(1) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". تمييز "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "الطعن للمرة الثانية". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع شرعي. دفوع "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". قتل عمد. محكمة التمييز "سلطتها في نظر الطعن والحكم فيه".
ثبوت أن كلاً من المتهم والمجني عليه كان يقصد الاعتداء على الآخر. أثره: عدم توافر حق الدفاع الشرعي لدى أي منهما. علة ذلك: الدفاع الشرعي شرع لرد الاعتداء لا للانتقام.
مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ في تطبيق القانون. يوجب تمييزه.
مثال لتسبيب معيب في إثبات توافر حق الدفاع الشرعي.
قبول الطعن للمرة الثانية وصلاحية موضوع الطعن للفصل فيه. لمحكمة التمييز التصدي له. أساس ذلك: المادة (298) إجراءات جنائية.
مثال لحكم صادر بالإدانة من محكمة التمييز لدى نظرها موضوع الدعوى في جرائم القتل العمد، وإحراز سلاح ناري وذخيرة بدون ترخيص، والإتلاف العمد وإطلاق أعيرة نارية في الطرق العامة.
(2) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في طلب ندب خبير آخر" "سلطتها في تقدير عمل الخبير".
عدم التزام المحكمة بندب خبير آخر في الدعوى. مادامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.
(3) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر قصد القتل".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ في استظهار قصد القتل في جريمة قتل عمد.
(4) شريعة إسلامية. عقوبة "توقيعها". قتل عمد. قصاص.
القصاص في الشريعة الإسلامية على القاتل العمد إذا قتل بغير حق. واجب. أساس ذلك؟
مصدر القصاص وأركانه؟
شروط استيفاء القصاص: أن يكون المستحق له عاقلاً بالغاً. وأن يتفق أولياء الدم جميعاً على استيفائه. وألا يتعدى الجاني إلى غيره. مؤدى ذلك: إذا كان الوارث غائباً أو صغيراً أو مجنوناً وجب انتظار الغائب حتى يرجع والصغير حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق مع حبس القاتل. علة ذلك؟
إدانة المطعون ضده بتهمة القتل العمد ومعاقبته بالقتل قصاصاً. ثبوت أن للمجني عليه صغيرتين لم تبلغا. أثره: وجوب إرجاء تنفيذ القصاص على الطاعن مع حبسه لحين بلوغهما وإعلان رغبتهما في القصاص.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الثابت من وقائع وظروف الدعوى إنه نظراً لسبق قيام ثلاثة أشخاص من طرف المجني عليه بالاعتداء على شخص في حماية والد المتهم، وأنهم كانوا يوم الواقعة معروضين على قاضي المعارضات بمحكمة الريان للنظر في تجديد حبسهم، فقد توجه فريقان من أهل المتهم والمجني عليه يحمل كل منهما سلاحه منتوياً الاعتداء على الآخر ونفذ كل منهما مقصده حيث قامت مشاجرة بين الطرفين بالمحكمة وتبادلا الاعتداء على بعضهما وإحداث إصابات بكل فريق، وكان المجني عليه أحد أطراف تلك المشاجرة، كما حضر المطعون ضده بسيارته حاملاً سلاحه الناري خارج المحكمة إلا أن ذويه أخبروه بأن الشرطة تدخلت لإنهاء المشاجرة، فعاد بسيارته إلى منزل والده، وفور وصوله حضر المجني عليه بسيارته حاملاً سلاحه الناري فتبادلا إطلاق النار حيث سقط المجني عليه قتيلاً، وإذ كان ذلك، فإن كل منهما يكون معتدياً لأنه كان قاصداً العدوان في ذاته لا رد اعتداء واقع عليه، ويكون كل منهما معاقباً على فعلته بلا تفريق بين من بدأ بالعدوان، وهو ما ينتفي به حالة الدفاع الشرعي، لأنه لم يشرع للانتقام بل لكف الاعتداء، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى خلاف ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تمييزه. لما كان ذلك، وكان موضوع الطعن صالحاً للفصل فيه، فإن المحكمة تتصدى له عملاً بالمادة (298) من قانون الإجراءات الجنائية.
2- لما كان المتهم قد طلب ندب خبير آخر من الطب الشرعي لإبداء الرأي الفني في وفاة المجني عليه فإنه لما كانت المحكمة تطمئن إلى التقرير الطبي الشرعي الخاص بتشريح جثة المجني عليه الذي جاء مفصلاً واضحاً مبيناً ما به من إصابات وسبب حدوثها وعلاقتها بالوفاة ومن ثم وإذ كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة فإنها لا ترى لزوماً إلى إجابة هذا الطلب ويتعين رفضه.
3- لما كانت نية القتل وهي بطبيعتها أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالأمارات والمظاهر الخارجية والظروف والملابسات المحيطة بالواقعة، وإذ كانت المحكمة تستشف من تلك العوامل مجتمعة توافر نية القتل لدى المتهم وآية ذلك اعتراف المتهم بأنه كان يحمل سلاحه الناري منذ فجر المشاجرة ليضرب به وهو آلة قاتلة بطبيعتها وقد أمطر المجني عليه بعدة أعيرة منه بصورة وحشية فأحدث إصاباته المميتة المبينة تفصيلاً بالتقرير الطبي الشرعي والذي انتهى التقرير الطبي إلى أنها سبب الوفاة ولم يترك المجني عليه حتى سقط أرضاً الأمر الذي يوفر للمحكمة القناعة الكافية بأن قصد المتهم انصرف إلى قتل المجني عليه.
4- لما كان الشارع الحكيم أوجب القصاص على القاتل العمد إذا قتل بغير حق وذلك للردع والزجر عن الإقدام على مثل هذه الجريمة النكراء ولذا فإن الشريعة الإسلامية قد بينت المصلحة المتحققة عن عقوبة القصاص وهي منع الافتئات والمغالاة في أخذ الثأر وإهدار دماء الآخرين –من غير حق- بدافع الحقد والتشفي وعلى هذا فإن عقوبة القصاص تحقق مصلحة لأهل الجاني بتوفير الأمن لهم والطمأنينة في نفوسهم عندما يكفيهم القصاص من الجاني شر الترقب والخوف من الطلب والانتقام، وتحقق في الوقت ذاته مصلحة لأهل المجني عليه بشفاء غيظهم من الجاني وكفايتهم أخذ الثأر والانتقام الشخصي الذي هو عبء على النفوس من حيث لا ضابط له ولا حدود لآثاره، ومما لا شك فيه أيضاً أن القصاص فيه مصلحة للمجتمع بتقرير نظامه وحفظ حرمته وعـدم تسرب القهر والإرغام والفوضى إلـى ربوعه، ومصدر عقوبـة القصاص هو القرآن الكريم والسنة فالله جل شأنه يقول: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم، ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون" (البقرة 178، 179) ويقول جل شأنه: "وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون" (المائدة 45) وجاءت السنة مؤكدة لما جاء به القرآن فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "من اعتبط مؤمناً بقتل فهو قود به، إلا أن يرضى ولى المقتول" ويقول: "من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين، إن أحبوا فالقود، وأن أحبوا فالعقل –أي الدية-"، ومن المقرر أن أركان القصاص ثلاثة هي القاتل والمقتول والقتل. ويشترط في الركن الأول- القاتل- أربعة شروط لتكون جناية كاملة فيستوجب معها القصاص به، وهذه الشروط هي: 1-أن يكون القاتل عاقلاً. 2-أن يكون القاتل بالغاً. 3-أن يكون القاتل مختاراً. 4-أن يكون القاتل متعمداً في القتل قاصداً للمقتول. كما يشترط في الركن الثاني –المقتول- ثلاثة شروط وهي: 1-أن لا يكون المقتول جزءاً من القاتل. 2-أن لا يكون المقتول ملكاً للقاتل. 3-أن يكون المقتول معصوم الدم مطلقاً. أما الركن الثالث –القتل- فإن شرطه أن يكون عمداً عدواناً، وهو ما كان الجاني فيه عامداً في الفعل والقصد والآلة المستعملة من شأنها أن تقتل غالباً سواء تم القتل بالمباشرة أو بالشرط أو بالسبب، ويمكن حصر القتل العمد الموجب للقصاص في نوعين أولهما القتل بالمحدد والثاني القتل بغير المحدد، ويلزم توافر الشروط في كل ركن من هذه الأركان ليجب القصاص وفقدان أي شرط من هذه الشروط يقتضي بالضرورة إيقاف القصاص نفسه لتؤول العقوبة إلى ما هو أدنى من القصاص كما لو كانت دية مغلظة أو دية عادية أو تعزيزاً ونحو ذلك من صور العقاب. وكان الراجح في فقه الحنابلة بالنسبة لاستيفاء القصاص أنه يشترط لاستيفاء القصاص ثلاثة شروط: 1-أن يكون المستحق له عاقلاً بالغاً فإذا كان مستحقه صبياً أو مجنوناً لم ينب عنهما أحد في استيفائه لا أب ولا وصي ولا حاكم، فإنما يحبس الجاني حتى يبلغ الصغير ويفيق المجنون، فقد حبس معاوية هدبة بن خشرم في قصاص حتى بلغ ابن القتيل وكان ذلك في عصر الصحابة ولم ينكر عليه أحد. 2-أن يتفق أولياء الدم جميعاً على استيفائه وليـس لبعضهم أن ينفرد به، فإذا كان بعضهم غائباً أو صغيراً أو مجنوناً وجب انتظار الغائب حتى يرجع والصغير حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق قبل أن يختار، لأن من كان له الخيار في أمر لم يجز الافتيات عليه لأن في ذلك إبطال خياره. 3-ألا يتعدى الجاني إلى غيره فإذا قتل الآدمي استحق القصاص ورثته كلهم، لما روى أبو شريح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين أن يأخذوا العقل أو يقتلوا" رواه أبو داود، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل له قتيل فهو بخير النظيرين إما أن يقتل وإما أن يفتدى" ولأنه متى يستحقه الوارث من جهة موروثه فأشبه بالمال، فإن كان الوارث صغيراً لم يستوف له الولي وعنه للأب استيفاؤه، ولأن القصد التشفي ودرك الغيظ ولا يحصل ذلك باستيفاء الأب فلم يملك استيفاءه كالوصي والحاكم، فعلى هذا يحبس القاتل إلى أن يبلغ الصغير ويعقل المجنون ويقدم الغائب، لأن فيه حظاً للقاتل بتأخير قتله وحظاً للمستحق بإيصال حقه إليه، فإن كان القصاص بين كبير وصغير أو مجنون وعاقل أو حاضر وغائب لم يجز للكبير العاقل الحاضر الاستيفاء لأنه حق مشترك بينهما فلم يجز لأحدهما الانفراد باستيفائه كما لو كان بين بالغين عاقلين.
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم فقد استقر في يقين المحكمة وثبت لديها على وجه قاطع وحازم أن المتهم.... في يوم 6/8/2007 بدائرة أمن العاصمة: 1-قتل عمداً ..... بأن أطلق عليه أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترن بتلك الجناية جنايتان أُخريان وهما أنه في ذات الزمان والمكان سالفي البيان أحرز سلاحاً نارياً مششخناً– رشاش كلاشينكوف- وذخائر مما تستخدم على السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. 2-أتلف عمداً سيارة المجني عليه. 3-أطلق أعيرة نارية في الطرق العامة والمناطق السكنية. الأمر المعاقب عليه بالمادتين 1/ 2، 389/1 من قانون العقوبات والمواد 2، 3، 8، 46/1، 52، 53 من القانون رقم (14) لسنة 1998 المعدل بالقانون رقم (2) لسنة 2001 بشأن الأسلحة والذخائر والمتفجرات والبند رقم 3 من القسم الأول من الجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة (85) من قانون العقوبات بتطبيق العقوبة الأشد لجريمة القتل العمد، وعملاً بالمادة (234/2) من قانون الإجراءات الجنائية. وذلك بمعاقبته بالقتل قصاصاً رمياً بالرصاص مع إرجاء تنفيذ القصاص وحبس المتهم لحين بلوغ الصغيرتين.... و.... كريمتي المجني عليه وإعلان رغبتهما في القصاص فيتم تنفيذه إثر ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- ..... (المطعون ضده) 2- ..... 3- ..... 4- ..... 5- ..... 6- ..... 7- ..... 8- ..... 9- ..... 10- ..... 11- ..... 12- ..... 13- ..... بأنهم: أولاً: المتهم الأول: قتل عمداً /.... وذلك بأن أطلق عليه عدة أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترن بتلك الجناية جنايتان أخريان وهي أنه في الزمان والمكان سالفي البيان أحرز سلاحاً نارياً مششخناً "رشاش كلاشينكوف" وذخائر مما تستخدم على السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه على النحو المبين بالأوراق. (ب) أتلف عمداً سيارة المجني عليه على النحو المبين بالأوراق. (ج) أطلق أعيرة نارية في الطريق العام والمناطق السكنية على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: المتهمون من الثاني إلى الثامن: (أ) شرعوا في قتل المجني عليهم ..... مع سبق الإصرار وذلك بأن عقدوا العزم وبيتوا النية على قتلهم وأعدوا لذلك أسلحة بيضاء سكاكين وتوجهوا إلى المكان الذي أيقنوا سلفاً تواجد المجني عليهم به وما أن ظفروا بهم قاموا بالتعدي عليهم قاصدين من ذلك إزهاق أرواحهم فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه على النحو المبين بالأوراق. (ب) أحرزوا أسلحة بيضاء "سكاكين" بغير مسوغ من الضرورة الحرفية أو المهنية. ثالثاً: المتهمون من التاسع إلى الثالث عشر: (أ) شرعوا في قتل المجني عليهما ....... بأن قاموا بطعنهما عدة طعنات قاصدين من ذلك قتلهما فأحدثوا بهما الإصابات الموصوفة بتقريري الصفة التشريحية وأوقف اثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو مداركة المجني عليهما بالعلاج. (ب) أحرزوا أسلحة بيضاء "سكاكين" بغير مسوغ من الضرورة الحرفية أو المهنية.رابعاً: المتهمون من الثاني إلى الثالث عشر: قاموا بتخريب وإتلاف مرفق عام وهو قاعة ومكاتب محكمة الريان وذلك بأن قللا من صلاحيتها للاستعمال على النحو المبين بالأوراق. خامساً: المتهم الحادي عشر: اعتدى عمداً على سلامة جسم المجني عليه ...... وذلك بأن أحدث إصابته المبينة بالأوراق والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً. سادساً: المتهم الثاني عشر: اعتدى على سلامة جسم المجني عليه .... وذلك بأن أحدث إصابته الموصوفة بتقرير الطب الشـرعي والتـي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً، وطلبت معاقبتهم بالمواد (1)، (29/1)، (237)، (300/5)، (301/1)، (302)، (309)، (389/1)، من قانون العقوبات والمواد (2)، (3)، (8)، (44)، (46/1)، (52)، (53) من القانون رقم (14) لسنة 1999 المعدل بالقانون رقم (2) لسنة 2001 والبند رقم (3) من القسم الأول من الجدول رقم (2) والبند رقم (5) من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون الأول. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً في 30/6/2008 عملاً بمواد الاتهام أولاً: بإجماع الآراء بمعاقبة (الأول) بالقتل قصاصاً رمياً بالرصاص لقتله المجني عليه وبمصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطين. ثانياً: بمعاقبة كل من المتهمين السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بالحبس لمدة ثلاث سنوات عن جريمة التخريب والإتلاف والتعطيل، وبالحبس لمدة سنة واحدة عن جريمة الاعتداء العمدي على سلامة جسم المجني عليهم، وبتغريم كل منهم عشرة آلاف ريال عن جريمة حيازة سلاح أبيض بدون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية وبمصادرة الأسلحة البيضاء المضبوطة. ثالثاً: بإلزام المتهمين الثاني عشر والثالث عشر بالتضامن فيما بينهما بدفع مبلغ خمسة وسبعين ألف ريال كأرش إصابة المجني عليه ..... رابعاً: بإلزام المتهم الثاني عشر بدفع مبلغ ثلاثة آلاف ريال للمجني عليه .... كأرش لإصابته. خامساً: بانقضاء الدعوى الجنائية قبل المتهم ..... بشأن الاعتداء على المجني عليه ..... سادساً: ببراءة المتهمين الثاني والثالث والرابع والخامس مما أسند إليهم. استأنف المحكوم عليهم ومحكمة الاستئناف قضت بقبول الاستئناف ومذكرة عرض النيابة العامة شكلاً وفي الموضوع أولاً: بإجماع الآراء بتأييد الحكم المستأنف وبإرجاء تنفيذ القصاص حتى بلوغ أولياء الدم بالنسبة للمتهم الأول وبحبسه لحين بلوغ الصغيرين وإعلان رغبتهما في القصاص. ثانياً: بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبة بالنسبة لتهمتي الاعتداء وحيازة سلاح أبيض بالنسبة للمستأنفين..... وبراءتهم مما نسب إليهم. وثالثاً: بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبة الحبس عن تهمة التعدي فقط بالنسبة لكل من السادس والسابع والتاسع لانقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل وتأييده فيما قضى به من عقوبة الغرامة عن تهمة حيازة سلاح أبيض. رابعاً: بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبة الحبس بالنسبة للمستأنفين السادس والسابع والثاني عشر والثالث عشر عن تهمة تعدي كل منهم على الآخر والاكتفاء بحبس كل منهم ستة أشهر وتأييده فيما عدا ذلك. خامساً: بتعديل الحكم المستأنف فيما قضي به من أرش بالتضامن فيما بين المستأنفين الثاني عشر والثالث عشر يجعله مبلغ خمسين ألف ريال. سادساً: بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى له من عقوبة بالنسبة لتهمة التخريب والإتلاف والإضرار العمدي بمرفق عام بالنسبة لجميع المستأنفين وبراءتهم مما أُسند إليهم. سابعاً: تأييد الحكم المستأنف فيما عدا ما تقدم.
فطعن المحكوم عليه الأول (المطعون ضده) في هذا الحكم بطريق التمييز للمرة الأولى- قيد بجدول المحكمة برقم 90 لسنة 2009- ومحكمة التمييز قضت بتاريخ 20/4/2009 بقبول عرض النيابة العامة للقضية وطعن المحكوم عليه شكلاً وفي الموضوع بتمييز الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة الاستئناف لتحكم فيها من جديد بهيئة أخرى. ومحكمة الإعادة –بهيئة مغايرة- قضت حضورياً في 25/11/2010 أولاً: وفي موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من معاقبة المحكوم عليه بالقتل قصاصاً رمياً بالرصاص لقتله المجني عليه والقضاء مجدداً ببراءته من هذه التهمة وتهمتي الإتلاف العمدي وإطلاق أعيرة نارية في الطرق العامة والمناطق السكنية. ثانياً: بحبسه ثلاث سنوات وتغريمه عشرة آلاف ريال عن تهمة إحرازه لسلاح ناري وذخيرة مما تستخدم على ذلك السلاح دون ترخيص وبمصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق التمييز للمرة الثانية وقدمت مذكرة بأسباب الطعن في ذات التاريخ موقعاً عليها من محامٍ عامٍ بها.
---------------------
المحكمة
بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة والمداولة قانونا.
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه انه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهم القتل العمد والإتلاف العمد وإطلاق أعيرة نارية في الطرق العامة وإدانته عن تهمتي إحراز سلاح ناري وذخيرة مما تستخدم فيه بدون ترخيص قد شابه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن ظروف الدعوى التي حصلها الحكم تفيد أن تقابل كل من المطعون ضده والمجني عليه أمام مسكن والد الأول هو امتداد للمشاجرة التي كان طرفاها فريق كل منهما بالمحكمة وأن كلاً منهما كان يرغب في الانتقام والاعتداء على الفريق الآخر، وهو ما ينتفي به توافر حالة الدفاع الشرعي خلافاً لما انتهى إليه الحكم، مما يعيبه ويستوجب تمييزه.
ومن حيث إن الثابت من وقائع وظروف الدعوى إنه نظراً لسبق قيام ثلاثة أشخاص من طرف المجني عليه بالاعتداء على شخص في حماية والد المتهم، وأنهم كانوا يوم الواقعة معروضين على قاضي المعارضات بمحكمة الريان للنظر في تجديد حبسهم، فقد توجه فريقان من أهل المتهم والمجني عليه يحمل كل منهما سلاحه منتوياً الاعتداء على الآخر ونفذ كل منهما مقصده حيث قامت مشاجرة بين الطرفين بالمحكمة وتبادلا الاعتداء على بعضهما وإحداث إصابات بكل فريق، وكان المجني عليه أحد أطراف تلك المشاجرة، كما حضر المطعون ضده بسيارته حاملاً سلاحه الناري خارج المحكمة إلا أن ذويه أخبروه بأن الشرطة تدخلت لإنهاء المشاجرة، فعاد بسيارته إلى منزل والده، وفور وصوله حضر المجني عليه بسيارته حاملاً سلاحه الناري فتبادلا إطلاق النار حيث سقط المجني عليه قتيلاً، وإذ كان ذلك، فإن كل منهما يكون معتدياً لأنه كان قاصداً العدوان في ذاته لا رد اعتداء واقع عليه، ويكون كل منهما معاقباً على فعلته بلا تفريق بين من بدأ بالعدوان، وهو ما ينتفي به حالة الدفاع الشرعي، لأنه لم يشرع للانتقام بل لكف الاعتداء، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى خلاف ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تمييزه.
لما كان ذلك، وكان موضوع الطعن صالحاً للفصل فيه، فإن المحكمة تتصدى له عملاً بالمادة (298) من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى حسبما وقرت في يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها مستخلصة من كافة أوراقها- بالنسبة لما اسند للمتهم .... (المطعون ضده)- تتحصل في أن كلاً من......... كانوا قد سبق لهم التعدي على.... رغم أنه كان في حماية والد المتهم وهو ما يمثل له وعائلته إهانة كبيرة وعاراً عليهم وعلى القبيلة التي ينسبون إليها إن لم يأخذوا بالثأر من المعتدين، وقرر أفراد العائلة الانتقام من المعتدين، وقد سنحت لهم الظروف بذلك إذ علموا بأن هؤلاء المعتدين سوف يتواجدون بمبنى المحكمة الكائن بمنطقة الريان لتجديد حبسهم إثر تحقيقات النيابة العامة بهذا الشأن، فتوجه بعض منهم إلى المحكمة، ولحق بهم المتهم (المطعون ضده) بسيارته البيك أب ومعه سلاح ناري (رشاش كلاشينكوف) للانتقام منهم وتربص لهم أمام المحكمة انتظاراً لخروجهم لتنفيذ مأربه، إلا أنه لم يتمكن من ذلك، وانصرف من المكان عائداً إلى منزل والده فوجد ضالته لتحقيق ذلك الانتقام في المجني عليه .... الذي حضر بسيارته (تويوتا- الكامري) فور وصول المتهم بسيارته- حاملاً معه مسدس عيار 38 للانتقام ممن قاموا بالاعتداء على أشقاء زوجته بالمحكمة وأوقف السيارة أمام منزل والد المتهم في منتصف الطريق وفتح بابها وقام بإطلاق عيارين ناريين فقام المتهم من فوره وأمطر المجني عليه وسيارته بوابل من الطلقات النارية من سلاحه الكلاشينكوف أصابت السيارة من الناحية اليسرى وأصابت ست منها المجني عليه من الأمام والخلف في جسده في منطقة الصدر والظهر والفخذين ارتدت إحداها في إحدى قدمي المجني عليه بخلاف ثلاث شظايا أصابت إحداها منطقة الصدر والثانية أعلى المقعدة من الناحية اليمنى والثالثة نفذت من أسفل الركبة اليسرى سقط على إثرها المجني عليه حيث كان الرأس والجزء الأعلى من الجسد على مقعد القيادة وتدلى باقي الجسد خارج السيارة قاصداً من ذلك إزهاق روحه تحقيقاً لما ضمر في نفسه من ثورة عارمة ورغبة في الانتقام والثأر لوالده وعائلته وقبيلته، فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياته، ولاذ بالفرار إثر ذلك مباشرةٍ.
وحيث إن الواقعة على الصورة المتقدمة قام الدليل على صحتها ونسبتها إلى المتهم وثبوتها في حقه مما شهد به .... والطبيب الشرعي .... ، و .... و.... و ..... الخبراء بالمختبر الجنائي ومن تقارير الصفة التشريحية والمختبر الجنائي ومعاينة النيابة العامة لمكان الحادث والتقرير المصور المرفق بالأوراق واعتراف المتهم بمحضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة. فقد شهد ..... بمحضر جمع الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة أنه بتاريخ الواقعة تم عرضه وشقيقيه ... و .... على المحكمة بالـريان للنظر في أمر تجديد حبسهم بشأن اتهامهم بالاعتداء على المجني عليه ....، وأن المجني عليه....ذكر له عندما كان يزوره في محبسه بألا يخرجوا من السجن إذا تم إخلاء سبيلهم لوجود تهديد لهم من .... و .... كما شهد.... -طبيب شرعي بإدارة الخدمات الطبية- بأنه قام بالكشف الظاهري على ملابس وجثه المجني عليه ..... وتبين عدم وجود أي عنصر من عناصر الإطلاق القريب وأن بها إصابات لعيارات نارية وشظايا معدنية الأول يقابل الضلع السادس الأيمن عند الخط الإبطي الأمامي ومخرجه يقابل نهاية الضلعين الرابع والخامس عند منتصف مقدمة الصدر من الجهة اليمنى وكان اتجاه الإطلاق من الخلف جهة اليمين ومن أسفل، والثاني بمدخل طلق ناري أعلى الناحية اليسرى من الظهر وأسفل الكتف الأيسر ومخرجه تمزق رضي في الناحية الخارجية للكتف الأيسر باليد اليسرى من أعلى واتجاه الإطلاق أفقي ومن الخلف جهة اليمين، والثالث مدخل طلق ناري من أعلى الظهر أسفل لوح الكتف الأيمن وخرج من أسفل الإبط الأيسر واتجاه إطلاقه من الخلف جهة اليمين ومن أسفل، والرابع مدخل طلق ناري أعلى الفخذ الأيمن الخارجي ومخرجه أعلى الفخذ الأيمن من الناحية الأمامية واتجاه الإطلاق من الخلف جهة اليمين ومن أسفل، والخامس مدخل طلق ناري مشوه في الناحية الأمامية للفخذ الأيمن ومخرجه في الناحية الخلفية للفخذ نفسه واتجاه الإطلاق من الأمام جهة اليسار ومن أعلى وترتب عليه جرح ميزابي طولي بالوجه الخلفي للساق اليمنى عقب خروج الطلقة نتيجة لعدم وجود ساق القتيل آنذاك بوضع مستقيم مع جسمه، والسادس مدخل طلق ناري مشوه أسفل الناحية الخارجية للفخذ الأيسر ومخرجه بوسط الناحية الداخلية للفخذ الأيسر واتجاه الإطلاق من الأمام جهة اليسار ومن أسفل، والسابع جرح ميزابي أعلى إبهام القدم اليسرى أحدثته طلقة نارية سابقة وعدد ثلاث شظايا معدنية استقرت اثنتان منها بجسد المتوفى إحداهما أعلى أيسر الصدر والثانية أعلى الإلية اليمنى والثالثة نفذت من أسفل الركبة اليسرى، وبتشريح الجثة تبين خلوها من الآفات المرضية ووجود كسور متنوعة ونزيف دموي ناتج من فعل الطلقات النارية آنفة البيان وتم استخراج الشظيتين المعدنيتين وسبب الوفاة الإصابات المميتة المتعددة من طلقات نارية متعددة من سلاح ناري محلزن الماسورة عيار (7.62مم) وتم أخذ عينات من دم وبول المتوفى وأن مسافة الإطلاق تزيد عن المتر وعلل الطوق الأسود المحيط بتمزقات ملابس المجني عليه بأن ماسورة السلاح المستخدم في الحادث كانت مشحمة من الداخل وتجمعت هذه الشحوم في الطلقات أثناء خروجها من ماسورة السلاح واختراقها لملابس القتيل تركت ما عليها من شحوم وأوساخ على شكل طوق أسود. وشهد ....و .... بمضمون ما أثبتاه بتقرير المختبر الجنائي المؤرخ 15/8/2007 بشأن معاينة مكان الحادث وسيارة المجني عليه، كما شهد... بمضمون ما أثبته بتقرير المختبر الجنائي المؤرخ 27/8/2007 بشأن عينة مسحة اليد لكل من المتهم والمجني عليه، وثبت بالتقرير الطبي الشرعي المؤرخ 9/8/2007 بتشريح جثة المجني عليه ذات الإصابات المبينة بأقوال الطبيب الشرعي السالف بيانها، وثبت بتقرير إدارة المختبر الجنائي المؤرخ 13/8/2007 أن آثار البقع الحمراء اللون على العينة بالفانلة الممزقة بلون أحمر هي آثار لدماء آدمية وتتطابق الأنماط الوراثية لآثار الدماء مع الأنماط الوراثية لعينة الدم السائل للمجني عليه، وأن آثار البقع الحمراء اللون على السروال هي آثار لدماء آدمية ولتحلل العينة لا توجد أي نتيجة، وثبت بتقرير إدارة المختبر الجنائي المؤرخ 15/8/2007 أن السيارة التويوتا الكامري بيضاء اللون رقم (.....) وجدت بمنتصف الشارع وباب السائق في وضعية الفتح وإطارها الأمامي الأيمن مفرغ من الهواء وزجاج الأبواب الأمامية الخلفي الأيسر متهشم وبها اثني عشر ثقباً وفتحة حديثة نافذة لجسم السيارة من الناحية اليسرى ويرجح حدوثها من اختراق أجسام صلبة مدببة الرأس ذات سرعات عالية مثل المقذوفات النارية وجميعها ناتجة من عملية الإطلاق الناري من الناحية اليسرى المائلة لمؤخرة السيارة وحدثت في وضعية فتح الباب الأمامي الأيسر وتم العثور بداخل السيارة على بعض أجزاء من مقذوفات نارية من العيار (7.62×39مم) كما تم العثور بأرضية الشارع على أربعة عشر ظرفاً فارغاً لطلقات نارية حول الجانب الأيسر ومؤخرة السيارة وأنها جميعاً لطلقات نارية من عيار (7.62×39مم) كما تم العثور على مسدس عيار (38 مم) أسفل الباب الخلفي للسيارة، كما تبين وجود ثقبين غير نافذين بسور المنزل الذي يقع بالجهة الغربية يمين السيارة وعثر بأحدهما على قلب سبيكة من الصلب لمقذوف ناري وحدثا من ارتطام مقذوفات نارية من ذات جهة الإطلاق الذي تم على السيارة وثقب دائري غير نافذ بواجهة المنزل رقم (9) الواقع بالجهة الشرقية يسار السيارة وعثر بداخله على سبيكة مـن الرصاص وتحمل طبعات خطوط ششخان الخاصة بالعيار (38.sp) مع آثار احتكاك لجسم معدني من الرصاص بإطار العارضة العلوية لنافذة المنزل رقم (9) أحدث ثقباً بالجدار المواجه للنافذة وعثر بأرضية الحجرة (المجلس) على سبيكة من الرصاص يتعذر تحديد عيارها، وبفحص السيارة البيك أب رقم (.....) نقل خاص تبين عدم وجود آثار تشير إلى اختراق أو ارتطام مقذوفات نارية بها، وأن البندقية الكلاشينكوف بماسورة مششخنة عيار (7.62×39مم) كاملة الأجزاء وصالحة للاستعمال وسبق الإطلاق ولكن يتعذر تحديد زمن الإطلاق وتنتمي إلى البند (3) من القسم الأول من الجدول رقم (2) من القانون رقم 14 لسنة 1999 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 2001 وهي غير مسجلة لدى أرشيف قسم الأسلحة والآلات وبفحص الطلقات الواردة بمخزنها وعددها إحدى عشرة طلقة تبين أنها كاملة الأجزاء غير مطرقة الكبسولة وتستخدم على سلاح ناري عيار (7.62×39مم) وصالحة للاستعمال، وأن المسدس بماسورة مششخنة عيار (38.sp) كامل الأجزاء وصالح للاستخدام وتم الإطلاق ويتعذر فنياً تحديد زمن الإطلاق وصالح للاستعمال، وتبين أن الأظرف الفارغة (14) والأظرف الفارغة المرفوعة من السيارة البيك أب تبين تطابقها وأنها أطلقت من البندقية وأن أجزاء المقذوفات المرفوعة من أرضية الشارع ومن داخل السيارة التويوتا تبين تطابقها وأنها أطلقت من ذات البندقية، وأن الظرفين الفارغين الواردين مع المسدس تم إطلاقهما من المسدس وأن أحد المقذوفين المعثور عليهما بواجهة وداخل المنزل رقم (9) أطلق من ذات المسدس. وثبت بتقرير إدارة المختبر الجنائي المؤرخ 27/8/2007 وجود آثار لاحتراق البارود على عينة مسحة اليد اليمنى للمجني عليه وكذا وجود آثار لاحتراق البارود على عينتي مسحة اليد اليمنى واليسرى للمتهم وآثار احتراق البارود على ملابسه، وثبت من معاينة النيابة العامة أن سيارة المجني عليه هي تويوتا كامري بيضاء اللون تتوسط الشارع وتتناثر حولها الأعيرة النارية من الخلف والجانب الأيسر وبها آثار فتحات دخول الأعيرة النارية بالباب الأيسر من الجهة الخلفية وبمقدمة السيارة وغطاء المحرك وأسفل الباب الأيسر الأمامي وتهشم زجاج بالبابين بالجانب الأيسر ووجد سلاح ناري –مسدس- بساقية بجانبه سكين صغيرة الحجم أسفل الإطار الخلفي الأيسر ونعال خاص بالمجني عليه – الأيسر - به آثار طلق ناري وهاتف جوال على كرسي السائق وآثار دماء تغطي أسفل الكرسي الأيسر وسكين بجراب مثبت بجوار ناقل الحركة وتحطم بزجاج الباب الأمامي الأيمن وآثار خروج طلقات نارية من الباب الأيمن وانفجار الإطار الأمامي للسيارة مع وجود آثار لأعيرة نارية بالحائط المقابل لأحد المساكن، وقرر المتهم (المطعون ضده) بمحضر جمع الاستدلالات أنه منذ حوالي شهر قام ثلاثة أشخاص كويتيين بالاعتداء على .... الذي كان في حماية والده وهو ما يمثل عيباً في حقهم لدى قبيلتهم فاتفق مع أفراد عائلته على الانتقام منهم رداً لهذا العيب في حقهم وفي يوم الواقعة أبلغه.... تليفونياً بتواجد الكويتيين بالمحكمة بشارع الريان فتوجه إليها وكان على اتصال بأفراد أسرته بالمحكمة تليفونياً وظل منتظراً بالسيارة حاملاً سلاحه الناري –رشاش كلاشينكوف- للنيل من المذكورين وظل يلف بالسيارة حول المحكمة للتأكد من وجود أشخاص آخرين وعندما شاهد شخصين من أفراد عائلته خارجين من المحكمة توجه على الفور إلى منزل والده بالمرة الغربية ولدى وصوله باب المنزل شاهد المجني عليه يحضر بسيارة كامري بيضاء اللون أوقفها على بعد ستة أمتار منه وترجل منها شاهراً سلاحاً نارياً –مسدساً- وأطلق منه عيارين صوبه حيث كان يحتضن سلاحه الناري -رشاش كلاشينكوف- فقام بإطلاق عدة أعيرة نارية صوب المجني عليه لا يعرف عددها وبعد أن شاهد المجني عليه يسقط أرضاً تحرك بسيارته إلى منزل ....، وقرر بتحقيقات النيابة العامة بمضمون ما ردده بمحضر جمع الاستدلالات وأضاف بأنه غير مرخص له بحمل السلاح الناري والذخيرة وأنه كان بحوزته بالسيارة وتوجه به إلى المحكمة لضرب الأشخاص الكويتيين لاعتدائهم على شخص في حماية والده وأنه يعرف المجني عليه.
وحيث إنه بجلسة المحاكمة مثل المتهم ودفاعه وأنكر التهمة وقدم مذكرة طلب فيها أصلياً البراءة استناداً إلى أنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس واحتياطياً ندب خبير آخر من الطب الشرعي لإبداء الرأي الفني في وفاة المجني عليه، ومثل–والد المجني عليه- وقدم شهادة حصر ورثة رقم 6752 لسنة 2007 توثيق المحكمة الابتدائية في 28/11/2007 تفيد أن أولياء الدم للمجني عليه .... هم والده و والدته.... وزوجته .... وابنتيه من زوجته المذكورة وهما ...المولودة في 3/7/2006 و .... المولودة في 25/5/2007 كما قدم توكيلاً من والدته ومن زوجته له للمطالبة بالقصاص من المتهم كما طالب هو بالقصاص من المتهم.
وحيث إنه عن دفاع المتهم بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس فإن المحكمة وقد انتهت على نحو ما سلف بيانه من انتفاء حالة الدفاع الشرعي باعتبار أن الواقعة كانت مشاجرة يحمل كل من المجني عليه والمتهم سلاحه منتوياً الاعتداء على الآخر وقد نفذ كل منهما مقصده، ومن ثم فإن دفاع المتهم في هذا الشأن يكون ولا محل له.
وحيث إنه عن طلب المتهم ندب خبير آخر من الطب الشرعي لإبداء الرأي الفني في وفاة المجني عليه فإنه لما كانت المحكمة تطمئن إلى التقرير الطبي الشرعي الخاص بتشريح جثة المجني عليه الذي جاء مفصلاً واضحاً مبيناً ما به من إصابات وسبب حدوثها وعلاقتها بالوفاة ومن ثم وإذ كانت الواقعة قد وضحت لدى المحكمة فإنها لا ترى لزوماً إلى إجابة هذا الطلب ويتعين رفضه.
وحيث إنه عن نية القتل وهي بطبيعتها أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالأمارات والمظاهر الخارجية والظروف والملابسات المحيطة بالواقعة، وإذ كانت المحكمة تستشف من تلك العوامل مجتمعة توافر نية القتل لدى المتهم وآية ذلك اعتراف المتهم بأنه كان يحمل سلاحه الناري منذ فجر المشاجرة ليضرب به وهو آلة قاتلة بطبيعتها وقد أمطر المجني عليه بعدة أعيرة منه بصورة وحشية فأحدث إصاباته المميتة المبينة تفصيلاً بالتقرير الطبي الشرعي والذي انتهى التقرير الطبي إلى أنها سبب الوفاة ولم يترك المجني عليه حتى سقط أرضاً الأمر الذي يوفر للمحكمة القناعة الكافية بأن قصد المتهم انصرف إلى قتل المجني عليه.
وحيث إن الشارع الحكيم أوجب القصاص على القاتل العمد إذا قتل بغير حق وذلك للردع والزجر عن الإقدام على مثل هذه الجريمة النكراء ولذا فإن الشريعة الإسلامية قد بينت المصلحة المتحققة عن عقوبة القصاص وهي منع الافتئات والمغالاة في أخذ الثأر وإهدار دماء الآخرين –من غير حق- بدافع الحقد والتشفي وعلى هذا فإن عقوبة القصاص تحقق مصلحة لأهل الجاني بتوفير الأمن لهم والطمأنينة في نفوسهم عندما يكفيهم القصاص من الجاني شر الترقب والخوف من الطلب والانتقام، وتحقق في الوقت ذاته مصلحة لأهل المجني عليه بشفاء غيظهم من الجاني وكفايتهم أخذ الثأر والانتقام الشخصي الذي هو عبء على النفوس من حيث لا ضابط له ولا حدود لآثاره، ومما لا شك فيه أيضاً أن القصاص فيه مصلحة للمجتمع بتقرير نظامه وحفظ حرمته وعـدم تسرب القهر والإرغام والفوضى إلـى ربوعه، ومصدر عقوبـة القصاص هو القرآن الكريم والسنة فالله جل شأنه يقول: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم، ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون" (البقرة 178، 179) ويقول جلَّ شأنه: "وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون" (المائدة 45) وجاءت السنة مؤكدة لما جاء به القرآن فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "من اعتبط مؤمناً بقتل فهو قود به، إلا أن يرضى ولى المقتول" ويقول: "من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين، إن أحبوا فالقود، وأن أحبوا فالعقل –أي الدية-" ومن المقرر أن أركان القصاص ثلاثة، هي القاتل والمقتول والقتل. ويشترط في الركن الأول القاتل أربعة شروط لتكون جناية كاملة فيستوجب معها القصاص به، وهذه الشروط هي: 1-أن يكون القاتل عاقلاً. 2-أن يكون القاتل بالغاً. 3-أن يكون القاتل مختاراً. 4-أن يكون القاتل متعمداً في القتل قاصداً للمقتول. كما يشترط في الركن الثاني –المقتول- ثلاثة شروط وهي: 1-أن لا يكون المقتول جزءاً من القاتل. 2-أن لا يكون المقتول ملكاً للقاتل. 3-أن يكون المقتول معصوم الدم مطلقاً. أما الركن الثالث –القتل- فإن شرطه أن يكون عمداً عدواناً، وهو ما كان الجاني فيه عامداً في الفعل والقصد والآلة المستعملة من شأنها أن تقتل غالباً سواء تم القتل بالمباشرة أو بالشرط أو بالسبب ويمكن حصر القتل العمد الموجب للقصاص في نوعين أولهما القتل بالمحدد والثاني القتل بغير المحدد، ويلزم توافر الشروط في كل ركن من هذه الأركان ليجب القصاص وفقدان أي شرط من هذه الشروط يقتضي بالضرورة إيقاف القصاص نفسه لتؤول العقوبة إلى ما هو أدنى من القصاص كما لو كانت دية مغلظة أو دية عادية أو تعزيزاً ونحو ذلك من صور العقاب. وكان الراجح في فقه الحنابلة بالنسبة لاستيفاء القصاص أنه يشترط لاستيفاء القصاص ثلاثة شروط: 1-أن يكون المستحق له عاقلاً بالغاً فإذا كان مستحقه صبياً أو مجنوناً لم ينب عنهما أحد في استيفائه لا أب ولا وصي ولا حاكم، فإنما يحبس الجاني حتى يبلغ الصغير ويفيق المجنون، فقد حبس معاوية هدبه بن خشرم في قصاص حتى بلغ ابن القتيل وكان ذلك في عصر الصحابة ولم ينكر عليه أحد. 2-أن يتفق أولياء الدم جميعاً على استيفائه وليـس لبعضهم أن ينفرد به، فإذا كان بعضهم غائباً أو صغيراً أو مجنوناً وجب انتظار الغائب حتى يرجع والصغير حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق قبل أن يختار، لأن من كان له الخيار في أمر لم يجز الافتيات عليه لأن في ذلك إبطال خياره. 3-ألا يتعدى الجاني إلى غيره فإذا قتل الآدمي استحق القصاص ورثته كلهم، لما روى أبو شريح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين أن يأخذوا العقل أو يقتلوا" رواه أبو داود، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل له قتيل فهو بخير النظيرين إما أن يقتل وإما أن يفتدى" ولأنه متى يستحقه الوارث من جهة موروثه فأشبه بالمال، فإن كان الوارث صغيراً لم يستوف له الولي وعنه للأب استيفاؤه، ولأن القصد التشفي ودرك الغيظ ولا يحصل ذلك باستيفاء الأب فلم يملك استيفاءه كالوصي والحاكم، فعلى هذا يحبس القاتل إلى أن يبلغ الصغير ويعقل المجنون ويقدم الغائب، لأن فيه حظاً للقاتل بتأخير قتله وحظاً للمستحق بإيصال حقه إليه، فإن كان القصاص بين كبير وصغير أو مجنون وعاقل أو حاضر وغائب لم يجز للكبير العاقل الحاضر الاستيفاء لأنه حق مشترك بينهما فلم يجز لأحدهما الانفراد باستيفائه كما لو كان بين بالغين عاقلين.
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم فقد استقر في يقين المحكمة وثبت لديها على وجه قاطع وحازم أن المتهم.... في يوم 6/8/2007 بدائرة أمن العاصمة: 1-قتل عمداً ..... بأن أطلق عليه أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترن بتلك الجناية جنايتان أُخريان وهما أنه في ذات الزمان والمكان سالفي البيان أحرز سلاحاً نارياً مششخناً –رشاش كلاشينكوف- وذخائر مما تستخدم على السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. 2-اتلف عمداً سيارة المجني عليه. 3-أطلق أعيرة نارية في الطرق العامة والمناطق السكنية. الأمر المعاقب عليه بالمادتين 1/ 2، 389/1 من قانون العقوبات والمواد 2، 3، 8، 46/1، 52، 53 من القانون رقم (14) لسنة 1998 المعدل بالقانون رقم (2) لسنة 2001 بشأن الأسلحة والذخائر والمتفجرات والبند رقم 3 من القسم الأول من الجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة (85) من قانون العقوبات بتطبيق العقوبة الأشد لجريمة القتل العمد، وعملاً بالمادة (234/2) من قانون الإجراءات الجنائية، وذلك بمعاقبته بالقتل قصاصاً رمياً بالرصاص مع إرجاء تنفيذ القصاص وحبس المتهم لحين بلوغ الصغيرتين .... و .... كريمتي المجني عليه وإعلان رغبتهما في القصاص فيتم تنفيذه إثر ذلك، ويبقى الباب مشرعاً لأولياء الدم في العفو أو الدية إن رغبوا شيئاً من ذلك مع مصادرة السلاح الناري والذخيرة المضبوطة لدى المتهم.