الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 26 أكتوبر 2016

الطعن 208 لسنة 82 ق جلسة 28 /11 /2012 مكتب فني 63 ق 150 ص 828

جلسة 28 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ يحيى خليفه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عيد سالم، محمد محمود محاميد، منصور القاضي نواب رئيس المحكمة وأحمد فرحان.

-----------------

(150)
الطعن رقم 208 لسنة 82 القضائية

محكمة النقض "سلطتها" "اختصاصها". اختصاص "تنازع الاختصاص" "التنازع السلبي". قانون "تطبيقه".
التنازع السلبي بين محكمتين. ماهيته وشرطه؟
دائرة الجنح المستأنفة بالمحكمة الابتدائية تختص بالفصل في طلب تعيين الجهة المختصة بالجريمة الواحدة أو الجرائم المرتبطة إذا صدر الحكم نهائياً بالاختصاص أو بعدم الاختصاص من محكمتين تابعتين لمحكمة ابتدائية. أساس ذلك؟
المحكمة الاقتصادية المنشأة بالقانون رقم 120 لسنة 2008. كيان مستقل عن المحاكم الابتدائية المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية.
محكمة النقض. صاحبة الولاية العامة في تعيين الجهة المختصة بالفصل في الدعاوى عند قيام التنازع بين محكمتين. أساس ذلك؟
يجب على المحاكم أن تحيل من تلقاء نفسها ما يوجد لديها من منازعات ودعاوى أصبحت بمقتضى أحكام القانون رقم 120 لسنة 2008 من اختصاص المحاكم الاقتصادية. دون المنازعات والدعاوى المحكوم فيها أو المؤجلة للنطق بالحكم قبل تاريخ العمل بالقانون المشار إليه. أساس ذلك؟
صدور حكم غيابي من المحكمة العادية قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2008. مؤداه: اختصاص المحكمة العادية بنظر تلك الجريمة. علة وأساس ذلك؟
------------------
لما كان مبنى طلب النيابة العامة هو أن كلاً من محكمتي جنح مستأنف .... ومحكمة الجنح الاقتصادية .... قد قضت بعدم اختصاصها نهائياً بنظر الدعوى موضوع الطلب مما ينطوي على تنازع سلبي في الاختصاص يستوجب اللجوء إلى محكمة النقض لتعيين المحكمة المختصة طبقاً لحكم المادة 227 من قانون الإجراءات الجنائية. وكان مؤدى نص المادتين 226، 227 من قانون الإجراءات الجنائية أن دائرة الجنح المستأنفة بالمحكمة الابتدائية تختص بالفصل في طلب تعيين الجهة المختصة بالجريمة الواحدة أو الجرائم المرتبطة إذا صدر الحكم نهائياً من محكمتين تابعتين لتلك المحكمة الابتدائية بالاختصاص أو بعدم الاختصاص بتلك الجريمة أو بهذه الجرائم، وبمقتضى المادة 227 من القانون المشار إليه فإن الاختصاص بتعيين المحكمة المختصة في الحالة سالفة البيان يكون لمحكمة النقض إذا لم تتحقق تبعية المحكمتين اللتين يقوم التنازع بينهما لمحكمة ابتدائية واحدة، كأن تكونا تابعتين لمحكمتين ابتدائيتين أو أن يكون الحكمان اللذان يقوم بهما التنازع صادرين من محكمتين ابتدائيتين. لما كان ذلك، وكان مفاد ما نصت عليه المادة الثانية من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 2008 من أن للمحكمة الاقتصادية التي أنشأها القانون بموجب المادة الأولى منه في دائرة اختصاص كل محكمة استئناف جمعية عامة، وما نصت عليه المادة الخامسة من القانون ذاته من اختصاص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية بنظر قضايا الجنح المنصوص عليها في القوانين المشار إليها في هذا القانون، أن للمحاكم الاقتصادية كياناً مستقلاً عن المحاكم الابتدائية المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972، فإن الحكمين الصادرين نهائياً بعدم الاختصاص موضوع الطلب المطروح لا يكونان صادرين من محكمتين تابعتين لمحكمة ابتدائية واحدة وتكون محكمة النقض هي المنوط بها تعيين المحكمة المختصة إعمالاً لحكم المادة 227 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإصدار قانون إنشاء - المحاكمة الاقتصادية - المار بيانه تقضى بأن تحيل المحاكم من تلقاء نفسها ما يوجد لديها من منازعات ودعاوى أصبحت بمقتضى أحكام القانون المرافق من اختصاص المحاكم الاقتصادية، وكانت الفقرة الثالثة من المادة ذاتها قد استثنت من تطبيق حكم الفقرة الأولى المنازعات والدعاوى المحكوم فيها أو المؤجلة للنطق بالحكم قبل تاريخ العمل بالقانون المشار إليه، دون أن تقصر هذا الاستثناء على درجة من درجات التقاضي، وكانت محكمة جنح قسم .... قد أصدرت في الدعوى موضوع الطلب المطروح حكماً غيابياً بجلسة 7 من يوليه لسنة 2008 وذلك قبل تاريخ العمل بقانون إنشاء المحاكم الاقتصادية المشار إليه اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2008 وفقاً لحكم المادة السادسة من مواد إصدار هذا القانون، فإن ما يثار في شأن اختصاص المحكمة الاقتصادية بنظر الدعوى التي صدر فيها الحكم الغيابي يكون غير مجد، لأنها تكون بهذه المثابة من الدعاوى التي تدخل في نطاق ذلك الاستثناء. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين الحكم بقبول الطلب المقدم من النيابة العامة وبتعيين محكمة جنح مستأنف ..... محكمة مختصة بنظر الدعوى.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه: أولاً: لم يقم باستخراج ترخيص لمحله ولم يقم بقيد عمله بالسجل التجاري. ثانياً: لم يقدم للمستهلك فاتورة. وطلبت عقابه بالمواد 10، 2، 3، 5، 7، 19، 24 من القانون رقم 67 لسنة 2006، 35، 36/ 1، 38 من القانون رقم 34 لسنة 1976 والقانون 67 لسنة 2006 من القانون رقم 371 لسنة 1956 قرار رئيس الجمهورية المعدل. وأحالته إلى محكمة جنح ...... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف سالفي البيان. ومحكمة جنح ...... قضت غيابياً بتغريم المتهم .... جنيه والنشر في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار على نفقة المتهم. عارض وقضى في معارضته .... بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. استأنف ومحكمة ..... الاقتصادية ـ بهيئة ـ استئنافية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وأحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها نحو إحالتها إلى المحكمة المختصة. وحيث قدمت الأوراق إلي محكمة ....... الاقتصادية بذات القيد والوصف السابقين.
وقضت تلك المحكمة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الجنحة وإحالتها إلى للنيابة العامة لاتخاذ شئونها حيالها.
فقدمت النيابة العامة طلباً إلى محكمة النقض لتعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى ...... إلخ.

المحكمة

من حيث إن مبنى طلب النيابة العامة هو أن كلاً من محكمتي جنح مستأنف .... ومحكمة الجنح الاقتصادية .... قد قضت بعدم اختصاصها نهائياً بنظر الدعوى موضوع الطلب مما ينطوي على تنازع سلبي في الاختصاص يستوجب اللجوء إلى محكمة النقض لتعيين المحكمة المختصة طبقاً لحكم المادة 227 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن البين من الأوراق أن النيابة العامة قدمت ..... إلى محكمة جنح .... لمحاكمته بوصف أنه في يوم ..... من .... سنة .... بدائرة قسم .... 1- لم يقم باستخراج ترخيص لمحله. 2- لم يقم بقيد محله بالسجل التجاري. 3- لم يقدم للمستهلك بناء على طلبه فاتورة، وقد قضت المحكمة المذكورة غيابياً بجلسة .... من ...... لسنة ..... بتغريم المتهم .... جنيه ونشر الحكم في جريدتين يوميتين واسعتي الانتشار على نفقته، وإذ عارض المحكوم عليه قضت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه، فأستأنف المحكوم عليه ذلك الحكم ومحكمة جنح مستأنف ..... قضت بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وأحالتها إلى المحكمة الاقتصادية، وإذ عرضت القضية على المحكمة الاقتصادية ..... وقضت بدورها بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها.
لما كان ذلك، وكانت محكمة جنح مستأنف ..... ومحكمة الجنح الاقتصادية ..... قد تخلتا بقضاءيهما سالفي البيان عن اختصاصهما بنظر موضوع الدعوى، وقد غدا قضاء كل منهما على ما يبين من المفردات نهائياً فإنه يتوافر بذلك قيام حالة التنازع السلبي بينهما في الاختصاص. لما كان ذلك، وكان مؤدى نص المادتين 226، 227 من قانون الإجراءات الجنائية أن دائرة الجنح المستأنفة بالمحكمة الابتدائية تختص بالفصل في طلب تعيين الجهة المختصة بالجريمة الواحدة أو الجرائم المرتبطة إذا صدر الحكم نهائياً من محكمتين تابعتين لتلك المحكمة الابتدائية بالاختصاص أو بعدم الاختصاص بتلك الجريمة أو بهذه الجرائم، وبمقتضى المادة 227 من القانون المشار إليه فإن الاختصاص بتعيين المحكمة المختصة في الحالة سالفة البيان يكون لمحكمة النقض إذا لم تتحقق تبعية المحكمتين اللتين يقوم التنازع بينهما لمحكمة ابتدائية واحدة، كأن تكونا تابعتين لمحكمتين ابتدائيتين أو أن يكون الحكمان اللذان يقوم بهما التنازع صادرين من محكمتين ابتدائيتين. لما كان ذلك، وكان مفاد ما نصت عليه المادة الثانية من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 2008 من أن للمحكمة الاقتصادية ـ التي أنشأها القانون بموجب المادة الأولى منه في دائرة اختصاص كل محكمة استئناف ـ جمعية عامة، وما نصت عليه المادة الخامسة من القانون ذاته من اختصاص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية بنظر قضايا الجنح المنصوص عليها في القوانين المشار إليها في هذا القانون، أن للمحاكم الاقتصادية كياناً مستقلاً عن المحاكم الابتدائية المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972، فإن الحكمين الصادرين نهائياً بعدم الاختصاص موضوع الطلب المطروح لا يكونان صادرين من محكمتين تابعتين لمحكمة ابتدائية واحدة وتكون محكمة النقض هي المنوط بها تعيين المحكمة المختصة إعمالاً لحكم المادة 227 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة الثانية من القانون رقم 120 لسنة 2008 بإصدار قانون إنشاء المحاكمة الاقتصادية - المار بيانه ـ تقضى بأن تحيل المحاكم من تلقاء نفسها ما يوجد لديها من منازعات ودعاوى أصبحت بمقتضى أحكام القانون المرافق من اختصاص المحاكم الاقتصادية، وكانت الفقرة الثالثة من المادة ذاتها قد استثنت من تطبيق حكم الفقرة الأولى المنازعات والدعاوى المحكوم فيها أو المؤجلة للنطق بالحكم قبل تاريخ العمل بالقانون المشار إليه، دون أن تقصر هذا الاستثناء على درجة من درجات التقاضي، وكانت محكمة جنح قسم ...... قد أصدرت في الدعوى موضوع الطلب المطروح حكماً غيابياً بجلسة 7 من يوليه لسنة 2008 وذلك قبل تاريخ العمل بقانون إنشاء المحاكم الاقتصادية المشار إليه اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2008 وفقاً لحكم المادة السادسة من مواد إصدار هذا القانون، فإن ما يثار في شأن اختصاص المحكمة الاقتصادية بنظر الدعوى التي صدر فيها الحكم الغيابي يكون غير مجد، لأنها تكون بهذه المثابة من الدعاوى التي تدخل في نطاق ذلك الاستثناء. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين الحكم بقبول الطلب المقدم من النيابة العامة وبتعيين محكمة جنح مستأنف ...... محكمة مختصة بنظر الدعوى.

الطعن 72027 لسنة 75 ق جلسة 27 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 149 ص 822

جلسة 27 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ أحمد عبد الباري سليمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أسامة توفيق، عبد الحميد دياب، مجدي عبد الحليم وهاني صبحي نواب رئيس المحكمة.

----------------

(149)
الطعن رقم 72027 لسنة 75 القضائية

(1) هتك عرض. جريمة "أركانها". قصد جنائي.
الفعل المادي في جريمة هتك العرض. مناط تحققه؟
(2) هتك عرض. قصد جنائي. باعث. جريمة "أركانها".
القصد الجنائي في جريمة هتك العرض. مناط تحققه: بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل. لا عبرة بما يكون قد دفع الجاني إلى فعلته أو بالغرض الذي توخاه منها. تحدثَ الحكم استقلالاً عن هذا الركن. غير لازم.
(3) إثبات "بوجه عام". هتك عرض. جريمة "أركانها".
تقدير توافر أو عدم توافر رضاء المجني عليها في جريمة هتك العرض. موضوعي. مباغته المجني عليها. يتوافر به ركن القوة في الجريمة.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. مادام سائغاً.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم. مادام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(6) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بتلفيق الاتهام وعدم معقولية تصوير الواقعة. موضوعي. لا يستوجب رداً.
استفادة الرد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(7) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. تعقبه كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. التفاته عنها. مفاده: اطراحها.
(8) دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". إثبات "اعتراف". نقض "المصلحة في الطعن". بطلان.
النعي ببطلان الاعتراف. غير مجد. طالما لم يستند الحكم في الإدانة إلى دليل مستمد منه.
-----------------
1- من المقرر أن الفعل المادي في جريمة هتك العرض يتحقق بأي فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليها ويستطيل على جسمها ويخدش عاطفة الحياء عندها من هذه الناحية، ولا يلزم الكشف عن عورتها، بل يكفي لتوافر هذا الركن أن يكون الفعل الواقع على جسدها قد بلغ من الفحش والإخلال بالحياء العرضي درجة تسوغ اعتباره هتك عرض، سواء أكان بلوغها هذه الدرجة قد تحقق عن طريق الكشف عن عورة من عورات المجني عليها أم عن غير هذا الطريق.
2- من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة هتك العرض يتحقق بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل ولا عبرة بما يكون قد دفع الجاني إلى فعلته أو بالغرض الذي توخاه منها، وكان ما أورده الحكم كافياً لإثبات توافر هذه الجريمة بأركانها بما فيها ركناها المادي والمعنوي ولا يلزم أن يتحدث الحكم عنهما على استقلال متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامها، فإنه ينتفى عن الحكم قالة القصور في هذا الشأن.
3- من المقرر أن مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة هتك العرض مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً، وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن، طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم، وكان ما أثبته الحكم من مباغتة الطاعن المجني عليها يتوافر به ركن القوة في هذه الجريمة، وكانت الأدلة التي ساقها للتدليل على ذلك من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصاً سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
5- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع، وكان تناقض أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه، ومن ثم فإن كافة ما يثيره الطاعن في شأن أقوال المجني عليها وشاهدي الإثبات ومنازعته في صورة الواقعة بدعوى عدم معقوليتها واستحالة حدوثها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6- من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة وتلفيق الاتهام وعدم معقولية تصوير الواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً، ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
7- من المقرر أنه حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون غير مقبول.
8- لما كان لا جدوى مما يثيره الطاعن من بطلان الاعتراف ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعى ببطلانه، وإنما أقام قضاءه على الأدلة المستمدة من أقوال شهود الإثبات وهي أدلة مستقلة عن الاعتراف، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: هتك عرض المجني عليها ..... بالقوة بأن أمسك بثديها واستطال بيده إلى موطن العفة منها دون رضاها على النحو المبين بالأوراق.
وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 268/ 1 من قانون العقوبات، مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة هتك عرض بالقوة قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يدلل تدليلاً سائغاً على ثبوت الجريمة المسندة إليه بركنيها المادي والمعنوي، خاصة أن المستفاد من أقوال ومسلك المجني عليها أن ما وقع عليها من أفعال ـ بفرض صحة ما تدعيه ـ كان برضاء وقبول منها، غير أن المحكمة عولت على أقوالها رغم كذبها وتناقضها مع أقوال زوجها وتحريات الشرطة، واعتنقت تصويرها للحادث رغم عدم صحته ومخالفته لحقيقة الواقع، وأغفلت دفاعه بانتفاء أركان الجريمة في حقه وتلفيق الاتهام وعدم معقولية واستحالة تصوير الواقعة، فضلاً على بطلان اعتراف الطاعن لكونه وليد إكراه مادي، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، ولما كان من المقرر أن الفعل المادي في جريمة هتك العرض يتحقق بأي فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليها ويستطيل على جسمها ويخدش عاطفة الحياء عندها من هذه الناحية، ولا يلزم الكشف عن عورتها، بل يكفي لتوافر هذا الركن أن يكون الفعل الواقع على جسدها قد بلغ من الفحش والإخلال بالحياء العرضي درجة تسوغ اعتباره هتك عرض سواء أكان بلوغها هذه الدرجة قد تحقق عن طريق الكشف عن عورة من عورات المجني عليها أم عن غير هذا الطريق، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة هتك العرض يتحقق بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل، ولا عبرة بما يكون قد دفع الجاني إلى فعلته أو بالغرض الذي توخاه منها، وكان ما أورده الحكم كافياً لإثبات توافر هذه الجريمة بأركانها بما فيها ركناها المادي والمعنوي، ولا يلزم أن يتحدث الحكم عنهما على استقلال متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامها، فإنه ينتفي عن الحكم قالة القصور في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكانت مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة هتك العرض مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً، وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن، طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم، وكان ما أثبته الحكم من مباغتة الطاعن المجني عليها يتوافر به ركن القوة في هذه الجريمة، وكانت الأدلة التي ساقها للتدليل على ذلك من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصاً سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات، مرجعه إلى محكمة الموضوع، وكان تناقض أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه، ومن ثم فإن كافة ما يثيره الطاعن في شأن أقوال المجني عليها وشاهدي الإثبات ومنازعته في صورة الواقعة بدعوى عدم معقوليتها واستحالة حدوثها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة وتلفيق الاتهام وعدم معقولية تصوير الواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً، ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان لا جدوى مما يثيره الطاعن من بطلان الاعتراف ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعى ببطلانه، وإنما أقام قضاءه على الأدلة المستمدة من أقوال شهود الإثبات وهي أدلة مستقلة عن الاعتراف، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاَ.

الثلاثاء، 25 أكتوبر 2016

قانون 158 لسنة 1959 بشأن عقد العمل البحري.

نشر بتاريخ 20 / 6 / 1959 
بعد الاطلاع على الدستور المؤقت,
وعلى القانون المدني,
وعلى قانون التجارة البحري,
وعلى القانون رقم 132 لسنة 1959 بشأن المحافظة على النظام والتأديب في البواخر,
وعلى القانون رقم 21 لسنة 1940 الخاص بسلامة السفن والقوانين المعدلة له,
وعلى القانون رقم 29 لسنة 1944 بتعويض أفراد طاقم السفن التجارية ضد أخطار الحرب,
وعلى القانون رقم 84 لسنة 1949 بشأن تسجيل السفن التجارية,
وعلى القانون رقم 253 لسنة 1952 بشأن تنظيم شئون أفراد طاقم السفن التجارية المصرية,
وعلى القانون رقم 149 لسنة 1955 الخاص بالجوازات البحرية,
وعلى القانون رقم 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل,
وعلى القانون رقم 92 لسنة 1959 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية,
وعلى ما ارتآه مجلس الدولة,
المادة 1
تسري أحكام هذا القانون على كل عقد يلتزم شخص بمقتضاه أن يعمل - لقاء أجر - تحت إدارة أو إشراف ربان سفينة تجارية بحرية من سفن الجمهورية العربية المتحدة.
وكذلك تسري على كل عقد يلتزم ربان بمقتضاه بأن يعمل في سفينة مما تقدم.
المادة 2
لا تسري أحكام هذا القانون على الأشخاص الذين يعملون في السفن التجارية البحرية التي تقل حمولتها الكلية عن خمسمائة طن.
ومع ذلك يجوز لوزير الحربية بالأنفاق مع وزير الشئون الاجتماعية والعمل أن يصدر قرارات بسريان كل أو بعض أحكام هذا القانون على السفن التي تزيد حمولتها الكلية على مائة وخمسين طنا ولا تبلغ خمسمائة طن.
المادة 3
في تطبيق أحكام هذا القانون يعتبر الملتزم بالعمل ملاحا ويعتبر المتعاقد معه رب عمل.
غير أنه في الحالة المبينة في الفقرة الأخيرة من المادة الأولى يعتبر الربان ملاحا في العلاقة بينه وبين مالك السفينة أو مستغلها أو مستأجرها أو مجهزها.
المادة 4
يحظر رب العمل أن يستخدم ملاحا دون عقد مكتوب باللغة العربية من ثلاث نسخ تسلم إحداها للربان وتودع الثانية إدارة التفتيش البحري وتسلم الأخيرة إلى الملاح إلا إذا كان العقد مشتركا فيحتفظ بها رب العمل ويكون للملاح في هذه الحالة أن يحصل على مستخرج بما يخصه فيها من بيانات.
ويجب أن يبين بالعقد تاريخ ومكان إبرامه واسم الملاح ولقبه وسنه وجنسيته وموطنه والعمل الذي يلتزم به وأجره والجواز البحري أو التذكرة الشخصية البحرية وتاريخ ومكان السفر.
فإذا لم يحرر عقد جاز للملاح إثباته بكافة الطرق.
على رب العمل أن يسلم الملاح إيصالا بما يكون قد أودعه من أوراق وشهادات.
المادة 5
يشترط فيمن يعمل ملاحا:
(
أ‌) ألا تقل سنه عن ثماني عشرة سنة ميلادية.
(
ب‌) أن يكون حاصلا على جواز بحري أو على تذكرة شخصية بحرية.
ومع ذلك يجوز إلحاق من تتراوح سنه بين الثانية عشرة والثامنة عشرة للعمل أو للتمرين على العمل بالسفن طبقا للشروط والأوضاع التي يصدر بها قرار وزير الحربية بالاتفاق مع وزير الشئون الاجتماعية والعمل.
المادة 6
تسري على الملاحين كافة الأحكام الواردة في القانون المدني وقانون التجارة البحري والقوانين الملحقة به وكافة التشريعات الخاصة التي تتعلق بالعمل وبالتأمينات الاجتماعية وذلك بالقدر الذي لا تتعارض فيه صراحة أو ضمنا مع أحكام هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذا له
وكذلك تسري كافة الأحكام المذكورة على الملاحين الذين يعملون في السفن التجارية البحرية التي تبلغ حمولتها الكلية مائة وخمسين طنا فأقل وفي السفن التي تزيد حمولتها الكلية على ذلك ولا تبلغ خمسمائة طن والتي لا تسري عليها أحكام هذا القانون بمقتضي المادة الثانية
المادة 7
تؤدى الأجور وغيرها من المبالغ المستحقة للملاح بالعملة الوطنية، غير أنه إذا استحقت والسفينة خارج المياه الإقليمية جاز أداؤها بالعملة الأجنبية بشرط قبول الملاح ذلك كتابة.
المادة 8
للملاح أن يطلب من رب العمل صرف ما يستحقه من أجره النقدي كله أو بعضه لمن يعينه.
المادة 9
على رب العمل أن يودع خزانة التفتيش البحري الأجر النقدي وغيره من المبالغ المستحقة للملاح المتوفي أو المفقود أو الذي يتعذر عليه الاستلام.
المادة 10
يلتزم الملاح بتنظيف مكانه وملحقاته في غير ساعات العمل وبأدوات يقدمها رب العمل.
ولا يسري حكم الفقرة السابقة على ربابنة وضباط الملاحة والمهندسين البحريين في السفن التجارية ومن في حكم هؤلاء من أطباء وضباط لاسلكي وكتبة.
المادة 11
غذاء الملاحين ونومهم على نفقة رب العمل دون أن يلتزم بأداء بدل نقدي عن ذلك، ويكون تنظيم غذائهم ونومهم بقرارات يصدرها وزير الحربية بالاتفاق مع وزير الشئون الاجتماعية والعمل.
المادة 12
لكل ملاح ساهم في مساعدة أو إنقاذ سفينة أخرى نصيب في المكافأة التي تستحقها السفينة التي يعمل فيها أيا كان نوع أجره.
المادة 13
إذا كان العقد غير محدد المدة ولم يكن على أساس الرحلة جاز لكل من طرفيه إنهاؤه بعد إعلان الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء بثلاثين يوما، فإذا لم يراع أحدهما هذه المهلة التزم أن يؤدي إلى الآخر تعويضا مساويا لأجر الملاح عن مدة المهلة أو عن الجزء الباقي منها.
ومع ذلك يجوز للربان استبقاء الملاح في العمل حتى تبلغ السفينة الميناء المشار إليه في المادة 15 إذا دعت الضرورة لذلك.
المادة 14
يجوز لرب العمل إنهاء العقد دون سبق إعلان الملاح وبغير مكافأة أو تعويض إذا غرقت السفينة أو صودرت أو فقدت، وكذلك إذا أبطل السفر قبل بدئه لسبب أجنبي غير متوقع لا يد لرب العمل فيه وكان الأجر على أساس الرحلة ما لم ينص في العقد على غير ذلك.
المادة 15
إذا انقضى العقد أو فسخ وجب على رب العمل:
(
أ‌) إعادة الملاح إلى الميناء الذي سافر منه عند بدء تنفيذ العقد.
(
ب‌) التكفل بغذائه ونومه حتى بلوغه ذلك الميناء.
المادة 16
يقع باطلا كل شرط في العقد يخالف أحكام هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذا له ولو كان سابقا على العمل به ما لم يكن الشرط أكثر فائدة للملاح.
المادة 17
يكون لمندوبي إدارة التفتيش البحري والإدارة العامة للعمل، كل فيما يخصه، صفة مأموري الضبط القضائي فيما يتعلق بالجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذا له، وكذا التشريعات المشار إليها في المادة السادسة ولهم في سبيل ذلك حق دخول السفن والإطلاع على السجلات والمحررات وطلب البيانات اللازمة عن العمال وأرباب الأعمال أو من ينوب عنهم.
ويجب أن يكون كل منهم حاملا بطاقة رسمية صادرة من الجهة التي يتبعها تثبت شخصيته وصفته.
المادة 18
مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر يعاقب بغرامة لا تقل عن مائتي قرش ولا تجاوز ألفي قرش كل من يخالف أحكام هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذا له.
وتتعدد الغرامة بقدر عدد الملاحين الذين وقعت في شأنهم المخالفة.
المادة 19
يباشر وزير الحربية الاختصاصات المخولة لوزير المواصلات في كافة القوانين المتعلقة بالسفن التجارية.
المادة 20

يعمل بهذا القانون من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية,

الاثنين، 24 أكتوبر 2016

الطعن 46898 لسنة 75 ق جلسة 27 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 148 ص 816

جلسة 27 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ أحمد عبد الباري سليمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أسامة توفيق، عبد الحميد دياب، مجدي عبد الحليم وإبراهيم عبد الله نواب رئيس المحكمة.

---------------

(148)
الطعن رقم 46898 لسنة 75 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إكراه. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع ببطلان الاعتراف. جوهري. على المحكمة مناقشته والرد عليه. سواء كان المتهم المقر هو الذي دفع به أو أحد المتهمين الآخرين. مادام الحكم عول عليه في الإدانة.
الاعتراف الذي يعتد به. شرطه. أن يكون اختيارياً صادراً عن إرادة حرة.
عدم جواز التعويل على الاعتراف ولو كان صادقاً. متى كان وليد إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدره.
الوعد أو الإغراء. يعد قرين الإكراه والتهديد لما له من تأثير على حرية المتهم في الاختيار بين الإنكار أو الاعتراف.
وجوب بحث المحكمة إن رأت التعويل على الدليل المستمد من الاعتراف الصلة بينه وبين الوعد أو الإغراء. نكولها عن ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(2) إشكال في التنفيذ. نقض "المصلحة في الطعن" "أثر الطعن".
عدم ورود الإشكال إلا على تنفيذ حكم بطلب وقفه مؤقتاً لحين الفصل في النزاع نهائياً من محكمة الموضوع. متى كان باب الطعن في الحكم مفتوحاً. المادة 525 إجراءات جنائية.
نقض الحكم المستشكل في تنفيذه. أثره: إلغاء السند التنفيذي وصيرورة التنفيذ لا محل له. الطعن على الحكم الصادر في الإشكال. غير مجد.
----------------
1- لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول قدم بجلسة .... مذكرة بدفاعه كما يبين من المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن - أن الطاعن الأول أقام دفاعه المثبت بهذه المذكرة على أن اعتراف الطاعن الثاني جاء باطلاً لكونه وليد إغراء مادي بعطايا من شاهد الإثبات الثالث، ووعد من الأخير بتمكين الطاعن الثاني من إدارة مكتب المحاماة الخاص بالشاهد المذكور بعد طرده منه وذلك لوجود خلافات بينهما، ويبين من الحكم المطعون فيه أنه استند فيما استند إليه في إدانة الطاعنين إلى اعتراف الطاعن الثاني في تحقيق النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان الاعتراف، هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه رداً سائغاً يستوى في ذلك أن يكون المتهم المقر هو الذي دفع بالبطلان أو أن يكون أحد المتهمين الآخرين في الدعوى قد تمسك به ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على هذا الاعتراف وأن الاعتراف الذي يعتد به يجب أن يكون اختيارياً صادراً عن إرادة حرة، فلا يصح التعويل على الاعتراف - ولو كان صادقاً - متى كان وليد إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدره، وكان الوعد أو الإغراء يعد قرين الإكراه والتهديد؛ لأنه له تأثير على حرية المتهم في الاختيار بين الإنكار أو الاعتراف، ويؤدى إلى حمله على الاعتقاد بأنه قد يجني من وراء الاعتراف فائدة أو يتجنب ضرراً، مما كان يتعين معه على المحكمة، وقد دفع أمامها بأن اعتراف الطاعن الثاني كان نتيجة إكراه أدبي تعرض له تمثل في الوعد والإغراء، أن تتولى هي تحقيق هذا الدفاع وتبحث الصلة بين الإكراه وسببه وعلاقته بأقواله، فإن هي نكلت عن ذلك ولم تعرض البتة للصلة بين الوعد والإغراء وبين اعترافه الذي عولت عليه، وتقول كلمتها فيه على الرغم من أنه أصبح واقعاً مسطوراً بأوراق الدعوى قائماً مطروحاً على المحكمة عند نظر الدعوى وهو ما يوجب عليها إبداء الرأي بشأنه، فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن القصور، ولا يغني في ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ إن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً، ومنها مجتمعه تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة الأمر الذي يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين معاً دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.
2- من المقرر أن الإشكال لا يرد إلا على تنفيذ حكم بطلب وقفه مؤقتا حتى يفصل في النزاع نهائيا من محكمة الموضوع، إذا كان باب الطعن في ذلك الحكم ما زال مفتوحاً، وذلك طبقا لنص المادة 525 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكان الطعن بالنقض من المحكوم عليه الأول - في الحكم المستشكل في تنفيذ - قد قضى فيه على ما سلف بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة، ومن ثم فقد ألغى السند التنفيذي ولم يعد للتنفيذ بناء على ذلك محل مما يضحى معه طعن المحكوم عليه الأول على الحكم الصادر في الإشكال عديم الجدوى ويتعين رفضه.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: المتهم الأول: أولاً: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك وآخر مجهولاً بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو بطاقة تحقيق الشخصية رقم .... والمنسوب صدورها لسجل مدني ..... باسم .....، وكان ذلك بطريق الاصطناع؛ بأن اتفق مع ذلك المجهول على تزويرها وساعده بأن أمده ببياناتها ووضع المجهول صورته الشخصية عليها فاصطنعها على غرار المحررات الصحيحة ووقع عليها بتوقيعات نسبها زوراً إلى الموظفين المختصين فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: وهو ليس من أرباب الو ف العمومية اشترك وآخر مجهولاً بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية بالشهر العقاري مكتب توثيق ..... في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو التوكيل رقم ...... لسنة ..... والثابت به وكالة المجهول للمتهم الأول، وذلك بجعلها واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها؛ بأن تقدم المجهول بالمحرر المزور موضوع التهمة الأولى للموظف حسن النية وتمكن بذلك من الحصول على التوكيل سالف الذكر والبيان وتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة. ثالثاً: استعمل المحرر الرسمي المزور موضوع التهمة الثانية بأن أقام به الجنح المباشرة أرقام ..... مع علمه بكون المحرر مزوراً. رابعاً: اشترك مع المتهم الثاني بطريقي الاتفاق والمساعدة في تزوير المحررات العرفية للشيكات موضوع التهمة ثالثاً بأن أمده بها وببياناتها فوقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة واستعملها بأن قدمها للبنك المسحوب عليه وقدمها للمحكمة أثناء نظر الجنح المبينة بالتهمة الثالثة مدعياً على المدعى عليهم فيها مع علمه بتزويرها. المتهم الثاني: ارتكب تزويراً في محررات عرفية هي الشيكات المنسوب صدورها من المجني عليهم .....، .....، .....، ......، بطريق الاصطناع بأن صدر بياناتها ووضع عليها توقيعات نسبها إليهم وقدمها للمتهم الأول لاستعمالها في إقامة الدعاوى موضوع التهمة الثالثة. وأحالتهما إلى محكمة جنايات ...... لمحاكمتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليهم مدنياً قبل المتهمين بأن يؤديا لهم مبلغ ..... جنيه على سبيل التعويض النهائي. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 3، 2، 41/ 3، 211، 213، 214، 215 من قانون العقوبات، مع إعمال المادتين 30، 32 من القانون ذاته. أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وبمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات لما نسب إلى كل منهما ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة. ثانياً: بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

المحكمة

أولاً: عن الطعن في الحكم الصادر في الموضوع .
من حيث إن مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمالها قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة وقد عولت في إدانته ضمن ما عولت عليه على الدليل المستمد من اعتراف الطاعن الثاني بالتحقيقات، فإنها لم ترد على ما أثاره المدافع عنه في مذكرته المقدمة بجلسة المحاكمة من بطلان هذا الاعتراف لصدوره تحت تأثير الوعد والإغراء من شاهد الإثبات الثالث مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول قدم بجلسة ..... مذكرة بدفاعه كما يبين من المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن - أن الطاعن الأول أقام دفاعه المثبت بهذه المذكرة على أن اعتراف الطاعن الثاني جاء باطلاً لكونه وليد إغراء مادي بعطايا من شاهد الإثبات الثالث، ووعد من الأخير بتمكين الطاعن الثاني من إدارة مكتب المحاماة الخاص بالشاهد المذكور بعد طرده منه وذلك لوجود خلافات بينهما، ويبين من الحكم المطعون فيه أنه استند فيما استند إليه في إدانة الطاعنين إلى اعتراف الطاعن الثاني في تحقيق النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان الاعتراف، هو دفع جوهري يجب على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه رداً سائغاً يستوي في ذلك أن يكون المتهم المقر هو الذي دفع بالبطلان أو أن يكون أحد المتهمين الآخرين في الدعوى قد تمسك به ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على هذا الاعتراف وأن الاعتراف الذي يعتد به يجب أن يكون اختيارياً صادراً عن إرادة حرة، فلا يصح التعويل على الاعتراف - ولو كان صادقاً - متى كان وليد إكراه أو تهديد كائناً ما كان قدره، وكان الوعد أو الإغراء يعد قرين الإكراه والتهديد؛ لأنه له تأثير على حرية المتهم في الاختيار بين الإنكار أو الاعتراف، ويؤدى إلى حمله على الاعتقاد بأنه قد يجني من وراء الاعتراف فائدة أو يتجنب ضرراً، مما كان يتعين معه على المحكمة، وقد دفع أمامها بأن اعتراف الطاعن الثاني كان نتيجة إكراه أدبي تعرض له تمثل في الوعد والإغراء، أن تتولى هي تحقيق هذا الدفاع وتبحث الصلة بين الإكراه وسببه وعلاقته بأقواله، فإن هي نكلت عن ذلك ولم تعرض البتة للصلة بين الوعد والإغراء وبين اعترافه الذي عولت عليه، وتقول كلمتها فيه على الرغم من أنه أصبح واقعاً مسطوراً بأوراق الدعوى قائماً مطروحاً على المحكمة عند نظر الدعوى وهو ما يوجب عليها إبداء الرأي بشأنه، فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن القصور، ولا يغني في ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ إن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً، ومنها مجتمعه تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط إحداها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة الأمر الذي يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين معاً دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.

ثانياً: عن الطعن في الحكم الصادر في الإشكال في التنفيذ والمقدم من الطاعن ....
من حيث إنه لما كان الإشكال لا يرد إلا على تنفيذ حكم بطلب وقفه مؤقتاً حتى يفصل في النزاع نهائياً من محكمة الموضوع، إذا كان باب الطعن في ذلك الحكم ما زال مفتوحاً، وذلك طبقا لنص المادة 525 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكان الطعن بالنقض من المحكوم عليه الأول - في الحكم المستشكل في تنفيذ - قد قضى فيه على ما سلف بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة، ومن ثم فقد ألغى السند التنفيذي ولم يعد للتنفيذ بناء على ذلك محل مما يضحى معه طعن المحكوم عليه الأول على الحكم الصادر في الإشكال عديم الجدوى ويتعين رفضه.

الطعن 42450 لسنة 75 ق جلسة 27 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 147 ص 811

جلسة 27 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ سلامة أحمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يحيى محمود نائب رئيس المحكمة، علاء الدين كمال، هشام فرغلي وناصر عوض.

------------

(147)
الطعن رقم 42450 لسنة75 القضائية

هتك عرض. فعل فاضح. شروع. جريمة "أركانها". إثبات "شهود" حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". قصد جنائي.
قعود الحكم عن استظهار حقيقة أقوال المجني عليه بشأن كيفية ارتكاب المتهم لجريمة الشروع في هتك عرضه بالقوة والتهديد. قصور. الركن المادي في جريمة هتك العرض. مناط تحققه؟ متى يعد الفعل شروعاً في هتك عرض ومتى يعد فعلاً فاضحاً؟ مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالبراءة في جريمة شروع في هتك عرض بالقوة والتهديد.

-----------
لما كان الحكم المطعون فيه قد برر قضاءه بالبراءة بقوله أن ".... الواقع المعروض في القضية قد تمثل في أن المتهم اصطحب المجني عليه إلى طريق حافل بالسيارات ومؤدى إلى قرية واستوقفه وطلب منه خلع ملابسه دون أن يعمد هو إلى نزعها جبراً وإن توسل في طلبه بضرب المجني عليه ولم تستطل يده لعورة من جسمه فلا يمكن القول أن طلب المتهم هذا مقروناً بالتعدي على المجني عليه ـ بفرض حصوله ـ لا يؤدى حالاً ومباشرة إلى وقوع الجريمة التي ابتغاها ولو في صورة انكشاف عورة المجني عليه فحسب ذلك أن مقاومة المجني عليه وتمنعه قد تعادلت مع تعدى المتهم فذهب هذا التعدي هباءً ولم يكن من شأنه حصول النتيجة الإجرامية وبعبارة أخرى فإن ما نسب للمتهم من محاولة التعدي جنسياً على المجني عليه بإيلاج وفى طريق عام مطروق كانت محاولة ساذجة غير محكمة أو محاولة مفضوحة كالتزوير المفضوح لا يتصور تمامها على أي من الناس فهي لم تخرج عن مراودة المجنى عليه عن نفسه". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر حقيقة ما أدلى به المجني عليه بالتحقيقات من أن المطعون ضده حال إمساكه به وتهديده له بعد طلبه خلع ملابسه طلب منه الانبطاح على بطنه قاصداً فعل الفحشاء به ولم يعرض إلى هذه الأقوال ولم تُدل المحكمة برأيها فيها، فإن كل ذلك ينبئ عن أنها أصدرت حكمها بغير إحاطة كافية بظروف الدعوى وتمحيص سليم لأدلتها مما يصمه بعيب القصور في البيان مما أدى به إلى الفساد في الاستدلال، هذا وما انتهى إليه الحكم لا يتفق وصحيح القانون، ذلك أنه وإن كان الركن المادي في جريمة هتك العرض لا يتحقق إلا بوقوع فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليه يستطيل إلى جسمه فيصيب عورة من عوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية، إلا أنه متى ارتكب الجاني أفعالاً لا تبلغ درجة الجسامة التي تسوغ عدها من قبيل هتك العرض التام، فإن ذلك يقتضي تقصي الجاني من ارتكابها، فإذا كان قصده قد انصرف إلى ما وقع منه فقط فالفعل قد لا يخرج عن دائرة الفعل الفاضح، أما إذا كانت تلك الأفعال قد ارتكبت بقصد التوغل في أعمال الفحش فإن ما وقع منه يعد بدءاً في تنفيذ جريمة هتك العرض وفقاً للقواعد العامة ولو كانت هذه الأفعال في ذاتها غير منافية للآداب، وإذ كان لا يشترط لتحقيق الشروع أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتباره شارعاً في ارتكاب الجريمة أن يأتي فعلاً سابقاً على تنفيذ الركن المادي لها ومؤدياً إليه حالاً ومباشرة, وكان الثابت في الحكم ومن التحقيقات أن المطعون ضده قد استدرج المجني عليه إلى مكان خال من المارة وأمسك به وهدده بسكين وتعدى عليه بالضرب وطرحه أرضاً وحاول حسر ملابسه عنه فقاومه مستغيثاً وعلى أثر ذلك توقف قائد إحدى السيارات ففر المطعون ضده هارباً، وحيث إن الأفعال التي أتاها المطعون ضده طبقاً لما سلف بيانه تتحقق بها جريمة الشروع في هتك عرض المجني عليه بالقوة بركنيها المادي والمعنوي والذي أُوقف أثره لسبب لا دخل لإرادة المطعون ضده فيه وهو استغاثة المجني عليه وتوقف أحد قائدي السيارات المارة بمكان الواقعة وأن تلك الأفعال تؤدى مباشرة وفي الحال إلى إتمام الجريمة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بما أورده من أسباب من أن ما تم من المتهم هو محاولة تعدى جنسي ساذجة غير محكمة لم تخرج عن مراودة المجني عليه عن نفسه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن القصور في التسبيب مما يوجب نقضه والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: أ- شرع في هتك عرض ...... بالقوة والتهديد بأن استدرجه إلى الحقول وهدده بأداة صلبة حادة (سكين) وتعدى عليه بالضرب بالأيدي في أنحاء متفرقة من جسده فأحدث إصاباته الموصوفة بالتقرير الطبي وطرحه أرضاً على وجهه وحاول نزع بنطاله ولكن أوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه هو استغاثة المجني عليه وفرار المتهم خشية ضبطه. ب- أحرز أداة (سكيناً) مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون أن يوجد لحملها أو إحرازها مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية. وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءته مما أسند إليه.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة الشروع في هتك عرض المجني عليه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أقام قضاءه على أن الأفعال التي ارتكبها المطعون ضده مع المجني عليه لا تؤدى إلى أن النتيجة الإجرامية قد اقترب وقوعها مغفلاً ما هو ثابت بالأوراق من أن المجني عليه كان قد أحيط به لولا مرور سيارة عابرة توقف قائدها على إثر استغاثته ففر المطعون ضده خشية ضبطه، كما أن المحكمة لم تعرض لقصده من إتيان هذه الأفعال والتي من شأنها أن تؤدى إلى تحقيق مقصده من العبث بعرض المجني عليه. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد برر قضاءه بالبراءة بقوله أن ".... الواقع المعروض في القضية قد تمثل في أن المتهم اصطحب المجني عليه إلى طريق حافل بالسيارات ومؤدى إلى قرية واستوقفه وطلب منه خلع ملابسه دون أن يعمد هو إلى نزعها جبراً وإن توسل في طلبه بضرب المجني عليه ولم تستطل يده لعورة من جسمه فلا يمكن القول أن طلب المتهم هذا مقرون بالتعدي على المجني عليه بفرض حصوله لا يؤدى حالاً ومباشرة إلى وقوع الجريمة التي ابتغاها ولو في صورة انكشاف عورة المجني عليه فحسب ذلك أن مقاومة المجني عليه وتمنعه قد تعادلت مع تعدى المتهم فذهب هذا التعدي هباءً ولم يكن من شأنه محاصرة المجني عليه وانفلاته بأسباب النجاة من المتهم حتى يمكن القول باقتراب حصول النتيجة الإجرامية وبعبارة أخرى فإن ما نسب للمتهم من محاولة التعدي جنسياً على المجني عليه بإيلاج وفى طريق عام مطروق كانت محاولة ساذجة غير محكمة أو محاولة مفضوحة كالتزوير المفضوح لا يتصور تمامها على أي من الناس فهي لم تخرج عن مراودة المجني عليه عن نفسه". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر حقيقة ما أدلى به المجني عليه بالتحقيقات من أن المطعون ضده حال إمساكه به وتهديده له بعد طلبه خلع ملابسه طلب منه الانبطاح على بطنه قاصداً فعل الفحشاء به ولم يعرض إلى هذه الأقوال ولم تُدل المحكمة برأيها فيها، فإن كل ذلك ينبئ عن أنها أصدرت حكمها بغير إحاطة كافية بظروف الدعوى وتمحيص سليم لأدلتها مما يصمه بعيب القصور في البيان مما أدى به إلى الفساد في الاستدلال، هذا وما انتهى إليه الحكم لا يتفق وصحيح القانون، ذلك أنه وإن كان الركن المادي في جريمة هتك العرض لا يتحقق إلا بوقوع فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليه يستطيل إلى جسمه فيصيب عورة من عوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية، إلا أنه متى ارتكب الجاني أفعالاً لا تبلغ درجة الجسامة التي تسوغ عدها من قبيل هتك العرض التام، فإن ذلك يقتضي تقصي الجاني من ارتكابها، فإذا كان قصده قد انصرف إلى ما وقع منه فقط فالفعل قد لا يخرج عن دائرة الفعل الفاضح، أما إذا كانت تلك الأفعال قد ارتكبت بقصد التوغل في أعمال الفحش فإن ما وقع منه يعد بدءاً في تنفيذ جريمة هتك العرض وفقاً للقواعد العامة ولو كانت هذه الأفعال في ذاتها غير منافية للآداب، وإذ كان لا يشترط لتحقيق الشروع أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتباره شارعاً في ارتكاب الجريمة أن يأتي فعلاً سابقاً على تنفيذ الركن المادي لها ومؤدياً إليه حالاً ومباشرة, وكان الثابت في الحكم ومن التحقيقات أن المطعون ضده قد استدرج المجني عليه إلى مكان خال من المارة وأمسك به وهدده بسكين وتعدى عليه بالضرب وطرحه أرضاً وحاول حسر ملابسه عنه فقاومه مستغيثاً وعلى أثر ذلك توقف قائد إحدى السيارات ففر المطعون ضده هارباً، وحيث إن الأفعال التي أتاها المطعون ضده طبقاً لما سلف بيانه تتحقق بها جريمة الشروع في هتك عرض المجني عليه بالقوة بركنيها المادي والمعنوي والذي أُوقف أثره لسبب لا دخل لإرادة المطعون ضده فيه وهو استغاثة المجني عليه وتوقف أحد قائدي السيارات المارة بمكان الواقعة وأن تلك الأفعال تؤدى مباشرة وفي الحال إلى إتمام الجريمة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بما أورده من أسباب من أن ما تم من المتهم هو محاولة تعدى جنسي ساذجة غير محكمة لم تخرج عن مراودة المجني عليه عن نفسه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن القصور في التسبيب مما يوجب نقضه والإعادة.

الأحد، 23 أكتوبر 2016

قضية رقم 15 لسنة 8 قضائية المحكمة العليا "تفسير"

باسم الشعب
المحكمة العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة أول ابريل سنة 1978م.
برئاسة السيد المستشار / بدوى إبراهيم حمودة                       رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : عمر حافظ شريف وعلى أحمد كامل وأبو بكر محمد عطيه نواب رئيس المحكمة وطه أحمد أبو الخير ومحمد فهمى حسن عشرى الوكيلين بالمحكمة والمستشار كمال سلامه عبد الله.                                                          أعضاء
وحضور السيد المستشار / محمد كمال محفوظ                          المفوض
وحضور السيد / سيد عبد البارى إبراهيم                              أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
فى طلب التفسير المقيد بجدول المحكمة العليا برقم 15 لسنة 8 قضائية عليا       " تفسير ".

" الوقائع "
          طلب وزير العدل – بكتابه الوارد فى 17 من ديسمبر سنة 1977 – إلى رئيس المحكمة العليا اصدار قرار بتفسير نص الفقرة الثانية من المادة 66 من الدستور التى تنص على أن " لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ، ولا توقع العقوبة إلا بحكم قضائى، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون" وذلك لبيان المقصود بعبارة " حكم قضائى " الواردة فى هذا النص.
          وجاء بهذا الطلب وبالمذكرة المرافقة له أن المادة 459 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه " لا يجوز توقيع العقوبات المقررة بالقانون لأية جريمة إلا بمقتضى حكم صادر من محكمة مختصة بذلك"، وأن المادة 235 من القانون المذكور أجازت لوكيل النائب العام – بالمحكمة التى تختص بنظر الدعوى- إصدار أمر جنائى بعقوبة الغرامة فى الجنح التى يصدر بتحديدها قرار من وزير العدل وفى المخالفات متى كان القانون لا يوجب الحكم فيها بالحبس أو بعقوبة تكميلية ولم يطلب فيها التضمينات أو الرد، على ألا تتجاوز الغرامة التى يؤمر بها – فى مواد الجنح – مائتى قرش، ثم جاء دستور سنة 1971 متضمنا النص فى الفقرة الثانية من المادة 66 على أن " ... ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى"، وقد أثار نص هذه الفقرة خلافا فى الرأى حول المقصود بعبارة " حكم قضائى" الواردة فيه، فذهب رأى إلى أن المقصود بهذه العبارة الحكم بمعناه الخاص أى القرار الصادر من محكمة مشكلة تشكيلا صحيحا فى خصومة تختص بنظرها وطرحت عليها وفقا للقانون.
          فى حين ذهب رأى آخر إلى أن المقصود بعبارة " حكم قضائى" المشار إليها هو الحكم بمعناه العام أى القرار الصادر من أى جهة أسبغ عليها القانون ولاية القضاء.
          وحسما للخلاف بين وجهتى النظر المشار إليها فى تفسير نص قانونى له أهميته فى مجال التطبيق، تقدم وزير العدل بطلب تفسيره عملاً بأحكام الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 1969، وأرفق بالطلب – تطبيقاً لنص المادة 14 من القانون رقم 66 لسنة 1970 بشأن الإجراءات والرسوم أمام المحكمة العليا – مذكرة شارحة تضمنت الأسباب التى تستدعى طلب التفسير، وحافظة مستندات تضم صورة من كتاب نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس قسم التشريع مؤرخ فى 13 من يونيه سنة 1977 متضمنا رأى قسم التشريع بالمجلس فى شأن مشروع قانون أعدته وزارة العدل بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية المتعلقة بنظام الأوامر الجنائية، وجاء بهذا الكتاب أن " ... المشروع المعروض يتضمن تعديل المواد 323 و 324 و 325 مكررا فقرة أولى من قانون الإجراءات الجنائية ويستهدف التوسع فى السلطة المخولة للقاضى الجزئى ووكيل النيابة فى إصدار الأوامر الجنائية. ولما كانت المادة 66 من الدستور تنص فى فقرتها الثانية على أنه ( .... ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى ... )، ولما كان الأمر القضائى الصادر من وكيل النائب العام لايمكن اعتباره حكما قضائيا لأنه صادر من غير قاض أما الأمر الجنائى الصادر من القاضى الجزئى فيمكن اعتباره حكما إذ أنه صادر من قاض يفصل فى خصومة وإن كان ذلك يتم بإجراءات موجزة مبسطة، لذلك فإن قسم التشريع قد انتهى – بجلسته المعقودة بتاريخ 7/6/1977- إلى عدم الموافقة على تعديل المادة 325 مكررا فقرة أولى بما يتضمن التوسع فى السلطة المخولة لوكيل النائب العام فى إصدار الأوامر الجنائية، ولا يرى مانعا من الموافقة على تعديل المادتين 323 و 324 اللتين تتضمنان التوسع فى سلطة القاضى الجزئى فى إصدار الأوامر الجنائية".
          وقيد الطلب برقم 15 لسنة 8 ق عليا "تفسير" وأودعت هيئة المفوضين  تقريراً مسبباً بالرأى القانونى انتهت فيه إلى أنها ترى " أن الأمر الجنائى الذى يصدر من وكيل النائب العام يدخل فى مفهوم عبارة "حكم قضائى" الواردة فى نص الفقرة الثانية من المادة 66 من الدستور".
 وحدد لنظر الطلب أمام المحكمة جلسة 4 من مارس سنة 1978 حيث نظر على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إرجاء النطق بالقرار لجلسة اليوم وفيها صدر القرار الآتى.

" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، والمداولة.
من حيث إن الطلب استوفى الأوضاع المقررة قانوناً.
ومن حيث إن طلب التفسير يستهدف بيان ما إذا كان الأمر الجنائى الصادر بالعقوبة من وكيل النائب العام فى الأحوال التى ينص عليها القانون يندرج فى مدلول عبارة " حكم قضائى" الواردة فى الفقرة الثانية من المادة 66 من الدستور سالفة البيان أم لا.
ومن حيث إن الفقرة الثانية من المادة 66 من الدستور تنص على أن " لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون ، ومن حيث إن المادة 67 من الدستور تنص على أن " المتهم برئ حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه" – ويبين من هذا النص أن الحكم الجنائى الذى توقع به العقوبة- وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة 66 من الدستور – هو الحكم الذى يصدر ممن أسند إليه الشارع ولاية القضاء فى المسائل الجنائية بشرط مراعاة ضمانات الدفاع المقررة، وأخصها التحقيق النهائى الذى تجريه المحكمة فى مواجهة المتهم بعد تمكينه من الحضور لإبداء دفاعه فى جلسة علنية إلاإذا رأت المحكمة – استثناءا – جعل الجلسة سرية مراعاة للنظام العام أوالآداب، ومن ثم فإنه لبيان ما إذا كان الأمر الجنائى الصادر بالعقوبة من وكيل النائب العام فى الأحوال المقررة قانونا وفقا لنص المادة 325 من قانون الإجراءات الجنائية يندرج فى مدلول عبارة " حكم جنائى" الواردة فى الفقرة الثانية من المادة 66 من الدستور يتعين الوقوف على أمرين، الأمر الأول هو استظهار ما إذا كان وكيل النائب العام إذ يصدر الأمر الجنائى بالعقوبة فى الأحوال المشار إليها يعتبر قائمة بوظيفة القضاء، والأمر الثانى هو استظهار ما إذا كانت ضمانات المحاكمة الجنائية مكفولة للمتهم الذى توقع عليه العقوبة بالأمر المذكور.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الأمر الأول وهو استظهار الطبيعة القانونية لعمل وكيل النائب العام عند إصداره الأوامر الجنائية بتوقيع العقوبة، فإن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الدستور إذ نص فى المادة 165 على أن " السلطة القضائية تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها" وفى المادة 172 منه على أن " يختص مجلس الدولة بالفصل فى المنازعات الإدارية وفى الدعاوى التأديبية..." فإنه لا يعنى غل يد الشارع عن اسناد الفصل فى بعض القضايا إلى جهات أخرى يخلع عليها ولاية القضاء فى هذه القضايا على أن يكون ذلك على سبيل الاستثناء من الأصل العام المقرر بهذين النصين متى اقتضت ذلك اعتبارات الصالح العام وعلى هذا النحو يعمل الشارع التفويض الذى خوله الدستور إياه فى المادة 167 بشأن تحديد الهيئات القضائية واختصاصاتها وتنظيم طريقة تشكيلها.
ولما كان هذا هو الشأن بالنسبة إلى الجهات الأخرى " غير المحاكم" التى يجوز تخويلها سلطة القضاء فى بعض القضايا فإنه يكون جائزا من باب أولى بالنسبة إلى وكلاء النيابة وهى على الرأى الراجح شعبة من السلطة القضائية تتولى أعمالا قضائية أهمها وظيفة التحقيق التى ورثتها عن قاضى التحقيق ثم وظيقة الاتهام أمام المحاكم الجنائية بحيث يتعين تمثيلها فى تشكيل هذه المحاكم وإلا كان قضاؤها باطلا ومن ثم تكون قراراتها قضائية ولهذا امتنعت على القضاء الإدارى منذ إنشاء مجلس الدولة لأنها " تخرج عن اختصاصه الأساسى وهو الفصل فى طلبات الغاء القرارات الإدارية يؤيد هذا النظر:
أولا – أن المادة 41 من الدستور التى أرست مبدأ الحرية الشخصية باعتبارها حقا طبيعيا كفلته للناس كافة بحيث لا يجوز فيما عدا حالة التلبس القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو من النيابة العامة وفقا لأحكام القانون مما يفيد أن الدستور قد سوى فى هذا الاختصاص القضائى بين النيابة والقضاء.
ثانيا – أن المادة 70 من الدستور تنص على ألا تقام الدعوى الجنائية إلا بأمر من جهة قضائية فيما عدا الأحوال التى يحددها القانون – وقد أسند الشارع هذا الاختصاص إلى النيابة العامة دون غيرها وذلك فى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية التى تنص على أن " تختص النيابة العامة دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها ولا ترفع من غيرها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون" ومن ثم تكون النيابة جهة قضائية فى مفهوم النص الدستورى سالف الذكر.
ثالثا – أن الدستور المصرى الصادر عام 1923 عرض النيابة العامة فى تنظيم السلطة القضائية فى الفصل الرابع فى المواد من 124 – 131 وذلك بعد أن تكلم عن القضاء وكذلك تحدث دستور سنة 1956 عن النيابة العامة فى الفصل الرابع من الباب الرابع الخاص بالسلطات تحت عنوان " السلطة القضائية" وذلك فى المادتين 181 و 182 بعد أن تكلم عن القضاة فى المواد من 175 – 180 ولئن كانت الدساتير التالية لم تعرض للنيابة العامة كشعبة من السلطة القضائية فمرد ذلك إلى أن هذا المبدأ قد استقر بحيث لم تعد ثمت حاجة للنص عليه.
رابعا – أن نظامنا القانونى مأخوذ عن النظام الفرنسى حيث يطلق لفظ Magistrat  على القاضى كما يطلق على أعضاء النيابة العامة مع تخصيص اصطلاح Magistrature assise للقضاة واصطلاح Magistrature de bout لأعضاء النيابة العامة.
خامسا – أن الشارع المصرى جرى على تنظيم النيابة العامة دائما فى تشريعات السلطة القضائية المنظمة لشئون القضاء والقضاة. ومن حيث أنه عن الأمر الثانى الخاص بكفالة ضمانات التقاضى فى الأوامر الجنائية التى يصدرها وكيل النيابة فإن المادة 327 من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لمن صدر ضده الأمر الجنائى بتوقيع العقوبة من القاضى أو من وكيل النائب العام أن يعلن عدم قبوله بتقرير فى قلم الكتاب خلال ثلاثة أيام من تاريخ اعلانه به، ورتبت على هذا التقرير سقوط الأمر واعتباره كأن لم يكن وتحديد جلسة تنظر فيها الدعوى أمام المحكمة، فإذا حضر الجلسة المحددة تنظر الدعوى فى مواجهته وفقا للإجراءات العادية.
وللمحكمة أن تحكم فى حدود العقوبة المقررة بعقوبة أشد من الغرامة التى قضى بها الأمر الجنائى. ( المادة 328 من قانون الإجراءات الجنائية).
أما إذا لم يحضر تعود للأمر قوته ويصبح نهائيا واجب التنفيذ – ويستفاد من هذين النصين أن الشارع إذ أجاز لوكيل النائب العام اصدار الأمر الجنائى فى الحالات المبينة فى المادة 325 من قانون الإجراءات الجنائية لم يغفل ضمانات التقاضى فى هذا الشأن إذ أجاز لمن صدر عليه الأمر أن يعترض عليه ورتب على هذا الاعتراض وجوب عرض الدعوى الجنائية من جديد على محكمة الدرجة الأولى لتفصل فيها بعد التحقيق النهائى الذى تجريه وبعد دعوة المتهم للحضور ولسماع دفاعه.
ومن حيث إن تحقيق هدف سرعة الفصل فى القضايا الذى بلغ من الأهمية حدا دعا الشارع إلى النص عليه فى المادة 68 من الدستور التى تقضى بأن تكفل الدولة سرعة الفصل فى القضايا ثم هدف تخفيف العبء الذى ينوء به القضاة قد استوجب كلاهما أن يستحدث الشارع نظام الأوامر الجنائية للفصل فى الدعاوى الجنائية البسيطة ونظام أوامر الأداء للفصل فى الدعاوى المدنية والتجارية قليلة الأهمية وأن يعهد بالفصل فيها للقضاة ويشترك معهم وكلاء النيابة فى إصدار الأوامر الجنائية مع تحديد حد أقصى للغرامة التى يجوز توقيعها بهذه الأوامر وهو بالنسبة إلى القضاة أعلى منه بالنسبة إلى وكلاء النيابة وقد سوى فى إجراءات اصدار هذه الأوامر والاعتراض عليها ونظر الدعوى فى حالة الاعتراض أمام المحكمة بالإجراءات العادية وعلى الجملة فى كافة الضمانات بين الأوامر التى تصدر من القضاة وتلك التى تصدر من وكلاء نيابة بعقوبة مالية بسيطة وخول المتهمين حق الاعتراض عليها وعندئذ يسقط الأمر الجنائى وتنظر الدعوى أمام المحكمة المختصة فى مواجهته بإجراءات العادية.
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم أن الأمر الجنائى الذى يصدر بتوقيع العقوبة من وكيل النائب العام يدخل فى مفهوم عبارة " حكم قضائى " الواردة فى الفقرة الثانية من المادة 66 من الدستور.

" فلهذه الأسباب"

وبعد الإطلاع على الفقرة الثانية من المادة 66 وعلى المادتين 165 و 167 من الدستور.
قررت المحكمة :
" أن الأمر الجنائى الذى يصدر بتوقيع العقوبة من وكيل النائب العام فى الأحوال التى ينص عليها القانون يدخل فى مفهوم عبارة " حكم قضائى " الواردة فى الفقرة الثانية من المادة 66 من الدستور" .