الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 8 فبراير 2018

الطعن 9894 لسنة 63 ق جلسة 2 / 1 / 1995 مكتب فني 46 ق 2 ص 29

جلسة 2 من يناير سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة وحامد عبد الله ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة

--------------

(2)
الطعن رقم 9894 لسنة 63 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
 (2)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع القاضي بالأدلة المطروحة عليه. حقه في الأخذ بأي دليل أو قرينة يرتاح إليها.
الجدل الموضوعي. في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
 (3)فاعل أصلي. اتفاق. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
تدليل الحكم على اتفاق الطاعنين الثلاثة الأول على قتل المجني عليه الأول من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصَد قصْد الآخر في إيقاعها ووحدة الحق المعتدى عليه. أثر ذلك: اعتبارهم فاعلين أصليين في تلك الجريمة.
 (4)اتفاق. سبق إصرار. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن". قتل عمد.
لا تعارض بين انتفاء سبق الإصرار لدى المتهمين وبين ثبوت الاتفاق بينهم. علة ذلك؟
عدم جدوى نعي الطاعنين الثلاثة الأول على الحكم إسناده الاتفاق إليهم في جريمة قتل عمد. ما دام ما حصله من تقرير الصفة التشريحية أن الإصابات التي ألحقوها بالمجني عليه الأول قد ساهمت مجتمعة في إحداث الوفاة.
(5) محكمة النقض "نظرها الطعن والحكم فيه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
محكمة النقض لا تنظر القضية إلا بالحالة التي كانت عليها أمام محكمة الموضوع.
عدم قبول أوجه الطعن المتعلقة بواقعة كانت خارج مجال استدلال الحكم. مثال.
(6) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". دفوع "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد.
الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي. موضوعي. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض. ما لم تكن مدونات الحكم تظاهره.
مثال لانتفاء حالة الدفاع الشرعي في جريمة قتل عمد.
 (7)قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاصه توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ في استظهار نية القتل.
 (8)إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية إيراد الحكم مضمون التقارير الطبية التي عول عليها في قضائه. عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل فحواه وأجزائه. لا يعيبه.
 (9)إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
(10) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت متفقة مع ما استند إليه منها.
 (11)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة شاهد. مفاده؟
تأخر الشاهد في الإدلاء بشهادته. لا يمنع المحكمة من الأخذ بها.
تقدير الدليل. تستقل به محكمة الموضوع.
(12) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بكافة تفاصيلها. غير لازم. كفاية أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ تجريه المحكمة.
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
مثال لتسبيب سائغ لنفي قالة التناقض بين الدليلين الفني والقولي في جريمة قتل عمد.
 (13)خطأ. ضرر. رابطة السببية. مسئولية مدنية. دعوى مدنية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من المحكوم عليه. تضمنه بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية. مؤدى ذلك؟
التعويض المؤقت. نواة للتعويض الكامل.
المحكمة التي ترفع أمامها دعوى التعويض النهائي. هي الملزمة ببيان الضرر.

--------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون.
2 - من المقرر أن العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه، وقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ بأي دليل أو قرينة يرتاح إليها، ولا يصح مصادرته في شيء من ذلك، وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه لأقوال شهود الإثبات الذي حددوا محدث إصابات كل من المجني عليهما، وكان الطاعنون لا ينازعون في صحة ما حصله الحكم من أقوال هؤلاء الشهود، فإن ما يثيرونه بشأن تعذر تحديد محدث هذه الإصابات ينحل جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل وفي استنباط معتقدها مما لا يجوز الخوض فيه لدى محكمة النقض.
3 - لما كان ما أثبته الحكم في مدوناته كافياً بذاته للتدليل على توافر الاتفاق بين الطاعنين الثلاثة الأول على قتل المجني عليه الأول من معيتهم في الزمان والمكان، ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها، وأن كلاً منهم قصَد قصْد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات اعتبار كل منهم فاعلاً أصلياً في تلك الجريمة.
4 - من المقرر أن عدم قيام ظرف سبق الإصرار لدى المتهمين لا ينفي قيام الاتفاق بينهم، إذ الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المشتركين فيه، ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بينهم هو الغاية النهائية من الجريمة ومن ثم فلا تعارض بين انتفاء سبق الإصرار وثبوت الاتفاق بين الطاعنين الثلاثة الأول على قتل المجني عليه الأول، هذا فضلاً عما أثبته الحكم المطعون فيه نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية - وهو ما لم ينازع فيه الطاعنون - أن المجني عليه المذكور قد تعرض لست إصابات طعنية بالصدر والبطن ويمين الظهر وخمسة إصابات رضية حيوية حديثة، وأن وفاته تعزي إلى هذه الإصابات وما أحدثته من كسور بالعظام وتهتكات بالأحشاء الداخلية ونزيف داخلي، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون الثلاثة الأول على إسناد الاتفاق إليهم في وصف الحكم للجريمة التي دانهم بها يكون غير منتج لأن مفاد ما حصله الحكم من تقرير الصفة التشريحية أن الإصابات التي ألحقوها بالمجني عليه الأول قد ساهمت مجتمعة في إحداث الوفاة.
5 - من المقرر أن محكمة النقض لا تنظر القضية إلا بالحالة التي كانت عليها أمام محكمة الموضوع، وكان الثابت أن النيابة العامة قد أقامت الدعوى الجنائية ضد الطاعنين عن جريمتي قتل... عمداً وضرب... ضرباً أفضى إلى موته، وهو ما مفاده أن واقعة مقتل... كانت خارج نطاق الدعوى المطروحة على محكمة الموضوع، ولم تكن محل اتهام فلم تعرض لها المحكمة أو تتصدى لتكييفها، ولم يرد لهذه الواقعة ذكر بالحكم المطعون فيه إلا على لسان شهود الإثبات الذين قرروا أن الطاعن الأول قد ضرب المجني عليه على ذراعه فسقط السلاح من يده وانطلق منه عياراً نارياً أصاب...، ولم تشر المحكمة إلى وفاته أو تدلي برأيها في تصوير هذه الوفاة حتى يسوغ القول بأنها مست بحجية الأمر بعدم وجود وجه الصادر من النيابة أو تناقضت مع تصويره لتلك الواقعة بأنها قتل عمد، ومفاد ذلك أن تلك الواقعة كانت خارجة عن مجال استدلال الحكم، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن لا محل له.
6 - من المقرر أن الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع، ولا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما هي معرفة به في القانون أو ترشح لقيامها، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين لم يشر البتة إلى قيام حالة الدفاع الشرعي في حقهم، كما أن مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام هذه الحالة بل أنها على العكس أثبتت أن الطاعنين هم الذين بادروا المجني عليهما بالاعتداء وأن إشهار المجني عليه الأول لسلاحه لم يكن إلا بعد مشاهدته لواقعة مطاردة الطاعنين لابنة المجني عليه الثاني وضرب الطاعن الرابع له الضربة التي أفضت إلى موته، ومن ثم ينتفي موجب الدفاع الشرعي، ويكون منعى الطاعنين بإغفال المحكمة بحث توافر حالة الدفاع الشرعي في حقهم على غير أساس.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل واستقاها ثبوتاً بقوله (وحيث إنه عن نية القتل لدى المتهمين الثلاثة الأول فهي متوافرة، ذلك أنها وإن كانت أمراً خفياً يضمره المتهمون ولا يدرك بالحس الظاهر وإنما تكشف عنها دلائل وأمارات خارجية، ومن ثم فهي متوافرة لدى المتهمين الثلاثة الأول من استعمالهم لأدوات قاتلة بطبيعتها أو فيما لو استعملت من أجل القتل، ومن تعدد الاعتداء على المجني عليه وشدة هذا الاعتداء وقسوته، وإصابة مقاتل من المجني عليه سواء من المتهم الأول الذي ضربه على رأسه وكتفه الأيمن ويده اليمنى بالآلة الراضة، أو من المتهمين الثاني والثالث اللذين واليا الاعتداء عليه بآلات حادة والذي بان بتقرير الصفة التشريحية أن بالمجني عليه... أربعة عشر إصابة بين رضية وحدية ومشرذمة، وجميعها حيوية حديثة على النحو الذي بينته المحكمة آنفاً وهو ما يقطع في التدليل على توافر تلك النية لدى المتهمين). لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى.
8 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد فحوى ما تضمنه تقرير الصفة التشريحية لجثة كل من المجني عليهما وكذا التقرير الطبي الشرعي التكميلي الذي أثبت أن إصابات المجني عليهما يجوز حدوثها من مثل السكينتين والعصا المضبوطة، وبين الإصابات التي لحقت بكل منهما من واقع هذين التقريرين ووصفها وسبب الوفاة وبين مضمون تلك التقارير الطبية التي عول عليها في قضائه، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه، ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا الخصوص.
9 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث.
10 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر طالما أن أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
11 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن تأخر الشاهد في الإدلاء بشهادته لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها، ذلك أن تقدير الدليل من سلطة محكمة الموضوع.
12 - لما كان من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، بل إن تناقض أقوال الشهود مع بعضها أو تضاربها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في هذه الدعوى - وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من أقوال شهود الإثبات أن الطاعن الأول هو الذي ضرب المجني عليه الأول بالعصا مما أدى إلى سقوطه على الأرض وأحدث به الإصابات الرضية الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، وأن الطاعنين الثاني والثالث قد تعديا عليه بآلات حادة فأحدثا به الإصابات الطعنية والمشرذمة التي أثبت تقرير الصفة التشريحية وجودها به، وكان الطاعنون لا ينازعون في صحة ما حصله الحكم من أقوال الشهود، كما حصل الحكم ما أثبته تقرير الصفة التشريحية من أنه يوجد بالمجني عليه إصابات مشرذمة الحواف، كما يوجد بملابسه قطوع مشرذمة الحواف أيضاً مما يقطع بأن الإصابات الطعنية التي لحقت بالمجني عليه لم تحدث كلها من آلة حادة مدببة - كما ذهب إليه الطاعنون بأسباب طعنهم - وهو ما تنتفي به قالة التناقض بين الدليل الفني والدليل القولي، ويضحى ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد وفي خصوص تعويل الحكم على أقوال شهود الإثبات غير مقبول.
13 - من المقرر أن إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من المحكوم عليه يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما مما يستوجب الحكم على مقارفه بالتعويض، ولا على المحكمة - من بعد - إن هي لم تبين الضرر الذي حاق بالمدعي بالحقوق المدنية بنوعيه المادي والأدبي، وذلك لما هو مقرر من أنه إذا كانت المحكمة قد حكمت للمدعي بالحقوق المدنية بالتعويض المؤقت الذي طلبه ليكون نواة للتعويض الكامل الذي سيطالب به بانية ذلك على ما ثبت لها من أن المحكوم عليه هو الذي ارتكب الفعل الضار المسند إليه، فهذا يكفي تبريراً للقضاء بالتعويض المؤقت، أما بيان الضرر فإنما يستوجبه التعويض النهائي الذي يطالب به فيما بعد، وهذا يكون على المحكمة التي ترفع أمامها الدعوى به، ومن ثم فإن ما يعيبه الطاعنون على الحكم المطعون فيه في هذا المقام لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: المتهمون الثلاثة الأول: قتلوا... عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن انهالوا عليه طعناً وضرباً بأدوات حادة وراضة قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وكان ذلك عن اتفاق بينهم. المتهم الرابع: ضرب... بعصا "شوم" على رأسه فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى الموت. وأحالتهم إلى محكمة جنايات أسيوط لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى... مدنياً قبل المتهمين الثلاثة الأول متضامنين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت وقبل المتهم الرابع بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 234/ 1، 236/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 30 من ذات القانون. أولاً: بمعاقبة كل من المتهمين الثلاثة الأول بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات والتزامهم بأن يؤدوا متضامنين للمدعي بالحق المدني مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ثانياً: بمعاقبة المتهم الرابع بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وألزمته بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت وأمرت بمصادرة الأدوات المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن حاصل أوجه الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين الثلاثة الأول بجريمة القتل العمد ودان الطاعن الرابع بجريمة الضرب المفضي إلى موت قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال واعتوره الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن بيانه للواقعة جاء مبتوراً، إذ اقتصر على إيراد واقعة الاعتداء على المجني عليهما... و... رغم ما كشفت عنه التحقيقات من أن الحادث كان مشاجرة بين عائلتين اشترك فيها كثيرون، وأسفر عن قتيل ثالث (...) وعديد من المصابين، وهي ظروف يتعذر معها تحديد محدث إصابات كل من المجني عليهم، كما أن تحصيل المحكمة للواقعة خلا مما يفيد وجود ثمة اتفاق بين الطاعنين الثلاثة الأول، ولكنها انتهت في وصفها لما ارتكبوه إلى أن جريمة القتل التي دانهم الحكم بها وقعت بناء على اتفاق بينهم على ارتكابها رغم أنها استبعدت ظرفي سبق الإصرار والترصد عن الواقعة، هذا إلى أن النيابة العامة أسندت مقتل... إلى المجني عليه الأول باعتباره قتلاً عمداً وأمرت بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية عن تلك الواقعة لانقضاء الدعوى بوفاة المتهم، ورغم ما لهذا الأمر من حجية بعد صيرورته نهائياً، فإن الحكم حصل هذه الواقعة على أن المقذوف الذي أصاب القتيل المذكور قد انطلق عرضاً لدى سقوط السلاح الناري من المجني عليه الأول إثر ضربة على يده من الطاعن الأول، وهي صورة تختلف عما انتهى إليه الأمر بعدم وجود وجه وتتضمن مساساً بحجيته، فضلاً عن أن هذا التصوير قد حجب المحكمة عن بحث حالة الدفاع الشرعي التي ترشح لها واقعة مقتل... إذا ما تنبهت المحكمة إلى أنها تشكل قتلاً عمداً، كما أن ما ساقه الحكم تدليلاً على نية القتل لدى الطاعنين الثلاثة الأول لا يعدو أن يكون تحديداً للأفعال المادية التي قاموا بها، وهو ما لا يصلح لإثبات توافر هذه النية لديهم، كما أنه اقتصر على إيراد نتيجة تقريري الصفة التشريحية دون بيان فحوى كل منهما وسنده فيما انتهى إليه ولم يبين إصابات المجني عليهما من واقع هذين التقريرين، وعول الحكم على شهادة الرائد/... دون إيراد مضمونها، وأطرح الدفاع بأن الشاهد الأول لم يكن موجوداً بمكان الحادث بدليل تأخره في الإبلاغ لمدة يوم كامل معولاً على افتراضات ظنية لا سند لها من الواقع وهي أنه قام بنقل والده وشقيقه المجني عليهما إلى المستشفى وباتخاذ إجراءات دفن أولهما ثم قام بعد ذلك بالإدلاء بشهادته، دون تحقيق هذا الدفاع أو إيراد أسباب سائغة لإطراحه، كما عول على أقوال الشهود رغم تناقضهم في عدد الضربات التي وجهها الطاعن الأول إلى المجني عليه الأول وأماكنها من جسده، إذ قرر الشاهد الأول أنه ضربه ضربة واحدة على يده، بينا قرر الشاهدان الثاني والثالث أنه ضربه ضربتين على ذراعه الأيمن وعلى رأسه، كما أن الدفاع عن الطاعنين تمسك بتناقض الدليل القولي مع الدليل الفني إذ قرر الشهود أن الطاعن الأول قد ضرب المجني عليه الأول بالعصا مرتين وأن الطاعنين الثاني والثالث انهالا عليه بعد ذلك طعناً بآلات حادة، في حين أثبت تقرير الصفة التشريحية أن بالمجني عليه المذكور خمسة إصابات رضية برأسه، كما أثبت تقرير الصفة التشريحية لجثة... أن إصابته كانت من مسافة قريبة تصل إلى حد الملامسة وهو ما يخالف تصوير الشهود لإصابته من أنها نجمت عن سقوط السلاح الناري من المجني عليه الأول وأن المسافة بينهما في تلك اللحظة كانت ثلاثة أمتار، كما قرر الشهود أن الطاعنين الثاني والثالث قد طعنوا المجني عليه الأول بآلات مختلفة كالمحش أو الهوك أو السكين في حين أثبت تقرير الصفة التشريحية أنه مصاب بست طعنات تحدث من آلة حادة مدببة وهو ما لا ينطبق على المحش أو الهوك، ولكن المحكمة أطرحت هذا الدفاع تأسيساً على أنها تطمئن لأقوال الشهود - وهو ما ينطوي على مصادرة لهذا الدفاع - وأقحمت نفسها في أمور فنية بحتة دون أن تستعين فيها بالطبيب الشرعي، هذا فضلاً عن أن الحكم قضى بإلزام الطاعنين بالتعويض المدني المؤقت دون أن يستظهر توافر الضرر المادي، وكل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما، وساق على صحة إسنادهما إلى كل منهم، وثبوتها في حقه أدلة استمدها من شهادة كل من... و... و... والرائد...، ومما ورد بتقارير الصفة التشريحية للمجني عليهما، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، وكان تحصيل المحكمة للواقعة - في حدود الدعوى المطروحة عليها - قد جاء وافياً، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن هذا التحصيل يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان المقرر أن العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه، وقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ بأي دليل أو قرينة يرتاح إليها، ولا يصح مصادرته في شيء من ذلك، وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه لأقوال شهود الإثبات الذي حددوا محدث إصابات كل من المجني عليهما، وكان الطاعنون لا ينازعون في صحة ما حصله الحكم من أقوال هؤلاء الشهود، فإن ما يثيرونه بشأن تعذر تحديد محدث هذه الإصابات ينحل جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل وفي استنباط معتقدها مما لا يجوز الخوض فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم في مدوناته كافياً بذاته للتدليل على توافر الاتفاق بين الطاعنين الثلاثة الأول على قتل المجني عليه الأول من معيتهم في الزمان والمكان، ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها، وأن كلاً منهم قصَد قصْد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه، ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات اعتبار كل منهم فاعلاً أصلياً في تلك الجريمة. لما كان ذلك، وكان المقرر أن عدم قيام ظرف سبق الإصرار لدى المتهمين لا ينفي قيام الاتفاق بينهم، إذ الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المشتركين فيه، ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بينهم هو الغاية النهائية من الجريمة ومن ثم فلا تعارض بين انتفاء سبق الإصرار وثبوت الاتفاق بين الطاعنين الثلاثة الأول على قتل المجني عليه الأول، هذا فضلاً عما أثبته الحكم المطعون فيه نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية - وهو ما لم ينازع فيه الطاعنون - أن المجني عليه المذكور قد تعرض لست إصابات طعنية بالصدر والبطن ويمين الظهر وخمسة إصابات رضية حيوية حديثة، وأن وفاته تعزي إلى هذه الإصابات وما أحدثته من كسور بالعظام وتهتكات بالأحشاء الداخلية ونزيف داخلي، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون الثلاثة الأول على إسناد الاتفاق إليهم في وصف الحكم للجريمة التي دانهم بها يكون غير منتج لأن مفاد ما حصله الحكم من تقرير الصفة التشريحية أن الإصابات التي ألحقوها بالمجني عليه الأول قد ساهمت مجتمعة في إحداث الوفاة. لما كان ذلك، وكان المقرر أن محكمة النقض لا تنظر القضية إلا بالحالة التي كانت عليها أمام محكمة الموضوع، وكان الثابت أن النيابة العامة قد أقامت الدعوى الجنائية ضد الطاعنين عن جريمتي قتل... عمداً وضرب... ضرباً أفضى إلى موته، وهو ما مفاده أن واقعة مقتل... كانت خارج نطاق الدعوى المطروحة على محكمة الموضوع، ولم تكن محل اتهام فلم تعرض لها المحكمة أو تتصدى لتكييفها، ولم يرد لهذه الواقعة ذكر بالحكم المطعون فيه إلا على لسان شهود الإثبات الذين قرروا أن الطاعن الأول قد ضرب المجني عليه على ذراعه فسقط السلاح من يده وانطلق منه عياراً نارياً أصاب...، ولم تشر المحكمة إلى وفاته أو تدلي برأيها في تصوير هذه الوفاة حتى يسوغ القول بأنها مست بحجية الأمر بعدم وجود وجه الصادر من النيابة أو تناقضت مع تصويره لتلك الواقعة بأنها قتل عمد، ومفاد ذلك أن تلك الواقعة كانت خارجة عن مجال استدلال الحكم، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن لا محل له. لما كان ذلك، وكان المقرر أن الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع، ولا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما هي معرفة به في القانون أو ترشح لقيامها، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين لم يشر البتة إلى قيام حالة الدفاع الشرعي في حقهم، كما أن مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام هذه الحالة بل أنها على العكس أثبتت أن الطاعنين هم الذين بادروا المجني عليهما بالاعتداء وأن إشهار المجني عليه الأول لسلاحه لم يكن إلا بعد مشاهدته لواقعة مطاردة الطاعنين لابنه المجني عليه الثاني وضرب الطاعن الرابع له الضربة التي أفضت إلى موته، ومن ثم ينتفي موجب الدفاع الشرعي، ويكون منعى الطاعنين بإغفال المحكمة بحث توافر حالة الدفاع الشرعي في حقهم على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لنية القتل واستقاها ثبوتاً بقوله (وحيث إنه عن نية القتل لدى المتهمين الثلاثة الأول فهي متوافرة، ذلك أنها وإن كانت أمراً خفياً يضمره المتهمون ولا يدرك بالحس الظاهر وإنما تكشف عنها دلائل وأمارات خارجية، ومن ثم فهي متوافرة لدى المتهمين الثلاثة الأول من استعمالهم لأدوات قاتلة بطبيعتها أو فيما لو استعملت من أجل القتل، ومن تعدد الاعتداء على المجني عليه وشدة هذا الاعتداء وقسوته، وإصابة مقاتل من المجني عليه سواء من المتهم الأول الذي ضربه على رأسه وكتفه الأيمن ويده اليمنى بالآلة الراضة، وأن من المتهمين الثاني والثالث اللذين واليا الاعتداء عليه بآلات حادة والذي بان بتقرير الصفة التشريحية أن بالمجني عليه... أربعة عشر إصابة بين رضية وحدية ومشرذمة، وجميعها حيوية حديثة على النحو الذي بينته المحكمة آنفاً وهو ما يقطع في التدليل على توافر تلك النية لدى المتهمين). لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد فحوى ما تضمنه تقرير الصفة التشريحية لجثة كل من المجني عليهما وكذا التقرير الطبي الشرعي التكميلي الذي أثبت أن إصابات المجني عليهما يجوز حدوثها من مثل السكينتين والعصا المضبوطة، وبين الإصابات التي لحقت بكل منهما من واقع هذين التقريرين ووصفها وسبب الوفاة، وبين مضمون تلك التقارير الطبية التي عول عليها في قضائه، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه، ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث، وكان الحكم قد عول على أقوال الرائد... والتي تضمنت ما أسفرت عنه تحرياته عن الواقعة، وأحال في بيان تلك الأقوال إلى ما شهد به شهود الإثبات. وكان من المقرر أيضاً أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر طالما أن أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان الطاعنون لا يدعون بوجود ثمة خلاف بين ما قرره الضابط المذكور بشأن تحرياته وبين ما ورد على لسان الشهود فإن ما يثيرونه في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن تأخر الشاهد في الإدلاء بشهادته لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها، ذلك أن تقدير الدليل من سلطة محكمة الموضوع، ومن ثم فلا على الحكم المطعون فيه إن عول على شهادة الشاهد الأول في قضائه بالإدانة بعد أن أفصحت المحكمة عن اطمئنانها إلى أقواله، وأنها كانت على بينة بالظروف التي أحاطت بشهادته، وينحل نعي الطاعنين في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. ما كان ذلك، وكان المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشهود أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قالة الشهود بالقدر الذي رووه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، بل إن تناقض أقوال الشهود مع بعضها أو تضاربها - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في هذه الدعوى - وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من أقوال شهود الإثبات أن الطاعن الأول هو الذي ضرب المجني عليه الأول بالعصا مما أدى إلى سقوطه على الأرض وأحدث به الإصابات الرضية الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، وأن الطاعنين الثاني والثالث قد تعديا عليه بآلات حادة فأحدثا به الإصابات الطعنية والمشرذمة التي أثبت تقرير الصفة التشريحية وجودها به، وكان الطاعنون لا ينازعون في صحة ما حصله الحكم من أقوال الشهود، كما حصل الحكم ما أثبته تقرير الصفة التشريحية من أنه يوجد بالمجني عليه إصابات مشرذمة الحواف، كما يوجد بملابسه قطوع مشرذمة الحواف أيضاً مما يقطع بأن الإصابات الطعنية التي لحقت بالمجني عليه لم تحدث كلها من آلة حادة مدببة - كما ذهب إليه الطاعنون بأسباب طعنهم - وهو ما تنتفي به قالة التناقض بين الدليل الفني والدليل القولي، ويضحى ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد وفي خصوص تعويل الحكم على أقوال شهود الإثبات غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لواقعة مقتل... التي لم ترفع بشأنها دعوى ولم تكن بالتالي مطروحة على المحكمة، ومن ثم لا تصلح سنداً للدفع بتناقض الدليلين الذي يتمسك به الطاعنون. لما كان ذلك، وكان المقرر أن إثبات الحكم وقوع الفعل الضار من المحكوم عليه يتضمن بذاته الإحاطة بأركان المسئولية المدنية من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما مما يستوجب الحكم على مقارفه بالتعويض، ولا على المحكمة - من بعد - إن هي لم تبين الضرر الذي حاق بالمدعي بالحقوق المدنية بنوعيه المادي والأدبي، وذلك لما هو مقرر من أنه إذا كانت المحكمة قد حكمت للمدعي بالحقوق المدنية بالتعويض المؤقت الذي طلبه ليكون نواة للتعويض الكامل الذي سيطالب به بانية ذلك على ما ثبت لها من أن المحكوم عليه هو الذي ارتكب الفعل الضار المسند إليه، فهذا يكفي تبريراً للقضاء بالتعويض المؤقت، أما بيان الضرر فإنما يستوجبه التعويض النهائي الذي يطالب به فيما بعد، وهذا يكون على المحكمة التي ترفع أمامها الدعوى به، ومن ثم فإن ما يعيبه الطاعنون على الحكم المطعون فيه في هذا المقام لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غٍير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 60033 لسنة 59 ق جلسة 31 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 211 ص 1462

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ رضوان عبد العليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى عبد المجيد وسلامه أحمد عبد المجيد وزغلول البلش وعبد الرحمن فهمي نواب رئيس المحكمة.

------------------

(211)
الطعن رقم 60033 لسنة 59 القضائية

دعوى جنائية "انقضاؤها بالتنازل". دعوى مدنية. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". سب وقذف.
تنازل المدعي بالحقوق المدنية عن شكواه وطلبه إثبات ترك الدعوى المدنية في جريمة سب وقذف. قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف القاضي بإدانة الطاعن. خطأ في القانون. يوجب التصحيح والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل.

----------------
لما كان قانون الإجراءات الجنائية قد نص في المادة الثالثة منه على أن لا يجوز أن ترفع الدعوى إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي في جرائم معينة نص عليها في هذه المادة منها جريمتا السب والقذف، ونص في المادة العاشرة على أن لمن قدم الشكوى أن يتنازل عنها في أي وقت إلى أن يصدر في الدعوى حكم نهائي. وتنقضي الدعوى الجنائية بالتنازل. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة....... أن المدعي بالحقوق المدنية تنازل عن شكواه وطلب إثبات تركه الدعوى المدنية، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف القاضي بإدانة الطاعن يكون قد خالف القانون مما يتعين معه تصحيحه والحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن بوصف أنه: سب وقذف في حقه، وطلب عقابه بالمادة 306 من قانون العقوبات، وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر وكفالة مائة جنيه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضي بها.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السب والقذف قد خالف القانون، ذلك بأن الدفاع تمسك بأن المدعي بالحقوق المدنية تنازل أمام المحكمة عن الدعوى الجنائية وطلب إثبات تركه لدعواه المدنية. مما كان يتعين معه القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية وإثبات ترك المدعي بالحقوق المدنية لدعواه المدنية، بيد أن الحكم التفت عن هذا الدفاع، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
من حيث إن قانون الإجراءات الجنائية قد نص في المادة الثالثة منه على أنه لا يجوز أن ترفع الدعوى إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي في جرائم معينة نص عليها في هذه المادة منها جريمتا السب والقذف، ونص في المادة العاشرة على أن لمن قدم الشكوى أن يتنازل عنها في أي وقت إلى أن يصدر في الدعوى حكم نهائي، وتنقضي الدعوى الجنائية بالتنازل. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة...... وأن المدعي بالحقوق المدنية تنازل عن شكواه وطلب إثبات تركه الدعوى المدنية، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف القاضي بإدانة الطاعن يكون قد خالف القانون مما يتعين معه تصحيحه والحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل وإثبات ترك المدعي بالحقوق المدنية لدعواه المدنية وإلزامه مصاريف هذا الترك وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 48220 لسنة 59 ق جلسة 29 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 210 ص 1455

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سمير أنيس وفتحي الصباغ والبشري الشوربجي نواب رئيس المحكمة وعبد المنعم منصور.

-----------------

(210)
الطعن رقم 48220 لسنة 59 القضائية

(1) قتل خطأ. محكمة النقض "نظرها موضوع الدعوى".
مثال لحكم صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمة قتل خطأ.
(2) دعوى مدنية. مسئولية مدنية. تعويض. قتل خطأ.
ثبوت ارتكاب المتهم الخطأ أثناء وبسبب وظيفته وهو شرطي. أثره: مسئولية وزير الداخلية عن أعمال تابعه. أساس ذلك؟

------------------
1 - لما كانت الواقعة طبقاً لما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى تتحصل في أنه أثناء قيادة المتهم...... رقيب الشرطة للسيارة رقم..... شرطة بشارع رمسيس أمام سينما رمسيس بتقاطع شارعي رمسيس وعرابي وكانت الإشارة مغلقة بالنسبة له تعدى مكان عبور المشاة وصدم المجني عليه..... وأحدث إصابته الواردة بالتقارير الطبية والتي أودت بحياته.
وحيث إن وقوع الحادث على الصورة سالفة البيان قد ثبت لدى المحكمة من أقوال عريف الشرطة ...... والمتهم والتقريرين الطبيين الصادرين من مفتش صحة الأزبكية ومستشفى الهلال فقد شهد عريف الشرطة...... من وحدة مرور شمال القاهرة المكلف بإدارة المرور بمكان وقوع الحادث أنه كان في راحة يجلس بجواز الرقيب أول......... الذي كان يدير جهاز الإشارة من أعلى وطلب منه النزول لمعرفة سبب ارتباك حركة المرور فنزل وكانت الإشارة مغلقة بالنسبة للسيارات القادمة من التحرير وكانت سيارة الشرطة قيادة المتهم مرتكبة الحادث تقف في مكان عبور المشاة وأخبره أحد المواطنين المتواجدين بأن المتهم هو الذي صدم المجني عليه بالسيارة قيادته وأحدث إصابته ثم وضعوه داخل السيارة ونقلوه إلى مستشفى الهلال.
وأقرّ المتهم.... بأنه رقيب شرطة سائق بمصلحة السجون وأن الحادث وقع عند عودته يوم..... حوالي الساعة 2 مساءً من القناطر الخيرية إلى مصلحة السجون بشارع رمسيس تقاطع شارعي رمسيس وعرابي بالسيارة رقم....... شرطة التي كان يقودها. وأورى التقرير الطبي الصادر من مفتش صحة الأزبكية أنه بالكشف الطبي على جثة المتوفى.... وجد بها كسر بالحوض ونزيف بالأنف وكسر بقاع الجمجمة وسبب الوفاة صدمة شديدة، كما أورى التقرير الطبي الصادر من مستشفى الهلال أن التشخيص هو اشتباه كسر بقاع الجمجمة ولا يمكن استجوابه ثم توفى إلى رحمة الله.
وحيث إن خطأ المتهم يتمثل في عدم اتباعه لإشارة المرور المغلقة وتعديه مكان عبور المشاة وصدم المجني عليه، وقد أدى هذا الخطأ إلى إصابة المجني عليه بالإصابات الواردة بالتقارير الطبية والتي أودت بحياته، ومن ثم فإن رابطة السببية بين خطأ المتهم وموت المجني عليه تكون متوافرة.
وحيث إنه وتأسيساً على ما سبق فإنه يكون قد ثبت لدى المحكمة أن المتهم..... في يوم...... بدائرة قسم..... محافظة القاهرة. (1) تسبب خطأ في موت...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم احترازه ومخالفته للقوانين واللوائح بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر دون أن يتأكد من خلو الطريق أمامه فاصطدم بالمجني عليه وأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. (2) لم يتبع العلامات والإشارات الخاصة بتنظيم المرور. (3) قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر الأمر المعاقب عليه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1، 3، 4، 63/ 1، 64، 76، 77، 79 من قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 والمادتين 2، 16 من اللائحة التنفيذية لذات القانون. لما كان ذلك، وكانت الجريمتان الأخيرتان تدخلا في تكوين ركن الخطأ في الجريمة الأولى وهي الجريمة ذات العقوبة الأشد، فإنه يتعين إعمالاً للمادة 32/ 1 من قانون العقوبات الاكتفاء بتوقيع العقوبة المقررة لها والمنصوص عليها في المادة 238/ 1 من قانون العقوبات.
2 - لما كان والدي المجني عليه قد ادعيا مدنياً قبل المتهم والسيد وزير الداخلية بصفته المسئول عن الحقوق المدنية بطلب إلزامهما متضامنين بمبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت إلى ثبوت الخطأ في جانب المتهم، وكان هذا الخطأ قد سبب ضرراً للمدعيين بالحقوق المدنية يتمثل في فقدهما ابنهما المجني عليه مما يلتزم معه المتهم بتعويض هذا الضرر عملاً بالمادة 163 من القانون المدني، وإذ كان هذا الخطأ قد ارتكبه المتهم أثناء وبسبب تأدية وظيفته وهو شرطي تابع للسيد وزير الداخلية بصفته المسئول عن أعمال تابعه سالف الذكر غير المشروعة عملاً بالمادة 174 من القانون المدني، فإنه يتعين إجابة المدعيين بالحقوق المدنية لطلبهما.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: تسبب خطأ في موت...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم احترازه ومخالفته للقوانين واللوائح بأن قاد مركبته "سيارة" بحالة ينجم عنها الخطر دون أن يتأكد من خلو الطريق الرئيسي أمامه فاصطدم بالمجني عليه وأحدث به إصابته والتي أودت بحياته. ثانياً: لم يتبع العلامات والإشارات الخاصة بتنظيم سير المرور. ثالثاً: قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1، 3، 4، 63/ 1، 64، 74، 77، 79 من القانون رقم 66 لسنة 1973 والمادتين 2، 16 من اللائحة التنفيذية. وادعى والدا المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح...... قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه. استأنفت النيابة العامة ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً وبإجماع الآراء بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم خمسين جنيهاً وإلزامه بأن يؤدي للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول المحكمة برقم.... لسنة..... قضائية) ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قضت حضورياً وبإجماع الآراء بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم عشرين جنيهاً وإلزامه بأن يؤدي للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن الأستاذ...... المحامي عن الأستاذ......... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية). ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع، وعلى النيابة إعلان المتهم والمدعي بالحق المدني.


المحكمة

ومن حيث إن الواقعة طبقاً لما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى تتحصل في أنه في يوم..... أثناء قيادة المتهم..... رقيب الشرطة للسيارة رقم..... شرطة بشارع رمسيس أمام سينما رمسيس بتقاطع شارعي رمسيس وعرابي وكانت الإشارة مغلقة بالنسبة له تعدى مكان عبور المشاة وصدم المجني عليه....... وأحدث إصابته الواردة بالتقارير الطبية والتي أودت بحياته.
وحيث إن وقوع الحادث على الصورة سالفة البيان قد ثبت لدى المحكمة من أقوال عريف الشرطة..... والمتهم والتقريرين الطبيين الصادرين من مفتش صحة الأزبكية ومستشفى الهلال فقد شهد عريف الشرطة..... من وحدة مرور شمال القاهرة المكلف بإدارة المرور بمكان وقوع الحادث أنه كان في راحة يجلس بجواز الرقيب أول..... الذي كان يدير جهاز الإشارة من أعلى وطلب منه النزول لمعرفة سبب ارتباك حركة المرور فنزل، وكانت الإشارة مغلقة بالنسبة للسيارات القادمة من التحرير وكانت سيارة الشرطة قيادة المتهم مرتكبة الحادث تقف في مكان عبور المشاة وأخبره أحد المواطنين المتواجدين بأن المتهم هو الذي صدم المجني عليه بالسيارة قيادته وأحدث إصابته ثم وضعوه داخل السيارة ونقلوه إلى مستشفى الهلال.
وأقر المتهم.... بأنه رقيب شرطة سائق بمصلحة السجون وأن الحادث وقع عند عودته يوم ..... حوالي الساعة 2 مساءً من القناطر الخيرية إلى مصلحة السجون بشارع رمسيس تقاطع شارعي رمسيس وعرابي بالسيارة رقم..... شرطة التي كان يقودها. وأورى التقرير الطبي الصادر من مفتش صحة الأزبكية أنه بالكشف الطبي على جثة المتوفى ..... وجد بها كسر بالحوض ونزيف بالأنف وكسر بقاع الجمجمة وسبب والوفاة صدمة شديدة، كما أورى التقرير الطبي الصادر من مستشفى الهلال أن التشخيص هو اشتباه كسر بقاع الجمجمة ولا يمكن استجوابه ثم توفى إلى رحمة الله.
وحيث إن خطأ المتهم يتمثل في عدم اتباعه لإشارة المرور المغلقة وتعديه مكان عبور المشاة وصدم المجني عليه، وقد أدى هذا الخطأ إلى إصابة المجني عليه بالإصابات الواردة بالتقارير الطبية والتي أودت بحياته، ومن ثم فإن رابطة السببية بين خطأ المتهم وموت المجني عليه تكون متوافرة.
وحيث إنه وتأسيساً على ما سبق فإنه يكون قد ثبت لدى المحكمة أن المتهم في يوم....... بدائرة قسم الأزبكية - محافظة القاهرة. (1) تسبب خطأ في موت..... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم احترازه ومخالفته للقوانين واللوائح بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر دون أن يتأكد من خول الطريق أمامه فاصطدم بالمجني عليه وأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. (2) لم يتبع العلامات والإشارات الخاصة بتنظيم المرور. (3) قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر الأمر المعاقب عليه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1، 3، 4، 63/ 1، 64، 76، 77، 79 من قانون المرور رقم 66 لسنة 1973 والمادتين 2، 16 من اللائحة التنفيذية لذلك القانون. لما كان ذلك، وكانت الجريمتان الأخيرتان تدخلاً في تكوين ركن الخطأ في الجريمة الأولى وهي الجريمة ذات العقوبة الأشد، فإنه يتعين إعمالاً للمادة 32/ 1 من قانون العقوبات الاكتفاء بتوقيع العقوبة المقررة لها والمنصوص عليها في المادة 238/ 1 من قانون العقوبات.
وحيث إن والدي المجني عليه قد ادعيا مدنياً قبل المتهم والسيد وزير الداخلية بصفته المسئول عن الحقوق المدنية بطلب إلزامهما متضامنين بمبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت إلى ثبوت الخطأ في جانب المتهم، وكان هذا الخطأ قد سبب ضرراً للمدعيين بالحقوق المدنية يتمثل في فقدهما ابنهما المجني عليه مما يلتزم معه المتهم بتعويض هذا الضرر عملاً بالمادة 163 من القانون المدني، وإذ كان هذا الخطأ قد ارتكبه المتهم أثناء وبسبب تأدية وظيفته وهو شرطي تابع للسيد وزير الداخلية بصفته المسئول عن أعمال تابعه سالف الذكر غير المشروعة عملاً بالمادة 174 من القانون المدني، فإنه يتعين إجابة المدعيين بالحقوق المدنية لطلبهما مع إلزام المدعى عليهما بالمصاريف المدنية عملاً بنص المادة 320 من قانون الإجراءات الجنائية.

الطعن 47969 لسنة 59 ق جلسة 29 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 209 ص 1451

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ طلعت الأكيابي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد جمال الدين وبدر الدين السيد وحسن أبو المعالي أبو النصر ومحمد شعبان باشا نواب رئيس المحكمة.

------------------

(209)
الطعن رقم 47969 لسنة 59 القضائية

إزالة حد. حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الحد المعاقب على نقله أو إزالته وفقاً للمادة 358 عقوبات. ماهيته؟.
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
تعويل الحكم المطعون فيه على مجرد الأخذ بمعاينة شيخ القرية والتي اقتصرت على أن الحد كان عبارة عن طوف تم هدمه دون استظهاره ما إذا كان الحد محل الجريمة قد تم وضعه تنفيذاً لحكم قضائي أو أن الطاعنين قد ارتضياه. قصور.

------------------
لما كان من المقرر أن الحد المعاقب على نقله أو إزالته طبقاً للمادة 358 من قانون العقوبات هو الحد الثابت برضاء الطرفين أو بحكم القضاء أو المتعارف عليه من قديم الزمان على أنه هو الفاصل بين ملكين متجاوزين، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على مجرد الأخذ بمعاينة شيخ القرية والذي اقتصرت دلالته على أن الحد كان عبارة عن طوف تم هدمه دون أن يستظهر الحكم ما إذا كان الحد محل الجريمة قد تم وضعه تنفيذاً لحكم قضائي أو أن الطاعنين قد ارتضياه فإنه يكون معيباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: نقلاً حداً فاصلاً بين أملاك...... وأملاكهما على النحو المبين بالأوراق وطلبت محاكمتهما بالمادة 358 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح مركز الفيوم قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهمين شهراً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لكل وإلزامهما بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنفاً. ومحكمة الفيوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة نقل حد بين ملكين متجاورين قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يستظهر ما إذا كان الحد محل الجريمة قد تم وضعه تنفيذاً لحكم قضائي أو أن الطاعنين قد ارتضياه أو متعارف عليه ومخالفاً بذلك ما نصت على المادة 358 من قانون العقوبات لعدم توافر أركانها بواقعة الدعوى. مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الثابت من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد خلص إلى إدانة الطاعنين بقوله: "وحيث إنه وعن الإسناد فتشير المحكمة إلى أن الثابت لها رجوعاً إلى محضر المعاينة التي أجراها شيخ قرية الإعلام...... أن الحد الفاصل بين المجني عليه والمتهمين كان عبارة عن طوف تم هدمه وأن الحد نقل 50 سم بطول 18 متر وأن المشكو في حقهما قاما بإنشاء حد جديد وبزراعة المساحة التي تم ضمها لملكيته، ولما كان دفاع المتهمين قد جرى على أن المجني عليه مختل عقلياً دون أن يدحضا ما ورد بالمعاينة وبمذكرة عمدة الناحية وما ورد على لسان المجني عليه من أنه اشترى القدر المملوك له في حين آلت ملكية المتهمين ميراثاً ولما كان المتهمان يدعيان أن جميع المساحة من حالة شيوع لم ينته وكان ما ورد بالمعاينة من نقلهما الحدود وزراعة ما يخصهما وما اغتصباه من المجني عليه يكذب ادعائهما بقيام حالة الشيوع الأمر الذي يكون معه دفاعهما يائس لا تأثير له على ثبوت التهمة في حقهما....". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الحد المعاقب على نقله أو إزالته طبقاً للمادة 358 من قانون العقوبات هو الحد الثابت برضاء الطرفين أو بحكم القضاء أو المتعارف عليه من قديم الزمان على أنه هو الفاصل بين ملكين متجاورين، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على مجرد الأخذ بمعاينة شيخ القرية والذي اقتصرت دلالته على أن الحد كان عبارة عن طوف تم هدمه دون أن يستظهر الحكم ما إذا كان الحد محل الجريمة قد تم وضعه تنفيذاً لحكم قضائي أو أن الطاعنين قد ارتضياه فإنه يكون معيباً بالقصور الذي لا تستطيع معه محكمة النقض مراقبة صحة انطباق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 46403 لسنة 59 ق جلسة 26 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 208 ص 1448

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ وفيق الدهشان وفريد عوض نائبي رئيس المحكمة وعبد الفتاح حبيب ومحمود مسعود شرف.

------------------

(208)
الطعن رقم 46403 لسنة 59 القضائية

تبديد. خيانة أمانة. إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
إدانة متهم بجريمة خيانة الأمانة. رهن باقتناع القاضي أنه تسلم المال بعقد من العقود المبينة حصراً بالمادة 341 عقوبات.
تأثيم إنسان ولو بناء على اعترافه. غير جائز. متى كان مخالفاً للحقيقة.
دفاع الطاعن بمحاضر جلسات أول درجة أن إيصال الأمانة المقدم من المدعي بالحقوق المدنية حرر لفض نزاع بينه وبين عمه. يعد واقعاً مسطوراً في الدعوى وجوب أن تعرض له محكمة ثان درجة وأن لم يعاود إثارته أمامها. علة ذلك؟

-----------------
لما كان من المقرر أنه لا تصح إدانة متهم بجريمة خيانة الأمانة إلا إذا اقتنع القاضي بأنه تسلم المال بعقد من عقود الائتمان الواردة على سبيل الحصر في المادة 341 من قانون العقوبات وكانت العبرة في القول بثبوت قيام عقد من هذه العقود في صدد توقيع العقاب إنما هي بحقيقة الواقع بحيث لا يصح تأثيم إنسان ولو بناء على اعترافه بلسانه، وبكتابته متى كان ذلك مخالفاً للحقيقة، ولما كان مؤدى دفاع الطاعن أن العلاقة التي تربطه بالمدعي بالحقوق المدنية ليس مبناها الإيصال المقدم وإنما حرره ضماناً لفض النزاع بينه وبين عمه. لما كان ذلك، وكان هذا الدفاع وقد أثبت بمحاضر الجلسات أمام محكمة أول درجة وأصبح واقعاً مسطوراً بأوراق الدعوى، قائماً مطروحاً على محكمة ثاني درجة وإن لم يعاود المدافع عن الطاعن إثارته أمامها، ذلك بأن من المسلم به أن المحكمة متى رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينة فإن عليها تحقيق ما دام ذلك ممكناً، وهذا بغض النظر عن مسلك المتهم في شأن هذا الدليل، لأن تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية لا يصح أن يكون رهناً بمشيئة المتهم في الدعوى، فإن هي استغنت عن هذا الدليل فعليها أن تبين علة ذلك بشرط الاستدلال السائغ وهو ما افتقده الحكم المطعون فيه مما يتعين معه نقضه.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح مركز بركة السبع ضد الطاعن بوصف أنه استلم منه بإيصال أمانه مبلغ ألفين وأربعمائة وأربعون جنيهاً لتسليمهم لآخر إلا أنه لم يقم بتوصيلهم إليه واختلسه لنفسه إضراراً به - وطلب محاكمته بالمادة 341 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح مركز بركة السبع قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً تعويضاً مؤقتاً. استأنف ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة خيانة الأمانة قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون. ذلك أن علاقة الطاعن بالمدعي بالحقوق المدنية لا تشكل عقداً من عقود الأمانة وإنما هي علاقة مدنية بحتة تخرج عن دائرة التأثيم والعقاب وأن إيصال الأمانة لا يمثل حقيقة الواقع وعلى الرغم من تمسكه أمام محكمة أول درجة بهذا الدفاع الجوهري فإن المحكمة لم تعرض له ولم تعن بتمحيصه مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه استند في قضائه بإدانة الطاعن إلى ما قرره المدعي بالحقوق المدنية من أن الطاعن قد تسلم المبلغ موضوع إيصال الأمانة وامتنع عن رده ولم يطعن عليه بثمة مطعن، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا تصح إدانة متهم بجريمة خيانة الأمانة إلا إذا اقتنع القاضي بأنه تسلم المال بعقد من عقود الائتمان الواردة على سبيل الحصر في المادة 341 من قانون العقوبات وكانت العبرة في القول بثبوت قيام عقد من هذا العقود في صدد توقيع العقاب إنما هي بحقيقة الواقع بحيث لا يصح تأثيم إنسان ولو بناء على اعترافه بلسانه، وبكتابته متى كان ذلك مخالفة للحقيقة، ولما كان مؤدى دفاع الطاعن أن العلاقة التي تربطه بالمدعي بالحقوق المدنية ليس مبناها الإيصال المقدم وإنما حرره ضماناً لفض النزاع بينه وبين عمه. لما كان ذلك، وكان هذا الدفاع وقد أثبت بمحاضر الجلسات أمام محكمة أول درجة وأصبح واقعاً مسطوراً بأوراق الدعوى، قائماً مطروحاً على محكمة ثاني درجة وإن لم يعاود المدافع عن الطاعن إثارته أمامها، ذلك بأن من المسلم به أن المحكمة متى رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينة فإن عليها تحقيقه ما دام ذلك ممكناً، وهذا بغض النظر عن مسلك المتهم في شأن هذا الدليل، لأن تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية لا يصح أن يكون رهناً بمشيئة المتهم في الدعوى، فإن هي استغنت عن هذا الدليل فعليها أن تبين علة ذلك بشرط الاستدلال السائغ وهو ما افتقده الحكم المطعون فيه مما يتعين معه نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث الوجه الآخر من الطعن.

الطعن 26904 لسنة 64 ق جلسة 24 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 207 ص 1433

جلسة 24 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعلي شكيب وعمر بريك نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(207)
الطعن رقم 26904 لسنة 64 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم - المادة 310 إجراءات.
(2) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بيان واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراد الأدلة السائغة على ثبوتها في حقه على نحو كاف أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لا قصور.
عدم رسم القانون شكلاً معيناً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(3) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لا يعيبه.
(4) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات. موضوعي.
عدم التزام المحكمة بالرد على الطعون الموجهة إلى تقرير الخبير التي أخذت به. علة ذلك؟
عدم التزام المحكمة باستدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته. ما دام أن الواقعة وضحت لديها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشهود. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". استدلال. إثبات "بوجه عام".
لمحكمة الموضوع أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
(8) دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم.
(9) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة التي صحت لديه على وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. مفاد التفاته عنها إطراحها.
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام النقض.
(10) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تأخر الشاهد في الإبلاغ عن الحادث لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله. ما دامت اطمأنت إليها، وكانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها. أساس ذلك؟
التفات الحكم عن الدفاع الموضوعي. لا يعيبه.
(11) دعوى مدنية. محضر الجلسة. حكم "بياناته". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
محضر الجلسة يكمل الحكم في إثبات بيان اسم المدعي بالحقوق المدنية وطلباته.
(12) دعوى مدنية. تضامن. مسئولية مدنية. تعويض.
إثبات الحكم اتحاد الفكرة وتطابق الإرادات لدى المتهمين على الاعتداء وقت وقوعه. أثره: تضامنهم في المسئولية المدنية عما أصاب المدعي بالحقوق المدنية من ضرر نتيجة الاعتداء عليه. يستوي في ذلك وقوع الاعتداء من المتهمين جميعاً أو من أحدهم فقط.
سبق الاتفاق على التعدي. تقتضيه المسئولية الجنائية عن فعل الغير. دون المسئولية المدنية. أساس ذلك؟
(13) دعوى مدنية. تعويض. مسئولية مدنية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية إثبات الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله بياناً لوجه الضرر المستوجب للتعويض.
مثال.

------------------
1 - إن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منه.
2 - لما كان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الضرب المفضي إلى الموت والبسيط اللتين دان الطاعن والمحكوم عليه الآخر بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور لا محل له.
3 - لما كان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية في قوله "وثبت من تقرير الصفة التشريحية أن الإصابتين المشاهدتين والموصفتين بجثة المجني عليها....... بالرأس ذات طبيعة رضية حيوية حديثة معاصرة لتاريخ الحادث وحدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضة، ومن مثل عكاز أو ما شبه وقد ينتج عن تلك الإصابتين انسكابات دموية وكسر شرفي بالجدارية اليسرى ممتد إلى يسار العظم الجبهي والحفرة الأمامية اليسرى لقاعدة الجمجمة وكذا نزيف خارج وتحت السحايا بعضه متجلط والوفاء إصابية ناشئة عن الإصابتين الرضيتين وما أحدثتاه من إنسكابات دموية وكسر بالجمجمة ونزيف دماغي مصاحب وهي جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد بمذكرة النيابة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث". فإن ما ينعاه الطاعن بعدم إيراد مضمون تقرير الصفة التشريحية كاملاً لا يكون له محل لما هو مقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
4 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقرير الخبير الذي أخذت به لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد فيها ما يستحق التفاتها كما أنها غير ملزمة بعد بإجابة الدفاع إلى طلب كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء - وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به مما حواه تقرير الصفة التشريحية بما لا يتعارض مع أقوال شاهد الإثبات من قيام الطاعن والمحكوم عليه الآخر باعتداء كل منهما بعصا غليظة على رأس المجني عليها فأحدثا بها الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية واللتين أودتا بحياتها، وما انتهى إليه هذا التقرير من حدوث الواقعة وفق التصوير الوارد بمذكرة النيابة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث ظهر يوم....... فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن طلب دعوة كبير الأطباء الشرعيين لتحقيق دفاع الطاعن المبنى على المنازعة في صورة الواقعة ووقت وقوعها ما دام أن المحكمة قد اطمأنت إلى صحة حصول الواقعة بالصورة التي رواها شاهد الإثبات وفي الوقت الذي حدده وبما لا يتعارض بل يتلاءم مع ما انتهى إليه تقرير الصفة التشريحية من حدوث الواقعة وفق تصوير الشاهد وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بقالة الإخلال بحق الدفاع لهذا السبب في غير محله وينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
6 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليه من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحمها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
7 - من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها - لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
8 - لما كان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن من أنه لم يرتكب الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
9 - من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
10 - لما كان تأخير الشاهد في الإبلاغ عن الحادث لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وكانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولا على الحكم إذ التفت عن الرد عليه.
11 - لما كان الثابت بأولى محاضر جلسات المحاكمة وهي جلسة...... أنه أثبت به اسم المدعي بالحقوق المدنية...... زوج المجني عليها وأنه ادعى مدنياً بمبلغ 501 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت - فضلاً عن أن مدونات الحكم قد تضمنت طلباته. وكان من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم في هذا الشأن فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان في هذا الشأن يكون غير مقبول.
12 - من المقرر قانوناً أنه متى أثبت الحكم اتحاد الفكرة وتطابق الإرادات لدى المتهمين على الاعتداء وقت وقوعه فإنهم جميعاً يكونون مسئولين متضامنين مدنياً عما أصاب المدعي بالحقوق المدنية من ضرر نتيجة إصابته بسبب الاعتداء الذي وقع عليه من المتهمين جميعاً أو من أي واحد منهم، ولا يؤثر في قيام هذه المسئولية التضامنية قبلهم عدم ثبوت اتفاق بينهم على التعدي فإن هذا الاتفاق إنما تقتضيه في الأصل المسئولية الجنائية عن فعل الغير أما المسئولية المدنية فتنبني على مجرد تطابق الإرادات ولو فجأة بغير تدبير سابق على الإيذاء لفعل غير مشروع فيكفي فيها أن تتوارد الخواطر على الاعتداء وتتلاقى إرادة كل متهم مع إرادة الآخرين على إيقاعه لتعمهم المسئولية المدنية جمعياً.
13 - من المقرر أنه يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها ارتكاب الطاعن والمحكوم عليه الآخر للجريمة التي دانهما بها وهي الفعل الضار الذي ألزمهما بالتعويض على مقتضاه فإن ما يثيره الطعن في هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما أولاً: ضربا...... بأداتين راضتين على رأسها فأحدثا بها الإصابتين الموصفتين بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدا من ذلك قتلها ولكن الضرب أفضى إلى موتها. ثانياً: المتهم "الطاعن" أيضاً ضرب..... بأداة راضة "عصا شومة" على رأسه وفخذه الأيسر فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً، وأحالتهما إلى محكمة جنايات سوهاج لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى..... "زوج المجني عليها" مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للمتهم "الطاعن" وغيابياً للآخر عملاً بالمواد 236/ 1، 242/ 3.1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة كل متهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وفي الدعوى المدنية بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الضرب المفضي إلى الموت والبسيط قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والبطلان كما انطوى على إخلال بحق الدفاع وأخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم صيغ في عبارات عامة مجملة لم يتضمن الأسباب التي تطلبها القانون ولم يبين الأدلة التي عول عليها في الإدانة ومؤداها بالمخالفة لنص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وعول في الإدانة على تقرير الصفة التشريحية دون إيراد مضمونه - فضلاً عن تناقض ما دون بصلب ذلك التقرير مع نتيجته النهائية بشأن عدد إصابات المجني عليها إذ ورد بصلبه أنه بالكشف الظاهري على الجثة وجد إصابة واحدة بالرأس بينما ورد بالنتيجة النهائية وجود إصابتين بالرأس، كما أن الثابت من هذا التقرير أن جثة المجني عليها كانت على أبواب التعفن الرمى وهو ما يقطع بأن الحادث لم يقع في الزمان الذي حدده شاهد الإثبات ورغم ذلك عول الحكم في الإدانة على ذلك التقرير دون أن يعن برفع التناقض الذي شابه والتفت الحكم عن طلب المدافع عن الطاعن مناقشة كبير الأطباء الشرعيين استيضاحاً للأمور المتقدمة وأطرحه برد قاصر وعول الحكم في الإدانة على أقوال شاهد الإثبات زوج المجني عليها رغم أن الواقعة كانت مشاجرة متشعبة الأطراف بالإضافة إلى أن الشاهد كان مجنياً عليه وبه إصابات عديدة تمنعه من مشاهدة واقعة الاعتداء على زوجته كما استند الحكم إلى التحريات رغم أنها مجهولة المصدر وجاءت ترديداً لرواية الشاهد سالف البيان ومنصبة على واقعة إصابة المجني عليها دون باقي وقائع النزاع فضلاً عن تناقضها مع باقي أقوال الشهود وجرى دفاعه بأنه لم يرتكب الحادث ولم يتواجد على مسرح الجريمة وأن هناك تأخير في الإبلاغ وأن الواقعة مشاجرة مما يدل على أن الفاعل كان مجهولاً - إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع وخلا الحكم من بيان الخصوم وصفاتهم وطلباتهم ومن اسم المدعي بالحق المدني وصفته، كما قضى الحكم بإلزام الطاعن والمحكوم عليه الآخر بأداء التعويض المؤقت على سبيل التضامن دون أن يبين الحكم أساس هذه المسئولية ورغم خلو الحكم وأوراق الدعوى من ثمة دليل على اتفاق المتهمين على فعل الاعتداء وهو ما ينفي قيام الاشتراك بينهما كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بقولة "أنه عقب ظهر يوم...... بشارع...... مركز....... نشبت مشاجرة بين المتهمين وبين....... الذي فر هارباً في اتجاه مسكن ابن عمه......... الذي كان يجلس أمام مسكنه ومعه زوجته المجني عليها ولم يتمكنا من اللحاق به وعندئذ قام المتهمان بضرب....... ولما همت زوجته بمنعهما من الاعتداء عليه قام كل منهما بضربها بعصا غليظة على رأسها فأحدثا بها الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية واللتين أودتا بحياتها". وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى الطاعن والمحكوم عليه الآخر أدلة استقاها من أقوال شاهد الإثبات وتحريات الشرطة ومن تقرير الصفة التشريحية. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الضرب المفضي إلى الموت والبسيط اللتين دان الطاعن والمحكوم عليه الآخر بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور لا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية في قوله: "وثبت من تقرير الصفة التشريحية أن الإصابتين المشاهدتين والموصفتين بجثة المجني عليها..... بالرأس ذات طبيعة رضية حيوية حديثة معاصرة لتاريخ الحادث وحدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضة ومن مثل عكاز أو ما شابه، وقد ينتج عن تلك الإصابتين إنسكابات دموية وكسر شرفي بالجدارية اليسرى ممتد إلى يسار العظم الجبهي والحفرة الأمامية اليسرى لقاعدة الجمجمة وكذا نزيف خارج وتحت السحايا بعضه متجلط والوفاء إصابية ناشئة عن الإصابتين الرضيتين وما أحدثاه من إنسكابات دموية وكسر بالجمجمة ونزيف دماغي مصاحب وهي جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد بمذكرة النيابة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث". فإن ما ينعاه الطاعن بعدم إيراد مضمون تقرير الصفة التشريحية كاملاً لا يكون له محل لما هو مقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقرير الخبير الذي أخذت بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد فيها ما يستحق التفاتها كما أنها غير ملزمة بعد بإجابة الدفاع إلى طلب كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء - وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به مما حواه تقرير الصفة التشريحية بما لا يتعارض مع أقوال شاهد الإثبات من قيام الطاعن والمحكوم عليه الآخر باعتداء كل منهما بعصا غليظة على رأس المجني عليها فأحدثا بها الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية واللتين أودتا بحياتها وما انتهى إليه هذا التقرير من حدوث الواقعة وفق التصوير الوارد بمذكرة النيابة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث ظهر يوم....... فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن طلب دعوة كبير الأطباء الشرعيين لتحقيق دفاع الطاعن المبنى على المنازعة في صورة الواقعة ووقت وقوعها ما دام أن المحكمة قد اطمأنت إلى صحة حصول الواقعة بالصورة التي رواها شاهد الإثبات وفي الوقت الذي حدده بما لا يتعارض بل يتلاءم مع ما انتهى إليه تقرير الصفة التشريحية من حدوث الواقعة وفق تصوير الشاهد وفي تاريخ يتفق وتاريخ الحادث، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بقالة الإخلال بحق الدفاع لهذا السبب في غير محله وينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع، ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليه من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها - لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن من أنه لم يرتكب الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان تأخير الشاهد في الإبلاغ عن الحادث لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته، وكانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع، وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولا على الحكم إذ التفت عن الرد عليه. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه ورد به اسم الطاعن ووصف الاتهام المسند إليه، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الثابت بأولى محاضر جلسات المحاكمة وهي جلسة....... أنه أثبت به اسم المدعي بالحقوق المدنية........ زوج المجني عليها وأنه ادعى مدنياً بمبلغ 501 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت - فضلاً عن أن مدونات الحكم قد تضمنت طلباته. وكان من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم في هذا الشأن فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال شاهد الإثبات بما مفاده أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر ضربا المجني عليها كل بعصا غليظة على رأسها فأحدثا إصابتها بها وخلص الحكم إلى إدانتهما استناداً إلى ما استخلصه من تقرير الصفة التشريحية من أن وفاء المجني عليها حدثت من الإصابتين معاً. وكان مفاد ما أورده الحكم - على نحو ما تقدم - أن وفاة المجني عليها نشأت من إصابتها بالرأس مجتمعة التي أوقعها بها الطاعن والمحكوم عليه الآخر وأن كلاً منهما ضربها ضربة ساهمت في إحداث الوفاة، وكان من المقرر قانوناً أنه متى أثبت الحكم اتحاد الفكرة وتطابق الإرادات لدى المتهمين على الاعتداء وقت وقوعه فإنهم جميعاً يكونون مسئولين متضامنين مدنياً عما أصاب المدعي بالحقوق المدنية من ضرر نتيجة إصابته بسبب الاعتداء الذي وقع عليه من المتهمين جميعاً أو من أي واحد منهم، ولا يؤثر في قيام هذه المسئولية التضامنية قبلهم عدم ثبوت اتفاق بينهم على التعدي فإن هذا الاتفاق إنما تقتضيه في الأصل المسئولية الجنائية عن فعل الغير. أما المسئولية المدنية فتنبني على مجرد تطابق الإرادات ولو فجأة بغير تدبير سابق على الإيذاء لفعل غير مشروع فيكفي فيها أن تتوارد الخواطر على الاعتداء وتتلاقى إرادة كل متهم مع إرادة الآخرين على إيقاعه لتعمهم المسئولية المدنية جمعياً، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله وكان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها ارتكاب الطاعن والمحكوم عليه الآخر للجريمة التي دانهما بها وهي الفعل الضار الذي ألزمهما بالتعويض على مقتضاه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس واجب الرفض موضوعاً.

الطعن 24010 لسنة 64 ق جلسة 16 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 195 ص 1355

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سرى صيام ومحمد شتا نائبي رئيس المحكمة وأسامة توفيق وعبد الرحمن هيكل.

----------------

(195)
الطعن رقم 24010 لسنة 64 القضائية

(1) قانون "تفسيره" "سريانه من حيث المكان". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". اختلاس.
مفاد نص المادة 3 من قانون العقوبات؟
التمسك بتشريع أجنبي. مجرد واقعة تستدعى التدليل عليها.
سريان قانون العقوبات المصري على واقعة تمت بالخارج. يستوجب أن يتحقق قاضي الموضوع من أن الفعل معاقب عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكب فيه.
(2) اختلاس. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مناط العقاب طبقاً للمادة 112 من قانون العقوبات؟
(3) اختلاس. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي. لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس. علة ذلك؟
(4) إثبات "بوجه عام". حكم "بيانات حكم الإدانة". "تسبيبه. تسبيب معيب". اختلاس.
الأحكام الجنائية. وجوب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال.
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات جنائية.
المراد بالتسبيب المعتبر؟
عدم بيان الحكم بوضوح. وتفصيل مفردات الأشياء التي اقتنعت المحكمة باختلاسها. والمنتجة للمبلغ. واكتفائه بالإحالة إلى محاضر الجرد دون إيراد مضمونها واتخاذه من العجز بذاته دليلاً على وقوع الاختلاس. يعيب الحكم.

-----------------
1 - لما كانت المادة 3 من قانون العقوبات تنص على أن "كل مصري ارتكب وهو خارج القطر فعلاً يعتبر جناية أو جنحة في هذا القانون يعاقب بمقتضى أحكامه إذا عاد إلى القطر وكان الفعل معاقباً عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكب فيه". فإن مؤدى هذا النص أن شرط عقاب الطاعن لدى عودته هو أن تكون الجريمة التي أقيمت عليه الدعوى الجنائية من أجلها والتي وقعت بالخارج معاقباً عليها طبقاً لقانون روسيا. وإذ ما كان الطاعن يجحد العقاب على هذا الفعل في هذه الدولة، وكان الأصل أن التمسك بتشريع أجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة تستدعي التدليل عليها، إلا أنه في خصوص سريان قانون العقوبات المصري خارج الإقليم المصري عملاً بحكم المادة الثالثة من هذا القانون، فإنه من المتعين على قاضي الموضوع - وهو بصدد إنزال حكم القانون على الواقعة المطروحة عليه - أن يتحقق من أن الفعل معاقب عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكب فيه لا أن يعتد في هذا الخصوص إلى الشهادة المقدمة من سفارة روسيا.
2 - من المقرر أن القانون قد فرض العقاب في المادة 112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته بشرط انصراف نيته باعتباره حائزاً له إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له وهو معنى مركب من فعل مادي هو التصرف في المال ومن عامل معنوي يقترن به وهو نية إضاعة المال على ربه.
3 - من المقرر أن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب أخر.
4 - لما كانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً. والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبنى عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون. ولكي يتحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به. فلا يكفي مجرد الإشارة إلى الأدلة بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع الأدلة الأخرى التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح وتفصيل مفردات الأشياء التي اقتنعت المحكمة باختلاسها، والمنتجة للمبلغ الذي حدده أعضاء اللجنة، واكتفى في ذلك بالإحالة إلى محاضر الجرد دون أن يورد مضمونها، واتخذ من العجز بذاته دليلاً على وقوع الاختلاس دون أن يكون في وقائع الدعوى وظروفها كما أوردها الحكم ما يدل على تصرف الطاعن في المال تصرفاً يتوافر به القصد الجنائي لديه. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدولة روسيا الاتحادية: بصفته مديراً بإحدى الشركات المساهمة - شركة...... بجمهورية مصر العربية - اختلس البضائع البالغ قيمتها 53576 دولار أمريكي (ثلاثة وخمسون ألف وخمسمائة وستة وسبعون دولاراً أمريكياً" بما يعادل مبلغ 180.840.69 جنيه مصري (مائه وثمانون ألفاً وثمانمائة وأربعون جنيهاً وتسعة وستون قرشاً) والمملوكة للشركة سالفة الذكر والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالزقازيق لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 113 مكرراً/ 1، 118، 118 مكرراً، 119/ جـ، 119 مكرراً/ هـ من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ وقدرة 180840.690 جنيه (مائة وثمانون ألف وثمانمائة وأربعون جنيهاً وتسعة وستون قرشاً) وألزمته برد مثل هذا المبلغ وأمرت بعزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ذلك بأنه دفع بعدم جواز محاكمته استناداً إلى نص المادة الثالثة من قانون العقوبات لثبوت جريمة الاختلاس في روسيا الاتحادية، وهو فعل غير معاقب عليه بمقتضى قانون ذلك البلد، ومن ثم فلا تجوز محاكمة الطاعن عنها في جمهورية مصر العربية، وقد أطرح الحكم هذا الدفع بقوله أن الثابت من مطالعة الشهادة المقدمة من سفارة روسيا أن جريمة خيانة الأمانة معاقب عليها في القانون الجنائي الروسي بعقوبة السجن في حين أن هذه الشهادة لا تعد قانوناً لهذا البلد ومن ثم لزاماً على المحكمة أن تتحقق بنفسها أن الفعل معاقب عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكبت فيه هذه الجريمة، كما أن الحكم أقام قضاءه بالإدانة على مجرد وجود عجز في عهدته، ولم يعن باستظهار أركان الجريمة التي دانه بها مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "أن شركة....... الكائن مقرها بمدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية وهي شركة مساهمة مصرية وفق القانون رقم 159 لسنة 1981 والذي اعتبر أموال هذه الشركات أموالاً عامة وقد قامت تلك الشركة بإنشاء فرع لها بمدينة موسكو بجمهورية روسيا تحت ما يسمى بشركة ...... وتم تجهيز هذا الفرع وأرسلت إليه منتجات الشركة الأم وصدر قرار رئيس مجلس إدارة الشركة الأخيرة بتعيين المتهم...... مديراً لهذا الفرع وأميناً لعهدته وتبين لإدارة الشركة المذكورة أن التدفقات النقدية لمبيعات هذا الفرع لا تتفق في حجم مبيعاته وما يرسل إليه من منتجات فأوفدت إدارة الشركة لجنة لجرد عهدة المتهم المذكورة فشكلت برئاسة..... المدير المالي للشركة وعضوية..... مدير فرع الشركة الجديد وبحضور المتهم ذاته وتبين من الجرد وبعد خصم المصروفات المثبتة بالمستندات الرسمية وجود عجز يقدر بمبلغ 111.198.91 دولاراً أمريكياً وقد رأت الشركة بعد ذلك إقرار أوجه الصرف الأخرى والتي تمت بغير مستندات رسمية أن إجمالي المبلغ المختلس بمعرفة المتهم المذكور هو مبلغ 53576 ثلاثة وخمسون ألف وخمسمائة وستة وسبعين دولاراً أمريكياً ووقع المتهم على محضر تلك المراجعة وحرر شيكاً بقيمة هذا المبلغ ولما لم يمتثل المتهم في سداد المبلغ المختلس قدمت الشركة بلاغاً ضده بمعرفة وكيلها القانوني .... تم تحقيقه بمعرفة النيابة العامة على النحو الوارد بالأوراق". وعرض الحكم إلى ما أثاره الطاعن من عدم جواز محاكمته على اعتبار أن الجريمة وقعت في روسيا - الاختلاس - وهي غير معاقب عليها في روسيا، فرد عليه في قوله: "وجه الدفاع الأول: الدفع بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الدعوى لكون أن الفعل غير معاقب عليه بروسيا فإن الثابت من مطالعة الشهادة المقدمة من سفارة روسيا أن جريمة خيانة الأمانة معاقب عليها في القانون الجنائي الروسي بعقوبة السجن وأن تلك الجريمة تقوم في حالة اختلاس شخص مال يخص غيره ويسلم إليه بعقد من عقود الأمانة وإن كان ذلك وكان مفاد نص المادة الثالثة من قانون العقوبات أن كل مصري ارتكب وهو خارج القطر فعلاً يعتبر جناية أو جنحة في هذا القانون يعاقب بمقتضى أحكامه إذا عاد إلى القطر وكان الفعل معاقباً عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكب فيه ومن ثم يكون هذا الدفع قد أتى على غير سند من الواقع والقانون خليق برفضه خاصة وأن المتهم لم يقدم دليلاً من دولة روسيا يناهض الشهادة السابقة. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم فيما تقدم غير سديد، ذلك بأن المادة 3 من قانون العقوبات تنص على أن "كل مصري ارتكب وهو خارج القطر فعلاً يعتبر جناية أو جنحة في هذا القانون يعاقب بمقتضى أحكامه إذا عاد إلى القطر وكان الفعل معاقباً عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكب فيه"، فإن مؤدى هذا النص أن شرط عقاب الطاعن لدى عودته هو أن تكون الجريمة التي أقيمت عليه الدعوى الجنائية من أجلها والتي وقعت بالخارج معاقباً عليها طبقاً لقانون روسيا. وإذ ما كان الطاعن يجحد العقاب على هذا الفعل في هذه الدولة، وكان الأصل أن التمسك بتشريع أجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة تستدعى التدليل عليها، إلا أنه في خصوص سريان قانون العقوبات المصري خارج الإقليم المصري عملاً بحكم المادة الثالثة من هذا القانون، فإنه من المتعين على قاضي الموضوع - وهو بصدد إنزال حكم القانون على الواقعة المطروحة عليه - أن يتحقق من أن الفعل معاقب عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكب فيه لا أن يتعد في هذا الخصوص إلى الشهادة المقدمة من سفارة روسيا، هذا إلى أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن نقل الحكم من أقوال وكيل الشركة وعضوي لجنة الجرد أن عمل اللجنة أسفر عن اختلاس الطاعن لهذا المبلغ انتهى إلى ثبوت التهمة قبل الطاعن من أنه هو الذي يستلم البضاعة ويوقع على أذونها ويكلف بتوريد أثمانها ووقع على محاضر الجرد المثبتة للعجز ولم يبد ثمة اعتراض أمام لجنة الجرد فضلاً عن أنه حرر شيكاً بقيمة المبلغ المختلس. لما كان ذلك، وكان القانون قد فرض العقاب في المادة 112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته بشرط انصراف نيته باعتباره حائزاً له إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له وهو معنى مركب من فعل مادي هو التصرف في المال ومن عامل معنوي يقترن به وهو نية إضاعة المال على ربه، وكان من المقرر أن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب آخر، وكانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً. والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبنى عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون. ولكي يتحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به. فلا يكفي مجرد الإشارة إلى الأدلة بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع الأدلة الأخرى التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضح وتفصيل مفردات الأشياء التي اقتنعت المحكمة باختلاسها، والمنتجة للمبلغ الذي حدده أعضاء اللجنة، واكتفى في ذلك بالإحالة إلى محاضر الجرد دون أن يورد مضمونها، واتخذ من العجز بذاته دليلاً على وقوع الاختلاس دون أن يكون في وقائع الدعوى وظروفها كما أوردها الحكم ما يدل على تصرف الطاعن في المال تصرفاً يتوافر به القصد الجنائي لديه. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي ما أثاره الطاعن في طعنه.

الطعن 11632 لسنة 60 ق جلسة 15 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 194 ص 1351

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ سمير أنيس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ البشري الشوربجي وسمير مصطفى نائبي رئيس المحكمة وعبد المنعم منصور وفتحي جوده.

------------------

(194)
الطعن رقم 11632 لسنة 60 القضائية

(1) سب وقذف. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
العلانية في جريمة القذف المنصوص عليها في المادة 302 عقوبات. مناط تحققها؟
مثال لتسبيب سائغ لتوافر عنصري العلانية في جريمة القذف.
(2) سب وقذف. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص القصد الجنائي في جريمة السب والقذف علناً. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال.

----------------
1 - من المقرر أن العلانية في جريمة القذف المنصوص عليها في المادة 302 من قانون العقوبات، لا تتحقق إلا بتوافر عنصرين، أولهما توزيع الكتابة المتضمنة عبارات القذف على عدد من الناس بغير تمييز، وثانيهما انتواء الجاني إذاعة ما هو مكتوب، ولا يتطلب القانون أن يكون التوزيع بالغاً حداً معيناً، بل يكفي أن يكون المكتوب قد وصل إلى عدد من الناس ولو كان قليلاً، سواء أكان ذلك عن طريق تداول نسخة واحدة منه، أم بوصول عدة نسخ أو صور منها، ما دام ذلك لم يكن إلا بفعل المتهم، أو كان نتيجة حتمية لعمله لا يتصور أنه كان يجهلها، ولما كان مفاد ما أورده الحكم في مدوناته من أن الطاعن أقدم على تقديم شكوى إلى جهة عمل المجني عليه تضمنت اغتصابه أرضاً ليست له وإنكاره لديونه وأنه يحمل معول التخريب هو وزوجته وأن التحاقه وظيفياً بمركز البحوث قد جاء وفقاً لتقديرات خاطئة فإن هذا من الحكم يتوافر به عنصرا العلانية في جريمة القذف، لما هو معلوم بالضرورة من أن تلك الشكوى تداولتها أيدي الموظفين المختصين زملاء المجني عليه بالعمل، كنتيجة حتمية لإرسال الشكوى وضرورة الاطلاع عليها منهم ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد على غير سند.
2 - لما كان من المقرر أن استظهار القصد الجنائي في جريمة القذف والسب علناً من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، فإن الحكم إذ استخلص على النحو المتقدم قصد التشهير علناً بالمجني عليه يكون قد دل على سوء نية الطاعن وتوافر ركن العلانية بما يسوغ الاستدلال عليه وتنحسر به دعوى القصور في التسبيب.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح قسم الوايلي ضد الطاعن بوصف أنه قام بسب وقذف الطالب بألفاظ ماسة بشرفه واعتباره وأموراً لو صحت لأوجبت احتقاره بين العاملين معه وأهله وطلبت عقابه بالمواد 303، 306، 308 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم مائتي جنيه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إنه من المقرر أن العلانية في جريمة القذف المنصوص عليها في المادة 302 من قانون العقوبات، لا تحقق إلا بتوافر عنصرين، أولهما توزيع الكتابة المتضمنة عبارات القذف على عدد من الناس بغير تمييز، وثانيهما انتواء الجاني إذاعة ما هو مكتوب، ولا يتطلب القانون أن يكون التوزيع بالغاً حداً معيناً، بل يكفي أن يكون المكتوب قد وصل إلى عدد من الناس ولو كان قليلاً، سواء أكان ذلك عن طريق تداول نسخة واحدة منه، أم بوصول عدة نسخ أو صور منها، ما دام ذلك لم يكن إلا بفعل المتهم، أو كان نتيجة حتمية لعمله لا يتصور أنه كان يجهلها، ولما كان مفاد ما أورده الحكم في مدوناته من أن الطاعن أقدم على تقديم شكوى إلى جهة عمل المجني عليه تضمنت اغتصابه أرضاً ليست له وإنكاره لديونه وأنه يحمل معول التخريب هو وزوجته وأن التحاقه وظيفياً بمركز البحوث قد جاء وفقاً لتقديرات خاطئة فإن هذا من الحكم يتوافر به عنصرا العلانية في جريمة القذف، لما هو معلوم بالضرورة من أن تلك الشكوى تداولتها أيدي الموظفين المختصين زملاء المجني عليه بالعمل، كنتيجة حتمية لإرسال الشكوى وضرورة الاطلاع عليها منهم ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد على غير سند. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن ركن العلانية واستظهر الدليل على أن الطاعن قصد إذاعة ما نسبه إلى المجني عليه بما استخلصه الحكم من أن الطاعن تعمد إرسال شكواه إلى جهة عمل المجني عليه متضمنة عبارات القذف والسب، وكان من المقرر أن استظهار القصد الجنائي في جريمة القذف والسب علناً من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، فإن الحكم إذ استخلص على النحو المتقدم قصد التشهير علناً بالمجني عليه يكون قد دل على سوء نية الطاعن وتوافر ركن العلانية بما يسوغ الاستدلال عليه وتنحسر به دعوى القصور في التسبيب. لما كان ما تقدم، فإن النعي برمته يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً مع مصادرة الكفالة.