جلسة 19 من أكتوبر سنة 2009
برئاسة السيد القاضي/ أحمد جمال الدين عبد اللطيف نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة/ سمير مصطفى، أحمد عبد الكريم، إيهاب عبد المطلب ونبيه زهران
نواب رئيس المحكمة.
--------------
(47)
الطعن 7570 لسنة 78 ق
(1) إعدام. نيابة عامة. محكمة
النقض "نظرها الطعن والحكم فيه".
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام دون التقيد بميعاد
محدد أو بالرأي الذي ضمنته النيابة بمذكرتها. علة وأساس ذلك؟
(2) إثبات "بوجه عام"
"اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن.
ما يقبل منها".
حق محكمة الموضوع استخلاص الواقعة من أدلتها وعناصرها. شرطه؟
الاعتراف. هو ما يكون نصاً في اقتراف الجريمة.
وجوب بناء المحكمة حكمها على
الوقائع الثابتة في الدعوى.
بناء الحكم المطعون فيه قضاءه بإدانة الطاعنة على
اعترافها بالمخالفة للثابت بالأوراق. يبطله ويوجب نقضه. إيراده لأدلة أخرى. لا
يغير من ذلك. علة ذلك؟
مثال.
---------------
1 - لما كانت النيابة العامة قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهما ... دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها - دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
2 - لما كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها وعناصرها المختلفة إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغاً وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في أوراق الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه بإدانة الطاعنة - ضمن ما عول عليه - على اعترافها بتحقيقات النيابة العامة بارتكاب الواقعة مع المحكوم عليها غيابياً في الدعوى، وكان البين من المفردات المضمومة أن الطاعنة قد أنكرت ما أسند إليها من اتهام ومفاد ما قررته بالتحقيقات أنها توجهت صحبة المتهمة الأولى - المحكوم عليها غيابياً - لمسكن زوج الأخيرة لإحضار متعلقاتها وأنها لم تشترك معها في قتل المجني عليها ولم تقترف أياً من الأفعال المادية للقتل، ولكنها ساعدتها في جمع متعلقات المجني عليها ونقلها إلى مسكنها، فإن أقوالها - على هذا النحو - لا يتحقق بها معنى الاعتراف في القانون، إذ الاعتراف هو ما يكون نصاً في اقتراف الجريمة. ولما كان الأصل أنه يتعين على المحكمة ألا تبنى حكمها إلا على الوقائع الثابتة في الدعوى وليس لها أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها فيها، فإن الحكم المطعون فيه إذ بني قضاءه على أن اعترافاً صدر من الطاعنة. مع مخالفة ذلك للثابت بالأوراق، فإنه يكون قد استند إلى دعامة غير صحيحة بما يبطله لابتنائه على أساس فاسد، ولا يؤثر في ذلك ما أورده من أدلة أخرى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد، تعذر الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه.
---------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة وأخرى بأنهما: أولاً: قتلتا المجني
عليها ... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتتا النية وعقدتا العزم على ذلك وأعدتا لهذا
الغرض سلاحين أبيضين "ساطور وسكين" ومادة مخدرة "إسبراي"
وحقيبة جلدية واستقلتا سيارة أجرة قاصدين مسكن المجني عليها وتربصت المتهمة
الثانية أسفل العقار بالسيارة الأجرة وصعدت الأولى ودلفت خلسة للعين سكن المجني
عليها مستخدمة مفتاح كان بحوزتها وما أن شاهدتها المجني عليها حتى نشبت مشاجرة بينهما
فدفعتها المتهمة الأولى فسقطت أرضاً فاقدة الوعي واستدعت المتهمة الثانية وقامتا
بتخدير المجني عليها وجثمتا عليها كاتمتين أنفاسها بمنشفة تحصلتا عليها من داخل
العين بقصد إزهاق روحها فحدثت بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي
أودت بحياتها ووضعتاها داخل الحقيبة الجلدية وتوجهت الأولى لمسكنها وتركت الحقيبة
بمدخل العقار سكنها مستترة خلف موتور المياه حتى صباح اليوم التالي حيث اصطحبت
الأولى الحقيبة سالفة الذكر وبداخلها المجني عليها مستقلة سيارة أجرة إلى منطقة
نائية بغرض استئجار شقة سكنية للتخلص من جثة المجني عليها إلا أنه تم ضبطها قبل أن
تتمكن من ذلك وقد ارتبطت تلك الجناية بجنحة أخرى ارتباطاً لا يقبل التجزئة هو أنه
في ذات الزمان والمكان سرقتا المنقولات والمشغولات الذهبية المبينة قيمة ووصفاً
بالأوراق والمملوكة للمجني عليها. ثانياً: أحرزتا سلاحين أبيضين "ساطور
وسكين" بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو المهنية. وأحالتهما إلى محكمة جنايات
.... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى والد المجني عليها مدنياً قبل المتهمتين بمبلغ 2001 جنيه على
سبيل التعويض المدني المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للثانية وغيابياً
للأولى عملاً بالمواد 230، 231، 234/ 2، 317/ أولاً، ثانياً من قانون العقوبات
والمواد 1/1، 25 مكرراً /1، 30 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين
أرقام 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، 97 لسنة 1992 والبند رقم (11) من الجدول رقم
(1) البند الأول الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 7726
لسنة 1998 مع إعمال نص المادة 32/2 من قانون العقوبات وبإجماع الآراء بمعاقبتهما
بالإعدام شنقاً وبمصادرة السلاح الأبيض المضبوط وفي الدعوى المدنية بإلزام
المتهمتين بأن تؤديا للمدعي بالحق المدني مبلغ 2001 جنيه على سبيل التعويض المدني
المؤقت.
فطعنت المحكوم عليها ..... في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
----------------
المحكمة
حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه
المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض
الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب
إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهما ... دون إثبات تاريخ تقديمها
بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34
من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد، وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة، لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى
بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي
الذي تضمنه النيابة مذكرتها. ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك
أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، ومن ثم يتعين قبول عرض
النيابة العامة لهذه القضية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة
القتل العمد مع سبق الإصرار المرتبطة بجنحة سرقة، قد شابه فساد في الاستدلال وخطأ
في الإسناد، ذلك بأنه عول في إدانتها، ضمن ما عول، على اعترافها بتحقيقات النيابة
العامة مع أنها خلت من أي اعتراف لها، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه وإن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها
وعناصرها المختلفة إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغاً وأن يكون دليلها فيما
انتهت إليه قائماً في أوراق الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول
في قضائه بإدانة الطاعنة - ضمن ما عول عليه - على اعترافها بتحقيقات النيابة
العامة بارتكاب الواقعة مع المحكوم عليها غيابياً في الدعوى، وكان البين من
المفردات المضمومة أن الطاعنة قد أنكرت ما أسند إليها من اتهام ومفاد ما قررته
بالتحقيقات أنها توجهت صحبة المتهمة الأولى. المحكوم عليها غيابياً. لمسكن زوج
الأخيرة لإحضار متعلقاتها وأنها لم تشترك معها في قتل المجني عليها ولم تقترف أياً
من الأفعال المادية للقتل، ولكنها ساعدتها في جمع متعلقات المجني عليها ونقلها إلى
مسكنها، فإن أقوالها، على هذا النحو، لا يتحقق بها معنى الاعتراف في القانون، إذ
الاعتراف هو ما يكون نصاً في اقتراف الجريمة. ولما كان الأصل أنه يتعين على
المحكمة ألا تبني حكمها إلا على الوقائع الثابتة في الدعوى وليس لها أن تقيم
قضاءها على أمور لا سند لها فيها، فإن الحكم المطعون فيه إذ بنى قضاءه على أن
اعترافاً صدر من الطاعنة - مع مخالفة ذلك للثابت بالأوراق - فإنه يكون قد استند
إلى دعامة غير صحيحة بما يبطله لابتنائه على أساس فاسد، ولا يؤثر في ذلك ما أورده
من أدلة أخرى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها
مجتمعة، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد، تعذر الوقوف على مبلغ الأثر الذي كان
للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم
المطعون فيه والإعادة، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.