الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 9 أكتوبر 2018

دعوى رقم 5 لسنة 2013 دستورية المحكمة الاتحادية العليا بتاريخ 23 / 12 / 2014


هيئة المحكمة: برئاسة السيد القاضي الدكتور/ عبدالوهاب عبدول – رئيس المحكمة، وعضوية السادة القضاة / شهاب عبدالرحمن الحمادي وفلاح شايع الهاجري ومحمد عبد الرحمن الجراح والبشير بن الهادي زيتون.
----------
1- عدم الإرفاق مع صحيفة الدعوى الدستورية نسخة محضر جلسة المحكمة الأذنة بإقامة الدعوى الدستورية غير مؤدٍّ الى عدم قبول الدعوى لعدم نص الدستور وقانون المحكمة الاتحادية العليا على ذلك.
2- عدم جواز التوسّع في إجراءات رفع الدعوى الدستورية وحصرها في الحالات والشروط المحددة في قانون المحكمة الاتحادية العليا.
3- الدعوى الدستورية عينية بطبيعتها ومبنية على أساس اختصام النص التشريعي المطعون في دستوريته دون توجيه أية طلبات الى المدعى عليهم كونهم مجرد ممثلين للجهة المسئولة عن النص التشريعي موضوع الطعن.
4- صلاحية السلطة المعنية في الاتحاد أو في الإمارة في اتخاذ التدابير اللازمة لإزالة المخالفة الدستورية أو تصحيحها على ضوء الحكم الصادر في الدعوى الدستورية.
5- اعتبار الدستور ضامناً للحريات الشخصية وجاعلاً من قرينة البراءة دعامة لممارسة هذا الحق وحمايته من أيّ تعدٍّ عبر وضعه المعايير والأسس والمبادئ والقواعد القانونية الأمرة.
6- وجوب تفسير القانون المدعى بعدم دستوريته في إطار المنظومة التشريعية الشاملة للدولة وفي نطاق القواعد الأصولية للقانون الجنائي العام.
7- وجوب تفسير قانون الرقابة على المواد الغذائية في أبو ظبي بشأن مسألة منع تداول الغذاء الفاسد على ضوء مبادئ القانون الجنائي العام أو القانون الاتحادي المشترك معه في تجريم هذا الفعل.
8- لا مجال للطعن بعدم دستورية القانون المحلي في حال اختلافه عن القانون الاتحادي في ذات الموضوع كون الأولية لتطبيق القانون الاتحادي في هذه الحال.
--------------
(1) دعوى دستورية "رفعها". إجراءات. المحكمة الاتحادية العليا. دفوع. قانون "تطبيقه".
- الدعوى الدستورية. عدم تقديم محضر جلسة المحكمة التي أذنت بإقامتها مع مستندات صحيفتها عند إيداعها قلم المحكمة. لا يترتب عليه جزاء عدم القبول. وجوب أن يكون المحضر تحت بصر المحكمة وهي بصدد نظر الدعوى. أساس ذلك وعلته؟
- التوسع في إجراءات رفع الدعوى الدستورية. غير جائز. حد ذلك؟
- مثال برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لاتصال المحكمة بها طبقا للإجراء الصحيح الذي رسمة القانون في الفقرة الثانية من المادة 58 من قانون المحكمة الاتحادية العليا.
(2) دعوى دستورية" الخصوم فيها". إجراءات. قانون "تطبيقه". دفوع.
- الدعوى الدستورية. عينية. مناطها. اختصام النص التشريعي المطعون عليه في ذاته لمراقبة مدى دستوريته واستظهار مدى انضباطه داخل أطر الشرعية الدستورية. لا تتضمن فيها توجيه أي طلبات إلى المدعى عليهم. علة ذلك؟
- اختصام الجهة المسؤولة عن إصدار التشريع فيها. مقتضاه. علمها ومواجهتها بالحكم الصادر في الدعوى وما تتخذه من إجراءات لتنفيذه. أساسه؟
- مثال برفض الدفع بانعدام صفه المدعى عليهم في الدعوى لعدم ضرورة اختصامهم فيها شخصياً.
(3) دستور. حريات شخصية. حق. قانون" تفسيره". تشريع. إمارة أبوظبي.
- الدستور. تكفله بضمان الحرية الشخصية للمواطن وجعل من قرينة البراءة دعامة لممارسة هذا الحق وأوجد المعايير والأسس التي تحكم المنظومة التشريعية لصيانة تلك الحقوق وحمايتها من أي تعد أو تضيق من نطاقها. ووجود جهاز قضائي مستقل لحمايته. مؤدى ذلك وأساسه؟
- وجوب تفسير القانون المدعى بعدم دستورية في إطار المنظومة التشريعية الشاملة للدولة وفي نطاق القواعد الأصولية للقانون الجنائي العام. مؤدى ذلك؟
- القانون المحلي لإمارة أبوظبي. سكوته عن مسألة العلم أو توافر العنصر المعنوي للفعل المجرم. وجوب تفسيره على إحالته على مبادئ القانون الجنائي العام أو الاتحادي المشترك معه في تجريم هذا الفعل.
- دستورية المادة الأولى فقره 14 من القانون 2 لسنة 2008 لإمارة أبوظبي في شأن الغذاء بالإمارة. أساسه؟
(4) قانون اتحادي. قانون محلي. دستور.
- التزاحم والاختلاف بين القوانين الاتحادية والمحلية في ذات الموضوع الذي شرع فيه. أثره. الأولوية في التطبيق للقانون الاتحادي. لا مجال للادعاء أو الطعن بعدم الدستورية بهذا الشأن. مؤدى ذلك. الطعن بعدم الدستورية الوارد في هذا الشأن. غير مقبول.
--------------
1- لما كان نص المادتين 99 من الدّستور و58 من قانون المحكمة الاتحادية العليا بشأن اختصاص نظر الدّعوى الدّستورية لم ترد بهما إشارة إلى المحضر وضرورة تقديمه مع مستندات صحيفة الدعوى، أو اشتراط تقديمة بأجل أو إجراء محدّد قد يترتب عن عدم مراعاته تقرير جزاء عدم قبول الطعن بل غاية ما في الأمر، وتماشيا مع ما سبق تقريره في قضاء هذه المحكمة، ضرورة أن يكون ذلك المحضر تحت بصر المحكمة وهي بصدد نظر الدّعوى حتي يتسنى لها مراقبة مدي صحة إجراءاتها، واتصال المحكمة بها طبقاً للطريق الذي رسمه القانون سواء تعلق بصفه رافع الدّعوى، أو قبول المحكمة الصريح للدفع بعدم الدستورية وأذنها بإقامة الدعوى بشأنه، أو أجل رفعها ...إلخ.
ولما كان البين من الأوراق أن الطاعن قد أضاف لحافظة مستندات الدّعوى السابق تقديمها، صورة من محضر الجلسة المؤرخ في 30/3/2013 والذي يبين منه أن المحكمة ناظرة الدعوى قد قبلت الدفع بعدم الدّستورية المثار لديها ومكّنت المدعى من أجل لإقامة الدّعوى بذلك، بما يكون معه اتصال هذه المحكمة بالدّعوى قد تم طبقاً للإجراء الصحيح الذي رسمه القانون (فقرة 2 مادة 58 قانون المحكمة الاتحادية العليا) وما أستقر عليه قضاء هذه المحكمة من عدم التوسع في إجراءات رفع مثل هذه الدّعوى وحصرها في الحالات التي حدّدها القانون وبالإجراء الصحيح ومن الأشخاص والهيئات المخولة بذلك، ولا يغير من ذلك عدم تقديم محضر الجلسة المذكور عند قيد الدّعوى بعد تحقق العلة من هذا الإجراء.
2- لما كانت المحكمة نتوّه إلى ما هو مقرر في قضائها من أن الدعوى الدستورية عينية بطبيعتها، ومناطها اختصام النص التشريعي المطعون عليه في ذاته استهدافاً لمراقبة مدى دستوريته، واستظهار مدى انضباطه داخل أطر الشرعية الدستورية، ولا توجه فيها أي طلبات إلى المدعي عليهم في هذه الدعوى، ذلك لآن صفتهم فيها مردّها اعتبارهم ممثلي الجهة المسؤولة عن النصّ التشريعي والمناط بها ختمه والإذن بنشره وأكسائه صيغة النفاذ وقوته الإلزامية، وعلى هذا الأساس فليست لهم صفة الخصم الحقيقي الذي توجّه لهم طلبات قصدَ اقتضاء حق شخصي أو دين ترتب للمدّعي بذمتهم وليس للحكم الصادر في الدّعوى من تأثير على مركزهم بل غاية ما في الأمر أن إجراءات التقاضي على إطلاقها وصياغة الأحكام وما افتضاه القانون بشأنها في بيانات وجوبيه تقتضي وجود طرفين لهما أهلية التقاضي في أية خصومة، وفي الدعوى الدّستورية بالذات فإن اختصام الجهة المسؤولة عن إصدار التشريع تفتضيه ضرورة علمها ومواجهتها بالحكم الصادر فيها وما قد تتخذه من إجراءات لتنفيذه عملا بأحكام المادة 101 من الدّستور الذي أناط بالسلطة المعنية في الاتحاد أو في الإمارات بحسب الأحوال المبادرة إلي اتخاذ ما يلزم من تدابير لإزالة المخالفة الدّستورية أو لتصحيحها على ضوء ما قرره الحكم، وعليه فإن هذا الدّفع يضحى على غير أساس وغير منتج لكونه لا يحقق لمثيره سوى مصلحة نظرية بما يتعين ردّه أيضا.
3- لما كانت المحكمة تنوه إلى أن الباب الثالث من الدّستور المتعلق بالحرّيات والحقوق العامة قد تكفل بضمان الحرية الشخصية للمواطن وجعل من قرنيه البراءة دعامة لممارسة هذا الحق، ولم يقف المشرع الدستوري عند مجرّد الإعلان المبدئي عن ذلك بل أوجد في ذات السياق المعايير والأسس التي تحكم المنظومة التشريعية لصيانه تلك الحقوق وحمايتها من أي تعدّ أو تـــطــبــيـق مـن نطاقها، ويأتي في هــذا السياق ما أرسته المواد 27، 28 و41 من مبادئ وقواعد قانونية آمرة. منها على سبيل المثال قاعدة قانونية الجرائم والعقوبات أي لا تجريم ولا عقاب بدون نص، وقاعدة عدم رجعيه القوانين حتى لا يعاقب الشخص على فعل ارتكبه قبل صدور قانون بتجريمه، وقاعدة شخصية العقوبة حتى لا يسأل شخص عن جرم غيره، ومبدأ الحق في الشكوى وولوج القضاء دفاعاً عن حق إمتهن. فتضمين هذه المبادئ بالنص القانوني الأسمى أي الدّستور. إلى جانب وجود جهاز قضائي ناجح ومستقل لا يحتكم فيه القاضي إلا إلى ضميره والقانون، هو الكفيل بحماية الحقوق الشخصية المنوّه عنها، وتكون هذه المبادئ والقواعد وما أحيط بها من قدسية وعلوية حاضرة في ذهن سلطة التشريع – محلية كانت أو اتحادية – وهي تصوغ النصوص والتشريعات وفي ذهن القاضي وهو يفسر ويطبق القانون.
وحيث إنه وتفريعا عن ذلك فإن هذه المحكمة وهى بصدد نظر هذه الدّعوى تضع نصب أعينها أن القانون المدّعي بعدم دستوريته إنما يفسر في إطار هذه المنظومة التشريعية الشاملة للدّولة وفي نطاق القواعد الأصولية للقانون الجنائي العام من حيث تأصيل الجريمة لجهة ثبوتها وقيام أركانها المادّية والمعنوية.
لما كان ذلك وكان القانون المحلي لإمارة أبوظبي المطعون بعدم دستورية بعض بنوده في هذه الدعوى قد صدر بشأن الرقابة على المواد الغذائية وتحديد مهام أشخاص وأجهزه المراقبة المكلفة بذلك سعياً لتنظيم مسالك التجارة والتوزيع لغاية منع الغش والمحافظة على الصحة العامة. ولقد نصّ بالمادة 16 منه على تجريم تداول المواد الغذائية الضارة بالصحة وقرّرت عقوبات جزائية متفاوتة لذلك على حسب ما حدّدته الفقرات الستة لتلك المادة. وإن ورد بالفقرة 14 من المادة الأولى من هذا القانون في باب التعاريف والمصطلحات، اعتبار مجرد حيازة المادّة الغذائية الضارة أو المغشوشة، في مقام تداولها، إلا أن ذلك – وأي كان وجه الرّأي في دقة هذا التعريف أو بلاغته اللغوية – لا ينال من أصول وقواعد التجريم العامة كيفما أرساها فقهاء القانون واعتمدها تشريع الدّولة والقانون المقارن بشأن ضرورة توافر الركن المادّي والركن المعنوي للجريمة، ولا يحد من سلطة القاضي ناظر الدّعوى عند تفسير النص على ضوء مقصد المشرّع والعلة من سنه، والتحرّي حول ثبوت الفعل المجرم ونسبته لصاحبه وتوافر القصد الجنائي حتى تستقر في يقينه وعقيدته قناعة الحكم بالإدانة أو البراءة، فالإحكام تؤسس على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين. ولما كان مبتغى المشرّع من سن هذا القانون هو تنظيم قطاع توزيع الأغدية وإحكام الرقابة على المواد الغذائية والمحافظة على الصحة العامة بمنع تداول الغذاء الفاسد أو المغشوش ومعاقبة من يخالف هذا الخطر، فإن الرّكن المادي للجريمة إنما يتمثل في عملية التداول، أي انتقال الشيء بين أكثر من جهة أو شخص، وإن كانت عملية التداول قد تشمل مسك الشيء في مرحلة أولى قبل إيصاله للغير إلا أن العكس غير صحيح ، فمسك البضاعة أو المادة من شخص ما، لا يعْني بالضرورة انتقاله إلى المرحلة الموالية وتداولها مع الغير لتصل إلى جمهور المستهلكين حتى تتحقق بذلك العلة من تجريم هذا الفعل. أما عن الركن المعنوي فيتمثل في علم ماسك البضاعة بفسادها ومضرتها وإقدامه مع ذلك على ترويجها وتداولها إضرارا بصحة الغير وهذا العلم افترضه المشرع الاتحادي في شخص من كان مشتغل بالتجارة (فقرة 2 من المادة 2 من القانون الاتحادي رقم 4 لسنة 1979 في شأن قمع الغش والتدليس في المعاملات التجارية) إلا أن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة للقانون المحلي لإمارة أبوظبي الذي سكت تماما عن مسألة العلم أو توافر العنصر المعنوي بصفة عامة للفعل المجرّم، ولا يجوز أن يفسّر هذا السكوت على كونه افتراض لتوافر العلم والقصد الجنائي واعتداء على قرينة البراءة بل على العكس من ذلك فينبغي أن تفسر على أنه إحالة على مبادئ القانون الجنائي العام أو القانون الاتحادي المذكور الذي يشترك معه في تجريم هذا الفعل وهذا بالفعل ما تبنته النيابة العامـة فــي قرار الإحـالة حينما طلـبت معاقبة المتهمين (ومـن ضــمـنهم رافــعة هـذه الــدّعـوى) طــبــقـاً لــلـقـانـون الــمـحلي لإمارة أبوظبي وبنود القانون الاتحادي. وعلية وبناء على جميع ما سبق بسطه فإن ما نسب للمّادة الأولى فقرة 14 من القانون المحلي رقم 2 لسنة 2008 من اعتداء على قرينة البراءة وافتراض سوء النية وتعيبها بشائبة عدم الدّستورية يضحي غير قائم على سند قويم من القانون.
4- لما كان النص في المادة 151 من الدّستور على أنه: " للقوانين الاتحادية التي تصدر وفقاً لأحكامه الأولوية على التشريعات واللوائح والقرارات الصادرة من سلطات الإمارات. وفي حالة التعارض يبطل من التشريع الأدنى ما يتعارض مع التشريع الأعلى بالقدر الذي يزيل ذلك التعارض ..." يدل على أن هذه المسألة محسومة بأحكام الدّستور. ومؤدي ذلك أنه في حال التزاحم والاختلاف بين القوانين الاتحادية والمحلية في ذات الموضوع الذي شرّع فيه فإن الأولوية في التطبيق تكون للقانون الاتحادي طبق صريح المادة الدستورية المذكورة ولا مجال للادعاء أو الطعن أو الطعن بعدم الدّستورية بهذا الشأن، ويضحي بذلك هذا الوجه من الطعن بدوره قد ورد على غير محلّ.
-------------
الاجراءات
بتاريخ التاسع من شهر مايو 2013 أودع وكيل المدعي صحيفة هذه الدّعوى قلم كتاب المحكمة الاتحادية العليا طالباً الحكم بعدم دستورية الفقرة 14 من المادة الأولى والفقرة الاولى من المادة 16 من القانون رقم 2 لسنة 2008 في شأن الغذاء بإمارة أبوظبي، وذلك لتعارضها مع قرينة البراءة الواردة بالمادة 28 من الدستور والتعدي على الحرّية الشخصية للأفراد المكفولة بالمادة 26 منه، وكذلك لتعارض نص الفقرة الأولى من المادة 16 مع القانون الاتحادي رقم 4 لسنة 1979 (مادة 2 فقرة 3 بشان قمع الغش)، ولتقريرها عقوبة عن ذات الجريمة أشد من العقوبة الواردة في القانون الأخير ولتجريمها مجّرد الحيازة أو النقل أو التخزين للمادة الغذائية المضرة بالصحة على خلاف القانون الاتحادي الذي لا يعاقب على ذلك. وبتاريخ 28/5/2013 أصدر السيد رئيس هذه المحكمة قراراً بتعيين القاضي البشير زيتون قاضياً لتحضير الدّعوى، حيث قام بإعلان الخصوم فأودعت النيابة العامة مذكرة بالرأي، وتقدمت إدارة قضايا الحكومة بدائرة قضاء أبوظبي نيابة عن المدعي عليهم بمذكرة انتهت فيها إلى الدّفع بعدم قبول الطعن شكلاً أو رفضه موضوعاً. وحيث إن المحكمة وبعد الانتهاء من أعمال التحضير وتهيئة الدّعوى للمرافعة حدّدت جلسة 6/5/2014 لنظرها أمام هيئة المحكمة بعد إعلان الخصوم، ثم تواصل نظرها لعدة جلسات كانت آخرها جلسة المرافعة في 4/11/2014والتي تقرر فيها حجز الدّعوي للحكم بجلسة اليوم.
------------
المحكمة
حيث إن الوقائع على ما يبين من الأوراق وبالــقدر اللازم للــفصل فـي الدعوى تتحّصل في أنه بتاريخ 22/11/2013 أمرت نيابة الظّفرة الكلية بإحالة كل من المدعية – ..... لخدمات التموين – في شخص مالكها ...... الدّويلة وآخرين، لاتهامهم بكونهم عرضوا بقصد البيع شيئاً من أغذية الانسان منتهية الصلاحية بما كان من شأنه تعريض حياة الناس وصحتهم للخطر، وبالنسبة للمتهمة الأولى، زيادة على ذلك، عدم قيامها باستخراج الشهادة الصحية اللازمة لممارسة النشاط من الجهة المختصة، وطلبت محاكمتهم طبقاً للمواد: 1 و2/2 و9 و10 من القانون الاتحادي رقم 4 لسنة 1979 بشان قمع الغش والتدليس في المعاملات التجارية وبالمواد 1، 4، 5، 7/1، 16/1، 5 / 17 من القانون المحلي رقم 2 لسنة 2008 في شأن الغذاء بإمارة أبوظبي. وإذ نظرت الدّعوى أمام محكمة الظفرة الجزائية تحت رقم 112/2013 فقد حكمت فيها بتاريخ 13/2/2013 بإدانة المتهمة الأولى – رافعة هذه الدعوى – في شخص مالكها عن التهمة الأولى والثانية وتغريمها مائتي ألف درهم مع إبعاد صاحب المؤسسة ومصادرة الأغذية الفاسدة، وإغلاق المحلّ مدة ستة أشهر وتغريمها عشرة آلاف درهم عن التهمة الثانية ... استأنف المحكوم عليهم الحكم بالاستئناف رقم 1192/2013 أمام محكمة استئناف الظفرة، وبجلسة 30/3/2013 حضر المستأنف الأول – ...... ... – صحبة محاميه وتقدم الأخير بمذكرة دفع فيها بعدم دستورية المادة الأولى فقرة 14 والمادة 16 فقرة أولى وخامسة من القانون المحلى لإمارة أبوظبي رقم 2 لسنة 2008 والتمس أجلا لإقامة دعوى دستورية أمام المحكمة الاتحادية العليا، وبذات الجلسة قررت المحكمة تأجيل الاستئناف لـجــلسه 14/5/2013 لإقامة الدّعوى. وبتاريخ 9/5/2013 أودع المحامي المذكور قلــم هـذه المحكمة صحيفة طعن بعدم دستورية المواد القانونية المطعون عليها.
وحيث إن مبني الطعن بعدم الدّستورية يقوم على وجهين اثنين: أولهما تعييب الفقرة 14 مادة أولى من القانون المحلي لإمارة أبوظبي رقم 2 لسنة 2008 بحسبان تعارضها مع قرينة البراءة الواردة بالمادة 28 من الدّستور والمادة السابعة منه التي اعتمدت الشريعة الإسلامية كمصدر رئيس للتشريع، ومبدأ الحرية الشخصية للمواطنين الوارد بالمادة 26 دستور، وذلك لأن المادة المذكورة اعتبرت أن مجرد مسك أو حيازة المادة الغذائية الفاسدة مجّرماً ومعاقباً عليه جنائياً بقطع النظر عن بحث مدى توافر سوء نية الحائز لعلمه بفساد المادة وإقدامه على ترويجها وتداولها إضراراً بالغير، وهو الركن المعنوي الذي تقوم عليه عملية التجريم. أمّا الوجه الثاني لعدم الدستورية فيتمثل في التعارض بين المادتين المطعون عليهما مع القانون الاتحادي رقم 4 لسنة 1979 بشان قمع الغش، فالقانون الأخير لا يعاقب على الحيازة المجرّدة أو نقل أو تخزين المادة الفاسدة على خلاف ما ورد بالقانون المحلي، ثم إن القانون الاتحادي لا يجرم من كان حسن نية بل اشترط ركني الغش أو العلم بفساد البضاعة، وأخيرا فإن العقوبة الواردة بالقانون المحلي (فقرة أولى مادة 16) أشد من العقوبة الواردة بالقانون الاتحادي (مادة 2 و3).
وحيث إنه ولدى تداول الدعوى أمام قاضي التحضير تقدم الممثل القانوني لإدارة قضايا الحكومة بدائرة قضاء أبوظبي بمذكرة جوابية تمسك فيها بدفعين شكليين، أولهما عدم قبول الطعن شكلاً لخلو صحيفته عند إيداعها قلم المحكمة من نسخة محضر جلسة المحكمة التي صرّحت بإقامه الدّعوى الدستورية، وهو ما يمثل إخلالا بإجراءات اتصال المحكمة العليا بالدّعوى، وثانيهما انعدام صفه المطعون ضدهم في الدّعوى، فالطعن بعدم الدستورية قد تسلط على مواد قانونية وليس ثمً من ضرورة لإقحام أشخاص بصفاتهم في الدّعوى كمدّعى عليهم. أما عن الموضوع فحاصل ما ورد بالمذكرة هو نفي شبهة عدم الدّستورية قولا بأن القانون المطعون عليه لم يفترض سوء النية ولم يعتد على قرينة البراءة أو يحدّ من مداها، إذ أن القصد الجنائي يبقي قائما كعنصر من عناصر قيام الجريمة وعلى سلطة الاتهام تحقيقه وإقامة الدّليل عليه، وللمتهم إثبات العكس، وتعريف التداول طبقاً لما ورد بالفقرة 14 من المادة الأولى هو في حقيقته تعريفا للعنصر المادي للجريمة ولا علاقة له بالقصد الجنائي. وبخصوص عدم الدّستورية لجهة تعارض القانون المحلي مع القانون الاتحادي من حيث نطاق التجريم والعقوبة المقرّرة فإن المادة 122 من الدّستور خوّلت لإمارات الاتحاد بالتشريع في كل مالا ينطوي تحت الاختصاص التشريعي الحصري لسلطات الاتحاد، ومن ثم فمن حق الإمارة التشريع في مادة الغذاء لعدم شمولها بالاختصاص التشريعي الحصري للاتحاد، ولها في هذا السبيل تجريم ما تراه مخلاّ بالسلامة والصحة العامة وتحديد العقوبة التي تراها مناسبة.
كما أنه ومن جهة ثانية فإن مخالفة القانون المحلي للقانون الاتحادي، ليس مجاله الطعن بعدم الدّستورية لأن هذا التزاحم أو التناقض حسمته المادة 151 من الدّستور التي اقتضت في مثل هذه الحالات بفض الاختلاف عند التطبيق بجعل الأولوية للقانون الاتحادي باعتباره القانون الأعلى.
وحيث إنه عن الدّفع بعدم قبول الطعن شكلاّ لعدم إرفاق صحيفة الطعن بنسخة محضر جلسة المحكمة التي أذنت بإقامة الدّعوى الدّستورية، فهو دفع مردود ذلك أن نص المادتين 99 من الدّستور و58 من قانون المحكمة الاتحادية العليا بشأن اختصاص نظر الدّعوى الدّستورية لم ترد بهما إشارة إلى المحضر وضرورة تقديمه مع مستندات صحيفة الدعوى، أو اشتراط تقديمة بأجل أو إجراء محدّد قد يترتب عن عدم مراعاته تقرير جزاء عدم قبول الطعن بل غاية ما في الأمر، وتماشيا مع ما سبق تقريره في قضاء هذه المحكمة، ضرورة أن يكون ذلك المحضر تحت بصر المحكمة وهي بصدد نظر الدّعوى حتى يتسنى لها مراقبة مدى صحة إجراءاتها، واتصال المحكمة بها طبقاً للطريق الذي رسمه القانون سواء تعلق بصفة رافع الدّعوى، أو قبول المحكمة الصريح للدفع بعدم الدستورية وأذنها بإقامة الدعوى بشأنه، أو أجل رفعها ... إلخ.
ولما كان البين من الأوراق أن الطاعن قد أضاف لحافظة مستندات الدّعوى السابق تقديمها، صورة من محضر الجلسة المؤرخ في 30/3/2013 والذي يبين منه أن المحكمة ناظرة الدعوى قد قبلت الدفع بعدم الدّستورية المثار لديها ومكّنت المدعى من أجل لإقامة الدّعوى بذلك، بما يكون معه اتصال هذه المحكمة بالدّعوى قد تم طبقاً للإجراء الصحيح الذي رسمه القانون (فقرة 2 مادة 58 قانون المحكمة الاتحادية العليا) وما أستقر عليه قضاء هذه المحكمة من عدم التوسع في إجراءات رفع مثل هذه الدّعوى وحصرها في الحالات التي حدّدها القانون وبالإجراء الصحيح ومن الأشخاص والهيئات المخولة بذلك، ولا يغير من ذلك عدم تقديم محضر الجلسة المذكور عند قيد الدّعوى بعد تحقق العلة من هذا الإجراء.
وحيث إنه عن الدفع بانعدام صفة المدّعى عليهم في الدّعوى لعدم ضرورة لاختصامهم فيها شخصياً، فإن هذه المحكمة تنوّه إلى ما هو مقرر في قضائها من أن الدعوى الدستورية عينية بطبيعتها، ومناطها اختصام النص التشريعي المطعون عليه في ذاته استهدافاً لمراقبة مدى دستوريته، واستظهار مدى انضباطه داخل أطر الشرعية الدستورية، ولا توجه فيها أي طلبات إلى المدعي عليهم في هذه الدعوى، ذلك لأن صفتهم فيها مردّها اعتبارهم ممثلي الجهة المسؤولة عن النصّ التشريعي والمناط بها ختمه والإذن بنشره وإكسائه صيغة النفاذ وقوته الإلزامية، وعلى هذا الأساس فليست لهم صفة الخصم الحقيقي الذي توجّه لهم طلبات قصدَ إقتضاء حق شخصي أو دين ترتب للمدّعي بذمتهم وليس للحكم الصادر في الدّعوى من تأثير على مركزهم بل غاية ما في الأمر أن إجراءات التقاضي على إطلاقها وصياغة الأحكام وما افتضاه القانون بشأنها في بيانات وجوبية تقتضي وجود طرفين لهما أهلية التقاضي في أية خصومة،
وفي الدعوى الدّستورية بالذات فإن اختصام الجهة المسؤولة عن إصدار التشريع تفتضيه ضرورة علمها ومواجهتها بالحكم الصادر فيها وما قد تتخذه من إجراءات لتنفيذه عملا بأحكام المادة 101 من الدّستور الذي أناط بالسلطة المعنية في الاتحاد أو في الإمارات بحسب الأحوال المبادرة إلى اتخاذ ما يلزم من تدابير لإزالة المخالفة الدّستورية أو لتصحيحها على ضوء ما قرره الحكم، وعليه فإن هذا الدّفع يضحى على غير أساس وغير منتج لكونه لا يحقق لمثيره سوى مصلحة نظرية بما يتعين ردّه أيضا.
وحيث إنه عن موضوع الطعن وما ذكر بالوجه الأول من أسباب عدم دستورية الفقرة 14 من المادة الأولى من القانون رقم 2 لسنة 2008 لإمارة أبوظبي على سند من تعارضها مع قرينة البراءة والحرية الشخصية المكفولتين بالدستور، فإن المحكمة تنوه إلى أن الباب الثالث من الدّستور المتعلق بالحرّيات والحقوق العامة قد تكفل بضمان الحرية الشخصية للمواطن وجعل من قرنية البراءة دعامة لممارسة هذا الحق، ولم يقف المشرع الدستوري عند مجرّد الإعلان المبدئي عن ذلك بل أوجد في ذات السياق المعايير والأسس التي تحكم المنظومة التشريعية لصيانه تلك الحقوق وحمايتها من أي تعدّ أو تــــــطـــبــيــــق مــــــن نطاقها، ويأتي في هــــــذا السياق ما أرستة المواد 27، 28 و41 من مبادئ وقواعد قانونية آمرة. منها على سبيل المثال قاعدة قانونية الجرائم والعقوبات أي لا تجريم ولا عقاب بدون نص، وقاعدة عدم رجعيه القوانين حتى لا يعاقب الشخص على فعل ارتكبه قبل صدور قانون بتجريمه، وقاعدة شخصية العقوبة حتى لا يسأل شخص عن جرم غيره، ومبدأ الحق في الشكوى وولوج القضاء دفاعاً عن حق إمتهن. فتضمين هذه المبادئ بالنص القانوني الأسمى أي الدّستور. إلى جانب وجود جهاز قضائي ناجح ومستقل لا يحتكم فيه القاضي إلا إلى ضميره والقانون، هو الكفيل بحماية الحقوق الشخصية المنوّه عنها، وتكون هذه المبادئ والقواعد وما أحيط بها من قدسية وعلوية حاضرة في ذهن سلطة التشريع – محلية كانت أو اتحادية – وهي تصوغ النصوص والتشريعات وفي ذهن القاضي وهو يفسر ويطبق القانون.
وحيث إنه وتفريعا عن ذلك فإن هذه المحكمة وهي بصدد نظر هذه الدّعوى تضع نصب أعينها أن القانون المدّعى بعدم دستوريته إنما يفسر في إطار هذه المنظومة التشريعية الشاملة للدّولة وفي نطاق القواعد الأصولية للقانون الجنائي العام من حيث تأصيل الجريمة لجهة ثبوتها وقيام أركانها المادّية والمعنوية.
لما كان ذلك وكان القانون المحلي لإمارة أبو ظبي المطعون بعدم دستورية بعض بنوده في هذه الدعوى قد صدر بشأن الرقابة على المواد الغذائية وتحديد مهام أشخاص وأجهزة المراقبة المكلفة بذلك سعياً لتنظيم مسالك التجارة والتوزيع لغاية منع الغش والمحافظة على الصحة العامة. ولقد نصّ بالمادة 16 منه على تجريم تداول المواد الغذائية الضارة بالصحة وقرّرت عقوبات جزائية متفاوتة لذلك على حسب ما حدّدته الفقرات الستة لتلك المادة. وإن ورد بالفقرة 14 من المادة الأولى من هذا القانون في باب التعاريف والمصطلحات، اعتبار مجرد حيازة المادّة الغذائية الضارة أو المغشوشة، في مقام تداولها، إلا أن ذلك – وأي كان وجه الرّأي في دقة هذا التعريف أو بلاغته اللغوية – لا ينال من أصول وقواعد التجريم العامة كيفما أرساها فقهاء القانون واعتمدها تشريع الدّولة والقانون المقارن بشأن ضرورة توافر الركن المادّي والركن المعنوي للجريمة، ولا يحد من سلطة القاضي ناظر الدّعوى عند تفسير النص على ضوء مقصد المشرّع والعلة من سنه، والتحرّي حول ثبوت الفعل المجرم ونسبته لصاحبه وتوافر القصد الجنائي حتى تستقر في يقينه وعقيدته قناعة الحكم بالإدانة أو البراءة، فالإحكام تؤسس على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين. ولما كان مبتغى المشرّع من سن هذا القانون هو تنظيم قطاع توزيع الأغدية وإحكام الرقابة على المواد الغذائية والمحافظة على الصحة العامة بمنع تداول الغذاء الفاسد أو المغشوش ومعاقبة من يخالف هذا الخطر، فإن الرّكن المادي للجريمة إنما يتمثل في عملية التداول، أي انتقال الشيء بين أكثر من جهة أو شخص، وإن كانت عملية التداول قد تشمل مسك الشيء في مرحلة أولى قبل إيصاله للغير إلا أن العكس غير صحيح، فمسك البضاعة أو المادة من شخص ما، لا يعْني بالضرورة انتقاله إلى المرحلة الموالية وتداولها مع الغير لتصل إلى جمهور المستهلكين حتى تتحقق بذلك العلة من تجريم هذا الفعل. أما عن الركن المعنوي فيتمثل في علم ماسك البضاعة بفسادها ومضرتها وإقدامه مع ذلك على ترويجها وتداولها إضرارا بصحة الغير وهذا العلم افترضه المشرع الاتحادي في شخص من كان مشتغل بالتجارة (فقرة 2 من المادة 2 من القانون الاتحادي رقم 4 لسنة 1979 في شأن قمع الغش والتدليس في المعاملات التجارية) إلا أن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة للقانون المحلي لإمارة أبوظبي الذي سكت تماما عن مسألة العلم أو توافر العنصر المعنوي بصفة عامة للفعل المجرّم، ولا يجوز أن يفسّر هذا السكوت على كونه افتراض لتوافر العلم والقصد الجنائي واعتداء على قرينة البراءة بل على العكس من ذلك فينبغي أن تفسر على أنه إحالة على مبادئ القانون الجنائي العام أو القانون الاتحادي المذكور الذي يشترك معه في تجريم هذا الفعل وهذا بالفعل ما تبنته النيابة العامـة فــي قرار الإحـالة حينما طلـبت معاقبة المتهمين (ومـن ضــمـنهم رافــعة هـذه الــدّعـوى) طــبــقـاً لــلـقـانـون الــمـحلي لإمارة أبوظبي وبنود القانون الاتحادي. وعلية وبناء على جميع ما سبق بسطه فإن ما نسب للمّادة الأولى فقرة 14 من القانون المحلي رقم 2 لسنة 2008 من اعتداء على قرينة البراءة وافتراض سوء النية وتعيبها بشائبة عدم الدّستورية يضحي غير قائم على سند قويم من القانون بما يتعين معه رفض الطعن بعدم الدستورية في هذا الوجه.
وحيث إنه عن الوجه الثاني من الطعن بعدم الدّستورية وعما ذكر بالجزء الأول منه من تعارض بين القانون المحلي والقانون الاتحادي، لكون هذا الأخير يجرّم مجرد الحيازة أو النقل والتخزين، ولا يوقع عقابا على من كان حسن النية على خلاف القانون المحلي.
فإن هذا الدفاع يشترك مع ما ورد بالوجه الذي تناولته هذه المحكمة وردّت عليه بما سبق ذكره وهي تحيل إليه بهذا الخصوص منعاً للتكرار. أمّا عن الجزء الثاني من وجه الطعن بشأن الاختلاف والتعارض بين العقوبة المقررة لذات الجريمة في المادة الثالثة من القانون الاتحادي:- الحبس مدّة لا تتجاوز سنة وغرامة لا تتجاوز ألفي درهم أو إحدى هاتين العقوبتين – والعقوبة المقررة في المادة السادسة عشر من القانون المحلي:- الحبس مدّة لا تقل عن ثلاثة أشهر وغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف درهم ولا تتجاوز مائتي ألف درهم – فإن النص في المادة 151 من الدّستور على أنه: " للقوانين الاتحادية التي تصدر وفقاً لأحكامه الأولوية على التشريعات واللوائح والقرارات الصادرة من سلطات الإمارات. وفي حالة التعارض يبطل من التشريع الأدنى ما يتعارض مع التشريع الأعلى بالقدر الذي يزيل ذلك التعارض ..." يدل على أن هذه المسألة محسومة بأحكام الدّستور. ومؤدى ذلك أنه في حال التزاحم والاختلاف بين القوانين الاتحادية والمحلية في ذات الموضوع الذي شرّع فيه فإن الأولوية في التطبيق تكون للقانون الاتحادي طبق صريح المادة الدستورية المذكورة ولا مجال للادعاء أو الطعن أو الطعن بعدم الدّستورية بهذا الشأن، ويضحي بذلك هذا الوجه من الطعن بدوره قد ورد على غير محلّ متعين الرفض.
وحيث إنه بالبناء على جميع ما تقدم ذكره فإن المحكمة تنتهي إلي تقرير دستورية المواد القانونية المطعون عليها بعدم الدّستورية طبقاً لما سيرد بالمنطوق.
- فلهذه الأسباب –
حكمت المحكمة: بدستورية الفقرة 14 من المادة الأولي والفقرتين 1 و 5 من المادة 16 من القانون المحلي رقم 2 لسنة 2008 بشأن الغذاء في إمارة أبوظبي. وألزمت المدّعية " ...... لخدمات التموين " الـرســوم والـمــصروفـات وألـفي درهـم أتعاب محاماه للمدّعي عـلـيـهـم.

دعوى رقم 1 لسنة 2013 دستورية المحكمة الاتحادية العليا بتاريخ 27 /11/ 2017

هيئة المحكمة: برئاسة السيد القاضي محمد بن حمد البادي - رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة شهاب عبدالرحمن الحمادي و فلاح شايع الهاجري ومحمد عبـدالرحمن الجراح والبشير بن الهادي زيتون. 

-----------------

1- مفهوم الطعن بعدم الدستورية. 


2- نطاق الدعوى الدستورية حسب أحكام المادة 99 من الدستور والمادة 33 من قانون إنشاء المحكمة الاتحادية العليا. 

3- أساس الرقابة الدستورية القائمة بها المحكمة الاتحادية العليا على دستورية القوانين والتشريعات عموماً. 

4- عدم قبول الدعوى الدستورية المبنية على تعارض المادة 24/3 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 4 لسنة 1983 مع قانون تنظيم أعمال البناء كونه تعارضاً بين تشريعين محليين خارجاً عن نطاق الدعوى الدستورية. 

5- نص الدستور على التراتبية بين التشريعات والمراسيم الاتحادية دون ذكر التشريعات المحلية كونها شأناً داخلياً لكل إمارة. 

دستور. قانون" دستورية نصوص". تشريع محلي. دفوع " الدفع بعدم الدستورية". المحكمة الاتحادية العليا " الدفع بعدم الدستورية ". اختصاصها " بنظر الدعوى ". اختصاص " نوعي ". 

- الطعن بعدم الدستورية . معناه: المساس بقرينة الشرعية الدستورية وإعادة النظر في شرعية تشريع قائم خلَّف أوضاعاً ومراكز قانونية استقرت ورتبت أثاراً لا يمكن اعادتها لسابق عهدها؟ 

- نطاق الدعوى الدستورية في مفهوم المادتين 99 من الدستورو 33 من القانون رقم 10 لسنة 1973 بشأن المحكمة الاتحادية العليا؟ 

- الرقابة الدستورية . مناطها: قيام تعارض بين نص قانوني أو لائحي وبين حكم الدستور بما يقع بين تشريعين سواء اتحدا أم اختلفا قوة أو مرتبة، مالم يكن التشريع ذاته منطويا على مخالفة دستورية. 

- عدم قبول بحث عدم دستورية المادة 24/ 3 من اللائحة التنفيذية مع القانون رقم 4 لسنة 1983 لخروجه عن نطاق الدستورية كونه يثير شبهة تعارض بين تشريعين محليين. 
---------------
1- المحكمة تشير بادئ ذي بدء إلى أمرين: أولها: أن الطعن بعدم الدستورية يعني النظر في شرعية تشريع قائم خلَّفَ أوضاعاً ومراكز قانونية استقرت ورتبت آثاراً لا يمكن إعادتها إلى سابق عهدها، وثانيها:- أن الطعن بعدم الدستورية يعني المساس بقرينة الشرعية الدستورية التي يتمتع بها التشريع القائم وأنه وابتناءً على هذين الأمرين فإن المحكمة تأخذ جانب التحرز والتدقيق عند بحث نطاق الدعوى الدستورية وطرق اتصالها وإجراءات وأشكال هذا الاتصال وكل ما يتصل بقبول هذه الدعوى حتى لا تكون هذه الدعوى مطية يمتطيها كل مُدًّعٍ، ولا يمتد نطاقها إلا فيما أقره الدستور. 

2- بما مؤداه أن مجال الرقابة الدستورية التي تباشرها هذه المحكمة عبر الدعوى الدستورية يتحدد بتعارض القوانين الاتحادية أو التشريعات الصادرة من إحدى الإمارات مع الدستور سواء بالدعوى المباشرة أو عن طريق الطلب من أي محكمة من محاكم الاتحاد أو الإمارات الأعضاء بمناسبة دعوى منظورة أمامها، وعلى ذلك فإن المسائل الدستورية هي جوهر الرقابة الدستورية فمتى رفعت الدعوى الدستورية فعلى المحكمة التأكد من توافر نطاقها وإلا حكمت بعدم قبولها. 

3- وحيث إنه عن موضوع الدعوى فإن المحكمة تشير إلى أن قرار طلب الإحالة تضمن بحث مسألتين: الأولى: بحث تعارض المادة 24/3 من اللائحة التنفيذية مع القانون رقم 4 لسنة 1983 بشأن تنظيم أعمال البناء، وثانيها:- مخالفة المادة المذكورة مع المبدأ الدستوري بشأن التراتبية بين التشريعات. 

وحيث إنه عن المسألة الأولى وهو بحث تعارض المادة 24/3 من اللائحة التنفيذية مع القانون رقم 4 لسنة 1983 بشأن تنظيم أعمال البناء فإنه لما كانت الرقابة الدستورية التي تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين والتشريعات عموما مناطها قيام تعارض بين نص قانوني أو لائحي وبين حكم الدستور، ولا شأن لها بما قد يقع من تناقض بين تشريعين سواء اتحدا أم اختلفا قوة أو مرتبة، ما لم يكن التشريع ذاته منطويا على مخالفة دستورية، ولما كان طلب الإحالة – موضوع الدعوى الراهنة – هو بحث تعارض المادة 24/3 من اللائحة التنفيذية سالفة البيان مع القانون الصادر تنفيذا له وهو القانون رقم 4 لسنة 1983 بشأن تنظيم أعمال البناء ولم يبين في الطلب مكمن الشبهة الدستورية بينها وبين الدستور فإن هذه المسألة لا تعدو أن تكون – في حال قيامها – شبهة تعارض بين تشريعين محليين، وهو ما يخرج عن نطاق الدعوى الدستورية. 

والمسألة الثانية وهو مخالفة المادة 24/3 من اللائحة التنفيذية للمبدأ الدستوري بشأن التراتبية بين التشريعات فإنه لما كان الفصل الخامس من الدستور قد أشار إلى ترتيب التشريعات والمراسيم الاتحادية دون أن يذكر التشريعات المحلية، باعتبار أن التشريعات المحلية شأن داخلي تنظمه كل إمارة حسب نظامها التشريعي، وكان قرار الإحالة قد اقتصر على قيام التعارض بين المادة 24/3 من اللائحة التنفيذية والقانون الصادر تنفيذا له وهما تشريعان محليان ولم يثر أي تعارض بين تلك المادة والدستور أو القوانين الاتحادية ومن ثم فإن هذا التعارض وحسبما انتهت إليه هذه المحكمة في بحثها للمسألة الأولى إلى أنها حالة من حالات التعارض بين تشريعين محليين يطبق بشأنهما قواعد تعارض الأدلة بين النصوص. 

ومن ثم فإن قرار الإحالة لم يثر أي شبهة دستورية. 
-------------
الإجــراءات 
بتاريخ 27/1/2013 أودع وكيل المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الاتحادية العليا بطلب الحكم بعدم دستورية المادة 24/3 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 4 لسنة 1983 بشأن تنظيم أعمال البناء والصادرة بالقرار الإداري رقم 20 لسنة 1994. وذلك لمخالفتها أحكام القانون رقم 4 لسنة 1984 بشأن تنظيم أعمال البناء. وهو ما يخالف التدرج التشريعي الذي رسمه الدستور بين التشريعات. وأودعت النيابة العامة مذكرة برأيها في الدعوى فوضت فيها الرأي للمحكمة. 

وحيث إنه بتاريخ 6/2/2013 عينت الدائرة أحد أعضائها قاضيا للتحضير، الذي قدم تقريره في الدعوى، وذلك على النحو الثابت بمحاضر التحضير. وحددت جلسة 31/10/2017 لنظر الدعوى وفيها لم يحضر أي من طرفي الدعوى رغم إعلانهما أصولا، وتقرر حجز الدعوى للحكم لجلسة اليوم. 

المحكمــة 

بعد الاطلاع علي الأوراق، وتلاوة تقرير التحضير وسماع المرافعة والمداولة قانونا. 

حيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق وبالقدر اللازم لحمل الحكم تتحصل في أن النيابة العامة أحالت الطاعنة شركة المحور للمقاولات العامة وآخرين إلى المحاكمة الجزائية بوصف أنها وآخرين في تاريخ سابق على 30/9/2012 بدائرة بني ياس:- 
الطاعـــنة:- 
1- بصفتها المقاول المشيد للسقف، تسببت بخطئها في سقوطه وذلك نتيجة إخلالها بواجبات مهنتها في إنشائه على نحو يخالف القواعد الهندسية المتعارف عليها، وعدم التدقيق على المخططات الصادرة من الاستشاري المصمم للمشروع مما ترتب عليه انهياره وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. 

2- بصفتها السابقة تسببت وآخرين في إتلاف المركبات المبينة وصفا وقيمة بالأوراق والمملوكة للشركة المتحدة لتأجير السيارات بأن جعلوها غير صالحة للاستعمال على النحو المبين بالتحقيقات. 

وطلبت النيابة العامة معاقبتهم طبقا للمواد 5/1، 38/3، 43، 65، 121/1، 125، 126/1- 2، 128، 424 من قانون العقوبات وتعديلاته والمواد 1، 2، 10، 11، 12/1، 13، 16، 21 من القانون رقم4 لسنة 1983 في شأن تنظيم أعمال البناء والمعدل بالقانون رقم 4 لسنة 1984 والمعدل بالقانون رقم 16 لسنة 2009، والمواد 24,1/3، 26، 27/1، 91/1 من اللائحة التنفيذية للقانون سالف الذكر الصادر بالقرار الإداري رقم 20 لسنة 1994. 

وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة الجنح ببني ياس والتي قيدت برقم 6345 لسنة 2012 جزاء بني ياس دفعت الطاعنة بجلسة 10/1/2013 بعدم دستورية المادة 24/3 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 4 لسنة 1983 بشأن تنظيم أعمال البناء وتعديلاته. وإذ قدرت تلك المحكمة جدية الدفع وصرحت للطاعنة بإقامة الدعوى الدستورية الماثلة. 

وحيث إن المدعية " الطاعنة " أقامت دعواها الدستورية بطلب الحكم بعـــــــــدم دستوريــــــة المـــــــادة 24/3 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 4 لسنة 1983 بشأن تنظيم أعمال البناء وتعديلاته والصادرة بالقرار الإداري رقم 20 لسنة 1994 على سند من أن هذه المادة استحدثت حكما جديدا عدل بموجبه أحكام القانون رقم 4 لسنة 1983 بشأن تنظيم أعمال البناء بأن أضاف التزاما آخر على المقاول لم يرد في القانون المشار إليه وهو ضرورة قيام المقاول بتدقيق المخططات، ولما كانت اللائحة التنفيذية تشريع أدنى لا يجوز أن تعدل التشريع الأعلى وهو القانون سواء بالإلغاء أو الإضافة، واستطردت الطاعنة تأسيسا لدعواها أن المادة 24/3 من اللائحة التنفيذية موضوع الدعوى الماثلة تخالف التدرج التشريعي وهو ما يخالف مبدأ التراتبية بين التشريعات فالقانون أعلى من اللائحة وأن اللائحة لا تعدو إلا مذكرة توضيحية أو تفســيرية لمواد القانون الصادرة بشأنه الأمر الذي يصم اللائحة بعدم الدستورية، وصممت الطاعنة في دعواها بطلب القضاء بعدم دستورية المادة 24/3 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 4 لسنة 1983 بشأن تنظيم أعمال البناء والصادرة بالقرار الإداري رقم 20 لسنة 1984 لمخالفتها أحكام القانون رقم 4 لسنة 1983 المشار إليه. 

وحيث إن النيابة العامة فوضت الرأي للمحكمة. 

وحيث إن المحكمة وقبل البحث في موضوع الدعوى تشير بادئ ذي بدء إلى أمرين: أولها: أن الطعن بعدم الدستورية يعني النظر في شرعيةتشريع قائم خلَّفَ أوضاعاً ومراكز قانونية استقرت ورتبت آثاراً لا يمكن إعادتها إلى سابق عهدها، وثانيها:- أن الطعن بعدم الدستوريةيعني المساس بقرينة الشرعية الدستورية التي يتمتع بها التشريع القائم وأنه وابتناءً على هذين الأمرين فإن المحكمة تأخذ جانب التحرزوالتدقيق عند بحث نطاق الدعوى الدستورية وطرق اتصالها وإجراءات وأشكال هذا الاتصال وكل ما يتصل بقبول هذه الدعوى حتى لاتكون هذه الدعوى مطية يمتطيها كل مُدًّعٍ، ولا يمتد نطاقها إلا فيما أقره الدستور. 

وحيث إن نطاق الدعوى الدستورية قد حددته المادة 99 من الدستور والمادة 33 من القانون رقم 10 لسنة 1973 في شأن إنشاءالمحكمة الاتحادية العليا بالأمور الآتيـة:-1-....... 2- بحث دستورية القوانين الاتحادية إذا ما طعن فيه من قبل إمارة أو اكثرلمخالفتها الدستور. 3- بحث دستورية التشريعات الصادرة من إحدى الإمارات الأعضاء إذا ما طعن فيها من قبل إحدى السلطاتالاتحادية لمخالفتها لدستور الاتحاد والقوانين الاتحادية . 

4- بحث دستورية القوانين والتشريعات واللوائح عموما إذا ما أحيل إليها هذا الطلب من أية محكمة من محاكم الاتحاد أو الإماراتالأعضاء أثناء دعوى منظورة أمامها ... " . بما مؤداه أن مجال الرقابة الدستورية التي تباشرها هذه المحكمة عبر الدعوى الدستوريةيتحدد بتعارض القوانين الاتحادية أو التشريعات الصادرة من إحدى الإمارات مع الدستور سواء بالدعوى المباشرة أو عن طريق الطلبمن أي محكمة من محاكم الاتحاد أو الإمارات الأعضاء بمناسبة دعوى منظورة أمامها، وعلى ذلك فإن المسائل الدستورية هي جوهرالرقابة الدستورية فمتى رفعت الدعوى الدستورية فعلى المحكمة التأكد من توافر نطاقها وإلا حكمت بعدم قبولها. 

وحيث إنه عن موضوع الدعوى فإن المحكمة تشير إلى أن قرار طلب الإحالة تضمن بحث مسألتين: الأولى: بحث تعارض المادة 24/3 من اللائحة التنفيذية مع القانون رقم 4 لسنة 1983 بشأن تنظيم أعمال البناء، وثانيها:- مخالفة المادة المذكورة مع المبدأ الدستوري بشأن التراتبية بين التشريعات. 

وحيث إنه عن المسألة الأولى وهو بحث تعارض المادة 24/3 من اللائحة التنفيذية مع القانون رقم 4 لسنة 1983 بشأن تنظيم أعمال البناء فإنه لما كانت الرقابة الدستورية التي تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين والتشريعات عموما مناطها قيام تعارض بين نص قانوني أو لائحيوبين حكم الدستور، ولا شأن لها بما قد يقع من تناقض بين تشريعين سواء اتحدا أم اختلفا قوة أو مرتبة، ما لم يكن التشريع ذاته منطويا على مخالفة دستورية، 

ولما كان طلب الإحالة - موضوع الدعوى الراهنة - هو بحث تعارض المادة 24/3 من اللائحة التنفيذية سالفة البيان مع القانون الصادر تنفيذا له وهو القانون رقم 4 لسنة 1983 بشأن تنظيم أعمال البناء ولم يبين في الطلب مكمن الشبهة الدستورية بينها وبينالدستور فإن هذه المسألة لا تعدو أن تكون - في حال قيامها - شبهة تعارض بين تشريعين محليين، وهو ما يخرج عن نطاق الدعوى الدستورية. 

وحيث إنه عن المسألة الثانية وهو مخالفة المادة 24/3 من اللائحة التنفيذية للمبدأ الدستوري بشأن التراتبية بين التشريعات فإنه لما كان الفصل الخامس من الدستور قد أشار إلى ترتيب التشريعات والمراسيم الاتحادية دون أن يذكر التشريعات المحلية، باعتبار أن التشريعات المحلية شأنداخلي تنظمه كل إمارة حسب نظامها التشريعي، وكان قرار الإحالة قد اقتصر على قيام التعارض بين المادة 24/3 من اللائحة التنفيذية والقانون الصادر تنفيذا له وهما تشريعان محليان ولم يثر أي تعارض بين تلك المادة والدستور أو القوانين الاتحادية ومن ثم فإن هذا التعارض وحسبما انتهت إليه هذه المحكمة في بحثها للمسألة الأولى إلى أنها حالة من حالات التعارض بين تشريعين محليين يطبق بشأنهما قواعد تعارض الأدلة بين النصوص. 

ومن ثم فإن قرار الإحالة لم يثر أي شبهة دستورية، الأمر الذي يخرجه عن نطاق الدعوى الدستورية، مما يتعين القضاء بعدم قبول الدعوى.

الاثنين، 8 أكتوبر 2018

الطعن 15047 لسنة 62 ق جلسة 20 / 12 / 1994 مكتب فني 45 ق 187 ص 1197


برئاسة السيد المستشار /محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /جابر عبد التواب وأمين عبد العليم ومحمد شعبان نواب رئيس المحكمة ويوسف عبد السلام.
------------
- 1  نقض " ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه بالنقض".
عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة في المخالفات. إلا ما كان مرتبطا منها بجناية أو جنحة أساس ذلك؟
إن المادة رقم 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنه 1959 قد قصرت حق الطعن على الاحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجنح دون المخالفات إلا ما كان منها مرتبطا بها.
- 2  جريمة " الجريمة المستمرة". عقوبة " تطبيق العقوبة".
العقوبة المقررة لجريمة الامتناع عن تنفيذ حكم الإزالة الغرامة التي لا تقل عن جنيه ولا تزيد عن عشرة جنيهات عن كل يوم يمتنع فيه المخالف عن تنفيذ الحكم أو القرار النهائي . دخولها في عداد المخالفات . أساس ذلك . تعدد أيام الامتناع وارتفاع إجمالي مبلغ الغرامة تبعاً لها لا يغير من كونها مخالفة . أثر ذلك : عدم جواز الطعن في الحكم الصادر فيها بطريق النقض . عدم جواز الطعن يحول دون النظر في انقضاء الدعوى بمضي المدة . علة ذلك . مثال .
لما كان البين من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد الطاعن بوصف أنه أمتنع عن تنفيذ حكم الإزالة وهى الجريمة المعاقب عليها بنص المادة 24 من القانون رقم 106 لسنه 1976 في شأن توجبه وتنظيم اعمال البناء بعقوبة الغرامة التي لا تقل عن جنية ولا تجاوز عشرة جنيهات عن كل يوم يمتنع فيه المخالف عن تنفيذ الحكم أو القرار النهائي للجنه المختصة من إزالة أو تصحيح أو استكمال اعمال البناء المخالفة، مما يدخلها في عداد المخالفات طبقا لنص المادة 12 من قانون العقوبات بعد تعديلها بالقانون رقم 169 لسنه 1981، ولا يغير من ذلك ما نص عليه الشارع من توقيع عقوبة الغرامة عن كل يوم يمتنع فيه المخالف عن التنفيذ إذ لا يعدو ذلك أن يكون استثناء من مبدأ وحدة الواقعة في الجرائم المستمرة، اعتبر فيه الشارع كل يوم يمتنع فيه المخالف عن التنفيذ واقعة قائمة بذاتها يعاقب عنها بغرامة لا يزيد مقدارها عن عشرة جنيهات، ومن ثم فإنه مهما تعددت أيام الامتناع وارتفع تبعا لتعددها أجمالي مبلغ الغرامة المقضي بها فإن ذلك لا يغير من نوع الجريمة باعتبارها قبول الطعن، مع مصادرة الكفالة، ولا يغير من هذا النظر أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة لمرور أكثر من سنه بين تاريخ التقرير بالطعن وتقديم أسبابه وبين تاريخ الجلسة التي نظر فيها الطعن إذ أن عدم جوازه يحول دون النظر في ذلك لما هو مقرر من ان المناط في بحث هذا الأمر هو اتصال الطعن بمحكمة النقض اتصالا صحيحا يبيح لها أن تتصدى لبحثة وأبداء حكها فيه.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه لم يقم بتنفيذ قرار اللجنة الثلاثية والقاضي بالإزالة وطلبت عقابه بمواد القانون 30 لسنة 1983. ومحكمة البلدية ....... قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم عشر جنيهات عن كل يوم لحين تنفيذ الحكم عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه والاكتفاء بتغريم المتهم جنيه واحد عن كل يوم لحين تنفيذ قرار اللجنة استأنف ومحكمة شرق الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فطعن الأستاذ/......... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.

--------------
المحكمة
من حيث إن المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 قد قصرت حق الطعن على الأحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجنح دون المخالفات إلا ما كان منها مرتبطا بها, وكان البين من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد الطاعن بوصف أنه امتنع عن تنفيذ حكم الإزالة وهي الجريمة المعاقب عليها بنص المادة 24 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء بعقوبة الغرامة التي لا تقل عن جنيه ولا تجاوز عشرة جنيهات عن كل يوم يمتنع فيه المخالف عن تنفيذ الحكم أو القرار النهائي للجنة المختصة من إزالة أو تصحيح أو استكمال أعمال البناء المخالفة, مما يدخلها في عداد المخالفات طبقا لنص المادة 12 من قانون العقوبات بعد تعديلها القانون رقم 169 لسنة 1981, ولا يغير من ذلك ما نص عليه الشارع من توقيع عقوبة الغرامة عن كل يوم يمتنع فيه المخالف عن التنفيذ إذ لا يعدو ذلك أن يكون استثناء من مبدأ وحدة الواقعة في الجرائم المستمرة, اعتبر فيه الشارع كل يوم يمتنع فيه المخالف عن التنفيذ واقعة قائمة بذاتها يعاقب عليها بغرامة لا يزيد أقصى مقدارها عن عشرة جنيهات ومن ثم فإنه مهما تعددت أيام الامتناع وارتفع تبعا لتعددها إجمالي مبلغ الغرامة المقضي بها فإن ذلك لا يغير من نوع الجريمة باعتبارها مخالفة لا يجوز الطعن في الحكم الصادر فيها بطريق النقض مما يتعين معه عدم قبول الطعن, مع مصادرة الكفالة, ولا يغير من هذا النظر أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة لمرور أكثر من سنة بين تاريخ التقرير بالطعن وتقديم أسبابه وبين تاريخ الجلسة التي نظر فيها الطعن إذ أن عدم جوازه يحول دون النظر في ذلك لما هو مقرر من أن المناط في بحث هذا الأمر هو اتصال الطعن بمحكمة النقض اتصالا صحيحا يبيح لها أن تتصدى لبحثه وإبداء حكمها فيه.

الطعن 9732 لسنة 63 ق جلسة 18 / 12 / 1994 مكتب فني 45 ق 186 ص 1185


برئاسة السيد المستشار /حسن عميرة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /مصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي نواب رئيس المحكمة وعاصم عبد الجبار.
------------
- 1  حكم " اصداره " وضعه والتوقيع عليه". شهادة سلبية  . نقض "اسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
الشهادة التي يستدل بها على عدم ايداع الحكم موقعا عليه في الميعاد ينبغي أن تكون على السلب تضمينها أن الحكم أودع في ميعاد معين عدم اعتبارها شهادة سلبية أساس ذلك ؟ التأشير على الحكم بما يفيد ايداعه ملف الدعوى في تاريخ لاحق على ميعاد الثلاثين يوماً التالية لصدوره عدم جدواه في نفى حصول الايداع في الميعاد القانوني .
إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الشهادة التي يصح الاستدلال بها على أن الحكم لم يودع ملف الدعوى موقعا عليه في الميعاد القانوني ينبغي أن تكون على السلب أي دالة على عدم وجود الحكم بقلم الكتاب موقعا عليه وقت صدورها وأنه لا يغنى عن هذه الشهادة السلبية أي دليل أخر سوى أن تبقى الحكم حتى نظر الطعن خاليا من التوقيع وإذن فالشهادة الثابت بها أن الحكم ورد للمحكمة يوم 29 من مارس سنه 1993 لا تفيد لأن قانون الإجراءات الجنائية في المادة 312 منه لم يجعل لقلم الكتاب الاختصاص ببيان تاريخ ورود الحكم في مقام طلب ابطاله بل قصر اختصاصه على مجرد إثبات وجود الحكم أو عدم وجوده في القلم المذكور محررة أسبابه موقعا عليها ممن اصدره وقت تحرير الشهادة، فضلا عن أنه من المقرر أن التأشير على الحكم بما يفيد أيداعه ملف الدعوى في تاريخ لاحق على ميعاد الثلاثين يوما التالية لصدوره لا يجدى في نفى حصول هذا الإيداع في الميعاد القانوني وإذ كان ذلك فإن منعى الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا يكون مقبولا.
- 2  حكم " بيانات الحكم . بيانات التسبيب".
وجوب بيان الحكم نص القانون الذى حكم بموجبه . المادة 310 اجراءات . مثال .
إن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن اوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذى حكم بمقتضاه إلا أن القانون لم يرسم شكلا يصوغ فيه الحكم هذا البيان، ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجريمة المستندة إلى الطاعن حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت ثم أشار إلى النص الذى أخذ به بقوله " وتعين لذلك معاقبته بالمادة 1/240من قانون العقوبات واعمالا للمادة 2/304 من قانون الإجراءات الجنائية " فإن ما أورده الحكم يكفى في بيان مادة القانون الذى حكم بمقتضاه بما يحقق حكم القانون .
- 3  إثبات " خبرة".
عدم التزام الاحكام ان تورد من اقوال الشهود الا ما تقيم عليه قضاءها . عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد اذا تعددت . كفاية ان تورد منها ما تطمئن اليه وتطرح ما عداه . حقها في التعويل على اقوال الشاهد في أي من مراحل الدعوى . مادامت اطمأنت اليها . تناقض اقوال الشهود . لا يعيب الحكم . مادام استخلص الادانة من اقوالهم استخلاصا سائغا . الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز امام النقض .
من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وان المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه اخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وأن لها أن تعول على اقوال الشاهد في أي مرحله من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها وكان التناقض في أقوال الشهود على فرض حصوله لا يعيب الحكم ما دام قد أستخلص الادانة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة _ فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من اطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض.
- 4  إثبات "شهود". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل". نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
وزن اقوال الشهود وتقديرها موضوعي لمحكمة الموضوع أن تأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أنها صدرت منه. الجدل الموضوع في تقدير الدليل. غير جائز امام النقض.
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه ولها أن تأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
- 5  إثبات " شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الادلة ذات في تكوين عقيدتها تقدير اراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم موضوعي عدم التزام المحكمة بإجابة طلب مناقشة الطيب الشرعي مادامت الواقعة وضحت لديها ولم تر من جانبها حاجة إلى ذلك الجدل الموضوعي في تقدير الدليل غير جائز إمام النقض .
المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن من إغفال الحكم إيراد أقوال المتهم لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير أراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة وهى غير ملزمة من بعد بإجابة طلب مناقشه الطبيب الشرعي ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى أتخاذها هذا الإجراء وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به مما حواه تقرير الطب الشرعي فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ويكون ما ينعاه في هذا الصدد مجرد جدل في تقدير الدليل مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض .
- 6  إجراءات " اجراءات المحاكمة". نقض "اسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
عدم جواز النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. مثال.
إن البين من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب أيهما من المحكمة استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشه في التقرير المقدمة منه أو اعادة المأمورية إليه فليس للطاعن من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء لم يطلبه منها ولم ترى هي من جانبها حاجة لاتخاذه ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
- 7  إثبات " خبرة". نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل من الأسباب".
تطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفني غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق . عدم جواز النعي بتناقض الدليلين القولي والفني لأول مرة محكمة النقض.
من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكان الدليل المستمد من أقوال شاهدي الإثبات التي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من التقريرين الطبيين الابتدائي والشرعة فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس وفضلا عن ذلك فإن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئا بشأن قاله التناقض بين الدليلين القولي والفني ومن ثم لا يسوغ إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
- 8  إجراءات " اجراءات التحقيق".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم.
أن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها الطاعن لم يثر بها ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة بقالة أن المجنى عليه لم يكن يعرف المتهم وكان يتعين عرضه عليه عرضا قانونيا ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثر شيئا من ذلك لول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعييبا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم
- 9  جريمة "اركان الجريمة".  حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب". ضرب " ضرب أفضى إلى عاهة".
العاهة المستديمة في مفهوم المادة 240 عقوبات . هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو وظيفته كلها أو بعضها بصفة مستديمة . يكفى لتوافر العاهة المستديمة أن تكون العين سليمة قبل الإصابة وأن تكون قد أصيبت بضعف يستحيل برؤه أو أن تكون منفعتها قد فقدت فقداً كلياً ولو لم يتيسر تحديد قوة الإبصار قبل الإصابة . ضعف قوة الإبصار أصلا لا يؤثر في قيام الجريمة . حد ذلك .
من المقرر أن العاهة المستديمة بحسب المستفاد من الأمثلة التي ضربتها المادة 1/240من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو وظيفته كلها أو بعضها بصفه مستديمة وكان يكفى لتوافر العاهة المستديمة - كما هي معرفة في القانون - ان تكون العين سليمة قبل الإصابة وان تكون قد أصيبت بضعف يستحيل برؤه أو أن تكون منفعتها قد فقدت فقدا كليا حتى ولو لم يتيسر تحديد قوة الابصار قبل الاصابة وكانت المحكمة قد اطمأنت من واقع التقرير الطبي الشرعي وعناصر الإثبات التي أوردتها أن الإصابة التي أحدثها الطاعن بالمجنى عليه في عينه اليمنى قد خلقت له عاهة مستديمة هي ضعف ابصار العين عن قوتها الطبيعية تقدر نسبتها بنحو 75 % ومن ثم فإن ما يثيره من ضعف قوة الابصار قبل الإصابة لا يؤثر في قيام أركان الجريمة ما دام أنه لم يدع في مرافعته أن تلك العين كانت فاقدة الابصار من قبل الاصابة المنسوب إليه إحداثها ويكون منعاه في هذا الشأن على غير أساس .
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحدث عمداً ...... الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي المرفق بأن ضربه على عينه اليمنى بسوط مما أضعف إبصارها عن قوتها الطبيعية فنشأ عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها وتقدر بنسبة 75% على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلي محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجنى عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسين ألف جنيه علي سبيل التعويض النهائي. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 1/240 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدي للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ ثمانية آلاف جنيه على سبيل التعويض النهائي فطعن كل من المحكوم عليه والأستاذ/ ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

-------------
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد ران عليه البطلان وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والتناقض والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم لم يودع ملف الدعوى موقعا عليه خلال ثلاثين يوما من تاريخ النطق به وخلا الحكم من بيان نص القانون الذي عاقب الطاعن بمقتضاه وعول على أقوال المجني عليه وشقيقه رغم تعدد رواية الأول وتناقضها وأن شهادة الثاني سماعية ولم يعرض لأقوال المتهم والتفتت المحكمة عن طلبه مناقشة الطبيب الشرعي أو إعادة المأمورية إليه بشأن إصابة العين قبل الحادث وإنهاء خدمة المجني عليه بالقوات المسلحة لهذا السبب وعول الحكم على الدليلين القولي والفني رغم تناقضهما ولم يتم عرض المتهم على المجني عليه عرضا قانونيا وعاقب الحكم الطاعن بتهمة العاهة المستديمة على أساس قلة الإبصار رغم أن القانون لا يعتبرها عاهة إلا إذا أدت إلى كف البصر كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة مستديمة التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك, وكان الطاعن قد قدم شهادة من قلم كتاب نيابة شرق القاهرة الكلية استدل بها على أن الحكم لم يودع ملف الدعوى موقعا عليه في الميعاد القانوني تاريخها 7 من أبريل سنة 1993 مؤداها أن الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة بتاريخ ...... من فبراير سنة 1993 أودعت أسبابه ملف القضية يوم ....... مارس سنة 1993
لما كان ذلك, وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الشهادة التي يصح الاستدلال بها على أن الحكم لم يودع ملف الدعوى موقعا عليه في الميعاد القانوني ينبغي أن تكون على السلب أي دالة على عدم وجود الحكم بقلم الكتاب موقعا عليه وقت صدورها وأنه لا يغني عن هذه الشهادة السلبية أي دليل آخر سوى أن يبقى الحكم حتى نظر الطعن خاليا من التوقيع وإذن فالشهادة الثابت بها أن الحكم ورد للمحكمة يوم 29 من مارس سنة 1993 لا تفيد لأن قانون الإجراءات الجنائية في المادة 312 منه لم يجعل لقلم الكتاب الاختصاص ببيان تاريخ ورود الحكم في مقام طلب إبطاله بل قصر اختصاصه على مجرد إثبات وجود الحكم أو عدم وجوده في القلم المذكور محررة أسبابه موقعا عليها ممن أصدره وقت تحرير الشهادة, فضلا عن أنه من المقرر أن التأشير على الحكم بما يفيد إيداعه ملف الدعوى في تاريخ لاحق على ميعاد الثلاثين يوما التالية لصدوره لا يجدي في نفي حصول هذا الإيداع في الميعاد القانوني وإذ كان ذلك فإن منعى الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص لا يكون مقبولا. لما كان ذلك, وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه إلا أن القانون لم يرسم شكلا يصوغ فيه الحكم هذا البيان, ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجريمة المسندة إلى الطاعن حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت ثم أشار إلى النص الذي أخذ به بقوله "وتعين لذلك معاقبته بالمادة 240/1 من قانون العقوبات وإعمالا للمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية" فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مادة القانون الذي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون. لما كان ذلك, وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من أقوال المجني عليه وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها وكان التناقض في أقوال الشهود على فرض حصوله لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من أطلاقاتها ولا يجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ولها أن تأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن من إغفال الحكم إيراد أقوال المتهم لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة وهي غير ملزمة من بعد بإجابة طلب مناقشة الطبيب الشرعي ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذها هذا الإجراء وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به مما حواه تقرير الطب الشرعي فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ويكون ما ينعاه في هذا الصدد مجرد جدل في تقدير الدليل مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض هذا فضلا عن أن البين من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب أيهما من المحكمة استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته في التقرير المقدم منه أو إعادة المأمورية إليه فليس للطاعن من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء لم يطلبه منها ولم ترى هي من جانبها حاجة لاتخاذه ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم حقد حصل التقريرين الطبيين الابتدائي والشرعي في قوله "إذ أورى أولهما في تاريخ الواقعة ........ عن وجود كدمة واحمرار وسحجة بالعين اليمنى وسحجة طولية بالرقبة وأورى ثانيهما أن إصابة المجني عليه بالعين اليمنى كانت أصلا ذات طبيعة رضية حدثت من مثل الضرب بكرباج وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث وقد تخلف لدى المصاب من جراء إصابته ضعف إبصار العين اليمنى عن قوتها الطبيعية مما تعتبر عاهة مستديمة لا يمكن تحديد مداها نظرا لعدم قوة إبصار العين قبل الحادث وأنه من المعروف أن ضعف إبصار عين سليمة يبلغ قوة إبصارها 6/36 بالنظارة وقوة إبصار العين الأخرى 6/60 بالنظارة يعتبر عاهة مستديمة تقدر بنحو 75%" وحصل أقوال المجني عليه في قوله "أنه أثناء سيره في شارع ......... التابع لقسم ........ احتكت به عربة من الخلف فعاتب راكبها وهو المتهم الأخير بنهره وذهب وعاد حاملا كرباج وتعدى عليه بالضرب فأحدث إصابته في عينه اليمنى" كما حصل أقوال الشاهد الثاني في قوله "أن المجني عليه حضر وكان مصابا في عينه اليمنى مقررا أن هناك شخص تعدى عليه بالكرباج فذهب مع المجني عليه لعمل تحقيق في قسم ........ فأشار عليه أحد الضباط بالذهاب إلى منطقة الحادث لمعرفة اسم المتهم وهناك استعلم عن اسم المتهم فعلم أنه ....... ولدى مواجهته قرر له الخير أنه الذي اعتدى بالضرب بالكرباج على المجني عليه بالفعل" وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم عن تلك الأدلة, لما كان ذلك وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكان الدليل المستمد من أقوال شاهدي الإثبات التي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من التقريرين الطبيين الابتدائي والشرعي فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس وفضلا عن ذلك فإن البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئا بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني ومن ثم لا يسوغ إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة بقالة أن المجني عليه لم يكن يعرف المتهم وكان يتعين عرضه عليه عرضا قانونيا ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثر شيئا من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعييبا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم. لما كان ذلك وكان من المقرر أن العاهة المستديمة بحسب المستفاد من الأمثلة التي ضربتها المادة 240/1 من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو أحد أجزائه أو وظيفته كلها أو بعضها بصفة مستديمة وكان يكفي لتوافر العاهة المستديمة - كما هي معرفة به في القانون - أن تكون العين سليمة قبل الإصابة وأن تكون قد أصيبت بضعف يستحيل برؤه أو أن تكون منفعتها قد فقدت فقدا كليا حتى ولو لم يتيسر تحديد قوة الإبصار قبل الإصابة وكانت المحكمة قد اطمأنت من واقع التقرير الطبي الشرعي وعناصر الإثبات التي أوردتها أن الإصابة التي أحدثها الطاعن بالمجني عليه في عينه اليمنى قد خلقت له عاهة مستديمة هي ضعف إبصار العين عن قوتها الطبيعية تقدر نسبتها بنحو 75% ومن ثم فإن ما يثيره من ضعف قوة الإبصار قبل الإصابة أصلا لا يؤثر في قيام أركان الجريمة مادام أنه لم يدع من مرافعته أن تلك العين كانت فاقدة الإبصار من قبل الإصابة المنسوب إليه إحداثها ويكون منعاه في هذا الشأن على غير أساس. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الأحد، 7 أكتوبر 2018

الطعن 13210 لسنة 84 ق جلسة 26 /1 / 2017



باسم الشعب
محكمـــــة النقــــــــــض

الدائرة المدنية والعمالية

ــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد المستشــــــــــار / كمال عبد النبي     " نائب رئيس المحكمة "
وعضوية السادة المستشارين / يحيــى الجنـدى     ،      أحمــد داود       
                                طلبـــــة مهنـــــى     و      محمــــد سليمــــان
                          " نواب رئيس المحكمــــة "     
بحضور السيد رئيس النيابة / وليد عبد الصبور.
وحضور السيد أمين السر / محمد رجب.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة.
فى يوم الخميس 28 من ربيع أخر سنة 1438هـــــ الموافق 26 من يناير سنة 2017م.
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 13210 لسنة 84 ق القضائية.
المرفــــــــــوع مـن
السيد/ ..... ـــ المحامى.  والمقيم/ ..... – القاهرة الجديدة. حضر الطاعن بشخصه.

ضـــــــــــــــــــــــــد
السيد/ رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامى.
ومقره/ المنطقة الحرة الإعلامية – مدينة 6 أكتوبر – محافظة الجيزة.
لم يحضر أحد عنه.
    الوقائـــــع
فى يوم 3/7/2014 طُعن بطريـق النقض فى حكم محكمة استئناف القاهرة الصــادر بتاريخ 13/5/2014 فى الاستئناف رقم .....  لسنة 131 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعـن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وفى اليوم نفسه أودع الطاعن مذكرة شارحة وقام قلم الكتاب بضم المفردات.
وفى 24/7/2014 أُعلنت المطعون ضدها بصحيفة الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فى خصوص ما قضى به من رفض طلب المقابل النقدى لرصيد الإجازات.
عُرِض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة 26/1/2017 للمرافعة وبذات الجلسة سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم.
المحكمــــــــــة
   بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقـرر .... " نائب رئيس محكمة النقض " والمرافعة ، وبعد المداولة .
        حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
        وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الطاعن أقام على المطعون ضدها – الشركة الصرية لمدينة الإنتاج الإعلامى – الدعوى رقم .... لسنة 2011 عمال الجيزة الابتدائية انتهى فيها إلى طلب الحكم بأحقيته فى صرف أجر شهرين من الأجر الشامل لعدم إخطاره بإنهاء عقد عمله خلال المدة التى أوجبها القانون، مع اعتبار تاريخ انتهاء خدمته الفعلى 3/10/2011، والمقابل المادى للعلاوات الدورية الخاصة به عن سنوات الخدمة الخمس والمقابل النقدى عن رصيد إجازاته التى لم يستنفدها خلال الخمس سنوات، والأرباح المستحقة له عن سنة 2011 مبلغ 3920 جنيه، وقيمة أجر شهرين عن كل سنة من سنوات خدمته، وإلزام المطعون ضدها أن تؤدى له تعويضاً مقداره مائة ألف جنيه عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت به نتيجة فصله من الخدمة دون سبب مشروع، وقال بياناً لها إنه كان من العاملين لدى المطعون ضدها منذ 3/6/2007 إلا أنها قامت بإخطاره فى 21/7/2011 بإنهاء خدمته اعتباراً من 3/8/2011 بغير مبرر ودون حصوله على مستحقاته من الأجر والعلاوات والأرباح والمقابل النقدى لرصيد إجازاته، فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان، ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن قدم تقريره قضت فى 28/12/2013 بإلزام المطعون ضدها أن تؤدى للطاعن مبلغ 9870 جنيه قيمة المقابل النقدى للعلاوات الدورية السنوية، ومقابل الأرباح المستحقة عن عام 2011، وسقوط حقه فى عرض النزاع على المحكمة العمالية بالنسبة لطلباته بشأن مقابل مهلة الإخطار وصرف تعويض أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة، والتعويض عن الفصل التعسفى، ورفضت ماعدا ذلك من طلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة – مأمورية الجيزة – بالاستئناف رقم .... لسنة 131 ق، كما استأنفته المطعون ضدها أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم .... لسنة 131 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الأخير للأول حكمت بتاريخ 13/5/2014 برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقضه، وإذ عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
        وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الثانى منهما على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، وفى بيان ذلك يقول إنه قضى بسقوط حقه فى مقابل مهلة الإخطار وتعويض أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة وكذلك التعويض المادى والأدبى عن الفصل التعسفى بمقولة إن حقه فى اللجوء للمحكمة العمالية قد سقط لإقامة دعواه بعد مضى أكثر من ستة وسبعين يوماً من تاريخ بدء النزاع استناداً إلى نص المادة 70 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 المعدلة بالقانون رقم 180 لسنة 2008، فى حين أنه وعملاً بالمادة 698 ق القانون المدنى فإن دعوى المطالبة بالتعويض عن الفصل التعسفى تسقط بانقضاء سنة تبدأ من وقت إنهاء العقد باعتبارها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
        وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك أن النص فى المادة 70 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 المعدل بالقانون رقم 180 لسنة 2008 على أنه " إذا نشأ نزاع فردي بين صاحب العمل والعامل فى شأن تطبيق أحكام هذا القانون أو أى من القوانين أو اللوائح المنظمة لعلاقات العمل الفردية فلأى منهما أن يطلب من لجنة تشكل من ...... خلال عشرة أيام من تاريخ النزاع تسويته ودياً، فإذا لم تتم التسوية خلال واحد وعشرين يوماً – من تاريخ تقديم الطلب – جاز لأى منهما أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة إحالة النزاع إلى المحكمة العمالية المنصوص عليها فى المادة 71 من هذا القانون أو أن يلجأ إليها فى موعد أقصاه خمسة وأربعين يوماً من تاريخ انتهاء المدة المحددة للتسوية سواء كان قد تقدم للجنة بطلب للتسوية أو لم يتقدم به وإلا سقط حقه فى عرض الأمر على المحكمة " يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أن التاريخ الذى يبدأ منه النزاع يتحدد بتاريخ امتناع المدين عن الوفاء بالحق للدائن عند مطالبته به، ولما كان من المقرر أن إنهاء رب العمل لعقد العمل بإرادته المنفردة لا ينتج أثره إلا من تاريخ إخطار العامل بهذا الإنهاء إخطاراً صحيحاً أو علمه به علماً يقينياً. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق – وبما لا يمارى فيه الطاعن – أن المطعون ضدها أخطرته بإنهاء خدمته فى 21/7/2011 اعتباراً من 3/8/2011 وأقام دعواه بطلب التعويض عن الفصل التعسفى بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة فى 13/12/2011 أى بعد مرور أكثر من 76 يوم من بدء النزاع، فإن حقه فى اللجوء للمحكمة يكون قد سقط إعمالاً لنص المادة 70 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 المعدل بالقانون رقم 180 لسنة 2008 سالفة البيان، وإذ التزم الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعى عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
        وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول إن المادة 48 من قانون العمل والمادة 52 من لائحة نظام العاملين بالشركة المطعون ضدها اشترطت لإبراء ذمة صاحب العمل من المقابل النقدى لرصيد الإجازات التى لم يستنفدها أثناء فترة خدمته أن يكون العامل قد رفض القيام بها كتابة، فإذا لم يقدم هذا الدليل أصبح ملزماً بالوفاء به للعامل أياً كان السبب فى عدم القيام بها، وإذ لم تقدم الشركة المطعون ضدها هذا الدليل فإنه يستحق المقابل النقدى لرصيد إجازاته التي لم يحصل عليها، فضلاً عن أن المطعون ضدها أقرت أمام الخبير بأحقيته فى هذا المقابل، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض طلبه بشأن أحقيته فى المقابل النقدى عن رصيد إجازاته بمقولة إنه لم يقدم الدليل على أن تفويت حصوله على الإجازة مرجعه ظروف العمل أو لسبب يرجع إلى رب العمل، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
        وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أن النص فى المادة 52 من لائحة نظام العاملين بالشركة المطعون ضدها – واجبة التطبيق – على أنه " يحدد رئيس التقسيم التنظيمى المختص مواعيد الإجازات حسب مقتضيات العمل وظروفه. ويلتزم العامل بالقيام بالإجازة فى التاريخ وللمدة التى حددتها الشركة وإذا رفض العامل كتابة القيام بالإجازة سقط حقه فى اقتضاء مقابلها ........... فإذا انتهت علاقة العمل قبل استنفاد العامل رصيد إجازاته السنوية استحق الأجر المقابل لهذا الرصيد " مفاده أنه إذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاد رصيد إجازاته السنوية ولم يرفض القيام بها كتابة استحق الأجر المقابل لهذا الرصيد. لما كان ذلك، وكانت أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد رفض الطاعن القيام بإجازاته كتابة، فإنه يستحق المقابل النقدى كاملاً عن رصيده منها الذى حدده الخبير المنتدب فى الدعوى بإثنين وستين يوماً والمقابل النقدى عنه وفقاً لأجر الطاعن 5673 جنيه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض طلب الطاعن بأحقيته فى المقابل النقدى عن رصيد إجازاته التى لم يحصل عليها أثناء الخدمة على سند من أنه لم يقدم الدليل على أن تفويت حصوله على الإجازة مرجعه ظروف العمل أو لسبب يرجع إلى رب العمل، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه فى هذا الخصوص.
        وحيث إن الموضوع وفيما نقض من الحكم صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين القضاء فى موضوع الاستئناف رقم .... لسنة 131 ق القاهرة " مأمورية الجيزة " بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب الطاعن بأحقيته فى المقابل النقدى عن رصيد إجازاته التى لم يحصل عليها حتى تاريخ انتهاء خدمته والقضاء مجدداً بإلزام المطعون ضدها أن تؤدى إليه مبلغ 5673 جنيه عن ذلك الرصيد. 

لــــذلك
        نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به من رفض طلب المقابل النقدى عن رصيد الإجازات وألزمت المطعون ضدها المصروفات ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وحكمت فى موضوع الاستئناف رقم .... لسنة 131 ق القاهرة " مأمورية الجيزة " بإلغاء الحكم المستأنف فى خصوص ما نقض من الحكم والقضاء مجدداً بإلزام المطعون ضدها أن تؤدى للطاعن مبلغ 5673 جنيها قيمة المقابل النقدى عن رصيد إجازاته وتأييده فيما عدا ذلك وألزمت المطعون ضدها مصروفات هذا الشق عن درجتى التقاضى ومائة وخمسة وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.