الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 5 يناير 2019

الطعن 8039 لسنة 81 ق جلسة 13 / 2 / 2013 مكتب فني 64 ق 27 ص 267

جلسة 13 من فبراير سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ حامد عبد الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / يحيى خليفة ، محمد عيد سالم ، محمد محمود محاميد ومنصور القاضي نواب رئيس المحكمة .
------------------
(27)
الطعن 8039 لسنة 81 ق
(1) نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " .
الطعن بطريق النقض . ينفتح بعد صدور حكم منهٍ للخصومة في موضوع الدعوى.
 الطعن بالنقض في الحكم بإحالة الدعاوى المدنية إلى المحكمة المختصة . غير جائز. علة ذلك ؟
(2) إضرار عمدي . تسهيل استيلاء على أموال أميرية . غدر . تربح . جريمة " أركانها". حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب معيب " .
وجوب اشتمال حكم الإدانة على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً . المادة 310 إجراءات جنائية .
 المراد بالتسبيب المعتبر ؟
 جرائم التربح وتسهيل الاستيلاء على المال العام والغدر والإضرار العمدي المنصوص عليها بالمواد 113 ، 115 ، 116 مكرراً ، 214 من قانون العقوبات . مناط تحققها ؟
 مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالإدانة في هذه الجرائم .
(3) إضرار عمدي . تسهيل استيلاء على أموال أميرية . غدر . تربح . دفوع " الدفع بانتفاء القصد الجنائي " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " .
 مثال لتسبيب معيب لاطراح الدفع بانتفاء القصد الجنائي في حكم صادر بالإدانة في جرائم التربح وتسهيل الاستيلاء على المال العام والغدر والإضرار العمدي .
(4) أسباب الإباحة وموانع العقاب " أسباب الإباحة " " حالة الضرورة " . دفوع " الدفع بانعدام المسئولية الجنائية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره ". حكم " تسبيبه . تسبيب معيب ".
 المادتان 60 والفقرة الثانية من المادة 63 عقوبات والفقرة الثانية من المادة الثامنة من القانون رقم 89 لسنة 1989 بشأن المناقصات والمزايدات . مؤداها ؟
 الدفع بانتفاء المسئولية الجنائية استناداً لتوافر حالة الضرورة والإباحة طبقاً للمواد الثامنة من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات ، 60 ، 63 عقوبات . جوهري . وجوب الرد عليه . إغفال الحكم المطعون فيه ذلك . قصور وإخلال بحق الدفاع .
(5) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب معيب " .
 وجوب بيان الحكم بالإدانة كل دليل من أدلة الثبوت المستند إليها تفصيلاً وإلا كان قاصراً .
 تعويل الحكم على إقرار الطاعنين دون إيراده مضمونه ومؤداه . قصور . علة ذلك؟
(6) نقض " أثر الطعن " .
 نقض الحكم والإعادة للطاعنين. لا يمتد أثره للمحكوم عليهما غيابياً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن الطعن بطريق النقض لا ينفتح إلَّا بعد أن يكون قد صدر في موضوع الدعوى حكم منهٍ للخصومة . وكان الحكم المطعون فيه – فيما قضى به من إحالة الدعاوى المدنية إلى المحكمة المختصة – لا يُعد منهياً للخصومة أو مانعاً من السير في أي من تلك الدعاوى إذا ما اتصلت بالمحكمة المختصة اتصالاً صحيحاً ، ومن ثم فإنه يتعين الحكم بعدم جواز الطعن ومصادرة الكفالة .
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى على قوله : " ... إنه خلال الفترة من عام .... وحتى عام .... قام المتهمون بصفتهم موظفين عموميين الأول .... بصفته رئيساً لمجلس الوزراء والثاني .... بصفته وزيراً للمالية والثالث .... بصفته وزيراً للداخلية ، حصلوا لغيرهم بدون حق على منفعة من عمل من أعمال وظائفهم بأن أعد المتهمان الثاني والثالث مذكرة للمتهم الأول لإسناد توريد لوحات معدنية للمركبات المرخصة بإدارات المرور على مستوى الجمهورية إلى شركة .... ، والتي يمثلها المتهم الرابع .... بالأمر المباشر بمبلغ مغالى فيه مقداره 22 مليون يورو ، فوافقهما المتهم الأول على ذلك دون توافر حالة ضرورة أو تحديد شروط وقواعد للاتفاق المباشر مع هذه الشركة كما قام المتهم الثاني بإسناد أعمال جديدة لذات الشركة دون الحصول على موافقة السلطة المختصة على خلاف أحكام القانون رقم 89 لسنة 1989 بشأن المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية قاصدين من ذلك تظفير الشركة التي يمثلها المتهم الرابع بمنفعة الحصول على هذه الصفقة بالمبلغ المغالى فيه سالف الذكر والذى يعادل 176 مليون جنيه مصري، كما قام المتهمون سالفوا الذكر الأول والثاني والثالث بصفتهم السابقة بتسهيل لغيرهم الاستيلاء بغير حق على أموال جهة عامة بأن استغلوا أعمال وظائفهم في إسناد الصفقة المشار إليها سالفة الذكر للشركة التي يمثلها المتهم الرابع على خلاف القواعد المقررة بمبالغ مغالى فيها ، مما مكن ممثل هذه الشركة حيلة من انتزاع قيمة الفارق بين سعر اللوحات المعدنية التي تم توريدها وبين السعر السوقي للوحات المماثلة لها وقت الإسناد الذى يعادل مبلغاً مالياًّ مقداره 92.561.588.32 مليون جنيه وذلك بنية تملكه ، كما أنهم بصفتهم السابقة أضروا عمداً بأموال الغير المعهود بها لجهة عملهم ضرراً جسيماً بأن قاموا بتحميل المواطنين طالبي الحصول على تراخيص تسيير المركبات لدى إدارات المرور ثمن اللوحات المعدنية التي تم توريدها بأثمان مغالى فيها رغم تحميلهم مبلغ التأمين عنها وذلك على خلاف أحكام قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 المعدل مما ألحق ضرراً مالياًّ بأموال هؤلاء المواطنين ، كما قام المتهمان الثاني والثالث بصفتهما السابقة وهما لهما شأن في الأمر بتحصيل أموال لها صفة الجباية أخذا أموالاً ليست مستحقة بأن تم بموجب المذكرة المؤرخة .... والتي أصدرها المتهم الثاني وتولى المتهم الثالث أمر تنفيذها تحصيل مبالغ من المواطنين المتعاملين مع إدارات المرور المختلفة على نحو أنها رسوم نفقات لإدارات المرور بإجمالي مبالغ غير مستحقة مقدارها 100.564.235 مليون جنيه مع علمهما بذلك ، كما قام المتهم الرابع بالاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين من الأول إلى الثالث في ارتكاب الجريمتين الأولى والثانية بأنه بصفته ممثلاً عن شركة .... اتحدت إرادته معهم في ارتكابها وساعدهم بأن تعاقد على توريد اللوحات المعدنية للمركبات بأسعار تزيد على أسعار مثيلاتها، وحصل على تلك المبالغ مقابل التوريد مما عاد عليه بمنفعة الصفقة والاستيلاء على قيمة الفارق بين أثمان اللوحات المعدنية الموردة والقيمة السوقية لها وقت التعاقد فتمت الجريمتان بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالأوراق " . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بُنى عليها وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي إنبنى عليها الحكم والمنتجة له سواء من حيث الواقع أو القانون ، ولكى يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلى مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذى قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، وكان من المقرر أن جريمة التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات لا تتحقق إلا إذا استغل الموظف العام أو من في حكمه ــ بالمعنى الوارد في المادة 119 مكرر من القانون ذاته ــ وظيفته وحصل أو حاول أن يحصل لنفسه أو لغيره بدون حق على ربـــح أو منفعة من عمل من أعمال وظيفته ، ويقتضي قيامها أن تتجه إرادته إلى الحصول على ربح أو منفعة لنفسه أو لغيره بدون حق من وراء أحد أعمال وظيفته مع علمه بذلك ، وإذا كان الحصول على الربح أو محاولة الحصول عليه هو لنفع الغير بدون حق وجب أن تتجه إرادة الجاني إلى هذا الباعث وهو نفع الغير بدون حق ، كما أن جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 من قانون العقوبات المنصوص في المادة 113 من هذا القانون تقتضي وجود المال في ملك أي من الجهات المشار إليها وأن يستغل موظف عام أو من في حكمه سلطات وظيفته كي يمد الغير بالإمكانيات التي تتيح له الاستيلاء بغير حق على ذلك المال أو يزيل من طريقه العقبات التي كانت تحول دون ذلك ، ويتعين أن يكون الجاني عالماً أن من شأن فعله الاعتداء على ملكية المال المشار إليه وأن تتجه إرادته إلى تسهيل استيلاء الغير عليه وتضييعه على ربه ، ويشترط في الضرر كركن لازم لقيام جريمة الإضرار العمد المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً من القانون سالف الذكر أن يكون محققاً أي حالاً ومؤكداً ؛ لأن الجريمة لا تقوم على احتمال تحقق أركانها ، والضرر الحال هو الضرر الحقيقي سواء أكان حاضراً أو مستقبلاً ، والضرر المؤكد هو الثابت على وجه اليقين ، كما أن جريمة الغدر المنصوص عليها في المادة 214 من قانون العقوبات لا تتوافر إلا بتعمد موظف عام أو من في حكمه له شأن في تحصيل الضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات أو نحوها إما بطلب أو أخذ ما ليس مستحقاً أو ما يزيد على المستحق منها مع علمه بذلك . ولما كان الحكم المطعون فيه – سواء في معرض تحصيله واقعة الدعوى أو في إيراده لأدلة الثبوت فيها – لم يبين بوضوح الظروف التي وقعت فيها الجرائم التي دان كلاًّ من الطاعنين بها، وخلا من إيراد الأدلة الدالة على أن كلاًّ منهما قد استغل وظيفته لحصول المحكوم عليه الرابع على منفعة بدون حق ، وأنهما قد أمداه بالإمكانيات التي أتاحت له الاستيلاء بغير حق على المال العام وأنهما قد أزالا من طريقه العقبات التي كانت تحول دون ذلك ، وأن هاتين الجريمتين قد وقعتا ثمرة لاتفاقه معهما ومساعدته إياهما في ارتكابهما، كما لم يبين الحكم الأفعال المادية التي قارفها الطاعنان والتي تتوافر بها مسئوليتهما عن جريمة الإضرار العمد بأموال الغير المعهود بها إلى جهتي عملهما ضرراً ثابتاً على وجه اليقين ، وأن ما ساقه الحكم من أن دور الطاعن الثاني قد اقتصر على مجرد تنفيذ ما تضمنته المذكرة التي أصدرها المتهم الثاني بشأن تحصيل رسوم نفقات لإدارات المرور من المتعاملين معها ، لا يقيم بذاته الدليل على أن الطاعن المذكور أخذ من المتعاملين مع إدارات المرور رسوماً ليست مستحقة وهو عالم بذلك .
3- لما كان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن كلاًّ من الطاعنين تمسك بعدم توافر القصد الجنائي لديه في كافة الجرائم المسندة إليه ، وقد عرض الحكم لهذا الدفع واقتصر في اطراحه على قوله : " إن الثابت من أدلة الثبوت في الدعوى أن المتهمين قاموا بارتكاب الجرائم وبالتالي تطمئن بها المحكمة لثبوت الاتهام قبلهم وإدانتهم". وإذ كان ما أورده الحكم – على نحو المار بيانه – لا يكفى في اطراح الدفع المذكور بعد أن قعد عن إيراد الوقائع والظروف التي تدل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعنين في كافة الجرائم التي دان كلاًّ منهما بها ، ذلك أن ما أورده الحكم من أن الطاعن الأول بصفته رئيساً لمجلس الوزراء قد وافق على المذكرة التي أعدها كل من المحكوم عليه الثاني بصفته وزيراً للمالية ، والطاعن الثاني بصفته وزيراً للداخلية والمتضمنة إسناد توريد لوحات معدنية للمركبات المرخصة بإدارات المرور على مستوى الجمهورية إلى الشركة التي يمثلها المحكوم عليه الرابع بالأمر المباشر بمبلغ مغالى فيه ، لا يفيد بذاته انصراف إرادة الطاعنين إلى تحقيق نفع للمحكوم عليه المذكور بدون حق ، أو تسهيل استيلائه بغير حق على مال عام، أو إلحاق الضرر بجهتي عملهما ، كما أن ما ساقه الحكم من أن الطاعن الثاني نفذ ما ورد بالمذكرة التي أصدرها المحكوم عليه الثاني من تحصيل رسوم نفقات لإدارة المرور ، لا يكفى للتدليل على توافر علمه بأن تلك الرسوم غير مستحقة ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التدليل على توافر كافة الجرائم التي دان كلاًّ من الطاعنين بها .
4- من المقرر أن المادة الثامنة من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1989 تجيز في الفقرة الثانية منها لرئيس مجلس الوزراء في حالات الضرورة أن يصرح لجهة بعينها لاعتبارات يقدرها ترتبط بطبيعة عمل ونشاط تلك الجهة بالتعاقد عن طريق الاتفاق المباشر وفقاً للشروط والقواعد التي يحددها . كما أن المادة 60 من قانون العقوبات تبيح الأفعال التي ترتكب عملاً بحق قرره القانون، وأن الفقرة الثانية من المادة 63 من القانون ذاته تنفى المسئولية عن الموظف العام إذا حسنت نيته وارتكب فعلاً تنفيذاً لما أمرت به القوانين أو اعتقد أن إجراءه من اختصاصه . وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن كلاًّ من الطاعنين تمسك بانتفاء مسئوليته الجنائية استناداً إلى أن التعاقد بالطريق المباشر مع الشركة التي يمثلها المحكوم عليه الرابع كان في حدود السلطة التقديرية لهما في الحفاظ على أمن البلاد وهو ما تتوافر به حالة الضرورة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الثامنة من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات – سالف الإشارة إليه - كما أنه فعل مباح وفقاً لحكم المادة 60 من قانون العقوبات ، ولا يسألان عنه طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 63 من القانون ذاته ، وهو دفاع جوهري لأن من شأنه – لو صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى ، وإذ لم تقسطه المحكمة حقه ولم تعن بتحقيقه وتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ، بل أمسكت عنه إيراداً له ورداًّ عليه ، فإن حكمها المطعون فيه يكون فوق ما انطوى عليه من إخلال بحق الطاعنين في الدفاع جاء مشوباً بالقصور في التسبيب .
5- من المقرر أن الحكم بالإدانة يجب أن يبين كل دليل من أدلة الثبوت التي استند إليها في بيان جلى مفصل ، فلا تكفى مجرد الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة التي أخذ بها وإلا كان قاصراً . وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أنه عول في قضائه – من بين ما عول عليه – على ما أقر به كل من الطاعنين دون أن يورد مضمون ما أقرا به ويذكر مؤداه حتى يمكن التحقق من مدى اتساقه مع باقي الأدلة التي اعتمد عليها، فإنه يكون معيباً أيضاً بالقصور في التسبيب .
6- من المقرر أن نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة إلى الطاعنين وحدهما دون حاجة لبحث سائر أوجه طعنيهما دون المحكوم عليهما الثاني والرابع اللذين صدر الحكم غيابياًّ بالنسبة لهما ، فلا يمتد إليهما القضاء بنقضه بالنسبة إلى الطاعنين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
 اتهمت النيابة العامة كلاًّ من : .... " طاعن " و.... و..... " طاعن " و.... بأنهم: أولاً : المتهمون من الأول حتى الثالث :
1- بصفتهم موظفين عموميين الأول رئيس مجلس الوزراء والثاني وزير المالية والثالث وزير الداخلية ، حصلوا لغيرهم بدون حق على منفعة من عمل من أعمال وظائفهم بأن أعد المتهمان الثاني والثالث مذكرة للمتهم الأول لإسناد توريد لوحات معدنية للمركبات المرخصة بإدارات المرور على مستوى الجمهورية إلى شركة .... التي يمثلها المتهم الرابع بالأمر المباشر بمبلغ مغالى فيه مقداره 22 مليون يورو فوافقهما المتهم الأول على ذلك دون توافر حالة ضرورة أو تحديد شروط وقواعد للاتفاق المباشر مع هذه الشركة ، وأسند المتهم الثاني أعمالاً جديدة لذات الشركة دون الحصول على موافقة السلطة المختصة ، وذلك على خلاف أحكام القانون رقم 89 لسنة 1998 بشأن المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية قاصدين من ذلك تظفير الشركة التي يمثلها المتهم الرابع بمنفعة الحصول على هذه الصفقة بالمبلغ المغالى فيه سالف الذكر الذى يعادل مائة وستة وسبعين مليون جنيه مصري وذلك على النحو المبين بالأوراق .
2- بصفتهم السابقة سهلوا لغيرهم الاستيلاء بغير حق على أموال جهة عامة بأن استغلوا أعمال وظائفهم في إسناد الصفقة المشار إليها في التهمة السابقة للشركة التي يمثلها المتهم الرابع على خلاف القواعد المقررة بمبالغ مغالى فيها مما مكن ممثل هذه الشركة حيلة من انتزاع قيمة الفارق من سعر اللوحات المماثلة لها وقت الإسناد الذى يعادل مبلغاً مالياًّ مقداره 32,588, 561, 92 مليون جنيه وذلك بنية تملكه على النحو المبين بالأوراق .
3- بصفتهم السابقة أضروا عمداً بأموال الغير المعهود بها لجهة عملهم ضرراً جسيماً ، بأن قاموا بتحميل المواطنين طالبي الحصول على تراخيص تسيير المركبات لدى إدارات المرور ثمن اللوحات المعدنية التي تم توريدها بأثمان مغالى فيها رغم تحميلهم مبلغ التأمين عنها ، وذلك على خلاف أحكام قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 المعدل مما ألحق ضرراً بأموال هؤلاء المواطنين على النحو المبين بالأوراق .
ثانياً : المتهمان الثاني والثالث :
بصفتهما السابقة وهما لهما شأن في الأمر بتحصيل أموال لها صفة الجباية أخذا أموالاً ليست مستحقة بأن تم بموجب المذكرة رقم ..... التي أصدرها المتهم الثاني وتولى المتهم الثالث أمر تنفيذها ، تحصيل مبالغ من المواطنين المتعاملين مع إدارات المرور المختلفة على نحو أنها رسوم نفقات لإدارات المرور بإجمالي مبالغ غير مستحقة مقدارها 100,564,235 مليون جنيه مع علمهما بذلك على النحو المبين بالأوراق.
ثالثاً : المتهم الرابع :
اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين من الأول إلى الثالث في ارتكاب الجريمتين الأولى والثانية من الاتهام الوارد بالبند أولاً بأن اتحدت إرادته معهم على ارتكابها وساعدهم بأن تعاقد على توريد اللوحات المعدنية للمركبات بأسعار تزيد على أسعار مثيلاتها وحصل على تلك المبالغ مقابل التوريد مما عاد عليه بمنفعة الصفقة والاستيلاء على قيمة الفارق بين أثمان اللوحات المعدنية الموردة والقيمة السوقية لها وقت التعاقد فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالأوراق .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
 وادعى ..... ، .... " طاعنان " – وآخرون – مدنياً قبل المتهمين .
    والمحكمة المذكورة قضت حضورياًّ للمتهمين الأول والثالث وغيابياًّ للثاني والرابع عمـــلاً بالمـواد 40/ثانياً وثالثاً ، 41/1 ، 113/1 ، 114 ، 115 ، 116 مكرر/1 ، 118، 118 مكرراً ، 119/أ ، 119 مكرر/1 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17 ، 32 من القانون ذاته : أولاً : بمعاقبة المتهم الأول .... ، والمتهم الرابع .... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة لكل منهما وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس وحدها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور هذا الحكم . ثانياً : بمعاقبة المتهم الثاني .... بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات لما أسند إليه .
ثالثاً : بمعاقبة المتهم الثالث .... بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات لما أسند إليه . رابعاً : بعزل المتهمين الثلاثة الأول من وظائفهم . خامساً : بتغريم المتهمين جميعاً مبلغ 92.561.588.32 مليون جنيه ورد مبلغ مساوٍ للمبلغ سالف الذكر . سادساً: بتغريم المتهم الثاني والثالث مبلغ 100.564.235 مليون جنيه ورد مبلغ مساوٍ للمبلغ سالف الذكر . سابعاً : بإحالة الدعاوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة .
   فطعن المحكوم عليهما الأول والثالث في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً : عن الطعن المرفوع من المدعيين بالحقوق المدنية .... و.... :
      من حيث إنه من المقرر أن الطعن بطريق النقض لا ينفتح إلَّا بعد أن يكون قد صدر في موضوع الدعوى حكم منهٍ للخصومة . وكان الحكم المطعون فيه – فيما قضى به من إحالة الدعاوى المدنية إلى المحكمة المختصة – لا يُعد منهياً للخصومة أو مانعاً من السير في أي من تلك الدعاوى إذا ما اتصلت بالمحكمة المختصة اتصالاً صحيحاً ، ومن ثم فإنه يتعين الحكم بعدم جواز الطعن ومصادرة الكفالة .
ثانياً : عن الطعن المرفوع من كلٍ من المحكوم عليهما الأول .... والثالث .... :
 من حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانهما بجرائم الحصول لغيرهما بدون حق على منفعة من عمل من أعمال وظيفتيهما وتسهيل استيلائه بغير حق على مال عام ، والإضرار العمدى بأموال الغير المعهود بها إلى الجهة التي يعمل بها كل منهما ، كما دان ثانيهما أيضاً بجريمة الغدر المؤثمة بالمادة 214 من قانون العقوبات ، قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن خلا من الأسباب التي تكفى للتدليل على توافر الجرائم المشار إليها بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون معرضاً عن دفاعهما بعدم قيامها في حقهما ، كما التفت كلية عن دفاعهما القائم على انعدام مسئوليتهما الجنائية لتوافر حالة الضرورة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الثامنة من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 فضلاً عن أن الفعل المنسوب لكلٍ منهما مباح وفقاً لحكم المادة 60 من قانون العقوبات ، ولا يسألان عنه وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 63 من القانون ذاته ، ويضيف الطاعن الثاني أن الحكم عول على إقراره وإقرار الطاعن الأول دون أن يورد مضمونهما ووجه استشهاده بهما على ثبوت الاتهام في حقه ، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
     ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى على قوله : " ... إنه خلال الفترة من عام .... وحتى عام .... قام المتهمون بصفتهم موظفين عموميين الأول .... بصفته رئيساً لمجلس الوزراء والثاني .... بصفته وزيراً للمالية والثالث .... بصفته وزيراً للداخلية ، حصلوا لغيرهم بدون حق على منفعة من عمل من أعمال وظائفهم بأن أعد المتهمان الثاني والثالث مذكرة للمتهم الأول لإسناد توريد لوحات معدنية للمركبات المرخصة بإدارات المرور على مستوى الجمهورية إلى شركة .... ، والتي يمثلها المتهم الرابع .... بالأمر المباشر بمبلغ مغالى فيه مقداره 22 مليون يورو ، فوافقهما المتهم الأول على ذلك دون توافر حالة ضرورة أو تحديد شروط وقواعد للاتفاق المباشر مع هذه الشركة كما قام المتهم الثاني بإسناد أعمال جديدة لذات الشركة دون الحصول على موافقة السلطة المختصة على خلاف أحكام القانون رقم 89 لسنة 1989 بشأن المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية قاصدين من ذلك تظفير الشركة التي يمثلها المتهم الرابع بمنفعة الحصول على هذه الصفقة بالمبلغ المغالى فيه سالف الذكر والذى يعادل 176 مليون جنيه مصري، كما قام المتهمون سالفوا الذكر الأول والثاني والثالث بصفتهم السابقة بتسهيل لغيرهم الاستيلاء بغير حق على أموال جهة عامة بأن استغلوا أعمال وظائفهم في إسناد الصفقة المشار إليها سالفة الذكر للشركة التي يمثلها المتهم الرابع على خلاف القواعد المقررة بمبالغ مغالى فيها ، مما مكن ممثل هذه الشركة حيلة من انتزاع قيمة الفارق بين سعر اللوحات المعدنية التي تم توريدها وبين السعر السوقي للوحات المماثلة لها وقت الإسناد الذى يعادل مبلغاً مالياًّ مقداره 92.561.588.32 مليون جنيه وذلك بنية تملكه ، كما أنهم بصفتهم السابقة أضروا عمداً بأموال الغير المعهود بها لجهة عملهم ضرراً جسيماً بأن قاموا بتحميل المواطنين طالبي الحصول على تراخيص تسيير المركبات لدى إدارات المرور ثمن اللوحات المعدنية التي تم توريدها بأثمان مغالى فيها رغم تحميلهم مبلغ التأمين عنها وذلك على خلاف أحكام قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 المعدل مما ألحق ضرراً مالياًّ بأموال هؤلاء المواطنين ، كما قام المتهمان الثاني والثالث بصفتهما السابقة وهما لهما شأن في الأمر بتحصيل أموال لها صفة الجباية أخذا أموالاً ليست مستحقة بأن تم بموجب المذكرة المؤرخة .... والتي أصدرها المتهم الثاني وتولى المتهم الثالث أمر تنفيذها تحصيل مبالغ من المواطنين المتعاملين مع إدارات المرور المختلفة على نحو أنها رسوم نفقات لإدارات المرور بإجمالي مبالغ غير مستحقة مقدارها 100.564.235 مليون جنيه مع علمهما بذلك ، كما قام المتهم الرابع بالاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين من الأول إلى الثالث في ارتكاب الجريمتين الأولى والثانية بأنه بصفته ممثلاً عن شركة .... اتحدت إرادته معهم في ارتكابها وساعدهم بأن تعاقد على توريد اللوحات المعدنية للمركبات بأسعار تزيد على أسعار مثيلاتها ، وحصل على تلك المبالغ مقابل التوريد مما عاد عليه بمنفعة الصفقة والاستيلاء على قيمة الفارق بين أثمان اللوحات المعدنية الموردة والقيمة السوقية لها وقت التعاقد فتمت الجريمتان بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالأوراق ". لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بُنى عليها وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب الذى يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي إنبنى عليها الحكم والمنتجة له سواء من حيث الواقع أو القانون ، ولكى يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلى مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذى قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، وكان من المقرر أن جريمة التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات لا تتحقق إلا إذا استغل الموظف العام أو من في حكمه ــ بالمعنى الوارد في المادة 119 مكرر من القانون ذاته ــ وظيفته وحصل أو حاول أن يحصل لنفسه أو لغيره بدون حق على ربـــح أو منفعة من عمل من أعمال وظيفته ، ويقتضى قيامها أن تتجه إرادته إلى الحصول على ربح أو منفعة لنفسه أو لغيره بدون حق من وراء أحد أعمال وظيفته مع علمه بذلك ، وإذا كان الحصول على الربح أو محاولة الحصول عليه هو لنفع الغير بدون حق وجب أن تتجه إرادة الجاني إلى هذا الباعث وهو نفع الغير بدون حق ، كما أن جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 من قانون العقوبات المنصوص في المادة 113 من هذا القانون تقتضي وجود المال في ملك أي من الجهات المشار إليها وأن يستغل موظف عام أو من في حكمه سلطات وظيفته كي يمد الغير بالإمكانيات التي تتيح له الاستيلاء بغير حق على ذلك المال أو يزيل من طريقه العقبات التي كانت تحول دون ذلك ، ويتعين أن يكون الجاني عالماً أن من شأن فعله الاعتداء على ملكية المال المشار إليه وأن تتجه إرادته إلى تسهيل استيلاء الغير عليه وتضييعه على ربه ، ويشترط في الضرر كركن لازم لقيام جريمة الإضرار العمد المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً من القانون سالف الذكر أن يكون محققاً أي حالاً ومؤكداً ؛ لأن الجريمة لا تقوم على احتمال تحقق أركانها ، والضرر الحال هو الضرر الحقيقي سواء أكان حاضراً أو مستقبلاً ، والضرر المؤكد هو الثابت على وجه اليقين ، كما أن جريمة الغدر المنصوص عليها في المادة 214 من قانون العقوبات لا تتوافر إلا بتعمد موظف عام أو من في حكمه له شأن في تحصيل الضرائب أو الرسوم أو العوائد أو الغرامات أو نحوها إما بطلب أو أخذ ما ليس مستحقاً أو ما يزيد على المستحق منها مع علمه بذلك . ولما كان الحكم المطعون فيه – سواء في معرض تحصيله واقعة الدعوى أو في إيراده لأدلة الثبوت فيها – لم يبين بوضوح الظروف التي وقعت فيها الجرائم التي دان كلاًّ من الطاعنين بها، وخلا من إيراد الأدلة الدالة على أن كلاًّ منهما قد استغل وظيفته لحصول المحكوم عليه الرابع على منفعة بدون حق ، وأنهما قد أمداه بالإمكانيات التي أتاحت له الاستيلاء بغير حق على المال العام وأنهما قد أزالا من طريقه العقبات التي كانت تحول دون ذلك ، وأن هاتين الجريمتين قد وقعتا ثمرة لاتفاقه معهما ومساعدته إياهما في ارتكابهما، كما لم يبين الحكم الأفعال المادية التي قارفها الطاعنان والتي تتوافر بها مسئوليتهما عن جريمة الإضرار العمد بأموال الغير المعهود بها إلى جهتي عملهما ضرراً ثابتاً على وجه اليقين ، وأن ما ساقه الحكم من أن دور الطاعن الثاني قد اقتصر على مجرد تنفيذ ما تضمنته المذكرة التي أصدرها المتهم الثاني بشأن تحصيل رسوم نفقات لإدارات المرور من المتعاملين معها ، لا يقيم بذاته الدليل على أن الطاعن المذكور أخذ من المتعاملين مع إدارات المرور رسوماً ليست مستحقة وهو عالم بذلك . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن كلاًّ من الطاعنين تمسك بعدم توافر القصد الجنائي لديه في كافة الجرائم المسندة إليه ، وقد عرض الحكم لهذا الدفع واقتصر في اطراحه على قوله : " إن الثابت من أدلة الثبوت في الدعوى أن المتهمين قاموا بارتكاب الجرائم وبالتالي تطمئن بها المحكمة لثبوت الاتهام قبلهم وإدانتهم". وإذ كان ما أورده الحكم – على نحو المار بيانه – لا يكفى في اطراح الدفع المذكور بعد أن قعد عن إيراد الوقائع والظروف التي تدل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعنين في كافة الجرائم التي دان كلاًّ منهما بها ، ذلك أن ما أورده الحكم من أن الطاعن الأول بصفته رئيساً لمجلس الوزراء قد وافق على المذكرة التي أعدها كل من المحكوم عليه الثاني بصفته وزيراً للمالية ، والطاعن الثاني بصفته وزيراً للداخلية والمتضمنة إسناد توريد لوحات معدنية للمركبات المرخصة بإدارات المرور على مستوى الجمهورية إلى الشركة التي يمثلها المحكوم عليه الرابع بالأمر المباشر بمبلغ مغالى فيه ، لا يفيد بذاته انصراف إرادة الطاعنين إلى تحقيق نفع للمحكوم عليه المذكور بدون حق ، أو تسهيل استيلائه بغير حق على مال عام، أو إلحاق الضرر بجهتي عملهما ، كما أن ما ساقه الحكم من أن الطاعن الثاني نفذ ما ورد بالمذكرة التي أصدرها المحكوم عليه الثاني من تحصيل رسوم نفقات لإدارة المرور ، لا يكفى للتدليل على توافر علمه بأن تلك الرسوم غير مستحقة ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التدليل على توافر كافة الجرائم التي دان كلاًّ من الطاعنين بها . لما كان ذلك ، وكانت المادة الثامنة من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1989 تجيز في الفقرة الثانية منها لرئيس مجلس الوزراء في حالات الضرورة أن يصرح لجهة بعينها لاعتبارات يقدرها ترتبط بطبيعة عمل ونشاط تلك الجهة بالتعاقد عن طريق الاتفاق المباشر وفقاً للشروط والقواعد التي يحددها . كما أن المادة 60 من قانون العقوبات تبيح الأفعال التي ترتكب عملاً بحق قرره القانون، وأن الفقرة الثانية من المادة 63 من القانون ذاته تنفى المسئولية عن الموظف العام إذا حسنت نيته وارتكب فعلاً تنفيذاً لما أمرت به القوانين أو اعتقد أن إجراءه من اختصاصه. وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن كلاًّ من الطاعنين تمسك بانتفاء مسئوليته الجنائية استناداً إلى أن التعاقد بالطريق المباشر مع الشركة التي يمثلها المحكوم عليه الرابع كان في حدود السلطة التقديرية لهما في الحفاظ على أمن البلاد وهو ما تتوافر به حالة الضرورة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الثامنة من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات – سالف الإشارة إليه - كما أنه فعل مباح وفقاً لحكم المادة 60 من قانون العقوبات ، ولا يسألان عنه طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 63 من القانون ذاته ، وهو دفاع جوهري لأن من شأنه – لو صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى ، وإذ لم تقسطه المحكمة حقه ولم تعن بتحقيقه وتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ، بل أمسكت عنه إيراداً له ورداًّ عليه ، فإن حكمها المطعون فيه يكون فوق ما انطوى عليه من إخلال بحق الطاعنين في الدفاع جاء مشوباً بالقصور في التسبيب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الحكم بالإدانة يجب أن يبين كل دليل من أدلة الثبوت التي استند إليها في بيان جلى مفصل ، فلا تكفى مجرد الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتساقه مع باقي الأدلة التي أخذ بها وإلا كان قاصراً . وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أنه عول في قضائه – من بين ما عول عليه – على ما أقر به كل من الطاعنين دون أن يورد مضمون ما أقرا به ويذكر مؤداه حتى يمكن التحقق من مدى اتساقه مع باقي الأدلة التي اعتمد عليها ، فإنه يكون معيباً أيضاً بالقصور في التسبيب . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة إلى الطاعنين وحدهما دون حاجة لبحث سائر أوجه طعنيهما دون المحكوم عليهما الثاني والرابع اللذين صدر الحكم غيابياًّ بالنسبة لهما ، فلا يمتد إليهما القضاء بنقضه بالنسبة إلى الطاعنين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 6836 لسنة 81 ق جلسة 13 / 2 / 2013 مكتب فني 64 ق 26 ص 260

جلسة 13 من فبراير سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / حامد عبد الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / يحيى خليفة ، منصور القاضي ، محمد عبد الحليم ووائل أنور نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(26)
الطعن 6836 لسنة 81 ق
(1) تربح . إضرار عمدي . جريمة " أركانها " . إثبات " بوجه عام " . قصد جنائي . حكم " بيانات التسبيب " " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب معيب " .
وجوب اشتمال حكم الإدانة على الأسباب التي بني عليها وإلَّا كان باطلاً .
المراد بالتسبيب المعتبر قانوناً ؟
وجوب بناء الأحكام على الجزم واليقين . لا على الظن والاحتمال.
جناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 عقوبات . مناط تحققها ؟
جناية الإضرار العمدي طبقاً للمادة 116 مكرراً عقوبات . أركانها؟
 إغفال الحكم بإدانة الطاعن بجريمتي التربح والإضرار العمدي بأموال جهة عمله بيان كيف طوعت وظيفته له محاولة تظفير الغير بربح دون حق وتضمن موافقته المبدئية على تخصيص أرض لآخرين سعراً نهائياً لها . غير كاف لتوافر القصد الجنائي بالنسبة للجريمتين. علة ذلك ؟
(2) غرامة . عقوبة " العقوبة التكميلية " " تطبيقها ".
الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 عقوبات . من الغرامات النسبية .
وجوب تحديد الحكم مقدار الغرامة ولو نسبية بالعملة المصرية في تاريخ الجريمة . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر . خطأ في القانون .
(3) إضرار عمدي . جريمة " أركانها ". ضرر . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره ". حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " .
ركن الضرر في جريمة الإضرار العمدي . شرطه ؟
دفاع الطاعن بانتفاء ركن الضرر في جريمة الإضرار العمدي . جوهري . عدم تحقيق المحكمة له . إخلال بحق الدفاع . علة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان القانون يوجب أن يشتمل حكم الإدانة على الأسباب التي بُنى عليها وإلَّا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر هو تحديد الأسانيد والحجج التي إنبنى عليها الحكم والمنتجة له سواء من حيث الواقع أو القانون ، ولكى يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، كما يجب أن تُبنى الأحكام على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة ، وكانت جناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات تتحقق متى استغل الموظف العام أو من في حكمه وظيفته بأن حصل أو حاول أن يحصل لنفسه على ربح أو منفعة بحق أو بغير حق أو لغيره دون حق وذلك من عمل من أعمال وظيفته ، كما أن المادة 116 مكرراً من ذات القانون تتطلب توافر أركان ثلاثة أولها صفة الجاني وهو أن يكون موظفاً عاماً بالمعنى الوارد في المادة 119 من ذات القانون ، وثانيها الإضرار بالأموال والمصالح المعهودة إلى الموظف ولو لم يترتب على الجريمة أي نفع شخصي له وأخيراً القصد الجنائي واتجاه إرادة الجاني إلى الإضرار ويشترط أن يكون الضرر محققاً أي حالاً ومؤكداً سواء أكان حاضراً أو مستقبلاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين - سواء في معرض تحصيله لواقعة الدعوى أو في إيراده لأدلة الثبوت فيها - كيف أن وظيفة الطاعن طوعت له محاولة تظفير الغير بربح دون حق ، وما إذا كانت موافقته المبدئية على تخصيص الأرض للمحكوم عليهما الآخرين قد تضمنت سعراً نهائياً لها من عدمه ، وإنما اكتفى في ذلك بعبارات عامة مجملة وسرد لإجراءات التعاقد مع الهيئة العامة للتنمية السياحية والقرارات الصادرة بشأن ذلك وهو ما لا يكفى لتوافر القصد الجنائي بالنسبة للجريمتين المسندتين إليه ، إذ لا يعدو أن يكون حديثاً عن الأفعال المادية التي قارفها الطاعن دون أن يدلل على ارتكابه لتلك الأفعال وأنها كانت مصحوبة بنية تربيح الغير دون وجه حق وإلحاق الضرر بجهة عمله .
2- لما كانت الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات هي من الغرامات النسبية ، وأن القانون يوجب في كل حكم يصدر بعقوبة الغرامة أن يحدد مقدارها بالعملة المصرية، ولا يغير من ذلك أن تكون الغرامة المقضي بها من الغرامات النسبية إذ يتعين تقدير قيمتها بقيمة ذلك النقد الأجنبي من العملة المصرية في تاريخ وقوع الجريمة ، وإذ كان الحكم المطعون فيه - حسبما ورد بمدوناته - قد قام بتقدير قيمة الغرامة وفقاً لسعر البنك المركزي في .... وهو تاريخ سابق على وقوع الجريمة ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في القانون .
3- لما كان يشترط في الضرر كركن لازم لقيام جريمة الإضرار العمدى أن يكون محققاً أي حـالاً ومؤكداً ؛ لأن الجريمة لا تقوم على احتمال تحقق أحد أركانها ، والضرر الحال هو الضرر الحقيقي سواء أكان حاضراً أو مستقبلاً ، والضرر المؤكد هو الثابت على وجه اليقين، وإذ كان دفاع الطاعن الثابت بالأوراق قد تأسس على انتفاء ركن الضرر - سيما مع قيام المحكوم عليه الثاني برد الأرض للهيئة - وهو بهذه المثابة يُعد دفاعاً جوهرياً يتغير بـه - إن صح - وجه الرأي في الدعوى ، ولما كانت المحكمة لم تُعن بتحقيقه أو تمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1 .... " طاعن " 2 ....3 .... بأنهم : المتهم الأول " الطاعن " : 1- بصفته موظفاً عاماً ( وزير .... السابق) حصل لغيره دون حق على ربح من عمل من أعمال وظيفته بأن وافق بصفته الوظيفية على تخصيص قطعتي أرض الأولى لشركة .... التي يمثلها المتهم الثاني بمساحة 5 مليون متر مربع ، والثانية بمساحة 207.2145 متر مربع لشركة .... - إحدى شركات .... العقارية مصر - التي يمثلها المتهم الثالث بناحية .... المعدة من مناطق النشاط البترولي بمدينة .... المملوكتين لجهة عمله وعلى خلاف القواعد المقررة بأحكام المادتين 12 ، 13 من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2908 لسنة 1995 في شأن القواعد المنظمة لإدارة واستغلال والتصرف في الأراضي المخصصة للهيئة العامة للتنمية السياحية التي أوجبت عليه تشكيل لجنة عليا لتقدير ثمن بيع المتر المربع للأراضي المخصصة للتنمية السياحية والالتزام بعناصر محددة عند التثمين وكان ذلك بأن امتنع عمداً عن تفعيل هذه الأحكام المشار إليها حال كونه المخاطب بها وحده ودون تفويض غيره فيها قاصداً من ذلك تظفير هاتين الشركتين بربح تمثل في الفارق بين سعر التصرف في الأرض بمقدار دولار واحد للمتر وبين السعر الذي كان يتعين البيع به وقت التصرف وهو 3 دولارات للمتر بإجمالي مبلغ 51.404.290 مليون دولار (واحد وخمسين مليوناً وأربعمائة وأربعة آلاف ومائتين وتسعين دولاراً) المعادل لمبلغ 293.868.045.072 مليون جنيه (مائتين وثلاثة وتسعين مليوناً وثمانمائة وثمانية وستين ألفاً وخمسة وأربعين جنيهاً واثنين وسبعين مليماً ، وذلك بغير حق على النحو المبين بالأوراق. 2 - بصفته السابقة أضر عمداً بأموال الجهة التي يعمل بها إضراراً جسيماً بأن وافق على التخصيص المشار إليه بالتهمة الأولى على خلاف القواعد المقررة بجهة عمله التي نظمها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2908 لسنة 1995 في شأن القواعد المنظمة لإدارة واستغلال والتصرف في الأراضي المخصصة للهيئة العامة للتنمية السياحية مما ألحق ضرراً مالياً بجهة عمله بالقيمة سالفة الذكر وعلى النحو المبين بالأوراق . المتهمان الثاني والثالث : اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمتين محل الوصف السابق وكان ذلك بأن اتفقا معه على ارتكابها واتحدت إرادتهما على ذلك وساعداه بأن قام المتهم الثاني المساهم في شركتي .... و.... مع شقيق المتهم الأول وعمه وابن عمه - بتقديم طلب التخصيص بمساحة 5 ملايين متر لشركة .... وقام المتهم الثالث بتقديم طلب مماثل بمساحة 3 ملايين متر لشركة ....- إحدى شركات .... العقارية مصر - فوافق المتهم الأول على هذا التخصيص بسعر متدن بمقدار دولار واحد للمتر بدلاً من 3 دولارات وهو السعر الذي كان يتعين التخصيص به على النحو الوارد بتقرير لجنة الخبراء مما ربح المتهم الثاني بمبلغ عشرة ملايين دولار المعادل لمبلغ 57.168.000 مليون جنيه " سبعة وخمسين مليوناً ومائة وثمانية وستين ألف جنيه " وربح المتهم الثالث بمبلغ 41.404.290 مليون دولار المعادل لمبلغ 236.700.045.072 مليون جنيه " مائتين وستة وثلاثين مليوناً وسبعمائة ألف وخمسة وأربعين جنيهاً واثنين وسبعين مليماً " فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالـة.
وحضر الأستاذان .... و.... المحاميان عن المسئول عن الحقوق المدنية لشركة....
وحضر الأساتذة ....و.... و.... عن نقابة المحامين وادعوا مدنياً بمبلغ مليار جنيه تعويضاً نهائياً لما أصاب الشعب المصري من ضرر .
وحضر الأستاذ .... المحامي عن المبلغ الصحفي .... وادعى مدنياً بمبلغ 10001 جنيه قبل المتهم الأول .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وغيابياً للثاني والثالث : أولاً : بمعاقبة كل من .... ، .... ، .... عملاً بالمواد 40 ، 41 ، 115 ، 116 مكرر ، 118 ، 118 مكرر، 119/أ ، 119 مكرراً/أ من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32/ 2 من القانون سالف الذكر قبل المتهم الأول : بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وبتغريم الأول متضامناً مع الثاني مبلغ سبعة وخمسين مليوناً ومائة وثمانية وستين ألف جنيه وبتغريم الأول أيضاً متضامناً مع الثالث مبلغ مائتين وستة وثلاثين مليوناً وسبعمائة ألف وخمسة وأربعين جنيهاً ، وعزل الأول من الوظيفة العامة ورد قطعتي الأرض موضوع قراري التخصيص الصادرين من هيئة التنمية السياحية رقمي .... والصادر في .... ، .... الصادر في .... وعلى الهيئة اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها بقرار رئيس الوزراء رقم 2908 لسنة 1995 لتنفيذ حكم الرد . ثانياً : بعدم قبول الدعويين المدنيتين المقامتين من .... ، ومحامي الشعب المصري مع إلزام رافعيها كل بمصاريف دعواه ومائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة . ثالثاً : بقبول معارضة النيابة العامة وعدم قبول تدخل المسئول عن الحقوق المدنية خصماً في الدعوى . رابعاً : على النيابة اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها بالمادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية فيما تصدت له المحكمة في أسباب حكمها .
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي محاولة الحصول لغيره على ربح من عمل من أعمال وظيفته والإضرار العمدى بأموال الجهة التي يعمل بها قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أن أسبابه جاءت في عبارة عامة معماة ولم يستظهر أركان الجريمتين اللتين دانه بهما ، واحتسب قيمة الغرامة المقضي بها على أساس سعر صرف الدولار بتاريخ .... على الرغم من أن تاريخ وقوع الجريمة كان .... والتفت عن دفاعه بانتفاء ركن الضرر في جريمة الإضرار العمدى ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
    وحيث إن القانون يوجب أن يشتمل حكم الإدانة على الأسباب التي بُنى عليها وإلَّا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر هو تحديد الأسانيد والحجج التي إنبنى عليها الحكم والمنتجة له سواء من حيث الواقع أو القانون ، ولكى يحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، كما يجب أن تُبنى الأحكام على الجزم واليقين من الواقع الذي يثبته الدليل ولا تؤسس على الظن والاحتمال من الفروض والاعتبارات المجردة ، وكانت جناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات تتحقق متى استغل الموظف العام أو من في حكمه وظيفته بأن حصل أو حاول أن يحصل لنفسه على ربح أو منفعة بحق أو بغير حق أو لغيره دون حق وذلك من عمل من أعمال وظيفته ، كما أن المادة 116 مكرراً من ذات القانون تتطلب توافر أركان ثلاثة أولها صفة الجاني وهو أن يكون موظفاً عاماً بالمعنى الوارد في المادة 119 من ذات القانون ، وثانيها الإضرار بالأموال والمصالح المعهودة إلى الموظف ولو لم يترتب على الجريمة أي نفع شخصي له وأخيراً القصد الجنائي واتجاه إرادة الجاني إلى الإضرار ويشترط أن يكون الضرر محققاً أي حالاً ومؤكداً سواء أكان حاضراً أو مستقبلاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين - سواء في معرض تحصيله لواقعة الدعوى أو في إيراده لأدلة الثبوت فيها - كيف أن وظيفة الطاعن طوعت له محاولة تظفير الغير بربح دون حق ، وما إذا كانت موافقته المبدئية على تخصيص الأرض للمحكوم عليهما الآخرين قد تضمنت سعراً نهائياً لها من عدمه ، وإنما اكتفى في ذلك بعبارات عامة مجملة وسرد لإجراءات التعاقد مع الهيئة العامة للتنمية السياحية والقرارات الصادرة بشأن ذلك وهو ما لا يكفى لتوافر القصد الجنائي بالنسبة للجريمتين المسندتين إليه ، إذ لا يعدو أن يكون حديثاً عن الأفعال المادية التي قارفها الطاعن دون أن يدلل على ارتكابه لتلك الأفعال وأنها كانت مصحوبة بنية تربيح الغير دون وجه حق وإلحاق الضرر بجهة عمله . لما كان ذلك ، وكانت الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات هي من الغرامات النسبية ، وأن القانون يوجب في كل حكم يصدر بعقوبة الغرامة أن يحدد مقدارها بالعملة المصرية، ولا يغير من ذلك أن تكون الغرامة المقضي بها من الغرامات النسبية إذ يتعين تقدير قيمتها بقيمة ذلك النقد الأجنبي من العملة المصرية في تاريخ وقوع الجريمة ، وإذ كان الحكم المطعون فيه - حسبما ورد بمدوناته - قد قام بتقدير قيمة الغرامة وفقاً لسعر البنك المركزي في .... وهو تاريخ سابق على وقوع الجريمة ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في القانون . لما كان ذلك ، وكان يشترط في الضرر كركن لازم لقيام جريمة الإضرار العمدى أن يكون محققاً أي حـالاً ومؤكداً ؛ لأن الجريمة لا تقوم على احتمال تحقق أحد أركانها ، والضرر الحال هو الضرر الحقيقي سواء أكان حاضراً أو مستقبلاً ، والضرر المؤكد هو الثابت على وجه اليقين ، وإذ كان دفاع الطاعن الثابت بالأوراق قد تأسس على انتفاء ركن الضرر - سيما مع قيام المحكوم عليه الثاني برد الأرض للهيئة - وهو بهذه المثابة يُعد دفاعاً جوهرياً يتغير بـه - إن صح - وجه الرأي في الدعوى ، ولما كانت المحكمة لم تُعن بتحقيقه أو تمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع فوق القصور في التسبيب والخطأ في القانون بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجمعة، 4 يناير 2019

تصرف النيابة العامة في المضبوطات عمل قضائي يخرج من نطاق الاختصاص الولائي لمجلس الدولة


الطعن 34655 لسنة 62 ق جلسة 17 / 3 / 2009 محكمة القضاء الإداري ص  443

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور محمد أحمد عطيه نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محكمة القضاء الإداري 
وعضوية السيدين الأستاذين المستشارين / فوزي علي حسين شلبي وسعيد السيد أحمد نائبي رئيس مجلس الدولة

------------
الوقائع
أقيمت الدعوى بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 29/4/2008، وطلب المدعي في ختامها: الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار النيابة العامة في القضية رقم 1805 لسنة 2008 جنح أول القاهرة الجديدة - المقيدة برقم 301 لسنة 2008 حصر تحقيق - فيما تضمنه من بيع كمية الحديد المحرزة والمتحفظ عليها بمعرفة الإدارة العامة بشرطة التموين وقطاع التجارة الداخلية في وزارة الصناعة مع توريد المبلغ خزينة المحكمة بالإيصال اللازم على ذمة المحاكمة
وذكر المدعي شرحاً للدعوى أنه قدم للمحاكمة الجنائية بتهمة عدم الإعلان عن أسعار بيع حديد التسليح في مكان ظاهر، وتعامله بغير فاتورة، وإقامة محل تجاري بغير ترخيص، وبلغت كمية الحديد المتحفظ عليها على ذمة القضية 1148 طن، وأصدرت النيابة العامة قرارها المطعون فيه
ونعى المدعي على ذلك القرار مخالفة القانون لأسباب تخلص في أن حديد التسليح ليس من الأشياء التي تتلف بمرور الزمن كما أن نفقات تخزين الكمية المضبوطة لا تستغرق قيمة الحديد المضبوط والتي تبلغ سبعة ملايين من الجنيهات، وأن المبلغ لم يتم بالمزاد العلني بالمخالفة لنص المادة (109) من قانون الإجراءات الجنائية، واختتم المدعي دعواه بالطلبات المشار إليها
وقد تحدد لنظر الدعوى جلسة 27/5/2008 وتدوولت على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وقدم الحاضر عن المدعي ثلاث حوافظ للمستندات طويت على صور ضوئية من الأوراق المرتبطة بموضوع الدعوى وبصفة خاصة رخصة المصنع والقرار المطعون فيه، وقدم الحاضر عن هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من مذكرة النيابة العامة في القضية المشار إليها ومحضر تعيين مدير مبيعات الشركة حارساً على المضبوطات سالفة البيان، كما قدم مذكرتين بالدفاع طلب فيهما: الحكم بصفة أصلية بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، واحتياطياً: بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري، وعلى سبيل الاحتياط برفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعي وإلزام المدعي بالمصروفات
وبجلسة 24/2/2009 قررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة
من حيث إن المدعي يطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من النيابة العامة في الجنحة المشار إليها فيما تضمنه من بيع الحديد المتحفظ عليه وتوريد المبلغ خزينة المحكمة
ومن حيث إن الفصل في الاختصاص يسبق البحث في شكل الدعوى وفي موضوعها
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن النيابة العامة هي شعبة أصيلة من شعب السلطة القضائية تتولى أعمالاً قضائية من بينها وظيفة التحقيق ووظيفة الاتهام، ويعتبر القرار الصادر منها في هذا الشأن عملاً قضائياً وليس قراراً إدارياً، ومن ثم لا يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الطعن على تلك القرارات
ومن حيث إن تصرف النيابة العامة في الأشياء المضبوطة على ذمة القضايا التي تحقق فيها طبقاً للفصل الخامس من الباب الثالث من قانون الإجراءات الجنائية (المواد من 101 إلى 109) - يدخل في نطاق وظيفتها القضائية ولا يعد قراراً إدارياً، ومن ثم فإن الطعن على تصرف النيابة العامة في الأشياء المضبوطة يخرج من نطاق الاختصاص الولائي للقضاء الإداري
ومن حيث إن القرار المطعون فيه صدر من النيابة العامة بمناسبة التحقيق مع المدعي في الجنحة رقم 1805 لسنة 2008، ومن ثم يعد عملاً قضائياً يخرج من نطاق الاختصاص الولائي للمحكمة، مما يتعين معه والحال كذلك القضاء بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، دون الإحالة لعدم انطباق نص المادة (110) من قانون المرافعات، وإلزام المدعي المصروفات عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة: بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات.


الطعن 7690 لسنة 4 ق جلسة 15 / 5 / 2013 مكتب فني 64 ق 88 ص 627

جلسة 15 من مايو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / مجدي أبو العلا نائب رئيـس المحكمة وعضوية السادة القضاة / علي حسن علي ، طارق محمد سلامة وقدري عبد الله نواب رئيس المحكمة وأبو الحسين فتحي .
--------------
(88)
الطعن 7690 لسنة 4 ق
أمر جنائي . قانون " تفسيره " . نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . معارضة .
المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 . مفادها ؟
الأوامر الجنائية . ليست من قبيل الأحكام . الطعن عليها بطريق الاستئناف أو النقض . غير جائز . أساس ذلك ؟
        الطعن بالنقض على الأمر الجنائي الصادر من القاضي الجزئي . غير جائز .
        تخلف الطاعن عن الحضور أمام المحكمة الاستئنافية بالجلسة المحددة لنظر اعتراضه على الأمر الجنائي . يعيد للأمر قوته ويصبح نهائياً واجب التنفيذ . عدم جواز المعارضة الاستئنافية عليه . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر . خطأ في تطبيق القانون . أساس وعلة وأثر ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كانت المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد نظمت طرق الطعن في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات ، مما مفاده أن الأصل عدم جواز الطعن بطريق النقض ـــ وهو طريق استثنائي ـــ إلا في الأحكام النهائية الصادرة في الموضوع والتي تنتهى بها الدعوى ، أما القرارات والأوامر فإنه لا يجوز الطعن فيها إلا بنص، وكانت الأوامر الجنائية ليست من قبيل الأحكام وإنما نظم الشارع في المواد من 323 إلى 330 من قانون الإجراءات الجنائية كيفية إصدارها وطرق الطعن عليها - ليس من بينها طريق الطعن بالاستئناف - وكان قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد خلا من النص على جواز الطعن في الأوامر الجنائية ، كما خلا من ذلك قانون الإجراءات الجنائية أيضاً ، وكان البيِّن من تقرير الطعن بالنقض أنه انصب - في حقيقته - على الأمر الجنائي الصادر من قاضي محكمة .... الجزئية في الجنحة رقم .... لسنة .... بتغريم المتهم ثلاثمائة جنيه والمصاريف عن التهمتين المسندتين إليه للارتباط وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة بلا مصروفات ، وهو المستفاد من منطوق القضاء المطعون فيه ـــ بحسب ما تضمنه تقرير الطعن ـــ فإن الطعن عليه يكون غير جائز ، ولا يغير ذلك الإشارة ـــ في التقرير ـــ إلى أن ذلك القضاء قد صدر في القضية رقم .... لسنة .... بتاريخ .... ، إذ لم يتضمن الحكم الصادر في تلك الدعوى المنطوق المار بيانه ، وإنما نص على " قبول المعارضة الاستئنافية شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وبقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم المصاريف " فضلاً عن أن الطاعن لم يكن يجديه الطعن على ذلك الحكم بعد إذ تغيب عن الحضور في المحاكمة الاستئنافية فأصبح اعتراضه على الأمر الجنائي غير جدى ، واستعاد الأمر قوته وأصبح نهائياً واجب التنفيذ ـــ وفقاً لما تضمنته المادة 328 من قانون الإجراءات الجنائية ، مما مؤداه عدم جواز المعارضة فيه أو استئنافه رجوعاً إلى الأصل في شأنه ، ويكون الحكم الاستئنافي ـــ سالف الذكر ـــ قد أخطأ في تطبيق القانون ، وبما يستوجب ـــ بفرض الطعن عليه ـــ نقضه ، والقضاء ـــ وهو أمر يتصل بالنظام العام ـــ بعدم جواز استئناف الطاعن للأمر الجنائي ، فإن الطعن فيه بطريق النقض يكون غير جائز .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
    لما كانت المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد نظمت طرق الطعن في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات ، مما مفاده أن الأصل عدم جواز الطعن بطريق النقض ـــ وهو طريق استثنائي ـــ إلا في الأحكام النهائية الصادرة في الموضوع والتي تنتهى بها الدعوى ، أما القرارات والأوامر فإنه لا يجوز الطعن فيها إلا بنص ، وكانت الأوامر الجنائية ليست من قبيل الأحكام وإنما نظم الشارع في المواد من 323 إلى 330 من قانون الإجراءات الجنائية كيفية إصدارها وطرق الطعن عليها - ليس من بينها طريق الطعن بالاستئناف - وكان قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد خلا من النص على جواز الطعن في الأوامر الجنائية ، كما خلا من ذلك قانون الإجراءات الجنائية أيضاً ، وكان البيِّن من تقرير الطعن بالنقض أنه انصب ـــ في حقيقته ــــ على الأمر الجنائي الصادر من قاضي محكمة .... الجزئية في الجنحة رقم .... لسنة .... بتغريم المتهم ثلاثمائة جنيه والمصاريف عن التهمتين المسندتين إليه للارتباط وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة بلا مصروفات ، وهو المستفاد من منطوق القضاء المطعون فيه ـــ بحسب ما تضمنه تقرير الطعن ـــ فإن الطعن عليه يكون غير جائز ، ولا يغير ذلك الإشارة ـــ في التقرير ـــ إلى أن ذلك القضاء قد صدر في القضية رقم .... لسنة .... بتاريخ .... ، إذ لم يتضمن الحكم الصادر في تلك الدعوى المنطوق المار بيانه ، وإنما نص على " قبول المعارضة الاستئنافية شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وبقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم المصاريف " فضلاً عن أن الطاعن لم يكن يجديه الطعن على ذلك الحكم بعد إذ تغيب عن الحضور في المحاكمة الاستئنافية فأصبح اعتراضه على الأمر الجنائي غير جدى ، واستعاد الأمر قوته وأصبح نهائياً واجب التنفيذ وفقاً لما تضمنته المادة 328 من قانون الإجراءات الجنائية ، مما مؤداه عدم جواز المعارضة فيه أو استئنافه رجوعاً إلى الأصل في شأنه ، ويكون الحكم الاستئنافي ـــ سالف الذكر ـــ قد أخطأ في تطبيق القانون ، وبما يستوجب ـــ بفرض الطعن عليه ـــ نقضه ، والقضاء ـــ وهو أمر يتصل بالنظام العام ـــ بعدم جواز استئناف الطاعن للأمر الجنائي ، فإن الطعن فيه بطريق النقض يكون غير جائز . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون مفصحاً عن عدم قبوله شكلاً ، وهو ما يتعين التقرير به ومصادرة الكفالة عملاً بنص المادة 36/2 من القانون المار بيانه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 11753 لسنة 82 ق جلسة 14 / 5 / 2013 مكتب فني 64 ق 87 ص 622

جلسة 14 من مايو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / سلامة أحمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / يحيى محمود وعصمت عبد المعوض نائبي رئيس المحكمة وعلاء الدين كمال وناصر عوض. 
---------------
(87)
الطعن 11753 لسنة 82 ق
(1) إكراه . جريمة " أركانها " . حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . سرقة . سلاح . قصد جنائي .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنتين بهم وإيراده على ثبوتهم في حقهما أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
كفاية ثبوت أن المسروق ليس مملوكاً للمتهم لإدانته بجريمة السرقة .
القصد الجنائي في السرقة . قوامه ؟
مثال لتدليل سائغ لحكم صادر بالإدانة بجرائم السرقة بالإكراه وإحراز سلاح أبيض وأداة بغير مسوغ .
(2) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(3) إثبات " اعتراف " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع " الدفع ببطلان الاعتراف " .
الرد على الدفع ببطلان اعتراف الطاعنة بالتحقيقات لصدوره تحت إكراه مادي ومعنوي . غير لازم . ما دامت لم تقدم الدليل عليه .
(4) أمر الإحالة . بطلان . إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
إعادة الدعوى لجهة التحقيق بعد دخولها في حوزة المحكمة . غير جائز . اطراح الدفع ببطلان أمر الإحالة . صحيح . علة ذلك ؟
(5) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دعوى جنائية " قيود تحريكها " . سرقة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره " .
هبة الزوج لزوجته . تمامها في المنقول بالقبض .
الحيازة في المنقول سند الملكية .
تحصّل المجني عليها على المشغولات الذهبية من زوجها . غير مؤثر في ملكيتها لها . تحريكها للدعوى قبل الطاعنة وهي الزوجة الثانية لزوجها . صحيح . تنازل الزوج عن الشكوى . لا أثر له على قيام الجريمة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـــ لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما مؤداه أن المتهمتين طرقتا على المجني عليها باب منزلها وطلبتا منها الدخول وإذ رفضت قامتا بدفعها أرضاً والتعدي عليها بصاعق كهربائي وتكبيلها وسرقة مصوغاتها الذهبية، وأورد على ثبوت الواقعة في حقهما أدلة مستمدة من شهادة المجني عليها وشاهدين آخرين - أحدهما مشتري المصوغات من المتهمتين بناءً على عرضهما - وأقوال الضابط مجري التحريات والضبط واعترافهما بتحقيقات النيابة العامة، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لأركان الجريمة التي دان الطاعنتين بها ودلل على توافرها في حقهما خلافاً لما تزعمانه بوجه الطعن، فإن منعاهما في هذا الصدد لا يكون له محل؛ ذلك أنه يكفي للعقاب في السرقة أن يثبت أن المسروق ليس مملوكاً للمتهم ، كما أن القصد الجنائي في السرقة قوامه علم الجاني وقت ارتكابه الجريمة بأنه يختلس المنقول المملوك للغير بغير رضائه بنية تملكه، وهو ما أورده الحكم ودلل عليه سائغاً.
2ــ من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن وردت على الدفع المثار في هذا الخصوص بما يسوغ ، فإن منعى الطاعنة الثانية في هذا الصدد لا يكون سديداً .
3ـ لما كان البيّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة الأولى وإن كانت قد دفعت ببطلان اعترافها بالتحقيقات لصدوره تحت إكراه مادي ومعنوي ، بيد أن قولها في هذا جاء قولاً مرسلاً غير مدلول عليه بأية شواهد ، مما لا يُحمل على الدفع الجدي بما تلتزم المحكمة بالرد عليه ، فلا على الحكم إن تغاضى عنه ولم يعره التفاتاً.
4ـ من المقرر أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضي إعادتها إلى مرحلة الإحالة ، وهو غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص إلى اطراح الدفع ببطلان أمر الإحالة يكون قد أصاب صحيح القانون ولا وجه للنعي عليه في هذا الخصوص .
5 ــ من المقرر أن هبة الزوج لزوجته لازمة وتتم في المنقول بالقبض أخذاً بأحكام القانون المدني ، وكانت الحيازة في المنقول سند الملكية ، فإنه بفرض صحة تَحصُّل المجني عليها لتلك المشغولات الذهبية من زوجها لا يؤثر على ملكيتها لها ، وإذ كان الحكم قد استخلص من وقائع الدعوى ملكية المجني عليها للمسروقات - خلافاً لما يدعى به بوجه الطعن - ومن ثم يضحى تحريك الدعوى قِبل المختلس طليقاً من قيد شكوى الزوج ، ولا أثر لتنازله - كذلك - على الدعوى ، ولو كانت تربطه علاقة زوجية بكل من المجني عليها والطاعنة الأولى ، ويكون ما يثار في هذا الصدد دفعاً ظاهر البطلان لا على الحكم إن أعرض عنه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
    اتهمت النيابة العامة الطاعنتين بأنهما: 1- سرقتا المنقولات المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة للمجني عليهما / .... ، .... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع على المجني عليها الثانية وذلك بأن دلفتا لمسكنها ودفعتاها أرضاً وتعديتا عليها باستخدام أداة " صاعق كهرباء " وكذا سلاح أبيض " سكين " وقامتا بتكبيلها فأحدثتا بها الإصابات الموصوفة بأقوال المجني عليها بالتحقيقات وتمكنتا بتلك الوسيلة القسريـة من شل مقاومتها وسرقة المنقولات سالفة البيان على النحو المبين بالتحقيقات .
    2- أحرزتا بغير ترخيص سلاحاً أبيض " سكين " بدون مسوغ من الضرورة الشخصية أو المهنية .
    3- أحرزتا أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص " صاعقاً كهربائياً " دون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة الشخصية أو المهنية.
 وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 314 من قانون العقوبات والمواد 1/1 ، 25 مكرر/1 ، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبندين رقمي 6، 7 من الجدول رقم (1) الملحق مع إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبتهما بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليهما ومصادرة المضبوطات .
 فطعنت المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
ومن حيث إن الطاعنتين تنعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي السرقة بالإكراه وإحراز سلاح أبيض وأداة بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية ، قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون وانطوى على إخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه لم يبين الواقعة ومؤدى الأدلة ، ودانهما رغم تخلف أركان الجريمة في حقهما ، ورد بما لا يسوغ على دفع الثانية ببطلان إذن القبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ، وبطلان اعتراف الأولى لصدوره تحت تأثير إكراه مادي ومعنوي ، وأغفل الرد على الدفع ببطلان أمر الإحالة ، وعدم قبول الدعوى لرفعها بغير شكوى من زوج الطاعنة الأولى والمجني عليها ، ونسب لهذه الأخيرة ملكية المنقولات محل الجريمة خلافاً للثابت بالأوراق ، كما لم يُعمل أثر تنازل الزوج ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما مؤداه أن المتهمتين طرقتا على المجني عليها باب منزلها وطلبتا منها الدخول وإذ رفضت قامتا بدفعها أرضاً والتعدي عليها بصاعق كهربائي وتكبيلها وسرقة مصوغاتها الذهبية ، وأورد على ثبوت الواقعة في حقهما أدلة مستمدة من شهادة المجني عليها وشاهدين آخرين - أحدهما مشتري المصوغات من المتهمتين بناءً على عرضهما - وأقوال الضابط مجري التحريات والضبط واعترافهما بتحقيقات النيابة العامة ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لأركان الجريمة التي دان الطاعنتين بها ودلل على توافرها في حقهما خلافاً لما تزعمانه بوجه الطعن ، فإن منعاهما في هذا الصدد لا يكون له محل ؛ ذلك أنه يكفي للعقاب في السرقة أن يثبت أن المسروق ليس مملوكاً للمتهم ، كما أن القصد الجنائي في السرقة قوامه علم الجاني وقت ارتكابه الجريمة بأنه يختلس المنقول المملوك للغير بغير رضائه بنية تملكه ، وهو ما أورده الحكم ودلل عليه سائغاً . لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن وردت على الدفع المثار في هذا الخصوص بما يسوغ ، فإن منعى الطاعنة الثانية في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان البيَّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة الأولى وإن كانت قد دفعت ببطلان اعترافها بالتحقيقات لصدوره تحت إكراه مادي ومعنوي ، بيد أن قولها في هذا جاء قولاً مرسلاً غير مدلول عليه بأية شواهد، مما لا يُحمل على الدفع الجدي بما تلتزم المحكمة بالرد عليه، فلا على الحكم إن تغاضى عنه ولم يعره التفاتاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضي إعادتها إلى مرحلة الإحالة، وهو غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص إلى اطراح الدفع ببطلان أمر الإحالة يكون قد أصاب صحيح القانون ولا وجه للنعي عليه في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكانت هبة الزوج لزوجته لازمة وتتم في المنقول بالقبض أخذاً بأحكام القانون المدني ، وكانت الحيازة في المنقول سند الملكية ، فإنه بفرض صحة تَحصُّل المجني عليها لتلك المشغولات الذهبية من زوجها لا يؤثر على ملكيتها لها ، وإذ كان الحكم قد استخلص من وقائع الدعوى ملكية المجني عليها للمسروقات - خلافاً لما يدُعى به بوجه الطعن -ومن ثم يضحى تحريك الدعوى قِبل المختلس طليقاً من قيد شكوى الزوج ، ولا أثر لتنازله - كذلك - على الدعوى ، ولو كانت تربطه علاقة زوجية بكل من المجني عليها والطاعنة الأولى ، ويكون ما يثار في هذا الصدد دفعاً ظاهر البطلان لا على الحكم إن أعرض عنه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ