برئاسة السيد المستشار / حسين كامل حنفي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة
المستشارين / حسن عميرة، ومحمد زايد نائبي رئيس المحكمة، ومحمد حسام الدين
الغرياني، ومحمد طلعت الرفاعي.
------------
- 1 إثبات " بوجه عام".
حق محكمة الموضوع في الأخذ بأقوال المتهم في أي دور من ادوار التحقيق
وإن عدل عنها. متى اطمأنت إلى صحتها.
من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال المتهم في أي دور من
أدوار التحقيق وإن عدل عنها بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة
والواقع.
- 2 إثبات " اوراق رسمية". نقض "اسباب الطعن . ما لا يقبل
من الأسباب".
إقناعية الأدلة في المواد الجنائية. للمحكمة الالتفات عن دليل النفي
ولو حملته أوراق رسمية. شرط ذلك.
لما كانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن
دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية، مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع
الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، ومن ثم فحسب المحكمة
أن أقامت الأدلة على مقارفة الطاعن الجريمة التي دين بها بما يحمل قضاءها وهو ما
يفيد ضمناً أنها لم تر الأخذ بدفاعه وأنها لم تر في رخصة المقهى التي قدمها ما
يغير اقتناعها بأنه كان يدير تلك المقهى وقت الضبط في غياب أبيه.
- 3 جريمة "اركان الجريمة". نقض "اسباب الطعن . ما لا يقبل
من الأسباب".
جريمة تسهيل تعاطي المخدرات . مناط تحققها مثال لتسبيب سائغ لحكم بالإدانة
في جريمة تسهيل تعاطي الغير للمواد المخدرة .
لما كانت جريمة تسهيل تعاطي الغير للمواد المخدرة، تتوافر بقيام
الجاني بفعل أو أفعال يهدف من ورائها إلى أن ييسر لشخص بقصد تعاطي المخدرات تحقيق
هذا القصد أو قيام الجاني بالتدابير اللازمة لتسهيل تعاطي الغير للمخدرات وتهيئة
الفرصة له أو تقديم المساعدة المادية أو المعنوية إلى شخص لتمكينه من تعاطي
المخدرات أياً كانت طريقة أو مقدار هذه المساعدة وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت
توافر هذه الجريمة في حق الطاعن بقوله "وإنما الثابت في حقه أنه سمح للشخص
الآخر الذي سبق الحكم عليه بتدخين الحشيش في دخان المعسل من شيشة بالمقهى الذي
يديره في حضوره وتحت بصره وهو ما ينطوي على تحلله من التزامه القانوني بمنع تعاطي
المخدرات في محله العام وتغاضيه عن قيام الشخص الآخر بتدخين المخدر تحت أنفه وبصره
وتقديمه الشيشة والأحجار وعليها دخان المعسل له وهو على بصيرة من استخدامها في هذا
الغرض وهو ما تتوافر به في حقه عناصر جريمة تسهيل تعاطي المخدرات كما هي معرفة في
القانون". وكان هذا الذي أثبته الحكم تتوافر به في حق الطاعن عناصر جريمة
تسهيل تعاطي المخدرات كما هي معرفة في القانون فإنه لا محل لما يحاج به الطاعن من
عدم توافر أركان الجريمة خاصة القصد الجنائي فيها.
---------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: أدار مكانا لتعاطي المخدرات.
ثانياً: حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانونا.
وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر
الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 35، 42/1 من القانون رقم
182 لسنة 1960 بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه
وبمصادرة الأدوات المضبوطة عن التهمة الأولى وببراءته من التهمة الثانية وبمصادرة
المخدر المضبوط باعتبار أن ما نسب إليه هو أنه سهل لأخر سبق الحكم عليه تعاطي جوهر
مخدر (حشيش).
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.
---------
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تسهيل
تعاطي جوهر مخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً شابه القصور والتناقض في
التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه لم يحط بما قدمه الطاعن من أدلة على أن
والده هو مالك ومدير المقهى الذي كان يجري فيه تعاطي المخدر، ونسب إلى الطاعن أنه
مدير ذلك المقهى ثم عاد فنفى عنه جريمة إدارته لتعاطي المخدرات، ودان الطاعن لمجرد
وجوده بالمقهى وتقديمه الشيشة إلى المتهم الآخر دون أن يدلل على علمه بأن الأخير
كان ينتوي استعمالها في تدخين الحشيش.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة
العناصر القانونية لجريمة تسهيل تعاطي الجواهر المخدرة التي دانه بها وأقام الدليل
عليها سائغاً من أقوال معاون مباحث قسم الجمالية ومن تقرير المعمل الكيماوي للطب
الشرعي ثم حصل ما قرره الطاعن من أن المقهى ملك لوالده وأنه هو الذي يديره هو
وشقيقه وأن الشخص الآخر الذي سبق الحكم عليه أحد رواد المقهى وكان لدى حضور الضابط
جالساً بالمقهى يدخن الحشيش وأمامه أحجار فخارية يعلوها مخدر الحشيش، وأنه - أي
الطاعن - يقدم الأحجار وعليها دخان المعسل فقط لمن يرد المقهى الذي يحضر معه مخدر
الحشيش ويتعاطاه. لما كان ذلك وكان الطاعن لا يماري في أن ما حصله الحكم من أقواله
يرتد إلى أصل صحيح من أوراق الدعوى ولم يسق مطعناً على تلك الأقوال، وكان من
المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال المتهم في أي دور من أدوار التحقيق وإن
عدل عنها بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع وكانت الأدلة في
المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية،
ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي
الأدلة القائمة في الدعوى، ومن ثم فحسب المحكمة أن أقامت الأدلة على مقارفة الطاعن
الجريمة التي دين بها بما يحمل قضاءها وهو ما يفيد ضمنا أنها لم تر الأخذ بدفاعه
وأنها لم تر في رخصة المقهى التي قدمها ما يغير اقتناعها بأنه كان يدير تلك المقهى
وقت الضبط في غياب أبيه. لما كان ذلك وكانت جريمة تسهيل تعاطي الغير للمواد
المخدرة، تتوافر بقيام الجاني بفعل أو أفعال يهدف من ورائها إلى أن ييسر لشخص بقصد
تعاطي المخدرات تحقيق هذا القصد أو قيام الجاني بالتدابير اللازمة لتسهيل تعاطي
الغير للمخدرات وتهيئة الفرصة له أو تقديم المساعدة المادية أو المعنوية إلى شخص
لتمكينه من تعاطي المخدرات أياً كانت طريقة أو مقدار هذه المساعدة وكان الحكم
المطعون فيه قد أثبت توافر هذه الجريمة في حق الطاعن بقوله "وإنما الثابت في
حقه أنه سمح للشخص الآخر الذي سبق الحكم عليه بتدخين الحشيش في دخان المعسل من
شيشة بالمقهى الذي يديره في حضوره وتحت بصره وهو ما ينطوي على تحلله من التزامه
القانوني بمنع تعاطي المخدرات في محله العام وتغاضيه عن قيام الشخص الآخر بتدخين
المخدر تحت أنفه وبصره وتقديمه الشيشة والأحجار وعليها دخان المعسل له وهو على
بصيرة من استخدامها في هذا الغرض وهو ما تتوافر به في حقه عناصر جريمة تسهيل تعاطي
المخدرات كما هي معرفة في القانون. وكان هذا الذي أثبته الحكم تتوافر به في حق
الطاعن عناصر جريمة تسهيل تعاطي المخدرات كما هي معرفة في القانون فإنه لا محل لما
يحاج به الطاعن من عدم توافر أركان الجريمة خاصة القصد الجنائي فيها. لما كان ما
تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.