الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 9 يونيو 2019

مشرف نشاط مكتبات وظيفة تعليمية أحقية شاغلها في صرف كادر المعلم بشقيه (بدل المعلم، بدل الاعتماد)


الدعوى رقم 148 لسنة 35 ق "دستورية" جلسة 4 / 5 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من مايو سنة 2019م، الموافق الثامن والعشرين من شعبان سنة 1440 هـ.

برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى    رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمــــد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبدالعليم أبو العطا.   نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى    رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع         أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 148 لسنة 35 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها، بحكمها الصادر بجلسة 18/3/2013، ملف الدعوى رقم 828 لسنة 57 قضائية.



المقامة من
سامى على حسان محمد
ضــد
1-    وزير التربية والتعليم
2-    محافظ بنى سويف


الإجـراءات
بتاريخ الرابع عشر من سبتمبر سنة 2013، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 828 لسنة 57 قضائية، بعد أن قضت المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم، بجلسة الثامن عشر من مارس سنة 2013، بوقف الدعوى، وإحالة أوراقها بدون رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نصى المادتين (70، 89) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981 المعدل.


      وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
      وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونظرت الدعوى، على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمــــة
      بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن المدعى في الدعوى الموضوعية، كان قد أقام الدعوى رقم 828 لسنة 57 قضائية، أمام المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها، طالبًا الحكم بأحقيته في صرف كادر المعلم بشقيه (بدل المعلم، بدل الاعتماد) حسب درجته الوظيفية المسكن عليها طبقًا للقانون رقم 155 لسنة 2007 بشأن تعديل بعض أحكام قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981، والقانون رقم 198 لسنة 2008 بشأن تعديل بعض أحكام قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981 وتعديل بعض أحكام القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر وهيئاته مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال شرحًا لدعواه: إنه يشغل وظيفة "مشرف نشاط مكتبات" بإدارة ببا التعليمية، بمديرية التربية والتعليم ببنى سويف، وأنه وفقًا لأحكام المادتين (70، 89) من قانون التعليم المشار إليه، يحق له صرف بدل معلم وبدل اعتماد، في ضوء اجتيازه الاختبارات اللازمة، وتسكينه على وظيفة من وظائف التعليم المستحدثة بموجب أحكام ذلك القانــــون، وقد أوقفت جهة الإدارة صرف البدلين المذكورين، استنادًا إلى كونه من غير الحاصلين على مؤهل عال، رغم قيامه بالتدريس منذ تعيينه، ورغم استثناء القانون رقم 155 لسنة 2007 المشار إليه، شاغلى وظائف التعليم من شرط الحصول على مؤهل عال، وحال تقرير هذين البدلين لفئات أخرى داخل العملية التعليمية كالمشرفين الاجتماعيين وأمناء المكاتب، مما حدا به إلى إقامة دعواه بالطلبات سالفة البيان. وبجلسة 18/3/2013، حكمت المحكمة بوقف الدعوى، وإحالة أوراقها بدون رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادتين (70، 89) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981 وتعديلاته.

وحيث إن المادة (70) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981 المضافة بالقانون رقم 155 لسنة 2007، والمستبدلة بالقانون رقم 198 لسنة 2008 تنص على أنه "تسرى أحكام هذا الباب على جميـع المعلمين الذين يقومـون بالتدريس أو بالتوجيه أو بالتفتيش الفنى وعلى الإخصائيين الاجتماعيين والنفسيين وإخصائيي التكنولوجيا وإخصائيى الصحافة والإعلام وأمناء المكتبات، وعلى كل من كان يشغل إحدى هذه الوظائف وتم إلحاقه للعمل في وظائف الإدارة بالمدارس والمديريات التعليمية وديوان عام وزارة التربية والتعليم والجهات التابعة لها.
وتسرى أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذا الباب".



كما تنص المادة (72) من قانون التعليم المضافة بالقانون رقم 155 لسنة 2007 المشار إليه، قبل تعديلها بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 93 لسنة 2012 على أنه "مع عدم الإخلال بشروط شغل الوظائف المدنية المنصوص عليها في قانون نظام العاملين بالدولة، يشترط فيمن يشغل وظيفة من وظائف المعلمين اعتبارًا من تاريخ العمل بهذا الباب ما يأتى:
1 - أن يكون متمتعًا بالجنسية المصرية أو جنسية إحدى الدول التى تعامل المصريين بالمثل في تولى الوظائف العامة
      ويجوز لوزير التربية والتعليم الاستثناء من هذا الشرط عند التعاقد مع المعلمين الأجانب وفقًا للقواعد التى تبينها اللائحة التنفيذية.
2- أن يكون حاصلاً على مؤهل عال تربوى مناسب، أو على مؤهل عال مناسب بالإضافة إلى شهادة (إجازة) تأهيل تربوى. وتصدر بقرار من وزير التربية والتعليم اشتراطات التأهيل التربوى المطلوب.
      ويستثنى من هذا الشرط المعلم المساعد والشاغلون لوظيفة تعليمية في تاريخ العمل بهذا الباب.
3 - أن يجتاز الاختبار المقرر لشغل الوظيفة".

وتنص المادة (89) من القانون ذاته على أنه "يُمنح شاغلو وظائف التعليم المشار إليها في المادة (70) من هذا القانون بدل معلم ومقداره (50%) من الأجر الأساسي، مع استحقاقهم العلاوة السنوية المقررة، وكل زيادة في الأجور تمنح للعاملين بالجهاز الإداري بالدولة.
ويُمنح شاغلو وظائف المعلمين المشار إليها في المادة (70) من هذا القانون بدل اعتماد وفقًا للنسبة المبينة بالجدول المرافق لهذا القرار بقانون وفى التاريخ المحدد به من الأجر الأساسي وذلك عند نقلهم لشغل وظائف المعلمين بعد استيفائهم متطلبات الشغل والاعتماد المقررة لها، مع احتفاظهم بصفة شخصية بالأجور التى كانوا يتقاضونها ولو تجاوزت الحد الأقصى للأجر المقرر للوظائف المنقولين إليها".

      وحيث إن المصلحة في الدعـوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها - وعلى ما جـرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحـة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطـة بها والمطروحة على محكمة الموضـوع، ويستوى في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية للتثبت من شروط قبولهـا، ومؤدى ذلك أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل لازمه أن هذه الدعوى لا تكون مقبولة إلا بقدر انعكاس النص التشريعي المحال على النزاع الموضوعي، فيكون الحكم في المطاعن الدستورية لازمًا للفصل في ذلك النزاع، وأنه لا تلازم بين الإحالة من محكمة الموضوع وتوافر هذه المصلحة، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النص الذى ثارت بشأنه شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضــوع انعكاس على النزاع الموضوعى، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة.



      وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الخطأ في تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها في دائرة المخالفة الدستورية، إذا كانت صحيحة في ذاتها، وأن الفصل في دستورية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا بالصورة التى فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه، إلى الضوابط التى فرضها الدستور على الأعمال التشريعية. كما جرى قضاء هذه المحكمة كذلك على أنه متى كان الضرر المدعى به ليس مرده إلى النص المطعون بعدم دستوريته، وإنما إلى الفهم الخاطئ له، والتطبيق غير الصحيح لأحكامه، غدت المصلحة في الدعوى الدستورية منتفية.

      وحيث إنه متى كان ذلك، وكان التنظيم القانونى الذى أوجده قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 155 لسنة 2007، وقبل تعديله بالقرار بقانون رقم 93 لسنة 2012 قد اشترط فيمن يشغل وظيفة من وظائف المعلمين اعتبارًا من تاريخ العمل بهذا الباب أن يكون حاصلاً على مؤهل عال تربوى مناسب، أو على مؤهل عال مناسب بالإضافة إلى شهادة (إجازة) تأهيل تربوى، واسْتُثْنِىَ من هذا الشرط المعلم المساعد والشاغلون لوظائف تعليمية في تاريخ العمل به، وكان الثابت بالأوراق والمستندات المقدمة أمام محكمة الموضوع أن المدعى في الدعوى الموضوعية يشغل وظيفة مشرف نشاط مكتبات، ويقوم بتدريس حصص المكتبة المقررة بالمدرسة التى يعمل بها، لجميع الصفوف، من تاريخ تعيينه حتى العام الدراسى المنتهى في مايو 2009، وأنه اجتاز بنجاح اختبارات كادر دور أغسطس 2008، وقد تم صرف البدل إليه، بما مفاده أنه عند سريان القانون رقم 155 لسنة 2007 السالف الذكر كان المدعى من الشاغلين لوظيفة تعليمية، ومن ثم يستفيد من صرف البدل الذى يطالب به باعتباره من المستثنين من شرط الحصول على مؤهل عال مناسب، ويخضع لإعمال الحكم الانتقالى الذى أوردته المادة (72) المشار إليها، وقد استقر مركزه القانونى الذى يخول له الحق في صـــــرف البدلين، باعتباره من الشاغلين لوظيفـــــة تعليمية، الذى لا ينال منه إلغاء هذا الاستثناء بموجب نص المادة الأولى من القرار بقانون رقم 93 لسنة 2012 المشار إليه، الذى عُمل به بأثر فورى مباشر اعتبارًا من 7/11/2012، ومن ثم فإن الضرر الذى لحق به لا يكون راجعًا إلى نصى المادتين (70، 89) من قانون التعليم المطعون فيهما، وإنما إلى الفهم الخاطئ لهذا النص، والتطبيق غير الصحيح لأحكامه، من قبل السلطة المختصة، والذى لا يشكل عيبًا دستوريًّا، يستنهض ولاية هذه المحكمة، والقول بغير ذلك مؤداه اعتبار الضرر الذى لحق بالمدعى مرجعه إلى نصى المادتين الأولى والثالثة من القرار بقانون رقم 93 لسنة 2012 السالف الذكر، والمادة (72) من قانون التعليم المشار إليه، بعد تعديلها بالقرار بقانون المار ذكره، الذى ألغى الاستثناء الذى أفاد منه المدعى في الدعوى الموضوعية، وليس إلى المادتين المطعون فيهما، الأمر الذى تنتفى معه المصلحة في هذه الدعوى، مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها.

فلهذه الأسباب
      حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

دستورية التنظيم القانوني لحق الموظف الحاصل على إجازة بدون مرتب لمدة تزيد على 4 سنوات في الترقية والاقدمية


الدعوى رقم 105 لسنة 35 ق "دستورية" جلسة 4 / 5 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من مايو سنة 2019م، الموافق الثامن والعشرين من شعبان سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى             رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمــد خيرى طه النجــار وسعيد مرعى عمـــرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل          نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع           أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 105 لسنة 35 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة القضاء الإدارى بالمنوفية، بحكمها الصادر بجلسة 24/2/2013، ملف الدعوى رقم 8286 لسنة 6 قضائية.
المقامة من
محمد عبدالمجيد على خليل
ضــــد
1- وزير الصحة والسكــان
2- محافـــــظ المنوفيـــة
3- وكيل وزارة الصحة بالمنوفية
4- مدير عام الشئون المالية والإدارية بمديرية الشئون الصحية بمحافظة المنوفية


الإجـراءات
بتاريخ العاشر من يونيه سنة 2013، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 8286 لسنة 6 قضائية، بعد أن حكمت محكمة القضاء الإدارى بالمنوفية بجلسة 24/2/2013، بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليــــــــا للفصل في دستوريــــــة نص المـــــادة (69) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، فيما أغفله من تنظيم الحــــق في الاحتفــــاظ بترتيب الأقدمية والحــــق في الترقية بالأقدمية المطلقة أو بالرسوب الوظيفى للعامل الذى يشغل وظيفة تكرارية، ومُرخص له بإجازة بدون مرتب زادت على أربع سنوات، ومُصرح له بالعمل - خلال إجازته - في أعمال من ذات طبيعة أعمال وظيفته.


وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
      حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكــــم الإحالة وسائر الأوراق – في أن المدعى في الدعوى الموضوعية، كان قد أقام الدعوى رقم 8286 لسنة 6 قضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنوفية، ضد محافظ المنوفية وآخرين، طالبًا الحكم بأحقيته في مساواته بزملائه الحاصلين على الدرجة الأولى اعتبارًا من 1/1/2001، وما يترتب على ذلك من آثار، منها إرجاع أقدميته إلى التاريخ المذكور بدلاً من 1/1/2005 تاريخ ترقيته إلى هذه الدرجة، وذلك بعد تعديل تاريخ حصوله على الدرجة الثانية إلى 1/1/1990، والتى لم يرق إليها على خلاف القانون، لوجوده في إجازة بدون مرتب. وذكر شرحًا لدعواه: إنه حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة، وعين بموجبه بوظيفة طبيب بشرى بأحد المستشفيات التابعة لمديرية الشئون الصحية بالمنوفية اعتبارًا من 1/9/1978، وقــــــــد رخصــــــــت لــــــــه جهــــــــة الإدارة بإجــــــــازة بدون مرتب للعمل بوظيفة طبيب بأحــــــــد مستشفيــــــــات المملكــــــــة العربية السعودية خلال الفترة من 2/1/1987 حتى 25/2/1998، وبعد عودته من الإجازة تسلم عمله، وتم رفع الدرجة المالية لوظيفته - طبقًا لنظام الرســـوب الوظيفى - إلى الدرجة الثانية اعتبارًا من 1/1/1999، ثم رفعت إلى الدرجة الأولـــى اعتبارًا من 1/1/2005، وقد علم أن زملاءه الأحدث منه سبقوه في الترقية إلى الدرجة الأولى في 1/1/2001، فتظلم من ذلك، فأجابته جهة الإدارة بأن سبب تأخــــر ترقيته إنما يرجـــــــــع إلى تجاوز مدة إجازته أربع سنوات، وذلك تطبيقًا للحكم الوارد بنص المادة (69) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978. وإذ تراءى للمحكمة مخالفة نص المادة (69) من القانون المشار إليه، فيما أغفله من تنظيم الحق في الاحتفاظ بترتيب الأقدمية والحـــــق في الترقية بالأقدمية المطلقــــــة أو بالرسوب الوظيفى، للعامل الذى يشغل وظيفة تكرارية، ومُرخص له بإجازة بدون مرتب للعمل في وظيفة تتطابق طبيعتها مع طبيعة أعمال وظيفته بالداخل، وتجاوزت مدة إجازته بدون مرتب أربع سنوات، لنصوص المواد (8، 9، 24، 31، 33، 34، 64، 74) من الدستور الصادر سنة 2012، فقد أحالت أوراق الدعوى بموجب حكم الإحالة السالف الذكر للمحكمة الدستورية العليا للفصل في دستوريته.



      وحيث إن المادة (69) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أنه "تكون حالات الترخيص بإجازة بدون مرتب على الوجه الآتى:
(1) يمنح الزوج أو الزوجة إذا سافر أحدهما إلى الخارج للعمل أو الدراسة لمدة ستة أشهر على الأقل إجازة بدون مرتب. ولا يجوز أن تجاوز هذه الإجازة مدة بقاء الزوج في الخـــــارج ويســـــرى هـــــذا الحكم ســـــواء أكان الزوج المســـــافر من العاملين في الحكومة أو القطاع العام أو قطاع الأعمال العام أو القطاع الخاص. ويتعين على الجهة الإدارية أن تستجيب لطلب الزوج أو الزوجة في جميع الأحوال.
(2) يجوز للسلطة المختصة منح العامل إجازة بدون مرتب للأسباب التى يُبديها العامل وتقدرها السلطة المختصة ووفقًا للقواعد التى تتبعها.
      ولا يجوز في هذه الحالة ترقية العامل إلى درجات الوظائف العليا إلا بعد عودته من الإجازة كما لا يجوز الترخيص بهذه الإجازة لمن يشغل إحدى تلك الوظائف قبل مضى سنة على الأقل من تاريخ شغله لها.
      وفى غير حالة الترقية لدرجات الوظائف العليا لا تجوز ترقية العامل الذى تجاوز مدة إعارته أربع سنوات متصلة، وتعتبر المــــدة متصلة إذا تتابعت أيامهــــــا أو فصل بينها فاصل زمنى يقل عن سنة.
      وتحدد أقدمية العامل عند عودته من الإجازة التى تجاوز مدتها أربع سنوات على أساس أن يوضع أمامه عدد من العاملين مماثل للعدد الذى كان يسبقه في نهاية مدة الأربع سنوات أو جميع العاملين الشاغلين لدرجة الوظيفة عند عودته أيهما أقل.
..................................".



      وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لإقامتها بعد الميعاد، فهو مردود بأن الميعاد الذى حدده المشرع بنص البند (ب) من المادة (29) مــــن قانــــون المحكمة الدستوريــــة العليا الصــــادر بالقانــــون رقم 48 لسنة 1979، يتعلق بالدعاوى التى تقام بناء على دفع بعدم الدستورية يُبديه أحد الخصوم، وتصرح محكمة الموضوع له بإقامة الدعوى الدستورية خلال ميعاد لا يتجاوز ثلاثة أشهر، دون الدعاوى التى تقام طبقًا لنص البند (أ) من المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا، الذى يجرى على أنه "إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية"، وبالتالى يكون قيد تلك الدعاوى بجدول المحكمة الدستورية العليا بعد إحالة الأوراق إليها من محكمة الموضوع غير مقيد في ذلك بمهلة الأشهر الثلاثة المقررة بالبند (ب) من المادة (29) من قانون هذه المحكمة، الأمر الذى يكون معه هذا الدفع فاقدًا لسنده القانونى، حقيقًا بالرفض.



      وحيث إن المصلحة في الدعــــــــــــوى الدستورية - وهى شرط لقبولها - مناطها – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويستوى في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هى وحدها التى تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، بما مؤداه أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل يتعين أن يكون الحكم في المطاعن الدستورية لازمًا للفصل في النزاع المثار أمام محكمة الموضوع، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النصوص التى ثارت بشأنها شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعى؛ فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة. متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع ينصب على طلب المدعى في الدعوى الموضوعية الحكم بأحقيته في مساواته بزملائه في الترقية إلى الدرجة الأولى، وإرجاع أقدميته فيها اعتبارًا من 1/1/2001، تاريخ ترقيتهم إلى تلك الدرجة، بدلاً من 1/1/2005، تاريخ ترقيته إليها، مع الاعتداد بهذا الترتيب فيما تم إجراؤه من ترقيات لزملائه الأحدث منه، سواء عن طريق الترقية بالأقدمية المطلقة أو الرســـــوب الوظيفى. وكان نصا الفقرتين الأخيرتين من البند (2) من النص المحال هما الحاكمين لترقية الموظف - إلى غير درجات الوظائف العليا - الحاصل على إجازة بدون مرتب، الذى تجاوزت مدة إجازته أربع سنوات متصلة، وتحديد أقدميته عند عودته من الإجازة، على أساس أن يوضع أمامه عدد من الموظفين مماثل للعدد الذى كان يسبقه في نهاية مدة السنوات الأربع، أو جميع الموظفين الشاغلين لدرجة الوظيفة عند عودته أيهما أقل، فإن المصلحة تكون متحققة بالنسبة لهاتين الفقرتين، لما للقضاء في دستوريتهما من أثر وانعكاس على الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع وقضاء المحكمة فيها. ولا ينال مما تقدم إلغاء المشرع قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 بموجب القانون رقم 81 لسنة 2016 بإصدار قانون الخدمة المدنية، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إلغاء النص التشريعى لا يحول دون اختصامه أمام المحكمة الدستورية العليا، للنظر في مشروعيته من الوجهة الدستورية، وذلك بالطعن عليه ممن طبق عليه، أو بإحالته من المحكمة التى تنظر الدعوى الموضوعية إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستوريته.
      وحيث إن الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التى تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة تستهدف أصلاً صون الدستور القائم، وحمايته من الخروج على أحكامه التى تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة، وكان النص المحال قد استمر العمل بأحكامـــــــــه بعد صـــــــدور الدستور الحالى، حتى يـــــــــوم الثانى من شهر نوفمبر سنة 2016، تاريخ العمل بقانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016، وكان المشرع قد ألغى قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 بنص المادة الثانية من القانون رقم 81 لسنة 2016 بإصدار قانون الخدمة المدنية، ومن ثم فإن حسم أمر دستورية النص المحال يتم في ضوء أحكام الدستور القائم.



      وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص المطعون فيه في حدود نطاقه المتقدم مخالفته لنصوص المواد (8، 9، 24، 31، 33، 34، 64، 74) من الدستور الصادر سنة 2012، على سند من أن هذا النص بإغفاله تنظيم الحق في الاحتفاظ بترتيب الأقدمية، والترقية بالأقدمية المطلقة أو بالرسوب الوظيفى، للموظف الذى يشغل وظيفة تكرارية، ومُرخص له بإجازة بدون مرتب تزيد مدتها على أربع سنوات، ومُصرح له بالعمل خلالها، في أعمال من ذات طبيعة أعمال وظيفته، يخالف مبدأ سيادة القانون، كما أنه بإهداره الخبرة التى اكتسبها من عمله خلال مدة إجازته، والتى تتساوى مع خبرة زميله الذى استمر في العمل يخالف مبدأ المساواة الذى كفله الدستور.



      وحيث إن الدستور قد حرص في المادة (4) منه على النص على مبدأ تكافؤ الفرص، باعتباره من الركائز الأساسية التى يقوم عليها بناء المجتمع، والحفاظ على وحدته الوطنية، ومن أجل ذلك جعل الدستور بمقتضى نص المادة (9) منه تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز التزامًا دستوريًّا على عاتق الدولة، لا تستطيع منه فكاكًا. وقوام هذا المبدأ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الفرص التى كفلها الدستور للمواطنين فيما بينهم تفترض تكافؤها، وتدخل الدولة إيجابيًّا لضمان عدالة توزيعها بين من يتزاحمون عليها، وضرورة ترتيبهم، بالتالى فيما بينهم على ضوء قواعد يمليها التبصـــر والاعتدال؛ وهو ما يعنى أن موضوعية شروط النفاذ إليها، مناطها تلك العلاقة المنطقية التى تربطها بأهدافها، فلا تنفصل عنها.



      وحيث إن الدستور قد اعتمد كذلك بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأى العدل وتكافؤ الفرص، أساسًا لبناء المجتمع وصون وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، وفى الحقوق والحريات والواجبـــــــــات العامــــــــــــــــة، دون تمييز بينهـــم لأى سبب، إلا أن ذلك لا يعنى - وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها، ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ولا ينطــــــوى بالتالى على مخالفــــــة لنصى المادتيــــــن (4، 53) المشــــــار إليهمــــــا، بما مؤداه أن التمييز المنهى عنه بموجبها هو ذلك الذى يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعى لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التى يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيــــــــــم.



      وحيث إن من المقرر كذلك أن النصوص القانونية التى ينظم بها المشرع موضوعًا محددًا لا يجوز أن تنفصل عن أهدافهـــــــــــــــا، ذلك أن كل تنظيم تشريعـــــى لا يصدر عن فراغ، ولا يعتبر مقصودًا لذاته، بل مرماه إنفاذ أغراض بعينها يتوخاها، وتعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التى أقام المشرع عليها هذا التنظيم باعتباره أداة تحقيقها، وطريق الوصول إليها.



      وحيث إن الدستور قد عُنى في المادة (14) منه بكفالة حق المواطنين في شغل الوظائف العامة على أساس الكفاءة، ودون محاباة أو وساطة، وجعل شغل الوظائف العامة تكليفًا للقائمين عليها لخدمة الشعب، وناط بالدولة كفالة حقوق شاغلى الوظائف العامة وحمايتهم، وقيامهم بأداء واجباتهم في رعاية مصالح الشعب.




      وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدستور هو القانون الأساسى الأعلى الذى يرسى القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم، ويحدد السلطات العامة ويرسم لها وظائفها ويضع الحدود والقيود الضابطة لنشاطها، ويقرر الحريات والحقوق العامة ويرتب الضمانات الأساسية لحمايتها، ومن ثم فقد تميز الدستور بطبيعة خاصة تضفى عليه السيادة والسمو بحسبانه كفيل الحريات وموئلها وعماد الحريات الدستورية وأساس نظامها، وحق لقواعده أن تستوى على القمة من البناء القانونى للدولة وتتبوأ مقام الصدارة بين قواعد النظام العام باعتبارها أسمى القواعد الآمرة التى يتعين على الدولة التزامها في تشريعاتها وفى قضائها وفيما تمارسه من سلطات تنفيذية، دون أية تفرقة أو تمييز في مجال الالتزام بها، بين السلطات العامة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية. وإذ كان خضوع الدولة بجميع سلطاتها لمبدأ سيادة الدستور أصلاً مقررًا وحكمًا لازمًا لكل نظام ديمقراطى سليم، فإنه يتعين على كل سلطة عامة، أيًّا كان شأنها وأيًّا كانت وظيفتها وطبيعة الاختصاصات المسندة إليها، أن تنزل على قواعد الدستور ومبادئه وأن تلتزم حدوده وقيوده، فإن هى خالفتها أو تجاوزتها شاب عملها عيب مخالفة الدستور، وخضعت - متى انصبت المخالفة على قانون أو لائحة - للرقابة القضائية التى عهد بها الدستور إلى المحكمة الدستورية العليا بوصفها الهيئة القضائية العليا التى اختصها دون غيرها بالفصل في دستورية القوانين واللوائح، بغية الحفاظ على أحكام الدستور وصونها وحمايتها من الخروج عليها.



      وحيث إن الدساتير المصرية المتعاقبة قد حرصت جميعها - منذ دستور سنة 1923 - على تقرير الحقوق والحريات العامة في صلبها قصدًا من المشرع الدستورى أن يكون النص عليها في الدستور قيدًا على المشرع العادى فيما يسنه من قواعد وأحكام وفى حدود ما أراده الدستور لكل منها، فإذا خرج المشرع فيما يقرره من تشريعات على هذا الضمان الدستورى، وعن الإطار الذى عينه الدستور له، بأن قيد حرية أو حقًّا أو أهدر أو انتقص من أيهما تحت ستار التنظيم الجائز دستوريًّا، وبالمخالفة للضوابط الحاكمة له، وقع عمله التشريعى في حومة مخالفة أحكام الدستور.



وحيث إن المواثيق الدولية قد حفلت بالنص على حق الفرد في تولى الوظائف، ومن ذلك المادة (7) من العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية الذى تمت الموافقة عليه وإعلانه بقرار الجمعية العامة للأمم المتحـــــــــــدة رقم 2200 في 1/12/1966، التى نصت على تســـــــــاوى جميـــــــــــع الموظفيــــــن في فرص الترقية داخل جهـــــــــات عملهم، إلى الدرجـــــــــات الأعلى دون إخضــــــاع ذلك إلا لاعتبارات تتعلق بالكفاءة والجدارة لتولى تلك الوظائف، وهو ذات ما نص عليه الميثاق الإفريقى لحقوق الإنسان والشعوب الذى تمت إجازته من قبل مجلس الرؤساء الأفارقة بدورته العادية رقم (18) في نيروبى (كينيا) يونيو 1981 في المادة (13) منه.



وحيث إن الأصل أن يكون لكل وظيفة حقوقها وواجباتها، فلا تقابل مزاياها بغير مسئولياتها، ولا يكون وصفها وترتيبها منفصلاً عن متطلباتها التى تكفل للمرافق التى يديرها موظفوها حيويتها واطراد تقدمها، وقابلية تنظيماتها للتعديل وفق أسس علمية قوامها التخطيط المرن وحرية التقدير، فلا تتعثر أعمالها أو تفقد اتصالها ببعض أو تدرجها فيما بينها، وشرط ذلك إعداد موظفيها علميًّا وفنيًّا، فلا يلى شئونها غير القادرين حقًّا على تصريفهــــا، سواء أكـــــــان عملهم ذهنيًّا أم مهنيًّا أم يدويًّا .



وحيث إن ما تقدم مؤداه، أن لكل وظيفة تبعاتها، فلا يشغلها إلا من يستحقها على ضوء طبيعة الأعمال التى تدخل فيها، وغاياتها، والمهارة المطلوبة فيها، والخبرة اللازمة لها، ولا يجوز بالتالى أن يكون التعيين في وظيفة بذاتها أو الترقية منها إلى ما يعلوها، عملاً آليًّا يفتقر إلى الأسس الموضوعية، أو منفصلاً عن عوامل الخبرة والجدارة التى يتم على ضوئها اختيار من يتولاها، ولا مجرد تطبيق جامد لمقاييس صماء لا تأخذ في اعتبارها خصائص كل وظيفة ومكانتها، والحد الأدنى للتأهيل لها والتدريب على أداء واجباتها ومسئولياتها، وغير ذلك من مقوماتها الموضوعية المحددة تحديدًا دقيقًا، وعلى تقدير أن تقييم شاغل الوظيفة إنما يرتبط بأهميتها الحقيقية .
وحيث إن الأصل في الأقدمية الوظيفية أن تكـــــــون معبرة عن مدة خدمة فعلية قضاها الموظف قائمًا بأعباء وظيفته، وهى بذلك لا تُفترض، ولا يجوز حسابها على غير حقيقتها سواء بزيادتها أو إنقاصها، كما أن شروط الترقية إلى الوظائف، وبخاصة الوظائف الإشرافية أو القيادية يجب أن تعبر عن الانحياز إلى الأصلح والأكثر خبرة وعطاء، وهو ما يتطلب أن تكون المدة البينية أو الكلية اللازمة لشغل تلك الوظائف - بحسب الأصل - مدة فعلية وليست حكمية، حتى لا يُعهد بأعمال هذه الوظائف لغير من يؤدونها بحقها، فـــــلا يكونون عبئًا عليهـــــــــــا يُقيدها أو يُضعفها، بل يثرونها من خلال خبرة سابقة وجهد خلاق يتفاعل مع مسئولياتها.



      وحيث إنه يتبين من الاطلاع على المذكرة الإيضاحية لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة أن أحكام هذا القانون تقوم على أسس موضوعية، وذلك عن طريق الاعتداد أولاً "بالوظيفة"، باعتبارها مجموعة من الواجبات والمسئوليات، يلزم للقيام بها توافر اشتراطات معينة في شاغلها، تتفق مع نوعها وأهميتها، وتسمح بتحقيق الهدف من إيجادها، وأن هذا الاعتداد الموضوعي لا يتعارض مع الجانب الآخر للوظيفة، المتمثل في "الموظف" الذى يقوم بأعبائها وما يتطلبه هذا الجانب "البشري" لا "الشخصي" من الاعتداد بالخبرة النظرية أو المكتسبة اللازمة للقيام بأعباء الوظيفة، ومراعاة ذلك في الأجر الذى يحصـل عليه بوصفه مقابلاً موضوعيًّا لا شخصيًّا، لما يناط به من مسئوليات .

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان المشرع بإقراره النص المحال قد انحاز إلى إعمال الأسس الموضوعية للوظيفة، وذلك بالاعتداد بالوظيفة ومراعاة واجباتها ومسئولياتها، التى يلزم للقيام بها توافر الاشتراطات اللازمة لشغلها ومن بينها مدة الخبرة الفعلية التي قضاهـا الموظف في وظيفتــه السابقـة قائمًا بأعبائهـا، وذلك ضمانًا لجدارته وكفاءته بتوليها، فينهض بها من خلال خبرته السابقة وجهده الخلاق الذى دأب عليه خـــــلال الفترات المنقضية، وهو ما يتفق مع الأهداف التي رنا المشرع إلى تحقيقها بالنص المحال، الذى ترتكن أحكامه إلى أسس موضوعية تبررها، دون مصادمة في ذلك لمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة اللذين حرص الدستور على كفالتهما في المواد (4، 9، 53).

      وحيث إن المشرع قد راعى في تحديده للقواعد الحاكمة للإجازة بدون مرتب التي يحصل عليها الموظف والحقوق الناشئة عنها والالتزامات والواجبات المترتبة عليها، تحقيق التوازن بين حق الموظف في الحصول على إجازة بدون مرتب، الذى قررها له القانون، واعتبارات المصلحة العامة، بحسبان الوظائف العامة طبقًا لنص المادة (14) من الدستور، تكليفًا للقائمين بها لخدمة الشعب، لذلك احتفظ المشرع للموظف الحاصل على إجازة بدون مرتب بكافة حقوقه في الترقية والأقدمية في حالة الحصول على الإجازة للمدة التى قدر أنها لا تخل بمتطلبات الوظيفة العامة، واستمرار أدائها لدورها الدستوري في رعايـة مصالح الشعب، والتي حـددها بسنوات أربع، فإذا استطالت مدة الإجازة بدون مرتب متجاوزة هذا الحد باختيار الموظف، فإن التنظيم الذى قرره المشرع بالنص المحال لحق الموظف الحاصل على إجازة بدون مرتب لمدة تزيد على أربع سنوات في الترقية وتحديد أقدميته عند عودته من الإجازة، يكون محافظًا على ذلك الحق، ومراعيًا مقتضيات المصلحة العامة، وحاجة الجهة التي يتبعها الموظف لشغل الوظائف؛ تمكينًا للقائمين عليها من القيام بأداء واجباتهم في خدمة الشعب، ويكون كافلاً تحقيق التوازن الذى أوجبته المادة (27) من الدستور، وغير مناقض للحـق في الوظيفة العامة الذى كفله الدستور بالمادة (14)، كما لا ينال من كرامة الموظف الحاصل على إجازة بدون مرتب على أي وجه من الوجوه، ولا يمثل مساسًا بحق الملكية الذى حرص الدستور على كفالته بالمادتين (33، 35)، ولا يعد خروجًا على مبدأ سيادة القانون الذى اعتبره الدستور في المادة (94) أساسًا للحكم في الدولة، ولا يتضمن كذلك انتقاصًا من عناصر أو محتوى أى من الحقوق المتقدمة على نحو ينال من جوهرها وأصلها، وهو ما حظره الدستور بنص المادة (92).

      وحيث إن النص المحال - في حدود النطاق المتقدم - لا يخالف أي نص آخر في الدستور، فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب
      حكمت المحكمة برفض الدعوى.

عدم دستورية الشروع الفوري في إيقاع الحجز الإداري على أموال المحجوز عليه المنقولة دون إمهاله مدة لسداد دينه


الدعوى رقم 185 لسنة 32 ق "دستورية" جلسة 4 / 5 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من مايو سنة 2019م، الموافق الثامن والعشرين من شعبان سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمــــد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبدالعليم أبو العطا.  نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع          أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
            في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 185 لسنة 32 قضائية "دستورية"
المقامة من
محمد محمد عبدالونيس
ضد
1- رئيس مجلس الـوزراء
2- رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية

الإجراءات

      بتاريخ الثالث عشر من نوفمبر سنة 2010، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نصى المادتين (4 و7/2 ،3) من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري.
      وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين، طلبت فيهما الحكم أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
      وقدمت الهيئة المدعى عليها الثانية مذكرة طلبت في ختامها الحكم أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
      وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا أصليًّا وآخر تكميليًّا برأيها.
            ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
      حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن المدعى عليه الثاني كان قد وُقع لصالحه حجز إداري على منقولات المدعى المبينة بمحضر الحجز المؤرخ 21/11/2009، وقد رفض المدعى التوقيع على محضر الحجز، وتم تعيينه حارسًا على المحجـوزات، وتحديد اليـوم المعلن لبيعها، وتم لصق صورة من محضر الحجـز بمقر شيخ البلد، وإذ لم يقـدم المدعى المحجوزات في اليوم المحدد للبيع، فقد تحرر ضده محضر بتبديدها قيد برقم 9986 لسنة 2009 جنح إدكو، فأقام المدعى الدعوى رقم 3 لسنة 2010 مدنى تنفيذ إدكو ضد المدعى عليه الثاني، طلبًا للحكم ببطلان محضر الحجز واعتباره كأن لم يكن، وبجلسة 22/2/2010، حكمت المحكمة في منازعة تنفيذ موضوعية برفض الدعوى، فطعن المدعى على هذا الحكم بالاستئناف رقم 18 لسنة 2010 مدنى مستأنف تنفيذ رشيد، بطلب إلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا في منازعة تنفيذ موضوعية ببطلان محضر الحجز، وبجلسة 24/3/2010، دفع المدعى بعدم دستورية نصى المادتين (4، 7) من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، أقام الدعوى المعروضة.

      وحيث إن المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أنه "يجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقًا لحكم المادة السابقة بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته، والنص الدستوري المدعى بمخالفته وأوجه المخالفة". ومؤدى ذلك - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشـرع أوجب لقبول الدعاوى الدستورية أن يتضمن قرار الإحالة أو صحيفة الدعوى ما نصت عليه المادة (30) سالفة الذكر من بيانات جوهرية تنبئ عن جدية هذه الدعاوى ويتحدد بها موضوعها، وذلك مراعاة لقرينة الدستورية لمصلحة القوانين، وحتى يتاح لذوى الشأن، ومن بينهم الحكومة - الذين أوجبت المادة (35) من قانون المحكمة إعلانهم بالقرار أو الصحيفة - أن يتبينوا كافة جوانبها ويتمكنوا في ضوء ذلك من إبداء ملاحظاتهم وردودهم وتعقيبهم عليها في المواعيد التى حددتها المادة (37) من القانون ذاته، بحيث تتولى هيئة المفوضين بعد انتهاء تلك المواعيد تحضير الموضوع وتحديد المسائل الدستورية والقانونية المثارة وتبدى فيها رأيها مسببًا وفقًا لما تقضى به المادة (40) من قانون المحكمة الدستورية العليا. متى كان ذلك، وكانت مناعي المدعى قد توجهت إلى عبارة "ويشرع فورًا في توقيع الحجز" الواردة بعجز الفقرة الأولى من المادة (4) من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري، وعبارة "ويقوم هذا الإجراء مقام الإعلان" الواردة بعجز الفقرة الثانية من المادة (7) من القانون ذاته، دون باقي أحكام المادة (4)، والفقرتين الثانية والثالثة من المادة (7) من ذلك القانون، المطعون فيهما، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة للنصوص المشار إليها، فيما عدا العبارتين المار ذكرهما.
      وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة والمدعى عليه الثاني بعدم قبول الدعوى لانتفاء مصلحة المدعى، فهو مردود بأن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المصلحة في الدعوى الدستورية - وهـى شرط لقبولها - مناطها ارتباطها عقـــــلاً بالمصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الحكم في المسائل الدستورية التي تطرح على هذه المحكمة لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، وأن هذا الشرط يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية، فلا تفصل في غير المسائل الدستورية التى يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي. متى كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المدعى قد عُين حارسًا على المال المحجوز عليه إداريًّا، ثم وجه إليه اتهام بتبديد ذلك المال لعدم تقديمه في الموعد المحدد للبيع، فأقام دعواه الموضوعية التي تدور رحاها حول طلب الحكم ببطلان محضر الحجز الإداري الموقع ضده واعتباره كأن لم يكن، وكان المدعى لم ينازع في وجوده بشخصه إبان تنبيهه بالأداء، وإنذاره بالحجز، وتوقيع الحجز على منقولاته، ومن ثم فإن مصلحته الشخصية المباشرة تكون متحققة في الطعن على عبارة "ويشرع فورًا في توقيع الحجز" الواردة بعجز الفقرة الأولى من المادة (4) من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري، وعبارة "ويقوم هذا الإجراء مقام الإعلان" التى تضمنها عجز الفقرة الثانية من المادة (7) من القانون المشار إليه، بحسبان القضاء في دستوريتهما سيكون له أثره على صحة الحجز الموقع على منقولات المدعى محل الدعوى الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع في الطلبات المطروحة عليها في تلك الدعوى، الأمر الذى يتعين معه القضاء بقبول الدعوى بالنسبة لهما في حدود النطاق المتقدم.
      وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (4) من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري تنص على أن "يعلن مندوب الحاجز إلى المدين أو من يجيب عنه تنبيهًا بالأداء وإنذارًا بالحجز ويشرع فورًا في توقيع الحجز مصحوبًا بشاهدين".
     
      وتنص الفقرة الثانية من المادة (7) من القانون ذاته على أنه "وتعلق نسخة من محضر الحجز على باب المركز أو القسم أو المأمورية أو على باب دار العمدة أو الشيخ الذى يقع الحجز في دائرته ويقوم هذا الإجراء مقام الإعلان".

      وحيث إن مناعى المدعى على النصين المطعون فيهما تتحدد في مخالفتهما نصوص المواد (32، 34، 64، 65، 67، 68) من دستور سنة 1971، وذلك بما تضمناه من إخلال بحق الدفاع، تمثل في حرمان المحجوز عليه إداريًّا من مهلة تفصل بين مُقدمات الحجز وإيقاعه من ناحية، وافتراض العلم القانوني ببيانات محضر الحجز من ناحية أخرى، مما يصم النصين المطعون فيهما بإهدار الحق في الملكية، ومخالفة أصل البراءة.

      وحيث إن الرقابة على دستورية النصوص التشريعية - أيًّا كان تاريخ العمل بها - إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، لكون هذه الرقابة تستهدف أصلاً - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، وأن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. متى كان ذلك، وكانت المناعي التى وجهها المدعى للنصين المطعون فيهما تندرج تحت المطاعن الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعـدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي، ومن ثم فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على دستورية النصين المطعون فيهما، اللذين مازالا قائمين ومعمولاً بأحكامهما - محددًا نطاقهما على النحو المتقدم - من خلال أحكام الدستور القائم الصادر سنة 2014.

      وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدولة القانونية - وعلى ما تنص عليه المادة (94) من دستور سنة 2014 - هي التي تتقيد في ممارستها لسلطاتها، أيًّا كانت وظائفها أو غاياتها، بقواعد قانونية تعلو عليها، وتردها على أعقابهـا إن هي جاوزتها، فلا تتحلل منها، ذلك أن سلطاتها هذه - وأيًّا كان القائمون عليها - لا تعتبر امتيازًا شخصيًّا لمن يتولونها، ولا هي من صنعهم، بل أسستها إرادة الجماهير في تجمعاتها على امتداد الوطــــن، وضبطتها بقواعد آمرة لا يجوز النزول عنها، ومن ثم تكون هذه القواعد قيدًا على كل أعمالها وتصرفاتها، فلا تأتيها إلا في الحدود التى رسمها الدستور، وبما يرعى مصالح مجتمعها.

      وحيث إن مضمون القاعدة القانونية التي تعتبر إطارًا للدولة القانونية، تسمو عليها وتقيدها، إنما يتحدد - من منظور المفاهيم الديمقراطية التي يقـوم نظام الحكم عليها، على ما تقضى به المواد (1، 4، 5) من دستور سنة 2014 - على ضوء المعايير التي التزمتها الدول الديمقراطية في ممارستها لسلطاتها، واستقر العمل فيما بينها باطراد في مجتمعاتها، فلا يكون الخضوع لها إلا ضمانًا لحقوق مواطنيها وحرياتهم، بما يكفل تمتعهم بها أو مباشرتهم لها دون قيود جائرة تنال من محتواها أو تعطل من جوهرها.

      وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن التنفيذ جبرًا على أموال المدين بما له من آثار خطيرة عليه، لا يكون إلا بسند تنفيذي استظل به دائنه قبل التنفيذ، ولم يبلغه إلا بطريق تحقق به دينه وصحته، وصار حقيقة قانونية أو قضائية يجوز التنفيذ بمقتضاها، وخروجًا على هذا الأصل العام جاءت أحكام قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955 بأوضاع استثنائية، منها أن جعلت الأمر المكتوب الصادر من الوزير أو رئيس المصلحة أو المحافظ أو المدير أو ممثل الشخص الاعتباري العام حسب الأحوال أو من يُنيبه كل من هؤلاء كتابة، معادلاً للسند التنفيذي الذى يجوز التنفيذ به وفقًا لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية، وهذا الاستثناء الوارد على حظر التنفيذ على أموال المدين قبل الحصول على سند تنفيذي حقيقي على نحو ما سلف، لا تبرره إلا المصلحة العامة في أن تتوافر لدى أشخاص القانون العام وسائل ميسرة تمكنها من تحصيل حقوقها على النحو الذى يحقق سير المرافق العامة وانتظامها، وهو بذلك استثناء بحت لا يجوز نقله إلى غير مجاله، كما لا يجوز إعماله في غير نطاقه الضيق الذى يتحدد باستهدافه حسن سير المرافق العامة وانتظامها.

      كما استقر قضاء هذه المحكمة على أن قانون الحجز الإداري لم يتوخ مجرد تقرير حقوق للجهات العامة تحصل بموجبها على مستحقاتها دونما اعتداد بضرورة موازنتها بالحماية التشريعية التي ينبغي كفالتها للمدين المحجوز عليه باعتباره الأصيل في خصومة التنفيذ لتعلقها بأمواله ومصالحه الرئيسية.

      متى كان ما تقدم، وكان نص الفقرة الأولى من المادة (4) من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري، وإن أوجب على مندوب الحجز إعلان المدين أو من يجيب عنه تنبيهًا بالأداء وإنذارًا بالحجز، إلا إنه لم يفصل بين مُقدمات الحجز الإداري التي تجرى بهذا الإعلان، والغاية من تقريرها، وهى إمهال المحجوز عليه مدة يقدرها المشرع بنص خاص - أو بإعمال نص المادة (75) من قانون الحجز الإداري الذى يجرى على أنه "فيما عدا ما نُص عليه في هذا القانون تسرd جميع أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية التي لا تتعارض مع أحكام هذا القانون"، مما مؤداه تطبيق ما ورد بنص الفقـرة الرابعة من المادة (281) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968، الذى لم يجز إجراء التنفيذ إلا بعد مضى يوم على الأقل من إعلان السند التنفيذي - وذلك كله قبل الشروع في توقيع الحجز فعليًّا، حتى تتحقـق من خلال هذه المهلة الغاية من إجراء مُقدمات التنفيذ، ولتدرك وسائل التشريع غاياته، فينضبط بذلك حكم إيقاع الحجز الإداري على المنقول بالرابطة الدستوريــة المتعين التزامها بين أهداف التشريـع والوسائل التي تحققهــا، وهو ما لم يلتزم به المشرع بالنص المطعون فيه، الذى جمع مُقدمات تنفيذ الحجز الإداري مع الشروع في إيقاعـه في وحدة زمنية واحدة، أو تكاد، مفترضًا - بغير سند - عدم تحصيل الجهة الحاجزة دينها إلا بالشــروع فورًا في إيقاع الحجز على منقولات المدين، غير عابئة بتباين المراكز القانونية للمحجوز عليهم باختلاف أحوال التنفيذ، ودون مراعاة لأحوال التنفيذ التي تنتفى عنها الخشية من عدم تحصيل الجهة الحاجزة لدينها، سواء ما تعلق منها بإقرار المدين بالدين المحجوز لأجله، وعدم منازعته في أساس الالتزام أو مقداره، مع اقتران ذلك بسعي جدي للوفاء بالدين، أو تقديم المدين من التأمينات الشخصية ما يضمن الوفاء بدين الجهة الحاجزة، ومن ثم فـإن الشروع الفوري في إيقاع الحجـز الإداري على أموال المحجوز عليه المنقولة دون إمهاله مدة لسداد دينه، إنما يُعسر - في غالب الأحوال - على المديـن النأي بماله عن إيقاع الحجز عليه، وتدبير شئونه الخاصة ليتمكن من الوفاء بدينه، حتى يُرفع الحجز عنه رضاءً أو قضاءً، مما مؤداه أن النص المطعون فيه وقد قرن إعلان التنبيه بالأداء، وإنذار الحجز، بالشروع في توقيع الحجز، يكون متصادمًا مع الغاية من تقرير هذا الإعلان، والأهداف المبتغاة منه، كما يجاوز ما يتوخاه قانون الحجز الإداري من تقرير حقوق للجهات العامة تحصل بموجبها على مستحقاتهـا بصورة استثنائية، بما تقتضيه من أن يكون نطاق تطبيقها متصلاً بتسيير جهة الإدارة لمرافقها، إلى مجال لا يُعتد فيه بضرورة موازنة هذه الحقوق بالحماية التشريعية التي ينبغي كفالتها للمدين المحجوز عليه، ومن ثم تكون عبارة "ويشرع فورًا في توقيع الحجز" الواردة بعجز النص المطعون فيه، قد أخلت بمبدأي سيادة القانون، وخضوع الدولة للقانون، بالمخالفة لنص المادة (94) من الدستور.
      وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - رددته الدساتير المصرية جميعها، بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها، وأساسًا للعدل والسلام الاجتماعي، غايته صون الحقوق والحريات في مواجهة صور التمييز التي تنال منها، أو تقيد ممارستها، وباعتباره وسيلة لتقرير الحقوق المتكافئة للحقوق جميعها، إلا أن مجال إعماله لا يقتصر على ما كفله الدستور من حريات وحقوق وواجبات، بل يمتد - فوق ذلك - إلى تلك التي يقررها التشريع. وإذا كانت صور التمييز المجافية للدستور يتعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور أو القانون، سواء بإنكار أصل وجودها أو تعطيل أو انتقاص آثارها، بما يحول دون مباشرتها على قدم من المساواة الكاملة بين المؤهلين قانونًا للانتفاع بها.
      وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن مناط دستورية أي تنظيم تشريعي ألا تنفصل نصوصه أو تتخلف عن أهدافها، ومن ثم فإذا قام التماثل في المراكز القانونية التي تنتظم بعض فئات المواطنين، وتساووا بالتالي في العناصر التي تكونها، استوجــــب ذلك وحـدة القاعـدة القانونية التي ينبغي أن تنتظمهم، ولازم ذلك، أن المشرع عليه أن يتدخل دومًا بأدواته لتحقيق المساواة بين ذوى المراكز القانونية المتماثلة، أو لمداركة ما فاته في هذا الشأن.
      وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد استقر على أن حق الدفاع غدا غائرًا في وجدان البشر، مرتبطًا بالقيم التي تؤمن بها الأمم المتحضرة، مؤكدًا مبدأ الخضوع للقانون، ناهيًّا عن التسلط والتحامل، مفرزًا إرادة الاختيار، مبلورًا الدور الاجتماعي للسلطة القضائية في مجال تأمينها للحقوق على اختلافها، واقعًا في إطار الأسس الجوهرية للحرية المنظمة، نائيًّا عن أن يكون ترفًا عقيمًا أو سرفًا زائدًا، قائمًا كضرورة تفرض نفسها ليبطل كل تنظيم تشريعي على خلافها، فلا يكون القبول بها رمزيًّا، بل فاعلاً ومؤثرًا، تغليبًا لحقائقها الموضوعية على أهدابها الشكلية، إنفاذًا لمحتواها، وتقيدًا بأهدافها، فلا ينازع أحد في ثبوتها أو يحجبها.

      وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان نص الفقرة الثانية من المادة (7) من قانون الحجز الإداري السالف الإشارة، وقد اعتبر أن تعليق نسخة من محضر الحجز الإداري على المنقول، الذى يرفض المدين أو من يجيب عنه التوقيع عليه، على باب المركز أو القسم أو المأمورية أو على باب دار العمدة أو الشيخ الذى يقع الحجز في دائرته، إجراء يقوم مقام الإعلان، ممايزًا بذلك بينه وبين المحجوز على منقوله حجزًا إداريًّا بطريق حجز ما للمدين لدى الغير، بمقتضى نص المادة (28) من قانون الحجز الإداري، الذى يكون إعلانه بصورة من محضر الحجز بواسطة ورقة من أوراق المحضرين، تعلن وفقًا للقواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية، طبقًا لنص الفقرة الثالثة من المادة (29) من قانون الحجز الإداري، وعلى نحو ما جرى به قرار التفسير الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 4 يناير سنة 1992 في الطلب المقيد برقم 11 لسنة 13 قضائية "تفسير"، وذلك على الرغم من وحدة عناصر المركز القانوني للمحجوز على منقوله حجزًا إداريًّا، سواء وقع بطريق حجز المنقول، أو حجز منقول المدين لدى الغير، بالنظر إلى تماثل عناصر المركز القانوني لكليهما، بدءًا من صفة الجهة الحاجزة، ومرورًا بطبيعة الدين المحجوز لأجله، وانتهاء بنوع المال المحجوز عليه في طريقي الحجز المذكوريـن، ومن ثم فإن عبارة "ويقوم هذا الإجراء مقام الإعلان" الواردة بعجز الفقـرة الثانية من المادة (7) المشار إليها، تكون متضمنة تمييزًا تحكميًّا لا يستند إلى أسس موضوعية تبرره، وتغدو بذلك مصادمة لمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادتين (4، 53) من الدستور.
      وحيث إن اعتبار النص المطعون فيه تعليق نسخة من محضر الحجز في الأماكن التي أوردها إجراء يقوم مقام إعلان المحجوز على منقولة في حال رفضه، أو من يجيب عنه، التوقيع على التنبيه بالأداء والإنذار بالحجز ومحضر الحجز، فإنه بذلك يفترض أن مواجهة المحجوز عليه أو من يجيب عنه بالتنبيه بالأداء والإنذار بالحجز تُحقق علمه بالجهة الحاجزة، وأساس المديونية المحجوز لأجلها، ومقدارها، والمنقولات التي وُقع الحجز عليها، والمكان والزمان المحددين لبيعها، والجهة التي آلت إليها نسخة محضر الحجز، وكان محضر الحجز إنما يعادل السند التنفيذي، بما يوجب إعلانه لشخص المدين، أو في موطنه الأصلي، ليتحقق بذلك علمه اليقيني أو الحكمي بالبيانات الجوهرية للحجز الموقع عليه، وكانت الغاية من إعلان المحجوز عليه بمحضر الحجز الذى رفض المدين، أو من يجيب عنه، التوقيع عليه، لا يحققها التنظيم القانوني الذى تضمنه النص المطعون فيه، ولا تدركها الوسيلة التي اعتبرها تقوم مقام الإعلان، بمراعاة جسامة الأثر المترتب على رفض التوقيع على محضر حجز المنقول، إذ لا يحول ذلك الرفض دون تعيين المحجوز عليه حارسًا على الأشياء المحجوزة عملاً بنص المادة (11) من قانون الحجز الإداري، وما قد يستتبعه تعيين المحجوز عليه حارسًا على المنقول، من وقوعه تحت وطأة الاتهام بتبديد المنقول المحجوز، في أحوال عدم تقديمه للتنفيذ عليه في المكان والزمان المحددين لبيعه، دون ثبوت علمه اليقيني أو الحكمي بالبيانات الجوهرية لمحضر الحجـز على ما ســلف بيانه، ومن ثم تغدو عبارة "ويقوم هذا الإجراء مقام الإعلان" التي تضمنها عجز النص المطعون فيه، مصادمة للحق في الدفاع، بالمخالفة لنص المادة (98) من الدستور.
فلهذه الأسباب
      حكمت المحكمة بعدم دستورية عبارة "ويشرع فورًا في توقيع الحجز" المنصوص عليها في عجز الفقرة الأولى من المادة (4) من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري، وعبارة "ويقوم هذا الإجراء مقام الإعلان" الواردة بعجز الفقرة الثانية من المادة (7) من القانون ذاته، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.