الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 5 ديسمبر 2018

قوانين التنظيمات النقابية المهنية من القوانين المكملة للدستور (القانون رقم 100 لسنة 1993)


القضية رقم 198 لسنة 23 ق " دستورية "جلسة 2 / 1 / 2011
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الثانى من يناير سنة 2011م ، الموافق السابع والعشرين من المحرم سنة 1432 هـ  .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ ماهر البحيرى ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى وماهر سامى يوسف وبولس فهمى اسكندر  نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / حاتم حمد بجاتو   رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن   أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 198 لسنة 23 قضائية " دستورية " .
المقامة من
السيد الأستاذ / عبد العظيم جودة مصطفى ماجد
ضد
1.  السيد وزير العدل
2.  السيد المستشار رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية
3.  السيد رئيس مجلس الوزراء
4.  السيد الأستاذ نقيب المحامين
" الإجراءات "
بتاريخ العاشر من شهر يوليو سنة 2001، أودع المدعى ، صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالباً الحكم بعدم دستورية القانون رقم 100 لسنة 1993 بشأن ضمانات ديمقراطية التنظيمات النقابية المهنية ، المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995، خاصة المواد الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسادسة مكرراً والتاسعة من هذا القانون.
وقدمت هيئة قضايا الدولة ثلاث مذكرات، طلبت في الأولى رفض الدعوى ، وفى الثانية والثالثة الحكم، أصلياً: بعدم قبول الدعوى ، واحتياطياً: برفضها. كما قدمت نقابة المحامين مذكرة بذات الطلبات .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، حيث طلب الحاضر عن نقابة المحامين تأجيل نظر الدعوى لنظرها مع الدعوى رقم 167 لسنة 24 ق "دستورية " وضمهما للارتباط.
وقررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم .
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع -على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 5656 لسنة 55 قضائية ، أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ، ضد المدعى عليهما الأول والثانى ، بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى للجنة القضائية المشرفة على انتخابات نقيب وأعضاء مجلس نقابة القاهرة الفرعية للمحامين بالامتناع عن فرز الأصوات، وإعلان نتيجة الانتخابات التى أجريت يومى 18 مارس و25 مارس سنة 2001، وذلك لحين الفصل في الطعن موضوعاً بإلغاء ذلك القرار وما يترتب على ذلك من آثار قانونية ، أخصها تشكيل مجلس نقابة القاهرة الفرعية للمحامين. وأثناء نظر محكمة القضاء الإدارى لذلك الطعن، دفع المدعى بعدم دستورية القانون رقم 100 لسنة 1993 المشار إليه، والمعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، وصرحت له برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى من وجهين، الأول: التجهيل بالنصوص التشريعية المطعون عليها، لخلو تصريح محكمة الموضوع من تعريف بها، يكون محدداً بذاته لما هيتها، وكاشفاً عن حقيقة محتواها، مما مؤداه: أن هذا التصريح قد ورد على غير محل، ومن ثم تكون الدعوى الماثلة قد اتصلت بالمحكمة بالمخالفة للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، والثاني : أن المشرع الدستوري قد أجرى تعديلاً على نص المادة (194) من الدستور، حدد بمقتضاه المواد الدستورية التى احتوت أحكامها ما يعد من القوانين المكملة للدستور، ولم يرد من بينها القانون المطعون بعدم دستوريته، الأمر الذى تنتفى معه مصلحة المدعى في الدعوى الماثلة . وهذا هو أيضاً ما استندت إليه نقابة المحامين في طلب الحكم بعدم قبول الدعوى .
وحيث إن هذا الدفع مردود في وجهه الأول بأن المدعى إذ طعن أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية القانون رقم 100 لسنة 1993 المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995 بأكمله، وكان التصريح الصادر عنها برفع الدعوى الدستورية قد تعلق بهذا القانون في جملة أحكامه، فإن هذا التصريح يكون منصرفاً على كامل القانون المطعون عليه، بما في ذلك النصوص التى عينها المدعى بذواتها، ومردود في وجه الثاني ، بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأوضاع الشكلية للنصوص القانونية تتحدد على ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور التي فرضها، ذلك أن النصوص المدعى مخالفتها للدستور من جوانب شكلية ، لا يتصور إخضاعها لغير الأوضاع الإجرائية التى كان ممكناً إدراكها عند إقرارها أو إصدارها . متى كان ذلك، وكان القانون المطعون عليه رقم 100 لسنة 1993 المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995، صدر قبل تعديل نصى المادتين (194، 195) من دستور سنة 1971 طبقاً لنتيجة الاستفتاء الذى جرى في 26/3/2007، فإن لازم ذلك ومؤداه: أن تتحدد الأوضاع الشكلية لنصوص ذلك القانون في شأن إقرارها وإصدارها على ضوء ما قررته أحكام المادة (195) من الدستور قبل تعديلها سالف الإشارة إليه. وإذ كان من المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة ضرورة وجود صلة حتمية بين الدعويين الدستورية والموضوعية ، لازمها أن يكون قضاؤها في أولاهما مؤثراً في النزاع الموضوعى المرتبط بها، ومقتضاها أن يكون هذا النزاع قائماً عند الفصل في الدعوى الدستورية ، وإلا فقد الحكم الصادر فيها جدواه بعد أن لم يعد ثمة موضوع يمكن إنزال قضاء المحكمة الدستورية العليا عليه. متى كان ذلك، وكان الطعن بعدم الدستورية يدور حول حقوق وأوضاع سابقة على الفصل في الدعوى الدستورية ، وكان ما يتوخاه الطاعن من إبطال القانون الطعين، هو إلغاء آثاره كي لا يطبق في النزاع الموضوعى ، فإن حرمان الطاعن من الحصول على هذه الترضية القضائية -بعد قيام موجبها- يعتبر إهداراً للغاية النهائية لحق التقاضى الذى حرص الدستور في المادة (68) منه على ضمانه للناس كافة ، بما يكون معه التمسك بزوال مصلحة الطاعن في دعواه الماثلة ، لا سند له من القانون. ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى بوجهيه المذكورين قد ورد على غير محل حرياً بالالتفات عنه.
وحيث إنه عن طلب الحاضر عن نقابة المحامين ضم الدعوى رقم 167 لسنة 24 ق "دستورية " إلى الدعوى الماثلة لارتباط موضوعهما، فإنه لما كانت الدعوى رقم 167 لسنة 24 ق "دستورية " لم تحدد بعد جلسة لنظرها أمام المحكمة وكانت الدعوى الماثلة مهيأة للفصل فيها، فإن المحكمة تلتفت عن هذا الطلب .
وحيث إن المدعى ينعى على القانون رقم 100 لسنة 1993 المشار إليه والمعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995 انطواءه على عيب شكلى لصدوره دون عرض مشروعه على مجلس الشورى ، بالمخالفة لنصى المادتين (194، 195) من الدستور، وعيب موضوعى هو انحرافه التشريعى لإخلاله بالمبادئ الدستورية المقررة في شأن تكافؤ الفرص لجميع المواطنين، والمساواة بينهم، والحق في إنشاء نقابات على أساس ديمقراطى ، وحق الانتخاب والترشح وإبداء الرأى ، وسيادة القانون، وهى المبادئ المنصوص عليها بالمواد (8، 40، 56، 62، 64، 65) من الدستور .
وحيث إن الأصل في الرقابة التى تباشرها هذه المحكمة على دستورية النصوص التشريعية أنها رقابة شاملة تتناول كافة المطاعن الموجهة إليها أياً كانت طبيعتها، وأنها بالتالى لا تقتصر على العيوب الموضوعية التى تقوم على مخالفة نص تشريعى للمضمون الموضوعى لقاعدة واردة في الدستور، وإنما تمتد هذه الرقابة إلى المطاعن الشكلية التى تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعى للأوضاع الإجرائية التى تطلبها الدستور، سواء في ذلك ما كان منها متصلاً باقتراح النصوص التشريعية أو إقرارها أو إصدارها.
وحيث إنه من المقرر -وعلى ما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة - أن التحقق من استيفاء النصوص القانونية لأوضاعها الشكلية يعتبر أمراً سابقاً بالضرورة على الخوض في عيوبها الموضوعية ، ذلك أن الأوضاع الشكلية للنصوص القانونية هى من مقوماتها، لا تقوم إلا بها ولا يكتمل بنيانها أصلاً في غيابها، وبالتالى تفقد بتخلفها وجودها كقاعدة قانونية تتوافر لها خاصية الإلزام، ولا كذلك عيوبها الموضوعية ، إذ يفترض بحثها أن تكون هذه النصوص مستوفية لأوضاعها الشكلية ، ذلك أن المطاعن الشكلية -وبالنظر إلى طبيعتها- لا يتصور أن يكون تحريها وقوفاً على حقيقتها، تالياً للنظر في المطاعن الموضوعية ، ولكنها تتقدمها، ويتعين على المحكمة الدستورية العليا أن تتقصاها -من تلقاء نفسها- بلوغاً لغاية الأمر فيها، ولو كان نطاق الطعن المعروض عليها من حصراً في المطاعن الموضوعية دون سواها، منصرفاً إليها وحدها .
وحيث إن المادة (195) من الدستور قبل تعديلها المار بيانه كانت تنص على أن "يؤخذ رأى مجلس الشورى فيما يلى : 1- ......... 2- مشروعات القوانين المكملة للدستور. 3- ........ 4- ...... 5- ..... 6- ...... ويبلغ المجلس رأيه في هذه الأمور إلى رئيس الجمهورية ومجلس الشعب".
وحيث إن مؤدى ذلك -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن عرض مشروعات هذه القوانين على مجلس الشورى ليقول كلمته فيها لا يكون إلا وجوبياً، فلا فكاك منه ولا محيص عنه، ولا يسوغ التفريط فيه أو إغفاله، وإلا تقوض بنيان القانون برمته من أساسه، فإذا تحققت المحكمة من تخلف هذا الإجراء، تعين إسقاط القانون المشوب بذلك العوار الشكلي بكامل النصوص التي تضمنها، ولبات لغواً-بعدئذ- التعرض لبحث اتفاق بعضها مع الأحكام الموضوعية للدستور أو منافاتها لها.
وحيث إن الدستور - قبل تعديله في 26 مارس سنة 2007 - لم يكن يتضمن تحديداً للقوانين المكملة للدستور أو ما يعين على إيضاح معناها، وبلوغاً لهذا التحديد، استقر قضاء هذه المحكمة على أن ثمة شرطين يتعين اجتماعهما معاً لاعتبار مشروع قانون معين مكملاً للدستور، (أولهما) أن يكون الدستور ابتداء قد نص صراحة في مسألة بعينها على أن يكون تنظيمها بقانون أو وفقاً لقانون أو في الحدود التى يبينها القانون أو طبقاً للأوضاع التي يقررها، فإن هو فعل، دل ذلك على أن هذا التنظيم بلغ في تقديره درجة من الأهمية والثقل لا يجوز معها أن يعهد به إلى أداة أدنى ، (ثانيهما) أن يكون هذا التنظيم متصلاً بقاعدة كلية مما جرت الوثائق الدستورية على احتوائها وإدراجها تحت نصوصها، وتلك هى القواعد الدستورية بطبيعتها التى لا تخلو منها في الأعم أية وثيقة دستورية ، والتى يتعين كى يكون التنظيم التشريعي مكملا لها أن يكون محدداً لمضمونها، مفصلاً لحكمها، مبيناً لحدودها. بما مؤداه: أن الشرط الأول، وإن كان لازماً كأمر مبدئي يتعين التحقق من توافره قبل الفصل في أية نزاع حول ما إذا كان مشروع القانون المعروض يُعَد أولا مكملاً للدستور، إلا أنه ليس شرطاً كافياً، بل يتعين لاعتبار المشروع كذلك أن يقوم الشرطان معاً متضافرين، استبعاداً لكل مشروع قانون لا تربطه أية صلة بالقواعد الدستورية الأصيلة ، بل يكون غريباً عنها مقحماً عليها. واجتماع هذين الشرطين مؤداه: أن معيار تحديد القوانين المكملة للدستور، والتي يتعين أن يؤخذ فيها رأى مجلس الشورى قبل تقديمها إلى السلطة التشريعية ، لا يجوز أن يكون شكلياً صرفاً، ولا موضوعياً بحتاً، بل قوامه مزاوجة بين ملامح شكلية ، وما ينبغى أن يتصل بها من العناصر الموضوعية .
وحيث إن البين من استقراء الدساتير المصرية المتعاقبة حرصها على النص على كفالة الحق في تكوين النقابات وذلك وفق عبارة نص المادة (55) من دستور سنة 1956، ونص المادة (41) من دستور سنة 1964، وهو الحد الذى جاوزه دستور سنة 1971 بتقريره مبدأ الديمقراطية النقابية ، إذ نص في الفقرة الأولى من المادة (56) منه على أن "إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون، وتكون لها الشخصية الاعتبارية ". ومؤدى ما تقدم أن المشرع الدستوري عنى بأن يكون لأعضاء النقابة الحق في أن يختاروا بأنفسهم وفى حرية قيادتهم النقابية التي تعبر عن إرادتهم وتنوب عنهم، وكذا حقهم في صياغة أنظمة النقابة وبرامجها، وتنظيم إدارتها وأوجه نشاطها في حرية تامة ، كذلك فإن الديمقراطية النقابية في محتواها المقرر دستورياً لازمها أن يكون الفوز داخل النقابة بمناصبها المختلفة مرتبطاً بإرادة أعضائها الحرة الواعية ، وفاء بأهدافها، وضماناً لتقدمها في الشئون المختلفة التي تقوم عليها، توكيداً لديمقراطية العمل الوطني في واحد من أدق مجالاته وأكثرها اتصالاً به.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد تواتر على أن الديمقراطية النقابية التي كرسها، وأقام صرحها نص المادة (56) من الدستور، تحتم أن يكون التنظيم النقابي قائماً وفق مقاييس ديمقراطية يكون القانون كافلاً لها، توكيداً لأهمية وخطورة المصالح التى يمثلها، وعمق اتصالها بالحقوق المقررة قانوناً لأعضائها، فلا ينحاز العمل النقابي لمصالح جانبية لبعضهم محدودة أهميتها، بل يكون تقدمياً بالضرورة ، متبنياً نهجاً مقبولاً من جموعهم، وقابلا للتغيير على ضوء إرادتهم . كما وأن الديمقراطية النقابية تعتبر مفترضاً أولياً لوجود حركة نقابية تستقل بذاتيتها ومناحي نشاطها، وبها يكون العمل النقابي إسهاماً جماعياً في المجتمع المدنى ، متى كان هذا العمل منفتحاً لكل الآراء، قائماً على فرص حقيقية لتداولها وتفاعلها، بما يوفق بينها قدر الإمكان أو يبدلها بغيرها، فلا يكون العمل النقابي إملاءً أو التواءً، بل تراضياً والتزاماً، وإلا كان مجاوزاً الحدود التي ينبغي أن يترسمها.
وحيث عُنيت المواثيق الدولية ودساتير الدول المختلفة - العربية منها والأجنبية - على ترسيخ المفهوم الديمقراطي للنقابات، ودورها في الضمير العالمي والوطني ، وتمهيد الطريق أمامها للنهوض بواجباتها في خدمة المجتمع، ومن ذلك ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة (3) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10/12/1948 من أن "لكل شخص الحق في أن ينشئ وأن ينضم إلى نقابات حماية لمصلحته"، كما نصت المادة (22) من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن " لكل فرد الحق في حرية تكوين الجمعيات مع الآخرين بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه، ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسته هذا الحق إلا تلك التى ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو السلام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم". وعلى الهدى ذاته، رددت الوثائق الدستورية في عديد من الدول - على اختلاف نظمها السياسية وتوجهاتها الاقتصادية وموروثاتها الثقافية - مفاهيماً وأحكاماً قاطعة الدلالة على أن حق تكوين النقابات على أسس ديمقراطية إنما هو من الأصول الدستورية التي لا مراء فيها . متى كان ما تقدم، فإن القانون رقم 100 لسنة 1993 بشأن ضمانات ديمقراطية التنظيمات النقابية المهنية والمعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995 المطعون فيه يكون قد توافر في شأنه العنصران الشكلي والموضوعي اللازمان لارتقائه إلى مصاف القوانين المكملة للدستور، التي أوجبت المادة (195) من الدستور، قبل تعديلها طبقاً لنتيجة الاستفتاء الذى جرى في 26/3/2007، أخذ رأى مجلس الشورى في مشروعه، وإذ لم يقم بالأوراق دليل على عرض مشروع القانون المشار إليه على مجلس الشورى ، بل ثبت من كتاب أمين عام مجلس الشورى رقم 87 بتاريخ 30/8/2004 -المرفق بالأوراق- أنه لم يسبق لمجلس الشورى أن ناقش مشروع القانون المذكور لأخذ رأيه فيه، فإنه يكون مشوباً بمخالفة نص المادة (195) من الدستور قبل تعديلها .
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان العيب الدستوري المشار إليه قد شمل القانون المطعون عليه بتمامه، فإن القضاء بعدم دستوريته برمته يكون متعيناً، دون حاجة إلى الخوض فيما اتصل ببعض نصوصه من مظنة انطوائها على عوار دستورى موضوعى .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية القانون رقم 100 لسنة 1993 بشأن ضمانات ديمقراطية التنظيمات النقابية المهنية المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماه.

الثلاثاء، 4 ديسمبر 2018

الطعن 1702 لسنة 52 ق جلسة 7 / 11 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 203 ص 978

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: عزت حنورة نائب رئيس المحكمة، محمود نبيل البناوي، أحمد نصر الجندي ود. محمد بهاء الدين باشات.

-----------------

(203)
الطعن رقم 1702 لسنة 52 القضائية

(1) استئناف "اعتبار الاستئناف كأن لم يكن". محكمة الموضوع.
جواز اعتبار الاستئناف كأن لم يكن. المادتان 70، 240 مرافعات. مناطه. أن يكون ذلك راجعاً إلى فعل المستأنف. استقلال محكمة الموضوع بتقديره بغير معقب من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغاً.
(2) صلح. بيع "دعوى صحة التعاقد".
دعوى صحة ونفاذ عقد البيع. اتساعها لبحث النزاع حول ملكية البائع للمبيع. ملكية البائع لجزء من المبيع. مؤداه. امتناع إجابة المشتري والبائع لطلبهما إلحاق محضر الصلح المبرم بينهما عن كامل القدر المبيع أو القضاء للمشتري بصحة عقده إلا بالنسبة للقدر المملوك للبائع له لقاء ما يعادله من الثمن. علة ذلك.

----------------
1 - مناط جواز الحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن عند عدم إعلان صحيفته خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها إلى قلم الكتاب وعلى ما جرى به نص المادتين 70، 240 من قانون المرافعات - أن يكون ذلك راجعاً إلى فعل المستأنف وهو ما تستقل بتقديره محكمة الموضوع بغير معقب من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغاً.
2 - عقد الصلح - وعلى ما جرى به نص المادة 557/ 1 من القانون المدني - لا يقبل في الأصل للتجزئة - ودعوى صحة ونفاذ عقد البيع تتسع لبحث ما يثأر من نزاع حول ملكية البائع للمبيع بحيث لا يجاب المشتري إلى طلب صحة عقده كله إلا إذا كان تسجيل الحكم ونقل الملكية إليه من البائع ممكنين فإن تبين أن البائع لا يملك إلا جزءاً من المبيع امتنع على المحكمة إجابة المشتري والبائع إلى طلبهما إلحاق عقد الصلح المبرم بينهما عن كامل القدر المبيع لوروده في شق منه على بيع لملك الغير ولا يجاب المشتري إلى طلب صحة عقده إلا بالنسبة للقدر الذي ثبت أنه مملوك للبائع له لقاء ما يعادله من الثمن المتفق عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 7987 سنة 1980 مدني كلي شمال القاهرة على المطعون ضدها الثانية طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 4/ 9/ 1978 المتضمن بيعها له حصة قدرها 12 ط شيوعاً في كامل أرض وبناء العقار الموضح بالعقد وبصحيفة الدعوى لقاء ثمن مقداره 3500 ج والتسليم، وقال بياناً لها إن المطعون ضدها الثانية باعته هذا العقار بموجب ذلك العقد وإذ لم تقم بنقل الملكية إليه فقد أقام الدعوى ليحكم له بطلباته، تقدم الطاعن والمطعون ضدها الثانية بعقد صلح طلباً إلحاقه بمحضر الجلسة. وتدخل المطعون ضده الأول خصماً في الدعوى طالباً رفضها على سند من أن المطعون ضدها الثانية البائعة لا تمتلك المبيع وأنه اشتراه من مالكه بموجب عقد قضى نهائياً بصحته ونفاذه في مواجهة المطعون ضدها الثانية بالحكم الصادر في الدعوى رقم 9582 سنة 1978 مدني كلي شمال القاهرة، بتاريخ 23/ 2/ 1981 قضت المحكمة برفض طلب المطعون ضده الأول وبإلحاق عقد الصلح استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2457 س 98 ق طالباً إلغاءه والحكم له بطلبه، دفع الطاعن باعتبار الاستئناف كأن لم يكن، بتاريخ 28/ 4/ 1982 قضت المحكمة برفض الدفع وبإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ العقد بالنسبة لمساحة 3 ط شيوعاً في العقار لقاء ثمن مقداره 875 ج، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيانه يقول إن المطعون ضده الأول لم يعلنه بصحيفة الاستئناف إعلاناً صحيحاً خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها إلى قلم الكتاب مما كان يوجب قبول الدفع المبدى منه باعتبار الاستئناف كأن لم يكن وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان مناط جواز الحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن عند عدم إعلان صحيفته خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها إلى قلم الكتاب - وعلى ما جرى به نص المادتين 70، 240 من قانون المرافعات - أن يكون ذلك راجعاً إلى فعل المستأنف وهو ما تستقل بتقديره محكمة الموضوع غير معقب من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغاً، وكانت المادة 63/ 1 من قانون المرافعات قد أوجبت على المدعي أن يضمن صحيفة دعواه بياناً بموطنه الأصلي الصحيح، لما كان ذلك وكان الثابت أن المطعون ضده الأول قد وجه إعلان صحيفة الاستئناف إلى الطاعن أكثر من مرة في الموطن الذي حدده الأخير في صحيفة دعواه موطناً أصلياً له ولم يتم إعلانه فيه لثبوت أنه مجموعة من المحلات وليس موطناً له، فإن الحكم المطعون فيه إذا استخلص من ذلك أن عدم إعلان الطاعن بصحيفة الاستئناف خلال الموعد المشار إليه راجعاً إليه وحده دون المطعون ضده الأول لإغفاله بيان موطنه الأصلي الصحيح في صحيفة دعواه يكون استخلاصه سائغاً بما يكفي لحمل قضائه برفض الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيانه يقول إن النزاع بينه وبين المطعون ضدها الثانية قد حسم بعقد الصلح الذي تقدما به إلى المحكمة بما كان يوجب عليها إجابتهما إلى طلب التصديق عليه ولا يغير من ذلك ما أثاره المطعون ضده الأول من منازعة ذلك أن الثابت أن الملكية لم تنتقل إليه بعد لعدم تسجيله عقده أو الحكم الصادر بصحته ونفاذه ولعدم تأشيره بهذا الحكم في هامش تسجيل صحيفة دعواه، وإذ خالف الحكم هذا النظر بأن لم يلحق عقد الصلح وقضى بصحة العقد بالنسبة لجزء من المبيع لقاء ثمن المبيع كله يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان عقد الصلح وعلى ما جرى به نص المادة 557/ 1 من القانون المدني - لا يقبل في الأصل للتجزئة، وكانت دعوى صحة ونفاذ عقد البيع تتسع لبحث ما يثار من نزاع حول ملكية البائع للمبيع بحيث لا يجاب المشتري إلى طلبه صحة عقده كله إلا إذا كان تسجيل الحكم ونقل الملكية إليه من البائع ممكنين فإن تبين أن البائع لا يملك إلا جزءاً من المبيع امتنع على المحكمة إجابة المشتري والبائع إلى طلبهما إلحاق عقد الصلح المبرم بينهما عن كامل القدر المبيع لوروده في شق منه على بيع لملك الغير ولا يجاب المشتري إلى طلب صحة عقده إلا بالنسبة للقدر الذي ثبت أنه مملوك للبائع له لقاء ما يعادله من الثمن المتفق عليه، لما كان ذلك وكان دفاع المطعون ضده الأول قد قام على أن المطعون ضدها الثانية لا تملك المبيع وهو دفاع مقبول منه بوصفه مشترياً لذات المبيع من غير المطعون ضدها الثانية وكان الحكم قد خلص - وبغير نعى من الطاعن - إلى أن المطعون ضدها الثانية لا تملك من المبيع سوى حصة قدرها الثمن وأن الباقي مملوك للبائع المطعون ضده الأول، فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن طلب الطاعن والمطعون ضدها الثانية إلحاق عقد الصلح المبرم بينهما عن كامل القدر المبيع وقصر قضاءه بصحة عقد الطاعن على القدر المملوك للمطعون ضدها الثانية البائعة له لقاء ما يعادله من الثمن المتفق عليه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 1925 لسنة 49 ق جلسة 9 / 5 / 1984 مكتب فني 35 ج 1 ق 235 ص 1228


برياسة السيد المستشار/ أحمد صبري أسعد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد إبراهيم خليل، عبد المنصف هاشم، أحمد شلبي ومحمد عبد الحميد سند.
------------
- 1  جبانات. اختصاص. أموال عامة.
الجبانات . اعتبارها أموالا عامة ما دامت معدة للدفن فيها وتخصصت بالفعل لهذه المنفعة العامة . الاشراف عليها وادارتها . للمجالس المحلية ق 5 لسنة 1966 ولائحته التنفيذية ولائحة الجبانات سنة 1877 ودكريتو سنة 1877 .
النص في المادتين الأولى و الثانية من القانون رقم 5 لسنة 1966 في شأن الجبانات و المواد الأولى و السادسة و الثامنة و التاسعة من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الصحة رقم 418 لسنة 1970 ، يدل على أن الجبانات سواء كانت مخصصة لدفن موتى المسلمين أو من عداهم على اختلاف مللهم وطوائفهم ، تعتبر أموالاً عامة ما دامت معدة للدفن فيها وتخصصت بالفعل لهذه المنفعة العامة ، وأن للمجالس المحلية الإشراف عليها و إدارتها على النحو الذى بينته اللائحة التنفيذية آنفة الذكر ، وهو ذات ما كان مقرراً من قبل في ظل العمل بلائحة الجبانات الصادرة بتاريخ 1877/10/30 والتي عهدت إلى مصلحة الصحة العمومية بالاختصاصات المتعلقة بإنشاء الجبانات وتعديلها وإعطاء التراخيص بالدفن استثناء في أماكن غير الجبانات كالمساجد والكنائس وغيرها من الأماكن المعدة للعبادة ، وكذلك في ظل العمل بدكريتو 1887/12/6 بتقرير عوائد لمصلحة الصحة عن التراخيص المتعلقة باستخراج الجثث ونقلها وغير ذلك مما تتولاه المصلحة المذكورة في هذا الخصوص مما يفيد أن الجبانات جميعها كانت تعتبر قبل صدور القانون رقم 5 لسنة 1966 من الأموال العامة وتشرف عليها الدولة ممثلة في أجهزتها التنفيذية المختصة
- 2  جبانات. اختصاص. أموال عامة.
الأمر العالي بلائحة ترتيب واختصاصات مجلس الأقباط الأرثوذكس العمومي سنة 1883 المعدل بالقانونين 19 لسنة 1927 و 107 لسنة 1948 لا يخول هذا المجلس حق انشاء الجبانات أو ادارتها أو الاشراف عليها .
المادة الأولى من الأمر العالي الصادر بتاريخ 1883/5/14 بلائحة ترتيب واختصاصات مجلس الأقباط الأرثوذكس العمومي المعدل بالقانون رقم 19 لسنة 1927 والقانون رقم 107 لسنة 1948 قد قضت بأن يشكل مجلس عمومي لجميع الأقباط بالقطر المصري للنظر في كافة مصالحهم الداخلة في دائرة اختصاصاته التي حددتها المواد من 8 إلى 19 من ذات اللائحة والتي تتعلق بالأوقاف الخيرية التابعة للأقباط عموماً و بمدارسهم التي تخضع لتفتيش نظارة المعارف و بكنائسهم و بشئون فقرائهم وبصرف ما يلزم لدفن المعدمين و تربية أيتامهم وبمطبعتهم و النظر فيما يحيل بين أبناء الملة من الدعوى المتعلقة بالأحوال الشخصية ، و قد خلت هذه الاختصاصات مما يخول هذا المجلس حق إنشاء جبانات لدفن الموتى من الأقباط أو إدارة تلك المخصصة لدفن موتاهم أو الإشراف عليها بأية صورة من صور الإشراف الديني أو الإداري ، ولا يغير من ذلك صدور القانون رقم 1 لسنة 1922 بتشكيل لجنة لجبانات المسلمين بمدينة القاهرة ثم القانون رقم 38 لسنة 1923 بتشكيل لجان لجبانات المسلمين بالبلاد التي بها مجالس بلدية أو محلية عدا مدينة الإسكندرية لعدم سريان أحكامها على هذه المدينة الأخيرة والتي تقع بها المقابر محل النزاع .
- 3  دعوى "الدفاع في الدعوى" "الإخلال بحق الدفاع".
المرافعة قد تكون شفوية أو بمذكرات مكتوبة . رفض المحكمة طلب الخصوم تمكينهم من المرافعة . اخلال بحق الدفاع على المتمسك بعدم حصول المرافعة تقديم الدليل . علة ذلك . الأصل في الاجراءات أنها روعيت .
من المبادئ الأصيلة في النظام القضائي أن المرافعة قد تكون شفوية أو بمذكرات مكتوبة و أن الخصوم إذا طلبوا من المحكمة الاستماع إلى مرافعتهم فلم تمكنهم من ذلك فإنها تكون قد أخلت بحقهم في الدفاع ، والأصل في الإجراءات أنها روعيت وعلى المتمسك بعدم حصول المرافعة أن يقدم دليله .
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 3048 سنة 1976 مدني الإسكندرية الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بطردهم من الغرفة المبينة بالأوراق، وقالت بيانا للدعوى أن المذكورين يضعون اليد على هذه الغرفة دون سند من القانون، فأقامت الدعوى بطلبها سالف البيان، وبعد أن دفع المطعون عليهم الدعوى بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة، حكمت المحكمة بتاريخ 30/11/1978 بطرد المطعون عليهم من الغرفة محل النزاع، استأنف المطعون عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 786 سنة 34ق مدني، وبتاريخ 17/6/1979 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعي الطاعنة بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأنها من أشخاص القانون العام ولها الشخصية الاعتبارية المستقلة، وأنها تشرف منذ زمن بعيد من الناحيتين الإدارية والدينية على مقابر الأقباط الأرثوذكس بالإسكندرية والتي تقع بها الغرفة محل النزاع والتي خصصت للمنفعة العامة، لدفن أموات الأقباط الأرثوذكس بها وقدمت تدعيما لذلك العديد من المستندات منها الترخيص الصادر ببناء سور حولها ودفتر تحصيل مقابل خدمات المقابر وسجل قيد المتوفين وكشوفا بأسماء من صدر لهم ترخيص منها بالانتفاع بالمقابر، وإذ لم يناقش الحكم المطعون فيه هذه المستندات وذهب إلى أن الطاعنة وهى تباشر اختصاصاتها في الحدود المقررة قانونا ليس لها أن تدعي اختصاصا بالإشراف علي المقابر الذي لم تمنحها إياه أحكام الأمر العالي الصادر بتاريخ 14/5/1883 والمعدل بالقانون رقم 19 لسنة 1927، وأن قوانين الجبانات ولوائحها المختلفة خاصة بالإشراف وإدارة جميع الجبانات دون تفرقة بين مختلف الأديان والملل، في حين أن هذه القوانين تضمنت أحكاما عامة منظمة لإنشاء الجبانات وما يتعلق بالإجراءات الصحية، وقد أصدر المشرع قوانين خاصة بجبانات المسلمين، وإن الاختصاصات التي وردت بالأمر العالي سالف الذكر وردت علي سبيل المثال لا الحصر، فخلط الحكم بذلك بين اختصاص الطاعنة واختصاص المجلس الملي العام الذي يعد أحد أجهزتها، ويقتصر اختصاصه على الشئون المالية فقط، هذا إلى أن مؤدى نص المادة الثانية من القانون رقم 5 لسنة 1966 من أن تتولى المجالس المحلية إنشاء الجبانات، هو التفرقة بين الجبانات العامة المخصصة بالفعل لدفن الموتى وقت صدور هذا القانون وتلك التي تنشأ بعد ذلك بحيث تتولى المجالس أنفة الذكر إدارة الجبانات التي تنشأ بعد صدور القانون المذكور، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه على اختصاص المجالس المحلية بإدارة كافة الجبانات القديم منها والحديث واطرح ما تمسكت به الطاعنة من أن الجبانة محل النزاع كانت مخصصة لمنفعة عامة بالفعل، فإن الحكم يكون قد اخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 5 لسنة 1966 في شأن الجبانات- والذي يحكم واقعة النزاع- علي أن تعتبر جبانة عامة كل مكان مخصص لدفن الموتى، قائم فعلا وقت العمل بهذا القانون، وكذلك كل مكان يخصص لهذا الغرض بقرار من السلطة المختصة. وتعد أراضي الجبانات من الأموال العامة، وفي المادة الثانية على أن "تتولى المجالس المحلية في حدود اختصاصها إنشاء الجبانات وصيانتها وإلغائها وتحديد رسم الانتفاع بها ... وذلك طبقا للشروط والأوضاع التي تحددها اللائحة التنفيذية" وقد صدرت هذه اللائحة بقرار وزير الصحة رقم 418 لسنة 1970، ونصت المادة الأولي منها علي أن تتولي المجالس المحلية كل في حدود اختصاصه حصر جميع الجبانات العامة والمدافن الخاصة وقيدها في سجلات خاصة مرقمة الصحائف ومختومة بخاتم المجلس المحلي المختص .... ، ونصت المادة السادسة منها على أن "يضع المجلس المحلي المختص الأسس والمعايير والقواعد الواجب مراعاتها لتحديد مساحة الجبانات وتخطيطها وإنشائها وتحديد مساحات القطع ومواد البناء على ألا يخل ذلك بالشعائر الدينية للطوائف المختلفة، ونصت المادة الثامنة منها على أن يكون للمجلس المحلي الإشراف على حراسة الجبانة ونظافتها وعليه توفير الجهاز اللازم لذلك" ونصت المادة التاسعة منها على أن ينشىء المجلس استراحة مسقوفة بجوار مدخل الجبانة لانتظار المشيعين ومكتبا للتربي، يدل على أن الجبانات سواء كانت مخصصة لدفن موتى المسلمين أو من عداهم على اختلاف مللهم وطوائفهم، تعتبر أموالا عامة مادامت معدة للدفن فيها وتخصصت بالفعل لهذه المنفعة العامة، وأن للمجالس المحلية الإشراف عليها وإدارتها على النحو الذي بينته اللائحة التنفيذية أنفة الذكر، وهو ذات ما كان مقررا من قبل في ظل العمل بلائحة الجبانات الصادرة بتاريخ 30/10/1977 والتي عهدت إلى مصلحة الصحة العمومية بالاختصاصات المتعلقة بإنشاء الجبانات وتعديلها وإعطاء التراخيص بالدفن استثناء في أماكن غير الجبانات كالمساجد والكنائس وغيرها من الأماكن المعدة للعبادة، وكذلك في ظل العمل بدكريتو 6/12/1887 بتقرير عوائد لمصلحة الصحة عن التراخيص المتعلقة باستخراج الجثث ونقلها وغير ذلك مما تتولاه المصلحة المذكورة في هذا الخصوص، مما يفيد أن الجبانات جميعها كانت تعتبر قبل صدور القانون رقم 5 لسنة 1966 من الأموال العامة وتشرف عليها الدولة ممثلة في أجهزتها التنفيذية المختصة، وهو ما أكده الترخيص الصادر من محافظة الإسكندرية بتاريخ 13 من رمضان سنه 1290 هجرية إلى الطاعنة لبناء سور حول المقابر محل النزاع إذ جاء به أن أرض هذه المقابر هى من أراضي (الميري) وأن الترخيص ببناء السور صدر من باب الاستثناء، وعلى أن يهدم عند الاقتضاء دون الحق في التعويض، لما كان ذلك وكانت المادة الأولى من الأمر العالي الصادر بتاريخ 14/5/1883 بلائحة ترتيب واختصاصات مجلس الأقباط الأرثوذكس العمومي المعدل بالقانون رقم 19 لسنة 1927 والقانون رقم 107 لسنة 1948 قد قضت بأن يشكل مجلس عمومي لجميع الأقباط بالقطر المصري للنظر في كافة مصالحهم الداخلة في دائرة اختصاصاته التي حددتها المواد من 8 إلى 19 من ذات اللائحة والتي تتعلق بالأوقاف الخيرية التابعة للأقباط عموما، وبمدارسهم التي تخضع لتفتيش نظارة المعارف وبكنائسهم وبشئون فقرائهم وبصرف ما يلزم لدفن المعدمين وتربية أيتامهم، وبمطبعتهم والنظر فيما يحصل بين أبناء الملة من الدعاوي المتعلقة بالأحوال الشخصية، وقد خلت هذه الاختصاصات مما يخول هذا المجلس حق إنشاء جبانات لدفن للموتى من الأقباط أو إدارة تلك المخصصة لدفن موتاهم أو الإشراف عليها بأية صورة من صور الإشراف الديني أو الإداري، ولا يغير من ذلك صدور القانون رقم 1 لسنة 1922 بتشكيل لجنة لجبانات المسلمين بمدينة القاهرة ثم القانون رقم 38 لسنة 1923 بتشكيل لجان لجبانات المسلمين بالبلاد التي بها مجالس بلدية ومحلية عدا مدينة الإسكندرية لعدم سريان أحكامها على هذه المدينة الأخيرة والتي تقع بها المقابر محل النزاع، كذلك لا يفيد الطاعنة تراخي بعض جهات الإدارة في مباشرة الاختصاصات التي خولها إياها القانون رقم 5 لسنة 1966 ولائحته التنفيذية، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأقام قضاءه على أن الطاعنة لا يجوز لها إدارة المقابر محل النزاع والإشراف عليها ولا تعد ممثلة لها قانونا إذ أن ذلك مقرر للمجلس المحلي بمحافظة الإسكندرية، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون، وطالما أن محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها علي ما يكفي لحمله فلا عليها في هذه الحالة أن التفتت عن مستندات الطاعنة ولم تتبع كل حجة للخصوم وترد عليها استقلالا، إذ أن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لكل حجة تخالفها ومن ثم فإن هذا النعي برمته يكون علي غير أساس
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع ذلك أن محكمة الاستئناف حجبت نفسها عن سماع المرافعة الشفوية في طلب وقف وصف النفاذ وفي الموضوع، فأخلت بذلك بحقها في الدفاع
وحيث أن هذا النعي في غير محله ذلك أن من المبادئ الأصيلة في النظام القضائي أن المرافعة قد تكون شفوية أو بمذكرات مكتوبة وأن الخصوم إذا طلبوا من المحكمة الاستماع إلى مرافعتهم فلم تمكنهم من ذلك فإنها تكون قد أخلت بحقهم في الدفاع، ولما كان الأصل في الإجراءات أنها روعيت وعلى المتمسك بعدم حصول المرافعة أن يقدم دليله، وكان المناط في هذا الخصوص هو الاعتداد بالبيانات المثبتة بالحكم على أن تكتمل بما يرد بمحضر الجلسة في خصوصه، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه صدر بعد سماع المرافعة، وقد ورد بمحضر جلسة 15/1/1979 التي أمرت فيها المحكمة بوقف النفاذ المعجل المشمول به الحكم المستأنف أن محامي الطاعنة شرح الدعوى بما يفيد أن المحكمة استمعت إلى مرافعته، كما ورد بمحضر جلسة 15/3/1979 أن محامي الطاعنة طلب التأجيل ليقدم باقي مستنداته والاستماع إلى مرافعته وإجابته المحكمة إلى طلبه وأجلت نظر الدعوى لجلسة 14/4/1979، وفيها لم يحضر أحد عن الطاعنة، فقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة 17/6/1979، فإن الإجراءات تكون قد روعيت، لما كان ما تقدم وكانت الأوراق قد جاءت خلوا مما يدحض حصول المرافعة على النحو الذي أثبته الحكم المطعون فيه، فإن النعي عليه بالإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن

الطعن 63 لسنة 53 ق جلسة 8 / 5 / 1984 مكتب فني 35 ج 1 أحوال شخصية ق 234 ص 1224

جلسة 8 من مايو سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ جلال الدين أنسى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: هاشم قراعة، مرزوق فكري نائب المحكمة، واصل علاء الدين وحسين محمد حسن. 

  --------------------------

(234) 

الطعن رقم 63 لسنة 53 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية "تطليق" "تطليق للضرر"، "الشهادة".
الضرر الموجب للتطليق، استخلاص ثبوته من شهادة شاهدي عيان لا خطأ.
(2) أحوال شخصية "طاعة: دعوى الطاعة" "دعوى التطليق".
دعوى الطاعة اختلافها موضوعاً وسبباً عن دعوى التطليق للضرر. نشوز الزوجة لا يمنع من نظر دعوى التطليق للضرر.

---------------
1 - لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بالتطليق على سند من هجر الطاعن للمطعون عليها دون عناصر الإضرار الأخرى التي استند إليها في طلب التطليق، واستخلص ثبوت الهجر من أقوال شاهديها في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة، وكان يبين من أقوال هذين الشاهدين أن أحدهما وإن شهد بالتسامع على بعض وقائع الضرر إلا أن ما شهد به من ضرر تمثل في طرد الطاعن للمطعون عليها من منزل الزوجية وهجره لها جاء شهادة عيان وليس شهادة تسامع ووافقت شهادته شهادة العيان للشاهد الثاني في هذا الصدد، فإن الحكم إذ عول في ثبوت الضرر الموجب للتفريق على هذه البينة التي توافرت فيها شروط قبولها شرعاً لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - دعوى الطاعة تختلف في موضوعها وسببها عن دعوى التطليق للضرر إذ تقوم الأولى على إخلال الزوجة بواجب الإقامة المشتركة والقرار في منزل الزوجية بينما تقوم الثانية على ادعاء الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما، وأن النشوز ليس بمانع بفرض حصوله من نظر دعوى التطليق والفصل فيها لاختلاف المناط في كل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 1977 لسنة 1981 كلي أحوال شخصية المنصورة ضد الطاعن للحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة. وقالت شرحاً لها أنه تزوجها بصحيح العقد في 23/ 8/ 1976 وبعد أن دخل بها تعمد الإساءة إليها بأن هجرها وشهر بها وتزوج بأخرى ثم استصدر حكماً بدخولها في طاعته في المسكن الذي يقيم فيه مع الزوجة الثانية وحكماً آخر بنشوزها واسترد أرضاً كان قد باعها لها مقابل مقدم صداقها دون أن يؤدي لها قيمتها. وإذ لا تطيق الهجر وهي في مقتبل العمر وتضررت من ذلك ومن سائر إساءات الطاعن لها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما. فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات عناصرها وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 24/ 11/ 1982 برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 54 لسنة 82 ق. وفي 14/ 5/ 1983 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبتطليق المطعون عليها على الطاعن طلقة بائنة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه بالتطليق على سند مما شهد به شاهداً المطعون عليها من إضراره بها في حين أن شهادتهما بوقائع الإضرار المدعى به شهادة تسامع غير مقبولة شرعاً في إثبات الضرر الموجب للتفريق. وإذ عول الحكم عليها رغم ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، هذا إلى أنه يشترط لكي يحكم القاضي بالتطليق للضرر طبقاً لنص المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 أن يكون الضرر واقعاً من الزوج دون الزوجة، وقد تمسك أمام محكمة الموضوع بما للحكم بدخول المطعون عليها في طاعته والحكم باعتبارها ناشزاً من دلالة على أنها هي التي أبت العيش معه وأن الهجر وقع من جانبها دونه مما لا يقبل معه الاستناد إليه كوجه للضرر الموجب للتطليق غير أن الحكم فيه أهدر تلك الدلالة ولم يرد عليها بما يؤدي إلى نفيها مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن النعي بسببي الطعن مردود، ذلك أنه لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بالتطليق على سند من هجر الطاعن للمطعون عليها دون عناصر الإضرار الأخرى التي استندت إليها في طلب التطليق واستخلص ثبوت الهجر من أقوال شاهديها في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة وكان يبين من أقوال هذين الشاهدين أن أحدهما وإن شهد بالتسامع على بعض وقائع الضرر إلا أن ما شهد به من ضرر تمثل في طرد الطاعن للمطعون عليها من منزل الزوجية وهجره لها جاء شهادة عيان وليس شهادة تسامع ووافقت شهادته شهادة العيان للشاهد الثاني في هذا الصدد، فإن الحكم إذ عول في ثبوت الضرر الموجب للتفريق على هذه البينة التي توافرت فيها شروط قبولها شرعاً لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن دعوى الطاعة تختلف في موضوعها وسببها عن دعوى التطليق للضرر إذ تقوم الأولى على إخلال الزوجة بواجب الإقامة المشتركة والقرار في منزل الزوجية بينما تقوم الثانية على ادعاء الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما، وأن النشوز ليس بمانع بفرض حصوله من نظر دعوى التطليق والفصل فيها لاختلاف المناط في كل، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتفريق على سند من أن الهجر كان من جانب الطاعن إضراراً بالمطعون عليها بتعمده طردهما من منزل الزوجية، فإنه لا تثريب على محكمة الموضوع ما دامت قد اقتنعت بهذه الحقيقة وأوردت دليلها عليها إذا هي أطرحت ما قد يكون لحكمي الطاعة والنشوز من دلالة مغايرة، ويكون النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 4 لسنة 51 ق جلسة 8 / 5 / 1984 مكتب فني 35 ج 1 ق 233 ص 1219


برياسة السيد المستشار/ عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد المرسي فتح الله نائب رئيس المحكمة، سعد بدر، جرجس اسحق وعبد النبي غريب.
-----------
- 1  أموال عامة "صفة المال العام" "انتهاء التخصيص للمنفعة العامة". تقادم "تقادم مكسب".
الاموال العامة . فقدها لصفتها بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة . انتهاء التخصيص قد يكون بقانون أو بقرار أو بانتهاء الغرض الذى خصصت من اجله للمنفعة العامة . م 88 مدنى .
النص في المادة 88 من القانون المدني مؤداه أن - الأموال العامة لا تفقد صفتها إلا بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة وهذا الانتهاء ما دام لم يصدر به قانون أو قرار فإنه لا يتحقق إلا بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة بمعنى أن ينقطع بالفعل وعلى وجه مستمر استعمالها لهذا الغرض وتزول معالم تخصيصها للمنفعة العامة وانتهاء التخصيص بالفعل يجب أن يكون واضحاً لا يحتمل لبساً.
- 2  أموال عامة "صفة المال العام" "انتهاء التخصيص للمنفعة العامة". تقادم "تقادم مكسب".
أراضي الآثار من الأموال العامة . عدم جواز تملكها بوضع اليد مهما طالت مدته . الاستثناء . أن يكون وضع اليد عليها قد حصل بعد انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة وفقدانها صفة المال العام . مجرد سكوت مصلحة الآثار عن اقامة الغير بناء في أراضي الآثار لا يؤدي الي زوال التخصيص .
المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن أراضي الآثار باعتبارها من الأموال العامة لا يجوز تملكها بوضع اليد مهما طالت مدته إلا إذا كان وضع اليد عليها قد حصل بعد انتهاء التخصيص للمنفعة العامة وفقدانها صفة المال العام فقداناً تاماً وكان مجرد سكوت مصلحة الآثار عن إقامة الغير بناء في أراضي الآثار لا يؤدى إلى زوال التخصيص، لما كان ذلك و كان القانون رقم 147 لسنة 1957 المعمول به من 13/7/1957 قد أضاف لنص المادة 970 من القانون المدني حكماً جديداً يقضى بعدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم فإن مؤدى ذلك أنه يشترط لتملك هذه الأراضي بالتقادم المكسب أن يستمر وضع اليد عليها بعد انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة مدة خمسة عشر عاماً سابقة على 13/7/1957 تاريخ العمل بالقانون 147 لسنة 1957. لما كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبير الذي اعتمد عليه الحكم المطعون فيه في تأييد الحكم الابتدائي أن أرض النزاع كانت تابعة لمصلحة الآثار ومخصصة للمنفعة العامة ثم تخلت عنها لمصلحة الأملاك الأميرية ومنها إلى وزارة الإسكان وأن المطعون ضدهما ومن قبلهما والدهما يضعون اليد عليها مدة تزيد عن خمس عشرة سنة إلا أنه لم يوضح تاريخ زوال تخصيصها للمنفعة العامة كأراضي أثرية وإن قرر مندوب وزارة الإسكان بمحاضر أعمال الخبير أنه سنة 1959، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى رغم ذلك بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بتثبيت ملكية المطعون ضدها لأرض النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية فإنه يكون قد وقع معيباً بالقصور.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 539 لسنة 1977 مدني كلي الزقازيق على الطاعنين بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهما لأرض وبناء المنزل الموضح الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وقالا في بيان ذلك أنهما يضعان يدهما عليه المدة الطويلة المكسبة للملكية – وأن الطاعنين ينازعاهما في ذلك فأقاما دعواهما – قضت محكمة الدرجة الأولى بطلباتهما. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 366 لسنة 20 ق المنصورة (مأمورية الزقازيق) ندبت المحكمة الاستئنافية خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت بجلسة 4/11/1980 بتأييد الحكم المستأنف – طعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض – وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن – وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعي به الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان أن وضع اليد على الأموال العامة لا يكسب الملكية مهما طالت مدته وإذ لم يقدم المطعون ضدهما دليلا على انتهاء تخصيص تلك الأرض للمنفعة العامة قبل العمل بالقانون 147 لسنة 1957 وأن الثابت من تقرير الخبير الذي استند إليه الحكم المطعون فيه أن الأرض المقام عليها منزل النزاع كانت مخصصه للمنفعة العامة وتابعة لمصلحة الآثار ثم آلت إلى مصلحة الأملاك ومنها إلى وزارة الإسكان- وإذ كان من المقرر أن وضع اليد على الأموال العامة لا يكسب الملكية مهما طالت مدته وكان المطعون ضدهما لم يقدما دليلا على انتهاء تخصيص الأرض للمنفعة العامة– ولم يبين الحكم تاريخ وضع يد المطعون ضدهما أو مورثهما من قبلهما عليها، كما لم يحدد التاريخ الذي يعتد به في هذا الشأن وهو تاريخ انتهاء تخصيص الأرض للمنفعة العامة ودخولها في الملكية الخاصة للدولة مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه لما كان النص في المادة 88 من القانون المدني علي أنه (تفقد الأموال العامة صفتها بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة وينتهي التخصيص بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص أو بالفعل أو بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة مؤدى ذلك أن الأموال العامة لا تفقد صفتها. إلا بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة وهذا الانتهاء مادام لم يصدر به قانون أو قرار فإنه لا يتحقق إلا بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة بمعنى أن ينقطع بالفعل وعلى وجه مستمر استعمالها لهذا الغرض وتزول معالم تخصيصها للمنفعة العامة وانتهاء التخصيص بالفعل يجب أن يكون واضحا لا يحتمل لبسا، لما كان ذلك وكان من المقرر على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن أراضي الآثار باعتبارها من الأموال العامة لا يجوز تملكها بوضع اليد مهما طالت مدته إلا إذا كان وضع اليد عليها قد حصل بعد انتهاء التخصيص للمنفعة العامة وفقدانها صفة المال العام فقدانا تاما وكان مجرد سكوت مصلحة الآثار عن إقامة الغير بناء في أراضي الآثار لا يؤدي إلى زوال التخصيص، لما كان ذلك وكان القانون رقم 147 لسنة 1957 المعمول به من 13/7/1957 قد أضاف لنص المادة 970 من القانون المدني حكما جديدا يقضي بعدم جواز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم فإن مؤدي ذلك أنه يشترط لتملك هذه الأراضي بالتقادم المكسب أن يستمر وضع اليد عليها بعد انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة مدة خمسة عشر عاما سابقة على 13/7/1957 تاريخ العمل بالقانون رقم 147 لسنة 1957. لما كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبير الذي اعتمد عليه الحكم المطعون فيه في تأييد الحكم الابتدائي أن أرض منزل النزاع كانت تابعة لمصلحة الآثار ومخصصة للمنفعة العامة ثم تخلت عنها لمصلحة الأملاك الأميرية ومنها إلى وزارة الإسكان– وأن المطعون ضدهما ومن قبلهما والدهما يضعون اليد عليها مدة تزيد عن خمس عشره سنه ألا أنه لم يوضح تاريخ زوال تخصيصها للمنفعة العامة كأرض أثرية– وأن قرر مندوب وزارة الإسكان بمحاضر أعمال الخبير أنه سنة 1959، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضي رغم ذلك بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بتثبيت ملكية المطعون ضدهما لأرض النزاع بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية– فإنه يكون قد وقع معيبا بالقصور في التسبيب وهو ما جره إلى الخطأ في تطبيق القانون. ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة.

الطعن 2136 لسنة 50 ق جلسة 8 / 5 / 1984 مكتب فني 35ج 1 ق 232 ص 1213


برياسة السيد المستشار/ عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد المرسي فتح الله نائب رئيس المحكمة، سعد بدر، جرجس اسحق وعبد النبي غريب.
-----------
- 1 دعوى "دعوى عدم نفاذ التصرف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق الدائن الذي يستعمل دعوى عدم نفاذ التصرف. شرطه المواد 237 و 238 و239 مدني . ثبوت علم المدين والمتصرف إليه بإعسار المدين وقت التصرف كاف لاعتبار التواطؤ قائما. إثبات الاعسار . وسيلته . للمدين أو المتصرف إليه نفي الاعسار بإثبات أن للأول ما لا يغطي ديونه.
المقرر وفقاً لما تقضى به المواد 237 و238 و239 من القانون المدني وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه يشترط في حق الدائن الذي يستعمل دعوى عدم نفاذ التصرف أن يكون دينه حال الأداء وسابقاً في نشوئه على صدور التصرف المطعون فيه والعبرة في ذلك بتاريخ نشوء حق الدائن لا بتاريخ استحقاقه ولا بتاريخ تعيين مقداره والفصل فيما يثور بشأنه من نزاع، وأن يثبت الدائن التواطؤ بين المدين وبين المتصرف إليه على الإضرار بحقوقه ويكفى لاعتبار الغش متوافراً أن يثبت علم كل من المدين والمتصرف إليه بإعسار المدين وقت صدور التصرف المطعون فيه، وإذا ادعى الدائن إعسار المدين فليس عليه إلا أن يثبت مقدار ما في ذمة مدينه من ديون وحينئذ يكون على المدين نفسه أن يثبت له ما لا يساوى قيمة الديون أو يزيد عليها ويكون ذلك أيضاً للمتصرف إليهم لا دفعاً منهم بالتجريد بل إثباتاً لتخلف شروط الدعوى المذكورة.
- 2  دعوى "دعوى عدم نفاذ التصرف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير دليل التواطؤ والعلم بإعسار المدين كشرط لعدم نفاذ تصرفه من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
المقرر أن تقدير الدليل على التواطؤ والعلم بإعسار المدين هو من المسائل الموضوعية التي تدخل في سلطة محكمة الموضوع دون معقب عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه بعدم نفاذ البيع المحرر عنه العقد الابتدائي المؤرخ 22/1/1952 على ما استخلصه من مستندات المطعون ضده الأول وأقوال شهوده التي اطمأن إليها من أن تاريخ نشأة دينه سابق على التصرف المطعون فيه، وبتوافر الغش لدى كل من الطاعنين ومورثهما المدين وعلمهما بإعسار الأخير وقت صدور التصرف لمعرفتهما بظروفه المالية لرابطة الزوجية التي تسمح لهما بذلك، وأن مورثهما لم يقصد من تصرفه سوى الإضرار بحقوق دائنه، وإذ كان ما أورده الحكم في هذا الصدد سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق ويؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن ما تثيره الطاعنتان في هذين السببين لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
- 3  نقض "أسباب الطعن" "السبب الجديد".
عدم التمسك أمام محكمة الموضوع بسقوط الحق في رفع الدعوى وبعدم قبولها لرفعها على غير ذي كامل صفه . سبب قانوني يخالطه واقع . عدم جواز إثارته لأول مره أمام محكمة النقض.
المقرر و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز التحدي لأول مرة أمام محكمة النقض بسبب قانوني يخالطه واقع لم يسبق إثارته لدى محكمة الموضوع أو كانت عناصره غير مطروحة عليها ، و لما كانت الطاعنتان لم تقدما رفق طعنهما ما يدل على سبق تمسكهما أمام محكمة الموضوع بالدفع بسقوط الحق في رفع الدعوى و بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي كامل صفة ، كما خلت الأوراق مما يفيد ذلك ، فإن النعي بذلك يعتبر سبباً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في هذا الطعن تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 4431 لسنة 1977 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الطاعنتين وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم بعدم نفاذ البيوع الصادرة من مدينه المرحوم .... إلى زوجتيه الطاعنتين عن العقارين المبينين بعريضة الدعوى والمحرر عنها عقود ابتدائية صدرت بها لصالحهما أحكام صحة تعاقد سجل أحدها برقم 6226 لسنة 1975 القاهرة وقال بياناً لدعواه أن مورث الطاعنتين وباقي المطعون ضدهم مدين له في مبلغ 2414.300 جنيه بموجب سندين مستحقي الأداء في 15/8/1959، 4/5/1961 وقد قضى لصالحه نهائياً بإلزام ورثته بأداء هذا الدين من تركة مورثهم وذلك بموجب الحكم رقم 2569 لسنة 90 ق استئناف القاهرة بتاريخ 14/5/1975، ولما كان المورث قد عهد حال حياته إلى إبرام البيوع الثلاثة موضوع التداعي بطريق الغش والتواطؤ إلى زوجتيه الطاعنتين وذلك بقصد الإضرار به والتهرب من أداء دينه ومن ثم فقد أقام دعواه. أحالت محكمة الدرجة الأولى الدعوى إلى التحقيق ثم قضت برفضها. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 5579 لسنة 16 ق القاهرة – وبجلسة 1/11/1980 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم نفاذ البيع المحرر عنه العقد الابتدائي المؤرخ 22/1/1952 والمشهر برقم 6226 لسنة 1975 القاهرة والمتضمن بيع المورث إلى الطاعنتين اثني عشر قيراطاً شائعة في كامل أرض وبناء العقار رقم ... شارع الكردي قسم الخليفة – طعنت الطاعنتان على هذا الحكم بطريق النقض – وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن – وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
---------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعي الطاعنتان بالسببين الأول والرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك تقولان إن دين المطعون ضده الأول لاحق على تصرف المدين لهما إذ أنه لم يستحق الأداء إلا بصدور الحكم الاستئنافي رقم 2569 لسنة 90 القاهرة بجلسة 14/5/1975 في حين إن التصرف المطعون عليه صادر من المورث بموجب عقد البيع الابتدائي المؤرخ 22/1/1952 والذي قضي بصحته بموجب الحكم المشهر برقم 6226 لسنة 1975 فضلا عن أن هذا التصرف لم يسبب إعسارا للمدين كما أنهما لا تعلمان بأنه كان بقصد الإضرار بالدائن. هذا إلى إغفال المحكمة الاستئنافية الرد على مستنداتهما وشهادة شاهديهما مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه
وحيث أن هذا النعي مردود ذلك إن من المقرر وفقا لما تقضي به المواد 237و 238و 239 من القانون المدني وعلي ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه يشترط في حق الدائن الذي يستعمل دعوى عدم نفاذ التصرف أن يكون دينه حال الأداء وسابقا في نشوئه علي صدور التصرف المطعون فيه والعبرة في ذلك بتاريخ نشوء حق الدائن لا بتاريخ استحقاقه ولا بتاريخ تعيين مقداره والفصل فيما يثور بشأنه من نزاع– وأن يثبت الدائن التواطؤ بين المدين وبين المتصرف إليه علي الإضرار بحقوقه ويكفي لاعتبار الغش متوافرا أن يثبت علم كل من المدين والمتصرف إليه بإعسار المدين وقت صدور التصرف المطعون فيه- وإذا أدعى الدائن إعسار المدين فليس عليه إلا أن يثبت مقدار ما في ذمة مدينه من ديون وحينئذ يكون على المدين نفسه أن يثبت أن له مالاً يساوي قيمة الديون أو يزيد عليها ويكون ذلك أيضا للمتصرف إليهم لا دفعا منهم بالتجريد بل إثباتا لتخلف شروط الدعوى المذكورة. لما كان ذلك وكان من المقرر أيضا أن تقدير الدليل على التواطؤ والعلم بإعسار المدين هو من المسائل الموضوعية التي تدخل في سلطة محكمة الموضوع دون معقب عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بني قضاءه بعدم نفاذ البيع المحرر عنه العقد الابتدائي المؤرخ 22/1/1952 علي ما استخلصه من مستندات المطعون ضده الأول وأقوال شهوده التي اطمأن إليها من أن تاريخ نشأة دينه سابق على التصرف المطعون فيه، وبتوافر الغش لدي كل من الطاعنتين ومورثهما المدين وعلمهما بإعسار الأخير وقت صدور التصرف لمعرفتهما بظروفه المالية لرابطة الزوجية التي تسمح لهما بذلك، وأن مورثهما لم يقصد من تصرفه سوى الإضرار بحقوق دائنة، وإذ كان ما أورده الحكم في هذا الصدد سائغا وله أصل ثابت في الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن ما تثيره الطاعنتان في هذين السببين لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض، ويكون النعي بذلك علي غير أساس
وحيث إن الطاعنتين تنعيان على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والثالث مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقولان أن– المطعون ضده الأول الدائن كان يعلم بالتصرف المطعون فيه الصادر من مدينه منذ سنة 1962 وقد أقام دعواه بعد مضي أكثر من خمس عشرة سنه، فتكون الدعوي قد سقطت بمضي المدة عملا بنص المادة 243 من القانون المدني- كما أنهما تمسكتا أمام المحكمة الاستئنافية بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي كامل صفه لعدم اختصام جميع ورثة المدين، إلا أن المحكمة أغفلت الرد على هذا الدفاع
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه من المقرر وعلي ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز التحدي لأول مرة أمام محكمة النقض بسبب قانوني يخالطه واقع لم يسبق إثارته لدى محكمة الموضوع أو كانت عناصره غير مطروحة عليها. ولما كانت الطاعنتان لم تقدما رفق طعنهما ما يدل على سبق تمسكهما أمام محكمة الموضوع بالدفع بسقوط الحق في رفع الدعوى وبعدم قبول الدعوي لرفعها على غير ذي كامل صفه، كما خلت الأوراق مما يفيد ذلك، فإن النعي بذلك يعتبر سببا جديدا لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض
وحيث أنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.