الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 12 مايو 2019

دستورية فرض دمغة طبية على الأدوية البشرية والبيطرية والأسنان والمبيدات الحشرية المنزلية ومستحضرات التجميل


الدعوى رقم 26 لسنة 31 ق "دستورية" جلسة 6 / 4 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من أبريل سنة 2019م، الموافق الثلاثين من رجب سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمــد خيرى طه النجار وسعيد مرعى عمرو ورجب عبدالحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى:
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 26 لسنة 31 قضائية "دستورية"
المقامة من
شركة الكمال للاستيراد والتسويق
ضد
1- رئيس الجمهوريـة
2- رئيس مجلس النـواب
3- رئيس مجلس الــوزراء
4- وزيـر العــدل
5- رئيس مجلس اتحاد نقابات المهن الطبية
الإجراءات
بتاريخ السابع من فبراير سنة 2009، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بعدم دستورية نص الفقرة (3) من المادة (12) من القانون رقم 13 لسنة 1983 بشأن اتحاد نقابات المهن الطبية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها. كما قدم رئيس اتحاد نقابات المهن الطبية مذكرة، طلب فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة بجلسة 2/3/2019، إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، مع التصريح بإيداع مذكرات في أسبوع ، وفى الأجل المشار إليه، أودع المدعى عليه الخامس مذكرة، طلب فيها الحكم برفض الدعوى.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
 حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن الشركة المدعية أقامت الدعوى رقم 6368 لسنة 2008 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية "الدائرة 23 مدنى" ضد المدعى عليه الخامس طلبًا للحكم بإلزامه بصفته، بأن يدفع لها مبلغ (3813598,51) جنيهًا والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ إقامة الدعوى في 24/11/2008، واحتياطيًّا، التصريح لها بإقامة الدعوى الدستورية طعنًا على نص المادة (12) من القانون رقم 13 لسنة 1983 بشأن اتحاد نقابات المهن الطبية، وذلك على سند من أن الشركة المدعية استوردت أدوية بيطرية من الخارج، استحق عليها ضريبة دمغة لصالح المدعى عليه الخامس، استنادًا لنص المادة (12) من القانون المار ذكره، وأن هذه الفريضة المالية تخصص لصالح المدعى عليه الخامس دون أن تدخل في الموازنة العامة للدولة، ودون أن تؤدى خدمة مقابلها، تستحق عليها هذه المبالغ كرسم، بما يوقعها في حمأة مخالفة نصوص المواد (61، 115، 116، 119، 120) من دستور سنة 1971، وإذ قدرت تلك المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للشركة المدعية بإقامة الدعوى الدستورية، أقامت الدعوى المعروضة.
وحيث إن المادة (12) من القانون رقم 13 لسنة 1983 بشأن اتحاد نقابات المهن الطبية تنص على أن "حُددت قيمة الدمغة الطبية طبقًا للجدول المرفق بهذا القانون". وحدد نص البند (ثالثًا) من الجـدول الملحق بالقانون، بعـد استبداله بالقانون رقم 24 لسنة 1994، فئات الدمغة الطبية التي يتحملها المستورد، بمقدار "اثنين في المائة من ثمن بيع المستحضر من الأدوية البشرية والبيطرية ومستحضرات طب الأسنان والمبيدات الحشرية المنزلية ومستحضرات التجميل، وذلك فيما عدا ما يستورده قطاع الأعمال من أدوية مدعمة يصدر بتحديدها قرار من وزير الصحة .........".
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى قِبلَ الجدول المرفق بالقانون الذى يحدد قيم الفريضة المالية المتنازع بشأنها لعدم اتصاله بالمحكمة الدستورية العليا بالطريق الذى رسمه القانون دفعًا وتصريحًا أمام محكمة الموضوع، لاقتصار تصريحها على نص المادة (12) من القانون رقم 13 لسنة 1983 بشأن اتحاد نقابات المهن الطبية، فإنه مردود بأنه لما كان الدفع قد اتصل صحيحا بنص المادة (12) من القانون المار ذكره، وكان هذا النص يحيل صراحة إلى هذا الجدول في بيان أحكام وقيم هذه الفريضة المالية، فإنه يكون مطروحًا على هذه المحكمة بحكم اللزوم العقلي، ويضحى هذا الدفع جديرًا بالرفض. إذ كان ذلك، وكانت الشركة المدعية قد أشارت في صحيفة دعواها إلى طلب الحكم بعدم دستورية الفقرة (3) من المادة (12) المشار إليها، وكانت هذه المادة تتكون من فقرة واحدة، وكان البند (ثالثًا) من الجدول المرفق بذلك القانون، قد نص على تعيين مقدار الفريضة المالية التي يتحملها المستورد، ومن ثم فإن حقيقة مراده هو الطعن على نص المادة (12) من القانون المار ذكره، وما فصله البند (ثالثًا) من الجدول المرفق لأحكام هذه الفريضة المالية.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهي شرط لقبول الدعـوى الدستورية، مناطها- على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي يتعلق بطلب الشركة المدعية إلزام المدعى عليه الخامس، بدفع قيمة رسم الدمغة الطبية المسددة منها عن قيمة بيع أدوية بيطرية قامت باستيرادها، وكان نص المادة (12) من القانون السالف الذكر هو الذى أوجب استحقاق هذه الدمغة، وأحال في شأن تحديد مقدار هذه الفريضة المالية إلى الجدول المرفق بالقانون، والذى نص في البند (ثالثًا) على تقدير قيمتها بنسبة 2% من ثمن بيع الأدوية البيطرية، ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون متحققة في الدعوى المعروضة، ويتحدد نطاقها في الطعن على نص المادة (12) من القانون المار ذكره، والبند (ثالثًا) من الجدول المرفق به بعد استبداله بالقانون رقم 24 لسنة 1994 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 13 لسنة 1983 المشار إليه، فيما تضمنه من النص على استحقاق دمغة طبية بنسبة 2% من ثمن بيع المستحضرات من الأدوية البيطرية المستوردة، دون سواه من أحكام وردت بالنصين المشار إليهما.
وحيث إن الشركة المدعية تنعى على النصين المطعون فيهما - في حدود النطاق المتقدم - مخالفة نصوص المواد (61، 115، 116، 119، 120) من دستور سنة 1971، بقالة إن الفريضة المالية المقررة بهما، تُعد ضريبة وليست رسمًا، بالنظر لاستحقاقها بدون مقابل لخدمة تؤديها الجهة المفروضة لصالحها، وإذ كانت حصيلة هذه الضريبة لا تدخل في الموازنة العامة للدولة، ولا تُعرض على السلطة التشريعية كأحـد موارد تلك الموازنة، لتتولى هي توزيعها، مستهدفة بذلك تحقيق الصالح العام، فإنهـا تكون، تبعًا لذلك، قد خالفت أحكام الدستور.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم، دون غيره، إذ إن هذه الرقابة، إنما تستهدف أصـلًا، صـون الدستور المعمـول به، وحمايته من الخـروج على أحكامه، وأن نصوص هذا الدستور، تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام، التي يتعين التزامها، ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. وعلى ذلك، فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النصين موضوع هذه الدعوى، اللذين ما زالا معمولًا بهما مـن حيث الموضوع، استنادا إلى أحكام الدستور الصادر بتاريخ 18/1/2014، باعتباره الوثيقة الدستورية السارية.
وحيث إن من المقرر- على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا من المكلفين بأدائها، إسهامًا من جهتهم في أعبائها وتكاليفها العامة، وهم يدفعونها لها بصفة نهائية، دون أن يعود عليهم نفع خاص من وراء التحمل بها، فلا تقابلها خدمة محددة بذاتها، يكون الشخص العام قد بذلها من أجلهم، وعاد عليهم مردودها. ومن ثم كان فرضها مرتبطًا بمقدرتهم التكليفية، ولا شأن لها بما آل إليهم من فائدة بمناسبتها، وإلا كان ذلك خلطًا بينها وبين الرسم، إذ يستحق مقابلاً لنشاط خاص أتاه الشخص العام- وعوضًا عن تكلفته- وإن لم يكن بمقدارها. متى كان ذلك، وكانت الفريضة المالية المفروضة بمقتضى نص المادة (12) من القانون رقم 13 لسنة 1983 بشأن اتحاد نقابات المهن الطبية على ثمن بيع الأدوية البيطرية المستوردة، لا تقابلها خدمة فعلية، بذلها الاتحاد لمن يتحملون بها، فإنها تنحل إلى ضريبة من الناحية القانونية.
وحيث إنه عما نعت به الشركة المدعية، من أن هذه الفريضة المالية بحسبانها مخصصة لصالح اتحاد نقابات المهن الطبية الذى يمثله المدعى عليه الخامس، دون أن تؤدى خدمة مقابلها، فإنها تعد ضريبة لا تدخل في الموازنة العامة للدولة، ومن ثم تخالف أحكام الدستور، فإنه غير سديد، ذلك أن مؤدى عجز نص الفقرة الرابعة من المادة (38) من الدستور من أن "يحدد القانون طـرق وأدوات تحصيل الضرائب، والرسوم، وأى متحصلات سيادية أخرى، وما يودع منها في الخزانة العامة للدولة"، أن الدستور وإن كان قد أوجب أصلا عامًا يقتضى أن تصب حصيلة الضرائب العامة وغيرها من الإيرادات العامة للدولة في الخزانة العامة للدولة، لتتولى تحديد مصارفها تحت رقابة المؤسسة التشريعية، بقصد تحقيق الصالح العام، على ما نصت عليه المادة (124) من الدستور، بيد أن ما يستفاد من هذا النص بدلالة المخالفة - وعلى ما أفصحت عنه مناقشات لجنة الخمسين التي أعدت مشروع الدستور - أن مقتضى هذا النص، أن الدستور قد أجاز للمشرع، على سبيل الاستثناء، وفي أضيق الحدود، أن يحدد ما لا يودع من حصيلة الموارد المالية في الخزانة العامة، ليكون إعمال هذه الرخصة – بحسبانها استثناء من الأصل العام- أداته القانون، وفى حدود تنضبط بضوابط الدستور، فلا يصح هذا التخصيص إلا إذا كان الدستور ذاته قد نص في صلبه على تكليف تشريعي صريح ذي طبيعة مالية، قدَّر لزوم وفاء المشرع به، وأن يتصل هذا التكليف بمصلحة جوهرية أولاها الدستور عناية خاصة، وجعل منها أحد أهدافه، وأن يقدر المشرع، استنادًا إلى أسباب جدية، صعوبة تخصيص هذا المورد من الموازنة العامة في ظل أعبائها. فمتى استقام الأمر على هذا النحو، جاز للمشرع تخصيص أحد الموارد العامة إلى هذا المصرف تدبيرًا له، إعمالاً لأحكام الدستور، وتفعيلاً لمراميه.
متى كان ذلك، وكان الدستور قد اتخذ من تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سبل التكافل الاجتماعي أحد أهم ركائزه الأساسية، قاصدًا من ذلك، وعلى ما أفصحت عنه المادة (8) ضمان الحياة الكريمة لجميع المواطنين، وقد ناط الدستور بالقانون تنظيم القواعد التي تحقق هذا الهدف، وألزمت المادة (17) الدولة بتوفير خدمات التأمين الاجتماعي، بما يضمن لكل مواطن حياة كريمــــة، هو وأسرته، كما عُنى الدستور في المادة (18) بضمان توفير الرعاية الصحية لكل مواطن، وفقًا لمعايير الجودة، بحسبانها العمود الفقري للحياة الكريمة للإنسان، فأقر ذلك حقا لكل مواطن، يستوجب التزام الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي على الصحة لا يقل عن 3 % من إجمالي الناتج القومي، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وإذ كان ذلك محور اهتمام الدستور ومبتغاه، فقد أفصح الدستور عن المفترض الرئيسي لضمان بلوغ هذا الهدف، بإلقائه التزامًا على الدولة بتحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض والعاملين في القطاع الصحي، قاصدًا من ذلك توفير الدعائم الأساسية لتحقيق هذا الهدف. وهكذا فقد بات تحسين أوضاعهم أحد التزامات الدولة التي ألقاها الدستور على عاتق المشرع، وسائر أجهزة الدولة، كلٍ في حدود اختصاصه.
لما كان ذلك، وكان الدستور قد اتخذ من النظام الضريبى وسيلة لتحقيق أهدافه، فنص في المادة (38) على تعيين تلك الأهداف بتنمية موارد الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية، وكان تحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض، أحد الالتزامات الملقاة على الدولة بكل مؤسساتها، التي يدخل ضمنها توفير الرعاية الصحية والمعاشات التي تؤمن حياتهم في حاضرها ومستقبلها. ومن ثم فإن هذا الواجب يعد من التكليفات الرئيسة التي يتعين على المشرع القيام عليها والوفاء بها.
وحيث إنه لما كان ذلك، وكان المشرع قـد خصص بموجب النص المطعون فيه، والبند (ثالثًا) من الجدول المرفق بالقانون– في حدود النطاق المحدد سلفًا- موردًا ماليًّا خصصه لصندوق إعانات ومعاشات اتحاد نقابات المهن الطبية، الذى يضم النقابــــات الطبية الأربع: نقابة الأطباء، وأطباء الأسـنان، والأطباء البيطريين، والصيادلة، وهو اتحاد أنشئ بموجب القانون المطعون عليه كاتحاد نقابى وفق أحكام المادة (76) من الدستور، الذى جعل الدستور من بين أهدافه الدفاع عن حقوق أعضائه وحماية مصالحهم، وكانت هذه النقابات الأربع هي نقابات مهنية تقوم كل منها على مهنة من المهن الطبية، وتُعد من أشخاص القانون العام، وتتمتع بالحماية المقررة في المادة (77) من الدستور، وكان وقف المشرع لحصيلة هذه الضريبة على هذا الاتحاد تلبية لهذا الغرض، دون أيلولتها إلى خزانة الدولة، بقصد تحسين أوضاع أعضاء النقابات الأربع على اختلاف تخصصاتهم، ليكون معينا لهم على توفير الحياة الكريمة، والحفاظ على الحد الأدنى للرعاية الصحية اللائقة بهم، وتحقيقًا لمقتضيات التكافل والتضامن الاجتماعي من توفير الخدمات اللازمة من معاشات ورعاية اجتماعية في أحوال العجز، وهم عماد القطاع الرئيس الذى يقوم على توفير الخدمات الصحية للمجتمع بأسره، وكان هذا التخصيص قد تم بالأداة التي عينها الدستور وهى القانون، وبهدف توفير مورد يكفل لهم هذه الخدمات، التي تُعد كفالتها واجبًا والتزامًا على الدولة، غايته تحقيق مصلحة جوهرية أولاها الدستور اهتمامه وعنايته، فإن هذا التخصيص على هذا النحو يكون قد وافق الغايات الصريحة للدستور، وتوافـق وعموم أحكامه الضريبية، جبايةً وتخصيصًا.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن اختيار المشرع للمال محل الضريبة هو مما يخضع لسلطته التقديرية، وفق الشروط التي يقدر معها واقعية الضريبة وعدالتها بما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور، وكان النصان المطعون فيهما قد تضمنا تحديد وعاء الضريبة المفروضة على نحو قاطع لا لبس فيه ، متخذين من ثمن بيع الأدوية البيطرية المستوردة - في حدود النطاق المتقدم – وعاء لها، وكان المشرع قد حدد سعر هذه الضريبة بنسبة 2% من ثمن بيع تلك الأدوية، وهى نسبة معتدلة لا تخل بقواعد العدالة الضريبية، ولا ترهق المكلفين بها، ومن ثم فإن هذه الضريبة تكون قد استوفت شرائطها الموضوعية، من حيث اختيار المال الخاضع للضريبة، ووضوح التكليف بها وتحديده، وعدالة سعرها.
وحيث إن المشرع قد نظَّم بموجب أحكام هذا القانون قواعد تحصيل هذه الأموال وجبايتها، كما فصَّل قواعد صرفها، ضمانًا لإنفاقها في الأغراض التي خُصصت لها، إعمالاً لمقتضى نص المادة (126) من الدستور، فضلاً عن أنها تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات وفقا لأحكام قانون الجهاز المركزي للمحاسبات الصادر بالقانون رقم 144 لسنة 1988، ومن ثم فإن النص المطعون فيه، يكون قد وافق أحكام الدستور الحاكمة لفرض الضرائب إجرائيًّا وموضوعيًّا.
وحيث إن النصين المطعون فيهما لم يخالفا أى حكم آخـر في الدستور، فمن ثم يتعين القضاء برفض هذه الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

دستورية إغفال عقوبة الدية في م 238، 244عقوبات لعدم تعديلهما بعد عام 1980

الدعوى رقم 52 لسنة 38 ق "دستورية" جلسة 2 / 3 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى من مارس سنة 2019م، الموافق الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمرو، ورجب عبد الحكيم سليم، والدكتور حمدان حسن فهمى، وحاتم حمد بجاتو، والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى:
 في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 52 لسنة 38 قضائية "دستورية".
المقامة من
لطفى محمود بدوى أحمد
ضد
1- رئيس الجمهوريــة
2- رئيس مجلس النواب
3- رئيس مجلس الوزراء
4- النـائب العــام
5- رئيس محكمة الجنح المستأنفة – دائرة جنح مستأنف السنبلاوين.
الإجراءات
بتاريخ الثالث عشر من أبريل سنة 2016، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية المادتين (238 ، 244) من قانون العقوبات.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمــة
 بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعى بأنه - بدائرة مركز السنبلاوين: 1- تسبب خطأ في وفاة كل من: محمد السعيد عوض الله، وفتوح مصطفى محمد، والباز أحمد المصرى، وكان ذلك ناشئًا عن إهماله ورعونته وعدم إحترازه وعدم مراعاته للقوانين واللوائح، بأن قاد سيارته بطريقة ينجم عنها الخطر، فأحدث وفاة المجنى عليهم على النحو المبين بالأوراق، وقد نكل وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليهم الجريمة. 2- تسبب خطأ في إصابة كل من: محمود عزت أحمد فرج، أحمد أحمد حسن، وأحمد عزت إبراهيم، وجيهان صلاح عوض، والطفل أحمد شحته على السيد، ومروة صلاح إبراهيم، وعبد الرحمن عبد الحميد على، وهو ما كان ناشئًا عن إهماله وعدم احترازه، وعدم مراعاته للقوانين واللوائح، بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر، فأحدث الإصابات التي لحقت بالمجنى عليهم، والموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة بالأوراق، وقد نكل وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليهم الجريمة. وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمادتين (238، 244) من قانون العقوبات، والمنطبق من مواد قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل بالقانون 210 لسنة 1980، 121 لسنة 2008، وقدمته للمحاكمة الجنائية في الجنحة رقم 20910 لسنة 2013 جنح السنبلاوين، وبجلسة 20/11/2014، حكمت المحكمة غيابيًّا بحبس المدعى خمس سنوات مع الشغل، وكفالة خمسة ألاف جنيه، وإحالة الدعاوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة. وإذ عارض المدعى في هذا الحكم، قُضى برفض المعارضة، فطعن على الحكم بالاستئناف رقم 854 لسنة 2016 جنح مستأنف السنبلاوين، وبجلسة 3/1/2016، قضت محكمة الجنح المستأنفة بسقوط الاستئناف. أقام المدعى معارضة استئنافية، وأثناء نظرها دفع بعدم دستورية المادتين (238، 244) من قانون العقوبات، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن المادة (238) من قانون العقوبات تنص على أن "من تسبب خطأ في موت شخص آخر بأن كان ذلك ناشئًا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائـــح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين وغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالاً جسيمًا بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطيًا مسكرًا أو مخدرًا عند ارتكابه الخطأ الذى نجم عنه الحادث أو نكل وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سبع سنين إذا نشأ عن الفعل وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص. فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على عشر سنين".
كما تنص المادة (244) من القانون ذاته على أن "من تسبب خطأ في جرح شخص أو إيذائه بأن كان ذلك ناشئًا عن إهماله أو رعونته أو عدم احتـرازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تجاوز مائتى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين وغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا نشأ عن الإصابة عاهة مستديمة أو إذا وقعت الجريمة نتيجـــــة إخلال الجاني إخلالاً جسيمًا بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطيًا مسكرًا أو مخدرًا عند ارتكابه الخطأ الذى نجم عنه الحادث أو نكل وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك.
وتكون العقوبة الحبس إذا نشأ عن الجريمة إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات".
وحيث إن من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المصلحة في الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها ارتباطها بصلة منطقية بالمصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة أمام محكمة الموضوع، وكان النزاع الموضوعي يدور حول اتهام المدعى بارتكاب جريمتي قتل لثلاثة أشخاص، وجرح لسبعة أشخاص، وذلك بطريق الخطأ، وهو الأمر المؤثم بنص كل من الفقرتين الأولى والثانية من المادة (238)، والفقرتين الأولى والثالثة من المادة (244) من قانون العقوبات، فإن المصلحة الشخصية المباشرة فيما جاوز هذه النصوص تكون منتفية، ذلك أن القضاء في دستوريتها لن يكون ذا أثر أو انعكاس على نطاق المسئولية الجنائية للمدعى المطروحة في الدعوى الموضوعية، وقضاء محكمة الموضوع فيها، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لها.
وحيث إن المدعى ينعى على النصوص الطعينة – محددة نطاقًا على نحو ما سلف – مخالفتها أحكام الشريعة الإسلامية المعتبرة المصدر الرئيسي للتشريع، على سند من أن العقوبة الشرعية المقررة لجريمتي القتل والإصابة الخطأ هي الدية، وليس الحبس كما جاء بالنصوص المطعون عليها، ومن ثم تكون هذه النصوص مخالفة لحكم المادة الثانية من الدستور.
وحيث إن نص المادة (238)، وكذا نص الفقرة الثالثة من المادة (244) من قانون العقوبات مازالا على وضعهما، دون أن يطرأ على أي منهما تعديل لاحق لتعديل نص المادة الثانية من الدستور الصادر سنة 1971 أو الدستور الحالي الصادر سنة 2014، وكانت هذه المحكمة قد سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المتعلقة بمدى اتفاق هذين النصين مع حكم المادة الثانية من الدستور، وأحكام الشريعة الإسلامية، وذلك بحكمها الصادر بجلسة 27/5/1989 في الدعوى رقم 150 لسنة 4 قضائية "دستورية"، والذى قضى برفض الدعوى، ونُشر الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 24 بتاريخ 15/6/1989، وتأسس على أن إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية، المصدر الرئيسي للتشريع – بعد تعديل المادة الثانية من الدستور في 22 مايو 1980 – لا ينصرف سوى إلى التشريعات التي تصدر بعد التاريخ الذى فرض فيه هذا الإلزام، بحيث إذا انطوى أي منها على ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية يكون قد وقع في حومة المخالفة الدستورية، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ فلا يتأتى إنفاذ حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها لصدورها قبل العمل به، كما حسمت هذه المحكمة المسألة الدستورية المتعلقة بنص الفقرة الأولى من المادة (244) من قانون العقوبات، المعدل بالقانون رقم 29 لسنة 1982 بشأن تعديل بعض أحكام قانون العقوبات، وقانون الإجراءات الجنائية، وذلك بحكهما الصادر بجلسة 7/7/2002، في الدعوى رقم 19 لسنة 17 قضائية "دستورية". والذى قضى برفض الدعوى. وقد نُشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بعددها 29 تابع "ب" بتاريخ 18/7/2002، وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور، والمادتين (48 ،49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تكون أحكام هذه المحكمة وقراراتها ملزمة للكافة، وجميع سلطات الدولة، وتكون لها حجية مطلقة بالنسبة لهم، باعتبارها قولاً فصلاً في المسالة الدستورية التي فصل فيها، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها أو إعادة طرحها عليها من جديد لمراجعتها، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى المعروضة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 4292 لسنة 4 ق جلسة 17 / 4 / 2014 مكتب فني 65 ق 31 ص 295

جلسة 17  من إبريل سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / رضا القاضي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد محجوب ، أبو بكر البسيوني وأحمد حافظ نواب رئيس المحكمة وجمال عبد المنعم .
------------
(31)
الطعن 4292 لسنة 4 ق
وصف التهمة . نصب . غش . جريمة " أركانها " . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " نظرها الطعن والحكم فيه " . قوة الأمر المقضي . نيابة عامة . دعوى جنائية " تحريكها " .
مناط التمييز بين جريمتي النصب وغش البضاعة المُتَعَاقَد عليها ؟
تعديل المحكمة قيد ووصف التهمة المسندة للطاعن من نصب إلى غش البضاعة المُتَعَاقَد عليها . تعديل في التهمة ذاتها بإسناد واقعة جديدة للمتهم لم تكن واردة بأمر الإحالة . لا تملكه المحكمة من تلقاء نفسها . ولو كانت عناصرها ماثلة في الأوراق . قضاؤها بإدانته على أساس الوصف الأخير . خطأ في تطبيق القانون . يوجب نقضه والقضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية . دون أن يحوز هذا الحكم حجية في حق النيابة العامة في رفع الدعوى عن التهمة الأخيرة . علة ذلك ؟
مثال .                            
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان البين من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة رفعت الدعوى على المطعون ضده لأنه توصل إلى الاستيلاء على المبلغ النقدي المملوك للمجني عليه / .... ، وكان ذلك عن طريق وسائل احتيالية ، وطلبت معاقبته بالمادة 336 من قانون العقوبات ، ومحكمة جنح .... قضت في الدعوى بالإدانة استناد إلى المادة 336 فاستأنف المتهم وقضت محكمة الجنح المستأنفة غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصاريف ثم عارض ومحكمة جنح المعارضة الاستئنافية قضت بقبول المعارضة الاستئنافية شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه والقضاء مجدداً بتغريم المتهم ما يعـــادل قيمة البضاعة المتعاقد عليها البالغة ثلاثمائة وخمسة عشر ألف دولار أمريكي وذلك بالعملة المصرية ونشر الحكم في جريدتي الأخبار والأهرام على نفقة المتهم وعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها من غير ذي صفة وألزمت المتهم بالمصاريف الجنائية ، وذلك بعد تعديل القيد والوصف من نصب إلى خدع الشركة المجني عليها - شركة .... - في ذاتية وطبيعة الصفات الجوهرية المتعاقد عليها بأن تعاقد على توريد سبائك بنسبة 99 % نحاس وسلمها بضائع غير التي قام بالتعاقد عليها ، وعاقبته بالمواد 1/1 ، 2 ، 7 ، 8 من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقوانين 80 لسنة 1961 ، 106 لسنة 1980 ، 281 لسنة 1994 . لما كان ذلك ، وكان هذا التعديل ينطوي على نسبة تعمد الغش في السلعة محل التعاقد من سبيكة نحاسية نسبة النحاس بها تصل إلى 99 % إلى سبيكة حديد مخلوط بنحاس بنسبة الأخير منها 1,3 % ، وتتميز تلك الجريمة بأركانها وعناصرها عن جريمة الاحتيال من أجل الحصول على مال المجني عليه التي رفعت بها الدعوى لأن الفارق بينهما أن الحصول على المال في جريمة النصب يحصل تحت تأثير ما يرتكبه الجاني من وسائل احتيالية تدفع المجني عليه إلى تسليمه إياه أما جريمة الغش فهي تتضمن تغيراً في طبيعة البضاعة المتعاقد عليها أو في عناصر تكوينها أو في المواصفات الخاصة بها ، ومن ثم فإن ما أجرته محكمة الجنح المستأنفة أثناء نظر الطعن استئنافياً من تعديل في قيد ووصف التهمة - على النحو المار ذكره - ليس مجرد تغير وصف الأفعال المسندة إلى الطاعن في ورقة التكليف بالحضور مما تملك المحكمة إجراءه بغير تعديل في التهمة عملاً بنص المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية إنما هو تعديل في التهمة ذاتها يشتمل على إسناد واقعة جديدة للمتهم لم تكن واردة في أمر الإحالة ، وهي واقعة غش البضاعة المتعاقد عليها بتغير في طبيعتها وتكوينها وقضت في الدعوى على أساس الوصف الجديد بحسبانها محكمة الدرجة الثانية وهي تهمة لم توجه إلى المتهم طبقاً للمادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية وتختلف اختلافاً كلياً عن الواقعة التي رفعت بها الدعوى في العناصر المكونة لها ، وهو ما لا تملكه المحكمة ، ذلك أن المحكمة لا تملك من تلقاء نفسها أن تُقيم الدعوى الجنائية بهذه التهمة الجديدة ، ولو كانت عناصرها ماثلة في الأوراق أو أن تحاكم الطاعن عنها . لما كان ما تقدم ، فإن محكمة الدرجة الثانية إذ قضت في الدعوى - على النحو المار ذكره - تكون قد أخطأت في تطبيق القانون ، مما يتعين معه نقض الحكم المطعـون فيه ، والقضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية ، دون أن يكون لهذا الحكم حجية في شأن حق النيابة العامة إذا شاءت أن ترفع الدعوى من جديد عن التهمة الأخيرة - الغش في التعاقد - لأن هذا الحكم لا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة إليها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة خداع المتعاقدين معه في ذاتية ومواصفات البضاعة المتعاقد عليها قد أخطأ في تطبيق القانون وأخل بحقه في الدفاع ، ذلك بأن محكمة ثاني درجة عدلت قيد ووصف التهمة المرفوعة بها الدعوى من نصب المؤثم بالمادة 336 من قانون العقوبات إلى جريمة خداع المتعاقدين معه في ذاتية البضاعة المتعاقد عليها ومواصفاتها الجوهرية وهو ما لا يجوز لها ، فضلاً عن تفويت درجة من درجات التقاضي بالنسبة للجريمة التي دانته عنها محكمة الجنح المستأنفة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة رفعت الدعوى على المطعون ضده لأنه توصل إلى الاستيلاء على المبلغ النقدي المملوك للمجني عليه / ... ، وكان ذلك عن طريق وسائل احتيالية ، وطلبت معاقبته بالمادة 336 من قانون العقوبات ، ومحكمة جنح ... قضت في الدعوى بالإدانة استناد إلى المادة 336 فاستأنف المتهم وقضت محكمة الجنح المستأنفة غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصاريف ثم عارض ومحكمة جنح المعارضة الاستئنافية قضت بقبول المعارضة الاستئنافية شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه والقضاء مجدداً بتغريم المتهم ما يعادل قيمة البضاعة المتعاقد عليها البالغة ثلاثمائة وخمسة عشر ألف دولار أمريكي وذلك بالعملة المصرية ونشر الحكم في جريدتي الأخبار والأهرام على نفقة المتهم وعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها من غير ذي صفة وألزمت المتهم بالمصاريف الجنائية ، وذلك بعد تعديل القيد والوصف من نصب إلى خدع الشركة المجني عليها - شركة .... - في ذاتية وطبيعة الصفات الجوهرية المتعاقد عليها بأن تعاقد على توريد سبائك بنسبة 99 % نحاس وسلمها بضائع غير التي قام بالتعاقد عليها ، وعاقبته بالمواد 1/1 ، 2 ، 7 ، 8 من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقوانين 80 لسنة 1961 ، 106 لسنة 1980 ، 281 لسنة 1994 . لما كان ذلك ، وكان هذا التعديل ينطوي على نسبة تعمد الغش في السلعة محل التعاقد من سبيكة نحاسية نسبة النحاس بها تصل إلى 99 % إلى سبيكة حديد مخلوط بنحاس بنسبة الأخير منها 1,3 % ، وتتميز تلك الجريمة بأركانها وعناصرها عن جريمة الاحتيال من أجل الحصول على مال المجني عليه التي رفعت بها الدعوى لأن الفارق بينهما أن الحصول على المال في جريمة النصب يحصل تحت تأثير ما يرتكبه الجاني من وسائل احتيالية تدفع المجني عليه إلى تسليمه إياه أما جريمة الغش فهي تتضمن تغيراً في طبيعة البضاعة المتعاقد عليها أو في عناصر تكوينها أو في المواصفات الخاصة بها ، ومن ثم فإن ما أجرته محكمة الجنح المستأنفة أثناء نظر الطعن استئنافياً من تعديل في قيد ووصف التهمة - على النحو المار ذكره - ليس مجرد تغير وصف الأفعال المسندة إلى الطاعن في ورقة التكليف بالحضور مما تملك المحكمة إجراءه بغير تعديل في التهمة عملاً بنص المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية إنما هو تعديل في التهمة ذاتها يشتمل على إسناد واقعة جديدة للمتهم لم تكن واردة في أمر الإحالة ، وهي واقعة غش البضاعة المتعاقد عليها بتغير في طبيعتها وتكوينها وقضت في الدعوى على أساس الوصف الجديد بحسبانها محكمة الدرجة الثانية وهي تهمة لم توجه إلى المتهم طبقاً للمادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية وتختلف اختلافاً كلياً عن الواقعة التي رفعت بها الدعوى في العناصر المكونة لها ، وهو ما لا تملكه المحكمة ، ذلك أن المحكمة لا تملك من تلقاء نفسها أن تُقيم الدعوى الجنائية بهذه التهمة الجديدة ، ولو كانت عناصرها ماثلة في الأوراق أو أن تحاكم الطاعن عنها . لما كان ما تقدم ، فإن محكمة الدرجة الثانية إذ قضت في الدعوى - على النحو المار ذكره - تكون قد أخطأت في تطبيق القانون ، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه ، والقضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية ، دون أن يكون لهذا الحكم حجية في شأن حق النيابة العامة إذا شاءت أن ترفع الدعوى من جديد عن التهمة الأخيرة - الغش في التعاقد - لأن هذا الحكم لا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة إليها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 13853 لسنة 4 ق جلسة 15 / 4 / 2014 مكتب فني 65 ق 30 ص 291

جلسة 15  من إبريل سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / فتحي جودة عبد المقصود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عثمان متولي حسن ، محمد متولي عامر ، أحمد أحمد محمد خليل وإسماعيل إسماعيل خليل نواب رئيس المحكمة .
----------
(30)
الطعن 13853 لسنة 4 ق
(1) تبديد . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
دفاع الطاعن بعدم قبول دعوى التبديد لرفعها قبل الأوان . ظاهر البطلان . عدم التزام المحكمة بالرد عليه .
عدم التزام المحكمة بالرد على أوجه الدفاع الموضوعية . علة ذلك ؟
(2) إثبات " خبرة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
عدم التزام المحكمة بندب خبير . ما دامت ترى من الأدلة المقدمة في الدعوى ما يكفي للفصل فيها دون حاجة إلى ندبه .
(3) تبديد . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع حرية تكوين عقيدتها في حصول التبديد من أي عنصر من عناصر الدعوى .
استناد الحكم لأقوال المجني عليها وقائمة أعيان الجهاز المقدمة لإثبات استلام الطاعن لمنقولات الزوجية وحصول تبديده . صحيح .
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) عقوبة " وقف تنفيذها " . تعويض . دعوى مدنية . قانون " تفسيره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إيقاف تنفيذ العقوبة عند الحكم في جناية أو جنحة . مقصور على العقوبات الجنائية البحتة . دون غيرها من الجزاءات . ولو كان فيها معنى العقوبة . عدم جواز القضاء به في التعويضات . أساس ذلك ؟
النعي على الحكم المطعون فيه عدم قضائه بوقف تنفيذ ما قضى به من تعويض مدني . غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان لا ينال من سلامة الحكم المطعون فيه التفاته عن الرد على دفاع الطاعن بعدم قبول دعوى التبديد لرفعها قبل الأوان ، لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالرد على الدفاع ظاهر البطلان والبعيد عن محجة الصواب ، كما أنها لا تلتزم بالرد صراحة على أوجه الدفاع الموضوعية لأن الرد عليها مستفاد من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذ بها ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص غير سديد .
2- من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بندب خبير ، إذا هي رأت من الأدلة المقدمة في الدعوى ما يكفي للفصل فيها دون حاجة إلى ندبه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له .
3- من المقرر أن لمحكمة الموضوع مطلق الحرية في تكوين عقيدتها في حصول التبديد وأن تستدل على ذلك بأي عنصر من عناصر الدعوى ، فإن استناد الحكم المطعون فيه إلى أقوال المجني عليها وقائمة أعيان الجهاز المقدمة لإثبات استلام الطاعن لمنقولات الزوجية وحصول تبديده يكون سائغاً ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في شأن تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ، وهو ما لا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد .
4- من المقرر أن المادة 55 من قانون العقوبات حين نصت على جواز وقف تنفيذ العقوبة عند الحكم في جناية أو جنحة بالحبس أو الغرامة إنما عنت العقوبات الجنائية بالمعنى الحقيقي دون الجزاءات الأخرى التي لا تعتبر عقوبات بحتة حتى ولو كان فيها معنى العقوبة فهو إذن لا يجوز في التعويضات التي لا تعد عقوبات إذا المقصود منها جبر الضرر بأنواعه الواقع على المجني عليه أو المدعي بالحق المدني وإن بدا أنها تتضمن معنى العقوبة ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يقض بوقف تنفيذ ما قضى به من تعويض مدني يكون قد التزم صحيح القانون ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا محل له .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة تبديد منقولات الزوجية التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان لا ينال من سلامة الحكم المطعون فيه التفاته عن الرد على دفاع الطاعن بعدم قبول دعوى التبديد لرفعها قبل الأوان ، لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالرد على الدفاع ظاهر البطلان والبعيد عن محجة الصواب ، كما أنها لا تلتزم بالرد صراحة على أوجه الدفاع الموضوعية لأن الرد عليها مستفاد من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذ بها ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بندب خبير ، إذا هي رأت من الأدلة المقدمة في الدعوى ما يكفي للفصل فيها دون حاجة إلى ندبه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع مطلق الحرية في تكوين عقيدتها في حصول التبديد وأن تستدل على ذلك بأي عنصر من عناصر الدعوى ، فإن استناد الحكم المطعون فيه إلى أقوال المجني عليها وقائمة أعيان الجهاز المقدمة لإثبات استلام الطاعن لمنقولات الزوجية وحصول تبديده يكون سائغاً ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في شأن تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ، وهو ما لا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المادة 55 من قانون العقوبات حين نصت على جواز وقف تنفيذ العقوبة عند الحكم في جناية أو جنحة بالحبس أو الغرامة إنما عنت العقوبات الجنائية بالمعنى الحقيقي دون الجزاءات الأخرى التي لا تعتبر عقوبات بحتة حتى ولو كان فيها معنى العقوبة فهو إذن لا يجوز في التعويضات التي لا تعد عقوبات إذا المقصود منها جبر الضرر بأنواعه الواقع على المجني عليه أو المدعي بالحق المدني وإن بدا أنها تتضمن معنى العقوبة ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يقض بوقف تنفيذ ما قضى به من تعويض مدني يكون قد التزم صحيح القانون ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا محل له . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين التقرير بعدم قبوله موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 132 لسنة 78 ق جلسة 12 / 4 / 2014 مكتب فني 65 ق 28 ص 272

جلسة 12 من إبريل سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / عبد الفتاح حبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مصطفى محمد ، محمود عبد الحفيظ ، خالد الجندي وجمال حسن جودة نواب رئيس المحكمة .
------------
(28)
الطعن 132 لسنة 78 ق
(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
حكم الإدانة . بياناته ؟
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة . حد ذلك ؟
لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفي لتبرير اقتناعها بالأوراق . ما دامت قد اطمأنت إليها واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها .
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(2) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت تنصب على واقعة واحدة ولا يوجد بها خلاف .
(3) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها " .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وسلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على أدلة النفي . استفادته من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها .
(4) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات . موضوعي .
عدم التزام محكمة الموضوع بالرد على الطعون الموجهة لتقرير الخبير . ما دامت قد أخذت به . علة ذلك ؟
لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من تقرير الخبير ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة . ما دامت اطمأنت إليه واعتمدت عليه في تكوين عقيدتها . إغفالها الرجوع إلى محاضر أعمال تقارير لجنة الخبراء وما تقدم لها من مستندات ومذكرات . اعتباره اطراحاً لها .
(5) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إليه . غير مقبول .
مثال .
(6) الإخلال العمدي بتنفيذ عقد مقاولة . غرامة . عقوبة " العقوبة التكميلية " .
بيان الحكم مفردات الغرامة المقضي بها على الطاعن وأساس الحكم بها وفقاً للمادة 116 مكرر(ج) عقوبات . النعي عليه بخلاف ذلك . غير مقبول .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ولم يرسم شكلاً خاصاً أو طريقة معينة يصوغ فيها الحكم هذا البيان ، وأنه متى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في بيان الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفي لتبرير اقتناعها بالأوراق ما دامت اطمأنت إلى هذه الأدلة واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة عناصر الجريمة التي دين الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في بيان واقعة الدعوى وأدلة الثبوت التي استمد منها الحكم عقيدته لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
2- من المقرر أنه إذا كانت شهادة الشهود تنصب على واقعة واحدة ولا يوجد بها خلاف بشأن تلك الواقعة ، فلا بأس على الحكم إن هو أحال في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر تفادياً من التكرار الذي لا موجب له ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
3- لما كان ما يثيره الطاعن من التفات الحكم عن أوجه دفاعه المؤيدة بالمستندات لنفي مسئوليته في الإخلال العمدي لتنفيذ التزاماته التعاقدية ، فإن هذا حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه طالما أنه أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها .
4- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ، ما دامت قد أخذت بما جاء بها ، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها ، كما أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من تقرير الخبير ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ، وما دامت قد اطمأنت إلى ما أوردته منها واعتمدت عليه في تكوين عقيدتها ، فإن إغفالها الرجوع إلى محاضر أعمال تقارير لجنة الخبراء المرفق وما تقدم لها من مستندات ومذكرات يعتبر اطراحاً لها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا شأن لمحكمة النقض به .
5- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن ولئن أثار الدفع ببطلان تقرير لجنة الخبراء والاعتراض على أعمالهم الثابت من مذكرة مقدمة إليهم ، وقد رد الحكم رداً كافياً وسائغاً يتفق وصحيح القانون ، إلا أنه لم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء في هذا الخصوص ، ومن ثم فلا يصح له من بعد النعي عليها لقعودها عن إجراء لم يطلبه منها ولم تر هي من جانبها حاجة إليه ، ويضحى النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول .
6- لما كان الحكم المطعون فيه قد بين مفردات الغرامة المقضي بها على الطاعن وأساس الحكم بها ، وهي المبالغ المتمثلة في الأضرار التي لحقت بالجهة الإدارية نتيجة إخلال الطاعن عمداً بتنفيذ التزاماته بعقد المقاولة الخاص بأربعة عقود - خلافاً لما يزعمه الطاعن – وذلك وفقاً لما نصت عليه المادة 116 مكرر (ج) من أنه يحكم على الجاني بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة ، فإن النعي على الحكم بعدم بيان مفردات مبلغ قيمة الغرامة المقضي به على الطاعن يكون في غير محله .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : أولاً : وهو مرتبط مع مديرية الإسكان بــ ... بعقد مقاولة لإنشاء مدرسة ابتدائية بالمدينة أخل عمداً بتنفيذ بعض الالتزامات التي يفرضها عليه هذا العقد بأن تقاعس عن إتمام تنفيذ الأعمال موضوع العقد سالف البيان خلال الميعاد المحدد مما ترتب عليه سحبها منه وإسنادها إلى مقاول آخر ، وترتب على ذلك ضرراً جسيماً بلغ قدره 21963.77 " واحد وعشرون ألفاً وتسعمائة وثلاثة وستون جنيهاً وسبعة وسبعون قرشاً " فروق الأسعار . ثانياً : وهو مرتبط مع الجهة سالفة الذكر بعقد مقاولة لإنشاء المعهد الفني المتكامل أخل عمداً بتنفيذ بعض الالتزامات التي تفرضها عليه هذا العقد بأن تقاعس عن إتمام تنفيذ الأعمال موضوع العقد سالف البيان خلال الميعاد المحدد مما ترتب عليه سحبها منه وإسنادها إلى مقاول آخر ، وترتب على ذلك ضرراً جسيماً بلغ قدره 371782.59 جنيهاً " ثلاثمائة وواحد وسبعون ألفاً وسبعمائة واثنان وثمانون جنيهاً وتسعة وخمسون قرشاً " نتيجة فروق الأسعار . ثالثاً : وهو مرتبط مع الجهة سالفة الذكر بعقد مقاولة لاستكمال إنشاء مدرسة إعدادية مهنية بحي .... أخل عمداً بتنفيذ بعض الالتزامات التي يفرضها عليه هذا العقد بأن تقاعس عن إتمام تنفيذ الأعمال موضوع العقد سالف البيان خلال الميعاد المحدد ، مما ترتب عليه سحبها منه وإسنادها إلى مقاول آخر ، وترتب على ذلك ضرراً جسيماً قدره 57711.53 " سبعة وخمسون ألفاً وسبعمائة وأحد عشر جنيهاً وثلاثة وخمسون قرشاً " نتيجة فروق الأسعار . رابعاً : وهو مرتبط مع الجهة سالفة الذكر بعقد مقاولة لإنشاء مدرسة إعدادية .... أخل عمداً بتنفيذ بعض الالتزامات التي يفرضها عليها هذا العقد بأن تقاعس عن إتمام تنفيذ الأعمال موضوع العقد سالف البيان خلال الميعاد المحدد مما ترتب عليه سحبها منه وإسنادها إلى مقاول آخر ، وترتب على ذلك ضرراً جسيماً بلغ قدره 170520.69 جنيهاً " مائة وسبعون ألفا وخمسمائة وعشرون جنيهاً وتسعة وستون قرشاً " نتيجة فروق الأسعار.
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 116 مكرر ج /4،1 ، 119/ أ من قانون العقوبات ، وبعد إعمال المادة 32 من ذات القانون ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه مبلغ ستمائة وواحد وعشرين ألفاً وتسعمائة وثمانية وسبعين جنيهاً وثمانية وخمسين قرشاً عما أسند إليه .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الإخلال العمدي بتنفيذ عقد مقاولة لإحدى الجهات العامة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن خلا من بيان الواقعة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دانه بها ولم يورد أفعاله التي أتى بها ومضمون أدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه بالإدانة ، وأورد مضمون شهادة الأول والثانية وأحال في بيان شهادة باقي الشهود إلى مضمون ما شهدا به هذين الشاهدين ، هذا إلى أن الحكم قد استدل على ثبوت مسئولية الطاعن دون الوقوف على ما حوته الأوراق من مستندات كاشفة عن قرارات متعلقة بتغير أسعار مواد البناء بعد التعاقد وفتوى مجلس الدولة المرفقة بالأوراق والتي تقرر بأحقية المتهم في صرف فروق الأسعار والمستخلصات كما أنها أغفلت عن التعرض لطلبات المقاول الطاعن لمديرية الإسكان بـ .... لمطالبة جهة الإدارة بصرف فروق الأسعار لمشروعي المدرستين الابتدائية والإعدادية الكائنة .... ولم تعرض لتقرير أعمال مدير إدارة المباني عن المعهد الفني بـ .... الخاص بصرف الفروق المالية كما أنها لم تعرض للخطاب الموجه من جانب وزير التعليم العالي لمدير عام الإسكان بشأن ذات الفروق المستحقة ، هذا فضلاً عن أن المحكمة قضت بالإدانة ولم تعن بالرجوع إلى محاضر أعمال تقارير لجنة الخبراء المرفق وما تقدم له من مستندات ومذكرات ، كما أنها لم تعن بتحقيق الدفع ببطلان تقرير لجنة الخبراء والاعتراض على أعمالهم الثابت في المذكرة المقدمة للجنة الخبراء ، وأخيراً فإن الحكم لم يبين مفردات مبلغ الغرامة المقضي بها على الطاعن وأساس استدلاله عليها وبنودها ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إنه لما كان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ولم يرسم شكلاً خاصاً أو طريقة معينة يصوغ فيها الحكم هذا البيان ، وأنه متى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في بيان الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، كان ذلك محققاً لحكم القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفي لتبرير اقتناعها بالأوراق ما دامت اطمأنت إلى هذه الأدلة واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة عناصر الجريمة التي دين الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في بيان واقعة الدعوى وأدلة الثبوت التي استمد منها الحكم عقيدته لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه إذا كانت شهادة الشهود تنصب على واقعة واحدة ولا يوجد بها خلاف بشأن تلك الواقعة ، فلا بأس على الحكم إن هو أحال في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر تفادياً من التكرار الذي لا موجب له ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من التفات الحكم عن أوجه دفاعه المؤيدة بالمستندات لنفي مسئوليته في الإخلال العمدي لتنفيذ التزاماته التعاقدية ، فإن هذا حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه طالما أنه أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ، ما دامت قد أخذت بما جاء بها ، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها ، كما أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من تقرير الخبير ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ، وما دامت قد اطمأنت إلى ما أوردته منها واعتمدت عليه في تكوين عقيدتها ، فإن إغفالها الرجوع إلى محاضر أعمال تقارير لجنة الخبراء المرفق وما تقدم لها من مستندات ومذكرات يعتبر اطراحاً لها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا شأن لمحكمة النقض به . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن ولئن أثار الدفع ببطلان تقرير لجنة الخبراء والاعتراض على أعمالهم الثابت من مذكرة مقدمة إليهم ، وقد رد الحكم رداً كافياً وسائغاً يتفق وصحيح القانون ، إلا أنه لم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء في هذا الخصوص ، ومن ثم فلا يصح له من بعد النعي عليها لقعودها عن إجراء لم يطلبه منها ولم تر هي من جانبها حاجة إليه ، ويضحى النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين مفردات الغرامة المقضي بها على الطاعن وأساس الحكم بها ، وهي المبالغ المتمثلة في الأضرار التي لحقت بالجهة الإدارية نتيجة إخلال الطاعن عمداً بتنفيذ التزاماته بعقد المقاولة الخاص بأربعة عقود - خلافاً لما يزعمه الطاعن - وذلك وفقاً لما نصت عليه المادة 116 مكرر (ج) من أنه يحكم على الجاني بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة ، فإن النعي على الحكم بعدم بيان مفردات مبلغ قيمة الغرامة المقضي به على الطاعن يكون في غير محله . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ