الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 21 أبريل 2019

عدم دستورية جواز تعيين رؤساء اللجان الفرعية من غير أعضاء الهيئات القضائية


القضية رقم 11 لسنة 13 ق "دستورية " جلسة 8 / 7 / 2000
باسم الشعب
 المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 8 من يوليو لسنة 2000 الموافق 6 من ربيع الآخر لسنة 1421هـ .
برئاسة السيد المستشار/ محمد ولى الدين جلال رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : حمدى محمد على وعبد الرحمن نصير وماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله             
وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق حسن  رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن   أمين السر
 أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 11 لسنة 13 قضائية "دستورية "
المقامة من
السيد / كمال حمزة النشرتى المحامى
ضد
1 - السيد رئيس الجمهورية  
2 - السيد رئيس مجلس الوزراء
3 - السيد وزير الداخلية
" الإجراءات "
بتاريخ الحادى والعشرين من يناير سنة 1991، أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة ، طالباً الحكم بعدم دستورية الفقرات الثانية والرابعة والخامسة من المادة (24) والمادة (34) والفقرة الثالثة من المادة (35) من القانون رقم 73 لسنة 1956بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية معدلاً بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 202 لسنة 1990 مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها الحكم ببطلان إنتخابات مجلس الشعب التى أجريت بناء على النصوص القانونية المطعون بعدم دستوريتها، وبطلان تشكيل مجلس الشعب من تاريخ إنتخابه.
وقدمت هيئة قضايا الدولة ثلاث مذكرات طلبت في ختامها الحكم، أصلياً: بعدم قبول الدعوى ، واحتياطياً: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى كان قد تقدم في 23/10/1990 للترشيح لعضوية مجلس الشعب ثم أقام أمام محكمة القضاء الإدارى الدعوى رقم 667 لسنة 45 قضائية طالباً الحكم بوقف تنفيذ قرارى وزير الداخلية رقمى 6031 و 6054 لسنة 1990وكذا قراراته الصادرة تنفيذاً لكل من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 202 لسنة 1990 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، وقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 206 لسنة 1990 في شأن تحديد الدوائر الإنتخابية لمجلس الشعب، وفى الموضوع بإلغاء هذه القرارات؛ كما تضمنت صحيفة تلك الدعوى الدفع بعدم دستورية المواد (24، 29، 34، 35/3) من القانون رقم 73 لسنة 1956 معدلاً بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 202 لسنة 1990، والمادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 206 لسنة 1990 والجدول المرافق له. وبجلسة 27 /11/ 1990صرحت تلك المحكمة للمدعى بإقامة دعواه أمام المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية الفقرات الثانية والرابعة والخامسة من المادة (24)، والمادة (34)، والفقرة الثالثة من المادة (35) من القانون رقم 73 لسنة 1956 المشار إليه؛ فأقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن المواد المطعون فيها من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية - قبل تعديله بالقانون رقم 13 لسنة 2000 - كانت تنص على أن:
مادة (24)
فقرة أولى : "يحدد وزير الداخلية عدد اللجان العامة والفرعية التى يجرى فيها الاستفتاء والإنتخاب ويعين مقارها، وتشكل كل من هذه اللجان من رئيس وعدد من الأعضاء لا يقل عن اثنين ويعين أمين لكل لجنة ".
فقرة ثانية : "ويعين رؤساء اللجان العامة من بين أعضاء الهيئات القضائية في جميع الأحوال، ويعين رؤساء اللجان الفرعية من بين العاملين في الدولة أو القطاع العام، ويختارون بقدر الإمكان من بين أعضاء الهيئات القضائية أو الإدارات القانونية بأجهزة الدولة أو القطاع العام، ويختار أمناء اللجان من بين العاملين في الدولة أو القطاع العام".
فقرة ثالثة : " وتتولى كل هيئة قضائية تحديد أعضائها الذين توافق على اختيارهم للإشراف على عملية الاقتراع، وترسل بياناً بأسمائهم إلى وزير العدل لينسق بينهم في رئاسة اللجان، أما من عداهم فيكون اختيارهم بعد موافقة الجهات التى يتبعونها".
فقرة رابعة : "ويصدر بتشكيل اللجان العامة والفرعية وأمنائها قرار من وزير الداخلية . وفى جميع الأحوال يحدد القرار الصادر بتشكيل هذه اللجان من يحل محل الرئيس عند غيابه أو وجود عذر يمنعه من العمل، وفى حالة الاستفتاء يختار رئيس اللجنة أعضاء اللجان من بين الناخبين الذين يعرفون القراءة والكتابة والمقيدة أسماؤهم في جدول الإنتخاب الخاص بالجهة التى يوجد بها مقر اللجنة ".
فقرة خامسة : "وتشرف اللجان العامة على عملية الاقتراع لضمان سيرها وفقاً للقانون، أما عملية الاقتراع فتباشرها اللجان الفرعية ".
مادة (34)
"يعلن رئيس اللجنة الفرعية ختام عملية الاقتراع متى حان الوقت المعلن لذلك، وتختم صناديق أوراق الإنتخاب أو الاستفتاء، ويقوم رئيس اللجنة بتسليمها إلى رئيس اللجنة العامة لفرزها بواسطة لجنة الفرز التى تتكون برئاسة رئيس اللجنة العامة وعضوية رؤساء اللجان الفرعية، ويتولى أمانتها أمين اللجنة العامة، ويجوز لكل مرشح أن يوكل عنه من يحضر لجنة الفرز وذلك في الدائرة التى رشح فيها، ويجب على لجنة الفرز أن تتم عملها في اليوم التالى على الأكثر".
مادة (35)
"فقرة أولى: "تفصل لجنة الفرز في جميع المسائل المتعلقة بعملية الإنتخاب أو الاستفتاء وفى صحة أو بطلان إبداء كل ناخب لرأيه".
فقرة ثانية : "وتكون المداولات سرية ولايحضرها سوى رئيس اللجنة وأعضاؤها.
فقرة ثالثة : "وتصدر القرارات بالأغلبية المطلقة، وفى حالة تساوى الأصوات يرجح رأى الجانب الذى منه الرئيس".
فقرة رابعة : "وتدون القرارات في محضر اللجنة وتكون مسببة ويوقع عليها من رئيس اللجنة وأعضائها ويتلوها الرئيس علناً".
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى لانتفاء مصلحة رافعها، تأسيساً على أن طعنه الموضوعى يستهدف أساساً قرارى وزير الداخلية بإجراءات ترشيح وإنتخاب أعضاء مجلس الشعب وتحديد ميعاد قبول طلبات الترشيح، وكلاهما سابق على عملية الاقتراع، ومن جهة أخرى، فإن تحقق الإشراف القضائى الكامل على الاقتراع لا يكفل للمدعى طريقاً ممهداً للفوز المؤكد بعضوية مجلس الشعب، إذ قد يتحقق هذا الإشراف، ولا يحالفه الفوز بها، سيما وقد ان قضت مدة المجلس الذى تقدم بطلب الترشيح لعضويته.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها على ماجرى به قضاء هذه المحكمة - قيام رابطة منطقية بينها وبين المصلحة التى يقوم بها النزاع الموضوعى، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، متى كان ذلك، وكان الثابت من أوراق الدعوى أن المدعى كان مرشحاً في إنتخابات مجلس الشعب التى جرت في نوفمبر سنة 1990، وقد أقام دعواه الموضوعية مستهدفاً الحكم بوقف تنفيذ ثم بإلغاء قرار وزير الداخلية رقم 6054 لسنة 1990بتعديل بعض أحكام القرار الوزارى رقم 293 لسنة 1984 بإجراءات ترشيح وإنتخاب أعضاء مجلس الشعب - والذى يستند في صدوره إلى المادة (24) من القانون رقم 73 لسنة 1956 المشار إليه - مردداً في المادة (13) منه أحكام الفقرة الثانية من تلك المادة، وكان هذا القرار هو الذى طبق على الإنتخابات المشار إليها وأنتج أثره قانوناً؛ وكان فصل محكمة الموضوع في مشروعية هذا القرار يقتضى أن تقول المحكمة الدستورية العليا كلمتها في شأن دستورية نص القانون الذى يستند إليه، فإن مصلحة المدعى في الطعن على الفقرة الثانية من المادة (24) سالفة الذكر - فيما تضمنته من جواز تعيين رؤساء لجان الإنتخابات الفرعية من غير أعضاء الهيئات القضائية - تكون متحققة . ومن ثم فإن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد بنص الفقرة المشار إليها، ولا يمتد إلى غير ذلك من النصوص الأخرى المطعون فيها.
وحيث إن المدعى ينعى على النص الطعين، أن المشرع وإن عقد رئاسة اللجان العامة لأعضاء الهيئات القضائية إلا أنه سمح برئاسة اللجان الفرعية - وهى التى يجرى فيها الاقتراع وفقاً للفقرة الخامسة من ذات المادة - لغيرهم، ومن ثم ينحل الإشراف القضائى على الاقتراع والذى تطلبه الدستور إلى مجرد إشراف صورى غير حقيقى، الأمر الذى يفرغ حق الإنتخاب من مضمونه ويؤثر بالتالى في حق الترشيح، بما مؤداه: حرمان المواطنين من ضمانة أساسية في اختيار ممثليهم، والمساس بالسيادة التى قررها الدستور للشعب بجعله مصدراً للسلطات، ويخل كذلك بمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين الناخبين، مما يوقع النص الطعين في حمأة المخالفة الدستورية لخروجه على أحكام المواد (8، 40، 62، 88) من الدستور.
وحيث إن دفاع هيئة قضايا الدولة، ارتكز على أن الدستور قد عهد إلى المشرع بتحديد شروط عضوية المجلس النيابى وبيان أحكام الإنتخاب والاستفتاء، ولم يقيده إلا بأن يتم الاقتراع تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية، وأن تمام الاقتراع لايكون إلا باكتما له ويتحقق ذلك بإبداء الناخبين آراءهم في عملية الإنتخاب، ثم إغلاق صناديق الإنتخاب وإرسالها إلى اللجنة العامة لتباشر مهمتها في إجراء الفرز ثم إعلان النتيجة. وأن الإشراف يؤخذ بمعنى الاطلاع على الاقتراع من علٍ، وليس بمعنى توليه وتعهده فالذى يملك أمر الاقتراع والقيام به هو الناخب ذاته وليس المشرف القضائى . كما لا يصح حمل الإشراف على معنى الرقابة والسيطرة، لصعوبة ذلك عملياً إذ أن عدد اللجان الفرعية يفوق بكثير عدد أعضاء الهيئات القضائية؛ بالإضافة إلى أن الأعمال التحضيرية للدستور أوضحت أن الإشراف القضائى على اللجان الفرعية إنما يكون بقدر الإمكان. بما يعنى أن مد هذا الإشراف إلى تلك اللجان من الملاءمات التى تندرج في نطاق السلطة التقديرية للمشرع بلا معقب عليه، وخلص دفاع الحكومة إلى القول بأن قرينة الدستورية المقررة لمصلحة القوانين، تقتضى حملها على المعنى الذى يعصمها من الإبطال متى كانت نصوصها تحتمل ذلك.
وحيث إن رقابة هذه المحكمة للنصوص التشريعية المطعون عليها إنما تتغياردها إلى أحكام الدستور تغليباً لها على ما دونها وتوكيداً لسموها على ما عداها لتظل الكلمة العليا للدستور باعتباره القانون الأساسى الأعلى الذى يرسى القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم في حدد للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية صلاحياتها واضعاً الحدود التى تقيد أنشطتها وتحول دون تدخل كل منها في أعمال الأخرى، مقرراً الحقوق والحريات العامة مرتباً ضماناتها. وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن نصوص الدستور تتوخى أن تحدد لأشكال من العلائق السياسة والاجتماعية والاقتصادية مقوماتها، ولحقوق المواطنين وحرياتهم تلك الدائرة التى لا يجوز اقتحامها، فلا يمكن أن تكون النصوص الدستورية - وتلك غاياتها - مجرد نصوص تصدر لقيم مثالية ترنو الأجيال إليها، وإنما قواعد ملزمة لا يجوز تهميشها أو تجريدها من آثارها أو إيهانها من خلال تحوير مقاصدها أو الإخلال بمقتضياتها أو الإعراض عن متطلباتها، فيجب دوماً أن يعلو الدستور ولا يعُلى عليه وأن يسمو ولا يُسمى عليه.
وحيث إنه ولئن كان صحيحاً أن الرقابة القضائية التى تباشرها هذه المحكمة في شأن الشرعية الدستورية لا تستقيم موطئاً لإبطال نصوص قانونية يحتمل مضمونها تأويلاً يجنبها الوقوع في هاوية المخالفة الدستورية، إلا أنه من المسلم أيضاً أنه إذا ما استعصى تفسير النصوص المطعون عليها بما يوائم بين مضمونها وأحكام الدستور، فإن وصمها بعدم الدستورية يغدو محتماً؛ إذ لا يسوغ أن تفسر النصوص القانونية قسراً على وجه لا تحتمله عباراتها ولا يستقيم مع فحواها بقصد تجنب الحكم بعدم دستوريتها؛ وإلا انحلت الرقابة الدستورية عبثاً.
وحيث إن الأصل في النصوص الدستورية أنها تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجاً متآلفاً متماسكاً، بما مؤداه: أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالاً لا يعزلها عن بعضها البعض، وإنما يقيم منها في مجموعها ذلك البنيان الذى يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية أقوم لدعم مصالحها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا يجوز بالتالى أن تفسر النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها، ولا أن ينظر إليها بوصفها هائمة في الفراغ، أو باعتبارها قيماً مثالية من فصلة عن محيطها الاجتماعى .
وحيث إن الدستور نص في المادة (62) منه - التى وردت في الباب الخاص بالحريات والحقوق والواجبات العامة - على أن " للمواطن حق الإنتخاب والترشيح وإبداء الرأى في الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون ومساهمته في الحياة العامة واجب وطنى " ومفاد ذلك أن حق الترشيح وحق الإنتخاب حقان مترابطان يتبادلان التأثير فيما بينهما، فلا يجوز أن تُفرض على مباشرة أيهما قيود يكون من شأنها المساس بمضمونهما مما يعوق ممارستهما بصورة جدية وفعالة وذلك ضماناً لحق المواطنين في اختيار ممثليهم في المجالس النيابية باعتبار أن السلطة الشرعية لا يفرضها إلا الناخبون، وكان هذان الحقان لازمين لزوماً حتمياً لإعمال الديموقراطية في محتواها المقرر دستورياً ولضمان أن تكون المجالس النيابية كاشفة في حقيقتها عن الإرادة الشعبية ومعبرة تعبيراً صادقاً عنها ؛ لذلك لم يقف الدستور عند مجرد النص على حق كل مواطن في مباشرته تلك الحقوق السياسية، وإنما جاوز ذلك إلى اعتبار مساهمته في الحياة العامة واجباً وطنياً يتعين القيام به في أكثر المجالات أهمية لاتصالها بالسيادة الشعبية التى تعتبر قواماً لكل تنظيم يرتكز على إرادة الناخبين. ولئن كانت المادة (62) من الدستور قد أجازت للمشرع العادى تنظيم تلك الحقوق السياسية إلا أنه يتعين دوماً ألا يتعارض التنظيم التشريعى لها مع نصوص الدستور الأخرى، وإنما يلزم توافقه مع الدستور في عموم قواعده وأحكامه.
وحيث إن الدستور القائم أو رد في مادته الثامنة والثمانين نصاً غير مسبوق لم تعرفه الدساتير المصرية من قبل، إذ نص على أن " يحدد القانون الشروط الواجب توافرها في أعضاء مجلس الشعب، ويبين أحكام الإنتخاب والاستفتاء، على أن يتم الاقتراع تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية "مما يقطع أن المشرع الدستورى - احتفاءً منه بعملية الاقتراع -بحسبانها جوهر حق الإنتخاب - أراد أن يُخضعها لإشراف أعضاء من هيئة قضائية ضماناً لمصداقيتها وبلوغاً لغاية الأمر منها، باعتبار أن هؤلاء هم الأقدر على ممارسة هذا الإشراف بما جُبلوا عليه من الحيدة وعدم الخضوع لغير ضمائرهم -وهو ما تمرسوا عليه خلال قيامهم بأعباء أمانتهم الرفيعة - حتى يتمكن الناخبون من اختيار ممثليهم في مناخ تسوده الطمأنينة ؛ على أنه لكى يؤتى هذا الإشراف أثره فإنه يتعين أن يكون إشرافاً فعلياً لاصورياً أو منتحلاً، وإذ كانت عملية الاقتراع، تجرى -وفقاً لأحكام القانون- في اللجان الفرعية، فقد غدا لزاماً أن تحاط هذه العملية بكل الضمانات التى تكفل سلامتها وتُجنبها احتمالات التلاعب بنتائجها، تدعيماً للديموقراطية التى يحتل منها حق الاقتراع مكاناً عليّاً بحسبانه كافلاً لحرية الناخبين في إختيار ممثليهم في المجالس النيابية لتكون السيادة للشعب باعتباره وحده مصدر السلطات وفقاً للمادة الثالثة من الدستور.
وحيث إن البين من الاطلاع على محاضر أعمال اللجنة التحضيرية لمشروع الدستور، أن لجنة الإدارة المحلية والقوانين الأساسية ناقشت في اجتماعها المعقود في 26/6/1971 بعض المبادئ بشأن عملية الإنتخاب، وأوضح رئيس اللجنة أنها "تبدأ اجتماعها هذا بنظر المبدأ الرابع الخاص بالتصويت والضمانات القانونية والفعلية التى تكفل عدم تزوير الإنتخابات"، وأشار رئيس اللجنة إلى أن المطلوب الوصول إلى أفضل الضمانات التى تكفل عدم تزوير الإنتخابات، بحيث تجئ معبرة تماماً عن رغبات الجماهير، وبلورة المقترحات التى نوقشت في مبادئ عرضها على أعضاء اللجنة لإبداء الرأى فيها، ومن بين المبادئ التى وافقت عليها اللجنة : "عدم إجراء الإنتخابات في القطر كله دفعة واحدة ، بل من المستحسن تقسيم القطر إلى مناطق تتم فيها الإنتخابات في فترات متتالية لأحكام السيطرة عليها ومنع التدخل فيها، والارتفاع بمستوى رؤساء اللجان الفرعية واختيارهم من بين أعضاء الهيئات القضائية ما أمكن، وتخويل القضاء سلطة النظر في الطعون الإنتخابية بسرعة وبلا رسوم وبدون محام". ثم جاء تقرير اللجنة التحضيرية لإعداد مشروع الدستور الدائم -والذى عرض على مجلس الشعب- عن المبادئ الأساسية لمشروع الدستور، متضمناً صياغة المبدأ الذى تقرر في هذا الشأن بالنص التالى "ينظم القانون الإنتخاب والاستفتاء بما يضمن أن يتم تحت إشراف جهة قضائية ". وقد أفرغ هذا المبدأ في نص المادة (88) المشار إليها. ومفاد هذا النص الدستورى ، أمران، أولهما: أن المشرع الدستورى فوض المشرع العادى في تحديد الشروط الواجب توافرها في عضو مجلس الشعب، كما فوضه أيضاً في بيان أحكام الإنتخاب والاستفتاء وكل منهما يتضمن مراحل متعددة ؛ وثانيهما: أنه يَشترط بنص قاطع الدلالة لا يحتمل لبساً في تفسيره أن يتم الاقتراع - وهو مرحلة من مراحل الإنتخاب والاستفتاء - تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية ، فليس ثمة تفويض من الدستور للمشرع العادى في هذا الشأن، وإنما يتعين عليه أن يلتزم بهذا القيد الدستورى .
وحيث إن من المقرر، أن عبارة النص تؤخذ على معناها اللغوى ، مالم يكن لها مدلول اصطلاحى يصرفها إلى معنى آخر. وإذ كان لا خلاف؛ على أن الاقتراع، هو تلك العملية التى تبدأ بإدلاء الناخب بصوته لاختيار من يمثله بدءً من تقديمه بطاقته الإنتخابية وما يثبت شخصيته إلى رئيس لجنة الإنتخابات؛ مروراً بتسلمه بطاقة الاختيار؛ وانتهاءً بإدلائه بصوته في سرية لاختيار أحد المرشحين، أو العدد المطلوب منهم، وإيداع هذه البطاقة صندوق الإنتخاب ثم فرز الأصوات لإعلان النتيجة بما يطابق إرادة الناخبين؛ فإنه لا يتم ولا يبلغ غايته إلا إذا أشرف عليه أعضاء من هيئة قضائية . لما كان ذلك، وكان معنى الإشراف على الشئ أو الأمر - لغة - على مايبين من الجزء الأول من المعجم الوسيط الصادر عن مجمع اللغة العربية - الطبعة الثالثة - صفحة 498 كا لآتى : " أشرف عليه : تولاه وتعهده وقاربه. وأشرف الشئ له: أَمْكَنَهُ". وإذ لم يكن للفظ الإشراف دلالة اصطلاحية تخالف دلالته اللغوية ، فقد بات متعيناً أن المشرع الدستورى عند إقراره نص المادة (88) من الدستور - منظوراً في ذلك لا إلى إرادته المتوهمة أو المفترضة بل إلى إرادته الحقيقية التى كشفت عنها الأعمال التحضيرية على ما تقدم - قد قصد إلى إمساك أعضاء الهيئات القضائية - تقديراً لحيدتهم ونأيهم عن العمل السياسى بكافة صوره - بزمام عملية الاقتراع فلا تفلت من بين أيديهم بل يهيمنون عليها برمتها بحيث تتم خطواتها متقدمة الذكر كلها تحت سمعهم وبصرهم.
وحيث إنه على ضوء ماتقدم، فإن الأهداف التى رمى الدستور إلى بلوغها بما تطلبه في المادة (88) من أن يتم الاقتراع تحت إشراف أعضاء من هيئة قضائية تتحصل بجلاء -وفق صريح عباراتها وطبيعة الموضوع الذى تنظمه والأغراض التى يُتَوَخّى تحقيقها من هذا الإشراف، وماتكشف عنه الأعمال التحضيرية السالف الإشارة إليها - في إرساء ضمانة أساسية لنزاهة الإنتخابات عن طريق ضمان سلامة الاقتراع وتجنب احتما لات الإنحراف به عن حقيقته،وهى أهداف تدعم الديموقراطية وتكفل مباشرة حق الإنتخاب سليماً غير منقوص أو مشوه، موفياً بحكمة تقريره التى تتمثل -على ماتقدم - في أن تكون السيادة للشعب باعتباره وحده مصدرالسلطات،وهى بالتالى ضمان لحق الترشيح الذى يتكامل مع حق الانتخاب وبهما معاً تتحقق ديموقراطية النظام. وإذ يقوم النص الدستوري سالف الذكر على ضوابط محددة لاتنفلت بها متطلبات إنفاذه ومقتضيات إعماله، فقد تعين على المشرع عند تنظيمه حق الانتخاب أن ينزل عليها وألا يخرج عنها بما مؤداه: ضرورة أن يكفل هذا التنظيم لأعضاء الهيئات القضائية الوسائل اللازمة والكافية لبسطهم إشرافاً حقيقياً وفعالاً على الاقتراع؛ ولا محاجة في القول بتعذر رئاسة أعضاء الهيئات القضائية للجان الفرعية لعدم كفاية عددهم، ذلك أنه إذا ماتطلب الدستور أمراً فلا يجوز التذرع بالاعتبارات العملية لتعطيل حكمه بزعم استحالة تطبيقه، سيما وأنه لم يستلزم إجراء الانتخاب في يوم واحد؛ وإلا غدا الدستور بتقريره هذه الضمانة عابثاً، ولإنحلت القيود التي يضعها سراباً.
وحيث إنه وإن استوجب النص الطعين عقد رئاسة اللجان العامة في جميع الأحوال لأعضاء من هيئة قضائية، إلا أنه يسمح برئاسة اللجان الفرعية التي يجرى الاقتراع أمامها لغيرهم، فأصبح الاقتراع يتم بمنآي عن اللجنة العامة، دون أن يكفل المشرع لهذه اللجنة - التي يرأسها عضو الهيئة القضائية - الوسيلة اللازمة والكافية لتحقيق الإشراف الحقيقي على الاقتراع، ومن ثم، يضحى النص المطعون عليه، قاصراً عن الوفاء بما تطلبه الدستور من إشراف أعضاء من هيئات قضائية على الاقتراع، مهدراً بذلك ضمانة رئيسية تتعلق بحقي الترشيح والانتخاب، وبالتالي يكون مخالفاً لأحكام المواد (3، 62، 64، 88) من الدستور.
وحيث إنه عن طلب المدعى القضاء ببطلان انتخابات مجلس الشعب وبطلان تشكيله؛ فإن الأصل - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إجراء انتخابات مجلس الشعب بناء على نص تشريعي قُضى بعدم دستوريته، يؤدى إلى بطلان تكوينه منذ إنتخابه، إلا أن هذا البطلان لا يترتب عليه البتة إسقاط ما أقره ذلك المجلس من قوانين وقرارات وما اتخذه من إجراءات خلال الفترة السابقة على تاريخ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية، بل تظل تلك القوانين والقرارات والإجراءات قائمة على أصلها من الصحة، ومن ثم تبقى نافذة مالم يتقرر إلغاؤها أو تعديلها من الجهة المختصة دستورياً أو يُقضى بعدم دستورية نصوصها التشريعية بحكم يصدر من هذه المحكمة أن كان لذلك وجه آخر غير ما بنُي عليه هذا الحكم.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (24) من القانون رقم 73 لسنة 1956بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية - قبل تعديله بالقانون رقم 13 لسنة 2000 - فيما تضمنه من جواز تعيين رؤساء اللجان الفرعية من غير أعضاء الهيئات القضائية، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

السبت، 20 أبريل 2019

الطعن 154 لسنة 86 ق جلسة 27 / 9 / 2016


بـاسم الشعـب
محكمـة النقــض
دائـرة طعون رجال القضاء
ـــــــــــ
برئاسة السـيد القاضى / موسى محمد مرجـان  " نائب رئيس المحكمة "
وعضوية السـادة القضـاة / أحمــد صـلاح الديـــن وجدى ، عثمان مكـرم توفيـق  وحسـام حسيـن الـديــب  " نواب رئيس المحكمة " وأحمد محمد عبد الحليم
والسيد رئيس النيابة / محمد حبيب  .        
وأمين السر السيد / طارق عادل محمد  .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بمدينة القاهرة بدار القضاء العالى .
فى يوم الثلاثاء 26 من ذى الحجة سنة 1437 هـ الموافق 27 من سبتمبر سنة 2016 م .
أصدرت الحكم الاتى :ـ
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 154 لسنة 86 القضائية " رجال القضاء " .
المرفــوع مــن
1ــــ السيد المستشار / رئيس مجلس القضاء الأعلى بصفته
2 ـــ السيد المستشار / وزير العدل بصفته .
3 ــــ السيد المستشار / رئيس هيئة قضايا الدولة بصفته .
4 ــــ السيد / وزير المالية بصفته .
5 ــــ السيد / رئيس موازنة القضاء والنيابة العامة بصفته .
6ــــ السيد / رئيس الإدارة المركزية للاستحقاقات بصفته .
حضر عنهم الاستاذ / ........ المستشار بهيئة قضايا الدولة .
ضـــــد
1 ـــ الأستاذ / ...... .
2ــــ الأستاذ / .......... .
لم يحضر أحد . 
                                  الوقائــع
فى يوم 21/2/2016 طعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 30/12/2015 فى الدعوى رقم 2574 لسنـة 132 ق " رجال القضاء " وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعنون بصفاتهم الحكم أولاً : بقبول الطعن شكلاً ، ثانياً : بنقض لحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً أصلياً : بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد المقرر قانوناً . احتياطياً : برفض الدعوى بالنسبة للمدعى الأول .
وفى 2/4/2016 أعلن المطعون ضدهما بصحيفة الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها أولاً : عدم قبـــــــول الطعـن من الطاعنين الثالث والخامس والسادس بصفاتهم لرفعه من غير ذى صفة ، ثانـيـــاً : فيما عدا ما تقدم قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقضه .
 وبجلسة 2/8/2016 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة المشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة .
وبجلسة 27/9/2016 سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسـة ــــــ حيث صمم الحاضر عن الطاعنين والنيابة العامة كل على ما جاء بمذكرته ـــــ والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم .
المحكمــة
بعد الاطـــــلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقـرر / ..... ، والمرافعة وبعد المداولة .  
حيث إن الوقائع ـــــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ــــــ تتحصل فى أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 2574 لسنة 132 ق استئناف القاهـرة " رجال القضاء " على  الطاعنين بصفاتهم بطلب الحكم بإلزامهم بصرف بدل جذب عمالة بقيمة 100% من الأجر الأساسى أسوة بنظرائهم بهيئة قضايا الدولة عن عملهم بمناطق نائية ، وقال الأول بياناً لذلك إنه عمل بمحافظة البحر الأحمر في الفترة من 1 مارس 2009 وحتى 30 من سبتمبر 2011 ، وقال الثانى بياناً لذلك إنه عمل بمحافظة شمال سيناء في الفترة من 1 مارس 2009 وحتى 1 من أكتوبر 2012 ، وقد تقرر بدل جذب عمالة لأعضاء هيئة قضايا الدولة بالقرار رقم 99 لسنة 2011 بواقع 100% من الأجر الأساسى وكان يحق للمدعيين مساواتهما بأقرانهما من أعضاء هيئة قضايا الدولة ، ومن ثم فقد أقاما الدعوى ، بتاريخ 30 من ديسمبر 2015 قضت محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليهما الخامس والسادس وقضت بالطلبات . طعن الطاعنون بصفاتهم فى هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذى صفة بالنسبة للطاعنين الثالث والخامس والسادس بصفاتهم وأبدت الرأى في الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه ، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة ــــ فى غرفة المشورة ــــ حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
        وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذى صفة بالنسبة للطاعنين الثالث والخامس والسادس بصفاتهم ، فهو في غير محله بالنسبة للطاعن الثالث  ذلك أن البين من الأوراق أن الطاعن الثالث بصفته سبق وأن تم اختصامه أمام محكمة أول درجة وصدر الحكم قبله ومن ثم فله مصلحة في الطعن ويكون الدفع قائماً على غير سند جديراً بالرفض بالنسبة له ، وبالنسبة للطاعنين الخامس والسادس بصفتهما ، فالدفع في محله ، ذلك أن البين من الأوراق اختصامهما أمام محكمة أول درجة إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهما ، ومن ثم فليس لهما مصلحة في الطعن ويكون الدفع قائماً على سند صحيح مستوجباً القضاء بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعنين الخامس والسادس لرفعه من غير ذى صفة .   
وحيث إن الطعن ـــــ فيما عدا ما تقدم ـــــــ قد استوفى أوضاعه الشكلية. 
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ، ذلك أنه قضى بالبدل رغم تحقق علم المطعون ضدهما بقرار وزير العدل رقم 3995 لسنة 2014 الصادر بتقرير بدل جذب العمالة في 28/5/2014 والذى قرر صرفه اعتباراً من 1/10/2013 إلا أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى بتاريخ 29/7/2015 بعد مرور أكثر من ستين يوماً المحددة قانوناً لرفع الدعوى ، ولا ينال من ذلك ما أوردة الحكم المطعون فيه بمدوناته من أن الحق المطالب به حق دورى شهرى وأن القرار الطعين ليس قراراً فردياً ، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك أن من المقرر – في قضاء محكمة النقض – وجوب إيراد سبب النعى على الدعامة التى أقام عليها الحكم قضاءه والتى لا يقوم له قضاء بغيرها . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يؤسس قضاءه بأحقية المطعون ضدهما في بدل جذب العمالة على قرار وزير العدل رقم 3995 لسنة 2014 إنما استند في قضائه على القرار رقم 99 لسنة 2011 الصادر من رئيس هيئة قضايا الدولة بتحديد المناطق التى يستحق العاملين بفروع الهيئة صرف بدل جذب العمالة ، فإن النعى يكون وارداً على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه ومن ثم غير مقبول .
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ، وفى بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضده الأول ببدل جذب العمالة تأسيساً على القرار رقم 99 لسنة 2011 الذى حدد المناطق التى يستحق العاملون بها صرف بدل الجذب والذى جاء خلواً من مدينة الغردقة ، الأمر الذى يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
        وحيث إن هذا النعى في محله ، ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن مخالفة الثابت بالأوراق التى تبطل الحكم هى أن يكون الحكم قد بنى على تحصيل خاطئ لما هو ثابت بالأوراق أو على تحريف للثابت مادياً ببعضها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإجابة المطعون ضده الأول إلى طلبه بأحقيته في بدل جذب العمالة اعتباراً من 1 يوليو سنة 2011 وحتى فترة انتهاء عمله بالمناطق النائية أسوة بالسادة أعضاء هيئة قضايا الدولة على سند من القرار رقم 99 لسنة 2011 الصادر من رئيس هيئة قضايا الدولة بتحديد المناطق التى يستحق العاملون بها صرف بدل جذب بواقع 100% من الأجر الأساسى اعتباراً من 1/7/2011 وهى محافظات شمال وجنوب سيناء ومرسى مطروح والوادى الجديد ، في حين أن هذا القرار جاء خلواً من ذكر العاملين بمدينة الغردقة ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون ضده الأول بأحقيته فى صرف هذا البدل أسوة بنظرائه من أعضاء هيئة قضايا الدولة – العاملين بالمحافظات التى شملها القرار – الذى لا يستحقه وفقاً للقرار سالف الذكر فإنه يكون معيباً بمخالفة الثابت في الأوراق الأمر الذى جره إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب نقضاً جزئياً بالنسبة للمطعون ضده الأول .
        وحيث إن موضوع الدعوى رقم 2574 لسنة 132 ق استئناف القاهرة " دعاوى رجال القضاء " صالح للفصل فيه ولما تقدم وفى حدود ما تم نقضه من الحكم المطعون فيه ، فإنه يتعين القضاء برفض الدعوى بالنسبة للمدعى الأول .
لذلـــك
 حكمت المحكمة : أولاً : بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعنين الخامس والسادس لرفعه من غير ذى صفة . ثانياً : نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه جزئياً بالنسبة للمطعون ضده الأول ، وحكمت فى موضوع الدعوى رقم 2574 لسنة 132 ق استئناف القاهرة " رجال قضاء" برفض الدعوى بالنسبة للمدعى الأول .

الطعن 142 لسنة 85 ق جلسة 27 / 10 / 2015


بـاسم الشعـب
محكمـة النقــض
دائـرة طعون رجال القضاء
ـــــــــــ
برئاسة السـيد القاضى / أحمــد الحسينى يوسـف   " نائب رئيس المحكمة "
وعضوية السـادة القضـاة / مـــوسى محمد مرجان ، أحمد صلاح الدين وجدى           
            عثمان مكرم توفيق   و  حسام حسيـن الديـب " نواب رئيس المحكمة "
والسيد رئيس النيابة / وليد عبد الوهاب .        
وأمين السر السيد / طارق عادل محمد  .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بمدينة القاهرة بدار القضاء العالى .
فى يوم الثلاثاء 14 من محرم سنة 1437 هـ الموافق 27 من أكتوبر سنة 2015 م.
أصدرت الحكم الاتى :
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 142 لسنة 85 القضائية " رجال القضاء " .
المرفــوع مــن
السيد المستشار/ .......  .
لم يحضر.
ضـــــد
1 ــ السيد المستشار / رئيس مجلس القضاء الأعلى بصفته .
2 ــ السيد / وزير المالية بصفته .
3 ـــ السيد / وزير العدل بصفته .
لم يحضر عنهم أحد . 
الوقائــع
فى يوم 24/3/2015 طعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 18/2/2015 فى الدعوى رقم 1923 لسنـة 131 ق " رجال القضاء " وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والتصدى للفصل فيه .
وفى يوم 5/5/2015 أُعلن المطعون ضدهم بصحيفة الطعن .
وفى يوم 13/5/2015 أُودع الأستاذ / أحمد سابق المستشار بهيئة قضايا الدولة بوصفة نائباً عن المطعون ضدهم بصفاتهم مذكرة بدفاعهم طلب فيها رفض الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعـن شكلاً وفى الموضوع بنقضه .
 وبجلسة 8/9/2015 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة .
وبجلسة 27/10/2015 سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسـة ـــــ حيث صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها ـــــ والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم .
المحكمــة
بعد الاطـــــلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضــــــى المقـــــــــرر /
..... " نائب رئيس المحكمة " ، والمرافعة وبعد المداولة .  
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
        وحيث إن الوقائع ـــــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـــــ تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1923 لسنة 131 ق استئناف القاهرة " دائرة دعاوى رجال القضاء" على المطعون ضدهم بصفاتهم بطلب الحكـــم بتسوية راتبه بالراتب الذى يحصل عليه أقرانه من أعضاء هيئة قضايا الدولة لمدة خمس سنوات سابقة على رفع دعواه وما يستجد مع ما يترتب على ذلك من آثار . وقال فى بيان ذلك إن المشرع قد اطرد في تنظيم المعاملة المالية لأعضاء الهيئات القضائية كافة على منهج مؤداه التسوية تماماً بين شاغلى وظائف القضاء والنيابة العامة في قانون السلطة القضائية وبين الوظائف المقابلة في الهيئات القضائية الأخرى ، ولما كان أقران الطالب من أعضاء هيئة قضايا الدولة يحصلون على مرتبات تفوق ما يحصل عليه بما يقارب ثلاثة آلاف وثلاثمائة جنيه نتيجة سابق تخطى بعضهم في الترقية لمدد طويلة وضم بعض العلاوات للراتب الأساسى ، ومن ثم فقد أقام الدعوى ، بتاريخ 18 من فبراير 2015 قضت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 4233 لسنة 130 ق " رجال القضاء " ، طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض . وأودع المطعون ضدهم بصفاتهم مذكرة طلبوا فيها رفض الطعن ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه ، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى ــــ غرفة المشورة ـــــ حددت جلسة لنظره ، وفيهـــــــا التزمت النيابة رأيها .
        وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بعدم  ـجواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 4233 لسنة 130 ق " رجال القضاء " – وموضوعها طلب المساواة بما يتقاضاه أقران الطاعن من أعضاء هيئة قضايا الدولة المتماثلين معه في الدرجة والأقدمية اعتباراً من الأول من أكتوبر 2012 – في حين أن الطلبات الواردة بصحيفة الدعوى هى أحقية الطاعن في المساواة بأقرانه المذكورين عن مدة الخمس سنوات السابقة على رفع الدعوى وإذ لم يفطن الحكم المطعون فيه إلى اختلاف الموضوع في الدعويين الأمر الذى يعيبه بما يستوجب نقضه . 
وحيث إن هذا النعى في أساسه سديد ، ذلك أن المقرر ــــ فى قضاء هذه المحكمة ــــ أن لمحكمة النقض من تلقاء ذاتها كما يجوز للخصوم وللنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التى سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن ، ومن المقرر أيضاً أنه لا قضاء إلا في خصومة ولا خصومة بغير دعوى يقيمها مدعيها ويحدد طلباته فيها ، حسبما يجرى عليه نص المادة 63 من قانون المرافعات ، ومن أجل ذلك كان التزام المحكمة بما يطلبه الخصوم أمراً نابعاً من طبيعة وظيفة القضاء بوصفه احتكاماً بين متخاصمين على حق متنازع عليه فإذا ما خرجت المحكمة عن هذا النطاق ورد حكمها على غير محل ووقع بذلك باطلاً بطلاناً أساسياً وأنه لا يجوز لمحكمة الموضوع من تلقاء ذاتها تغيير سبب الدعوى أو الإضافة إليه لأن تغيير السبب أو الإضافة إليه مع بقاء الطلب على حاله حق للخصوم ومقيد بطلبهم . لما كان ذلك ، وكان الواقع المطروح في الدعوى أن الطاعن أقام دعواه بطلب الحكم بتسوية راتبه بالراتب الذى يحصل عليه أقرانه من أعضاء هيئة قضايا الدولة لمدة خمس سنوات سابقة على رفع دعواه وما يستجد مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وإذ حصل الحكم المطعون فيه طلب الطاعن على أنه طلب الحكم بتسوية راتبه بالراتب الذى يحصل عليه أقرانه من أعضاء هيئة قضايا الدولة اعتباراً من 1/10/2012 وقضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل في هذه الطلبات الأخيرة بالحكم الصادر في الدعوى رقم 4233 لسنة 130 ق "رجال القضاء" وهو سبب مغاير للسبب الذى أقيمت به الدعوى ابتداءً وقد حجبها هذا عن بحث مدى أحقية الطاعن في طلبه التسوية عن المدة السابقة على 1/10/2012 مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه .  
وحيث إن موضوع الدعوى رقم 1923 لسنة 131 ق استئناف القاهرة " دائرة دعاوى رجال القضاء" ، ولما تقدم ، غير صالح للفصل فيه ، ذلك أن محكمة الموضوع لم تقل كلمتها فيه ومن ثم يتعين إعادة الدعوى إليها لتفصل فيها ، لكى لا يفوت على الخصوم درجة التقاضى الوحيدة .
لـذلـــــك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وأحالت الدعوى إلى محكمة استئناف القاهرة " دائرة  دعاوى رجال القضاء " للفصل في موضوعها .

الطعن 97 لسنة 85 ق جلسة 27 / 10 / 2015


بـاسم الشعـب
محكمـة النقــض
دائـرة طعون رجال القضاء
ـــــــــــ
برئاسة السـيد القاضى / أحمد الحسينى يوسـف " نائب رئيس المحكمة "
وعضوية السـادة القضـاة / مـــوسى محمد مرجان  ، أحمد صلاح الدين وجدى           
         عثان مكرم تـوفيق و حسام حسين الديـب  " نواب رئيس المحكمة "
والسيد رئيس النيابة / وليد عبد الوهاب .        
وأمين السر السيد / طارق عادل محمد  .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بمدينة القاهرة بدار القضاء العالى .
فى يوم الثلاثاء 14 من محرم سنة 1437 هـ الموافق 27 من أكتوبر سنة 2015 م.
أصدرت الحكم الاتى :ـ
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 97 لسنة 85 القضائية " رجال القضاء " .
المرفــوع مــن
1ـــ السيد المستشار/ ....... .
2 ـــ السيد المستشار / ......... .
لم يحضر أحد .
ضـــــد
السيد / وزير العدل بصفته .
لم يحضر عنه أحد . 
الوقائــع
فى يوم 12/3/2015 طعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 28/1/2015 فى الدعوى رقم 240 لسنـة 128 ق " رجال القضاء " وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم أولاً : بقبول الطعن شكلاً . ثانياً : وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه ، والحكم لكل من الطاعنين بأحقيته فى الحصول على الفرق بين أجره الأساسي وأجره الشامل عن رصيد إجازاته الاعتيادية التى لم يحصل عليها بسبب مقتضيات العمل وصرف الفروق المالية المستحقة .
وفى اليوم نفسه أودع الطاعنان حافظة مستندات .
وفى يوم 16/3/2015 أُعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن .
وفى يوم 24/3/2015 أُودع الأستاذ / .....ز المستشار بهيئة قضايا الدولة بوصفة نائباً عن المطعون ضده بصفته مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعـن شكلاً ورفضه موضوعاً .
 وبجلسة 8/9/2015 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة .
وبجلسة 27/10/2015 سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسـة ـــــ حيث صممت النيابة العامة كل على ما جاء بمذكرتها ـــــ والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم .
المحكمــة
بعد الاطـــــلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضــــــى المقـــــــــرر /
....... " نائب رئيس المحكمة " ، والمرافعة وبعد المداولة .  
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
        وحيث إن الوقائع ـــــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـــــ تتحصل فى أن الطاعن الأول أقام الدعوى رقم 240 لسنة 128 ق استئناف القاهرة " دائرة دعاوى رجال القضاء" على المطعون ضده بصفته بطلب الحكـــم – وفقاً لطلباته الختامية – بأحقيته في صرف مكافأة تعادل الفارق بين راتبه الذى حُسب على أساسه المقابل النقدى لرصيد إجازاته الاعتيادية التى لم يحصل عليها ، وبين راتبه الشامل مضافاً إليه بدل الأحزاب إعمالاً للقرار الصـــــــادر من " مجلس رءوساء محاكم الاستئناف " ، وقال بياناً لدعواه إنه بتاريخ 29 سبتمبر 2011 صدر لصالحة الحكم في الدعوى رقم 290 لسنة 127 ق " رجال القضاء " بأحقيته في تقاضى المقابل النقدى لرصيد إجازاته الاعتيادية التى لم يستنفدها بسبب مقتضيات العمل على أساس أجره الأساسى عند انتهاء خدمته مضافاً إليه العلاوات الخاصة ثم صدر قرار " مجلس رءوساء محاكم الاستئناف " ناصاً على صرف المقابل النقدى لرصيد الإجازات للقضاة المحالين للتقاعد على أساس الراتب الأساسى وصرف الفارق بين الراتب الأساسى والراتب الكامل في صورة مكافأة ، إلا أن محكمة استئناف طنطا لم تنفذ هذا القرار بشأن حالته بمقولة أن الحكم الصادر لصالحه لم يتضمن ذلك ، لذا فقد أقام الدعوى . تدخل الطاعن الثانى في الدعوى انضمامياً للقضاء له بذات الطلبات ، بتاريخ 28 من يناير 2015 قضت المحكمة بقبول التدخل وبرفض الدعوى ، طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض وأودع المطعون ضده بصفته مذكرة بالرد طلب  فيها رفض الطعن ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن ، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة ــــ فى غرفة المشورة ـــــ حددت جلسة لنظره ، وفيهـــــــا التزمت النيابة رأيها .
        وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الحكم انتهى إلى رفض طلب تطبيق قرار " مجلس رءوساء محاكم الاستئناف " عليهما على سند من بلوغهما سن التقاعد في تاريخ سابق على تاريخ العمل بهذا القرار في الأول من يوليو سنة 2010 في حين أن خدمة الطاعنين قد امتدت بقوة القانون إلى نهاية ذلك العام القضائى ، وإذ مايز الحكم المطعون فيه في شأن تطبيق قرار " مجلس رءوساء محاكم الاستئناف " بين من أحيل إلى التقاعد قبل العمل بهذا القرار ومن أحيل بعده بالمخالفة لقرار المحكمة الدستورية في طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 دستورية بجلسة 3/3/1990 ، الأمر الذى يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه . 
وحيث إن هذا النعى برمته مردود ، ذلك أن المقرر ــــ فى قضاء هذه المحكمة ــــ أن تطبيق القانون على وجهه الصحيح بإيراد القواعد القانونية الموضوعية ، وكذا الاجرائية المتصلة بمسائل التقاضى المتعلقة بالنظام العام الواجبة التطبيق على الواقع في الدعوى هو أمر يتعين على قاضى الموضوع إعماله من تلقاء نفسه دون طلب أو دفع أو دفاع عند عرض النزاع عليه ويوجب على محكمة النقض أن تعرض له وتزنه بميزان القانون وزناً مناطه استظهار مدى انطباقه على الدعوى كمسألة قانونية صرفة ، وأنه متى تعلقت دعوى أقامها أحد رجال القضاء أو النيابة العامة تظلماً من قرار أو قرارات إدارية نهائية تتصل بشأن من شئونهم تعين التحقق من صحتها ومن صدورها من جهة أناط بها القانون إصدارها دون افتئات منها على اختصاص السلطتين التشريعية أو التنفيذية ، فإذا صدر ذلك القرار من جهة غير منوط بها إصداره قانوناً فإنه يعد معيباً بعيب جسيم ينحدر به إلى العدم ومن ثم يعد بمثابة عمل مادى لا يرتب أثراً ولا يكون محلاً لطلب إلغائه إذ لا يقبل إعدام المعدوم ، ومن ثم لا يعدو الحكم الصادر بشأن هذا العمل إلا أن يكون بتقرير انعدامه قانوناً وما يترتب على ذلك من آثار فلا تلحقه إجازة أو حصانة ولا يزيل عيبه فوات مواعيد الطعن عليه ، وكان النص في المادة 94 من الدستور الصادر في يناير سنة 2014 على أن " سيادة القانون أساس الحكم في الدولة " وفى المادة 184 منه على أن " السلطة القضائية مستقله وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفق القانون " وفى المادة 185 منه على ان " تقوم كل جهة ، أو هيئة قضائية على شئونها ... " وفى المادة 188 منه على أن " يختص القضاء بالفصل في كافة المنازعات والجرائم ، عدا ما تختص به جهة قضائية أخرى ويفصل دون غيره في المنازعات المتعلقة بشئون أعضائه ويدير شئونه مجلس أعلى ينظم القانون تشكيله واختصاصاته " مفاده أن القانون وحده هو الذى ينظم تشكيل الجهات والهيئات القضائية وهو الذى يحددها ، وإذ تضمن قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل في المادتين 77 مكرراً (1) ، 77 مكرراً (2) تشكيل مجلس القضاء الأعلى واختصاصاته ، وفى المواد 98 ، 107 ، 127 تشكيل واختصاصات مجلس تأديب القضاة ورجال النيابة العامة ، ومجلس التأديب الأعلى ، وكان قانون السلطة القضائية قد خلا من تناول تنظيم ما يسمى " مجلس رءوساء محاكم الاستئناف " ولم يصدر به أى قانون فلا يكون هناك سند قانونى لوجوده ويضحى إنشاؤه افتئاتاً على اختصاص السلطة التشريعية ويكون منعدماً ما أصدره تبعاً لذلك من قرارات ويتعين القضاء بتقرير انعدامــــــه وذلـــــــك " بعدم الاعتداد به " والذى لا يزيل عيبه فوات مواعيد الطعن عليه ، وينبنى على ذلك ألا تكون القرارات الصادرة عن ذلك المجلس محلاً لتقرير حق أو الحرمان منه، وتضحى من ثم دعوى الطاعنين بلا سند من القانون جديرة بالرفض ، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة فلا يعيبه من بعد خطأه في تقريراته القانونية أو قصوره فيها ، إذ لمحكمة النقض أن تصحح تلك التقريرات وتستكملها دون أن تنقضه .        
ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
لـذلـــــك
رفضت المحكمة الطعن .

الطعن رقم 89 لسنة 85 ق جلسة 27 / 10 / 2015


بـاسم الشعـب
محكمـة النقــض
دائـرة طعون رجال القضاء
ـــــــــــ
برئاسة السـيد القاضى / أحمـد الحسينى يوســـف " نائب رئيس المحكمة "
وعضوية السـادة القضـاة / مـــوسى محمد مرجان  ،  عثمان مكرم تـوفيق             
                          عبد المنعم إبراهيم الشهاوى        " نواب رئيس المحكمة "
                                             وأحمد محمد عبد الحليم
والسيد رئيس النيابة / وليد عبد الوهاب .        
وأمين السر السيد / طارق عادل محمد  .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بمدينة القاهرة بدار القضاء العالى .
فى يوم الثلاثاء 14 من محرم سنة 1437 هـ الموافق 27 من أكتوبر سنة 2015 م.
أصدرت الحكم الاتى :ـ
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 89 لسنة 85 القضائية " رجال القضاء " .
المرفــوع مــن
السيد القاضي / .......... .
لم يحضر.
ضـــــد
1ـــ السيد المستشار / رئيس المجلس الأعلى للقضاء بصفته .
2 ـــ السيد المستشار / وزير العدل بصفته .
3 ـــ السيد المستشار / مساعد وزير العدل لشئون التفتيش القضائى . 
لم يحضر عنهم أحد .
الوقائــع
فى يوم 28/2/2015 طعن الطاعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 31/12/2014 فى الدعوى رقم 3286 لسنـة 130 ق " رجال القضاء "  وذلك بصحيفة طلب فيها الحكم أولاً : بقبول الطعن شكلاً . ثانياً : بصفه مستعجلة بوقف القرار الصادر من التفتيش القضائى رقم 7 لسنة 2013 فى الشكوى 96 لسنة 2012 حصر عام تفتيش المتضمن توجيه التنبيه . ثالثاً : وفى الموضوع بإلغاء القرار سالف الذكر عملاً بنص المادة 94/4 من قانون السلطة القضائية وإلغاء ما يترتب عليه من آثار .
وفى يوم 2/3/2015 أُعلن المطعون ضدهم بصحيفة الطعن .
وفى يوم 4/3/2015 أُودع الأستاذ / .... المستشار بهيئة قضايا الدولة بوصفه نائباً عن المطعون ضدهم بصفاتهم مذكرة بدفاعهم طلب فيها رفض الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعـن شكلاً ورفضه موضوعاً .
 وبجلسة 28/7 /2015 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة .
وبجلسة 27/10/2015 سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسـة ـــــ حيث صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها ـــــ والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم .
المحكمــة
بعد الاطـــــلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقـــرر /..... " نائب رئيس المحكمة " ، والمرافعة وبعد المداولة .  
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
        وحيث إن الوقائع ـــــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـــــ تتحصل فى أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم بصفاتهم الدعوى رقم 3286 لسنة 130 ق استئناف القاهرة " دائرة رجال القضاء " بطلب الحكـــم بإلغاء التنبيه رقم 7 لسنـــــــــة  2013 وما ترتب على ذلك من آثار ، وقال بياناً لذلك إنه في غضون شهر أغسطس 2008 وحال تواجده باستراحة نيابة ... بالدور الثالث بعمارة الأوقاف لكونه مدير نيابتها وأثناء قيام بعض موظفى النيابة وعمال بالأجر بنقل ملفات القضايا والمتعلقات من مقر النيابة القديم لمقرها الجديد بالدور الرابع بذات العقار وقعت مشادة بين أحد موظفى النيابة وأحد قاطنى العقار وأثناء صعوده لتبيان ذلك والاطمئنان على عملية نقل المتعلقات فوجئ ببعض ملفات القضايا تلقى من أعلى وتعدى عليه أحد الأشخاص بالسب تبين فيما بعد أنه " القاضى / ....... " فحرر مذكرة بذلك للمحامى العام وتولت النيابة الكلية التحقيق وأحيلت التحقيقات إلى التفتيش القضائى وقيدت برقم 96 لسنة 2012 حصر عام التفتيش وبتاريخ 23 من أبريل 2013 أخطر بالتنبيه رقم 7 لسنة 2013 لكونه تعدى بألفاظ خارجة على القاضى المذكور فتظلم منه ورفض تظلمه ، ومن ثم فقد أقام الدعوى ، وبتاريخ 31 من ديسمبر 2014 قضت محكمة الاستئناف برفض الدعوى ، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ، وأودع النائب عن المطعون ضدهم بصفاتهم مذكرة طلب فيها رفض الطعن ، وقدمت  النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن ، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى ــــ غرفة المشورة ـــــ حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها.
        وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق وفى بيان ذلك يقول إن جميع الشهود الذين سئلوا بتحقيقات النيابة نفوا تعديه بالسب على القاضى / ...... ولم يشهد بذلك سوى والد القاضى المذكور وأبناء شقيقه ، وإذ انتهى الحكم إلى رفض دعواه على سند من ثبوت تعديه بالسب على القاضى المذكور أخذاً بأقوال الشهود الأمر الذى يعيبه بما يستوجب نقضه .  
        وحيث إن هذا النعى في محله ، ذلك أنه من المقرر ـــــ فى قضاء هذه المحكمة ـــــ أن مخالفة الثابت في الأوراق التى تبطل الحكم هى أن يكون الحكم قد بنى على تحصيل خاطئ لما هو ثابت في الأوراق أو على تحريف للثابت مادياً ببعضها ، كما أنه من المقرر – أيضاً - إذا كانت الاعتبارات المستمدة من الوقائع المنسوبة للطالب لا تبرر توجيه التنبيه إليه يكون القرار المطعون فيه قد خالف القانون وشابه التعسف في استعمال السلطة . كما أن المقرر أن الجزاء الإداري يجب أن يكون عادلاً بأن يخلو من الإسراف في الشدة أو الإمعان في الرأفة لأن كلا الأمرين يجافى المصلحة العامة ومن ثم فإن عدم الملاءمة الظاهرة في الجزاء تخرجه عن حد المشروعية فتبطله ، لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على تحقيقات النيابة العامة في المحضر رقم .... لسنة 2008 جنح ... التى أجريت بناء على المذكرة المقدمة من الطاعن وكذا المذكرة المقدمة من القاضى / ....أن الشهود أجمعوا عدا أقارب القاضى الأخير على أنه هو من تعدى بالسب على الطاعن حتى بعد أن تحقق من صفته الوظيفية كمدير لنيابة ... ... وأن الطاعن لم يتعد على القاضى بأية ألفاظ وإنما كان هو المعتدى عليه ، ومن ثم فإن الوقائع المنسوبة للطاعن لا تشكل إخلالاً بواجبات ومقتضيات وظيفته مما يبرر توجيه التنبيه إليه ويضحى القرار المطعون فيه قد جاء مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة لتجاوزه حد المشروعية في تقدير الجزاء متعيناً إلغاؤه ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً مما يوجب نقضه لهذا السبب ودون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن .   
        وحيث إن موضوع الدعوى رقم 3286 لسنة 130 ق استئناف القاهرة " رجال القضاء " صالح للفصل فيه ، ولما تقدم تعين إجابة المدعى لطلبه بإلغاء التنبيه رقم 7 لسنة 2013 بالنسبة له وما يترتب عليه من آثار .
                                           لـذلـــــك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وحكمت في موضوع الدعــوى رقم 3286 لسنة 130 ق استئناف  القاهــــرة " رجــــال القضاء " بإلغـــاء التنبيه رقم 7 لسنة 2013 بالنسبة للمـدعى القــــاضى / ...... ، وما يترتب على ذلك من آثار .

الطعن 69 لسنة 85 ق جلسة 28 / 4 / 2015


بـاسم الشعـب
محكمـة النقــض
دائـرة طعون رجال القضاء
                                            ـــــــــــ
برئاسة السـيد القاضى / أحمد الحسينى يوسف " نائب رئيس المحكمة "
وعضوية السـادة القضـاة / مـــوسى محمد مرجان ،  أحمد صلاح الدين وجدى           
              وائـل سعــد رفـاعى و عثمـان مكـرم توفيــق
                                           " نواب رئيس المحكمة "       
والسيد رئيس النيابة / أيمن الحسينى .        
وأمين السر السيد / طارق عادل محمد  .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بمدينة القاهرة بدار القضاء العالى .
فى يوم الثلاثاء 9 من رجب سنة 1436 هـ الموافق 28 من إبريل سنة 2015 م.
أصدرت الحكم الاتى :ـ
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 69 لسنة 85 القضائية " رجال القضاء " .
المرفــوع مــن
1 ـ السيد المستشار / ........ " رئيس محكمة النقض سابقاً " .
2 ـ السيد المستشار / ......... " النائب الثانى لرئيس محكمة النقض " .
لم يحضر أحد .
ضـــــد
1 ـــ السيد / رئيس الجمهورية بصفته رئيس المجلس الأعلى للهيئات القضائية .
2 ـــ السيد المستشار / رئيس مجلس القضاء الأعلى بصفته .
3 ـــ السيد / وزير المالية بصفته .
حضر عنهم الأستاذ / .........المستشار بهيئة قضايا الدولة .
الوقائــع
فى يوم 17/2/2015 طُعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 24/6/2010 فى الدعوى رقم 417 لسنـة 126 ق " رجال القضاء" وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعنان الحكم أولاً : بقبول الطعن شكلاً . ثانياً : وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء بالطلبات .
وفى 18/2/2015 أُعلن المطعون ضدهم بصحيفة الطعن .
وفى 23/2/2015 أُودع الأستاذ / أحمد سابق المستشار بهيئة قضايا الدولة بوصفه نائبا عن المطعون ضدهم بصفاتهم مذكرة دفع فيها بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه  .
وبجلسة 24/3/2015 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة المشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة .
وبجلسة 28/4/2015 سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسـة ــــــ حيث صمم الحاضر عن المطعون ضدهم بصفاتهم والنيابة العامة كل على ما جاء بمذكرته ـــــ والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم .
المحكمــة
بعد الاطـــــلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقـرر / ...... " نائب رئيس المحكمة " ، والمرافعة وبعد المداولة .   
حيث إن الوقائع ـــــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ــــــ تتحصل فى أن الطاعنين أقاما بتاريخ الأول من مارس 2009 الدعوى رقم 417 لسنة 126 ق استئناف القاهـرة " دائرة دعاوى رجال القضاء" على المطعون ضدهما الأول والثانى بصفتيهما " رئيس الجمهورية ورئيس مجلس القضاء الأعلى بصفتيهما " وآخر غير مختصم في الطعن " وزير العدل بصفته " بطلب الحكم بأحقيتهما في تقاضى مبلغ المكافأة الشهرية التى يتقاضاها من هم في درجتهما من أعضاء مجلس الدولة مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية ، وقالا بياناً لها  إنهما يشغلان درجة نائب رئيس محكمة النقض التى تعادل درجة نائب رئيس مجلس الدولة وقد أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكماً في القضيـة رقم 21161 لسنة 51 ق .ع بأحقية نواب رئيس مجلس الدولة في المكافأة التى يتقاضاها أعضاء الدائرة الأولى بذات المحكمة - دائرة الأحزاب – ولما كانت هذه المكافأة مقررة من المجلس الأعلى للهيئات القضائية مقابل عمل أصلى ومن ثم يستحقان أن يتساويا بهم في استحقاق تلك المكافأة ترسيخاً لقاعدة المساواة بين أعضاء الهيئات القضائية والتزاماً بما أرسته المحكمة الدستورية في طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 ق ، لذا أقاما الدعوى . بتاريخ 24 من يونيو لسنة 2010 قضت محكمة الاستئناف برفض الدعوى . طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض ، وأودع النائب عن المطعون ضدهم بصفاتهم مذكرة دفع فيها بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون ، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة ـــــ فى غرفة المشورة ــــــ حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
      وحيث إنه عن الدفع المبدى من المطعون ضدهم بصفاتهم بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد فهو في غير محله ، ذلك بأن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن مفاد النص في المادة 213/1 من قانون المرافعات على أن " يبدأ ميعاد الطعن في الحكم من تاريخ صدوره ما لم ينص القانون على غير ذلك ، ويبدأ هذا الميعاد من تاريخ إعلان الحكم إلى المحكوم عليه في الأحوال التى يكون قد تخلف عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الدعوى ولم يقدم مذكرة بدفاعه " . لما كان ذلك ، وكان الثابت في الأوراق أن الطاعنين لم يحضرا أمام محكمة الاستئناف بجلسات التحضير أو المرافعة ولم يقدما مذكرة في الدعوى ولم يعلنا بالحكم المطعون فيه فإن ميعاد الطعن يكون مفتوحاً ويكون الطعن قد أقيم في الميعاد ويضحى الدفع المبدى في هذا الخصوص على غير أساس متعيناً رفضه .  
وحيث إن الطعن – فيما عدا ما تقدم – قد استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ، وفى بيان ذلك يقولان إن الحكم قضى برفض الدعوى على سند من أن الطاعنين يخضعان لقانون مغاير لما يخضع له أعضاء مجلس الدولة المطلوب المساواة بهم رغم صدور قضاء المحكمة الدستورية في طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 ق دستورية والذى أقر مبدأ المساواة بين أعضاء الهيئات القضائية جميعاً المتماثلين في ذات الدرجة في المرتبات والبدلات والمعاشات الأمر الذى يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى في محله ، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المحكمة الدستورية العليا انتهت في أسباب القرار الصادر منها في طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 ق دستورية بتاريخ 3/3/1990 إلى أن المشرع قد اطرد في تنظيم المعاملة المالية لأعضاء الهيئات القضائية كافة على منهج مؤداه التسوية تماماً بين شاغلي وظائف القضاء والنيابة العامة في قانون السلطة القضائية وبين الوظائف المقابلة لها في الهيئات القضائية الأخرى سواء في المخصصات المالية المقررة لها من مرتبات وبدلات وغيرها أو في المعاشات المقررة لشاغليها بعد انتهاء خدمتهم حتى غدا مبدأ المساواة بينهم في هذا الخصوص أصلاً ثابتاً بتنظيم المعاملة المالية بكافة جوانبها في المرتبات والمعاشات على حد سواء ، وأن القواعد المنظمة للمخصصات والمعاشات المقررة لوظائف القضاء والنيابة العامة أصلاً يجرى حكمه على المخصصات والمعاشات المستحقة لشاغلى الوظائف المقابلة لها في الهيئات القضائية الأخرى ، ومؤدى قاعدة المساواة أنه إذ حصل زيادة في المخصصات المالية في أية هيئة من تلك الهيئات لازمة أن تتم التسوية بين جميع أعضاء الهيئات القضائية الأخرى بحيث لا يكون هناك تفاوت بين المرتبات والبدلات والمزايا بين جميع الأعضاء في جميع تلك الهيئات ولا يزيد أعضاء هيئة في مخصصاتهم المالية عن أعضاء الهيئات الأخرى حيث يحدث إخلالاً بمبدأ المساواة الذى استقر في التفسير التشريعى سالف الذكر والملزم لكافة الهيئات والجهات الحكومية والأفراد كقانون مستقر ملزم لها . وإذ كان ذلك ، وكان المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أيضاً أن الزيادات التى تطرأ على الأجر تعتبر جزءاً منه فتندرج فيه ويسرى عليها ما يسرى على الأجر من أحكام أياً كان سبب الزيادة ، إذ تجب التفرقة بين مصدر الزيادة أو سندها القانون من جهة وبين المآل الذى تنتهى إليه من جهة أخرى ، ومما لا شك فيه أن الزيادات التى تطرأ على الأجر الأساسي المقرر للوظيفة لا يمكن سلخها أو فصلها عنه لمجرد أنها منحت تحت مسميات مختلفة ما دام أنها في النهاية تعتبر جزءاً منه . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة الإدارية العليا قد قضت في الطعن رقم 21161 لسنة 51 ق عليا بتاريخ 2 من سبتمبر 2007 بتسوية جميع نواب رئيس مجلس الدولة باستحقاقهم المكافأة التي قررها المجلس الأعلى للهيئات القضائية لأعضاء الدائرة الأولى – أحزاب – باعتبار أن ما تقوم به هو عمل أصيل وليس عملاً إضافياً وأصبحت تلك المكافأة جزءاً من المرتب لا يمكن فصلها عنه ويسرى عليها ما يسرى على الأجر من أحكام ومن ثم تقتضى قواعد العدالة والمساواة ـــــ على نحو ما سلف بيانه بين أعضاء الهيئات القضائية ـــــ إعمال هذا المبدأ  على من يشغل الوظائف المماثلة بقانون السلطة القضائية باعتباره الأصل الأصيل الذى يسرى على شاغلي الوظائف القضائية المقابلة لها بالهيئات القضائية الأخرى ، الأمر الذى تكون معه دعوى الطاعنين قائمة على أساس صحيح من الواقع والقانون مما يتعين إجابتهما إلى طلباتهما ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن .
        وحيث إنه عن موضوع الدعوى رقم 417 لسنة 126 ق استئناف القاهرة " دعاوى رجال القضاء " فهو صالح للفصل فيه ، ولما تقدم ، يتعين إجابة المدعيين إلى طلبهما بأحقيتهما في تقاضى المخصصات المالية التى يتقاضاها أقرانهما المتماثلين معهما في الدرجة والأقدمية من أعضاء مجلس الدولة مع مراعاة تاريخ الاستحقاق وقواعد التقادم الخمسى .
لـذلـــــك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وحكمت فى موضوع الدعوى رقم 417 لسنة 126 ق استئناف القاهرة " دعاوى رجال القضاء " بأحقية المدعيين في صرف المخصصات المالية التى تصرف لأقرانهما من أعضاء مجلس الدولة المتماثلين معهما في الدرجة والوظيفة وفى الأقدمية مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية من تاريخ الاستحقاق مع مراعاة أحكام التقادم الخمسى .