الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 22 مارس 2017

الطعن 71 لسنة 2 ق جلسة 10 / 2 / 2007

برئاسة السيد القاضي / يحيى جلال فضل رئيس المحكمة وعضوية القاضيين / محمـد ناجي دربالة و محمد عبـد الرحمن الجراح 

والسيـــد / سعــد محمـــــد توكـــــل أميــن الســر
----------------------
الـــوقـــائــع 
في يوم 19 / 6 / 2007 م طُعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف رأس الخيمة الصادر بتاريخ 28 / 5 / 2007 م في الاستئناف رقم 603 / 2006 وذلك بصحيفة طلبت فيها الطاعنة بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه ، وطلبت وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه
في يوم 5 / 7 /2007 م ، أُعلنت المطعون ضدها بصحيفة الطعن
وبجلسة 28 / 10 / 2007 م ، عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت لنظره جلسة المرافعة
وبجلسة 11 / 11 / 2007 م سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة والمحكمة أرجأت إصدار الحكم لجلسة اليوم .

-----------------------
المحكـمة 
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر / ........ والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الوقائع ــ وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ــ تتحصل في أن المطعون ضدها أقـامت الدعـوى رقم 712 لسنـة 2005 على الطاعنة ـــ شركة ...... ـــ وآخر أمام محكمة رأس الخيمة الجزئية التي حكمت بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة رأس الخيمة الابتدائية وقيدت لديها برقم 354 لسنة 2006 وانتهت المطعون ضدها في طلباتها إلى طلب الحكم بإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا لها مبلغ مليون وستمائة وأربعون ألف درهم تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بها بسبب حادث السيارة المؤمن من مخاطرها لدى الطاعنة ودين قائدها بحكم جنائي بات ، ومحكمة أول درجة حكمت بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ ستمائة ألف درهم . استأنف الطرفان هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 603 ، 606 لسنة 2006 أمام محكمة استئناف رأس الخيمة وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتاريخ 28 / 5 / 2007 م بتأييد الحكم المستأنف . طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها أرجأت إصدار الحكم لجلسة اليوم
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بأولهم على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال ذلك أنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن خطأ المطعون ضدها بعبورها الطريق فجأة من مكان غير مخصص لعبور المشاة وظهورها المفاجئ على مسافة قريبة من السيارة على نحو يتعذر معه على قائد السيارة تفاديها هو الذي أدى إلى وقوع الحادث وأن هذا الخطأ بلغ من الجسامة درجة بحيث يستغرق خطأ قائد السيارة ويكفي بذاته لإحداث الضرر بما تنتفي معه 
مسئوليته عن الأضرار التي لحقت المطعون ضدها فأطرح حكم أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا الدفاع استناداً إلى حجية الحكم الجنائي البات الذي قضى بإدانة قائد السيارة في حين أن حجية هذا الحكم قاصرة على ثبوت الجريمة ونسبتها إلى فاعلها ولا تقيد القاضي المدني ولا تحول دون بحث دفاعها المتقدم مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد. ذلك بأنه لما كان النص في المادة 269 من قانون الإجراءات الجزائية على أن [يكون للحكم الجزائي البات الصادر في موضوع الدعوى الجزائية بالبراءة أو بالإدانة حجية تلتزم بها المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها بحكم فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها . . . ] وفي المادة 50 من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية على أنه [ لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً . . . ] يدل على أن الحكم الصادر في المواد الجزائية تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله ، فإذا فصلت المحكمة الجزائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجزائي السابق له . لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم الصادر في القضية الجزائية رقم 184 لسنة 2005 مرور رأس الخيمة أن الدعوى الجزائية رفعت على قائد السيارة المؤمن لدى الطاعنة من مخاطرها بتهم التسبب خطأ في المساس بسلامة جسم المطعون ضدها وإتلاف المركبة المبينة بالأوراق وعدم الالتزام بقواعد المرور فقضت المحكمة بإدانته تأسيساً على ما ذكره في أسبابه من أن خطأ المتهم يتمثل في عدم الحيطة والحذر والقيادة بسرعة كبيرة دون مراعاة ظروف الطريق وأن خطأه هذا نتج عنه إصابة المطعون ضدها بالإصابات الموضحة بالأوراق وقد صار هذا الحكم باتاً بانقضاء مواعيد الطعن وكان الفعل غير المشروع الذي أقيمت الدعوى الجزائية على أساسه هو بذاته الذي نشأت عنه الأضرار التي لحقت المطعون ضدها والذي تساندت إليه في دعواها المدنية الراهنة فإن الحكم الجزائي إذ قطع في أن الحادث وقع نتيجة خطأ قائد السيارة ـــ المؤمن من مخاطرها لدى الطاعنة ـــ يكون قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجزائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله فيحوز في شأن هذه المسألة المشتركة حجية ملزمة يتعين على المحكمة المدنية التقيد بها ويمتنع عليها أن تخالفها أو تعيد بحثها وإذ اعتد حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه بحجية الحكم الجزائي في هذا الخصوص وأطرح ما تمسكت به الطاعنة في دفاعها بأن خطأ المطعون ضدها يستغرق خطأ قائد السيارة المؤمن من مخاطرها لديها ويدرأ المسئولية عنه يكون قد التزم صحيح القانون فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت بالأوراق ذلك أنها تمسكت بأنه على فرض وقوع خطأ من قائد السيارة فإن نسبة مساهمته لا تتجاوز 20 % بالنظر إلى جسامة خطأ المطعون ضدها بما يتعين معه قصر مسئوليته عن التعويض على هذه النسبة إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى بتوزيع المسئولية بنسبة 25 % للمطعون ضدها وحمل قائد السيارة الباقي دون مراعاة مقدار الخطأ الذي وقع منها وكان السبب الأساسي في إحداث الضرر كما استنزل الحكم نسبة مساهمة المطعون ضدها التي انتهى إليها من قيمة الديات المحكوم بها دون باقي عناصر التعويض المقضي به مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في غير محله. ذلك بأنه لما كان النص في المادة 290 من قانون المعاملات المدنية على أنه [ يجوز للقاضي أن ينقص مقدار الضمان أو لا يحكم بضمان ما إذا كان المتضرر قد اشترك بفعله في إحداث الضرر أو زاد فيه . ] يدل على أنه إذا قام الدليل على أن المضرور ساهم بخطئه في الضرر الذي أصابه أو زاد فيه ، يجوز للقاضي توزيع المسئولية المدنية بين المسئول والمضرور 
على قدر خطأ كل منهما الناشئ عنه الضرر فيجري ما يشبه المقاصة وذلك بإلزام المسئول بالتعويض المستحق عن كامل الضرر منقوصاً منه مقدار ما يتحمله المضرور بسبب الخطأ الذي وقع منه ، وتقدير ثبوت أو نفي مساهمة المضرور بفعله في إحداث الضرر ومبلغ مساهمته ومقدار ما ينقص من التعويض المستحق له هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة من محكمة التمييز متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عرض لمساهمة المطعون ضدها بخطئها فيما أصابها من ضرر بقوله " وتقدر المحكمة الدية وحكومة العدل في ضوء الثابت من الأوراق ومعاينة شرطة المرور أن المدعية ساهمت في وقوع الحادث بعبورها الطريق فجأة ومن ثم فإن المحكمة تنقص مقدار الدية عن كل من حاستي الشم والتذوق بجعلها مائة وخمسون ألف درهم عن كل حاسة ليكون مجموعهما ثلاثمائة ألف درهم كما أن المحكمة تقدر باقي الأضرار عن الإصابات والتعويض الأدبي بمبلغ ثلاثمائة ألف درهم أيضاً في ضوء أحكام المادة 290 من قانون المعاملات المدنية . " وكان البين من هذا الذي أورده الحكم الابتدائي وأقره الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع قد استعرضت ظروف الدعوى وملابساتها وتحرت ما وقع من طرفي حادث النزاع وخلصت من ذلك إلى أن المطعون ضدها قد ساهمت بخطئها في وقوع الحادث بعبورها الطريق فجأة ثم أعملت أثر ذلك وهي بسبيل تقدير ما تستحقه من تعويض في كافة عناصره مبينة في حكمها أن المبلغ المقضي به هو التعويض المستحق عن كل الضرر منقوصاً منه ما يوازي نصيب المطعون ضدها في المسئولية بسبب الخطأ الذي وقع منها وكانت هذه الأسباب سائغة ولها مأخذها الصحيح من الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها فإن النعي على الحكم بخصم نسبة مساهمة المطعون ضدها التي قدرها من قيمة الديتين المحكوم بها دون باقي عناصر التعويض يكون غير صحيح كما أن ما تثيره الطاعنة حول تقدير مساهمة المطعون ضدها في إحداث الضرر لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير موضوعي سائغ مما تستقل به محكمة الموضوع 
بمنأى عن رقابة محكمة التمييز ومن ثم غير مقبول
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول والثالث والرابع من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ومخالفة الثابت في الأوراق والفاسد في الاستدلال ذلك أنها تمسكت في دفاعها بأن الضرر الناجم عن فقد المطعون ضدها حاستي الشم والتذوق وإصابتها في العضد الأيسر بفرض ثبوته يقدر التعويض عنها بنسبة من قيمة الدية بما يوازي نسب العجز المحددة لهذه الإصابات في التقرير الطبي المؤرخ 21 / 3 / 2006 م الصادر من مستشفى ..... وبأن إصابة المطعون ضدها بالرأس فيها أرش مقدر بالعشر من قيمة الدية المقررة كما تمسكت بأن الحكم المستأنف قضى للمطعون ضدها بالدية وبتعويض عن الأضرار الأدبية فيكون قد قضى بتعويضين عن ذات الضرر لأن الحكم بالدية يشمل التعويض عن الأضرار الأدبية إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على الدفاع المتقدم وقضى بتأييد الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من تعويض جزافي دون بيان أسس تقدير التعويض مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في غير محله . ذلك بأنه لما كان مؤدى نص المواد 282 ، 292 ، 293 ، 299 من قانون المعاملات المدنية ــ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ــ أن التعويض عن الإيذاء الذي يقع على النفس في غير الحالات التي تستحق فيها الدية أو الأرش يخضع للقواعد العامة الواردة في قانون المعاملات المدنية لتقدير التعويض الجابر للضرر المترتب على الفعل الضار ، وإذ تركت هذه القواعد للقاضي أمر تقدير التعويض حسبما يراه مناسباً لجبر كافة الأضرار الناشئة عن هذا الفعل ــ وهو ما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية بما اصطلح عليه في الفقه الإسلامي بحكومة عدل ــ بحيث يشمل التعويض كل ضرر مباشر حال أو مستقبل محقق الوقوع ، متوقعاً كان هذا الضرر أو غير متوقع ، ويقوم ذلك التقدير على عنصرين قوامهما الخسارة التي لحقت المضرور والكسب الذي فاته متى كان ذلك نتيجة مألوفة للفعل الضار ، ولا وجه لقياس تقدير التعويض في نطاق المسئولية المترتبة على الفعل الضار على قواعد 
وأحكام الدية الشرعية لاختلاف كل منهما في مصدر الالتزام وطبيعته وفي نوع التعويض ومداه ، مما مقتضاه أن القاضي لا يتقيد في تقدير التعويض الجابر للضرر الناجم عن الفعل الضار بمقدار الدية أو الأرش ولا أن يتخذ من قيمتهما معياراً للتقدير ، ذلك أن المشرع في إرسائه المبدأ العام في تعويض الضرر عن العمل غير المشروع لم يقصر التعويض على الدية الشرعية وحدها وإنما جعله شاملاً لكافة العناصر الأخرى للضرر المادي والأدبي وأفصح عن هذا المعنى في المواد 282 ، 292 ، 293 ، 294 ، 295 ، 296 ، 297 من قانون المعاملات المدنية فإن حظر الجمع بين الدية والتعويض ينصرف إلى الحالة التي تغطى فيها الدية كافة الأضرار الناجمة عن العمل غير المشروع أما إذا لحق المضرور ضرر آخر لا تغطيه الدية فيجوز التعويض عنه . لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته أن المطعون ضدها قد أصيبت بكسر في الجهة اليمنى من قاعدة الجمجمة مع تكدمات نزفية في الفص الصدغي الأيسر والفص الجبهوي الأيمن والأيسر للدماغ وضمور موضعي في الفص الجبهوي والصدغي الأيسر واضطراب في السلوك وحالات من التوتر الشديد والعصبية ووجود تحدد شديد في حركة الكوع الأيسر وآلام مستمرة في الركبة اليمنى ونزيف من الأذنين والأنف بسبب كسر قاعدة الجمجمة وكذلك فقد حاستي الشم والتذوق وبعد أن خلص الحكم إلى استحقاق المطعون ضدها الدية عن فقد هاتين الحاستين قدر التعويض الجابر للأضرار المادية والأدبية الناجمة عن الإصابات الأخرى السالفة البيان بمبلغ 300 ألف درهم وكان لا يعيب الحكم قضاؤه بتعويض إجمالي عن تلك الإصابات بغير تحديد للمبلغ الذي قدره لكل منهما طالما أنه عرض لكافة العناصر المكونة للضرر التي تدخل في حساب التعويض ومقدار التعويض الذي تستحقه المطعون ضدها فإن ما تثيره الطاعنة من أنه كان يتعين احتساب التعويض بنسبة من قيمة الدية وبأن الحكم قضى بتعويضين عن ذات الضرر يكون في غير محله
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى للمطعون ضدها بديتين كاملتين عن فقد حاستي الشم والتذوق في حين أن دية المرأة نصف دية الرجل وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية والقانون مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد . ذلك بأنه لما كانت المادة الأولى من القانون رقم 17 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2003 تنص على أن " تحدد الدية الشرعية للمتوفى خطأ من الأشخاص بمبلغ ( 200.000 ) مائتي ألف درهم في جميع محاكم إمارات الدولة . " وكان لفظ " المتوفى " الوارد في النص يفيد العموم فيشمل أفراد جنسه ويستغرقها جميعاً مما مفاده أن المشرع استهدف بهذا النص تعيين مقدار دية النفس في القتل الخطأ دون تمييز بين الرجل والمرأة لأن النص متى جاء عاماً ولم يقم دليل على تخصيصه وجب حمله على عمومه وإثبات حكمه قطعاً لجميع أفراده، وكان النص صريحاً واضحاً في الدلالة على هذا المعنى ولا يناقض حكماً من الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها والتي يمتنع فيها وحدها الاجتهاد باعتبارها تمثل من الشريعة الإسلامية ثوابتها التي لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً وليست كذلك الأحكام الظنية في ثبوتها أو دلالتها أو فيهما معاً فهذه الاجتهاد فيها جائزاً ومندوباً فلا يصد اجتهاد اجتهاداً أو يكتسب عصمة من دونه ، وكانت دية المرأة في القتل الخطأ ليس فيها نصاً قطعياً في ثبوته ودلالته يقرر حكماً فاصلاً في شأنها ومن ثم ساغ الاجتهاد في هذه المسألة وانتهى إلى رأيين ذهب أحدهما إلى أن دية المرأة في القتل الخطأ على النصف من دية الرجل استناداً إلى جملة ( دية المرأة نصف دية الرجل ) المنسوبة إلى حديث عمرو بن حزم في كتاب كتبه له رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ عندما بعثه إلى نجران وبرغم أن هذا الحديث في صحة أسانيده كلها نظر فقد استدل به جانب من الفقه ومنهم الأئمة الأربعة على هذا الرأي وكذلك إلى أن إجماع السلف من الفقهاء على تنصيف دية المرأة ، في حين ذهب الرأي الآخر إلى التسوية بين دية الرجل والمرأة على سند من أن الأصل في تشريع الدية قوله تعالى " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأً ومن قتل 
مؤمناً خطأً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله " وأن كلمة ( مؤمن ) في الآية الكريمة لفظ عام يثبت حكمه لجميع أفراد هذا العام قطعياً لا ظنياً وأن النصوص القرآنية لم يرد بها ما يدل على تخصيص هذا النص ولا حديث يصلح حجة في هذه المسألة ولا يجوز قياس دية المرأة على أحكام الإرث أو الشهادة والأولى أن تقاس على القصاص لأن كليهما عقوبة فالرجل يقتل في المرأة كما تقتل المرأة في الرجل فدمها سواء باتفاق بما يوجب المساواة بينهما في الدية ، وكان الاجتهاد في الأحكام الظنية ولئن كان حقاً لأهل الفقه فأولى أن يكون هذا الحق مقرراً لولي الأمر فيجوز له ــ في حدود السلطة التي يملكها ولي الأمر لاستنباط الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية مستعيناً في ذلك بأهل الفقه والرأي ــ أن يتدخل للترجيح بين الرأيين السابقين لبيان أيهما أولى بالاتباع بقصد جمع محاكم الدولة على رأي واحد يرفع به الخلاف ويتقيد به القاضي وينزل الجميع على حكمه تحقيقاً لاستقرار العلاقات وتوحيداً للتطبيق القضائي إرساء للعدل والمساواة وهو ما نحا إليه النص التشريعي سالف البيان بما قرره من المساواة بين دية الرجل والمرأة وكان هذا النص مستمداً من أحكام الشريعة الإسلامية إذ يستند في أصله إلى حكم قطعي الثبوت ويعتنق في تفاصيله رأي جانب من الفقه ترجحه الأدلة التي يتساند إليها فإن القول بمخالفة النص وفقاً للمفهوم السابق للشريعة الإسلامية لمجرد أنه لم يأخذ باجتهاد جانب آخر من الفقه في المسألة ذاتها يكون على غير أساس ذلك أن الآراء الاجتهادية لا تجاوز حجيتها قدر اقتناع أصحابها بها ولا يسوغ اعتبارها شرعاً ثابتاً مقرراً لا يجوز أن ينقض وإلا كان نهياً عن أداء فريضة التأمل والتبصر في دين الله تعالى وإنكار لحقيقة أن الخطأ محتمل في كل اجتهاد لأنه غير مقطوع بأنه حكم الشرع وإنما هو ما غلب على ظن المجتهد أنه حكم الشرع فلا يجوز اعتبار مخالفته بحكم اجتهادي آخر مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه حكم النص السالف البيان وجرى في قضائه على المساواة بين دية الرجل والمرأة فإنه يكون قد صادف صحيح 
القانون ويكون النعي عليه بمخالفة أحكام الشريعة الإسلامية على غير أساس . ولما تقدم يتعين رفض الطعن

لــــذلـــــــــــــــــــك 
حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعنة الرسم والمصروفات ومبلغ مائتي درهم مقابل أتعاب المحاماة وبمصادرة التأمين .

تمييز رأس الخيمة مدني

تمييز راس الخيمة (مدني) أحكام سنة 2007

الاثنين، 20 مارس 2017

عدم دستورية منع سماع دعوى الإلغاء بالنسبة إلى أفراد المخابرات العامة

 الطعن 13 لسنة 7 ق جلسة 16 / 4 / 1977 المحكمة العليا  مكتب فني 1 ج 1 ص  48
برئاسة السيد المستشار بدوي إبراهيم حمودة رئيس المحكمة. 
وحضور السادة المستشارين محمد عبد الوهاب خليل وعمر حافظ شريف ومحمد بهجت محمود عتيبة نواب رئيس المحكمة وعلي أحمد كامل وأبو بكر محمد عطية الوكيلين بالمحكمة والمستشار محمد فهمي حسن عشري، أعضاء 
والمستشار محمد كمال محفوظ المفوض 
والسيد/ سيد عبد الباري إبراهيم أمين السر.
-------------------
- 1  إلغاء القانون رقم 59 لسنة 1964 بنظام المخابرات العامة – بالقانون رقم 100 لسنة 1971 - لا يحول دون الطعن فيه بمخالفة الدستور، فقد جرى قضاء المحكمة العليا على أن المراكز القانونية التي نشأت وترتبت في ظل قاعدة قانونية معينة تظل محكومة بهذه القاعدة رغم إلغائها ولو كانت مشتملة على نص مانع من التقاضي ما لم تقض المحكمة العليا بعدم دستورية هذا النص.
- 2  تنص المادة 68 من الدستور على أن "التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء" ويبين من هذا النص أن الدستور لم يقف عند حد تقرير حق التقاضي للناس كافة كمبدأ دستوري أصيل، بل جاوز ذلك إلى تقرير مبدأ حظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء – رغم دخول هذا المبدأ في عموم المبدأ الأول رغبة في تأكيد الرقابة القضائية على القرارات الإدارية وحسما لما ثار من خلاف  في شأن عدم دستورية التشريعات التي تحظر حق الطعن في هذه القرارات، وقد استقر قضاء المحكمة العليا على أن النص المشار إليه جاء كاشفا للطبيعة الدستورية لحق التقاضي ومؤكدا لما أقرته الدساتير السابقة ضمنا من كفالة هذا الحق للأفراد حين خولتهم حقوقا لا تقوم ولا تؤتي ثمارها إلا بقيامه باعتباره الوسيلة التي تكفل حماية تلك الحقوق والتمتع بها ورد العدوان عليها وباعتباره من الحقوق العامة بالنظر إلى ما يترتب على حرمان طائفة معينة منه مع تحقق مناطه – وهو قيام المنازعة في حق من حقوق أفرادها - من إهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من هذا الحق، وهو المبدأ الذي كفلته المادة 31 من دستور 1956، والمادة 7 من دستور سنة 1958، والمادة 24 من دستور 1964، والمادة 40 من الدستور القائم.
- 3  حق التقاضي – إلغاء وتعويضا - هو حق دستوري أصيل قرره الدستور الدائم بنص صريح كما قررته الدساتير السابقة ضمنا، ولئن مضى حين من الدهر كانت قرارات الإدارة المخالفة لقانون بمنجاة من الإلغاء ووقف التنفيذ، فمرد ذلك إلى أن مبدأ الشريعة لم يكن قد اكتمل له أخص عناصره وهو خضوع هذه القرارات لرقابة القضاء، أما وقد استقر هذا المبدأ واكتمل بإنشاء مجلس الدولة واختصاصه بإلغاء القرارات الإدارية المخالفة للقانون، ثم النص الصريح في المادة 68 من الدستور على حظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء فلا يسوغ – من بعد - أن تهدر هذه الرقابة بنص في قانون، سواء شمل المنع دعوى الإلغاء ودعوى التعويض معا أم اقتصر المنع على دعوى الإلغاء فحسب وإلا كان هذا النص مخالفا للمادتين 68، 400 من الدستور ذلك لأن التعويض النقدي عما يترتب على القرار المخالف للدستور من ضرر لا يكفي لشفاء نفس من حل به هذا الضرر ما بقي مصدر الضرر وهو القرار المذكور قائما نافذا فلا يغني في هذا الصدد سوى التعويض العيني بإلغاء القرار مصدر الضرر والتعويض النقدي معا وهذا هو قوام مبدأ الشرعية وسيادة القانون.
- 4  السلطة القضائية سلطة أصيلة تقف على قدم المساواة مع السلطتين التشريعية والتنفيذية وتستمد وجودها وكيانها من الدستور ذاته لا من التشريع، وقد ناط بها الدستور – وحدها – أمر العدالة مستقلة عن باقي السلطات، ومن ثم فلا يجوز عن طريق التشريع – إهدار ولاية تلك السلطة كليا أو جزئيا، ولئن نص الدستور الدائم في المادة 1677 منه على أن "يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصها" فإن المقصود بذلك أن يتولى الشارع توزيع ولاية القضاء كاملة على تلك الهيئات على نحو يكفل تحقيق العدالة وتمكينا للأفراد من ممارسة حق التقاضي دون مساس بالسلطة القضائية في ذاتها أو عزل لجانب من المنازعات عن ولايتها، فإن تجاوز القانون هذا القيد الدستوري وانتقص من ولاية القضاء – ولو جزئيا – كان مخالفا للدستور.
- 5  مبدأ الشرعية وسيادة القانون، هو المبدأ الذي يوجب خضوع سلطات الدولة للقانون واحترام حدوده في كافة أعمالها وتصرفاتها، وهذا المبدأ لن ينتج أثره إلا بقيام مبدأ الرقابة القضائية على دستورية القوانين من جهة وعلى شرعية القرارات الإدارية من جهة أخرى، لأن هذين المبدأين يكمل إحداهما الآخر، ولأن الإخلال بمبدأ الرقابة القضائية من شأنه أن يهدر مبدأ الشرعية وسيادة القانون، ذلك أنها الوسيلة الحاسمة لحماية الشرعية فهي التي تكفل تقييد السلطات العامة بقواعد القانون كما تكفل رد هذه السلطات إلى حدود المشروعية إن هي تجاوزت تلك الحدود، وغني عن البيان أن أي تضييق في تلك الرقابة – ولو اقتصر هذا التضييق على دعوى الإلغاء – سوف يؤدي حتما إلى الحد من مبدأ الشرعية وسيادة القانون.
- 6  القانون السابق للمخابرات العامة رقم 159 لسنة 1964 إذ نص في المادة 134 منه على أن "لا تسمع دعاوى أفراد المخابرات العامة إلا في حدود طلبات التسوية والتعويضات القانونية"، يكون منطويا على مصادرة لحق هؤلاء الأفراد – وهم موظفون عموميون – في الطعن في القرارات الإدارية المتعلة بشئونهم الوظيفية أو التقاضى بشأنها بدعوى الإلغاء، فضلا عن إهداره مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق مما يخالف المادتين 68، 40 من الدستور وعلى مقتضى ذلك يكون النص المطعون بعدم دستوريته وهو نص المادة 134 من قانون المخابرات العامة رقم 159 لسنة 1964 مخالفا للدستور.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة
من حيث إن الدعوى استوفت الأوضاع المقررة قانوناً
أقام المدعي الدعوى رقم 886 لسنة 26ق أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ضد رئيس الجمهورية ومدير المخابرات العامة بطلب الحكم بإلغاء القرار الجمهوري رقم 1813 لسنة 1967 الصادر في 26 من سبتمبر سنة 19677 بإحالته إلى المعاش مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي إليه تعويضاً مقداره 40 ألفا من الجنيهات
ودفعت الحكومة بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى في شقها الخاص بطلب الإلغاء، استنادا إلى المادة 134 من قانون المخابرات العامة السابق رقم 159 لسنة 1964 – الذي أحيل المدعي إلى المعاش في ظله - والتي تنص على أن "لا تسمع دعاوى أفراد المخابرات العامة إلا في حدود طلبات التسوية والتعويضات". 
ودفع المدعي بعدم دستورية المادة المذكورة، لانطوائها على نص مانع من سماع دعوى الإلغاء بالنسبة إلى القرارات الإدارية التي تصدر في شأن أفراد المخابرات العامة
وبتاريخ 22 من أبريل سنة 1976 قررت محكمة القضاء الإداري وقف السير في الخصومة وأمهلت المدعي ستة أشهر لاتخاذ إجراءات رفع الدعوى أمام المحكمة العليا بعدم دستورية النص المشار إليه
وبصحيفة مودعة قلم كتاب المحكمة العليا بتاريخ 31 من يوليو سنة 1976 أقام المدعي هذه الدعوى طالبا الحكم – وفقا لطلباته الختامية بجلسة 5 من فبراير 1977 – بعدم دستورية النص المانع من التقاضي الوارد في المادة 134 من قانون المخابرات العامة السابق رقم 159 لسنة 1964، وطلبت الحكومة رفض الدعوى، وقدمت هيئة المفوضين تقريرا مسببا بالرأي القانوني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بعدم دستورية نص المادة 134 من القانون رقم 159 لسنة 1964 فيما تضمنه من عدم سماع دعوى الإلغاء بالنسبة إلى أفراد المخابرات العامة وإلزام الحكومة المصروفات
وحدد لنظر الدعوى جلسة 5 من فبراير 1977 وفيها قرر الحاضر عن المدعي أنه يقصر دعواه على طلب الحكم بعدم دستورية المادة 134 من القانون رقم 159 لسنة 1964 وأرجأت المحكمة النطق بالحكم لجلسة 2/4/1977 حيث مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم الآتي
ومن حيث إن المحكمة تشير بادئ ذي بدء إلى أن إلغاء القانون رقم 159 لسنة 1964 بنظام المخابرات العامة - بالقانون القائم رقم 100 لسنة 1971 - لا يحول دون الطعن فيه بمخالفة الدستور، فقد جرى قضاء المحكمة العليا على أن المراكز القانونية التي نشأت وترتبت في ظل قاعدة قانونية معينة تظل محكومة بهذه القاعدة رغم إلغائها ولو كانت مشتملة على نص مانع من التقاضي ما لم تقض المحكمة العليا بعدم دستورية هذا النص
ومن حيث إن المدعي ينعي على المادة 134 من قانون المخابرات العامة السابق رقم 159 لسنة 1964 مخالفة المادة 68 من الدستور التي كفلت حق التقاضي للناس كافة وحظرت النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، ويقول بيانا لذلك أن المادة 134 من ذلك القانون إذ نصت على منع سماع دعاوى أفراد المخابرات العامة إلا في حدود طلبات التسوية والتعويضات تكون قد حصنت القرارات الصادرة في ظلها بإحالة هؤلاء الأفراد إلى المعاش من الطعن بإلغاء هذه القرارات، وذلك بالمخالفة لنص المادة 68 من الدستور
ومن حيث إن المادة 134 من قانون المخابرات العامة السابق رقم 159 لسنة 1964 تنص على أن "لا تسمع دعاوى أفراد المخابرات العامة إلا في حدود طلبات التسوية والتعويضات القانونية على أن تنظر في جلسة سرية". 
ومن حيث إن المادة 68 من الدستور تنص على أن "التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء" ويبين من هذا النص أن الدستور لم يقف عند حد تقرير حق التقاضي للناس كافة كمبدأ دستوري أصيل، بل جاوز ذلك إلى تقرير مبدأ حظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء - رغم دخول هذا المبدأ في عموم المبدأ الأول - رغبة في توكيد الرقابة القضائية على القرارات الإدارية وحسماً لما ثار من  خلاف في شأن عدم دستورية التشريعات التي تحظر حق الطعن في هذه القرارات، وقد استقر قضاء المحكمة العليا على أن النص المشار إليه جاء كاشفاً للطبيعة الدستورية لحق التقاضي ومؤكداً لما أقرته الدساتير السابقة ضمناً من كفالة هذا الحق للأفراد حين خولتهم حقوقاً لا تقوم ولا تؤتي ثمارها إلا بقيامه باعتباره الوسيلة التي تكفل حماية تلك الحقوق والتمتع بها ورد العدوان عليها وباعتباره من الحقوق العامة بالنظر إلى ما يترتب على حرمان طائفة معينة منه مع تحقق مناطه - وهو قيام المنازعة في حق من حقوق أفرادها - من إهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من هذا الحق، وهو المبدأ الذي كفلته المادة 31 من دستور 1956، والمادة 7 من دستور 1958، والمادة 24 من دستور 1964، والمادة 40 من الدستور القائم
ومن حيث إن الحكومة ذهبت في دفاعها إلى القول بأن المادة 134 من قانون المخابرات العامة السابق رقم 159 لسنة 1964 المطعون فيها بمخالفة الدستور لا تحظر حق التقاضي حظراً كاملاً مطلقا، وإنما هي تمنع - فحسب - دعوى الإلغاء، وهو منع يملكه المشرع لأن دعوى الإلغاء هي دعوى ذات طبيعة قانونية نظراً لأن الشارع هو الذي استحدثها بقانون ومن ثم فهو يملك منعها بنص في القانون دون أن يعتبر هذا المنع مصادرة لحق التقاضي بل تنظيما لهذا الحق
ومن حيث إن هذا الدفاع مردود بما يأتي
أولا: أن التقاضي - إلغاء وتعويضا - هو حق دستوري أصيل قرره الدستور الدائم بنص صريح كما قررته الدساتير السابقة ضمنا حسبما سلف البيان، ولئن مضى حين من الدهر كانت قرارات الإدارة المخالفة للقانون بمنجاة من الإلغاء ووقف التنفيذ، فمرد ذلك إلى أن مبدأ الشرعية لم يكن قد اكتمل له أخص عناصره وهو خضوع هذه القرارات لرقابة القضاء، أما وقد استقر هذا المبدأ واكتمل بإنشاء مجلس الدولة واختصاصه بإلغاء القرارات الإدارية المخالفة للقانون، ثم بالنص الصريح في المادة 68 من الدستور على حظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء، فلا يسوغ – من بعد – أن تهدر هذه الرقابة بنص في قانون، سواء شمل المنع دعوى الإلغاء ودعوى التعويض معاً أم اقتصر المنع على دعوى الإلغاء فحسب وإلا كان هذا النص مخالفاً للمادتين 68، 40 من الدستور ذلك لأن التعويض النقدي عما يترتب على القرار المخالف للدستور من ضرر لا يكفي لشفاء نفس من حل به هذا الضرر ما بقي مصدر الضرر وهو القرار المذكور قائما نافذا، فلا يغني في هذا الصدد سوى التعويض العيني بإلغاء القرار مصدر الضرر والتعويض النقدي معاً وهذا هو قوام مبدأ الشرعية وسيادة القانون
ثانيا: أن السلطة القضائية سلطة أصيلة تقف على قدم المساواة مع السلطتين التشريعية والتنفيذية وتستمد وجودها وكيانها من الدستور ذاته لا من التشريع، وقد ناط بها الدستور - وحدها - أمر العدالة مستقلة عن باقي السلطات، ومن ثم فلا يجوز - عن طريق التشريع - إهدار ولاية تلك السلطة كلياً أو جزئيا، ولئن نص الدستور الدائم في المادة 1677 منه على أن "يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصها" فإن المقصود بذلك أن يتولى الشارع توزيع ولاية القضاء كاملة على تلك الهيئات على نحو يكفل تحقيق العدالة وتمكيناً للأفراد من ممارسة حق  التقاضي دون مساس بالسلطة القضائية في ذاتها أو عزل لجانب من المنازعات عن ولايتها، فإن تجاوز القانون هذا القيد الدستوري وانتقص من ولاية القضاء - ولو جزئيا - كان مخالفا للدستور
ثالثا: أن مبدأ الشرعية وسيادة القانون، هو المبدأ الذي يوجب خضوع سلطات الدولة للقانون واحترام حدوده في كافة أعمالها وتصرفاتها، هذا المبدأ لن ينتج أثره إلا بقيام مبدأ الرقابة القضائية على دستورية القوانين من جهة وعلى شرعية القرارات الإدارية من جهة أخرى، لأن هذين المبدأين يكمل أحداهما الآخر، ولأن الإخلال بمبدأ الرقابة القضائية من شأنه أن يهدر مبدأ الشرعية وسيادة القانون ولما كانت الرقابة القضائية هي الوسيلة الحاسمة لحماية الشرعية فهي التي تكفل تقييد السلطات العامة بقواعد القانون كما تكفل رد هذه السلطات إلى حدود المشروعية إن هي تجاوزت تلك الحدود، وغني عن البيان أن أي تضييق في تلك الرقابة - ولو اقتصر هذا التضييق على دعوى الإلغاء - سوف يؤدي حتما إلى الحد من مبدأ الشرعية وسيادة القانون
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن القانون السابق للمخابرات العامة رقم 159 لسنة 1964 إذ نص في المادة 134 منه على أن "لا تسمع دعاوى أفراد المخابرات العامة إلا في حدود طلبات التسوية والتعويضات القانونية" يكون منطوياً على مصادرة لحق هؤلاء الأفراد - وهم موظفون عموميون - في الطعن في القرارات الإدارية المتعلقة بشئونهم الوظيفية أو التقاضي بشأنها بدعوى الإلغاء، فضلا عن إهداره مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق مما يخالف المادتين 68 و40 من الدستور وعلى مقتضى ذلك يكون النص المطعون بعدم دستوريته وهو نص المادة 134 من قانون المخابرات العامة رقم 159 لسنة 1964 مخالفاً للدستور ويتعين القضاء بعدم دستوريته
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بعدم دستورية المادة 134 من قانون المخابرات العامة رقم 159 لسنة 1964 فيما نصت عليه من عدم سماع دعوى الإلغاء بالنسبة إلى أفراد المخابرات العامة، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة

الخميس، 16 مارس 2017

الطعن 6998 لسنة 65 ق جلسة 14 / 5 / 2007 مكتب فني 58 ق 71 ص 412

برئاسة السيد القاضي/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد المنعم دسوقي، بليغ كمال، أحمد عبد الحميد نواب رئيس المحكمة وشريف سامي الكومي.
-------------
حكم "عيوب التدليل: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه" . شيوع "قسمة المال الشائع: الآثار التي تترتب على القسمة: ضمان التعرض والاستحقاق". قسمة "عقد القسمة: الضمان في القسمة".
المتقاسم. ضمانة للمتقاسمين الآخرين ما يقع لهم من تعرض أو استحقاق في المال المفرز الذي وقع في نصيبهم نتيجة القسمة. م 844/1 مدني. استحقاق العين المقسمة للغير. مؤداه. للدائن بالضمان الرجوع على المتقاسمين الآخرين بمقدار ما نقص من نصيبه. للمتقاسم المدين بالضمان. التزامه بتعويض مستحق الضمان بنسبة حصته فقط في قيمة تلك العين لا بكامل قيمتها. قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعنين بكامل قيمة العين دون استنزال نصيب شركائهم المطعون ضدهم. مخالفة للقانون.
إن مؤدى النص في المادة 844/1 من القانون المدني أن كل متقاسم يضمن للمتقاسمين الآخرين ما يقع لهم من تعرض أو استحقاق في المال المفرز الذي وقع في نصيبهم نتيجة القسمة، فإذا استحقت العين للغير كان للدائن بالضمان الرجوع على المتقاسمين الآخرين بمقدار ما نقص من نصيبه، ويكون المتقاسم المدين بالضمان ملزماً بتعويض مستحق الضمان بنسبة حصته فقط في قيمة تلك العين وليس بكامل قيمتها، وكان لا خلاف بين الخصوم على أن قيمة العين المستحقة للغير مبلغ ثلاثة وأربعين ألف جنيه، وأن نصيب المطعون ضدهم المستحق هو مبلغ واحد وعشرون ألفاً وخمسمائة جنيه، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعنين بكامل قيمة العين دون أن يستنزل نصيب شركائهم المطعون ضدهم، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون.
-------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى ...... لسنة 1991 إسكندرية الابتدائية على الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا لهم مبلغ مائة وخمسين ألف جنيه تعويضاً عن نصيبهم في العين المبينة بالأوراق والفوائد القانونية من وقت القسمة إذ قامت شركة تضامن بين مورثهم ومورث الطاعنين وبتصفية تلك الشركة وقسمة عناصرها أختص المطعون ضدهم من بين ما اختصموا بصالة العرض المبينة بالأوراق وتمكن مالك العقار الكائنة به تلك العين من استردادها وإخلائهم منها، ومن ثم فقد نقص نصيبهم من المال الذي آل إليهم نتيجة القسمة، ومحكمة أول درجة حكمت برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف ...... لسنة 50 ق الإسكندرية، وبتاريخ 19/4/1995 قضت المحكمة بإلزام الطاعنين بأداء مبلغ ثلاثة وأربعين ألف جنيه وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ الحكم. طعن الطاعنون على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن أستوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ قضى بإلزامهم بكامل قيمة العين التي استحقت للغير في حين أنهم لا يلتزمون إلا بنصف تلك القيمة وذلك بقدر حصتهم في المال الشائع ويتحمل المطعون ضدهم النصف الآخر فإنه يكون قد خالف المادة 844/1 من القانون المدني مما يعيبه ويوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك إن مؤدي النص في المادة 844/1 من القانون المدني أن كل متقاسم يضمن للمتقاسمين الآخرين ما يقع لهم من تعرض أو استحقاق في المال المفرز الذي وقع في نصيبهم نتيجة القسمة فإذا استحقت العين للغير كان للدائن بالضمان الرجوع على المتقاسمين الآخرين بمقدار ما نقص من نصيبه ويكون المتقاسم المدين بالضمان ملزماً بتعويض مستحق الضمان بنسبة حصته فقط في قيمة تلك العين وليس بكامل قيمتها وكان لا خلاف بين الخصوم على أن قيمة العين المستحقة للغير مبلغ ثلاثة وأربعين ألف جنيه وأن نصيب المطعون ضدهم المستحق هو مبلغ واحد وعشرون ألفاً وخمسمائة جنيه، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعنين بكامل قيمة العين دون أن يستنزل نصيب شركائهم المطعون ضدهم، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.

الطعن 3243 لسنة 76 ق جلسة 13 / 5 / 2007 مكتب فني 58 ق 70 ص 408

برئاسة السيد القاضي/ فؤاد شلبي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ حامد مكي، جرجس عدلي، محمد خليفة ومعتز مبروك نواب رئيس المحكمة.
------------
- 1  تأمين "أقسام التأمين: التأمين الإجباري من حوادث السيارات: ماهيته والمقصود به". حكم "عيوب التدليل: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه". مسئولية "المسئولية العقدية: مسئولية شركة التأمين الناشئة عن عقد التأمين".
التأمين الإجباري الذي يعقده مالك السيارة. ماهيته. تأمين ضد مسئوليته المدنية عن حوادثها لصالح الغير. المقصود به. حماية المضرور وضمان حصوله على حقه في التعويض. عدم شموله ما يلحق قائد السيارة من أضرار نتيجة الحادث سواء كان تابعاً لمالكها المؤمن له أو غير تابع صرح له في قيادتها أو لم يصرح. المواد 2، 5 ق 652 لسنة 1955، 11 من ق 66 لسنة 1973 والشرط الأول من النموذج الملحق بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 152 لسنة 1955.
إن المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ أن النص في المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 ـ بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات على أن "يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارة إذا وقعت في جمهورية مصر، وذلك في الأحوال المنصوص عليها في المادة 6 من القانون رقم 449 لسنة 1955 "والنص في الشرط الأول من وثيقة التأمين المطابقة للنموذج الملحق بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 152 لسنة 1955 الصادر تنفيذا للمادة الثانية من قانون التأمين الإجباري سالف البيان، على سريان التزام المؤمن بتغطية المسئولية الناشئة عن الوفاة أو أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من الحوادث التي تقع من السيارة المؤمن عليها لصالح "الغير" أيا كان نوع السيارة.." مؤداه أن التأمين الإجباري الذي يعقده مالك السيارة إعمالا لحكم المادة 11 من القانون رقم 66 لسنة 1973 بإصدار قانون المرور ـ المقابلة للمادة السادسة من القانون رقم 449 لسنة 1955 هو تأمين ضد مسئوليته المدنية عن حوادثها لصالح "الغير" استهدف به المشرع حماية المضرور وضمان حصوله على حقه في التعويض الجابر للضرر الذي نزل به، ومن ثم فإنه لا يغطي ما يلحق قائد السيارة من أضرار نتيجة الحادث سواء كان تابعا لمالكها المؤمن له أو غير تابع له صرح له بقيادتها أو لم يصرح.
- 2  تأمين "أقسام التأمين: التأمين الإجباري من حوادث السيارات: ماهيته والمقصود به". حكم "عيوب التدليل: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه". مسئولية "المسئولية العقدية: مسئولية شركة التأمين الناشئة عن عقد التأمين".
ثبوت أن المضرور هو قائد السيارة الخاصة أداة الحادث الناجم عنه إصابته. أثره. عدم تغطية التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الأضرار اللاحقة به. قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام شركة التأمين الطاعنة بالتعويض. مخالفة للقانون.
إذ كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده – المضرور - هو قائد السيارة الخاصة أداة الحادث (الناجم عنه إصابته) ومن ثم فلا يغطي التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الأضرار التي لحقت به من جراء إصابته، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنة بالتعويض الذي قدره، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى- ..... لسنة 2003 جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعنة أن تؤدي له التعويض الجابر لما أصابه من أضرار جراء حادث سيارة مؤمن من مخاطرها لديها. حكمت المحكمة بالتعويض الذي قدرته بحكم استأنفته الطاعنة والمطعون ضده برقمي ......، ...... لسنة 122 ق القاهرة، وبتاريخ 17/1/2006 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن أستوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ ألزمها بالتعويض المقضي به حال أنها تمسكت بأن المطعون ضده هو قائد السيارة أداة الحادث وبالتالي فإن التأمين الإجباري من مخاطرها لا يغطي الأضرار التي لحقت به من جراء إصابته، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات على أن "يلتزم المؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من حوادث السيارة إذا وقعت في جمهورية مصر، وذلك في الأحوال المنصوص عليها في المادة 6 من القانون رقم 449 لسنة 1955 والنص في الشرط الأول من وثيقة التأمين المطابقة للنموذج الملحق بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 152 لسنة 1955 الصادر تنفيذاً للمادة الثانية من قانون التأمين الإجباري سالف البيان، على سريان التزام المؤمن بتغطية المسئولية الناشئة عن الوفاة أو أية إصابة بدنية تلحق أي شخص من الحوادث التي تقع من السيارة المؤمن عليها لصالح "الغير" أياً كان نوع السيارة ......" مؤداه أن التأمين الإجباري الذي يعقده مالك السيارة إعمالاً لحكم المادة 11 من القانون رقم 66 لسنة 1973 بإصدار قانون المرور - المقابلة للمادة السادسة من القانون رقم 449 لسنة 1955 - هو تأمين ضد مسئوليته المدنية عن حوادثها لصالح "الغير" استهدف به المشرع حماية المضرور وضمان حصوله على حقه في التعويض الجابر للضرر الذي نزل به، ومن ثم فإنه لا يغطي ما يلحق مالك السيارة المؤمن له من أضرار نتيجة الحادث الذي تكون هي أداته، سواء كان هو قائدها أو راكباً فيها، ويستوي في ذلك أن يكون الضرر قد وقع عليه مباشرة أم وقع على غيره وارتد إليه، كما أنه لا يغطي ما يلحق قائد السيارة من أضرار نتيجة الحادث سواء كان تابعاً لمالكها المؤمن له أو غير تابع له صرح له بقيادتها أو لم يصرح. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده - المضرور - هو قائد السيارة الخاصة أداة الحادث، ومن ثم فلا يغطي التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الأضرار التي لحقت به من جراء إصابته، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنة بالتعويض الذي قدرة، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون بما يوجب نقضه.