الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 28 أكتوبر 2018

عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا بطريق التماس إعادة النظر


القضية رقم 15 لسنة 35 ق " منازعة تنفيذ " جلسة 1 / 6 / 2014
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
 بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد، الأول من يونيه سنة 2014م، الموافق الثالث من شعبان سنة 1435 هـ.
برئاسة السيد المستشار / أنور رشاد العاصي النائب الأول لرئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور/ حنفي على جبالى والسيد عبدالمنعم حشيش وسعيد مرعى عمرو والدكتور/ عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى اسكندر نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / محمود محمد على غنيم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 15 لسنة 35 قضائية " منازعة تنفيذ " .
المقامة من
السيد / محمد صلاح الدين محمد
ضد
1- السيد وزير الصحة
2- السيد مفتي الجمهورية
الإجراءات
بتاريخ السادس عشر من مارس سنة 2013، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالباً في ختامها الحكم؛ أولاً: بوقف تنفيذ الحكم الملتمس إعادة النظر فيه طبقاً للمادة (244) من قانون المرافعات، حيث يُخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه، وهو منع نجلات الملتمس من إجراء العملية (الختان) ومخالفة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثانياً: بقبول التماس إعادة النظر في الحكم الصادر في الدعوى رقم 289 لسنة 31 قضائية "دستورية "،وبإلغائه وإعادة النظر فيه، والفصل في طلبات الملتمس في دعواه الدستورية ، وإجابتها لانعدام الحكم وبطلانه، ثالثاً: إلزام الجهة الإدارية بمصروفات الدعوى الدستورية .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت في ختامها الحكم برفض طلب وقف تنفيذ الحكم المشار إليه، وبعدم قبول منازعة التنفيذ فيه.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
 حيث إن الوقائع تتحصل على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق في أن المدعي كان قد تدخل وآخر انضمامياً إلى المدعي الأول في الدعوى رقم 13677 لسنة 61 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، ضد المدعى عليهما؛ طالباً الحكم بوقف تنفيذ قرار وزير الصحة رقم 271 لسنة 2007 الخاص بحظر ختان الإناث، وفي الموضوع بإلغائه وما يترتب عليه من آثار، وكذلك الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 126 لسنة 2008 فيما تضمنه من إضافة المادة (242 مكرراً) إلى قانون العقوبات؛ التي جعلت من ختان الإناث جريمة يُعاقب عليها بالحبس أو الغرامة ، وبجلسة 16/12/2008 قررت محكمة القضاء الإداري إحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادة (242 مكرراً) من قانون العقوبات وقرار وزير الصحة رقم 271 لسنة 2007 المشار إليهما، حيث قُيدت الدعوى بجدول هذه المحكمة برقم 289 لسنة 31 قضائية "دستورية "، وأثناء نظرها؛ قدم المدعي الأول في الدعوى الموضوعية المشار إليها مذكرة طلب في ختامها الحكم ببطلان إجراءات تشكيل المحكمة الدستورية العليا لعدم صدور قرار من رئيس الجمهورية بتعيين أعضائها. وبجلسة 3/2/2013 قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم قبول الدعوى ، فأقام المدعي دعواه الراهنة ؛ بالتماس إعادة النظر في هذا الحكم ووقف تنفيذه؛ على سند من القول بانعدامه وبطلانه، وأسس طلباته على أسباب حاصلها مخالفة تعيين رئيس وأعضاء المحكمة لأحكام الدستور و القانون، وعدم قيام أحد أعضاء المحكمة وهو السيد المستشار محمد عبد العزيز الشناوي بأداء اليمين القانونية قبل مباشرة عمله فيها، وقضاء المحكمة بما لم يطلبه الخصوم؛ حيث لم تطلب هيئة قضايا الدولة الحكم بعدم قبول الدعوى ، بالإضافة إلى تناقض أسباب الحكم مع منطوقه؛ إذ انتهى إلى القضاء بعدم قبول الدعوى تأسيساً على انتفاء مصلحة المدعين فيها، حال أن محكمة الموضوع المحيلة قضت بقبول تدخل المدعي لتحقق مصلحته في الدعوى الموضوعية . وإذ ارتأى المدعي أن هذا الحكم يحول بينه وبين القضاء له بطلباته في الدعوى الموضوعية المشار إليها، فقد أقام الدعوى الراهنة .
وحيث إن حكم المحكمة الدستورية العليا السالف الذكر في الدعوى الدستورية رقم 289 لسنة 31 قضائية ، الصادر بجلسة 3/2/2013، قد أسس قضاءه بعدم قبول الدعوى على أن أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد تطبيق النصوص التشريعية المطعون فيها على ذوي المدعين ومن بينهم المدعي ولم يثبت أن أضراراً واقعية قد حاقت بهم أو بذويهم جراء هذه النصوص؛ إذ لم تفصح أوراق الدعوى الموضوعية عن أن إحدى الإناث المنتميات للمدعين كانت بصدد إجراء عملية ختان، أو أنها عُرضت على أحد الأطباء لإجراء هذه العملية ، فامتنع عن ذلك خشية وقوعه تحت طائلة قانون العقوبات أو مساءلته تأديبياً، وخلص الحكم من ذلك إلى أن المدعين لا يُعدون من المخاطبين بأحكام النصوص المطعون عليها؛ إذ لم تترتب لهم مراكز قانونية تخولهم الحق في ترتيب الآثار الناجمة عن إبطالها، الأمر الذي تنتفي معه مصلحتهم الشخصية المباشرة في الطعن عليها.
وحيث إن المدعي قد أقام دعواه الراهنة بطلب التماس إعادة النظر في الحكم السالف البيان ووقف تنفيذه.
وحيث إن المادة (48) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن "أحكام المحكمة وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن".
وتنص الفقرة الأولى من المادة (49) من القانون ذاته على أن "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة ".
ومقتضى نصي هاتين المادتين وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أن يكون لقضائها في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة ، وباعتباره قولاً فصلاً في المسألة المقضي فيها، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد، وهو ما أكدته المادة (195) من دستور سنة 2014 حيث نصت في فقرتها الأولى على أن "تُنشر في الجريدة الرسمية الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة الدستورية العليا، وهي ملزمة للكافة وجميع سلطات الدولة ، وتكون لها حجية مطلقة بالنسبة لهم".
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى كذلك على أن المشرع غير مقيد، في مجال ضمانة حق اللجوء للقضاء، بأشكال محددة تمثل أن ماطاً جامدة لا تقبل التغيير أو التبديل، بل يجوز له أن يختار من الصور الإجرائية لإنفاذ هذا الحق ما يكون في تقديره الموضوعي أكثر اتفاقاً مع طبيعة المنازعة التي يعهد بالفصل فيها إلى جهة من الجهات القضائية ، وأنه لما كانت الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا تُعد أحكاماً باتة لا تقبل الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن العادية وغير العادية ،مثلها في ذلك مثل أحكام محكمة النقض التي وضعها المشرع على رأس جهة القضاء العادي، ومن ثم كان من السائغ التسوية بين كل من محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا في عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة منهما بطريق التماس إعادة النظر.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان المدعي يتغيا من دعواه الراهنة إعادة طرح المسألة الدستورية ذاتها على هذه المحكمة ؛ بعد أن قضت فيها بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة الشخصية المباشرة ، وذلك بحكمها الصادر في القضية رقم 289 لسنة 31 قضائية "دستورية "، وكانت أحكام هذه المحكمة وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن العادية وغير العادية ، فضلاً عن كونها ملزمة للكافة وجميع سلطات الدولة ، وذات حجية مطلقة بالنسبة لهم، مما لا يجوز معه سلوك سبيل التماس إعادة النظر في الأحكام الصادرة منها، فمن ثم يتعين الحكم بعدم قبول هذه الدعوى .
وحيث إنه عما أثاره المدعي من انعدام وبطلان الحكم الصادر من هذه المحكمة في الدعوى رقم 289 لسنة 31 قضائية "دستورية "السالف بيانها؛ على سند من القول ببطلان تشكيل المحكمة ، فقد تناول ذلك الحكم الرد عليه في أسبابه، فضلاً عن أن الثابت من محضر جلسة الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا بتاريخ 7/10/2001 أن السيد المستشار محمد عبد العزيز الشناوي قد أدى اليمين القانونية أمامها قبل مباشرته عمله بالمحكمة ، ومن ثم يضحى ما أثاره المدعي في هذا الصدد قائماً على غير أساس، متعيناً الالتفات عنه.
وحيث إن طلب المدعي وقف تنفيذ الحكم الصادر في القضية رقم 289 لسنة 31 قضائية "دستورية "، يُعد فرعاً من أصل النزاع حول الدعوى المعروضة ، بما مؤداه أن مباشرة هذه المحكمة اختصاص البت في طلب وقف التنفيذ المقدم من المدعي يكون وعلى ما جرى به قضاؤها قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

عدم دستورية قرار رئيس ميناء دمياط (مقابل التميز المستحق على مساحة الأرض المشغولة داخل ميناء)


القضية رقم 131 لسنة 32 ق " دستورية " جلسة 8 / 11 / 2014
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من نوفمبر سنة 2014م، الموافق الخامس عشر من المحرم سنة 1436 هـ.
برئاسة السيد المستشار / عدلى محمود منصور رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / الدكتور حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه النجار وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر
 نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / محمود محمد غنيم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 131 لسنة 32 قضائية " دستورية ".
المقامة من
رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للصوامع والتخزين
ضد
1 السيد رئيس الجمهورية
2 السيد رئيس مجلس الوزراء
3 السيد وزيرالنقل
4 رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء دمياط
الإجراءات
بتاريخ الثالث عشر من يونيه سنة 2010، أودعت الشركة المدعية صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبت في ختامها الحكم بعدم دستورية قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء دمياط رقم 443 لسنة 2003 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها طلبت في ختامها الحكم أصليًّا :- بعدم اختصاص المحكمة ولائيًّا بنظر الدعوى ، واحتياطيًّا :- برفضها .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
 حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أنه سبق للشركة المدعية أن أقامت الدعوى رقم 1132 لسنة 2005 مدنى كلى أمام محكمة دمياط الابتدائية " مأمورية كفر سعد " ضد الهيئة العامة لميناء دمياط بطلب الحكم ببراءة ذمتها من مبلغ 50ر589ر191 جنيه والذى يمثل مقابل التميز المستحق على مساحة الأرض التي تشغلها داخل ميناء دمياط عن الفترة من 1/7/2003 حتى 30/6/2004 ،وبجلسة 30/11/2008 حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وتأيد ذلك الحكم استئنافيًّا، وتم الطعن عليه بطريق النقض ولم يتم الفصل فيه حتى إقامة الدعوى الدستورية ، وإذ لم تلتزم الشركة المدعية بسداد المبالغ المستحقة عليها فقد أقامت الهيئة العامة لميناء دمياط الدعوى رقم 587 لسنة 2009 مدنى كلى أمام محكمة دمياط الابتدائية "مأمورية كفر سعد " ضد الشركة المدعية بطلب الحكم بإلزام الشركة بأن تؤدى لها مبلغ 64ر018ر664ر3 جنيه والذى يمثل مقابل التميز المستحق على مساحة الأرض التي تشغلها داخل الميناء عن الفترة من 1/7/2003 حتى 30/6/2009، وأثناء نظر الدعوى دفعت الشركة المدعية بعدم دستورية قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء دمياط رقم 443 لسنة 2003، فصرحت المحكمة لها بإقامة الدعوى الدستورية ، فأقامت دعواها الماثلة .
 وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تقرير اختصاصها ولائيًّا بنظر دعوى بذاتها يسبق الخوض في شروط قبولها أو موضوعها، ولما كان الدستور الحالي قد عهد بنص المادة (192) منه إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بتولى الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وكان قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، قد بين اختصاصاتها وحدد ما يدخل في ولايتها حصرًا مستبعدًا من مهامها ما لا يندرج تحتها، فخولها اختصاصًا منفردًا بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، وينحصر هذا الاختصاص في النصوص التشريعية أيًا كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التي أصدرتها، فلا تنبسط هذه الولاية إلا على القانون بمعناه الموضوعي باعتباره من صرفًا إلى النصوص القانونية التي تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة ، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية ، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية في حدود صلاحيتها التي ناطها الدستور بها، وأن تنقبض تلك الرقابة - تبعًا لذلك - عما سواها .
 وحيث إن قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء دمياط رقم 443 لسنة 2003 ( المطعون فيه ) قد انطوى على قواعد تنظيمية عامة تسرى في شأن من يرغب من الأفراد والشركات في استغلال بعض الأراضي الواقعة داخل ميناء دمياط، وتحديد مقابل تميز لهذه الأراضى يقدَّر بحسب قربها أو بعدها عن رصيف الميناء، ومن ثم فإن الفصل في دستورية هذا القرار يدخل في اختصاص المحكمة الدستورية العليا، الأمر الذى يغدو معه الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى فاقدًا لسنده، جديرًا بالالتفات عنه .
 وحيث إن رئيس الجمهورية كان قد أصدر القرار رقم 317 لسنة 1985 بإنشاء الهيئة العامة لميناء دمياط مقررًا تمتعها بالشخصية الاعتبارية العامة ، وتبعيتها لوزير النقل، كما أصدر وزير النقل القرار رقم 73 لسنة 2003 بتحديد مقابل الانتفاع بالأراضى والمخازن المغلقة والجمالونات المغطاة وحجرات محطات الركاب والمجمعات الإدارية بالموانئ المصرية ، وتبعًا لذلك أصدر رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء دمياط القرار المطعون فيه محددًا نسب تميز للأراضي والساحات والمنشآت داخل ميناء دمياط حسب قربها من حافة الرصيف، حيث نصت المادة الأولى على أن " تحدد نسب تميز للأراضى والمساحات والمنشآت داخل ميناء دمياط على النحو التالى :-
المستوى الأول :- الأراضى التي تقع حتى مسافة 200 متر من حافة الرصيف (50%) من مقابل الانتفاع .
المستوى الثانى :- الأراضى التي تقع على مسافة 200 - 300 متر من حافة الرصيف (25%) من مقابل الانتفاع .
المستوى الثالث :- الأراضي التي تقع على مسافة أكبر من 300 متر من حافة الرصيف بدون نسبة تميز " .
 وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، متى كان ذلك وكان النزاع الموضوعي يدور حول مطالبة الهيئة العامة لميناء دمياط الشركة المدعية بسداد مقابل التميز المستحق على الأراضي والمنشآت التي تستغلها داخل الميناء، فإن المصلحة في الدعوى الماثلة تكون متحققة ، ويتحدد نطاقها في قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء دمياط رقم 443 لسنة 2003 .
 وحيث إن الشركة المدعية تنعى على القرار المطعون فيه مخالفته نصوص المواد 1، 3، 4، 144 من دستور 1971 لعدم وجود تفويض تشريعي لرئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء دمياط لإصداره، فضلاً عن عدم نشره بالجريدة الرسمية .
 وحيث إن من المقرر أن التحقق من استيفاء النصوص التشريعية لأوضاعها الشكلية ، يعتبر أمرًا سابقًا بالضرورة على الخوض في عيوبها الموضوعية ، كما أن الأوضاع الشكلية سواء في ذلك تلك المتعلقة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها أو نفاذها، إنما تتحدد على ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها، ولما كانت المناعى الموجهة للقرار المطعون فيه تندرج ضمن المناعي الشكلية ، فمن ثم فإن نصوص الدستور الصادر عام 1971 الذى صدر القرار المطعون فيه في ظل العمل بأحكامه، تكون هى الواجبة التطبيق في هذا الشأن .
 وحيث إن الدولة القانونية - وعلى ما تنص عليه المادة (65) من الدستور الصادر عام 1971 - هي التي تتقيد في ممارستها لسلطاتها أيًا كانت وظائفها أو غاياتها، بقواعد قانونية تعلو عليها، وتردها على أعقابها إن هى جاوزتها، فلا تتحلل منها، وكان مضمون القاعدة القانونية التي تعتبر إطارًا للدولة القانونية ، تسمو عليها وتقيدها إنما يتحدد من منظور المفاهيم الديمقراطية التي يقوم عليها نظام الحكم على ما تقضى به المواد (1، 3، 4) من الدستور .
 وحيث إن إخطار المخاطبين بالقاعدة القانونية بمضمونها يُعتبر شرطًا لإنبائهم بمحتواها، وكان نفاذها بالتالي يفترض إعلانها من خلال نشرها، وحلول الميعاد المحدد لبدء سريانها، وكان ذلك مؤداه : أن دخول القاعدة القانونية مرحلة التنفيذ مرتبط بواقعتين تجريان معًا وتتكاملان - هما نشرها وانقضاء المدة التي حددها المشرع لبدء العمل بها .
 وحيث إن من المقرر أن نشر القاعدة القانونية ضمانٌ لعلانيتها وذيوع أحكامها واتصالها بمن يعنيهم أمرها، وامتناع القول بالجهل بها، وكان هذا النشر يُعتبر كافلاً وقوفهم على ما هيتها ومحتواها ونطاقها، حائلاً دون تنصلهم منها، ولو لم يكن علمهم بها قد صار يقينيًّا، أو كان إدراكهم لمضمونها واهيًا، وكان حملهم قبل نشرها على النزول عليها - وهم من الأغيار في مجال تطبيقها - متضمنًا إخلا لاً بحرياتهم أو الحقوق التي كفلها الدستور لهم، دون التقيد بالوسائل القانونية التي حدد تخومها وفَصَّل أوضاعها، فقد تعين القول بأن القاعدة القانونية التي لا تُنشر، لا تتضمن إخطارًا كافيًا بمضمونها ولا بشروط تطبيقها، فلا تتكامل مقوماتها التي اعتبر الدستور تحققها شرطًا لجواز التدخل بها لتنظيم الحقوق والواجبات على اختلافها، وعلى الأخص ما اتصل منها بصون الحرية الشخصية ، والحق في الملكية .
 وحيث إن كل قاعدة قانونية لا تكتمل في شأنها الأوضاع الشكلية التي تطلبها الدستور فيها، كتلك المتعلقة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها أو شروط نفاذها، إنما تفقد مقوماتها باعتبارها كذلك، فلا يستقم بنيانها، وكان تطبيقها في شأن المشمولين بحكمها - مع افتقارها لقوالبها الشكلية - لا يلتئم ومفهوم الدولة القانونية التي لا يتصور وجودها ولا مشروعية مباشرتها لسلطاتها، بعيدًا عن خضوعها للقانون وسموه عليها باعتباره قيدًا على كل تصرفاتها وأعما لها .
 وحيث إنه متى كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء دمياط رقم 443 لسنة 2003 (المطعون فيه )، لم يُنشر في الجريدة الرسمية " الوقائع المصرية " بالمخالفة لنص المادة (188) من الدستور الصادر عام 1971، ومن ثم فإن تطبيقه على الشركة المدعية قبل نشره، يزيل عنه صفة الإلزام، فلا يكون له قانونًا من وجود لمخالفته المواد (64، 65، 188) من الدستور الصادر عام 1971 .
 وحيث إن مقتضى حكم المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية
العليا - بعد تعديلها بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 - هو عدم تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته على الوقائع اللاحقة لليوم التالي لتاريخ نشر الحكم الصادر بذلك، وكذلك على الوقائع السابقة على هذا النشر، إلا إذا حدد الحكم الصادر بعدم الدستورية تاريخًا آخر لسريانه، لما كان ذلك، وكان إعمال الأثر الرجعى للحكم بعدم دستورية القرار المطعون فيه، مؤداه رد المبالغ السابق تحصيلها من ذوى الشأن كمقابل تميز للأراضي والمنشآت التي يستغلونها بالميناء، وهو ما يؤدى - حال إعمال الأثر الرجعى - إلى تحميل الدولة بأعباء مالية في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد بعد ثورتي الخامس والعشرين من يناير 2011 والثلاثين من يونيو 2013 فإن المحكمة ترى إعمال الرخصة المخولة لها بنص الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانونها، وتحدد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخًا لإنفاذ آثاره دون إخلال باستفادة الشركة المدعية منه .
فلهذه الأسباب
 حكمت المحكمة أولاً : بعدم دستورية قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء دمياط رقم 443 لسنة 2003 .
 ثانيًا : تحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخًا لإنفاذ آثاره دون إخلال باستفادة الشركة المدعية منه .
 ثالثًا : إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

المنازعات بين مصلحة الضرائب والممولين تعد منازعة إدارية يختص بها مجلس الدولة طبقًا للمادة 190 من الدستور الحالي


الدعوى رقم 59 لسنة 38 ق " منازعة تنفيذ " جلسة 22 / 9 / 2018
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني والعشرون من سبتمبر سنة 2018م، الموافق الثاني عشر من المحرم سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى    رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر والدكتور حمدان حسن فهمى      نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع  أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
 في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 59 لسنة 38 قضائية " منازعة تنفيذ ".
المقامة من
الممثل القانونى للجامعة الألمانية بالقاهرة
ضــد
1 - رئيس مجلس الوزراء
2 - وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب المصرية
3 - رئيس مصلحة الضرائب المصرية
الإجـراءات
      بتاريخ الثانى عشر من ديسمبر سنة 2016، أقام المدعى هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب هذه المحكمة، بطلب الحكم أولاً: بقبول منازعة التنفيذ شكلاً، وبصفة مستعجلة، وقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة النقض بجلسة 13/10/2016 في الطعن رقم 7171 لسنة 85 قضائية. ثانيًا : وفى الموضوع، بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 25/7/2015 في الدعوى رقم 70 لسنة 35 قضائية "دستورية"، المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 12/8/2015، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر عن محكمة النقض السالف الذكر.
      وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
      وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
      ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمــة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
      حيث إن الوقائع تتحصل – حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى، بصفته الممثل القانوني للجامعة الألمانية بالقاهرة، كان قد أقام الدعوى رقم 609 لسنة 2012 مدنى أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، طالبًا الحكم، بصفة مستعجلة، بالكف عن مطالبة الجامعة المذكورة بأية مبالغ ضريبية حتى الفصل في الدعوى، وفى الموضوع: ببراءة ذمة الجامعة من أية ضرائب في الحال والمستقبل، ورد مبلغ 6,208,100 جنيه تم تحصيله دون وجه حق. تأسيسًا على أن الجامعة لا تعد من المنشآت التجارية، ولا يخضع نشاطها لأحكام قانون الضريبة على الدخـــل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005، بحسبانه نشاطًا خدميًّا تعليميًّا لا يهدف إلى تحقيق الربح، وبجلسة 29/5/2013 قضت تلك المحكمة بعدم قبول الدعوى، استنادًا إلى أنه كان يتعين على المدعى اللجوء إلى لجان الطعن الضريبي لتتولى الفصل في النزاع بينه وبين مصلحة الضرائب وفقًا لأحكام قانون الضريبة على الدخل المشار إليه، وقد طعن المدعى على هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1164 لسنة 17 قضائية "مأمورية شمال"، فقضت بجلسة 25/2/2015 برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المدعى على هذا الحكم أمام محكمة النقض بالطعن رقم 7171 لسنة 85 قضائية، ولدى نظره أمام تلك المحكمـة قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 25/7/2015 في الدعوى رقم 70 لسنة 35 قضائية "دستورية" "أولاً: بعدم دستورية نص المادة (123) من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005.
ثانيًا: بسقوط عبارة "أمام المحكمة الابتدائية" الواردة بعجز الفقرة الثانية من المادة (122) من القانون ذاته، وبجلسة 13/10/2016 أصدرت محكمة النقض قرارها في غرفة مشورة بعدم قبول الطعن المشار إليه، وذلك استنادًا إلى أن قرار لجنة الطعن الصادر من مصلحة الضرائب بحسب طبيعته يعد قرارًا إداريًّا، وهو ما لم يعرض له الحكم المطعون فيه، أو يتناوله بالبحث في قضائه بعدم قبول الطعن لعدم عرضه على لجنة الطعن المختصة، بما لا شأن لقضاء مجلس الدولة بالمنازعة آنئذ. وإذ ارتأى المدعى أن هذا الحكم يعد عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قوامها أن التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم، تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعـة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيـذ لا تعـد طريقًا للطعــن في الأحكـام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق أن قضت بحكمها الصادر بجلسة 25/7/2015 في الدعوى رقم 70 لسنة 35 قضائية "دستورية" أولاً: بعدم دستورية نص المادة (123) من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005. ثانيًا: بسقوط عبارة "أمام المحكمة الابتدائية" الواردة بعجز الفقرة الثانية من المادة (122) من القانون ذاته"، ونُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 31 مكرر (ج) بتاريخ 2/8/2015، وتأسس هذا القضاء على أن الأصل في الضريبة أنها فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا بما لها من ولاية على إقليمها لتنمية مواردها، باعتبار أن حصيلتها تعد إيرادًا عامًّا يؤول إلى الخزانة العامة ليندمج مع غيره من الموارد التي يتم تدبيرها لتشكل جميعها نهرًا واحدًا لإيراداتها الكلية، وأن نص القانون هو الذى ينظم رابطتها محيطًا بها، مبينًا حدود العلاقة بين الملتزم بها من ناحية وبين الدولة التي تفرضها من ناحية أخرى، سواء في مجال تحديد الأشخاص الخاضعين لها، أو الأموال التي تسري عليها، وشروط سريانها، وسعرها، وكيفية تحديد وعائها وقواعد تحصيلها، وأحوال الإعفاء منها، والجزاء على مخالفة أحكامها، وكان قانون الضريبة إذ يصدر على هذا النحو فإنه ينظم رابطتها تنظيمًا شاملاً يدخل في مجال القانون العام، ويبرز ما للخزانة العامة من حقوق قِبل الممول وامتيازاتها عند مباشرتها، وبوجه خاص في مجال توكيده حق الإدارة المالية في المبادأة بتنفيذ دين الضريبة على الممول، وتأثيم محاولة التخلص منه . وإذ كان حق الخزانة العامة في جباية الضريبة يقابله حق الممول في فرضها وتحصيلها على أسس عادلة، إلا أن المحقق أن الالتزام بالضريبة ليس التزامًا تعاقديًّا ناشئًا عن التعبير المتبادل عن إرادتين متطابقتين، بل مرد هذا الالتزام إلى نص القانون وحده فهو مصدره المباشر، وإذ تتدخل الدولة لتقرير الضريبة وتحصيلها، فليس باعتبارها طرفًا في رابطة تعاقدية أيًّا كان مضمونها، ولكنها تفرض – في إطار من قواعد القانون العام – الأسس الكاملة لعلاقة قانونية ضريبية لا يجوز التبديل أو التعديل فيها أو الاتفاق على خلافها .
وحيث إن المشرع قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم، بدءًا من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة، الذى أسند بنص البند سابعًا من المادة (8) منه لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري الاختصاص بالفصل في تلك المنازعات، وأوضحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الاختصاص بنظر هذه الطعون تقرر لمجلس الدولة باعتبار أنها ذات طبيعة إدارية بحتة، وقد جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة على النهج ذاته فنص في البنـد سابعًا من المادة (8) منه على الحكم ذاته، وأكدت هذا الاختصاص المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، التي عقدت في البند السادس منها الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم، وفقًا للقانون الذى ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام تلك المحاكم، وأن المرجع في تحديد بنيان الضريبة وعناصرها ومقوماتها وأوضاعها وأحكامها المختلفة، بما في ذلك وعاؤها، والمكلفون بها والملتزمون بعبئها وقيمة الضريبة المستحقة ومدى الخضوع لها والإعفاء منها إلى قانون هذه الضريبة، وإلى القرار الصادر من الجهة الإدارية المختصة تنفيذًا لأحكامه، وكان قانون الضريبة على الدخل المشار إليه قد تضمن التنظيم القانوني للضريبة على المرتبات والأجور، وأجازت المادة (118) منه للممول الخاضع لتلك الضريبة الاعتراض على ما تم خصمه من ضرائب بطلب يقدم إلى الجهة التي قامت بالخصم، وأوجبت على تلك الجهة إحالة طلبه مشفوعًا بردها إلى مأمورية الضرائب المختصة، وتتولى المأمورية فحص الطلب، وفى حالة عدم اقتناعها بصحته، فيتعين عليها إحالته إلى لجنة الطعن التي تتولى الفصل في أوجه الخلاف بين مصلحة الضرائب والممولين ، وقد حددت المادة (120) من هذا القانون تشكيل لجان الطعن فنصت على أن " تشكل لجان الطعن بقرار من الوزير من رئيس من غير العاملين بالمصلحة وعضوية اثنين من موظفي المصلحة يختارهما الوزير، واثنين من ذوى الخبرة يختارهما الاتحاد العام للغرف التجارية بالاشتراك مع اتحاد الصناعات المصرية من بين المحاسبين المقيدين في جدول المحاسبين والمراجعين لشركات الأموال بالسجل العام لمزاولي المهنة الحرة للمحاسبة والمراجعة. .....، وتكون هذه اللجان دائمة وتابعة مباشرة للوزير، ويصدر قرار منه بتحديدها وبيان مقارها واختصاصها المكاني ومكافآت أعضائها". وقد بيّن نصا المادتين (121، 122) من ذلك القانون قواعد وإجراءات مباشرة تلك اللجان لمهامها، على نحو يبين منه أن هذه اللجان – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا تعدو أن تكون هيئات إدارية خولها القانون مهمة الفصل في المنازعات التي تتردد بين مصلحة الضرائب والممولين، باعتبار أن اللجوء إليها يمثل مرحلة أولية، قبل أن يتجه الطرفان صوب القضاء، ودون أن تضفى النصوص المتقدمة على تلك اللجان الصبغة القضائية، بل تظل مجرد هيئات إدارية تنأى عن مظلة السلطة القضائية، ليظل ما يصدر عنها قرارًا إداريًّا متعلقًا بهذه الضريبة وأوجه الخلاف حولها بين الممول ومصلحة الضرائب، والتي تعد منازعة إدارية بحسب طبيعتها، تندرج ضمن الاختصاص المحدد لمحاكم مجلس الدولة طبقًا لنص المادة (190) من الدستور الحالي . وإذ أسند النص المطعون فيه الاختصاص بالفصل في تلك المنازعات - طبقًا للقواعد والإجراءات التي حددها - إلى المحكمة الابتدائية التابعة لجهة القضاء العادي، وأجاز الطعن في أحكامها بطريق الاستئناف، أمام محاكم الاستئناف التابعة لتلك الجهة، فإن مسلك المشرع على هذا النحو يكون مصادمًا لأحكام الدستور الذى أضحى بمقتضاه مجلس الدولة، دون غيره هو صاحب الولاية العامة في الفصل في المنازعات الإدارية وقاضيها الطبيعي، والتي تدخل ضمنها الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب .
      وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت محكمة شمال القاهرة الابتدائية قد أصدرت بجلسة 29/5/2013 حكمها في القضية رقم 609 لسنة 2012 مدنى بعدم قبول الدعوى، كما قضت محكمة الاستئناف بجلسة 25/2/2015 برفض الاستئناف رقم 1164 لسنة 17 قضائية المقام طعنًا على هذا الحكم، وقضت محكمة النقض بجلسة 13/10/2016 في غرفة مشورة في الطعن رقم 7171 لسنة 85 قضائية، المقام طعنًا على حكم محكمة الاستئناف المشار إليه، بعدم قبول الطعن، وبذلك تكون محاكم جهة القضاء العادي قد حسمت بقضائها المتقدم المنتهى بحكم محكمة النقض المار ذكره مسألة أولية تتصل بولايتها في الفصل في النزاع الموضوعي، وكان الفصل في اختصاص محكمة الموضوع بنظر النزاع المعروض عليها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو من الأمور المتعلقة بالنظام العام، بحكم اتصاله بولاية هذه المحكمة في نظرها والفصل فيها، ومن أجل ذلك كان التصدي له سابقًا بالضرورة على البحث في توافر شروط قبول الدعوى أو موضوعها، وكانت المسألة المطروحة على محكمة الموضوع تدور حول مدى خضوع نشاط الجامعة المدعية للضريبة على الدخل طبقًا لأحكام قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005، وبراءة ذمتها من دين الضريبة المطالبة به من جانب مصلحة الضرائب، وأحقيتها في استرداد ما تم سداده كضرائب تنفيذًا لقرار المصلحة، وكانت تلك المنازعة في حقيقتها تدخل في عداد المنازعات الضريبية التي عقدت المادة (190) من الدستور، والمادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة لمحاكم مجلس الدولة الاختصاص دون غيرها بالفصل فيها، فإن الحكم الصادر من محكمة النقض المشار إليه الذى اختصمه المدعى في دعواه المعروضة، يعد عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المار ذكره، مما يتعين القضاء بإزالتها، وعدم الاعتداد به، والاستمرار في تنفيذ حكم هذه المحكمة المشار إليه.
      وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة النقض فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع في الدعوى المعروضة، والذى انتهت المحكمة فيما تقدم إلى عدم قبولها، بما مؤداه أن تولى هذه المحكمة – طبقاً لنص المادة (50) مــــن قانونها – اختصاص البت في طلب وقف التنفيذ يكون قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
      حكمت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 25/7/2015، في الدعوى رقم 70 لسنة 35 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بقرار محكمة النقض الصادر بجلسة 13/10/2016 في غرفة مشورة في الطعن رقم 7171 لسنة 85 قضائية، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

عدم دستورية لجان تقدير الاتعاب للمحامين

القضية رقم 153 لسنة 19 ق "دستورية " جلسة 5 / 6 / 1999
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 5 يونيه سنة 1999 الموافق 20 صفر سنة 1420هـ .
برئاسة السيد المستشار/ محمد ولى الدين جلال   رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: فاروق عبد الرحيم غنيم و حمدي محمد علي و عبد الرحمن نصير و سامي فرج يوسف و الدكتور عبد المجيد فياض و ماهر البحيري .
وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق   رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ حمدي أنور صابر         أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 153 لسنة 19 قضائية "دستورية ".
المقامة من
السيدة / عزة عبد الحافظ مصطفى
ضد
أولا : ورثة المرحوم صلاح الدين محمود الدهرى ، وهم السادة
1- محمد صلاح الدين محمود الدهرى
2-علاء الدين صلاح الدين محمود الدهرى
3- هبة صلاح الدين محمود الدهرى
4- أميرة على هلالى
ثانيا : السيد / وزير العدل بصفته
ثالثا : السيد / رئيس مجلس الشعب بصفته
رابعا : السيد / نقيب المحامين بصفته
" الإجراءات "
بتاريخ 2 أغسطس سنة 1997، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالبة الحكم بعدم دستورية نص المادتين (84، 85) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع- على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل في أن المرحوم/ صلاح الدين محمود الدهرى المحامى كان قد تقدم بالطلب رقم 106 لسنة 1995 إلى نقابة المحامين الفرعية بالجيزة ، لتقدير أتعابه بمبلغ خمسين ألف جنيه عن القضايا التى باشر الدفاع فيها عن المدعية ، وبتاريخ 15/10/1996 أصدرت اللجنة المختصة بالنقابة قراراً بتقدير أتعابه بمبلغ أثنين وعشرين ألف جنيه، وإذ لم ترتض المدعية هذا القرار فقد أقامت- والمدعى عليهم الأربع الأول بصفتهم ورثة المحامى - الاستئنافين رقمى 16306، 16333 لسنة 113 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة طعناً فيه، وأثناء نظرهما دفعت المدعية بعدم دستورية نصى المادتين (84، 85) من قانون المحاماة . وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، فقد صرحت لها بإقامة دعواها الدستورية ، فأقامت الدعوى الماثلة .
وحيث إن المادتين- الطعينتين- تنصان على ما يأتى :
مادة (84) "للمحامى إذا وقع خلاف بينه وبين موكله بشأن تحديد أتعابه في حالة عدم الاتفاق كتابة عليها أن يقدم إلى النقابة التى يتبعها طلباً بما يحدده من أتعاب، وبعرض هذا الطلب على لجنة يشكلها مجلس النقابة الفرعية من ثلاثة من أعضائه ويخطر الموكل بالحضور أمامها لا بداء وجهة نظره.
وعلى اللجنة أن تتولى الوساطة بين المحامى وموكله، فإذا لم يقبل الطرفان ما تعرضه عليهما، فصلت في موضوع الطلب خلال ستين يوماً على الأكثر بقرار مسبب، وإلا جاز لكل من الطرفين أن يلجأ مباشرة إلى المحكمة المختصة .
وإذا قبل الطرفان ما تعرضه عليهما حُرر محضر بذلك يوقع عليه الطرفان مع ممثل النقابة الفرعية وتوضع عليه الصيغة التنفيذية بواسطة قاضى الأمور الوقتية المختص وذلك بغير رسوم ".
مادة (85) "لا يجوز الطعن في قرارات التقدير التى تصدرها النقابات الفرعية إلا بطريق الاستئناف خلال عشرة أيام من تاريخ إعلان القرار ويرفع الاستئناف للمحكمة الإبتدائية التى يقع بدائرتها مكتب المحامى إذا كانت قيمة الطلب خمسمائة جنيه فأقل وإلى محكمة الاستئناف إذا جاوزت القيمة ذلك.
ولا يكون قرار التقدير نافذاً إلا بعد انتهاء ميعاد الاستئناف أو صدور الحكم فيه وتوضع الصيغة التنفيذية على قرارات التقدير النهائي بواسطة قاضى الأمور الوقتية المختص وذلك بغير رسوم".
وحيث إن المدعية تنعى على المادتين الطعينتين مخالفتهما لأحكام المواد (8، 40، 65، 68، 165) من الدستور تأسيساً على أن أولاهما آثرت المحامي - دون موكله - بالحق في اللجوء إلى اللجنة المشكلة وفقاً لها، لإصدار قرار بتقدير الأتعاب عند الخلاف بشأنها، وجعلت ثانيتهما الاستئناف طريقاً للطعن في قرارات هذه اللجنة - رغم كونها لجنة نقابية تفتقد العنصر القضائي في تشكيلها- فحرمت الخصوم- بذلك- من التداعي في شأن حقوقهم أمام محكمة أول درجة ، كما قصرت ميعاد الطعن في هذه القرارات إلى عشرة أيام خلافاً للميعاد المقرر في قانون المرافعات مما يخل بمبدأي تكافؤ الفرص ومساواة المواطنين في الحقوق والواجبات، فضلاً عن أن هاتين المادتين تجعلان المحامي خصماً وحكماً في آن واحد، كما أن قانون المحاماة يخلو من تنظيم إجراءات رد أعضاء اللجنة وهم زملاؤه الذين تربطه بهم مصالح مهنية متبادلة ، الأمر الذى يفقد اللجنة ضمانة التجرد والحيدة التي يتحقق بها الفصل في المنازعة بطريقة من صفة ، ويحرم ذوى الشأن من اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي ، وينطوي على اعتداء على استقلال السلطة القضائية وإهدار لمبدأ الخضوع للقانون.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التمييز بين الأعمال القضائية وبين غيرها من الأعمال التى قد تلتبس بها أن ما يقوم على مجموعة من العناصر لا تتحدد بها ضوابط هذا التمييز على وجه قطعي ، ولكنها تعين على إبراز الخصائص الرئيسية للعمل القضائي ، ومن بينها أن إسباغ الصفة القضائية على أعمال أية جهة عهد إليها المشرع بالفصل في نزاع معين، يفترض أن يكون تشكيلها واستقلالها كاشفين عن حيدتها عند الفصل في النزاع ومؤديين إلى غيريتها في مواجهة أطرافه، وأنه في كل حال يتعين أن يثير النزاع المطروح عليها ادعاءً قانونياً يبلور الحق في الدعوى كرابطة قانونية تنعقد الخصومة القضائية من خلالها وبوصفها الوسيلة التي عينها المشرع لاقتضاء الحقوق المدعى بها، وبمراعاة أن يكون إطار الفصل فيها محدداً. بما لا يخل بالضمانات القضائية الرئيسية التي لا يجوز النزول عنها والتي تقوم في جوهرها على إتاحة الفرص المتكافئة لتحقيق دفاع أطرافها، وتمحيص إدعاءاتهم، على ضوء قاعدة قانونية نص المشرع عليها سلفاً، محدداً على ضوئها حقوق كل من المتنازعين في تجرد كامل، ليكون القرار الصادر في النزاع مؤكداً للحقيقة القانونية مبلوراً لمضمونها في مجال الحقوق المدعى بها، لتفرض هذه الحقيقة نفسها- وبافتراض تطابقها مع الحقيقة الواقعة - على كل من ألزمه المشرع بها.
وحيث إن البين من قانون المحاماة المشار إليه، أن للمحامي - بنص المادة (82) منه- الحق في تقاضى الأتعاب، وفقاً للعقد المحرر بينه وبين موكله- عما يقوم به من أعمال المحاماة ، فضلاً عن حقه في استرداد ما أنفقه من مصروفات في سبيل مباشرة الأعمال التي وكل فيها، فإذا لم يكن ثمة اتفاق كتابى بينهما على الأتعاب، واختلفا في تقديرها، فقد رسم القانون أسلوب تحديدها وطريق اقتضائها في المادتين (84، 85) المشار إليهما على النحو المبين فيها.
وحيث إن مؤدى المادة (84) من قانون المحاماة ، أن اللجنة المشكلة طبقاً لها يخلو تشكيلها من العنصر القضائي ، وأن المشرع لم يقرر لها كياناً ذاتياً مستقلاً عن النقابة الفرعية ، وأن أعضاءها- بحكم موقعهم على القمة من تنظيمهم النقابى - إنما ينظرون المنازعة بشأن تقدير أتعاب المحاماة في كنف نقابتهم، التى تعنى أساساً بالمصالح المهنية الخاصة لأعضائها، وأن المشرع لم يكفل لطرح النزاع على هذه اللجنة الضمانات الجوهرية للتقاضي التي ينطوي تحتها حق كل خصم في عرض دعواه وطرح أدلتها والرد على ما يعارضها على ضوء فرص يتكافؤ أطرافها فيها جميعاً؛ بل فرض على هذه المنازعة نهجاً إجرائياً حائفاً فقصر اللجوء إليها على المحامى ، وأوصد بابه على موكله، فلم يجز له أن يعرض- ابتداء- ظلامته عليها إذا ما اقتضت مصلحته ذلك، بل عليه أن يتربص الطلب الذى يتقدم به المحامي حين يشاء، كى يطرح عليها أقواله، الأمر الذى يخل بالتوازن الذى تفرضه علاقة الوكالة القائمة بينهما، إجحافاً بمصلحة الموكل وترجيحاً لمصلحة المحامي عليها، كما أرهق المشرع الحق في الالتجاء مباشرة إلى المحكمة المختصة في شأن الأتعاب محل الخلاف بما استلزمه من أن تكون اللجنة قد تقاعست عن الفصل في موضوع الطلب- بقرار مسبب- خلال ستين يوماً قبل ولوجهما طريق التقاضي ؛ إذ كان ذلك، وكانت اللجنة في مباشرتها لعملها المنوط بها لا تبدو مبرأة من امتزاجه بالعمل النقابي ، مما يثير الريب حول حيدتها، وتزعزع ضمانة الاستقلال التى كان ينبغي أن تحيط بأعضائها بما لا تستقيم معه غيريتها في مواجهة أطراف المنازعة ؛ فإن هذه اللجنة لا تعتبر- إزاء المنازعة التي اختصها المشرع بالفصل فيها - هيئة ذات اختصاص قضائي ، ومن ثم، فإن قرارها في هذه المنازعة لا يصدق عليه وصف القرار القضائي ، بما يخرجها- بالتالي - من مفهوم القاضي الطبيعي .
وحيث إن الدستور بما نص عليه في المادة (68) من أن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي قد دل- وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - على أن هذا الحق في أصل شرعته هو حق للناس كافة تتكافأ فيه مراكزهم القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم دفاعاً عن مصالحهم الذاتية ، وقد حرص الدستور على ضمان أعمال هذا الحق في محتواه المقرر دستورياً بما لا يجوز معه قصر مباشرته على فئة دون أخرى أو إجازته في حالة بذاتها دون سواها، أو إرهاقه بعوائق منافية لطبيعته لضمان أن يكون النفاذ إليه حقاً لكل من يلوذ به غير مقيد في ذلك إلا بالقيود التي يقتضيها تنظيمه والتي لا يجوز بحال أن تصل في مداها إلى حد مصادرته، وإذ كان حق التقاضي من الحقوق العامة التي كفل الدستور بنص المادة (40) المساواة بين المواطنين فيها، فإن حرمان طائفة من هذا الحق مع تحقق مناطه- وهو قيام المنازعة في حق من حقوق أفرادها- إنما ينطوي على إهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من هذا الحق.
وحيث إنه إذا كان ما تقدم، وكان المشرع- بالنص المطعون فيه- قد أو كل إلى اللجنة المشار إليها- على الرغم من أنها ليست هيئة ذات اختصاص قضائي على نحو ما تقدم- الفصل في منازعة من طبيعة قضائية ، واستلب ولاية القضاء فيها من قاضيها الطبيعي ؛ وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الناس جميعاً لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في النفاذ إلى قاضيهم الطبيعي ، ولا في نطاق القواعد الإجرائية أو الموضوعية التي تحكم الخصومة القضائية ولا في مجال التداعي بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها؛ إذ ينبغي دوماً أن يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سواء في مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن في الأحكام التي تصدر فيها. متى كان ذلك وكان الخلاف بين المحامي وموكله حول تقدير الأتعاب إنما يندرج في دائرة الخلاف بين الأصيل والوكيل بأجر عند عدم الاتفاق على أجر الثاني، باعتبار أن جميع هذه المنازعات متحدة في جوهرها متماثلة في طبيعتها؛ فإن إفراد الخلاف بشأن تحديد أتعاب المحامي بنظام إجرائي خاص لفضه ينبؤ عن نظام التداعي بشأن تحديد أجر الوكيل- دون أن يستند ذلك إلى مبرر منطقي لهذه المغايرة - يصم هذا التنظيم التشريعي الخاص بمخالفة الدستور.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، فإن نص الفقرتين الأولى والثانية من المادة (84) يكون قد مايز- في مجال ممارسة حق التقاضي - بين المواطنين المتكافئة مراكزهم القانونية ، دون أن يستند هذا التمييز إلى أسس موضوعية ، بما يمثل إخلالاً بمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، وتعويقاً لحق التقاضي واعتداء على استقلال السلطة القضائية ، مخالفاً بذلك أحكام المواد (40، 68، 165، 167) من الدستور.
وحيث إن القضاء بعدم دستورية الفقرتين المشار إليهما يؤدى - بحكم اللزوم العقلي - إلى سقوط الفقرة الثالثة من المادة (84)، والمادة (85) برمتها، وذلك لارتباطهما بالفقرتين الأوليين ارتباطا لا يقبل التجزئة بحيث تكوّن جميعها كُلاً واحداً لا يتجزأ، مما لا يتصور معه أن تقوم لهذه النصوص قائمة بغيرهما أو إمكان أعمال أحكامها في غيبتهما.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرتين الأولى والثانية من المادة (84) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، وبسقوط كل من فقرتها الثالثة، والمادة (85) من هذا القانون، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة 

الطعن 1776 لسنة 30 ق جلسة 4 / 12 / 1962 مكتب فني 13ج 3 ق 198 ص 824

جلسة 4 من ديسمبر سنة 1962
برياسة السيد المستشار /محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين/ عادل يونس، وتوفيق الخشن، وأديب نصر، وأحمد موافي.
---------------
(198)
الطعن رقم 1776 لسنة 30 القضائية
دعوى جنائية "انقضاؤها". محاكمة "إجراءات المحاكمة". نقض "سلطة محكمة النقض". 
الحكم في موضوع الطعن بالنقض. طلب محامي الطاعن إعادة نظر الطعن لأن الطاعن توفي قبل جلسة النطق بالحكم. ثبوت ذلك: يوجب على محكمة النقض العدول عن الحكم المذكور والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية. المادة 14 أ. ج.
--------------
إذا كان الحكم في الطعن قد صدر بعد وفاة الطاعن، التي لم تكن معلومة للمحكمة في وقت صدوره، فإنه يتعين العدول عن الحكم المذكور والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المحكوم عليه إعمالاً لنص المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في يوم 8 مايو سنة 1957 بدائرة قسم كرموز محافظة الإسكندرية: حازوا وأحرزوا جواهر مخدرة (أفيوناً وحشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقاً للمواد 1و2و33و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول المرفق به. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً بتاريخ 28 يونيه سنة 1959- عملاً بالمواد 1 ،2 ،33 ،35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين 1 ،12 من الجدول أ المرافق له، وذلك بالنسبة إلى المتهمين الأول والثاني وبالمواد 1 ،2 ،34 ،35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين 1 ،12 من الجدول أ المرافق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الثالث: أولاً- بمعاقبة كل من المتهمين الأول "الطاعن" والثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهما خمسة آلاف جنيه. وثانياً- بمعاقة المتهم الثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه خمسمائة جنيه. وثالثاً- بمصادرة جميع الجواهر المخدرة المضبوطة. فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في ذلك الحكم بطريق النقض. وبجلسة 28 مارس سنة 1961 قضت محكمة النقض بقبول طعن الطاعن الأول شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتطبيق المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في خصوص العقوبة المقيدة للحرية وجعلها الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات بالنسبة لكلا الطاعنين، وذلك بالإضافة إلى عقوبتي الغرامة والمصادرة. وبتاريخ 4 نوفمبر سنة 1962 قدم الأستاذ ...... المحامي طلباً إلى السيد رئيس الدائرة الجنائية يطلب فيه إعادة القضية إلى الرول لأن الطاعن ( كمال عبد المحسن إبراهيم ) توفى إلى رحمة الله يوم أول فبراير سنة 1961 كما هو ظاهر من خطاب مستشفى الدمرداش، وبذلك تكون المحكمة قد قضت عليه بعد وفاته..... الخ.
--------------
المحكمة
حيث إنه تبين أن المحكمة قضت بتاريخ 28 من مارس سنة 1961 في الطعن رقم 1776 لسنة 30 القضائية المقام من الطاعن ...... بنقض الحكم نقضا جزئيا وتطبيق المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في خصوص العقوبة المقيدة للحرية وجعلها الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وذلك بالإضافة إلى عقوبتي الغرامة والمصادرة المحكوم بهما ضده
وحيث إن هذه المحكمة سبق لها أن قضت بتاريخ 19 من نوفمبر سنة 1962 في الطعن رقم 1148 لسنة 32 القضائية المقام من الطاعن المذكور بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاته استنادا إلى الإفادة المرفقة بالملف والمثبتة لوفاته بمستشفى الليمان في 15 من فبراير سنة 1961
وحيث إنه لما كان الحكم في الطعن رقم 1776 سنة 30 القضائية قد صدر ضد الطاعن ..... بعد وفاته التي لم تكن معلومة للمحكمة في وقت صدوره, فإنه يتعين العدول عن الحكم المذكور والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المحكوم عليه ....... وذلك إعمالا للمادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية.