق . ما دام الشيك قد استوفى مقوماته .
مثال .
(10) تقرير التلخيص . تزوير " الادعاء بالتزوير " .
عدم جواز جحد ما أثبته الحكم من تلاوة تقرير التلخيص إلا بالطعن بالتزوير .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت المادة 534 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 التي أخذ الطاعن بموجبها قد نصت على أنه : " يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب عمداً أحد الأفعال الآتية : أ- إصدار شيك ليس له مقابل وفاء للصرف .. " وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت في حق الطاعن أنه أصدر شيكا لا يقابله مقابل وفاء قابل للسحب - أنزل به عقوبة الحبس - وهي إحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين لتلك الجريمة ، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد .
2- لما كان النعي على حكمي أول وثاني درجة بإغفال الفصل في الدعوى المدنية المقامة من الطاعن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه إذا كانت الدعوى المدنية قد رفعت بطريق التبعية للدعوى الجنائية ، فإن على الحكم الصادر في موضوع الدعوى الجنائية أن يفصل في التعويضات التي طلبها المدعي بالحقوق المدنية ، وذلك عملاً بصريح نص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن هو أغفل الفصل فيها فإنه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – يكون للمدعي بالحقوق المدنية أن يرجع إلى ذات المحكمة التي فصلت في الدعوى الجنائية للفصل فيما أغفلته عملاً بالمادة 193 من قانون المرافعات المدنيـــة والتجارية ، وهى قاعدة واجبة الإعمال أمام المحاكم الجنائية لخلو قانون الإجراءات الجنائية من نص مماثل ، وباعتبارها من القواعد العامة الواردة بقانون المرافعات . ولما كان ذلك ، وكان الطعن في الحكم بالنقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضـوع ، فإن منعى الطاعن – بفرض استكمال الدعوى المدنية لشروط قبولها – على حكم أول وثاني درجة عدم الفصل في دعواه المدنية يكون غير جائز لعدم صدور حكم قابل له في خصوص دعواه المدنية ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول .
3- لما كان تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يعيبه ما دام قد استوفى – بالذات أو بالإحالة – أوضاعه الشكلية وبياناته الجوهرية – وهو الحال في الدعوى الماثلة – فإن قالة البطلان في هذا الصدد تكون لا محل لها .
4- لما كان القانون لا يشترط إيراد البيانات الخاصة باسم المدعي بالحقوق المدنية وطلباته في مكان معين من الحكم ، وكان البين من مطالعة الحكم الغيابي الاستئنافي أنه أورد اسم الشركة المدعية بالحق المدني – في وصف النيابة العامة – ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في البيان يكون غير سديد .
5- لما كان الطاعن لا ينازع في صحة ما أسنده إليه الحكم من إعطائه الشيك موضوع الدعوى دون أن يكون له رصيد قائم وقابل للسحب ، وكان مقدار المبلغ المثبت بالحكم سواء كان .... جنيه أو .... جنيه لا أثر له على الجريمة التي دين الطاعن بها ما دام أنه لا يدعي وجود رصيد له في البنك المسحوب عليه الشيك يكفي لسداد مبلغ .... جنيه ، ومن ثم فلا يؤثر في قيام تلك الجريمة ما يثيره الطاعن من منازعة في قيمة المبلغ المثبت بالحكم ويضحى ما يثيره في هذا الخصوص غير سديد .
6- من المقرر أن الشيك أداة دفع ووفاء ويستحق الأداء لدى الاطلاع عليه ويغني عن استعمال النقود في المعاملات ، وما دام قد استوفى المقومات التي تجعل منه أداة وفاء فلا عبرة بما يقوله في – أسباب طعنه – من أنه أراد من تحرير الشيك أن يكون الشيك ضماناً لسداد القيمة الإيجارية ، إذ إن الطاعن لا يستطيع أن يغير من طبيعة هذه الورقة ويخرجها عما خصها به القانون من ميزات ، كما أنه لا عبرة في قيام جريمة إعطاء شيك بدون رصيد قائم وقابل للسحب بسبب تحرير الشيك أو الغرض من تحريره . وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتنق هذا النظر فلم يعتد بالأسباب التي دعت لإصدار الشيك ، ودان الطاعن بالجريمة المسندة إليه وعاقبه بالعقوبة المقررة لها ، فإن النعي عليه بدعوى مخالفة القانون لا يكون مقبولا ، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن طلب استدعاء كلٍ من رئيس حسابات الشركة المدعية بالحق المدني ورئيس مجلس إدارتها لسؤالهما عن سبب تحرير الشيك سند الجنحة .
7- من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إعطاء الشيك بدون رصيد إنما يتحقق بمجرد علم الساحب بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ السحب وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، فيكون منعى الطاعن في هذا الشأن على غير سند .
8- لما كان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه الدفاع والدفوع التي لم ترد عليها بل جاء قوله مرسلاً مجهلاً ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول .
9- لما كان لا يشترط قانوناً لوقوع جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب أن يقوم المستفيد بتقديم الشيك للبنك في تاريخ إصداره ، بل تتحقق الجريمة ولو تقدم به المستفيد في تاريخ لاحق ، ما دام الشيك قد استوفى الشكل الذي يتطلبه القانون لكي يجري مجرى النقود ، ويكون مستحق الأداء بمجرد الاطلاع دائماً ، ولما كان الثابت بالحكم المطعون فيه أن الشيك حرر بتاريخ 10/4/2008 وقدمه المستفيد للبنك في 14/4/2008 لصرف قيمته فلم يجد له رصيداً قائماً وقابلا للسحب ، وكان الحكم قد أثبت على الطاعن بأدلة سائغة علمه وقت إصدار الشيك بأنه ليس لديه مقابل وفاء وقابل للسحب مما يتحقق به سوء النية ، فإن عناصر الجريمة تكون متوافرة في حقه ، ويكون النعي على الحكم بالقصور على غير أساس .
10- لما كان الثابت من ديباجة الحكم المطعون فيه تلاوة تقرير التلخيص مما مفاده وجود ذلك التقرير ضمن أوراق الدعوى ، ومن ثم فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وحيث ينعي الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه أعمل في حقه المادة 337 من قانون العقوبات رغم إلغائها ودون أن يطبق المادة 534 /1 من قانون التجارة التي تجيز الحكم بالغرامة باعتبارها قانوناً أصلح له ، وأغفل الفصل في الدعوى المدنية المقابلة المقامة منه استناداً إلى أن الشيك سند الدعوى متحصل من جريمة خيانة أمانة ، وحرر الحكم على نموذج مطبوع ، وخلا من بيان اسم المدعي بالحق المدني وأخطأ في مبلغ الشيك ، ورد بما لا يسوغ على مدنية النزاع بدلالة أنه يحمل تاريخين وأنه أداة ائتمان مقابل قيمة إيجارية للشركة المدعية ، والتفت عن طلب استدعاء رئيس حسابات الشركة ورئيس مجلس إدارتها لسؤالهما عن مدى استحقاق الشيك من عدمه ، كما التفت عن دفاعه بانتفاء القصد الجنائي في حقه وعن كافة دفاعه ودفوعه ولم تحقق المحكمة في وجود الرصيد وقت إصدار الشيك من عدمه ، وأخيراً خلت الأوراق من وجود تقرير تلخيص ، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه .
حيث إنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد أنشأ لقضائه أسباباً ومنطوقاً جديدين وبيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكانت المادة 534 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 التي أخذ الطاعن بموجبها قد نصت على أنه : " يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب عمداً أحد الأفعال الآتية : أ- إصدار شيك ليس له مقابل وفاء للصرف ... " وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت في حق الطاعن أنه أصدر شيكاً لا يقابله مقابل وفاء قابل للسحب - أنزل به عقوبة الحبس - وهي إحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين لتلك الجريمة ، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان النعي على حكمي أول وثاني درجة بإغفال الفصل في الدعوى المدنية المقامة من الطاعن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه إذا كانت الدعوى المدنية قد رفعت بطريق التبعية للدعوى الجنائية ، فإن على الحكم الصادر في موضوع الدعوى الجنائية أن يفصل في التعويضات التي طلبها المدعي بالحقوق المدنية ، وذلك عملاً بصريح نص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن هو أغفل الفصل فيها فإنه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – يكون للمدعي بالحقوق المدنية أن يرجع إلى ذات المحكمة التي فصلت في الدعوى الجنائية للفصل فيما أغفلته عملاً بالمادة 193 من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، وهي قاعدة واجبة الإعمال أمام المحاكم الجنائية لخلو قانون الإجراءات الجنائية من نص مماثل ، وباعتبارها من القواعد العامة الواردة بقانون المرافعات . ولما كان ذلك ، وكان الطعن في الحكم بالنقض لا يجوز إلا فيما فصلت فيه محكمة الموضوع ، فإن منعى الطاعن – بفرض استكمال الدعوى المدنية لشروط قبولها – على حكم أول وثاني درجة عدم الفصل في دعواه المدنية يكون غير جائز لعدم صدور حكم قابل له في خصوص دعواه المدنية ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يعيبه ما دام قد استوفى – بالذات أو بالإحالة – أوضاعه الشكلية وبياناته الجوهرية – وهو الحال في الدعوى الماثلة – فإن قالة البطلان في هذا الصدد تكون لا محل لها . لما كان ذلك ، وكان القانون لا يشترط إيراد البيانات الخاصة باسم المدعي بالحقوق المدنية وطلباته في مكان معين من الحكم ، وكان البين من مطالعة الحكم الغيابي الاستئنافي أنه أورد اسم الشركة المدعية بالحق المدني – في وصف النيابة العامة – ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في البيان يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما أسنده إليه الحكم من إعطائه الشيك موضوع الدعوى دون أن يكون له رصيد قائم وقابل للسحب ، وكان مقدار المبلغ المثبت بالحكم سواء كان 24000 جنيه أو 450000 جنيه لا أثر له على الجريمة التي دين الطاعن بها ما دام أنه لا يدعي وجود رصيد له في البنك المسحوب عليه الشيك يكفي لسداد مبلغ 24000 جنيه ، ومن ثم فلا يؤثر في قيام تلك الجريمة ما يثيره الطاعن من منازعة في قيمة المبلغ المثبت بالحكم ويضحى ما يثيره في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الشيك أداة دفع ووفاء ويستحق الأداء لدى الاطلاع عليه ويغني عن استعمال النقود في المعاملات ، وما دام قد استوفى المقومات التي تجعل منه أداة وفاء فلا عبرة بما يقوله في – أسباب طعنه – من أنه أراد من تحرير الشيك أن يكون الشيك ضماناً لسداد القيمة الإيجارية ، إذ إن الطاعن لا يستطيع أن يغير من طبيعة هذه الورقة ويخرجها عما خصها به القانون من ميزات ، كما أنه لا عبرة في قيام جريمة إعطاء شيك بدون رصيد قائم وقابل للسحب بسبب تحرير الشيك أو الغرض من تحريره . وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتنق هذا النظر فلم يعتد بالأسباب التي دعت لإصدار الشيك ، ودان الطاعن بالجريمة المسندة إليه وعاقبه بالعقوبة المقررة لها ، فإن النعي عليه بدعوى مخالفة القانون لا يكون مقبولا ، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن طلب استدعاء كلٍ من رئيس حسابات الشركة المدعية بالحق المدني ورئيس مجلس إدارتها لسؤالهما عن سبب تحرير الشيك سند الجنحة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إعطاء الشيك بدون رصيد إنما يتحقق بمجرد علم الساحب بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ السحب وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، فيكون منعى الطاعن في هذا الشأن على غير سند . لما كان ذلك ، وكان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه الدفاع والدفوع التي لم ترد عليها بل جاء قوله مرسلاً مجهلاً ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان لا يشترط قانوناً لوقوع جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب أن يقــوم المستفيد بتقــــديم الشيك للبنك في تاريخ إصداره ، بل تتحقق الجريمة ولو تقدم به المستفيد في تاريخ لاحق ، ما دام الشيك قد استوفى الشكل الذي يتطلبه القانون لكي يجري مجرى النقود ، ويكون مستحق الأداء بمجرد الاطلاع دائماً ، ولما كان الثابت بالحكم المطعون فيه أن الشيك حرر بتاريخ 10/4/2008 وقدمه المستفيد للبنك في 14/4/2008 لصرف قيمته فلم يجد له رصيداً قائماً وقابلا للسحب ، وكان الحكم قد أثبت على الطاعن بأدلة سائغة علمه وقت إصدار الشيك بأنه ليس لديه مقابل وفاء وقابل للسحب مما يتحقق به سوء النية ، فإن عناصر الجريمة تكون متوافرة في حقه ، ويكون النعي على الحكم بالقصور على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الثابت من ديباجة الحكم المطعون فيه تلاوة تقرير التلخيص مما مفاده وجود ذلك التقرير ضمن أوراق الدعوى ، ومن ثم فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأحد، 7 يوليو 2019

دستورية صحة الوصية بالثلث للوارث وغيره ونفاذها من غير إجازة الورثة (صدورها قبل 1980)


القضية رقم 125 لسنة 6 ق "دستورية " جلسة 6 / 6 / 1987
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة في يوم السبت 6 يونيه سنة 1987م الموافق 10 شوال سنة 1407هـ .
برئاسة السيد المستشار/ محمد على بليغ رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ محمود حمدي عبد العزيز وممدوح مصطفى حسن ومنير أمين عبد المجيد ومحمد كمال محفوظ والدكتور محمد إبراهيم ابو العينين وواصل علاء الدين أعضاء
وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عماره المفوض
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 125 لسنة 6 قضائية "دستورية ".
المرفوعة من:
محمد رؤف فهمي
ضد
1- علوية يحيى فهمي .
2- السيد رئيس مجلس الوزراء.
3- السيد وزير العدل.
"الإجراءات"
بتاريخ 11 ديسمبر سنة 1984 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 37 من قانون الوصية الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 1946.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
"المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة .
حيث أن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليها الأولى كانت قد أقامت الدعوى رقم 1966 لسنة 1977 مدني كلي الجيزة ضد شقيقها المدعى طالبة الحكم بصحة ونفاذ الوصية المؤرخة 15 يناير سنة 1975 الصادرة لها من والدتها بثلث ما تملكه من عقارات وأطيان زراعية ، وبجلسة 27 فبراير سنة 1980 قضت محكمة الجيزة الابتدائية بعد سماع الدعوى . فطعنت المدعى عليها الأولى على هذا الحكم بالاستئناف رقم 2284 لسنة 97 قضائية القاهرة، حيث دفع المدعى بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (37) من قانون الوصية الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 1946. وبتاريخ 13 نوفمبر سنة 1984 رخصت محكمة استئناف القاهرة للمدعى برفع دعواه الدستورية فأقام الدعوى الماثلة.
وحيث أن المدعى عليها الأولى دفعت بعدم قبول الدعوى استناداً إلى قرار محكمة الموضوع بالسماح للمدعى برفع دعواه الدستورية لا يفيد أنها قدرت جدية الدفع، خاصة وأن أوراق الدعوى لم تكن تحت بصرها لسبق إرسالها إلى مكتب الخبراء، كما أنها لم تحكم بوقف الدعوى الموضوعية التي ما زالت متداولة بالجلسات لحين ورود تقرير الخبير.
وحيث أن هذا الدفع مردود بأن تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية وقد خص المشرع به محكمة الموضوع التي أثير أمامها الدفع طبقاً لما جرى به نص الفقرة (ب) من المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1971... أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة، ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً..." فإن مجرد سماح محكمة الموضوع لمن أثار الدفع برفع دعواه الدستورية يفيد بذاته تقديرها لجديته دون ما حاجة إلى دليل آخر لإثبات ذلك، كما أن وقف الدعوى الموضوعية ليس شرطاً لقبول الدعوى الدستورية وإنما هو نتيجة لتقدير جدية الدفع وضرورة الفصل فيه قبل الحكم في الدعوى الأصلية.
وحيث أن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث أن المدعى ينعى على الفقرة الأولى من المادة 37 من قانون الوصية المشار إليه أنها إذ قضت بصحة الوصية بالثلث للوارث وغيره ونفاذها من غير إجازة الورثة تكون قد انطوت على مخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية وهي المصدر الرئيسي للتشريع عملاً بالمادة الثانية من الدستور.
وحيث أن القانون رقم 71 لسنة 1946 بإصدار قانون الوصية والمعمول به ابتداء من أول أغسطس سنة 1946 ينص في الفقرة الأولى من المادة (37) منه – محل الطعن – على أنه "تصح الوصية بالثلث للوارث وغيره، وتنفذ من غير إجازة الورثة، وتصح بما زاد على الثلث، ولا تنفذ في الزيادة، إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي، وكانوا من أهل التبرع عالمين بما يجيزونه".
وحيث أنه يبين من تعديل الدستور الذي تم بتاريخ 22 مايو سنة 1980 أن المادة الثانية أصبحت تنص على أن "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع " بعد أن كان تنص عند صدور الدستور في 11 سبتمبر سنة 1971 على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، والعبارة الأخيرة من هذا النص لم يكن لها سابقة في أي من الدساتير المصرية المتعاقبة ابتداء من دستور سنة 1923 حتى دستور 1964.
وحيث أنه لما كان من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ــ أن إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع- بعد تعديل المادة الثانية من الدستور على نحو ما سلف – لا ينصرف سوى إلى التشريعات التي تصدر بعد التاريخ الذي فرض فيه هذا الإلزام بحيث اذا انطوي اي منها علي ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الاسلامية يكون قد وقع في حومة المخالفة الدستورية ، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ، فلا يتأتى إنفاذ حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها لصدورها فعلاً من قبله، أي في وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائماً، واجب الإعمال، ومن ثم، فإن هذه التشريعات تكون بمنأى عن هذا القيد، وهو مناط الرقابة الدستورية .
وحيث أنه ترتيباً على ما تقدم ولما كان مبنى الطعن مخالفة الفقرة الأولى من المادة 37 من قانون الوصية الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 1946 للمادة الثانية من الدستور تأسيسا على أن المادة المطعون عليها تخالف قواعد الميراث طبقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية التي جعلتها المادة الثانية من الدستور المصدر الرئيسي للتشريع، وإذ كان القيد المقرر بمقتضى هذه المادة – بعد تعديلها بتاريخ 22 مايو سنة 1980، والمتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية – لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه حسبما سلف بيانه، وكانت الفقرة الأولى من المادة 37 قانون الوصية المشار إليه لم يلحقها أي تعديل بعد التاريخ المشار إليه، ومن ثم، فإن النعي عليها، وحالتها هذه – بمخالفة المادة الثانية من الدستور – وأياً كان وجه الرأي في تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية – يكون في غير محله، الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الدعوى .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات و مبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .

عدم تناقض حكم مجلس الدولة (تأديب) بإلغاء قرار فصل العامل واعادته لعمله مع حكم المحكمة العمالية بالتعويض عن هذا الخطأ العقدي


الدعوى رقم 1 لسنة 39 ق "تنازع" جلسة 1 / 6 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من يونيه سنة 2019م، الموافق السابع والعشرين من رمضان سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمــد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
 في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 1 لسنة 39 قضائية "تنازع".
المقامة من
رئيس مجلس إدارة شركة أطلس العامة للمقاولات والاستثمارات العقارية وأعمال التكييف والمصاعد
ضــــــد
شريف مراد محمود مسلم
الإجراءات
 بتاريخ السابع من فبراير سنة 2017، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبةً الحكم بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها بجلسة 29/4/2015، في الطعن رقم 245 لسنة 48 قضائية، وفى الموضوع: الفصل في التنازع القائم بين الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة - الدائرة 162 عمال - بجلسة 19/12/2016، في الاستئنافين رقمى 646 و648 لسنة 133 قضائية، المقامين طعنًا على الحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية - الدائرة 16 عمال - بجلسة 26/1/2016، في الدعويين رقمى 669 و695 لسنة 2012 عمال كلى جنوب القاهرة، وحكم المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها المشار إليه، والاعتداد بالحكم الأول، دون الحكم الصادر من المحكمة التأديبية السالف الذكر.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمـــــة
 بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
 حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى عليه وآخر كانا قد أقاما الدعوى رقم 1295 لسنة 2012 أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، ضد الشركة المدعية، بطلب الحكم باعتبار القرار 57 لسنة 2012 الصادر بفصلهما كأن لم يكن، وما يترتب على ذلك من آثار، تأسيسًا على أنهما يعملان في الشركة المدعية، وفوجئا بصدور القرار المطعون فيه بتاريخ 22/3/2012، بفصلهما من العمل، على سند من إخلالهما بواجباتهما الوظيفية خلال الفترة من 5/3/2012 حتى 22/3/2012، بإضرابهما عن العمل، والتحريض وإثارة العاملين، وتعطيل العمل، واحتجاز العاملين يوم 22/3/2012، وقد نعى المدعيان على القرار مخالفة القانون بصدوره من غير ذى صفة، وبغير الطريق الذى رسمه القانون واللوائح، ولعدم توافر ضمانات التحقيق معهما، وبجلسة 24/11/2012، قضت المحكمة في مادة مستعجلة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الطعن، وإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، ونفاذًا لذلك أحيل الطعن إلى محكمة القضاء الإداري، وقيد أمامها برقم 18024 لسنة 67 قضائية، وبجلسة 27/1/2014، قضت المحكمة بعدم اختصاصها نوعيًّا بنظر الطعن، وإحالته إلى المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها للاختصاص، وقُيد أمامها برقم 245 لسنة 48 قضائية، وبجلسة 29/4/2015، قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 57 لسنة 2012 الصادر بتاريخ 22/3/2012، فيما تضمنه من فصل الطاعنين من الخدمة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها عودتهما إلى العمل. وإذ لم ترتض الشركة المدعية هذا القضاء فقد طعنت عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 73195 لسنة 61 قضائية، وبجلسة 29/8/2018، قضت المحكمة برفض الطعن. كما أقام المدعى عليه الدعويين رقمي 669 و695 لسنة 2012 عمال كلى جنوب القاهرة، أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية - الدائرة 16 عمال - ضد الشركة المدعية، وحدد طلباته الختامية فيهما في إلزام الشركة بصفة مستعجلة وبحكم واجب النفاذ بتعويض مؤقت يعادل أجره الشامل لمدة اثنى عشر شهرًا طبقًا لنص المادة (71) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، وإلغاء قرار فصله من العمل المشار إليه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها إعادته إلى عمله، وصرف كافة مستحقاته المالية، وإلزام الشركة بأن تؤدى له مبلغ سبعمائة وخمسون ألف جنيه تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به، وقد قررت المحكمة ضم الدعويين للارتباط، وبجلسة 26/1/2016، قضت المحكمة بإلزام الشركة بأن تؤدي للمدعى في الدعوى المعروضة تعويضًا ماديًّا وقدره مائة وأربعة وأربعون ألفًا وستمائة وثمانية وأربعون جنيهًا، وتعويضًا أدبيًّا وقدره خمسة آلاف جنيه، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، وقد انتهت المحكمة - على نحو ما أثبتته بأسباب حكمها - بالنسبة لطلب إلغاء قرار الفصل من العمل السالف الذكر، إلى عدم جواز نظر هذا الطلب لسابقة الفصل فيه من المحكمة التأديبية في الطعن رقم 245 لسنة 48 قضائية - مكتفية بإثبات ذلك في حيثيات الحكم دون المنطوق - كما قضت برفض طلب إلزام الشركة بتعويض مؤقت، تأسيسًا على أن الفصل في الموضوع يغنى بحسب الأصل عن البحث في الشق المستعجل، واستندت في القضاء برفض طلب صرف المستحقات المالية، إلا أن هذا الطلب قد جاء مجهلاً، ودون تحديد لتلك المستحقات، وأسست المحكمة القضاء بالتعويض المادي والأدبي، على سند من قيام الشركة بإنهاء عقد العمل دون أن تستند في ذلك إلى إحدى الحالات الواردة بنص المادة (69) من قانون العمل المشار إليه، أو لعدم كفاءة العامل وإخلاله بالتزاماته الجوهرية وفقًا لنص المادة (110) من هذا القانون، وأن إنهاء عقد العمل من قبلها جاء مشوبًا بالتعسف من جانب الشركة، مما يتوافر معه الخطأ العقدي في حقها، الذى ألحق ضررًا ماديًّا وأدبيًّا بالعامل يستحق معه التعويض طبقًا لنص المادة (122) من قانون العمل السالف الذكر. وإذ لم ترتض الشركة المدعية والمدعى عليه في الدعوى المعروضة هذا القضاء فقـد طعنا عليه أمام محكمة استئناف القاهرة - الدائرة 162 عمال - بالاستئنافين رقمي 646 و648 لسنة 133 قضائية، وبجلسة 19/12/2016، قضت المحكمة في موضوع الاستئناف رقم 648 لسنة 133 قضائية برفضه، وفى موضوع الاستئناف رقم 646 لسنة 133 قضائية بتعديل الحكم المستأنف، وإلزام الشركة بأن تؤدى للمستأنف عليه - المدعى عليه في الدعوى المعروضة - تعويضًا ماديًّا مقداره مائة ألف جنيه، وتأييده فيما عدا ذلك، وقد طعنت الشركة على هذا الحكم أمام محكمة النقض بالطعن رقم 2782 لسنة 87 مدنى، الذى لم يفصل فيه بعد، وإذ ارتأت الشركة المدعية أن ثمة تناقضًا بين الأحكام المشار إليها، أقامت دعواها المعروضة.
 وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التناقض بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين – في تطبيق أحكام قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – يفترض وحدة موضوعهما محددًا على ضوء نطاق الحقوق التي فُصل فيها . بيد أن وحدة الموضوع، لا تفيد بالضرورة تناقضهما فيما فصلا فيه، كذلك فإن تناقضهما – إذا قام الدليل عليه – لا يدل لزومًا على تعذر تنفيذهما معًا، بما مؤداه أن مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها في مجال فض التناقض بين حكمين نهائيين تعذر تنفيذهما معًا، يقتضيها أن تتحقق أولاً من وحدة موضوعهما، ثم من تناقض قضائيهما وبتهادمهما معًا فيما فصلا فيه من جوانب ذلك الموضوع، فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض، كان عليها عندئذ أن تفصل فيما إذا كان تنفيذهما معًا متعذرًا، وهو ما يعنى أن بحثها في تعذر تنفيذ هذين الحكمين، يفترض تناقضهما، ولا يقوم هذا التناقض – بداهة – إذا كان موضوعهما مختلفًا .
 وحيث إن قضاء المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها الصادر بجلسة 29/4/2015، في الطعن رقم 245 لسنة 48 قضائية، قد انصب على إلغاء القرار رقم 57 لسنة 2012 فيما تضمنه من فصل المدعى عليه - في الدعوى المعروضة - من الخدمة، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها عودته إلى العمل، وتأيد هذا القضاء من المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر بجلسة 29/8/2018، في الطعن رقم 73195 لسنة 61 قضائية، وهو الطلب الذي قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية (الدائرة 16 عمال) بمدونات حكمها الصادر بجلسة 26/1/2016، في الدعويين رقمى 669 و695 لسنة 2012 عمال كلى جنوب القاهرة بعدم جواز نظره لسابقة الفصل فيه من المحكمة التأديبية في الطعن رقم 245 لسنة 48 قضائية المشار إليه، وكذا رفض طلب صرف كافة المستحقات المالية للمدعى عليه، لكون هذا الطلب قد جاء مجهلاً، ودون تحديد لتلك المستحقات، والذى لا يتضمن قضاءً منها قاطعًا وحاسمًا في الموضوع بالنسبة لهذه المستحقات، وقد تأيد هذا القضاء من محكمة استئناف القاهرة بحكمها الصادر بجلسة 19/12/2016، في الاستئنافين رقمي 646 و648 لسنة 133 قضائية، مما ينتفى معه مناط قيام التناقض بين الأحكام المشار إليها في هذا الخصوص.
وحيث إنه في خصوص طلب صرف التعويض المؤقت للمدعى عليه، الذى انتهت فيه محكمة جنوب القاهرة الابتدائية (الدائرة 16 عمال) بحكمها المشار إليها إلى رفضه، على سند من أن الفصل في الموضوع يُغنى بحسب الأصل عن البحث في الشق العاجل، وكذا طلب صرف التعويض المادي والأدبي الذى قضت فيه بإلزام الشركة بأن تؤدى للمدعى عليه في الدعوى المعروضة تعويضًا ماديًّا وقدره مائة وأربعة وأربعون ألفًا وستمائة وثمانية وأربعون جنيهًا، وتعويضًا أدبيًّا قدره خمسة آلاف جنيه، عما لحقه من أضرار نتيجة الخطأ العقدي الثابت في حق الشركة بإنهاء عقد العمل غير المحدد المدة بإرادتها المنفردة، ودون سند من القانون، بالمخالفة لنصوص المواد (68، 69، 110، 122) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، وقد قضت محكمة استئناف القاهرة بتعديل قيمة التعويض المادي إلى مائة ألف جنيه، وتأييد القضاء المتقدم فيما عدا ذلك، فإنه فضلاً عن اختلاف موضوع تلك الطلبات، والثى صدر القضاء المتقدم فاصلاً فيها، عن تلك المطروحة على المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها،, فإن قضاء محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ومحكمة استئناف القاهرة في شأنها لا يتناقض مع قضاء المحكمة التأديبية المشار إليه، ولا يتعذر - بالتالي - تنفيذهما معًا، بما مؤداه انتفاء قيام التناقض الذى يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول هذه الدعوى.
 وحيث إنه عن الطلب العاجل بوقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها في الطعن رقم 245 لسنة 48 قضائية، فإنه يعُد فرعًا من أصل النزاع، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فإن قيام رئيس المحكمة الدستورية العليا - طبقًا لنص المادة (32) من قانونها سالف الإشارة إليه - بمباشرة اختصاص البت في هذا الطلب، يكون قد بات غير ذى موضوع.
فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

الشروط الحاكمة لمشاركة العاملين في إدارة شركات المساهمة (تكوين جمعية خاصة)


الدعوى رقم 51 لسنة 32 ق "دستورية" جلسة 1 / 6 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من يونيه سنة 2019م، الموافق السابع والعشرين من رمضان سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى وحاتم حمد بجاتو والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان وطارق عبدالعليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
 في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 51 لسنة 32 قضائية "دستورية".
المقامة من
محمود السيد محمد سليم دراز
ضــد
1 – رئيس مجلس الوزراء
2 - وزير الاقتصاد
3 - رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية
4 - الممثل القانونى لشركة أبو سمبل وطيبة للتوكيلات الملاحية
5 - الممثل القانونى لاتحاد العاملين المساهمين بشركة أبو سمبل وطيبة للتوكيلات الملاحية
الإجـراءات
 بتاريخ الثالث والعشرين من فبراير سنة 2010، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الة العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية المادة (252) من اللائحة التنفيذية لقانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادرة بقرار وزير الاقتصاد رقم 96 لسنة 1982 فيما نصت عليه من أن "يؤول إليها نصيب ممثليها من العاملين في مقابل عضويتهم بمجلس إدارة الشركة" وسقوط المادة (23) من النظام الأساسي لاتحاد العاملين بشركة أبو سمبل وطيبة للتوكيلات الملاحية الصادر بقرار رئيس هيئة سوق المال رقم 87 لسنة 1997 فيما نصت عليه من أنه "وتؤول إلى الاتحاد مكافأة عضوية مجلس الإدارة أو الرواتب المقطوعة وبدلات الحضور والمزايا الأخرى المقررة لعضو المجلس".
 وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
 وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
 ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

 بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
 حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى أحد العاملين بشركة أبو سمبل وطيبة للتوكيلات الملاحية، وبتاريخ 4/3/2002، اجتمعت الجمعية العمومية لاتحاد العاملين المساهمين بالشركة واختارته مع آخر لتمثيل الاتحاد بمجلس إدارة الشركة لمدة ثلاث سنوات، وإذ قامت الشركة بإرسال بدل حضور الجلسات والمكافآت الشهرية والسنوية المستحقة للاتحاد باعتباره عضوًا بمجلس إدارة الشركة، ولم تقم بصرفها له، فقد أقام أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الدعوى رقم 1567 لسنة 2009 عمال كلى الإسكندرية، ضد كل من الممثل القانوني للشركة والممثل القانونى للاتحاد، طالبًا الحكم بإلزامهما بأن يؤديا له مائة واثنين وعشرين ألف جنيه، قيمة بدلات حضور الجلسات والمكافآت الشهرية والسنوية المستحقة له عن فترة عمله عضوًا بمجلس إدارة الشركة. وبجلسة 22/8/2009، حكمت المحكمة برفض الدعوى استنادًا إلى نص المادة (23) من لائحة النظام الأساسي لاتحاد العاملين المساهمين بالشركة. وإذ لم يرتض المدعى ذلك الحكم فقد أقام الاستئناف رقم 2366 لسنة 65 قضائية أمام محكمة استئناف الإسكندرية، وأثناء نظر الاستئناف دفع بعدم دستورية نص المادة (252) من اللائحة التنفيذية لقانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة الصادرة بقرار وزير الاقتصاد رقم 96 لسنة 1982، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت بإقامة الدعوى الدستورية، أقام الدعوى المعروضة.
 وحيث إن المادة (252) من اللائحة التنفيذية لقانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة سالفة الذكر تنص على أنه "يجوز أن يتضمن نظام الشركة النص على تنظيم لمشاركة العاملين في الإدارة والأرباح وذلك على أساس إنشاء أسهم للعمل تكون مملوكة لمجموع العاملين، بالشروط الآتية :
( أ ) أن يُكوّن العاملين بالشركة جمعية خاصة طبقًا لقانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة يشترك فيها العاملون الذين مضى على خدمتهم أكثر من سنة - ويفقد العاملون عضويتهم في هذه الجمعية بمجرد انتهاء عقود عملهم - ولا يكون لهم من حقوق في هذه الحالة سوى الأرباح عن المدة السابقة على انتهاء عقودهم.
 ويتضمن نظام الجمعية الخاصة شروط العضوية فيها، وكيفية توزيع الأرباح على أعضائها كما يؤول إليها نصيب ممثليها من العاملين في مقابل عضويتهم بمجلس إدارة الشركة.
( ب ) تختار الجمعيات الخاصة بالعاملين - ممثلين لها بالجمعية العامة للشركة ومجلس إدارة الشركة وذلك في الحدود المنصوص عليها في نظام الشركة.
( ج ) تؤول إلى الجمعيات الخاصة بالعاملين نصيبهم في الأرباح طبقًا لأحكام المادة (196) من هذه اللائحة وتتولى هذه الجمعيات توزيع ما يؤول إليها من الأرباح على العاملين طبقًا لما هو وارد بنظام الشركة.
( د ) تنتهى الجمعية بنهاية الشركة .........".
 وحيث إن المصلحة الشخصية المباشـرة، وهى شرط لقبـول الدعوى الدستورية، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، بما مؤداه أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة، وهو ما يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية ويرسم تخوم ولايتها فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيها، ومؤداه: ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم سواء أكان هذا الضرر وشيكًا يتهددهم، أم كان قد وقع فعلاً، ويتعين دومًا أن يكون الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكنًا تحديده وتسويته بالترضية القضائية، عائدًا في مصدره إلى النص المطعون فيه، فإذا لم يكن النص قد طبق على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعًا، لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه قبلها. ومن المقرر أيضًا في قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة منفصل دومًا عن توافق النص التشريعي المطعون عليه مع أحكام الدستور أو مخالفتها لها، اعتبارًا بأن هذا التوافق أو الاختلاف هو موضوع الدعوى الدستورية، فلا تخوض فيه المحكمة إلا بعد قبولها.
 وحيث إن نص المادة (252) من اللائحة التنفيذية المشار إليه قد حدد الشروط الحاكمة لمشاركة العاملين في الإدارة فاستلزم أن يكوّن العاملون بالشركة جمعية خاصة تنشأ طبقًا لقانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة، يشترك فيها العاملون بالشركة ممن مضى على خدمتهم أكثر من سنة، وتتولى الجمعية الخاصة بالعاملين اختيار ممثليها بالجمعية العامة للشركة ومجلس إدارتها، ويؤول إليها نصيب العاملين في الأرباح، لتتولى الجمعية توزيعها على العاملين طبقًا للأحكام المقررة بنظام الشركة.
 وحيث إن أوراق الدعويين الموضوعية والدستورية قد أجدبت من دليل على قيام المدعى والعاملين بشركة أبو سمبل وطيبة للتوكيلات الملاحية بتأسيس جمعية طبقًا لأحكام قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية بقصد مشاركتهم في إدارة الشركة، طبقًا لما يقضى به نص المادة (252) من اللائحة التنفيذية لقانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية سالف البيان، ومن ثم يكون المدعى من غير المخاطبين بذلك النص، الذي لا يجد له مجالاً للتطبيق على النزاع الموضوعي، ومن ثم لا يكون للقضاء في دستوريته أثر أو انعكاس على هذا النزاع، والطلبات المطروحة به، وقضاء محكمة الموضوع فيها، وتبعًا لذلك تنتفى مصلحته في الطعن على دستوريته، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

دستورية إحالة ضباط الشرطة للاحتياط


الدعوى رقم 55 لسنة 36 ق "دستورية" جلسة 1 / 6 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من يونيه سنة 2019م، الموافق السابع والعشرين من رمضان سنة 1440 هـ.

برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمـد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمــد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
 في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 55 لسنة 36 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر بجلسة 23/3/2014، ملف الطعن رقم 41410 لسنة 56 قضائية "عليا".
المقام من
.........
ضد
وزير الداخلية
الإجراءات
بتاريخ الثالث والعشرين من أبريل سنة 2014، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الطعــن رقم 41410 لسنة 56 قضائية "عليا"، بعــد أن قضت المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصـادر بجلسة 23/3/2014، بوقف الفصل في موضوع الطعن وإحالته إلى هذه المحكمة؛ للفصل في دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (67) من قانون هيئة الشرطة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضـر الجلسة، وقررت المحكمة بجلسة 4/5/2019، إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، وصرحت بإيداع مذكرات في أسبوع، وفى الأجل المشار إليه أودع ....، مذكرة طلب فيها الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (67) من قانون هيئة الشرطة المشار إليه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائــع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وســائر الأوراق – في أن محمد عبد الرحمن بكر، كان يعمل ضابطًا برتبة عقيد شرطة بالنيابة العسكرية بجنوب سيناء، نسب إليه ارتكاب أفعال شائنة مع بعض تابعيه، وبعض ممن تولى التحقيق معهم، وبتاريخ 7/2/2005، أصدر وزير الداخلية القرار رقم 55 لسنة 2005 بإحالته إلى المحاكمة التأديبية، وبجلسة 25/12/2005، قضى مجلس التأديب ببراءته مما نسب إليه، فطعن وزير الداخلية على هذا القرار أمام مجلس التأديب الاستئنافي، وبجلسة 14/11/2006، قضى بتأييد هذا القرار. وكان وزير الداخلية قد أصدر بتاريخ 14/2/2005، القرار رقم 167 لسنة 2005 بإحالته إلى الاحتياط ، فطعن عليه أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بالطعن رقم 32586 لسنة 59 قضائية، طالبًا إلغاء هذا القرار، ودفع أمام تلك المحكمة بعدم دستورية نصوص المواد (67، 68 ، 69 ، 70) من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقرار بقانون رقم 109 لسنة 1971، وبجلسة 20/6/2010، قضت تلك المحكمة برفض الدعوى، ولم تجبه إلى التصريح بإقامــــة الدعوى الدستورية، فلم يرتض المحكوم ضده هذا القضاء، وطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 41410 لسنة 56 قضائية "عليا"، والتي قضت بجلسـة 23/3/2014، بوقف نظر الطعن وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة للفصل في دستوريـة نص الفقرة الثانية من المادة (67) من القانون المار ذكره. كما وتجدر الإشارة إلى أن وزير الداخلية أصدر قرارًا بإنهاء خدمة المدعى في الدعوى المحالة اعتبارًا من 1/8/2005، استنادًا إلى نص المادة (19، والبند 2 من المادة 71) من قانون هيئة الشرطة، لمضى سنتين من تاريخ الترقية إلى هذه الرتبة، وطعن على هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري ومازال الطعن منظورًا أمامها.
وحيث إن المادة (67) من قانون هيئة الشرطة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971 تنص على أنه:
" لوزير الداخلية بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة أن يحيل الضباط - عدا المعينين في وظائفهم بقرار من رئيس الجمهورية - إلى الاحتياط، وذلك:
(1) بناء على طلب الضابط أو الوزارة لأسباب صحية تقرها الهيئة الطبية المختصة.
(2) إذا ثبتت ضرورة ذلك لأسباب جدية تتعلق بالصالح العام، ولا يسرى ذلك على الضباط من رتبة لواء.
ولا يجوز أن تزيد مدة الاحتياط على سنتين ويعرض أمر الضابط قبل انتهاء المدة على المجلس الأعلى للشرطة ليقرر إحالته إلى المعاش أو إعادته إلى الخدمة العاملة، فإذا لم يتم العرض عاد الضابط إلى عمله ما لم تكن مدة خدمته انتهت لسبب آخر طبقا للقانون.
وتعتبر الرتبة التي كان الضابط يشغلها شاغرة بمجرد إحالته إلى الاحتياط".
 وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطـة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويستوى في شأن توافــر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، ومؤدى ذلك أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل لازمه أن هذه الدعوى لا تكون مقبولة إلا بقدر انعكاس النص التشريعي المحال على النزاع الموضوعي، فيكون الحكم في المطاعن الدستورية لازمًا للفصل في ذلك النزاع، وأنه لا تلازم بين الإحالة من محكمة الموضوع وتوافر هذه المصلحة، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النص الذى ثارت بشأنه شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعي، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة. كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن المصلحة في الدعوى الدستورية قوامها أن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة بأكملها أو في شق منها في الدعوى الموضوعية.
متى كان ذلك، وكانت الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع قد تحددت في طلب المدعى في الدعوى الموضوعية إلغاء قرار وزير الداخلية بإحالته إلى الاحتياط، وكانت الإحالة الواردة من محكمة الموضوع قد انصبت في حقيقتها على البند رقم (2) من الفقرة الأولى من المادة (67) من قانون هيئة الشرطة المار ذكره، وهو النص الحاكم لهذه المسألة، ومن ثم فإن الفصل في دستوريته سيكون له أثره وانعكاسه على الطلبات المطروحة في الدعوى الموضوعية وقضاء محكمة الموضوع فيها، لتتوافر بذلك المصلحة بالنسبة لهذا النص.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص المحال مخالفة نصوص المواد (12، 14، 53، 92) من الدستور القائم، لابتناء سلطة الإحالة إلى الاحتياط على عبارة مبهمة هي (أسباب جدية تتعلق بالصالح العام)، وإهدار مبدأ خضوع الدولة للقانون، لعدم تطلب التحقيق وتمكين الضابط المحال للاحتياط من الدفاع عن نفسه قبل إيقاع هذا الجزاء، وهو ما يعد مساسا بحقه في العمل، وإخلالاً بمبدأ المساواة لقصره ممارسة تلك السلطة على الضباط ممن يشغلون رتبة تقل عن رتبة اللواء.
وحيث إنه عما نعى به حكم الإحالة على النص المحال من إهدار لمبدأ خضوع الدولة للقانون، فضلاً عن غموض مبررات تطبيقه، وانبهامها بما يُجهِل بدلالتها على المخاطبين بأحكامها، بجعل مناط تطبيق هذا الحكم تحقق أسباب جدية تتعلق بالصالح العام، وهى عبارة عامة فضفاضة، تنفلت من كل قيد موضوعي قابل للضبط، بما يفتح الأبواب أمام اجتهادات القائمين على تطبيق هذا الجزاء توسعة وتضييقًا، وكذلك إهداره لمبـدأ خضوع الدولة للقانون، إذ يُعد إجراء الإحالة إلى الاحتياط بمثابة جزاء يوقع على الضابط دون تمكينه من الدفاع عـــن نفسه، لعدم إيجاب النص المحال مثول الضابط للتحقيق، ولا تمكينه من تفنيد الشبهات والأدلة التي قامت ضده، الأمر الذى يُعد فصلاً بغير الطريـق التأديبي، فإنه مردود أولا: بأن القرار الصادر بالإحالة إلى الاحتياط هو قرار إداري يصدره وزير الداخلية لأسباب جدية يقدرها، بهدف تحقيق أغراض مشروعة تتعلق بالصالح العام، وهو - بحسب الأصل- إجراء وقائي القصد منه مواجهة حالة عدم قدرة ضابط الشرطة على أداء مهامه الوظيفية، بقصد تمكين هيئة الشرطة من القيام على واجباتها التي أوكلها لها الدستور بمقتضى نص المادة (206) منه، في كفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين، والسهر على حفظ النظام العام والآداب العامة، واحترام حقوق الإنسان، فضلاً عما يقتضيه تنظيم الهيكل الوظيفي لهيئة الشرطة وإسناد المهام المتصلة به إلى الضباط، وفقًا لتدرج هرمى يتفق مع تطـور الظروف الأمنية واختلافها مـن وقت لآخر، بما يتعين معه تمكين هيئة الشرطة من تحقيق متطلبات هذا التنظيم، بإحالة بعض الضباط إلى الاحتياط بصفة وقتية لحين تغير تلك الظروف. لما كان ذلك، وكان رائد المشرع في سن المكنة المشار إليها، ما راعاه من خطورة الدور الذي تقوم به هيئة الشرطة، والذي يرتبط باستقرار المجتمع وازدهاره، ومن ثم فهو يقوم على دوام تلك الهيئة على السهر عليه واضطراد أدائها بغير تراخ أو انقطاع، ومن ثم كان مسوغ المشرع في تمكين وزير الداخلية من اتخاذ هذا الإجراء إفساح السبيل أمامه لاستبعاد العناصر التي يعتل أداؤها عن القيام بهذا الواجب، وتمكينه من تحقيق متطلبات التنظيم الإداري لهيئة الشرطة. ومردود ثانيًا: بأن المشرع لم يترك سلطة وزير الداخلية في إصدار القرار بالإحالة إلى الاحتياط مطلقة من كل قيد، فاستلزم لذلك قيام ضرورة تبرر اتخاذ هذا الإجراء، وأن تقوم هذه الضرورة على أسباب جدية تحملها، وهو قيد موضوعي يستوجب تحقق عناصر حالة الضرورة. لما كان ذلك، وكانت نظرية الضرورة، وهى إحدى النظريات العامة في القانون بفروعه كافةً، لها من العناصر المميزة التي تستوجب أن تكون الأسباب التي ركنت إليها جهة الإدارة عند اتخاذها هذا القرار تقوم على عناصر جوهرية تساندها الأدلة المستمدة من الأوراق، والتي تحول دون أداء الضابط المحال إلى الاحتياط لواجباته الوظيفية، وأن ينعكس ذلك على أداء هذا الجهاز للمهام الموكولة إليه، بما يحول دون تمكين هذا الجهاز من أداء واجباته على النحو المراد منه، وهو ما يظهر جليًّا فيما اشترطه النص المحال من أن تتساند هذه الضرورة في أسبابها إلى موجبات الصالح العام، الذى جعل المشرع تحقيقه غاية هذا الإجراء، وشرطًا لمشروعيته. ومردود ثالثًا: بأنه ولئن كانت المادة (14) من الدستور قد أجازت الفصـل بغير الطريق التأديبي في الأحوال التي يحددهـا القانون، فإن المشرع قد كشف جليًا عن اختلاف القرار الصادر بالفصـل بغير الطريق التأديبي، أو العزل من الوظيفة كجزاء تأديبي يوقع على الضابط، عن القرار بالإحالة إلى الاحتياط، ذلك أن التنظيم الذى أورده المشرع لحالة الضابط المحال للاحتياط يكشف عن أن هذا الإجراء مؤقت بطبيعته، حُدد له حد أقصى لا يزيد على سنتين، تستمر خلالهما الرابطة الوظيفية لحين انتهاء مدة الإحالة للاحتياط، بدلالة استمرار صرف الراتب، واحتساب هذه المدة في الخدمة وفى المعاش، وإلزامه بعدم مباشرة أى عمل آخر خلال مدة الاحتياط (المادة 68) من القانون ذاته، وأن إنهاء الرابطة الوظيفية لا يكون إلا احتمالاً لا يتم بحثه إلا عند نهاية مدة الإحالة إلى الاحتياط، إما بالإعادة إلى الخدمة، أو بالإحالة إلى المعاش. ومردود رابعًا: بأن مباشرة وزير الداخلية لهذه المكنة، وتقدير توافر حالة الضرورة، والأسباب الجدية المبررة له، وغايتها تحقيق الصالح العام، إنما يخضع لرقابة القضاء تحريًّا لمشروعية القرار، والذى يعد اللجوء إليه أحد الضمانات التي كفلها الدستور بمقتضى نصى المادتين (94، 97)، لحماية الحقوق والحريات، الأمر الذى يسلم معه النص المحال من قالة الإبهام وعدم التحديد، أو مصادمته لمبدأ خضوع الدولة للقانون.
وحيث إنه عما نعى به حكم الإحالة على النص المحال في حدود نطاقه المتقدم، الإخلال بالحق في العمل، فإن المقرر أن الحق في العمل لا يمتنع على التنظيم التشريعي الذى يقتضيه الصالح العام، بتحديد الشروط اللازمة لممارسة كل عمل حسب طبيعته، بما يكفل تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والغايات التي رصدها الدستور، واعتبر كفالة تحقيقها التزامًا دستوريًّا على عاتق الدولة لا تستطيع منه فكاكًا، وعلى ذلك فلا تناقض بين كفالة حق العمل الذى نصت عليه المواد (12، 13، 14) من الدستور، وبين تنظيمه تشريعيًّا، على نحو يكفل تحقيق التوازن بين تمكين الدولة والأجهزة والهيئات التابعة لها من القيام بمهامها التي أوكلها لها القانون والدستور، وضمان حقوق العاملين بها.
كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن الشروط التي يتطلبها المشرع لمزاولة حرفة أو مهنة بذاتها، لا يجوز تقريرها بعيدًا عن متطلبات ممارستها، بل يتعين أن ترتبط عقلاً بها، وأن يكون فرضها لازمًا لأداء المهام التي تقوم عليها، كامنًا فيها، ملتئمًا مع طبيعتها منبئًا عن صدق اتصالها بـأوضاعها، وإلا كان تقرير هذه الشروط انحرافًا عن مضمون الحق، والتواء بمقاصدها، وإرهاقًا لبيئة العمل ذاتها، وما ينبغي أن يهيمن عليها من القيم التي تعلو بقدر العمل، ولا تخل بطبيعة الشروط التي تقتضيها. لما كان ذلك، وكانت هيئة الشرطة كما عرفتها المادة (206) من الدستور هي هيئة مدنية نظامية، يسود تكوينها علاقات مختلفة عن العلاقات المدنية البحتة، تفرضها طبيعة تلك الهيئة والمهام التي أوكلها لها الدستور - على النحو السالف بيانه - في خدمة الشعب، وأن يكون ولاؤها له، وكانت الغاية من تطبيق إجراء الإحالة إلى الاحتياط المنصوص عليه في النص المحال - في النطاق المحدد سلفًا – هو تحقق ضرورة تتعلق بالصالح العام تستوجب تنحية الضابط الذى يتعرض لهذا الإجراء عن العمل في هيئة الشرطة، تغليبًا لمصلحة أداء هذا المرفق الحيوي لواجباته، واستدامة قيامه بمهامه على النحو الذي تتحقق به الغاية منه، ومن ثم فإن إحالة الضابط إلى الاحتياط، للفترة التي حددها القانون، وقرار الإحالة إلى الاحتياط، بغية تحقيق الصالح العام، وتمكين هيئة الشرطة من الاضطلاع بمهامها الدستورية، لا يتصادم مع الحق في العمل، طالما تخلف في شأن الضابط الكفاية والقدرة على استمرار أداء واجبات وظيفته التي تستوجبها طبيعة هذا العمل، أو تحقيق متطلبات تنظيم هيئة الشرطة، بما يكفل تحقيق التوازن بين مصلحة الضابط المحال إلى الاحتياط، ومصلحة تلك الهيئة، والمجتمع ككل، باعتبارها أحد أوجه المصلحة العامة، بما يضمن استمرار أداء هيئة الشرطة وأعضائها لواجباتهم الدستورية التي قررتها المادة (206) من الدستور، ومن ثم يكون التنظيم القانوني الذى تضمنه النص المحال داخلاً في إطار سلطة المشرع في مجال تنظيم حق العمل، دون مساس بأصله أو جوهره، وهو القيد العام الذى قرره الدستور بمقتضى نص المادة (92)، والحاكم لسلطة المشرع في مجال تنظيم ممارسة الحقوق والحريات، والذى وضع ضابطًا لمشروعيتها من الوجهة الدستورية، وهو ألا يتضمن ذلك تقييدًا للحق أو الحرية بما يمس أصلها أو جوهرها، وهو ما التزمه النص المحال على النحو المتقدم بيانه، بما لا مخالفة فيه لنصوص المواد (12، 13، 14) من الدستور.
وحيث إنه عما نعى به حكم الإحالة على النص المحال من مخالفته مبدأ المساواة؛ لقصره سلطة وزير الداخلية في إحالة سائر الضباط اعتبارًا من رتبة ملازم، وحتى رتبة العميد، إلى الاحتياط، واستثناء من يشغلون منهم رتبة اللواء من هذه المكنة رغم اتحاد العلة، إذ طالما قامت الأسباب التي عينها المشرع لتطبيق هذه الجزاء، وجب تطبيقه على سائر الضباط دون تمييز من كان في رتبة اللواء عمن يشغل رتبة أقل، فإنه مردود بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدستور قد اعتمد بمقتضى نصى المادتين (4، 53) منه مبدأ المساواة، إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص، أساسًا لبناء المجتمع وصونًا لوحدته الوطنية، وكفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، وفى الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهـــم لأى سبب، إلا أن ذلك لا يعنى - وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية، ولا ينطوي بالتالى على مخالفة لنصى المادتين (4، 53) المشار إليهما، بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبهما هو ذلك الذى يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيـم.



وحيث إن النص المحال بما قرره من تنظيم في شأن إحالة الضباط، عدا المعينين منهم بقرار من رئيس الجمهورية أو الشاغلين لرتبة اللواء، إلى الاحتياط، قد تضمن قاعدة عامة مجردة، لا تحوى تمييزًا من أي نوع بين المخاطبين بأحكامه من الشاغلين لرتب الضباط الأقل من رتبة اللواء، فوق كونه باعتباره الوسيلة التي قررها المشرع لتحقيق الغايات السالف بيانها، يتناسب مع تلك الأهداف، ويعد المدخل المنطقي لها، والذى يكفل تحقيقها، ويرتبط بها ارتباطًا منطقيًّا، ولا ينال منه استثناء من هم في رتبة اللواء من هذا الإجراء، لما لشاغلي تلك الرتبة من مكانة في البناء التنظيمي لكادر الشرطة، كونها تقع في أعلى مدارج هذا التنظيم، ولا يُعين فيها إلا من بلغ عطاؤه الوظيفي مدة طويلة تتاح خلالها سبر أغوار شخصيته، وحسن تقديره للأمور، واستقرار طبائعه وتوافقها مع المهام الموكولة إليه على نحو يكشف عن عدم توقع الاحتياج إلى تطبيق هذا الإجراء عليه، فضلاً عن قِصْر مدة شغل هذه الوظيفة، إذ جعل المشرع شغل هذه الرتبة لمدة سنة واحدة، ولا تتجدد إلا بقرار جديد بالتعيين فيها مدة سنة أخرى، وعلى ذلك فإن اختيار المشرع استثناء من كان في رتبة اللواء من تطبيق جزاء الإحالة إلى الاحتياط محمولاً على تباين المراكز القانونية بين من هم في هذه الرتبة عمن هم دون ذلك، يكون مستندًا إلى أسس موضوعية تبرره، ولا يتضمن تمييزًا تحكميًّا، بما لا مصادمة فيه لمبدأ المساواة الذى كفله الدستور في المادتين (4، 53).
لما كان ذلك جميعه، وكان النص المحال لا يخالف أي حكم آخر من أحكام الدستور، ومن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى .