الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 16 أغسطس 2016

الطعن 5400 لسنة 81 ق جلسة 21 / 1 / 2012 مكتب فني 63 ق 13 ص 109

جلسة 21 من يناير سنة 2012
برئاسة المستشار/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ وجيه أديب، محمود خضر، خالد جاد وقدري عبدالله نواب رئيس المحكمة.
----------------
(13)
الطعن 5400 لسنة 81 ق
(1) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
بيان الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى بما يكفي لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها. لا قصور.
(2) آثار. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اشتمال الحكم على بيان ماهية المضبوطات محل الاتهام ووصفه بأنها آثار مملوكة للدولة. النعي عليه بخلاف ذلك. غير مقبول.
(3) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله. ماهيته؟ عقيدة المحكمة تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني. مثال لما لا يعد تناقضاً في الحكم.
(4) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بشيوع التهمة أو بعدم سيطرة المتهم على مكان الضبط. موضوعي. كفاية الرد عليه بأدلة الثبوت التي تطمئن إليها المحكمة.
(5) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب التحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة. لا يصح سبباً للطعن على الحكم. النعي على المحكمة عدم قيامها بإجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه. غير جائز. مثال.
(6) إثبات "بوجه عام". استدلالات. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي. الخطأ في ذكر اسم الطاعن أو عمله أو محل إقامته في محضر التحريات. لا يقطع في عدم جديتها. مثال.
(7) أمر بألا وجه. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية". 
الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية. الأصل فيه أن يكون صريحا مدونا بالكتابة. استنتاجه من تصرف أو إجراء آخر. شرطه؟ التفات الحكم عن الدفع بصدور أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية. لا يعيبه. ما دامت الأوراق قد خلت مما يقطع بصدوره. علة ذلك؟
(8) دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها". حكم "تسبيبه . تسبيب غير معيب" "حجيته". قانون "تفسيره".
نص المادة 454 إجراءات. مفاده؟ مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
(9) استئناف "نظره والحكم فيه". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "عدم جواز مضاراة الطاعن بطعنه". محكمة النقض "سلطتها". آثار. 
قضاء المحكمة الاستئنافية في الاستئناف المرفوع من المحكوم عليه وحده بعدم اختصاصها لكون الواقعة جناية إخفاء آثار. وتغليظ محكمة الجنايات العقاب عليه بعد إحالته إليها. خطأ في تطبيق القانون. علة وأساس ذلك؟
--------------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد في غير محله.
2 - لما كان البين من الاطلاع على مدونات الحكم المطعون فيه أنه اشتمل على بيان ماهية المضبوطات محل الاتهام ووصفها بأنها آثار مملوكة للدولة على بعضها نقوش بارزة وكتابات يونانية وكتابات باللغة المصرية القديمة وعلى البعض الآخر زخارف بالبارز والغائر على خلاف ما يزعمه الطاعن بوجه الطعن، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
3 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر فلا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إدانة الطاعن بتهمة إخفاء قطع أثرية مملوكة للدولة بقصد التهرب والاتجار فيها وليس عن تهمة حيازة آثار بقصد الاتجار فإن ما ساقه الحكم لدى تدليله على توافر التهمة الأولى من أن الطاعن حاز الآثار بقصد الاتجار غير مقصود به الحيازة بمعناها القانوني إذ من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني ومن ثم يكون منعي الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
4 - من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة أو بعدم سيطرة المتهم على مكان الضبط من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التى تطمئن إليها بما تفيد اطراحها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على الآثار المضبوطة تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
5 - لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن إجراء معاينة لمكان الضبط لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم, وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص فليس له من بعد أن ينعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه.
6 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون, ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً بالأوراق وكان الخطأ في ذكر سن الطاعن أو عمله أو محل إقامته في محضر التحريات لا يقطع بذاته في عدم جدية ما تضمنه من تحر, فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون قويماً.
7 - من المقرر أنه إذا كان تصرف النيابة العامة لا يفيد على وجه القطع استقرار الرأي على عدم رفع الدعوى الجنائية, فإنه لا يصح اعتبار تصرفها أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى, لأن الأصل في هذا الأمر أن يكون صريحاً ومدوناً بالكتابة فإنه لا يصح استنتاجه من تصرف أو إجراء آخر, إلا إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه حتماً وبطريق اللزوم العقلي أن ثمة أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية وإذ كان البين من المفردات أنها خلت مما يفيد على وجه القطع واللزوم أن النيابة العامة أصدرت أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على الطاعن, ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع الذي أبداه الطاعن بصدور أمرٍ من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان.
8 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدي من الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم .... لسنة .... واستئنافها رقم ..... لسنة ... واطرحه في قوله "وحيث إنه وعما ينعاه الدفاع الحاضر مع المتهم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم ..... لسنة .... واستئنافها رقم ..... لسنة .... فهو نعى في غير محله لأن من شروط قبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها أن يكون الحكم صادراً في موضوع الدعوى الجنائية والمقصود بذلك الشرط هو أن يكون الحكم قد صدر وفصل في موضوع الخصومة الجنائية، فالأحكام الصادرة قبل الفصل في موضوع الدعوى الجنائية لا تحوز قوة الشيء المقضي به وعلى ذلك فالأحكام الصادرة بعدم قبول الدعوى وعدم الاختصاص لا تعتبر فاصلة في الموضوع ولا تنقضي بها الدعوى العمومية وإنما يجوز إعادة طرحها من جديد بعد استيفاء الشروط اللازمة. لما كان ذلك, وكان الثابت من أوراق الدعوى أن المتهم .... قدم لمحكمة الجنح بتاريخ .... وقضى بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى النيابة العامة ثم أعيدت لتقدم أمام محكمة جنح ..... تحت رقم .... لسنة .... وقضى فيها بتغريم المتهم 500 جنيه والمصادرة والمصاريف وتم استئناف هذا الحكم تحت رقم ..... لسنة .... جنح مستأنف .... وقدم للمحاكمة بتاريخ .... وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة بنظرها وإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها وأبقت الفصل في المصروفات. ثم أعيدت الجنحة للتدوال أمام محكمة الجنح وقضى فيها بجلسة .... بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الاستئناف رقم .... لسنة .... جنح مستأنف ..... لما كان ما سلف وكان البين من ظروف الدعوى وتداولها أمام محكمة الجنح أنه لم يصدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية أو الخصومة الجنائية بل الحكم كان بشأن عدم اختصاص محكمة الجنح نوعياً بنظرها لأسباب هي أن الواقعة تشكل جناية وهي من اختصاص محكمة الجنايات وطلبت إحالتها للنيابة العامة التي اتخذت إجراءاتها واستوفت شروطها اللازمة وأحالت الدعوى لمحكمة الجنايات المختصة وأعادت طرحها من جديد وهذا جائز قانوناً وأصبح الحكم السالف لم يحز قوة الشيء المقضي به. الأمر الذي يكون معه الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في غير محله مما يتعين معه القضاء برفضه". لما كان ذلك، وكانت المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة إليه لصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة وإذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون" وكان مفاد هذا النص - على ما استقرت عليه أحكام محكمة النقض - أنه يشترط للدفع بقوة الشيء المحكوم فيه في المسائل الجنائية بما يتعين معه الامتناع عن نظر الدعوى أولاً: أن يكون هناك حكم نهائي سبق صدوره في محاكمة جنائية معينة أو أن يكون بين هذه المحاكمة والمحاكمة التالية التي يراد التمسك فيها بهذا الدفع اتحاد في الموضوع والسبب وأشخاص المتهمين. ثانياً:- أن يكون الحكم صادراً في موضوع الدعوى سواء قضى بالإدانة وتوقيع العقوبة أو بالبراءة ورفض توقيعها أما إذا صدر حكم في مسألة غير فاصلة في الموضوع. كالحكم الصادر في الجنحة رقم ...... لسنة ..... واستئنافها رقم ...... لسنة ..... فإنه لا يحوز حجية الشيء المقضي به, ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها يكون قد أصاب صحيح القانون بما يضحى معه نعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
9 - لما كانت المادة 417 /3 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه "أما إذا كان الاستئناف مرفوعاً من غير النيابة العامة فليس للمحكمة إلا أن تؤيد الحكم أو تعدله لمصلحة رافع الاستئناف". ولما كان الثابت من المفردات المضمومة أن النيابة العامة قد رفعت الدعوى الجنائية على المتهم أمام محكمة الجنح لاتهامه بحيازته بقصد الاتجار قطعاً أثرية على خلاف القانون وكانت محكمة الجنح قد قضت بتغريمه خمسمائة جنيه والمصادرة طبقاً للمواد 1، 7، 40، 43، 44 من القانون رقم 117 لسنة 1983 فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم وحده دون النيابة العامة إلا أن المحكمة الاستئنافية قضت بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها استناداً إلى أن الواقعة تكون جناية إخفاء آثار تنطبق عليها المادة 42 من القانون 117 لسنة 1983 المعدل بالقانون 3 لسنة 2010 وهو ما لا يصح في القانون فقدمته النيابة العامة لمحكمة الجنايات والتي قضت بحبسه سنتين مع الشغل وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة الآثار المضبوطة ومن ثم فما كان يسوغ للحكم المطعون فيه الذي نشأ من استئناف الطاعن وحده أن يغلظ العقاب عليه إعمالاً لقاعدة عدم إضارة الطاعن بطعنه. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه بنى على خطأ في تطبيق القانون. ومن جهة أخرى فإنه لما كانت المادة 42/أ من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 المعدل بالقانون 3 لسنة 2010 قد تضمنت بالنسبة لجريمة إخفاء الآثار أن يقضى بالإضافة للعقوبة المقررة بتلك المادة بمصادرة الآثار لصالح المجلس الأعلى للآثار، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة الحبس وبجعل عقوبة الغرامة خمسمائة جنيه بدلاً من خمسين ألف جنيه وبإضافة عبارة لصالح المجلس الأعلى للآثار لعقوبة المصادرة المقضي بها عملاً بنص المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959.
--------------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أخفى قطعاً أثرية وهي المبينة وصفاً بالتحقيقات والمملوكة للدولة بأن قام بوضعها داخل صندوق بمسكنه بقصد التهرب والاتجار فيها على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 6، 8، 40، 42/2 من القانون رقم 117 لسنة 1983 المعدل بالقانونين رقمي 12 لسنة 1991، 3 لسنة 2010 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات أولاً: برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الاستئناف رقم .... لسنة ..... وبجواز نظرها. ثانياً: بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة الآثار المضبوطة
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ....... إلخ .
--------------------
المحكمة
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إخفاء آثار قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً يتحقق به ركنا الجريمة المادي والمعنوي واقتصر على القول بأن المضبوطات من الآثار بغير أن يبين الحقبة التاريخية التي تنتمي إليها ودون أن يكشف عن سنده في اعتبارها من الآثار محل التجريم في مفهوم أحكام القانون. هذا إلى أن الحكم في تحصيله لأقوال الرائد .... وتحرياته أثبت أن الطاعن يحوز ويحرز آثاراً بقصد الاتجار ثم انتهى إلى أن الاتهام المسند إليه هو إخفاء قطع أثرية مملوكة للدولة وهو ما لم يرد بأدلة الدعوى مما يصم تدليله بالتناقض. كما أن الحكم خصه بجريمة إخفاء الآثار المضبوطة بمسكنه رغم دفاعه المؤيد بالمستندات بأنه لا سيطرة له على مكان الضبط وأن التهمة شائعة بينه وبين آخرين إلا أن المحكمة رفضت الدفع بما لا يواجهه ولم تعن بتحقيقه، خاصة وأن النيابة العامة لم تجر معاينة لمكان الضبط .هذا وقد تمسك دفاع الطاعن المؤيد بالمستندات بجلسة المحاكمة ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بدلالة خطأ من أجراها في سن الطاعن وعمله ومحل إقامته بيد أن الحكم المطعون فيه اطرح هذا الدفع بما لا يصلح رداً. وأخيراً فإن المدافع عن الطاعن دفع بصدور أمر ضمني من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ودلل على ذلك بأن النيابة العامة قدمته للمحاكمة أمام محكمة الجنح بتهمة حيازته بقصد الاتجار قطعاً أثرية على خلاف القانون قضت الأخيرة بتغريم المتهم خمسمائة جنيه والمصادرة ولما استأنف الطاعن وحده هذا الحكم فقضت محكمة الجنح المستأنفة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها ثم أعيدت مرة أخرى لمحكمة الجنح فقضت بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فقدمته النيابة العامة لمحكمة الجنايات لمحاكمته عن هذه الجناية وهو الأمر الذي يؤكد دفعه السابق ويؤدي إلى دفعه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة .... لسنة .... جنح .... واستئنافها رقم .... لسنة .... مستأنف .... إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على الشق الأول من الدفع ورد على الشق الثاني بما لا يتفق وصحيح القانون. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على مدونات الحكم المطعون فيه أنه اشتمل على بيان ماهية المضبوطات محل الاتهام ووصفها بأنها آثار مملوكة للدولة على بعضها نقوش بارزه وكتابات يونانية وكتابات باللغة المصرية القديمة وعلى البعض الآخر زخارف بالبارز والغائر على خلاف ما يزعمه الطاعن بوجه الطعن، فإن منعي الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر فل يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إدانة الطاعن بتهمة إخفاء قطع أثرية مملوكة للدولة بقصد التهرب والاتجار فيها وليس عن تهمة حيازة آثار بقصد الاتجار فإن ما ساقه الحكم لدى تدليله على توافر التهمة الأولى من أن الطاعن حاز الآثار بقصد الاتجار غير مقصود به الحيازة بمعناها القانوني إذ من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني ومن ثم يكون منعي الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة أو بعدم سيطرة المتهم على مكان الضبط من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما تفيد إطراحها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على الآثار المضبوطة تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن إجراء معاينة لمكان الضبط لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً بالأوراق وكان الخطأ في ذكر سن الطاعن أو عمله أو محل إقامته في محضر التحريات لا يقطع بذاته في عدم جدية ما تضمنه من تحر، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون قويماً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كان تصرف النيابة العامة لا يفيد على وجه القطع استقرار الرأي على عدم رفع الدعوى الجنائية، فإنه لا يصح اعتبار تصرفها أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى، لأن الأصل في هذا الأمر أن يكون صريحاً ومدوناً بالكتابة فإنه لا يصح استنتاجه من تصرف أو إجراء آخر، إلا إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه حتماً وبطريق اللزوم العقلي أن ثمة أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية. واذ كان البين من المفردات أنها خلت مما يفيد على وجه القطع واللزوم أن النيابة العامة أصدرت أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على الطاعن، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع الذي أبداه الطاعن بصدور أمر من النيابة العامة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدي من الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم .... لسنة ..... واستئنافها رقم .... لسنة .... واطرحه في قوله: "وحيث إنه وعما ينعاه الدفاع الحاضر مع المتهم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم ..... لسنة ..... واستئنافها رقم ..... لسنة ..... فهو نعى في غير محله لأن من شروط قبول الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها أن يكون الحكم صادراً في موضوع الدعوى الجنائية والمقصود بذلك الشرط هو أن يكون الحكم قد صدر وفصل في موضوع الخصومة الجنائية، فالأحكام الصادرة قبل الفصل في موضوع الدعوى الجنائية لا تحوز قوة الشيء المقضي به وعلى ذلك فالأحكام الصادرة بعدم قبول الدعوى وعدم الاختصاص لا تعتبر فاصلة في الموضوع ولا تنقضي بها الدعوى العمومية وإنما يجوز إعادة طرحها من جديد بعد استيفاء الشروط اللازمة. لما كان ذلك، وكان الثابت من أوراق الدعوى أن المتهم ...... قدم لمحكمة الجنح بتاريخ ...... وقضى بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى النيابة العامة ثم أعيدت لتقدم أمام محكمة جنح .... تحت رقم .... لسنة .... وقضى فيها بتغريم المتهم 500 جنيه والمصادرة والمصاريف وتم استئناف هذا الحكم تحت رقم .... لسنة ..... جنح مستأنف ..... وقدم للمحاكمة بتاريخ ..... وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة بنظرها وإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها وأبقت الفصل في المصروفات. ثم أعيدت الجنحة للتدوال أمام محكمة الجنح وقضى فيها بجلسة ... بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الاستئناف رقم .... لسنة ...... جنح مستأنف ..... لما كان ما سلف وكان البين من ظروف الدعوى وتداولها أمام محكمة الجنح أنه لم يصدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية أو الخصومة الجنائية بل الحكم كان بشأن عدم اختصاص محكمة الجنح نوعياً بنظرها لأسباب هي أن الواقعة تشكل جناية وهي من اختصاص محكمة الجنايات وطلبت إحالتها للنيابة العامة التي اتخذت إجراءاتها واستوفت شروطها اللازمة وأحالت الدعوى لمحكمة الجنايات المختصة وأعادت طرحها من جديد وهذا جائز قانوناً وأصبح الحكم السالف لم يحز قوة الشيء المقضي به. الأمر الذي يكون معه الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في غير محله مما يتعين معه القضاء برفضه. لما كان ذلك، وكانت المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه" تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة إليه لصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة وإذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في القانون"، وكان مفاد هذا النص على ما استقرت عليه أحكام محكمة النقض أنه يشترط للدفع بقوة الشيء المحكوم فيه في المسائل الجنائية بما يتعين معه الامتناع عن نظر الدعوى أولاً: أن يكون هناك حكم نهائي سبق صدوره في محاكمة جنائية معينة أو أن يكون بين هذه المحاكمة والمحاكمة التالية التي يراد التمسك فيها بهذا الدفع اتحاد في الموضوع والسبب وأشخاص المتهمين. ثانياً: أن يكون الحكم صادراً في موضوع الدعوى سواء قضى بالإدانة وتوقيع العقوبة أو بالبراءة ورفض توقيعها أما إذا صدر حكم في مسألة غير فاصلة في الموضوع كالحكم الصادر في الجنحة رقم ... لسنة ... واستئنافها رقم ... لسنة .... فإنه لا يحوز حجية الشيء المقضي به، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها يكون قد أصاب صحيح القانون بما يضحى معه نعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً. لما كان ذلك، وكانت المادة 417/3 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه" أما إذا كان الاستئناف مرفوعاً من غير النيابة العامة فليس للمحكمة إلا أن تؤيد الحكم أو تعدله لمصلحة رافع الاستئناف". ولما كان الثابت من المفردات المضمومة أن النيابة العامة قد رفعت الدعوى الجنائية على المتهم أمام محكمة الجنح لاتهامه بحيازته بقصد الاتجار قطعاً أثرية على خلاف القانون وكانت محكمة الجنح قد قضت بتغريمه خمسمائة جنيه والمصادرة طبقاً للمواد 1، 7، 40، 43، 44 من القانون رقم 117 لسنة 1983 فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم وحده دون النيابة العامة إلا أن المحكمة الاستئنافية قضت بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها استناداً إلى أن الواقعة تكون جناية إخفاء آثار تنطبق عليها المادة 42 من القانون 117 لسنة 1983 المعدل بالقانون 3 لسنة 2010 وهو ما لا يصح في القانون، فقدمته النيابة العامة لمحكمة الجنايات والتي قضت بحبسه سنتين مع الشغل وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة الآثار المضبوطة ومن ثم فما كان يسوغ للحكم المطعون فيه الذي نشأ من استئناف الطاعن وحده أن يغلظ العقاب عليه إعمالاً لقاعدة عدم إضارة الطاعن بطعنه. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه بنى على خطأ في تطبيق القانون
ومن جهة أخرى فإنه لما كانت المادة 42/أ من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 المعدل بالقانون 3 لسنة 2010 قد تضمنت بالنسبة لجريمة إخفاء الأثر أن يقضى بالإضافة للعقوبة المقررة بتلك المادة بمصادرة الآثار لصالح المجلس الأعلى للآثار، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة الحبس وبجعل عقوبة الغرامة خمسمائة جنيه بدلاً من خمسين ألف جنيه وبإضافة عبارة لصالح المجلس الأعلى للآثار لعقوبة المصادرة المقضي بها عملاً بنص المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959.

الطعن 58 لسنة 80 ق جلسة 21 /1 /2012 مكتب فني 63 ق 12 ص 105

جلسة 21 من يناير سنة 2012
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ وجيه أديب، محمود خضر، بدر خليفة ويوسف قايد نواب رئيس المحكمة.
--------------
(12)
الطعن 58 لسنة 80 ق
إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب" "بطلانه". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "أثر الطعن".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الواقعة من أدلة الدعوى وعناصرها. شرط ذلك؟ 
وجوب بناء الأحكام على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها. استناد الحكم إلى واقعة لا أصل لها في الأوراق. يبطله. متى كانت الواقعة هي عماد الحكم. إيراده لأدلة أخرى. لا تؤثر في ذلك. أثر ذلك: وجوب نقضه والإعادة للطاعنين دون المحكوم عليهما غيابيا. علة ذلك؟
----------------
لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعنين بجريمة السرقة ليلاً بطريق الإكراه عن طريق التسور ودان الأول بجريمة إحراز أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية قد عول من بين ما عول عليه في قضائه بالإدانة على أقوال الشاهدين ... و... وحصل أقوال الشاهد الأول في قوله " فقد شهد المجنى عليه ... خفير المزرعة بأنه حال تواجده بالمزرعة قام المتهمون بالدخول للمزرعة عن طريق تسور السور الخارجي وقام المتهم الأول ومعه آخر بالاعتداء علية بآلة خشبية على رأسه وقيداه من رجليه ويديه وكمما فاه ونقلاه إلى غرفة في آخر المزرعة إلى جوار زميله .... حيث شاهده مقيداً مثله من قبل متهمين آخرين وأن المتهمين استولوا على هاتفه المحمول ومفاتيح البوابة الرئيسية للمزرعة وسرقوا عدد ..... من المواشي الموجودة بالمزرعة "كما حصل أقوال الشاهد الثاني .... في قوله: "إنه أثناء تواجده بالمزرعة الخاصة بالمجنى عليه .... وبعد صلاة العشاء يوم .... كان نائماً وشعر بأحد المتهمين يتهجم عليه ويزجره وينهاه عن الصياح وقام مع آخرين بتقييده من يديه ورجليه وكتموا فاه ووضعوه بجوار خفير المزرعة .... وقاموا بسرقة .... قطعة من الماشية الموجودة بالمزرعة". وكان البين من المفردات المضمومة لملف الطعن تحقيقاً لوجه الطعن أن أقوال الشاهدين المذكورين قد خلت مما يفيد اتهامهما للطاعنين والمحكوم عليهما الآخرين بواقعة التعدي عليهما وسرقة الماشية من المزرعة بل انصبت أقوالهما على عدم معرفتهما بأشخاص مرتكبي تلك الواقعة. لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه وإن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها أو عناصرها المختلفة إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغاً وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في أوراق الدعوى، وكان من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها فإذا استند الحكم إلى رواية أو واقعة لا أصل لها في التحقيقات فإنه يكون معيباً لابتنائه على أساس فاسد متى كانت الرواية أو الواقعة هي عماد الحكم فإن الحكم المطعون فيه إذ استند في قضائه ضمن ما استند إليه إلى ما لا أصل له في الأوراق فإنه يكون معيباً بما يبطله ولا يؤثر في ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية قسائم متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة بحيث إذ أسقط أحداها أو استبعد تعذر معرفة مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه المحكمة لو أنها فطنت إلى أنه غير قائم . لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين .... و .... دون المحكوم عليهما الآخرين ..... و ..... اللذان صدر الحكم بالنسبة لهما غيابياً وليس لهما أصلا حق الطعن على الحكم بطريق النقض فلا يمتد إليهما أثره وبغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
----------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين قضى بمحاكمتهما غيابياً بأنهم: 1- سرقوا الماشية المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة لـ .... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع على المجني عليه .... بأن قام المتهمون جميعاً بالدخول إلى مزرعة المجني عليه الأول بطريق التسور وتعدى المتهم الأول بالضرب على المجني عليه الثاني مستخدماً أداة كانت بحوزته حال قيام باقي المتهمين بالاستيلاء على باقي المسروقات فبثوا الرعب في نفسه وشلوا مقاومته وتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من الاستيلاء على المسروقات على النحو المبين بالتحقيقات. 2- المتهم الأول: أحرز بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو المهنية أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص "شومة" وأحالتهما إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه الأول قبل المتهمين مدنياً بمبلغ ..... على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 313 من قانون العقوبات والمادتين 1/1، 25 مكرراً/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 المعدل بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات أولا:- بمعاقبة كل منهما بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات ثانياً:- وفى الدعوى المدنية بإلزامهما بأن يؤديا للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ .... على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
----------------
المحكمة
حيث إن ما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة السرقة ليلاً بالإكراه وبطريق التسور وإحراز الأول لأداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية قد خالف الثابت بالأوراق ذلك بأنه حصل أقوال الشاهدين ..... و.... حارسي المزرعة أن الطاعنين والمحكوم عليهما الآخرين تمكنوا من الدخول إلى المزرعة المملوكة لـ .... والتي يقومان بحراستها عن طريق التسور وقام المتهم الأول بالتعدي على الشاهد الأول بقطعة من الخشب ثم قام بمساعدة آخر بتكبيله بالقيود من يديه وقدميه وكمما فاه بينما قام الثالث والرابع بتكبيل الشاهد الثاني وقاموا بوضعهما بحجرة بآخر المزرعة ثم قاموا بالاستيلاء على الهاتف المحمول ومفاتيح المزرعة وقاموا بسرقة عدد ...... من المواشي وهو ما لا أصل له بالأوراق إذ خلت أقوالهما مما يفيد اتهامهما للطاعنين أو مشاهدتهما لهما، ذلك مما يعيبه بما يستوجب نقضه
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعنين بجريمة السرقة ليلاً بطريق الإكراه عن طريق التسور ودان الأول بجريمة إحراز أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بغير مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية قد عول ــ من بين ما عول عليه ــ في قضائه بالإدانة على أقوال الشاهدين ... و... وحصل أقوال الشاهد الأول في قوله "فقد شهد المجني عليه ... خفير المزرعة بأنه حال تواجده بالمزرعة قام المتهمون بالدخول للمزرعة عن طريق تسور السور الخارجي وقام المتهم الأول ومعه آخر بالاعتداء علية بآلة خشبية على رأسه وقيداه من رجليه ويديه وكمما فاه ونقله إلى غرفة في آخر المزرعة إلى جوار زميله .... حيث شاهده مقيداً مثله من قبل متهمين آخرين وأن المتهمين استولوا على هاتفه المحمول ومفاتيح البوابة الرئيسية للمزرعة وسرقوا عدد ..... من المواشي الموجودة بالمزرعة كما حصل أقوال الشاهد الثاني .... في قوله:" أنه أثناء تواجده بالمزرعة الخاصة بالمجني عليه ....وبعد صلاة العشاء يوم .... كان نائماً وشعر بأحد المتهمين يتهجم عليه ويزجره وينهاه عن الصياح وقام مع آخرين بتقييده من يديه ورجليه وكتموا فاه ووضعوه بجوار خفير المزرعة ....وقاموا بسرقة .... قطعة من الماشية الموجودة بالمزرعة". وكان البين من المفردات المضمومة لملف الطعن تحقيقاً لوجه الطعن أن أقوال الشاهدين المذكورين قد خلت مما يفيد اتهامهما للطاعنين والمحكوم عليهما الآخرين بواقعة التعدي عليهما وسرقة الماشية من المزرعة بل انصبت أقوالهما على عدم معرفتهما بأشخاص مرتكبي تلك الواقعة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وأن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها أو عناصرها المختلفة إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغاً وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في أوراق الدعوى وكان من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها فإذا استند الحكم إلى رواية أو واقعة لا أصل لها في التحقيقات فإنه يكون معيباً لابتنائه على أساس فاسد متى كانت الرواية أو الواقعة هي عماد الحكم فإن الحكم المطعون فيه إذ استند في قضائه ضمن ما استند إليه إلى ما لا أصل له في الأوراق فإنه يكون معيباً بما يبطله ولا يؤثر في ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية قسائم متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة بحيث إذ أسقط أحداها أو استبعد تعذر معرفة مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه المحكمة لو أنها فطنت إلى أنه غير قائم .لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين .... و..... دون المحكوم عليهما الآخرين .... و...... الذي صدر الحكم بالنسبة لهما غيابياً وليس لهما أصلاً حق الطعن على الحكم بطريق النقض فلا يمتد إليهما أثره وبغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .

الطعن 4889 لسنة 80 ق جلسة 15 / 1 / 2012 مكتب فني 63 ق 11 ص 97

جلسة 15 من يناير سنة 2012
برئاسة السيد المستشار/ حسين الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي عبد العظيم، سعيد فنجري، أسامة درويش نواب رئيس المحكمة ومحمد قطب.
------------------
(11)
الطعن 4889 لسنة 80 ق
(1) حكم "بيانات التسبيب" "بطلانه" "بيانات حكم الإدانة".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً. المادة 310 إجراءات. 
المراد بالتسبيب المعتبر؟ 
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة. لا يحقق غرض الشارع من إيجاب تسبيبه.
(2) استيلاء على أموال أميرية. تسهيل استيلاء على أموال أميرية. جريمة "أركانها". حكم "بيانات التسبيب".
جنايتا الاستيلاء على مال الدولة أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير. مناط تحققها؟ 
وجوب بيان الحكم صفة الطاعن وكونه موظفاً وأن الوظيفة قد طوعت له الاستيلاء وتسهيل استيلاء الغير على المال وكيفية الإجراءات التي اتخذت لتوافر أركان هاتين الجريمتين.
(3) استيلاء على أموال أميرية. تسهيل استيلاء على أموال أميرية. قصد جنائي. جريمة "أركانها ".
تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمتي الاستيلاء وتسهيل استيلاء الغير على المال العام. غير لازم. شرط ذلك؟
(4) تزوير "أوراق رسمية". اشتراك. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" . إثبات "بوجه عام " .
الاشتراك في جرائم التزوير. تمامه: دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه. استخلاص توافره. موضوعي. ما دام سائغاً.
(5) تزوير "أوراق رسمية". اشتراك. قصد جنائي. استعمال محرر مزور. إثبات "بوجه عام".
جريمة استعمال الورقة المزورة. قيامها: بثبوت علم من استعمالها بأنها مزورة. مجرد التمسك بها أمام الجهة المقدمة لها. غير كاف. ما دام أنه لم يثبت أنه هو الذي قام بتزويرها أو شارك في هذا الفعل.
(6) استيلاء على أموال أميرية. تسهيل استيلاء على أموال أميرية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
عدم بيان الحكم المطعون فيه كيفية الاستيلاء وتسهيل استيلاء الغير على مال الدولة واستظهار انصراف نية الطاعن إلى الاستيلاء على المال وتضييعه على البنك لمصلحة الغير وقت حصول الجريمتين. قصور.
(7) تزوير "أوراق رسمية". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
خلو الحكم المطعون فيه من تفاصيل المستندات موضوع الجريمة وموطن التزوير فيها وقوفاً على دور الطاعن والأفعال التي أتاها كل من زور ورقة بعينها أو بيان أو توقيع وكيفية المشاركة في التزوير والدليل على ثبوت علم الطاعن به. قصور. علة ذلك؟
(8) استيلاء على أموال أميرية. تسهيل استيلاء على أموال أميرية. تزوير "أوراق رسمية". استعمال محرر مزور. ارتباط. عقوبة "تطبيقها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة". محكمة النقض "سلطتها". ظروف مخففة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
العقوبة المقررة لجريمتي الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء بغير حق على مال مملوك لإحدى الشركات التي تساهم فيها الدولة والمرتبطة بجريمة تزوير واستعمال محرر مزور. ماهيتها؟ الفقرتان الأولى والثانية من المادة 113 من قانون العقوبات. 
المادة 17 عقوبات. إباحتها النزول بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة أشهر. 
انتهاء المحكمة إلى إدانة الطاعن بجريمة الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام المرتبطة بجريمة التزوير واستعمال محرر مزور وأخذه بالرأفة وفقأً للمادة 17 عقوبات ومعاقبته بإحدى العقوبتين التخييريتين وفقاً للمادة 113 /1، 2 عقوبات. خطأ في تطبيق القانون. علة ذلك؟ 
حق محكمة النقض أن تنقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم. متى كان مبنياً على خطأ في تطبيق القانون. أساس ذلك؟ 
تطبيق العقوبة في حدود النص المنطبق. موضوعي. أثر ذلك؟ 
مثال.
-----------------
1 - من المقرر أن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بنى عليها، وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة، أو وضعة في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم.
2 - لما كانت جناية الاستيلاء على مال الدولة أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات قد دلت في صريح عباراتها وواضح دلالتها، على أن جناية الاستيلاء على مال الدولة بغير حق تقتضي وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه أياً كان بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة، ولا يعتبر المال قد دخل في ملك الدولة إلا إذا كان قد آل إليها بسبب صحيح ناقل للملك، وتسلمه من الغير موظف مختص بتسلمه على مقتضى وظيفته أو أن يكون الموظف المختص قد سهل لغيره ذلك ويشترط انصراف نية الجاني وقت الاستيلاء إلى تملكه أو تضييعه على ربه في تسهيل الاستيلاء وعليه يكون وجوباً على الحكم أن يبين صفة الطاعن، وكونه موظفاً وكون وظيفته قد طوعت له الاستيلاء وتسهيل استيلاء الغير على المال، وكيفية الإجراءات التي اتخذت بما تتوافر به أركان تلك الجريمتين.
3 - من المقرر أنه ولئن كان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هاتين الجريمتين إلا أن شرط ذلك أن يكون فيما أورده الحكم من وقائع وظروف ما يدل على قيامه.
4 - من المقرر أنه وإن كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه إلا أنه يجب على المحكمة وهي تقرر حصوله أن تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ما يوفر اعتقاداً سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم.
5 - من المقرر أن جريمة استعمال الورقة المزورة لا تقوم إلا بثبوت علم من استعملها بأنها مزورة ولا يكفي مجرد تمسكه بها أمام الجهة التي قدمت لها ما دام أنه لم يثبت أنه هو الذي قام بتزويرها أو شارك في هذا الفعل.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يبين كيف أن وظيفة الطاعن قد طوعت له الاستيلاء وتسهيل استيلاء الغير على مال الدولة، ولم يستظهر نية الطاعن أنها انصرفت إلى الاستيلاء على المال وتضييعه على البنك المجني عليه لمصلحة الغير وقت حصول تلك الجريمتين فيكون الحكم قاصراً في التدليل على توافر ركني جريمتي الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء المادي والمعنوي.
7 - لما كانت مدونات الحكم قد خلت من تفاصيل كافة المستندات موضوع الجريمة وموطن التزوير فيها وقوفاً على دور الطاعن، والأفعال التي أتاها كل من زور ورقة بعينها أو بيان أو توقيع، وإيراد الدليل على أنه قام بشخصه بتزوير البيان المطعون فيه أو شارك فيه وكيفية هذه المشاركة، ولم يدلل على ثبوت العلم بالتزوير في حق الطاعن، إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام، ولا يحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً بما يوجب نقضه.
8 - لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى إدانة الطاعن بجريمة الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء بغير حق على مال مملوك لإحدى الشركات التي تساهم فيها الدولة بنصيب والمرتبطة بجريمة تزوير واستعمال محرر مزور – موضوع التهمة الأولى والثانية – طبقاً لنص الفقرة الأولى والثانية من المادة 113 من قانون العقوبات، وأعمل في حقه المادة 17 من القانون ذاته ، ثم قضى بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات ، وكانت العقوبة المقررة لتلك الجريمتين - سالفتي الذكر – هي السجن المؤبد أو المشدد، وكانت المادة 17 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم في حق الطاعن تبيح النزول بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة أشهر، وأنه وأن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أبح النزول إليها جوازياً إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم ومعاملته طبقاً لنص المادة 17 المشار إليها، إلا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام المرتبطة بجريمة التزوير واستعمال محرر مزور وذكرت في حكمها أنها رأت معاملته طبقاً لنص المادة 17 من قانون العقوبات، ومع ذلك أوقعت عليه عقوبة السجن المشدد وهي إحدى العقوبتين التخييريتين لتلك الجريمة طبقاً لنص المادة 113/ 1، 2 من قانون العقوبات، فإن حكمها يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون، إذ كان عليها أن تنزل بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه مبني على خطأ في تطبيق القانون، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان تطبيق العقوبة في حدود النص المنطبق من اختصاص محكمة الموضوع فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن التي يثيرها الطاعن في أسباب طعنه.
-----------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بصفته موظفاً عمومياً "مصرفي بالبنك ...." إحدى شركات المساهمة التي تسهم الدولة في ماله بنصيب استولى بغير حق، وبنية التملك على مبلغ .... جنيه مصري المملوك لجهة عمله سالفة البيان وكان ذلك حيلة بأن استخدم الحاسب الآلي في إجراء تحويلات مصرفية من حساب احتياطي الفوائد الخاص بجهة عمله إلى حسابه الشخص عن طريق توسيط حسابات بعض العملاء بذات البنك دون علمهم وصرف قيمة تلك التحويلات، واستولى عليها لنفسه على النحو المبين بالتحقيقات، وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير في محررات واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر وبصفته آنفة البيان اشترك مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محررات لجهة عمله" إيصالات السحب والشيك لحامله المنسوبة للعميل "..... وذلك بوضع إمضاءات مزورة، بأن اتفق مع المجهول على ذلك وساعده بأن قدم إليه إيصالات السحب والشيك لحامله وأمده باسم العميل فدونه المجهول ووقع عليها بتوقيع نسبه زوراً للعميل واستعمل المحررات المزورة آنفة البيان فيما زورت من أجله مع علمه بتزويرها، بأن قدمها إلى جهة عمله محتجاً بصحة ما ورد بها ولإعمال آثارها، الأمر المعاقب عليه بالمادتين 211، 214 مكرراً من قانون العقوبات. وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 30، 32، /2،3، 4041/1، 113/1،2، 118، 119/هـ، 119 مكرراً/هـ ، 211، 214 مكرراً/1 من قانون العقوبات مع إعمال وتطبيق المادتين 17، 32 من ذات القانون، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وبعزله من وظيفته الأميرية وإلزامه برد مبلغ ...... جنيه إلى خزينة البنك المجني عليه وتغريمه مبلغاً مساوياً لهذا المبلغ ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ .
--------------------
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء بغير حق على مال مملوك للبنك .... إحدى شركات المساهمة التي تسهم الدولة في ماله والاشتراك في تزوير محرراته واستعمالها مع العلم بتزويرها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم خلا من بيان أركان الجرائم المسندة إليه، وجاءت عباراته عامة مجملة، مما يعيبه ويستوجب نقضه
ومن حيث إن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بنى عليها، وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي أنبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة، أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، وكانت جناية الاستيلاء على مال الدولة أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات قد دلت في صريح عباراتها وواضح دلالتها، على أن جناية الاستيلاء على مال الدولة بغير حق تقتضي وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه أيا كان بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة، ولا يعتبر المال قد دخل في ملك الدولة إلا إذا كان قد آل إليها بسبب صحيح ناقل للملك، وتسلمه من الغير موظف مختص بتسلمه على مقتضى وظيفته أو أن يكون الموظف المختص قد سهل لغيره ذلك ويشترط انصراف نية الجاني وقت الاستيلاء إلى تملكه أو تضييعه على ربه في تسهيل الاستيلاء وعليه يكون وجوباً على الحكم أن يبين صفة الطاعن وكونه موظفاً وكون وظيفته قد طوعت له الاستيلاء وتسهيل استيلاء الغير على المال، وكيفية الإجراءات التي اتخذت بما تتوافر به أركان تلك الجريمتين وأنه ولئن كان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هاتين الجريمتين إلا أن شرط ذلك أن يكون فيما أورده الحكم من وقائع وظروف ما يدل على قيامه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وان كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه إلا أنه يجب على المحكمة وهى تقرر حصوله أن تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ما يوفر اعتقاداً سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم، ومن المقرر أيضاً أن جريمة استعمال الورقة المزورة لا تقوم إلا بثبوت علم من استعملها بأنها مزورة ولا يكفي مجرد تمسكه بها أمام الجهة التي قدمت لها ما دام أنه لم يثبت أنه هو الذي قام بتزويرها أو شارك في هذا الفعل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين كيف أن وظيفة الطاعن قد طوعت له الاستيلاء وتسهيل استيلاء الغير على مال الدولة، ولم يستظهر نية الطاعن أنها انصرفت إلى الاستيلاء على المال وتضييعه على البنك المجني عليه لمصلحة الغير وقت حصول تلك الجريمتين فيكون الحكم قاصراً في التدليل على توافر ركني جريمتي الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء المادي والمعنوي. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم قد خلت من تفاصيل كافة المستندات موضوع الجريمة وموطن التزوير فيها وقوفاً على دور الطاعن، والأفعال التي أتاها كل من زور ورقة بعينها أو بيان أو توقيع، وإيراد الدليل على أنه قام بشخصه بتزوير البيان المطعون فيه أو شارك فيه وكيفية هذه المشاركة، ولم يدلل على ثبوت العلم بالتزوير في حق الطاعن، إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام، ولا يحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً بما يوجب نقضه. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى إدانة الطاعن بجريمة الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء بغير حق على مال مملوك لإحدى الشركات التي تساهم فيها الدولة بنصيب والمرتبطة بجريمة تزوير واستعمال محرر مزور ــ موضوع التهمة الأولى والثانية ــ طبقاً لنص الفقرة الأولى والثانية من المادة 113 من قانون العقوبات، وأعمل في حقه المادة 17 من القانون ذاته، ثم قضى بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات، وكانت العقوبة المقررة لتلك الجريمتين ـــ سالفتي الذكر ـــ هي السجن المؤبد أو المشدد، وكانت المادة 17 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم في حق الطاعن تبيح النزول بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة أشهر، وأنه وان كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أباح النزول إليها جوازياً إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم ومعاملته طبقاً لنص المادة 17 المشار إليها، ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام المرتبطة بجريمة التزوير واستعمال محرر مزور وذكرت في حكمها أنها رأت معاملته طبقاً لنص المادة 17 من قانون العقوبات، ومع ذلك أوقعت عليه عقوبة السجن المشدد وهي إحدى العقوبتين التخييريتين لتلك الجريمة طبقاً لنص المادة 113/2،1 من قانون العقوبات، فإن حكمها يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون، إذ كان عليها أن تنزل بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه مبني على خطأ في تطبيق القانون، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان تطبيق العقوبة في حدود النص المنطبق من اختصاص محكمة الموضوع فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن التي يثيرها الطاعن في أسباب طعنه .

الطعن 5482 لسنة 81 ق جلسة 14 / 1 /2012 مكتب فني 63 ق 10 ص 92

جلسة 14 من يناير سنة 2012
برئاسة السيد المستشار/ هاني مصطفى كمال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى محمد أحمد، محمود عبد الحفيظ، هشام الشافعي وعباس عبد السلام نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(10)
الطعن 5482 لسنة 81 ق
(1) دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". حكم "تنفيذه" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
انتهاء الحكم المطعون فيه لصحة إجراءات القبض والتفتيش على الطاعن تنفيذاً للحكم الغيابي بحبسه في جنحة أمن دولة طوارئ والذي لم يتم التصديق عليه دون الوقوف على المحكمة التي أصدرته. قصور وخطأ في تطبيق القانون. أساس وعلة وأثر ذلك؟ 
مثال لتسبيب معيب للرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش.
(2) بطلان. إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
بطلان القبض والتفتيش. مقتضاه: عدم تعويل حكم الإدانة على أي دليل مستمد منهما أو بشهادة من أجراهما. خلو الأوراق من دليل سواه. أثره؟
----------------------
1- لما كان الحكم المطعون فيه أثبت اطلاعه على الشهادة الصادرة من جدول جنح أمن دولة طوارئ أن الجنحة رقم ..... لسنة ...... مقيدة ضد المتهم وصدر فيها حكم غيابي بالحبس لمدة شهر وغرامة خمسين جنيهاً والمصادرة ولم يصبح الحكم نهائياً ولم يتم التصديق عليه. ثم عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش واطرحه بقوله "إنه لما كان الثابت من مطالعة محضر الضبط وشهادة الجدول أن المتهم كان قد صدر ضده حكم غيابي وأنه معروف لدى الضابط ومسجل خطر وأن الضابط يعلم بهذا الحكم الغيابي ومن ثم كان يتعين على الضابط وهو المكلف بضبط الخارجين على القانون وتنفيذ الأحكام الجنائية القضائية أن يقبض على المتهم بسند من الضرورة الإجرائية. وهذه الضرورة تخول التفتيش الوقائي فإذا ترتب على هذا التفتيش معاينة الضابط لحالة تلبس بأية جريمة تالية كانت هذه المعاينة متحققة بطريق مشروع واعتبر التلبس بذلك متحققاً. ولا يغير من هذا النظر كون الحكم الغيابي لم يصبح نهائياً بالتصديق عليه أو الطعن عليه لأن كل حكم غيابي في جنحة يتطلب إعلان المتهم به لاتخاذ إجراءات الطعن عليه أو القبول به من المتهم. وفي كل الأحوال كان يتعين على الضابط اتخاذ الإجراءات التحفظية المناسبة ضد المتهم ومن بينها تفتيشه وقائياً لضبط ما عسى أن يكون المتهم حاملاً له من أسلحة أو أدوات يستعملها في الاعتداء على نفسه أو على غيره خاصة أن المتهم مسجل خطر وله عدة سوابق". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى صحة إجراءات القبض على الطاعن وما أسفر عنه تفتيشه لكونها قد تمت تنفيذاً لحكم صادر ضده غيابياً في .... رقم ... لسنة .... أمن دولة طوارئ .... بحبسه شهراً وغرامة خمسين جنيهاً والمصادرة دون الوقوف عما إذا كان الحكم صادراً من محاكم أمن الدولة الجزئية المنشأة طبقاً للقانون 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة الذي يجيز الطعن في أحكامها بطرق الطعن المقررة في قانون الإجراءات الجنائية أو صادراً من محاكم أمن الدولة الجزئية (طوارئ) المشكلة وفقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 بإنشاء حالة الطوارئ التي لا يجوز الطعن في أحكامها بأي طريق من طرق الطعن ولا تصير أحكامها نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية عملاً بالمادة 12 من القانون ذاته وهو ما أفصح عنه الحكم في مدوناته إلى عدم حصول هذا الإجراء وفي الحالتين لا يكون الحكم واجب التنفيذ ولا يبيح القبض على الطاعن. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد تعيب بالقصور فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
2- من المقرر أن بطلان القبض والتفتيش مقتضاه قانوناً عدم تعويل الحكم بالإدانة على أي دليل مستمد منهما. وبالتالي لا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل ولما كانت دعوى الحال حسبما حصلها الحكم لا يوجد فيها من دليل سوى ذلك المستمد من أقوال الضابط الذي قام بالقبض على الطاعن وتفتيشه على نحو يخالف القانون. وهو من ثم دليل باطل لا يعتد به فإنه يتعين القضاء ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ومصادرة المخدر المضبوط تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 وتعديلاته.
------------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (نبات الحشيش الجاف) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملًا بالمواد 1, 2, 38/ 1, 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول وقراري وزير الداخلية رقمي 46 لسنة 1997, 269 لسنة 2002 بمعاقبة المتهم بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه عما هو منسوب إليه ومصادرة المخدر المضبوط، باعتبار أن الإحراز بغير قصد من القصود المسماة
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
-----------------
المحكمة
حيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر نبات الحشيش الجاف بغير قصد من القصود قد شابه القصور والخطأ في تطبيق القانون. ذلك أنه دفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولعدم وجود إذن من النيابة العامة بيد أن الحكم اطرحه برد غير سائغ مستنداً فيه إلى سبق صدور حكم غيابي ضده وكونه مسجلاً خطراً لديه سوابق. وأن الحكم الصادر ضده غيابياً في الجنحة رقم .... لسنة .... أمن دولة طوارئ .... لا يصلح سنداً للتنفيذ عليه لكونه لم يصدق عليه بعد. كما خلت الأوراق من أي دليل على وجود سوابق له. هذا فضلاً عن أن الضابط تجاوز حدود التفتيش الوقائي. وتساند الحكم في قضائه بالإدانة إلى ما أسفر عنه التفتيش الباطل. وهو مما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن الحكم المطعون فيه أثبت اطلاعه على الشهادة الصادرة من جدول جنح أمن دولة طوارئ أن الجنحة رقم .... لسنة .... مقيدة ضد المتهم وصدر فيها حكم غيابي بالحبس لمدة شهر وغرامة خمسين جنيهاً والمصادرة ولم يصبح الحكم نهائياً ولم يتم التصديق عليه. ثم عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش واطرحه بقوله "إنه لما كان الثابت من مطالعة محضر الضبط وشهادة الجدول أن المتهم كان قد صدر ضده حكم غيابي وأنه معروف لدى الضابط ومسجل خطر وأن الضابط يعلم بهذا الحكم الغيابي ومن ثم كان يتعين على الضابط وهو المكلف بضبط الخارجين على القانون وتنفيذ الأحكام الجنائية القضائية أن يقبض على المتهم بسند من الضرورة الإجرائية. وهذه الضرورة تخول التفتيش الوقائي فإذا ترتب على هذا التفتيش معاينة الضابط لحالة تلبس بأية جريمة تالية كانت هذه المعاينة متحققة بطريق مشروع واعتبر التلبس بذلك متحققاً. ولا يغير من هذا النظر كون الحكم الغيابي لم يصبح نهائياً بالتصديق عليه أو الطعن عليه لأن كل حكم غيابي في جنحة يتطلب إعلان المتهم به لاتخاذ إجراءات الطعن عليه أو القبول به من المتهم. وفي كل الأحوال كان يتعين على الضابط اتخاذ الإجراءات التحفظية المناسبة ضد المتهم ومن بينها تفتيشه وقائياً لضبط ما عسى أن يكون المتهم حاملاً له من أسلحة أو أدوات يستعملها في الاعتداء على نفسه أو على غيره خاصة أن المتهم مسجل خطر وله عدة سوابق". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى صحة إجراءات القبض على الطاعن وما أسفر عنه تفتيشه لكونها قد تمت تنفيذاً لحكم صادر ضده غيابياً في ..... رقم ..... لسنة ..... أمن دولة طوارئ ..... بحبسه شهراً وغرامة خمسين جنيهاً والمصادرة دون الوقوف عما إذا كان الحكم صادراً من محاكم أمن الدولة الجزئية المنشأة طبقاً للقانون 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة الذي يجيز الطعن في أحكامها بطرق الطعن المقررة في قانون الإجراءات الجنائية أو صادراً من محاكم أمن الدولة الجزئية (طوارئ) المشكلة وفقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 بإنشاء حالة الطوارئ التي لا يجوز الطعن في أحكامها بأي طريق من طرق الطعن ولا تصير أحكامها نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية عملاً بالمادة 12 من القانون ذاته وهو ما أفصح عنه الحكم في مدوناته إلى عدم حصول هذا الإجراء وفي الحالتين لا يكون الحكم واجب التنفيذ ولا يبيح القبض على الطاعن. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد تعيب بالقصور فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه. لما كان ذلك، وكان بطلان القبض والتفتيش مقتضاه قانوناً عدم تعويل الحكم بالإدانة على أي دليل مستمد منها. وبالتالي لا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل ولما كانت دعوى الحال حسبما حصلها الحكم لا يوجد فيها من دليل سوى ذلك المستمد من أقوال الضابط الذي قام بالقبض على الطاعن وتفتيشه على نحو يخالف القانون. وهو من ثم دليل باطل لا يعتد به فإنه يتعين القضاء ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ومصادرة المخدر المضبوط تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 وتعديلاته.