الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 30 يوليو 2018

الطعن 4999 لسنة 71 ق جلسة 9 / 6 / 2014


باسم الشعب 
محكمــة النقــض

الدائرة المدنية والتجارية والأحوال الشخصية
دائرة الاثنين ( أ ) المدنية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسـة السيـد القاضــى / سيـــــد محمود يوسـف  " نائب رئيس المحكمة "   
وعضوية الســادة القضـاة / أحمد إبراهيم سليمان  ،  بليـــغ كمــــال
                           مجــدى زين العابدين  و  شريف سامى الكومى
   " نواب رئيس المحكمة "   
بحضور رئيس النيابة السيد / فيصــــــــــل البنـا .
وأمين السر السيد / وائل عبد الهادى .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة
فى يوم الاثنين 11 من شعبان سنة 1435 هـ  الموافق 9 من يونيه سنة 2014 م
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 4999 لسنة 71 ق .
المـرفــــوع مــــن :
1- ........... .  المقيمين فارسكور – دمياط .  لم يحضر عنهم أحد .
ضـــــــــــــــــــــــــــد
1- ........ .  المقيم .....  الجيزة .
2- مأمور الشهر العقارى بإمبابة النموذجى بصفته .
3- رئيس مأمورية الشهر العقارى بفارسكور بصفته .
4- وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقارى بصفته .
موطنهم القانونى هيئة قضايا الدولة بمجمع المصالح الحكومية – ميدان التحرير – قسم قصر النيل – القاهرة . حضر عن المطعون ضدهم من الثانى إلى الرابع المستشار / ...... من هيئة قضايا الدولة .
الوقائـــــــــــــــع
        فـى يـــوم 16/9/2001 طُعـن بطريــق النقــض في حكــم محكمة استئناف المنصورة " مأموريــة دمياط " الصـادر بتاريخ 18/7/2001 فــى الاستئناف رقم 1608 لسنة 32 ق بصحيفـة طلب فيها الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيـــــــــــه .
        وفى اليوم نفسه أودع الطاعنون مذكرة شارحة وحافظة مستندات .
وبتاريخ 29/9/2001 أعلن المطعون ضدهم من الثانى وحتى الرابع بصحيفة الطعن .
وبتاريخ 8/10/2001 أعلن المطعون ضده الأول بصحيفة الطعن .
وبتاريخ 3/10/2001 أودع المطعون ضدهم من الثانى وحتى الرابع مذكرة بدفاعهم طلبوا فيها رفض الطعن .
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها عدم قبول الطعن لرفعه من غير ذى صفة بالنسبة للطاعنين الأول والثالث والرابعة والخامسة ما لم يقدم المحامى مباشر الإجراءات أصل التوكيلين رقمى 611 لسنة 2000 توثيق إمبابة ، 682 لسنة 2000 توثيق فارسكور أو صورة رسمية منهما قبل إقفال باب المرافعة ، وكذلك عدم قبول الطعن لرفعه على غير ذى صفة بالنسبة للمطعون ضدهما الثانى والثالث بصفتيهما ، وفيما عدا ذلك قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .
وبجلسة 14/5 /2012 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة المشورة فرأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة للمرافعة . 
وبجلسة 11/11/2013 سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم نائب الدولة بصفته وكيلا عن المطعون ضدهم من الثانى حتى الرابع بصفاتهم والنيابة كل علــــى مـا جاء بمذكرتـه ، والمحكمة قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم .
المحكمــة
        بعـــد الاطــلاع علــى الأوراق وسمــاع التقريــر الذى تلاه السيـــــــد القاضي المقـــــــرر/ ..... " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الطاعنين أقاموا الدعوى .... لسنة 2000 مدنى دمياط الابتدائية على المطعون ضدهم بطلب الحكم بإلغاء التوكيلات الخاصة المبينة بالأوراق والصادرة منهم للمطعون ضده الأول بغرض توكيله فى بيع الأرض المملوكة لكل منهم لنفسه أو للغير واتخاذ إجراءات نقل الملكية خلال شهر من تسلمه تلك التوكيلات وأدى الأخير عربوناً على ذلك البيع والتزم بسداد باقى الثمن خلال المدة سالفة البيان إذ إنه أخل بذلك الالتزام رغم إعذاره . ومحكمة أول درجة حكمت برفض الدعوى . استأنف الطاعنـون الحكم بالاستئناف 1608 لسنـة 32 ق المنصــورة – مأمورية دمياط – ومحكمة الاستئناف قضت بالتأييد . طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريـــق النقض ، وقدمت النيابــة مذكرة أبــدت فيها الرأى بعدم قبول الطعن للطاعنين عدا الثانى وفى الموضوع برفضه ، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة – فى غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
        وحيث إن الدفع المبدى من النيابة سديد ، ذلك أن مبناه عدم تقديم المحامى رافع الطعن التوكيلين رقمى 611 لسنة 2000 توثيق امبابة ، 682 لسنة 2000 توثيق فارسكور الصادر أولهما من الطاعنين الثالث والخامسة وثانيهما من الأول والرابع للطاعن الثانى الذى وكل المحامى فى رفع الطعن حتى قفل باب المرافعة كيما تقف المحكمة على ما إذا كان التوكيلان يخولانه توكيل محام لرفع الطعن من عدمه ولا يغنى عن ذلك مجرد ذكر رقمهم فى التوكيل الصادر من الطاعن الثانى للمحامى رافع الطعن الأخير وإذ كان موضوع الطعن قابلا للتجزئـــــــة فإن الطعن بالنسبة لهم يكون غير مقبول لرفعه من غير ذى صفة عملاً بالمادة 255 من قانون المرافعات .
        وحيث إن الطعن بالنسبة للطاعن الثانى استوفى أوضاعه الشكلية .
        وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب ذلك أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه أصدر التوكيل الخاص موضوع الدعوى للمطعون ضده الأول ليقوم ببيع الأرض المملوكة له ونقل ملكيتها لنفسه أو للغير عقب سداده لمقدم الثمن والتزامه بسداد الباقى وحرر إقرارا مستقلا بذلك وإذ أخل المطعون ضده الأول بهذا الالتزام فى الأجل المتفق عليه فيحق له طلب إلغاء ذلك التوكيل وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم الابتدائى برفض الدعوى على سند مما أورده بأسبابه من عدم جواز إلغاء تلك الوكالة الصادرة لصالح الوكيل إلا باتفاق الطرفين دون استجلاء ظروف تحريرها وطبيعتها ومداها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
        وحيث إن هذا النعى فى محله . ذلك أن عقد الوكالة يُلزم الوكيل بمقتضاه بأن يقوم بعمل قانونى لحساب الموكل . لما كان ذلك ، وكان المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن العبرة فى تكييف الدعوى وإعطائها وصفها الحق هى بحقيقة المقصــود من الطلبات المقدمة فيها ، وليس بالألفاظ التى تصاغ بها هذه الطلبات ، وإذ كان المناط فى تكييف العقود هى بحقيقة ما عناه المتعاقدون دون اعتداد بما أطلقوه عليها من أوصاف أو ضمنوها من عبارات تخالف حقيقة التعاقد وما قصده المتعاقدون وتخضع محكمة الموضوع فى ذلك لرقابة محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد أقام دعواه بطلب الحكم بإلغاء التوكيل الخاص .... لسنة 99 فارسكور الصادر منه للمطعون ضده الأول والذى يخوله فى بيع الأرض المملوكة له والمبينة بهذا التوكيل لنفسه أو للغير واتخاذ ما يلزم لإتمام البيع وقد بادر الوكيل " المطعون ضده " بسداد مقدم الثمن وتعهد بسداد الباقى فى أجل معلوم وحرر إقراراً بذلك بيد أنه أخل بالتزامه فوجه إليه إنذاراً بفسخ ذلك العقد وقد أقر المطعون ضده الأول بمذكرته المقدمة أمام أول درجة بجلسة 26/8/2000 بعدم تمام البيع وأن الطاعن لم يرد إليه مقدم الثمن فإنه يبين بجلاء أن إرادة الطرفين الحقيقية قد اتجهت لإبرام تلك الوكالة بقصد إتمام البيع ومن ثم فإن ذلك التوكيل لا يعد عقداً مستقلا بين الطرفين عن ذلك البيع بل تابعاً له ويدور فى فلكه وجوداً وعدماً ومن ثم يضحى التكييف الصحيح للطلبات المطروحة فى الدعوى أنها بطلب فسخ تلك الوكالة لعدم إبرام البيع لعدم سداد باقى الثمن مما يجيز له طلب إنهاء تلك الوكالة بطلب فسخها لإخلال أحد المتعاقدين بالتزامه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ووقف عند ظاهر عبارات تلك الوكالة وقضى برفض الدعوى بمقولة عدم جواز إلغاء تلك الوكالة إلا باتفاق الطرفين فإنه يكون قد أخطأ فى فهم الواقع فى الدعوى ولم يلتفت لدلالة ما أورده المطعون ضده بمذكرة دفاعه وأثره على الطلبات المطروحة فى الدعوى مما يعيبه بالخطأ فى تطبيق القانون ويوجب نقضه .
        وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه لما تقدم وكان الثابت بإقرار المطعون ضده الأول فى دفاعه أمام محكمة أول درجة بأن البيع لم يتم فإنه يكون قد أخل بالتزامه بإجراء البيع فى الموعد المحدد طبقاً لعقد الوكالة مما يحق معه للطاعن طلب فسخ هذه الوكالة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدعوى فإنه يتعين إلغاؤه .
                        لذلـــــــــــــــــــك
نقضت المحكمـة الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضده الأول المصاريف ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة وحكمت فى موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبفسخ عقد الوكالة موضوع الدعوى وألزمت المستأنف ضده الأول المصاريف على الدرجتين ومائة وخمسة وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .

الطعن 12766 لسنة 63 ق جلسة 18 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ق 111 ص 752

جلسة 18 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان ومصطفى عبد المجيد نواب رئيس المحكمة. وزغلول البلشي.

-----------------

(111)
الطعن رقم 12766 لسنة 63 القضائية

(1) تقليد. جريمة "أركانها". فاعل أصلي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في جريمة تقليد علامات الحكومة. إذا ارتكب التقليد بنفسه أو تم بواسطة غيره متى ساهم معه فيه.
(2) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إغفال الحكم ذكر مواد الاشتراك. لا يعيبه. ما دامت المحكمة أشارت إلى النص الذي استمدت منه العقوبة.
(3) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفوع "الدفع ببطلان محضر الضبط". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان إجراء من الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يجوز إثارته لأول مرة أمام النقض.
عدم توقيع المتهم على محضر الضبط. لا يعيبه.
(4) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تشكيك الطاعن بأن المخدر المضبوط غير ما تم تحليله. جدل في تقدير محكمة الموضوع للدليل. غير جائز أمام النقض.
(5) إجراءات "إجراءات التحريز". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55، 56، 57 إجراءات. تنظيمية. عدم ترتب البطلان على مخالفتها.
(6) أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". مسئولية جنائية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب. ما لم يدفع بها أمامها.
(7) نقض "المصلحة في الطعن". ارتباط. تزوير. تقليد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن جريمة تزوير المحررات الرسمية. ما دام الحكم قد اعتبر الجرائم المسندة إليه جريمة واحدة وأوقع عليه عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة تقليد أختام حكومية واستعمالها.

-------------------
1 - من المقرر أنه لا يشترط في جريمة التقليد المنصوص عليها في المادة 206/ 1 من قانون العقوبات أن يكون الجاني قد قلد بنفسه علامة من علامات الحكومة بل يكفي أن يكون التقليد قد تم بواسطة غيره طالما أنه كان مساهماً معه فيما قارفه، فقد سوى المشرع بين من قلد بنفسه تلك العلامات وبين من يرتكب ذلك بواسطة غيره مما يجعل مرتكب التقليد في الحالتين فاعلاً للجريمة.
2 - من المقرر أن السهو عن ذكر مواد الاشتراك لا يعيب الحكم ولا يستوجب نقضه ما دامت المحكمة قد أشارت إلى النص الذي استمدت منه العقوبة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - لما كان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان محضر الضبط لعدم التوقيع عليه فإن هذا الوجه من النعي يكون غير مقبول لما هو مقرر من أن الدفع ببطلان إجراء من الإجراءات السابقة على المحاكمة لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض هذا فضلاً عن أنه ليس في عدم توقيع المتهم على محضر الضبط ما يعيبه.
4 - من المقرر أن جدل الطاعن والتشكيك في أن ما تم ضبطه غير ما تم فحصه إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من عملية الفحص التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا تجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في هذا الشأن.
5 - من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55، 56، 57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وكان الطاعن لا يذهب إلى أن يد العبث قد امتدت إلى الحرز المحتوي على المحررات المزورة على نحو مبين فإن كافة ما يثيره بشأن إجراءات التحريز لا يكون له محل.
6 - لما كان ما يثيره الطاعن من أنه كان في حالة جنون عند مقارفة الجريمة مردوداً بأن المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها وإذ ما كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك أمام المحكمة بأنه كان معدوم الإرادة بسبب تلك الحالة فليس له أن ينعى على حكمها إغفاله التحدث عن ذلك.
7 - لما كان الحكم قد اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جميعاً - وهي جناية تزوير محررات رسمية وجناية تقليد أختام للحكومة واستعمالها - مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة في حكم المادة 32/ 2 من قانون العقوبات وأنها كلها جريمة واحدة وأوقع عليه العقوبة التي تدخل في نطاق العقوبة المقررة قانوناً لجناية تقليد أختام الحكومة واستعمالها المنصوص عليها في المادة 206 من قانون العقوبات، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بالنسبة لجناية تزوير المحررات الرسمية لا يكون سديداً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو التوكيل العام الرسمي رقم.... والمنسوب صدوره لمكتب توثيق.... وكان ذلك بطريق الاصطناع بأن اصطنعه على غرار المحررات الصحيحة التي تصدرها تلك الجهة بأن أثبت به خلافاً للحقيقة أن.... قد وكلته عنها فيما تضمنه التوكيل ووقع عليه بتوقيعات نسبها زوراً للعاملين بالجهة سالفة الذكر. ثانياً: بصفته سالفة الذكر ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو البطاقة الضريبية رقم.... باسم.... والمنسوب صدورها لمأمورية.... بمصلحة الضرائب وكان ذلك بطريق الاصطناع بأن اصطنعه على غرار المحررات الصحيحة التي تصدرها تلك الجهة والتوقيع عليها بتوقيعات مزورة على العاملين بها وبصمها بخاتم مقلد عليها على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثاً: قلد بواسطة الغير أختام شعار الجمهورية لكل من الشهر العقاري، ووحدة تراخيص المرور بالقاهرة ومصلحة الأحوال المدنية، وكلية التجارة جامعة.... ومصلحة الضرائب، وقسم مرور.... بأن اصطنع أختاماً مقلدة على غرار الأختام الصحيحة واستعملهم بوضع بصماتهم على محررات مع علمه بتقليدهم. رابعاً: استحصل بغير حق على أختام حقيقية (خاتم شعار الجمهورية والخاتم الكودي) لإحدى المصالح الحكومية (مكتب توثيق....) واستعملها استعمالاً ضاراً بمصلحة عامة بأن وضع بصمتها على المحرر المزور موضوع التهمة الأولى، وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 206/ 3 - 4، 207، 211، 212 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وبمصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم التزوير في محررات رسمية وتقليد أختام لجهات رسمية والاستحصال بغير حق على أختام لمصالح حكومية واستعمالها استعمالاً ضاراً بمصالح هذه الجهات قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم لم يشر إلى المواد الخاصة بالاشتراك في جريمة التقليد رغم أنه أورد في وصفها أن التقليد تم بواسطة الغير. كما عول في إدانته على اعترافه وإقراره بمحضر الضبط رغم ما أثاره من دفاع من بطلانه لعدم التوقيع عليه ولتضمنه بعض أقوال لم تصدر عنه إلا أنه رد على هذا الدفاع وكذا على دفاعه بأن يد العبث امتدت إلى حرز المضبوطات حال وجودها بالنيابة العامة بدلالة أن بعضها خلا من توقيع وكيل النيابة المحقق بما لا يسوغه. كما أنه كان مريضاً بالجنون وتم الحجر عليه في إحدى القضايا ولم يثر ذلك أثناء المحاكمة لعدم علم المدافع عنه ذلك كما أن الحكم لم يقم الدليل على توافر أركان جريمة التزوير والتفت عن دفاعه بأن التزوير مفضوح. كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لا يماري الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لا يشترط في جريمة التقليد المنصوص عليها في المادة 206/ 1 من قانون العقوبات أن يكون الجاني قد قلد بنفسه علامة من علامات الحكومة بل يكفي أن يكون التقليد قد تم بواسطة غيره طالما أنه كان مساهماً معه فيما قارفه، فقد سوى المشرع بين من قلد بنفسه إحدى تلك العلامات وبين من يرتكب ذلك بواسطة غيره مما يجعل مرتكب التقليد في الحالتين فاعلاً للجريمة. فضلاً عن أن السهو عن ذكر مواد الاشتراك لا يعيب الحكم ولا يستوجب نقضه ما دامت المحكمة قد أشارت إلى النص الذي استمدت منه العقوبة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان محضر الضبط لعدم التوقيع عليه فإن هذا الوجه من النعي يكون غير مقبول لما هو مقرر من أن الدفع ببطلان إجراء من الإجراءات السابقة على المحاكمة لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض هذا فضلاً عن أنه ليس في عدم توقيع المتهم على محضر الضبط ما يعيبه لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على دفاع الطاعن بخصوص اختلاف المحررات التي تم ضبطها وما تم فحصه بالفعل في قوله "وحيث إن كافة ما أثاره الدفاع عن المتهم مجرد قول مرسل ولا سند له من واقع الأوراق وأن يد العبث لم تمتد إلى المضبوطات وبالتالي فإن كافة ما أثاره الدفاع في هذا الصدد بغير سند ويتعين طرحه جانباً والالتفات عنه وعدم التعويل عليه" وكان جدل الطاعن والتشكيك في أن ما تم ضبطه غير ما تم فحصه إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من عملية الفحص التي أطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا تجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في هذا الشأن. كما أنه من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55، 56، 57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وكان الطاعن لا يذهب إلى أن يد العبث قد امتدت إلى الحرز المحتوى على المحررات المزورة على نحو مبين فإن كافة ما يثيره بشأن إجراءات التحريز لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أنه كان في حالة جنون عند مقارفة الجريمة مردوداً بأن المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها وإذ ما كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك أمام المحكمة بأنه كان معدوم الإرادة بسبب تلك الحالة فليس له أن ينعى على حكمها إغفاله التحدث عن ذلك. لما كان ذلك، وكان الحكم قد اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جميعاً - وهي جناية تزوير محررات رسمية وجناية تقليد أختام للحكومة واستعمالها - مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة في حكم المادة 32/ 2 من قانون العقوبات كلها جريمة واحدة وأوقع عليه العقوبة التي تدخل في نطاق العقوبة المقررة قانوناً لجناية تقليد أختام الحكومة واستعمالها المنصوص عليها في المادة 206 من قانون العقوبات، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بالنسبة لجناية تزوير المحررات الرسمية لا يكون سديداً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 42339 لسنة 59 ق جلسة 18 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ق 110 ص 749

جلسة 18 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم ومحمد شعبان نواب رئيس المحكمة ورشاد قذافي.

-----------------

(110)
الطعن رقم 42339 لسنة 59 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". طعن "التنازل عنه". نقض "التنازل عن الطعن". خصومة "تركها".
التنازل عن الطعن. ترك للخصومة. يترتب عليه. إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك التقرير بالطعن. المادة 143 مرافعات.
(2) حكم "وضعه والتوقيع عليه وإصداره" "بطلانه". بطلان. نقض "أثر الطعن".
وجوب وضع الأحكام الجنائية والتوقيع عليها في مدة ثلاثين يوماً من النطق بها وإلا كانت باطلة. المادة 312 إجراءات.
عدم إيداع الحكم المطعون فيه موقعاً عليه من رئيس الهيئة التي أصدرته خلال الميعاد المذكور. أثره. بطلانه.
اتصال وجه الطعن بطاعنين آخرين. أثره. امتداد أثر الطعن لهما ولو كان أحدهما تنازل عن طعنه.

-------------------
1 - من المقرر أن التنازل عن الطعن هو ترك للخصومة يترتب عليه وفق المادة 143 من قانون المرافعات إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك التقرير بالطعن.
2 - لما كان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 312 منه، وضع الأحكام الجنائية وتوقيعها في مدة ثلاثين يوماً من النطق بها، وإلا كانت باطلة، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ.... وحتى يوم.... لم يكن قد أودع ملف الدعوى موقعاً عليه من رئيس الهيئة التي أصدرته، على ما يبين من الشهادة السلبية الصادرة من قلم كتاب نيابة بورسعيد الكلية المرافقة لأسباب الطعن فإنه يكون باطلاً متعيناً نقضه والإحالة بالنسبة لهذين الطاعنين وللطاعنة الأولى أيضاً - وكذلك بالنسبة للطاعن الثاني الذي قضى بإثبات تنازله عن طعنه لاتصال وجه الطعن بهما.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم أولاً: المتهمة الأولى: اعتادت ممارسة الدعارة على النحو المبين بالأوراق – ثانياً: المتهمون الثاني والثالث والرابع: عاونوا أنثى على ممارسة الدعارة على النحو المبين بالأوراق وطلبت عقابهم بالمواد 6، 9/ حـ، 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961. ومحكمة جنح الشرق قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة كل من المتهمة الأولى والمتهم الثاني بالحبس ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة مائة جنيه لإيقاف التنفيذ ووضع الأولى تحت المراقبة مدة مساوية لمدة الحكم وتغريمهما مائة جنيه وحبس كل من المتهمين الثالث والرابع سنة مع الشغل وكفالة مائتي جنيه لإيقاف التنفيذ. استأنفوا ومحكمة بورسعيد الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن كل من الأستاذة/ .... و.... و.... المحامون نيابة عن المحكوم عليهم عدا الثاني في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الثاني تنازل عن طعنه بمقتضى طلب موقع عليه منه ومن محاميه الأستاذ.... قدم إلى المحكمة بجلسة 21 من مارس سنة 1995 من المحامي المشار إليه ولما كان التنازل عن الطعن هو ترك للخصومة يترتب عليه وفق المادة 143 من قانون المرافعات إلغاء جميع إجراءات الخصومة بما في ذلك التقرير بالطعن. فإنه يتعين الحكم بإثبات تنازل الطاعن عن طعنه.
وحيث إن الطاعنين الثالث والرابع ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه قد شابه البطلان، ذلك أن أسبابه لم تودع موقعاً عليها في مدة ثلاثين يوماً من تاريخ النطق به.
وحيث إنه لما كان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 312 منه، وضع الأحكام الجنائية وتوقيعها في مدة ثلاثين يوماً من النطق بها، وإلا كانت باطلة، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ.... وحتى.... لم يكن قد أودع ملف الدعوى موقعاً عليه من رئيس الهيئة التي أصدرته، على ما يبين من الشهادة السلبية الصادرة من قلم كتاب نيابة بورسعيد الكلية المرافقة لأسباب الطعن فإنه يكون باطلاً متعيناً نقضه والإحالة بالنسبة لهذين الطاعنين وللطاعنة الأولى أيضاً - وكذلك بالنسبة للطاعن الثاني الذي قضى بإثبات تنازله عن طعنه لاتصال وجه الطعن بهما - وذلك دون حاجة إلى بحث أوجه الطعن المقدمة من الطاعنة الأولى.

الطعن 2296 لسنة 61 ق جلسة 17 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ق 109 ص 742

جلسة 17 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مقبل شاكر وحامد عبد الله ومصطفى كامل ومحمد عبد العزيز محمد نواب رئيس المحكمة.

------------------

(109)
الطعن رقم 2296 لسنة 61 القضائية

إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة النقض "نظرها موضوع الدعوى والحكم فيه". ضرب "أفضى إلى موت".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
تناقض الشهود. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
مثال لحكم بالإدانة في جريمة ضرب أفضى إلى موت صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى.

------------------
من حيث إن واقعة الدعوى كما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من الأوراق وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أنه بتاريخ الثاني عشر من سبتمبر سنة 1986 وأثناء تواجد المجني عليه.... برفقة والده بحقلهما لجمع ثمار الطماطم، قاما بغمر الطريق الملاصق للحقل بالمياه لإعاقة مرور الجرارات المحملة بالأتربة بالطريق لتلافي تطاير الغبار المتصاعد منها وإلحاق الضرر بالمزروعات، وعلى إثر ذلك حضر المتهمان.... و.... ودارت مشادة كلامية بينهما وبين المجني عليه ووالده ما لبثت أن انتهت بقيام المتهمين بالاعتداء على المجني عليه ضرباً وركلاً في بطنه ومواضع أخرى من جسمه مما ألحق به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
ومن حيث إن الواقعة على النحو السالف بيانه قد قام الدليل على صحتها وثبوتها في حق المتهمين من شهادة كل من.... والد المجني عليه - و.... - قائد جرار المتهم الثاني - والنقيب.... وما أوراه تقرير الصفة التشريحية فقد شهد.... بالتحقيقات وبجلسة المحاكمة أمام محكمة الإعادة أنه حال تواجده وابنه المجني عليهما بحقلهما - يوم الحادث - لجمع ثمار الطماطم، وأنه لتصاعد الغبار من الجرارات المحملة بالأتربة والمارة بالطريق الملاصق للحقل مما يلحق الضرر بالزراعة - فقد قام وابنه المجني عليه.... برش الطريق بالمياه، وأنه وعلى إثر ذلك حضر المتهمان وقاما بطرح المجني عليه أرضاً والاعتداء عليه وركله في بطنه بالأقدام إلى أن فقد وعيه متأثراً بإصاباته، ثم قام بنقله إلى المستشفى حيث فاضت روحه إلى بارئها. كما شهد.... بأن المتهم.... كان يوجه ضرباته إلى المجني عليه.... في حين أن المتم.... كان يوجه ضرباته إلى والده. كما شهد النقيب.... بأن التحريات السرية التي أجراها عن الحادث قد أسفرت عن قيام المجني عليه.... ووالده بغمر الطريق الملاصق لحقلهما بالمياه لمنع الجرارات المحملة بالأتربة من المرور لكي لا يلحق الغبار المتصاعد منها ضرراً بالمزروعات، وإثر ذلك قام المتهمان.... و.... بالاعتداء على المجني عليه ضرباً بالأيدي وركلاً بالأقدام مما أدى إلى وقوع إصاباته التي أودت بحياته. كما أورى تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليه راضية حيوية حديثة حدثت من المصادمات بأجسام صلبة راضة ويجوز حدوثها بمثل التعدي بالضرب والركل وفق ما جاء بمذكرة النيابة. والوفاة تعزي للإصابات الراضة بالبطن بالجانب الأيسر والتي أحدثت تهتكاً بالطحال والمساريقا وأنزفة غزيرة بالتجويف البطني وباقي الإصابات سطحية غير مؤثرة ولا دخل لها في إحداث الوفاة.
ومن حيث إن المتهمين.... و.... مثلا بجلسة المحاكمة وأنكرا التهمة المسندة إليهما وحضر وكيل المدعي بالحقوق المدنية وشرح ظروف الدعوى وطلب القضاء على المتهمين بالعقوبة المقررة قانوناً وبالتعويض المدني المؤقت المطالب به، كما حضر محام مع المتهمين وشرح ظروف الدعوى وقرر أن هناك اختلافاً واضحاً في أقوال شاهدي الواقعة التي تناقض بدورها مع تحريات المباحث وأن التقرير الطبي لا يعد بذاته كافياً لإثبات التهمة وخلص إلى طلب الحكم ببراءة المتهمين من التهمة المسندة إليهما ورفض الدعوى المدنية.
ومن حيث إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهمين بجلسة المحاكمة بعد أن اطمأنت إلى أدلة الثبوت التي أوردتها كما تلتفت عما أثاره دفاع المتهمين من وجود تناقض في أقوال شاهدي الإثبات وبينها وبين ما ورد بتحريات المباحث ذلك أنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع، وأن تناقض الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه، وكانت هذه المحكمة قد استخلصت واقعة الدعوى والأدلة على مقارفة المتهمين للجريمة المسندة إليهما من أقوال شاهدي الإثبات معززة بتحريات الشرطة ومؤيدة بتقرير الصفة التشريحية بما له أصله ثابت بالأوراق وبما لا تناقض فيه، فإنه لا يكون ثمة محلاً لما يثيره دفاع المتهمين في هذا الشأن.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، فإنه يكون قد ثبت يقيناً لدى المحكمة أن المتهمين.... و.... في يوم.... بدائرة مركز....... محافظة كفر الشيخ: ضربا المجني عليه..... وأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، ولم يقصدا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته الأمر المعاقب عليه بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات وعملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إنه عن المصاريف الجنائية فتلزم المحكمة المتهمين بها عملاً بالمادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إنه عن الدعوى المدنية المقامة من والد المجني عليه قبل المتهمين - بطلب الحكم بإلزامهما بأداء تعويض مدني مؤقت قدره مائة وواحد جنيه. فإنه وإذ انتهت المحكمة إلى إدانة المتهمين بجريمة الضرب المفضي إلى الموت، فإنه يكون قد ثبت توافر ركن الخطأ في حق المتهمين الذي ترتب عليه ضرر للمدعي بالحقوق المدنية مع توافر علاقة السببية بين الخطأ والضرر، ومن ثم فإن تلك الدعوى تكون قد أقيمت على أساس صحيح من القانون الأمر الذي يتعين معه إجابة المدعي فيها بالتعويض المؤقت المطالب به، مع إلزام المتهمين بالمصاريف المدنية وأتعاب المحاماة عملاً بالمادتين 309، 320 من قانون الإجراءات الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما ضربا.... وأحدثا إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته. وأحالتهما إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبإلزامهما متضامنين بأن يؤديا للمدعي بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم.... لسنة.... القضائية). ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات كفر الشيخ لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة أخرى - قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات لما أسند إليهما وفي الدعوى المدنية بإلزامهما بأن يؤديا للمدعي بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض - للمرة الثانية - وقضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع.
وبجلسة اليوم أصدرت المحكمة حكمها المبين بالمنطوق.


المحكمة

من حيث إن واقعة الدعوى كما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من الأوراق وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أنه بتاريخ.... وأثناء تواجد المجني عليه.... برفقة والده بحقلهما لجمع ثمار الطماطم، قاما بغمر الطريق الملاصق للحقل بالمياه لإعاقة مرور الجرارات المحملة بالأتربة بالطريق لتلافي تطاير الغبار المتصاعد منها وإلحاق الضرر بالمزروعات، وعلى إثر ذلك حضر المتهمان.... و.... ودارت مشادة كلامية بينهما وبين المجني عليه ووالده ما لبثت أن انتهت بقيام المتهمين بالاعتداء على المجني عليه ضرباً وركلاً في بطنه ومواضع أخرى من جسمه مما ألحق به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
ومن حيث إن الواقعة على النحو السالف بيانه قد قام الدليل على صحتها وثبوتها في حق المتهمين من شهادة كل من.... والد المجني عليه و.... - قائد جرار المتهم الثاني - والنقيب.... وما أوراه تقرير الصفة التشريحية فقد شهد.... بالتحقيقات وبجلسة المحاكمة أمام محكمة الإعادة أنه حال تواجده وابنه المجني عليه بحقلهما - يوم الحادث - لجمع ثمار الطماطم، وأنه لتصاعد الغبار من الجرارات المحملة بالأتربة والمارة بالطريق الملاصق للحقل مما يلحق الضرر بالزراعة - فقد قام وابنه المجني عليه.... برش الطريق بالمياه، وأنه وعلى إثر ذلك حضر المتهمان وقاما بطرح المجني عليه أرضاً والاعتداء عليه وركله في بطنه بالأقدام إلى أن فقد وعيه متأثراً بإصاباته، ثم قام بنقله إلى المستشفى حيث فاضت روحه إلى بارئها.
كما شهد.... بأن المتهم.... كان يوجه ضرباته إلى المجني عليه.... في حين أن المتهم.... كان يوجه ضرباته إلى والده.
كما شهد النقيب.... بأن التحريات السرية التي أجراها عن الحادث قد أسفرت عن قيام المجني عليه.... ووالده بغمر الطريق الملاصق لحقلهما بالمياه لمنع الجرارات المحملة بالأتربة من المرور لكي لا يلحق الغبار المتصاعد منها ضرراً بالمزروعات، وأثر ذلك قام المتهمان.... و.... بالاعتداء على المجني عليه ضرباً بالأيدي وركلاً بالأقدام مما أدى إلى وقوع إصاباته التي أودت بحياته.
كما أورى تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليه رضية حيوية حديثة حدثت من المصادمات بأجسام صلبة راضة ويجوز حدوثها بمثل التعدي بالضرب والركل وفق ما جاء بمذكرة النيابة. والوفاة تعزي للإصابات الراضة بالبطن وبالجانب الأيسر والتي أحدثت تهتكاً بالطحال والمساريقا وأنزفة غزيرة بالتجويف البطني وباقي الإصابات سطحية غير مؤثرة ولا دخل لها في إحداث الوفاة.
ومن حيث إن المتهمين.... و.... مثلا بجلسة المحاكمة وأنكرا التهمة المسندة إليهما وحضر وكيل المدعي بالحقوق المدنية وشرح ظروف الدعوى وطلب القضاء على المتهمين بالعقوبة المقررة قانوناً وبالتعويض المدني المؤقت المطالب به، كما حضر محام مع المتهمين وشرح ظروف الدعوى وقرر أن هناك اختلافاً واضحاً في أقوال شاهدي الواقعة التي تتناقض بدورها مع تحريات المباحث وأن التقرير الطبي لا يعد بذاته كافياً لإثبات التهمة وخلص إلى طلب الحكم ببراءة المتهمين من التهمة المسندة إليهما ورفض الدعوى المدنية.
ومن حيث إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهمين بجلسة المحاكمة بعد أن اطمأنت إلى أدلة الثبوت التي أوردتها، كما تلتفت عما أثاره دفاع المتهمين من وجود تناقض في أقوال شاهدي الإثبات وبينهما وبين ما ورد بتحريات المباحث، ذلك أنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع، وأن تناقض الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه، وكانت هذه المحكمة قد استخلصت واقعة الدعوى والأدلة على مقارفة المتهمين للجريمة المسندة إليهما من أقوال شاهدي الإثبات معززة بتحريات الشرطة ومؤيدة بتقرير الصفة التشريحية بما له أصل ثابت بالأوراق وبما لا تناقض فيه، فإنه لا يكون ثمة محلاً لما يثيره دفاع المتهمين في هذا الشأن.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم، فإنه يكون قد ثبت يقيناً لدى المحكمة أن المتهمين.... و.... في يوم 12 من سبتمبر سنة 1986 بدائرة مركز.... محافظة كفر الشيخ. ضربا المجني عليه.... وأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، ولم يقصدا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته الأمر المعاقب عليه بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات وعملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إنه عن المصاريف الجنائية فتلزم المحكمة المتهمين بها عملاً بالمادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إنه عن الدعوى المدنية المقامة من والد المجني عليه قبل المتهمين - بطلب الحكم بإلزامهما بأداء تعويض مدني مؤقت قدره مائة وواحد جنيه، فإنه وإذ انتهت المحكمة إلى إدانة المتهمين بجريمة الضرب المفضي إلى الموت، فإنه يكون قد ثبت توافر ركن الخطأ في حق المتهمين الذي ترتب عليه ضرر للمدعي بالحقوق المدنية مع توافر علاقة السببية بين الخطأ والضرر، ومن ثم فإن تلك الدعوى تكون قد أقيمت على أساس صحيح من القانون الأمر الذي يتعين معه إجابة المدعي فيها بالتعويض المؤقت المطالب به، مع إلزام المتهمين بالمصاريف المدنية وأتعاب المحاماة عملاً بالمادتين 309، 320 من قانون الإجراءات الجنائية.

الطعن 6636 لسنة 63 ق جلسة 16 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ق 108 ص 733

جلسة 16 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميرة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد ومصطفى الشناوي وفرغلي زناتي نواب رئيس المحكمة وعاصم عبد الجبار.

-----------------

(108)
الطعن رقم 6636 لسنة 63 القضائية

(1) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره" "بياناته". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
عدم إيراد سن الطاعنة أو صناعتها أو محل إقامتها تحديداً أو بيان سوابقها. لا يقدح في جدية التحريات. طالما أنها الشخص المقصود بالإذن.
(2) دفوع "الدفع بحصول الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بحصول الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن رداً عليه.
(3) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي لزوماً لإجرائه.
(4) إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي تقدم إليها. استفادة الرد ضمناً من القضاء بالإدانة.
(5) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
عدم التزام محكمة الموضوع بسرد روايات كل الشهود. إن تعددت. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
(6) دفوع "الدفع بشيوع التهمة".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. استفادة الرد عليه ضمناً من القضاء بالإدانة.
(7) مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر أو حيازته. توافره: بقيام العلم لدى الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه مخدراً. استظهار ذلك من ظروف الدعوى وملابساتها. موضوعي.
(8) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(9) مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "بيانات حكم الإدانة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حيازة المخدر بقصد الاتجار. واقعة مادية. الفصل فيها. موضوعي.
بيان حكم الإدانة نسبة المخدر في مادة الهيروين. غير لازم. علة ذلك؟
(10) مواد مخدرة. إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بانقطاع الصلة بين المخدر المضبوط وما جرى عليه التحليل لاختلاف الوزن بين ما رصدته النيابة عن التحريز وما ثبت من تقرير التحليل. جدل موضوعي في تقدير الدليل. الرد عليه صراحة. غير لازم. استفادة الرد ضمناً من القضاء بالإدانة.

------------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وكان عدم إيراد سن الطاعنة أو صناعتها أو محل إقامتها تحديداً أو بيان سوابقها في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات طالما أنها الشخص المقصود بالإذن.
2 - من المقرر أن الدفع بحصول الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن، أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها.
3 - لما كانت الطاعنة - أو المدافع عنها - لم تطلب من المحكمة إجراء تحقيق بشأن ظروف ضبطها وساعة حدوثه، ولم تر هي لزوم إجرائه، فيكون ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن في غير محله.
4 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي تقدم لها ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردتها.
5 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم.
6 - من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي يستفاد الرد عليها ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي يوردها الحكم.
7 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر أو حيازته يتوافر متى قام الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه من الجواهر المخدرة، ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه ما دام أنه يتضح من مدونات الحكم توافره توافراً فعلياً.
8 - من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر. وإذ كانت قد اطمأنت إلى أدلة الدعوى وأخذت بها بالنسبة للطاعنة ولم تأخذ بها بالنسبة لآخر قضت ببراءته، وكان ما تثيره الطاعنة لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
9 - من المقرر أن حيازة المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته أن التحريات دلت على اتجار الطاعنة في المواد المخدرة، وأنه قد تم ضبطها بناء على إذن النيابة حائزة لكمية كبيرة من الهيروين موزعة على خمسة أكياس وأقرت بذلك في محضر الاستدلالات، كما ضبط مبلغ من النقود في حوزتها، فإنه إذ استدل على ثبوت قصد الاتجار لدى الطاعنة من تلك الظروف، يكون محمولاً وكافياً في استخلاص هذا القصد في حق الطاعنة. لما كان ذلك، وكانت مادة الهيروين تعتبر من الجواهر المخدرة بغض النظر عن نسبة المخدر فيها ومن ثم فإن القول بضرورة أن يبين الحكم بالإدانة نسبة المخدر في تلك المادة لا سند له من القانون.
10 - لما كان ما تثيره الطاعنة من انقطاع الصلة بين المخدر المضبوط وما جرى عليه التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من وزن لها عند التحريز وما ثبت في تقرير التحليل من وزن إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شهود الواقعة ومن عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في تقدير الدليل وهو من إطلاقاتها، ولا يستوجب في الأصل رداً صريحاً منها ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها حازت بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتها إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 سنة 1960 المعدل والبند 103 من الجدول الأول الملحق وقرار الصحة رقم 295 سنة 1976 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمها عشرة آلاف جنيه ومصادرة المخدر والنقود المضبوطة.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة حيازة جوهر الهيروين المخدر بقصد الاتجار قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه البطلان والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المدافع عنها دفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات التي بني عليها ورد الحكم على ذلك بما لا يسوغ، كما رد بما لا يصلح رداً على الدفع ببطلان إجراءات الضبط والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة بذلك، ولم تجر المحكمة تحقيقاً في هذا الشأن وأطرح الحكم دفاعها بأنها ضبطت في غير المكان الذي يزعم شاهدا الإثبات ضبطها فيه والتفت عن شهادة الضابط الثاني - الذي لم يشترك في التحريات - إلى ما شهد به الأول، ولم يرد الحكم على ما دفعت به من شيوع التهمة لعدم سيطرتها على مكان ضبط المخدر، ولا على الدفع بعدم علمها بكنه المادة المضبوطة. وعول الحكم في إدانتها على التحريات التي أجراها الشاهد الأول حين أن الحكم القاضي ببراءة المتهم الآخر أطرح هذه التحريات، كما عول وهو بصدد التدليل على توافر قصد الاتجار لديها على كمية المادة المضبوطة مما لا يصلح دليلاً على توافره سيما وقد خلا تقرير التحليل من بيان نسبة المخدر في تلك المادة، هذا إلى أن الحكم عول في إسناد الاتهام إليها على نتيجة تقرير المعمل الجنائي رغم ما هو ثابت من اختلاف وزن الكمية المرسلة إلى المعمل عن تلك التي أجرى عليها التحليل، الأمر الذي يشكك في سلامة إسناد ما تم تحليله إلى الطاعنة، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة جوهر مخدر، أورد على ثبوتها في حق الطاعنة أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها - تنحصر في شهادة الضابطين وفي تقرير التحليل - عرض للدفع ببطلان إذن النيابة العامة المؤسس على عدم جدية التحريات، وأطرحه على نحو يتفق وصحيح القانون، ذلك أنه من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وكان عدم إيراد سن الطاعنة أو صناعتها أو محل إقامتها تحديداً أو بيان سوابقها في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات طالما أنها الشخص المقصود بالإذن، فإن ما تنعاه في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بحصول الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن، أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها، فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة - أو المدافع عنها - لم تطلب من المحكمة إجراء تحقيق بشأن ظروف ضبطها وساعة حدوثه، ولم تر هي لزوم إجرائه، فيكون ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكانت المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي تقدم لها ما دام الرد عليها مستفاداً ضمناً من الحكم بالإدانة اعتماداً على أدلة الثبوت التي أوردتها ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة من التفات المحكمة عما شهد به شاهداها يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم، وإذ كانت الطاعنة لا تجادل في أن ما نقله الحكم من أقوال الضابطين له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج عن الحكم مدلول شهادتهما، فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهد الأول، ولا يؤثر فيه أن يكون الشاهد الثاني لم يشترك في إجراء التحريات التي أجراها الشاهد الأول، إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقواله إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول فيما اتفقا فيه، مما ينحسر عن الحكم دعوى القصور في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الدفع بشيوع التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي يستفاد الرد عليها ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي يوردها الحكم، فإن ما تنعاه الطاعنة من ذلك يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر أو حيازته يتوافر متى قام الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه أو يحوزه من الجواهر المخدرة، ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه ما دام أنه يتضح من مدونات الحكم توافره توافراً فعلياً، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وملابساتها وبرر به اقتناعه بعلم الطاعنة بوجود المخدر في الكيس الذي كانت تجلس عليه على مقعد السيارة التي كانت تقلها، كافياً في الدلالة على توافر هذا العلم وسائغاً في العقل والمنطق، فإن ما تثيره الطاعنة في شأن عدم علمها بمحتويات الكيس من المخدر ونعيها على الحكم بالفساد في الاستدلال أو القصور في التسبيب يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر. وإذ كانت قد اطمأنت إلى أدلة الدعوى وأخذت بها بالنسبة للطاعنة ولم تأخذ بها بالنسبة لآخر قضت ببراءته، وكان ما تثيره الطاعنة لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض، فإن منعى الطاعنة في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن حيازة المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته أن التحريات دلت على اتجار الطاعنة في المواد المخدرة، وأنه قد تم ضبطها بناء على إذن النيابة حائزة لكمية كبيرة من الهيروين موزعة على خمسة أكياس وأقرت بذلك في محضر الاستدلالات، كما ضبط مبلغ من النقود في حوزتها، فإنه إذ استدل على ثبوت قصد الاتجار لدى الطاعنة من تلك الظروف، يكون محمولاً وكافياً في استخلاص هذا القصد في حق الطاعنة. لما كان ذلك، وكانت مادة الهيروين تعتبر من الجواهر المخدرة بغض النظر عن نسبة المخدر فيها ومن ثم فإن القول بضرورة أن يبين الحكم بالإدانة نسبة المخدر في تلك المادة لا سند له من القانون. لما كان ذلك، وكان ما تثيره الطاعنة من انقطاع الصلة بين المخدر المضبوط وما جرى عليه التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من وزن لها عند التحريز وما ثبت في تقرير التحليل من وزن إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شهود الواقعة ومن عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها في تقدير الدليل وهو من إطلاقاتها، ولا يستوجب في الأصل رداً صريحاً منها ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي قضت في الدعوى بناء على ما اطمأنت إليه دون نظر في الخلاف في الوزن المقول به. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 6624 لسنة 63 ق جلسة 16 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ق 107 ص 730

جلسة 16 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميرة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد ومصطفى الشناوي وأنس عمارة نواب رئيس المحكمة وعاصم عبد الجبار.

----------------

(107)
الطعن رقم 6624 لسنة 63 القضائية

إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجوب بناء الأحكام الجنائية على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة في الجلسة وتستمع فيه للشهود ما دام سماعهم ممكناً. عدم جواز الافتئات على ذلك إلا بتنازل الخصوم صراحة أو ضمناً. علة ذلك؟
وجود الشاهد بالسجن لا يجعل سؤاله غير ممكن. علة ذلك؟
عدم استجابة المحكمة لطلب الطاعن بسماع شاهد النفي الذي أعلنه. يعيب الحكم. ما دام تمسك بسماعه في ختام مرافعته ولم يثبت أنه امتنع عليها سماعه.

-----------------
من المقرر أن الأصل في الأحكام الجنائية أنها تبنى على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة في الجلسة وتستمع فيه للشهود ما دام سماعهم ممكناً، ولا يجوز الافتئات على هذا الأصل الذي افترضه الشارع في قواعد المحاكمة لأية علة مهما كانت إلا بتنازل الخصوم صراحة أو ضمناً ولما تقتضيه العدالة الجناية من تخويل الخصوم جميعاً حقوقاً متساوية من حيث تقديم الأدلة ومواجهتها، مما غدا معه أحد الأسس الجوهرية للمحاكمة الجنائية حق الطاعن في مواجهة الأدلة التي تقدمها النيابة العامة إثباتاً للجريمة والحق في دحضها بأدلة النفي التي يقدمها كما أن وجود الشاهد في السجن لا يجعل سؤاله غير ممكن، إذ كان لزاماً على المحكمة أن تنتظر إحضاره منه وتسمعه في جلسة أخرى، وكان بوسعها أن تتخذ من جانبها كافة الوسائل الممكنة لإحضاره منه وسماع شهادته، ما دام لم يثبت تعذر الاهتداء إليه واستحالة سؤاله، أما وأنها لم تستجب لطلب الطاعن سماع شاهده الذي صرحت له بإعلانه فأعلنه واستمسك بسماعه في ختام مرافعته ولم يثبت أنه امتنع عليها سماعه، فإن حكمها يكون معيباً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 سنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 سنة 1989 والبند 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بالقانون الأخير مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه مائة ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وعابه فساد في الاستدلال، ذلك أن الدفاع عنه تمسك بجلسة المحاكمة بسماع شاهد نفي سبق أن أعلنه بناء على تصريح من المحكمة، إلا أنها لم تجبه لطلبه وأطرحته بما لا يسوغه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة أصدرت قرارها بالتصريح للطاعن بإعلان شاهد نفي بسجنه وأجلت الدعوى لجلسة.... وفي هذه الجلسة قال الدفاع عن الطاعن أنه أعلن الشاهد ولم يحضر وقدم إعلانه والتمس إحضاره من سجنه واختتم مرافعته مصراً على ضرورة سماعه بيد أن المحكمة فصلت في الدعوى في الجلسة ذاتها دون سماعه، وقالت في حكمها أنها تلتفت عما تمسك به الدفاع عن سماع شاهده، خاصة أنه لم يرشد في الإعلان عن بيانات المسجون داخل السجن. وهذا الذي ذهب إليه الحكم فوق أنه ينطوي على الإخلال بحق الدفاع يشوبه بالفساد في الاستدلال، ذلك أن الأصل في الأحكام الجنائية أنها تبنى على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة في الجلسة وتستمع فيه للشهود ما دام سماعهم ممكناً، ولا يجوز الافتئات على هذا الأصل الذي افترضه الشارع في قواعد المحاكمة لأية علة مهما كانت إلا بتنازل الخصوم صراحة أو ضمناً ولما تقتضيه العدالة الجناية من تخويل الخصوم جميعاً حقوقاً متساوية من حيث تقديم الأدلة ومواجهتها، مما غدا معه أحد الأسس الجوهرية للمحاكمة الجنائية حق الطاعن في مواجهة الأدلة التي تقدمها النيابة العامة إثباتاً للجريمة والحق في دحضها بأدلة النفي التي يقدمها كما أن وجود الشاهد في السجن لا يجعل سؤاله غير ممكن، إذ كان لزاماً على المحكمة أن تنتظر إحضاره منه وتسمعه في جلسة أخرى، وكان بوسعها أن تتخذ من جانبها كافة الوسائل الممكنة لإحضاره منه وسماع شهادته، ما دام لم يثبت تعذر الاهتداء إليه واستحالة سؤاله، أما وأنها لم تستجب لطلب الطاعن سماع شاهده الذي صرحت له بإعلانه فأعلنه واستمسك بسماعه في ختام مرافعته ولم يثبت أنه امتنع عليها سماعه، فإن حكمها يكون معيباً بما يوجب نقضه والإحالة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 22191 لسنة 59 ق جلسة 16 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ق 106 ص 727

جلسة 16 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ حسن عميرة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى الشناوي وعادل الشوربجي وفرغلي زناتي نواب رئيس المحكمة وعاصم عبد الجبار.

-------------------

(106)
الطعن رقم 22191 لسنة 59 القضائية

إشكال في التنفيذ "أسبابه" "نظره والحكم فيه". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حق المستشكل إذا لم يكن طرفاً في الحكم المستشكل فيه أن يبني إشكاله على أسباب سابقة على صدور الحكم. علة ذلك؟
القضاء بعدم قبول الإشكال لكون أسبابه ليست لاحقة على صدور الحكم. رغم أن المستشكل ليس هو المحكوم عليه. تقرير قانوني خاطئ وقصور.

-------------------
من المقرر أن للمستشكل إذا لم يكن طرفاً في الحكم المستشكل فيه أن يبني إشكاله على أسباب سابقة على صدور الحكم وليس في ذلك مساس بحجية الأحكام لقصور أثرها على أطرافها، ولما هو مقرر من عدم جواز طعنه فيها بأي طريقة من طرق الطعن التي رسمها القانون وكان الثابت من الأوراق أن المستشكل ليس هو المحكوم عليه، فإن الحكم المطعون فيه - حينما استند في قضائه بعدم قبول الإشكال المرفوع منه على أنه بني على أسباب ليست لاحقة على صدور الحكم - قد انطوى على تقرير قانوني خاطئ أدى به إلى قصور في أسبابه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1).... (2).... بأنهما حازا واستعملا ميزاناً غير مدموغ من الجهة المختصة. وطلبت عقابهما بالمواد 1، 2، 19 من القانون رقم 69 لسنة 1976. ومحكمة جنح الشرق قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم كل متهم عشرين جنيهاً والمصادرة. استأنفا ومحكمة بور سعيد الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. استشكلت شركة.... في هذا الحكم بالنسبة لما قضى به من عقوبة المصادرة وذلك باعتبارها مالكة الميزان المقضي بمصادرته. والمحكمة المذكورة قضت بعدم قبول الإشكال.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن رئيس مجلس إدارة الشركة بصفته في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بعدم قبول إشكاله في التنفيذ قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب ذلك بأنه أسس قضاءه على أن أسباب الإشكال سابقة على الحكم المستشكل في تنفيذه وليست لاحقة عليه في حين أن هذه القاعدة لا تصدق في حقه لأنه لم يكن طرفاً في الحكم المستشكل في تنفيذه وبوصف أنه من الغير فإنه يجوز له أن يبني إشكاله على أسباب سابقة على صدور الحكم وليس في ذلك مساس بحجية الأحكام لعدم امتداد أثره إليه وأنه لم يكن في استطاعته الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه بنى قضاءه بعدم قبول الإشكال على قوله "وحيث إن الإشكال تطبيقاً للمادة 524 أ ج لا يعتبر نعياً على التنفيذ ذاته بمعنى أنه تظلم من إجراء تنفيذ ومبناه وقائع لاحقة على صدور الحكم تتصل بإجراء تنفيذه ومن ثم فإن سبب الإشكال يجب أن يكون حاصلاً بعد صدور الحكم المستشكل في تنفيذه لما ينطوي على مساس بالموضوع. ولما كان ما تقدم وبالاطلاع على أسباب الطعن بالنقض يبين أنها تنعى على الحكم في شقه.... القانون وليس على التنفيذ ذاته فضلاً على أسباب ووقائع لم تكن لاحقة على صدور الحكم بما يتعين معه والحال كذلك القضاء بعدم قبول الإشكال...." لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمستشكل إذا لم يكن طرفاً في الحكم المستشكل فيه أن يبني إشكاله على أسباب سابقة على صدور الحكم وليس في ذلك مساس بحجية الأحكام لقصور أثرها على أطرافها، ولما هو مقرر من عدم جواز طعنه فيها بأي طريقة من طرق الطعن التي رسمها القانون وكان الثابت من الأوراق أن المستشكل ليس هو المحكوم عليه، فإن الحكم المطعون فيه - حينما استند في قضائه بعدم قبول الإشكال المرفوع منه على أنه بني على أسباب ليست لاحقة على صدور الحكم - قد انطوى على تقرير قانوني خاطئ أدى به إلى قصور في أسبابه إذ لم يقل كلمته فيما أبداه الطاعن من دفاع وحجب نفسه عن تناول موضوع الإشكال مما يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الواقعة - كما صار إثباتها في الحكم المطعون فيه مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإحالة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 6951 لسنة 63 ق جلسة 12 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ق 105 ص 719

جلسة 12 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل وأحمد جمال الدين عبد اللطيف ومحمد إسماعيل موسى نواب رئيس المحكمة ويحيى محمود خليفة.

------------------

(105)
الطعن رقم 6951 لسنة 63 القضائية

(1) قصد جنائي. إكراه. جريمة "أركانها". سرقة "سرقة بإكراه". شروع. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
القصد الجنائي في جريمة السرقة. ماهيته؟
تحدث الحكم عن نية السرقة استقلالاً. غير لازم. حد ذلك؟
استخلاص نية السرقة وإثبات الارتباط بينها وبين الإكراه. موضوعي. ما دام سائغاً.
(2) دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم قصوره في الرد على الدفع ببطلان الاعتراف. غير مجد. ما دام لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد منه.
(3) نقض "أسباب الطعن. تحديدها. ما لا يقبل منها".
وجوب أن يكون وجه الطعن واضحاً محدداً.
(4) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
(5) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن".
عدم جدوى النعي على الحكم بالقصور في الرد على دفاعه بانتفاء صلته بالأحراز المضبوطة. ما دام لم يتساند في الإدانة إلى دليل مستمد منها.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(7) سرقة "سرقة بإكراه". إكراه. شروع. عقوبة "تقديرها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". نظر الطعن والحكم فيه". محكمة النقض "سلطتها".
إدانة المحكمة للطاعن بجريمة الشروع في سرقة بإكراه وإعمالها في حقه المادة 17 عقوبات وتوقيعها عليه عقوبة السجن. إحدى العقوبتين التخييريتين للجريمة دون معاملته بالرأفة. خطأ في تطبيق القانون.
لمحكمة النقض نقض الحكم وتصحيحه لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها. متى بني على مخالفة القانون. أساس ذلك؟

------------------
1 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكابه الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه، ولما كان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لديه وكان التحدث عن نية السرقة استقلالاً في الحكم أمراً غير لازم ما دامت الواقعة الجنائية كما أثبتها تفيد بذاتها أن المتهم إنما قصد من فعلته إضافة ما اختلسه إلى ملكه. وكان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية الشروع في السرقة بإكراه بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون، وكان استخلاص نية السرقة من الأفعال التي قارفها الطاعن، وكذا إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد استخلصها مما ينتجها حسبما تقدم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
2 - لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور لعدم الرد على الدفع ببطلان الاعتراف ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعى ببطلانه.
3 - من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً.
4 - من المقرر أن تناقض الشهود في أقوالهم أو اختلاف رواياتهم في بعض تفاصيلها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه - فيما أورده من بيان للواقعة - لم يشر إلى إحراز المضبوطات وأورد الدليل على ثبوت الجريمة التي دان الطاعن بها محصلاً في أقوال شهود الإثبات وتحريات الشرطة، فيكون من غير المجدي النعي على الحكم بعدم الرد عما أثاره بشأن تلك الأحراز التي لم يستمد الحكم منها دليلاً قبل الطاعن.
6 - لما كان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بتلفيق التهمة وبعدم ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها هو شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
7 - لما كانت عقوبة السجن من بين العقوبات المقررة لجريمة الشروع في السرقة بإكراه طبقاً لما نصت عليه المادة 46 من قانون العقوبات، وكانت المادة 17 من ذلك القانون التي أعملها الحكم في حق الطاعن تبيح النزول بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس التي لا يجوز أن تنقص عن ثلاثة شهور، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أباح النزول إليها جوازياً، إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 المذكورة ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة الشروع في سرقة بإكراه وذكرت في حكمها أنها رأت معاملته بالرأفة طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات ومع ذلك أوقعت عليه عقوبة السجن وهي إحدى العقوبات التخييرية المقررة لهذه الجريمة طبقاً للمادتين 46، 315 من قانون العقوبات، فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون إذ كان عليها أن تنزل بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس، مما يؤذن لهذه المحكمة - لمصلحة الطاعن وإعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - أن تتدخل لتصلح ما وقعت فيه محكمة الموضوع من مخالفة للقانون ولو لم يرد ذلك في أسباب الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً: شرع في سرقة حافظة النقود المبينة وصفاً بالتحقيقات وما حوته من مبالغ نقدية المملوكة لـ.... وكان ذلك في إحدى وسائل النقل البرية بطريق الإكراه الواقع عليه بأن غافله وسلب حافظة نقوده ولما حاول الأخير مقاومته أشهر في وجهه سلاحاً "خنجر" مهدداً إياه به بقصد الفرار والإفلات بالمسروقات وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه والجريمة متلبس بها. ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "خنجر" وكان ذلك بإحدى وسائل النقل العام البرية. وأحالته إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46/ 3، 315/ 3 من قانون العقوبات، 1/ 1، 25 مكرراً، 30/ 1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 3 من الجدول رقم (1) الملحق مع إعمال المادتين 32، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات لما نسب إليه ومصادرة السلاح المضبوط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي الشروع في سرقة بإكراه وإحراز سلاح أبيض قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يدلل على توافر أركان الجريمة التي دانه بها ولم يستظهر القصد الجنائي في حقه وعول على أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها، وأغفل دفعه ببطلان الاعتراف المعزو إليه بمحضر الاستدلالات لكونه وليد إكراه، ودفاعه بانتفاء صلته بالأحراز المقدمة للنيابة العامة لاختلاف بصمة الخاتم المثبتة بمحضر الاستدلالات عنها بالتحقيقات بما يدل على أن الاتهام قد لفق له، وأنه لم يرتكب الجريمة وأن مرتكبها هو شخص آخر كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تحريات الشرطة وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكابه الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه، ولما كان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لديه وكان التحدث عن نية السرقة استقلالاً في الحكم أمراً غير لازم ما دامت الواقعة الجنائية كما أثبتها تفيد بذاتها أن المتهم إنما قصد من فعلته إضافة ما اختلسه إلى ملكه. وكان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية الشروع في السرقة بإكراه بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون، وكان استخلاص نية السرقة من الأفعال التي قارفها الطاعن، وكذا إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد استخلصها مما ينتجها حسبما تقدم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور لعدم الرد على الدفع ببطلان الاعتراف ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يضحى ولا محل له. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يبين في أسباب طعنه مواطن التناقض الذي ادعى أنه شاب أقوال شهود الإثبات، فإن نعيه بهذا الوجه لا يكون مقبولاً. هذا فضلا عما هو مقرر من أن تناقض الشهود في أقوالهم أو اختلاف رواياتهم في بعض تفاصيلها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - فيما أورده من بيان للواقعة - لم يشر إلى إحراز المضبوطات وأورد الدليل على ثبوت الجريمة التي دان الطاعن بها محصلاً في أقوال شهود الإثبات وتحريات الشرطة، فيكون من غير المجدي النعي على الحكم بعدم الرد عما أثاره بشأن تلك الأحراز التي لم يستمد الحكم منها دليلاً قبل الطاعن. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بتلفيق التهمة وبعدم ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها هو شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض لما كان ما تقدم. فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى إدانة الطاعن بجريمة الشروع في سرقة بإكراه طبقاً للمواد 45، 46/ 3، 315/ 3 من قانون العقوبات وأعمل في حقه المادة 17 من هذا القانون، ثم قضى بمعاقبته بالسجن ثلاث سنوات. لما كان ذلك، وكانت عقوبة السجن من بين العقوبات المقررة لجريمة الشروع في السرقة بإكراه طبقاً لما نصت عليه المادة 46 من قانون العقوبات، وكانت المادة 17 من ذلك القانون التي أعملها الحكم في حق الطاعن تبيح النزول بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس التي لا يجوز أن تنقص عن ثلاثة شهور، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أباح النزول إليها جوازياً، إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 المذكورة ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة الشروع في سرقة بإكراه وذكرت في حكمها أنها رأت معاملته بالرأفة طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات ومع ذلك أوقعت عليه عقوبة السجن وهي إحدى العقوبات التخييرية المقررة لهذه الجريمة طبقاً للمادتين 46، 315 من قانون العقوبات، فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون إذ كان عليها أن تنزل بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس، مما يؤذن لهذه المحكمة - لمصلحة الطاعن وإعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - أن تتدخل لتصلح ما وقعت فيه محكمة الموضوع من مخالفة للقانون ولو لم يرد ذلك في أسباب الطعن. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه باستبدال عقوبة الحبس مع الشغل لمدة ثلاثة سنوات بعقوبة السجن المقضى بها وذلك بالإضافة إلى عقوبة المصادرة المحكوم بها.

الطعن 6682 لسنة 63 ق جلسة 12 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ق 104 ص 708

جلسة 12 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ أحمد عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب ومجدي أبو العلا نواب رئيس المحكمة.

--------------------

(104)
الطعن رقم 6682 لسنة 63 القضائية

(1) دفوع "الدفع ببطلان القبض". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم تعويل الحكم على الدليل المستمد من القبض. ينحسر معه الالتزام بالرد على الدفع ببطلانه.
(2) استدلالات. مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم مراعاة أحكام المادة 24/ 2 إجراءات. لا بطلان.
مثال لرد سائغ في إطراح دفاع الطاعنة ببطلان محضر الضبط لخلوه من توقيع محرره.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش. موضوعي.
(4) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية أن يكون سلطان الجاني مبسوطاً على المادة المخدرة لاعتباره حائزاً لها. ولو لم تكن في حيازته المادية.
مثال لتسبيب سائغ في التدليل على نسبة حيازة المخدر للطاعنة.
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محاماة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ترافع محام عن الطاعنة غير مقبول أمام المحاكم الابتدائية. لا يبطل الحكم. ما دام قد انضم إلى زميليه اللذين أدليا بمرافعتهما على الوجه المقرر قانوناً.
(6) اعتراف. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مثال لتسبيب كاف لمؤدى اعتراف الطاعنة في جريمة إحراز مواد مخدرة بما ينحسر معه عن الحكم دعوى القصور.
(7) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
الخطأ في تحديد مصدر الدليل. لا يضيع أثره ما دام له أصل صحيح في الأوراق.
مثال.
(8) مواد مخدرة. إثبات "بوجه عام" "اعتراف" "قرائن". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
المحكمة غير مقيدة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره. لها أن تستنبط منه ومن العناصر الأخرى الحقيقة التي تصل إليها ما دامت متفقة مع العقل والمنطق.
مثال.
(9) مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقصي العلم بحقيقة الجواهر المخدرة. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع بانتفاء علم الطاعنة بأن ما تحمله مخدراً.

------------------
1 - لما كان ما تثيره الطاعنة من نعي على الحكم لعدم رده على دفعها ببطلان القبض عليها مردوداً بأن الحكم بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من هذا القبض، ومن ثم فإنه قد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفع الطاعنة ببطلان محضر الضبط لخلوه من توقيع محرره، بقوله: "ولا تساير المحكمة الدفاع فيما ذهب إليه من بطلان محضر الضبط لعدم التوقيع عليه من محرره إذ الثابت من مطالعته صدوره من محرره مبيناً به اسمه وعمله وساعة وتاريخ تحريره ومضمون ما أسفرت عنه واقعتي الضبط والتفتيش التي قام بها من ضبط كمية من مخدر الهيروين بحوزة المتهمة الثانية تقوم بتخزينها لحساب المتهمة الأولى التي تتجر فيها وتأشر عليه من السيد وكيل النيابة المحقق في تاريخه بما يفيد النظر والإرفاق وأن خلو المحضر من توقيع محرره لا يسلبه مقوماته أو ينفي صدوره منه لأن ذلك وإن جاء على سبيل السهو فلا ينال من حقيقة الواقع المثبت شيئاً". وكانت المادة 24/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية لم ترتب البطلان على عدم مراعاة أحكامها مما يجعل الأمر فيها راجعاً إلى تقدير محكمة الموضوع بسلامة الإجراءات التي اتخذها مأمور الضبطية القضائية.
3 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في ذلك - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
4 - لما كان لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً لها بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز لها شخصاً غيره، فإن النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي لا يقبل أمام محكمة النقض.
5 - لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أنه حضر موكلاً للدفاع عن المتهمة الأولى، الأساتذة المحامون.... و.... و....، وقد بوشرت الإجراءات في مواجهتهم، وتولى كل منهم الترافع الأول ثم الثاني وأعقبهما الثالث منضماً إلى زميليه وأدلوا فعلاً بأوجه الدفاع التي رأوا الإدلاء بها، فحتى لو كان هذا الوجه صحيحاً، عدم قبول المحامي الثالث للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية، لما ترتب عليه بطلان لأن الطاعنة استوفت دفاعها.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها وحصل أقوال شاهدي الإثبات بما يتلاءم وتصويرها، أردف ذلك بتحصيل اعتراف الطاعنة في قوله: "وبسؤال المتهمة الثانية بالتحقيقات أقرت بإحرازها الكيس المضبوط والذي يحوي مخدر الهيروين حيث سلمته لها عمتها المتهمة الأولى لتقوم بتخزينه بعض الوقت ولحين طلبه وأنكرت معرفة أنه يحوي مخدر الهيروين وأصرت على هذه الأقوال لدى مثولها بجلسة المحاكمة". فإن ما أورده الحكم فيما سلف بالنسبة لاعتراف الطاعنة يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة بما تنحسر عن الحكم المطعون فيه دعوى القصور.
7 - من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم أن يكون قد ذكر في معرض تحصيله للواقعة أن المتهمة الثانية أقرت للضابطين وفي تحقيق النيابة أنها تحوز الكمية المضبوطة وتخزنها لحساب المتهمة الأولى التي تتجر فيها، ما دامت الطاعنة لا تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد فيما حصله من إقرارها للضابطين بما تقدم، ولا تجادل في أنها أقرت في التحقيق باستلامها الكيس المضبوط لديها من المتهمة الأولى - كوديعة - ، دون أن تعلم كنه ما يحتويه، وهو ما رددته في محضر جلسة المحاكمة، وحصله الحكم في مجال بيانه مؤدى الأدلة التي تساند إليها، ذلك بأن الخطأ في تحديد مصدر الدليل لا يضيع أثره ما دام له أصل صحيح في الأوراق، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد يكون بغير ذي أثر.
8 - من المقرر أن محكمة الموضوع ليست مقيدة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تستنبط منه ومن غيره من العناصر الأخرى الحقيقة التي تصل إليها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق، وإذ كان ذلك وكانت المحكمة قد استظهرت إحراز الطاعنة للمخدر المضبوط من ظروف الدعوى وملابساتها وأقامت على توافره في حقها - توافراً فعلياً - أدلة سائغة اقتنع بها وجدانها فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.
9 - لما كان تقصي العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنة بانتفاء هذا العلم لديها ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عما دفع به الدفاع الحاضر مع المتهمة الثانية به عدم علمها بكنه المادة المضبوطة ونفي علمها بأنها لمخدر الهيروين فمردود عليه بما أقرت به المتهمة المذكورة للضابطين شاهدي الإثبات من إحرازها المخدر المضبوط لحساب عمتها المتهمة الأولى التي تتجر فيه وهو ما تطمئن إليه لصدقه سيما وأن التحريات السابقة على صدور الإذن قد أكدت ذلك فضلاً عما قررته المتهمة بتحقيقات النيابة العامة من أن عمتها المتهمة الأولى تتجر في المواد المخدرة وأنها - الكيس لديها لزيادة زوجها وولديها بالسجن - ولا ترتاح المحكمة إلى ما زعمته المتهمة من أن المتهمة الأولى أخبرتها بأنه كيس يحتوي على نقود ومصاغ إذ لو كان ذلك صحيحاً لأطلعتها على محتوياته بعد النقود وبيان المصوغات ضماناً لاستلامها منها غير منقوصة حين طلبها من ناحية وطمأنتها بأنه لا يحتوي مخدراً مما تتجر فيه من ناحية أخرى، بالإضافة إلى أنها سلمتها الكيس - وحسب إقرارها - وهو كيس من النايلون الشفاف إن لم يكن يكشف عن حقيقة ما يحويه من مخدر فإن له من ملمسه وتحسسه لدى الإمساك به أو القبض عليه بيدها لدى استلامها له من أنه لغير المصوغات والنقود المزعومة فضلاً عن أن تلكئها وعدم فتحها الباب لدى طرقه بمعرفة شاهدي الإثبات وسماعهما أصوات حركة بداخل مسكنها مما دعاهما إلى فتح الباب عنوة ثم مشاهدتها ممسكة به ومتوجهة إلى الحمام للتخلص منه لأقوى دليل على علمها بكنه ما يحويه ذلك الكيس وأنه لمخدر الهيروين المضبوط". وإذ كان هذا الذي ساقته محكمة الموضوع من ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعنة بحقيقة الجوهر المضبوط كافياً في الرد على دفاعها في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقها توافراً فعلياً، فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنتين بأنهما: (1) المتهمة الأولى: حازت بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (هيروين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، (2) المتهمة الثانية: أحرزت بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهراً مخدراً (هيروين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ 1 - أ - 2 - 6، 36، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأخير مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات - أولاً: بمعاقبة المتهمة الأولى بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمها خمسمائة ألف جنيه، ثانياً: بمعاقبة المتهمة الثانية بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبتغريمها مائة ألف جنيه - ثالثاً: بمصادرة المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

أولاً: طعن المحكوم عليها الأولى"....":
من حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة حيازة جوهر مخدر - هيروين - بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وبطلان في الإجراءات، ذلك أن الحكم أغفل دفع الطاعنة ببطلان القبض عليها فلم يورده أو يرد عليه، وأطرح دفوع الطاعنة ببطلان محضر الضبط لخلوه من توقيع محرره، وبطلان إذن النيابة لابتنائه على تحريات غير جدية، ونفى صلة الطاعنة بالمخدر المضبوط، بما لا يسوغ إطراحها، يضاف إلى ذلك أن المحامي....، الذي حضر مع الطاعنة أمام محكمة الجنايات، وتولى أمر آخرين الدفاع عنها، لم يكن وقتئذ مقبولاً للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة مستمدة من أقوال ضابطي الواقعة واعتراف المحكوم عليها الأخرى ومما أوراه تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان ما تثيره الطاعنة من نعي على الحكم لعدم رده على دفعها ببطلان القبض عليها مردوداً بأن الحكم بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من هذا القبض، ومن ثم فإنه قد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفع الطاعنة ببطلان محضر الضبط لخلوه من توقيع محرره، بقوله: "ولا تساير المحكمة الدفاع فيما ذهب إليه من بطلان محضر الضبط لعدم التوقيع عليه من محرره إذ الثابت من مطالعته صدوره من محرره مبيناً والتفتيش التي قام بها من ضبط كمية من مخدر الهيروين بحوزة المتهمة الثانية تقوم بتخزينها لحساب المتهمة الأولى التي تتجر فيها وتأشر عليه من السيد وكيل النيابة المحقق في تاريخ بما يفيد النظر والإرفاق وأن خلو المحضر من توقيع محرره لا يسلبه مقوماته أو ينفي صدوره منه لأن ذلك وإن جاء على سبيل السهو فلا ينال من حقيقة الواقع المثبت شيئاً". وكانت المادة 24/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية لم ترتب البطلان على عدم مراعاة أحكامها مما يجعل الأمر فيها راجعاً إلى تقدير محكمة الموضوع بسلامة الإجراءات التي اتخذها مأمور الضبطية القضائية، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الوجه يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها ورد عليه في قوله "وحيث إنه عن الدفع المبدى بعدم جدية التحريات فمردود بما هو ثابت من أن المتحري عنهما كانتا هما المعنيتان بهذا الإجراء ولم تلتبسا مع غيرهما وصدر الإذن صحيحاً مستنداً إليها تقره المحكمة لصحته وكفاية وجدية التحريات المؤسس عليها - ويكون النعي بعدم الجدية وعدم الصحة تبعاً لذلك في غير محله جديراً بالرفض". وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في ذلك - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفع الطاعنة بنفي صلتها بالمخدر المضبوط في قوله: "ولا يفوت المحكمة أن تشير إلى أن الحيازة للمخدر لا تقتصر على الحيازة المادية فحسب بل تتسع لتشمل كل اتصال مباشر للجاني أو بالواسطة بالمخدر وبسط سلطانه عليه عن علم وإرادة ولو لم تتحقق الحيازة المادية، فإذا ما تم ضبط المخدر مع المتهمة الثانية التي تقوم بتخزينه لحساب المتهمة الأولى فذلك لا ينفي حيازة هذه المتهمة للمخدر لكونه مملوك لها ومبسوط سلطانها عليه على سبيل الاستئثار ولو كان في غير حيازتها المادية". ولما كان لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً لها بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز لها شخصاً غيره، فإن النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي لا يقبل أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أنه حضر موكلاً للدفاع عن المتهمة الأولى، الأساتذة المحامون .... و.... و....، وقد بوشرت الإجراءات في مواجهتهم، وتولى كل منهم الترافع الأول ثم الثاني وأعقبهما المتهم الثالث منضماً إلى زميليه وأدلوا فعلاً بأوجه الدفاع التي رأوا الإدلاء بها، فحتى لو كان هذا الوجه صحيحاً، عدم قبول المحامي الثالث للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية، لما ترتب عليه بطلان لأن الطاعنة استوفت دفاعها. وحيث إنه لما تقدم، يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


ثانياً: طعن المحكوم عليها الثانية"....":
من حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة إحراز جوهر مخدر - هيروين - بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال، ذلك أن الحكم عول على اعتراف الطاعنة دون أن يورد مؤداه، وأسند إليها اعترافها بحيازة الكمية المضبوطة وتخزينها لحساب المحكوم عليها الأولى التي تتجر فيها، حال أن الثابت في التحقيق هو مجرد إقرارها باستلام الكيس المضبوط لديها من المتهمة الأولى كوديعة دون أن تعلم كنه ما يحتوي عليه، وهو ما لا يعد اعترافاً منها بالجريمة إذ لم يكن نصاً في اقترافها، يضاف إلى ذلك أن الحكم رد على دفعي الطاعنة بعدم علمها بأن ما ضبط في حوزتها مخدراً، وبطلان محضر الضبط لخلوه من توقيع محرره، بما لا يصلح رداً، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها وحصل أقوال شاهدي الإثبات بما يتلاءم وتصويرها، أردف ذلك بتحصيل اعتراف الطاعنة في قوله: "وبسؤال المتهمة الثانية بالتحقيقات أقرت بإحرازها الكيس المضبوط والذي يحوي مخدر الهيروين حيث سلمته لها عمتها المتهمة الأولى لتقوم بتخزينه بعض الوقت ولحين طلبه وأنكرت معرفة أنه يحوي مخدر الهيروين وأصرت على هذه الأقوال لدى مثولها بجلسة المحاكمة". فإن ما أورده الحكم فيما سلف بالنسبة لاعتراف الطاعنة يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة بما تنحسر عن الحكم المطعون فيه دعوى القصور في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان لا يقدح في سلامة الحكم أن يكون قد ذكر في معرض تحصيله للواقعة أن المتهمة الثانية أقرت للضابطين وفي تحقيق النيابة أنها تحوز الكمية المضبوطة وتخزنها لحساب المتهمة الأولى التي تتجر فيها، ما دامت الطاعنة لا تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد فيما حصله من إقرارها للضابطين بما تقدم، ولا تجادل في أنها أقرت في التحقيق باستلامها الكيس المضبوط لديها من المتهمة الأولى - كوديعة - دون أن تعلم كنه ما يحتويه، وهو ما رددته في محضر جلسة المحاكمة، وحصله الحكم في مجال بيانه مؤدى الأدلة التي تساند إليها، ذلك بأن الخطأ في تحديد مصدر الدليل لا يضيع أثره ما دام له أصل صحيح في الأوراق، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد يكون بغير ذي أثر. لما كان ذلك، وكان لا ينقص من قيمة الاعتراف الذي تساند إليه الحكم في قضائه ما تذهب إليه الطاعنة من أن أقوالها التي أورد الحكم مؤداها لا تعد اعترافاً بالجريمة لأنها لم تكن نصاً في اقترافها، ذلك بأن محكمة الموضوع ليست مقيدة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تستنبط منه ومن غيره من العناصر الأخرى الحقيقة التي تصل إليها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق، وإذ كان ذلك وكانت المحكمة قد استظهرت إحراز الطاعنة للمخدر المضبوط من ظروف الدعوى وملابساتها وأقامت على توافره في حقها - توافراً فعلياً - أدلة سائغة اقتنع بها وجدانها فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان تقصي العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعنة بانتقاء هذا العلم لديها ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عما دفع به الدفاع الحاضر مع المتهمة الثانية به عدم علمها بكنه المادة المضبوطة ونفي علمها بأنها لمخدر الهيروين فمردود عليه بما أقرت به المتهمة المذكورة للضابطين شاهدي الإثبات من إحرازها المخدر المضبوط لحساب عمتها المتهمة الأولى التي تتجر فيه وهو ما تطمئن المحكمة لصدقه كما وأن التحريات السابقة على صدور الإذن قد أكدت ذلك فضلاً عما قررته المتهمة بتحقيقات النيابة العامة من أن عمتها المتهمة الأولى تتجر في المواد المخدرة وأنها - الكيس لديها لزيارة زوجها وولديها بالسجن - ولا ترتاح المحكمة إلى ما زعمته المتهمة من أن المتهمة الأولى أخبرتها بأنه كيس يحتوي على نقود ومصاغ إذ لو كان ذلك صحيحاً لأطلعتها على محتوياته بعد النقود وبيان المصوغات ضماناً لاستلامها منها غير منقوصة حين طلبها من ناحية وطمأنتها بأنه لا يحتوي مخدراً مما تتجر فيه من ناحية أخرى، بالإضافة إلى أنها سلمتها الكيس - وحسب إقرارها - وهو كيس من النايلون الشفاف إن لم يكن يكشف عن حقيقة ما يحويه من مخدر فإن له من ملمسه وتحسسه لدى الإمساك به أو القبض عليه بيدها لدى استلامها له من أنه لغير المصوغات والنقود المزعومة فضلاً عن أن تلكئها وعدم فتحها الباب لدى طرقه بمعرفة شاهدي الإثبات وسماعهما أصوات حركة بداخل مسكنها مما دعاهما إلى فتح الباب عنوة ثم مشاهدتها ممسكة به ومتوجهة إلى الحمام للتخلص منه لأقوى دليل على علمها بكنه ما يحويه ذلك الكيس وأنه لمخدر الهيروين المضبوط". وإذ كان هذا الذي ساقته محكمة الموضوع من ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعنة بحقيقة الجوهر المضبوط كافياً في الرد على دفاعها في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقها توافراً فعلياً، فلا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان النعي على الحكم فيما رد به على الدفع ببطلان محضر الضبط لخلوه من التوقيع، سبق معالجته بمناسبة بحث الطعن المقدم من الطاعنة الأولى، فتحيل إليه المحكمة تفادياً للتكرار. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس، متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 20195 لسنة 62 ق جلسة 12 / 4 / 1995 مكتب فني 46 ق 103 ص 704

جلسة 12 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ أحمد عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب ومجدي أبو العلا نواب رئيس المحكمة.

----------------

(103)
الطعن رقم 20195 لسنة 62 القضائية

(1) شيك بدون رصيد. إجراءات "إجراءات المحاكمة". تزوير "الادعاء بالتزوير". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
دفاع الطاعن بتزوير الشيك محل الاتهام. جوهري. على المحكمة استظهاره وتمحيص عناصره والرد عليه بما يدفعه إن رأت إطراحه. إغفال ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع.
(2) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". عقوبة "تطبيقها". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إيراد الحكم في أسبابه نزوله بالعقوبة المقضى بها. انتهاؤه بمنطوقه إلى عكس ذلك. تناقض وتخاذل يعيب الحكم. وإن تضمن محضر الجلسة العقوبة المعدلة. علة ذلك؟

----------------
1 - لما كان البين من محضر الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الطاعن دفع بتزوير الشيك محل الاتهام بيد أن المحكمة الاستئنافية قضت بتأييد الحكم المستأنف الذي دان الطاعن دون أن تعرض لما أثاره من دفاع. لما كان ذلك وكان هذا الدفاع يعد في خصوص الدعوى هاماً وجوهرياً لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئولية الطاعن الجنائية مما كان يتعين معه على المحكمة أن تعرض له استقلالاً وأن تستظهر هذا الدفاع وأن تمحص عناصره كشفاً لمدى صدقه وأن ترد عليه بما يدفعه إن ارتأت إطراحه أما وقد أمسكت عن ذلك فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع.
2 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه خلص فيها أورده من أسباب إلى أن المحكمة ترى في مجال تقدير العقوبة النزول عن ما قضى به الحكم المستأنف من حبس المتهم سنة مع الشغل إلى الحد الوارد بمنطوق الحكم ثم جرى منطوق الحكم بالآتي: "حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف والمصروفات" وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه على ما تقدم بيانه أنه بعدما انتهى إليه من النزول بعقوبة الحبس المقضي بها على الطاعن طبقاً لما صرح به الحكم في أسبابه لم يقض بذلك في المنطوق فإن الحكم يكون معيباً بالتخاذل ولا يغير من ذلك ما تضمنه محضر الجلسة التي انتهت بصدور الحكم المطعون فيه من أن منطوقه "قبول وتعديل والاكتفاء بحبس المتهم ستة أشهر والمصروفات" لما هو مقرر أن ورقة الحكم هي السند الوحيد الذي يشهد بوجوده على الوجه الذي صدر به وبناء على الأسباب التي أقيم عليها وأن العبرة في الحكم هي بنسخته الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها القاضي في ملف الدعوى وتكون المرجع في أخذ الصورة التنفيذية وفي الطعن عليه من ذوي الشأن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أعطى بسوء نية شيكاً لـ.... لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلبت عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح مدينة نصر قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مائتي جنيه لوقف التنفيذ. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قد شابه قصور في التسبيب وتخاذل ذلك بأن الطاعن أثار دفاعاً جوهرياً بتزوير الشيك المعزو إليه إصداره بيد أن المحكمة لم تعرض له في حكمها الذي جاء متخاذلاً لتناقض أسبابه مع منطوقه مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من محضر الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الطاعن دفع بتزوير الشيك محل الاتهام بيد أن المحكمة الاستئنافية قضت بتأييد الحكم المستأنف الذي دان الطاعن دون أن تعرض لما أثاره من دفاع. لما كان ذلك وكان هذا الدفاع يعد في خصوص الدعوى هاماً وجوهرياً لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئولية الطاعن الجنائية مما كان يتعين معه على المحكمة أن تعرض له استقلالاً وأن تستظهر هذا الدفاع وأن تمحص عناصره كشفاً لمدى صدقه وأن ترد عليه بما يدفعه إن ارتأت إطراحه أما وقد أمسكت عن ذلك فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه خلص فيما أورده من أسباب إلى أن المحكمة ترى في مجال تقدير العقوبة النزول عن ما قضى به الحكم المستأنف من حبس المتهم سنة مع الشغل إلى الحد الوارد بمنطوق الحكم ثم جرى منطوق الحكم بالآتي: "حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف والمصروفات" وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه على ما تقدم بيانه أنه بعد ما انتهى إليه من النزول بعقوبة الحبس المقضي بها على الطاعن طبقاً لما صرح به الحكم في أسبابه لم يقض بذلك في المنطوق فإن الحكم يكون معيباً بالتخاذل ولا يغير من ذلك ما تضمنه محضر الجلسة التي انتهت بصدور الحكم المطعون فيه من أن منطوقه "قبول وتعديل والاكتفاء بحبس المتهم ستة أشهر والمصروفات" لما هو مقرر أن ورقة الحكم هي السند الوحيد الذي يشهد بوجوده على الوجه الذي صدر به وبناء على الأسباب التي أقيم عليها وأن العبرة في الحكم هي بنسخته الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها القاضي في ملف الدعوى وتكون المرجع في أخذ الصورة التنفيذية وفي الطعن عليه من ذوي الشأن. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.